مذكرات دالكوركي

اشارة

عنوان: مذكرات دالكوركي
پديدآورنده: كنياز دالگوروكي
ناشر: احمد موسوي فالي {عراق-كربلا}
تعداد جلد: 1
محل نشر: عراق-كربلا
سال نشر: 0
نوبت چاپ:
شماره جلد:
تعداد صفحه: 91
تيراژ:
زبان: عربي
قطع: رقعي
جنس جلد: شميز

مذكرات دالكوركي

مقدمه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي علم بالقلم و علم الانسان ما لم يعلم، و له الحمد علي آلآئه التي لا تعد و الشكر علي نعمائه التي لا تحصي، و الحمد له علي ما خص بني آدم بالعقل و الادراك فتميز بذلك عن سائر الحيوان. و به يثاب و يعاقب. و الصلاة و السلام علي عبد الله و رسوله و خاتم أنبيائه و رسله محمد بن عبد الله العربي القرشي الهاشمي، البشير النذير، السراج المنير، المبعوث علي كافة ولد آدم. و سيد العرب والعجم الذي ختم الله به النبوة و الرسالة. و ختم بدينه - الاسلام - ألاديان الحقة، و بكتابه - القرآن - الكتب السماوية؛ ثم الصلاة و السلام علي آله و عترته أئمة الدين و حجج الله علي الخلق أجمعين، الهداة المهديين الاثني عشر الذين أولهم علي أميرالمؤمنين و الثاني الحسن المجتبي و الثالث الحسين الشهيد بكربلاء، و الرابع علي بن الحسين السجاد، و الخامس محمد بن علي الباقر، و السادس جعفر بن محمد الصادق، و السابع موسي بن جعفر الكاظم، و الثامن علي بن موسي الرضا، و التاسع محمد [ صفحه 8] بن علي الجواد، و العاشر علي بن محمد الهادي، و الحادي عشر الحسن بن علي العسكري، و الثاني عشر الحجة بن الحسن المهدي المنتظر الذي هو سمي جده رسول الله و كنيته كنيته و هو ابن الامام الحادي عشر الحسن الذكي العسكري، و أمه الزكية كانت تدعي نرجس. و هو امام العصر والمهدي الموعود الذي أخبر به جده رسول الله (ص) أنه يظهره الله ليملأ به الارض قسطا و عدلا بعد أن ملئت ظلما و جورا. و بعد فان دين الاسلام لا شبهة أنه يكون حنيفا ذكيا، و نظاما عاما شاملا و طريقا مهيأ سويا و صراطا عدلا مستقيما، لا عوجا و لا أمتا، و هو دين العدالة، و المساواة و المواساة. و دين حرية الأفراد و الافكار، و دين العقل و العقلاء، و دين أولي النهي و الألباب، و دين الانصاف و الانسانية، و دين الأخوة و الاعتضاد، و دين التعاون و الاعتماد، و دين الصدق و الصفاء، و دين الصداقة و الوفاء، و دين الشفقة و الرحمة، و دين العطف و الرأفة، و دين التوحيد و الاتحاد، و دين الوفاق و الاتفاق فلذلك كله تري أنه بأقل من نصف قرن خيم علي كثير من أقطار العالم و اعتنقه خلق كثير و ملايين من العناصر المختلفة و القوميات المتفاوتة المتهافتة من دون كره و اجبار و الجاء و اضطرار. و أعداؤه لما رأوا أنه كل يوم، بل كل ساعة في رقي [ صفحه 9] و تقدم، و الناس يستقبلونه بكل بشر و بهجة و فرحة و ترحيب و يدخلون فيه أفواجا و يعتنقونه اعتناق الحبيب محبوبه، و هو كالشمس يشع نوره علي البسيطة جمعاء و يستضي‌ء به الخلق أجمعون و ينتفع به من في الكون. لم يستطيعوا هناك الصبر و التحمل و لم يجو زوا لأنفسهم السكون و السكوت و صاروا بصدد الصد عن رقيه و تقدمه، و ظلوا في فكر افساد أتباعه و معتنقيه، و هدم قواعده و قوائمه و تخريب أركانه و دعائمه و كسر شوكته و سطوته و بالتالي محوه عن عالم الوجود. فشكلوا جمعيات سرية و مجالس شوري و تذاكروا في سبيل النيل بمنيتهم و طريق الوصول الي بغيتهم و اصابة أغراضهم فرأوا أحسن شي‌ء لبلوغهم ذلك هو استلام رجال منهم و من ذوي الخديعة و المكيدة من ابناء جلدتهم و دخولهم في المسلمين و تلبسهم بلباس أهل العلم و الفضيلة عسي ان يجدوا بذلك طريقا للفساد و الافساد في المسلمين و ادخال ما ليس من الدين في الدين و ما ليس من القرآن في القرآن كما أدخل الوثنيون ما لم يكن من التوراة في التوراة. و أدخل اليهود ما لم يكن من الانجيل في الانجيل. فيحرفون القرآن كما حرفوا الكتب السماوية قبله. ولكن الله عزوجل حفظ كتابه - القرآن - من مكائدهم و دسائسهم كما وعد هو بذلك بقوله تعالي: «انا [ صفحه 10] نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون» فلم يدركوا ما أملوا و هم و ان يئسوا من هذه الناحية و انقطع أملهم ولكن نالوا بغيتهم من ناحية اخري فانهم دسوا في السنة النبوية و أدخلوا بواسطة بعض السذج من المسلمين المحسوبين في زمرة أصحاب الرسول الأمين بعض الموضوعات و المجعولات في الأحاديث الشريفة النبوية التي هي السنة المتبعة لدي المسلمين. فقربوا بذلك من اغراضهم خطوات و علموا أن افساد اتباع الاسلام و الفساد في معتنقيه شي‌ء ممكن و ليس بمستصعب. فتهيأوا و تعبأوا للورود بميدان العمل و وردوا بلا تأمل و تريث فعاثوا في المسلمين و ديارهم فسادا، و أوقعوا فيهم الخلاف و الاختلاف و العداوة و البغضاء، و سعوا في تفرقتهم و شتاتهم بكل ما كان بوسعهم. و كان من هؤلاء الخداعين المتلبسين بلباس المسلمين كعب الأحبار، و وهب بن منبه اليهوديين الذين أدخلا بواسطة بعض السذج من صحابة النبي ص و تابعيهم كثيرا من القصص الخرافية اليهودية في الأحاديث النبوية الشريفة. و بهذا و ان استنتجوا نتائج كثيرة مهمة و استفادوا فوائد جمة ولكنهم لم ينالوا المأمول كله ولم يصيبوا الغرض كما شاؤوا، فانهم لم يستطيعوا اضلال المسلمين تماما ولم يخرجوهم من نور الاسلام كما كان مبتغاهم، ولم يغيروا نظام الاسلام و معالمه و قوانينه تغييرا [ صفحه 11] جزريا. و هم و ان أوقعوا الخلاف و الاختلاف و العداوة و البغضاء بين المسلمين فذهب كل فرقة الي مذهب و سلك كل حزب مسلكا غير ما سلكه اخوانهم الآخرون، و بذلك تباغضوا و تعادوا و تحاربوا و تقاتلوا ولكن مع ذلك كان المحور هو الاسلام والمدار هو كتاب الله جل جلاله، و السنة النبويه لا القوانين المستوردة من هنا و هناك مع العلم أن واضعيها رجال ماديون من اليهود و غيرهم فلا رادع لهم ان وضعوها بنفع أنفسهم و اضرار ساير الشعب. هذا كان طريق افساد اليهود في المسلمين، ودسهم في سنن الاسلام و معالمه و نظامه فأخذوا بذلك ما أخذوا من نتائج. و أما النصاري فقد وردوا ميدان العبث و الفساد في الشباب المسلم ولكن عن طريق آخر، اذ كان الشباب المسلمون من رواد الملاهي و اللهو يبحثون عن الخمر و الملاهي و كانت هذه سرية و بأيد نصرانية؛ فضل كثير من الشباب المتهتك ذوي الأخلاق المتردية في العصرين الأموي و العباسي، و أخص منهم أهل الهوي و الشعر و الأدب و الغناء. و تفشت في تلك الأيام صور الخمارات و الغزل الأباحي بالذكر و الأنثي. و كثيرا ما كان هؤلاء المتهتكون يذهبون تحت ستار الأديرة لشرب الخمر و سماع الغزل و الغناء و السخرية من [ صفحه 12] المتعبدين و الفقهاء و العلماء. و قال بعضهم في ذلك: بنا الي الدير من درتا صبابات فلا تلمني فما تغني الملامات [1] . يا حبذا السحر الاعلي و قد نشرت نسيمه الغض روضات و جنات فكم قضيت لبانات الشباب بها غنما و كم بقيت عندي لبانات الي ان يقول: دارت تحيي فقابلنا تحيتها و في حشاها لقرع المزج روعات عذراء أخفي كرور الدهر صورتها لم يبق من روحها الا حشاشات و قال آخر في دير الخوات: آح قلبي من الصبابة آح من جوار مزينات ملاح أهل دير الخوات بالله ربي هل علي عاشق قضي من جناح و فتاة كأنها غصن بان ذات وجه كمثل نور الصباح [2] . [ صفحه 13] و قال آخر في دير درمالس: يا دير درمالس ما أحسنك و يا غزال الدير ما أفتنك لئن سكنت الدير يا سيدي فان في جوف الحشا مسكنك ويحك يا قلب أما تنتهي عن شدة الوجد بمن أحزنك ارفق به بالله يا سيدي فانه من حتفه مكنك [3] . و قال محمد بن أبي امية الكاتب، نديم ابراهيم بن المهدي في دير جاثليق: تذكرت دير الجاثليق و فتية بهم تم لي فيه السرور و أسعفا بهم طابت الدنيا و أدركني المني و سالمني صرف الزمان و أتحفا ألا رب يوم قد نعمت بظله ابادر من لذات عيشي ما صفا اغازل فيه أدغج الطرف اغيدا و أسقي به مسكية الريح قرقفا فسقيا لأيام مضت لي بقربهم لقد أوسعتني رأفة و تعطفا و تعسا لأيام رمتني بينهم و دهر تقاضاني الذي كان أسلفا... و الكتب التاريخية و الأدبية مشحونة بذكر الديارات التي كانت ملتقي المجون من ابناء المسلمين و شبابهم و لا سيما الادباء و الشعراء الذين كانوا مفتونين بفتيات الديارات، و أحيانا [ صفحه 14] بفتيانها. كما هام الشيخ مدرك بن علي الشيباني في عمر بن يوحنا أحد رهبان دير الروم و تعلق به ومات في حبه، و قال في الدير: وجوه بدير الروم قد سلبت عقلي فأصبحت في خبل شديد من الخبل فكم من غزال قد سبي العقل لحظه و من ظبية رامت بألحاظها قتلي و كم قد من قلب بقد و كم بكت عيون لما تلقي من الأعين النجل بدور و أغصان غنينا بحسنها عن البدر في الاشراق و الغصن في الشكل و قال في معشوقه: ريم بدير الروم رام قتلي بمقلة كحلاء لا من كحل و طرة بها استطار عقلي و حسن وجه و قبيح فعل ما أبصر الناس جميعا بدرا و لا رأوا شمسا و غصنا نضرا أحسن من عمرو فديت عمروا ظبي بعينيه سقاني خمرا يا ليتني كنت له صليبا أكون منه أبدا قريبا أبصر حسنا و أشم طيبا لا و أشيا اخشي و لا رقيبا يا ليتني كنت له قربانا ألثم منه الثغر و البنانا (الخ) و كذلك هام سعد الوراق في عيسي النصراني المترهب في [ صفحه 15] دير بناه له اهله بنواحي الرقة فضاقت علي سعد الدنيا بما رحبت و أحرق بيته و فارق اهله و اخوانه و لزم فناء الدير و حرق ثيابه فأصبح عريانا هائما لا شأن له الا ذكر معشوقه عيسي النصراني الي ان سقط ميتا بجانب الدير. و مهما كان من شي‌ء فانهم قد قربوا بذلك من اهدافهم و أغراضهم قاب قوسين أو أدني. و قد اخذت «اسبانيا» من أيدي المسلمين بهذا الطريق و هذه الوسائل الشهوانية المضلة فاعتبروا ايها المسلمون و تنبهوا و استيقظوا و اسمعوا كلام الله الذي خاطبكم به و اجعلوه نصب أعينكم و هو قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصاري أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين [4] و قوله تعالي: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا و لعبا من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم و الكفار اولياء و اتقوا الله ان كنتم مؤمنين» [5] فالي متي هذه الرقدة و الغفلة و هذه الغفلة و الرقدة الي متي؟ و البهائية و نحو ذلك من بدعهم و احابيلهم كما ستقرأون اعتراف «كنياز دالكوركي» مترجم السفارة الروسية في [ صفحه 16] طهران أولا و سفيرها فيها ثانيا بهذا الامر فانه يعترف في مذكراته - هذه التي نحن بصدد تعريبها - اعترافا صريحا أنه الذي خدع السيد علي محمد الشيرازي بلطايف الحيل حتي ادعي البابية و المهدوية، و النبوة و أسس الحزب البابي، و بعد ذلك البهائي. ولكن كان نصيبهم بهذا أيضا الفشل فلم يبلغوا النتائج المبتغاة ولم يصيبوا الهدف و الغرض، ولم ينالوا المطلوب و المقصود و كان حظهم في افساد المسلمين و اخراجهم من ربقة الاسلام ضئيلا غاية الضآلة، و لم يتبع عجولهم الا صعاليك و أوباش و اراذل و أنذال، و بطالون و أعطال. ولكنهم مع ذلك لم ييأسوا و لم يفتروا بل جدوا و جهدوا في و ايجاد وسيلة لتهديم الاسلام و محو آثاره و تحطيم معالمه و تشويه محاسنه ففكروا في ذلك و تفكروا و شرقوا بأفكارهم و غربوا حتي وجدوا الوسيلة المطلوبة و الذريعة المقصودة و هي التدخل في جميع شؤون المسلمين و بلادهم عن طريق المدارس التبشيرية و كلياتها و جامعاتها و معاهدها و ترغيب الناس و تحريضهم علي ادخال أولادهم و أفلاذ أكبادهم في المدارس و الجامعات.. و اطماعهم في الماديات بالوظائف و المناصب الدنيوية فقالوا للناس و كان لسان حالهم أن العصور الوسطي كانت في التاريخ البشري تدعي بالعصور الجاهلية المظلمة اذ كانت عصورا قد [ صفحه 17] خبأ فيها نور العلم. و العلم لما طلع بنوره علي أوروبا بدأت غياهب الظلمات تنجاب عنها شيئا فشيئا حتي ازدهرت فيها المدنية و عمتها الحضارة: فحضارة أوروبا وليدة العلم لا وليدة الدين و لقد كانت الروح الدينية في أوروبا في العصور الوسطي علي أشدها ولم تكن لأوروبا هناك حضارة و مدنية، ولكنها لما فضلت العلم علي الدين أصبحت قبلة الحضارة و منشأها في الكرة الأرضية. هذا كان قولهم أو لسان حالهم. و لامرية أن الانسان يولد و في طبيعته استعداد ينمو بنموه و هو يتوجه به نحو الخير أو الشر، و نحو صنعة دون أخري، و حرفة دون غيرها. و الموجه الحقيقي لكل فرد بعد العوامل الوراثية الطبيعة انما هو البيئة التي احتضنته صغيرا. و هذه الخاصة البشرية ان استغلت في سبيل الانسانية و بناء الحضارة الاخلاقية و تصنيع أولي الألباب و النهي، و في سبيل تصفية الانسان من الرذائل البهيمية كما كان كل ذلك برامج الاسلام و نظامه فلا شك أنها تصعد بالانسان علي الذروة الأعلي و القمة الانسانية. و ان استغلت في سبيل الشهوات الحيوانية، و الميول البهيمية و الاهواء النفسانية كما في أوروبا تسقط بالانسان الي الحضيض و ترديه الي الهاوية. و العلم من آثار تلك الخاصة فان استغل في سبيل رقي الانسانية و تقدمها في الصفات المحمودة و الخصال الحسنة كان محمودا و مطلوبا، و ان استغل في طريق [ صفحه 18] الفساد و الافساد و سفك الدماء «كما أن أوروبا بسيف معبودهم المسمي بالعلم - التجريبي - قتلوا الانسانية، و بمعوله هدموا اركانها و بخمره أفسدوا أدمغة بني آدم و أوقعوا بينهم العداوة و البغضاء و أفسدوا البشرية و أديانها و الانسانية و أخلاقها، كان هذا العلم و بالا علي البشرية ونكالا لها، و عباده - الغربيون - استخدموه في سبيل غايات سخيفة حقيرة، و تغيير عقائد الافراد الذليلة الدنيئة. و بذلوا جهودهم في منافسات شنيعة و ترويج خصال بهيمية و خصائص حيوانية. فأسسوا المدارس والكليات و الجامعات في افريقيا و آسيا و بالخصوص في البلاد الاسلامية، لا لأن يعلموهم لكي يخرجوا من ظلمة الجهالة الي نور العلم و الحكمة بل ليغيروا عقائدهم الدينية الاسلامية و يربوهم بتربية لا دينية لا ربط لها ببيئتهم و لا بشؤونهم فيخرجون بذلك من نور الايمان الي ظلمة الالحاد و من ضوء الصفات الانسانية الحميدة و الاخلاق الدينية الحسنة الي ديجور الخصال البهيمية و مهالك الوحوشية. أجل و بالتالي رأي الجدد أن طريق قدمائهم و أسلافهم في افساد شباب المسلمين و تضعيف ايمانهم بالاسلام و محو آثار الايمان عن قلوبهم و اخراجهم من نور الاسلام و التوحيد الي ديجور الكفر و الالحاد و ان كان منتجا نتائج لهم و كانت ثمرات جهودهم و فيرة، ولكن لم يف بالمقصود الأصلي ولن ينتج [ صفحه 19] الغرض الاساسي الذي هو تغيير نظام الاسلام و احكام القرآن جذريا و محو الاسلام و قوانينه نهائيا و تبديل فقهه رسما و قانونيا و اذهاب حدود الله الاسلامية ذهاب الامس الدابر، و ادراج أحكام القرآن و معالمه درج الرياح فما دام القرآن موجودا بين المسلمين و يكون هو دستورا لهم لا يمكن الاستيلاء عليهم و استثمار بلادهم و لا ينال أعداؤهم الاغراض كما يشاؤون. و قد اعترف بذلك غلا دستون رئيس وزراء الانكليز حيث أخذ القرآن بيده - كما هو مشهور - و أشار الي جانب المكة المكرمة و قال بالصراحة: ما دام هذا الكتاب و ذاك البيت يحكمان في الشرق لا يمكن استعماره. فصاروا بصدد ايجاد وسائل و أسباب تنتج تحول المسلمين تحولا جذريا. و تفكروا في ترويج نظام مخالف لجوهر الاسلام و موافق لميول الناس و شهواتهم كي يبعدوا بذلك شبيبة المسلمين عن نظام القرآن و دين العقل بعد الثري عن الثريا فيأخذوا هناك بذمامهم و يذهبوا أينما شاؤوا و شاءت لهم أهواؤهم، و يقودوهم الي دار البوار وليسوقوهم سوق الحمار و هم يتابعونهم اتباع الظل لذيه. فبعد تضارب الأفكار و تبادل الآراء و مذكرات كثيرة حول ايجاد تلك الوسائل و الاسباب و كيفية ايجادها رأوا أن أمتن الوسائل و أجود الأسباب هو أن يستخدموا أناسا من [ صفحه 20] المنتسبين الي الاسلام و الراغبين في الجاه و المبتغين لحطام الدنيا و جراثيم العبث و الافساد و العناصر الميالين الي الملذات و تابعي النفس الأمارة و الهوي فيخترعوا علي أيدي هؤلاء الدجالين مذاهب مخالفة لجميع الأديان و المذاهب، حتي لمذهب «بوذا» و «برهما» و «كنفشيوس» و يؤسسوا أحزابا الحادية جهنمية تحت لواء تلك المذاهب الخرافية السخيفة و يختاروا لكل حزب مسلكا لا دينيا بحتا و منهجا لا انسانيا محضا و ينسجوا لكل حزب خزعبلات و أراجيف باسم الألواح السماوية و الأحكام الالهية و البرامج الدينية فيبثوها في الأقطار الاسلامية و ينشروها في بلاد الاسلام و يروجوها بواسطة أولئك الجراثيم الخبيثة و يدعون السذج و البسطاء، و الأوباش و الأنذال و الصعاليك و المملاقين الي الانتماء الي تلك الأجزاب الكافرة، و المذاهب المزيفة و يسعون في رواج سوق تلك الأحزاب و الجمعيات بكل ما لهم من وسع و يتوسلون في سوق المغفلين الي سوق المتحزبين بكل ما لديهم من الوسائل الخداعة و الخلابة. فصوبت هذه الفكرة و بالفور بادروا الي العمل و سارعوا الي ميدان السعي و الجد فتحسسوا في البلاد الاسلامية عن أناس يلبون دعوتهم و يستقبلون مقصودهم فلم يطل أن وجدوا ضالتهم المنشودة في النجد، و الهند، و ايران، و بعض البلاد الاسلامية الاخري، و نشروا بها الوهابية، و القاديانية، [ صفحه 21] و الشيخية، و البابية من المدارس و الكليات و الجوامع كما قال «كيجنر [6] » وزير الحرب البريطاني باحدي السوئتين اما متنصرون و اما ملحدون. فهم بأيديهم يهدمون أساس الحضارة التي جاء بها أجدادهم بوسيلة دين الاسلام، و يخربون قصور كيان آبائهم و بيوت مجدهم بمعاول الجهل و الضلال و بتحطيم الاسلام و محو آثاره، و بنبذهم كتاب الله و سنة رسوله ص وراء ظهورهم. و بوضعهم أحكام الدين و قوانينه تحت أقدامهم و سحقهم حدود الله و نظام القرآن. و الحق أنهم نجحوا في خططهم هذه كمال النجاح و بلغوا مناهم تمام البلوغ و أصابوا أغراضهم كما شاؤوا و شاءت لهم أهواؤهم.. فأسسوا في البلاد الاسلامية أو كار الفساد و اعشاش الافساد باسم روضات الأطفال الي المدارس الابتدائية، الي الكليات و الجامعات و أكرهوا الناس بواسطة عمالهم الخونة باتيان أولادهم و أفلاذ أكبادهم الي الأماكن الجهنمية بتطميع تخرجهم منها ذوي فن من الفنون الدنيوية أو شأن من الشؤون المادية، و أما لو تخرجوا منها مسلوبي الايمان و عاري الاخلاق الحميدة [ صفحه 22] و الخصال الانسانية فلا بأس و لا عار. و قد كان من أخطر أولئك الذين عاثوا في البلاد الاسلامية و أفسدوا أناسا سذجين و ضعفاء صعاليك، أو أنذالا منحرفين و أخرجوهم من نور الايمان و التوحيد الي ظلمة الالحاد و الشرك هو «كنياز دا الكوركي»الروسي الذي كان مترجما للسفارة الروسية في طهران فارتقي بخدماته الجاسوسية الي منصب الوزير المفوض ثم الي السفير كما بين هو في مذكراته التي انتشرت بعد انقراض القيصرية في مجلة الشرق السوفيتية.. سنة 1924 و 1925 م فترجمت بالفارسية و عربناها من الفارسية. فانه بواسطة نفر من الأراذل و الأوباش الخبثاء الذين كانوا في زي الاسلام و المسلمين و كان الاسلام و المسلمون منهم بريئين أوقع الخلاف و الاختلاف و أجج نارا أحرق لهيبها كثيرا من الرجال المسلمين و النساء المسلمات و الي الآن هي مشتعلة و متلهبة و وصلت لهباتها الأقطار و الأرجاء، نعوذ بالله من شر الأشرار و كيد الكفار و نسأله و ندعوه أن يحفظ عباده الموحدين من فتن العصر و الزمان. المعرب السيد أحمد الغالي [ صفحه 25] هذه هي المذكرات
«زانوية» سنة 1834 م وردت طهران و كان في ايران وباء وقحط وغلاء والناس كانوا فقراء بائسين و كان الموت و الفوت بكثرة. و كان عنواني مترجم السفارة - الروسية - في طهران، و كنت متخرجا من دارالفنون، و الكلية العسكرية، و كنت مقبولا في كلية الحقوق و سياسة الوزارة الخارجية التي كانت مختصة بالذين كان لهم تصديق و توصية من الكلية العسكرية، و علاوة علي ذلك كان لي في البلاط الامبراطوري - الروسي - أشخاص متعددون. و كنت قادرا علي قراءة اللغة الفارسية و كتابتها كاملا، و في الكلية المختصة بالوزارة الخارجية كنت اكملت اللغة ترتيبا «ف» لذلك صرت مأمورا في طهران بدستورات سرية حتي السفير لم يكن مطلعا عليها. كنت لتكميل الفارسية محتاجا الي دراسة اللغة العربية [اذ اللغة العربية في الفارسية كاللاتينية في الفرنسية] «ف» لأن أطلع علي اللغة الفارسية كاملا بوسيلة كاتب السفارة وجدت لذلك استاذا كان مازندراني الأصل و من أهالي قرية «اسك»- هي قرية من قري لاريجان - و كان اسم استاذي الشيخ محمد، و كان من طلبة مدرسة «بامنار» و من تلاميذ الحكيم احمد الكيلاني الذي كان رجلا فاضلا، صاحب عقيدة و ايمان و كان مسلكه العرفان. [ صفحه 26] «ف» في كل يوم كنت باجازة السفارة أقضي ساعتين في منزله الواقع في السكة الوقفية و كنت أقرأ جامع المقدمات و اعطيه في كل شهر تومانا واحدا و كنت اتعلم علاوة علي النحو الصرف و نصاب - الصبيان - و الترسل، و تاريخ العجم. و بعد سنة صارت لي لياقة قراءة الفقه و الاصول ايضا. و بخدمة الشيخ محمد صرت مسلما و قلت له: ان علم السفير باسلامي يكون لي خطر النفس و أما الختنة ففي سن ثمانية و عشرين تضرني و علاوة يعلم السفير باسلامي فيخرجني من الوظيفة، بل يسبب قتلي فأصل «التقية ديني و دين آبائي» أنفذوه في حقي، و الشيخ محمد ايضا قبل كل ذلك بلا جدل. و كنت اصلي الصبح و الظهر و العصر و المغرب و العشاء كلها في منزل الشيخ و بواسطة الشيخ محمد الاستاذ تزوجت بنتا حسناء عمرها أربع عشرة سنة و كان اسمها «زيور». و الشيخ كان لي صميميا بحيث كان يخاطبني كولده. و قد ثبت بعد ان «زيور» كانت بنت اخيه و خطيبة ابنه ولكنه توفي قبل الازدواج. و البنت لكونها يتيمة كانت متربية في بيت عمها و الشيخ لصميميته بي قد زوجني بنت اخيه التي كان يحبها كأولاده. و لما كنت - في الظاهر - مسلما و صهره كان يود ان يعلمني كلما كان له من علم مرة واحدة، و علمني المطول [ صفحه 27] و الشمسية، و تحرير اقليدس، و خلاصة الحساب، و الشفا ل أبي علي ابن سينا و شرح النفيس، والقوانين في الاصول، و كل ما كان يعلم من المنطق و الكلام. و بالتالي قد صرت في مدة أربع سنوات مجتهدا صغيرا حسن القريحة و المحاورة. و كان الشيخ محمد الاستاذ يذهب بي بعض الليالي الي منزل استاذه و مرشده الحكيم احمد الكيلاني الواقع في ممر «نوروزخان» و كان من البيوت الاعيانية الكبيرة. و كنت أنا أيضا كتلميذ من تلاميذه أستفيد من كلماته. و في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك كنت مدعوا هناك للافطار و مثل واحد من الايرانيين أكلت باليد غذاء مفصلا. و كانت السفارة ايضا مطلعة علي ذلك اذ كنت اخبرتها اني في ليالي شهر رمضان المبارك لا اجي‌ء للسفارة. و كنت في تمام مدة شهر رمضان المبارك ساهرا ليلا و نائما نهارا. و في مدة هذا الشهر «المبارك» استفدث من الحكيم الكيلاني بلا نهاية. و في الليالي كان يجتمع في منزل الحكيم أحمد الكيلاني جمع كثير و في ليالي الاثنين و الجمعة كان لهم محفل الذكر و كنت أنا أيضا من المريدين و كان لي أصدقاء و اخوة الطريقة بكثرة. و الميرزا آقاخان النوري أيضا كان من مريدي هذا الخانقاه [ صفحه 28] و بواسطته كان متعلقوه الذين كانوا من أهل «نور» [7] كلهم من مريدي الحكيم احمد الكيلاني. و كان من جملتهم الميرزار رضا قلي، و الميرزا حسينعلي - البهاء - «و أخوه» الميرزا بعين - حج ازل - الذين كانوا من خدمة الميرزا آقاخان و متعلقيه، و كثيرا كانوا يتظاهرون لي بالصميمية و النفر الأخير الذكر صار الي صاحبي السر، و كانا يطلعاني علي الأخبار من كل مكان و ناحية و كنت أنا أيضا أعينهما بالعوض بجميع لوازم الاعانة. و كنت أنا من الحكيم الكيلاني منتفعا بلا نهاية مع أنه لم يكن مذعنا باسلامي واقعا. و كنت أسأله حل كل مشكل و هو أيضا كان يحله لي بدون المماطلة. و سألت الحكيم العارف يوما أن ايران التي كانت بتلك العظمة و المقدرة و كان حدها آخر الهند، وحدها الآخر آخر الحبشة و كان شرق العالم و غربه لها منقادا و معطيا لها الجزية: كيف انحطمت من اليونان و العرب، و المغول؟ فقال: كما أن ظهور الجسم الخارجي في بدن الانسان يصير سببا للعلة و المرض و ينحرف المزاج عن الاعتدال، كذلك [ صفحه 29] الأجنبي و الأمم الخارجية يعملون في المملكة هذا العمل بمعني أنهم يمرضون الملك و الملة «كالجراثيم المهاجمة علي البدن من الخارج» و لا سيما اليهود، و المزدكيون اللذان كانا مؤسسي تخريب المملكة لأن في ابتداء الأمر كان اليهود و المزدكيون أوجدوا النفاق في بلاط شاهنشاه ايران الامبراطوية فهيأوا أسياب انهيار ايران و انحطاطها؛ و ضعف ايمان الاعيان و الامراء اللادينيين، و اعتاد نكاح الأكابر نساء اليهود كل ذلك صار سببا لنفوذ اليهود في البلاط الامبراطوري بكثير، و بالاختلاف الذي ألقوه بين العظماء و السلطان كان العلماء يكفرون الناس. و كان الكليميون يبلغون الشاه «كذبا وزورا» أن رؤساء المذهب و رجال الدين و أعيان البلد يعادونه «و يبغضونه» فلذلك صار بينهم نفاق «و عداء» و استبدلوا الطاعة و الصميمية بالنفاق و الدسيسة، و الكذب و التزوير اللذين كانا في مذهب الايراني أسوأ الذنوب. فان هذين قد شاعا و روجا، و الطاعة والصميمية قد زالتا. فثمة قوم من اليونانيين الذين كانوا الي ذلك اليوم ذليلي ايران و منكوبيها قد جرأوا عليها و تجولوا أرجاءها دون أن يعثروا برادع. و كان النفاق و الاختلاف شايعين في ايران بحيث كانوا يفتخرون بالخط اليوناني، و المكاتبة باليونانية، و التشبه [ صفحه 30] باليونانيين [8] و بعد موت اسكندر المقدوني، لم تستطع السلسلة الأشكانيون علي محو النفوذ اليوناني، و الاخلاق اليونانية و عادتها التي كانت لايران كالسم القاتل. و سلسلة السلاطين الساسانية أيضا كلما سعوا أن يروجوا دين زرادشت «و يعيدوه ثانية لعله يروج في ايران مثل الأول» و كل اداء رؤساء المذهب تقرير نظامات لم يتمكنوا و لم يقدروا علي ذلك اذ لم يكن للعلماء و سدنة النار ايمان أساس و عقيدة واقعية. و كان في البلاط ايضا أناس دايان فلم يكونوا معتقدين بشي‌ء، و كانوا يظهرون الاخلاص للشاه تزويرا ورياء. و مزدك الذي كان آخذا تعاليمه من اليونانيين الاسباكوسيين قد زاد أيضا في طنبور ايران نغمة جديدة [9] و جاء بمذهب جديد» و ذلك المذهب أيضا قد أتي الي ايران ببؤس و شقاء فوق جميع البأساء و الشقاء. و كان معينا لليهود. و في جانب مغرب ايران أيضا صارت المسيحية ذات نفوذ واسع، و كان هذا أيضا اختلافا آخر قد أضيف علي ساير الاختلافات. أجل قد تبدلت تلك الوحدة و الاتفاق بالنفاق و الافتراق [ صفحه 31] و اختلافات التي وجدت في ايران بواسطة اليهود و مزدك و المسيحيين مما صارت سبب ضعف المملكة و الشعب «كلتيهما»، فلذا غلب قوم من العرب بأمر الله الاكبر علي تلك الملة العظيمة - الايرانية - فغلبوا هنالك و انقلبوا صاغرين. و رب العالمين قد اصطفي شخصا بين الملة التي كانت تعيش بواد غير ذي زرع. و في قطر لم يكن له ماء وكلاء، و ما كان لهم قوت يسدون به الرمق، و كانوا يفتخرون برعي البعير... فبعثه ليجمغ الشرق و الغرب «و العرب و العجم تحت لواء دين واحد ليكون بنوا آدم جميعهم اخوة في الواقع»، و يمحو بذلك الاختلافات العنصرية، وليكون هذا الدين لقاطني الكرة الارضية جمعاء و لا يختص بالعرب فقط. ولكن بعد رحلة النبي (ص) ذلك الدين الحنيف الحق الذي كان حبل الله المتين، و سبب وحدة المسلمين صار ألعوبة المنافقين. واعداؤه «اغتنموا الفرصة ف» بواسطة رجال من المسلمين الطالبين للجاه و الرئاسة أوجدوا فيه النفاق و الاختلاف و استبدلوا الأخوة الواقعية بالعداوة و البغضاء. فصارت الاختلافات سبب سوء حظ المسلمين وانهيار الاسلام. و بالتالي اشتدت الاختلافات بحيث احتلت الدول الأجنبية قهرا و عدوانا قسمة عمدة من مملكتنا - ايران - و كذلك قسمة عمدة من المملكة العثمانية. ولو لم تكن الاختلافات بين [ صفحه 32] المسلمين أنفسهم لما كانت للدول الأجنبية هذه القدرة «و الجسارة». أجل قال في الختام: ان دين الله كان واحدا أبدا، و كلما قال به آدم، و موسي، و عيسي، و خاتم النبيين «محمد ص» كان الجميع علي نهج واحد، لا تبديل لسنة الله، و ناموسه لا يتغير، و ان عمل البشر بسنة خاتم الرسل فكأنه عمل بسنة آدم، و موسي، و عيسي، و مائة و اربعة و عشرين ألف نبي؟ الذين بعثوا من أول الدنيا الي آخرها لأن سنة محمد ص هي سنة الله و لم تنلها يد التحريف و التبديل و الخيانة و أما سنة ساير الأنبباء فقد نالتها بواسطة الرؤساء المحبين للذات و الجاه يد التحريف و التغيير فلا تضمن و لا تتعهد سعادة البشر و لا تقدر علي تضمين و تعهد السعادة للبشرية. و توضيحا للطلب اضرب لكم مثلا آخر و هو أنه لو ابتليت زوجة رجل مسيحي بمرض الدق و السل فالرجل المسيحي لا يستطيع أن يطلق زوجته لأن الطلاق مخالف لسنة الانجيل الذي هو بين أيديكم (و لا يستطيع أن ينكح غيرها أيضا) فبهذه الوسيلة تنقطع أصول الاجتماعات و القوميات، و ازدياد النسل. فليس هذا الدين دين سعادة البشر و استراحته بمعني أنه ليس بدين الله، و الله «تعالي» قد بعث الأنبياء لسعادة البشر و راحته لا لاتعاسه و انحطاطه. و لا يستطيع أحد أن يعترض [ صفحه 33] علي سنة خاتم النبيين «محمد ص» اصولها و فروعها أقل اعتراض. و غير مخفي ان اعانة المساكين، معاضدة الفقراء، النظافة، الطهارة، اكثار النسل، حفظ الصحة، حسن الخلق، الفتوة، الوفاء بالعهود، أداء الحقوق، انتشار العلوم و الفنون، العدالة، الاحسان، الرشادة، الشهامة، ادخال السرور في القلوب، تربية الأطفال بالصفات الحميدة، دعوة البشرية الي تعمير الدنيا، و اكتساب العلوم و الفنون و نشرها و الصدق و حسن النية و محو الاختلافات العنصرية و احترام عامة الناس أنفسهم و أموالهم و نواميسهم و امتياز الفضل و آلاف سنن مفيدة أخري هي التي تنحصر طريقة سعادة البشر في العمل بها، و تلك السنن كلها من واجبات الدين الاسلامي. و قد أمر الدين بكل خير و نهي عن كل شر. و قد نهي عن أكل لحم الخنزير و شرب المسكرات. و أمر الرجال و النساء و الكبير و الصغير بتحصيل العلوم و طلبها و ان يكن مستلزما للسفر الي أقصي البلاد [10] ؛ و أمر بالسبق و الرماية؛ و نهي عن العطلة و البطالة. و سن آلاف سنن اخري مفيدة للبشر، و بالأخص النظافة و الطهارة و الأخوة و المساواة و طلب التقدم و الرقي. و قد أمر بالمشاورة في الأمور. [ صفحه 34] الملل الأوروبية تكذب في انها مسيحية لانها لو كانت مسيحية فما هذه المدافع و البندقيات التي اخترعوعا لازهاق أرواح خلق الله؟ المسيح قال في الانجيل الذي يأيديكم: ان ضربتم علي خدكم الأيمن فحولوا الي الضارب الطرف الأيسر أيضا. فلم لا تعملون بسنته؟. و أما سنة الاسلام فهي الجهاد في سبيل الله فاللازم أن يحارب النفاق و الشرور دائما، و أن يكون المسلمون دائما في تعبئة العدة و تهيئة العدة في سبيل الدين، و جهاد الكفار و المشركين، و محو الاختلافات العنصرية عن صفحة الدنيا، و جمع الخلق جميعا تحت دين الله الواحد ولواء الاسلام. ثم قرأ الشيخ في ذلك المجلس أبياتا من أشعار الميرزائي القاسم قائم مقام [11] و أشعار نفر آخرين و أنا حفظت في ذهني هذا: «سلامت نه بصلح نه به جنگ‌ات نه حاضر كردن توب و تفنگ‌ات» تعني: السلامة ليست بالصلح و الحرب، و لا بتفجير المدفع و البندقية، و أشعار أخري التي المحت عن خاطري. و قد [ صفحه 35] علمت من الشيخ أن الميرزا أباالقاسم قائم مقام الذي هو عدونا [12] يكون له المراودة مع الحكم احمد سرا فيلزم اهلاكه بوسيلة. و مختصر الكلام ان في ليالي الرمضان المبارك استفدت أنا بمحضر الحكيم احمد الكيلاني بلا نهاية و لا سيما الاستفادات العلمية، و نلت اطلاعات مفيدة فخابرت الوزارة الخارجية الروسية بالأخبارات كما هي بأجمعها فصار ذلك سبب ترفيعي و زياده راتبي و ضاعفوه ضعفين، و أنا أيضا زدت في الجد و الجهاد حتي ان السفير الروسي و نائبه قد حسداني، ولكنهما كانا غافلين باني اخابر الوزارة «الخارجية الروسية» كل يوم حتي بالجزئيات. و أما السفير فأخبر الوزارة حسدا بأني صرت مسلما و ألبس العمامة و الرداء و أتردد ببيوت الأعيان و العلماء مع العمامة و الرداء، و اني انتعل بنعال صفراء. ولكنهم أجابوه: أن دعه بحاله و لا تزاحمه، و قوه كاملا و لا تخالفه أقل المخالفة. و كان هذا لاني من العام الأول اخبرت دولتي المتبوعة بكل ما كان من دون زيادة و نقصان، و كتبت اني للاطلاع الكامل علي اوضاع ايران لابد لي الا ان أتظاهر بالاسلام، و أتلبس [ صفحه 36] بلباس أهل العلم لكي لا امنع من الدخول بالمحافل و المجامع. ولكني كنت لدي استاذي أتظاهر عكسا أن اسلامي يكون سريا و لازم ان لا يعلم به أحد من الروسيين و الفرنجيين و لا يطلعون علي حالي وأسراري فيسبب قتلي و ترميل ابنة اخيك. و كان يعطي الشيخ محمد في كل شهر بوسيلته الشعبة السرية في الوزارة حسب حوالتي عشرة توامين بتوسط أمين الصندوق في السفارة. و مصرف بيت الشيخ كان كل يوم قرانين. و قد بنا بدستوري مما كان يبقي من المبلغ في كل شهر بيتا و حماما من الأجر - الطابق - و كان في ضلع شمالي البيت ايوانان جميلان و ممشي في الوسط و غرفتان كانتا فوق الايوانيين، و كانت للبيت و غرفاته أبواب جميلة، و في الايوانين و مكان نومي زجاجات ملونة. و بنيت لخدمة رفقتي و أصدقائي غرفة خاصة ذات باب ذي مصراع واحد و كانت لها روزنتان و بظهرها كانت فرجة صغيرة يمكن ان ترمي منها ظروف الرسائل و المكتوبات في صندوق صغير كان «موضوعا في» داخل الغرفة «تحت الفرجة» و كل من كان في رفقتي له خبر أو مطلب كان يكتبه و يرميه مستقيما في الصندوق و كان الميرزا حسينعلي - البهاء - [ صفحه 37] أول من ورد هذه الغرفة و اخبرني بمطالب مهمة جدا. و خلاصة الكلام ان رمضان السنة الثانية و الثالثة ايضا قد انقضيا و في هذا الرمضان «المبارك الثالث» كان لي علاوة علي اكتساب المعلومات و الاطلاعات المفيدة العلم بطريق تكوير العمامة أيضا. و كانت لي ألبسة عديدة من العمامة و القباء و الحذاء الساغرية و النعلين المنطقات الظريفة. و كانت كل هذه الألبسة المهيئة لي مثل ألبسة العلماء المتشخصين و المعنونين. و في اوقات الصلاة كنت أتحنك و اقرأ التعقيب أذكارا و أدعية كثيرة و خلاصة الكلام أني كنت «آخوندا» بتمام معني الكلمة، و كنت لا أعبأ بكل حادث و جديد، و بدستور الوزارة الخارجية «الروسية» و البلاط الامبراطورية «التذاري» كنت أحكم بكفر كل من يريد التقدم و الرقي لايران في كل موقع ولم أشتبه في الامور السياسية أبدا. و كان اشتباهي فقط «في مورد واحد» و ان بعد موت فتحلي شاه قد حركت ظل السلطان أن يدعي السلطنة غافلا عن قرار عباس ميرزا ولي العهد سرا، مع الدولة الامبراطورية. ولكن لما أمرت من البلاط بمساعدة محمد ميرزا بن عباس [ صفحه 38] ميرزا [13] ولي العهد فقد عكست العمليات «ظهرا لبطن». قبضوا علي عدة من هؤلاء المساكين في «نكارستان» لكني لم أدعهم أن يسملوا أعينهم و يعموهم فاكتفوا بتبعيدهم و نفيهم الي «اردبيل». و بعد مراسلات مع وزارة خارجية الامبراطورية الروسية تهيأت أنا وسائل فرار أولئك الي روسيا. «ف» ظل السلطان، و ركن الدوله، و «امام وردي ميرزا»، و «كشيكجي باشي» مع محافظيهم و موكليهم الذين كانوا مرسلين معهم من طهران كلهم فرو بهم الي روسيا لكي يكونوا هناك فلو لم يطع محمد باشا أوامر الدولة الامبراطورية نجعل هؤلاء له «أبا الهول» و أنا اقترحت أن يكون هؤلاء «الشاه زادكان» [14] تحت حفاظة الدولة الروسية و تجعل لهم نفقة مكفية و يكونوا تحت الرقابة ولكن بعدما صار محمد شاه لي صميميا كتبت سرا «الي روسيا» أن يرسلوا هؤلاء الي المملكة العثمانية. و حركت محمد شاه أن يطمع في فتح «هرات» و يرجع [ صفحه 39] الافغان و يجعلها كما «كانت» في السابق جزءا لا يتجزأ لايران، و يجعل هناك بالتدريج جيشا كالجيش الذي فتح النادر «شاه» به الهند و كان قصدي من ذلك نفتح نحن بأيدي الجيش الايراني هذا الفتح و نتملك آسيا بأسرها. و محمد شاه قد وفق لفتح «هرات» ولكن رقيبنا [15] صار مانعا عن ذلك و بوسائل عديدة منع الدولة الايرانية عن هذا العمل. و محمد شاه كان يعلم أن أباه عباس ميرزا بواسطة الدولة الامبراطورية الروسية كان ولي عهد ايران. و علاوة كان يعلم انه بواسطتنا ملك تاج و عرش ايران. و كان هو معنا صديقا صميميا، حتي انه كان يفصل من الوظيفة سرا كان يعاهد رقيبنا او ساير باسم تقدم ايران و رقيها. فكان يعاقب هكذا الاشخاص كلا بحسب أعماله و افعاله تبعيدا و نفيا أو يدس اليه السم فيقتله به. و لذلك كان الوزراء أيضا عالمين بتكاليفهم، و كان جميع «الشاه زادكان» و العلماء و النبلاء و الاعيان متوجهين الينا في السر. و أغلب الأمور كانت تحل و تعقد بنظرنا. ولم تكن لأي لير أو وزبر جرأة مخالفتنا و محمد شاه كان يعامل الدولة [ صفحه 40] الامبراطورية بما تشاء. و أنا في خلال هذه المدة صرت كاملا مطلعا علي أوضاع و أخلاق و عادات العلماء و الامراء و التجار، حتي النسوان في ايران. و قد جاء رمضان السنة الرابعة و كان تقريبا خمس سنين أنا كنت في ايران مشغولا بالتحصيل و المطالعة و التعب والسعي والتضحية في كل عمل، و كنت موجها لدي البلاط الروسي و الوزارة الخارجية الروسية و كنت كاملا فرحا فخورا من اوضاع نفسي. و زوجتي «زبور»، ايضا قد ولدت و جاءت لي بابن ذهبي الشعر و كان في الشباهة لي كأن تفاحة شقت نصفين. فأعطيت الولائم و استخرجت لتسميته أسامي عديدة من القرآن والقرعة خرجت باسم علي ففرحت و سررت بلا نهاية، و صار اسمه «علي كنياز دالكوركي» و بهذا أخبرت دولتي المتبوعة. ولكن تظاهرت للشيخ محمد و أصدقائي ان السفارة الروسية و الأجانب لا يدرون بذلك. اجل في هذا الرمضان المبارك الرابع ايضا كشهور الرمضان الماضية كنت في الليالي من وقت الافطار الي السحور في منزل الحكيم احمد الكيلاني بمعني ايي كنت أبيت عنده اكثر من الشهور الاخري اذ كنت في ذلك المحفل العرفاني في غير شهر [ صفحه 41] رمضان المبارك ثلاث أو أربع ساعات من ليالي الاثنين و الجمعة فقط. في ليلة من ليالي شهر رمضان «المبارك» سألت الحكم و قلت: مولاي ان الاسلام متشعب بشعبات مختلفة فأي شعبة منها حق و أيها باطل؟ فقال: ليس للاسلام شعبات و الاسلام عبارة عن الله و القرآن، و أصول الدين واحد و فروع الدين واحد، و موضوع الاسلام هو الشهادة بتوحيد الله و برسالة محمد المصطفي (ص) الذي جاء من جانب الله بالقرآن المجيد لأهل الدنيا و لسعادة البشر، و الاسلام ليس سوي هذا. و أميرالمؤمنين عليه‌السلام علاوة علي أنه كان ابن عم النبي (ص) و صهره كان أول من آمن بالله و برسوله (ص) و كان أباالحسين. و النبي الاكرم (ص) قبل رحلته «الي لقاء ربه» أمر ابن‌عمه و صهره الذي كان أفضل الناس أن يكون علي حسب القوانين و السنة الاسلامية خليفته و امام المؤمنين. ولكن علي بن أبي‌طالب (عليهماالسلام) لما رأي مشاغبة بعض المنافقين و المفسدين اختار انزواء كي لا يفترق المسلمون. و كان هناك نفر من المغرضين و المبتغين للزعامة و الرئاسة فغيروا الوضع و بدلوه، و الدين الحنيف الذي أرسله الله لرفاه البشر و سعادته و كان لجميع العناصر المختلفة الساكنين علي الكرة الارضية أرادوا الاستناد عليه و حصره بأنفسهم، كي يسلطوا [ صفحه 42] به علي الدنيا و تكون لهم السلطة و السلطنة، فخالفوا الحديث النبوي و سنة الرسول (ص) و أمره [16] و أعراب ذلك اليوم الذين قال الله تعالي في حقهم: الأعراب أشد كفرا و نفاقا» باصل اللجاجة قد انتخبوا شخصا... فكان ذلك بدأ التنازع و التشاجر؛ و بعد دور صار يزيد بن معاوية سلطانا. و بنو أمية ظلموا و جاروا علي المسلمين بكل ما كان بوسعهم و حتي ان الحسين بن علي عليهماالسلام الذي كان من ذرية رسول الله صلي الله عليه و سلم قتلوه لأنه قال: ان أعمال يزيد تكون علي خلاف دين الله و هذه الحكومة حكومة غير اسلامية فلازم ان يخلع يزيد (عن السلطة الاسلامية) . فقتلوا الحسين عليه‌السلام لقوله ذلك و أسروا أهله و عياله... فصارت الاختلافات شديدة، بل صيروها أشد من ذي قبل... ثم قال الحكيم: فرائض الاسلام الخمسة المعمول بها بين المسلمين كلها واحدة، و أئمة المذاهب كأبي حنيفة، و الشافعي، أو الحنبلي، أو المالكي، أو الامام جعفر الصادق عليه‌السلام لم يكن بينهم في أصل الدين أي اختلاف، و كما ان اليوم يكون في العتبات [ صفحه 43] العاليات نفر من المجتهدين، و كل فرقة تقلد واحدا منهم، كان أولئك أيضا كذلك. فبهذا النمط كانت فرقة تقلد الحنفي، و فرقة تقلد الشافعي، و فرقة تقلد الامام جعفر الصادق عليه‌السلام، و هكذا... و هؤلاء لم يأتوا شيئا تلقائيا و اختلافهم لا يكون الا في الفروع و الجزئيات. و أما أصل الدين فواحد و ليسوا فيه بمختلفين. و أنا - كنياز دالكوركي - قلت: كلا ليس كذلك و الشيعة يسبون هؤلاء. فقال - الحكم - المسلم لا يسب صحابة رسول الله ص أبدا و أنا مخالف لذلك. و اميرالمؤمنين عليه‌السلام انزوي وصار حليف البيت ولم يدع أن يحدث أي اختلاف، و شخص علي بن أبي‌طالب لم يكن طالب جاه. و كلمن كان في ذلك اليوم مريدا لايجاد الاختلاف كان علي عليه‌السلام يضاده و يقاومه و كان هو يحل مشكلة، و كان يؤالف المخالفين «يعني مناوئيه» . و بعد كل ذلك علم المسلمون بشناعة أعمال بني‌أمية فعدلوا عنهم وعزلوهم، و نصبوا بني‌العباس مقامهم. و ان تكن اليوم تقلد الشيخ الأحسائي أو السيد كاظم الدشتي [17] لا هذا كافر و لا ذاك، و الاسلام دين واحد، و الله [ صفحه 44] واحد، والقرآن واحد، و كلمن كان من المسلمين ولي الأمر أو خليفة فان في القرآن، و الأحاديث، و السنة النبوية لا يحدث تغيير و تغير و دين الله واحد، أنت كن نظيفا وصل مع الطهارة، وصم، وزك، و عاون الفقراء و الأيتام و ابن‌السبيل، و لا تكذب، و لا تفتر، ووازر خلق الله، و كن مؤدبا و جميل الفعال و لا تكن لك نية سوء لتكن مسلما. ولكن الأسف أن في الحين الذي كان هذا الفاضل الحكيم و المسلم النزيه الذيل و الزكي الدين يقول هذه المقالات و ينصح هذه النصايح كنت أنا أتخطر و أفكر بأن كيف أكثر الاختلاف بين المسلمين، و كيف أسخر ايران بوسيلة ايجاد النفاق و سوء الظن و «كان» تمام همي ايجاد طريق النفاق و الافتراق بين المسلمين. انقضي الرمضان «المبارك» و أنا كنت أربي نفرا من أصحاب سري تربية الجاسوسية. ولم تكن لاي منهم لياقة الميرزا حسينعلي - البهاء - و أخيه - الميرزا يحيي حج ازل -. الحق و الواقع ان الايرانيين وطنيون، و الجاسوسية عندهم رذالة و دناءة، و النميمة لديهم عمل قبيح بشع، و الخلاصة أن نسل الأريانيين كلهم غياري و وطنيون. و أولوا ذكاء بلا نهاية. بعد الرمضان «المبارك» في يوم الاثنين و كان الحر شديدا [ صفحه 45] جاء الميرزا حسينعلي - البهاء - لملاقاتي ولكني كنت خارج مدينة طهران بفرسخين، و بعد ما رجعت الي طهران رأيت في صندوق الرسائل مكتوبا منه و كان أخبر فيه ان قائم مقام «رئيس الوزراء» كان ليلة البارحة لدي الغروب في بيت الحكيم أحمد الكيلاني و أنا - الميرزا حسينعلي - بواسطة «كل محمد» خادم الحكيم بعنوان ان أري الصدر الأعظم - قائم مقام - و أنظر اليه دخلت حجرة المقهي فسمعت الحكيم يقول لقائم مقام: هذا الشخص - ليس محمد شاه - ليس لائقا للسلطنة و هو خادم الاجنبي، و الشاه لازم ان يكون ايرانيا زكي الطينة مثل الزندية. فوسائل هذا العمل - أخلع محمد شاه - لازم ان تعبأ و تهيأ بواسطة الأعيان و الضباط و بمساعدة هؤلاء. و الجار الجنوبي - بريطانيا - حاضر لمساعدتنا بكل طور و نوع. و الحكيم احمد ايضا كان يصدق و يقول: بكم و بتدبيراتكم نال هذا الشخص السلطنة، و أنا قلت لكم في هذا الخصوص بكرات و كانت لذلك مواقع و موارد ولكنكم منعتم، و بالخصوص حين كنا في «نكارستان» و كان اغلب اولاد الشاه الصلبيون مدعين للسلطنة و ان لم يكن لديكم من اكابر الزندية فكان «علي ميرزا ظل السلطان» - ابن‌فتحلي شاه القاجاري - حاضرا و علاوة فعلي الأقل كنت تنصب بين هؤلاء النفر من [ صفحه 46] اولاد الشاه من يكون لائقا بسرير السلطنة. فقال قائم مقام: ستلاحظون ان هذا الشاب المريض الذي يكون خادم الأجانب كأبيه سيرتحل من الدنيا و لا ينال عيشها ولذاتها، والحق يرجع بعد ذلك الي صاحبه. بعد قراءة هذا المكتوب ذهبت بالفور للسفارة و دعوت غلام باش فمن دون ان اكلم أحدا ذهبت مستقيما الي «باب همايون» و أخبرت ان من جانب دولتي لدي مطلبا لازما و لازم ان اواجه شخص الشاه فأعرضه عليه. فجاء الشاه من الداخل مشوشا. فأتيت بمراسم التعظيم، و قلت: ان المطلب سري فأعطيته سواد المكتوب فشاورني في الأمر و قال: تمضي الشهور و أن الصدر الاعظم مع اني اعطيته الاختيارات التامة يريد ان يجبرني علي مخالفة الدولة الامبراطورية فأطالب بمدن ايران «القفقازية المغصوبة» و استردها و ان استقدم من فرنسا او انكلترا و أربي جيشا مدربا و اشتري الأسلحة الحديثة من الدول الخارجية و أفتح مدرسة كالفرنج. و يقول ان الانكليز ايضا يعطون لهذه مبلغا كثيرا بلا عوض لنهيي‌ء و نعبي‌ء الجيش. أنا صرت متحيرا من بساطته و سذاجته اذ مراودتي اياه لم تكن الا أشهرا و مع ذلك فانه أفشي لي جميع اسرار دولته. [ صفحه 47] فعرضت أن اللازم أن يزال كلاهما - قائم مقام و الحكيم الكيلاني - من الوجود فقال: أما قائم مقام فغدا أكافئه جزاء أعماله ولكن الحكيم احمد أمره مشكل جدا اذ له مقام الروحانية و الارشاد و العظمة. فقلت: ان اهلاك الحكيم بعهدتي و أنا أتعهد ذلك. ففرح كثيرا و قبلني و قال: بارك الله فيك.. مذ صرت مسلما صرت معاضد المسلمين. فأعطاني خاتم الماس برليان، و خاتم زمرد ثمين. فرجعت الي المنزل هيأت سما قتالا و دعوت الميرزا حسينعلي - البهاء - و أعطيته سكة ذهبية من سكة فتحعلي شاه و أعطيته السم و أمرته أن يدسه في طعام الحكيم الكيلاني بكل طريق ممكن و يقتله. و الهاء في يوم الثامن والعشرين من شهر الصفر سنة 1251 ه ق بالوسيلة التي كان يعرفها دس السم في مأكل الحكيم و قتله. و الشاه أيضا دعا قائم مقاما الي «نكارستان» و الحقه بالحكيم الكيلاني «خنقا» في آخر الصفر سنة 1351 ه ق و قد أديت انا وظيفتي قبل الشاه. فوقعت في بيت الحكيم ضجة عجيبة، و الحكومة حجزت بعد وفاته عشرة او اثنتي عشرة قرية التي كانت له بأطراف طهران و في مازندران، و جعلت كلها خالصة للشاه. و لذلك [ صفحه 48] علم الناس ان موت الحكيم كان بوسيلة محمدشاه. و الحاصل اني تشرفت بخدمة الشاه بعد وفاة قائم مقام مجلسا آخرا و مع ان نفرا آخرين كآصف الدولة، و الله يارخان، و غير هما كانت لهم داعية الصدارة فان الشاه أصدر أمر صدارة الميرزا آقاسي [18] الايرواني الذي كان معلمه أيام ولاية العهد، و كان كاملا مطيعا و حسن المشي، و الميرزا آقاخان الذي كان من الاصدقاء لنا جعله وزير الحربية و سرني «ذلك» بلا نهاية. و أنا صرت صاحب أسرار الشاه بحيث ان السفير «الروسي» حسدني و اخذ معي في مجادلات بلا جدوي ولكن من جانب آخر كانت دنياي من كل جانب و جميع العيثيات مترقية. و استاذي الشيخ محمد كان يحسب رقي هذا من مقدم ابنة أخيه «زيور» و ابني (علي) . و أنا قلت: لا شيخنا هذا يكون من بركة الاسلام و الصلاة، فقال نعم يا ولدي ما قلته أنت هو الصواب و بنت أخيه «زيور» كانت علقتها بلا نهاية. و كنا في الليل نشرب الخمر معا و كنت أعاملها كزوج و زوجة فرنجيين و قد كانت هي متجاسرة علي بحيث ان زوجة عمها كانت أحيانا تنصحها و تقول لها: لم تفعلين كذا و كذا؟ و أنا أقول لزوجة عمها: دعها فأني احب ان تكون هي كذلك. [ صفحه 49] و كلما كانت تريد من الاثاث و اللباس كنت أهيئه لها بلا تريث، و كانت لها أثواب و ألبسة ذهبية، و من المخمل الكاشي، و ترمة الكشمير متعددة و كذلك أقسام المجوهرات، و هيأت لها أثاث البيت الاعيانية الممتازة ولكن كانت علقتها بي أكثر من الأثاث و المجوهرات و النقود و كانت تحبني بلا نهاية، و أنا أيضا كنت أتظاهر لها بعلقتي بها بلا نهاية. و أنا كنت اذهب الي السفارة كل يوم لأخبر بما كان عندي «من الأخبار» و هي أيضا كانت تذهب لبيوت العلماء المعروفين للاستطلاع علي طريق معايشهم و علي أنهم مع من تكون لهم العلاقة و الصداقة و مع من يكون ذهابهم و ايابهم و مراودتهم أكثر. ولمن يكونون أطوع و أسمع و فيما يكونون اكثر رغبة و ميلا.. فكانت هي تخبرني بذلك و أنا بمقتضي حال الاشخاص كنت أرسل اليهم الاموال ذهبا و غيره، و بوسائل مختلفة كان محور علماء طهران والأعيان والنبلاء بيدي. و كل وزير وطني و محب لوطنه اذا كانت له مراودة مع رقيبنا - الانكليز - فاما بوسيلة العلماء المعتبرين كنت اكفره، و اما مثل قائم مقام أرسله الي «نكارستان» [19] . و كانت سياستي جلب العلماء و «الشاه زدكان» ، و الأعيان [ صفحه 50] و الأشراف بوسيلة المال و النقد، و كان هذا أول مرة أنا غلبت كاملا علي رقيبي بوسيلة هذه السياسة، وصارت «هذه» سبب تقدمي و رقيي في البلاط «الروس» . و كانت المصاريف السنوية لهذا العمل في بداية الأمر عشرين ألف مناط الذهب، و النتيجة لما كانت جيدة و حسنة تصاعدت هي - المصاريف - الي خمسين ألف مناط الذهب. و كنت أعطي في كل سنة من المبلغ هدايا ثمينة من روسيا و الفرنج للعلماء و الأعيان و «الشاه زدكان» و ذوي النفوذ. أجل صار نفوذنا في البلاط الايراني و فيرا بحيث كلما شئت أن أفعل فعلت و صرت من البلاطيين بحيث أنهم كانوا يدعونني في كل محفل و مجلس و كنت أنا أيضا كالعلماء ذوي النفوذ أتله خل واقعا في الأمور كلها. و الميرزا نصرالله الأردبيلي عين بواسطتي رئيس الوظائف، و الميرزا مسعود الآذربايجاني وزير الأمور الخارجية. و «بهمن ميرزا» حاكم بروجرد و «سيلاخور» ، و «منوجهر ميرزا» حاكم «كل بايكان» ، و فضلعلي خان (القره باغي) حاكم مازندران. ولم ار ان يعطوا الحكومة لآقاخان المحلات ولكنهم أعطوه حكومة «كرمان» و بالعوض نصبوا من الاصدقاء نفرا آخرين مثل «خان لدميرزا» الذي أعطوه حكومة يزد، و «بهرام ميرزا» الذي اعطوه حكومة «كرمان شاه» . [ صفحه 51] أجل كل من الوزراء وامراء و حكام المدن الذين كانت معاملاتهم معنا حسنة صاروا و أصحاب مناصب و أشغال حسنة. و حكومة فارس التي كانت لفيروز ميرزا فوضت الي منوجهرخان معتمدالدولة، و سكرتارية فارس صارت بعهدة فيروز ميرزا، و نصرالله خان بن أميرخان «سردار» صار رئيس الحرس، و الله وردي بيك الكرجي الذي كان صاحب سري صار أمين الخاتم «الهمايوني» و أنا حد الامكان كنت اقدم الرفقة و الاصدقاء، و جلالة محمد شاه كان ملاطفا بي بلا نهاية. و أما الذين كانوا بضدنا مثل حسن علي ميرزا شجاع السلطنة و محمدميرزا حسام السلطنة، و علينقي ميرزا ركن الدولة، و امام وردي ميرزا الايلخاني، و محمدحسن ميرزا حشمة الدولة، و اسماعيل ميرزا، و بديع الزمان ميرزا ابن «ملك آراء» و ساير أصدقاء الميرزا أبي‌القاسم قائم مقام الدين كانوا معاهدين مع رقبائنا فنفاهم جميعا الي «اردبيل» و الشاه زاده ناصرالدين ميرزا استقربوا لآية العهد، و قهرمان ميرزا الذي كان من رفقة عباس ميرزا [20] في قراره السري [ صفحه 52] مع الدولة الامبراطورية الروسية فقد أحضره الشاه من خراسان و صار حاكم آذربايجان و سكرتير ولي العهد، و فريدون ميرزا صار منصوبا بحكومة فارس، و فيروز ميرزا الذي كان حاكم فارس نصبته بحكومة كرمان كي يعزل عنها آقاخان المحلاتي الذي كان مربوطا برقيبنا «الانكليز» . صحيح أن الحاج ميرزا آقاسي كان في الظاهر هو الصدر الاعظم ولكن كنت أنا مربوطا بمحمد شاه بحيث أنه كان في أغلب الأمور الدولتية يشاور معي، و كاملا كان يحسبني مسلما و طالب الخير و كان حظي عنده و اصلا الي أعلي الدرجة. [ صفحه 53] انتقام اليد الغيبية
مع جميع هذه الحظوظ الحسنة صارت دنياي دفعة كالليل المظلم فان طفلي أصابه الجدري فبعد خمسة أيام مات، و في طهران برز مجددا و باء شديد و جعلني دفعة واحدة وحيدا فريدا بلا قريب و حميم فان الشيخ محمد الذي كان استاذي و كان بي أرأف من الوالد، و زوجتي «زيوره» التي كنت أحبها كنفسي، و زوجة العم الشيخ محمد، هؤلاء كلهم ابتلوا.. و توفوا في أسبوع واحد. و في هذه المدينة القليلة الجمعية توفي بمرض الوباء أكثر من ثمانية آلاف نسمة و كعام أول ورودي صار القحط و الغلاء و الوباء في هذه المدينة شايعة. و مع أن هذا العام لم يكن له ثلث تلفيات ذلك العام فاني كنت أتصور أن الدنيا قد انقلبت و فني العالم كله. و مضي علي هذا العام بآلاف مرة أسوء من العام الأول. نعم كأن اسرافيل قد نفخ في الصور، و أنا كنت انتظر الموت، و أياما كنت في حال البهت و نادما من أعمالي السيئة [ صفحه 54] بلا نهاية بأني ما هيأت أسباب قتل اناس نقيي الثوب كالحكيم الكيلاني ذلك الزاهد الرباني. و الميرزا أبي‌القاسم قائم مقام باخبار من الميرزا حسينعلي - البهاء -. و في هذه الأوان «كراف سيمنويج» الوزير المفوض الدولة الروسية الذي كان رجلا جسورا و دساسا مفتديا قد كتب الي وزارة الدولة الامبراطورية أن «دالكوركي» يقسم و يصرف في السنة خمسين ألف مناط الذهب لأقرباء زوجته، و مصاريفه و شهواته الشخصية. و قبل خمس سنين كان يعطي أبا زوجته في الشهر عشرة توامين و الآن كل مدة يحسب له في الشهر ثلاثين تومانا و هو ميت قبل مدة. و لعل قصة ازدواجه أيضا ليس لها أصل.. فالوزارة الخارجية طلبت مني توضيحات مفصلة. ولكني لما رأيت أن علقتي المفرطة بالبقاء في طهران قد صارت بالحوادث الجارحة للقلب ساقطة بالمرة و لا نوم لي و لا أكل و كادت نفسي أن تخرج من بدني غصة و رأيت أن الهجرة من طهران تكون لي أحسن، كتبت في الجواب أن من اللازم أن أعرض التوضيحات حضورا. فلذلك طلبوني الي روسيا، و أنا أيضا وصيت جميع أصدقائي الطهرانيين بمخالفة «كراف سيمنويج» حد القدرة و الاستطاعة. و عرضت القضايا للشاه أيضا، و قلت له: لأني صرت مسلما قد سعي «كراف سيمنويج» المتعصب في دين المسيح بعزلي عن مقامي [ صفحه 55] ولذلك أحضروني لروسيا. فكتب لي الشاه أيضا كتاب الرضاء و حسن السابقة مفصلا و عهد أن لا يساعد «كراف سيمنويج» و علاوة يطلب هو بعد أيام نقله و تعويضه. و لقد قطع هذا الوزير المفوض جميع رواتب أصدقائي و رفقائي حتي رواتب الميرزا حسينعلي - البهاء - «و أخيه» الميرزا يحيي - صبح أزل - و الميرزا رضا قلي، و غير هؤلاء الذين كانوا يأخذون الرواتب سرا. فبقطعه رواتب هؤلاء قد هدم مؤسساتي جمعاء، و قلب و أعكس كلما أنا فعلته و عملته و نقض كلما أنا غزلته. و بعد خمس سنين و أشهر التي كنت أنا في ايران ثبت لي أن دين الاسلام حق و هو دين يستطيع أن يسعد البشر. فلم يبق لي «في ذلك» أي شك و شبهة، و كنت ناويا ان أدلل حضور الامبراطور و الأعيان و الأعاظم، و أكابر الدولة أن دين الاسلام ناسخ لجميع الأديان ولن يأتي بعده دين، و قبول هذا الدين لعموم الناس موجب لأجر الآخرة و الدنيا معا. اني خططت هذه الخطة لأسير بها الدنيا زمانا الي الهدوء و الصلح، ولكن الأسف أن بعد حضوري في الوزارة الخارجية و رؤيتي أوضاع سياسة تلك المملكة رأيت أن «أسكت عما بنيتي و لا أجري علي اللسان كلمة «من ذلك» اذ بعد توضيحات و اخبارات [ صفحه 56] مفصلة و تشريحي لأوضاع مملكة ايران و آلاف سؤال و جواب علمت أني لو تكلمت بكلمة مما نويت لكان شخص «الكساندر» الثاني و امبراطور «روسيا» هو بنفسه يخنقني. فلذلك طفقت أدافع عن نفسي فقط فقلت: كان اسلامي من طريق التزوير لكي أستطيع الورود في كل محفل و مجمع و آخذ زمام سياسة مملكة ايران بيدي و صرت مسلما ظاهريا كي أبلغ النتيجة المطلوبة فنلت كما كان بودي، و ارجعوا في ذلك الي اخباراتي التي خابرت بها، و عملياتي التي أتيت بها و اني بألف دليل أثبت خدماتي. و بالبرهان و الدليل المنطقيين أثبت اعوجاج أدمغة ساير المأمورين. أجل مدة أشهر متواليات كانوا ينظرون في فعلياتي و يطالعون عملياتي حتي أذعنوا جميعا أن خدماتي بارزة و عملياتي مبرهنة؛ و مع ذلك لو لم يكن لي في البلاط نفر من الأعوان و الاصدقاء لكان من الممكن أن يجازوني بهذه الخدمات القيمة الصلب و الاعدام. فهناك تخطرت بكلمات و نصايح «سرجان ملكم» وزير مفوض الانكليز اذ قال لي: تأخذ نتيجة اقداماتك و مساعيك هذه في مملكتك عكسا، وهنا - يعني في ايران - أيضا تصير سبب عداوة و رقابة «كراف سيمنويج» . و سألني [ صفحه 57] «سرجان ملكم» يوما عند ملاقاتي في منزل الشيخ محمد - الاستاذ - ليري طفلي الصغير «علي كنياز..» ، و يشرب معي «قليان» محبة. فصار المعلوم أن جناب السفير - سرجان.. - مطلع علي جميع الامورات في السفارة الروسية و أوضاعها و حتي علي أموراتي الشخصية و أوضاعي الداخلية. فاني أعذرت في الجواب و قلت: اني أعلم أن جناب السفير «كراف سيمنويج» يكون خصما لي فهذه الملاقات تتم لي غالية وليست بمفيدة، و هذا أيضا ولكن من الممكن أن يسجنني و يقتلني. فلم يقل - سرجان ملكم - بعد شيئا. في كل شهر كانت تأتيني من الاصدقاء الطهرانيين رسائل و مكتوبات و كلهم كانوا يدعونني الي ايران، و حتي بعض عباد البطن منهم مثل الميرزا رضاقلي و الميرزا حسينعلي - البهاء - و بعض الآخرين كانوا يدعونني لهريسة «اوز» ، و «تهجين بلو» ، و «وبلو فسنجان» كي أرجع الي ايران، ولكن أغلب اظهاراتهم العلقة و الصداقة كان لأخذ مناط الذهب، و الا لم يكن لاظهارهم العلقة و الصداقة دليل آخر، «كما أن» اظهارهم النفرة من «كراف سيمنويخ» كان لقطعه رواتبهم الشهرية المستمرة فقط. و أغلب رسائل الاصدقاء، كان فيها اخبار فتح «هراب» [ صفحه 58] و افغان و حتي طاعة تلك الحكومة مفصلا. فأنا اغتنمت الفرصة و عرضت كل ذلك علي الامبراطور، و عرضت أن مساعدة ايران في هذا الموقع لازمة حتما و لابد من مساعدة محمدشاه بالاسلحة و النقد فان هذه الفتوحات مع وجود محمد شاه و السلسلة الغاجارية تكون بنفع الدولة الامبراطورية الروسية. ولكن بعد تشكيل مجلس الشوري شخص وزير الامور الخارجية خالف ذلك و قال: نحن اليوم لازم أن لا نخالف دولة الانكليز، ثم ليس بمعلوم أن دولة ايران ان قويت لا تنسي المقدرات السرية. و أنا أتيت بألف دليل علي وفاء محمد شاه فلم تفد؛ ولما احتلت سفن الانكليز جزيرة «خارك» قرب «بورشهر» و أوجدت اختلافات في ايران أيضا لم تساعد دولة ايران «من جانب روسيا» فدولة ايران مع كمال اليأس صارت لابد بترك الفتوحات و تضرر مبلغا زائدا، فبدون أخذ النتجة سحبت جيشها من أرض أفغان. و في غضون هذه المذكرات ثبت لدي أن أغلب أولياء أمورنا لهم رابطة سرية مع رقيبنا الانكليز، و يخبرونه بالمطالبة السرية. اجل استدللت لأولياء أمور الوزاره الخارجية بكل ما [ صفحه 59] كنت أعلمه ان هذه المخارج و المصارف لايران و صرفها هناك يكون من الضروريات و من اللوازمات الحتمية، حتي ان كلما تضاف عليها تكون أكثر فائدة و نأخذ النتائج أكثر. فعلي اي نحو كان أقنعت الوزارة الخارجية ان تعطي الرواتب الشهرية لنفر من أقارب المرحوم محمد الاستاذ كما في السابق، و للميرزا حسينعلي - البهاء - و أخيه الميرزا يحيي - صبح أزل -، و نفر آخرين. و المطالب التي كان أولئك مخبريها كانوا يرسلونها الي في روسيا مباشرة بلا واسطة أحد. فمدة أشهر كنت أيضا في الوزارة الخارجية مشغولا بترجمة تلك الرسائل و المكتوبات، و كنت أعطي الدستورات لأولئك الأصدقاء - و انا في روسيا - و بمراسلاتهم و مكتوباتهم كنت دائما مطلعا علي أحوال السفير في طهران. و قد وصلتني أثاثيتي من طهران بواسطة تاجر آذربايجاني الذي كان صديقي و أرسل لي الاصدقاء جميع أثاث بيتي و ألبستي الآخوندية، و الاثواب النسائية المتعلقة بزوجتي «زيور» حتي «جادرها و جاقجوها» [21] ، و المراوح الحصيرية المصنوعة و المنسوجة من [ صفحه 60] خوص النخل و المسواك، و التربة، و السبحة، و كل ما كان لي «هناك» . في ليلة من ليالي الشتاء صرف متلبسا باللباس الآخوندي و ذهبت الي عمي الذي كان نديم الامبراطور فتعجب بلا نهاية وضحك كثيرا، و أنا مع كمال الوقار، ما تفوهت بشي‌ء، كبعض علماء طهران كنت أحقره. أجل جاء هو و زوجته بكرة الي منزلي فلما لاحظوا الألبسة النسائية من الترمة الكشميرية، و المذهبات الاصفهانية، و المخملات الكاشانية، و الجوادر اليزدية، و جاقجورات الصوف و الأطلس، و المنسوجات الحريرية «التي كانت كلها» لزوجتي «زيور» اقترحا علي أن ألبس احدي النساء الأثواب النسائية و ألبسن أنا أثوابي الآخوندية من قسمها الأعلي و في ليلة الأحد أحضر القصر الصيفي للأمبراطور. فأنا قبلت و وجدت امرأة علي قامة زوجتي «زيور» و هيكلها. فعلمتها أياما و ليالي آداب المرأة الايرانية، و تلبسها اللباس و الجادر و الجاقجور و اسدال البرقع و طريق رفعه و ابراز العين و الحاجب من تحته، و التكلم بكلمات. [22] . [ صفحه 61] فليلة الأحد 7 م «ثروية» سنة 1838 م مع زوجتي المجهولة التي كنت ألبستها «الجادر و الجاقجور» و سرو الا ذهبيا و «الآرخالق المنقش» بنقش السمبوسة من الترمة الكشميرية، و البرقع، و الحذاء الأصفر حضرت القصر الصيفي للأمبراطور فأتيت بتقليد علماء ايران و ضربت زوجتي بالعصا، و هي كانت تصرخ كابن آوي فصارت تمثيلية غريبة و كان تأثير هذا التقليد و التمثيلية أكثر من جميع أعمالي، و المشقات التي تحملتها في السنوات الخمس بايران، و صرت مورد توجه الامبراطور بلا حد، و بعدئذ كنت أثشرف بالحضور أكثر من قبل، و الامبراطور بشخصه طالع أعمالي و خدماتي القيمة فصارت خدماتي في ايران مورد توجهه بكثير. و اقترحت في الجلسات التي تشرفت بعد ذلك في الحضور أن العتبات «المقدسة» تكون مركز سياسة ايران والهند فأذنوا لي أن أذهب هناك فأكمل درس الاجتهاد الذي عبارة عن الفقه و الأصول و الأخبار، و أعقب أيضا بقية عملياتي التي كنت عملتها و أتيت بها في ايران، و آخذ للدلة الامبراطورية نتيجة مطلوبة أكثر مما أخذتها في ايران، و الأوضاع السياسية التي تكون هناك اهم من ايران أستغلها و آخذها تحت نظري. و الخلاصة أني خرجت حسب الأمر في أواخر «سبتامبر» [ صفحه 62] مع راتب مكفي من روسيا الي العتبات «العاليات» و في لباس الروحانيين باسم الشيخ عيسي اللنكراني وردت كربلاء «المقدسة» . فاستأجرت منزلا مطابقا لميلي.. و حضرت درس حجة الاسلام السيد كاظم الرشتي و صادقت بعض الطلبة بحرارة، و دقيقا اشتغلت بالدراسة و كنت في الأغلب حاضرا محضر الدرس فصرت طرف توجه ذلك المدرس المحترم ولكنه مع الوصف لم يكن ناظرا الي كنفر منهم و كأن في قلبه كان خبرا من جنسيتي، و كأن نيتي كانت منقشة في قلبه فلم يكن لي مطمئنا كاملا، و اذا كان يجيبني عن المسائل المطروحة كان ينظر الي بحال الترديد و لعله كان يعلم أيضا أني أباحث واطالع كذبا، ولكني لم اكن مستحيا و خجلا فمع كمال الوقاحة كنت أطرح مسائل أخري. و كان بقرب منزلي منزل طالب علم يسمي السيد علي محمد و كان من أهل شيراز و اكثر تمولا من ساير الطلبة الذين كنا ندرس معهم، و كان ابوه [23] في شيراز [ صفحه 63] كاسبا و يرسل له راتبا حسنا. و كانت لحيته خفيفة ذهبية. و كان جميل العين و الحاجب، و كان أنفه ممدودا، و كان هو طويلا هزيلا، و محرور الدم بكثير، و كانت له علقة مفرطة بالقليان، و كان يحاببني بحرارة زائدة فكنت اتصور ان مراودته معي هكذا لعلها تكون باشارة السيد الرشتي لكي يفهم عني شيئا ولكن لم يطل ان فهمت أنه بواسطة ذكائي و ادراكي توجه الي بهذا التوجه. فأنا أيضا صادقته بحرارة و بكمال الصميمية، و علاوة كنت مع فوج من الطلاب الشيخيين مصاحبا و مؤانسا لأنهم كانوا قد أحدثوا في الشيعة اختلافا جديدا. و بالاصطلاح صرت متوجها الي الركن الرابع، و بقول السيد علي محمد: صرت عضو فوج «كاسه از آش لاغتر» [24] يعني ان هذا القوم غالوا في حق الأئمة - الاثني عشر - الي حد أن رفعوهم فوق مقامهم. كان السيد علي محمد مزاحا و كان يقول: ان أميرالمؤمنين يقول: أنا عبد من عبيد محمد (ص) ولكن القوم يقولون: ان عليا كان يتواضع في قوله هذا. [ صفحه 64] ولكني بواسطة المرحوم الحكيم احمد الكيلاني الذي كان أفضل من جميع العلماء و الحكماء كنت عارفا بحقيقة الاسلام كاملا ولم يكن لي أي احتياج بتوضيحات الآخرين. ولكن بحالة التعصب قلت: أنا أعطي الحق بجانب هؤلاء القوم و هم رفقائي. فرأيت غدا أن الذين لهم مذهب الشيخية كلهم صادقوني و رافقوني بحرارة و كانت محبتهم لي اكثر من قبل... و السيد علي محمد لم يترك صداقتي و كان يضيفني اكثر من قبل و كنا نشرب قليان المحبة معا. و كان عار المسلك و ذكيا بلا حد. و كان ابن‌الوقت و متلون الاعتقاد، و كان معتقدا بالطلسمات و الأدعية و الرياضات و الجفر و غير ذلك. فلما علم بمهارتي في علم الحساب و الجبر و المقابلة و الهندسة شرع لدي للنيل بمقصوده بتعلم الحساب «و لكنه» مع ذلك الذكاء تعلم أصول العملية الاربعة بآلاف مشقة [25] و بالتالي قال: أنا ليس لي دماغ الرياضة و الحساب. في ليالي الجمعة كان يمزج با «التباكو» شيئا مثل شمع العسل و يضعه في رأس القليان و يشربه و لا يعتني بي فقلت له: [ صفحه 65] لم لا تعطيني القليان لأشرب؟ قال: أنت ما صرت بعد قابلا للأسرار حتي تشرب من هذا القليان فأصررت عليه حتي أعطاني و شربت فأيبس فمي و جميع أمعائي و عارضني عطش شديد وضحكت كثيرا فأعطاني شربة ماء ليمون، و مقدارا كثيرا من لبن و الي قريب الصبح كنت ضاحكا. و سألته يوما عن هذا، فقال: بعقيدة العرفاء هذه أسرار، و بقول العامة حشيشة، و يؤخذ من ورق «الشاه دانة» . فعلمت أنه حشيشة، تفيد اكثار الأكل و الضحك فقط. ولكن السيد «الباب» كان يقول: بذلك تنكشف لي المطالب الرمزية و لا سيما لدي المطالعة فأصير دقيقا بلا حد، فقلت: لم لا تشربه عند تعلم الحساب؟ و كان الجدير ان تشربه لكي تفهم المطالب حثيثا؛ فقال: ليس لي حال تعلم الحساب. فانه بواسطة الحشيشة كان خاملا ولم يكن راغبا بالدراسة و المطالعة ولم تكن له علقة بالتعلم و التدرس. سأل طالب تبريزي يوما السيد كاظم الرشتي في مجلس تدريسه فقال: أيها السيد اين صاحب الأمر و اي مكان مشرف به الآن؟ فقال السيد: انا ما أدري و لعل هنا - مكان التدريس - يكون الآن مشرفا بحضوره ولكني لا اعرفه. فأنا مثل البرق طرأ بخاطري فكرة سأشرحها، و متعة لذلك [ صفحه 66] اقول ان السيد علي محمد في هذه الأواخر قد صار بواسطة شرب الحشيشة، و الرياضات «الباطلة» متكبرا و طالبا للجاه و الرئاسة. يوم سأل التبريزي السيد الرشتي و أجابه السيد بذلك الجواب كان هو أيضا حاضرا فبعد ذاك كنت احترم السيد علي محمد بلا نهاية، و كنت اجعل دائما بيني و بينه عند المشي حريما و اخاطبه (بحضرة السيد) . وليلة «من الليالي» التي كان شاربا فيها قليان الحشيشة أنا من دون أن أشرب الحشيشة جمعت نفسي في حضوره بحالة الخضوع و الخشوع فقلت: يا حضرة صاحب الأمر تفضل و ترحم علي، و غير مخفي علي انت هو و هو أنت أنت. و السيد «الباب» قد تبسم و لم يتفوه بشي‌ء نفيا و اثباتا، و كان اكثر توجها الي الرياضة، و أنا كنت مصمما ان أفتح دكانا قبال دكان الشيخية و أحدث في مذهب الشيعة اختلافا ثالثا. كنت أسأل السيد - الباب - أحيانا بعض المسائل السهلة و كان هو أيضا يجيب باجوبة لم يكن لها مفهوم و كانت مبتكرة من دماغه الحشيشي و كنت انا أيضا أبادر له بتعظيم و أقول: انت باب العلم يا صاحب الزمان و حسبك التستر و التواري و لا تخف نفسك عني. و يوما كان السيد - الباب - جاء من الحمام فأيضا أنا [ صفحه 67] فتحت الكلام «حول المقصود، فقال: يا جناب الشيخ عيسي د ع هذه الكلمات علي جانب «ان» صاحب الزمان يكون من صلب الامام الحسن العسكري و بطن النرجس خاتون و صاحب اليد البيضاء و صاحب المعجزة، و أنت تلعب و تسخر مني، و أنا بن السيد رضا الشيرازي، و امي رقية المدعوة «بخانم كوجك [26] » و تكون من أهالي كازرون. فقلت: سيدي و مولاي أنت تعلم ان البشر لا يعمر الف سنة أبدا، و هذه موهبة نوعية و أنت سيد و من صلب أميرالمؤمنين، و المحقق لدي و الثابت لدي أنك باب العلم و صاحب الزمان، و أنا لا أسحب يدي من ذيلك. ففارقني السيد منزعجا و منزجرا. ولكن ذهبت أنا مجددا الي منزله و طرحت بعض المطالب، و من الجملة سألته عن تفسير [27] «عم يستاءلون» بدون أن أحترمه فوق العادة، و السيد أيضا قبل هذه الخدمة فشرب قليا الحشيشة و طفق يكتب التفسير. و السيد اذا كان شارب الحشيشة كان يكتب بسرعة حيث [ صفحه 68] أنه كان يعد أحد مسرعي الكتاب (الرقم الأول) في مجلس تدريس السيد كاظم «الرشتي» ولكن أغلب مطالبه كنت أنا أصحلها و أعطيها اياه رجاء أن يتحرك و يعتقد أنه باب العلم. نعم كان السيد أحسن آلة لهذا العمل «و الغرض» شاء أم لم يشأ فمع أن السيد كان متلونا و خمول العنصر أنا حركته و سيرته و كانت الحشيشة والرياضة أيضا معاونتين لي. فعرض علي تفسيره لسورة «عم» و أخذته منه و شطبت و عدلت فيه بكثير و مع الوصف لم يكن له معني و مفهوم صحيح ولكني التمست منه «خديعة» أن يكون خطه المبارك لدي باقيا و سواده الذي كان من صنعي أعطيته اياه و انه بواسطة استعماله الدخان و الحشيشة لم يكن له قادرا علي مطالعته تارة أخري. ولم يزل مترددا، و خائفا من ادعاء صاحب الأمرية و كان يخشي أن يدعي أنه صاحب الأمر و امام الزمان، و كان يقول لي: ليس اسمي مهديا، فقلت له: أنا أسميك مهديا، و سافر أنت الي طهران فان الذين ادعوا ذلك لم يكونوا بأهم منك، و أهل المشرق لهم الجن فانك ان لم تأخذه يأخذه آخر. و أنا أعطيكم القول أن أعاونك و أوازرك بحيث أن يؤمن بك جميع ايران، أنت بعد نفسك عن حاله التردد [ صفحه 69] و الخوف فقط، و لا تكن متلونا فان الناس يقبلون منك كلما تقول من رطب و يابس، و يتحملون عنك «كل شي‌ء» حتي ولو قلت باباحة الاخت و حليتها للأخ، فكان السيد يصغي و يستمع كاملا، و بلا نهاية صار طالبا و مشوقا أن يدعي ادعاء ولكن لم تكن له جرأة ذلك. ولكي اشجعه علي ذلك ذهبت الي بغداد و وجدت زجاجات من خمر شيراز من قسمها الجيدة فأشربته منها ليالي فصرنا رويدا رويدا صاحبي السر و أعلمته الحقائق و قلت له: عزيزي ان جميع هذه المقالات الكائنة علي وجه الأرض تكون للوصول الي الثروة و التجمل، و نحن مركبون من عناصر معينة و هذه الاظهارات [28] توجد من بخار و تركيب تلك العناصر المعدودة أنت و الحمد لله تكون من أهل الحال و تلاحظ أنك لو أضفت علي هذا العنصر قليلا من الحشيشة تأتي في نظرك أمورات دقيقة و أشياء موهومة، و اذا شربت قليلا من ماء العنب تصير نشيطا و تطلب الانشوده الدشتية انشادا و تغنيا. و اذا اضفت علي الحشيشة مقدارا زائدا تصير فكورا و معتقدا بالأوهام. فقال في الجواب: ليس كذلك يا شيخ عيسي، لو كانت هذه الآثار حادثة من تركيب و عناصر بدن الانسان ولو انا ادعينا [ صفحه 70] ان هذه الآثار آثار مادية للزم أن تكون محدودة كالمادة و الحال أن آمال البشر و اعماله ليس لها حد و حصر؛ ثم من أوجد هذه الشموس الغير متناهية و هذه الانتظامات التي تكون لعالم الشموس و الكراة... و... كذا أوجد التي تكون في سنين طوال و التحرك و جميع العلماء عاجزون عن احصاء ذلك، و ذلك القادر المتعال الذي أوجدنا مدركين انا و أنت، و يكون أشد ادراكا، و أقدر من الكل كيف لا يقدر علي أن يعطي لمن اصطفاه و اختاره عمر الف سنة؟ نعم هو قادر البتة أن يهب لحضرة الخضر، و صاحب الزمان العمر سنينا طوالا. فقلت: يا حضرة الباب صارت الحقيقة معلومة لي، و من هذه البيانات زيد في يقيني، و علمت انك صاحب الزمان، و ان لم تكن هو «الآن» فتصير هو «في المستقبل» . فقال: لا والله، أنا قلت لك مرارا اني ابن‌سيد بزاز شيرازي، و أتذكر جميع ما مضي علي من طفولتي الي الآن، ثم أنا لست الا مسكينا و ذا علاقة بالرياضة فدع هذه الكلمات و لا تسخر مني. فكان منه الانكار و مني الاصرار. فبأية وسيلة كانت وجدت عرقه المتطلب للجاه و الرئاسة فحركته رويدا رويدا الي ان سهلت عليه دعوي هذا الأمر. [ صفحه 71] كنت أنا أفكر دائما ان هذه العدة القليلة من الشيعة كيف غلبت جميع طوائف السنة و علي دولة امبراطورية كالدولة العثمانية؟ وكيف هذه الجماعة حاربوا روسيا مع عدد قليل من المعارك و أفنوا جيشا كثيفا؟ و هكذا علمت أن ذلك كله كان بسبب اتحادهم المذهبي و بواسطة العقيدة و الايمان بدين الاسلام، و انه لا يكون لهم أي اختلاف مذهبي. ولو أن بعد الصفوية صار النادر شاه «الافشار» بصدد اتحادهم ولكن مشاغبة بعض الجهال، و السياسات الخارجية «لم تدعا ذلك» و صارتا سبب تشعبهم باسم الصوفي و الشيخي و البهرة [29] . [ صفحه 72] و الشيعة أيضا صارت كالسنة شعبا مختلفة فأنا أيضا صرت بصدد احداث دين جديد آخر لا يكون له وطن لأن فتوحات ايران كانت بواسطة حب الوطن و الاتحاد المذهبي. ان عوام الناس لا يفرقون بين الحق و الباطل فان فلانا مرشد الراكب علي الحمار قد جمع حوله آلافا من العوام. و في ايران يترأس مرشد خاكساري [30] ليس له علم و لا معرفة و حتي أنه لم يقرأ «جزء عم» و مع ذلك فقد ألجم آلافا من القلندرية [31] و حرضهم علي التصعلك و السؤال بالكف في القري و الأرياف و هم من الصباح الي العشاء يسألون الناس الحافا و يعطلون النتائج نفسها.. أو فلان ملا الجاهل الذي يخدع الناس و يقرأ حينا النوحة وحينا الروضة و المصيبة حينا آخر يأخذ النقد من أناس بائسين و يدعوهم الي الاعتقاد به؛ أو فلان سيد المغول الذي يضرب الناس ومع النخوة و التجبر يطلب خمس أموالهم و يقول: واحد من أصابعك الخمسة يكون لي، و ذلك الآخوند الروضة خون [32] يقول علي المنبر: ان بكيت علي سيدالشهداء عليه‌السلام «ولو» بكاء كذبا فالله يغفر لك ذنوبك.. و الآخوند يحلل ما شاء و يحرم ما شاء، [ صفحه 73] و خلافا لدين الاسلام يغفر المعصية الكييرة أيضا فانه يريد أن لا يتأخر «في ذلك» عن قساوسة المسيحية [33] ؛ فعلي ذلك أنا بالطريق الأولي أستطيع أن أخترع بنفع دولتي المتبوعة مذهبا جديدا. و انه لو لم يروج في «سوق» المذاهب فعلي الأقل نستطيع أن نضيف جمعية أخري علي الخاكسارية و الدراويش و ساير الشعب. فلذا صممت علي أن هذا السيد أشغله بهذا العمل، شاء هو أم لم يشأ و أجعله مبشر باب العلم أو صاحب الزمان. و أحدث دينا يكون تحت اختياري و نفوذي. في السنين التي كنت في العتبات «المقدسة» لم أطق في الصيف أن أقيم في النجف «الأشرف» أو في كربلاء «المقدسة» فكنت أذهب الي الشامات و اقيم هناك شهورا «و ضمنا» قد تجولت أغلب نقاط الأراضي العثمانية و فكرت لها أيضا فكرا جيدا: فان الأكراد كلهم ايرانيون و لازم أن تنفصم هناك أيضا عري اتحاد المسلمين بايجاد اختلافات عنصرية ولكن نفوذ رقيبنا «الانكليز» في تلك البقاع يكون اكثر من نفوذنا بألف مرة و بالعلاوة كان نفع رقيبنا في المحافظة علي [ صفحه 74] الخلافة «الاسلامية» و عدم تخريب الدولة العثمانية، و اضافة «علي ذلك» كنا نحن حديثي عهد بهذا النوع من السياسة [34] و حديثي الورود في هذا الميدان فكانت هذه الاعمال لنا صعبة مشكلة، فكان من اللازم علينا أن نكون كاملا متوجهين علي أن ينسجم الأساس الذي بنيناه. «و مهما كان» فاني جئت بهذه الحقيقة مع السيد - علي محمد - في البين و قلت له: مني النقد و المال و منك ادعاء المبشرية و البابية، و انك صاحب الزمان. أجل مع أنه كان في البداية مستكرها ولم يقبل ما اقترحت عليه فاني قد قرأت في أذنه حتي أطمعته و أقنعته فقبل كاملا «الأمر» و قلت له: انك لا تعلم أن وراء هذا القول جيش منظم. فأرضيته «بذلك» شاء أم لم يشأ فذهب الي البصرة و منها الي «بوشهر» [35] و في شهر «ج» سنة 1844 م اشتغل كما كتب لي هو في «بوشهر» بالرياضة و دعاني الي الايمان به فاستجبت دعوته، و كان مدعاه أنه نائب امام العصر و باب العلم، و أنا كتبت في جوابه: انك امام العصر نفسه الذي [ صفحه 75] أول من آمن به هو الشيخ عيسي اللنكراني الذي كان رفيق حجرته في كربلاء «المقدسة» ، و الحمام، و قليان المحبة، و ماء العنب - الخمر الشيرازية -. بعد أن ذهب الي ايران أنا بالفور نشرت و شهرت في العتبات «المقدسة» أن حضرة امام العصر قد ظهر و السيد الشيرازي كان امام العصر و كان يحضر محضر تدريس السيد الرشتي و الناس لم يعوفوه. فبعض الناس «الحمقاء» كانوا يذعنون و يصدقون، وبعضهم الذين كانوا يعرفون السيد - الباب - حتي المعرفة و يعلمون بشربه الحشيشة و ماء العنب - الخمرة - كانوا يضحكون بذقني، و عدد من الطلبة الذين كانوا يدعون أنهم من أهل الشام ولكن رويدا رويدا علمت أنهم من ملة رقيبنا - الانكليز - كانوا دائما «مراقبي» و متوجهين الي أعمالي فعلموا أن هذه الدسيسة تكون من افتعالي، و ظنوا أنني من أركان الامبراطورية «الروسية» فصاروا بصدد تحصيل رسائلي و مكتوباتي. و كنت أكتب الي روسيا في الشهر مدة و أضعها في «الباكيت» و أكتب عليه: ليوصل الي يد الرباني جناب الآغا الشريعتمداري الشيخ عيسي اللنكراني. و كانت رسائلي [ صفحه 76] بالروسية، و كنت أرسلها بتوسط أحد تجار الارامنة في بغداد الي المقصد. ولكنهم قد قبضوا علي اخبارية مفصلة كانت يتوسط الآغا محمد الآذربيجاني. ولما قبضوا علي رسالتي رأيت ألا ميحص لي الا أن أفر مثل السيد علي محمد ليلا الي ايران و من هناك أذهب عن طريق تبريز الي روسيا. ان أقربائي و رفقائي و أصدقائي قد سعوا حتي عزلوا «كراف سيمنويج» من السفارة «الروسية» في ايران و أرسلوا مكانه «كراف مدرن» . و قد ذهبت للوزارة الخارجية وعرضت خدماتي في العراق تفصيلا وقلت: الآن أرسلوني مأمورا بايران. و لما كانت خدماتي بالامبراطورية متجلية، و كنت بنظر الامبراطور رجلا خدوما فاني و ان لم أكن مدعيا مقام السفارة، بل كنت كالبدأ قانعا بالنيابة «و السكرتارية الثانية» أو بأن أكون مترجم السفارة و كنت أحب هذا الشغل كافيا، ولكن حب أمر الامبراطور أحضروا «كراف مدرن» الي روسيا و نصبوني مقامه و أرسلوني مكانه ففي أواخر شهر «مه» سنة 1844 م وردت طهران. و في هذا العام كان في هذه المدينة و في أغلب نقاط ايران مرض الوباء؛ وألله وردي بيك الكرجي الذي كان أحد أصحاب السر و كان أمين خاتم محمد [ صفحه 77] شاه فقد أصابه الوباء و توفي، و كذلك الحاج ميرزا موسي خان الذي كان ابن أخي «الميرزا أبي‌القاسم» قائم مقام و كان متولي مشهد «الامام» الرضا «عليه‌السلام» و عدد كثير من أصدقائي و رفقائي القدامي، كلهم كانوا ميتين بالوباء. فاني بعد أيام من ورودي بايران قد اشتغلت بمقدمات العمل و بحسب طلب الشاه تشرفت بالحضور المبارك في لواسان و أقمت هناك أياما. و بعد ما ظهر التخفيف في الوباء رجعت في أوائل «اكتبر» الي طهران، فطفق كل من الميرزا حسينعلي - البهاء - و أخوه الميرزا يحيي - صبح أزل -، و الميرزا رضا قلي، و نفر من رفقتهم أن يأتوني مجددا ولكن مجيئهم كان من باب غير معتاد للسفارة الذي كان قرب سكة مغسل الأموات. و كان كربلائي غلام ابن‌أخت المرحوم الشيخ محمد الذي كان أبي التعميدي في الاسلام قد باع جميع أمواله و متعلقاته.. فطلبت من روسيا بناء، و بنيت عمارة جديدة، و أعطيت السفارة رونقا جيدا. و فكرت مرات أن أوأسس في المحرم محفلا مفصلا باسم العزاء ولكن استوحشت من البلاط الروسي، و من وزارة الامور الخارجية، و مع ذلك فقد أقمت بيد الميرزا حسينعلي - البهاء - في تكية «نوروزخان في عشرة أيام [ صفحه 78] مجلس العزاء مفصلا. و أما أخبار السيد علي محمد - الباب - فانه كان ببوشهر مشتغلا بالرياضة مدة أشهر ولم يكن مجترأ علي اظهار شي‌ء، و كان جميع الأوقات مشغولا بالعبادة، و بعد شهرين [36] تحرك الي شيراز و في الطريق ادعي رويدا رويدا المبشرية لنفسه و تظاهر بادعاء نيابته الامام العصر «عجه» الي ان ورد شيراز و هناك شيئا فشيئا همهم بمقصوده و جمع بعض عوام الناس حول نفسه. فكان يبلغ ذلك سمع العلماء و هم يستفسرون منه فينكر هو ذلك، ولكن ارسل العلماء نفرا من الأشخاص المطلعين - العالمين - ليتظاهروا له بالاخلاص فكان ينخدع بهم و يأتي المطالب في البين و يظهر ما كان يخفيه فهؤلاء يخبرون العلماء بمكنوناته سرا فيرتفع الضجيج و العجيج «و يقوم المسلمون بضده» و اول من قام بضده أقرباؤه فأخرجوه من المنزل فقبض عليه حسين خان المختار و حاكمه بحضور العلماء و هو يقول في الجواب بالهجر و الهذيان فحكم أهل المجلس و أقرباؤه بسفاهته و جنونه، و مع ذلك ضرب جناب المختار السيد المسكين ضربات و حبسه أشهرا، ثم أخرجه من شيراز فالمسكين ورد الاصفهان عاق الوالدين و صفر اليد، و لا جرم [ صفحه 79] انه لعنني في قلبه الف مرة و كان نادما منكسرا. كان يرجو و يأمل ان يكون امام الجماعة في شيراز و ما كان له متيسرا «و مع الوصف» انا شئت ان أجعله امام الزمان و باب العلم، أو علي الاقل نائب خاص امام العصر. فلما اطلعت علي وروده باصفهان كتبت رسالة ودية الي معتمد الدولة متصرف لواء اصفهان و وصيت لديه للسيد بأنه من أصدقائي و صاحب الكرامات، و لازم ان يحافظ عليه في مدة اقامته هناك محافظة جيدة، ولكن من سوء حظ السيد ان معتمد الدولة مات، و السيد المسكين قد قبض عليه و أرسل الي طهران. فأنا بواسطة الميرزا حسينعلي و أخيه الميرزا يحيي و نفر آخرين أقمت بالضجيج و العجيج ان صاحب الأمر قد قبض عليه. فلذا أرسلته الحكومة الي «رباط كريم» و من هنا الي قزوين، فمستقيما الي تبريز و من هناك الي «ماكو» . ولكن أصدقائي قد سعوا. بما كان بوسعهم و استطاعتهم، و أثاروا السذج و البسطاء «و الهمج» بحيث قد أذعن بعض من كانوا سريعي الاذعان من علماء مازندران و بعض أهل كاشان، و تبريز، و فارس، و نقاط أخري «في ايران» فثاروا و اعترضوا «علي ذلك» . [ صفحه 80] و اني ما استطعت أن أفعل أكثر مما فعلت، و كنت أنا وزير مفوض روسيا فوزير مفوض الانكليز كان كاملا مراقب أعمالي فما كان مقتضيا أن افعل «في ذلك الطريق» بأكثر مما فعلت، و علاوة لو كانوا يبقون السيد في طهران و سألوه سؤالات كنت متيقنا أنه كان يعترف علنا بكل المطالب و الوقائع فيفضحن «علي رؤوس الاشهاد» ففكرت في اتلاف السيد خارج طهران بأن يتلف، ثم أقيم بالضجيج و العجيج، و أثير الغوغاء و البوغاء. فتشرفت خدمة الشاه.. و قلت: السيد الذي في تبريز و يدعي أنه صاحب الزمان أهو يصدق؟ فقال: اني كتبت الي ولي العهد أن يحقق عنه بمحضر العلماء.. فكنت أنا مترصدا «نتيجة التحقيق» اذ جاء الخبر أن ولي العهد أحضر السيد بمحضر العلماء و سألوه عن مسائل فعجز عن جواب العلماء ففي المجلس تاب و استغفر [37] فرأيت أن مساعي و تعبي في السنين العديدة تذهب ادراج الرياح «فصرت بصدد اهلاك السيد و اتلافه» و قلت للشاه: ان الأشخاص المأجورين و الكذابين لازم أن ينالوا جزاءهم.. ولكن الشاه ودع في الاثناء عالم [ صفحه 81] الحياة ونوفي.. فأمر بعده ناصر الدين ميرزا [38] بصلب السيد و شنقه. و اللطيفة أن السيد لما رموه بالبنادق و هو كان مصلوبا أصابت البنادق الحبل الذي كان بعنقه فانقطع و وقع السيد علي الأرض فانتهز الفرصة و هرب الي مرحاض هناك واختفي و كان من الخوف يتوب و ينيب، و لا جرم كان حينئذ يلعن الشيخ عيسي اللنكراني اذ ألقي هذا الفكر في دماغه «و مهما كان» فما كانوا يصغون الي استغاثته فجاؤا به وصلبوه مجددا و رموه بالرصاص حتي الموت. فوصلني خبر قتله بطهران فقلت لميرزا حسينعلي - البهاء - و نفر آخرين الذين لم يروا السيد أن يثيروا الغوغاء بالضجيج و العجيج.. و قد تعصب نفر آخرون للدين و أطلقوا الرصاص الي ناصرالدين شاه، فلذلك قبضوا علي كثير من الناس، و كذلك قبضوا علي الميرزا حسين علي - البهاء - و بعض آخر من الذين كانوا لي أصحاب السر، فأنا حاميت عنهم و بألف مشقة أثبت أنهم ليسوا بمجرمين و شهد عمال السفارة و موظفوها، حتي أنا بنفسي أن هؤلاء ليسوا بابيين فنجيناهم من الموت و سيرناهم الي بغداد، وقلت لميرزا حسينعلي - البهاء-: [ صفحه 82] اجعل أنت «أخاك» الميرزا يحيي وراء الستر و أدعوه: (من يظهره الله) فلا تدعه أن يكالم أحدا، و كن أنت بنفسك متوليه. وأعطيتهم مبلغا كبيرا رجاء أن أعمل بذلك عملا، ولكن الميرزا حسينعلي كان كبير السن، ولم يكن له أيضا علم و اطلاع، فلذلك جعلت بمصاحبته أشخاصا من ذوي العلم و الاطلاع، ولكن هؤلاء أيضا لم يستطيعوا أن يأتوا بالعمل «المقصود» و أنا أيضا بشخصيتي «المرموقة» لم يكن باستطاعتي أن أعود في طريق هذا الأمر، فما العلاج؟ و العمل الذي أجريته بتلك المشقات لا يمكن أن أتركه و أسحب يدي عنه، ثم اني أصرفت في سبيل هذا الأمر مبلغا كثيرا (ولكن لا دفعة واحدة بل بعنوان الرواتب الشهرية تدريجيا اذ خفت أن لو دفعت المبلغ لميرزا حسينعلي - البهاء - دفعة فيأخذ المبلغ و يهرب) . فألحقت به في بغداد زوجته و أولاده و أقرباءه و كل من كان لائذا به كي لا يكون له هوي من خلفه. فشكلوا في بغداد تشكيلات، و جعلوا له كاتب الوحي و انا أيضا ارسلت لهم كتابا، و كتبا كانت باقية للسيد بعدما أنا اصلحتها جرحا و تعديلا، و امرتهم ان يستنسخوا منها نسخا كثيرة. و كانوا يهيئون في كل شهر بعض الالواح ويرسلونها [ صفحه 83] للذين كانوا منخدعين بالسيد - الباب - ولم يروه، و كان قسم من اعمال السفاره «الروسية في طهران» منحصرا في تهيئة الألواح و تنظيم أعمال البابية. و الناس الفاهمون كانوا يضحكون بتلك الكلمات «السخيفة الخزعبلية الهذيانية» فلا جرم قد جمعنا جمعا من أناس جاهلين «و همج رعاع أتباع كل ناعق» ولم تكن لنا الجرأة باظهار الامر للمطلعين «و أهل الحجي والنهي» اذ بفرض استقبالهم هذا الامر كان يتكلف رشا كثيرة ولم يكن ذلك بامكاني، و «علاوة» كان من الممكن أن يأخذوا المبالغ و لا يساعدوننا و بوجود سفارة الانكليز التي كانت تراقبنا كان الامرلنا مشكلا فعلي ذلك «كان المقتضي» ان نجلب أنظار العوام «فقط» و نقنعهم بشي‌ء قليل. و من كان متواريا ولم تكن له وجهة في أهله و وطنه فاني كنت أرسله بمبلغ ضئيل باسم زيارة كربلاء «المقدسة» الي الميرزا حسينعلي - البهاء - «في بغداد» حتي اجتمع حوله جمع من الصعاليك. و كنت ارسل له ولمن كانوا من اهله في كل شهر بين الفين و ثلاثة آلاف تومان «نقد رايج ايران» و في هذا البين نفتهم الدولة العثمانية «من بغداد» الي «اسلام بول» و من هناك الي «ادرنة» . و الدولة الروسية كانت تقويهم [ صفحه 84] و بنت لهم مأوي و مسكنا. و قسمة عمدة لوايحهم كانت تتهيأ بوسيلة وزارتنا الخارجية و كنا نرسل تلك اللوائح في حلة قشيبة الي البلاد.. و كل من كان من شباب العوام أبوه متوفيا كنا نقول له: ان أباك كان بابيا فلم لا تتبع أنت أباك؟ فهذا القبيل من المكائد و الحيل و الدسائس كنا نورد «السذج» في مسك البابية. و كل من لم يقبل ولم يصدق «هذا المسلك» كانت الجمعية الباببة من الذين كانوا مجتمعين حول الميرزا حسينعلي - البهاء- يتهمونه باللادينية و التذبذب أو كانوا حد الامكان يعدونه منهم و من حزبهم «كي يجتنب منه المسلمون، فيصير مستأصلا و مجبورا بالدخول في جمعيتهم «و الالتحاق بحزبهم» . و قد تنازع الميرزا حسينعلي و أخوه الميرزا يحيي علي الرئاسة فلم يتحمل الميرزا يحيي أنفة أخيه. و علمت «بعد» أن تحريكات رقبائنا صارت بسبب اختلافهما، ففارق الميرزا يحيي أخاه و ذهب الي جزيرة «قبرص» و تزوج هناك و تأهل و دعا نفسه «صبح أزل» و رقيبنا الذي لم يكن مطلعا علي عدم لياقته قد أرسل له مبلغا جزافا و قد صرفه في لهوه و لعبه. و الميرزا حسينعلي و تابعوه أيضا أبعدوا ونفوا بتحريك [ صفحه 85] دولة ايران الي «عكا» . و نحن صرنا بصدد أن ندع عباس ميرزا [39] «غصن الله الاكبر» ليدرس و كان هو أذكي من أبيه و كان يدرس جيدا و كان ساعيا في الدراسة بلا نهاية و كثيرا كان يطالع. و رقباؤنا كانوا ساعين أن يفشوا الألواح المتضادة، المتناقضة التي كانت صادرة بيد كتابنا. و بتشهير رقبائنا اسم الميرزا يحيي «صبح أزل» في البابية أنه وصي الباب لا جرم صرنا مجبورين أن نبدل البابية بالبهائية. و الميرزا يحيي كان شيئا فشيئا يعترف بالعقائد «السرية» و محامو رقيبنا أيضا كانوا ينشرون مقالاته «و معترفاته» فنتائج مشقاتنا التي وصلت بصرف نقود كثيرة الي هذا الحد و بلغت هذه الدرجة كانت ان تدرج «بمقالات الميرزا يحيي و معترفاته ادراج الرياح. و لما وقع النزاع و التخاصم و التفارق بين الميرزا يحيي و الميرزا حسينعلي «غير الميرزا حسينعلي الاسلوب» فصار هو (من يظهره الله) و الميرزا يحيي فقد عزله التابعون - البابيون - ولكن ما أقول من جهالة من (يظهره الله) ؟! فان الألواح التي كنا نهيئها لم يستطع هو حتي أن يقرأها جيدا «ومع [ صفحه 86] الوصف» اظهارا للفضيلة يدخل عددا من حمصاته في قدرنا [40] فألواحنا التي لم يكن لها معني صحيح كانت تصير بتدخله فيها أتفه «و أهمل» و مع ذلك فالعوام كانوا يفهمون ما كتبه هو، و ما هو الحق و ما هو الباطل. و كل من كان في طهران يصير بهائيا كنا نعاونه و نساعده، و كان أحسن مبلغينا «الاخانيد» [41] و عمدة معاونتنا و مساعدتنا كانت من هؤلاء اذ كل من كان بينه و بينهم خلاف كانوا يرمونه بالبابية أو البهائية «فكنا نغتنم الفرصة» و نجلب أولئك - المتهمين المنبوذين - و نساعدهم، ولم يكن لأولئك البتة مأوي و ملجأ سوانا. و اضافة علي ذلك فان كل من كان مطلوبنا و كنا نبتغيه كنا نوقع بالوسائل السرية بينه و بين الاخانيد عداوة لكي يرمونه بالبابية والكفر فنرسل اليه فورا من يدعوه الينا فندخله في جمعيتنا، و كان هذا الأمر سهلا في الغاية. و أغلب الناس كانوا يدخلون في حزب البهائية خوفا من جور الاخانيد و انهم ان تابوا و قالوا: لم نكن من البهائيين «حقيقة» و انما [ صفحه 87] دخلنا فيهم كذبا ورياء فان الاخانيد، و خبيران الرجل «التائب» لم يقبلوا منه و يكذبونه. و كنا قادرين علي ان نتهم بذلك في نظر الدولة، و العوام كل مجتهد و عالم [42] و الي هنا ختم عملي و أخبرت الوزارة المتبوعة باخباراتي و أوقعت في دين الاسلام اختلافات حديثة و لننظر بعد ذلك بما يعاملون هم أنفسهم بهذا الدكان الجديد. تنبيه
يقول المعرب: هذه كانت اعترافات جاسوس من جواسيس اعادي الاسلام و المسلمين الذين تزيوا بزي أجل أفراد المسلمين و أنبلهم ليعبثوا فيهم و في بلادهم فسادا، و يفسدوا السذج و البسطاء و الضعفاء، و يحيدوا بهم عن طريق الحق و مسلك الصدق و سبيل العدل و الصراط السوي... فبلغوا المني و أصابوا الهدف و الغرض ونالوا المقصود و المطلوب، و أوقعوا الخلاف و الاختلاف في المسلمين عامة و في تابعي مذهب اهل البيت خاصة. [ صفحه 88] فاستعمروا بذلك بلاد المسلمين و استثمروها، و ركبوا اكتاف المسلمين و استعبدوهم، و فرقوهم فسادوهم وسلطوا عليهم فاستحقروهم و استولوا عليهم فاستخدموهم... نعم، هذا جزاء الآبق من مولاه و الهارب من سيده، و هذا جزاء الخارج علي ولي نعمائه و منجيه من المهالك، و هذا جزاء من خالف الحق و تبع الباطل، و هذا جزاء من ترك سبيل الرحمن و سلك مسلك الشيطان، و هذا جزاء من حاد عن سبيل الله وعدل عن نظام القرآن.. (و الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات) من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم، ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا علي الآخرة و أن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله علي قلوبهم و سمعهم و أبصارهم و أولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون [43] . أجل، كان المجد والشرف و السيادة و العظمة و الجلالة.. للمسلمين يوم كانوا مؤمنين بالله و برسوله و بكل ما جاء به الرسول ص من اصول الاسلام و فروعه من الأخلاقيات، [ صفحه 89] و العباديات و الاجتماعيات، و الاقتصاديات وو.. و كانوا معتقدين أن حلال محمد ص حلال الي يوم القيامة و حرامه حرام الي يوم القيامة، و أن الناس مجزيون «يوم الحساب» بأعمالهم ان خيرا فخير و ان شرا فشر. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره. قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظرا كيف كان عاقبة المكذبين. هذا بيان للناس و هدي و موعظة للمتقين. ولا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين [44] . [ صفحه 91] الخاتمة
هذا هو سند توبة السيد علي محمد الباب الذي كتبه لناصرالدين شاه القاجاري عندما كان ولي العهد في تبريز، و ختمه بخاتمه و السند موجود و محفوظ في صندوق سندات المجلس النيابي في طهران. فكتب بخط يده ما هذا تعريبه: فداك روحي، الحمد لله كما هو اهله و مستحقه الذي أشمل ظهورات فضله و رحمته في كل حال علي كافة عباده، و الحمد لله ثم الحمد لله ان جعل مثل ذلك الحضرة [45] ينبوع رأفته و رحمته الذي بظهور عطوفته عفي عن البعيد و ستر (كذا) علي المجرمين و ترحم علي الباغين، اشهد الله ان العبد الضعيف ليس «له» قصد يخالف رضا اله العالمين، و أهل ولايته، ولو ان وجودي بالذات يكون ذنبا صرفا، ولكن قلبي موفق بتوحيد الله جل ذكره، و بنبوة رسوله، و ولاية أهل ولايته، و لساني [ صفحه 92] مقر علي كل ما نزل من عند الله، او أمل رحمته، و مطلقا لم أبتغ خلاف رضا الحق، و ان جرت من قلمي كلمات خلاف رضاه لم تكن بفرض العصيان، و مهما كان «فاني» مستغفر و تائب الي حضرته، و هذا العبد ليس «له» مطلقا علم يكون منوطا بدعوي، أستغفر الله ربي و أتوب اليه من ان ينسب الي الأمر، و بعض المناجاة و الكلمات التي جرت من اللسان لا تكون دليلا علي اي أمر، و ادعاء نيابة حضرة حجة الله عليه‌السلام نيابة خاصة ادعاء باطل محض، و هذا العبد لم يكن له هذا الادعاء، و لا ادعاء آخر. «ف» مستدع من الطاف الحضرة الشاهنشاهي [46] و «من» ذلك الحضرة ان تشرفوا و هذا الداعي بألطافكم و عنايتكم و بساط رأفتكم و رحمتكم، والسلام. و يقول المعرب: هذا كان آخر عمل نبي البابيين والبهائيين و الأزليين، و كان عاقبة أمره هذا. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام علي المرسلين و الحمدلله رب العالمين. كربلاء المقدسة الحاج السيد احمد الفالي

پاورقي

[1] الشاعر هو ابوعلي الحسيني بن عبدالله بن يوسف بن شبل البغدادي.
[2] الشاعر هو ابن‌عثمان سعد بن الحسن بن شداد الناجم.
[3] الشاعر هو ابوعبدالله احمد بن حمدون النديم.
[4] المائدة: 51.
[5] المائدة: 57.
[6] كان هو وزير الحربية لبريطانيا في الحرب العالمية الأولي، و القي خطابا بمحفل من زعماء الحلفاء الثلاث - بريطانيا و روسيا و فرنسا - و قد عربنا خطابه من ترجمته الفارسية و نشر في «أجوبه المسائل الدينية» في كربلاء المقدسة.
[7] نور قرية من قري مازندران و قد خرج منها رجال علماء و عظماء. - المعرب -.
[8] كشباب المسلمين في العصر الحاضر الذين يحسبون التسبه بالغرب الكافر أو شرق الملحد رقيا و تقدما و فخرا و شرفا.
[9] كما البابيين و البهائيين في العصر الذهبي الحاضر. [
[10] في الحديث: طلب العلم فريضة علي كل مسلم؛ و: اطلبوا العلم ولو بالصين.
[11] كان الميرزا ابوالقاسم قائم مقام الفراهاني رئيس وزراء عهد فتحعلي شاه القاجاري و حفيده محمد شاه و كان من اكبر رجال السياسة في ايران و كان عالما فاضلا و أديبا اريبا، قتله جلاوزة محمد شاه القاجاري غدرا و غيلة و يأتي اشارة «كنياز و الكورع» في غضون مذكراته الي ذلك.
[12] يعني عدو الروس.
[13] كيف تصاحب محمد ميرزا بن عباس ميرزا عرش ملك ايران مع أنه كان من احفاد فتحعلي شاه و كان له بعد وفاته أبناء عظماء و فضلاء كفاة، و كانوا أولاده بلا فصل فهذا بحث ليس هنا مجال لذكره.
[14] يعني أولاد الملوك و أحفادهم.
[15] يعني الانكليس.
[16] لعل الحكيم كان ناظرا الي قول النبي (ص) المتفق بين الفريقين و هو: أني تارك فيكم الثقلين.. الخ اذ نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم و تركوا العترة و عملوا برأيهم و اجتهادهم.
[17] هنا مقام الايراد و الاشكال ولكن لا مجال للبيان. و اجمالا كان السيد كاظم الدشتي من تلاميذ الأحسائي لا من معارضيه... معرب.
[18] هذا هو الذي كان ساعيا و مشاركا في قتل قائم مقام و كان خنقه بدسيسته و خطته. و كان هو من مراشد الدراويش....
[19] يعني أعطيه بيد (الخناق) في البلاط الشاهي.
[20] الذي كان ولي عهد فتحعلي شاه القاجاري و والد محمد شاه، ولكنه توفي قبل أبيه فتحعلي شاه، و في مرضه الذي توفي فيه دعا لديه الميرزا أباالقاسم قائم مقام الذي كان يومئذ رئيس الوزراء، و أخذ منه العهد و الميثاق أن يجعل السلطنة في نسله و ولاية العهد بعده لابنه محمد ميرزا... و هذا لأن عباس ميرزا كان يعرف السيد أباالقاسم قائم مقام و كفايته و شطارته، و يعلم أنه يستطيع أن ينصب محمد ميرزا بولاية العهد و يجعل السلطنة في نسله مع وجود أخوته الذين كانوا أولاد أبيه بلا فصل، و كان فيهم رجال فضلاء عظماء و كماة كفاة. و أيضا أخذ العهد و الميثاق من ابنه محمد ميرزا في حرم الامام الرضا عليه‌السلام و أحلفه أن لا يخون قائم مقام و لا يقتله و لا يسفك منه دما و لا يقصده بسوء و لا يقبل في حقه قول الوشاة و النمامين و المشاغبين.. فقائم مقام وفالعباس ميرزا، و محمد شاه بكل ما تعهد لهما به و أما محمد شاه فلم يف له بشي‌ء من العهود و المواثيق و لا عجب فكل اناء بالذي فيه ينضح.. المعرب.
[21] الجادر يعني العباية النسائية، و الجاقجور سروالة مخيطة بها الجورب من جنسها.
[22] هذا (الجاسوس) يتكلم هنا عن حقد دنين له علي الاسلام و علماء الاسلام.
[23] لا ريب ان السيد علي محمد - الباب - كان أبوه حينئذ ميتا اذ كما كتب من كتب تاريخ حياة السيد - الباب - من المؤرخين و غيرهم كتبوا أن أباه قد توفي و هو كان طفلا فرباه خاله الي ان كبر و ترعرع. فكان يوم ذاك بنفقة خاله لا أبيه، و لعله أبي أن يقول لمضله و شيطانه الانسي «كنياز» أنه بنفقة خاله خجلا أو أن مضله زعم أنه بنفقة ابيه اذ لم ير أن يكون أحد بنفقة غير أبيه و مع ذلك يكون حسن الحال وذا راتب جيد.
[24] مثل فارس و ترجمته: القصعة الاحر من الحريرة. و يضرب للتابعين الذين يكونون في طلب المقصود المتبوع أشد منه و أعجل.
[25] ينافي هذا و كونه ذكيا بلا حد. بل يشعر بكونه غبيا بلا حد و هو الحق.
[26] في كتب البابيين و البهائيين أنها كانت مسماة بخديجة ولكن الذي ذكره «كنياز..» لعله الأصح اذ نقله من الباب نفسه و هو ادري باسم امه.
[27] يعني سأله أن يكتب تفسير سورة النبأ فالسيد قبل ذلك.
[28] يعني الأديان و المذاهب و المعتقدات البشرية.
[29] ليست البهرة من شعبات الشيعة المستحدثة بعد النادر شاه فانها كانت في عهد الفاطميين في مصر رافريقيا.. و أما الصوفية فلا يعرفها الشيعة كمذهب من المذاهب الاسلامية، و ليس في المذاهب المنسوبة الي التشيع مذهب يعرف بالصوفي. نعم هناك قوم يسمون بالعرفاء و يدعون العرفان و ليس لهم مذهب خاص فانهم ان سلكوا مسلك العترة الطاهرة أصولا و فروعا فهم من الشيعة الامامية الاثني عشرية و الا فليسوا بشيعة لأن الشيعة هم الذين يقولون بامامه أميرالمؤمنين و خلافته بعد رسول الله بلا فصل و ذلك نصا من الله و رسوله. و بعده ابنه الحسن و بعده أخيه الحسين و بعده تسعة من ذريته الطاهرين واحدا بعد واحد و الثاني عشر منهم هو المهدي المنتظر الذي وعد الله أن يملأ به الارض قسطا و عدلا بعد ما ملأت علما و جورا. معرب.
[30] عنوان لفرقة من دراويش.
[31] يعني الدراويش.
[32] ذاكر المصائب و قاربها.
[33] هذا الجاسوس الحقود، كذب في كل مقاله، و الشاهدان الي اليوم الحاضر ليس ما ذكر، عين و لا اثر.
[34] يعني سياسة فرق تسد.
[35] بندر عظيم من بنادر فارس و عاصمة «دشتستان» ، معرب.
[36] هذا ينافي و قوله آنفا: فانه كان ببوشهر مدة أشهر....
[37] سيدرج انشاءالله تعريب سند توبته الذي هو بخطه و مختوم بخاتمه و هو موجود و محفوظ في صندوق المجالس النيابي في طهران معرب.
[38] يعني ناصرالدين شاه القاجاري.
[39] الذي صار معروفا بعباس افندي.
[40] مثل فارس و يقال: نخود داخل آش. و أما ما عربناه من ترجمة فهو هذا: بواسطة اظهار لحية جند كلمة أزنخو دخود داخل أ ش ما مي‌كرد.
[41] يعني الجهلة من أصحاب العمائم.
[42] هذا كلام جاسوس حاقد، و لا أصل له اطلاقا.
[43] النحل من آية 111 - 108.
[44] آل عمران: 133 - 131.
[45] يعني ناصرالدين شاه.
[46] يعني محمدشاه والد ناصرالدين شاه.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.