رياض المسائل(ط-القديمة)

اشارة

نام كتاب:رياض المسائل( ط- القديمة)

نام مؤلف:صاحب الرياض علي بن محمد

موضوع:الفقه الاستدلالي

زبان:عربي

تعداد جلد:1

[كتاب الحج]

اشارة

كتاب الحج و يتبعه العمرة أو يدخل فيه لما ورد أنها الحج الأصغر و أدخل فيه الزيادة حثا عليها و تنبيها على نقصه بدونها كما في الأثر

[و النظر في المقدمات و المقاصد]

اشارة

و النظر في الكتاب يقع تارة في المقدمات و أخرى في المقاصد

[المقدمة الأولى في الحج]

المقدمة الأولى في بيان حقيقته و حكمه اعلم أن الحج بالفتح في لغة و بالكسر في أخرى و قيل بالأول مصدر و بالثاني اسم يأتي في اللغة لمعان كما في القاموس أشهرها القصد أو المكرر منه خاصة حتى أن جماعة لم يذكروا غيرهما و في الشرع اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة عند الماتن و جماعة للتبادر و كذلك عند المتشرعة و عند الشيخ و جملة ممن تبعه القصد إلى مكة شرفها اللَّه تعالى لأدائها عنده متعلقة بزمان مخصوص

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 337

و ربما قيل مطلقا و قد أورد على كل من الفريقين إيرادات لا فائدة مهمة للتعرض لها بل ينبغي صرف الهمة بعون اللَّه إلى ما هو أهم منها و أولى فنقول و هو فرض على المستطيع للسبيل إليه من الرجال و الخناثى مطلقا و النساء بالكتاب و السنة و الإجماع و إنما يجب بأصل الشرع أي من غير جهة المكلف مرة واحدة في مدة العمر للأصل و النصوص المستفيضة من طرق العامة و الخاصة و لا خلاف فيه أجده إلا من الصدوق في العلل فأوجبه على المستطيع في كل عام كما في المستفيضة المتضمنة للصحيح و غيرها لكنها كقوله شاذة مخالفته لإجماع المسلمين كافة كما صرح به الشيخ في التهذيبين و الفاضلان في المعتبر و المنتهى فلتكن مطرحة أو محمولة على الاستحباب أو على أن المراد بكل عام يعني على البدل كما ذكرهما الشيخ و الفاضل في التذكرة و زاد جماعة فاحتملوا حملها على إرادة الوجوب كفاية بمعنى لزوم أن لا يخلو بيت اللَّه تعالى عن طائف أبدا كما يستفاد من

النصوص المستفيضة المتضمنة للصحيحة و غيرها و خير المحامل أوسطها لمنافاة ما عداه لما في بعض تلك الأخبار من التنصيص بأن اللَّه تعالى فرض الحج على أهل الجدة في كل عام و أن ذلك قول اللَّه عز و جل وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ الآية فإن مفاد الآية الوجوب عينا إجماعا و الثاني بالخصوص لما في بعض النصوص الشاهدة عليه من تعميم ذلك للغني و الفقير و ذكر مثل ذلك في زيارة النبي ص مع أن ظاهر تلك النصوص الاختصاص بأهل الجدة و لم أر قائلا بالوجوب مطلقا فيهما و يمكن جعله دليلا على إرادة الاستحباب فيما عداه و يجب وجوبا مضيقا بأخبارنا و إجماعنا كما صرح به جماعة منا مستفيضا كالناصريات و الخلاف و المنتهى و الروضة و غيرها و المراد بالفورية وجوب المبادرة إليه في أول عام الاستطاعة مع الإمكان و إلا ففيما يليه و هكذا و لو توقف على مقدمات من سفر و غيره وجب الفور بها على وجه يدركه كذلك و لو تعددت الرفقة في العام الواحد قيل وجب السير مع أولها فإن أخر عنها و أدركه مع التالية و إلا كان كمؤخره عمدا في استقراره و اختاره في الروضة و في إطلاقه نظر و لذا خصه الشهيد في الدروس بما إذا لم يثق بسفر الثانية و فيه أيضا إشكال و الأوفق بالأصل جواز التأخير بمجرد احتمال سفرها كما احتمله بعض قال لانتفاء الدليل على فورية السير بهذا المعنى انتهى و هو حسن إلا أن الأول ثم الثاني أحوط ثم إن هذا بالإضافة إلى أصل وجوب المبادرة إلى الخروج بحيث يكون بالترك إثما و أما بالإضافة إلى ثبوت الاستقرار الموجب

للقضاء فما ذكره في الروضة متعين جدا لعموم ما دل على وجوبه السليم عن المعارض أصلا و قد يجب بالنذر و شبهه من العهد و اليمين و الاستيجار للنيابة وجب على المنوب عنه أم لا و الإفساد و لو للمندوب بناه على وجوبه و لو بالشروع و يستحب لفاقد الشرائط للوجوب مطلقا كالفقير أي الذي لم يستطع و لو كان غنيا و المملوك مع إذن مولاه لعموم الترغيب فيه عموما و خصوصا كما ستقف عليه إن شاء اللَّه

[المقدمة الثانية في شرائط حجة الإسلام]

اشارة

المقدمة الثانية في بيان شرائط حجة الإسلام و وجوبها و هي ستة البلوغ و العقل و الحرية و الاستطاعة بلا خلاف في هذه الأربعة بل عليها إجماع علماء الإسلام كما في عبائر جماعة و النصوص بها مضافة إلى الكتاب العزيز في الأخير عموما و خصوصا مستفيضة و المراد بالاستطاعة عندنا الزاد و الراحلة إن لم يكن من أهل مكة و لا بها بالإجماع كما في الناصريات و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة و السرائر بل فيه إجماع المسلمين عدا مالك ثم فيه و لو لا إجماع المسلمين على إبطال قوله لكان إلى الآخر و هو الحجة مضافا إلى النصوص المستفيضة منها الموثق و الصحيح المروي عن توحيد الصدوق في تفسير الآية مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما يعني بذلك قال من كان صحيحا في بدنه مخلا سربه له زاد و راحلة فهو ممن يستطيع الحج و نحوهما المروي عن تفسير العياشي و عنه خبران آخران في أحدهما أنها الصحة في بدنه و القدرة في ماله و الثاني القوة في البدن و اليسار فالمال و منها إنما يعني بالاستطاعة الزاد و الراحلة ليس استطاعة البدن و منها

المروي في العلل أن السبيل الزاد و الراحلة مع الصحة و قصور السند أو ضعفه حيث كان مجبورا بعمل الأصحاب و ظاهر الكتاب بناء على عدم انصراف إطلاق الأمر إلا إلى المستطيع ببدنه فاعتبار الاستطاعة ليس بعده إلا لاعتبار شي ء آخر وراءه و ليس إلا الزاد و الراحلة بإجماع الأمة و حمله على التأكيد خلاف الظاهر بل الظاهر التأسيس و ما ورد في الصحاح و غيرها من الوجوب على من أطاق المشي من المسلمين فلشذوذها و ندرتها محمولة على من استقر عليه فأخره أو التقية عن رأي مالك القائل به كما مر إليه الإشارة أو الاستحباب كما ذكره شيخ الطائفة و لا يخلو عن مناقشة و الجمع بين هذه النصوص و السابقة بحملها على الغالب من توقف الاستطاعة على الزاد و الراحلة دون هذه فيحمل على المتمكن و لو من دونهما كما اتفق لبعض المتأخرين و إن كان في حد ذاته حسنا إلا أنه فرع التكافؤ المفقود بما عرفت من شذوذ الأخبار الأخيرة و مخالفتها الإجماعات المحكية حد الاستفاضة المعتضدة بالأصل و الشهرة العظيمة بين الخاصة و العامة و ظاهر الآية الكريمة على ما عرفته نعم يجب الاقتصار فيما خالف الأخبار الأخيرة على قدر ما اجتمع فيه المرجحات المزبورة و هو البعيد المحتاج في قطع المسافة إلى راحلة خاصة و أما غيره من القريب و المكي غير المحتاجين إليها فينبغي العمل فيهما بما تضمنته الأخبار الأخيرة و به أفتى أيضا جماعة و منهم الشيخ في المبسوط و الفاضل في المنتهى و التذكرة كما قيل و يمكن تنزيلها كإطلاق الأكثر عليه أيضا زيادة على ما عرفته جمعا و يستفاد من الأخبار المتقدمة اعتبار الشرط السادس و

هو التمكن من الميسر و يدخل فيه الصحة من المرض المانع من الركوب أو السفر و إمكان الركوب و تخلية السرب بفتح السين المهملة و إسكان الراء أي الطريق و سعة الوقت مع أن في المنتهى إجماعنا عليه بل عن المعتبر أن عليه إجماع العلماء و يدل عليه و على أكثر الشروط المتقدمة بل كلها عدم صدق الاستطاعة في العرف بدونها غالبا و نحو الصحيح من مات و لم يحج حجة الإسلام لم يمنع من ذلك حاجة تجحف به أو مريض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا و هل يعتبر الاستطاعة من البلد كما عن شيخنا الشهيد الثاني أو يكفي حصولها في أي موضع اتفق و لو قبل التلبس بالإحرام كما هو خيرة جماعة قولان ظاهر إطلاق الأدلة بل عمومها الثاني و نحوها الصحيح في الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان و طريقه بمكة فيدرك الناس و هم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد أ يجزيه ذلك عن حجة الإسلام قال نعم و حيث قد ثبت هذه الشروط ف اعلم أنه لا يجب على الصبي مطلقا و لا على المجنون و يصح الإحرام من الصبي المميز بإذن الولي بإجماعنا كما عن ظاهر الخلاف بل قيل بالإجماع و الصحاح و في ظاهر المنتهى و التذكرة كما في المدارك و الذخيرة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 338

أنه لا خلاف فيه بين العلماء مع أنه قد حكي عن أبي حنيفة أنه قد أبطله و في اشتراط إذن الولي وجهان أوجههما نعم كما عليه الأكثر كالفاضلين و الشهيدين و من تأخر عنهما تبعا للمحكي عن ظاهر المبسوط و الخلاف لا لما ذكروه من

تضمنه غرامة مال و لا يجوز له التصرف في ماله بدون إذن الولي فإنه لا يخلو عن نظر بل ورود المنع عليه ظاهر كما صرح به بعض من تأخر بل للاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن من مورد الفتوى و النص و هو الصبي المأذون و ذلك لأن الإحرام عبادة متلقاة عن الشرع يجب الاقتصار فيها على النص و ليس إلا من مر مضافا إلى أن الصحة هنا بمعنى ترتب الكفارات عليه أو على الولي و الهدي أو بدله و لم يجز له التصرف بشي ء من ذلك في المال إلا بإذن الولي أو لورود نص من الشرع بذلك جلي و ليس كما مر و لعل هذا مراد القوم مما مر من الدليل و إن قصرت عبارتهم عن التعبير و إلا فلورود النص الجلي بلزوم الكفارات عليه بإحرامه في ماله و لو من غير إذن الولي كيف يمكنهم المنع عنه بمثل ذلك الدليل و بالجملة فالظاهر أن مقصودهم وجوب الاقتصار فيما خالف الأصل على مورد الدليل و ليس فيه كما عرفت تعميم و كذا يصح الإحرام بالصبي غير المميز بأن يجعله الولي محرما و يأتي بالمناسك عنه قيل بلا خلاف للصحاح قالوا و كذا يصح الإحرام بالمجنون قيل لأنه ليس أخفض منه و هو قياس مع الفارق و لو حج بهما لم يجزأ بهما عن الفرض بل يجب عليهما مع الكمال و تحقق باقي الشروط الاستيناف بلا خلاف بل في ظاهر المنتهى و صريح غيره الإجماع للأصل و النصوص منها الموثق كالصحيح عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الإسلام إذا احتلم و كذلك الجارية إذا طمثت و نحوه الخبر و يستفاد منهما استحباب الحج

بالصبية لو حجها كالصبي و به قطع بعض الأصحاب فقال و لا ريب أن الصبية في معناه مع أنه اعترف بأن ما وقفت عليه في هذه المسألة و أشار بها إلى المسألة السابقة مختص بالصبي و لعله غفل عن هذه الروايات مع أنه قبيل ذلك رواها في هذه المسألة أو أراد اختصاص الروايات بالحج بالصبي لا حجه و ليس في هذه الروايات إشعار بأحد الأمرين بل ظاهرها الثاني و يصح الحج من العبد بل المملوك مطلقا مع إذن المولى و إن لم يجب عليه لما مضى لكن لا يجزيه عن الفرض يعني حجة الإسلام بعد انعتاقه و استكماله الشرائط بل يجب عليه إعادتها إلا أن يدرك أحد الموقفين معتقا فتجزيه عنها بلا خلاف في شي ء من ذلك بيننا أجده بل على جميعه الإجماع في عبائر جماعة كالخلاف و المنتهى و غيرهما بل على الصحة و عدم الإجزاء قبل إدراك الموقفين معتقا إجماع العلماء في المنتهى كل ذلك للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح المملوك إن حج و هو مملوك أجزأ إذا مات قيل فإن أعتق فعليه الحج و فيه مملوك أعتق يوم عرفة قال إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج و أما الموثق أو الصحيح أيما عبد حج به مواليه فقد قضى حجة الإسلام فمحمول على ما إذا أدرك الموقف أو على أن المراد إدراك ثواب حجة الإسلام ما دام مملوكا كما ربما يستأنس له بملاحظة الصحيح السابق و غيره و فيه الصبي إذا حج به فقد قضى حجة الإسلام حتى يكبر و العبد إذا حج به فقد قضى حجة الإسلام حتى يعتق و هل يشترط في الإجزاء حيث ثبت تقدم الاستطاعة

و بقائها قال الشهيدان نعم و لكن استشكله ثانيهما إن أحلنا ملكه و لذا اعترض الأول جماعة بناء على إحالة ملكه و هو حسن لو انحصر الاستطاعة في ملكية المال من الزاد و الراحلة حيث إنه لا يملكهما و أما مع عدمه فحصولهما بالقدرة على المشي كما مر في القريب و المكي فاعتبارها حسن و حيث إن الإتمام هنا لما جامع الاستطاعة التي للمكي غالبا و كانت كافية للوجوب هنا و إن كانا نائيين كما قيل و يقتضيه إطلاق الآية و النصوص لم يشترطها النصوص و الأكثر التفاتا إلى الأغلب و الشهيد ره لم يلتفت إليه و تعرض لشقوق المسألة في نفس الأمر لكن اعتباره سبق الاستطاعة ربما كان فيه إيماء إلى الاستطاعة المالية كما فهمه الجماعة و ممن صرح بالوجوب هنا بالتمكن من الحج و لو لم يستطع سابقا الفاضل في التحرير فقال و لو أعتق قبل الوقوف أو في وقته و أمكنه الإتيان

بالحج وجب عليه ذلك و نحوه عنه في التذكرة بزيادة إلحاقه الصبي إذا بلغ معللا به أصل الحكم فيهما بأن الحج واجب على الفور فلا يجوز لهما تأخيره مع إمكانه كالبالغ الحر إلى أن قال خلافا للشافعي و متى لم يفعلا الحج مع إمكانه فقد استقر الوجوب عليهما سواء كانا موسرين أو معسرين لأن ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعده انتهى و مما ذكرنا ظهر ضعف ما في المدارك و الذخيرة من عدم اعتبار الاستطاعة مطلقا لإطلاق النص و ذلك لأن الإطلاق لا عموم فيه فينصرف إلى الغالب و هو حصول الاستطاعة البدنية المعتبرة في نحو المسألة كما عرفته فلا يشمل ما لو لم يكن هناك

استطاعة بالكلية فتكلف الحج بجهد و مشقة فكيف يمكن الحكم بالإجزاء عن حجة الإسلام لو استطاع بعده ثم لو سلم الإطلاق أو العموم لكان معارضا بعموم ما دل على شرطية الاستطاعة من الكتاب و السنة و التعارض بينهما تعارض العموم و الخصوص من وجه فلا بد لترجيح هذا الإطلاق من دلالة و هي مفقودة و لو وجدت من نحو أصل البراءة لكانت هي الحجة دون الإطلاق مع أن العمل به مشروط بتكافؤ المتعارضين و تقاومهما و لا ريب أن عموم الشرطية أقوى سندا و متنا و دلالة بل ربما يظهر من بعضهم كونها مجمعا عليها فإذا عدم الأجزاء حيث لم يستطع مطلقا لعله أقوى ثم إن ما مر عن التذكرة من إلحاق الصبي بالعبد في إجزاء حجه عن حجة الإسلام بكماله عند أحد الموقفين محكي عن المبسوط و الخلاف و الوسيلة بل هو المشهور بين الأصحاب كما صرح به جماعة و زاد و المجنون أيضا مع أن المحكي عن الكتب المزبورة الصبي خاصة و كيف كان فلم نقف لهم على حجة يعتد بها عدا ما يحكى عن التذكرة و الخلاف من الإجماع و عليه اعتمد في المسالك قائلا إنه لا مخالف على وجه يقدح و لا بأس به سيما مع اعتضاد النقل بالشهرة الظاهرة و المحكية حد الاستفاضة و بسائر ما ذكروه من الأدلة و إن كان في بلوغها حد الحجية مناقشة هذا و لا ريب أن الأحوط الإعادة بعد الاستطاعة و من لا راحلة له و لا زاد حيث يشترطان في حقه لو حج كان ندبا و لو قدر على المشي و تحصيل الزاد بقرض و نحوه و يعيد لو استطاع بلا خلاف بل

عليه الإجماع في صريح الخلاف و المنتهى و غيرهما إلا أن فيهما التعبير عن الإجماع بعندنا الظاهر فيه و ليس نصا و هو الحجة مضافا إلى ما مر من الأدلة على شرطية الاستطاعة فيكون الحج مع فقدها كالصلاة قبل وقت الفريضة و أداء الزكاة قبل وقت وجوبها و كذا الحكم في فاقد باقي شروط الوجوب كما هو صريح جماعة و حكي عن المشهور خلافا لمحتمل العبارة و صريح الدروس ففرق بين فاقد الزاد و الراحلة فلا يجزي و غيره كالمريض و الممنوع بالغدو و تضيق الوقت و المغصوب فيجري قال لأن ذلك عن باب تحصيل الشرط

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 339

فإنه لا يجب و لو حصله أجزأ و فيه نظر فإن الحاصل بالتكلف الحج أو السير إليه لا الصحة و أمن الطريق اللذان هما الشرط فإذا المتجه عدم الفرق و لو بذل له الزاد و الراحلة و نفقة له و لعياله لذهابه و عوده صار بذلك مستطيعا مع استكمال الشروط الباقية إجماعا كما في صريح الخلاف و ظاهر المنتهى و عن صريح الغنية و ظاهر التذكرة و لصدق الاستطاعة بذلك و خصوص الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح فإن عرض عليه الحج فاستحيى قال هو ممن يستطيع الحج و لم يستحي و لو على حمار أجزع فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل و في معناه غيره و إطلاقها يقتضي عدم الفرق بين تمليك المبذول و عدمه و لا بين وجوب البذل بنذر و شبهه و عدمه و لا بين وثوق بالباذل و عدمه خلافا للحلي فاشترط الأول و للمحكي عن التذكرة فالثاني و للدروس فأحدهما و للمدارك و الذخيرة و غيرهما

فالثالث و لا دليل على شي ء من هذه عدا الأخير فيتوجه دفعا للعسر و الحرج اللازمين لعدم وثوق المنفيين إجماعا كتابا و سنة و فتوى و بها يقيد إطلاق النصوص المتقدمة مع عدم معلومية انصرافه إلى مفروضنا لاختصاصه بحكم التبادر بغيره و لو وهب له مال و أطلق لم يجب القبول على المشهور لأنه اكتساب و هو غير واجب له بخلاف البذل لأنه إباحة فيكفي فيهما الإيقاع و بذلك يتضح الفرق بينهما و لو قيد بشرط أن تصرفه في الحج فهل هو كالهبة المطلقة فلا يجب بذلك الحج أم كالبذل فيجب وجهان أحوطهما الثاني وفاقا لشيخنا الشهيد الثاني خلافا للشهيد الأول فاختار الأول و لعله الأظهر لأن اشتراط الصرف في الحج لا يخرجه عن الهبة المحتاجة إلى القبول الملحق لها بالاكتساب الغير الواجب بلا خلاف و دخولها في إطلاق النصوص غير واضح و لو حج به بعض إخوانه بأن استصحبه معه منفقا عليه أو أرسله إلى الحج فحج أجزأه عن الفرض فلا يحتاج إلى إعادته لو استطاع فيما بعد وفاقا للأكثر كما في المدارك بل المشهور كما في الذخيرة بل في غيرهما أن عليه فتوى علمائنا للصحيح قلت لأبي عبد اللَّه ع رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه هل يجزي ذلك عنه عن حجة الإسلام أو هي ناقصة قال بل هي حجة تامة مضافا إلى الأصل و اتفاق من عدا الصدوق على أن الحج إنما يجب مرة بأصل الشرع خلافا للإستبصار فيعيد مع اليسار للخبر عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أقضي حجة الإسلام قال نعم و إن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت هل

تكون حجة تامة أم ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم قضي عنه حجة الإسلام و تكون تامة و ليست ناقصة و إن أيسر فليحج و نحوه آخر لو أن رجلا أحجه رجل كانت له حجة فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحج و كذلك الناصب و فيهما ضعف من حيث السند و إن قرب الأول من الموثق و إجمال في الدلالة لتدافع ظهور الأمر في الوجوب و فيهما قضاء حجة الإسلام في الأول و إلحاق الناصب بمحل الفرض الثاني في العدم بل الثاني أقوى قرينة على إرادة الاستحباب للإجماع على عدم وجوب الإعادة على الناصب بعد الاستبصار فلا يخرج بمثل هذين الخبرين مع ما هما عليه مما عرفت في البين عما اقتضته الأدلة السابقة من عدم وجوب الإعادة بعد الاستطاعة و إن أمكن المناقشة في دلالة الصحيحة عليه لابتنائها على كون المراد من قوله حجة تامة ذلك و ليس بواضح و إن كان مما اتفق عليه أكثر الأصحاب لقرب احتمال ما ذكره في الاستبصار في معناه من أن المعنى فيه الحجة التي ندب إليها فإن ذلك يعبر عنها بأنها حجة الإسلام من حيث كانت أول الحجة قال و ليس في الخبر أنه إذا أيسر لم يلزمه الحج أقول و يعضده كثرة وروده في الأخبار بهذا المعنى و منها صحيحة أخرى لراوي الصحيحة واردة في المعتبر يحج عن غيره و فيها عن رجل حج عن غيره أ يجزيه ذلك عن حجة الإسلام قال نعم إلى أن قال قلت حجة الأخير تامة أو ناقصة قال تامة و المراد بالتمامية فيها المعنى المزبور بلا خلاف كما في كثير من العبارات بل في جملة أخرى دعوى

الإجماع و بذلك تضعف الصحيحة عن النهوض لإفادة المطلوب صريحا بل و لا ظهورا يطمأن إليه إن لم ينضم إليه فهم المشهور و كيف كان ما ذكرناه من الأصول المعتضدة بفتوى المشهور مع

عدم صلوح الخبرين سندا و دلالة لمعارضتها لعلها كافية لإفادته سيما مع ندرة المخالف العامل بهما و رجوعه عما في الاستبصار في المبسوط إلى المختار فليحملا على الاستحباب كما عليه عامة متأخري الأصحاب تبعا للتهذيب و النهاية و المهذب و الجامع و المعتبر و غيرها كما حكي أو على من حج من غيره و لا بد من فاضل عن الزاد و الراحلة بقدر ما يمون به عياله الواجبي النفقة من الكسوة و غيرها حتى يرجع بالنص و الإجماع و في المنتهى لا نعرف فيه خلافا يعنى به بين العلماء ظاهرا و لو استطاع للحج مالا فمنعه كبر أو مرض أو عدو وجب عليه الاستنابة مع اليأس و استقرار الوجوب إجماعا كما في المسالك و الروضة و غيرهما و إلا ففي وجوب الاستنابة قولان و المروي في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة أنه يستنيب ففي الصحيح و غيره إن كان موسرا و حال بينه و بين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره اللَّه تعالى فيه كان عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له و فيه أن عليا ع رأى شيخا لم يحج قط و لم يطق الحج من كبره فأمره أن يجهز رجلا فيحج عنه و نحوه أخرى و في رابع لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه و إليه ذهب الشيخ في التهذيب و

الخلاف مدعيا عليه الإجماع و حكى عنه في النهاية و المبسوط أيضا و عن الإسكافي و العماني و الحلبي و المرتضى و اختاره الفاضل في التحرير و كثير من المتأخرين و ادعى بعضهم كونه مذهب الأكثر بقول مطلق و القول الثاني للحلي و المفيد و جامع المقاصد كما حكي و الفاضل في القواعد و الفوائد و المختلف و ولده في الإيضاح للأصل و فقد الاستطاعة المشترطة في الوجوب فينتفى بانتفائها و يضعف الأول بلزوم تخصيصه بما مر و الثاني بأنها شرط الوجوب مباشرة لا استنابة فظاهر العبارة هنا و في الشرائع التردد كما عن صريح التذكرة و لعله للأصل مع قصور النصوص عن إفادة الوجوب المفروض أما الأول منها فلتعلق الأمر فيه بالضرورة و لم يقولوا بوجوب استنابته و حمله بالإضافة إليه على الاستحباب أو الإباحة و الأعم منهما و من الوجوب ينافي حمله بالإضافة إلى أصل الاستنابة على الوجوب إلا على القول بجواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته و مجازه في آن واحد و هو خلاف التحقيق و أما الخبران بعده فهما قضية في واقعة لا عموم لها فيحتملان الاختصاص بمحل الوفاق و هو صورة اليأس بعد استقرار الوجوب و يعضده الخبر الوارد في نحو هذه القضية و الظاهر اتحادهما و فيه أن رجلا أتى عليا ع و لم يحج قط فقال إني كنت كثير المال و فرطت في الحج حتى كبر سني فقال تستطيع الحج فقال لا فقال له على إن شئت

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 340

تجهز رجلا ثم ابعثه يحج عنك و نحوه آخر و أما الرابع فلا قائل بإطلاقه لشموله لصورة عدم اليأس و لا خلاف في عدم الوجوب حينئذ إلا من الدروس

و على خلافه الإجماع في المنتهى فلا بد من تقييده و هو هنا ليس بأولى من حمل الأمر على الاستحباب بناء على أن التقييد بصورة اليأس من البرء يستلزم تخصيص المرض و غيره من الإعذار بالفرد النادر إذ الغالب منها ما يرجى زوالها جدا و مثل هذا التقييد ليس بأولى من الاستحباب لغلبة في الأمر و ما في معناه و لا كذلك حمل الإطلاق على الفرد النادر لندرته و لولاها لكان التقييد أولى و بالجملة فاحتمال التقييد معارض باحتمال الاستحباب المساوي له هنا إن لم نقل برجحان الاستحباب و حيث تساويا يدفع التكليف الزائد من التقييد بالأصل و ذلك واضح كما لا يخفى سلمنا لكن الأمر فيه و كذا في سائر الأخبار يحتمل الورود مورد التقية لكونه مذهب أكثر العامة و منهم أبو حنيفة أو مورد توهم حرمة الاستنابة كما حكيت في الخلاف و المنتهى عن بعض العامة فلا يفيد سوى الإباحة و يقوي احتمال الورود في هذا المورد ما مر من الخبر المتقدم المتضمن لتعليق الأمر بالمشبه و هو عين الإباحة و لو بالمعنى الأعم الشامل للاستحباب و خبر آخر مروي في الخلاف و فيه أن امرأة من خثعم سألت رسول اللَّه ص فقالت إن فريضة اللَّه تعالى على العباد أدركت أبي شيخنا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة فهل ترى أن يحج عنه فقال ص نعم و ذلك لتوارد السؤال و الجواب على أصل الجواز و من هنا يتوجه الجواب أيضا عن الإجماع المنقول في الخلاف لاحتمال رجوعه إلى أصل الجواز في مقابلة من يدعي المنع من هؤلاء الأقشاب لا إلى أصل الوجوب سيما و قد روي عن مولانا الأمير ع ما

هو ظاهر في التخيير مع احتمال اختصاصه بالمجمع عليه من صورة استقرار الوجوب كما يستأنس له ببعض أدلته من قوله إنه إذا فعل ما قلناه برئت ذمته بيقين و إذا لم يفعل فليس على براءة ذمته دليل و ذلك فإن وجوب تحصيل البراءة اليقينية إنما هو من حيث تيقن اشتغال الذمة و هو في الصورة المجمع عليها خاصة و إلا ففي محل المشاجرة الكلام في أصل اشتغال الذمة لا براءتها لكن بعض عباراته كالصريح في صورة عدم الاستقرار و بالجملة بعد ملاحظة جميع ما ذكر لم يظهر من الأخبار و لا من الإجماع المنقول ما يتضح به وجه الحكم بالوجوب فيشكل الخروج عن مقتضى الأصل المقطوع و إن كان أحوط هذا و ربما يتردد في الوجوب مع الاستقرار أيضا لخلو عبارة المتن و كثير عن هذا التفصيل و إنما هو في عبارة ناقل الإجماع على الوجوب فيه و قليل فيشكل الاعتماد على نحو هذا الإجماع و التعويل سيما و قد مر من النص بالتخيير ما هو ظاهر في صورة الاستقرار بل صريح و بمثل ذلك يستشكل في التفصيل على تقدير الوجوب بين صورتي اليأس و عدمه لخلو كثير النصوص عنه و أكثر الفتاوى نعم يمكن أن يقال في الأول إن ظاهر منساق أكثر العبارات بل كلها الحاكمة بالوجوب و المستشكلة فيه هو خصوص صورة عدم الاستقرار لكن ذلك لا يفيد اتفاقهم على الوجوب في صورة الاستقرار فيستفاد التفصيل إلا أن يستنبط من اتفاقهم عليه مضافا إلى النصوص بعد الموت فحين الحياة مع اليأس أولى بناء على جواز الاستنابة حيا اتفاقا فتوى و نصا و هو وجه حسن إلا أن مقتضاه عدم وجوب الإعادة مع زوال

العذر إذ و مع وجوبها وجوب الاستنابة بعد الموت لا يفيد وجوبها قبله بطريق أولى لقيام الفارق و هو القطع بعدم وجوب الإعادة في الأصل و عدمه في الفرع لاحتمال زوال العذر فيجب كما هو الفرض و بالجملة فاستفادة وجوب الاستنابة من الأولية إنما يتم على تقدير الحكم بعدم وجوب الإعادة بعد زوال العذر و هذا خلاف ما أطلقه الجماعة بقولهم و لو زال العذر يحج ثانيا من غير خلاف صريح بينهم أجده بل قيل كاد أن يكون إجماعا بل عن الظاهر التذكرة أنه لا خلاف فيه بين علمائنا لإطلاق الأمر بالحج و ما فعله كان واجبا في ماله و هذا يلزم في نفسه و نقل جماعة منهم احتمال العدم عن بعضهم لأنه أدى حجة الإسلام بأمر الشارع و لا يجب الحج بأصل الشرع إلا مرة واحدة و ضعفوه بما عرفته و لم يفصلوا في حكمهم ذلك بين صورتي الاستقرار و عدمه حتى من فصل منهم بين الصورتين فيما سبق و يمكن أن يقال إن مساق عبارة من لم يفضل و

هو الأكثرون هو الصورة الثانية فحكمهم بوجوب الإعادة يتعلق بها خاصة فلا بعد في قولهم بعدمها في الصورة الأولى كما يقتضيه الأولوية المتقدمة و لا قادح قطعيا لها و لا حجة في إطلاق المفصل الحكم هنا على غيره مع احتمال إرادته به الصورة الثانية خاصة لعدم صراحة كلامه هنا في الإطلاق جدا و حينئذ فلا يبعد قبول دعوى الاتفاق على وجوب الاستنابة في صورة الاستقرار و الحكم به لكن المتوجه حينئذ في صورة زوال العذر عدم وجوب الإعادة كما في الموت و إلا فاحتمال وجوبها هنا يهدم بنيان قبول الدعوى و المدعى و كيف كان

فالحكم بوجوب الاستنابة في الصورتين لا يخلو عن إشكال و إن كان الأقرب ذلك في الصورة الأولى لنقل الإجماع عليه في عبائر جماعة مؤيدا بما عرفته من الأولوية و خصوص الصحيحة الذين مر كونهما قضية في واقعة لكون هذه الصورة داخلة فيهما قطعا مطابقة أو التزاما مع تأمل ما فيهما لما مضى و العدم في الصورة الثانية لما عرفته و على تقدير القول بالوجوب فيهما فاستناب يجب عليه الإعادة بعد زوال العذر لما عرفته و لا كذلك الصورة الأولى فإن الحكم فيها بوجوب الإعادة مشكل جدا و لو مات مع استمرار العذر أجزأه النيابة في الصورتين قط أما الأولى فواضح و أما الثانية فلعدم داع إلى عدم الإجزاء بعد تحقيق الامتثال بالاستنابة و في اشتراط الرجوع إلى صنعته أو بضاعة أو نحوهما مما يكون فيه الكفاية عادة بحيث لا يحوجه صرف المال في الحج إلى سؤال كما يشعر به بعض الروايات الآتية في الوجوب بالاستطاعة زيادة على ما مر قولان أشبههما عند الماتن و أكثر المتأخرين على الظاهر المصرح به في المسالك بل عن المعتبر و التذكرة الأكثر بقول مطلق أنه لا يشترط وفاقا لظاهر المرتضى في الجمل و صريح الحلي و عن الإسكافي و العماني لعموم الكتاب و خصوص النصوص بتفسير الاستطاعة بأن يكون عنده ما يحج به كما في جملة من الصحاح و بالزاد و الراحلة كما في غيرها خلافا للشيخين و الحلبي و القاضي و ابني زهرة و حمزة و سعيد و جماعة كما حكي و في المسالك أنه مذهب أكثر المتقدمين بل في الروضة أنه المشهور بينهم و في الخلاف و المسالك نقله المرتضى عن الأكثر و في الخلاف و الغنية

أن عليه إجماع الإمامية بل في الأخير دعوى الإجماع عليه من كل من اعتبر الكفاية له و لعياله ذهابا و إيابا و هو الحجة المعتضدة بالشهرة القديمة الظاهرة و المحكية مضافا إلى المعتبرة و لو بالشهرة منها المرسلة المروية في المجمع عن أئمتنا ع في تفسير الاستطاعة أنها وجود الزاد و الراحلة و نفقة من يلزم نفقته و الرجوع إلى كفاية إما من مال أو ضياع أو حرفة مع الصحة في النفس و تخلية السرب من الموانع و إمكان السير و نحوه المروي عن الخصال و فيه أنها الزاد و الراحلة مع صحة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 341

البدن و أن يكون للإنسان ما يخلفه على عياله و ما يرجع إليه من حجه و قريب منهما المروي في المقنعة هلك الناس إذا كان من له زاد و راحلة و لا يملك غيرهما و مقدار ذلك مما يقوت به عياله و يستغني به عن الناس فقد وجب عليه أن يحج بذلك ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك إذا فقيل له ع فما السبيل عندك فقال السعة في المال و هو أن يكون معه ما يحج ببعضه و يبقى بعض و يقوت به نفسه و عياله و الدلالة فيه واضحة كما اعترف به جماعة و منهم الفاضل في المختلف قال فقوله ع ثم يرجع فيسأل الناس بكفه فيه تنبيه على اشتراط الكفاية من مال أو صنعة ثم قوله و يبقى البعض يقوت به نفسه و عياله يعني وقت رجوعه و إلا فكيف يقوت نفسه بذلك البعض مع أنه قد خرج إلى الحج انتهى فالمناقشة فيها واهية و كذا المناقشة لضعف السند مطلقا لانجباره بالشهرة و حكاية الإجماعين المتقدمين و

الأوفقية بالملة السهلة السمحة أ لا ترى أنه تعالى لم يوجب الزكاة إلا على من ملك مائتي درهم و لم توجب عليه إلا خمسة تخفيفا منه سبحانه و رحمة و إليه وقع الإشارة في الرواية الأخيرة على رواية شيخ الطائفة فإن فيها بعد تفسير السبيل بأنه السعة في المال إذا كان يحج ببعض و يبقى بعض لقوت عياله أ ليس قد فرض اللَّه الزكاة فلم يجعلها إلا على من ملك مائتي درهم و لعله إلى هذا نظر كل من استدل بهذه الرواية و هو في غاية المتانة و مرجعه إلى تفسير الاستطاعة بما يكون فيه سهولة و ارتفاع مشقة و لا ريب أن ذلك هو المفهوم منها عرفا بل و لغة كما أشار إليه المرتضى في المسائل الناصرية فقال و الاستطاعة في عرف الشرع و عهد اللغة عبارة عن تسهيل الأمر و ارتفاع المشقة و ليست بعبارة عن مجرد القدرة أ لا ترى أنهم يقولون ما أستطيع النظر إلى فلان إذا كان يبغضه بمقته و يثقل عليه النظر إليه و إن كان معه قدرة على ذلك و كذا يقولون لا أستطيع شرب هذا الدواء يريدون أنني أنفر منه و يثقل علي و قال اللَّه تعالى لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً و إنما أراد هذا المعنى لا محالة و نحوه عبارة ابن زهرة في الغنية إلا أنه أثبت بذلك النفقة ذهابا و إيابا و ألحق مفروض المسألة بها بالإجماع المركب فقال و إذا ثبت ذلك ثبت اعتبار العود إلى كفاية لأن أحدا من الأمة لم يفرق بين الأمرين و فيه إشعار بل ظهور بصدق الاستطاعة مع عدم الرجوع إلى كفاية و هو عند الأحقر محل مناقشة لعدم

صدقها عرفا و عادة بلا شبهة بل و لغة كما عرفته من كلام المرتضى و حينئذ فظاهر الآية مع القدماء لا عليهم سلمنا لكنها كالنصوص مقيدة بما مر من الأدلة سيما و أن النصوص لم يقل بإطلاقها أحد من علمائنا لخلوها من اعتبار النفقة رأسا بل اكتفت بما يحج به و الزاد و الراحلة كما عليه العامة يومئذ على ما يستفاد من الرواية الأخيرة برواية الشيخين و لأجل ذلك يتقوى احتمال ورودها للتقية و بالجملة فما ذكره القدماء لا يخلو عن قوة و اختاره خالي العلامة أدام اللَّه بقاءه و حكى عن بعض مقاربي العصر لكن قال أما لو كان بيت مال يعطى منه أو كان ممن يتيسر له الزكاة و العطايا عادة ممن لا يتحرز من ذلك فلا يشترط في حقه انتهى و هو حسن و يمكن إدخاله في عبائر الجماعة بتعميم الكفاية لمثله فإنها تختلف باختلاف الأشخاص عادة و على هذا يمكن أيضا تنزيل ما نقضهم به الحلبي من إطلاقهم الحكم بالوجوب بالبذل من غير اشتراط لهذا الشرط بلا خلاف و أجزأ حج من أدرك أحد الموقفين معتقا فتأمل جدا هذا و لا ريب أن خيرة المتأخرين أحوط و لا يشترط في وجوب الحج على المرأة وجود محرم لها ممن يحرم عليه نكاحها مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة و يكفي ظن السلامة بغير خلاف أجده مصرح به في الذخيرة و في ظاهر المنتهى و غيره أن عليه إجماع الإمامية لعموم الكتاب و السنة و خصوص الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح عن المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي فقال لا بأس تخرج مع قوم ثقات و إنما اعتبروا ظن السلامة

مع إطلاق جملة من الأدلة أخذا بظاهر نحو هذه الصحيحة الآمرة بالخروج مع الثقة الذي هو غالبا محل المظنة و التفاتا إلى استلزام التكليف بالحج مع عدمها العسر و الحرج

المنفيين كتابا و سنة و لو لم يحصل إلا بالمحرم اعتبر وجوده و يشترط سفره معها في الوجوب عليها و لا تجب عليه إجابتها تبرعا و لا بأجرة و نفقة و له طلبهما و تكون حينئذ جزء من استطاعتها و مع اجتماع الشرائط المتقدمة لو حج ماشيا أو في نفقة غيره أجزأه قطعا بل قيل لا خلاف فيه بين العلماء لحصول الامتثال و عدم وجوب صرف المال في الحج إلا مقدمة فيجب حيث يتوقف الواجب عليه لا مطلقا و الحج مطلقا و لو مندوبا ماشيا أفضل منه راكبا للنصوص المستفيضة المتضمنة للصحيح و غيره عموما و خصوصا المؤيدة بالاعتبار جدا إذا لم يضعفه عن العبادة كما و كيفا فالركوب حينئذ أفضل للصحيح تركبون أحب إلى فإن ذلك أقوى على الدعاء و العبادة و قريب منه الحسن أو الموثق أيما أفضل تركب إلى مكة فنعجل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي أو نمشي فقال الركوب أفضل و بهما يجمع بين النصوص المتقدمة المطلقة لأفضلية المشي و مثلها المطلقة لأفضلية الركوب و ربما يجمع بينهما تارة بحمل الأولة على ما إذا سبق معه ما إذا لو أركبه و الأخيرة على ما إذا لم يسقه معه للموثق و غيره لا تمشوا و اركبوا فقلت أصلحك اللَّه تعالى إنه بلغنا أن الحسن بن علي ع حج عشرين حجة ماشيا فقال إنه ص كان يمشي و تساق معه محامله و رجاله و أخرى بحمل الأولى على ما إذا قصد بالمشي مشقة

العبادة و الأخيرة على ما إذا قصد توفير المال كما في الخبرين أحدهما الصحيح المروي و عن مستطرفات السرائر و فيهما إذا كان الرجل موسرا فمشى ليكون أفضل لنفقته فالركوب أفضل و الكل حسن إلا أن الأول أشهر كما صرح به جمع ممن تأخر و أطلق الفاضل في التحرير أفضلية المشي و عن خالي العلامة احتمال حمل الأولة على التقية قال كما يظهر من الأخبار بعض و لم أقف عليه و إذا استقر الحج في ذمته بأن اجتمعت له شرائط الوجوب و مضى عليه مدة يمكنه فيها استيفاء جميع أفعال الحج كما عن الأكثر أو الأركان منها خاصة كما احتمله جماعة حاكين له عن التذكرة و يضعف بأن الموجود فيها احتمال الاكتفاء بمضي زمان يمكنه فيه الإحرام و دخول الحرم كما احتملوه أيضا وفاقا له فأهمل قضي عنه وجوبا من أصل تركته مقدما على وصاياه بإجماعنا الظاهر المصرح به في الخلاف و التذكرة و المنتهى و غيرها و الصحاح به مع ذلك مستفيضة جدا معتضدة بغيرها و أما ما في نحو الصحيح من مات و لم يحج حجة الإسلام و لم يترك إلا بقدر نفقة الحج فورثته أحق بما ترك إن شاءوا أكلوا فمحمول على صورة عدم الاستطاعة و لو لم يخلف سوى الأجرة لقضاء الحج قضي عنه من أقرب الأماكن إلى الميقات و كذا لو خلف الزيادة وفاقا للأكثر على الظاهر المصرح به في عبائر جمع و في الغنية الإجماع للأصل و عدم اشتراط

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 342

الحج بالمسير إلا بالعقل فهو على تقدير وجوبه واجب آخر لا دليل على وجوب قضائه كيف و لو سار إلى الميقات لا بنية الحج ثم أراده فأحرم صح

و كذا لو استطاع في غير بلده لم يجب عليه قصد بلده و إنشاء الحج منه بلا خلاف كما في المختلف و يؤيده الصحيح عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه و ربما استدل عليه بنحو الصحيح عن رجل أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما قال يحج عنه من بعض الأوقات التي وقت رسول اللَّه ص من قرب بناء على ترك الاستفصال عن إمكان الحج بذلك من البلد أو غيره مما هو أقرب إلى الميقات و ضعف بجواز كون عدم إمكان الحج بذلك من غير الميقات معلوما بحسب متعارف ذلك الزمان و قيل يقضي من بلده مع السعة في تركته و إلا فمن الميقات و القائل الشيخ في النهاية و الحلي و القاضي و الصدوق في المقنع و يحيى بن سعيد في جامع كما حكي و هو خيرة المحقق الثاني و الشهيد في صريح الدروس و ظاهر اللمعة و وجهه غير واضح عدا ما في السرائر من أنه لو كان حيا كان يجب عليه في ماله نفقة الطريق من بلده فاستقر هذا الحق في ماله و أنه به تواترت أخبارنا و روايات أصحابنا و في الأول ما مر و في الثاني ما في المعتبر و المختلف من أنا لم نقف بذلك على خبر شاذ فكيف دعوى التواتر و لعله لذا لم يستند بهما الشهيد ره بل قال لظاهر الرواية و الأولى أن يراد بها الجنس كما في الروضة قال لأن ذلك ظاهر أربع روايات في الخلاف أظهرها دلالة رواية أحمد بن

محمد بن أبي نصر عن محمد بن عبد اللَّه قال سألت أبا الحسن ع عن الرجل يموت فيوصي بالحج من أين يحج عنه قال على قدر ماله أو وسعه ماله فمن منزله و إن لم يسعه ماله فمن الكوفة فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة و إنما جعله ظاهر الرواية لإمكان أن يراد بماله ما عينه أجرة للحج بالوصية فإنه يتعين الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من الميقات من الثلث إجماعا و إنما الخلاف فيما لو أطلق الوصية أو علم أن عليه حجة الإسلام و لم يوص بها فالأقوى القضاء من الميقات خاصة لأصالة البراءة إلى أن قال و الأولى حمل هذه الأخبار على ما لو عين قدرا و يمكن حمل غير هذا الخبر منها على أمر آخر مع ضعف سندها و اشتراك محمد بن عبد اللَّه في سند هذا الخبر بين الثقة و الضعيف و المجهول ثم قال لو صح هذا الخبر لكان حمله على إطلاقه أولى لأن ماله المضاف إليه يشمل جميع ما يملكه و إنما حملناه لمعارضته للأدلّة الدالة على خلافه مع عدم صحة سنده انتهى و هو حسن إلا أن هنا أخبارا معتبرة يفهم منها أيضا وجوب الإخراج من البلد عند إطلاق الوصية منها الصحيح و إن أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام و لم يبلغ ماله ذلك فليحج عنه من بعض المواقيت و قريب منه الصحيح المتقدم فيمن أوصى أن يحج عنه و لم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين و الموثق عن رجل أوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ ما يحج به من بلاده قال فيعطى في الموضع الذي يحج عنه بناء على ظهورهما

في فهم الرواة وجوب القضاء من البلد مع الوفاء و أن إشكالهم إنما هو مع عدمه و قررهم الإمام ع على ذلك و أظهر من الجميع المروي في مستطرفات السرائر و فيه أن رجلا مات في الطريق و أوصى بحجة و ما بقي فهو لك فاختلف أصحابنا فقال بعضهم يحج من الموقت فهو أوفر للشي ء أن يبقى عليه و قال بعضهم يحج عنه من حيث مات فقال ص يحج عنه من حيث مات لكن شي ء منها ليس بصريح في ذلك مع أن موردها كما سبق الوصية بالحج و لعل القرائن الحالية يومئذ كانت دالة على إرادة الحج من البلد كما هو الظاهر عند إطلاق الوصية في زماننا هذا فلا يلزم مثله مع انتفاء الوصية و بهذا أجاب عنها جماعة هذا و المسألة بعد لا يخلو عن شبهة و لا ريب أن هذا القول مع رضاء الورثة أحوط ثم إن الموجود في كلام الأكثر من الأقوال في المسألة ما مر و حكى الماتن في الشرائع ثالثا بالإخراج من البلد مطلقا و مقتضاه سقوط

الحج مع عدم وفاء المال به من البلد و لم نعرف قائله و به صرح جمع بل نفاه بعضهم من أصله و من وجب عليه الحج مطلقا و لو بنذر و شبهه فورا أو مطلقا على ما يقتضيه إطلاق العبارة و نحوها لا يجوز له أن يحج تطوعا بغير خلاف أجده و لا إشكال في الفوري للثاني و يشكل في غيره كمن نذر الحج ناصا على التوسعة أو استنيب كذلك لعدم دليل عليه عدا ثبوت مثل الحكم في الصلاة و هو قياس إلا أن يستند بعموم ما في بعض الصحاح الواردة ثمة و هو

قوله ع أ رأيت لو كان عليك من شهر رمضان كان لك أن تطوع حتى تقضيه قلت لا قال فكذلك الصلاة الخبر فتأمل أما ناذر الحج في القابل و النائب كذلك فليس الآن ممن عليه الحج و لو تطوع حيث لا يجوز له ففي فساده رأسا كما عليه الحلي و من تأخر عنه أو صحته تطوعا كما في الخلاف أو عن حجة الإسلام كما في المبسوط أقوال أوفقها بالأصل في الفوري الأول لا لأن الأمر بالشي ء يقتضي النهي عن ضده بل لمنافاته الأمر بالضد فينتفي الصحة لانحصار مقتضاها في العبادة في الأمر خاصة هذا في الفوري و يشكل في غيره و الوجه الصحة و لعل الأول خاصة مراد الجماعة و لا يجوز أن يحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها بلا خلاف أجده و به صرح في الذخيرة بل في ظاهر المدارك و عن التذكرة الإجماع عليه و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا لأن حق الزوج واجب و ليس لها تفويته و يؤيده الموثق عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الإسلام فتقول أحجني مرة أخرى أ له أن يمنعها قال نعم يقول لها حقي عليك أعظم من حقك على هذا و يضعفان بأخصية الأول من المدعى و دلالة الثاني بدلالته على أن للزوج المنع لا التوقف على الإذن و الأجود الاستدلال عليه بعد الإجماع بفحوى ما دل على منع المعتدة عدة رجعية عنه من الأخبار و لا يشترط إذنه في الحج الواجب مطلقا بلا خلاف أجده و به صرح في الذخيرة و النصوص به مع ذلك مستفيضة و فيها الصحاح و غيرها ففي الصحيحين و غيرهما الإطاعة له عليها في حجة الإسلام فلتحج إن شاءت

و هل يعتبر الضيق في عدم اعتبار الإذن أم لا فلا يعتبر أيضا مع السعة وجهان اختار ثانيهما في المدارك و الذخيرة معللا في الأول بأصالة عدم سلطنته عليها و كذا لا يجوز لها أن تحج ندبا إلا بإذنه و يجوز لها الحج واجبا مطلقا بدونه في العدة الرجعية بلا خلاف أجده للخبرين عن المطلقة يحج في عدتها قال إن كانت ضرورة حجت في عدتها و إن كانت حجت فلا تحج حتى تنقضي عدتها و ضعف السند منجبر بالعمل و به يجمع بين الصحيحين المجوز أحدهما مطلقا و المانع ثانيهما كذلك و ليس في شي ء منها التقييد بالرجعية كما في كلام الجماعة بل شاملة بإطلاقها بل عمومها للبائنة لكنها نادرة فيشكل صرف الإطلاق إليها سيما مع الاتفاق على انقطاع عصمة الزوجة فيها فلا وجه التوقف حجها على إذن زوجها مطلقا و الظاهر أن إطلاق المنع في الخبر محمول على صورة عدم الإذن و في الآخر المطلقة يحج في عدتها إن طابت نفس زوجها و نحوه الحسن كما

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 343

قيل و يجوز لها الحج و لو ندبا في عدة الوفاة للمعتبرة المستفيضة منها الموثقان عن المتوفّى عنها زوجها تحج قال نعم

[مسائل]
اشارة

مسائل ثلاث

[الأولى إذا نذر حجة الإسلام انعقد]

الأولى إذا نذر حجة الإسلام انعقد على الأصح فيجب الكفارة بالترك و لا يجب عليه غيرها اتفاقا و لا تحصيل الاستطاعة إلا إذا قصد بنذرها تحصيلها فيجب أيضا و إذا نذر غير حجة الإسلام لم يتداخلا اتفاقا كما في التحرير و المختلف و المسالك و غيرها بل يجبان عليه معا إن كان حالة النذر مستطيعا و كان حجة النذر مطلقة أو مقيدة لسنة غير الاستطاعة و يجب عليه حينئذ تقديم حجة الإسلام لفوريتها و سعة مقابلها و إن كانت مقيدة بسنتها لغا النذر إن قصدها مع بقاء الاستطاعة و إن قصدها مع زوالها صح و وجب الوفاء عند زوالها و إن خلا عن القصدين فوجهان و إن لم يكن حال النذر مستطيعا وجب المنذورة خاصة بشرط القدرة دون الاستطاعة الشرعية فإنها شرط في حجة الإسلام خاصة خلافا للدروس فتشترط أيضا و لا وجه له و إن حصلت الاستطاعة الشرعية قبل الإتيان بالمنذورة فإن كانت مطلقة أو مقيدة بزمان متأخر عن سنة الاستطاعة خصوصا أو عموما وجب تقديم حجة الإسلام لما مر وفاقا لجماعة خلافا للدروس فقدم المنذورة و لم نعرف وجهه و إن كانت مقيدة بسنة الاستطاعة ففي تقديم المنذورة أو الفريضة وجهان أجودهما الأول كما قطع به جماعة قال في المدارك لعدم تحقق الاستطاعة في تلك السنة لأن المانع الشرعي كالمانع العقلي و على هذا فيعتبر في وجوب حج الإسلام بقاء الاستطاعة إلى السنة الثانية و لو نذر حجا مطلقا أي خاليا عن قيدي حجة الإسلام و غيرها قيل يجزي أن يحج بنية النذر عن حجة الإسلام و لا يجزي إن نوى حجة الإسلام عن النذر و القائل الشيخ في النهاية و

التهذيب و الاقتصاد كما حكاه و حكاه في المسالك أيضا عن جماعة و لا يخلو عن قوة استنادا في الحكم الثاني إلى الأصل الآتي و في الأول إلى الصحيحين عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه الحرام فمشى هل يجزيه عن حجة الإسلام قال نعم و في أحدهما قلت أ رأيت إن حج من غيره و لم يكن له مال و قد نذر أن يحج ماشيا أ يجزيه عنه ذلك من مشيه قال نعم و الظاهر أن المراد بنذر المشي نذر الحج ماشيا كما فهمه الأصحاب حتى أرباب القول الثاني حيث لم يجيبوا عنهما إلا بالحمل على ما إذا نذر حجة الإسلام ماشيا و يدل عليه السؤال الثاني في أحدهما و هذا المقدر من الظهور كاف و إن احتمل السؤال فيهما غيره من كون السؤال أن هذا المشي إذا تعقبه حجة الإسلام فهل يجزي أم لا بد من المشي ثانيا أو أنه إذا نذر المشي مطلقا أو في حج أو في حجة الإسلام فمشى فهل يجزيه أم لا بد من الركوب فيها أو أنه إذا نذر حجة الإسلام فنوى المنذور دون حجة الإسلام فهل يجزي عنها لبعد جميع ذلك سيما في مقابلة فهم الأصحاب و ارتكابها فيهما كلا أو بعضها للجمع تبرعا يتوقف على وجود المعارض الأقوى و ليس سوى الأصل الآتي و التعارض بينهما و بينه على تقدير تسليمه تعارض العموم و الخصوص مطلقا و الخاص مقدم اتفاقا و قيل لا يجزي أحدهما عن الآخر و القائل الأكثر على الظاهر المصرح به في كلام جمع و منهم الشيخ في الخلاف و الحلي في السرائر و السيدان في الغنية و الناصرية و في ظاهرها

الإجماع و الفاضلان و الشهيدان و غيرهم من متأخري الأصحاب لاقتضاء اختلاف السبب اختلاف المسبب و فيه بعد تسليمه أنه عام فيخصص بما مر إلا أن يجاب بقوة العام بعمل الأكثر و عدم صراحة الخاص بما مر مضافا إلى معارضته بالإجماع المنقول و إن كان بلفظة عندنا فإن ظهورها في نقله ليس بأضعف من دلالة الصحيحين على خلافه و ببعض الأخبار المشار إليه في الخلاف حيث إنه بعد نسبة ما ذكره في النهاية إلى بعض الروايات قال و في بعض الأخبار أنه لا يجزي عنه و هو الأقوى عندنا إلى آخر ما قال و الإرسال غير قادح بعد الانجبار بعمل الأصحاب و المسألة محل إشكال و إن كان مختار الأكثر لعله أظهر للأصل المعتضد بالإجماع المنقول و المرسل الصريح الملحق لفتوى الأكثر بالصحيح و مع ذلك فهو أحوط و يحكى عن الشيخ قول ثالث بإجزاء أحدهما عن الآخر مطلقا و مال إليه في الذخيرة لصدق الامتثال و فيه مناقشة سيما بعد ما عرفت من الأدلة على عدم الإجزاء مطلقا أو في الجملة

[الثانية إذا نذر أن يحج ماشيا وجب]

الثانية إذا نذر أن يحج ماشيا وجب مع إمكانه على المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك و الذخيرة و فيهما عن المعتبر أن عليه اتفاق العلماء و الصحاح و غيرها به مع ذلك مستفيضة جدا معتضدة بالعمومات و أما الصحيح عن رجل نذر أن يمشي إلى مكة حافيا فقال إن رسول اللَّه ص خرج حاجا فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل فقال من هذه فقالوا أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى مكة حافية فقال ص يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها فلتركب فإن اللَّه تعالى غني عن مشيها و حفاها

فشاذ محمول على العجز أو النسخ أو فوت ستر ما يجب ستره من المرأة أو غير ذلك من المحامل إلا أن أقربها الأول و حمله على عدم انعقاد نذر المشي حافيا مع غاية بعده عن السياق لا وجه له بعد اقتضاء الأدلة انعقاده من العموم و الخصوص كالمعتبرين المرويين في الوسائل عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى أحدهما الموثق عن رجل نذر أن يمشي حافيا إلى بيت اللَّه تعالى قال فليمش فإذا تعب فليركب فتأمل ثم إن إطلاق الأخبار بل عمومها يقتضي وجوب المشي مطلقا سواء كان أرجح من الركوب أم لا و بها أفتى جماعة صريحا خلافا للفاضل و ولده في الثاني فلم يوجباه بل أوجب الحج خاصة و ادعى الثاني على انعقاد أصل النذر الإجماع و فيه مضافا إلى مخالفته ما مر أنه لا يعتبر في المنذور كونه أفضل من جميع ما عداه بل المعتبر رجحانه و لا ريب في ثبوته و إن كان مرجوحا بالإضافة إلى غيره و الأقوى في المبدأ و المنتهى الرجوع إلى عرف الناذر إن كان معلوما و إلا فإلى مقتضى اللفظة لغة و هو في لفظة أحج ماشيا في المبدأ أول الأفعال لدلالة الحال عليه و في المنتهى آخر أفعاله الواجبة و هي رمي الجمار و المعتبرة به أيضا مستفيضة و ما ورد بأنه إذا أفاض من عرفات فشاذ لأن الأصحاب بين قائل بما قلنا كشيخنا الشهيد الثاني و سبطه و جماعة و قائل بأنه طواف النساء كالفاضل في التحرير و الشهيد في الدروس و عزاه في الروضة إلى المشهور فليحمل على ما إذا أفاض و رمى أو كون المشي تطوعا لا نذرا و يقوم في موضع

العبور لو اضطر إلى عبوره وجوبا على ما يظهر من العبارة و نحوها و به صرح جماعة استنادا إلى رواية هي لضعف سندها بالسكوني و صاحبه عن إثباته قاصرة و لذا أفتى بالاستحباب جماعة كالفاضلين في المعتبر و التحرير و المنتهى و التذكرة و الشهيدين في الدروس و الروضة و غيرهم و لا بأس به خروجا من خلاف من أوجبه و تساهلا في أدلة السنن و مع ذلك فالوجوب لعله لا يخلو عن قوة لقوة السند في نفسه و اعتضاده بفتوى الأكثر بمضمونه و حيث وجب عليه المشي فإن ركب في طريقه أجمع قضى الحج ماشيا أي فعله قضاء إن كان

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 344

موقتا و قد انقضى و إلا فأداء قيل وفاقا لإطلاق الأكثر لأنه لم يأت بالمنذور على وجهه لانتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه و فيه أن هذا دليل على عدم حصول المنذور لا على وجوب قضائه حيث يفوت وقته و ربما يعلل بأن حجة وقع فاسدا و فساد الحج يقتضي الإعادة و فيه أن الفساد الموجب لها ما كان لإخلال بجزء أو صفة أو شرط مثلا و هو غير حاصل هنا إذا لمقصود بالفساد هنا عدم وقوعه عن النذر لعدم المطابقة و لا عن غيره لانتفاء النية و هو غير الفساد الموجب للعادة و لذا احتمل الفاضلان في المعتبر و المنتهى و التحرير و المختلف سقوط قضاء المعين قالا و إنما عليه الكفارة لإخلاله بالمشي و هو في غاية القوة عملا بأصالة البراءة السليمة عما يصلح للمعارضة كما عرفته و أما الغير المعين فلا ريب في وجوب الإعادة تحصيلا للواجب بقدر و الإمكان و لا كفارة و كذا المعين إن طاف و سعى

راكبا فيمكن بطلانهما و بطلان الحج إن تناول النذر المشي فيها و لعل هذه الصورة خاصة مراد من أطلق وجوب بالقضاء و يشهد له سوق العبارة فتأمل و لو ركب بعضا من الطريق قضى الحج و مشى ما ركب قاله الشيخ في النهاية و تبعه الشهيد في الدروس و حكي عن المفيد و جماعة و حجتهم غير واضحة عدا ما في المسالك من أن به أثرا لا يبلغ حد العمل به و فيه مضافا إلى ما ذكره أنا لم نقف عليه و لم يشر إليه غيره و لا نقله و ما في المختلف من أن الواجب عليه قطع المسافة ماشيا و قد حصل بالتلفيق فيخرج عن العهدة و فيه ما أجاب عنه من المنع من حصوله مع التلفيق إذ لا يصدق عليه أنه حج ماشيا و لذا قيل يقضي ماشيا لإخلاله بالصفة المشترطة و القائل الحلي و أكثر المتأخرين حتى الشهيد فقد رجع عنه في اللمعة و هو في غاية القوة و لو عجز عن المشي قيل في حج النهاية و غيره يركب و يسوق بدنة للصحيحين عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه تعالى و عجز أن يمشي قال فليركب و ليسق بدنة كما في أحدهما و في الثاني عن رجل حلف ليحجن ماشيا فعجز عن ذلك فلم يطقه قال فليركب و ليسق الهدي و قيل في المقنعة و غيرها يركب و لا يسوق للصحيح رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه تعالى قال فليمش قلت فإنه تعب قال إذا تعب ركب و السكوت عن سياق الهدي في مقام البيان يقتضي عدم الوجوب و فيه أن غايته الظهور فلا يعارض الأمر الذي هو

في الدلالة على الوجوب أظهر منه على العدم فليقيد به و للخبر المصرح بالعدم و هو حسن إن صح السند و ليس إلا أن يجبر بموافقة الأصل و ظاهر الصحيح السابق و لا يخلو عن نظر و قيل في السرائر و غيره إن كان النذر مطلقا توقع المكنة لوجوب تحصيل الواجب بقدر الإمكان و إن كان معينا بسنة و قد حصل العجز فيها سقط الحج لعجزه المستتبع لسقوطه و هو قوي متين لو لا النصوص المتقدمة الآمرة بالركوب عند العجز مطلقا و أقلها الجواز إن لم نقل بالوجوب و يعضدها بالإضافة إلى النذر المطلق أن الأمر بالركوب بعد العجز ربما يوجب العسر و الحرج المنفيين آية و رواية سيما و أن يكون بعد التلبس بالإحرام فيعضده حينئذ مع ذلك الأمر بإكمال الحج و العمرة و لذا قال بعض المتأخرين بمقتضى النصوص من وجوب الإكمال في هذه الصورة و قال بمقالة الحلي في صورة العجز قبل التلبس و فيه أن النصوص المزبورة شاملة بإطلاقها أيضا لهذه الصورة بل العمل بها مطلقا توجه لكن يستفاد عن فخر الإسلام و غيره أن الخلاف إنما هو في النذر المعين و أما المطلق فلا خلاف في وجوب توقع المكنة فإن تم إجماعا و إلا كما هو الظاهر المستفاد من نحو العبارة فالأخذ بمقتضى النصوص أجود لأنها بالإضافة إلى الأصول المقتضية للقول الأخير بشقيه أخص فلتكن بالتقديم أجود سيما بالاعتضاد ربما مر و يبقى الإشكال في حكم السياق أ هو على الوجوب أو الاستحباب و الأوفق بالأصول الأول و إن كان الثاني لا يخلو عن وجه و مع ذلك فهو أحوط و لشيخنا في المسالك و الروضة تفصيل لم أقف عليه

في كلام أحد من الجماعة و للمختلف و التنقيح تفصيل آخر و هو كالحلي إلا في النذر المعين فيركب عند العجز و هو كما عدا القولين الأولين خارج عن النصوص بل الأصول ما عدا الأول منها لموافقته الأصول

و إن خالفت النصوص و لولاها لكان المصير إليه متعينا بل يمكن المصير إليه معها أيضا بناء على عدم صراحتها في نذر الحج ماشيا يعني نذر الحج مع المشي مشروطا أحدهما بالآخر كما هو ظاهر فرضنا لأن مورد الصحيحين منها نذر المشي إلى بيت اللَّه و هو لا يستلزم نذر الحج فلعل إيجابه إنما هو لوجوبه عليه مضيقا سابقا بالاستطاعة و نحوها و ما عداهما و إن ورد بلفظ الفرض إلا أنه مع ضعف بعضها يحتمل أن يكون المراد منها نذر المشي خاصة منضما إلى الحج الواجب مضيقا سابقا كما هو مورد الصحيحين و حينئذ فلا تعلق لها بمسألتنا إلا من حيث الإطلاق أو العموم و في تخصيص الأصول بمجردها إشكال مع إمكان العكس يصرفهما إلى نذر المشي خاصة في سنة الوجوب مضيقا و حيث أمكن الجمع بإرجاع إحداهما إلى الأخرى كان صرف النصوص إلى الأصول أولى لكونها مقطوعا بها بخلاف النصوص لكونها آحادا فتأمل جدا

[الثالثة المخالف إذا حج لم يعده]

الثالثة المخالف إذا حج و لم يخل بركن من أركانه لم يعده وجوبا لو استبصر على الأظهر الأشهر بل عليه عامة من تأخر وفاقا للشيخ و الحلي للصحاح الصراح خلافا للإسكافي و القاضي فيعيد للخبرين و حملا على الاستحباب جمعا مضافا إلى ضعف السند و وقوع التصريح به في تلك الصحاح و لو حج أحب إلي و إن أخل بركن أعاد وجوبا بلا خلاف و إن اختلفت في المراد بالركن عندنا كما

ذكره الفاضلان في المعتبر و التحرير و المنتهى و تبعهما الشهيد ره في الدروس و عنده كما هو ظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك و الروضة و سبطه و جماعة ممن تأخر عنهما و النصوص خالية من القيد مطلقا إلا أن موردها من حج و ظاهره الحج الصحيح عنده لا عندنا فإذا حج فاسدا عنده لم يدخل في موردها فيجب عليه الإعادة حينئذ عملا بالعمومات السليمة عن المعارض هنا و أما إذا حج صحيحا عنده كان داخلا في مورد النصوص النافية للإعادة قطعا و على هذا فالقول الثاني أقوى مع أن عليه مدار أولئك الفضلاء في الصلاة و نحوها و وجه الفرق غير واضح و ما ذكره بعض من أنه هنا إن أخل بركن عندنا لم يأت بالحج حينئذ مع بقاء وقت أدائه بخلاف الصلاة لخروج وقتها و لا يجب القضاء إلا بأمر جديد فهو كما ترى فإن الصلاة الفاسدة عندنا يجب قضاؤها خارج الوقت إجماعا لعموم من فاتته فريضة فليقضها و هم لا يقولون بوجوب قضائها إذا كانت عنده صحيحة فسقوط القضاء ثمة ليس إلا لنحو الصحاح المتقدمة و هي جارية هنا بعينها و بالجملة بقاء الوقت و خروجه لا تصلح فارقا بعد ورود الأمر الجديد الملحق للقضاء بالأداء سيما و هم قد قالوا به هناك لو أتى بها فاسدة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 345

عنده و لا فرق بين من حكم بكفره كالحروري و الناصبي و غيره في ظاهر العبارة و نحوها و الصحاح بل صريح بعضها المتضمنة ما قدمناه خلافا لمحتمل المختلف و غيره ففرقا بينهما و أوجبا الإعادة على الأول و هو ضعيف جدا و هل الحكم بعدم الإعادة لصحة العبادة في نفسها بناء

على عدم اشتراط الإيمان فيها كما هو صريح الفاضلين و جماعة ممن تأخر عنهما أم إسقاط للواجب في الذمة من قبيل إسلام الكافر كما هو ظاهر الإسكافي و القاضي و شيخنا الشهيد الثاني و سبطه و من تأخر عنهما قولان أجودهما الثاني لدلالة النصوص الكثيرة عليه جدا و لا ثمرة لهذا الاختلاف إلا ما مر من الاختلاف في تفسير الركن فيراد منه عندنا على القول الأول هنا و عنده على الثاني على ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني حيث بنى الاختلاف ثمة على الاختلاف هنا و هو متوجه لو لا حكم المفسر للركن هنا بعندنا في الصلاة يكون الاعتبار بفعلها صحيحة عنده لا عندنا

[القول في النيابة]
اشارة

القول في النيابة و يشترط فيه أي في النائب المدلول عليه بالسياق الإسلام و العقل و أن لا يكون عليه قال و هو ميت هل يدخل لك عليه قال نعم حتى يكون مستحقا لما عليه فيغفر أربعون مضيقا فيوسع عليه قال فيعلم و هو في مكانه إن عمل ذلك لحقه واجب مطلقا كما يقتضيه إطلاق نحو العبارة أو إذا كان ذلك الواجب مضيقا في ذلك العام مع التمكن منه و لو مشيا حيث لا يشترط فيه الاستطاعة كالمستقر من حج الإسلام ثم يذهب المال كما صرح به جماعة فلا يصح نيابة الكافر مطلقا للإجماع على فساد عباداته لعدم تأتي نية القربة منه و لا نيابة المسلم عنه لأنه لا يستحق الثواب و لأن فعل النائب تابع لفعل المنوب عنه في الصحة لقيامه مقامه فكما لا يصح من نائبه و لا يصح نيابة المسلم عن مخالف للحق أما الناصبي فلا خلاف فيه لكفره الحقيقي و للصحيح الآتي و الخبر لا يحج عن الناصب

و لا يحج به و أما غيره فعليه الأكثر على الظاهر المصرح به في كلام جمع بل في المسالك أنه المشهور و يفهم من الحلي الإجماع حيث عزى الصحيح المستثنى للأب إلى الشذوذ و لعله لذا حكي عنه الفاضلان الإجماع كما يأتي و إن غفل عنه كثير و هو الأظهر لفحوى ما دل على عدم انتفاعهم بعباداتهم فبعبادات غيرهم أولى مضافا إلى مخالفة النيابة للأصل المقتضي لوجوب المباشرة فيقتصر فيها على المتيقن المقطوع به فتوى و رواية و ليس إلا المنوب عنه المسلم خاصة و أما غيره فلا يدخل في إطلاق أخبار النيابة لوروده لبيان أحكام غير مفروض المسألة فهي بالنسبة إليه مجملة هذا مع احتمال إدخاله في الخبرين إما لأنه ناصب حقيقي كما قيل و يشهد له من الأخبار كثير أو لإطلاق الناصب عليه فيها بل الكفر أيضا و الأصل الشركة في الجميع خلافا للفاضلين و الشهيد في المعتبر و المنتهى و المختلف و الدروس فخصوا المنع بالناصب بناء على ما ذهبوا إليه من صحة عبادة المخالف غيره و قد مر ما فيه مع أن من عدا المعتبر قد رجع عنه فالفاضل في المختلف خبرا و الشهيد في اللمعة فكادت تصير المسألة إجماعية فلا شبهة فيها إلا أن يكون النيابة عن الأب فتصح هنا على الأشهر الأقوى للصحيح أ يحج الرجل عن الناصب فقال لا قلت إن كان أبي قال إن كان أباك نعم و في لفظ آخر إن كان أباك فحج عنه خلافا للحلي و القاضي فمنعا عنه لدعوى شذوذ الرواية و فيها أنها مشهورة كما اعترف به الماتن فقال إنه مقبول عند الجماعة قال و هو يتضمن الحكمين معا فقبول أحدهما و

رد الآخر و دعوى الإجماع على مثله تحكمات يرغب عنها و فيه نظر لأنه لم يظهر من الحلي الاستناد في المنع إلى الرواية حتى يتوجه عليه ما ذكره من أنه عمل ببعض الخبر و رد بعضه فيحتمل استناده إلى ما قدمناه من الأدلة و لو لا صحة الرواية و اشتهارها بين الجماعة لكان خيرته في غاية القوة و المتانة ثم إنه في المختلف استشكل على مختاره من المنع عن النيابة عن الناصبي لكفره الحقيقي في الفرق بين الأب منه و غيره الوارد في الرواية قال فإن هذه الرواية فصلت بين الأب منه و غيره فنقول المراد بالناصب إن كان هو المخالف مطلقا ثبت ما قاله الشيخ و إن كان هو المعلن بالعداوة و الشنآن لم يبق فرق بين الأب و غيره و لو قيل بقول الشيخ كان قويا أقول و ربما يظهر منه الاتفاق في الناصبي على فساد النيابة عنه مطلقا و فيه نظر و قد صرح بالجواز في الدروس و هو غير بعيد لاحتمال صحة ما يقال في وجه الفرق من أنه لتعلق الحج بما له فيجب الإخراج عنه أو الحج بنفسه و لفظ الخبر لا يأبى الشمول لهما و بالجملة فليس لأثابة المنوب عنه و يمكن أن يكون سببا لخفة عقابه و إنما خص الأب به مراعاة لحقه و في الموثق أو الصحيح عن الرجل يحج فيجعل حجته و عمرته أو بعض طوافه لبعض أهله و هو عنه غائب ببلد آخر ينقص ذلك من أجره قال لا هو له و لصاحبه و له أجر سوى ذلك بما وصل قال و هو ميت هل يدخل ذلك عليه قال نعم حتى يكون مستحقا لما عليه

فيغفر له أن يكون مضيقا فيوسع عليه قال فيعلم و هو في مكانه إن عمل ذلك لحقه قال نعم قال و إن كان ناصبا ينفعه ذلك قال نعم يخفف عنه و لا يصح نيابة المجنون و الصبي غير

المميز بلا خلاف و لا إشكال و في المميز قولان أجودهما و أشهرهما لا للأصل المتقدم المعتضد بما قيل من خروج عباداته عن الشرعية و إنما هي تمرينية فلا تجزي عمن تجب عليه أو يندب إليها لأن التمرينية ليست بواجبة و لا مندوبة لاختصاصهما بالمكلف مع أنه لا ثقة بقوله إذا أخبر عن الأفعال أو نياتها نعم إن حج عن غيره استحقاق الثواب عليه و حكى في الشرائع و التذكرة كما قيل قول بالصحة لصحة عباداته و فيه ما عرفته و لا بد من نية النيابة بأن يقصد كونه نائبا و لما كان ذلك أعم من تعيين المنوب عنه نبه على اعتباره بقوله و تعيين المنوب عنه قصدا في المواطن كلها قيل و لو اقتصر في النية على تعيين المنوب عنه بأن ينوي أنه عن فلان أجزأ عنه لأن ذلك يستلزم النيابة عنه و هذا الحكم مقطوع به في كلامهم على الظاهر المصرح به في عبائرهم و منها الذخيرة و فيها لكن روى الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح عن ابن أبي حمزة و الحسين عن أبي عبد اللَّه ع في رجل أعطى رجلا مالا يحج عنه فحج عن نفسه فقال هي عن صاحب المال أقول و نحوه المرفوع المروي في الكافي و ضعف مسندهما بالرفع و الاشتراك يمنع عن العمل بهما مضافا إلى مخالفتهما الأصول فإن الأعمال بالنيات و لكل امرئ ما نوى و الإجماع الظاهر

و المنقول نعم في الدروس أنه لو أحرم عن المنوب ثم عدل إلى نفسه لغا العدول و إذا أتم الأفعال أجزأ عن المنوب عند الشيخ و في غيره أيضا عنه ذلك في الخلاف و المبسوط و كذا عن الجواهر و الجامع و المعتبر و المنتهى و التحرير و يمكن حمل الخبرين على ذلك إن صح المصير إليه لكن لا دليل عليه عدا ما قيل من أن الأفعال استحقت للمنوب عنه بالإحرام عنه فلا يؤثر العدول كما لا يؤثر فيه نية الإخلال بل تبعت الإحرام و هو مجرد دعوى خالية عن الدليل و لهذا قال الفاضلان في الشرائع و القواعد و غيرهما بعدم الإجزاء عن أحدهما و هو قوي و لا يجب تسمية اسمه بل يستحب كما يأتي و لا ينوب من وجب عليه الحج في عام الاستطاعة مع التمكن منه بلا خلاف المنهي عن ضده أو عدم الأمر به الموجبين للفساد و الصحاح منها عن الرجل الصرورة يحج عن الميت قال نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحج من ماله و هي تجزي عن الميت إن كان للصرورة مال و إن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 346

لم يكن له مال و نحوه آخر و منها في رجل صرورة مات و لم يحج حجة الإسلام و له مال قال يحج عنه صرورة لا مال له و لو لم يجب عليه حج أصلا أو وجب مطلقا أو في غير عام الاستنابة أو فيه و لم يتمكن منه سواء كان قبل الاستقرار أو بعده جاز و لا خلاف أجده في جميع الصور إلا من إطلاق

نحو العبارة و صريح الحلي فيمن استقر عليه حج فيبطل النيابة و لم أعرف وجهه مع اقتضاء الأصل و الإطلاقات السليمة عن المعارض خلافه نعم يعتبر في المستقر ضيق الوقت بحيث لا يحتمل تجدد الاستطاعة إلا أن يكون الاستنابة مشروطة بعدم تجددها ثم الحكم بجواز الاستنابة مطلق و إن لم يكن النائب حج و يعبر عنه بالصرورة بلا خلاف فيه بيننا إذا كان ذكرا و الصحاح به مستفيضة جدا و منها الصحاح المتقدمة قريبا و عن جماعة كونه مجمعا عليه بيننا و منهم الماتن في المعتبر و شيخنا في المسالك و غيرهما و الخبران الواردان بخلاف ذلك مع ضعف سندهما شاذان محمولان على التقية أو الإنكار أو عدم معرفة الصرورة بأفعال الحج أو الكراهة كما عن المعتبر حيث سئل عنه فيه و يصح نيابة المرأة عن المرأة و الرجل و لو كانت صرورة بلا خلاف إلا من الشيخ و القاضي فمنعا عن نيابتها مطلقا إذا كانت صرورة في النهاية و التهذيب و المهذب و المبسوط و فيه التصريح بعموم المنع عن نيابتها عن الرجل و المرأة و كذا أطلق في صار على الظاهر المصرح به في المختلف و قيل خصه بنيابتها عن الرجل كما عنون به الباب و فيه أن الإطلاق يستفاد من السياق و كيف كان فلا ريب أن مذهبه المنع على الإطلاق للخبرين و هما مع ضعف سندهما معارضان بعد الأصل و الإطلاق بالنصوص المستفيضة بل المتواترة كما عن الحلي و فيها الصحاح و الموثق و غيرهما منها يحج الرجل عن المرأة و المرأة عن الرجل و المرأة عن المرأة و ما يقال من أن هذه مطلقة و الخبران مقيدان فيجب تقييدها بهما

فحسن بشرط الحجية و التكافؤ و هما مفقودان فيجب صرف التأويل إليهما بحملهما على الكراهية كما فعله الجماعة و يشعر به رواية عن امرأة صرورة حجت عن امرأة صرورة فقال لا ينبغي أو على ما إذا كانت غير عالمة بمسائل الحج و لا بأحكامه كما هو الغالب في النسوة في جميع الأزمنة و أما الموثق عن الرجل الصرورة يوصي أن يحج عنه هل يجزي عنه امرأة قال لا كيف تجزي امرأة و شهادته شهادتان قال إنما ينبغي أن تحج المرأة عن المرأة و الرجل عن الرجل و قال لا بأس أن يحج الرجل عن المرأة فشاذ لا قائل به منا فيحمل على التقية كما قيل أو على الكراهة و في رواية إن والدتي توفيت و لم يحج قال يحج عنها رجل أو امرأة قال قلت أيما أحب إليك قال رجل أحب إلي و لو مات النائب بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ حجة عمن حج عنه بلا خلاف أجده على الظاهر المصرح به في عبائر بل في المسالك و عن المنتهى الإجماع عليه قيل لثبوته في المنوب عنه بالإجماع و الصحيحين فكذا في النائب لأن فعله فعله و للموثق عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطي رجل دراهم ليحج بها عنه فيموت قبل أن يحج قال إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن الأول و فيهما نظر أما الأول فواضح و أما الثاني فلمخالفة إطلاقه الإجماع إذ ليس فيه تقييد الموت بكونه بعد الإحرام و دخول الحرم و نحو ذلك أخبار أخر ضعيفة السند فلا اعتبار بها لو لا الإجماع المقيد لها بذلك لمخالفتها الأصول المقتضية لوجوب الإتيان بجميع ما

في العبادة من الشرائط و الأركان لكن ترك العمل بالمجمع عليه و بقي الباقي و لذا اشترط الأكثر دخول الحرم خلافا للخلاف و السرائر فاكتفيا بالموت بعد الإحرام مطلقا حتى في الحاج لنفسه و مستندهما غير واضح عدا إطلاق الموثق السابق و فيه مضافا إلى ما مر أنه معارض بظاهر الصحيحين أحدهما في رجل خرج حاجا حجة الإسلام فمات في الطريق فقال إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الإسلام و إن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الإسلام و نحوه الثاني إن كانت صرورة ثم مات في الحرم أجزأ عنه حجة الإسلام و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله و زاده و نفقته و ما معه في حجة الإسلام الخبر لكن ذيله ربما أفهم القول

الثاني لكنه معارض بمفهوم الصدر المعاضد بالصحيح السابق الظاهر في الأول صدرا و ذيلا و نحوه المرسلة المروية في المختلف عن المفيد في المقنعة و هذا فيه و الشيخ يقبل مراسيله كما يقبل مسنده هذا مع احتمال الإحرام فيه و في كلام الخلاف كما قيل دخول الحرم فقد جاء بمعناه كالاتهام و الاتجار و ربما يعضده السياق و ما في الخلاف من أن الحكم منصوص للأصحاب لا يختلفون فيه فلو لا أن المراد من الإحرام في كلامه و ما ذكرنا لتوجه النظر إلى ما ذكره من نفي الخلاف كيف لا و الخلاف مشهور لو أريد منه غيره و كيف كان فالمذهب ما عليه الأصحاب في المقامين و مقتضى الإجزاء أنه لا يستفاد من تركته من الأجرة شي ء و عن الغنية أنه لا خلاف فيه و عن الخلاف إجماع أصحابنا على أنه منصوص

لا يختلفون فيه و عن المعتبر أنه المشهور بينهم فإن ثبت عليه نص أو إجماع و إلا توجه استعادة ما بإزاء الباقي من الأجرة إن استؤجر على الأفعال المخصوصة دون المبرئ للذمة و احترزنا بالشرطية عما لو مات قبل ذلك و لو كان قد أحرم فإنه لا يجزي و لو قبض الأجرة استعيد منها بنسبة ما بقي من العمل المستأجر عليه و إن كان الاستيجار على فعل الحج خاصة أو مطلقا و كان موته بعد الإحرام استحق بنسبته إلى بقية أفعاله و إن كان عليه و على الذهاب استحق أجرة الذهاب و الإحرام و استعيد الباقي و إن كان عليهما و على العود فبنسبته إلى الجميع و إن كان موته قبل الإحرام ففي الأولين لا يستحق شيئا و في الأخيرين بنسبة ما قطع من المسافة إلى ما بقي منه من المستأجر عليه هذا ما يقتضيه الأصول و به صرح جماعة قاطعين به وفاقا للمحكي عن السرائر و الإيضاح و المبسوط خلافا للفاضلين في الشرائع و القواعد و غيرهما فقالوا بأنه يستحق مع الإطلاق بنسبة ما فعل من الذهاب إلى المجموع منه و من أفعال الحج و العود كما في النهاية و الكافي و التهذيب و الغنية و القواعد من غير ذكر العود و هو في غاية الضعف لأن مفهوم الحج لا يتناول غير المجموع المركب من أفعاله الخاصة دون الذهاب إليه و إن جعلناه مقدمة للواجب و العود الذي لا مدخل له في الحقيقة و لا ما يتوقف عليه بوجه هذا و يمكن تنزيل إطلاقهم على ما إذا شهدت قرائن العرف و العادة بدخول قطع المسافة في الإجارة و إن لم يذكر في صيغتها فيكون

اللفظ متناولا لها بالالتزام كما هو المتعارف في هذا العصر بل جميع الأعصار و بهذا يعطى الأجير من الأجرة الكثيرة ما لا يعطى من يحج من الميقات و يعطى النائب بالنوع المشترط عليه من أنواع الحج ضمن العقد من تمتع أو قران أو إفراد لا يجوز له العدول إلى غيره بلا خلاف في الأفضل إلى غيره و في العكس خلاف فبين من جعله كالأول مطلقا كالمتن و الجامع و التلخيص كما حكى عملا بقاعدة الإجارة من وجوب الإتيان بما تعلقت به دون غيره لعدم الأمر بالوفاء به و إذا كان المشترط فريضة المنوب فيجوز في المندوب و الواجب المخير و المنذور المطلق مطلقا كما في عبائر أو بشرط

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 347

العلم بقصد المستنيب التخيير و الأفضل و أن ما ذكر في العقد إنما هو للرخصة في الأدنى كما في أخرى و هذا هو الأقوى لكن في المقيد خروج من مفروض المتن و هو العدول عن المشترط إذ فرض العلم بقصد التخيير ينافي اشتراط الفرد الأدنى لظهوره في عدم الرضا بتركه إلا أن يراد من الاشتراط مجرد الذكر في متن العقد كما هو مورد النص و أكثر الفتاوى في المسألة و إن خالفهما التعبير في نحو العبارة و كيف كان فلا ينبغي أن يجعل هذا محل نزاع و لا إشكال لأن الشرط بهذا المعنى لا ينافي في جواز العدول بعد فرض العلم برضا المستنيب به لأن ذلك في حكم المأذون و إنما الإشكال في جوازه مع فرض فقد القيد فالذي يقتضيه القاعدة المنع مضافا إلى تأيدها برواية مقطوعة عن رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة قال ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج لا

يخالف صاحب الدراهم و لكن في الموثق بل الصحيح كما قيل في رجل أعطى رجلا حجة مفردة فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج قال نعم إنما خالف إلى الفضل الخبر و ظاهره الجواز كما عليه معظم الأصحاب و إنما قيدوه بما مر عملا بما فيه من ظاهر التعليل فإن الإتيان بغير فريضة المنوب ليس فيه فضل فضلا عن أن يكون أفضل و هنا يظهر ضعف القول بجواز العدول إلى التمتع على الإطلاق المشار إليه بقوله و قيل يجوز أن يعدل إلى التمتع و لا يعدل عنه و القائل الشيخ في النهاية و الخلاف المبسوط و قاضي و الإسكافي و ذلك لعدم دليل عليه حتى من النص لما مر مضافا إلى مخالفة القاعدة و الاعتبار هذا و الذي ينبغي تحقيقه أن مراد هؤلاء ليس الإطلاق بل مع الشرط المتقدم كما يفهم من عبارة الشيخ في كتابي الحديث مضافا إلى ما ذكره الحلي بعد نقل ذلك عنهم بقوله هذا رواية أصحابنا و فتياهم و تحقيق ذلك أن من كان فرضه التمتع فحج عنه قارنا أو مفردا فإنه لا يجزيه و من كان فرضه القران أو الإفراد فحج عنه متمتعا فإنه لا يجزيه إلا أن يكون قد حج المستنيب حجة الإسلام فحينئذ يصح إطلاق القول و العمل بالروايات قال و يدل على هذا التحرير قولهم لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل فلو لم يكن قد حج حجة الإسلام بحسب حاله و فرضه و تكليفه لما كان التمتع أفضل بل كان إن كان فرضه التمتع فهو الواجب و ليس لدخول أفضل معنى لأن أفعل لا يدخل إلا في أمرين يشتركان ثم يزيد أحدهما على الآخر و كذا لو

كان فرضه القران و الإفراد لما كان التمتع أفضل بل لا يجوز له التمتع فكيف يقال أفضل فيخص إطلاق القول و الأخبار بالأدلة لأن العموم قد يخص بالأدلة إجماعا انتهى و في عبارته إشعار بل ظهور في انعقاد الإجماع على الرواية سيما مع فتواه بها مع مخالفتها القاعدة كما مضى فإذا لا مسرح و لا مندوحة عنها و إن كان عدم العدول مطلقا أحوط و أولى و متى جاز العدول استحق الأجير تمام الأجرة أما مع امتناعه فلا و إن وقع عن المنوب و كما يجب الإتيان بالمشترط من نوع الحج مع تعلق الفرض به كذا يجب الطريق المشترط معه عملا بقاعدة الإجارة و عليه أكثر المتأخرين بل المشهور كما قيل و زاد بعضهم فقال بل الأظهر عدم جواز العدول إلا مع العلم بانتفاء الغرض في ذلك الطريق و أن هو و غيره سواء عند المستأجر و مع ذلك فالأولى وجوب الوفاء بالشرط مطلقا و قيل لو شرط عليه الحج على طريق جاز له الحج بغيرها للصحيح عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه و القائل الشيخان و القاضي و التهذيب و السرائر و الحلي و الفاضل في الرشاد و عن الجامع نفي البأس عنه و لعله لصحة الرواية مع عمل الجماعة و لا سيما نحو الحلي و وضوح الدلالة و إن ناقش فيها المتأخرون باحتمال أن يكون قوله من الكوفة صفة لرجل لا صلة للحج كما في كلام بعضهم أو الحمل على وقوع الشرط خارج العقد بناء على عدم الاعتبار بمثله عند الفقهاء كما في كلام آخر أو

تأويلها بما إذا لم يتعلق بطريق الكوفة مصلحة دينية و لا دنيوية لأن أغلب الأوقات و الأحوال عدم تعلق الغرض إلا بالإتيان بمناسك الحج و ربما كان في قوله ع إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه إشعار به كما في ثالث أو أن الدفع

وقع على وجه الرزق لا الإجارة و هو الذي تضمنه الخبر كما في الشرائع أو كون المراد حصول الإجزاء لا جواز ذلك للأجير كما في خامس و ظني بعد الكل إلا أن اجتماعها مع الشهرة على خلاف الرواية ربما أوجب التردد في الخروج بمثلها عن القواعد و الإجارة و لا ريب أن الاحتياط في الوقوف على مقتضاها ثم إنه على تقدير العمل بالرواية لا ريب في صحة الحج مع المخالفة و استحقاق الأجرة و أما على غيره فالذي قطع به جماعة صحته أيضا و إن تعلق الغرض بالطريق المعين لأنه بعض العمل المستأجر عليه و قد امتثل بفعله و يضعف بأن المستأجر عليه الحج المخصوص و هو الواقع عقيب قطع المسافة المعينة و لم يحصل الإتيان به نعم لو تعلق الاستيجار بمجموع الأمرين من غير ارتباط لأحدهما بالآخر اتجه ما ذكروه و لا يجوز للنائب الاستنابة إلا مع الإذن له فيها صريحا ممن يجوز له الإذن فيها كالمستأجر عن نفسه أو الوصي أو الوكيل مع إذن الموكل له فيه أو إيقاع العقد مقيدا بالإطلاق لا إيقاعه مطلقا فإنه يقتضي المباشرة بنفسه و المراد بتقييده بالإطلاق أن يستأجره ليحج عنه مطلقا بنفسه أو بغيره أو بما يدل عليه كأن يستأجره لتحصيل الحج عن المنوب عنه و بإيقاعه مطلقا أن يستأجر ليحج عنه صح فإن هذا الإطلاق يقتضي مباشرته لا استنابته فيه كل

ذلك للأصول المقررة و بها أفتى جماعة كالحلي في السرائر و الشهيدين في الدروس و اللمعتين بل قيل لا خلاف فيه مع أن الشيخ قال في التهذيب و لا بأس أن يأخذ الرجل حجة الإسلام فيعطيها لغيره و أطلق للخبر الذي رواه في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى غيره قال لا بأس و رواه الكليني أيضا و ضعف سنده يمنع عن العمل به قطعا فضلا أن يقيد به الأصول المتقدمة بل ينبغي صرف التوجيه إليه بحمله على صورة الإذن كما في الدروس أو عدم تعلق الغرض بالنائب الأول كما في غيره و لا يجوز للنائب أن يؤجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي استؤجر لها قطعا لاستحقاق الأول منافعه تلك السنة لأجل الحج فلا يجوز صرفها إلى غيره و لا يجوز لغيرها بشرط عدم فورية الحج أو تعذر التعجيل لعدم المنافاة بين الإجارتين و لو أطلقت الأولى ففي جواز الثانية مطلقا أو العدم كذلك أو الجواز في غير السنة الأولى و العدم فيها أوجه و أقوال أوسطها أشهرها بناء على اقتضاء الإطلاق التعجيل عند المشهور كما في المسالك و غيره بل عن المقدس الأردبيلي لعله لا خلاف فيه فيكون كالمعين الفوري و مستنده غير واضح إن لم يكن إجماع عدا ما عن المقدس الأردبيلي من فورية الحج و اقتضاء مطلق الإجارة اتصال زمان مدة يستأجر له بزمان العقد و هو يقتضي عدم جواز التأخير عن العام الأول و يضعف الثاني بأنه مصادرة و الأول بأنه أخص من المدعى فقد يكون الحج مندوبا أو واجبا مطلقا و مع ذلك فالفورية إنما هي بالنسبة إلى المستأجر لا الموجر و لا تلازم بينهما فتأمل جدا هذا و لا

ريب أن المنع مطلقا أحوط و أولى و لو صد قبل الإكمال أي إكمال العمل

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 348

المستأجر عليه مطلقا استعيد منه من الأجرة بنسبة المتخلف منه إن كانت الإجارة مقيدة بسنة الصد لانفساخها بفوات الزمان الذي تعلقت به و لا يلزم المستأجر إجابته لو التمس عدم الاستعادة و ضمن الحج من قابل على الأشبه لعدم تناول العقد لغير تلك السنة خلافا لظاهر السرائر و النهاية و المبسوط و المقنعة و التهذيب و الحلبي كما حكى فيلزم و مستنده غير واضح مع احتمال أن يكون مرادهم الجواز برضا المستأجر و لا كلام فيه حينئذ و لا فرق بين أن يقع الصد قبل الإحرام و دخول الحرم أو بعدهما أو بينهما لعموم الأدلة و إلحاقه بالموت قياس فاسد في الشريعة مع كونه مع الفارق لما قيل من أن الاتفاق على عدم الإجزاء مع الصد إذا حج عن نفسه فكيف عن غيره خلافا لظاهر الماتن في الشرائع و المحكي عن الخلاف فألحقاه بالموت و لا وجه له مضافا إلى ما عرفته نعم عن الخلاف أنه نظمه مع الموت في سلك و استدل بإجماع الفرقة على أن هذه المسألة منصوص لهم لا يختلفون فيها قال الناقل و ظني أن ذكر الإحصار من سهو قلمه أو قلم غيره و إن كانت الإجارة مطلقة وجب على الأجير الإتيان بالحج بعد الصد لعدم انفساخها به و هل للمستأجر أو الأجير الفسخ قال الشهيد ملكاه في وجه قوي و على تقديره له أجرة ما فعل و استعيد بنسبة ما تخلف و متى انفسخت الإجارة استؤجر من موضع الصد مع الإمكان إلا أن يكون بين مكة و الميقات فمن الميقات لوجوب إنشاء الإحرام

منه و لا يجوز له أن يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة للأصل و المعتبرة منها الرجل يطوف عن الرجل و هو مقيم بمكة قال لا و لكن يطاف به حيث لا يمكنه الطواف بنفسه كما في الصحاح المستفيضة منها المريض المغلوب أو المغمى عليه يومئ به و يطاف به و يطاف عمن لم يجمع الوصفين بأن كان غائبا أو غير متمكن من استمساك الطهارة كما في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و سيأتي إن شاء اللَّه تعالى ما يتعلق منها بالغائب في بحث الطواف و أما ما يتعلق منها بالمريض فصحيح مستفيض منها المريض المغلوب و المغمى عليه يومئ عنه و يطاف عنه و منها المبطون و الكبير يطاف عنهما و يومئ عنهما و لا خلاف في شي ء من الأحكام المزبورة أجده و به صرح جماعة بل قيل في الأولين كأنه اتفاقي قيل و إنما يطاف عن المريض و مثله بشرط اليأس عن البراء و ضيق الوقت كما في الخبرين الآتي أحدهما قريبا و هو أحوط و بالأصل أوفق فيجبر به ضعف سند النص و يقيد به إطلاق ما مر من الأخبار و ليس الحيض من الأعذار المسوغة للاستنابة في طواف العمرة لما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى من إمكان عدولها إلى حج الإفراد للروايات إلا في طواف الحج و النساء مع الضرورة الشديدة اللازمة بانقطاعها من أهلها في البلاد البعيدة فيجوز لها الاستنابة كما عن الشيخ و قواه جماعة كالفاضل المقداد في التنقيح و شيخنا في المسالك و سبطه في المدارك و غيرهم من المتأخرين للصحيح إن معنا امرأة حائضا و لم تطف طواف النساء و أبى الجمال أن يقيم عليها قال

فأطوف فأطرق و هو يقول لا يستطيع أن يتخلف عن أصحابها و لا يقيم عليها جمالها ثم رفع رأسه إليه فقال تمضي فقد تم حجها بحملها على الاستنابة لعدم قائل بعدمها و عدم وجوب المباشرة و يعضده الخبر المعلل الوارد في المريض هذا ما غلب اللَّه تعالى عليه فلا بأس أن يؤخر الطواف يوما أو يومين فإن خلفته العلة عاد فطاف أسبوعا و إن طالت عليته أمر من يطوف عنه أسبوعا الخبر و ليس في سنده سوى سهل و ضعفه كما قيل سهل و لو حمل إنسانا فطاف به احتسب لكل منهما طواف ه لو نويا كما عن النهاية و الوسيلة و في الشرائع و غيرها أما عن المحمول فبالاتفاق كما في الإيضاح و الصحيح في المرأة تطوف بالصبي و تسعى به هل يجزي ذلك عنها و عن الصبي قال نعم و أما عن الحامل فله و للصحاح الأخر الواردة في الطائف بزوجته حول البيت و هي مريضة محتسبا بذلك لنفسه و فيها هل يجزي ذلك عنها و عن الصبي قال نعم و لانتفاء المانع فإنهما شخصان متخالفان ينوي كل بحركة طوافه و لا يفتقر المحمول إلى نية الحامل طوافه و إن لم يكن المتحرك حقيقة و بالذات كراكب البهيمة و لا فرق في إطلاق النصوص و نحو العبارة بين ما لو كان الحمل تبرعا أو بأجرة

خلافا للإسكافي و جماعة فمنعوا عن الاحتساب في الثاني قالوا لأن هذه الحركة مستحقة عليه لغيره فلا يجوز له صرفها إلى نفسه كما إذا استؤجر للحج و في المختلف التحقيق أنه إذا استؤجر للحمل في الطواف أجزأ عنهما و إن استؤجر للطواف لم يجز عن الحامل قيل و الفرق

ظاهر لأنه على الثاني كالاستيجار للحج و لكن الظاهر انحصاره في الطواف بالصبي أو المغمى عليه فإن الطواف بغيرهما إنما هو بمعنى الحمل نعم إن استأجره غيرها للجمل في غير طوافه لم يجز الاحتساب و لو حج من ميت تبرعا جاز و بري ء الميت إذا كان الحج عليه واجبا إجماعا كما في صريح عبارة جماعة و ظاهر آخرين و للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة أجودها دلالة في الواجب الموثق قلت لأبي عبد اللَّه ع إنسان هلك و لم يحج و لم يوص بالحج فأحج عنه بعض أهله رجلا أو امرأة هل يجزي ذلك و يكون قضاء عنه و يكون الحج لمن حج و يؤجر من أحج عنه فقال إن كان الحاج غير صرورة أجزأ عنهما جميعا و أجزأ الذي أحجه و الخبر قلت له ع بلغني عنك أنك قلت لو أن رجلا مات و لم يحج حجة الإسلام فأحج عنه بعض أهله أجزأ ذلك عنه فقال أشهد على أبي أنه حدثني عن رسول اللَّه ص أنه أتاه رجل فقال يا رسول اللَّه إن أبي مات و لم يحج حجة الإسلام فقال حج عنه فإن ذلك يجزي عنه و يلحق الحي بالميت إذا كان الحج تطوعا إجماعا على الظاهر المصرح به في عبائر و للنصوص المستفيضة القريبة من التواتر بل لعلها متواترة ففي الصحيح إن أبي قد حج و والدتي قد حجت و إن أخوي قد حجا و قد أردت أن أدخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي فقال اجعلهم معك فإن اللَّه عز و جل جاعل لهم حجا و لك حجا و لك أجرا بصلتك إياهم و في إلحاقه به في الحج

الواجب مع العذر المسوغ للاستنابة وجهان أما مع عدمه فلا يلحق به قطعا فإن الواجب على المستطيع إيقاع الحج مباشرة فلا يجوز فيه الاستنابة إلا ما قام عليه الأدلة و ليس منه مفروض المسألة و يلزم الأجير كفارة جنايته في إحرامه في ماله لأنها عقوبة جناية صدرت عنه أو ضمان في مقابلة إتلاف وقع منه و عن الغنية الإجماع عليه و في غيرها لا نعرف فيه خلافا و يستحب للنائب أن يذكر المنوب عنه باسمه في المواطن و عند كل فعل من أفعال الحج و العمرة بلا خلاف كما في المنتهى و غيره للصحيح ما يجب على الذي يحج عن الرجل قال يسميه في المواطن و المواقف و ليس بواجب و إن أوهمه للاتفاق كما قيل و للصحيح عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه قال إن اللَّه لا يخفى عليه خافية و في رواية إن شاء فعل و إن شاء لم يفعل اللَّه تعالى يعلم أنه قد حج عنه و لكن يذكره عند الأضحية و في الصحيح هل يتكلم بشي ء قال نعم يقول بعد ما يحرم اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو شعب فأجر فلانا منه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 349

و أجرني في قضائي عنه و أن يعيد فاضل الأجرة بعد الحج على المشهور كما قيل قيل ليكون قصده بالحج القربة لا الأجرة و ربما يفهم من بعض المعتبرة في الجملة و فيه أعطيت الرجل دراهم يحج بها عني ففضل منها شي ء فلم يرده علي فقال هو له لعله ضيق على نفسه في النفقة لحاجته إلى النفقة و عن المقنعة و قد جاءت رواية أنه إن فضل مما أخذه

فإنه يرده إن كانت نفقته واسعة و إن كان قر على نفسه لم يرده قال و العمل على الأول و هو أفقه و لعله أراد بالرواية ما عرفته و لكن دلالتها على ذلك ضعيفة و مع ذلك فترده مضافا إلى الأصول المعتبرة منها الموثق عن الرجل يأخذ الدراهم يحج بها هل يجوز أن ينفق منها في غير الحج قال إذا ضمن الحجة فالدراهم له يصنع بها ما أحب و عليه حجه و أن يتم بصيغة المجهول و الفاعل المستنيب له أي للنائب ما أعوزه كما عن النهاية و المبسوط و المنتهى و غيرها و في غيرها لكونه برا و مساعدة على الخير و التقوى و أن يعيد المخالف حجته إذا استبصر و لو كانت مجزية كما مر و يكره أن تنوب المرأة الصرورة عن الرجل بل مطلقا للنهي عن استنابتها و لذا قيل بالتحريم و هو ضعيف لما مضى مفصلا

[مسائل]
اشارة

و هنا مسائل خمس

[الأولى من أوصى بحجة و لم يعين انصرف إلى أجرة المثل]

الأولى من أوصى بحجة و لم يعين الأجرة انصرف ذلك إلى أجرة المثل لأن الواجب العمل بالوصية مع الاحتياط للوارث فيكون ما جرت به العادة كالمنطوق به و هو المراد من أجرة المثل و لو وجد من يأخذ بأقل من المثل اتفاقا مع استجماعه لشرائط النيابة وجب الاقتصار عليه احتياطا للوارث و الظاهر أنه لا يجب تكلف تحصيله كما صرح به شيخنا الشهيد الثاني و يعتبر ذلك من البلد أو الميقات على الخلاف

[الثانية إذا أوصى أن يحج عنه و لم يعين العدد]

الثانية إذا أوصى أن يحج عنه ندبا و لم يعين العدد فإن عرف التكرار منه حج عنه حتى يستوفي ثلثه إذا علم إرادة التكرار على هذا الوجه و إلا فبحسب ما علم منه و إلا يعلم منه التكرار مطلقا اقتصر على المرة الواحدة بلا خلاف في شي ء من ذلك أجده إلا في الأخير فظاهر التهذيب فيه التكرار هنا أيضا كما عن جماعة للخبرين و ضعف سندهما مع مخالفتهما الأصل يمنع عن العمل بهما و لذا حملهما متأخرو الأصحاب على صورة ظهور قصد التكرار و لا بأس به و ما اختاروه خيرة الحلي

[الثالثة لو أوصى أن يحج عنه في كل سنة]

الثالثة لو أوصى أن يحج عنه في كل سنة بمال معين مفصلا كعشرين دينارا أو مجملا كغلة بستان فقصر ما لكل سنة عن حجتها جمع ما يزيد على المعين في السنة مطلقا ما يمكن فيه الاستيجار الحجة فصاعدا و لو كان ما جمع نصيب أكثر من سنة فيما قطع به الأصحاب على الظاهر المصرح به في كلام جماعة حد الاستفاضة للمكاتبين المنجبر ضعفهما لعدم وضوح وثاقة الراوي و إن صرح بها بعضهم و يشهد له بعض القرائن بعمل الأصحاب كافة مضافا إلى التأيد بما ذكره جماعة من الاعتبار و هو خروج الأقدار عن الميراث و وجوب صرفها في الحج بالوصية و وجوب العمل بها بقدر الإمكان و كأن الوصية وصية بأمرين الحج و صرف القدر المخصوص فيه فإذا تعذر الثاني لم يسقط الأول و مرجعه إلى قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور المأثورة في المعتبرة و لولاها لكان هذا الاعتبار محل مناقشة وفاقا لبعض متأخري الطائفة

[الرابعة لو حصل بيد إنسان مال لميت و عليه حجة]

الرابعة لو حصل بيد إنسان مال وديعة لميت و عليه أي على ذلك الميت حجة الإسلام مستقرة في ذمته و علم ذلك الإنسان أو ظن أن الوارث إذا علموا بالمال لا يؤدون عنه الحجة جاز له أن يقطع من ذلك المال قدر أجرة المثل لذلك الحج الواجب عليه بعد استيذان الحاكم و عدم خوف ضرر بلا خلاف للصحيح عن رجل استودعه مالا فهلك و ليس لولده شي ء و لم يحج حجة الإسلام قال حج عنه و ما فضل فأعطهم قيل و الخروج هذا المقدار من الميراث فلا يجب تسليمه الوارث و هذا الدليل يعم الحكم لغير حجة الإسلام كما في إطلاق المتن و غيره بل غير الحج من الحقوق المالية

كالديون و الزكاة و غيرها كما قيل و المراد بالجواز و مرادفه في العبارة و غيرها الأعم المجامع للوجوب كما صرح به آخرون للأمر بذلك في الصحيح و تضمن خلافه تضييع حق واجب على الميت و تضييع حق المستحق للمال و لانحصار حق المستحق لذلك القدر من المال فيما بيده مع العلم بتقصير الوارث فيجب تسليمه إليه دون غيره و يضمن إن خالف و امتنع الوارث كما قيل و إنما قيدوا الصحيح بعلم منع الوارث أو ظنه مع عمومه لهما و لغيرهما لعدم انحصار حق غير الوارث فيه بدونه لجواز أداء الوارث له من غيره فلا يجب عليه الأداء و مساواة الوارث صاحب الحق في التعلق بما عنده فلا يجوز له الأداء منه بدون إذنه و ربما يومئ إليه قوله و ليس لولده شي ء و إنما اشترط استيذان الحاكم و ما بعده وفاقا للتذكرة قصرا لما خالف الأصل على المتفق عليه فتوى و رواية و ما قيل من أنها مطلقة فمضعف بتضمنها أمر الإمام ع للراوي بالحج عمن له عنده الوديعة و هو إذن و زيادة كذا قيل و لعله لا يخلو عن مناقشة و لا ريب أن الاستيذان من الحاكم مهما أمكن أحوط و أولى و مقتضى النص حج الودعي بنفسه و جوز له الأصحاب الاستيجار عنه قيل و ربما كان أولى خصوصا إذا كان الأجير أنسب لذلك من الودعي و لا بأس به سيما مع إمكان دعوى تنقيح المناط القطعي و به يمكن إلحاق غير الوديعة من الحقوق المالية حتى الغصب و الدين بها و إن كانت مورد النص خاصا وفاقا للمتن و غيره خلافا لجماعة فجمدوا علي بالوديعة

[الخامسة من مات و عليه حجة الإسلام]

الخامسة من مات و

عليه حجة الإسلام و أخرى منذورة أخرجت حجة الإسلام من الأصل بلا خلاف و المنذورة من الثلث وفاقا للإسكافي و الصدوق و النهاية و التهذيب و المبسوط و المعتبر و الجامع للصحاح منها عن رجل عليه حجة الإسلام نذر نذرا في شكر ليحجن رجلا إلى مكة فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الإسلام و من قبل أن يفي بنذره الذي نذر قال إن ترك مالا يحج عنه حجة الإسلام من جميع المال و أخرج من ثلثه ما يحج به رجلا لنذره و قد و في بالنذر و إن لم يكن ترك مالا إلا بقدر ما يحج به حجة الإسلام حج عنه بما ترك و يحج عنه وليه حجة النذر إنما هو مثل دين عليه و نحوه الباقي و يضعف بأن موردها من نذر أن يحج رجلا أي يبذل له ما يحج به و هو خلاف نذر الحج الذي كلامنا فيه و ما يقال من أن الاستدلال بها إنما هو بفحواها بناء على أن إحجاج الغير الذي هو موردها ليس إلا بذل المال لحجة فهو دين مالي محض بلا شبهة و به وقع التصريح في الرواية فإذا لم يجب إلا من الثلث فحج نفسه أولى فحسن إن كان حكم الأصل مسلما و عن المعارض سالما و ليس كذلك إذا لم أر بحكم الأصل مفتيا و رأى ما دل على وجوب إخراج الحق المالي المحض من الأصل له معارضا و لعله لذا أعرض عنها متأخرو الأصحاب و نزلوها تارة على وقوع النذر في مرض الموت كما في المختلف و أخرى على وقوعه التزاما بغير صيغة كما في غيره و ثالثة على ما إذا قصد الناذر تنفيذ

الحج المنذور بنفسه فلم يتفق له بالموت فلا يتعلق بماله

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 350

حج واجب بالنذر و يكون الأمر بإخراج الحج المنذور واردا على الاستحباب للوارث و كونه من الثلث رعاية لجانبه كما في المنتهى و فيه أي و في المقام وجه آخر و هو خروج المنذور من الأصل كحجة الإسلام اختاره الحلي و أكثر المتأخرين و وجهه غير واضح عدا توهم أنه دين كحجة الإسلام و فيه منع ظاهر فإن الحج ليس واجبا ماليا هو بل هو بدني و إن توقف على المال مع الحاجة إليه كما يتوقف الصلاة عليه كذلك و إنما وجب قضاء حجة الإسلام بالنصوص الصحيحة و الإجماع و إلحاق النذر به من غير دليل قياس هذا و لو لا اتفاق القولين على وجوب القضاء من الثلث أو الأصل بحيث كاد أن يكون إجماعا لكان الحكم به من أصله مشكلا للأصل و عدم اقتضاء النذر سوى وجوب الأداء و القضاء عنه يحتاج إلى أمر جديد

[المقدمة الثالثة في أنواع الحج]

اشارة

المقدمة الثالثة في بيان أنواع الحج و هي ثلاثة بإجماع العلماء كما في كلام جماعة و النصوص المستفيضة تمتع و قران و إفراد

[التمتع]
اشارة

فالتمتع و هو أفضلها بالنص و الإجماع و الصحاح به مستفيضة و هو الذي يقدم عمرته إمام حجه ناويا بها التمتع ثم ينشئ إحراما بالحج عن مكة و ترتبط به و تجزي عن العمرة المفروضة كما في النصوص و يسمى العمرة المتمتع بها إلى الحج و ما سواها تسمى بالعمرة المفردة لأفرادها عنه و أصل التمتع التلذذ و سمي هذا النوع به لما يتخلل بين عمرته و حجه من التخلل الموجب لجواز الانتفاع الموجب لجواز الانتفاع و التلذذ بما كان قد حرمه الإحرام مع ارتباط عمرته بحجه حتى أنهما كالشي ء الواحد شرعا فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه حصل في الحج و هذا فرض من ليس من حاضري مكة بل كان نائبا عنها بإجماعنا الظاهر المصرح به في الانتصار و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة و ظاهر المعتبر كما نقل و أخبارنا المستفيضة القريبة من التواتر و حده من بعد عنها أي عن مكة شرفها اللَّه تعالى ب ثمانية و أربعين ميلا من كل جانب وفاقا للمحكي عن القمي في تفسيره و للشيخ في النهاية و الصدوقين و الماتن هنا و في المعتبر و الفاضل في المختلف و التذكرة و المنتهى و التحرير و الشهيدين في المسالك و الدروس و اللمعتين و غيرهم من المتأخرين للمعتبرة المستفيضة نفي كل من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية و كل من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة و

في خبر آخر ثمانية و أربعون ميلا من جميع نواحي مكة من دون عسفان و دون ذات عرق و في الصحيح ليس لأهل مكة و لا لأهل مرو و لا لأهل سرفة متعة و نحوه غيره قال الماتن إن هذه المواضع أكثر من اثنى عشر ميلا و في الصحيح في حاضري المسجد الحرام قال دون الأوقات إلى مكة و نحوه غيره و قد ذكر العلامة فيما حكي عنه في موضع من التذكرة أن أقرب المواقيت ذات عرق و هي مرحلتان من مكة و في موضع آخر أن قرن المنازل و يلملم و العقيق على مسافة واحدة بينهما و بين مكة ليلتان قاصدتان و قيل من بعد عنها ب اثني عشر ميلا فصاعدا من كل جانب القائل بذلك الشيخ في المبسوط و الاقتصاد و التبيان و الحلي في السرائر و الفاضلان في الشرائع و الدروس و القواعد و عزي إلى مجمع البيان و فقه القرآن و الروضة و الجمل و العقود و الغنية و الكافي و الوسيلة و الجامع و الإصباح و الإشارة و حجتهم غير واضحة عدا ما قيل من نص الآية على أنه فرض من لم يكن حاضري المسجد الحرام و مقابل الحاضر هو المسافر و حد المسافر أربعة فراسخ و فيه نظر واضح سيما بعد ما مر من النص الصحيح الواضح المؤيد بغيره و توزيع الثمانية و الأربعين ميلا الواردة فيه على الأربع جوانب فيوافق هذا القول كما يظهر من الحلي و غيره فمع شدة مخالفته الظاهرة لا يلائم ما تضمن منها عسفان فإنها من مكة على مرحلتين كما في القاموس و في غيره فإذا ما اختاره الماتن هنا أقوى و أما ما

في الصحيح من التحديد بثمانية عشرة من كل جانب فشاذ على الظاهر المصرح به في بعض العبائر و ربما يحمل على التخيير و هو ضعيف و لا يجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلى الإفراد و القران إلا مع الضرورة أما الأول فلما مر من أن فرضهم التمتع فلا يجزيهم غيره لإخلالهم بما فرض عليهم و أما الثاني فلما يأتي فيمن دخل مكة بمتعة و خشي ضيق الوقت و الحائض و النفساء لو منهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الإحرام بالحج من جواز نقلهم إلى الإفراد

[و شروطه أربعة]
اشارة

و شروطه أي التمتع أربعة

[الأول النية]

النية بلا خلاف و لا إشكال أن أريد به الخلوص و القربة كما في كل عبادة أو نية كل من العمرة و الحج و كل من أفعالهما المتفرقة من الإحرام و الطواف و السعي و نحوها كما يأتي تفصيلها في مواضعها إن شاء اللَّه تعالى كما قيل و نية الإحرام خاصة كما في الدروس إلا أنه حينئذ كالمستغنى عنه فإنه من جملة الأفعال و كما يجب النية له كذا يجب لغيره و يشكل لو أريد بها نية المجموع جملة غير ما لكل كما استظهر في المسالك عن الأصحاب لعدم دليل على شرطيتها و وجوبها بهذا المعنى و الأخبار خالية من ذلك كله و يمكن أن يراد بها نية خصوص التمتع حين الإحرام و في وجوبها بين الأصحاب اختلاف فالشيخ في المبسوط على أنها أفضل و إن فاتت جاز تجديدها إلى وقت التحلل و في المختلف أنه مشكل لأن الواجب عليه تعيين أحد النسكين و إنما يتميز عن الآخر بالنية و أجاب عن قضية إهلال علي ع بما أهل به النبي ص بالمنع عن كونه ع لم يعلم بإهلاله ص أقول و مرجعه إلى أنه قضية في واقعة فلا عموم لها فإذا الوجوب أقوى

[الثاني وقوعه في أشهر الحج]

و وقوعه في أشهر الحج بالكتاب و السنة و الإجماع و هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة وفاقا للإسكافي و الصدوق و الشيخ في النهاية و عليه المتأخرون كافة لظاهر الكتاب بناء على أن أقل الجمع ثلاثة و الشهر حقيقة في المجموع و الجملة و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة في الصحيح أن اللَّه تعالى يقول الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا

جِدالَ فِي الْحَجِّ و هي شوال و ذو الحجة و ذو القعدة و قيل هو الشهران الأوان و عشرة من ذي الحجة و القائل المرتضى و العماني و الديلمي لأن أفعال الحج تنتهي بانتهاء العاشر و إن رخص في تأخير بعضها و خروج ما بعده من الرمي و المبيت عنها و لذا لا يفسد بالإخلال بها و للخبر عن أبي جعفر ع كما في التبيان و الروضة الجنان و ظاهرهما اتفاقنا عليه أقول و روى الكليني عن علي بن إبراهيم بإسناده قال أشهر الحج شوال و ذو القعدة و عشر من ذي الحجة و فيه قطع و في الأول إرسال و في نقل الإجماع على تقدير وضوحه وهن في الجميع مع ذلك عن المقاومة لما مر قصور و قيل بدل العشرة تسعة و القائل الشيخ في الاقتصاد و الجمل و العقود و القاضي في التهذيب فيما حكي قيل لأن اختياري الوقوف بعرفات في التاسع و هنا أقوال أخر لا ثمرة بينها و بين غيرها يظهر بعد الاتفاق الظاهر المحكي في عبائر على أن الإحرام بالحج لا يتأتى بعد عاشر ذي الحجة و كذا عمرة التمتع و على إجزاء الهدي و بدله حلول ذي الحجة و أفعال أيام منى و لياليها فيكون النزاع لفظيا كما اعترف به جماعة من المتأخرين بل عامتهم كما في ظاهر المسالك نعم فيه و قد يظهر فائدة الخلاف فيما لو نذر الصدقة أو غيرها من العبادات في الأشهر المعلومات أو في أشهر الحج فإن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 351

جواز تأخيره إلى ما بعد التاسع يبنى على الخلاف و إلى لفظية النزاع و إلى لفظية النزاع يشير قول الماتن و حاصل الخلاف و محصله

الذي يجتمع عليه الأقوال أن إنشاء الحج يجب أن يكون في الزمان الذي يعلم إدراك المناسك فيه و ما زاد على ذلك الزمان يصح أن يقع فيه بعض أفعال الحج كالطواف و السعي و الذبح و الأمر أن مجمع عليهما كما مضى

[و أن يأتي بالعمرة و الحج في عام واحد]

و أن يأتي بالعمرة و الحج في عام واحد بلا خلاف بين العلماء كما في المسالك و في غيره و عن التذكرة الاتفاق عليه و هو الحجة المعتضدة بالأخبار الدالة على دخول العمرة في الحج إلى يوم القيامة و الناصة على ارتباط عمرة التمتع بحجه و أنه لا يجوز له الخروج من مكة حتى يقضي حجه و إنما جعلت معاضدة لا حجة مستقلة بناء على عدم وضوح دلالتها على اعتبار كونهما في سنة كما هو المفروض في نحو العبارة فإن ما دلت عليه إنما هو ارتباط أحدهما بالآخر و وجوب وقوعهما في أشهر الحج لكن كونه من سنة واحدة لم يظهر منها و عليه فيتوجه ما ذكره الشهيد ره من أنه لو بقي على إحرامه بالعمرة من غير إتمام الأفعال إلى القابل احتمل الإجزاء اللهم إلا أن يقال إن المتبادر منها اتحاد السنة سيما مع ندرة بقاء إحرام العمرة إلى السنة المستقبلة و يمكن أن يقال إن غاية التبادر تشخيص المورد لا اشتراطه بحيث يستفاد منه نفي الحكم عما عداه كما هو المطلق و بالجملة فإثبات الاشتراط بالروايات مشكل فما ذكره من الإجزاء محتمل إلا أن يدفع بقاعدة توقيفية العبادة و توقف صحتها على دلالة و هي في المقام مفقودة لأن غاية الأدلة الإطلاق و في انصرافه إلى محل الفرض لما عرفت إشكال فتأمل و كيف كان فلا ريب في أن الإتيان بهما

في سنة واحدة أحوط

[أن يحرم بالحج له من مكة]

و أن يحرم بالحج له أي للتمتع من بطن مكة شرفها اللَّه سبحانه بإجماع العلماء كافة كما في المدارك و غيره و نقل الإجماع المطلق مستفيض في عبائر جمع و سيأتي من النصوص ما يدل عليه و المراد بمكة كما صرح به جماعة ما دخل في شي ء من بنائها و أقله سورها فيجوز الإحرام من داخله مطلقا و لكن أفضلها المسجد اتفاقا كما في المدارك و غيره لكونه أشرف أماكنها و لاستحباب الإحرام عقيب الصلاة و هي في المسجد أفضل و أفضله مقام إبراهيم ع كما عن النهاية و المبسوط و المصباح و مختصره و التهذيب و السرائر و الشرائع للخبر إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة ثم صل ركعتين خلف المقام ثم أهل بالحج فإن كنت ماشيا فلب عند المقام و إن كنت راكبا فإذا أنهض بعيرك و قول الماتن هنا أو تحت الميزاب يفيد التخيير بينهما كما عن الكافي و الغنية و الجامع و التحرير و المنتهى و التذكرة و الدروس و عن الهداية و المقنع و الفقيه التخيير بين المقام و الحجر كما في الصحيح إذا كان يوم التروية إن شاء اللَّه تعالى فاغتسل ثم البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك بالسكينة و الوقار ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم أو في الحجر ثم اقصد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين إحرامك من الشجرة و أحرم بالحج و لا يتعين شي ء من ذلك اتفاقا كما عن التذكرة في المسجد و في غيرها في غيره و للنصوص منها الصحيح من أين أهل بالحج فقال إن شئت من رحلك

و إن شئت من الكعبة و إن شئت من الطريق و في بعض الألفاظ مكان من الكعبة من المسجد و منها الموثق من أي المسجد أحرم يوم التروية فقال من أي المسجد شئت و لو أحرم بحج التمتع اختيارا من غير مكة لم يجزئه و يستأنفه بها لتوقف الواجب عليه و لا يكفي دخولها محرما بل لا بد من الاستيناف منها على المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك و الذخيرة و غيرهما و فيهما أسندهما الفاضل في التذكرة و المنتهى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه و عبارة الشرائع تشعر بوجود الخلاف و لعله من الجمهور كما قيل و على تقدير كونه منا فهو ضعيف و لو نسي الإحرام منها و تعذر العود و لو بضيق الوقت أحرم من موضعه و لو كان بعرفة على ما صرح به جماعة للصحيح عن رجل نسي الإحرام بالحج فذكره و هو بعرفات ما حاله قال يقول اللهم على كتابك و سنة نبيك فقد تم إحرامه و مورده النسيان خاصة كما في العبارة و ألحق به جماعة الجهل و لعله لما قيل من تظافر الأخبار بكونه عذرا و لا فرق في ذلك بين ما لو ترك الإحرام من أصله أو تركه من مكة مع إتيانه به من غيرها خلافا للشيخ فاجتزأ بالإحرام من غيرها مع تعذر العود إليها في المبسوط و الخلاف و تبعه بعض متأخري الأصحاب قال للأصل و مساواة ما فعله لما يستأنف في الكون من غير مكة و في العذر لأن النسيان عذر قال و هو خيرة التذكرة و فيهما ما ترى فإن الأصل معارض بالقاعدة الموجبة للاستيناف تحصيلا للبراءة اليقينية و إليه قياس لأن

المصحح للإحرام المستأنف إنما هو الإجماع على الصحة معه و ليس النسيان مصححا له حتى يتعدى به إلى غيره و إنما هو مع العذر عذر في عدم وجوب العود و هو لا يوجب الاجتزاء مع العذر بالإحرام معه حيثما وقع بل يجب الرجوع فيه إلى الدليل و ليس هنا سوى الاتفاق و لم ينعقد إلا على الإحرام المستأنف و أما السابق فلا دليل عليه فتأمل جدا و لو دخل مكة بمتعة و خشي ضيق الوقت عن إدراك الوقوفين جاز نقلها إلى الإفراد و يعتمر عمرة مفردة بعده بلا خلاف فيه على الظاهر المصرح به في بعض العبائر و عن المعتبر الاتفاق عليه و هو الحجة مضافا إلى النصوص المستفيضة و لكنها اختلفت في حد الضيق و لأجله اختلف أقوال الطائفة فبين محدد له بزوال الشمس يوم التروية قبل الإحلال من العمرة كالمفيد في نقله و له الصحيح و محدد له بغروبها يوم التروية كالصدوق في المقنع و المفيد في المقنعة و به أخبار كثيرة تضمنت الصحيح و غيره و محدد له بزوالها من يوم عرفة كالشيخ و المرتضى و ابن حمزة في المبسوط و النهاية و المهذب و الوسيلة و لهم الصحيح و علله الشيخ في كتابي الأخبار بأنه لا يدرك الموقفين بعده كما

في المعتبرة التي تضمنت الصحيح و غيره و محدد له بخوف فوت الوقوف مطلقا من غير تحديد له بزمان حتى لو لم يخف منه لم يجز العدول و لو كان بعد زوال الشمس من يوم عرفة كما عن الحلبيين و ابني إدريس و سعيد و عليه الفاضل و لعله الأقوى للأصل و صدق الامتثال و خصوص النصوص منها لا بأس للمتمتع إن

لم يحرم ليلة التروية متى ما تيسر له ما لم يخف فوت الموقفين و النصوص المحددة مع تعارض بعضها مع بعض يمكن تنزيلها على اختلاف إمكان وصول الحاج إلى عرفات يومئذ كما صرح به بعض المحدثين من المتأخرين و ظني أن هذا أولى من التنزيل الذي ارتكبه الشيخ في التهذيب و إن تلقاه جملة من المتأخرين بالقبول لتضمنه بعض القيود التي لا يفهم منها طرا و يحكى عن الخال العلامة المجلسي طاب ثراه على الظاهر حمل أكثرها على الاتقاء و ذلك لأن في التخلف عن المضي مع الناس إلى عرفات مظنة الاطلاع عليه يحج التمتع الذي ينكره الجمهور حتى أن التقية إذا و رفعت عن الناس كان مناط الفوات هو فوات الموقفين انتهى و هو جيد ثم على المختار هل العبرة بخوف فوت اضطراري عرفة كما عن ظاهر الحلي و محتمل الحلبي أو اختياريها كما عن الغنية و المختلف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 352

و الدروس وجهان أجودهما الثاني للصحيح عن الرجل يكون في يوم عرفة بينه و بين مكة ثلاثة أميال و هو متمتع بالعمرة إلى الحج فقال يقطع التلبية و يهل بالحج بالتلبية إذا صلى الفجر و يمضي إلى عرفات فيقف مع الناس و يقضي جميع المناسك و يقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم و لا شي ء عليه و قريب منه جملة من المعتبرة منها الصحيح المتمتع يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ما أدرك الناس بمعنى و نحوه آخر و المرسل كالموثق بناء على أن ظاهرها إدراكهم بمنى قبل المضي إلى عرفات فتدبر و احتمال أن يكون المراد إدراكهم بمنى يوم العيد بأن يدرك اضطراري المشعر مع بعده مخالف للإجماع على الظاهر المصرح

به في بعض العبائر إلا أن يحمل على إدراك الاضطراريين لكنه بعيد لا يظهر من الأخبار و كذا الحائض و النفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الإحرام بالحج لضيق الوقت عن التربص إلى الطهر يعدلان إلى الإفراد على المشهور كما في عبائر جماعة حد الاستفاضة بل في ظاهر المدارك و غيره الاتفاق على جوازه و فيهما و في غيرهما الإجماع عليه عن المعتبر و التذكرة و المنتهى و به صرح في الخلاف و هو الحجة مضافا إلى المعتبرة منها الصحيح عن المرأة تدخل متمتعة فتحيض قيل إن تحل متى تذهب متعتها فقال كان أبو جعفر ع يقول زوال الشمس من يوم التروية و كان موسى ع يقول صلاة الصبح من يوم التروية فقلت جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية و يطوفون و يسعون ثم يحرمون بالحج فقال زوال الشمس فذكرت له رواية عجلان أبي صالح فقال لا إذا زالت الشمس ذهب المتعة فقلت هي على إحرامها أو تجدد إحراما للحج و قال لا هي على إحرامها فقلت فعليها هدي فقال لا إلا أن تجب أن تطوع ثم قال أما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل أن نحرم فأتينا المتعة و قريب منه آخر و الموثق قال في المنتهى بعد نقل الخبر و هذا الحديث كما يدل على سقوط وجوب الدم يدل على الاجتزاء بالإحرام الأول و أما اختلاف الإمامين ع في فوات المتعة فالضابط فيه ما تقدم منه أنه إذا أدرك أحد الموقفين صحت متعتها إذا كانت قد طافت و سعت و إلا فلا انتهى و هو جيد لكن في الحدائق بعد حكمه ع بصيرورة حجتها مفردة قلت عليها شي ء قال

دم تهريقه و هو أضحيتها و حملها الشيخ على الاستحباب قال لأنه إذا فاتها المتعة صارت حجتها مفردة و ليس على المفرد هدي على ما بيناه ثم قال و يدل عليه ما رواه و ساق الصحيح المتقدم و هو حسن و يعضده نفس الموثق من حيث العدول فيه عن التعبير بالهدي إلى الأضحية فإن فيه إشعارا بذلك خلافا للمحكي عن الحلبيين و جماعة فقالوا بل تكملها بلا طواف و تحرم بالحج ثم تقضي طواف العمرة مع طواف الحج للأخبار المستفيضة و هي في ضعف السند مشتركة عدا رواية منها فإنها بطريق صحيح على الظاهر في الكافي مروية و فيها المرأة المتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها و بين التروية فإن طهرت طافت بالبيت و سعت بين الصفا و المروة و إن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت و احتشت ثم سعت بين الصفا و المروة ثم خرجت إلى منى فإذا قضيت المناسك و زادت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ثم خرجت فسعت فإذا فعلت ذلك فقد أحلت من كل شي ء يحل منه المحرم إلا فراش زوجها فإذا طاف طوافا آخر حل لها فراش زوجها و عن الغنية الإجماع عليه و هذه الأدلة معارضة بأقوى منها سندا و اشتهارا فلتحمل على ما إذا طافت أربعة أشواط قبل الحيض جمعا و هو أولى من الجمع بين الأخبار بالتخيير لفقد التكافؤ المشترط فيه مع ندرة القائل به إذ لم يحك إلا عن الإسكافي ثم على تقدير صحته فلا ريب أن العدول أولى لاتفاق الأخبار على جوازه على هذا التقدير هذا و في رواية أنها إذا أحرمت و هي طاهرة ثم حاضت

قبل أن تقضي متعتها سعت و لم تطف حتى تطهر ثم تقضي طوافها و قد قضت عمرتها و إن هي أحرمت و هي حائض لم تسع و لم تطف حتى تطهر قيل و هو جمع بين الأخبار حسن و فيه نظر فإن الصحيح المتقدم ظاهر بل صريح في إحرامها طاهرة و مع ذلك حكم لها بالعدول خلافا لما في هذه الرواية و مع ذلك فهي ضعيفة شاذة لا عامل بها و حملها الشيخ على ما حملنا

عليه الأخبار السابقة من طمثها بعد طوافها أربعة أشواط طاهرة وفاقا له بل استشهد بها عليه في تلك فقال بعد الحمل و يدل عليه ما رواه ثم ساق الرواية و قال بعدها فبين ع في هذا الخبر صحة ما ذكرنا لأنه قال إن هي أحرمت و هي طاهرة إلى أن قال فلو لا أن المراد به ما ذكرنا لم يكن بين الحالين فرق و إنما كان الفرق لأنها إذا أحرمت و هي طاهرة و جاز أن يكون حيضها بعد الفراغ من الطواف أو بعد مضيها في النصف منه فحينئذ جاز لها تقديم السعي و قضاء ما بقي عليها من الطواف فإذا أحرمت و هي حائض لم يكن لها سبيل إلى شي ء من الطواف فامتنع لأجل ذلك السعي و هذا بين و حكي في المسألة قول بأنها تستنيب من يطوف عنها و لم أعرف قائله و لا مستنده فهو ضعيف غايته و لو تجدد عذرها في الأثناء ففي صحة متعتها مطلقا أو العدم كذلك و الأول إذا كان بعد أربعة أشواط و إلا فالثاني أقوال ثالثها أشهرها كما في عبائر جماعة و لا يخلو عن قوة لصريح الخبرين و ظاهر الآخرين

و الرضوي خلافا للحلي فالثاني و تبعه بعض المتأخرين للأصل و الصحيح الماضي مع ضعف النصوص المقيدة لها و فيه أنه مجبور بالشهرة و الكثرة و للصدوق في النهاية فالأول للصحيح عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك ثم رأت دما قال تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت نقية و أعدت بما مضى و ليس نصا في الفريضة فليحمل على النافلة كما فعله شيخ الطائفة جمعا بين الأدلة

[النوع الثاني الإفراد]
اشارة

و النوع الثاني الإفراد و هو أن يحرم بالحج أولا قبل العمرة من ميقاته الآتي بيانه ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها ثم إلى المشعر فيقف بها ثم يأتي منى ف يقضي مناسكه ثم يطوف بالبيت و يصلي ركعتيه و عليه عمرة مفردة إن وجبت عليه بعد ذلك أي بعد الحج و الإحلال منه بلا خلاف في شي ء من هذه الأحكام بل في المنتهى أنه مذهب الإمامية و في غيره الإجماع على وجوب تأخير العمرة و يدل على جملة منها أخبار صحيحة سيأتي إلى بعضها الإشارة و هذا القسم يعني الإفراد و القران فرض حاضري مكة و من في حكمهم إجماعا لما مضى و لو عدل هؤلاء إلى التمتع اختيارا ففي جوازه قولان للشيخ أحدهما الجواز كما عنه في المبسوط و الخلاف و حكي عن جامع أيضا لوجوه ضعيفة أجودها الصحيح عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول اللَّه ص له أن يتمتع قال ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل كان و الإهلال بالحج أحب إلي و ليس نصا في حجة الإسلام فيحتمل الحمل على التطوع سيما بعد بقاء المكي بغيرها إلى أن يخرج

من مكة و يرجع إليها عادة مع أن له تتمة ربما

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 353

يشعر بوروده في التطوع دون الفرض كما أشار إليه بعض نعم ربما كان في قوله الإهلال بالحج أحب إلى إشعار بإرادة الفرض بناء على أفضلية التمتع في التطوع مطلقا إجماعا و لعله لذا أفتى بمضمونه جماعة كالشيخ في كتابي الحديث و النهاية و المبسوط و الفاضل في التحرير و المنتهى و عنه و عن الماتن في المعتبر و التذكرة أيضا لكن خصوه بمورده و هو ما إذا خرج أهلها إلى بعض الأمصار ثم رجعوا فمروا ببعض المواقيت و حينئذ فليس فيه حجة على الجواز مطلقا كما هو المدعى هذا مع أن في موافقة الجماعة إشكالا لقصور الرواية عن الصراحة في الفريضة بل ظهور بعض ما فيها على إرادة النافلة و يجاب عن القرينة المقابلة باحتمال أن يكون وجه أحبية الإهلال بالحج التقية كما أشار إليه بعض الأجلة و قال بل يجوز أن يهل بالحج و ينوي العمرة كما في الصحيح ينوي العمرة و يهل بالحج إلى غيره من الأخبار أقول و كيف كان فلا ريب أن عدم العدول و الإهلال بالحج أولى كما صرحت به الرواية و فيه خروج عن شبهة القول بالمنع مطلقا حتى في الصورة التي وافق فيها الشيخ الجماعة كما هو صريح العماني كما حكي و الظاهر الفاضل في المختلف و المقداد في الشرح بل كل من جعل أشبههما المنع مطلقا من غير تفصيل بين الصورة المفروضة و غيرها و مما ذكرنا ظهر وجه أشبهية المنع كذلك و أنه يجب القطع به في غير الصورة المزبورة و يستظهر فيها أيضا بناء على عدم صراحة الرواية في الفريضة و القرينة

المشعرة بإرادتها مع ضعفها معارضة بمثلها بل أظهر منها و حينئذ فيكون التعارض بينها و بين الأدلة المانعة تعارض العموم و الخصوص من وجه يمكن تخصيص كل منهما بالآخر و الترجيح للمانعة بموافقة الكتاب و الكثرة و على تقدير التساوي يجب الرجوع إلى الأصل و مقتضاه وجوب تحصيل البراءة اليقينية و لا يتحقق إلا بما عدا المتعة للاتفاق على جوازه فتوى و رواية دونها فتركه هنا أولى و قد صرحت به الرواية أيضا كما مضى و اعلم أن شيخنا في المسالك و الروضة صرح بأن لمذهب الشيخ رواية بل روايات فإن أراد بها نحو الصحيحة و إلا فلم نقف على شي ء منها و لا أشار إليه أحد من الطائفة نعم وردت روايات بأن للمفرد بعد دخول مكة العدول إلى المتعة إلا أن ظاهر الأصحاب أنها مسألة على حدة و فرق بينها و بين هذه المسألة حيث منعوا عن العدول هنا مطلقا أو في الجملة و أباحوه ثمة من غير خلاف بل نقل فيها الإجماع جماعة كما ستعرفه و لعل وجه الفرق ما أشار إليه الفاضل المقداد بأن تلك في العدول بعد الشروع و هذه فيه قبله أو ما ظهر من جماعة من أنها فيما إذا لم يتعين عليه الإفراد كالتطوع و المنذور كذلك و لعل هذا أظهر فتوى لما سيأتي إليه الإشارة ثمة إن شاء اللَّه سبحانه و هو أي العدول مع الاضطرار المتحقق بخوف الحيض المتأخر عن النفر مع عدم إمكان تأخير العمرة إلى أن تطهر و خوف عدو بعده و فوت الصحبة كذلك جائز على المعروف من مذهب الأصحاب من غير ظهور مخالف على الظاهر المصرح به في المدارك و في غيره الاتفاق

عليه قيل للعمومات و فحوى ما دل على جواز العدول عن التمتع إليهما معه فالعدول إلى الأفضل أولى منه إلى الفضول و لعل المراد بالعمومات إطلاق نحو الصحيح عن رجل التي بالحج مفردا ثم دخل مكة فطاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة قال فليحل و ليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحل حتى يبلغ الهدي محله قيل و في الكل نظر و ظاهر التبيان و الاقتصاد و الغنية و السرائر العدم و لو قيل بتقديم العمرة على الحج للضرورة مع إفرادهما و الإحرام بالحج من المنزل أو الميقات إن تمكن منه كان أولى إذ لا نعرف دليلا على وجوب تأخيرهم العمرة و في الخبر عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم خرج إلى بلاده قال لا بأس و إن حج من عامة ذلك و أفرد الحج فليس عليه دم و ظاهره الإتيان بعمرة مفردة ثم حج مفردا انتهى و لعل وجه النظر في الصحيح ظهور سياقه في الفرق بين حجي القران و الإفراد في جواز العدول و عدمه مع أنهم لم يفرقوا بينهما و في الفحوى بابتنائها على ما هو المعروف بينهم من وجوب تأخير العمرة عن الحج و لا دليل عليه كما ذكره و هو حسن إلا أن ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تأخيرها و

قد مضى عن المنتهى و غيره كونه مجمعا عليه بيننا فيشكل المصير إلى جواز تقديمها و إن أومأت إليه الرواية التي ذكرها و نحوها أخرى أمر تم بالحج و العمرة فلا تبالوا بأيهما بدأ تم لقصورهما سندا بل و دلالة كما لا يخفى

[شروطه ثلاثة]
اشارة

و شروطه أي الإفراد ثلاثة

[الأول النية]

النية كما مر في المتعة

[الثاني أن يقع في أشهر الحج]

و أن يقع في أشهر الحج بلا خلاف بين الأصحاب أجده و به صرح في الذخيرة معربا عن دعوى إجماعهم عليه كما هو أيضا ظاهر جماعة بل فيها و في المدارك عن المعتبر أن عليه اتفاق العلماء كافة للعمومات كتابا و سنة و خصوص نحو الصحيح في قول اللَّه عز و جل الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ و الفرض التلبية و الإشعار و التقليد و أي ذلك فعل فقد فرض الحج و لا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال اللَّه عز و جل الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ و هو شوال و ذو القعدة و ذو الحجة الحديث و في المنتهى و غيره خلافا لأبي حنيفة و أحمد و الثوري فأجازوا الإحرام به قبلها

[الإحرام من الميقات أو من دويرة أهله]

و أن يعقد إحرامه من الميقات و هو أحد الستة الآتية و ما في حكمها أو من دويرة أهله إن كانت أقرب من الميقات إلى عرفات كما هنا و في اللمعة و عن المعتبر أو إلى مكة كما عليه جماعة تبعا لما في النصوص كما سيأتي إليه الإشارة و لا خلاف في هذا الشرط أيضا على الظاهر المصرح به في كلام جماعة و عن التذكرة الإجماع على أن أهل مكة يحرمون من منزلهم و في الذخيرة أنه المعروف من مذهب الأصحاب و سيأتي من الأخبار ما يدل عليه

[النوع الثالث القران]

و القارن كالمفرد في كيفية و شروطه إلا أنه يضم إلى إحرامه سياق الهدي على الأظهر الأشهر بل عليه عامة من تأخر للصحاح المستفيضة منها القارن الذي يسوق الهدي عليه طوافان بالبيت و سعي واحد بين الصفا و المروة و ينبغي له أن يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة و منها لا يكون قران إلا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام إبراهيم ع و سعى بين الصفا و المروة و طواف بعد الحج و هو طواف النساء و نحوه آخر بزيادة قوله كما يفعل المفرد و ليس أفضل من المفرد إلا بسياق الهدي و التقريب فيها حصر أفعال القران فيما ذكره فيها فيكون أفعال العمرة خارجة عنه و جعل امتياز القران عن الإفراد بسياق الهدي خاصة فلا يكون غيره معتبرا و ظاهر التذكرة و المنتهى أنه لا خلاف فيه بيننا إلا من العماني وفاقا لجمهور العامة فزعم أن القارن يعتمر أولا و لا يحل منها حتى يحل من الحج مع أنه في غيرهما عزى إلى الجعفي و الشيخ في الخلاف أيضا

و حجتهم عليه غير واضحة عدا روايات استدل لهم بها و هي غير ظاهرة الدلالة كما اعترف به جماعة نعم قيل بعد نقل القول من العماني و نزل عليه أخبار حج النبي ص فإنه قدم مكة و طاف و صلى ركعتيه و سعى و كذا الصحابة و لم يحل و أمرهم بالإحلال و قال

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 354

لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم و لكني سقت الهدي و ليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله و شبك أصابعه بعضها إلى بعض و قال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة و المعظم أنزلوها على أنه ص إنما طاف طواف الحج و سعى سعيه مقدما على الوقوفين و أمر الأصحاب بالعدول إلى العمرة و قال دخلت العمرة في الحج أي حج التمتع و فقهه أن الناس لم يكونوا يعتمرون في أيام الحج و الأخبار الناطقة بأنه ص أحرم بالحج وحده كثيرة أقول و جملة منها صحيحة ثم في كلام القيل و ما يصرح بجميع ذلك الخبر المروي في علل الصدوق و فيه عن اختلاف الناس في الحج فبعضهم يقول خرج رسول اللَّه ص مهلا بالحج و قال بعضهم خرج مهلا بالعمرة و قال بعضهم خرج قارنا و قال بعضهم خرج ينتظر أمر اللَّه عز و جل فقال أبو عبد اللَّه ع علم اللَّه عز و جل أنها حجة لا يحج رسول اللَّه ص بعدها أبدا فجمع اللَّه عز و جل له و ذلك كله في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنة لأمته فلما طاف بالبيت و بالصفا و المروة أمره جبرئيل ع أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي فهو محبوس

على هديه لا يحل لقوله عز و جل حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فجمعت له العمرة و الحج و كأن خرج على خروج العرب الأولى لأن العرب كانت لا يعرف إلا الحج و هو في ذلك ينتظر أمر اللَّه عز و جل و هو ع يقول الناس على أمر جاهليتهم إلا ما غيره الإسلام و كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج و هذا الكلام من رسول اللَّه ص إنما كان في الوقت الذي أمرهم بفسخ الحج فقال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة و شبك بين أصابعه يعني في أشهر الحج قال الراوي قلت له أ فتعبد بشي ء من الجاهلية فقال إن أهل الجاهلية ضيعوا كل شي ء من دين إبراهيم ع إلا الختان و التزويج و الحج فإنهم تمسكوا بها و لم يضيعوها ففي الصحيح أنه ص أهل بالحج و ساق مائة بدنة و أحرم الناس كلهم بالحج لا يريدون العمرة و لا يريدون بها المتعة حتى إذا قدم رسول اللَّه ص مكة طاف بالبيت و طاف الناس معه ثم صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ع و استلم الحجر ثم أتى زمزم فشرب منها و قال لو لا أن أشق على أمتي لاستقيت منها ذنوبا أو ذنوبين ثم قال ابدءوا بما بدأ اللَّه عز و جل به فأتى الصفا ثم بدأ به ثم طاف بين الصفا و المروة سبعا فلما قضى طوافه عند المروة قام فخطب أصحابه و أمرهم أن يحلوا و يجعلوها عمرة و هو شي ء أمر اللَّه عز و جل به فأحل الناس و قال ص لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم الخبر و عن الإسكافي يجمع بين

النسكين بنية واحدة فإن ساق الهدي طاف و سعى قبل الخروج إلى عرفات و لا يتحلل و إن لم يسق جدد الإحرام بعد الطواف و لا يحل له النساء و إن قصر و كأنه نزل عليه نحو الصحيح أيما رجل قرن بين الحج و العمرة فلا يصلح إلا أن يسوق الهدي قد أشعره و قلده و الإشعار أن يطعن في سنامها بحديدة حتى يدميها و إن لم يسق الهدي فليجعلها متعة و نزله الشيخ في التهذيب على قوله إن لم يكن حجة فعمرة قال و يكون الفرق بينه و بين المتمتع أن المتمتع يقول هذا القول و ينوي العمرة قبل الحج ثم يحل بعد ذلك و يحرم بالحج فيكون متمتعا و السائق يقول هذا القول و ينوي الحج فإن لم يتم له الحج فيجعله عمرة مقبولة و بعده ظاهر و الأظهر في معناه أن القران لا يكون إلا بالسياق أو أنه ع نهى عن الجمع بين الحج و العمرة و قال إنه لا يصلح و إن قوله إلا أن يسوق و استثناء من مقدر كأنه قال ليس القران إلا أن يسوق فإن لم يسق فليجعلها متعة فإنها أفضل من الإفراد و يدل عليه قوله ع أول الخبر متصلا بما ذكر إنما نسك الذي يقرن بين الصفا و المروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و صلاة ركعتين خلف المقام و سعي واحد بين الصفا و المروة و طواف بالبيت بعد الحج و لعل قوله صلى اللَّه عليه و آله بين الصفا و المروة متعلق بالنسك أي إنما نسك القارن

أي سعيه بين الصفا و المروة أو سعيه و طوافه

لأن الكعبة محاذية لما بينهما كنسك المفرد بينهما و إنما عليه طوافان بالبيت و سعي واحد كل ذلك بعد الحج أي الوقوفين أو الطواف الثاني و هو طواف النساء بعده ثم صرح عليه بأنه لا قران بلا سياق أو بأن القران بين النسكين غير صالح انتهى كلامه و إنما نقلناه بطوله لتكلفه لتحقيق البحث كما هو جودة محصوله و اعلم أن إحرام القارن ينعقد بالتلبية و الإشعار و التقليد على الأظهر الأشهر كما سيذكر و ذكر جماعة من الأصحاب من غير خلاف و ربما قيل المشهور أنه إذا لبى و عقد إحرامه بها استحب له إشعار ما يسوقه من البدن و لعله لإطلاق الأمر بهما في النصوص و إلا فلم نقف في ذلك على أمر بالخصوص و هو على ما ذكره الأصحاب كما في المدارك و الذخيرة أن يشق سنامه من الجانب الأيمن و يلطخ صفحته بالدم و الصحاح به مستفيضة إلا أنها خالية عن الأمر بلطخ الصفحة بالدم منها عن البدنة كيف يشعرها قال يشعرها و هي باركة و تنحرها و هي قائمة و تشعرها من الجانب الأيمن ثم تحرم إذا قلدت أو أشعرت هذا إذا كان معه بدنة واحدة و لو كانت معه بدنا كثيرة دخل بينها و أشعرها يمينا و شمالا من غير أن يرتبها ترتيبا يوجب الإشعار في اليمين كما في الصحيح و غيره و كما يستحب إشعارها كذا يستحب التقليد لها كما يستفاد من المعتبرة منها الصحيح البدنة يشعرها من جانبها الأيمن ثم يقلدها بنعل قد صلى فيها و في القوي ما بال البدنة تقلد النعل و تشعر فقال أما النعل فتعرف أنها بدنة و يعرف صاحبها بنعله و أما

الإشعار فإنه يحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع الشيطان أن يمسها و هو على ما يستفاد منهما و من غيرهما أن يعلق في رقبة نعلا قد صلى فيه السائق نفسه كما هو ظاهرهما و لا سيما الثاني و أظهر منهما الصحيح تقلدها نعلا خلقا قد صليت فيها هذا حال البدن و أما الغنم و كذا البقر فتقلد لا غير فيما ذكره الأصحاب قالوا لضعفهما عن الإشعار في الصحيح كان الناس يقلدون الغنم و البقر و إنما تركه الناس حديثا و يقلدون بخيط و سير و إنما حكم الأصحاب باستحباب التقليد و الإشعار مع إفادة الأمر بهما الوارد في النصوص الوجوب للأصل و الصحيح في رجل ساق و هديا و لم يقلده و لم يشعره قال قد أجزأ عنه ما أكثر ما لا يقلد و لا يشعر و لا يخلل و يجوز للقارن و المفرد الطواف إذا دخلا مكة قبل المضي إلى عرفات واجبا و مندوبا على الأشهر الأقوى في الأول و يأتي الكلام فيه في أحكام الطواف في أحكام الطواف مفصلا و لا خلاف في الثاني على الظاهر المصرح به في بعض من العبائر بل قيل اتفاقا كما في الإيضاح و في معناه الواجب بنذر و شبهه غير طواف الحج للأصل و العموم السالمين عن المعارض لكن يجددان التلبية عند كل طواف عقيب صلاته لئلا يحلا كما يستفاد من الصحيح أني أريد الجواز بمكة فكيف أصنع قال إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجفرانة فاطرح منها الحج فقلت له كيف أصنع إذا دخلت مكة أقيم إلى التروية

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 355

و لا أطوف بالبيت قال يقيم عشرا لا تأتي الكعبة إن

عشر الكثيرة إن البيت ليس بمهجور و لكن إذا دخلت مكة فطف بالبيت واسع بين الصفا و المروة فقال أ ليس كل من طاف و سعى فقد أحل فقال إنك تعقد بالتلبية ثم قال كلما طفت طوافا و صليت ركعتين بالتلبية و نحوه آخر عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء و يجدد التلبية بعد الركعتين و القارن بتلك المنزلة يعقد أن ما أحلا من الطواف بالتلبية و الظاهر ما ذكره الشيخ من الطواف مندوبا بعد طواف الفريضة مقدما على الوقوف و نحو منهما ثالث و الموثق من طاف بالبيت و بالصفا و المروة أحل أحب أو كره و أصرح منها ما رواه الفضل عن مولانا الرضا ع في العلل من أنهم أمروا بالتمتع إلى الحج لأنه تخفيف إلى قوله و أن لا يكون الطواف محظورا لأن المحرم إذا طاف بالبيت أحل إلا لعلة فلو لا التمتع لم يكن للحاج أن يطوف لأنه إن طاف أحل و أفسد إحرامه و خرج منه قبل أداء الحج و عليه الشيخ في المبسوط و الخلاف و عن الشهيدان الفتوى به مشهورة و به صرح في اللمعة و شيخنا في الشرح و اختاراه فيهما و في المسالك و نفى عنه البأس في التنقيح و ذهب إليه المحقق الثاني و قيل إنما يحل المفرد بذلك خاصة القائل به الشيخ في التهذيب للنصوص المستفيضة منها زيادة على ما قد عرفته مما دل على أن السائق لا يحل ما لم يبلغ الهدي محله و خصوص جملة من المعتبرة منها الصحيح إن رجلا جاء إلى أبي جعفر ع و هو خلف المقام فقال إني قرنت بين حج

و عمرة فقال له هل طفت بالبيت فقال نعم فقال هل سقت الهدي فقال لا فأخذه ع بشعره ثم قال أحللت و اللَّه و منه الموثق من طاف بالبيت و بالصفا و المروة أحل أحب أو كره إلا من اعتمر في عامه ذلك أو ساق الهدي و أشعره و قلده و منها الموثق رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة فقال إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له و منها المرسل ما طاف بين هذين الحجرين الصفا و المروة أحدا إلا أحل إلا سائق الهدي و بهذه النصوص يقيد ما أطلق من الأخبار المتقدمة فأما ما صرح فيه بتحلل القارن كالمفرد فيمكن حمله على القارن يعني بغير معنى السائق كما وقع التصريح به في الصحيح به من هذه المستفيضة و مع ذلك فهو قاصر عن المكانات لها لكثرتها و اعتضادها بغيرها دونه و مع ذلك فهي أوفق بمقتضى الأصل الدال على بقاء عدم التحلل من الاستصحاب فهذا القول لا يخلو عن قوة و استظهره أيضا في الذخيرة و قيل لا يحل أحدهما إلا بالنية و لكن الأولى تجديد التلبية القائل الحلي و تبعه الفاضل و ولده للأصل و الاتفاق على أن القارن لا يمكنه العدول إلى التمتع و الإحلال ما لم يبلغ الهدي محله و تظافر الأخبار به كما مر إليها الإشارة و لأن الإحرام عبادة لا تنفسخ إلا بعد الإتيان بأفعال ما أحرم له أو ما عدل إليه و إن نوى الانفساخ كالمعتمر لا يحل ما لم يأت بطواف العمرة و سعيه و الحاج ما لم يأت بالوقوفين و

الطوافين للحج و إنما الأعمال بالنيات فلا ينصرف الطواف المندوب إلى طواف الحج و لا ينقلب الحج عمرة بلا نية بل حج القارن لا ينقلب عمرة مع النية أيضا و في الجميع نظر لوجوب تخصيص الأصل بما مر و الثاني نقول بموجبه و الثالث اجتهاد في مقابلة النص و تخصيصه بالمفروض من الطوافين في العمرة أو في الحج بعد الوقوفين غير ظاهر الوجه مع أني لم أجد بين الأصحاب قائلا بالفرق بينه و بين الندب بل صريح التهذيب ثبوت الانحلال بالطواف من غير تلبية في الفرض و هنا قول آخر بالتفصيل بين المفرد و القارن لكن الأول حكاه في التنقيح عن المرتضى و المفيد و لكن الموجود في غيره عنهما أنهما و كذا الديلمي و القاضي أوجبوا تجديد التلبية على القارن دون المفرد و لم يصرحوا بالتحلل بدونها و مستندهم غير واضح و به صرح في التنقيح قيل و كأنهم استندوا إلى أن انقلاب حج المفرد إلى العمرة جائز دون حج القارن و أن الطواف المندوب قبل الموقفين يوجب الإحلال إن لم يجدد التلبية بعده فالمفرد لا بأس عليه إن لم يجددها فإن غاية أمره انقلاب حجته عمرة و

هو جائز خلاف القارن فإنه إن لم يجددها لزم انقلاب حجه عمرة و لا يجوز انتهى و هو مبني على القول الأول من تحلل القارن و المفرد بترك التلبية و أما على المختار من عدم تحلل القارن بذلك فينبغي أن لا يجب عليه التلبية بل و لا على المفرد أيضا حيث لا يتعين عليه الإفراد و ما يحكى عن الشيخ و غيره من وجوب التلبية لعله مخصوص بالصورة الأولى و إلا فلم أعرف للوجوب وجها و ربما

يظهر من عبارة القبل عدم خلاف بينهم في أن بالتحلل ينقلب الحج عمرة كما نقل التصريح به عن المبسوط و النهاية و في المسالك عن جماعة و في المدارك أنه ليس في الروايات عليه دلالة و هو كذلك نعم في الموثق السابق إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له و مفهومه أنه إن لم يكن لبى له متعة و هو نص في أن له المتعة مع النية أما بدونها بحيث يحصل الانقلاب إلى العمرة قهرا كما هو ظاهر الجماعة فغير مفهوم من الرواية و يجوز للمفرد إذا دخل مكة العدول بالحج إلى المتعة إذا لم يتعين عليه بلا خلاف بيننا أجده بل عليه إجماعنا في الظاهر عبائر جماعة و صريح الخلاف و المعتبر و المنتهى للمعتبرة المستفيضة منها الصحيح عن رجل لبى بالحج مفردا ثم دخل مكة و طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة قال فليحل و ليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحل حتى يبلغ الهدي محله و إطلاقه كغيره يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان في نية العدول حين الإحرام و عدمه و الثاني ظاهر الصحيح و غيره و الأول صريح الموثق و الصحيح المروي في الكشاف عن عبد اللَّه بن زرارة و فيه و عليك بالحج أن تهل بالإفراد و تنوي الفسخ إذا قدمت مكة و طفت و سعيت فسخت و أهلت به قلت الحج عمرة و أحللت إلى يوم التروية ثم استأنفت الإهلال بالحج مفردا إلى منى إلى أن قال فكذلك حج رسول اللَّه ص و هكذا أمر أصحابه أن يفعلوا أن يفسخوا ما أهلوا به و تنقلبوا الحج

عمرة الحديث و منه يظهر فساد ما عن الإسكافي من اشتراط العدول بالجهل بوجوب العمرة و قريب منه ما في المدارك من تخصيص الحكم بما إذا لم يكن في نيته العدول حين الإحرام و يستفاد من قوله ع و كذلك حج رسول اللَّه ص جواز الاستناد الإثبات هذا الحكم بالأخبار المتظافرة بأمر النبي ص أصحابه بالعدول كما فعله جماعة و لكن أورد عليه بأنها ليست من محل البحث في شي ء فإن الظاهر منها أن هذا العدول على سبيل الوجوب حيث إنه نزل جبرئيل ع بوجوب التمتع على أهل الآفاق و مبدأ النزول كان فراغه من السعي و نزلت الآية في ذلك المقام بذلك فأمرهم بجعل ما طافوا و سعوا عمرة حيث إن جملة من كان معه من أهل الآفاق و أن يحلوا و يتمتعوا بها إلى الحج فهو ليس مما نحن فيه من جواز العدول و عدمه في شي ء و يمكن الجواب عنه بأن أمره ص جميع أصحابه بذلك أوضح دليل على ذلك للقطع بأن منهم

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 356

من أدى الواجب عليه من فريضة حج الإسلام قبل ذلك العام فيكون حجه فيه مندوبا فعدوله المأمور به من محل البحث و إن كان فيهم أيضا من وجب عليه الحج في ذلك العام فإن دخوله فيها غير قادح بعد شمولها لما هو من محل البحث و حيث قد عرفت شمولها لمن وجب عليه حج الإفراد اتضح وجه ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني من أن تخصيص الحكم بمن لم يتعين عليه الإفراد بعيد عن ظاهر النص و ذلك فإن من صحبه ع ذلك العام كأن قد وجب عليه حج الإفراد و حرم له كما هو الفرض و قد

أمر بالعدول و لا يكاد يظهر فرق بينه و بين سائر من وجب عليه من أهل مكة و غيرهم لاشتراكهم قبل نزول التمتع في كون الواجب عليهم حج الإفراد اللهم إلا أن يقال إن الأخبار الدالة على أن فرض أهل مكة الإفراد يعم محل النزاع فيشكل الخروج عنها بمجرد أخبار المسألة أما المعتبرة المستفيضة منها فلأنها أيضا عامة و التعارض بينهما و بين تلك الأخبار تعارض العموم و الخصوص من وجه يمكن تخصيص كل منهما بالأخرى و حيث لا ترجيح فالأخذ بالمتيقن واجب و أما الأخبار بأمر النبي ص فلأنها لا عموم لها تشمل محل البحث صريحا لأنها قضية في واقعة فيجب الأخذ بالمتيقن منها و ليس إلا من وجب عليه الحج و هو ناء و هو غير من وجب عليه و هو حاضر و عدم ظهور الفرق غير ظهور عدم الفرق و هو المعتبر دون الأول فإذا الأولى و الأحوط الاقتصار في العدول على من لم يتعين عليه الإفراد بنذر و شبهه كما عليه جماعة ثم إن إطلاق الأخبار بجواز العدول يشمل ما لو كان لبى بعد طوافه و سعيه أم لا لكن الأحوط و الأولى أن لا يلبي بعد طوافه و سعيه و ذلك لتصريح جماعة كالتهذيب و النهاية و المبسوط و الوسيلة و التهذيب و الجامع و الشرائع و القواعد و غيرهم بأنه لو لبى بعد أحدهما بطلت متعة و بقي على حجه اعتمادا على رواية موثقة تقدم ذكرها قبل المسألة متصلة بها مؤيدة بالأمر بالتلبية إذا طاف قبل العرفات لعقد الإحرام كما قيل خلافا للمحكي عن الحلي فقال إنما الاعتبار بالقصد و النية لا التلبية لحديث الأعمال بالنيات مع ضعف الخبر

و وحدته و إليه ميل الماتن لنسبة الأول إلى رواية و به أفتى فخر الإسلام مع حكمه بصحة الخبر و قال و هو اختيار والدي و الأقرب الأول الاعتبار سند الخبر و عدم ضير في وحدته على الأظهر الأشهر سيما مع اعتضاده بعمل جميع فيخصص به عموم الحديث السابق مع أخصيته من المدعي فإنه إنما يتم في العدول قبل الطواف فإن العبرة بالنية في الأعمال فإذا عدل فطاف و سعى ناويا بهما عمرة التمتع لم يضر التلبية بعدهما شيئا و المدعى أعم منه و من العدول بعدهما بل قيل إن كلامهم فيه و لا يعمل حينئذ عملا يقرنه هذه النية و لا دليل على اعتبار هذه النية بلا عمل إلا أن يتمسكوا بأمر النبي ص الصحابة بالعدول بعد الفراغ من السعي من غير تفصيل و هو حسن لو لا الخبر المفصل المعتبر و اعلم أن التلبية بعد الطواف و السعي إنما تمتع من العدول إذا كان بعدهما أما إذا كان قبلهما فالظاهر أنه متمتع لبى في غير وقتها و لا يضر ذلك بعدوله و لا تقلب عمرته المعدول إليها حجة مفردة اقتصارا فيما خالف العمومات الدالة على جواز العدول من غير تقييد بعدم التلبية على مورد الرواية التي هي الأصل في تقييدها به و عزاه بعض الأصحاب إلى الأكثر قال خلافا لظاهر التحرير و المنتهى و تردد الشهيد و لا يجوز العدول للقارن بالنص و الإجماع الظاهر المصرح به في جملة من العبائر و لا فرق فيه بين تعين القران عليه قبل الإحرام أم لا لتعينه عليه بالسياق و إذا عطب هديه قبل مكة لم يجب عليه الإبدال فهل يصير كالمفرد في جواز العدول احتمال

التعليل المنع عنه في الأخبار بأنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله و المكي إذا بعد ثم حج على ميقات من المواقيت الخمسة التي للآفاق أحرم منه وجوبا بغير خلاف ظاهر مصرح به في جملة من العبائر و سيأتي من النصوص ما يدل عليه و ليس في العبارة و ما ضاهاها دلالة على تعيين النوع الذي يحرم به من الميقات و الظاهر أنه فرضه و اختلف في جواز التمتع له و قد سبق الكلام فيه و الثاني المجاور بمكة لا يخرج بمجرد المجاورة عن فرضه المستقر عليه قبلها مطلقا قطعا و كذا بعدها

إذا لم يقم مدة يوجب انتقال الفريضة إلى غيرها بل إذا أراد حجة الإسلام خرج إلى ميقاته فأحرم منه للتمتع وجوبا بلا خلاف أجده بل قيل إجماعا فتوى و نصا و إن اختلفا في تعيين الميقات الذي يخرج إليه أنه هل هو ميقات أهله كما هو ظاهر العبارة و الخلاف و المقنعة و الكافي و الجامع و المعتبر و التحرير و المنتهى و التذكرة و موضع من النهاية كما حكي للخبر عن المجاور أ له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج قال نعم يخرج إلى أهل أرضه فيلبي إن شاء معتضدا بالصحاح الواردة في ناسي الإحرام أو تجاهله أنه يرجع إلى ميقات أهل أرضه بناء على عدم تعقل خصوصية للناسي و تاليه بل لكون الميقات للنائي مهل أرضه كما يفصح عنه العمومات الواردة بالمواقيت أو أي ميقات كان كما يقتضيه إطلاق الشرائع و القواعد و الفوائد و النهاية و المبسوط و المقنع كما حكي و صرح به شيخنا الشهيد الثاني للمرسل ليس له أن يحرم من مكة و لكن يخرج إلى الوقت الخبر مؤيد

بعدم خلاف في أن من مر على ميقات أحرم منه و إن لم يكن من أهله أو أدنى الحمل كما عن الحلبي للصحيح و غيره قال من أين يخرجون قلت من الحرم و في الجميع نظر لضعف الخبر الأول سندا بمعنى و دلالة بقوله إن شاء مع احتمال كون المراد الاحتراز عن مكة و بنحوه يجاب عن الصحاح مع أن التعدي عنها قياس و عدم تعقل الفرق غير تعقل عدم الفرق و هو المعتبر فيه دون الآخر و شمول أخبار المواقيت لنحو ما نحن فيه محل مناقشة لعدم تبادره منها بلا شبهة و المرسل كالخبر في الضعف سندا بل و دلالة لإجمال الوقت فيه المحتمل لإرادة مهل أهل الأرض باحتمال اللام للعهد و عدم الخلاف في إجزاء الإحرام من غيره بعد المرور به غير المفروض من حكم المروي و الصحيح و غيره نادران مع أن خارج الحرم فيهما مطلق يحتمل التقييد بمهل أهل الأرض أو مطلق الوقت أو صورة تعذر المصير إليهما للاتفاق على الجواز حينئذ كما يأتي فيتعين حملا للمطلق على المقيد و لو قصر السند للانجبار هنا بالعمل لاتفاق من عدا الحلي على اعتبار الوقت و إن اختلفوا في إطلاقه و تقييده و أما الصحيح من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبة أو ما أشبههما فمحمول على العمرة المفردة كما وردت به المستفيضة مع أنه معارض بصريح الحدائق في المجاور و فيه فإن هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج حتى يجاوز ذات عرق و يجاوز عسفان فيدخل متمتعا بعمرة إلى الحج فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجفرانة فيلبي منها فتدبر

و حيث ظهر ضعف أدلة الأقوال وجب الرجوع في المسألة إلى مقتضى الأصول الشرعية و هو هنا البراءة عن تعيين ميقات عليه إن اتفق على الصحة مع المخالفة لما يوجب عليه و وجوب الأخذ بالمبرئة للذمة منها يقينا

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 357

إن كان ما يوجب عليه شرطا فالذي ينبغي تحصيله تشخيص محل النزاع من تعيين الوقت أ هو أمر شرعي تكليفي خاصة أم شرطي و الظاهر الثاني لما مر من عدم الخلاف في صحة الإحرام من كل وقت يتفق المرور عليه و تصريح بعض من صار إلى اعتبار أدنى الحمل بجوازه و صحة إحرامه من غيره من المواقيت البعيدة و عليه فيعود النزاع إلى وجوب الخروج إلى مهل أهل الأرض أم لا بل يجوز الخروج إلى أي وقت كان و لو أدنى الحل و الحق الثاني إلا بالنسبة إلى أدنى الحل فلا يجوز الخروج إليه اختيارا لدلالة الروايات المعتبرة و لو بالشهرة على وجوب الخروج إلى غيره فيتعين و أما وجوب الخروج إلى مهل الأرض فالأصل عدمه بعد ما عرفت من ضعف دليله و إن كان أحوط للاتفاق على جوازه و لو تعذر الخروج إليه خرج إلى أدنى الحل فأحرم منه كغيره و لو تعذر أحرم من مكة بلا خلاف أجده فيهما و قد مر ما يصلح أن يكون مستندا في الأول و أما الثاني فيدل عليه ما دل على ثبوت الحكم في غير ما نحن فيه و لو أقام بها سنتين كاملتين انتقل فرضه في الثالثة إلى الإفراد و القران لا يجوز له غيرهما وفاقا للشيخ في كتابي الأخبار و الفاضلين و الشهيدين و غيرهما بل في المسالك و غيره أن المشهور بين الأصحاب و

ربما عزى إلى علمائنا من عدا الشيخ للصحيحين في أحدهما من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له فقلت له أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكة قال فلينظر أيهما الغالب عليه فهو من أهله خلافا للمحكي عن الإسكافي و النهاية و المبسوط و الحلبي فاشترطوا ثلاث سنين للأصل و يخصص بما مر و ما ورد من الصحاح و غيرها بأقل من ذلك كالسنة و الستة أشهر شاذ مطروح أو مؤول و حمله على التخيير ضعيف لفقد التكافؤ بالشذوذ و أضعف منه الميل إلى العمل بها و صرف التوجيه إلى ما قابلها بحمله على أن المراد الدخول في الثانية إذ لا داعي له سوى الكثرة و هي مضمحلة في جنب الشذوذ و الندرة مع أن الصحيح الثاني لا يقبله على نسخة و فيها فإذا جاوز سنتين كان قاطنا و ليس له أن يتمتع و المجاوزة صريحة في اعتبار تمام الثانية بل و زيادة و لذا جعل على هذه النسخة دليلا للنهاية و لكنه محل مناقشة لكن النسخة المشهورة كما قيل بدل جاوز بالزاء المعجمة جاور بالراء المهملة و هو يقبل الحمل الذي ذكره و مقتضى إطلاق النص و الفتوى عدم الفرق في الإقامة الموجبة لانتقال الفرض بين كونها بنية الدوام أو المفارقة كما ذكره جماعة و منهم شيخنا في المسالك و سبطه و غيرهما و ربما قيد بالثاني و لعله لإطلاق ما دل على أن أهل مكة و منهم الإفراد و القران بناء على صدق العنوان على من جاور بنية الدوام بمجرد النية و به صرح في المسالك و في كل من القولين نظر لأن بين إطلاقيهما عموما و

خصوصا من وجه لتواردهما في المجاور سنتين بنية الدوام و افتراق الأول عن الثاني في المجاور سنتين بغير النية و العكس فيما نحن فيه فترجيح أحدهما على الآخر و جعل القيد له غير ظاهر الوجه و لكن مقتضى الأصل و هو استحباب عدم انتقال الفرض يرجح الأول و لو انعكس الفرض فأقام المكي في الآفاق لم ينتقل فرضه و لو أقام سنتين فصاعدا عملا بالأصل مع اختصاص النص بالانتقال مع إقامتها بصورة العكس و حرمة القياس نعم لو أقام بنية الدوام اتجه انتقال فرضه إلى التمتع مطلقا لصدق النائي عليه حينئذ حقيقة عرفا بل و لغة مع خلوه عن المعارض و لو كان له منزلان أحدهما بمكة و ما في معناها و الآخر بمحل ناء عنها اعتبر في تعيين الفرض أغلبهما عليه إقامة فيتعين عليه فرضه و لو تساويا تخير في التمتع و غيره بلا خلاف في المقامين ظاهرا استنادا في الثاني إلى عدم إمكان الترجيح من غير مرجح و انتفاء التكليف بالحج المتعدد بالعسر المنفي مضافا إلى قوة احتمال الإجماع على نفيه و في الأول إلى الصحيح المتقدم و يجب تقييده وفاقا لجماعة بما إذا لم يكن إقامته بمكة سنتين متواليتين فإنه حينئذ يلزمه حكم أهل مكة و إن كانت إقامته في النائي أكثر لما مر من أن إقامة السنتين يوجب انتقال حكم النائي الذي ليس له بمكة منزل أصلا فمن له مسكن أولى و منع الأولوية كما اتفق لبعض المعاصرين لو أعلم له وجها و اعلم أنه لا

يجب على المفرد و القارن هدي التمتع و إن استحب لهما الأضحية بل و يختص الوجوب بالتمتع بالكتاب و السنة و الإجماع و سيأتي الكلام مفصلا

في المقامين إن شاء اللَّه تعالى و لا يجوز القران بين الحج و العمرة بنية واحدة بمعنى أن يكتفى بها لهما و لم يحتج إلى إحرام آخر بل و لا إحلال في البين سواء في ذلك القران و غيره على المشهور بل عن الخلاف أن عليه الإجماع قيل لأنهما عبارتان متباينان و لا يجوز الإتيان بإحداهما إلا مع الفراغ من الأخرى و لا بد في النية و مقارنتها المنوي فهو كنية صلاتي الظهر و العصر دفعة و فيه أن مقتضاه الفساد لا التحريم كما هو محل البحث ثم ظاهر العبارة و غيرها بل صريح بعضها إلا أن ينضم إلى النية قصد التشريع فيحرم من جهته فلا بد من ذكر هذا القيد في الدليل ثم إن ما أفاده الدليل من الفساد و هو ظاهر كل من منع من الأصحاب على ما يظهر من المختلف و صرح به و كذا الشهيدان و في الدروس و اللمعتين و علله ثانيهما بالنهي المفسد للعبادة و غيره بفساد النية لكونها غير مشروعة و هو يستلزم فساد العمل و خصوصا الإحرام الذي عمدته النية لكنه فصل فقال و التحقيق أنه إن جمع في النية على أنه محرم بهما الآن و أن ما يفعله من الأفعال أفعال لهما أو على أنه محرم بهما الآن و لكن الأفعال متمايزة إلا أنه لا يحل إلا بعد إتمام مناسكهما جميعا أو على أنه محرم بالعمرة أو لا مثلا ثم بالحج بعد إتمام أفعالها من غير إحلال في البين فهو فاسد مع احتمال صحة الأخير بناء على أن عدم التخلل غير مبطل بل يقلب العمرة حجا و إن جمع بمعنى إن قصد من أول الأمر الإتيان

بالعمرة ثم الإحلال ثم بالحج أو بالعكس فلا شبهة في صحة النية و أول النسكين إلا من جهة مقارنة النية للتلبية إن كانت كتكبيرة الإحرام للصلاة فإن جدد للنسك الآخر نية صح أيضا و إلا فلا ثم قال و في الخلاف إذا قرن بين العمرة و الحج في إحرامه لم ينعقد إحرامه إلا بالحج فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحل و يجعلهما متعة جاز ذلك و يلزمه الدم و بمعناه ما في المبسوط من أنه متى أحرم بهما يمضي في أيهما شاء و ما في الجامع من أنه إن كان فرضه المتعة قضى العمرة ثم حج و عليه دم و إن كان فرضه الحج فعله و لا دم عليه و كأنهما أراد المعنى الأخير و إن قصده إلى ثاني النسكين عزم لا نية و لا ينافي صحة الأول و نيته و إن أراد أحد المعنيين الأولين بناء على أن الإحرام بهما إحرام بأحدهما و زيادة فغاية الأمر إلغاء الزائد لا إبطالهما جميعا فيرد عليهما أنه نوى عبادة مبتدعة كما إذا نوى بركعتين صلاته أنها من صلاتي الظهر و العصر جميعا و إن أراد المعنى الثاني احتمل البطلان لأن الذي قصده من عدم التحلل في البين مخالف الشرع و الصحة بناء على أنه أمر خارج عن النسك و الواجب إنما هو نيته و لا ينافيها نية خارج مخالف للشرع بل غايتها اللغو مع أن عدم التحلل في البين مشروع في الجملة لأنه لا يبطل العمرة بل يقبلها حجة انتهى و مرجعه إلى تحقيق موضوع المسألة و أن المراد

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 358

بالقران ما هو و الظاهر من

كلمة القوم أنه المعنيان الأولان لا الأخيران مع أن النية فيهما بالإضافة إلى النسك بالإضافة إلى النسك الثاني عزم لا نية و قد أشار هو إليه أيضا فلا يرتبطان بموضع مسألتنا فرجع حاصل البحث إلى الفساد كما أطلقه القوم و لعل المقصود من هذا التحقيق الإشارة إلى عدم القطع بمخالفة الشيخ في الفساد في محل البحث لاحتمال إرادته المعنيين الأخيرين الخارجين عنه و اعلم أنه يستفاد من بعض الأصحاب اتحاد هذه المسألة مع المسألة المتقدمة في الفرق بين القارن و المفرد حيث لم يشبع الكلام هنا بل أحال إلى ما مضى و هو كما ترى فإن مورد هذه المسألة حرمة القرآن أو جوازه كما عليه الإسكافي و العماني و تلك أن الفارق بين المفرد و القارن ما هو من غير نظر إلى جواز القران بهذا المعنى و عدمه و لا إدخال أحدهما على الآخر بأن ينويه قبل الإحلال من الآخر و إتمام أفعاله أتم الأفعال بعد ذلك لو لا لأنه بدعة و إن جاز نقل النية من أحدهما إلى الآخر اضطرارا أو مطلقا و حكمنا بانقلاب العمرة حجة مفردة إن أحرم بالحج قبل التقصير و كان الحكم إجماعي كما ذكره جماعة و حكاه بعضهم عن الخلاف و السرائر و هو الحجة المعتضدة بعد ما مر بالصحيح الوارد في الفاعل ذلك ناسيا أنه يستغفر اللَّه تعالى

[المقدمة الرابعة في المواقيت]

اشارة

المقدمة الرابعة في تعيين المواقيت أي الأمكنة المحدودة شرعا للإحرام بحيث لا يجوز لأهلها التجاوز من غيرها اختيارا إلا إذا لم يؤد الطريق إليها و هي ستة في المشهور بين الأصحاب كما في المسالك و لكن اختلفت عبائرهم في التعبير عن السادس بعد الاتفاق على الخمسة الأول و هي إلى

قرن المنازل فجعل في عبارة دويرة الأهل و في أخرى بدلها مكة لحج التمتع و في ثالثة ذكرا معا فتصير المجموع سبعة مع أنها فرضت ستة فيحتمل كون الزائد عليها منها دويرة الأهل كما يفهم من بعض قال لأن المنزل الأقرب غير محدود و يفهم من الشرائع كونه الآخر حيث عد من الستة الدوير بدله و ربما حصرت في عشرة و هي مجموع السبعة و محاذاة الميقات لمن لم يمر به و حاذاه و أدنى الحل أو مساواة أقرب المواقيت إلى مكة لمن لم يحاذ و فخ لإحرام الصبي و في المنتهى و التحرير اقتصر على الخمسة و هي المستفاد من جملة من الصحاح منها الإحرام من المواقيت خمسة وقتها رسول اللَّه ص لا ينبغي لحاج و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها وقت لأهل المدينة ذو الحليفة و هو مسجد الشجر يصلي فيه و يفرض الحج و وقت لأهل الشام الجحفة و وقت لأهل نجد العقيق و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل اليمن يلملم الخبر و قريب منه آخر و فيه و من تمام الحج و العمرة أن يحرم من المواقيت التي وقتها رسول اللَّه ص لا يتجاوزها إلا و أنت محرم فإنه وقت لأهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق و وقت لأهل اليمن يلملم و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل المغرب الجحفة و هي مهيعة و وقت لأهل المدينة ذو الحليفة و من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله فتدبر و هي أي الخمسة بل الستة مجمع عليها بين الطائفة كما صرح به جماعة

بل العلماء كافة إلا مجاهد في دويرة الأهل فجعل بدلها مكة و أحمد في إحدى الروايتين في مكة لحج التمتع فقال بدله يخرج من الميقات فيحرم منه كما في المنتهى و لم ينقل خلاف من أحد في شي ء من الخمسة بل قال بعد عدها و هو قول علماء الإسلام و لكن اختلفوا في وجه ثبوته أما الأربعة الأول و أشار بها إلى ما عدا العقيق فقد اتفقوا على أنها منصوصة عن الرسول و أنها مأخوذة بالتوقيف عنه ص أقول و النصوص من طرقنا بالجميع زيادة على ما مر مستفيضة سيأتي إلى جملة منها الإشارة فلأهل العراق العقيق و هو في اللغة كل واد عقه السيل أي شقه فأنهره و وسعه و سمي به أربعة أودية في بلاد العرب أحدها الميقات و هو واد يتدفق سبيله في غوري تهامة كما عن تهذيب اللغة و المشهور أن أفضله المسلخ و ليس في ضبطه شي ء يعتمد عليه و في التنقيح و عن فخر الإسلام أنه بالسين و الحاج المهملتين واحد المسالح و هي المواضع العالية و قيل بالخاء المعجمة لنزع الثياب و إنه يليه في الفضل أوسطه غمرة بالغين المعجمة و الراء المهملة و الميم الساكنة منهلة من مناهل طريق مكة و هي فصل ما بين نجد و تهامة كما عن الأزهري و في التنقيح عن فخر الإسلام أنها سميت بها لرحمة الناس فيها و أن آخره ذات عرق بعين مهملة مكسورة فراء مهملة ساكنة و هو الجبل الصغير و به سميت كما عن النهاية الأثيرية و في التنقيح و عن فخر الإسلام أنها سميت بها لرحمة الناس فيها و أن آخره ذات عرق بعين مهملة مكسورة فراء

مهملة ساكنة و هو الجبل الصغير و به سميت كما عن النهاية الأثيرية و في التنقيح عن فخر الإسلام أنها سميت بذلك لأنها كان بها عرق من الماء أي قليل و يجوز الإحرام منها عندهم اختيارا للخبرين في أحدهما حدا العقيق أوله المسلخ و آخره ذات عرق و في الثاني وقت رسول اللَّه ص لأهل العراق العقيق و أوله المسلخ و أوسطه غمرة و آخره ذات عرق و أوله أفضله و نحوه الرضوي إلا أن بعده بأسطر و لا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات و لا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعليل أو تقية و بظاهره أخذ والد الصدوق كما في المختلف و تبعه الشهيد في الدروس و زاد الشيخ في النهاية و عزاه بعض متأخري الأصحاب إلى الصدوق أيضا في المقنع و الهادية و استدل لهم بالصحيح وقت رسول اللَّه ص لأهل المشرق العقيق نحو أمن بريدين ما بين

بريد البعث إلى غمرة و وقت لأهل المدينة ذا الحليفة و لأهل النجد قرن المنازل و لأهل الشام الجحفة و لأهل اليمن يلملم و الصحيح أول العقيق بريد البعث و هو دون المسلخ بستة أميال مما يلي العراق و بينه و بين غمرة أربعة و عشرون ميلا بريدان و الخبر حد العقيق ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة و ربما يميل إليه بعض متأخري المتأخرين قال و لا يبعد عندي حمل الخبرين المشار إليهما على التقية للصحيح المروي في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء و يكون متصلا بهم يحج و يأخذ عن الجادة و لا يحرم هؤلاء من المسلخ فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق فيحرم

معهم لما يخاف من الشهرة أم لا يجوز أن يحرم إلا من المسلخ فكتب إليه في الجواب يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبي في نفسه فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهره و فيه نظر أما أولا فلفقد التكافؤ بين الأخبار الاشتهار الخبرين بين الأصحاب بحيث كاد أن يكون إجماعا كما يشعر به كلمات جملة من الأصحاب حيث إنهم لم ينقلوا الخلاف مع أن ديدنهم نقله حيث كان و آخرون منهم عزوا مضمونهما إلى الأصحاب و المعروف بينهم مشعرين بدعوى الإجماع عليه كما في صريح الناصرية و الخلاف و الغنية فتشذ الروايات المقابلة مع ظهورها أجمع في خروج غمرة أيضا كذات عرق و لم يقل به أحد من الطائفة مضافا إلى قصور دلالة الصحيح منها على الخروج مطلقا و عدم دلالته عليه بالكلية و تضمنه أن أول العقيق دون المسلخ و هو خلاف ما اتفقت عليه كلمة الأصحاب و الأخبار ضعف سند الرواية بعده و ثانيا بأن أحد الخبرين و الرضوي مصرحان بأن العقيق من المواقيت المنصوصة عن رسول اللَّه ص و أن أفضله المسلخ و هما مخالفان لمذهب العامة و من متفردات الإمامية و حينئذ فتعين

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 359

الجمع بينهما بحمل هذه الروايات على أن المراد أن ذات عرق و إن كانت من العقيق إلا أنها لما كانت ميقات العامة و كان الفضل إنما هو فيما قبلها فالتأخير إليها و ترك الفضل إنما يكون لعذر من علة أو تقية و يشير إليه كلام الحلي في السرائر فإنه قال و وقت رسول اللَّه ص لأهل كل صقع و لمن حج على طريقهم ميقاتا فوقت لأهل العراق العقيق فمن أي جهاته و بقاعه أحرم ينعقد الإحرام

منها إلا أن له ثلاثة أوقات أولها المسلخ و هو أفضلها عند ارتفاع التقية و أوسطها غمرة و هي تلي المسلخ في الفضل مع ارتفاع التقية و آخرها ذات عرق و هي دونها في الفضل إلا عند التقية و الشفاعة و الخوف فذات عرق هي أفضلها في هذه الحال و لا يتجاوز ذات عرق إلا محرما انتهى و يحتمل ذلك كلام المخالفين في المسألة و لعله لذا لم يجعلهم الفاضل و الشهيد مخالفين صريحا قال الأول و كلام علي بن بابويه يشعر بالثاني و ظاهر علي بن بابويه و الشيخ في النهاية هذا و لا ريب أن الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق بل و لا إلى غمرة لما عرفته من دلالة بعض الصحاح على خروجها من العقيق أيضا و لما لم يوجد قائل به كان الإحرام منها أفضل من الإحرام من ذات عرق و هي دونها في الفضل لوجود قائل بخروجها أو عدم جواز الإحرام منها اختيارا و لعله الوجه في أفضلية غمرة من ذات عرق مضافا إلى ما فيه من المشقة اللازمة لزيادة الأجر و المثوبة و إلا فلم يجد من النصوص ما يدل عليها لدلالتها على أفضليته المسلخ خاصة و لأهل المدينة مسجد الشجرة كما هنا و في الشرائع و الفوائد و القواعد و المقنعة و الناصرية و عن جمل العلم و العمل و الكافي و الإشارة و فيها أنه ذو الحليفة و في الغنية و السرائر و المنتهى و التحرير و عن المعتبر و التهذيب و كتب الشيخ و الصدوق و القاضي و الديلمي و التذكرة أن ميقاتهم ذو الحليفة و أنه مسجد الشجرة كما في بعض الصحاح المتقدمة و نحوه

الآخر المروي عن قرب الإسناد و فيه وقت لأهل المدينة ذو الحليفة و هي الشجرة و الخبر المروي منه أيضا و لأهل المدينة و من تليها الشجرة و يعضدها المرسل المروي عن العلل قلت لأبي عبد اللَّه ع لأي علة أحرم رسول اللَّه ص من مسجد الشجرة و لم يحرم من موضع دونه فقال لأنه لما أسري به إلى السماء و صار بحذاء الشجرة نودي يا محمد قال ص لبيك قال أ لم يجدك يتيما فآويتك و وجدتك ضالا فهديتك فقال النبي ص إن الحمد و النعمة لك لا شريك لك فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلها و في اللمعة و عن الوسيلة أن الميقات ذو الحليفة و لم يزدا عليه شيئا كما في الصحاح المستفيضة و مقتضى الجمع بينها و بين السابقة تعين الإحرام من المسجد خلافا للشهيدين و المحقق الثاني فجعلوه أفضل و أحوط و صرح الأخير بأن جواز الإحرام من الموضع كله مما لا يكاد يدفع و فيه بعد ما عرفت من توافق الأخبار على خلافه نظر سيما مع اعتضاده بعمل الأكثر بل و ظاهر الناصرية و الغنية بعد التعبير بما مر الإجماع فتأمل و بالصحيح مضافا إلى ما مر من قام بالمدينة شهرا و هو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل مدينة الذي يأخذونه فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء و أما الصحيح وقت لأهل المدينة ذو الحليفة و هو مسجد الشجرة كان يصلي فيه و يفرض الحج فإذا خرج من المسجد و سار و استوت به البيداء حين يحاذي الليل الأول أحرم فليس فيه دلالة على جواز الإحرام من

خارج المسجد كما ربما يفهم من الذخيرة إلا على تقدير أن يراد من الإحرام فيه معناه الحقيقي و ليس قطعا لمنافاته لصدره بل المراد به إما التلبية نفسها كما قيل أو الإجهار بها كما عن المتأخرين و حيث قد تعين الإحرام من المسجد فلو كان المحرم جنبا أو حائضا أحرما به مجتازين لحرمة اللبث و إن تعذر فهل يحرمان من خارجه كما صرح به جماعة من غير مخالف لهم أجده أم يؤخرانه إلى الجحفة إشكال من وجوب قطع المسافة من المسجد إلى المكة محرما و من كون العذر ضرورة مبيحة للتأخير إلى الجحفة و الأحوط الإحرام منهما و إن كان ما ذكره الجماعة لا يخلو عن قوة لمنع عموم الضرورة في الفتوى و الرواية

لمثل هذا سيما مع التصريح في جملة منها في بيانها بمثل المرض و المشقة الحاصلة من نحو البرد و الحر هذا ميقاتهم اختيارا و عند الضرورة المفسر بما عرفته الجحفة بجيم مضمومة فحاء مهملة ففاء على سبع مراحل من المدينة و ثلاث من مكة كما عن بعض أهل اللغة و عنه أن بينها و بين البحر نحو ستة أميال و عن غيره ميلان قيل و لا تناقض لاختلاف البحر باختلاف الأزمنة و في القاموس كانت قرية جامعة على اثنين و ثلاثين ميلا من مكة و في المصباح المنير منزل بين مكة و المدينة قريب من رابع بين بدر و خليص و الأصل في هذا الحكم بعد عدم خلاف فيه أجده و به صرح في الذخيرة بل الإجماع كما في المدارك المعتبرة المستفيضة و ليس في شي ء منها التقييد مجال الضرورة كما فعله الأصحاب بغير خلاف ظاهر و لا محكي إلا من ظاهر

الوسيلة و الجعفي فأطلقاها كما هو ظاهر الصحاح منها نعم ربما أشعر به الحسن و قد رخص رسول اللَّه ص لمن كان مريضا أو ضعيفا أن يحرم من الجحفة و قريب منه الموثق لكن في تقييد الصحاح بهما إشكال لعدم الصراحة التي هي مناط التخصيص و التقييد إلا أن يقال دلالة الصحاح على العموم ليس بذلك الوضوح أيضا فيشكل الخروج بها عن الأدلة الدالة على توقيت الحليفة من الفتوى و الرواية و الإجماعات المنقولة الظاهرة في عدم جواز العدول عنها مطلقا و لو مع الضرورة لكنها خرجت اتفاقا فتوى و رواية و بقي حال الاختيار تحتها مندرجة فإذا الأحوط مراعاة الضرورة سيما مع اشتهارها بين الأصحاب شهرة عظيمة و هل التقييد بالضرورة مطلق فلا يجوز سلوك طريق لا يؤديه إلا ذي الحليفة اختيارا كما احتمله بعض لإطلاق الأخبار بكونه ميقاتا مع النهي عن الرغبة عن مواقيته ع أو مقيد بما إذا مر به كما في الدروس و المدارك و غيرهما وجهان و لعل الثاني أقوى للأصل و عموم جواز الإحرام من أي ميقات يتفق المرور عليه و لو لغير أهله مع اختصاص الإطلاق المتقدم بحكم التبادر و غيره بصورة القيد ثم على التقييد السابق لا ريب في حصول الإثم بالتأخير اختيارا و هل يصح الإحرام حينئذ وجهان قطع بأولهما في المدارك تبعا للدروس و تأمل فيه بعض و لا يخلو عن وجه و هي أبي الجحفة ميقات أهل الشام اختيارا كما في الصحاح المستفيضة و في جملة منها أنها ميقات أهل المغرب و مصر أيضا و به أفتى جماعة و لأهل اليمن جبل يقال له يلملم و ألملم هو على مرحلتين من مكة كما في

القاموس و غيره و لأهل الطائف قرن المنازل بفتح القاف و سكون الراء قيل خلافا للجوهري فإنه فتحها و زعم أن أويسا القرني بفتح الراء منسوب إليه و اتفق العلماء على تغليطه فيهما و إنما أولى من بنى قرن بطن من مراد يقال له قرن الثعالب و قرن بلا إضافة و هو جبل مشرف على عرفات على مرحلتين

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 360

من مكة و قيل إن قرن الثعالب غيره و إنه جبل مشرف على أسفل منى بينه و بين مسجدها ألف و خمسمائة زراع و القرن الجبل الصغير أو قطعة مفردة من الجبل و في القاموس أنه قرية من الطائف أو اسم الوادي كله و قيل القرن بالإسكان الوادي و بالفتح الطريق و من لم يعرف أحد هذه المواقيت أجزأه أن يسأل الناس و الأعراب عنها كما في الصحيح الوارد في العقيق و ميقات المتمتع لحجة مكة إجماعا فتوى و رواية كما تقدم إليه الإشارة و كل من كان منزله أقرب من الميقات إلى مكة كما في النصوص المستفيضة المتقدم إلى بعضها الإشارة و فيها الصحيح و غيره فميقاته منزله و اعتبار القرب إلى مكة كما فيها محكي عن النهاية و المبسوط و التهذيب و الجمل و العقود و السرائر و شرح القاضي لجمل العلم و العمل و اختاره جماعة من المتأخرين و متأخريهم و هو الأقرب خلافا للمحكي عن الماتن في موضع من المعتبر فإلى عرفة و أطلق و تبعه في اللمعة في الحج و قطع و استوجهه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك و الروضة لو لا النصوص مصرحا باعتبارها في العمرة قال لأن الحج بعد الإهلال به من الميقات لا يتعلق الغرض فيه بغير

عرفات بخلاف العمرة فإن مقصدها بعد الإحرام مكة فينبغي اعتبار القرب فيها إلى مكة انتهى ثم إن أهل مكة على هذا القول يحرمون من منازلهم لأنها أقرب إلى عرفات من الميقات كما ذكره جماعة و يشكل على المختار إذ لا دليل عليه من الأخبار لأن الأقربية لا تتم لاقتضائها المغايرة و لكنه مشهور بين الأصحاب كما ذكره جماعة بل زاد بعضهم فنفى الخلاف فيه بينهم مشعرا بدعوى الإجماع كما حكاه في الذخيرة عن التذكرة قيل و يؤيده ما روي عن النبي ص من قوله فمن كان دونهن فمهلّه من أهله أقول و نحوه أو قريب منه المرسل المروي في النهاية عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم قال من منزله لكن في الصحيحين الواردين في المجاور أمره بالإحرام بالحج من الجعرانة سواء انتقل فرضه إلى فرض أهله أم لا إلا أن يقيد بالأخير أو يجعل ذلك من الخصائص المجاور كما قيل و كل من حج أو اعتمر على طريق كالشامي يمر بذي الحليفة فميقاته ميقات أهله بغير خلاف أجده و به صرح في الذخيرة مشعرا بدعوى الإجماع عليه كما في عبائر جماعة بل في المنتهى أنه لا نعرف فيه خلافا مشعرا بدعوى الإجماع عليه من الخاصة و العامة للنبوي هن لهن و لمن أتى عليهن من غير أهلهن و بمعناه الصحيح و غيره و لانتفاء العسر و الحرج في الشريعة و لو حج إلى طريق لا يفضي إلى أحد المواقيت كالبحر مثلا أحرم عند محاذاة أقربها إلى طريقه لأصالة البراءة من المسير إلى الميقات و اختصاص نصوص المواقيت في غير أهلها بمن أتاها و للصحيح في المدني يخرج في غير طريق المدينة فإن كان

حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها و لكن في الخلاف بعد نقله و في رواية يحرم من الشجرة ثم يأخذ أي طريق شاء لكنها مرسلة فلا تعارض الرواية الصحيحة سيما مع اعتضادها بالأصل و نفي الحرج في الشريعة و الشهرة العظيمة في الجملة إذ لم نجد مخالفا في المسألة عدا الماتن في ظاهر الشرائع حيث عزى الحكم إلى القيل مشعرا بتمريضه أو توقفه فيه و تبعه فيه جماعة من المتأخرين و لا وجه له بعد ما عرفته كما لا وجه لاعتبار الأقرب إلى مكة كما في القواعد و غيره و لا للتخيير بين المحاذاة لأي ميقات كان كما عن الحلي و الإسكافي و يكفي الظن بالمحاذاة كما عن المبسوط و الجامع و التحرير و المنتهى و التذكرة و الدروس للحرج و الأصل فإن ظهر التقدم أعاد كما في الأخير قيل لعدم جوازه مطلقا و إن ظهر التأخير قيل فالأظهر الإجزاء كما في غير الأولين للحرج و أصل البراءة لأنه كلف باتباع ظنه و إن لم يكن له طريق علم أو ظن قيل أحرم من بعد بحيث يعلم أنه لم يجاوز الميقات إلا محرما كذا في التحرير و المنتهى و فيه نظر الظاهر و لو لم يحاذ شيئا منها قيل يحرم من مساواة أقربها إلى مكة و هو مرحلتان تقريبا لأن هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلا محرما و قيل من أدنى الحل لأصالة البراءة من وجوب الزائد و ربما يستبعد الفرض بأن المواقيت محيطة بالحرم فذو الحليفة شامية و يلملم يمانية و قرن شرقية و العقيق غربية فلا طريق إلا تؤدي إلى الميقات و لا إلى المحاذاة إلا

أن يراد الجهل بالمحاذاة و يجرد

الصبيان من فخ بفتح الفاء و تشديد الخاء و هو بئر معروف على نحو فرسخ من مكة على ما ذكره جماعة و عن القاموس أنه موضع بمكة و النهاية الأثيرية موضع عندها و لا خلاف في الحكم للصحيحين و إن اختلفوا في المراد بالتجريد أو هو الإحرام كما عن صريح الماتن في المعتبر و قريب منه الفاضل في التحرير و المنتهى و أفتى به في الدروس و قواه في المسالك و إن جعل الإحرام بهم من الميقات أولى و تبعه في الجواز جملة من المتأخرين و عزاه بعضهم إلى الأكثر و يظهر من آخر عدم الخلاف فيه أو نزع الثياب خاصة و لكن يحرم بهم من الميقات كما عن السرائر و به أفتى المحقق الثاني و جعله مراد الماتن في التنقيح و تردد بينهما بعض المتأخرين قال من عموم نصوص المواقيت و النهي عن تأخير الإحرام عنها و عدم تضمن الصحيحين سوى التجريد فالتأخير تشريع و من عموم لزوم الكفارة على الولي إذا لم يجتنبوا و منه لبس المخيط و الصحيح قدموا من معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم و أن الإحرام بهم مندوب فلا يلزم من الميقات لطول المسافة و صعوبة تجنبهم عن المحرمات كما لا يلزم من أصله و في الأدلة من الطرفين نظر و لا سيما الصحيح المستدل به على الوجه الثاني و إن استدل به الشهيدان في الدروس و المسالك عليه أيضا فإنه على خلافه أظهر و لذا استدل به جماعة على أفضلية الإحرام بهم من الميقات بعد أن حكوها من الشيخ و غيره و استدلوا على جواز إحرامهم من فخ بعد

نقلهم له عنها بالصحيحين زعما منهم ظهور التجريد في الإحرام و المسألة قوية الإشكال و حيث إن المستفاد من جماعة عدم إشكال في جواز الإحرام بهم من الميقات بل و أفضليته و أن التأخير إلى فخ إنما هو على سبيل الجواز كان الإحرام بهم من الميقات أولى و أحوط

[أحكام المواقيت]
اشارة

و أحكام المواقيت تشمل على مسائل ثلاث

[الأولى لا يصح الإحرام قبل الميقات]

الأولى لا يصح الإحرام قبل الميقات بإجماعنا الظاهر المنقول في جملة من العبائر للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة إلا لناذر له قبله فيصح بشرط أن يقع في أشهر الحج و لو كان لحج أو عمرة متمتع بها و إلا فيصح مطلقا على الأقوى وفاقا للشيخ في النهاية و المبسوط و الخلاف و التهذيبين و الديلمي و القاضي و ابن حمزة و المفيد كما حكي و عليه أكثر المتأخرين على ما أجده أو مطلقا على ما يستفاد من الذخيرة و غيرها و في المسالك و غيره أنه المشهور بين الأصحاب للمعتبرة المتضمنة للصحيح على ما صرح به جماعة و إن تأمل فيها بعض الأجلة و الموثق و غيرهما خلافا للحلي و الفاضل في المختلف فمنعا عن هذا الاستثناء لأنه نذر غير مشروع كنذر الصلاة في غير وقتها و إيقاع المناسك في غير مواضعها و ضعف النصوص و ظهور احتمالها ما يأتي في بحث المصدود من بعث الرجل من منزله الهدي و اجتنابه ما يجتنبه المحرم أو المسير للإحرام من الكوفة أو خراسان و لا يخفى عليك ما في هذين الاحتمالين من البعد و مخالفة فهم الأصحاب و ضعف النصوص أولا ممنوع و ثانيا على تقديره فهو بالشهرة الظاهرة و المنقولة مجبور فيمنع بها الأصل المتمسك به للمنع و نظيره في الصوم موجود هذا أو طريق الاحتياط واضح بالجمع بين

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 361

الإحرام من المحل المنذور و من الميقات كما عن المراسم و الراوندي و غيرهما إن نذر إحراما واجبا وجب تجديده من الميقات و إلا استحب و يستثنى من كلية المنع صورة أخرى أشار إليها بقوله أو للعمرة

المفردة في رجب لمن خشي تقضيه بتأخير الإحرام إلى الوقت بلا خلاف أجده كما في الذخيرة و في ظاهر و المعتبر و المنتهى أن عليه اتفاق علمائنا و في تنقيح القواعد للمحقق الثاني أن عليه إجماعنا للصحيحين قيل و لم يتعرض له كثير من الأصحاب و الاحتياط تجديد الإحرام من الميقات

[الثانية لا يجاوز الميقات إلا محرما]

الثانية لا يجاوز من أراد النسك من الميقات إلا محرما في حال الاختيار بالنص و إجماع العلماء كما عن المعتبر و المنتهى و في التحرير و غيره الإجماع مطلقا لأن ذلك مقتضى التوقيت مضافا إلى وقوع التصريح به في جملة من الصحاح منها من تمام الحج و العمرة أن يحرم من المواقيت التي وقتها رسول اللَّه ص لا تجاوزها إلا و أنت محرم و منها لا يتجاوز الجحفة إلا محرما و منها لا ينبغي لحاج و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها و يجوز لعذر من نحو حر أو برد عند الشيخ لانتفاء العسر و الحرج و للصحيح فلا يجاوز الميقات إلا من علة و أظهر منه المرسل إذا خاف الرجل على نفسه أخر إحرامه إلى الحرم خلافا للحلي حيث حمل فتوى الشيخ على تأخير الصورة الظاهرة للإحرام من التعري و لبس الثوبين دون غيرها فإن المرض و التقية و نحوها لا يمنع النية و التلبية و إن منعت التلبية كان كالأخرس و إن أغمي عليه لم يكن هو المؤخر قال و إن أراد و قصد شيخنا غير ذلك فهذا يكون قد ترك الإحرام متعمدا من موضعه فيؤدي إلى إبطال حجه بغير خلاف و ارتضاه الفاضل في المختلف و التحرير و المنتهى يميل إليه الماتن في المعتبر و غيره و لعله لحديث

الميسور و لا يسقط بالمعسور و يؤيده الحديث المتقدم فيمن مر على المسلخ مع العامة و لم يمكنه إظهار الإحرام تقية المتضمن لأنه يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبي في نفسه و إذا بلغ ميقاته بهم أظهره و لا بأس به لقوة دليله مع قصور الخبرين بعد إرسال أحدهما عن التصريح بخلافه و يرجع إليه أي إلى الميقات لو لم يحرم منه عمدا أو سهوا أو جهلا بالحكم أو بالوقت بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى أما في العمد فلتوقف الواجب عليه و أما في غيره فللصحاح و غيرها منها في الناسي يخرج إلى ميقات أهل أرضه فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج من الحرم و منها في الجاهل إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه فإن لم يكن عليها وقت فليرجع إلى ما قدرت عليه بعد ما يخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحج فتحرم و منها عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم فقال يرجع إلى ميقات بلاده الذي يحرمون منه فيحرم فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج و نحوه غيره المروي عن قرب الإسناد و أما ما في جملة من المعتبرة في الجاهل من الأمر بالخروج إلى خارج الحرم بقول مطلق كما في الصحيح أو بالإحرام من مكانه من مكة أو من المسجد كذلك كما في الموثق و نحوه عبارة الغنية فمحمول على صورة عدم التمكن من الخروج إلى الميقات كما هو الغالب فيحمل الإطلاق عليه حملا للمطلق على المقيد و اقتصارا في الإطلاق على المتيقن لكن في

بعض الأخبار المنقولة عن قرب الإسناد الوارد في الجاهل إن كان جاهلا فليبين من مكانه فإن ذلك يجزيه إن شاء اللَّه و إن رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل و هو كالصريح بل صريح في جواز الإحرام من غير الميقات مع التمكن من الرجوع إليه إلا أن سنده غير واضح و مع ذلك فلندوره و عدم مكافأته لما مر من وجوه عن المعارضة له قاصر و ربما يستفاد من العبارة وجوب الرجوع على من لا يريد النسك ثم أراده و هو مقطوع به بين الأصحاب على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة كالمدارك و الذخيرة و غيرهما مشعرين بعدم خلاف فيه كما صرح في التنقيح بل ظاهر المنتهى أنه لا خلاف فيه بين العلماء إلا من بعض العامة العمياء و هو الحجة مضافا إلى إطلاق بعض الصحاح المتقدمة المعتضدة بما في المعتبر و المنتهى بأنه متمكن من الإتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجبا و مرجعه إلى ما في المدارك من إطلاق النهي عن مجاوزة الميقات لكل حاج و معتمر و لا يخلو عن نظرهم أن هذا مع إمكان الرجوع فإن لم يتمكن منه فلا حج له إن كان المتجاوز عن الميقات بغير إحرام عامدا كما عن النهاية و الاقتصاد و الوسيلة و السرائر و الجامع و كتب الماتن و التهذيب و الغنية و في المنتهى و التحرير و الدروس و اللمعتين و المسالك و بالجملة الأكثر كما في الذخيرة و ربما يفهم من المنتهى و غيره عدم خلاف فيه بيننا لأن الإحرام من غير الميقات

خلاف ما أمر به الشارع فلا يصح إلا فيما أذن فيه و لا إذن هنا

الاختصاص النصوص الآتية بمن عدا العامد و إطلاق بعض الصحاح المتقدمة غير معلوم الانصراف إلى مفروض المسألة كما صرح به في الذخيرة بالإضافة إلى الجاهل فما ظنك بالعامد مع أنه معارض بإطلاق جملة من المعتبرة منها الصحيح من أحرم دون الميقات فلا إحرام له و منها المروي في العيون عن مولانا الرضا ع أنه كتب إلى المأمون في كتاب و لا يجوز الإحرام دون الميقات قال اللَّه سبحانه وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ فإنه إذا لم يجز كان فاسدا لأنه عبادة منهي عنها و إرجاعها إلى الأول بتقييدها و صرف ظاهر ليس بأولى من العكس بل هو أولى من وجوه لا تخفى فظهر ضعف القول بإلحاقه بالناسي إذا وجب الحج عليه مضيقا كما قواه جماعة من متأخري المتأخرين و يحتمل إطلاق المبسوط و المصباح و مختصره كما حكي و يأتي فيه ما في سابقه و اعلم أن إطلاق نفي الإحرام و جوازه في الخبرين يعم الإحرام للعمرة المفردة و عليه فلا يباح له دخول مكة حتى يحرم من الميقات كما حكي التصريح به عن بعض الأصحاب و رد بأنه ليس بجيد و لا موافق لكلام الأصحاب فإنهم إنما صرحوا ببطلان الحج أو بوجوب إعادته إلا الفاضل في القواعد و الفوائد و الماتن في الشرائع ففي كلامهما لا يصح له الإحرام إلا من الميقات و الشهيد في الدروس ففيه بطلان النسك و اللمعة ففيها بطلان الإحرام و الكل محتمل ما صرح به غيرهم أي من أن المراد بطلان الحج خاصة لا العمرة المفردة فإن أدنى الحل ميقات اختياري لها غاية الأمر آثمة بتركه مما مر عليه من المواقيت و يحرم من موضعه أينما كان إذا

كان لم يدخل الحرم إن كان ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك و يندرج فيه من لا يكون قاصدا دخول مكة عند مروره على الميقات ثم تجدد له قصده و من لا يجب عليه الإحرام لدخولها كالمتكرر و من دخلها القتال إذا لم يكن مريدا للنسك ثم تجدد له إرادته أما من مر على الميقات قاصدا دخول مكة و كان ممن يلزم الإحرام لدخولها لكنه لم يرد النسك فهو في معنى معتمد ترك الإحرام بل أولى و لو دخل أحد هؤلاء مكة أو الحرم خرج إلى الميقات مع الإمكان و أحرم منه كما مر و مع التعذر ف من أدنى الحل و مع التعذر يحرم من موضعه مكة أو الحرم بلا خلاف في شي ء من ذلك أجده و به صرح بعض الصحاح المستفيضة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 362

المتقدمة إلى جملة منها الإشارة بعد حمل مطلقها على مقيدها هنا أيضا على نحو ما مضى و هي إن اختصت بالناسي و الجاهل إلا أن الأخير ملحق بهما بلا خلاف قيل أما في وجوب خروجه إلى الميقات إذا أمكن و أراد الحج أو عمرة التمتع فظاهر و أطلق الشافعي إحرامه من موضعه و أما إجزاء إحرامه من موضعه أو أدنى الحل إذا لم يكن فلأن مجاوزته الميقات بلا إحرام كانت تجوز له إذا لم يكن يريد النسك أما نحو الخطاب فظاهر و أما غيره ممن لا يريد الحرم فللأصل و مروره ص بذي الحليفة مرتين لغزوتي بدر محلا هو و أصحابه و كأنه لا خلاف فيه و اعلم أن إطلاق العبارة و نحوها بجواز الإحرام من أدنى الحل أو موضعه حيث يتعذر العود إلى الميقات يقتضي عدم الوجوب العود

إلى ما أمكن من الطريق و هو مقتضى إطلاق أكثر النصوص إلا أن بعض الصحاح المتقدمة منها يقتضي وجوبه و يعضده حديث الميسور لا يسقط بالمعسور و هو فتوى الشهيد كما قيل

[الثالثة لو نسي الإحرام حتى أكمل مناسكه فالمروي أنه لا قضاء]

الثالثة لو نسي الإحرام أو جهله حتى أكمل مناسكه فالمروي في الصحيح و المرسل الجميل أنه لا قضاء عليه على تقدير وجوبه إذا كان قد نوى ذلك كما في الثاني و فيه ذكر الناسي و يرجع إليه الأول فيهما بالتقييد و حمل الجاهل فيه على معنى يعم الناسي بل يفهم من بعض أنه معناه الحقيقي مضافا إلى الأولوية المصرح بها في كلام جماعة و لكن لبعض فيها مناقشة و أراد بها الصحيحة بناء على أن موردها الجاهل خاصة و هو غير مفروض المسألة في كلام الجماعة قال مع أنها مخصوصة بإحرام الحج دون العمرة و رد المرسلة بضعف السند و يضعف بانجبار ضعف السند بعمل الأكثر كالشيخ في كتابي الحديث و النهاية و المبسوط و الجمل و العقود و الاقتصاد و ابن حمزة في الوسيلة و القاضي في التهذيب و الماتن في المعتبر و ابن عمه في الجامع و الفاضل في القواعد و التحرير و المنتهى و الفاضل المقداد في التنقيح و الشهيدين في النكت و المسالك و فيه أنه فتوى المعظم و في الدروس أنه فتوى الأصحاب عدا الحلي و لعله كذلك إذ لم نقف على مخالف صريح عداه و المناقش المتقدم قد وافق الأصحاب و يستفاد من المرسل أن الإحرام المنسي هو التلبية دون النية فيفسد بتركها الحج كما صرح به الشيخ في المبسوط في فصل فرائض الحج و اشتراط النية في النهاية و فصل ذكر كيفية شرائط الإحرام من المبسوط

كالمرسل و لا يخلو من وجه اقتصارا فيما خالف الأصل الآتي بيانه على المتيقن من الفتوى و النص و هو ما عدا النية فإن أطلق الإحرام في الصحيح بناء على ما يستفاد من المرسلة و غيرها من الأخبار الصحيحة من أن المراد بالإحرام هو التلبية و سيأتي في بحثها إليها الإشارة و لئن تنزلنا عن كون الإحرام حقيقة فيها نقول لا ريب في جهالة حقيقة بحسب الفتوى و الرواية إذ لم يستفد منها خلاف ذلك و كذا من الفتوى لاختلافها في بيانها فبين قائل بأنها مركبة من النية و التلبية و لبس الثوبين كالفاضل في المختلف و قائل بأنها الأولان خاصة كالحلي و قائل بأنها الأول خاصة كما عن الجمل و المبسوط و فيه ما عرفته و قريب منه ما عن الشهيد من أنها توطين النفس على ترك المنهيات المعهودة إلى أن يأتي بالمناسك و التلبية هي الرابطة لذلك التوطين فنسبتها إليه كنسبة التحريمة إلى الصلاة و هي الأفعال المزيلة لذلك الربط و يتحقق زواله بالكلية بآخرها أعني التقصير و طواف النساء بالنسبة إلى النسكين و قائل بغير ذلك و عليه فيكون الإحرام مجملا يجب فيه الأخذ بالاحتياط و هو العمل بمقتضى الفساد بترك كل ما يحتمل كونه إحراما خرج منه ما عدا النية فتوى و رواية لاتفاقهما على الصحة في تركها خاصة فيبقى ما عداها تحت الأصل مندرجا و فيه نظر أما أولا فلمنع الإجماع بإمكان ترجيح الأول من الأقوال بالتبادر عند المتشرعة فيكون مرادا من الصحيحة و لو على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية لوجود القرينة و هي اتفاق الطائفة و أما ثانيا فلدخول النية في الإحرام على جميع الأقوال و إن اختلف

في الزيادة بل ظاهر جملة منها أنها الإحرام خاصة فتركها يدخل في الصحيحة و أما ثالثا فلأن الإجمال أعني الرجوع في المشتبه إلى مقتضى الأصل و هو هنا البراءة لأن الإحرام المأمور به عموما فتوى و رواية و المصرح به في الصحيح بعدم البأس بتركه جهلا أما ما أفادته الأخبار من خصوص التلبية فلا دليل على وجوب غيرها مطلقا لا مجملا و لا مبينا و ما ذكره الأصحاب و هو يشمل النية فتركها يدخل في الصحيحة و تقييدها بالمرسلة فرع حجيتها و هي هنا ممنوعة لخلو فتوى الأكثر الجابرة لها عن التقييد بما إذا نوى و إنما هو شي ء مذكور في عبارة الشيخ هذا مع نوع إجمال فيها فالإطلاق كما عليه الأكثر لعله أقوى و المناقشة باختصاص الصحيحة بالجاهل فلا يتعدى إلى الناسي الذي هو مفروض المسألة مدفوعة بما عرفته من الأولوية إن لم نقل بعمومه لهما لغة و إلا فالصحيحة مطلقة و منع الأولوية محل مناقشة كيف و قد فهمها الجماعة و اتضح الناسي في وجه الحكمة و هو ما استدل به جماعة من أن السهو و النسيان كالطبيعة الثانية للإنسان فلو أوجب القضاء للزم العسر و الحرج المنفيين شرعا و لا كذلك الجاهل فإن هذه الحكمة غير موجودة فيه أصلا و فيه وجه بالقضاء للحلي مخرج من أن الأعمال بالنيات قال فكيف تصح بلا نية و رد به كلام شيخ الطائفة و يضعف بأنه لا عمل هنا بلا نية كما

في المختلف و المنتهى و استقرب فيه كلامه و قال إنه لا توجبه فيه النية و الظاهر أنه قد وهم في ذلك لأن الشيخ قد اجتزأ بالنية عن الفعل فتوهم أنه قد اجتزأ بالفعل

بغير نية و هذا الغلط من باب إبهام العكس انتهى و في المعتبر و لست أدري كيف يحل لها هذا الاستدلال و لا كيف يوجهه فإن كان يقول إن الإخلال بالإحرام إخلال بالنية في بقية المناسك فنحن نتكلم على تقدير وقوع كل منسك على وجهه ظانا أنه أحرم أو جاهلا بالإحرام فالنية حاصلة مع إيقاع كل منسك فلا وجه لما قاله و هو حسن و بناؤه كالفاضل على أن المراد بالإحرام المنسي في كلام الشيخ إنما هو ما عدا النية كما عرفته من مذهبه المتقدم إليه الإشارة فلا يرد ما ذكره الشهيد من أن نسيان نية الإحرام تبطل سائر المناسك لعدم صحة نياتها محلا فالأولى في توجيه مذهبه حيث لا يذهب إلى حجية الآحاد التمسك بأصالة وجوب الإتيان بالمأمور به على وجه و لم يحصل و غاية النسيان رفع المؤاخذة لا صحة العبادة و هو متين لو لا الرواية المنجبرة بفتوى الأصحاب

[أما المقاصد]

[المقصد الأول في أفعال الحج]

اشارة

المقصد الأول في بيان أفعال الحج و هي الإحرام و الوقوف بعرفات و المشعر و الذبح بمنى و الطواف و ركعتاه و السعي بين الصفا و المروة و طواف النساء و ركعتاه لما سيأتي من الأدلة لكل في مبحثه و في وجوب الرمي و الحلق و التقصير تردد و اختلاف بين الأصحاب خصوصا في الرومي فقد حكي الخلاف فيه و في المختلف و الدروس عن الشيخ و القاضي و ظاهر المفيد و الإسكافي و أما الثاني فلم يحك الخلاف فيه في الأول و حكي في الثاني عن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 363

التبيان خاصة قال و هو نادر و كذا في المنتهى و فيه زيادة على ذلك أن الوجوب مذهب علمائنا أجمع مؤذنا بدعوى الإجماع كما

صرح به بعض الأصحاب و نحوهما في دعوى الشذوذ غيرهما و بالجملة دعوى شذوذ الخلاف و نذوره هنا مستفيضة في كلام الجماعة و أما ما نقله في التنقيح عن الحلي فضعيف فإن الموجود في السرائر خلافه فإن وجد في صدر عبارته ما يوهمه من قوله يستحب أن يحلق رأسه بعد الذبح لظهور عبارته بعد ذلك في الوجوب و رجوع الاستحباب إلى الترتيب بينه و بين الذبح و كيف كان فلا وجه للتردد هنا لمكان الإجماع الظاهر و المحكي في عبائر هؤلاء مضافا إلى ما سيأتي و لا في الأول أيضا لنفي الحلي الخلاف فيه بين أصحابنا بل قال و لا أظن من المسلمين مخالفا و نحوه في التذكرة و المنتهى و لا يقدح فيه مخالفة من مر من العظماء لعدم معلومية مخالفتهم صريحا إذ الموجود في عبائرهم نحو لفظ السنة المحتمل قريبا في كلامهم حمله على كون المراد منها ما ثبت وجوبه بالسنة في مقابلة الفريضة الإلهية لا المعنى المصطلح عليه من المتشرعة و قطع الحلي بعدم المخالفة طاعنا به على من توهمها من عباراتهم آتيا بقرائن من عبارة الشيخ و فتاواه ما يستأنس به لهذا الحمل و كيف كان أشبهه الوجوب لتظافر الأخبار بالأمر بهما بل تواترها كما صرح به الحلي و زاد على هذا الدليل فقال و لنعم ما قال ثم فعل الرسول و الأئمة ع يدل على ما اخترناه و شرحناه لأن الحج في القولين مجمل و فعله ع إذا كان بيانا للمجمل جرى مجرى قوله و البيان في حكم المبين و لا خلاف أنه رمى الجمار و قال خذوا عني مناسككم فقد أمرنا بالأخذ و الأمر يقتضي الوجوب عندنا إلى أن

قال و أيضا دليل الاحتياط يقتضيه لأنه لا خلاف بين الأمة أن من رمى الجمار برئت ذمته من جميع أفعال الحج و الخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار انتهى و لا معارض لهذه الأدلة سوى الأصل إن جوزنا جريانه في نحو المقام و هو مخصص بالأوامر و إلا فليس بمعارض أيضا و أما التشكيك في دلالتها على الوجوب في أخبارنا في الذخيرة فمما لا ينبغي الإصغاء إليه و لا العروج في مقام التحقيق عليه لضعفه من أصله كما بين في الأصول مستقصى و لا سيما هنا لفهم الأصحاب إياه منها و هو أقوى قرينة عليه كما صرح به نفسه مرارا و منها المقام و لكن في موضع منها و لكن رجع عنه أخيرا و نحوه في الضعف تشكيكه في وجوب الناسي و تخصيصه بما إذا علم وجهه لا مطلقا فإنه مسلم في غير ما وقع بيانا للجمل و أما فيه فلا و خصوصا في الوضوء و الصلاة و الحج لورود الأمر به فيها زيادة على الدليل الاعتباري المبين في الأصول مفصلا و أما القدح في دلالة النص هنا على الوجوب بأنه يدل على وجوب الأخذ عنه لا على وجوب كلما أخذ عنه و إلا لكان المندوب المأخوذ واجبا فهو باطل كما ترى لظهوره كما في الثاني فهمه الأصحاب كافة قديما و حديثا و لا ينافيه خروج المندوب بالإجماع و غيره فإن العام المخصص حجة في الباقي و جعله قرينة على الاستحباب أو المعنى الأول دون التخصيص خلاف التحقيق فإنه أولى من المجاز حيثما تعارضا و بالجملة فلا إشكال في وجوبهما و يستحب الصدقة أمام التوجه إلى السفر مطلقا فيخرج و لا يبالي و لو في

يوم مكروه كما في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة منها افتتح سفرك بالصدقة و اخرج إذا بدا لك و منها من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع اللَّه تعالى نحس ذلك اليوم و يستحب أن يكون عند وضع الرجل في الركاب كما في الخبر بل الصحيح كما قيل كان علي بن الحسين ع إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من اللَّه عز و جل بما تيسر له و يكون ذلك إذا وضع رجليه في الركاب و صلاة ركعتين أو أربع ركعات ففي النبوي الخاصي ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين إذا أراد الخروج إلى سفر و يقول اللهم إني أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذريتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي إلا أعطاه اللَّه عز و جل ما سأل و في آخر مروي عن أمان الأخطار ما استخلف عبد في أهله من خليفته إذا هو شد ثياب سفره خيرا من أربع ركعات يصليهن في بيته يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و قل هو اللَّه أحد

و يقول اللهم إني أتقرب إليك بهن فاجعلهن خليفتي في أهلي و مالي و أن يقف على باب داره و إن كان في مفازة فمن حيث يريد السفر منه و يدعو بالمأثور و ذلك بعد أن يقرأ فاتحة الكتاب أمامه و عن يمينه و عن شماله و آية الكرسي كذلك ففي الخبر أو الصحيح لو أن رجلا منكم إذا أراد السفر أقام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ الحمد أمامه و عن يمينه و عن شماله و آية الكرسي أمامه و عن يمينه و عن شماله ثم

قال اللهم احفظني و احفظ ما معي و سلمني و سلم ما معي و بلغني و بلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل لحفظه اللَّه تعالى و حفظ ما معه و بلغه و بلغ ما معه و زيد في بعض النسخ المعوذتان و التوحيد كذلك قبل آية الكرسي و أن يدعو بكلمات الفرج ففي الصحيح إذا خرجت من بيتك تريد الحج و العمرة إن شاء اللَّه تعالى فادع دعاء الفرج و هو لا إله إلا اللَّه الحليم الكريم لا إله إلا اللَّه العلي العظيم سبحان اللَّه رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم و الحمد لله رب العالمين و بالأدعية المأثورة و هي كثيرة و منها المروي في الصحيح السابق بعد كلمات الفرج ففيه ثم قل اللهم كن لي جارا من كل جبار عنيد و من كل شيطان مريد بسم اللَّه دخلت و بسم اللَّه خرجت و في سبيل اللَّه اللهم إني أقدم بين يدي نسياني و عجلتي بسم اللَّه ما شاء اللَّه في شعري هذا ذكرته أو نسيته اللهم أنت المستعان على الأمور كلها و أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل اللهم هون علينا سفرنا و أطولنا الأرض و سيرنا فيها بطاعتك و طاعة رسولك اللهم أصلح لنا ظهرنا و بارك لنا فيما رزقنا و قنا عذاب النار اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر و كآبة المنقلب و سوء المنظر في الأهل و المال و الولد اللهم أنت عضدي و ناصري بك أحل و بك أسير اللهم إني أسألك في سفري هذا السرور و العمل بما يرضيك عني اللهم اقطع عني بعده

و مشقته و اصحبني فيه و اخلفني في أهلي بخير و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم إني عبدك و هذا حملانك و الوجه وجهك و السفر إليك و قد اطلعت على ما لم يطلع عليه أحد فاجعل سفري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي و كن عونا لي عليه و اكفني وعثه و مشقته و لقني من القول و العمل برضاك فإنما أنا عبدك و بك و لك

[القول في الإحرام]
اشارة

القول في بيان الإحرام و النظر فيه في مقدماته و كيفيته و أحكامه و

[مقدمات الإحرام]

اعلم أن مقدماته كلها مستحبة على اختلاف في بعضها يأتي ذكره إن شاء اللَّه تعالى و هي توفير شعر الرأس بل اللحية أيضا كما مر في عبائر جماعة و إن اقتصر آخرون على ما في العبارة لوروده في المعتبرة من أول ذي القعدة إذا أراد التمتع بل

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 364

مطلق الحج على الأقوى وفاقا لجمهور محققي متأخري أصحابنا لإطلاق الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و ظاهرها الوجوب كما عليه الشيخان في المقنعة و الاستبصار و النهاية خلافا لمن عداهما و لا سيما المتأخرين فحملوها على الاستحباب جمعا بينها و بين المعتبرة المصرحة بالجواز ففي الصحيح يجزي الحاج أن يوفر شعره شهرا و في آخر مروي عن كتاب علي بن جعفر أنه سأل أخاه عن الرجل إذا هم بالحج يأخذ من شعر رأسه و لحيته و شاربه ما لم يحرم قال قال لا بأس به و الموثق عن الحجامة و حلق القفا في أشهر الحج فقال لا بأس به و السواك و النورة و في الخبر أما أنا فأخذ من شعري حين أريد الخروج يعني إلى مكة للإحرام و لا بأس به و إن كان الوجوب أحوط لإمكان الجمع بين النصوص بوجه آخر أوضح من هذا الجمع إلا أنه لما اعتضد بالأصل و الشهرة القريبة من الإجماع كان أظهر و يتأكد الاستحباب إذا أهل ذو الحجة قيل للصحيح عن متمتع حلق رأسه بمكة قال إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس عليه شي ء و إن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها

الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه و يحتمل اختصاصه بمتمتع دخل مكة و هو محرم و إلزامه المفيد الدم بالحلق بعد هلال ذي القعدة و هو الذي أوجب نسبة وجوب التوفير إليه مع أن ابن سعيد وافقه فيه مع أنه قال ينبغي لمن أراد الحج توفير شعر رأسه و لحيته انتهى و في كل من الاستدلال و الاحتمال نظر و تنظيف الجسد عن الأوساخ على ما يقتضيه نحو العبارة العطف قوله و قص أظفاره و الأخذ من شاربه و إزالة شعره من جسده و إبطيه بالنورة عليه فإن العطف يقتضي المغايرة و في اللمعة بدل الواو بالباء مؤذنا بالاتحاد و لعله لخلو الأول عن النص و أن النصوص في الصحاح المستفيضة هو ما عداه و يمكن الاستدلال بها عليه أيضا للتلازم بينه و بين ما عداه غالبا عادة فتأمل جدا و استدل عليه أيضا بعموم استحباب الطهور و اختصاص الإحرام باستحباب الغسل له المرشد إليه و منعه منه مدة طويلة أقول و من العموم تعليل استحباب الإطلاق بالنورة بأنه طهور الوارد في جملة من النصوص و منها الوارد في الإحرام بالخصوص كالصحيح عن التهيؤ للإحرام فقال اطل بالمدينة فإنه طهور و في الخبر اطليا قالا فعلنا منذ ثلاثة أيام فقال أعيدا فإن الاطلاء طهور و نحوه آخر و يستفاد منها أجمع استحباب التنور مطلقا و لو قبل مضي خمسة عشر يوما و به صرح جماعة من المتأخرين تبعا للمحكي عن النهاية و المبسوط و المنتهى و لا ينافيه قوله و لو كان مطليا أجزأ ما لم يمض خمسة عشر يوما كما قيل بل ربما يؤكده لمكان لفظ الإجزاء المستعمل عرفا في أقل الواجب أو المستحب

و إنما المقصود من ذكر المدة بيان تأكد الاستحباب بعدها للخبر إذا انتهيت للإحرام الأول كيف أصنع للطلية الأخيرة و كم بينهما قال إذا كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل و الغسل كما مر في كتاب الطهارة و لو أكل أو لبس بعد الغسل ما لا يجوز له أعاد غسله استحبابا للصحيحين و غيرهما و زيد في أحدهما التطيب كما أفتى به في التهذيب و الدروس و غيرهما و لا يلحق بالمذكورات غيرها من تروك الإحرام للأصل السالم عن المعارض المؤيد بصريح الصحيح في الادهان قبله و بعده و معه ليس به بأس و المرسل في قص الأظفار و تقليمها و فيه لا يعيد الغسل بل يمسحها بالماء و اعلم أن المتبادر من النص و الفتوى أن مكان الغسل هو الميقات أو ما يكون قريبا منه كما صرح به في الروضة شيخنا و مقتضى ذلك عدم جواز تقديمه عليه مطلقا و قيل يجوز تقديم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء و يعيد في الميقات لو وجده فيه و القائل الشيخ و أتباعه كما في التنقيح و عليه عامة المتأخرين بل لا خلاف فيه أجده و به صرح في الذخيرة مشعرا بدعوى الإجماع كما صرح به في المدارك بالنسبة إلى جواز التقديم لخائف عوز الماء للصحاح و غيرها بل ظاهر جملة منها جواز التقديم مطلقا و لو لم يخف عوز الماء و قواه جماعة من متأخري أصحابنا إلا أن في التنقيح أنه لم يقل به قائل مؤذنا بدعوى الإجماع عليه و جعله السبب في التقييد و مما ذكرنا ظهر الإجماع المنقول على كل من جواز التقديم مع خوف عوز الماء و عدمه

مع عدمه و

هو معتضد في الأول بعدم ظهور الخلاف فيه إلا من العبارة لنسبتها إياه إلى القيل المشعرة بالتوقف فيه أو التمريض و لا وجه له بعد استفادته من الصحاح و غيرها المعتضدة بعمل الأصحاب كافة عداه مع احتمال رجوع تردده و لو على بعد إلى تقييد الجواز بخوف عوز الماء لإطلاق الأخبار حتى ما ذكر فيه خوف عوز الماء فإن غايته ذلك الاختصاص لا التخصيص فلا ينافي الإطلاق و مرجعه إلى احتمال جواز التقديم على الإطلاق كما عليه جماعة من المتأخرين و هو حسن لو لا الإجماع المنقول الموجب للتقيد مع نوع تردد في شمول الإطلاق الصورة عدم خوف عوز الماء و يحتمل رجوع التردد إلى الحكم الأخير لعدم دليل واضح عليه و ما استدل به جماعة من المتأخرين من قوله ع في بعض الصحاح بعد رخصة التقديم لخوف عوز الماء و لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم أي الماء إذا بلغتم إذا الحليفة غير واضح الدلالة فإن نفي البأس غير الاستحباب و فيه مناقشة فإنه إذا لم يكن به بأس كان راجحا لكونه عبادة و مما ذكر ظهر عدم وجه للتردد في شي ء من الأحكام الثلاثة و يجزي غسل النهار ليومه و كذا غسل الليل لليلته بلا خلاف أجده للنصوص المستفيضة و فيها الصحيح و الموثق و غيرهما بل في الصحيح غسل يومك يجزيك لليلتك و غسل ليلتك يجزيك ليومك و به أفتى جماعة من متأخري المتأخرين تبعا للمحكي عن المقنع و لا بأس به و لكن الأفضل الإعادة لصريح بعض الأخبار السابقة المؤيد بلفظ الإجزاء في هذه الرواية و ذلك ما لا ينم و إلا فيستحب الإعادة وفاقا للأكثر للصحيح عن الرجل يغتسل للإحرام

ثم ينام قبل أن يحرم قال عليه إعادة الغسل و نحوه غيره مؤيدين بما يدل على مثله لمن اغتسل لدخول مكة أو الطواف كالصحيح عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام فيتوضأ قبل أن يدخل أ يجزيه ذلك أو يعيد قال لا يجزيه لأنه إنما دخل بوضوء و يفهم منه نقض الغسل بالنوم و مشاركة باقي الأحداث له في ذلك و صرح بالأخير الشهيدان في الدروس و المسالك و مستندا ثانيهما بالفحوى للاتفاق على ناقضية الحدث غيره مطلقا و الخلاف فيه على بعض الوجوه و هو مبني على كون الإعادة للنقض لا تعبدا كما قدمنا و يدل عليه الموثق صريحا و فيه عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار و يزور بالليل بغسل واحد قال يجزيه إن لم يحدث فإن أحدث ما يوجب وضوءا فليعد غسله خلافا لسبطه و بعض من تأخر عنه فجعلاها تعبدا و لم يستحباها لباقي الأحداث و خلاف الحلي بعدم استحباب الإعادة و لو في النوم مبني على الأصل و عدم حجية الآحاد و هو ضعيف نعم في الصحيح عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة و يلبس ثوبين

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 365

ثم ينام قبل أن يحرم قال ليس عليه غسل و هو قاصر عن المقاومة لما مر بعد صراحته و تعدده و اعتضاده بالعمل فيحمل على نفي الوجوب كما هو ظاهره من وجه و عليه الشيخ أو على نفي تأكد الاستحباب كما هو ظاهره من آخر و عليه جماعة ممن تأخر و لعله أظهر و لو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد الإحرام بعد تداركهما استحبابا على الأظهر الأشهر كما عن المسالك و النهاية و قيل بوجوبها أقول و لعله لظاهر الأمر بها في

الصحيح رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلا أو عالما ما عليه في ذلك و كيف ينبغي له أن يصنع فكتب بعيدة و يضعف بظهور السؤال في الاستحباب فيطابقه الجواب مضافا إلى فحوى ما دل على الاستحباب أصل الغسل و الصلاة مع أن القول بالوجوب لم ينقل في كلام أكثر الأصحاب و إنما المنقول القول بنفي الاستحباب نعم عبارة النهاية المحكية ظاهرة في الوجوب لكنه رجع عنه في المبسوط و كذا عبارة الإسكافي المحكية و إن كانت أيضا ظاهرة في الوجوب بل صريحة إلا أن المستفاد منها أنه لوجوب أصلها لا الإعادة كما هو مفروض المسألة و كيف كان فلا ريب في الاستحباب خلافا للحلي فأنكره إن أريد من الإحرام ما يشمل النية قال فإنه إذا نواه انعقد و لم يمكنه الإخلال إلا بالإتمام أو ما يقوم مقامه إذا صد أو أحضر قيل و ليس كالصلاة التي تبطل بمنافياتها و بالنية فلا يتوجه ما في المختلف من أنه كالصلاة التي يستحب إعادتها إذا نسي الأذان و الإقامة و الجواب أن الإعادة لا يفتقر إلى الإبطال لم لا يجوز أن يستحب تجديد النية و تأكيدها للرواية و قد ينزل عليه ما في المختلف انتهى و هو حسن إن تم منع افتقار الإعادة إلى الإبطال و فيه نظر لتبادره منها عرفا و قد صرح في الأصول بأنها عبارة عن الإتيان بالشي ء ثانيا بعد الإتيان به أولا لوقوعه على نوع خلل قالوا كتجرده عن شرط معتبر أو اقترانه بأمر مبطل فتدبر و لعله لذا لم يجب عن الحلي أحد من المتأخرين إلا بابتناء مذهبه هنا على مذهبه في أخبار الآحاد من عدم حجيتها و هو ضعيف و

على هذا فالمعتبر من الإحرامين ثانيهما كما هو ظاهر المدارك و المنتهى و غيرهما خلافا للشهيدين فأولهما قال ثانيهما إذ لا وجه لإبطال الإحرام بعد انعقاده فلا وجه لاستيناف النية بل ينبغي أن يكون المعاد هو التلبية و اللبس خاصة انتهى و فيه ما عرفته من ظهور النص في الإبطال من جهة لفظ الإعادة المفهوم منه ذلك عرفا و عادة هذا مضافا إلى ما ذكره بعض المحدثين في الجواب عنه على أن نية الأولى إنما كانت معتبرة بمقارنة اللبس أو التلبية مثل نية الصلاة المقارنة للتكبيرة فإذا أبطل تكبيرة الإحرام بطلت النية الأولى فكذا هنا و تظهر ثمرة الخلاف في وجوب الكفارة للمتخلل بين الإحرامين و احتساب الشهر بين العمرتين و العدول إلى عمرة التمتع لو وقع الثاني في أشهر الحج لكن ظاهر القواعد خروج الأول من البين و وجوب الكفارة على القولين فإن تم إجماعا و إلا فهو منفي على المختار قطعا و كذا مع التردد بينه و بين مقابله عملا بالأصل السالم عن المعارض إلا أن يمنع باستصحاب بقاء الإحرام الأول الموجب للكفارة بالجناية فيه و الإعادة لا تقطعه بناء على الفرض و فيه نظر و أن يحرم عقيب الصلاة بلا خلاف للصحاح المستفيضة و لا يجب للأصل المعتضد بعدم الخلاف فيه إلا من الإسكافي و هو نادر و أن يكون فريضة الظهر فقد فعله النبي ص كما في الصحيح و في آخر أنه أفضل و ما دل على التسوية لنا و أن فعله ص كان لضرورة فقد الماء محمول على التسوية في غير الفضيلة يعني الإجزاء لما عرفت من تصريح الصحيحة بالأفضلية أو عقيب فريضة مكتوبة لظاهر إطلاق الصحيحين و صريح الخبرين

الأمر بتأخير الإحرام عما بعد العصر إلى المغرب و بهما مختصان بها و ما قبلهما بالمكتوبة و ظاهرها الفرائض الخمس اليومية المؤداة خاصة خلافا لإطلاق نحو العبارة فعممت لها و للمقضية و للكسوف و نحوها و به صرح الشهيدان في المسالك و الدروس و لو لم يتفق فريضة فعقيب ستة ركعات لرواية ضعف سندها بعمل الأصحاب مجبور مضافا إلى أدلة المسامحة و فيها تصلي للإحرام ست ركعات تحرم في دبرها و ظاهرها استحباب هذه الست مطلقا و لو أحرم عقيب الفريضة كما هو ظاهر أكثر الأصحاب و إن اختلفوا في استحباب تقديمها على الفريضة و الإحرام في دبرها كما يعزى إلى المشهور و منهم المفيد في

المقنعة و الشيخ في المبسوط و النهاية و الحلي و الشهيدان أو غيرهما لصريح الرضوي فإن كان وقت فريضة فصل هذه الركعات قبل الفريضة ثم صل الفريضة أو العكس كما عن الجمل و العقود و التهذيب و الإشارة و الغنية و الوسيلة و هو أحوط عملا بعموم لا نافلة في وقت فريضة و إن كان الأول لا يخلو عن وجه لصراحة المستند و انجبار قصور السند بفتوى الأكثر و يعضد بالإضافة إلى الحكم بتأخير الفريضة و إيقاع الإحرام دبرها أن فيه الأخذ بظاهر الأخبار الصحيحة الحاكمة باستحباب الإحرام في دبر الفريضة إذا المتبادر منها التعقيب بغير فاصلة كما أشار إليه في الرضوي أيضا فإن فيه بعد ما مر أن أفضل ما يحرم الإنسان في دبر الصلاة الفريضة ثم أحرم في دبرها ليكون أفضل نعم ينافيه ظاهر الرواية فإن المتبادر منها أيضا التعقيب للإحرام عقيب النافلة بغير فاصلة إلا أن صرفها إلى المعنى الأعم ممكن و هو أولى من العكس لضعف

سندها هذه و وحدتها و لا كذلك ما دل على التعقيب للفريضة فإنها بطرف الضد من الأمور المزبورة مضافا إلى الشهرة و أقله أي المندوب من الصلاة التي يحرم عقيبها إن لم يتفق في وقت الفريضة ركعتان للصحيح و إن كانت نافلة صليت ركعتين و أحرمت دبرها و في رواية أربع و عمل بها بعض و لا بأس به للمسامحة في أدلة السنن مع استحباب أصل الصلاة مطلقا و يستحب أن يقرأ في الأولى من هاتين الركعتين الحمد و الصمد و في الثانية الحمد و الجحد كما في كلام جماعة و بالعكس في كلام آخرين و في الصحيح لا تدع الصلاة أن تقرأ بقل هو اللَّه أحد و قل يا أيها الكافرون في سبعة مواطن في الركعتين قبل الفجر و ركعتي الزوال و الركعتين بعد المغرب و ركعتين من أول صلاة الليل و ركعتي الإحرام و الفجر إذا أصبحت بها و ليس فيه دلالة إلا على استحباب السورتين دون الترتيب بينهما مطلقا إلا أن يراعى الترتيب المذكور فيدل على الأول و يدل عليه صريحا المرسل في الخلاف و التهذيب و الشرائع فإن في الأولين بعد نقل الرواية و في رواية أخرى أنه يبدأ في هذا كله بقل هو اللَّه أحد و في الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون إلا في الركعتين قبل الفجر فإنه يبدأ بقل يا أيها الكافرون ثم يقرأ في الركعة الثانية بقل هو اللَّه أحد و في الثالث بعد الفتوى بعكس ما في المتن و فيه رواية أخرى و لعلها المرسلة و في المسالك أن الكل مستحب و لا بأس به لإطلاق الصحيح و إن كان ما في المرسل أفضل و اعلم

أنه يجوز أن تصلى نافلة الإحرام و لو في وقت الفريضة ما لم يتضيق فتقدم لما عرفته مضافا إلى ظاهر الخبرين بتأخيرها إلى المغرب و نحوه النصوص الدالة على أنها من الصلاة التي تصلى في كل

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 366

وقت أظهرها دلالة الخبر خمس صلاة تصليهن في كل وقت صلاة الكسوف و الصلاة على الميت و صلاة الإحرام و الصلاة التي تفوت و صلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس و بعد العصر إلى الليل و هو صريح في جواز الإتيان بها في الأوقات المكروهة و لا ينافيه الأخبار الناهية عن فعلها بعد العصر لتصريحها بعد النهي بأنه لمكان الشهرة

[كيفية الإحرام]
اشارة

و أما الكيفية فيشتمل على الواجب و الندب

[الواجب]
اشارة

ف الواجب ثلاثة

[الأول النية]

الأول النية و هو أن يقصد بقلبه إلى إيقاع المنوي مع مشخصاته الأربعة من الجنس من الحج أو العمرة و النوع من التمتع أو غيره القران و الإفراد و الصفة من واجب أو غيره و حجة الإسلام و غيرها متقربا إلى اللَّه تعالى كما في كل عبادة و لا خلاف و لا إشكال في اعتبار القربة و كذا في الباقي حيث يتوقف عليه التعيين لتوقف الامتثال عليه مطلقا و ظواهر الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة هنا ففي الصحيح ينوي العمرة و يحرم بالحج و فيه و لا تسم حجا و لا عمرة و أضمر في نفسك المتعة فإن أدركت متمتعا و إلا كنت حاجا و فيه الصحيح انو المتعة و غير ذلك من الأخبار الكثيرة الآمرة بتشخيص المنوي و تعيينه المعتضدة بأخبار الدعاء المتضمنة لتعيينه و بأنه لو جاز الإهمال كان هو الأحوط لئلا يفتقر إلى العدول و إذا اضطر إليه و لما احتاج إلى اشتراط إن لم يكن حجة بعمرة خلافا للمحكي عن المبسوط و المهذب و الوسيلة فيصح الإحرام من غير نية كونه لحج أو عمرة و ينصرف إلى العمرة المفردة إن كان في غير أشهر الحج و يتخير بينهما إن كان فيها قيل و هو خيرة التذكرة و المنتهى و لعله أقوى لأن النسكين في الحقيقة غايتان للإحرام غير داخلين في حقيقته و لا يختلف حقيقة الإحرام نوعا و لا صنفا باختلاف غاياته فالأصل عدم وجوب التعيين و أخباره مبنية على الغالب أو الفضل و كذا العدول و الاشتراط انتهى و فيه نظر كسائر ما استدل به لهذا القول و أما اعتبار نية الوجه ففيه حيثما لا يتوقف

عليه التعيين الكلام المعروف المتقدم في كتاب الطهارة و لو نوى نوعا مثلا و نطق بغيره عمدا أو سهوا فالمعتبر النية أي المنوي كما في بعض الصحاح المتقدمة مضافا إلى أن النية أمر قلبي فلا اعتبار بالنطق فيصح الإحرام بمجرد النية و لو من دونه و عليه يدل نحو الصحيح إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول فقال تقول اللهم إني أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنة نبيك و إن شئت أضمرت الذي تريد

[الثاني التلبيات الأربع]

الثاني التلبيات الأربع الآتي بيان صورتها و لا ينعقد الإحرام للمفرد و المتمتع إلا بها بإجماع علمائنا كما في الانتصار و الغنية و الخلاف و التذكرة و المنتهى و غيرها و النصوص مستفيضة جدا كما سيأتي إليها الإشارة أيضا و هل يعتبر مقارنة النية لها كما في صريح السرائر و اللمعة و المنتهى و التنقيح و عن غيرها صريحا و ظاهرا أم لا كما عن جملة من القدماء و ذهب إليه جماعة من متأخري المتأخرين أيضا و عزاه في الروضة إلى المشهور إشكال من استفاضة الصحاح و غيرها برجحان تأخيرها لمن حج من طريق المدينة من المسجد إلى أن تعلق راحلته البيداء ففي الصحيح بعد ذكر الدعاء المستحب عند الإحرام و يجزيك أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم ثم قم فامش هنيئة فإذا استوت بك الأرض ماشيا أو راكبا فلب و ظاهره و إن أفاد الوجوب كغيره إلا أنه محمول على الفضيلة كما يستفاد من آخر إن أحرمت من عمرة أو يريد البعث صليت و قل ما يقول المحرم في دبر صلاتك و إن شئت لبيت من موضعك و الفضل أن تمشي قليلا ثم تلبي

و نحوه غيره مما يأتي و من استفاضة النصوص أيضا بعدم جواز المرور عن الميقات إلا محرما كما مضى و الجمع بينهما ممكن بأحد وجهين إما بحمل الأدلة على أن المراد بها استحباب رفع الصوت بالتلبية و إلا فلا بد من المقارنة عملا بالأخبار الأخيرة و يستأنس لهذا الجمع ملاحظة الصحيح إن كنت ماشيا فاجهر بإحرامك و تلبيتك من المسجد و إن كنت راكبا فإذا علت راحلتك البيداء و الخبر هل يجوز للمتمتع بالعمرة إلى الحج أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة فقال نعم الحديث و ذلك لأن المأمور به فيهما الإجهار بالتلبية لا نفسها و فيهما إشعار لذلك و لا سيما الثاني فإن التلبية لا بد منها أو بحمل الثانية على أن المراد بالإحرام فيها الذي لا يجوز المرور عن الميقات إلا به إنما هو نيته و لبس الثوبين خاصة لا التلبية و يستأنس لهذا الجمع بأن في الصحاح السابقة ما لا يقبل الجمع الأول إلا بتكليف بعيد كالصحيح أنه ع صلى ركعتين و عقد في مسجد الشجرة ثم خرج فأتى بمخيض فيه زعفران فأكل قبل أن يلبي منه و قريب منه النصوص الآتية و ثانيا ملاحظة كلام الشيخ في التهذيب بعد نقل هذه الأخبار الأخيرة حيث قال و المعنى في هذه الأحاديث أن من اغتسل للإحرام و صلى و قال ما أراد من القول بعد الصلاة لم يكن في الحقيقة محرما و إنما يكون عاقدا للحج و العمرة و إنما يدخل في أن يكون محرما إذا لبى و الذي يدل على هذا المعنى ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمار و غير معاوية ممن روى عنه صفوان هذه الأحاديث

يعني هذه الأحاديث المتقدمة و قال هي عندنا مستفيضة عن أبي جعفر و أبي عبد اللَّه ع أنهما قالا إذا صلى الرجل ركعتين و قال الذي يريد أن يقول من حج أو عمرة في مقام ذلك فإنه إنما فرض على نفسه الحج و عقد عقد الحج و قالا إن رسول اللَّه ص حيث صلى في مسجد الشجرة صلى و عقد الحج و لم يقولا صلى و عقد الإحرام فلذلك صار عندنا أن لا يكون عليه فيما أكل مما يحرم على المحرم و لأنه قد جاء في الرجل يأكل الصيد قبل أن يلبي و قد صلى و قد قال الذي يريد أن يقول و لكن لم يلب و قالوا قال يا أبان بن تغلب عن أبي عبد اللَّه ع يأكل الصيد و غيره فإنما فرض على نفسه الذي قال فليس له عندنا أن يرجع حتى يتم إحرامه فإنما فرضه عندنا عزيمة ما فعل لا يكون له أن يرجع إلى أهله حتى يمضي و هو مباح له قبل ذلك و له أن يرجع حين فعل متى ما شاء و إذا فرض على نفسه الحج ثم أتم بالتلبية فقد حرم عليه الصيد و غيره و وجب عليه في فعله ما يجب على المحرم لأنه قد يوجب الإحرام ثلاثة أشياء الإشعار و التلبية و التقليد فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم و إذا فعل الوجه الآخر قبل أن يلبي و قد فرض انتهى و لعل الترجيح لهذا الجمع لوضوح الشاهد عليه من النصوص المعتبرة المفتي بها عند شيخ الطائفة إلا أن يقال إن ظاهرها انعقاد الإحرام بالنية من غير تلبية من جهة أخرى و هذا التفصيل لم

يظهر به قائل من الفقهاء بل ظاهرهم أنه إن انعقد بها من دون التلبية

انعقد مطلقا فيحرم عليه الصيد أيضا و إلا فلا كذلك فيجوز له الرجوع و المضي إلى أهله و فتوى الشيخ غير معلومة لاحتمال ذكره ذلك احتمالا و جمعا لكنه خلاف الظاهر و عدم ظهور القائل بخلاف ذلك و ظهور كلام الأكثر فيه ليس إجماعا

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 367

سيما مع فتواهم بجواز المحرمات بعد النية قبل التلبية من غير تصريح بوجوب إعادتها عند التلبية كما يأتي فيكون النص الشاهد عن المعارض سليما فيتعين العمل به جدا و على هذا فمعنى عدم الانعقاد إلا بها أنه ما لم يلب كان له ارتكاب المحرمات على المحرم و لا كفارة عليه و إن لم يجز له فسخ النية و لكن الأحوط مراعاة المقارنة خروجا عن شبهة الخلاف فتوى و رواية أما القارن فله أن يعقده أي الإحرام بها أي بالتلبية أو بالإشعار أو بالتقليد على الأظهر الأشهر بل عليه عامة من تأخر و في ظاهر الخلاف و الغنية بل المنتهى و المختلف الإجماع عليه للصحاح المستفيضة الصريحة و غيرها من المعتبرة منها زيادة على ما مر هنا قريبا و في بحث امتياز القران عن الإفراد سابقا الصحيح يوجب الإحرام ثلاثة أشياء التلبية أو الإشعار أو التقليد فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم و بمعناه كثير و منها الصحاح و غيرها بمنزلة التلبية خلافا للمرتضى و الحلي فاقتصرا على التلبية لأدلة لا وقع لها في مقابلة ما سمعته إلا على تقدير عدم الاعتماد على الآحاد و لو كانت صحيحة كما هو أصلها فيها و فيه أنها محفوفة بالقرينة و هي عمل الأصحاب كافة بل المرتضى مخالفته

غير معلومة كما أشار إليه في المختلف فقال بعد نقل أدلته على وجوب التلبية و الظاهر أنه ذكرها مبطلة لاعتقاد مالك و الشافعي و أحمد من استحباب التلبية مطلقا فتواهم ابن إدريس أن ذلك في حق القارن أيضا انتهى و هو حسن و يعضده أنه في المنتهى و الشيخ و ابن زهرة في كتابهما المتقدم إليهما الإشارة قد ذكروا أدلة السيد على وجوب التلبية مع أنهم ادعوا الإجماع في عنوان المسألة على وجوبها أو ما يقوم مقامهما من الإشعار و التقليد و مع ذلك فمذهبهما في الآحاد ضعيف كما حقق في الأصول و يحكى عن الشيخ في الجمل و المبسوط و ابني حمزة و البراج اشتراط الانعقاد بهما بالعجز عن التلبية و كأنهم جمعوا بين هذه الأخبار و عمومات الأمر بالتلبية و فيه أنه ليس أولى من تخصيص الأخيرة بمن عدا القارن بل هو أولى كما لا يخفى و صورتها كما هنا و في الشرائع و عن المقنعة في نقل و يميل إليه الفاضل في المنتهى و التحرير لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك و اختاره شيخنا في المسالك و سبطه و جماعة ممن تأخر عنهما للصحيح التلبية أن تقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك إلى أن قال ع و اعلم أنه لا بد من التلبيات الأربع التي كن أول الكلام و هي الفريضة و هي التوحيد و بها لبى المرسلون فإنه إنما أوجب التلبيات الأربع و هي تتم بلفظ لبيك الرابع و قيل و يضيف إلى ذلك أن الحمد و النعمة لك و الملك لا

شريك لك لبيك و القائل جماعة من أعيان القدماء كالقديمين و الصدوقين و المقنعة على نقل و غيرهم لوروده في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و لا ينافيها الصحيحة السابقة لاحتمال رجوع الإشارة إلى ما قبل الخامسة كما هو ظاهر المختلف و الرضوي و فيه تقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك لا شريك لك هذه الأربعة مفروضات و نحوه المروي في الخصال و هو أحوط و إن كان في تعينه نظر لضعف الاحتمال في الصحيح و قصور الخبرين سندا عن تقويته مع معارضتها بصريح الصحيح المتضمن لخوفه و فيه تقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك بحجة تمامها عليك الحديث فمختار المتن أقوى إلا أن يضعف بعدم ظهور قائل به من القدماء و لا المتأخرين عدا الماتن و جملة ممن تأخر عنه و قولهم بالإضافة إلى الباقين نادر كاد أن يقطع بمخالفتهم لاتفاقهم فإن كلماتهم مطبقة على اعتبار هذه الزيادة و إن اختلف في محلها فبين من جعلها بعد ما في العبارة كمن تقدم إليهم الإشارة و بين من جعله بعد لبيك الثالثة و هم أكثر المتأخرين كما في المدارك بل القدماء أيضا فقد حكي عن جمل السيد و شرحه و المبسوط أو السرائر و الغنية و الكافي و الوسيلة و المهذب و النهاية و الإصباح و به أفتى الفاضل في القواعد و التحرير و المنتهى أولا فمخالفتهم مشكل سيما مع موافقة الصحاح المستفيضة و غيرها لهم من غير معارض صريح عدا الصحيح الأخير و صرف التوجيه إليه باحتمال سقوط الزيادة من القلم أسهل

سيما مع تضمنه الزيادة المستحبة اتفاقا و

هذه الزيادة راجحة إجماعا فكيف لا تتضمنها و كيف كان فمن أعاد وجوب الإضافة لعله أولى و أما محلها فهو ما عليه الطائفة الأولى لكونه الوارد في الصحاح و غيرهما و أما ما عليه الأخرى فلم أجد لهم مستندا و به صرح جميع من متأخري أصحابنا و تعجبوا عن الشهيد في الدروس حيث جعل ما هم عليه أتمها و ما اخترناه حسنا و ما في المتن مجزيا و ما زاد على ذلك من التلبيات الواردة في الصحيح و غيره مستحب و ليس بواجب بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر المصرح به في جملة من العبائر بل عن التذكرة و في المنتهى الإجماع و في الأخير أن على عدم الوجوب إجماع العلماء و قد مر من النصوص ما يصلح لأن يكون لكل من الاستحباب و عدم الوجوب مستندا و يتفرع على عدم انعقاد الإحرام إلا بأحد الأمور الثلاثة أنه لو عقد الإحرام أي نواه و لبس الثوبين و لم يلب و لم يشعر و لم يقلد لم يلزمه كفارة بما يفعله مما يوجبها في الإحرام و بالإجماع هنا بالخصوص صرح جماعة و الصحاح به مع ذلك بالخصوص مستفيضة مضافا إلى غيرها من المعتبرة و قد مر إلى جملة منها الإشارة و منها زيادة على الصحيح لا بأس أن يصلي الرجل في مسجد الشجرة و يقول الذي يريد أن يقوله و لا يلبي ثم يخرج فيصيب من الصيد و غيره و ليس عليه شي ء و الصحيح في الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الإحرام و لم يلب قال ليس عليه شي ء و ما يخالف ذلك من بعض الصحاح مع قطعه شاذ و حمله الشيخ تارة على

ما إذا أسر بالتلبية و أخرى على الاستحباب و هل يلزمه تجديد النية بعد ذلك ظاهر جملة من الروايات و لا سيما ما تقدم العدم لكن في المرسل رجل يدخل مسجد الشجرة فصلى و أحرم و خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء أ له ذلك فكتب نعم أو لا بأس به و فيه إشعار باللزوم لمكان لفظ النقض في السؤال مع التقرير له منه ع و به صرح في الانتصار فقال و يجب على هذا إذا أراد الإحرام أن يستأنفه و يلبي فإن الإحرام الأول قد رجع فيه و هو أولى و أحوط وفاقا لجمع ممن تأخر و لا ريب في لزومه على القول باعتبار المقارنة و ثبوته و عليه فلا بد من تجديد النية في الميقات مع فعل المنافي قبل التلبية بعد تجاوزه مع إمكانه قيل و على تقدير لزوم التجديد يكون المنوي عند عقد الإحرام اجتناب ما يجب على المحرم اجتنابه من حين التلبية و الأخرس يجزيه تحريك لسانه و الإشارة بيده أي بإصبعه كما في القوي تلبية الأخرس و تشهده و قراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه و إشارته بإصبعه و ليكن مع عقد قلبه بها كما في الشرائع و غيره لأنها بدونه لا يكون إشارة إليها

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 368

و لذا لم يصرح به الأكثر و لا ذكر في الخبر و تعرض له الإسكافي و لم يتعرض للإشارة بل قال يجزيه تحريك لسانه مع عقده إياها بقلبه ثم قال و يلبى عن الصبي و الأخرس و المغمى عليه قيل استنادا إلى خبر زرارة إن رجلا قدم حاجا لا يحسن أن يلبي فاستفتي له أبو عبد

اللَّه ع فأمر أن يلبى عنه و لأن أفعال الحج و العمرة تقبل النيابة و لا تبرأ الذمة عنها بيقين ما لم يوافقها بنفسه أو بنائبه و كما يجب تحريك اللسان للتلبية يجب التلفظ بها ليوقع الأول بنفسه و الثاني بنائبه و لا دلالة لكلامه و لا للخبر على الاجتزاء بالتلبية عنه و عدم وجوب الإشارة ليخالف الخبر الأول و عمل الأصحاب به بل الأولى الجمع بين الأمرين و لا ينافيه قوله أو لا يجزيه تحريك لسانه إلخ فلعله أراد أنه يجزيه فيما يلزمه مباشرته فلا يرد عليه ما في المختلف من أنه يشعر بعد وجوب التلبية عليه و أنه يجزيه النيابة مع أنه متمكن من الإتيان بها على الهيئة الواجبة عليه مباشرة فكيف يجوز له فيها الاستنابة انتهى و فيما ذكر مناقشة أما الرواية فمع عدم وضوح سندها و مخالفتها لما عليه الأصحاب هنا غير واضحة الدلالة لكونها قضية في واقعة فيحتمل الورود في غير مفروض المسألة بل لعله الظاهر فإن الظاهر ممن لا يحسن نحو الأعجمي الغير القادر على التكلم بالعربية دون الأخرس فإنه غير قادر على التلبية لا غير محسن لها و يميل إلى هذه الرواية في الأعجمي الشهيد حيث قال و لو تعذر عليه التلبية ففي ترجمتها نظر و روي أن غيره يلبي عنه و الظاهر أن مراده من الرواية هذه و إلا فلم نجد غيرها واردا في خصوص الأعجمي و هو مؤيد لما ذكرنا من أنه المفهوم من الرواية و مع ذلك فتحتمل و هي و كلام الإسكافي في الاختصاص بالأخرس الذي لا يتمكن من الإشارة كالأصم الأبكم الذي لم يسمع التلبية و لا يمكن تعريفها له بالكلية و أما

قبول أفعال الحج النيابة فعلى تقدير تسليمه كلية إنما هو مع العجز عن المباشرة و لا عجز عنها بعد ورود النص المعتبر المتفق عليه بكفاية تلبيته بتحريك اللسان و الإشارة و الإلحاق التلفظ بها بتحريك اللسان فيجب الإتيان به و لو نيابة قياس لأن وجوب الأصل إنما هو للنص عليه بالخصوص أو العموم و لا شي ء منها في الفرع بموجود لفقد الخصوص بناء على ما مر من ضعف دلالة الخبر على الحكم في محل البحث و كذا العموم لأنه حديث الميسور و المراد به جزء المأمور به الأصل الذي فيه المباشرة عرفا و لغة و تلفظ الغير ليس بجزء حتى يكون ميسورا من المأمور به و إنما الميسور منه هنا تحريك اللسان و عقد القلب خاصة و دعوى عدم المنافاة بين الخبرين و الكلامين مكابر بل المنافاة بينهما سيما بين الخبرين لظهور كل منهما و لا سيما الأول بإجزاء ما فيه عن الفرض مطلقا و كيف كان فما عليه الأصحاب أقوى و إن كان الجمع بين الأمرين أحوط و أولى

[الثالث لبس ثوبي الإحرام]

الثالث لبس ثوبي الإحرام و هما واجبان بغير خلاف أجده و به صرح جماعة مؤذنين بدعوى الإجماع عليه كما في صريح التحرير و غيره بل في المنتهى لا نعلم فيه خلافا و الأصل فيه بعده التأسي و الصحاح المستفيضة المتضمنة للأمر به و ضعف دلالته على الوجوب فيها لكونه من الأئمة ع و وروده في سياق الأوامر المستحبة مجبورة بالإجماع عموما و خصوصا كما عرفته و ما يقال على الأول من أن اللبس من العادات التي لم يثبت كونه من العبادات فيه ما فيه فإن الاستمرار على مثل هذا النوع من اللبس و التجرد من

المخيط في الوقت مما نقطع بكونه من العبادات فتأمل و هل هو شرط في صحة الإحرام حتى لو أحرم عاريا أو لابسا مخيطا لم ينعقد كما عن ظاهر الإسكافي أم لا بل يترتب عليه الإثم خاصة كما صرح به من المتأخرين جماعة ظاهر الأصحاب كما ذكره الشهيد العدم قال لأنهم قالوا لو أحرم و عليه قميص نزعه و لا يشقه و لو لبسه بعد الإحرام وجب شقه و إخراجه من تحت كما هو مروي و يضعف بأن كلامهم هذا قد يدل على عدم الانعقاد فإن الشق و الإخراج من تحت للتحرز عن ستر الرأس فلعلهم لم يوجبوه في الأول لعدم الانعقاد و فيه نظر لبعد الاحتمال إذ لو كان لعدم الانعقاد للزمهم التصريح كيلا يتوهم الخلاف سيما و أن ظاهر جملة من النصوص الدالة على هذا الحكم منها الخبر فيمن أحرم في قميصه و هو ينتف شعره و يضرب وجهه بعد ما لامه الناس و قالوا له عليك بدنة و الحج من قابل و حجك فاسد فدنا من مولانا الصادق ع فقال له ع اسكن يا عبد اللَّه ما تقول قال كنت رجلا أعمل بيدي فاجتمعت لي نفقة فجئت أحج لم أسأل أحدا عن شي ء فأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي و أنزعه من قبل رجلي و أن حجي فاسد و أن علي بدنة فقال ع متى لبست قميصك أبعد ما لبيت قبل أم قال قبل أن ألبي قال فأخرجه من رأسك فإنه ليس عليك بدنة و ليس عليك حج من قابل أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه طف بالبيت سبعا و صل عند مقام إبراهيم واسع بين الصفا و المروة و قصر من

شعرك فإذا كان يوم التروية فاغتسل و أهل بالحج و اصنع كما يصنع الناس و قريب منه أخرى و فرقهما بين الجهل و العمد الظاهر أنه إنما هو بالإضافة إلى نفي الكفارة و إلا فالجهل ليس عذرا لصحة العبادة مع المخالفة و عدم المطابقة فتأمل هذا و يؤيد عدم الاشتراط إطلاق ما مر من الصحاح من أن الإحرام ينعقد بالتلبية و ما في معناه و أنه عبارة عنها فتدبر و المراد بالثوبين الإزار و الرداء بلا إشكال فيه و لا في كون المعتبر من الأول ما يستر العورة و ما بين الركبتين إلى السرة و من الثاني ما يوضع على المنكبين كما في صريح المسالك و ظاهر غيره و يستفاد من النصوص ففي الصحيح و التجرد في إزار و رداء أو إزار و عمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء و في التوقيع المروي في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان عجل اللَّه تعالى فرجه جائز أن يتزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر و حدثا بمقراض و لا إبرة يخرجه عن حد المئزر و غروره غررا أو لم يعقد و لم يشد بعضه ببعض و إن أغطى السرة و الركبتين كليهما فإن السنة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة و الركبتين و الأحب إلينا الساق و الأكمل لكل أحد شده على السبيل المألوفة المعروفة جميعا إن شاء اللَّه تعالى و ما فيه من النهي عن عقد الإزار الأحوط مراعاته فقد ورد في غيره كالقوي أو الصحيح كما قيل نهى عن عقده في عنقه و المروي في قرب الإسناد المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبة و لكن يثنيه على

عنقه و لا يعقده و حكي عن الفاضل و الشهيد في الدروس و غيرهما و لم أقف في كيفية لبس الرداء على نص و ظاهر الأصحاب عدم الخلاف في جواز الارتداد به و زاد جمع جواز الترشح كشيخنا في المسالك نافيا الإشكال عنه و لا بأس به عملا بالإطلاق و الظاهر أنه لا يجب استدامة اللبس كما صرح به جماعة لصدق الامتثال و عدم دليل على وجوب الاستمرار و المعتبر منهما ما يصح الصلاة فيه للرجل كما هنا و في الشرائع و التحرير و المنتهى و القواعد و اللمعتين و المسالك و عن المبسوط و

النهاية و المصباح و مختصره و الاقتصاد و الكافي و الغنية و المراسم و في الكفاية أنه المعروف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 369

بين الأصحاب معربا عن عدم خلاف فيه كما صرح به في المفاتيح و هو ظاهر المنتهى و غيره ممن ديدنهم نقل الخلاف حيث كان و لم ينقلوه هنا فإن تم إجماعا و إلا فمستنده من النص غير واضح عدا الصحيح كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه و هو بعد تسليمه لا يدل على الحرمة صريحا لأعمية البأس المفهوم منها و من الكراهة و لو سلم فلم يفهم منه العموم و خصوصا أن الجلود لا يدخل في الثوب عرفا فلا يجوز الإحرام فيها مطلقا نعم لا شبهة في حرمة لبس المغصوب و الميتة مطلقا و الحرير للرجل و يحتمل حرمة النجس لفحوى الصحيح عن المحرم و يصيب ثوبه الجنابة قال لا يلبسه حتى يغسله و إحرامه تام و أما سائر ما يشترط في ثوب الصلاة من عدم كونه مما لا يؤكل لحمه و لا شافا فلا أعرف عليه دليلا

سوى الاتفاق المستشعر مما مر مع أن المحكي عن كثير من الأصحاب لم يتعرضوا لذلك كالشيخ في الجمل و ابني إدريس و سعيد و لم يذكر المرتضى في الجمل سوى الحرير فقال و لا يحرم في إبريسم و ابن حمزة سوى النجس و قال المفيد و لا يحرم في ديباج و لا حرير و لا خز مغشوش بوبر الأرانب و الثعالب فالتعدي مشكل سيما بعد الأصل و إن كان أحوط و اعلم أنه يحرم على المحرم لبس المخيط كما سيأتي و عليه الإجماع في المنتهى هنا و عليه فلا يجوز له أن يلبس القباء إلا مع عدمهما أي ثوبي الإحرام مقلوبا بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة بل قيل بالإجماع و المعتبرة المستفيضة منها الصحيح إذا اضطر المحرم إلى القباء و لم يجد ثوبا غيره فيلبسه مقلوبا و لا يدخل يديه في يد القباء و الصحيح و إن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباه بعد أن ينكسه و الصحيح المروي في آخر السرائر عن جامع البزنطي من اضطر إلى ثوب و هو محرم و ليس له إلا قباء فلينكسه و ليجعل أعلاه أسفله و ليلبسه و نحوه الحسن و يستفاد من هذه الأخبار عدا الأول أن المراد من القلب هو النكس و به صرح جمع و منهم الحلي مبالغا فيه خلافا لظاهر إطلاق المتن و المحكي عن النهاية و المبسوط و المهذب و الوسيلة و غيرهما فالتخيير بينه و بين قلب ظهره لباطنه و به صرح من المتأخرين كثير و منهم الفاضل في المنتهى و المختلف جمعا بينهما و بين ظاهر الأول و غيره و

صريح الخبر بل الصحيح كما قيل و يلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء و يقلب ظهره لباطنه و ليس بذلك البعيد و إن كان الأول أولى و أحوط لكثرة ما دل عليه و صحته و صراحته مضافا إلى نقل الإجماع في المسالك على إجزائه و الجمع بينهما أكمل كما صرح به جمع و ظاهر أكثر النصوص اشتراط فقد الثوبين معا كما هو صريح المتن و كثير حتى جعل مشهورا بين القدماء بل الفتاوى كلها عدا الشهيدين فاكتفيا بفقد الرداء خاصة للصحيح الثاني و الأخير و زاد ثانيهما فقال أو أحدهما و لم نجد له مستندا و ما عليه الأكثر أحوط و أولى و في اشتراط الاضطرار كما في أكثر النصوص أو العدم كما في الباقي وجهان أحوطهما الأول اقتصارا في الرخصة على المتيقن مضافا إلى التأيد بالشرط و إن لم يصلح سندا لاحتمال وروده كالإطلاق مورد الغالب و هو الاضطرار فلا ينصرفان إلى غيره ثم ظاهر النصوص و الفتاوى أنه ليس بذلك فداء إلا إذا أدخل اليدين في الكمين فكما إذا لبس مخيطا و به صرح جماعة من أصحابنا كالفاضل في التحرير و التذكرة و المنتهى و الفاضل المقداد في التنقيح و غيرهما و نفى الخلاف عنه إذا توشح به في الخلاف و في جواز لبس الحرير المحض للمرأة روايتان أشهرهما المنع و هو مستفيض منها الصحيح المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين و الصحيح المروي عن جامع البزنطي عن المتمتع كم يجزيه قال شاة و عن المرأة تلبس الحرير قال لا و عليه الشيخ و الصدوق و يوافقه إطلاق عبارتي المفيد و المرتضى المتقدمين خلافا للمفيد في

كتاب أحكام النساء و الحلي و أكثر المتأخرين فالجواز مع الكراهة أخذا بالأصل و الرواية الثانية و هي الصحيح المرأة تلبس القميص تزره عليها و تلبس الحرير و الخز و الديباج فقال نعم لا بأس به و الخبر عن المحرمة أي شي ء تلبس من الثياب قال تلبس الثياب كلها

إلا المصبوغة بالزعفران و الورس و لا تلبس القفازين و الأول مخصص بما مر من الأدلة و الصحيحة غير صريحة في المحرمة و الخبر ضعيف السند و الدلالة لقبوله التخصيص بما عدا الحرير كما وقع التصريح به في آخر و فيه ما يحل للمرأة أن تلبس و هي محرمة فقال الثياب كلها ما خلا القفازين و البرقع و الحرير الحديث و هو أولى من الجمع بالكراهة حيثما حصل بينهما معارضة كما مر غير مرة و أما الاستدلال على الجواز بالصحيحة المتقدمة كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه و الأخبار المعتبرة المتضمنة للفظ لا يصلح أو لا ينبغي أو الكراهة الظاهرة فيها بالمعنى المصطلح عليه الآن ففيه ما فيه لأن الخطاب في الصحيح إلى الرجل حتما أو احتمالا متساويا و هو غير ما نحن فيه هذا على القول بجواز صلاة المرأة في الحرير و إلا فالاستدلال ساقط من أصله و الألفاظ المزبورة كثيرة الورود في الأخبار للحرمة و لذا كانت فيها أعم منها و من الكراهة لكن الإنصاف أن الصحيحة الأولى ظاهرة الورود في الحرمة لا يقصر ظهورها ظهور النهي في الحرمة فالمسألة محل إشكال و شبهة و لكن المنع أحوط بلا شبهة و يجوز أن يلبس أكثر من ثوبين إن شاء يتقي بها الحر و البرد كما في الصحيح و في آخر لا بأس

إذا كانت طاهرة و أن يبذل ثياب إحرامه كما في الصحيحين و غيرهما و لكن لا يطوف إلا فيهما كما في أحدهما و ظاهر الأمر فيه الوجوب قيل و قد يوهمه عبارات الشيخ و جماعة إلا أن ظاهر المتأخرين الاتفاق على كون ذلك استحبابا قيل للأصل و عدم نصوصية الخبر في الوجوب و فيه لو لا الاتفاق نظر و لا خلاف أجده في شي ء من هذه الأحكام و به صرح في الأول بعض الأصحاب

[و الندب]

و الندب رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا علت راحلته البيداء و هو على ميل من ذي الحليفة على ما في التحرير و المنتهى و عن السرائر و التذكرة إن حج على طريق المدينة و إن كان راجلا فحيث يحرم كما هنا و في الشرائع و القواعد و التحرير و المنتهى و الروضة و المسالك و غيرها و عن الشيخ و ابن حمزة لكنها لم يذكر الجهر بل نفس التلبية للصحيح و به جمع الشيخ بين الأخبار الآمرة بالتأخير إلى البيداء بقول مطلق و ما دل على جواز التلبية من المسجد كذلك من الموثق و غيره بحمل الأولة على الراكب و الأخيرين على غيره و فيه أن من جملة الأدلة ما صرح بالعموم كالصحيح صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة و أحرم بغير تلبية حتى يصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك و إذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلب و حكي العمل بها عن جملة من القدماء كالشيخ في أحد قوليه و القاضي و الصدوق و الحلي لكن القاضي لم يذكر الجهر بل نفس التلبية أخذا بظاهر الأخبار المطلقة و الصدوق و الحلي استحبا الإسرار بها

قبل البيداء و الجهر فيها و هو ظاهر العبادة و ما ضاهاها و الظاهر أنه لاعتبار المقارنة عندهم أخذا بما دل على عدم جواز التجاوز عن الوقت بغير إحرام فحملوا الأخبار على الإجهار و بذلك و صرح في المنتهى هنا حيث قال بعد الحكم

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 370

باستحباب الإجهار و هذا يكون بعد التلبية سرا في الميقات الذي و ذو الحليفة لأن الإحرام لا ينعقد إلا بالتلبية و لا يجوز مجاوزة الميقات إلا محرما و نحوه الفاضل المقداد في التنقيح و وجهه في المسالك قال فتكون هذه التلبية غير التي يعقد بها الإحرام في المسجد أقول و لا ريب أنه أحوط و إن كان في تعينه نظر فإن من الصحاح ما لا يقبل الحمل على الجهر إلا بتكليف بعيد كما مر و لو حج من غير طريق المدينة لبى من موضعه إن شاء و إن مشى خطوات ثم لبى كان أفضل كما في التحرير و المنتهى و المسالك و غيرها للصحاح المتضمنة للأمر بالتلبية بعد المشي خطوات و حملت على الأفضلية جمعا بينها و بين ما دل على الجواز حيث شاء و لو أحرم من مكة رفع بها صوته إذا أشرف على الأبطح للصحيح فأحرم بالحج و عليك السكينة و الوقار فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الردم فلب فإذا انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى و حمل على الفضل للآخر و إن أهللت من المسجد الحرام بالحج فإن شئت لبيت خلف المقام و أفضل ذلك أن تمشي حتى تأتي الرقطاء و تلبي قبل أن تصير إلى الأبطح و إطلاقهما كالعبارة و نحوها يقتضي عدم الفرق في ذلك بين الراكب

و الماشي خلافا للشيخ فيلبي الماشي من الموضع الذي يصلي فيه و الراكب يلبس عند الرقطاء و عند شعب الدب للخبر و فيه ضعف سندا و دلالة ثم المستفاد من الرواية الأولى تأخير التلبية إلى الرقطاء دون الردم فيلبي سرا ثم إذا أشرف على الأبطح جهر بها و هو نص في عدم اعتبار المقارنة و حكي التصريح بمضمونها بعينه عن الصدوق في الهداية مع أنه نقل عنها سابقا اعتبار المقارنة و هو مناقضة إلا أن يكون لم يعتبرها هنا و اعتبرها ثمة كما هو ظاهر المحكي عن السرائر و المنتهى و التذكرة حيث إنهم عبروا عن المستحب هنا بما حكي عن المبسوط و النهاية و الجامع و الوسيلة من أنه إن كان ماشيا التي من موضعه الذي صلى فيه و إن كان راكبا لبى إذا نهض فيه بعيره فإذا انتهى إلى الردم و أشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية و حينئذ فينبغي القطع بعدم اعتبارها هنا خلافا لشيخنا في المسالك حيث قال و الكلام في التلبية التي يعقد بها الإحرام كما مر فيلبي سرا بعد النية و يؤخر الجهر إلى الأبطح و اعلم أن استحباب الإجهار للرجل دون وجوبه هو المشهور على الظاهر المصرح به في كلام جمع للأصل السليم عما يصلح للمعارضة خلافا للشيخ في التهذيب فيجب بقدر الإمكان قال للصحيح و اجهر بها كلما ركبت و كلما نزلت و كلما هبطت واديا أو علوت أكمة أو لقيت راكبا و بالأسحار و هو نادر مع أنه رجع عنه في الخلاف قائلا لم أجد من ذكر كونه فرضا و مع ذلك ففتواه بالوجوب بالمعنى المصطلح غير معلوم و في المدارك و لعل مراده تأكد الاستحباب

و لذا ادعى بعض الإجماع على خلافه قال كما هو الظاهر و الأمر في الصحيح للاستحباب بلا خلاف و لذا قال في المنتهى في الجواب عنه أنه قد يكون للندب خصوصا مع القرينة و هي حاصلة و هي هنا في قوله كلما ركبت الحديث إذ ذلك ليس بواجب أقول و قريب منه باقي الأخبار المتضمنة للأمر به حتى المرسل القريب من الصحيح لما أحرم رسول اللَّه ص أتاه جبرئيل ص فأمره بالعج و النج و العج رفع الصوت بالتلبية و النج نحر البدن فإن في آخره قال جابر بن عبد اللَّه فما مشى الروحاء حتى بحت أصواتنا فإن ظاهره الإجهار بالتلبية المكررة فحالها حال الصحيحة و احترزنا بالرجل عن المرأة فليس عليها الجهاز بلا خلاف للمستفيضة منها وضع النساء أربعا الجهر بالتلبية و السعي بين الصفا و المروة و الاستلام و دخول الكعبة و المراد بالسعي الهرولة كما وقع التصريح به في رواية عن الفقيه مروية و تكرارها للمعتبرة المتقدم بعضها قريبا وحدها إلى يوم عرفة عند الزوال للحاج مطلقا فيقطعها بعده بلا خلاف أجده و الصحاح و غيرها به مستفيضة و ظاهر الأمر فيها الوجوب كما حكي التصريح به عن والد الصدوق و الخلاف و الوسيلة و المعتمر بالمتعة يكررها ندبا حتى يشاهد بيوت مكة فيقطعها وجوبا بالإجماع كما في الخلاف و للصحاح المستفيضة و غيرها و أما الموثق إذا دخلت البيوت بيوت مكة لا بيوت الأبطح فمع قصور السند و عدم مقاومته لباقي الأخبار المصرحة بالنظر إليها لا الدخول يحتمل الحمل على الأشراف كما

في الصحيح إذا دخلت مكة و أنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية و أما الخبر عن تلبية المتمتع

متى تقطع قال حين يدخل الحرم فهو مع ضعف السند يحتمل الجواز كما في الفقيه و الاستبصار بمعنى أنه إذا دخله لم يتأكد استحبابها كهي قبله و حد بيوت مكة على ما في صريح القواعد للمحقق الثاني و المسالك و الروضة عقبة المدنيين إن دخلها من أعلاها و عقبة ذي طوى من أسفلها و في الصحيح و حد بيوت مكة بيوت التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين فإن الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن فاقطع التلبية و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد و الثناء على اللَّه عز و جل بما استطعت و فسر عقبة المدنيين في الخبر بل الصحيح كما قيل بحيال القصارين و في آخر عن المتمتع ما يقطع التلبية قال إذا نظر إلى عريش مكة ذوي طوى قال قلت بيوت مكة قال نعم قيل و جمع السيد و الشيخ بينهما بأن الأول لمن أتى على طريق المدينة و الثاني لطريق العراق و تبعهما الديلمي و الحلي و جمع الصدوقان و المفيد بتخصيص الثاني بطريق المدينة قال في المختلف و لم نقف لأحدهم على دليل و في الغنية و المهذب حدها من بقية المدنيين إلى عقبة ذي طوى و عن العماني حدها عقبة المدنيين و الأبطح و ذو طوى على ما في المصباح المنير واد بقرب مكة على نحو فرسخ في طريق التنعيم و يعرف الآن بالزهر و نحوه منه في تهذيب الأسماء أنه قال موضع بأسفل مكة و لم يحدد ما بينهما بفرسخ أو غيرها انتهى أقول و مذهب العماني مخالف لظاهر الموثقة المؤذنة بتغاير بيوت الأبطح لبيوت مكة فكيف تدخل في بيوتها كما ذكره فتدبر و المعتمر ب العمرة المفردة

يكررها حتى يدخل الحرم إن كان أحرم من خارجه و حتى يشاهد الكعبة إن أحرم في الحرم فيقطعها على المشهور في الظاهر المصرح به في بعض العبائر للصحيح من خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة و مرسل المفيد أنه ع سئل عن الملبي بالعمرة المفردة بعد فراغه من الحج متى يقطع التلبية قال إذا رأى البيت و بهما يقيد إطلاق المعتبرة بقطع التلبية عند دخول مكة كالصحيح يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم و بمعناه الموثق و غيره بحملها على ما إذا لم يخرج من مكة لكن هنا أخبار أخر مختلفة ففي الصحيح من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد و في الخبر بل الموثق كما قيل عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين يقطع التلبية قال إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية و في آخر عمن أحرم من حوالي مكة من الجعرانة و الشجرة من أين يقطع التلبية قال يقطع التلبية عند عروش مكة و عروش مكة ذي طوى لكنه يحتمل عمرة التمتع كالخبر عمن دخل بعمرة فأين يقطع التلبية

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 371

فقال حيال العقبة عقبة المدنيين فقال أين عقبة المدنيين قال حيال القصارين لكن الصدوق حمله على المفردة و جمع بينه و بين ما تقدم بالتخيير و هو القول المشار إليه بقوله و قيل بالتخيير و هو أشبه عند الماتن هنا و في الشرائع و الفاضل المقداد في التنقيح قيل و لا بد منه للجمع بين خبر المسجد و غيرها و ظاهر الشيخ في التهذيب و الانتصار أنه إن أخرج من مكة ليعتمر قطعها

إذا رأى الكعبة و إلا فإن جاء من العراق فعند ذي طوى و إن جاء من المدينة فعند عقبة المدنيين و إلا فعند دخول الحرم و قصد بذلك الجمع بين الأخبار و حكي عنه في الجمل و الاقتصاد و المصباح و مختصره أنه أطلق قطعها عند دخول الحرم لكن ظاهر سياق كلامه في الأخيرين في غير من خرج من مكة و عن الحلبي أنه أطلق قطعه إذا عاين البيت و العمل بما عليه الأكثر أحوط لعدم منافاته القول بالتخيير و ضعف ما عداه من الأقوال و لا سيما الأخير و التلفظ بما يعزم عليه من حج أو عمرة للصحاح المستفيضة منها تقول لبيك إلى قوله بحجة تمامها عليك و منها تقول لبيك اللهم لبيك إلى قوله لبيك بمتعة بعمرة إلى الحج قيل و هذا الذي ذكره ابن حمزة لكنه زاد بعد ذلك لبيك و منها كيف ترى أن أهل فقال إن شئت سميت و إن شئت لم يشم شيئا فقلت كيف تصنع أنت فقال أجمعهما فأقول لبيك بحجة و عمرة معا قيل و هذا الذي ذكره القاضي و نهى عنه الحلبيان و المختلف لأن الإحرام لا يتعلق بهما و هو الوجه إن أريد ذلك و إن أريد التمتع بالعمرة إلى الحج جاز أقول ما ذكره في الصورة المفروضة قد صرح به جماعة بل زادوا فجعلوه أفضل تبعا للمحكي عن المبسوط و النهاية و الفاضل في المنتهى و التذكرة و لا يجب وفاقا لظاهر أكثر من وقفت على كلامه من الأصحاب بل لم ينقل أحد منهم فيه خلافا معربين عن الإجماع للأصل و خلو أكثر الأخبار عنه و الصحيح الماضي بل في آخر أمرنا أبو عبد

اللَّه ع أن تلبي و لا تسمي شيئا و قال أصحاب الإضمار أحب إلي و في ثالث لا تسم حجا و لا عمرة و أضمر في نفسك المتعة فإن أدركت متمتعا و إلا كنت حاجا و ظاهرهما و لا سيما الأول رجحان الإضمار و قد حملهما جماعة على يحال التقية و حمل عليها أيضا المعتبرة الآمرة للمتمتع بالهلال بالحج ثم الإهلال بالعمرة كالصحيح كيف أتمتع قال تأتي الوقت فتلبي بالحج فإذا دخلت مكة طفت بالبيت و صليت ركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و قصرت و أحللت من كل شي ء و ليس المسالك أن تخرج من مكة حتى تحج و الموثق لب بالحج فإذا دخلت مكة طفت بالبيت و صليت و أحللت و لكن ظاهر بعض الأصحاب العمل بها من غير اشتراط التقية و لا بأس به و لكن ينوي به المتعة كما في الصحيح لب بالحج و انو المتعة فإذا دخلت مكة فطف و صل ركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و قصرت فنسختها و جعلتها متعة و قال الشهيد في الدروس بعد أن ذكر أن في بعض الروايات الإهلال بعمرة التمتع و في بعضها الإهلال بالحج و في ثالث بهما و ليس ببعيد إجزاء الجميع إذ الحج المنوي هو الذي دخلت فيه العمرة فهو دال عليها بالتضمن و نيتهما معا باعتبار دخول الحج فيها و هو مصير إلى ما اخترناه و يعضده أيضا فحوى ما مر من جواز عدول المفرد إذا دخل مكة إلى المتعة و الاشتراط على ربه سبحانه بأن يحل حيث حبسه و إن لم تكن جهة فعمرة بلا خلاف فيه بيننا أجده و به

صرح في الذخيرة مشعرا بالإجماع كما في صريح كلام جماعة حد الاستفاضة و الصحاح به مع ذلك مستفيضة و يتأدى بكل لفظ أفاد المراد عملا بالإطلاق و به صرح في المنتهى و إن كان الإتيان باللفظ المنقول أولى و هو في الصحيح اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنة نبيك ص فإن عرض لي شي ء يحبسني فحلني حيث حبسني لقدرك الذي قدرت على اللهم إن لم تكن حجة فعمرة أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخي و عصبي من النساء و الطيب أبتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة و لو نوى الاشتراط و لم يتلفظ به ففي الاعتداد به أم العدم وجهان و جعل ثانيهما أوجه و

أحق في التحرير و المنتهى و أن يحرم في الثياب القطن فيما قطع الأصحاب على الظاهر المصرح به في بعض العبائر للتأسي فقد روي لبسه في الإحرام عن النبي ص في الصحيح كان ثوبا رسول اللَّه ص اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري و أظفار و قد ورد الأمر بلبس القطن مطلقا في جملة من النصوص و في بعضها أنه لباس رسول اللَّه ص و زيد في آخر و هو لباسنا و لم يكن يلبس الشعر و الصوف إلا من علة و أفضله البيض لتظافر الأخبار بالأمر بلبسها و كونها خير الثياب و أحسنها و أطهرها و أطيبها و لا بأس بما عداه من الألوان للنصوص عدا السود فيكره للنهي عنه في بعض الأخبار المحمول على الكراهة لضعفه مضافا إلى الأصل و عموم الصحيح كل ثوب يصلي فيه فلا بأس بأن يحرم فيه بناء على الإجماع على جواز الصلاة في

الثياب السود و منه يظهر ضعف القول بالمنع المحكي عن النهاية و المبسوط الخلاف و المقنعة و الوسيلة و حمله الحلي على الكراهة لما عرفته

[أحكام الإحرام]
اشارة

و أما أحكامه فمسائل

[الأولى المتمتع إذا طاف و سعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا مضى في حجه]

الأولى المتمتع إذا طاف و سعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا مضى في حجه فإنه صحيح بلا خلاف أجده و به صرح في الذخيرة و الكفاية و غيرهما بل نفى عنه في التنقيح الخلاف مؤذنا بالإجماع كما في صريح كلام الفاضل في المختلف مع أنه في التحرير و المنتهى حكى قولا بالبطلان عن بعض الأصحاب و لا ريب في ضعفه فإن الصحاح مضافا إلى الإجماع المنقول صريحة في رده ففي الصحيح عن رجل أهل بالعمرة و نسي أن يقصر حتى دخل في الحج قال يستغفر اللَّه و لا شي ء عليه و تمت عمرته و في آخر لا بأس به أن يبني على العمرة و طوافها و طواف الحج على أثره و في ثالث يستغفر اللَّه و لا معارض لها عدا رواية أبي بصير الآتية و لكنها لقصورها عن المقاومة لها من وجوه شتى مطروحة أو محمولة على العامد جمعا و يستفاد منها و لا سيما الصحيحة الأولى أنه لا شي ء عليه كما عن الحلي و الديلمي و أكثر المتأخرين و لكن في رواية موثقة كالصحيحة أنه عليه دم و ظاهره الوجوب كما عن الشيخ في كتبه و بني زهرة و البراج و حمزة و عليه الفاضل في الفوائد و لا يخلو عن قوة بناء على حجية الموثقة لأنها خاصة و لصحاح عامة فينبغي حملها عليها و هو أولى من الجمع بينهما بحمل الموثقة على الاستحباب فإنه مجاز و التخصيص منه أولى حيثما حصل بينهما معارضة إلا أن يرجح الاستحباب بالشهرة العظيمة بين الأصحاب لكنها متأخرة فالترجيح بها لا يخلو بها لا يخلو عن نوع مناقشة و مع ذلك فلا ريب

أن الوجوب أحوط و لو أحرم قبل التقصير عامدا بطلت متعة و صارت حجة مفردة فيكملها ثم يعتمر بعدها عمرة مفردة على ما يقتضيه إطلاق رواية أبي بصير عن أبي عبد اللَّه ع الموثقة بل الصحيحة كما في المنتهى و المختلف و المسالك و الروضة و فيها المتمتع إذا طاف و سعى ثم لبى قبل أن يقصر فليس له أن تقصر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 372

و ليس له متعة و رواية أخرى ضعيفة على المشهور عن رجل متمتع طاف ثم أهل بالحج قبل أن يقصر قال بطلت متعة و هي حجة مقبولة و إنما قيدنا بالعامد جمعا بينهما و بين ما مضى من الصحيح بالصحة في الناسي و عمل به الشيخ و جماعة حتى أن الشهيدين في الدروس و المسالك ادعيا عليه الشهرة فهي جابرة لقصور الرواية على تقديره مع أنها ليست بقاصرة عند جماعة كما عرفته و مؤيدة بالرواية الأخرى فالعمل بها أقوى خلافا للحلي فيبطل الإحرام الثاني و يبقى على عمرته و يميل إليه جماعة من المتأخرين و منهم الماتن حيث عزى الحكم إلى الرواية مشعرا بتوقفه فيه و لعله من حيث النهي عنه و وقوع خلاف ما نواه إن أدخل حج التمتع و عدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره فبطلانه أنسب و الرواية قاصرة السند فيشكل التعويل عليها في حكم مخالف للأصل مع أنها ليست صريحة في ذلك لاحتمالها الحمل على متمتع عدل عن الإفراد ثم لبى بعد السعي كما ذكره الشهيد قال لأنه روى التصريح بذلك في رواية أخرى أقول لعلها الموثق رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة فقال إن كان لبى

بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له و قد مر في بحث جواز الطواف للمفرد و القارن قبل المضي إلى عرفات و فيه نظر فإن مورد رواية المسألة المتمتع و هو حقيقة فيمن حصل فيه مبدأ الاشتقاق حالا أو ماضيا و العادل عن الإفراد إلى التمتع متمتع مجازا و الأصل في الاستعمال الحقيقة و التصريح بذلك في الموثقة الأخيرة مع ورودها في المجازي لا يستلزم ورود رواية المسألة فيه إذ لا تلازم و لا داعي فالرواية بعد الأصل اللفظي صريحة الورود فيما نحن فيه و مخالفتها الأصول و لا ريب فيه و لكن لا مانع من تقييدها بها بعد اعتبار السند و التأيد بالخبر الآخر و الانجبار و الاعتضاد بعمل الأكثر بل المشهور كما حكي و على المختار فهل يجزي عن فرضه أم لا وجهان من أنه عدول اختياري و لم يأت بالمأمور به على وجهه و من خلو النص عن الأمر بالإعادة مع وروده في بيان الحاجة و الأصل يقتضي المصير إلى الأول كما اختاره شيخنا الشهيد الثاني قاطعا به و سبطه و لكن محتملا الثاني في المسالك و الروضة و الجاهل عامد لإطلاق النص و اختصاص المقيد له بالناسي و به صرح شيخنا الشهيد الثاني

[الثانية إذا أحرم الولي بالصبي فعل به ما يلزم المحرم]

الثانية إذا أحرم الولي بالصبي الغير المميز فعل به ما يلزم المحرم فعله من حضور المواقف من المطاف و السعي و عرفة و غيرها و جنبه ما يجتنبه المحرم من لبس المخيط و الصيد و نحوهما و أما المميز فيأمره بفعل ما يمكنه منه و كل ما يعجزه عنه يتولاه الولي بلا خلاف في شي ء من ذلك بيننا أجده و الصحاح بها مع ذلك مستفيضة منها

أنظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مرو و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم و يطاف بهم و يرمي عنهم و من لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه و منها إذا حج الرجل بابنه و هو صغير فإنه يأمره أن يلبي فإن لم يحسن أن يلبي يلبوا عنه و يطاف به و يصلى عنه قلت ليس لهم ما يذبحون و قال يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقي ما يتقي المحرم من الثياب و الطيب فإن قتل صيدا فعلى أبيه و يستفاد منه أنه لو فعل ما يوجب الكفارة على المكلف لو فعله ضمن عنه الولي لكن لا مطلقا كما يقتضيه إطلاق العبارة و نحوها بل خصوص ما يوجبها عمدا و سهوا و أما غيره فيجب الرجوع فيه إلى الأصل لخروجه عن مورد النص و حكي هذا عن الأكثر و ظاهر المتن و عن النهاية و الحلبي و مستنده غير ظاهر عدا ما قيل من عموم أدلة وجوب الكفارة و إنما تعلق بمال الولي دون المولى عليه لأنه غرم أدخله عليه بإذنه أو الإحرام به و في العموم منع لاختصاص ما دل على وجوبها بحكم التبادر و الخطاب بمن باشر موجبها من المكلف خاصة و إنما أوجبت على الولي فيما يوجبها عمدا و سهوا للنص و هو مختص به فلا يعم ما يوجبها عمدا خاصة و عمد الصبي خطأ إجماعا فهذا القول ضعيف كالقول بعدم وجوبها مطلقا حتى في الأول كما عن الحلي لابتنائه على أصله من عدم حجية الآحاد فلا يخصص بها الأصل و هو ضعيف كما برهن عليه في محله و هنا أقوال أخر ضعيفة المستند

و المأخذ سيما في مقابلة النص المعتبر و يجب على الولي في حج التمتع الهدي في ماله كما ذكره جماعة قالوا لأنه غرم أدخله على الصبي كالنفقة الزائدة فتكون في ماله و في الموثق قل لهم يغتسلون ثم يحرمون و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم و في آخر عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا قال عليه أن يضحي عنهم قلت فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى و بعضهم أمسك الدراهم و صام قال قد أجزأ عنهم و هو بالخيار إن شاء تركها قال و لو أنه أمرهم فصاموا كان قد أجزأ عنهم و ربما كان فيهما دلالة على ذلك و لكن الثاني يدل على أنه لو كان الصبي مميزا جاز للولي إلزامه بالصوم عن الهدي و لا يلزمه أن يذبح عنه و قريب منه الصحيح الثاني المتقدم بناء على أن الظاهر أن المراد من الكبار فيه المميزون و لا بأس به و إن كان يظهر من الماتن في الشرائع التردد فيه لنسبته إياه إلى الرواية لاعتبار سندها و تعددها فيها يصرف ظاهر الأمر بصوم الولي عنه إلى التخير بينه و بين مفادها أو يقيد بصورة عجز الصبي عن الصوم فإن الحكم فيها ذلك كما أشار إليه بقوله و لو عجز الصبي عن الصوم صام الولي عنه قطعا للأمر به في الصحاح منها زيادة على ما مضى الصحيح و إذا لم يكن الهدي فليصم عنه وليه إذا لم يكن متمتعا خرج منها صورة تمكن الصبي من الصوم بما مر و بقي غيرها و لا ريب أن العمل بمقتضى هذه مطلقا أحوط و أولى لصحتها و صراحتها بخلاف الرواية فإن صحيحها غير صريح و صريحها غير صحيح

فتأمل

[الثالثة لو اشترط في إحرامه ثم حصل المانع تحلل]

الثالثة لو اشترط في إحرامه بأن يحله حيث حبسه عند عروض مانع من حصر أو صد ثم حصل المانع تحلل إن شاء و لا يسقط عنه هدي التحلل بالشرط بل فأديته جواز التحلل للمحصور و هو الممنوع بالمرض من غير تربص إلى بلوغ الهدي محله وفاقا للشيخ و الإسكافي و جماعة أما جواز التحلل مع نيته فلعله لا إشكال فيه بل و لا خلاف كما يستفاد من ظاهر المختلف و صريح غيره و أما كونه من غير تربص فلظاهر الصحاح و غيرها من المعتبرة أظهرها دلالة الصحيح عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج و أحصر بعد ما أحرم كيف يصنع قال فقال أ و ما اشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحله من إحرامه عند عارض عرض له من أمر اللَّه تعالى فقلت بلى قد اشترط ذلك قال فليرجع إلى أهله إحلالا لا إحراما إن اللَّه تعالى أحق من وفى ما اشترط عليه فقلت فعليه الحج من قابل قال لا و أما عدم سقوط الهدي فللعمومات منه الصحيح إن الحسين بن علي ع خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا ع و هو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه بالقبا و هو مريض فقال يا بني ما تشتكي فقال أشتكي رأسي فدعا ع ببدنة فنحرها و حلق رأسه و رده إلى المدينة و نحوه آخر إلا أن فيه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 373

إن كان ساق بدنة فنحرها و عليه فلا دخل له بل و لا للأول أيضا بالمسألة لأن موضعها من عدا القارن و أما هو فلا يسقط الهدي عنه بل يبعث بهديه كما في الصحيح و نفي الخلاف عنه بل عن فخر الإسلام دعوى إجماع

الأمة عليه و كأنه لم يعتن بالصدوق في النهاية و قد عبر في الفقيه بمضمون الصحيح بعينه غير أنه بدل قوله ع يبعث بهديه فلا يبعث بهديه لكنه ضعيف و عليه فلا دخل للصحيحين بالمقام لورودهما في القارن كما صرح به في أحدهما و يرجع إليه إطلاق الآخر و العمومات من الكتاب و السنة غير واضحة الشمول المفروض المسألة سيما و أن مفادها وجوب الصبر إلى بلوغ الهدي محله و قد نفته ظواهر الصحاح المتقدم إلى أوضحها دلالة الإشارة و ظاهره أيضا عدم وجوب الهدي لدلالته على التحلل بمجرد الإحصار من غير تعرض له مع وروده في مقام الحاجة و به صرح جماعة و عليه فيتقوى القول بأن فائدته السقوط كما عليه جماعة و منهم المرتضى و الحلي مدعيين الإجماع عليه و هو حجة أخرى مضافة إلى الأصل و ما مر و من هنا يظهر ضعف القول بأنه لا فائدة لهذا الشرط و أنه إنما هو تعبد بحت و دعاء مستحب كما عليه شيخنا الشهيد الثاني في كتابيه و أكثر العامة بل عامتهم كما في الانتصار مع عدم وضوح مستنده سوى العمومات و قد مر الجواب عنها و الخبرين أحدهما الصحيح هو حل إذا حبسه اشترط أو لم يشترط و هو مع ضعف ثانيهما سندا غير واضحين دلالة كما صرح به جماعة إذ غايتهما الدلالة على ثبوت التحلل مع الحبس في الحالين و نحن نقول به و لا يلزم من ذلك تساويهما من كل وجه فيجوز افتراقهما بسقوط الذم مع الشرط و لزومه بدونه و لو سلم منهما محمولان على التقية لما عرفته و مثله القول بأن فائدته جواز التحلل أصالة و بدون الشرط رخصة

كما عليه الفاضل المقداد و فخر الإسلام بعدم ظهور أثرها في محل البحث و إن ظهر في نحو النذر و هنا قول آخر في فائدة هذا الشرط اختاره الشيخ في التهذيب و هو سقوط قضاء الحج المتمتع فاته الموقفان للصحيح عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر فقال يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حتى يدخل مكة فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة و يحلق رأسه و ينصرف إلى أهله إذا شاء و قال هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه فإن لم يكن اشترط فإن عليه الحج من قابل و رده من تأخر عنه بأنه لا يسقط عنه الحج لو كان واجبا مستقرا في الذمة بمجرد الشرط بلا خلاف كما في التنقيح بل بالإجماع كما في التحرير و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا و لعل نفي الخلاف لرجوع الشيخ عن ذلك في الاستبصار و إن كان مندوبا لم يجب بترك الاشتراط بلا خلاف كما في التنقيح و حملوا الصحيحة المتقدمة و نحوها من الصحاح على الاستحباب جمعا بينها و بين الصحاح المعارضة لها منها عن الرجل يشترط في الحج أن يحله حيث حبسه أ عليه الحج من قابل قال نعم و نحوه آخر و الحسن كالصحيح و يشهد لهذا الجمع مضافا إلى الإجماعات المنقولة و الأصول المقررة المروي عن أبي سعيد في الجامع أنه روى عن كتاب المشيخة لابن محبوب خبرا عن جابر بن عبد اللَّه بن جذاعة عن مولانا الصادق ع في رجل خرج معتمرا فاعتل في بعض الطريق و هو محرم قال ينحر بدنة و يحلق رأسه و يرجع إلى رحله و لا يقرب

النساء فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما فإذا بري ء من وجعه اعتمر إن كان لم يشترط على ربه في إحرامه و إن كان قد اشترط فليس عليه أن يعتمر إلا أن يشاء فيعتمر و يجب أن يعود للحج الواجب المستقر و للأداء إن استمرت الاستطاعة في قابل و العمرة الواجبة كذلك في الشهر الداخل و إن كانا متطوعين فهما بالخيار و قصور السند مجبور في محل البحث بما مر و أما في غيره و هو وجوب الهدي و عدم سقوطه بالشرط كما هو ظاهره فلم يظهر له جابر و لكن العمل به أحوط بل لا ينبغي أن يترك و اعلم أن ما اختاره الماتن من الفائدة في المحصور قد اختارها أيضا في المصدود كما يأتي إن شاء اللَّه تعالى في بحثه فلا وجه لتخصيصه بالذكر و قد يوجه بأن المراد أنه لا يحتاج إلى التربص حتى يذبح الهدي في موضع الصد و هو بعيد حسن

[اللواحق]
اشارة

و من اللواحق التروك و هي محرمات و مكروهات

[المحرمات]
اشارة

فالمحرمات أمور ذكر الماتن منها أربعة عشر منها

[الأول صيد البر]

صيد البر أي مصيده اصطيادا أي حيازة و إمساكا و أكلا و لو صاده محل بلا أمر منه و لا دلالة و لا إعانة و إشارة لصائده إليه و دلالة عليه بلفظ و كتابة و غيرهما و إغلاقا لباب عليه حتى يموت و ذبحا كل ذلك بالكتاب و إجماعنا الظاهر المصرح به في جملة من العبائر بل عن المنتهى إجماع أهل العلم و في غيره إجماع المسلمين في الأول و إجماعنا في البواقي خلافا للثوري و استحق في الأكل مطلقا و لأبي حنيفة إذا ذبحه و صاده المحل و السنة من طرقنا مضافا إلى عموم الكتاب برد هؤلاء و إثبات تحريم الصيد مطلقا مستفيضة بل متواترة ففي الصحيح لا تستحلن شيئا من الصيد و أنت محرم و لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده و لا تشر إليه فيستحل من أجلك فإن فيه فداء لمن تعمده و فيه فداء لمن تعمده و فيه و اجتنب في إحرامك صيد البر كله و لا تأكل مما صاده غيرك و لا تشتري إليه فيصيده و فيه و لا تأكل من الصيد و أنت محرم و إن كان أصابه محل إلى غير ذلك من الصحاح و غيرها و هل يحرم الإشارة و الدلالة لمن يرى الصيد بحيث لا يفيده ذلك شيئا الوجه العدم وفاقا لجمع للأصل و اختصاص النص بحكم التبادر و غيره بما تسبب للصيد و الدلالة عرفا بما لا يعلمه المدلول بنفسه و إن ضحك أو تطلع عليه ففطن غيره فصاده و إن تعمد ذلك للدلالة عليه أثم و إلا فلا و كما يحرم الصيد يحرم فرخه و

بيضه بلا خلاف يعرف كما في الذخيرة قال و نقل المصنف في التذكرة الإجماع عليه و يدل عليه الروايات المتضمنة لثبوت الكفارة فيه و سيأتي ذكرها و تحقيق معنى الصيد و الخلاف الواقع فيه في محل بحث الكفارات إن شاء اللَّه تعالى و لو ذبحه المحرم كان ميتة كما في الشرائع و الفوائد و القواعد و غيرها و عن الخلاف و السرائر و المهذب و الجامع و فيه أنه كذبيحة المجوسي للحسن أو الموثق إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محرم و لا محل و عن التذكرة و المنتهى الإجماع عليه و عن النهاية و المبسوط و التهذيب و الوسيلة و الجواهر أنه كالميتة و في الأخير الإجماع عليه للخبر و مرجعه هنا إلى شي ء واحد و هو كونه حراما على المحل و المحرم و إن اختلفا في نحو النذر و لا ريب في شهرة هذا الحكم كما اعترف به جماعة من المتأخرين بل ظاهر جماعة ممن دأبهم نقل الخلاف حيث كان عدم الخلاف فيه لعدم نقلهم له هنا و قد مر نقل الإجماع عليه صريحا و بجميع ذلك يجبر قصور الخبرين سندا مع اعتباره في أحدهما و تأيدهما بالأخبار الآمرة بدفنه منها المرسل كالصحيح قلت له المحرم يصيد الصيد فيفديه أ يطعمه أو يطرحه قال إذا يكون عليه فداء آخر قلت فما يصنع به قال يدفنه و قريب منه الخبر و أخبار تعارض الميتة و الصيد للمحرم المضطر سيما ما رجح منها الميتة على الصيد و إن كان العكس لعله أظهر فتدبر و تأمل

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 374

خلافا للمحكي عن الصدوق في المقنع و الفقيه و الإسكافي و المفيد و

المرتضى فلا يحرم مذبوح المحرم في غير الحرم على المحل للأصل و الصحاح المستفيضة أظهرها دلالة قول الصادق ع في أحدها إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدق بالصيد على مسكين و قوله ع في آخر إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم فإنه ينبغي له أن يدفنه و لا يأكله أحد و إذا أصابه في الحل فإن الحلال يأكله و عليه هو الفداء و الإصابة في ذيله و إن احتمل ما عدا القتل كما في باقي الصحاح إلا أن المراد بها في صدره خصوصه بقرينة الدفن فيتعدى إلى الذيل بشهادة السياق و المسألة محل إشكال و إن كان الأول أرجح للشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة المرجحة لأخباره و إن ضعفت على أخبار الثاني و إن صحت مع قصور أكثرها دلالة لما عرفته و الباقي سندا عند الأكثر لكونه من الحسن عندهم بإبراهيم بل و دلالة لاحتمال الباء في بالصيد في الخبر الأول للسببية و الصيد المصدرية و ضعف القرينة في الثاني بعد اختلاف النسخة كما قيل في يدفنه فإن بدلها يفديه في أخرى و حملهما الشيخان على ما إذا قتله يرميه إياه و لم يكن ذبحه جمعا و لا بأس به

[الثاني النساء]

و منها النساء وطأ و تقبيلا و لمسا و نظرا بشهوة لا بدونها و عقدا عليهن مطلقا له أي للمحرم نفسه أو لغيره و شهادة له على العقد عليهن بلا خلاف يظهر للعبد فيما عدا النظر بل عليه الإجماع في عبائر جماعة كالتحرير في الأول و المدارك صريحا و غيره ظاهرا فيه و في العقد و الخلاف و الغنية و المنتهى و التذكرة كما حكى في العقد و صريح المحكي عن

الخلاف و ظاهر غيره في الأخير و فيه الحجة مضافا إلى الكتاب في الأول لنفي الرفث فيه في الحج بناء على تفسيره بالوطء في الصحيحين و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة القريبة من التواتر بل المتواترة في الجميع و سيأتي إلى جملة منها الإشارة في بحث الكفارات إن شاء اللَّه تعالى و أما النظر بشهوة فقيل فيه أيضا إنه لعله لا خلاف فيه بل زيد في بعض العبارات فادعى الإجماع عليه مع أنه صرح الصدوق في النهاية بأنه لا شي ء عليه و يعضده الأصل مع عدم دليل على تحريمه من حيث الإحرام عدا النصوص الدالة على لزوم الكفارة به مع الإمناء كالصحيح في المحرم ينظر إلى امرأته و ينزلها بشهوة حتى ينزل قال عليه بدنة و الحسن و من نظر إلى امرأته نظرا بشهوة فأمنى فعليه جزور و إن مس امرأته و لازمها من غير شهوة فلا شي ء عليه و هي مخصوصة بصورة الإمناء فلعل الكفارة لأجله لا للنظر بل هو المفهوم من الخبر الثاني و أما الموثق الموجب للكفارة في هذه الصورة معللا بأني لم اجعلها عليه لأنه أمنى إنما جعلتها عليه لأنه نظر إلى ما لا يحل له فهو و إن كان ظاهرا في لزوم الكفارة بالنظر خاصة لكنه ليس نصا في النظر مطلقا حتى إلى المحللة فلعله النظر إلى الأجنبية خاصة كما ربما يفهم من التعليل و يرشد إليه تنكير المرأة في الرواية و فهم الشيخ لها منها فذكرها في حرمة النظر إليها و أردفها بالصحيح في محرم نظر إلى غير أهله فأمنى قال عليه دم لأنه نظر إلى غير ما يحل له و إن لم يكن أنزل فليتق اللَّه و

لا يعد و ليس عليه شي ء و يستفاد منه أن للإمناء مدخلا في لزوم الكفارة مع تضمنه التعليل المذكور في الموثقة و عليه فيزيد ضعف دلالتها على خلاف ما قلناه و يتأتى فيها الاحتمال الذي ذكرناه في الخبرين السابقين عليها و حينئذ فالجواز أقوى إن لم يكن خلافه إجماعا و اعلم أن الظاهر رجوع القيد في العبارة إلى مجموع الأمور الثلاثة فلا تحرم بدون الشهوة وفاقا لجماعة للأصل و المعتبرة منها الصحيح عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته قال نعم يصلح عليها خمارها و يصلح عليها ثوبها و يجزم قال أ قيمتها و هي محرمة قال نعم قال المحرم يضع يده بشهوة قال بطريق دم شاة و الحسن من مس امرأته و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور و إن مس امرأته و لازمها من غير شهوة فلا شي ء عليه إلى غير ذلك من النصوص المتقدم بعضها أيضا و هي صريحة في الحكمين و عليه يحمل ما أطلق فيه المنع من الأخبار حمل المطلق على المقيد مع كونه الغالب فيحمل عليه أيضا ما أطلق فيه من الفتاوى المحكية عن جمل العلم و العمل و السرائر و الكافي و يحتمله الكتاب فيما عدا النظر و لا فرق في حرمة الشهادة على العقد بين كونه لمحل أو محرم كما صرح به جمع لإطلاق المرسل المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد و صريح آخر في الأول في المحرم يشهد على نكاح محلين قال لا يشهد و بفحواه يستدل على الثاني و ضعف السند مجبور بالعمل بل الإجماع كما مر و الشهادة

هو الحضور لغة فيحتمل حرمته و إن لم يحضر للشهادة عليه كما عن الجامع و لم يذكر الماتن حرمة إقامة الشهادة عليه هنا مع أنه ذكرها في الشرائع تبعا للمبسوط و السرائر و عزيت إلى المشهور و استشكل فيها في القواعد و لعله من احتمال دخولها في عموم الشهادة المنهية في الخبرين و الفتاوى و من عموم أدلة النهي عن الكتمان و توقف ثبوت النكاح شرعا عليها و وقع مفاسد عظيمة إن لم يثبت بخلاف إيقاعه إذ لا يتوقف عليه عندنا قيل و لأنها أخبار لا إنشاء و الخبر إذا صدق و لم يستلزم ضررا لم يحسن تحريمه و لأنها أولى بالإباحة من الرجعة فإنها إيجاد النكاح في الخارج و إقامة الشهادة إيجاد له في الذهن و لعل هذا

أولى لقوة أدلته مضافا إلى الأصل و عدم ثبوت المنع باحتمال الدخول في الخبرين مضافا إلى ضعفهما و عدم وضوح جابر معتد به لهما هنا و بالجواز مع ترتب الضرر على تركها قطع بعض الأصحاب و المنع على القول به ثابت مطلقا و لو تحملها محلا على الأشهر كما قيل خلافا للشيخ فيما إذا تحملها محلا و للتذكرة فخصه بما إذا وقع بين محرمين أو محرم و محل

[الثالث الاستمناء]

و منها الاستمناء باليد أو التخيل أو الملاعبة بلا خلاف على الظاهر المصرح به في بعض العبائر للصحاح المستفيضة المتقدم إلى بعضها قريبا الإشارة و يأتي آخر منها في بحث الكفارة إن شاء اللَّه تعالى

[الرابع الطيب]

و منها الطيب بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و لكن اختلفوا كالنصوص في عموم تحريمه أو تخصيصه بما يأتي و الأكثر فتوى و نصا على الأول و قيل لا يحرم منه إلا أربع المسك و العنبر و الزعفران و الورس و القائل الصدوق في المقنع في نقل و ابن سعيد كما قيل و الشيخ في التهذيب للصحيح إنما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء و عدها كما في العبارة و في آخر الطيب المسك و عدها إلى آخرها و نحوه ثالث لكن مبدلا فيه الورس بالعود و فيه و خلوق الكعبة لا بأس به و الظاهر أن المراد من هذه الأخبار حصر الطيب الذي يحرم على المحرم كما يدل عليه الزيادة في الأخير و بها و بنحوها يقيد ما عمم فيه الطيب أو أطلق أو يحمل على الاستحباب كما يفصح عنهما الصحيح الأول حيث يتضمن صدره المنع عنه بالعموم بقوله لا تمس شيئا من الطيب و أنت محرم و لا من الدهن و اتق الطيب و أمسك على نفسك من الريح الطيبة و لا تمسك

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 375

عليها من الريح المنتنة و قال بعده فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة إلى أن قال و إنما يحرم عليك فهذا القول في غاية القوة لو لا ما سيأتي مع ندوره و رجوع الشيخ عنه إلى العموم كما

حكي عنه في المبسوط و أضاف الشيخ في الخلاف إلى الأربعة الكافور و العود ناقلا الإجماع على نفي الكفارة فيما عدا السنة و نحوه من غير نقل الإجماع النهاية و ابن حمزة في الوسيلة و ابن زهرة في الغنية لكنه أسقط الورس من الستة نافيا الخلاف عن الخمسة الباقية و حكي الحصر فيها عن الجمل و العقود و المهذب و الإصباح و الإشارة و هو ضعيف في الغاية لوجود أخبار صحيحة بالورس و هي أرجح من أخبار العود من وجوه و إن كان لا بأس بإضافته الكافور للإجماع المنقول في الغنية فيها مضافا في الكافور إلى فحوى ما دل على منع الميت المحرم منه فالحي أولى و في العود إلى ما ورد فيه من النصوص و لا ينافيها و لا ما دل على إضافة الكافور الحصر في باقي الأخبار في الأربعة التي ليسا منها لقوة احتمال كونه لقلة استعمال الأحياء للكافور و جواز كون ترك العود لاختصاصه غالبا بالتجمير مع ورود الأخبار الحاصرة فيما عداه فيما يستعمل بنفسه و مما ذكرنا ظهر قوة ما في الخلاف و إن كان الأحوط المصير إلى ما عليه أكثر الأصحاب سيما مع احتمال تطرق الوهن إلى الصحيح الذي هو الأصل في التخصيص بتضمنه في الكفارة ما هو خلاف المجمع عليه بين الطائفة فتوى و رواية و لزوم صرف الحصر عن ظاهره كما مر بالإضافة إلى الكافور و الورس أو العود يجعله إضافيا إلى بالنسبة إلى ما يستعمله الأحياء بنفسه لا تجميرا و هو ليس بأولى من إبقاء العموم على حاله و حمله على ما هو أغلظ تحريما كما فعله جماعة من أصحابنا بل لعله أولى و إن كان التخصيص

بالترجيح أحرى من المجاز حيثما تعارضا فإن ذلك حيث لا يلزم إلا أحدهما و أما إذا لزم المجاز على كل تقدير فلا ريب أن اختيار فرد منه يجامع العموم أولى من الذي يلزم معه التخصيص أيضا كما لا يخفى مضافا إلى أولويته هنا بالشهرة العظيمة بين أصحابنا و بها يوهن إجماع الخلاف على نفي الكفارة فيما عدا السنة فلا يصلح أيضا مخصصا لعموم الأدلة

[الخامس لبس المخيط للرجال]

و منها لبس المخيط للرجال بلا خلاف كما عن الغنية و في التحرير و التنقيح و موضع من المنتهى و ظاهره نفيه بين العلماء مؤذنا بإجماعهم كافة كما صرح به في موضع آخر منه و التذكرة للصحاح المستفيضة منها لا تلبس و أنت تريد الإحرام ثوبا ترده و لا تدرعه و لا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك إزار و لا الخفين إلا أن لا يكون لك نعلان و في معناه غيره لكن ليس فيها إلا النهي عن القميص و القباء و السراويل و الثوب المزرد و المدرع لا مطلق المخيط و عن التذكرة أنه قال ألحق أهل العلم بما نص به النبي ص ما في معناه فالجبة و الدراعة و شبهها ملحق بالقميص و البنان و الران و شبههما ملحق بالسراويل و القلنسوة و شبههما مساو للبرنس و البنان و القفازان و شبههما مساو للخفين قال إذا عرفت هذا فيحرم لبس المخيط و غيرها إذا شابهها كالدرع المنسوخ و المعقود كجبة المليد و الملصق بعضه ببعض حملا على المخيط لمشابهته إياه في المعنى من الترفه و المتنعم انتهى و فيه نظر و الأولى الاستدلال عليه بعموم النص إذ ليس فيه اشتراط الخياطة إلا فيما له إزار إلا أن يمنع

انصرافه بحكم التبادر و الغلبة إلى غير المخيط فيرجع فيه لو لا الإجماع على الإلحاق إلى حكم الأصل و هو عدم المنع و في الدروس يجب ترك المخيط على الرجال و إن قلت الخياطة في ظاهر كلام الأصحاب و لا يشترط الإحالة و يظهر من كلام الإسكافي اشتراطها حيث قيده بالضام للبدن فعلى الأول يحرم التوشح بالمخيط و التدبر انتهى و لا يتم الاستدلال على ما يظهر من كلام الأصحاب بالمنع مما له إزار لجواز كونه للضم كما يستفاد من الصحيح في الطيلسان المزرر و إنما كره ذلك مخافة أن يزرره الجاهل فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه و في آخر يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه و في جواز لبس النساء قولان أصحهما الجواز وفاقا الأكثر الأصحاب بل عامتهم عدا النادر على الظاهر المصرح به في كلام جماعة مشعرين بدعوى الإجماع كما في تصريح السرائر و المنتهى و التذكرة و عن المختلف و التنقيح بل ظاهر ما عدا الأخيرين كونه مجمعا عليه بين العلماء و هو الحجة مضافا إلى الأصل مع اختصاص الأدلة المانعة فتوى و رواية بالرجل خاصة دون المرأة و المعتبرة بها مع ذلك مستفيضة و فيها الصحاح منها المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين خلافا للنهاية فمنع عما عدا السراويل و الغلالة و حجته مع شذوذه و رجوعه عنه في المبسوط بل و عدم وضوح عبارته في الكتاب في المنع على بعض النسخ غير واضحة عدا ما قيل له من عموم المحرم في خبر النهي لهن و الخطاب لكل من يصلح و هو ممنوع لاختصاص من الخطاب حقيقة بالذكر و التغليب مجاز و القرينة مفقودة بل على

الجواز كما عرفت موجودة نعم لا بأس بالمنع عن القفازين للنصوص منها زيادة على ما مر خبران آخران مجبور ضعف سندهما بالإجماع المحكي في صريح الخلاف و الغنية و عن ظاهر المنتهى و التذكرة خلافا لبعض متأخري المتأخرين فاحتمل الإباحة قال لأنهما على أحد التفسيرين داخلان في جنس الثياب و قد دل الدليل على جواز لبسها و على الآخر داخلان في جنس الحلي فيتحد حكمهما معه و هو جواز اللبس لغير زينة و أشار بالتفسير الأول إلى ما في السرائر و مجمع البحرين و حكي عن الصحاح و المنتهى و التذكرة من أنها شي ء يعمل لليدين يحتشي بقطن و يكون له إزار تزر على الساعدين تتوقى بهما من البرد و تلبسه المرأة في يديها و بالثاني إلى ما حكاه و الأول عن القاموس من أنهما ضرب من الحلي لليدين أو الرجلين و نحوه عن جماعة من أهل اللغة و فيه أن ما ذكره من أدلة الجواز على التقديرين عامة و المانعة خاصة فلتكن عليها مقدمة و الجمع بالكراهة مرجوح بالإضافة إلى التخصيص كما مر غير مرة و لفظ الكراهة بدل النهي في بعض الأخبار لا يصلح قرينة عليها بالمعنى المصطلح لكونه في الأخبار أعم منها و من الحرمة و العام ليس فيه على الخاص دلالة هذا مع قطع النظر عن الإجماعات المنقولة و إلا فهي على المنع و ترجيحه أقوى حجة و لا بأس بالغلالة بكسر الغين المعجمة و هي ثوب رقيق تلبس تحت الثياب للحائض تتقي بها من الدم على القولين أي حتى قول الشيخ في النهاية فإنه مع منعه عن لبس المخيط لهن قال و يجوز للحائض أن تلبس تحت ثيابها غلالة

يتقي ثيابها

من النجاسات و بالإجماع الظاهر من العبارة صرح به الفاضلان في الشرائع و المنتهى و التذكرة و غيرهما و الأصل فيه بعده و بعد الأصل و العمومات المتقدمة خصوص الصحيح تلبس المرأة الحائض تحت ثيابها غلالة و يجوز أن يلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزارا بغير خلاف أجده و به صرح في الذخيرة مشعرا بدعوى الإجماع عليه كما عن ظاهر المنتهى و صريح التذكرة ففيها بإجماع العلماء و في الأول لا نعلم فيه خلافا للصحيحين و ليس فيه و الحال في هذه فدية على ما صرح به جماعة و منهم الفاضل في التحرير أيضا و في المنتهى و التذكرة و فيها عند علمائنا و في الأول اتفق عليه العلماء إلا مالكا

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 376

و أبا حنيفة قيل فإن ثبت الإجماع و إلا عمه دليل الوجوب الآتي في بحث الكفارة و في الغنية و عن الإصباح أنه عند قوم من أصحابنا لا يلبس حتى يفتق و يجعل كالمئزر و أنه أحوط و في الخلاف لا يلزمه الفتق للأصل و خلو النص و هو حسن مع أنه على اعتبار الفتق يخرج من المخيط و لا يتقيد بالضرورة و لا بأس ب لبس الطيلسان و إن كان له أزرار و لكن لا يزره عليه كما في الصحاح و إطلاقها يشمل حالتي الضرورة و الاختيار و هو ظاهر الكتاب و الشرائع و القواعد و التحرير و الدروس و المحكي عن النهاية و في المقنع و المبسوط و التذكرة خلافا لظاهر الفوائد فخصه بالضرورة و هو كما قيل شاذ و دليله غيره معروف و هو كما في مجمع البحرين واحد الطيالسة و هو ثوب مخيط بالبدن ينسج للبس خال

عن التفصيل و الخياطة و هو من لباس العجم و الهاء في الجمع للعجمة لأنه فارسي معرب تالشان و نحوه عن شيخنا الشهيد الثاني و عن المطرزي أنه من لباس العجم مدور أسود

[السادس لبس ما يستر ظهر القدم]

و منها لبس ما يستر ظهر القدم كالخفين و النعل السندي فيما قطع به المتأخرون على الظاهر المصرح به في الذخيرة بل في المدارك الأصحاب كافة و نفى عنه الخلاف في الغنية مؤذنا بدعوى إجماع العلماء كافة للمعتبرة المستفيضة و فيها الصحاح منها و لا خفين إلا أن لا يكون لك نعلان و منها أي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك و الجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما و منها عن المحرم يلبس الجوربين قال نعم و الخفين إذا اضطر إليهما لكنها مختصة بالخف و الجورب قيل و عليهما اقتصر في المقنع و التهذيب و على الخف في النهاية و عليه و على الشمشك في المبسوط و الخلاف و الجامع و لم يتعرض لشي ء من ذلك في المصباح و مختصره و لا في الكافي و لا في جمل العلم و العمل و لا في المقنعة و لا في المراسم و لا في الغنية و الظاهر كفاية نفي الخلاف في الغنية مع سابقيه اللذين أقلهما الشهرة العظيمة في التعدية و يحتمل قويا خروج الخف و الجورب في الفتوى و النص على مجرى الغالب و لا يحرم إلا ستر ظهر القدم بتمامه باللبس لا ستر بعضه و لا الستر بغير اللبس كالجلوس و إلقاء طرف الإزار و الجعل تحت الثوب عند النوم و غيره كل ذلك للأصل و الخروج عن مورد الفتوى و النص و

هو نص جمع بل قيل عندنا مشعرا بدعوى إجماعنا و من ذلك يظهر قوة اختصاص المنع بالرجل دون المرأة كما هو الذخيرة جماعة و منهم الشهيد ناقلا له عن العماني مؤيدا بالصحيح تلبس ما شاءت من الثيابان دخل نحو الخف فيها و النصوص بأن إحرامها في وجهها و إن اضطر إلى اللبس جاز إجماعا كما في السرائر و المختلف و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا للأصل و الصحاح السابقة مضافا إلى الخبر بل الصحيح كما قيل في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل قال نعم لكن يشق ظهر القدم و نحوه آخر و لأجلهم قيل يشق عن ظهر القدم و القائل الشيخ و أتباعه كما قيل و ظاهر المتن و التحرير التردد فيه و لعله لقصور سند الخبرين بل ضعف ثانيهما جدا و قوة احتمال ورودهما مورد التقية لموافقتهما لمذهب أكثر العامة و منهم أبو حنيفة على ما في الخلاف و غيره فلا يصلحان لتخصيص الأصل و إطلاق ما مر من الصحاح سيما مع ورودهما في مقام البيان فالأقوى عدم وجوب الشق بل عدم جوازه فإن فيه إتلافا للمال المحترم فتأمل و عليه جماعة من الأصحاب و منهم الحلي مدعيا الإجماع عليه و يشعر به أيضا عبارة الشرائع و هل يجب الفدية قيل نعم و في المسالك لا عند علمائنا قال نص عليه في التذكرة

[السابع الفسوق]

و منها الفسوق بالكتاب و السنة و الإجماع و هو محرم على كل حال و إنما عد من محرمات الإحرام لخصوص نهي المحرم عنه في الثلاثة و لذا كان فيه آكد كما ذكره جماعة و هو الكذب مطلقا كما عليه الأكثر بل لا خلاف فيه يظهر إلا

من الغنية و المحكي عن المهذب و المصباح و الإشارة حيث خصوه بالكذب على اللَّه تعالى و رسوله ص واحد من الأئمة ع و عن الجمل و العقود فجعله الكذب على اللَّه سبحانه خاصة و حجتهم غير واضحة عدا ظاهر دعوى الإجماع في الغنية و هو مع وهنه بمصير معظم الأصحاب على خلافه معارض بأجود منه و هو المعتبرة المستفيضة و إن اختلفت من وجه آخر و هو الاقتصار على الكذب المطلق كما عليه جماعة و هي النصوص المروية في معاني الأخبار و تفسير العياشي و مجمع البيان و روضة الجنان أنه رواية الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع فينجبر به ضعف السند أو قصوره حيث كان أو زيادة السباب كما في الصحيح و عليه المرتضى و الإسكافي و جماعة من المتأخرين و لكن جعل في رواية المعاني من جملة الجدال أو المفاخرة بدله كما في آخر و جمع بينهما في المختلف بأن المفاخرة لا تنفك من السباب لأنها إنما تتم بذكر فضائل له و سلبها عن خصمه أو سلب رذائل عن نفسه و إثباتها لخصمه و فيه أنها جعلت في الصحيح لراوي الأول مأمورا بها على حدة بعد تفسير الفسوق بالكذب و السباب خاصة مشعرا بالتغاير بينهما و التفسير بها خاصة مع عدم ظهور قائله و عدم معلوميته و إن حكاه الشهيد في بعض حواشيه كما قيل و لا ريب في ضعفه و نحوه في الضعف تفسيره بالكذب و النداء و اللفظ القبيح لجعل القبيح في الصحيح المزبور من جملة التفت لا الفسوق بعد أن فسر بالكذب و السباب خاصة و عن التبيان الأولى حمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها قيل و تبعه الراوندي

و لا ثمرة معنوية هنا بعد القطع بحرمة الجميع و عدم وجوب الكفارة فيه سوى الاستغفار كما في الصحيح نعم ربما يظهر في نحو النذر و إذا قلنا بإفساده الإحرام كما عن المفيد و لكنهما نادران و إن كان ربما يستأنس للمفيد بملاحظة الصحيح عن قول اللَّه عز و جل وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ قال إتمامها أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و نحوه آخر فتأمل

[الثامن الجدال]

و منها الجدال بالأدلة الثلاثة المتقدمة و هو قول لا و اللَّه و بلى و اللَّه خاصة عند الأكثر و في الغنية الإجماع عليه و لكن يحتمل رجوعه إلى تفسير الجدال بالخصومة المؤكدة باليمين بمثل الصيغتين لا إليهما و نقل عن المرتضى الإجماع عليه أيضا و بمثل ذلك يمكن الجواب عن الصحاح المستفيضة و غيرها المفسرة للجدال بهما بإرادة الرد بذلك على من جعل الجدال مطلق الخصومة لا الخصومة المؤكدة باليمين و لو مطلقها و ربما يستفاد ذلك من الصحيح عن المحرم يزيد العمل فيقول له صاحبه و اللَّه لا تعلمه فيقول و اللَّه لأعملته فيحالفه مرارا يلزم ما يلزم الجدال قال لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما كان ذلك ما كان فيه معصية فإن تعليل نفي الجدال بذلك دون فقد الصيغتين أوضح شاهد على أنه لو لا أراد الإكرام لثبت الجدال بمطلق و اللَّه كما هو فرض السؤال و على هذا فيقوى القول بأنه مطلق الحلف بالله تعالى و ما يسمى يمينا كما عليه الماتن هنا و الشهيد في الدروس وفاقا للانتصار و جمل العلم و العمل على ما نقل و أما الاستدلال لهذا القول بالصحيح إذا حلف الرجل بثلاثة أيمان

ولاء في مقام واحد و هو محرم فقد جادل و عليه دم يهريقه و يتصدق به و إذا حلف يمينا واحدة كاذبة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 377

فقد جادل و عليه دم يهريقه و يتصدق به ففيه أنه مطلق يحتمل التقييد بما في الصحاح و إنما أطلق لأن المقصود فيه بيان ما يوجب الكفارة منها و الفصل بين الصادقة و الكاذبة بل الأجود الاستدلال بما عرفته من الصحيح و ربما يستأنس به لما يحكى عن الإسكافي من العفو عن اليمين في طاعة اللَّه تعالى و صلة الرحم ما لم يدأب في ذلك و حكاه في الدروس عن الفاضل و الجعفي و لا بأس به و في جواز دفع الدعوى الكاذبة بالصيغتين أو الحلف مطلقا قول قوي وفاقا للشهيدين و غيرهما من المتأخرين عملا بأدلة نفي الضرر حملا لعموم الآية و الأخبار على صورتي الاختيار دون الاضطرار و على الجواز ففي سقوط الكفارة أو ثبوتها إشكال و الأول لعله أقوى وفاقا للشهيدين و سبط ثانيهما

[التاسع قتل هوام الجسد]

و منها قتل هوام الجسد بالتشديد جمع هامة و هي دوابه كالقمل و المنع عن قتلها مطلقا في الثوب كانت أو في البدن مشهور بين الأصحاب كما صرح به جمع للصحيح يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة و قريب منه آخر إذا أحرمت فاتق قتل الدواب كلها إلا الأفعى و العقرب و الفأرة و هما و إن لم ينصا على العنوان إلا أنه داخل في عمومهما و لم أعرف عليه نصا بالخصوص فالتعبير بما فيهما كما عن جماعة من القدماء أولى و عن الأكثر التنصيص على خصوص القمل لورود النصوص الكثيرة المتضمنة للصحاح و غيرها فيها بالخصوص إلا أن الصريح منها في حرمة

قتله للتعبير فيه عنها بعد أن سئل عنه ببئس ما صنع ضعيف السند معارض بالصحيح في محرم قتل فحله قال لا شي ء عليه في القملة و لا ينبغي أن يتعمد قتلها و لفظة لا ينبغي و عموم الشي ء المنفي و شموله للعقاب ظاهر في أن عدم التحريم و نحوه في العموم الصحيح لا بأس بقتل القمل في الحرم و غيره و المرسل لا بأس بقتل البرغوث و القملة و البقة في الحرم و هما يعمان المحرم و غيره و ما عداه من الصحاح لم تنص بتحريم القتل بل هي ما بين مانعة عن النزع و عن الإلقاء موجبة للكفارة بهما و هما غير المدعى و إن قيل يستفاد من الأول بطريق أولى لعدم وضوحه سيما و قد حكي عن ابن حمزة أنه حكم بحرمة الإلقاء و جواز القتل على البدن و عن جماعة من القدماء أنه لم يذكروا إلا الإزالة عن نفسه و الإلقاء دون قتله و على تقدير وضوحه يعارض ما دل منها على حرمة الإلقاء بما دل من الصحاح المتقدمة و غيرها على جواز قتله لاستلزامه جواز الإلقاء بطريق أولى مضافا إلى صريح بعض الأخبار عن المحرم يلقي القملة فقال ألقوها أبعدها اللَّه تعالى غير محمودة و لا مفقودة و ما دل منها على وجوب الكفارة بمثلها مما دل على عدم وجوبها و الجمع بينها يقتضي استحبابها كما عليه جماعة من المحققين و بالجملة التمسك بهذه النصوص لإثبات الحرمة قتل القملة فضلا عن غيرها من هوام الجسد لا وجه له سيما و الأخبار المجوزة مع موافقتها للأصل مخالفة للعامة كما قيل بخلاف المانعة بل العمدة في إثبات الحرمة ما قدمناه من الصحيحين مع

إمكان التأمل في ثانيهما بظهور الاستثناء فيه في كون الدواب الممنوع عن قتلها من قبيل المستثنى كما صرح به بعض المحدثين و يعضده ورود النصوص بالرخصة في قتل البق و البرغوث و كون المتبادر من الدابة في أولهما خصوص القملة لا غير فيعارضه أيضا ما دل على جواز قتلها و لذا صرح بعض المحدثين بالكراهة في القملة قتلا و إلقاء بل و غيرها لكن فيها أشد كراهة و لا يخلو عن قوة لو لا اتفاق الأصحاب ظاهرا على حرمة إلقاء القملة و عن ابن زهرة أنه نفى الخلاف عنه في الغنية و أما قتلها فهو و إن قال به ابن حمزة لكنه شرط وقوعه على البدن لا مطلقا كما هو ظاهر الأخبار المجوزة و هي إذا شاذة لا عامل لها و بشذوذ قول ابن حمزة أيضا قد صرح بعض أصحابنا و حينئذ فيتعين في القملة القول بالحرمة قتلا و إلقاء و يشكل في غيرها من سائر هوام الجسد خصوصا الإلقاء بل الظاهر جوازه لما سيأتي من النص الصحيح بجوازه عموما في الدواب و خصوصا في بعضها و أما القتل فالأحوط التجنب عنه و يجوز نقله من مكان إلى آخر من الجسد بلا خلاف للصحيح المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة فإنها من جسده فإذا أراد أن يحوله من مكان إلى مكان فلا يضره و إطلاقه كالفتوى يقتضي عدم اشتراط كون المنقول إليه مساويا أو أحرز فالقول به كما يحكى عن بعضهم تقييد للنص من غير وجه إلا أن يريد به عدم كونه معرضا للسقوط قطعا أو غالبا فلا بأس به فإنه في معنى الإلقاء و لا بأس بإلقاء القراد و الحلم بفتح الحاء و

اللام جمع حلمة كذلك و هي القراد العظيم كما عن الجوهري بلا خلاف إذا كان عن نفسه للصحيح الآتي و كذا عن بعيره في القراد و في الحملة عنه قولان أجودهما المنع وفاقا للتهذيب و جمع للصحيحين و غيرهما المصرحة بالفرق بينهما و بين القراد في حقه خلافا للمحكي عن الأكثر فالجواز و مستندهم غير واضح عدا ما يقال من الصحيح أ رأيت إن وجدت على قراد و حملة إطراحهما قال نعم و صغار لهما رقيا في غير مرقاهما و هو كما ترى فإن مورده النفس

بل ظاهره التعليل يدل على المنع في البعير فتدبر و ربما يستفاد منه المنع عن إلقاء كل ما هو يرقى في الجسد من نحو البرغوث و لعله المراد من هوام الجسد من نحو المتن فيتضح له المستند و لا يضر تخالف المتن و النص في الاطراح و القتل لاحتمال التعدي من أحدهما إلى الآخر بفحوى الخطاب كما صرح به جمع و لكنه على تقدير وضوحه معارض بصريح ما دل من النصوص على جواز قتل المحرم البق و البرغوث منها زيادة على ما مر الصحيح المروي في آخر السرائر عن المحرم يقتل البقة و البرغوث إذا أذاه قال نعم و نحوه الخبر مبدلا فيه الشرط بإذ رآه في نسخة و بإذا رآه في أخرى و هو أحد القولين و أجودهما وفاقا لجماعة خلافا لآخرين فالمنع و هو أحوطهما

[العاشر استعمال دهن فيه طيب]

و يحرم عليه استعمال دهن فيه طيب بلا خلاف ظاهر و لا محكي إلا عن الشيخ في الجمل فكرره و هو نادر بل على خلافه الإجماع في صريح التحرير و في المنتهى أنه قول عامة أهل العلم و تجب به الفدية إجماعا و

هو الحجة مضافا إلى الأخبار المستفيضة عموما و خصوصا ففي الصحيح و غيره لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك و لا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم و ادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل و مقتضاها حرمة استعماله قبل الإحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى وقت الإحرام و جواز الدهن بغير المطيب قبله و لا خلاف في الثاني بل عن التذكرة و المنتهى الإجماع عليه و الصحاح به مع ذلك مستفيضة و ليس في شي ء منها اشتراط عدم بقاء عينه بعد الإحرام مع مخالفته الأصل و قيل باشتراطه و لا وجه له نعم في الصحيح لا بأس بأن يدهن الرجل قبل أن يغتسل للإحرام أو بعده و كان يكره الدهن الجاثر الذي يبقى و مراعاته أحوط و إن كان في دلالته على التحريم نظر و أما الأول فعليه الأكثر و به أخبار أخر بعضها أيضا صحيح السند خلافا للمحكي عن ابن حمزة و جماعة فالكراهة للأصل و إطلاق جملة من الصحاح بجواز الادهان

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 378

قبل الإحرام و يجب الخروج عنهما بما مر بحملهما على الادهان بما ليس بمطيب أو صورة عدم بقاء الأثر حمل المطلق على المقيد و لا بأس ب استعمال ما ليس بطيب عند الضرورة و بالنص و الإجماع الظاهر المصرح به في عبائر جماعة و فيه بدونها خلاف و ظاهر المتن المنع و عليه الأكثر و هو أظهر للصحيح المتقدم و نحوه آخر لا تمس شيئا من الطيب و لا من الدهن في إحرامك و المراد بالمس فيه الادهان لا مطلقة لجوازه

في نحو الأكل إجماعا كما في الروضة و عن التذكرة و عن الخلاف و عن الدروس نفي الخلاف عنه خلافا للمحكي عن صريح المفيد و ظاهر جماعة فجوزوه على كراهية جمعا بين الأخبار المانعة و الناصة على جواز الادهان بعد الغسل قبل الإحرام فإن الظاهر بقاؤه عليه إلى الإحرام و تساوي الابتداء و الاستدامة فيهما و منع و على تقديرهما فالمانعة أوضح دلالة على المنع من هذه على الجواز و أما الاستدلال لهم بالأخبار المرخصة لاستعماله حال الضرورة فليس في محله لخروجها من مفروض المسألة

[الحادي عشر إزالة الشعر]

و يحرم أيضا إزالة الشعر قليله و كثيره عن الرأس و اللحية و سائر البدن بحلق أو نتف أو غيرهما مع الاختيار بإجماع العلماء كما عن التذكرة و المنتهى و في غيرهما إجماعا للآية و الصحاح المستفيضة منها من حلق أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي ء عليه و من فعله متعمدا فعليه دم و قصورها عن إفادة تمام المدعى مجبور بفهم العلماء و الرواية ناصة بأنه لا شي ء على الجاهل و الناسي كما في الدروس و فيه عن الفاضل أنه أوجب الكفارة على الناسي في الحلق و القلم لأن الإطلاق يتساوى فيه العمد و الخطأ كالمال قال و هو بعيد لصحيحة زرارة ثم ساق الرواية و قال بعدها و نقل الشيخ الإجماع على عدم وجوب الفدية على الناسي و القياس عندنا باطل خصوصا مع معارضته النص انتهى و هو جيد و لا بأس به مع الضرورة كما لو أذاه القمل أو القروح أو نبت الشعر في عينه أو نزل شعر حاجبه فغطى عينه أو احتاج إلى الحجامة المفتقرة إلى الإزالة بإجماع العلماء كما في المدارك و

غيره إجماعا للآية و للصحيح في سبب نزولها و لكن لا يسقط بشي ء من ذلك الفدية للنصوص إلا في شعر النابت في العين و الحاجب الذي طال فغطى العين ففي المنتهى و التحرير و التذكرة أنه لا فدية فيهما لأن الضرر بنفس الشعر فهو كالصيد الصائد و فيه نظر بل المتجه لزوم الفدية إذا كانت الإزالة بسبب المرض أو الأذى الحاصل في الرأس لإطلاق الآية دون ما عداه لأن الضرورة مسوغة للإزالة و الفدية بالأصل منتفية كذا في المدارك و هو حسن و أما ما يقال عليه من أن مورد الأخبار الموجبة لجواز الحلق مع الضرورة إنما هو التضرر بالقمل أو الصداع كما في رواية المحصر و عليه يحمل إطلاق الآية و يبقى ما عداه خارجا عن محل البحث ففيه نظر لأن أخصية المورد لا توجب تقييد المطلق لعدم التعارض بينهما بوجه نعم يمكن الجواب عن الإطلاق بعدم عموم فيه يشمل غير المورد لعدم انصرافه بحكم الغلبة إليه فتدبر و اعلم أن هذا و ما سبقه أحد التروك المشار إليها في صدر البحث فالأولى عطفهما على ما سبقهما و حذف يحرم فيهما كما فعل في قوله

[الثاني عشر تغطية الرأس للرجل]

و تغطية الرأس للرجل دون المرأة بإجماع العلماء كما عن المنتهى و التذكرة و في غيرهما بالإجماع و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و يستفاد من جملة منها عدم الفرق بين الكل و البعض كما صرح به جمع ففي الصحيح ترى أن استتر بطرف ثوبي فقال ع لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك و فيه عن المحرم يحد البرد في أذنيه يغطيهما قال لا و يستفاد منه كون الأذنين يجب سترهما و هو الأظهر وفاقا لجمع و

منهم الفاضل في التحرير خلافا له في التذكرة و المنتهى فتردد في ذلك و لا وجه له بعد ذلك و رخص في عصابتي القربة و الصداع للصحيحين قبل و عمل بهما الأصحاب و كذا ستره بيده و بعض أعضائه على الأظهر وفاقا للمنتهى و جمع للأصل و ما سيأتي من الصحيح على جواز الحك و الصحيح لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض و أما الوجه فالأشهر الأظهر جواز تغطيته له اختيارا للأصل و الصحاح المستفيضة منها الرجل المحرم يريد أن ينام يغطي وجهه من الذباب قال نعم و لا يخمر رأسه مضافا إلى نقل الإجماع عليه عن الخلاف و المنتهى و التذكرة خلافا للمحكي عن العماني فأوجب به إطعام مسكين في يديه للصحيح و وافقه في التهذيب على إيجاب الكفارة لكن جوزه اختيارا مع نيتها و حمل الكفارة على الاستحباب كما عليه الأكثر لعله أولى جمعا بين النصوص إذ لو وجبت لذكرت في مقام البيان في سائرها فهي لذلك ظاهرة في عدم الوجوب و الرجحان بالشهرة قدمت على الصحيح و لولاها لكان الجمع بالوجوب مقتضى الأصول و هو مع ذلك أحوط و في معناه الارتماس و إدخال الرأس في الماء بالإجماع و الصحاح دون غسله و إفاضة الماء عليه فيجوز بالإجماع كما عن صريح التذكرة و ظاهر المنتهى للصحاح منها هل يحك رأسه أو يغتسل بالماء فقال يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة و لا بأس بأن يغتسل بالماء و يصب على رأسه ما لم يكن ملبدا فإن كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام قيل و مضمونه فتوى المقنع و الدروس قلت و لعل منع الملبد من الصب للاحتراز

عن سقوط الشعر و لا يدل الخبر على جواز التلبيد مطلقا فضلا عنه اختيارا و في التذكرة و الدروس القطع بجواز التوسد لأنه يصدق عرفا أنه مكشوف الرأس انتهى و هو جيد و هل التغطية محرمة بأي شي ء كان حتى بنحو من الطين و الحناء و حمل الطبق و المتاع و نحو ذلك أم يختص بالمعتاد كالستر بالثوب و وضع القناع إشكال إلا أن الأصل مع اختصاص النواهي بالثاني يقتضيه و إن كان الأول أحوط الإطلاق نحو الصحيح إحرام المرأة في وجهها و إحرام الرجل في رأسه مؤيدا بأخبار الارتماس و سيما ظاهر بعض الأفاضل أنه لا خلاف فيه إلا من العامة و عن المبسوطان من خضب رأسه أو طينه لزمه الفداء كمن غطاه بثوب بلا خلاف و لو غطى ناسيا ألقاه أي الغطاء المدلول عليه بالمقام وجوبا اتفاقا على الظاهر المصرح به في بعض العبائر و جدد التلبية للصحيحين في الحكمين إلا أن ظاهرهما وجوب التجديد للأمر به فيهما فقوله استحبابا لا وجه له إلا ما في كلام جماعة من الأصل و عدم قائل بالوجوب و فيه نظر لوجوب الخروج عن الأصل بالأمر و منع عدم القائل فقد حكي عن ظاهر الشيخ و ابني حمزة و سعيد و مع ذلك فالوجوب أحوط و تسفر المرأة عن وجهها فلا تغطيه وجوبا بإجماعنا الظاهر المصرح به في جملة من العبائر بل عن المنتهى أنه قول علماء الأمصار و به استفاض أيضا الأخبار و الكلام في عموم تحريم التغطية للثوب و غيره كما مر في الرأس إلا أن في بعض الأخبار هنا المنع عن التغطية بمثل المروحة و يجوز لها أن تسدل أي ترسل خمارها و قناعها

من رأسها إلى طرف أنفها عند علمائنا أجمع كما عن التذكرة و فيه أنه قول عامة أهل العلم و عن المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافا و الصحاح به مع ذلك مستفيضة و إن اختلفت في التحديد بما في العبارة كما في الصحيحين منها و إلى النحر كما في آخرين مطلقا في أحدهما و مقيدا بما إذا كانت راكبة في ثانيهما

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 379

و إلى الذقن في آخر و ظاهرها عدم اعتبار مجافاة الثوب عن الوجه و به قطع في المنتهى لأن سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة فلو كان شرطا لبين لأنه في موضع الحاجة و لكنه في القواعد اشترط في جواز السدل عدم الإصابة كما عن المبسوط و الجامع حيث أوجب المجافاة بخشبة و نحوها لئلا تصيب البشرة و حكم الشيخ بلزوم الدم إذا أصابتها و لم تزل بسرعة و لم أعرف له مستندا في إيجاب الدم أصلا و كذا في إيجاب المجافاة إلا أن يقال لعل المستند فيه الجمع بين الصحاح المتقدمة المبيحة للسدل و المانعة عن التغطية بحمل هذه على ما إذا أصاب البشرة و المبيحة على غير صورة الإصابة و له وجه غير أنه يمكن الجمع بغير ذلك بتقييد المانعة بالنقاب خاصة بل قيل لا يستفاد من الأخبار أزيد منه أو التغطية بغير السدل هذا و لا ريب أن ما ذكره الشيخ أحوط

[الثالث عشر التظليل سائرا]

و يحرم تظليل المحرم سائرا بأن يجلس في محمل أو كنيسة أو عمارية مظللة أو شبهها اختيارا بلا خلاف ظاهر و لا محكي إلا من الإسكافي فاستحب تركه و عبارته المحكية غير واضحة الدلالة على ذلك و لذا تردد في مخالفته في المختلف و

غيره و مع ذلك فهو شاذ على الظاهر المصرح به في بعض العبائر مشعرا بدعوى الإجماع على خلافه كما في الانتصار و عن الخلاف و المنتهى و التذكرة و الصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها من المعتبرة و الصحاح الموهمة للخلاف قابلة للحمل على الحرمة و مع ذلك محتمل الحمل على التقية كما صرح به جماعة و يستفاد من جملة من روايات المسألة هذا إذا استظل فوق رأسه و أما لو استظل بثوب ينصبه لا على رأسه فعن الخلاف و المنتهى جوازه بلا خلاف و لعله للأصل و اختصاص أكثر الأخبار بالجلوس في القبة و الكنيسة و نحوهما و خصوص الصحيح سمعته ع يقول لأبي و قد شكا إلى حر الشمس و هو محرم و هو يتأذى به فقال ترى أن استتر بطرف ثوبي قال لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك لكن جملة منها عامة و فيها الصحاح و غيرها ففي الصحيح أظلل و أنا محرم قال لا قلت إن أظلل و أكفر قال لا قلت فإن مرضت قال ظلل و كفر الخبر و فيه هل يستتر المحرم من الشمس فقال لا إلا أن يكون شيخا كبيرا أو قال ذا علة و فيه أو القوي عن المحرم و يستتر من الشمس بعود و بيده قال لا إلا من علة إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة و الموثقة و غيرها و مراعاتها أحوط و أولى و إن كان جواز المشي تحت الظلال أقوى وفاقا لجماعة للصحيح هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل فكتب نعم و الخبر أ يجوز للمحرم أن يظل عليه محمله فقال لا يجوز ذلك مع الاختيار فقيل له أ فيجوز

أن يمشي تحت الظلال مختارا فقال ع نعم و كذا يجوز له التستر عن الشمس ببعض جسده و إن منع عنه بعض الأخبار السابقة لمعارضته بأقوى منها سندا و عددا و دلالة ففي الصحيح لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه على وجه من حر الشمس و لا بأس بأن يستر بعض جسده ببعض و نحوه خبران آخران و احترز بقوله سائرا عما لو كان نازلا فإنه يجوز له إجماعا كما يأتي و لا بأس به للمرأة إجماعا على الظاهر المصرح به في جملة من العبائر و للنصوص المستفيضة و فيها الصحاح و غيرها و للرجل نازلا للأصل و النصوص المستفيضة و الإجماع الظاهر المصرح به في عبائر جماعة و بهذه الأدلة يقيد إطلاق ما مر من الأدلة و كذا لو اضطر إلى التظليل سائرا جاز مع الفداء إجماعا على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و إن اختلفت في التعبير عن الضرورة بمطلق نحو أذية حر الشمس و المطر كالصحيح عن المحرم يظلل على نفسه فقال أ من علة فقال يؤذيه حر الشمس و هو محرم فقال هو علة و يفدي و نحوه غيره و بها أفتى في الذخيرة أو بالتضرر بهما لعلة أو كبر أو ضعف أو شدة حر أو برد كالصحيح عن المحرم إذا أصابته الشمس شق عليه و صدع فيستتر منها فقال هو أعلم بنفسه إذا علم أنه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظل منها و الموثق إن علي بن شهاب يشكو رأسه و البرد شديد و يريد أن يحرم فقال إن كان كما زعموا فليظلل و بها أفتى في الروضة و تبعه بعض المتأخرين حاكيا

عن الشيخين و الحلي و هو أقوى لوقوع التصريح بالمنع عن التظليل بمطلق الحر و البرد في الصحيح و غيره و بها يقيد إطلاق ما تقدمها و هل يجوز التظليل اختيارا مع الفداء الأقوى لا وفاقا للتهذيبين و التذكرة و المنتهى كما نقل للصحيح أظلل و أنا محرم قال لا قال فأظلل و أكفر قال لا قال فإن مرضت قال ظلل و كفر خلافا للمحكي عن المقنع فقال لا بأس أن يضرب على المحرم الظلال و يتصدق بمد لكل يوم و مستنده غير واضح نعم في الدروس و روى علي بن جعفر جوازه مطلقا و يكفر و قيل إن أراد روايته أنه سأل أخاه أظلل و أنا محرم فقال نعم و عليك الكفارة فيحتمل الضرورة و لو زامل الصحيح عليلا أو امرأة اختصا بالظلال دونه بغير خلاف أعرفه و به صرح جماعة للعمومات و خصوص رواية صريحة و لا يعارضها المرسلة لضعفها عن المقاومة لها سندا

و دلالة و اعتبارا

[الرابع عشر قص الأظفار]

و يحرم قص الأظفار بإجماع علماء الأمصار كما في المنتهى و التذكرة و غيرهما بالإجماع و المعتبرة المستفيضة منها الصحيح من قلم أظافيره ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي ء عليه و من فعله متعمدا فعليه دم و منها عن المحرم يطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه قال لا يقص شيئا منها إن استطاع و إن كانت تؤذيه فليقصها و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام و المراد بالقص فيه معناه الأعم و هو مطلق الإزالة و القطع المعبر عنه في غيره بالقلم لا الأخص الذي هو القص بالمقص كما صرح به جمع و يستفاد منه جواز الإزالة مع الضرورة و نفى الفاضل عنه الخلاف

بين العلماء في المنتهى و التذكرة و لكن استشكل فيهما في الفدية و لا وجه له بعد الأمر بها في الرواية الصحيحة و يستفاد منها أيضا عدم الفرق في المنع بين الكل و البعض و به صرح جمع و اختار آخر

[الخامس عشر قطع الشجر و الحشيش]

و قطع الشجر و الحشيش النابتين في الحرم بإجماع العلماء كما في الكتابين و غيرها للصحاح المستفيضة قيل و لا خلاف في جواز قطعهما في الحل للحرم و غيره و لا في عموم حرمة قطعهما في الحرم لهما و النصوص ناطقة بالأمرين و القطع يعم القلع و قطع الغصن و الورق و الثمر و الأمر كذلك لعموم نحو الصحيح كل شي ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين و الخبر أو الصحيح المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم قال نعم قال فمن الحرم قال لا و نحوه آخر و عمومها يشمل الرطب و اليابس خلافا لجماعة فقيدوها باليابس فلم يمنعوا قطعه و وجهه غير واضح عدا اختصاص بعض الأخبار و هو قوله ع لا يختلى خلالها و لا يعضد شجرها به و هو لا يفيد التقييد هذا مع أن المحكي عن الجوهري أن الخلاء مقصورا الحشيش اليابس فيفيد الضد و لكن المحكي عن النهاية و القاموس خلافه ثم التحريم في الصحيح يعم القطع و الانتفاع مطلقا فلو انكسر غصن أو سقط ورق لم يجز الانتفاع به سواء كان ذلك بفعل آدمي أو غيره إلا أن المحكي عن التذكرة و المنتهى دعوى الإجماع على جوازه في الثاني و استقرابه في الأول و لعله يمنع عموم الصحيح للانتفاع باحتمال اختصاصه بحكم

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 380

التبادر و غيره بالقطع دون غيره ثم المحرم كل شجر و حشيش

في الحرم إلا أن ينبت في ملكه كما في عبارة جماعة للخبر أو القوي بل الصحيح كما قيل و وجهه غير واضح عن الرجل قلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم فقال إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار و تتخذ المضرب فليس له أن يقلعها و إن كانت طرأت عليه فله قلعها و نحوه آخر لرواية في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم فقال إن بنى المنزل و الشجرة فيه فليس أن يقلعها و إن كانت تنسب في منزله و هو له فله قلعها و فيهما ضعف سندا بالجهالة و دلالة بالأخصية من المدعى لاختصاصهما بالشجرة و الدار كما وقع التعبير بها في عبائر جماعة و المنزل كما في عبائر آخرين و دعوى عدم القول بالفصل لما عرفت غير مسموعة فإذا الأجود الاقتصار على موردهما إن عملنا بهما بزعم انجبار ضعف سندهما بفتوى الجماعة و إلا فيشكل هذا الاستثناء نعم لا بأس باستثناء ما غرسه الإنسان و أنبته سواء كان في ملكه أو غيره للصحيح إلا ما أنبته أنت أو غرسته و حكي الفتوى بإطلاقه كما اخترناه عن النهاية و المبسوط و السرائر و النزهة و المنتهى و التذكرة خلافا للمحكي عن ابني البراج و زهرة و الكيدري فقيدوه بملكه و لم نقف على دليله و يجوز قطع الإذخر بغير خلاف أجده و به صرح في الذخيرة بل عليه الإجماع في المنتهى و التذكرة للمعتبرة و شجر الفواكه و النخل سواء أنبته اللَّه تعالى أو الآدميون فيما قطع به الأصحاب كما في المدارك و الذخيرة و فيهما أن ظاهر المنتهى كونه موضع وفاق بينهم و في غيرهما عن صريح الخلاف

الإجماع للموثق و قد استثنى جماعة عود المحالة بفتح الميم البكرة العظيمة لرواية في سندها إرسال و جهالة و لعله لذا لم يستثنها الماتن و جماعة

و في جواز

[الاكتحال بالسواد و النظر بالمرآة و لبس الخاتم و لبس المرأة ما لم تعتده من الحلي و الحجامة]

الاكتحال بالسواد و النظر بالمرآة و لبس الخاتم للزينة و لبس المرأة ما لم تعتده من الحلي لا للزينة و الحجامة بل مطلق إخراج الدم بالفصد أو الحك و السواك إلا للضرورة و دلك الجسد و لبس السلاح إلا مع الضرورة قولان أشبههما الكراهة في الدلك قطعا و إن ورد النهي عنه في الصحيحين و غيرهما لوجوب حمله على الكراهة أو صورة مظنة الإدماء أو سقوط الشعر لعدم ظهور القائل بتحريمه مطلقا و لا نقله صريحا و لا ظاهرا إلا في العبارة و لم نعثر على قائله فهو نادر مضافا إلى ورود الرخصة بحك الرأس و اللحية ما لم يدم في المعتبرة و فيها الصحيح و غيره و هو في معنى الدلك و لعله لذا قال في التنقيح بالتفصيل بين إدمائه فالتحريم و إلا فالكراهة و التحريم كذلك في لبس الخاتم للزينة لفحوى الصحاح المحرمة للأولين معللة بأنهما من الزينة مضافا إلى النهي عنه في رواية منجبر قصور سندها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا بل لا خلاف فيها يظهر كما صرح به جمع ممن تأخر مع سلامتها عن المعارض سوى الأصل و إطلاق الخبر لا بأس بلبس الخاتم للمحرم و يجب تخصيصهما بها مع ضعف الرواية فيها و أما ما عداهما فالمنع فيه أشهر و أقوى للصحاح المستفيضة في الأولين و ندرة القول بالجواز فيهما إذ لم يحك إلا عن الشيخ في الخلاف و قد رجع عنه في المبسوط نعم حكي عن الغنية فيها و عن

الوسيلة و المهذب في الثاني و صرح بالشذوذ فيهما بعض الأصحاب و لا مستند للجواز فيهما سوى الأصل المخصص بما مر و إطلاق جملة من النصوص و فيها الصحيح بجواز الاكتحال بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه كما فيه و يكحل فارسي لا كحل فيه زعفران كما في غيره و يجب تقييدها بما يرجع إلى المختار ترجيحا لأدلته عليها من وجوه شتى و مفهوم الصحيح في الرابع إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للإحرام لم تنزع حليها و إطلاق الصحيح المحمول عليه المحرمة لا تلبس الحلي و لا المصبغات إلا صبغا لا يردع مع احتماله بإطلاقه الحمل على الكراهة كما يعرب عنه النهي عن المصبغات و القول الثاني فيه محكي عن الاقتصاد و التهذيب و الانتصار و الجمل و العقود و الجامع و لا مستند له سوى الأصل و إطلاق جملة من الصحاح و غيرها بجواز لبسها الحلي كلها إلا حليا مشهورا للزينة كما في بعضها و لبسها المسك و الخلخالين مطلقا كما في غيره أو الحلي كله إلا القراط و القلادة المشهورة و ينبغي تقييده بما عرفته و إن احتمل الجمع بالكراهة لرجحان ما ذكرناه بالأصول و الشهرة العظيمة حتى أن في التنقيح قال لم أقف فيه على خلاف لأحكيه و لكن فيه ما فيه و الصحاح المستفيضة في الخامس منها عن المحرم يحتجم قال لا إلا أن لا يجد بدا فليحجم و لا يحلق مكان الحاجم و نحوه أخبار مستفيضة و منها عن المحرم كيف يحك رأسه قال بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر و منها عن المحرم يستاك قال نعم و لا يدمي و القول الثاني فيه للخلاف و جماعة

للأصل و المصنف لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر و يجب تقييدهما بحال الضرورة لما مر و إن احتمل الجمع بالكراهة لرجحان الأول بنحو ما عرفته نعم في الصحيح المحرم يستاك قال نعم قال فإن أدمى يستاك قال نعم هو السنة و الخبر عن المحرم يحتجم قال لا أحبه و هما و إن كانا ظاهرين في الكراهة إلا أن الأخير ضعيف السند بالجهالة مع عدم وضوح كامل في الدلالة كلا ينبغي في بعض الصحاح و الأول متروك الظاهر لدلالته على أنه السنة مطلقا حتى في الصورة المفروضة و لا قائل بها للإجماع على الكراهة فينبغي طرحه أو حمله على صورة عدم العلم بالإدماء و مفهوم الصحاح و غيرها في لبس الصلاح و القول الثاني لم أعرف قائله و إن حكاه الماتن هنا و الفاضل في المختلف و لكن لم يصرح به و مع ذلك فلا مستند له سوى الأصل المخصص بما مر و تضعيفه بأنه مفهوم و هو ضعيف لحجية هذا المفهوم لكن ربما يقال إنه إنما يعتبر إذا لم يظهر للتعليق وجه سوى نفي الحكم عما عدا محل الشرط و هنا ليس كذلك إذ لا يبعد أن يكون التعليق باعتبار عدم الاحتياج إلى لبس السلاح عند انتفاء الخوف و فيه نظر

[مكروهات الإحرام]
اشارة

و المكروهات أمور منها الإحرام في غير البياض على المشهور و المستند على العموم غير معلوم بل المستفاد من جملة من النصوص عدم البأس بالمصبوغ بالمعصفر و غيره و المصبوغ بمشق و غيره إلا ما فيه شهرة بين الناس و حكي الفتوى به عن المنتهى عازيا له إلى علمائنا و لعله الأقوى و إن كان اختيار البياض أولى

و يتأكد الكراهة في الإحرام في السود حتى أن الشيخ ظاهره المنع عنه في المبسوط و النهاية و تبعه ابن حمزة للنهي عنه في الموثق لا يحرم في الثوب الأسود و لا يكفن به الميت و حمله الأكثر على الكراهة لإشعار النهي عن التكفين به فإنه فيه لها قطعا و جمعا بينه و بين الصحيح المجوز و للتكفين في كل ما يجوز فيه الصلاة بناء على جواز الصلاة فيه قطعا و إن أمكن الجمع بينهما بالتقييد بل هو أولى لكن صحة السند و الاعتضاد بالعمل و مهجورية الموثق الآن بل عند الشيخ أيضا حيث نزل الحلي منعه عنه على الكراهة جعل الجمع بالكراهة أولى و في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة للصحيح و فيه و لا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل و إن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شي ء فيغسله و ظاهره المنع عن الغسل إذا توسخ في الأثناء كما هو ظاهر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 381

الدروس و يحتمل كلامه الكراهة كما صرح به الحلي و شيخنا في الروضة و في الثياب المعلمة بالبناء للمجهول قيل هي المشتملة على لون يخالف لونها حال عملها كالثوب المحوك من لونين أو بعده بالطرز و الصبغ للصحيح لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم و تركه أحب إلى إذا قدر على غيره و لكن في جملة من النصوص نفي البأس عنها على الإطلاق بل في بعضها بعده إنما يكره الملحم و قوله و الحناء عطف على قوله الإحرام أي و من المكروهات الحناء و استعماله للزينة على المشهور كما في كلام جماعة أما الجواز فللأصل الصحيح عن الحناء فقال إن المحرم ليمسه و يداوي

به لغيره و ما هو بطيب و ما به بأس و أما الكراهة فللشبهة الناشئة من احتمال الحرمة فتوى و رواية و كالصحيح عن امرأة حافية الشقاق و أرادت أن تحرم هل تخضب يدها بالحناء قبل ذلك قال ما يعجبني أن تفعل ذلك و هو نص في الكراهة قبل الإحرام و يلحق به بعده للأولوية خلافا لجماعة فاستوجهوا القول بالحرمة استنادا إلى جملة من الصحاح لتحريم جملة من المحرمات إلى أنها زينة و العلة هنا موجودة و لا معارض لها سوى الأصل و يجب تخصيصه بها و الحديثين السابقين و لا يصلحان للمعارضة لخروجهما عن محل البحث و هو استعمال المحرم الحناء بعد الإحرام للزينة كما هو ظاهر نحو العبارة أما الأول فلاختصاصه باستعماله للتداوي خاصة كما يظهر من سياقه دون الزينة و أما الثاني فلاختصاصه مع قصور سنده بالاستعمال من المرأة قبل الإحرام في حال الضرورة و لا كلام في شي ء منهما فإذا القول بالحرمة لا يخلو عن قوة وفاقا لجماعة و هل يختص الحكم مطلقا بما إذا قصد الزينة أم يعمه و ما إذا قصد السنة وجهان أحوطهما الثاني ثم هل يختص بالاستعمال بعد الإحرام أم يعمه و قبله إذا بقي أثره بعده قولان أحوطهما الثاني إن لم يكن أجودهما و النقاب للمرأة و الأصح التحريم بل قيل لا أعلم خلافا فيه لما مر من حرمة تغطية وجهها ففي الحكم هنا منافاة لما مضى إلا أن يحمل النقاب على السدل الجائز لكن إثبات كراهته لا يخلو عن إشكال إذ لا أعرف له مستند إلا إذا أصاب الوجه فلا يخلو عن وجه و دخول الحمام للنهي عنه في الخبر المحمول على الكراهة جمعا بينه

و بين الصحيح و غيره النافيين للبأس عنه و فيهما و لكن لا يتدلك و بكراهة التدلك فيه أفتى جماعة و زاد بعضهم فحكم بكراهته مطلقا و لا بأس به للصحيح عن المحرم يغتسل فقال نعم يفيض الماء على رأسه و لا يدلكه و تلبية المنادي بأن يقوله له لبيك على المشهور للنص و علل بأنه في مقام التلبية لله تعالى فلا يشرك في غيره فيها و في الصحيح بعد النهي عنها أنه يقول يا سعد و ظاهره التحريم كما في ظاهر التهذيب لكن ينبغي حمله على شدة الكراهة لعدم القول بالتحريم كما قيل مضافا إلى الأصل و المروي عن الصدوق عن جابر عن أبي جعفر ع أنه قال لا بأس أن يلبي المجيب و استعمال الرياحين وفاقا للنهاية و الحلي و الإسكافي كما حكي و جماعة من المتأخرين للنهي عنه في الصحيحين في أحدهما لا يمس المحرم شيئا من الطيب و لا من الريحان و لا يتلذذ به و إنما حمل على الكراهة جمعا بينهما و بين الصحيح لا بأس أن يشم الإذخر و القيصوم و الخزامي و الشيخ و أشباهه و أنت محرم خلافا للمفيد و جماعة فحرموه و لعله الأظهر عملا بظاهر النهي مع سلامته عن المعارض سوى الأصل المخصص به لكونه خاصا و أخبار قصر الطيب في أربعة و الصحيح الأخير و فيهما نظر فالأول بتوقفه على كون المنع عنه من جهة الطيب و ليس كذلك بل من جهة النهي عنه بالخصوص و الثاني بعدم نفي البأس فيه عن مطلق الريحان حتى يتحقق التعارض بينه و بين المانع تعارضا كليا فيكون صريحا في الجواز فيقدم على النهي الظاهر في التحريم تقدم

النص على الظاهر و إنما غايته نفي البأس فيه عن أمور معدودة يمكن استثناؤها عن أخبار المنع على تقدير تسليم صدق الريحان عليها حقيقة و لا مانع من ذلك و لا موجب للجمع بالكراهة سوى تضمنه لفظ أشباهه و هو كما يحتمل المشابهة في إطلاق اسم الريحان عليه كذا يحتمل ما هو أخص مما يشبهه من نبت البراري و يكون استثناؤه لكونه كما قال في المختلف من نبت الحرم فيعسر الاحتراز عنه و معه لا يمكن صرف النهي عن ظاهره مضافا إلى عدم إمكانه

من وجه آخر و هو أن النهي عن مس الريحان في الصحيح الماضي إنما هو بلفظ النهي عن الطيب بعينه و هو للتحريم قطعا فلا يمكن حمله بالإضافة إلى الريحان على الكراهة للزوم استعمال اللفظة الواحدة في الاستعمال الواحد في المجاز و الحقيقة و هو خلاف التحقيق و صرفه إلى المجاز الأعم يعني مطلق المرجوحية بعيد جدا و لا بأس بحك الجسد و السواك ما لم يدم أو يقطع الشعر كما في المعتبرة المستفيضة

[هنا مسألتان]
اشارة

و هنا مسألتان

[الأولى لا يجوز دخول مكة إلا محرما]

الأولى لا يجوز لأحد أن يدخل مكة شرفها اللَّه تعالى إلا محرما بحج أو عمرة بالنص و الإجماع إلا المريض و من به بطن كما في الصحيح هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام قال لا إلا مريضا أو من به بطن و نحوه آخران إلا أن في السؤال فيهما هل يدخل الرجل المحرم و بهما أفتى أيضا جمع و ظاهر هذه الأخبار كالمتن و جمع سقوط الإحرام عن المريض و ربما يعارضها الصحيح عن رجل به بطن و وجع شديد يدخل مكة حلالا قال لا يدخلها إلا محرما و قال يحرمون عنه و حمله الشيخ على الاستحباب و لا بأس به جمعا قيل و الظاهر أن الإحرام عنه إنما يثبت مع المرض المزيل للعقل و هو محمول على الاستحباب أيضا و إنما يجب الإحرام للدخول إذا كان الدخول إليها من خارج الحرم فلو خرج أحد من مكة و لم يصل إلى خارج الحرم ثم عاد إليها عاد بغير إحرام و متى أخل الداخل بالإحرام أتم و لم يجب قضاؤه و استثنى الشيخ و جماعة من ذلك العبد فجوزوا لهم الدخول بغير إحرام قيل لأن السيد لم يأذن لهم بالتشاغل بالنسك عن خدمته فإذا لم يجب عليهم حجة الإسلام لهذا المعنى فعدم وجوب الإحرام لذلك أولى أو من يتكرر دخوله كل شهر بحيث يدخل في الشهر الذي خرج كما قيل أو مطلقا للعسر و الحرج و للصحيح أن الحطابة و المجتلبين أتوا النبي ص فسألوه فأذن لهم أن يدخلوا حلالا و يدخل في المجتلبة ناقل الحشيش و الحنطة و غير ذلك و مقتضى عبارة المتن و غيره استثناء مطلق من يتكرر دخوله و

إن لم يدخل في اسم المجتلبة و هو غير بعيد للدليل الأول و إن كان الاقتصار على مورد النص أحوط و لو خرج من مكة من وجب عليه الإحرام للدخول فيها بعد إحرامه السابق الذي أحل منه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه الإحرام الأول عن الإحرام الثاني للدخول و إن عاد في غيره أي غير شهر خروجه أحرم ثانيا للدخول فيها بلا خلاف ظاهر و لا إشكال في الحكمين إن كان المراد ممن شهر خروجه هو الشهر الذي أحرم فيه للمتمتع مثلا و من غيره بمنى عوده بعد مضي ثلاثين يوما من إحرامه المتقدم إلى يوم دخول مكة للمعتبرة منها الموثق يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي يتمتع فيه لأن لكل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج و ظاهره اعتبار مضي الشهر من حين الإحلال ليتحقق تخلل الشهر بين العمرتين و به أفتى الأكثر خلافا لظاهر المتن و النهاية و المقنعة و غيرهما فلم يعتبروا ذلك لإطلاق المعتبرين أحدهما الصحيح أو الحسن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 382

في المتمتع فإن جهل و خرج إلى المدينة أو نحوها بغير إحرام ثم رجع في أوان الحج في أشهر الحرم و يريد الحج أ يدخلها محرما أو بغير إحرام فقال إن رجع في شهره دخل بغير إحرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرما و أصرح منه الآخر المرسل لكنه ضعيف السند و يحتمل كالأول تقييد شهر الخروج بشهر الإحرام المتقدم و غيره بغيره على النهج الذي سبق مضافا في الأول إلى أن ضمير شهره يحتمل الرجوع إلى الإحرام السابق فيحتمل الحمل السابق من هذا الوجه هذا مع أن إطلاقهما يشمل صورة ما إذا كان

شهر الخروج بعد الإحرام المتقدم بأزيد من شهر و لا أظنهم يقولون به و لا صرح به أحد و إنما ثمرة النزاع تظهر على ما إذا صرح به بعضهم في صورة العكس و هي ما لو خرج آخر شهر و دخل أول آخر فيدخل محرما على هذا القول و لا حتى يمضي ثلاثون يوما على قول الأكثر و لعله الأظهر و اعلم أن المستفاد من العبارة و غيرها من الفتاوى عدم الفرق في الإحرام السابق بين كونه لعمرة أو حج مع أن المستفاد من الأخبار إنما هو الأول و لذا قيل إن الذي دلت عليه الدلائل جواز الدخول محلا مع سبق الإحرام بعمرة قبل مضي شهر فالصواب القصر عليه كما في الجامع فلو كان سبق إحرامه بحج لم يدخل إلا محرما بعمرة مفردة و إن لم يمض شهر ففي الأخبار العمرة بعد الحج إذا أمكن الموسى من الرأس انتهى و هو حسن و يعضده عموم أخبار النهي عن الدخول محلا مع سلامته عن المعارض كما مر

[الثانية إحرام المرأة كإحرام الرجل]

الثانية إحرام المرأة كإحرام الرجل في جميع الأحكام إلا ما استثني سابقا من تغطية الرأس و لبس المخيط و التظليل سائرا و عدم استحباب رفع الصوت بالتلبية لها و لبس الحرير على الخلاف ظاهر و لا محكي و للصحيح الآتي تصنع كما يصنع المحرم و لا يمنعها الحيض و ما في معناه من الإحرام لكن لا تصل له شهر للصحاح و غيرها منها عن الحائض تحرم و هي حائض قال نعم تغتسل و تحتشي و تصنع كما يصنع المحرم و لا تصل و مقتضاه كغيره أنها كالطاهر غير أنها لا تصلي سنة الإحرام فتغتسل أيضا خلافا لبعضهم فيه و

هو ضعيف و لو كان الميقات مسجد الشجرة أحرمت منه اجتيازا فإن تعذر أحرمت من خارجه و عليه يحمل النهي عن دخولها المسجد في الموثق أو على الدخول مع اللبث أو على الكراهة كما قيل و لو تركته أي الإحرام من الميقات ظنا أو لظنها أنه لا يجوز لها الإحرام حتى جاوزت الميقات رجعت إلى الميقات وجوبا و أحرمت منه مع الإمكان لتوقف الواجب عليه فيجب مقدمة و للصحيح فإن كان عليها مهملة فلترجع إلى الوقت و لتحرم منه و لو دخلت مكة فكذلك ترجع إلى الميقات أيضا مع الإمكان فإن تعذر الرجوع أحرمت من أدنى الحل و لو تعذر إحرامها عنه أحرمت من موضعها للضرورة و نفي الحرج و خصوص الصحيح عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فسألتهم فقالوا ما ندري عليك إحرام أم لا و أنت حائض فتركوها حتى دخلت الحرم فقال إن كانت عليها مهلة فلترجع إلى الوقت و لتحرم منه و إن لم يكن عليها وقت فلتخرج إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها مضافا إلى ما مر في بحث المواقيت و مر ثمة أن ما اقتضته هذه الرواية من وجوب العود إلى ما أمكن من الطريق حيث يتعذر العود إلى الميقات فتوى الشهيد و يعضده حديث الميسور لا يسقط بالمعسور قيل و يمكن حملها على الاستحباب لعدم وجوب ذلك على الناسي و الجاهل مع الاشتراك في العذر و للموثق عن أناس من أصحابنا حجوا بامرأة معهم فقدموا إلى الوقت و هي لا تصلي فجهلوا أن مثلها ينبغي أن يحرم فمضوا بها كما هي حتى قدموا مكة و هي طامث حلال فسألوا الناس فقالوا تخرج

إلى بعض المواقيت فتحرم منه و كان إذا فعلت لم تدرك الحج فسألوا أبا جعفر ع فقال تحرم من مكانها قد علم اللَّه نيتها انتهى و الأول أحوط إن لم يتعين لإمكان تقييد الموثقة بصورة عدم الإمكان و هو أولى من الحمل على الاستحباب سيما مع صحة سند المقيد دون الموثق

[القول في الوقوف بعرفات]
اشارة

القول في الوقوف بعرفات و النظر فيه في المقدمة و الكيفية و اللواحق

[أما المقدمة]

أما المقدمة فليشتمل على مندوبات خمسة أحدها الخروج إلى منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية عند جماعة للصحيح إذا كان يوم التروية إن شاء اللَّه تعالى فاغتسل ثم البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار ثم صل الركعتين عند مقام إبراهيم ع أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك الحديث و ليس فيه التصريح بالظهرين و غايته المكتوبة و ظاهره الظهر خاصة كما عليه جماعة و يعضده عموم الأخبار باستحباب إيقاع الإحرام عقيب فريضة خلافا الآخرين فاستحبوا الخروج إلى منى قبل صلاة الظهرين للصحيح الآخر إذا انتهيت إلى منى فقل إلى أن قال ثم تصلي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر و الإمام يصلي بها الظهر لا يسعه إلا ذلك و موسع لك أن تصلي بغيرها إن لم يتقدر و قريب منه آخر عن الوقت الذي يتقدم فيه إلى المني الذي ليس له وقت أول منه فقال إذا زالت الشمس و جمع بين الأخبار جماعة من المتأخرين بالتخيير لمن عدا الإمام و استحبوا فيه الأخذ بالقول الثاني و هو حسن بالإضافة إلى ما اختاره و للإمام لما يأتي و أما بالإضافة إلى غيره فله وجه غير أن اختيار الأول أحوط القوة احتمال ورود الأخبار الأخيرة للتقية فقد نقل القول بمضمونها عن العامة مضافا إلى اعتضاد الأول بما مر و بما استدل به له في المختلف بأن المسجد الحرام أفضل من غيره فاستحب إيقاع الفريضتين فيه ثم إن ظاهر الرواية الأخيرة أنه لا يجوز الخروج إلى

منى قبل الزوال كما صرح به الشيخ إلا لمن يضعف أو يخاف عن الزحام كالمريض و الشيخ الكبير و المرأة التي تخاف ضغاط الناس و غيرهم من ذوي الأعذار قال فلا بأس أن يتقدمه بثلاثة أيام فأما ما زاد عليه فلا يجوز على كل حال أقول و له بكلا الأمرين الموثق و هو أحوط و إن ذكر الفاضل في المنتهى أن مراد الشيخ بلا يجوز شدة الاستحباب مشعرا بدعوى الإجماع عليه و الإمام يعني أمير الحاج كما صرح به جماعة من الأصحاب يتقدم في خروجه ليصلي الظهرين بمنى للصحاح المستفيضة و إن اختلفت في التعبير بلا يسعه إلا ذلك المفيد للزوم و كما هو ظاهر الشيخ في التهذيب أو بلا ينبغي الظاهر في الاستحباب كما عليه الأصحاب و أجرى الحمل السابق في كلام الشيخ في كلامه هنا أيضا الفاضل في المنتهى و هذه الصحاح حجة على من أطلق استحباب الخروج بعد الفريضة من الأصحاب و كما يستحب الخروج في هذا اليوم يستحب إيقاع الإحرام فيه و في المنتهى أنه لا يعلم فيه خلافا و عن التذكرة الإجماع عليه خلافا لابن حمزة فأوجب الإحرام فيه قيل و لعله لورود الأمر به في الصحيح الماضي و يندفع بالأصل مع كون أكثر أوامر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 383

الخبر للندب و ثانيها المبيت بها أي بمنى للإمام و غيره حتى تطلع الفجر من يوم عرفة لبعض الصحاح المتقدمة و ثالثها أن لا يجوز وادي محسر بكسر السين و هو حد منى إلى جهة عرفة حتى تطلع الشمس على الأشهر بل قيل بتحريمه للنهي عنه في الصحيح و هو أحوط و يكره الخروج من منى للإمام و غيره قبل الفجر في المشهور

قيل للأمر بصلاته فيها في الصحيح المتقدم و للصحيح هل صلى رسول اللَّه ص الظهر بمنى يوم التروية قال نعم و الغداة بمنى يوم عرفة و فيهما نظر و لذا قيل يمكن المناقشة في الكراهة لعدم الظفر بما يتضمن النهي عن ذلك نعم لا ريب أنه خلاف الأولى و الأجود الاستدلال عليه بالنهي عن الجواز عن وادي محسر قبل طلوع الشمس فإنه بإطلاقه يشمل محل البحث و لعله لذا قيل بتحريمه هنا كما فيما سبق فالمسألة من متفرعات الخلاف السابق فتأمل و الكراهة ثابتة لكل أحد إلا للمضطر و ذوي الأعذار كالخائف و المريض فإن الضرورات تبيح المحظورات فضلا عن المكروهات قيل و للصحيح إنا مشاة فكيف يصنع فقال ع أما أصحاب الرجال فكانوا يصلون الغداة بمنى و أما أنتم فامضوا حتى تصلوا في الطريق و يستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس استحبابا مؤكدا للصحاح و في التحرير أن الأفضل لغير الإمام ذلك أيضا و لو خرج قبل طلوعها جاز لكن لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس و الإمام لا يخرج حتى تطلع الشمس و فيه نوع إشعار بوجوب ذلك على الإمام و أكثر النصوص ظاهرة في الاستحباب و في المرسل السنة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس و في الصحيح في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس قال لا بأس به الحديث فتدبر و رابعها و خامسها الدعاء عند التوجه إليها و نزولها و عند الخروج منها بالمأثور ففي الصحيح إذا توجهت إلى منى فقل اللهم إياك أرجو و إياك أدعو فبلغني أملي و أصلح لي عملي و فيه إذا انتهيت إلى منى فقل اللهم

هذه منى و هذه مما مننت بها علينا من المناسك فأسألك أن تمن علي بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا عبدك و في قبضتك و فيه إذا غدوت إلى عرفة فقف و أنت متوجه إليها اللهم إليك صمدت و إياك اعتمدت و وجهك أردت فأسألك أن تبارك لي في رحلتي و تقضي لي حاجتي و أن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني

[أما الكيفية]
اشارة

و أما الكيفية

[فالواجب فيها]
اشارة

فالواجب فيها

[النية]

النية المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقربا خاصة على الأظهر على ما مر في الطهارة أو مع الوجوب كما في التحرير و المنتهى أو مع الكون لحج التمتع أو غيره حج الإسلام أو غيره كما عن التذكرة و هما أحوط و عنها و عن السرائر الإجماع على وجوبها عندنا خلافا للعامة فلم يوجبها و الأدلة العامة عليهم حجة قيل و وقتها بعد الزوال سواء وجب الوقوف منه إلى الغروب أو كفى المسمى و يجب على الأول المبادرة إليها بعد تحقيقه فلو أخر أثم و أجزأ كما في الدروس و أشار بقوله سواء وجب الوقوف إلى آخره إلى الخلاف الآتي

[الكون بها إلى الغروب]

و الكون بها أي بعرفات اختيارا إلى الغروب المعتبر عندنا بزوال الحمرة المشرقية على ما عرفته فلا يجوز التأخير عنه إجماعا كما في كلام جماعة و للمعتبرة و فيها الصحيح و غيره قيل و ما في الخلاف و المبسوط من أن وقت الوقوف فجر يوم العيد فهو مجموع الاختياري و الاضطراري فلا يرد عليه ما في السرائر من مخالفته الإجماع و مبدؤه من زوال الشمس يوم التاسع بمعنى عدم جواز تقديمه عليه بإجماع من عدا أحمد فإنه جعله من طلوع فجره كما في المنتهى و غيره و هو الظاهر من أخبارنا فعلا و قولا و على هذا فوقته الاختياري من الزوال إلى الغروب و هل يجب الاستيعاب حتى أن أخل به في جزء منه أثم و إن تم حجه كما هو ظاهر الشهيدين و في الدروس و اللمعة و شرحها بل صريح ثانيهما أم يكفي المسمى و لو قليلا كما عن السرائر و عن التذكرة إنما الواجب اسم الحضور في جزء من أجزاء عرفة و لو

مجتازا مع النية و ربما يفهم هذا أيضا عن المنتهى إشكال و ينبغي القطع بفساد القول الأول لمخالفته لما يحكى عن ظاهر الأكثر و المعتبرة المستفيضة بل الوقوف بعد الغسل و صلاة الظهرين ففي الصحيح الوارد في صفة حج النبي ص أنه ص انتهى إلى نمرة فضرب قبة و ضرب الناس أخبيتهم عندها فلما زالت الشمس خرج رسول اللَّه ص و معه فرسه و قد اغتسل و قطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس و أمرهم و نهاهم ثم صلى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين ثم مضى إلى الموقف و وقف به و فيه فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة و هي بطن عرفة دون الموقف و دون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلى الظهر و العصر بأذان و إقامتين و إنما يعجل العصر و يجمع بينهما التفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة الحديث و في الموثق كما في كلام جماعة بل الصحيح كما في المنتهى إنما يعجل الصلاة و يجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة ثم يأتي الموقف و عليه السكينة إلى غير ذلك من النصوص و الأحوط العمل بمقتضاها و إن كان القول بكفاية مسمى الوقوف لا يخلو عن قرب للأصل النافي للزائد بعد الاتفاق على كفاية المسمى في حصول الركن منه و عدم اشتراط شي ء زائد منه فيه مع سلامته عن المعارض سوى الأخبار المزبورة و دلالتها على الوجوب غير واضحة أما ما تضمن منها الأمر بإتيان الموقف بعد الصلاتين فلا تفيد الفورية و مع ذلك منساق في سياق الأوامر المستحبة و أما ما تضمن فعله ص فكذلك بناء على

عدم وجوب التأسي و على تقدير وجوبه في العبادة فإنما غايته الوجوب الشرطي لا الشرعي و كلامنا فيه لا في سابقه للاتفاق كما عرفت على عدمه و من لم يتمكن من الوقوف بها نهارا أجزأه الوقوف بها ليلا قليلا و لو قبل الفجر متصلا به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس بلا خلاف فيه على الظاهر المصرح به في كلام جماعة و في المنتهى أنه قول علماء الإسلام كافة أقول و الصحاح به مع ذلك مستفيضة منها في رجل أدرك الإمام بجمع فقال له إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها و إن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها و قد تم حجه و نحوه غيره و في المنتهى و جاز له أن يدفع من عرفات أي وقت شاء بلا خلاف و لا دم عليه إجماعا أقول و هو ظاهر ما من الصحاح و لو أفاض و ذهب من عرفات قبل الغروب عامدا عالما بالتحريم أثم و لم يبطل حجه إجماعا على الظاهر المصرح به في بعض العبائر و في المنتهى أنه و وجوب جبره بدم قول عامة أهل العلم عدا مالك و هو الحجة مضافا إلى الصحيح عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال عليه بدنة ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق و نحوه في إيجاب البدنة و بدلها آخر و الخبر و من هذه الأخبار يستفاد الوجه في قوله و جبره ببدنة و عليه المشهور بل عن الغنية الإجماع عليه خلافا للصدوقين فبدم شاة و لم أعرف

مستنده و لكن عن الجامع و روي شاة و عن الخلاف أن عليه دما للإجماع و الاحتياط و النبوي من

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 384

ترك نسكا فعليه دم قيل و لو لم يكن في المسألة إلا هذا الخبر كان مؤيدا لقولها مع أصل البراءة عن الزائد و انصراف إطلاقه إلى الشاة انتهى و هو حسن لكن لا محيص عن المشهور بعد أن دلت عليه ما مر من النصوص و هي الحجة في قوله و لو عجز عنها صام ثمانية عشر يوما و يستفاد من الرواية الأولى جواز صوم هذه الأيام في السفر و عدم وجوب المتابعة فيها تصريحا في الأول و إطلاقا في الثاني كما فيما عداها و بالأمرين صرح جماعة خلافا للدروس فأوجب المتابعة و هو أحوط و إن لم أعرف مستنده ثم إن كل ذا إذا لم يعد قبل الغروب و إلا فالأقوى سقوطها و إن أثم للأصل و اختصاص النصوص المتقدمة المثبتة لها بحكم التبادر و غيره بصورة عدم الرجوع قبل الغروب و لو رجع بعد الغروب لم يسقط قطعا لأصالة البقاء و لا شي ء عليه لو كان في إفاضته قبل الغروب جاهلا أو ناسيا بلا خلاف أجده بل عليه في ظاهر جماعة الإجماع و عن ظاهر المنتهى و التذكرة أنه موضع وفاقا بين العلماء كافة و هو الحجة مضافا إلى الصحيح في الجاهل إن كان جاهلا فلا شي ء عليه و إن كان متعمدا فعليه بدنة و به يقيد إطلاق ما مر من المعتبرة و لو علم الجاهل أو ذكر الناسي قبل الغروب وجب عليه العود مع الإمكان فإن أخل به قيل كان كالعامد و نمرة بفتح النون و كسر الميم و فتح الراء

قيل و يجوز إسكان ميمها و هي الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف كذا في تحرير النوري و القاموس و غيرهما و في الأخبار أنها بطن عرنة و ثوية بفتح المثلثة و كسر الواو و تشديد الياء المثناة من تحت المفتوحة كما في كلام جماعة قيل بعد الضبط المذكور مع السكوت عن حال الواو مطلقا كما في السرائر و لم أظفر لها في كتب اللغة بمميز و ذو المجاز قيل و هو سوق كانت على فرسخ من عرفة بناحية كبكب و عرنة بضم العين المهملة و فتح الراء و النون قيل و في لغة بضمتين قال المطرزي واد بحذاء عرفات و بتصغيرها سميت عرينة و هي قبيلة ينسب إليها العرنيون قال و قال السمعاني إنها واد بين عرفات و منى و الأراك بفتح الهمزة كسحاب قيل هو موضع بعرفة قريب نمرة قاله في الحدائق حدود لعرفة ف لا يجزي الوقوف بها بلا خلاف أجده و به صرح في الذخيرة بل عليه الإجماع في عبائر جماعة و في المنتهى أنه مذهب الجمهور كافة إلا ما حكي عن مالك أنه لو وقف ببطن عرفة أجزأه و لزم الدم و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة ففي الصحيح وجد عرفة من بطن عرنة و ثوية و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل موقف و في الموثق و اتق الأراك و نمرة و هي بطن عرنة و ثوية و ذي المجاز فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه و في الصحيحين حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف كما عن العماني و الحلبي لكن أسقط لفظ الأقصى و كذا عن الإسكافي إلا

أنه بدل قوله إلى الموقف بقوله إلى الجبل و في المختلف و لا تنافي بين القولين يعني ما في الكتاب واحد هذين القولين لأن ذلك كله حدود عرفة لكن من جهات متعددة

[المندوب]

و المندوب أن يضرب خباءه بنمرة للصحيحين فعلا في أحدهما و أمرا في الآخر و أن يقف في السفح أي سفح الجبل أي أسفله كما عن الجوهري للخبر و في الموثق عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على الأرض فقال على الأرض مع ميسرة الجبل للصحيح و الظاهر على ما ذكره جماعة أن المراد ميسرة القادم إليه من مكة و حكى بعضهم قولا بميسرة المستقبل للقبلة قال و لا دليل عليه قال الشهيد و يكفي في القيام بوظيفة الميسرة لحظة و لو في مروره في السهل دون الحزن قيل التيسر الاجتماع و التضام المستحب كما يأتي و غير السهل لا يتيسر فيه ذلك إلا بتكلف و أن يجمع رحله و يضم أمتعته بعضها إلى بعض ليأمن عليها الذهاب و يتوجه بقلبه إلى الدعاء و يسد الخلل و الفرج الكائنة على الأرض به أي برجله و بنفسه و أهله بأن لا يدع بينه و بين أصحابه فرجة للصحيح و غيره و أن يصرف زمان الوقوف كله في الذكر و الدعاء كما يستفاد من الأخبار عن الحلبي القول بوجوبه و هو نادر و في المنتهى بعد الحكم بالاستحباب و عدم الوجوب و لا نعلم في ذلك خلافا و أن يكون حال الدعاء قائما كما هنا و في الشرائع و القواعد و غيرها و علل تارة بأنه إلى الأدب أقرب و فيه نظر و أخرى بأنه أفضل أفراد الكون الواجب لكونه أشق و أفضل

الأعمال أحمزها و عن ظاهر التذكرة الاتفاق على أن الوقوف راكبا أو قاعدا مكروهان و أنه يستحب قائما داعيا و استثنى جماعة ما لو نافى ذلك الخشوع لشدة التعب و نحوه فيستحب جالسا و لا بأس به و يكره الوقوف في أعلى الجبل لما مر و قيل المنع و فيه نظر و إن كان أحوط إلا لضرورة فلا كراهة و لا تحريم إجماعا كما عن التذكرة و للموثق فإذا كان بالموقف و كثروا كيف يصنعون قال يرتفعون الجبل و قاعدا و راكبا لما مضى

[أما اللواحق]
اشارة

و أما اللواحق فمسائل ثلاث

[الأولى الوقوف بعرفة ركن]

الأولى مسمى الوقوف بعرفة ركن فإن تركه عامدا بطل حجة إجماعا كما في كلام جماعة و عن التذكرة و في المنتهى و غيره أنه قول علماء الإسلام لفحوى الأخبار بأنه لا حج لأصحاب الأراك و أن الحج عرفة و ما ورد بخلافه شاذ مؤول و إطلاق العبارة و نحوها بل ظاهرها يقتضي عدم الفرق في الحكم بالبطلان بترك الوقوف عمدا بين قسميه الاختياري و الاضطراري حتى لو ترك الاختياري عمدا بطل الحج مطلقا و إن أتى بالاضطراري و كذا لو ترك الاضطراري عمدا حيث يفوته الاختياري مطلقا و هو الموافق للأصول لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه و ليس فيما يدل على كفاية الاضطراري عموم يشمل نحو ما نحن فيه لاختصاصه بغيره كما يأتي نعم في القواعد قصر الحكم على الاختياري فقال الوقوف الاختياري بعرفة ركن من تركه عمدا بطل حجه و هو مشعر بأن الاضطراري ليس كذلك فلو تركه حيث يتعين عليه عمدا لم يبطل حجه و لا دليل عليه و لذا قيل إنما اقتصر عليه ليعلم أنه لا يجزي الاقتصار على الاضطراري عمدا بل من ترك الاختياري عمدا بطل حجه و إن أتى بالاضطراري و هو حسن و إن كان تركه ناسيا تداركه ليلا و لو إلى الفجر متصلا به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس لما مر من الإجماع و الصحاح فيمن لا يتمكن من الوقوف نهارا أجزأه ليلا و هي و إن قصرت عن التصريح بالناسي إلا أنه مستفاد من التعليل في بعضها بأن اللَّه تعالى أعذره لعبده للنسيان فإن النسيان من أقوى الأعذار بل قيل يمكن الاستدلال به على عذر الجاهل كما هو

ظاهر اختيار الدروس و يدل عليه عموم قول النبي ص من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج و قول الصادق ع من أدرك جمعا فقد أدرك الحج و هو حسن حيث يكون الجهل عذرا بأن يكون ساذجا لم يشبه تقصيرا أصلا و إلا فمشكل و لعل في اشتراط العبارة النسيان إشعارا باختصاص الحكم به و لا ينافيه اشتراط التعمد في البطلان سابقا لاحتمال كون الجهل المشوب بالتقصير عند المصنف عمدا ثم إن وجوب التدارك ليلا إنما هو مع الإمكان و يتحقق بعلمه بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 385

لو وقف بها كما قدمنا و كذا لو ظن ذلك كما في صريح الأخبار و ينتفي بظن الخلاف كما فيها و في تحققه باحتمال الأمرين على السواء إشكال بل قولان و مفهوم اشتراط الظن في الأخبار متعارضة فلم يبق فيها ما يدل على شي ء من القولين و إن توهم لأحدهما و هو نفي الإمكان بذلك و الاجتزاء بالمشعر نعم في بعض الأخبار ما يرشد إليه و فيه إن ظن أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات و إن خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع ثم ليقض مع الناس فقد تم حجه و إطلاقه صدرا و ذيلا مفهوما و منطوقا دال على ذلك إلا أنه قاصر سندا لكن لا بأس به و اللَّه سبحانه أعلم و لو فاته التدارك ليلا أيضا اجتزأ بالوقوف بالمشعر إجماعا بسيطا كما في كلام جماعة و عن الانتصار و الخلاف و الغنية و الجواهر و مركبا كما في المنتهى و عن الانتصار أيضا فإن من أوجب الوقوف بالمشعر أجمع على الاجتزاء باختياريته إذا فات الوقوف بعرفة لعذر و هو

الحجة مضافا إلى الصحاح المستفيضة المتقدم إليها الإشارة

[الثانية لو فاته الوقوف الاختياري]

الثانية قد ظهر مما سبق أنه لو فاته الوقوف الاختياري بعرفة لعذر مطلقا و خشي طلوع الشمس من يوم النحر لو رجع و الأولى وقف و أتى و نحوهما إلى عرفات ليتدارك الوقوف ليلا اقتصر على الوقوف ب المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس و كذا لو نسي الوقوف بعرفات أصلا أي نهارا و ليلا اجتزأ بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس و لو أدرك عرفات قبل الغروب و لم يتفق له المشعر حتى طلعت الشمس من يوم النحر أجزأه الوقوف به أي بالمشعر و لو قبل الزوال من يومه بغير خلاف أجده بل عليه الإجماع في المنتهى و في التذكرة و في التنقيح و غيره بلا خلاف للصحيح أو ما يقرب منه في رجل أفاض من عرفات إلى منى قال فليرجع فليأت جمعا فيقف بها و إن كان الناس أفاضوا من جمع و نحوه الموثق و كذا لو عكس فأدرك اختياري المشعر و اضطراري عرفة أجزأه بلا خلاف كما في التنقيح و غيره مشعرين بالإجماع كما في صريح المنتهى و عن الانتصار و الخلاف و الجواهر و التذكرة و عموم أخبار من أدرك المشعر فقد أدرك الحج و هي صحاح مستفيضة و سيأتي إلى جملة منها الإشارة و خصوص الصحاح المستفيضة المتقدمة فيمن لم يتمكن من الوقوف بعرفة نهارا أجزأه الوقوف بها ليلا و هي صريحة في إجزاء اختياري المشعر وحده و عليه الإجماع في كلام جماعة و في إجزاء اختياري عرفة وحده إشكال ذكره الفاضل في المنتهى و التحرير و حكي عنه في التذكرة قيل من عموم الصحيح إذا فاتك المزدلفة فقد فاتك الحج و في المرسل

الوقوف بالمشعر فريضة و الوقوف بعرفة سنة و الخبر و إن لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة و لا حج له و مما اشتهر من النبوي الحج عرفة لكن لم نره مسندا من طريقتنا و الحسن الحج الأكبر الموقف بعرفة و رمي الجمار و الأخبار فيمن جهل فلم يقف بالمشعر حتى فاته أنه لا بأس و فيمن تركه متعمدا أن عليه بدنة و هي خيرة الجامع و الإرشاد و التبصرة و الدروس و اللمعة أقول بل المشهور كما في كلام جماعة و عزاه إلى الأصحاب في الذخيرة مشعرا بعدم الخلاف فيه كما هو ظاهر المختلف و الدروس أيضا و صرح به جماعة و لا ينافيه تردد العلامة فإنه و إن تردد أولا إلا أنه فيما وقف عليه من الكتابين الأولين صرح بما عليه الجماعة ثانيا فقال و لو نسي الوقوف بالمشعر فإن كان قد وقف بعرفة صح حجه و إلا بطل و عليه فلا إشكال في المسألة سيما و أن في الأخبار الأدلة التي أتى بها وجها للمنع مناقشة لقصور أسانيدها جملة حتى الرواية الأولى التي وصفها بالصحة فإن في سندها على ما وقفت عليه قاسم بن عروة و حاله بالجهالة معروفة نعم منطوقها مفهوم من أخبار صحيحة منها من أدرك جمعا فقد أدرك الحج لكن دلالتها كمنطوق الرواية بالعموم كما ذكره فيحتمل التخصيص بما إذا لم يدرك اختياري عرفة و يتعين جمعا بين الأدلة و حيث كفى اختياري أحدهما في صحة الحج فاختياريهما معا أولى فهذه صور خمس لا خلاف يعتد به و لا إشكال في إدراك الحج بكل منها اختياريهما و اختياري أحدهما مع اضطراري الآخر و بدونه و بقي

ثلاث صور آخر اضطراريهما معا و اضطراري أحدهما أما اضطراري عرفة صح وحده فلا يجزي بلا خلاف أجده إلا من إطلاق عبارة الإسكافي خاصة و لكن قيل مراده اضطراري المشعر خاصة و لعله لذا ادعى عليه عدم الكفاية الإجماع جماعة و أما الصورتان الأخريان ففيهما خلاف أشار إليه في إحداهما بقوله

[الثالثة لو لم يدرك عرفات نهارا و أدركها ليلا و لم يدرك المشعر فقد فاته الحج]

الثالثة لو لم يدرك عرفات نهارا و أدركها ليلا و لم يدرك المشعر الحرام حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج وفاقا للمحكي عن ظاهر النهاية و المبسوط للنصوص المستفيضة القائلة إلا من لم يدرك الناس بمشعر قبل طلوع الشمس من يوم النحر فلا حج له فإنها بعمومها تشتمل محل النزاع بل و ما إذا أدرك اختياري عرفات أيضا لكنه خرج بالإجماع و بقي الباقي لكنها معارضة بالصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة القائلة إلا من أدرك المشعر قبل زوال الشمس من يوم النحر فقد أدرك الحج و تقييدها بمن أدرك اختياري عرفات خاصة ليس بأولى من تقييد تلك بصورة عدم إدراك عرفة مطلقا و لو اضطراريها بل هذا أولى لرجحان المعارضة بالكثرة و الشهرة و اعتبار الأسانيد جملة مع كون صحاحها مستفيضة بخلاف تلك لضعف أسانيدها جملة عدا صحيحة واحدة و هي و إن صح سندها لكنها ظاهرة في عدم إدراك عرفات بالكلية فإن فيها عن رجل فاته الموقفان جميعا فقال له إلى طلوع الشمس يوم النحر فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج و يجعلها عمرة فعليه الحج من قابل و نحن نقول بها في هذه الصورة كما ستعرفه هذا مضافا إلى خصوص الصحيح الصريح إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات و لم يدرك الناس بجمع و

وجدهم قد أفاضوا فليقف بالمشعر قليلا و ليلحق الناس بمنى و لا شي ء عليه و حينئذ فالأصح ما قيل بأنه يصح حجه مطلقا و لو أدركه أي المشعر قبل الزوال من يوم النحر و القائل الأكثر و منهم الصدوق و الإسكافي و المرتضى و الحلبيان فيما حكي و أكثر المتأخرين بل عامتهم و ظاهر الأولين و جملة من الآخرين كفاية إدراك اضطراري المشعر خاصة لعموم الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة المتقدم إليها الإشارة بل خصوص بعضها و هو الصحيح فيمن قال إني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا فقال إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج لكنه ليس بصريح بل قيل ظاهر في إدراك عرفات أو مجمل فيه فسبيله كما عداه و مع ذلك معارض بالصحيحية السابقة المضاهية لهذه الصحيحة فيما يوجب الخصوص من التعبير في السؤال بمن فاته الموقفان جميعا و تعلق الجواب بأنه لا حج له إذا أدرك اضطراري المشعر خاصة مضافا إلى صحيحة أخرى أظهر من هذه الصحيحة بل لعلها صريحة فيما تضمنته عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلة فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات و إن قدم و فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن اللَّه تعالى أعذر لعبده و قد تم حجة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 386

إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فيجعلها عمرة مفردة و عليه الحج من قابل فلم يبق إلا عموم ما عداه و هو

معارض بعموم النصوص المقابلة في المسألة السابقة القائلة إن من لم يدرك المشعر قبل طلوع الشمس فلا حج له لكنها ضعيفة الأسانيد كما عرفت و مع ذلك ظاهر عمومها مخالف للإجماع لشموله ما إذا أدرك اختياري عرفة و لا كذلك عموم الصحاح لموافقتها بعمومها لما عرفت من فتوى هؤلاء الجماعة و لا ريب أن هذا العموم أولى من العموم السابق سيما مع الأولوية عددا و سندا كما مضى فيترجح ما عليه هؤلاء خلافا للأكثر فمنعوا عن ذلك و لعله لخصوص الصحيحة الأخيرة فإنها أوضح دلالة من الصحاح المقابلة فلتحمل على ما إذا أدرك اختياري عرفة أو اضطراريها حمل المطلق على المقيد أو الخاص على العام هذا مضافا إلى الشهرة الجائزة للنصوص المقابلة في مفروض المسألة المعاضدة لهذه الصحيحة الصريحة و بذلك تترجح هذه النصوص على ما عارضها من الصحاح مع أن في العمل بعمومها إطراحا لتلك النصوص طرا و لا كذلك العكس فإن غايته تقييد الصحاح بمن أدرك عرفات و هو أهون بالإضافة إلى طرح النص و لا يقدح عمومها لما أدرك عرفات مطلقا بعد وجود الدليل على تخصيصها بما إذا لم يدركها أصلا كما هو ظاهر الصحيح منها فما عليه الأكثر أظهر سيما و في صريح المختلف و التنقيح و المنتهى كما حكى الوفاق عليه و هو حجة أخرى عليه جامعة كالصحيحة المتقدمة بين الأخبار المتعارضة بتقييد الصحاح منها بمن أدرك عرفات مطلقا و لو اضطراريها و الضعيفة بما إذا لم يدركها كذلك و قد تلخص مما ذكرنا أن أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري و الاضطراري ثمانية و كلها مجزئة إلا الاضطراري الواحد منها كما عليه جماعة و منهم الشهيد في الدروس و اللمعة

[القول في الوقوف بالمشعر]
اشارة

القول في الوقوف بالمشعر و النظر في مقدمته و كيفيته و لواحقه

[المقدمة]

فالمقدمة تشتمل على مندوبات خمسة الاقتصاد و التوسط في السير إلى المشعر بسكينة و وقار كما في الصحيح سائلا العتق من النار كما فيه مستغفرا كما فيه و في الآية و الدعاء عند الكتيب الأحمر عن يمين الطريق بقوله اللهم ارحم موقفي و زدني عملي و سلم لي ديني و تقبل مناسكي كما في الصحيح و تأخير المغرب و العشاء إلى المزدلفة و لو صار ربع الليل بل ثلثه كما في الصحيح و في المنتهى و عن التذكرة أن عليه إجماع أهل العلم كافة و لعل الاقتصار على الربع كما هنا و في الشرائع و عن الهداية و المقنعة و المراسم و الجمل و العقود و الخلاف نظرا إلى أخبار توقيت المغرب إليه و حمل الثلث على أن يكون الفراغ من العشاء عنده و في الموثق و إن مضى من الليل ما مضى و لعله بمعنى و إن مضى منه ما مضى بشرط بقاء وقت الأداء و قد يكون مما أشار إليه الشيخ فيما حكي عنه في الخلاف بقوله و روي إلى نصف الليل و يقرب منه قول ابن زهرة لا يجوز أن يصلي العشاءان إلا في المشعر إلا أن يخاف فوتهما بخروج وقت المضطر و يجوز تنزيل الموثق على الغالب من ذهاب ربع الليل أو ثلاثة و ظاهر ابن زهرة وجوب التأخير كما عن الشيخ و العماني أيضا و هو ظاهر النهي في المعتبرين السابقين و إنما حمله الأصحاب على الكراهة جمعا بينهما و بين الصحيحين المتضمن أحدهما لنفي البأس أن يصلي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة و ثانيهما ما يقرب من

الأول فعلا و في المختلف الظاهر أن قصد الشيخ الكراهة دون التحريم و كثيرا ما يطلق على المكروه أنه لا يجوز و الجمع بينهما أي بين صلاتي المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين بإجماعنا كما هو ظاهر التذكرة و الخلاف و الكافي و المنتهى و غيرها للصحاح و على هذا فيستحب تأخير نوافل المغرب عن وقتها حتى يصلي العشاء فيصليها قضاء فإنه مع تقديمها ينتفي الجمع المستحب هذا مضافا إلى بعض المعتبرة عن الركعات التي بعد المغرب ليلة المزدلفة فقال صلها بعد العشاء الآخرة أربع ركعات و نحوه آخر بمعناه

[في الكيفية]
اشارة

و في الكيفية واجبات و مندوبات

[الواجبات]
اشارة

فالواجبات

[النية]

النية كما مر في عرفة و كل عبادة و ينوي أن وقوفه لحجة الإسلام أو غيرها كما عن التذكرة و هل يجب مقارنتها اختيارا الطلوع الفجر و استدامة حكمها إلى طلوع الشمس أم يجوز إيقاعها في أي جزء من هذا الزمان أريد أو قطعها متى أريد قطعها متى أريد وجهان مبنيان على وجوب استيعاب هذا الزمان اختيارا بالوقوف و عدمه قيل و الوجه العدم كما في السرائر للأصل من غير معارض بل استحباب تأخيره من الصلاة كما سيأتي و سيأتي استحباب الإفاضة قبل طلوع الشمس و جواز وادي محسر قبله و ظاهر الفخرية و الدروس الأول و تبعهما عليه جماعة و ليس بجيد انتهى و إلى ما استوجهه يميل في الذخيرة لكن احتاط بما ذكره الجماعة و هو حسن و عليه فيكون حال الوقوف هنا كما مر في عرفة من أن الواجب فيه المسمى ثم إن كان الوقوف ليلا فهل يجب استيناف النية بعد الفجر وجهان قيل مبنيان على كون الوقوف بالليل احتياطا و عدمه و في الدروس أن الأولى الاستيناف و كذا في الروضة

[الوقوف به]

و الوقوف به أي بالمشعر وحده ما بين المأزمين إلى الحياض أي وادي محسر بغير خلاف ظاهر مصرح به في الذخيرة و في غيرها الإجماع بل في المنتهى لا نعلم فيه خلافا للصحيح و المرسل و يوافقهما معتبرة أخرى و في الصحيح حدها يعني المزدلفة ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسر قيل و كان الجبل من الحدود الدالة و المأزمان بكسر الزاي و الهمزة و يجوز التخفيف بالقلب ألفا الجبلان بين عرفات و المشعر و المأزم في الأصل المضيق بين الجبلين و عليه فلو وقف بغير المشعر اختيارا

أو اضطراريا لم يجزئ و لكن يجوز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام بلا خلاف على الظاهر المصرح به في جملة من العبائر و في الغنية و غيرها الإجماع للموثق فإذا أكثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون إلى المأزمين قلت فإذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى الجبل الخبر و لعل السياق مضافا إلى فهم الأصحاب قرينة على كون إلى هنا بمعنى على فيكون استثناء للمأزمين و الجبل و إرشادا إلى دخولهما فيما يوقف عليه و لكن ضرورة و يكره لا معه كما هنا و في الظاهر المختلف و صريح الدروس و غيره بل عزي إلى المشهور مع أن ظاهر الأكثر عدم الجواز كما في صريح الغنية و عن القاضي و لعله للصحيحة المتقدمة حيث جعل فيها الجبل من حدود المشعر الخارجة عن المحدود و خرج حال الضرورة و بقي حال الاختيار فتأمل و لا ريب أن عدم الجواز إلا مع الضرورة أحوط سيما و في الغنية الإجماع عليه و وقت الوقوف بالمشعر للمختار واحد و هو على المشهور ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من يوم النحر و للمضطر اثنان أحدهما على الأشهر من طلوع الشمس إلى الزوال و الثاني من أول ليلة النحر إلى الفجر و قد يعبر عنهما بواحد فيقال من أول ليلة النحر إلى الزوال كما في المنتهى و يقابل الأشهر في الأول ما قيل من أنه أول ليلة النحر إلى طلوع الشمس إلا أن على مقدمة على الفجر دم شاة و في الثاني ما عن السيد من امتداد الاضطراري إلى غروب الشمس يوم النحر و هذان القولان نادران بل على خلافهما

الإجماع في المدارك و غيره قيل بعد نقل نحو ما قلنا و المحصل أنه لا خلاف في أنه لا خلاف في أنه من الفجر إلى طلوع الشمس اختياري

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 387

و أن ما بعد طلوع الشمس اضطراري و أما الكلام فيما قبل الفجر في الدروس أنه اختياري لإطلاق الصحيح في المتقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار و يصلون في منازلهم لا بأس و إطلاق الحسن و إن كان أفاض من طلوع الفجر فعليه دم شاة مع السكوت من أمره بالرجوع و إطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس أدرك الحج و هو ظاهر الأكثر لحكمهم بجبره بشاة فقط حتى أن في المنتهى اتفاق من عدا الحلي على صحة الحج مع الإفاضة من الفجر قبل المشعر عمدا اختيارا و فيه مع ذلك و في الكافي أنه اضطراري و قد يستظهر من جمل العلم و العمل و ما سمعته من المنتهى قرينة على أنه إنما أراد بالاضطراري ما لم يأثم باختياره و إن أجزأه و يحتمله الحمل في الكافي و لكن الشيخ في الخلاف و الحلي لم يجتزئ به للمختار و نص الحلي على بطلان حجه بناء على أن الوقوف بعد الفجر ركن فيبطل بتركه و منعه في المختلف و المنتهى و قيل المحقق إجزاء المختارية بما إذا أدرك عرفات و هو يعطي الاضطرارية و يجوز أن يكون إشارة إلى تقييد كلام الأصحاب و الأخبار و ليس بعيدا أقول و أشار بتقييد المحقق إجزاء المختارية إلى آخره بما ذكره هنا و في الشرائع من قوله و لو أفاض قبل الفجر عامدا عالما لما جبره بشاة لم يبطل حجه إن كان وقف بعرفات اختيارا ثم

في كلام القيل بقي الكلام في أن آخر الاضطراري زوال يوم النحر أو غروبه فالمشهور الأول و في المختلف الإجماع عليه و الأخبار ناطقة به و في السرائر و عن انتصار السيد الثاني و يوافقه المنتهى في نقله عن السيد و ليس في الانتصار إلا من فاته الوقوف بعرفة فأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج و ليس نصا و لا ظاهرا في ذلك و لذا ذكر في المختلف أن النقل غير سديد قلت و على القول به فلعل دليله الأخبار المطلقة نحو من أدرك المشعر فقد أدرك الحج و ضعفه ظاهر فإن الكلام في إدراك المشعر فإنه بمعنى إدراك الوقوف به أي ما يكون وقوفا به شرعا مع المعارضة بالأخبار المقيدة انتهى كلامه عليه الرحمة و إنما نقلناه بطوله بجودة مفاده و حسن محصوله مع تكفله لشرح ما في المتن هنا و سابقا بتمامه لكن هنا قول آخر الغنية لم يتعرض له و هو أن الاختياري ليلة النحر و الاضطراري من طلوع فجره إلى شمسه و هو غريب و اعلم أن ليس في المتن دلالة على وجوب المبيت بالمشعر و عن ظاهر الأكثر وجوبه و عن التذكرة العدم و الأول أحوط إن لم يكن أظهر للتأسي و الصحيح لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة و على القولين لا يجوز الإفاضة من المشعر ليلا إلا للمرأة مطلقا و الخائف و كل ذي عذر فيجوز أما الأول فللإخلال بالواجب من الوقوف بعد الفجر و أما الثاني فللإجماع الظاهر المصرح به في عبائر جماعة مضافا إلى الصحاح المستفيضة و غيرها و انتفاء الحرج شرعا و في المنتهى أنه قول كل من يحفظ منه العلم و لا يحتاج

إلى جبره بلا خلاف قيل و لا بد لهم من الوقوف و لو قليلا كما نصت عليه الأخبار فعليهم النية و الأولى أن لا يفيضوا إلا بعد انتصاف الليل إن أمكنهم كما في الصحيح انتهى و لا بأس به

[الندب]

و الندب صلاة الغداة قبل الوقوف الواجب و نيته كما هنا و في الشرائع و عن المقنع و الهداية و الكافي و المراسم و جمل العلم و العمل للصحيح أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر وقف إن شئت قريبا من الجبل و إن شئت حيث تبيت قيل و المراد بالوقوف هنا القيام للدعاء و الذكر و أما الوقوف المتعارف بمعنى الكون فهو واجب من أول الفجر فلا يجوز تأخيره بنيته إلى أن يصلي و فيه نظر لمخالفته لظاهر نحو العبارة بل صريح جملة كعبارة المنتهى فإنه قال و يستحب أن يقف بعد أن يصلي الفجر و لو وقف قبل الصلاة إذا كان قد طلع الفجر أجزأه و نحوه عن التذكرة و في التحرير و لو وقف قبل الصلاة جاز إذا كان الفجر طالعا هذا مع عدم وضوح دلالة الأخبار و كلام كثير على ما ذكره من وجوب الوقوف بنيته عند الفجر و قد سبق إليه الإشارة و الدعاء بنحو ما في الصحيح فإذا وقفت فأحمد اللَّه عز و جل و أثن عليه و اذكر من آلائه و بلائه بما قدرت عليه و صل على النبي ص ثم ليكن من قولك اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار و أوسع على من رزقك الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس اللهم أنت خير مطلوب و خير مدعو و خير مسئول و لكل وافد

جائزة فاجعل لي جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي و تقبل معذرتي و أن تجاوز عن خطيئتي ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي و غير ذلك من الدعاء المرسوم و أن يطأ الصرورة أي الذي لم يحج بعد المشعر برجله كما في الخبر و في الصحيح و انزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر أو يطأ برجله كما عن التهذيب و المصباح و مختصره و ظاهر أن المراد بالمشعر هنا ما هو أخص من المزدلفة و فسر بجبل قرخ في المبسوط و الوسيلة و الكشاف و المغرب و غيرها على ما حكاه عنهم بعض الأجلة قال و هو ظاهر الآية و الأخبار و الأصحاب فإن وطء المزدلفة واجب و ظاهر الوقوف عليه غير الوقوف به و لا اختصاص للوقوف بالمزدلفة بالصرورة و بطن الوادي من المزدلفة فلو كانت هي المشعر الحرام و لم يكن للقرب منه مضى و كان الذكر فيه لا عنده و في الدروس عن الإسكافي أنه يطأ برجله أو بغيره المشعر الحرام قرب المنارة قال و الظاهر أنه المسجد الموجود الآن و ضعف بأنه لو أريد المسجد كان الأظهر الوقوف به أو دخوله لا وطؤه و الوقوف عليه قيل و يمكن حمل كلام الإسكافي عليه أي على جبل قرخ كما يحتمل كلام من قيد برجله استحباب الوقوف بالمزدلفة راجلا بل حافيا لكن ظاهرهم متابعة الصحيح و هو كما عرفت ظاهر في الجبل انتهى و هو حسن إلا أن المستفاد من بعض الصحاح و كلام أهل اللغة كما قيل إن المشعر هو مزدلفة و جمع و لذا قيل الظاهر اشتراك المشعر بين المعنيين

و لكن الظاهر أن المراد به هنا هو المعنى الأول لما مر و قيل يستحب الصعود على قرخ زيادة على مسمى وطئه و ذكر اللَّه تعالى عليه للنبويين العاميين و لضعفهما نسبه إلى القيل مشعرا بتمريضه و القائل الشيخ في المبسوط و تبعه الفاضل في جملة من كتبه و لا بأس به ثم كلام الماتن هنا و في الشرائع و الفاضل في الإرشاد و القواعد و غيرهما نص في مغايرة الصعود على قرخ لوطي المشعر و هو ظاهر عبارة المبسوط المحكية بل صريحها أيضا و عن ظاهر الحلبي و من اتحاد المسألتين و يستحب لمن عدا الإمام الإفاضة من المشعر قبل طلوع الشمس بقليل كما في الشرائع و القواعد و التحرير و عن النهاية و المبسوط للخبرين أحدهما الموثق أي ساعة أحب إليك الإفاضة من جمع فقال قبل أن تطلع الشمس بقليل فهي أحب الساعات إلى قالا فإن مكثنا حتى تطلع الشمس فقال ليس به بأس و في المنتهى لا نعلم خلافا فيه و إطلاقها و إن شمل الإمام أيضا لكنه مستثنى بما يأتي و أن لا يتجاوز محسرا حتى تطلع الشمس للنهي عنه في الصحيح و ظاهره التحريم كما عن صريح القاضي و ظاهر الأكثر و هو أحوط خلافا لصريح العبارة و المختلف و المنتهى و التذكرة كما حكي و يستحب و بمعناه يكره أن يجوزه إلا بعده كما عن السرائر قيل للأصل و احتمال النهي في الخبر الكراهة و فيه نظر و الهرولة و هي الإسراع في

المشي للماشي و تحريك الدابة للراكب في الوادي أي وادي محسر للصحاح و غيرها و في المنتهى و التذكرة كما حكي لا نعلم فيه خلافا و في

غيرهما إجماع العلماء مائة خطوة كما في الصحيح و مائة ذراع كما في غيره داعيا

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 388

بالمرسوم في الصحيح فيقول اللهم سلم لي عهدي و اقبل توبتي واجب دعوتي و اخلفني بخير فيما تركت بعدي و لو نسي الهرولة حتى تعدى الوادي رجع فتداركها للصحيح و غيره و ليس فيها تقييد الترك بالنسيان بل مطلق الترك و لو جهلا بل و عمدا فتركه كما في عبائر جمع أولى و الإمام يتأخر بجمع فلا يفيض منها حتى تطلع الشمس للمرسل ينبغي للإمام أن يقف بجميع حتى تطلع الشمس و سائر الناس إن شاءوا عجلوا و إن شاءوا أخروا و ظاهره الاستحباب كما هو الظاهر و عن صريح السرائر و التذكرة و المنتهى و التحرير و الدروس قيل و صريح النهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذب و الاقتصاد الوجوب و هو ظاهر الجمل و العقود و الغنية و الجامع و أوجبه الصدوقان و المفيد و سلار و الحلبي مطلقا من غير فرق بين الإمام و غيره و استحبه الحلي و الشيخ في المصباح مطلقا لإطلاق الحسن ثم أفض حين يشرق لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها و يجوز أن يراد بالخبر و بكلامهم تأخير الخروج من المشعر و هو جواز وادي محسر وجوبا أو استحبابا و أوجب الصدوقان شاة على من قدم الإفاضة على طلوع الشمس أقول و هذه الأقوال بظاهرها خلاف ما يظهر من الجمع بين الأخبار و لا سيما القول بالوجوب منها في الجملة أو مطلقا و عن التذكرة و المنتهى الإجماع على أنه لو وقع قبل الأسفار بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوما إجماعا

[اللواحق]
اشارة

و اللواحق أمور ثلاثة

[الأول الوقوف بالمشعر ركن]

الأول الوقوف بالمشعر الحرام ركن عندنا فمن لم يقف به ليلا و لا بعد الفجر عامدا بطل حجه بإجماعنا و أخبارنا منه إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج بل هو أعظم من الوقوف بعرفة لثبوته في نص الكتاب كما في المرسل كالموثق الوقوف بالمشعر فريضة و الوقوف بعرفة سنة خلافا للمحكي عن أكثر العامة و عن الإسكافي و التهذيب أنه إن تعمد ترك الوقوف به فعليه بدنة و في المختلف و هذا الكلام يحتمل أمرين أحدهما أن من ترك الوقوف بالمشعر الذي حده ما بين المأزمين إلى الحياض و إلى وادي محسر وجب عليه بدنة و الثاني من ترك من ترك الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل فإنه يستحب الوقوف عليه عند أصحابنا وجب عليه بدنة و كلا الاحتمالين خلاف لما ذكره علمائنا فإن أحدا من علمائنا لم يقل بصحة الحج مع ترك الوقوف بالمشعر عمدا مختارا و لم يقل أحد منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل و إن تأكد استحباب الوقوف به قال و حمل كلامه على الثاني أولى لدلالة سياق كلامه عليه قال و يحتمل ثالث و هو أن يكون قد دخل المشعر الذي هو الجبل ثم ارتحل متعمدا قبل أن يقف مع الناس مستخفا للصحيح من أفاض من عرفات فلم يلبث معهم بجمع و مضى إلى منى متعمدا مستخفا فعليه بدنة و يضعف بأن المناسب للخبر أن يكون دخل جمعا لا الجبل و الأولى حمل الخبر و كلامهما على إدراك مسمى الوقوف ليلا و الإفاضة قبل وقته لا طلوع الفجر و قد تقدم أن عليه شاة و لم يبطل حجه و لذا قيد الماتن

البطلان بما إذا لم يقف به ليلا مؤذنا بصحة الحج مع الوقوف به ليلا كما مضى و لكن يشكل إيجاب البدنة و الأظهر الأشهر الشاة كما قدمناه و لا يبطل الحج بتركه و لو كان ناسيا إذا كان وقف بعرفات اختيارا على الأشهر الأقوى كما قدمنا و إذا وقف بها اضطرارا لم يصح حجه إجماعا كما مضى و إطلاق العبارة و نحوها يقتضي عدم الفرق في بطلان الحج بتعمد ترك الوقوف بالمشعر بين العالم و الجاهل و به صرح بعض وفاقا للشيخ في التهذيب لإطلاق ما مر من النص مضافا إلى الأصل لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه فيبطل و هو حسن لو لا الصحيح في رجل لم يقف بالمزدلفة و لم يلبث بها حتى أتى منى فقال أ لم ير الناس إلى أن قال قلت فإنه جهل ذلك قال يرجع قلت إن ذلك قد فاته قال لا بأس و نحوه المرسل إلا أن الشيخ ره حملها على تارك كمال الوقوف جهلا و قد أتى باليسير منه و استشهد عليه بخبرين ضعيفي السند قاصري الدلالة و لو فاته الموقفان جميعا بطل الحج و لو كان الفوت ناسيا بالنص و إجماع العلماء على ما حكاه بعض أصحابنا مضافا إلى الأصل الذي مضى الإشارة إليه قريبا

[الثاني من فاته الحج سقطت عنه أفعاله]

الثاني من فاته الحج سقطت عنه بقية أفعاله من الهدي و الرمي و المبيت بمنى و الحلق أو التقصير فيها و له المضي من حينه إلى مكة و الإتيان بأفعال العمرة و التحلل و لكن يستحب له الإقامة بمنى إلى اقتضاء أيام التشريق كما في الصحيح ثم يتحلل بعمرة مفردة كما فيه و في الصحاح المستفيضة منها أيما حاج سائق للهدي

أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم و قد فاته الحج فليجعلها عمرة و عليه الحج من قابل و عن التذكرة و المنتهى و في غيرهما الإجماع عليه و لذا قطع الفاضل في التحرير و غيره بأنه لو أراد البقاء على إحرامه إلى القابل ليحج به لم يحجه قيل و استظهره في التذكرة و المنتهى و جعله الشهيد أشبه و هل عليه نية الاعتمار أم ينقلب الإحرام إليه قهرا حتى لو أتى بأفعالها من غير نية الاعتمار لكفى قيل قطع بالأول في التحرير و التذكرة و المنتهى و أسند فيهما خلافه إلى بعض العامة و يدل عليه الاستصحاب و إنما الأعمال بالنيات و ظاهر الأمر يجعلها عمرة في الصحاح و جعله الشهيد أحوط و احتمل الثاني للأصل و ظاهر قولهم في جملة من الأخبار المتضمنة للصحيح و غيره فهي عمرة مفردة كما في الثاني أو يطوف أو يسعى بين الصفا و المروة كما في الأول و وافقه في الذخيرة مجيبا عن الأمر بجعلها عمرة بأن المفهوم من هذا الأمر الإتيان ببقية أفعال العمرة لا الإتيان بالنية و هو حسن لكن دلالة أخبار المقابلة على عدم اعتبار النية أيضا غير واضحة فإذا المسألة لا تخلو عن ريبة و الأصل يقتضي اعتبارها بلا شبهة ثم يقضي الحج في القابل واجبا إن كان واجبا عليه وجوبا مستقرا مستمرا و إلا فندبا بلا خلاف أجده في المقامين و به صرح في الثاني في الذخيرة و غيرها و بالإجماع في الأول صرح في كلام جماعة و هو الحجة مضافا إلى الأصل في الثاني و الصحاح المشار إليها في الأول لكنها مطلقة بأن عليه الحج من قابل و لكن

قيدها الأصحاب بالمقام الأول مدعيين الإجماع عليه و أما الخبر أو الصحيح كما قيل في قوم قدموا يوم النحر و قد فاتهم الحج إنه يهريق كل واحد منهم دم شاة و يحلون و عليهم الحج من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم و إن أقاموا حتى يمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا و اعتمروا فليس عليهم الحج من قابل فقال الشيخ يحتمل أن يكون مختصا بمن اشترط حال الإحرام فإنه إذا كان اشترط لم يلزمه الحج من قابل و إن لم يكن قد اشترط لزمه ذلك في العالم المقبل و استشهد له بالصحيح عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلى يوم النحر فقال يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حين يدخل مكة فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة و يحلق رأسه و ينصرف إلى أهله إن شاء و قال هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه و إن لم يكن اشترط فإن عليه الحج من قابل و فيه ما في كلام جماعة من أن الفائت إن كان مستحبا لم يجب القضاء و إن لم يشترط و كذا إن لم يستقر و لا استمر وجوبه و إن كان واجبا مستقرا أو مستمرا وجب و إن اشترط فالوجه حمل هذا الخبر بعد الإغماض عن سنده على شدة استحباب القضاء إذا لم يشترط و كان مندوبا أو غير مستقرا لوجوب و لا مستمرة ثم مقتضى الأصل و ظاهر الصحاح و غيرها الواردة في بيان الحاجة الساكنة عن إيجاب عدمه كما هو ظاهر الأكثر بل المشهور

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 389

خلافا للمحكي عن نادر فأوجبه لما مر من الخبر و لأنه

حل قبل تمام إحرامه كالمحصر و ضعفه ظاهر فإنه يتم الأفعال لكنه يعدل و الخبر محمول على الندب لما مر مع ما في الراوي من الكلام نعم روى الصدوق في الصحيح نحو ما فيه إلا أنه قال فيه يقيم بمكة على إحرامه و يقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت و يسعى و يحلق رأسه و يذبح شاته ثم ينصرف إلى أهله ثم قال هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه فإن لم يشترط فإن عليه الحج و العمرة من قابل إلا أن لفظ شاته بالإضافة مشعر بأنه كان معه شاة عينها للهدي و يحتمل أن يكون فتيا لرجل بعينه و قد يكون نذر الشاة للهدي و يحتمل الاستحباب مع أن ظاهره هو جواز الإحلال و الرجوع لهم بمجرد الحلق و ذبح الشاة من غير حاجة إلى عمرة التحلل و هو خلاف الإجماع قيل و الأولى حمل هذا الخبر على التقية لأن المشهور بين العامة هو أن من فاته الحج لم يجب عليه العمرة بل يبقى على إحرامه السابق و يتحلل بطواف و سعي و حلاق و كذلك وجوب الهدي عليه هو القول المنصور بينهم الذي ذهب إليه أهل الشوكة منهم و أهل الجاه و الاعتبار

[الثالث يستحب التقاط الحصى من جمع]

الثالث يستحب التقاط الحصى من جمع إجماعا كما عن ظاهر المنتهى و التذكرة و صريح غيرهما للصحيحين خذ حصى الجمار من جمع و إن أخذته من رحلك بمعنى أجزأك و هو سبعون حصاة ذكر الضمير لعوده إلى الملقوط المدلول عليه بالالتقاط و هذا العدد هو الواجب و لو التقط أزيد منه احتياطا حذرا من سقوط بعضها أو عدم إصابة فلا بأس و يجوز الالتقاط من

غير جمع للأصل و الصحيحين لكن لا يجوز إلا من الحرم للصحيح حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك و يجوز الالتقاط من أي جهات الحرم شاء عدا المساجد مطلقا كما هنا و في الشرائع و القواعد و عن الجامع قيل للنهي عن إخراج حصى المساجد و هو يقتضي الفساد كذا في المختلف و الذي تقدم في الصلاة كراهية الإخراج و إن سلم الحرمة فالرمي غير منهي عنه إلا أن يثبت وجوب المبادرة إلى الإعادة فيقال الرمي منهي عنه لكونه ضده و يمكن حمل الجواز على الإباحة بمعنى الأخص فينا فيه الكراهة و الفساد على فساد الإخراج بمعنى الرغبة عنه شرعا أو يقال يجب إعادتها إليها و إلى غيرها من المساجد أو عند الرمي يلتبس بغيرها فلا يمتاز ما من المسجد من غيره و فيه أنه يمكن أعلامها بعلامة تميزها و في الموثق يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلا من المسجد الحرام و مسجد الخيف و لذا اقتصر عليهما الأكثر و إلى قولهم أشار بقوله و قيل عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف و ليس في التهذيب المسجد الحرام و لذا اقتصر عليه الشيخ في مصباحه و لعله لبعد الالتقاط من المسجد الحرام و في بعض القيود أنه لا يجوز الأخذ من وادي محسر و في المنتهى لو رمى بحصاة محسر كره له ذلك و هل يكون مجزيا أم لا فيه تردد أقربه الإجزاء للعموم و يشترط أن يكون أحجارا و لا يجوز بغيرها كالمدر و الآجر و الكحل و الزرنيخ و غير ذلك من الذهب و الفضة بإجماعنا الظاهر المحكي عن صريح الانتصار و

ظاهر التذكرة و المنتهى بل في المنتهى و التحرير عن الأكثر تعين الحصار و هو الأقوى للتأسي و الاحتياط لورود النص بلفظ الحصى و الحصيات مع أن في الصحيح منها لا ترم الجمار إلا بالحصى خلافا للخلاف ففيه جواز الرمي بالحجر أو ما كان من جنسه من البرام و الجواهر و أنواع الحجارة و لا دليل عليه سوى ما يحكى عنه من دعواه الإجماع و فيها مع وهنها معارضتها بأقوى منها و هي الأدلة التي قدمناها أو ما يفهم من كلام المتقدم من دخول الجميع في الحجر و هو الحصى بناء على أن الحصى هي الحجارة الصغيرة كما عن القاموس و عليه فلا خلاف لكن يمنع الدخول أولا ثم يستشكل في تفسير الحلبي بالحجار قلنا فاته العرف و العادة و لذا أن جماعة من متأخري المتأخرين قالوا بعد نحو ما في العبارة بل الأجود تعين الرمي بما يسمى حصاة و هو الأقرب و أن يكون من الحرم للصحيح حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك و في المرسل لا تأخذه من موضعين من خارج الحرم و من حصى الجمار و به قطع الأكثر قيل خلافا للخلاف و القاضي و مستندهما غير واضح سوى الأصل المخصص بما مر و أن يكون أبكارا غير مرمي بها رميا صحيحا بالنص المتقدم و غيره و الإجماع الظاهر المحكي عن صريح الخلاف و الغنية و الجواهر و المصرح به في المدارك و غيره و يستحب أن يكون رخوة غير صلبة برشا بقدر الأنملة بفتح الهمزة و ضم الميم رأس الإصبع ملتقطة بأن يكون كل واحدة منها مأخوذة من الأرض منفصلة و احترز

بها عن المكسرة من حجر فإنها مكروهة كما سيأتي منقطعة كحلية كل ذلك للمعتبرة قيل و المشهور في معنى البرش أن يكون في الشي ء نقط يخالف لونه و قصره ابن فارس على ما فيه نقط بيض و عليه فيكون هذا الوصف مغنيا عن كونها منقطعة و لعله لذا تكلف شيخنا في الروضة فحمل مثل كلام الماتن على اختلاف ألوان الحصى بعضها لبعض و مكانه من البعد غير خفي و اقتصر الصدوق على المنقطة و الشيخ في التهذيب و النهاية و الجمل على البرش لكن في النهاية الأثيرية أن البرشة لون مختلط حمرة و بياضا و غيرهما و في المحيط أنه لون مختلط بحمرة و في تهذيب اللغة عن الليث إن الأبرش الذي فيه ألوان و خلط و حينئذ يكون أعم من المنقطة و في الكافي

أن الأفضل البرش ثم البيض و الحمرة و يكره السود و يكره الصلبة للصحيح و المكسرة للخبر التقط الحصى و لا تكسرن منه شيئا و السوداء و البيضاء و الحمراء للنهي عنها أجمع في بعض الأخبار و فيه خذها كحلية منقطة

[القول في مناسك منى]
اشارة

القول في مناسك منى جمع منسك و أصله موضع النسك و هو العبادة ثم أطلق اسم المحل على الحال و لو عبر بالنسك كان هو الحقيقة و منى بكسر الميم اسم مذكر منصرف كما قيل و جوز تأنيثه سمي به المكان المخصوص لقول جبرئيل ع لإبراهيم ع تمن على ربك ما شئت و قيل لقوله ع لآدم ع تمن فقال أتمنى الجنة فسميت به لأمنية آدم و مناسكها يوم النحر ثلاثة و هي رمي جمرة العقبة التي هي أقرب الجمرات الثلث إلى مكة و هي حدها من تلك الجهة ثم

الذبح ثم الحلق مرتبا كما ذكر فلو عكس أثم و أجزأ على خلاف في الأول سيذكر أما وجوب الأخيرين فسيأتي الكلام منه و أما وجوب الأول ففي التذكرة و المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافا ثم في المنتهى و قد يوجد في بعض العبارات أنه سنة و ذلك في بعض أحاديث الأئمة ع و في لفظ الشيخ في الجمل و العقود و هو محمول على الثابت بالسنة لا أنه مستحب و في السرائر لا خلاف عندنا في وجوبه و لا أظن أن أحدا من المسلمين يخالف فيه و يدل على وجوبه التأسي و الأمر به في الأخبار الكثيرة بل المتواترة كما في السرائر ففي الصحيح ثم تأتي جمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من وجهها و في الذخيرة الأمر و إن كان دلالته على الوجوب في أخبارنا غير واضح إلا أن عمل الأصحاب و فهمهم يعين على فهم الوجوب منه مضافا إلى توقف يقين البراءة من التكليف الثابت عليه و يجب عليه في كل من الثلاثة أمور

[أما الرمي]
اشارة

أما الرمي

[الواجب]
اشارة

فالواجب فيه

[النية]

النية و هي قصد الفعل طاعة لله عز و جل و الأحوط ملاحظة الوجه و تعيين نوع الحج و التعرض للأداء و إن كان لزوم التعرض لذلك غير معلوم و يجب مقارنتها أول الرمي و استدامة حكمها إلى الفراغ كما في نظائره

[العدد]

و العدد و هو سبع

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 390

حصيات للتأسي و النصوص و إجماع علماء الإسلام كما في ظاهر المنتهى و صريح غيره

[إلقائها بما يسمى رميا]

و إلقائها بما يسمى رميا لوقوع الأمر به و هو للوجوب و الامتثال إنما يتحقق بإيجاد الماهية التي تعلق بها الأمر فلو وضعها بكفه لم يجز إجماعا و كذا لو طرحها طرحا لا يصدق عليها اسم الرمي و حكى في المنتهى خلافا في الشرح ثم قال و الحاصل أن الخلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق الإسلام فإن سمي رميا أجزأ بلا خلاف و إلا لم يجز إجماعا و نحوه عن التذكرة و يعتبر تلاحق الحصيات فلو رمى بها دفعة فالمحسوب واحدة و المعتبر تلاحق الرمي لا الإصابة فلو أصابت المتلاحقة دفعة أجزأت و لو رمى بها دفعة فتلاحقت في الإصابة لم يجز

[إصابة الجمرة بفعله]

و إصابة الجمرة بفعله بلا خلاف بين العلماء كما في صريح المدارك و غيره للتأسي و الصحيح إن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها فلو قصرت عن الإصابة و تتمها حركة غيره أي غير الرمي من حيوان أو إنسان لم يجز بخلاف ما لو وقعت على شي ء و انحدرت على الجمرة فإنها تجزي و الفرق تحقق الإصابة بفعله هنا دون الأول لتحققها فيه بالشركة و في الصحيح و إن أصابت إنسانا أو جهلا ثم وقعت على الجمار أجزأت

[و يستحب]

و يستحب الطهارة من الحدث حال الرمي للصحيح و غيره لا ترم الجمار إلا و أنت على طهر و ظاهرهما الوجوب كما عن ظاهر المفيد و المرتضى و الإسكافي و لكن الأظهر الأشهر الاستحباب حتى أن في ظاهر الغنية الإجماع و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا جمعا بين ما مر و بين الصحاح و غيرها ففي الصحيح و يستحب أن ترمي الجمار على طهر و فيه لا بأس أن تقتضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف فإن فيه صلاة و الوضوء أفضل و في الخبر عن رمي الجمار على غير طهور قال الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان إن طفت بهما على غير طهور أجزأك و الطهور أحب إلى فلا تدعه و أنت قادر عليه و يمكن المناقشة في هذا الجمع إذ الرواية الأخيرة الصريحة ضعيفة السند بالجهالة و ما قبلها من الأخبار الصحيحة غير صريحة لعدم وضوح يستحب فيما يجوز تركه كما هو المصطلح عليه الآن فلعل المراد به المعنى الأعم المجامع للوجوب و الصحيحة الثانية دلالتها في المسألة إنما هي بالعموم فتقبل التخصيص برواية الوجوب فإنها نص فيها و لعله إلى

هذا نظر شيخنا في الروضة حيث إنه بعد أن نقل الاستدلال من الشهيد على الاستحباب بالجمع بين صحيحة الوجوب و الرواية الأخيرة قال و فيه نظر لأن المجوزة مجهولة الراوي فكيف يؤول الصحيح لأجلها و عليه فيضعف ما يورد عليه من أن دليل الاستحباب غير منحصر في الرواية الأخيرة و ذلك لوضوح الانحصار بعد ما عرفت من ضعف الدلالة فيما عداها من الأخبار الصحيحة و لعله لهذا لم يستدل بها الشهيدان مع الصحة و الأقرب في الجواب عما في الروضة بانجبار الرواية بالشهرة و ما عرفت من الإجماعات المنقولة مضافا إلى أن الصحيحة الثانية النافية للوجوب في المسألة و إن كانت عامة لكن ما فيها من التعليل يجعلها في قوة الرواية الخاصة هذا مع أن العام المعتضد بالشهرة أقوى من الرواية الخاصة التي ليست معتضدة بالشهرة هذا مع أن في المختلف و غيره بعد نقل القول بالوجوب عن هؤلاء الجماعة و كان قصدهم تأكد الاستحباب فلا خلاف و الدعاء بما في الصحيح قال تقول و الحصى في يدك اللهم هؤلاء حصياتي فأحصهن لي و ارفعهن في عملي ثم ترمي و تقول مع كل حصاة اللَّه أكبر اللهم أزجر عني الشيطان اللهم تصديقا بكتابك و على سنة نبيك اللهم اجعله حجا مبرورا و عملا مقبولا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا و أن لا يتباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعا كما في الصحيح و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو قدر خمسة عشر ذراعا و أن يرمي حذفا على الأشهر الأقوى للصحيح في قرب الإسناد الضعيف في الكافي و التهذيب تحذفها حذفا و تضعفها على الإبهام و تدفعها بظفر السبابة خلافا

للمرتضى فأوجبه مستدلا بالإجماع و بالأمر به في أكثر الأخبار و تبعه الحلي و أجيب في المختلف بأن الإجماع إنما هو على الرجحان و أن الأمر هنا للندب و لعله أشار بقوله إلى قيام القرينة في المقام على الندب و لعلها الشهرة العظيمة عليه حتى أنه جعل السيد متفردا بالوجوب مشعرا ببلوغها الإجماع و هو كذلك إذ لم نقف على مخالف عداه و الحلي و هما نادران مع أن الأصل و الإطلاقات المعتضدة بالشهرة أقوى من الرواية الآمرة سيما و أن سياق الرواية المتقدمة مشعر بالاستحباب لتضمنه كثيرا من الأوامر و النواهي التي ليست على حقيقتها من الوجوب و التحريم ثم الحذف بإعجام الحروف الرمي بها بالأصابع كما عن الصحاح و الديوان و غيرهما و عن الحلي أنه المعروف عند أهل اللسان و عن إخلاص بأطراف الأصابع و الظاهر الاتحاد و عن الجمل و المفصل أنه الرمي من بين إصبعين و عن العين و المحيط و المقاييس و الغريبين و النهاية الأثيرية و غيرها من بين السبابتين و عن المبسوط و السرائر و النهاية و المصباح و مختصره و المقنعة و المراسم و الكافي و المهذب و الجامع و التحرير و التذكرة و المنتهى و بالجملة المشهور كما في المختلف و الروضة و مجمع البحرين أن يضعها على باطن الإبهام و يرميها بظفر السبابة كما في الخبر المتقدم لكن من غير تقييد للإبهام بالبطن و عن القاضي أنه حكى قولا بأنه يضعفها على ظهر إبهامه و يدفعها بالمسبحة و عن الانتصار أنه يضعها على بطن الإبهام و يدفعها بظفر الوسطى أقول و متابعة المشهور أولى و الدعاء مع كل حصاة بما مر في الصحيح و

يستقبل جمرة العقبة بأن يكون مقابلا لها لا عاليا عليها كما ذكره جماعة قالوا

إذ ليس لها وجه خاص يتحقق به الاستقبال و فيه نظر بل المستفاد من الشيخ في المبسوط و الحلي في السرائر و العلامة في جملة من كتبه كالتحرير و المنتهى و المختلف أن المراد بالاستقبال غير ذلك و ذلك أنهم ذكروا استحباب الرمي من قبل وجهها من أعلاها عليها مسألة و استحباب استقبالها و استدبار القبلة مسألة أخرى و لما ذكرنا تنبيه في الذخيرة قال و كان المراد باستقبالها التوجه إلى وجهها و هو ما كان إلى جانب القبلة و يستلزم الرمي من قبل وجها حينئذ أن يستدبر القبلة فتلخص في المقام مسألتان استحباب رميها من قبل وجهها إلا من أعلاها و استحباب استدبار القبلة و يدل على الأمرين الصحيح ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من أعلاها و هو نص في الأولى و ظاهر في الثانية بناء على أن المراد بوجهها ما قدمنا و يدل على الحكم فيها صريحا النبوي الفعلي أنه ص رماها مستدبر القبلة لا مستقبلها لكن يعارضه عموم ما دل على استحباب استقبالها و خصوص المحكي من الرضوي هنا و يحكى قول بهذا أيضا إلا أن الأول أشهر فيكون أولى و في غيرها أي غير جمرة العقبة يستقبل الجمرة و القبلة معا كما سيأتي بيانه إن شاء اللَّه تعالى و إنما ذكره هنا استطرادا

[أما الذبح فالكلام فيه في أطراف]
اشارة

و أما الذبح ف الكلام فيه يقع في أطراف

[الأول في الهدي]

الأول في الهدي و هو واجب على المتمتع بالكتاب و السنة و إجماع المسلمين كما في المنتهى و في التحرير و غيره الإجماع على الإطلاق و احترز بقوله خاصة من غير المتمتع فإنه لا يجب عليه كما يأتي قريبا و لا فرق في وجوبه على المتمتع بين كونه مفترضا أو متنفلا و لا بين كونه مكيا أو غيره و إليه أشار بقوله و لو كان مكيا على أشهر الأقوال و أقواها لإطلاق الأدلة خلافا للمبسوط و الخلاف فلم يوجبه على المكي

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 391

قطعا في الأول و احتمالا في الثاني لقوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ قال في المختلف و يجب أن يكون قوله ذلك راجعا إلى الهدي لا إلى التمتع لأنه يجري مجرى قول القائل من دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن عاصيا في أن ذلك يرجع إلى الجزاء دون الشرط قال و لو قلنا إنه راجع إليهما و إنه لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا انتهى و قواه الفاضل في التحرير و المنتهى مع أنه أجاب في المختلف عن دليله هذا بأن عود الإشارة هنا إلى الأبعد أولى لما عرفت من أن النحاة فصلوا بين الرجوع إلى القريب و البعيد و الأبعد في الإشارة فقالوا في الأول ذا و في الثاني ذاك و في الثالث ذلك قال مع أن الأئمة ع استدلوا على أن أهل مكة ليس لهم متعة بقوله تعالى ذلك الآية و الحجة في قولهم و هو جيد و في موضع من الشرائع عدم الوجوب إذا عدل المكي عن فرضه إلى التمتع اختيارا و في

موضع آخر لو تمتع المكي وجب عليه الهدي قيل و جمع بعضهم بينهما بأن الأول في حج الإسلام و الثاني في غيره و قريب منه ما في الدروس من احتمال وجوبه على المكي إن كان لغير حجة الإسلام و لعله لاختصاص الآية بحج الإسلام و هو متجه لو سلم دلالة الآية على سقوط المكي و لكن قد عرفت ما فيها و عن الماتن هنا قول آخر بوجوبه عليه أن تمتع ابتداء لا إذا عدل إلى التمتع و لم أعرف له مستندا و لا يجب الهدي على غير المتمتع معتمرا أو حاجا مفترضا أو متنفلا بإجماعنا كما عن صريح التذكرة و ظاهر المنتهى و صريح غيرهما للأصل و النصوص منها الصحيح في المفرد ليس عليه هدي و لا أضحية و أما الصحيح فيمن اعتمر في رجب فقال إن قام بمكة حتى يخرج منها حاجا فقد وجب عليه هدي فإن خرج من مكة حتى يحرم من غيرها فليس عليه هدي فحمله الشيخ تارة على الاستحباب و أخرى على من أقام بها حتى يتمتع بعمرة أخرى إلى الحج في أشهره و لا بأس به جمعا و لو تمتع المملوك بإذن مولاه كان لمولاه إلزامه بالصوم أو أن يهدي عنه بإجماعنا كما عن التذكرة و الكافي و ظاهر المنتهى و في غيرهما بلا خلاف أو إجماعا للمعتبرة المستفيضة منها الصحيحان إن شئت فاذبح عنه و إن شئت فمره فليصم و أما الصحيح عن المتمتع المملوك فقال عليه مثل ما على الحر إما أضحية و إما صوم فقد حمله الشيخ تارة على من أدرك أحد الموقفين معتقا و أخرى على أن المراد المساواة في الكمية لئلا يظن أن عليه نصف

ما على الحر كالظهار و نحوه و ثالثة على أن المولى إذا لم يأمر عبده بالصوم إلى النفر الأخير فإنه يلزمه أن يذبح عنه و لا يجزيه الصوم مستدلا عليه برواية ضعيفة السند حملها على تأكد الاستحباب كما في التحرير طريق الجمع بينها و بين ما مر من الأخبار النافية للوجوب عن المولى على الإطلاق و نحوها الموثق و عن صريح التذكرة الإجماع عليه و على نفيه عن العبد و أما الموثق أن لنا مماليك قد تمتعوا علينا أن نذبح عنهم قال فقال المملوك لا حج له و لا عمرة و لا شي ء فمحمول على مملوك حج بغير إذن مولاه و لو أدرك على أحد الموقفين حال كونه معتقا لزم الهدي مع القدرة و الصوم مع التعذر بلا خلاف أجده و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا لأنه إذا أدركه معتقا يكون حجة مجزيا عن حج الإسلام فيساوي و غيره من الأحرار في وجوب الهدي عليه مع القدرة و الصوم مع التعذر و لم يعتبر الفاضل في القواعد كون العتق قبل الموقف أو بعده بل اعتبر قبل الصوم فقال إن أعتق قبل الصوم تعين عليه الهدي و وافقه بعض الأصحاب قال الارتفاع المانع و تحقق الشرط و اختصاص الآية بحج الإسلام دعوى بلا بينة أقول و في رد دعوى الاختصاص مناقشة حتى أنه هو الذي ادعاه سابقا على هذه العبارة بأقل من ورقة و يشترط في الذبح و بمعناه النحر النية المشتملة على القربة و يعتبر نصيين الجنس من ذبح و نحر و كونه هديا أو نذرا أو كفارة و إن عين الوجه من وجوب أو ندب كان أولى كما في كل عبادة و يجوز

أن يتولاه أي الذبح بنفسه و بغيره بلا خلاف أجده و في المدارك و الذخيرة أنه مقطوع به في كلامهم قالوا لأنه فعل تدخله النيابة فيدخل في

شرطه كغيره من الأفعال و في الصحيح عن الأضحية يخطئ الذي يذبحها فيسمي غير صاحبها أ يجزي عن صاحب الأضحية فقال نعم إنما له ما نوى و يجب ذبحه بمنى بإجماعنا الظاهر المستظهر من جملة من العبارة كالمنتهى و التذكرة و المدارك و الذخيرة للتأسي و المعتبرة المستفيضة و أما الصحيح مكة كلها منحر فمحمول على هدي التطوع كما ذكره الشيخ و جماعة أو على سياق العمرة كما في الذخيرة قال و يؤيده الموثق موسع على من نحر الهدي بمكة في منزله إذا كان معتمرا و أما الحسن إذا دخل بهديه بالعشر فإن كان قد أشعره و قلده فلا ينحره إلا يوم النحر فإن كان لم يشعره و لم يقلده فلينحر بمكة إذا قدم في العشرة فيمكن حمله على الهدي المندوب و لا يجزي الهدي الواحد إلا عن واحد في الحج الواجب و لو بالشروع فيه مطلقا و لو عند الضرورة على أصح الأقوال في المسألة و أشهرها كما في ظاهر كلام جماعة و في الخلاف الإجماع للصحاح منها عن النفر تجزيهم البقرة فقال أما في الهدي فلا و أما في الأضحية فنعم و قيل يجزي عن سبعة و عن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان الواحد و لم أجد القائل بهذا القول نعم قال به الشيخ في النهاية و المبسوط و الاقتصاد و الجمل و العقود لكن زاد الخمسة و لم يذكر قوله لأهل خوان واحد و تبعه كثير و عن المفيد أنه تجزي البقرة عن خمسة إذا كانوا

أهل بيت و نحوه عن الصدوق و عن الديلمي يجزي البقرة عن خمسة و أطلق فلم يقيده بضرورة و لا اجتماع على خوان واحد لأخبار كثيرة أكثرها قاصر السند و الدلالة أو ضعيفة و باقيها ما بين قاصرة سندا أو دلالة مضافا إلى اختلافها من وجوه عديدة و لذا أن الشيخ ره بعد نقل جملة منها و من الصحاح المتقدمة قال فالكلام على هذه الأخبار مع اختلاف ألفاظها و تنافي معانيها من وجهين أحدهما أنه ليس في شي ء منها أنه يجزي عن سبعة و عن خمسة و عن سبعين على حسب اختلاف ألفاظها في الهدي الواجب أو التطوع فإذا لم يكن فيها صريح بذلك حملناها على أن المراد بها ما ليس بواجب دون ما هو فرض لأن الواجب لا يجزي فيه إلا واحد عن واحد حيثما ذكرنا و الذي يداه على هذا التأويل ما رواه الحسين بن سعيد ثم ساق الصحيحة التي قدمناها و قال بعدها و الوجه الآخر أن يكون ذلك إنما ساغ في حال الضرورة دون حال الاختيار و استشهد عليه بالصحيح عن قوم غلبت عليهم الأضاحي و هم متمتعون و هم متوافقون ليسوا بأهل بيت واحد رفقته اجتمعوا في سيرهم و مضربهم واحد إليهم أن يذبحوا بقرة قال لا أحب ذلك إلا من ضرورة انتهى و نحوه في الذخيرة حيث قال و يمكن الجمع بين الأخبار بوجهين ثم ساقهما كما ذكره الشيخ لكن رجح ثانيهما قائلا على أولهما إنه لا يجزي في صحيحة عبد الرحمن و أشار بها إلى الصحيحة الأخيرة المذكورة في كلام الشيخ و لعل منشأه التصريح فيها بأنهم متمتعون و فيه أنه معارض بالتصريح فيها بلفظ الأضاحي الظاهر في

غير الهدي كما يشهد له الصحيحة المتقدمة و لذا أن خالي العلامة المجلسي ره فيما نقل عنه حمل هذه الصحيحة على المستحبة قال و ليس في قوله و هم يتمتعون صراحة أن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 392

السؤال عن الهدي لكن الظاهر ذلك أقول نعم و لكنه معارض بظهور و لفظ الأضاحي في المندوب و تحقق الإجمال في الرواية بل و يمكن ترجيح ظهور الثاني بجوابه ع لا أحب ذلك إلا من ضرورة الظاهر في جواز الشركة في حال الاختيار و هو مختص عندهم بالأضحية و بالجملة المسألة محل إشكال إلا أن الأظهر المصير إلى المنع كما عليه الأكثر لأظهرية الجمع الأول في النظر مضافا إلى ظاهر الآية فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ الآية المؤيد بالإجماع المنقول كما مر و عليه فالانتقال إلى الصوم هو الفرض و لا بأس به أي بإجزاء الهدي الواجب عن أكثر في الندب قالوا و هي الأضحية و المبعوث من الآفاق و المتبرع بسياقه إذا لم يتعين بالإشعار و التقليد و لا يجوز أن يكون المراد به الهدي في الحج المندوب لأنه يجب بالشروع فيه فيكون فيه الهدي واجبا كما يجب في الواجب بأصل الشرع و قد نقل الفاضل في المنتهى الإجماع على إجزاء الهدي الواحد في التطوع عن سبعة نفر سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم و قال في التذكرة و أما التطوع فيجزي الواحد عن سبعة و عن سبعين في حال الاختيار سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم إجماعا أقول و قد عرفت المستند فيما مضى و لا يجب أن يباع ثياب التجمل في الهدي فيما قطع به الأصحاب كما صرح به جماعة مشعرين

بدعوى الإجماع و لا ريب فيه مع الحاجة إليها و الضرورة لاستثنائها في الديون و نحوها من حقوق الناس فهنا أولى و أما مع عدم الحاجة فكذلك لإطلاق النص و الفتوى ففي المرسل عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج و في عيبته ثياب ا له أن يبيع من ثيابه شيئا و يشتري به قال لا هذا مما يتزين به المؤمن بصوم و لا يأخذ من ثيابه شيئا و ضعف السند مجبور بالعمل و بفتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد كالحلي في السرائر مع أن في الصحيح عن المتمتع يكون له فضل من الكسوة بعد الذي يحتاج إليه فتسوى تلك الفضول مائة درهم هل يكون ممن يجب عليه فقال له بد من الذكرى و نفقة فقال له الذكرى و ما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة فقال و أي شي ء كسوة بمائة درهم هذا ممن قال اللَّه تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ و لو باعها و اشتراه أجزأه وفاقا لجماعة بناء على أن الظاهر من الأمر هنا وروده للرخصة خلافا لبعضهم فناقش بأنه إتيان بغير الفرض و لا ريب أن الصوم أحوط و لو ضل الهدي فذبحه غير صاحبه لم يجزئ عنه مطلقا كما عليه الماتن هنا و في الشرائع و تبعه الفاضل في القواعد مع أنه في التحرير و المنتهى أفتى بالإجزاء إن ذبحه عن مالكه بمنى و إلا فلا و هو الأقوى بل عزاه إلى المشهور بعض أصحابنا للصحيح إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضل عنه و إن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه و ليعرفه قبل

ذلك ثلاثة أيام يوم النحر و اليومين بعده للصحيح إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر و يوم الثاني و الثالث ثم ليذبحه عن صاحبه عشية الثالث و الظاهر الوجوب للأمر بلا معارض و للتحرز عن النيابة بلا ضرورة و لا استنابة خصوصا من غير معين و عن إطلاق الذبح عما في الذمة إطلاقا محتملا للوجوب و الندب و للهدي و غيره و للمتمتع و غيره و حج الإسلام و غيره و لعله لذا منع عنه الماتن و تبعه الفاضل في بعض كتبه ثم إن القول بالإجزاء مشروط بما إذا ذبحه الواجد عن صاحبه و إلا فلا يجزي عنه و لا عن صاحبه سواء نواه عن نفسه أو لا و بذلك صرح في التحرير و المنتهى قال أما عن الذابح فلأنه نهي عنه و أما عن صاحبه فلعدم النية انتهى و هو حسن لو لا إطلاق النص بالإجزاء عن صاحبه و لكن ظاهرهم الإطباق على المنع هنا و لعلهم حملوا إطلاق النص على الأصل في فعل المسلم من الصحة فلا يتصور فيه الذبح بغير النية عن صاحبه قيل و لو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم المالك فيترك الذبح و متى جاز الذبح فالظاهر وجوب الصدقة به و الإهداء و يسقط وجوب الأكل قطعا و لا يخرج الحاج شيئا من لحم الهدي الذي يذبحه عن منى و يجب صرفه في وجهه الآتي بيانه كما هنا و في الشرائع و

الفوائد و لكن فيهما لا يجوز إخراج شي ء مما يذبحه من منى و في الذخيرة بعد نقله هذا هو المشهور و قيل إنه مذهب الأصحاب أقول و القائل صاحب المدارك و زاد

بعض متابعيه فقال بلا خلاف لكن بدل لا يجوز بلا ينبغي و في دعوى كل من الشهرة و عدم الخلاف على عموم المنع تحريما أو كراهة بحيث يشتمل ما عدا اللحم من الجلود و ما عدا الهدي من الأضحية إشكال لتصريح الفاضلين و غيرهما بالكراهية في الأضحية و آخرين بالجواز معها في نحو جلود الهدي و التحقيق اختصاص المنع بلحوم الهدي دون غيرها أما المنع فيها فللصحيح من غير معارض لا يخرجن شيئا من لحم الهدي و أما الجواز في نحو جلود الهدي فللصحيح الآخر أو الموثق عن الهدي أ يخرج بشي ء منه من الحرم فقال بالجلد و السنام و الشي ء ينتفع به قلت إنه بلغنا عن أبيك أنه قال لا يخرج من الهدي المضمون شيئا قال بل يخرج بالشي ء ينتفع به و زاد فيه أحمد و لا يخرج بشي ء من اللحم من الحرم و فيه دلالة على المنع عن إخراج اللحوم أيضا و يؤيده أيضا إطلاق الصحيح أو عمومه عن اللحم أ يخرج من الحرم فقال لا يخرج منه إلا السنام و لا يعارضه نحو الصحيح على إخراج لحوم الأضاحي من منى فقال كنا نقول لا يخرج شي ء لحاجة الناس إليه فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه لاختصاصه بالأضاحي و نحن نقول بالجواز و لو مع الكراهة فيها كما يأتي و حمله الشيخ على من اشترى اللحم لا من ذبح للخبر و لا بأس أن يشتري الحاج من لحم منى و يتزوده و لا بأس به اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن و هو منع الذابح دون غيره و يذبح الهدي أو ينحر يوم النحر وجوبا فلا يجوز التقديم عليه اتفاقا كما

قيل و في الذخيرة بعد ما نقل ما في العبارة و لا أعلم فيه خلافا بين أصحابنا و قيل إنه قول علمائنا و أكثر العامة و مستنده أن النبي ص نحر في هذا اليوم و قال خذوا عني مناسككم مقدما على الحلق وجوبا أو استحبابا على الخلاف و سيأتي الكلام فيه و في أنه لو قدم الحلق أجزأ مطلقا و لو كان عامدا و كذا يجزي لو ذبحه في بقية ذي الحجة قيل قطع به الأصحاب من غير فرق بين الجاهل و العالم و العامد و الناسي و لا بين المختار و المضطر بل في النهاية و الغنية و السرائر الجواز و في المصباح و مختصره أن الهدي الواجب يجوز ذبحه و نحره طول ذي الحجة و يوم النحر أفضل و ظاهر المهذب يوهم جواز التأخير عن ذي الحجة و لعله لم يرده إلا أن في المبسوط أنه بعد أيام التشريق قضاء و اختار ابن إدريس أنه أداء و دليل الإجزاء الأصل و إطلاق الآية و الصحيح في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم ذبح قال لا بأس قد أجزأ عنه و الحسن أقول بل الصحيح فيمن يجد الثمن و لا يجد الغنم قال يخلف الثمن عند بعض أهل مكة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزي عنه فإن مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة و نحر منه الخبر لكنها لا تعم المختار أقول لكن في ظاهر الغنية الإجماع على الإطلاق و دليل كونه قضاء بعد أيام التشريق لعله الصحيح عن الأضحى

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 393

كم هو بمنى قال أربعة أيام و مثله

الموثق و يجوز كون الغرض حرمة الصوم كما في الصحيح النحر بمنى ثلاثة أيام فمن أراد الصوم لم يصم حتى يمضي الثلاثة الأيام و النحر بالأمصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد أقول و يحتمل اختصاصهما بالأضحية لثبوت ذلك فيها كما ستعرفه لكن الظاهر من جماعة من الأصحاب عمومهما لها و المفروض المسألة و أما الموثق عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم قال بل يصوم فإن أيام الذبح قد مضت فقد حمله الشيخ على من صام ثلاثة فمضى أيامه بمعنى مضي زمان أسقط عنه الصوم فيه و غيره على يوم النفر من مكة و قد كان بعد ذي الحجة

[الثاني في صفته]

الثاني في صفته أي الهدي و يشترط أن يكون من النعم أي الإبل و البقر و الغنم بلا خلاف بين العلماء كما في صريح المدارك و ظاهر المنتهى و في كلام جماعة إجماعا و للنصوص منها الصحيح في المتمتع عليه الهدي قلت و ما الهدي فقال أفضله بدنة و أوسطه بقرة و أخسه شاة و أن يكون ثنيا إلا من الضأن بلا خلاف أجده على الظاهر المصرح به في الذخيرة و في المدارك و غيره أنه مذهب الأصحاب مؤذنين بدعوى الإجماع كما صرح به بعض الأصحاب و هو الحجة مضافا إلى الصحاح المستفيضة منها المرتضوي الثنية من الإبل و الثنية من البقر و الثنية من المعز و الجذع من الضأن و أما اشتراط كونه غير مهزول فسيأتي ما يدل عليه و يجزي من الضأن خاصة الجذع بلا خلاف بل قيل بالإجماع للصحيحة المتقدمة و غيرها كالصحيح يجزي من الضأن و الجذع

و لا يجزي من المعز غير الثني و قريب منه آخر و سن الجذع قد تقدم الكلام في تحقيقه في كتاب الزكاة قيل و الذي في كتب الصدوق و الشيخين و سلار و ابني حمزة و سعيد نحو قوله لستة و معناه ما في الغنية و المهذب و الإشارة أنه الذي لم يدخل في الثانية و أن يكون تاما فلا يجزي العوراء البين عورها و لا العرجاء البين عرجها و لا المريضة البين مرضها و لا الكسيرة التي لا تنقى بلا خلاف فيه على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة مؤذنين بدعوى الإجماع كما صرح به بعضهم بل في المدارك أنه مجمع عليه بين العلماء و في المنتهى و قد وقع الاتفاق من العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع روى البدء ابن عازب قال قام فينا رسول اللَّه ص خطيبا ف قال أربع لا يجوز في الأضحى العوراء البين عورها و المريضة البين مرضها و العرجاء البين عرجها و الكسرة التي لا تنقى و معنى البين عورها التي انخسف عينها و ذهبت فإن ذلك ينقصها لأن شحمة العين عضو يستطاب أكله و العرجاء البين عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم و مشاركهن في العلف و الرعي فتهزل و التي لا تنقى التي لا مخل لها لهزالها لأن النفي بالنون المكسورة و القاف المسكنة المخ و المريضة قيل هي الجرباء لأن الجرب يفسد اللحم و الأقرب اعتبار كل مرض يؤثر في هزالها و فساد لحمها ثم فيه العوراء لو لم تنخسف عينها و كان على عينها بياض ظاهر فالوجه المنع من الإجزاء لعموم الخبر و الانخساف ليس معتبرا و نحوه قال في

التحرير و حكي عنه في التذكرة إلا فيما جعله الوجه فيه فاحتمله فيها و هو مؤذن بالتردد و لعله من إطلاق الصحيح بل عمومه عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل يجزي عنه قال نعم إلا أن يكون هديا واجبا فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا و من التقييد بالبين في النبوي المتقدم و القوي لا يضحي بالعرجاء بين عرجها و لا بالعوراء بين عورها و لا بالعجفاء و لا بالخرقاء و لا بالجذعاء و لا بالعضباء لكن عدم وضوح سندهما يقتضي المصير إلى ما جعله وجها أو احتمالا سيما و قد عزاه في المدارك إلى إطلاق كلام الأصحاب مؤذنا بالاتفاق عليه كما سنذكره لكن في الغنية التقييد صريحا ثم ظاهر المصنف المنع عن العرجاء مطلقا و به صرح بعض المتأخرين لإطلاق الصحيح لكن الأصحاب قيدوه بالبين كما قيل و لا بأس به للنبويين المتقدمين المنجبرين هنا بعلمهم مضافا إلى الأصل و إطلاق نحوه فما استيسر من الهدي خرج منه المجمع عليه فيبقى الباقي و هذه الأدلة لعلها يترجح على إطلاق الصحيح فيقيد بها و لا الغضباء و هي التي ذهب قرنها كما في التحرير و في غيره أنها المكسورة القرن الداخل و لعلهما واحد و لا ما نقص منها شي ء كالخصي و مقطوعة الأذن لدخولها في عموم النقص و خصوص القوي المتقدم في الأول مضافا فيه إلى مفهوم الصحيح في المقطوع القرن أو المكسورة القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا و منطوقه مجمع عليه بيننا كما في المنتهى و يعضده الصحيح الآخر أيضا في الأضحية يكسر قرنها قال إذا كان القرن

الداخل صحيحا فهو يجزي و المراد بالقرن الداخل هو الأبيض الذي في وسط الخارج كما في الذخيرة و الصحاح في الخصي منها عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب و لم يكن يعلم أن الخصي لا يجوز في الهدي هل يجزيه أم يعيده قال لا يجزيه

إلا أن يكون لا قوة به عليه مضافا فيه إلى الإجماع كما في ظاهر المنتهى و عن التذكرة أيضا لكن عن العماني كراهية التضحية به و هو بعد تسليم مخالفته نادر و مفهوم الصحيح في مقطوع الأذن عن الأضاحي إذا كان الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة فقال ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس و فيه نظر قيل و قد قطع الأصحاب بإجزاء الجماء و هي التي لم يخلق لها قرن و الصمعاء و هي الفاقدة الأذن في خلقه لأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في قيمة الشاة و لا في لحمها و استقرب العلامة في المنتهى إجزاء التبراء أيضا و هي المقطوعة الذنب و لا بأس به انتهى و في كل من التعليل لأجزاء نحو الجماء و الحكم بإجزاء التبراء نظر أما التعليل فلأن الموجود فيما مر من الصحيح النقص في نفس الهدي سواء أوجب النقص في القيمة أم لا لا ما يوجب النقص في القيمة خاصة و أما إجزاء التبراء فلمخالفته عموم الصحيح المانع عن الناقص و لا ريب أن فقد الذنب نقص فالوجه المنع عنه وفاقا لشيخنا في الروضة و كذا عن ساقط الأسنان لكبر و غيره لعموم الدليل وفاقا له فيها قال أما شق الأذن من غير أن يذهب منها شي ء و ثقبها و وسمها و كسر القرن الظاهر و فقد القرن

و الأذن خلقة و رض الخصيتين فليس بنقص و إن كره الأخير انتهى و لا بأس به قيل و لو لم يجد إلا الخصي فالأظهر إجزاؤه كما اختاره في الدروس للخبر الخصي يضحي به قال لا إلا أن لا يكون غيره و في الصحيح اشتر فحلا سمينا للمتعة فإن لم تجد فمن فحولة المعز فإن لم تجد فنعجة فإن لم تجد فما استيسر من الهدي و في آخر فإن لم تجد فلما تيسر عليك أقول و نحوها الصحيح المتقدم و لا يجزيه إلا أن يكون لا قوة به عليه و يجزي المشقوقة الأذن للأصل و إطلاق فما استيسر من الهدي و منطوق الصحيح المتقدم مع عدم كونه نقصا و أما الصحيح عن الأضحية تكون مشقوقة الأذن فقال إن كان شقها وسما فلا بأس و إن كان شقا فلا يصلح فمحمول على الكراهة كما يشعر به اللفظة و أن لا يكون مهزولا بلا خلاف أجده للصحاح المستفيضة و فسر في المشهور بأن يكون بحيث لا يكون على كليتيهما شحم كما في الخبر المنجبر بالعمل بل الأخبار كما في السرائر لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأته للصحاح منها إن اشترى الرجل هديا و هو يرى أنه سمين أجزأ عنه و إن لم يجده سمينا و من اشترى هديا و هو يرى أنه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه و إن اشتراه و هو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه و لا ريب و لا خلاف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 394

في الحكم إذا ظهر كونها مهزولة بعد الذبح و فيما قبله إشكال من إطلاق الفتوى و النص و من قوة احتمال اختصاصها بحكم التبادر بما بعد الذبح فيرجع

إلى إطلاق ما دل على المنع من المهزولة و هذا أحوط و إن كان في تعيينه نظر لعدم وضوح التبادر و منع إطلاق ينفع و على تقديره فهو مقيد بمفهوم الشرط في نحو الصحيح المتقدم و إن أشتريه و هو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه مضافا إلى إطلاق الصدر و في الصحيحة المتقدمة و نحوها دلالة على انسحاب الحكم في صورة العكس أيضا و هو أن يشتريها على الهزال فتظهر سمينة و عليه الأكثر مطلقا خلافا للعماني فلم يتجزأ بها فيما إذا ظهر بعد الذبح لعدم الامتثال عند الذبح و عدم التقريب عنده لعلمه بعدم الإجزاء فلا يمكنه التقرب به و يضعف بأنه إنما يتم في العالم بالحكم القاطع بالهزال فاعلة متقربا لعلها تخرج سمينة و هو معنى قوله في المختلف و الجواب المنع من الصغرى فإن عدم الإجزاء ليس معللا بشراء المهزول مطلقا بل مع خروجه كذلك أما مع خروجه سمينا فلا و اعلم أن هذا الحكم مختص بالهزل دون النقص إذ لو أشتريه على أنه تام فبان ناقصا لم يجز بلا خلاف فيه في الجملة سواء كان قبل الذبح أو بعده و إن اختلفوا في عموم الحكم لما إذا نقد الثمن أم لا فالأكثر على العموم لإطلاق الصحيح المتقدم في الشرط السابق خلافا للشيخ ره في التهذيب فخصه بما إذا لم ينقد الثمن للصحيح من اشترى هديا و لم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم به فقد تم و نحوه صحيح آخر في الكافي و الحق أن بينهما تعارض العموم و الخصوص من وجه يمكن تخصيص الأول بما إذا فقد الثمن و إبقاء الثاني على عمومه في الهدي بحيث

يشمل الواجب و الندب و العكس فيخصص الثاني بالهدي المندوب و يبقى الأول على عمومه في المنع بحيث يشمل نقد الثمن و غيره و لعل هذا هو الوجه عملا بالأصل المقتضي لوجوب تحصيل البراءة اليقينية مضافا إلى الشهرة حتى قيل إن الشيخ لم يوافقه أحد في المسألة و أقول مع أنه في الاستبصار المتأخر ردد في الجميع بين المتعارضين بين أحد الوجهين المتقدمين و لم يرجح شيئا منها في البين و اعلم أنه إذا لم يوجد إلا فاقد الشرائط ففي الإجزاء أو الانتقال إلى الصوم قولان أصحهما الأول وفاقا لجمع لما مر في الخصي و الثني من الإبل ما دخل في السنة السادسة بغير خلاف على الظاهر المصرح به في بعض العبائر و من البقر و الغنم ما دخل في السنة الثانية على الأشهر بين الطائفة حتى أن عليه الإجماع في ظاهر الغنية قيل و قطع به الأصحاب و روي في بعض الكتب عن مولانا الرضا ع أقول و قد مر الكلام فيه في بحث الزكاة و يستحب أن تكون سمينة قيل بالإجماع و الأخبار و الاعتبار و تكون بحيث تنظر في سواد و تمشي في سواد و تبرك في مثله أي في سواد كما في الاقتصاد و السرائر و المصباح و مختصره و الشرائع و الكتاب و الجامع و لكن فيه وصف فحل من الغنم بذلك كما في الأربعة الأول وصف الكبش فيه و في الاقتصاد اشتراطه به و في المبسوط ينبغي إن كان من الغنم أن يكون فحلا أقرن ينظر في سواد و يمشي في سواد و نحوه النهاية لكن في الأضحية و يوافقه الصحيح كان رسول اللَّه ص يضحي بكبش أقرن عظيم

فحل ينظر في سواد و يمشي في سواد و زاد ابن حمزة و يرتع في سواد و يجوز فهمه من الصحيح إن رسول اللَّه ص كان يضحي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد و الصحيح عن كبش إبراهيم ع ما كان لونه و أين نزل قال أملح قال و كان أقرن و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى و كان يمشي في سواد و يأكل في سواد و ينظر و يعبر و يبول في سواد و أما البروك في كلام جماعة أنهم لم يظفروا عليه بنص و روي في المبسوط و التذكرة و المنتهى أنه ص أمر بكبش أقرن يطأ في سواد و ينظر في سواد و يبرك في سواد فأتى به فضحى به و اختلف في معنى ما في هذه الأخبار فقيل معناه السمن حتى يكون لها ظل عظيم تأكل فيه و تمشي فيه و تنظر فيه و هو يستلزم البروك فيه و قيل معناه أن يكون هذه المواضع منها و هي العين

و القوائم و البطن و المعبر سوادا و القائل الحلي في السرائر قيل و قد يتأيد بالمرسل ضح بكبش أسود أقرن فحل فإن لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في سواد و يشرب في سواد و ينظر في سواد و المشي في السواد بهذا المعنى يستلزم البروك في السواد فإنه على الأرجل و الصدر و البطن و قد يراد به سواد الأرجل فقط و قيل معناه رتع في مرتع كثير النبات شديد الاخضرار به و هذا قد يتضمن البروك فيه و عن الراوندي أن التفاسير الثلاثة مروية عن أهل البيت ع و أن يكون

مما عرف به أي أخضر عشية عرفة بعرفات كما عن المهذب و التهذيب و التذكرة و المنتهى و أطلق الإحضار في غيرها للصحيح لا يضحي إلا بما قد عرف به و نحوه آخر أو الموثق و ظاهرهما الوجوب كما في ظاهر التهذيبين و الغنية و عن النهاية و المبسوط و الإصباح و المهذب و لكن الأشهر الاستحباب بل في المنتهى و غيره عليه الإجماع و في المنتهى بعد نقل الوجوب عن الشيخ الظاهر أنه أراد به تأكيد الاستحباب و هو الأظهر للخبر المروي في التهذيبين ضعيفا و في الفقيه موثقا و فيه عمن اشترى شاة لم يعرف بها قال لا بأس بها عرف بها أو لم يعرف و به يحمل النهي في الخبرين على الكراهة جمعا و هو أولى من جمع الشيخ بحمل النهي على ما إذا لم يخبر البائع بأنه عرف و المرخص بما إذا أخبر بأنه عرف إذ ليس فيما استدل به لهذا الجمع و هو الصحيح إنا نشتري الغنم بمنى و لسنا ندري عرف بها أم لا فقال إنهم لا يكذبون عليك ضح بها دلالة عليه كما لا يخفى فالأول أولى سيما مع اعتضاده بالأصل و الشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة و أن يكون إناثا من الإبل و البقر كما في الصحاح المستفيضة و ذكرانا من الضأن و المعز كما في الصحيح و فيه يجزي الذكورة من البدن و في آخر الإناث و الذكور من الإبل و البقر تجزي و في المنتهى لا نعلم خلافا في جواز العكس في البابين إلا ما روي عن ابن عمر أنه قال ما رأيت أحدا فاعلا ذلك و إن نحر أنثى أحب إلي و هذا يدل

على موافقتنا لأنه لم يصرح بالمنع من الذكر إن قيل و نحوه التذكرة و في النهاية لا يجوز التضحية بثور و لا يحمل بمنى و لا بأس بهما في البلاد مع قوله قبيله و الأفضل الهدي و الأضاحي من البدن أو البقر ذوات الأرحام و من الغنم الفحولة فهو قرينة على إرادة التأكيد و في الاقتصاد أن من شرطه إن كان من البدن أو البقر أن يكون أنثى و إن كان من الغنم أن يكون فحلا من الضأن فإن لم يجد من الضأن جاز التيس من المعز و في المهذب بأن كان من الإبل فيجب أن يكون ثنيا من الإناث و إن كان من البقر فيكون ثنيا من الإناث و لعلهما أكد الاستحباب و أن ينحر الإبل قائمة للآية الشريفة و المعتبرة قيل و في التذكرة و المنتهى لا نعلم في عدم وجوبه خلافا فإن خاف أن تنفر أناخها و في الخبر عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة قال يعقلها و إن شاء قائمة و إن شاء باركة مربوطة بين الخف و الركبة للصحيح و في غيره و أما البعير فشد أخفافه إلى آباطه و أطلق رجليه و هو الذي يأتي في الصيد و الذبائح فيجوز التخير و افتراق الهدي و غيره ثم الخبران نصان في جمع اليدين بالربط

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 395

من الخف إلى الركبة أو الإبط و عن أبي خديجة أنه رأى الصادق ع و هو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى و روت العامة نحوه و اختاره الحلبيان فالظاهر جواز الأمرين أقول لكن الأول أرجح الصحة السند و غيره و أن يطعنها في لبنها من الجانب الأيمن لها للصحيح أو القريب منه ينحرها

و هي قائمة من قبل اليمين و الخبر رأى الصادق ع إذ نحر بدنته قام من جانب يدها اليمنى و أن يتولاه أي الذبح بنفسه إن أحسنه للتأسي فقد باشر النحر النبي ص بنفسه كما في الخبرين و في الصحيح إن كان امرأة فلتذبح لنفسها و إلا أي و إن لم يتولاه بنفسه جعل يده مع يد الذابح للصحيح كان علي بن الحسين ع يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح و إن لم يفعل ذلك كفاه الحضور عند الذبح كما عن الوسيلة و الجامع لما في المحاسن عن النبي ص في خبر بشير بن زيد لفاطمة ع اشهدي ذبح ذبيحتك فإن أول قطرة منها يغفر اللَّه تعالى بها كل ذنب عليك و كل خطيئة عليك قال و هذا للمسلمين عامة و الدعاء عند الذبح بالمأثور في الصحيح إذا اشتريت هديك فاستقبل القبلة و انحره أو اذبحه و قل وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين اللهم منك و لك بسم اللَّه و اللَّه أكبر اللهم تقبل مني ثم أمر السكين و لا تنخعها حتى تموت و في الخبر سمعته يقول بسم اللَّه و بالله و اللَّه أكبر اللهم هذا منك و لك اللهم تقبله مني ثم يطعن في لبنها و قسمته أثلاثا و يأكل ثلثه و يهدي ثلثه و يعطي القانع و المعتبر ثلثه قيل و على وفق ظاهر الأكثر و صريح كثير أما عدم الوجوب فللأصل و أما الفضل فللنصوص من

الكتاب و السنة و أما هذا التثليث فعليه الأكثر و قد يؤيده الموثق سقت في العمرة بدنة و أين أنحرها قال بمكة قال أي شي ء أعطي منها قال كل ثلثا و اهد ثلثا و تصدق بثلث و في القريب من الصحيح عن لحوم الأضاحي كان علي بن الحسين ع و أبو جعفر ع يتصدقان بثلث على جيرانهم و ثلث على السؤال و ثلث يمسكونه لأهل البيت و يجوز أن يكون التصدق على الجيران هو الإهداء الذي في الموثق فالأولى اعتبار استحقاق من يهدى إليه و لكن حكي عن الأصحاب عدمه و في الصحيح الوارد فيمن ساق هديا أطعم أهلك ثلاثا و أطعم القانع و المعتبر ثلثا و أطعم المساكين ثلثا قلت له المساكين هم السؤال قال نعم و قال القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها و المعتر ينبغي له أكثر من ذلك هو أغنى من القانع يعتر بك فلا يسألك فإن كان إطعام القانع و المعتر هو الإهداء وافق الأول و أشعر أيضا استحقاق من يهدى إليه و دل مجموع الآيتين على التثليث المشهور و لكن في التبيان عندنا يطعم ثلثه و يعطي ثلثه القانع و المعتبر و يهدي الثلث و نحوه الجمع عنهم ع أقول و ظاهرهما الإجماع و النص على ذلك و هما كافيان في إثباته و عزاه في السرائر إلى رواية الأصحاب لكن في الأضحية خاصة و قال في هدي التمتع و القارن فالواجب أن يأكل منه و لو قليلا لقوله تعالى فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ و الأمر عندنا يقتضي الوجوب انتهى و لم يذكر الإهداء اقتصارا على منطوق الآيتين لإغفالهما إياه و اتحاد مضمونهما

إلا في المتصدق عليه قيل علته أن التأسيس أولى من التأكيد خصوصا و قد تأيد هاهنا بالخبر الصحيح و فيه نظر فإن الصحيح ضمن الأمر بإطعام الأهل ثلثا و لم يقولوا به مطلقا مع أنه ليس فيه التصريح بالإهداء و إنما احتمل كون إطعام القانع و المعتر فيه كناية عن الإهداء و يمكن الجواب عن الأول بالمنع من عدم قول الأصحاب برجحان إطعام الأهل الثلث و ذلك فإنه و إن لم يصرحوا باستحبابه بالخصوص لكن صرحوا باستحباب أكل الثلث و هو و إن كان ظاهرا في أكل الذابح نفسه إلا أن المراد لعله مع أهله و إلا فيتعسر أو يتعذر غالبا أكله الثلث وحده إلا في مدة مديدة لا يمكن أكله الثلث فيها إلا بإخراجه من منى و قد منعوا عنه كما مضى فلا يجامع حكمهم ذلك حكمهم باستحباب أكله بنفسه الثلث هنا و من هنا يظهر

أن أكل الثلث بنفسه ليس بواجب قطعا بل و لا خلاف فيه أيضا و إنما اختلفوا في وجوبه الجملة و لو قليلا فالشيخ و جماعة على الاستحباب و عزاه في الدروس إلى الأصحاب و لعله الأقوى للأصل السليم عما يصلح للمعارضة عدا ما ستعرفه مع الجواب عنه و قيل يجب الأكل منه و هو الحلي كما عرفت و تبعه من المتأخرين جماعة لما ذكره من الأمر به في الآية الشريفة مضافا إلى الأمر به في الصحيح أو الموثق إذا ذبحت أو نحرت فكل و أطعم كما قال اللَّه تعالى فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ و قال القانع الذي يقنع بما أعطيته و المعتر الذي يعتريك و السائل الذي يسألك في يديه و البائس الفقير و يضعف بمنع

إفادة الأمر الوجوب هنا أما أولا فلوروده مورد توهم الحظر كما ربما يستفاد من تتبع الأخبار و صرح به جمع منهم الفاضل المقداد في كنز العرفان و حكاه بعض عن صاحب الكشاف فقالا كانت الأمم قبل شرعنا يمتنعون من أكل نسائكهم فرفع اللَّه الحرج عنهم من أكلها فلا يفيد سوى الإباحة كما قرر في محله و أما ثانيا فلأن مورد النزاع إنما هو هدي التمتع خاصة كما صرح به في المدارك و يظهر من غيره أيضا كما ستعرفه و لا اختصاص للآية الشريفة و كذا الرواية بل تعمه و هدي القران و التضحية و شمولها لهدي القران صريح الفاضل في المنتهى و ابن زهرة حيث استدل لجواز أكل هدي القران و المتعة بعد الإجماع بالآية و ساقها إلى قوله تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ و قال في وجه الاستدلال و الذي يترتب عليه قضاء التفث هو هدي التمتع و القران و ليس الأكل من الأضحية و لا من هدي القران واجبا اتفاقا كما صرح به الفاضل المقداد في الكنز و العلامة في المنتهى حيث قال هدي التطوع يستحب الأكل منه بلا خلاف لقوله تعالى فَكُلُوا مِنْها الآية و أقل مراتب الأمر الاستحباب إلى أن قال لو لم يأكل من التطوع لم يكن به بأس بلا خلاف و مراده بهدي التطوع هدي القران كما صرح به في موضع آخر منه و حينئذ فلا بد من صرف الآية و الرواية عن ظاهرهما فإما إلى الاستحباب أو التخصيص بهدي التطوع دون غيره و الثاني و إن كان أولى إلا أن الشهرة مع ما قدمناه من الجواب الأول برجحان الأول أو يساويانه مع الثاني فليرجع إلى حكم

الأصل و هو البراءة من الوجوب و العجب من العلامة في المنتهى حيث قال فيه بوجوب الأكل مستدلا بالآية الشريفة و مع ذلك استدل لاستحباب الأكل من هدي التطوع بالآية المزبورة مع أنه ليس فيها إلا أمر واحد و لا يمكن حمله في استعمال واحد على معنييه الحقيقي و المجازي فإما الوجوب أو الاستحباب لا سبيل إلى الأول بعد تصريحه لشمول الآية لهدي القران المستحب فيه الأكل بلا خلاف كما ذكره فتعين الثاني و بالجملة الذي يقتضي النظر و تتبع الأخبار و الفتاوى و رجحان القول بالاستحباب و إن كان الأحوط القول

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 396

بالإيجاب و يكره التضحية بالثور و الجاموس كما في الشرائع و الفوائد و القواعد و التحرير و المنتهى من غير نقل خلاف فيه أصلا قال لما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سألته عن الأضاحي قال أفضل للأضاحي في الحج الإبل و البقر ذوات الأرحام و لا يضحي بثور و لا جمل و ليس فيه مع إضماره ذكر الجاموس إلا أن يستدل على كراهيته بالفحوى و يدل على جواز التضحية به صريحا الصحيح عن الجاموس عن كم يجزي في التضحية فجاء في الجواب إن كان ذكرا فعن واحد و إن كان أنثى فعن سبعة و حينئذ فلا يحتاج في إثبات أجزائه إلى البناء على أنه مع البقر جنس كما تقرر في كتاب الزكاة فيناقش فيه بأن المستفاد من كلام بعض أهل اللغة خلافه و الموجوء و هو مرضوض الخصيتين حتى يفسدا كما في الكتب المتقدمة عدا التحرير و المنتهى ففيهما الموجود خير من النعجة و النعجة خير من المعز و في آخر اشتر فحلا سمينا للمتعة فإن لم تجد فمن فحولة

المعز فإن لم تجد فما استيسر من الهدي فليس في الروايتين تصريح بالكراهة و إنما المستفاد منهما أن الفحل من الضأن أفضل من الموجوء و أن الموجوء خير من المعز و بذلك صرح به في المدارك و الذخيرة لكن قالا بعد نقل الحكم بالكراهة قد قطع بها الأصحاب و احتمل في الذخيرة كون مرادهم منها ترك الأولى لا المعنى المصطلح عليه الآن

[الثالث في البدل]

الثالث في البدل و اعلم أنه لو فقد الهدي و وجد ثمنه و هو يريد الرجوع استناب ثقة في شرائه و ذبحه طول ذي الحجة فإن لم يوجد فيه ففي العام المقبل في ذي الحجة على الأظهر الأشهر بل عليه عامة من تأخر و في ظاهر الغنية الإجماع عليه و هو الحجة مضافا إلى الصحيح الصريح في ذلك و ربما استدل له أيضا ببعض المعتبرة عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده و هو موسر حسن الحال و هو يضعف عن الصيام فما ينبغي له أن يصنع قال يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه عنه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله و ليذبح عنه في ذي الحجة قال فإنه دفعه إلى ما يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا و أصابته بعد ذلك قال لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة و لو أخره إلى قابل و يضعف بأنه لما ذكر السائل أنه يضعف عن الصيام لم يصح الاستدلال به على وجوب أن يخلف الثمن مع القدرة عليه كما في كلام جمع و قيل ينتقل فرضه إلى الصوم و القائل الحلي و تبعه الماتن في الشرائع و ربما يعزى إلى العماني و فيه نظر و استدل

عليه بصدق أنه غير واجد للهدي فينتقل إلى الفرض الصوم و بالموثق عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم قال بل يصوم فإن أيام الذبح قد مضت و يضعف الأول بمنعه فإن تيسر الهدي و وجد أنه يعمان العين و الثمن و إلا لم يجب الشراء مع الوجود يوم النحر و إمكانه إن خصص الوجود به عنده و إلا فهو أعم منه عنده أو عند غيره في أي جزء كان من أجزاء الزمان الذي يجزي فيه لا يقال إذا لم يجده بنفسه ما كان هناك شمله ممن لم يجده لأنا نقول وجدان النائب كوجدانه لأنه مما يقبل النائب كما عرفته و الثاني بقصور سنده و عدم مكافأته لمقابله سندا و اعتبارا مضافا إلى ظهوره فيمن قدر على الذبح بمنى و هو غير ما نحن فيه و لا يوجبان الصوم فيه و لعله لذا حمله الشيخ على من صام ثلاثة أيام قبل الوجدان كما في الخبر عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى قال أجزأ صيامه و غيره على ما مر في بحث وجوب كون الذبح يوم النحر و للإسكافي هنا قول ثالث مخير بين القولين الأولين و بين الصدقة بالوسطى من قيمة الهدي في تلك السنة قيل جمعا بين ما مر و خبر عبد اللَّه بن عمر قال كنا بمكة فأصابنا غلا في الأضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين ثم بلغت سبعة ثم لم يوجد بقليل و لا كثير فوقع هشام المكاري رقعة إلى أبي الحسن ع فأخبره بما اشترينا و إنا لم نجد بعد فوقع إليه

انظروا إلى الثمن الأول و الثاني و الثالث فاجمعوا ثم تصدقوا بمثل ثلثه و يضعف بأن الجمع بذلك فرع التكافؤ و الشاهد المفقودين في المقام مع ظهور الثالث بعد تسليمه كما قيل في الندب مضافا إلى أن اتفاق الثمن بدل الهدي مخالف للكتاب و مع فقد الثمن أيضا يلزمه الصوم قولا واحدا و هو ثلاثة أيام في الحج متواليات و سبعة في أهله بالكتاب و السنة و الإجماع و في المنتهى لا خلاف فيه بين العلماء و ليس في الكتاب ما يدل على اعتبار التوالي بين الثلاثة لكن جاء ذلك من قبل إجماعنا الظاهر المصرح به في المنتهى و غيره و السنة ففي الموثق لا يصوم الثلاثة الأيام متفرقة و نحوه الصحيح المروي عن قرب الإسناد و قريب منهما الصحاح و غيرهما الآمرة بصوم يوم التروية قبل و صومها و صوم عرفة لكنها محمولة على الاستحباب عند الأصحاب و في ظاهر المنتهى و عن ظاهر التذكرة الإجماع عليه و يستثنى من اعتبار التوالي ما إذا صام يومي التروية و عرفة فيؤخر العيد إلى آخر أيام التشريق كما مر في كتاب الصوم و المراد بقوله في الحج أي في سفره قبل رجوعه إلى أهله و شهره و هو هنا ذو الحجة عندنا كما في ظاهر المنتهى و غيره و سيأتي ما يدل عليه و المعتبر من القدرة على الثمن القدرة عليه في موضعه لا في بلده و في المنتهى أنه لا يعلم فيه خلافا و لو تمكن من الاستدانة ففي وجوبها وجهان قيل و قرب الشهيد الوجوب أقول و عليه الشهيد الثاني أيضا و يجوز تقديم صوم الثلاثة من أول ذي الحجة كما

في كلام جماعة و

ادعى في التنقيح عليه الشهرة و لا يخلو عن قوة لإطلاق الآية الشريفة و تفسيرها في الصحيح بذي الحجة و خصوص الموثق لم يجد هديا واجب أن يصوم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس بذلك قيل و نص ابن سعيد على أنه رخص في ذلك لغير علة عذر و في السرائر و ظاهر التبيان الإجماع على وجوب كون الصوم في الثلاثة المتصلة بالنحر و في الخلاف نفى الخلاف عن وجوبه اختيارا لكن يحتمل نفي الخلاف عن تقديمها على الإحرام بالحج و فيه و في النهاية و التهذيب و المبسوط و المهذب ذكر الرخصة في صومها أول العشر لكن في الأخيرين أن التأخير إلى السابع أحوط و في التهذيب أنه أولى و ظاهر الخلاف اختصاص الرخصة بالمضطر و لا يجوز صومها إلا بعد التلبس بالمتعة إلا في رواية عن أحمد قال في المنتهى و هو خطأ لأنه تقديم للواجب على وقته و سببه و مع ذلك فهو خلاف قول العلماء و نحوه عن التذكرة و يكفي التلبس بعمرتها كما في الشرائع و التحرير و المنتهى و الفوائد و القواعد و عن الخلاف و التذكرة لإطلاق الآية و الاتفاق فتوى و رواية على أن الراجح صومها من السابع مع استحباب كون الإحرام بالحج في الثامن و لم يحك خلافه فيه إلا عن الشافعي و بعض العامة و اشترط الشهيد في الدروس و اللمعة و كذا شارحها التلبس بالحج كما عليه الماتن هنا و وجهه غير واضح عدا ما في التنقيح من كونه تقديما للواجب على وقته فهو تقديم للمسبب على سببه و هو اجتهاد في مقابلة ما قدمناه من الدليل و لعله عليه اعتماد و من

وافقناه على الاكتفاء بالتلبس بالعمرة و بنائه و به استدل عليه في المنتهى و غيره لا على ما في الدروس من أنه بناء على وجوبه بها و الظاهر أن مرجع الضمير الأول هو الهدي كما في الذخيرة أو الصوم كما في التنقيح لا الحج كما ذكره شيخنا الشهيد الثاني و سبطه و على التقادير و المرجع واحد و هو دفع وجه الإشكال المتقدم

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 397

و لا يحتاج إلى ذلك بل الدافع له ما عرفت من الدليل فتأمل و لا يجوز تقديمها قبل ذي الحجة مطلقا لما عرفته و يجوز صومها طول ذي الحجة عند علمائنا و أكثر العامة كما قيل لأكثر ما مر و الصحيح من لم يجد ثمن الهدي واجب أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس و ظاهر إطلاق الأدلة كجملة من الفتاوى جوازه اختيارا قيل و ظاهر الأكثر و منهم الفاضل في جملة من كتبه وجوب المبادرة بعد التشريق فإن فات فليصم بعد ذلك إلى آخر الشهر و هو أحوط لاختصاص أكثر الأخبار بذلك و من ذهب إلى كونه قضاء بعد التشريق لم يجز عنده التأخير إليه اختيارا قطعا و هو مذهب الشيخ في المبسوط على ما في المختلف و الحق أنه أداء كما في الخلاف و السرائر و الجامع و المختلف و المنتهى و التذكرة و التحرير و فيما عندي من نسخ المبسوط إذ لا دليل على خروج الوقت بل العدم ظاهر ما مر و غاية الأمر وجوب المبادرة و لو خرج ذو الحجة و لم يصم الثلاثة بكمالها سقط عنه الصوم و تعين عليه الهدي في القابل بمنى عند علمائنا و أكثر العامة كما في المدارك و

في غيرهما الإجماع كما عن صريح الخلاف بل قيل نقله جماعة و هو الحجة مضافا إلى الصحيح من لم يصم في ذي الحجة حتى هل هلال المحرم فعليه دم شاة و ليس له صوم و يذبحه بمنى و إطلاقه بل عمومه يعم الهدي و الكفارة و احتمال اختصاصه بالثاني لا وجه له سيما مع استدلال الأصحاب به فيما نحن فيه و الصحيح عمن نسي الثلاثة الأيام حتى قدم أهله قال يبعث بدم لكنه معارض بالصحاح المستفيضة على أن من فاته صومها بمكة لعائق أو نسيان فليصمها في الطريق إن شاء و إن شاء إذا رجع إلى أهله من غير تقييد ببقاء الشهر و عدم خروجه بل هي مطلقة شاملة له و لغيره و بها أفتى الشيخ ره في التهذيب و نقل عن المفيد أيضا لكنه رجع عنه في الخلاف كما عرفت و في الانتصار جمع بينهما و بين الصحيحة بحملها على صورة خروج الشهر و حمل هذه الأخبار على بقائه و استبعده في الذخيرة و استحسن الجمع بينهما بتقييد الصحيحة بالناسي دون غيرها و جمع الشيخ أولى لاعتضاده بعد الشهرة و الإجماعات المنقولة بظاهر الكتاب و السنة و الإجماع الموقتة لهذا الصوم بذي الحجة و مقتضاها سقوطه بخروجه و تقييدها بحال التمكن و الاختيار من إتيانه في مكة ليس بأولى من تقييد بها بحملها على بقاء ذي الحجة بل هذا أولى من وجوه شتى و منها بعد ما مضى قطعية الكتاب و السنة التي بمعناها دون هذه فإنها آحاد و إن كانت صحاحا و هل يجب مع دم الهدي دم آخر كفارة كما في صريح المنتهى و عن ظاهر المبسوط و جامع أم لا كما

هو ظاهر المتن و غيره من عبائر الأكثر الأحوط الأول و استدل عليه في المنتهى بأنه ترك نسكا و قال ص من ترك نسكا فعليه دم و بأنه صوم موقت وجب بدلا فوجب بتأخيره كفارة كقضاء رمضان و هو كما ترى و سند الخبر لم يتضح لنا فعدم الوجوب للأصل لعله أقوى و لو صام الثلاثة في الحج لفقد الهدي و ثمنه ثم وجد الهدي لم يجب عليه على الأشهر الأظهر و عن الخلاف الإجماع عليه للأصل و ظاهر الآية و صريح الخبر المنجبر ضعفه بالعمل لكنه أفضل بلا خلاف يظهر و بنفيه صرح بعض خروجا عن شبهة القول بالوجوب مطلقا كما عن المهذب أو إذا وجده قبل التلبس بالسبعة في وقت الذبح كما عن القواعد و للخبر عن رجل تمتع و ليس معه ما يشتري به هديا فلما إن صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أ يشتري هديا فينحره أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله قال يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة و إنما حمل على الفضل جمعا و لضعف السند و ظاهر العبارة و نحوها وجوب الهدي لو لم يصم الثلاثة بكمالها كما عن الأكثر خلافا للمحكي عن الخلاف و الحلي و الفاضل في جملة من كتبه فاكتفوا في سقوط الهدي بمجرد التلبس بالصوم و عليه المقداد في كنز العرفان و استدل عليه في المنتهى بإطلاق الآية وجوب الصوم على من لم يجد الهدي قال لا يقال هذا يقتضي عدم الاجتزاء بالهدي و إن لم يدخل في الصوم لأنا نقول لو خلينا و الظاهر لحكمنا بذلك لكن الوفاق وقع على خلافه فيبقى ما عداه على

الأصل

انتهى و المسألة محل إشكال و الاحتياط يقتضي المصير إلى الأول و لا يشترط في صوم السبعة التتابع على الأشهر الأقوى بل في المنتهى و عن التذكرة أنه لا يعرف فيه خلافا للأصل و إطلاق الأمر و صريح الخبر المنجبر بالعمل خلافا للمحكي في المختلف عن العماني و الحلبي و في التنقيح عن المفيد و ابن زهرة العلوي فاشترطوه و قواه في المختلف لآخر و ربما عد من الصحيح عن صوم ثلاثة أيام في الحج و سبعة أ يصومها متوالية أو يفرق قال يصوم الثلاثة الأيام لا تفرق بينها و السبعة لا يفرق بينها و أيد بالحسن السبعة الأيام الثلاثة الأيام في الحج لا تفرق أبدا إنما هي بمنزلة الثلاثة الأيام في اليمين و ليسا نصا فيحتملان الحمل على الكراهة توفيقا بين الأدلة المؤيدة بعموم الصحيح كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين و مع ذلك فلا ريب أن التتابع مهما أمكن أحوط و لو أقام من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدي بمكة شرفها اللَّه سبحانه انتظر بصيامها مضي أقل الأمرين من مدة وصوله إلى أهله أو مضي شهر بلا خلاف فيه أجده في الجملة و به مطلقا صرح في الذخيرة و في غيرها أنه مقطوع به في كلامهم للصحيح و إن كان له مقام بمكة و أراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مصيره إلى أهله أو شهرا ثم صام قيل و أوجب القاضي و الحلبيون الانتصار إلى الوصول و لم يعتبروا الشهر و حكى ابن زهرة الإجماع و رواه المفيد عن الصادق ع و يوافقها مضمر أبي بصير في الكافي و الفقيه أقول و نحوه الصحيح في المقيم إذا صام

الثلاثة الأيام ثم يجاور ينظر مقدم أهل بلده فإذا ظن أنهم قد دخلوا فليصم السبعة الأيام لكنه مقطوع كما أن الأول مرسل فيضعف الخبران بهما عن المقاومة لما مر من الصحيح مع أنه مفصل فالعمل به أقوى من العمل بالمطلق بل ينبغي تقييده ثم قصر الماتن الحكم على المقيم بمكة ظاهر جمع و منهم الصدوق و الشيخ و القاضي و ابني سعيد و إدريس فيما حكاه بعض الأفاضل قال و عمه الحلبيان لمن صد عن وطنه و ابن أبي محمد للمقيم بأحد الحرمين و الفاضل في التحرير لمن أقام بمكة أو الطريق و أطلق في التذكرة من أقام لكنه استدل بالصحيح المتقدم و الوجه قصر الشهر على المنصوص للأمر في الآية بالتأخير إلى الرجوع غاية الأمر تعميمه ما في حكمه و إلا لم يصمها من لا يرجع انتهى و بما استوجهه شيخنا الشهيد الثاني و تبعه سبطه في المدارك و صاحب الذخيرة لكن لم يعتبر الرجوع الحكمي بناء على أن ظاهر الآية الرجوع الحقيقي و هو حسن إلا أن مقتضاه عدم لزوم صومها لمن يريد الإقامة بها أبدا و لعله خلاف الإجماع و إلى هذا أشار الفاضل المتقدم بقوله و إلا لم يصمها من لا يرجع في تعليل تعميم الرجوع للحكمي مطلقا و بناء على أن المراد بالإقامة و الفتوى و الرواية المجاورة الأبدية لا مطلق المجاورة و في تعينه إشكال لصدق الإقامة بغير ذلك مثل المجاورة سنة لغة و عرفا مضافا إلى وقوع التصريح بذلك في رواية أبي بصير المتقدمة فإن فيها عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام فلما قضى نسكه بدا له أن يقيم بمكة سنة قال فلينتظر منها

أهل بلده فإذا ظن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 398

أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام و هي و إن كانت مرسلة لكنها معتضدة بإطلاق لفظة الإقامة لغة و عرفا و حينئذ فيتجه ما ذكراه من اعتبار الرجوع الحقيقي حيث يتوقع و يمكن و لعل هذه الصورة مرادهما أو يتأملان في وجوب السبعة لمن لا يريد الرجوع أبدا لاشتراطه بالرجوع المفقود هنا و لكنه بعيد جدا ثم إنه ليس في الصحيحة المتقدمة و كلام الأكثر تعيين مبدأ الشهر أ هو بعد انقضاء أيام التشريق كما عن جماعة أو يوم يدخل مكة كما احتمله آخرون أو يوم يعزم على الإقامة كما احتمله في الذخيرة و فيها أن الرواية لا يخلو عن إشعار به و هو كذلك و لو مات من وجب عليه الصوم بدل الهدي و لم يصم فإن لم يكن قد تمكن من صيام شي ء من العشرة سقط الصوم و لا يجب على وليه القضاء عنه و لا الصدقة عنه لما مر في كتاب الصوم و في المنتهى هنا ذهب إليه علمائنا و أكثر الجمهور و قريب منه ظاهر الصيمري فادعى إطباق الفتاوى على اعتبار التمكن و جعله المقيد للنص الآتي بإطلاق القضاء عنه و رد بذلك على بعض من حكي عنه عدم اعتباره إياه و هو حسن و إن تمكن من فعل الجميع و لم يفعل قال الشيخ ره صام الولي عنه الثلاثة الأيام وجوبا دون السبعة و تبعه الماتن هنا و جماعة كما قيل للصحيح عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج و لم يكن له هدي فصام ثلاثة أيام في ذي الحجة ثم مات بعد أن رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيام على وليه

أن يقضي عنه قال ما أرى عليه قضاء و فيه أن ظاهره نفي القضاء مطلقا كما عليه الصدوق و في النهاية و لكنه استحبه و ذلك فإن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل خلافا للحلي و أكثر المتأخرين بل المشهور كما قيل فيجب عليه قضاء السبعة أيضا للصحيح من مات و لم يكن له هدي لمتعة فليصم عنه وليه و فيه أن هذا ظاهر و ما مر نص فليقدم عليه و يحمل على الاستحباب كما صرح به الصدوق في الفقيه لكن شهرة العمل بهذا و اعتضاده بعموم نحو الصحيح في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال يقضي عنه أولى الناس بميراثه المعتضد بدعوى الإجماع عليه في السرائر و المختلف و به استدلا على الوجوب هنا و بما يوجب المصير إليه و صرف التأويل في الصحيح الأول بما في المنتهى من حمله على ما إذا لم يتمكن من القضاء إلا أن يقال إن الشهرة ليست بتلك الشهرة الموجبة لصرف الأدلة عن ظواهرها بمقتضى القواعد الأصولية و عموم نحو الصحيحة و شمولها المفروض المسألة غير واضح كما صرح به في الذخيرة و دعوى الإجماع في محل النزاع المصرح به في كلام الناقل له ربما تكون ممنوعة مع أن عبارة السرائر في الوجوب غير صريحة فإنه قال و الأولى و الأحوط أنه يلزمه القضاء عنه فتأمل و كيف كان فلا ريب أن الوجوب أحوط بلا لا يترك سيما في الثلاثة و من وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر و عجز عنها و لم يكن على بدلها نص بخصوصها كفداء النعامة أجزأه سبع شياه كما هنا و في الشرائع و السرائر و التهذيب و عن النهاية

و المبسوط و في المنتهى ما ربما يشعر بإجماعنا عليه قال للنبوي فيمن أتاه ع فقال إن علي بدنة و أنا موسر لها و لا أجدها فأشتريها فأمره ع أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن و الخاصي الصحيح على قول قوي أو القريب منه على آخر في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء قال إذا لم يجد بدنة فسبع شياه فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله قيل و لاختصاصه بالفداء اقتصر عليه ابن سعيد و اقتصر الصدوق في الفقيه و المقنع على الكفارة و هي أعم من الفداء أقول و لكن النبوي عام و قصور السند أو ضعفه مجبور بعمل الأصحاب سيما الحلي كما انجبر به ضعف الخاصي إن كان و بذيله أفتى الشيخ في كتبه المتقدمة و الفاضل في التحرير و المنتهى أيضا و لو وجب عليه سبع شياه لم يجزه البدنة و إن كانت السبعة بدلا عنها لفقد النص و في إجزاء البدنة عن البقرة وجهان أظهرهما العدم خلافا للتحرير و المنتهى فاستقرب الإجزاء قال لأنها أكثر و هو كما ترى و لو تعين عليه الهدي و مات قبله أخرج من أصل تركته لأنه دين مالي و جزء من الحج الذي يخرج كله منه و لو قصرت التركة عنه

و عن الديون وزعت التركة على الجميع بالحصص و إن لم تف حصته بأقل هدي ففي وجوب إخراج جزء من الهدي مع الإمكان و مع عدمه فيعود ميراثا أو العود ميراثا مطلقا أو الصدقة به عنه كذلك أوجه و أقوال و القول بوجوب إخراج الجزء من الهدي مع الإمكان و الصدقة به مع عدمه لا يخلو عن رجحان

[الرابع في هدي القران]

الرابع في

هدي القران و يجب ذبحه أو نحره بمنى إن كان قرنه بالحج و بمكة إن قرنه بالعمرة بغير خلاف فيهما أجده و به صرح في الذخيرة و في غيرها نفيه صريحا مؤذنا بدعوى الإجماع عليهما كما في صريح المدارك و غيره و عن صريح الخلاف أيضا و غيره و عن صريح الخلاف أيضا للحسن أو الموثق في الأول لا هدي إلا من الإبل و لا ذبح إلا بمنى و للموثق في الثاني فيمن سئل عن ساق في العمرة بدنة أين ينحرها قال بمكة و أفضل مكة فناء الكعبة بالمد سبعة أمامها و قيل ما امتد من جوانبها دور أ هو حريمها خارج المملوك بالجزورة قيل هي كقسورة في اللغة التل الصغير و الجمع الجزاور و قد يقال بفتح الزاء و شد الواو للصحيح من ساق هديا و هو معتمر نحر هدية في المنحر و هو بين الصفا و المروة و هي الجزورة و بظاهره أخذ في القواعد فلم يحكم بالأفضلية بل ذكر فناء الكعبة بدل مكة و في الدروس عبر بالأفضلية كما في العبارة و لعله للجمع بين هذه الرواية و الموثقة السابقة بإبقائها على إطلاقها و حمل هذه على الفضيلة و الجمع بالتقييد أولى إن لم يكن على خلافه الإجماع و لو هلك قبل الذبح أو النحر لم يقم بدله و لو كان مضمونا أي واجبا بالأصالة لا بالسياق وجوبا مطلقا لا مخصوصا بفرد كالكفارة و النذر لزمه البدل بلا خلاف أجده و به صرح بعض للأصل من غير معارض في الأول و للصحاح و غيرها مستفيضة فيه و في الثاني ففي الصحيح عن الهدي الذي يقلد أو يشعر ثم يعطي قال إن كان

تطوعا فليس عليه غيره و إن كان جزاء و نذرا فعليه بدله و صريحه كغيره كظاهر الماتن و غيره و صريح الدروس و التذكرة كما في الذخيرة أن هدي السياق لا يشترط فيه أن يكون متبرعا به ابتداء بل لو كان مستحقا كالنذر و الكفارة تأدت به وظيفة السياق قيل و عبارة الأصحاب كالصريحة في ذلك فلا ضرورة إلى ارتكاب التأويل في العبارة بجعل الضمير المستكن في كان عائدا إلى مطلق الهدي و كون إدخاله في باب هدي القران من باب الاستطراد مع أن الظاهر المتبادر منه عود الضمير إلى هدي السياق و أما ما ينافي الحكم الثاني كالمرسل كل شي ء إذا دخل الحرم فعطب فلا بدل على صاحبه تطوع أو غيره فلضعف سنده و عدم ظهور قائل به محمول على العجز عن البدل أو عطف غير الموت كالكسر أو تعلق الوجوب بالعين فإنه لا بدل فيه كما صرح به بعض المحدثين فقال في شرح الحديث المتقدم بعد قوله إن كان جزاء أو نذرا ينبغي حمل النذر فيه على النذر المطلق فإنه إذا تلف هنا رجع إلى الذمة أما لو كان نذرا معينا بهذه البدنة يكون حينئذ قد زال ملكه عنها و تكون في يده أمانة للمساكين كالوديعة لا تضمن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 399

إلا بالتعدي و التفريط و هذان القسمان على ما حررنا مما ادعي عليهما الإجماع انتهى و هو حسن و به صرح جمع و لو عجز عن الوصول إلى محله الذي يجب ذبحه فيه نحره أو ذبحه و صرفه في وجوهه في موضع عجزه و لو لم يوجد فيه مستحق أعلمه علامة التذكية و الصدقة بأن يغمس نعله في دمه و يضرب بها صفحة

سنامه أو يكتب رقعة و يضعها عنده تؤذن بأنه هدي و يجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية و الإباحة بلا خلاف أجده للمعتبرة المستفيضة ففي الصحيح رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه و لا يعلم أنه هدي و قال إنه ينحره و يكتب كتابا أنه هدي و يضعه عليه ليعلم من مر به أنه صدقة و فيه أي رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلها أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها إن قدر على ذلك ثم ليطلخ نعلها الذي قلدت به بدمه حتى يعلم من يمر بها أنها قد ذكيت فيأكل من لحمها إن أراد و ظاهرها عدم وجوب الإقامة عنده إلى أن يوجد المستحق و إن أمكنت و به صرح جماعة و لو أصابه كسر يمنع وصوله جاز بيعه كما عن النهاية و المبسوط و غيرهما قيل لخروجه بذلك عن صفة الهدي مع بقائه على الملك و للحسن أقول بل الصحيح عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطف أ يبيعه صاحبه و يستعين ثمنه على هدي آخر قال يبيعه و يتصدق بثمنه و يهدي هديا آخر و إذا باعه فيستحب الصدقة بثمنه أو إقامة بدله به لهذا الخبر و قول ابن عباس إذا هديت هديا واجبا فعطب و انحره مكانه إن شئت و اهده إن شئت و بعه إن شئت و تقومه إن شئت و لاستحبابهما مطلقا و الخبر بقيد استحبابهما جميعا أقول كما في التحرير ثم قيل أيضا و لا يجب شي ء منهما و إن كان ظاهر الخبر للأصل من غير معارض فإن السياق إنما يوجب ذبح النوق أو نحره و الخبر

يحتمل الندب و الواجب مطلقا لا بالسياق بل في نذر أو كفارة بل هو الظاهر و وجوب بدله ظاهر و عليه حمل في التذكرة و المنتهى و فيها أن الأولى به ذبحه و ذبح ما في ذمته معا و إن باعه تصدق بثمنه للصحيح عن الهدي الواجب إذا أصابه كسرا أو عطب أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه في هدي قال لا يبيعه فإن باعه فليتصدق بثمنه و ليهد هديا آخر و ليتعين حق الفقراء فيه بتعينه و لذا أوجب أحمد في رواية ذبحه قال و الأولى حمل ما تلوناه من الرواية على الاستحباب قلت لأصالة البراءة من هديين و الحرج و العسر انتهى و هو حسن إلا أنه بعد الاعتراف بكون مورد النص بجواز البيع هو الواجب مطلقا لا بالسياق يشكل الحكم بجواز البيع في محل البحث لخلوه عن النص على هذا التقدير بل مقتضى الصحيحة المتقدمة في المسألة الأولى المصرحة بالذبح و التعليم على هذا الوجه مع الكسر وجوبه كالعطب من غير فرق بينهما و هو أيضا ظاهر باقي الروايات المتقدمة ثمة بناء على وقوع الحكم فيها منوطا بالعطب و هو يتناول الكسر و غيره بل قيل ظاهر كلام أهل اللغة اختصاصه بالكسر و بالجملة مقتضى النصوص المزبورة عدم الفرق بين المسألتين و منه يظهر ضعف ما قيل من أن الفارق بينهما هو النص فإنه إن أراد من النص ما تقدم في المسألة الأولى فقد عرفت تصريح بعضها بعموم الحكم و عموم باقيها للمسألتين و ظهورها في الثانية و كذا إن أراد من النص ما مر في هذه المسألة للتصريح فيه أيضا بالعموم مع أن موردها الهدي الواجب مطلقا لا بالسياق كما عرفت

و بالجملة الأصح عدم الفرق بين المسألتين في وجوب الذبح وفاقا لجماعة من متأخري المتأخرين و لا يتعين هدي السياق في حج أو عمرة للصدقة إلا بالنذر و ما في معناه لما مر من المعتبرة الآمرة بتثليثه في الأكل و الهدية و الصدقة لكن مقتضاها وجوبه كما عن الحلي و الموجود و في السرائر ما قدمناه في هدي التمتع نعم التثليث ظاهر الدروس بل صريحه و تبعه جماعة و مقتضى العبارة و ما شاكله أن الواجب فيه هو النحر أو الذبح خاصة فإذا فعل ذلك صنع به ما شاء إن لم يكن منذورا للصدقة و لعل وجهه الأصل مع ما قدمناه ثمة من صرف الأوامر بالتثليث في الآية و المعتبرة إلى الاستحباب كما هو المشهور هنا و ثمة و هو الأقوى و نبه بقوله و إن أشعره

أو قلده على أن بهما لا يتعين للصدقة و إنما الواجب بهما نحره أو ذبحه خاصة و أما قبلهما فله التصرف و فيه بما شاء و إبداله فإنه ما له كما في الصحيح إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها و إن شاء باعها و إن كان أشعرها نحرها و لو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه إن ذبحه في منى و إن ذبحه في غيره لم يجزئ كما في الصحيح لكن ليس فيه التقييد بكون الذبح عن صاحبه كما في المتن و كلام جمع و لعله أخذوه من المرسل في رجل اشترى هديا فنحره و مر به رجل آخر فعرفه فقال هذه بدنتي ضلت مني بالأمس و شهد له رجلان بذلك فقال له لحمها و لا يجزي عن واحد منهما ثم قال و لذلك

جرت السنة بإشعارها أو تقليدها إذا عرفت مع وقوع الأمر بالذبح عنه في الصحيح إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر و الثاني و الثالث ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث و في المنتهى إن ذبحه عن نفسه لم يجز عن واحد منهما أما عن الذابح فلأنه نهي عنه و أما عن صاحبه فلعدم النية و إطلاق النص و المتن يقتضي عدم الفرق في الحكم بين أن يكون هدي الذي تعلق به السياق متبرعا به أو واجبا بنذر أو كفارة و به صرح جماعة خلافا لبعضهم في الواجب و هو مدفوع بإطلاق النص و لو ضل فأقام بدله ثم وجده ذبحه و لا يجب ذبح الأخير لأنه لم يتعين له بالإقامة و للموثق أو الصحيح عمن اشترى كبشا فهلك منه فقال يشتري مكانه آخر فقال إن كان اشتر مكانه آخر ثم وجد الأول فقال إن كان جميعا قائمين فليذبح الأول و قال و يبيع الآخر و إن شاء ذبحه و إن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول للأمر به في الخبر المتقدم و لكن ظاهره الوجوب إلا أنه لا قائل بإطلاقه فليحمل على الاستحباب كذلك كما هو ظاهر المتن و غيره أو يقيد بما إذا لم يتعين بالنذر كما في الشرائع و القواعد و غيرهما أو الإشعار و التقليد أيضا كما في المنتهى تبعا للمحكي في المختلف عن الشيخ و هو الأظهر للصحيح عن الرجل يشتري البدنة ثم تصل قبل أن يشعرها أو يقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر و يجد هديه فقال ع إن لم يكن قد أشعرها فهو من ماله إن شاء نحرها و

إن شاء باعها و إن كان أشعرها نحرها خلافا لظاهر المتن و نحوه فلم يوجبوا الذبح و لو مع الإشعار و به صرح في المختلف قال لأنه امتثل المأمور به فيخرج عن العهدة نعم لو عينه بالنذر كان قول الشيخ جيدا و فيه أنه اجتهاد في مقابلة النص فلا يعتبروه و يجوز ركوبه و شرب لبنه ما لم يضر به أو بولده بلا خلاف في الهدي المتبرع به بل عليه الوفاق في المدارك و في غيره الإجماع مطلقا إلا من الإسكافي في الواجب أقول و تبعه الفاضل في المختلف و غيره و المنتهى عن الإجماع على المستثنى فإن ثم و إلا كما هو الظاهر لإطلاق المتن و كلام كثير فالوجه عدم الفرق في الحكم بين الواجب و المتبرع به لإطلاق النص كالصحيح إن نتجت بدنتك فأحبلها ما لم يضر بولدها ثم انحرها جميعا قلت أشرب

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 400

من لبنها و أسقي قال نعم و قال إن عليا ع كان إذا رأى ناسا يمشون و قد جهدهم المشي حملهم على بدنة و قال إن ضلت راحلة الرجل أو هلكت و معه هدي فليركب على هديه و نحوه أخبار أخر صحيحة نعم يمكن القول بذلك في الواجب المعين لخروجه عن الملك فيتبعه النماء مع عدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إليه مع احتماله أيضا فيشكل أما الواجب المطلق كدم التمتع و جزاء الصيد و النذر الغير المعين فالأجود فيه العمل بالإطلاق و إن كان الأحوط فيه و في النذر المعين المنع فإن فعل عزم قيمة ما يشرب من لبنها لمساكين الحرم و أما الخبر ما بال البدنة فقلد النعل و تشعر فقال ع أما النعل فيعرف أنها بدنة

و يعرفها صاحبها بنعله و أما الإشعار فيحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع الشيطان أن يتسنمها فمحمول على الكراهة قيل أو الجواز على الضرورة أو غير المتعين و في قوله أو بولده إشارة إلى أن الهدي إذا أنتجت فالولد هدي كما عن النهاية و المبسوط و التهذيب و السرائر و الجامع و نص عليه ما مر من الأخبار و يؤيده الاعتبار إذا كان موجودا حال السياق مقصودا بالسوق أو متجددا بعده مطلقا أما لو كان موجودا حال السياق و لم يقصد بالسوق لم يجب ذبحه قطعا كذا قيل و لكن النص مطلق إلا أن يمنع انصرافه إلى الأخير و لا يعطي الجزار من الهدي الواجب كالكفارات و النذور شيئا و لا يأخذ الناذر من جلودها و ظاهر المتن التحريم في المقامين خلافا للمكي عن الشيخ عن النهاية و المبسوط فقال يستحب أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي و الأضاحي بل يتصدق بها كلها و لا يجوز أن يعطها الجزار فإن أراد أن يخرج شيئا لحاجته إلى ذلك تصدق بثمنه قيل و إنما حرم الثاني دون الأول للنهي عنه من غير معارض بخلاف الأول ففي الصحيح عن الإهاب فقال تصدق به أو تجعله مصلى ينتفع به في البيت و لا تعطي الجزارين و قال نهى رسول اللَّه ص أن يعطى جلالها و جلودها و قلائدها الجزارين و أمر أن يتصدق بها و في الحسن نهى رسول اللَّه ص أن يعطى الجزار من جلود الهدي و جلالها قال الكليني و في رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللَّه ع قال ينتفع بجلد الأضحية و يشتري به المتاع و إن تصدق به فهو

أفضل أقول دعوى فقد المعارض ممنوعة فقد أرسل الصدوق في الفقيه عنهم ع إنما يجوز للرجل أن يدفع الأضحية إلى من يسلخها بجلدها لأن اللَّه عز و جل قال فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا و الجلد لا يؤكل و لا يطعم و أسنده في العلل عن مولانا الكاظم ع الرجل يعطي الأضحية من يسلخها بجلدها قال لا بأس به قال قال اللَّه عز و جل فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الجلد لا يؤكل و لا يطعم و هما و إن وردا في الأضحية لكن ذكر الآية العامة للهدي أو الخاصة به ظاهر بل صريح في العموم و مع أن الشيخ عمم المنع للأضحية و لعله لهذا أفتى الحلي بكراهة الثاني أيضا كما حكي عنه و بها يشعر عبارة الفاضل في المنتهى و التحرير حيث عبر عن المنع بلفظة لا ينبغي الظاهرة فيها و حكيت أيضا عن جماعة و لا تخلو عن قوة لو لا قصور سند الأخبار الأخيرة و صحة الأخبار الأولة فالأخذ بظاهرها من التحريم أحوط و أولى ثم إن المنع فيها مطلق ليس مقيدا بالإعطاء أجرا إلا أن جماعة من الأصحاب قيدوه بذلك و قالوا بجوازه على وجه الصدقة كما عن الحلبي و الإصباح و الغنية لكن باقي الفتاوى مطلقة و لا يجوز أن يأكل منها فإن أخذ و أكل ضمنه أي المأخوذ و المأكول بغير خلاف أجده و به صرح في الذخيرة بل فيها الإجماع عن المنتهى و التذكرة و هو الحجة مضافا إلى النصوص المستفيضة و فيها الصحيح و غيره من المعتبرة في الصحيح عن فداء الصيد يؤكل منه من لحمه فقال يؤكل من أضحيته و يتصدق بالفداء و فيه أن الهدي المضمون

لا يؤكل منه إذا عطب فإن أكل منه غرم لكن بإزائها روايات أخر دالة على جواز الأكل من الواجب و غيره منها الحسن يؤكل من الهدي كله مضمونا كان أو غير مضمون و حملها الشيخ على حال الضرورة قال للخبر إن أكل من الهدي تطوعا فلا شي ء عليه و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل و فيه نظر لكن لا بأس به صونا للروايات عن الطرح قيل و يستثنى من هذه

الكلية هدي التمتع فإنه هدي واجب أو مستحب و لا يستثنى من ذلك هدي السياق المتبرع به فإنه غير واجب و إن تعين ذبحه بالسياق لأن المراد بالواجب ما وجب ذبحه بغير السياق انتهى و هو حسن و قد مر ما يدل عليه و من نذر بدنة فإن عين موضع النحر تعين بلا إشكال و إلا نحرها بمكة مطلقا سواء كان المنذور هديا و في طريق الحج أم لا على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا و في الشرائع و القواعد و عن النهاية و المبسوط و السرائر و الخبر عن رجل جعل اللَّه تعالى بدنة ينحرها حيث جعل اللَّه تعالى عليه و إن لم يكن سمى بلدا فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البدن و في سنده جهالة و مقتضى الأصول جواز النحر حيث شاء كما استوجهه بعض متأخري الأصحاب لكن قيل إن الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب فإن تم إجماعا كما عن الخلاف أو شهرة جابرة و إلا فالأخذ بمقتضى الأصول أقوى و تقييد الرواية و نحو العبارة بما إذا نذر في طريق الحج كما عن جماعة أو نذر الهدي خاصة كما عن ابن زهرة أنه عبرة به مدعيا على الحكم الإجماع و

ينبغي أن يقيد الحكم بما إذا لم يكن هناك فرد ينصرف إليه الإطلاق و إلا فلا يجب النحر بمكة حيث لا يكون هو الفرد المنصرف إليه الإطلاق بلا إشكال

[الخامس الأضحية]

الخامس الأضحية بضم الهمزة و كسرها و تشديد الياء المفتوحة و هي مستحبة عند علمائنا و أكثر العامة كما في كلام جماعة مؤذنين بدعوى الإجماع أما رجحانه فبالكتاب و السنة المستفيضة بل المتواترة بعد إجماع الأمة و أما عدم الوجوب فللأصل بعد الإجماع المنقول و النبوي ص كتب على النحر و لم يكتب عليكم و قصور السند بعمل الأصحاب مجبور خلافا للإسكافي فأوجبه للخبر أو الصحيح الأضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير و هي سنة و يضعف بشيوع إطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد في الأخبار مع أنه معارض بلفظ السنة قيل و مع ذلك فهو صريح في الوجوب على الصغير و المراد به حيث يقابل به الكبير غير البالغ و لا ريب أن التكليف في حقه متوجه إلى الولي مع أنه نفى الوجوب عنه في الصحيح عن الأضحى أ واجب على من وجد لنفسه و عياله فقال له أما لنفسه فلا بدعة و أما لعياله إن شاء تركه و نحوه آخر أو الخبر و فيه نظر لأن نفي الوجوب عن العيال أعم من نفي الوجوب عن ولي الصغير إذ لا ملازمة بينهما إلا على تقدير أن يكون في العيال المسئول عنهم في الرواية صغير واحد و ليس فيها تصريح به و إن كان السؤال يعمه لكن الصحيح المتقدم الموجب بالنسبة إليه خاص فليقدم عليه و التخصيص راجح و التخصيص راجح على المجاز حيثما تعارضا خصوصا و ارتكاب المجاز في الواجب بحمله على المستحب

يوجب مساواة الصغير و الكبير فيه و الحال أن مجموع الأخبار في الكبير مشتركة في إفادة الوجوب فلا يمكن صرفه بالإضافة إلى الصغير خاصة إلى الاستحباب للزوم استعمال اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد في معنييه الحقيقي و المجازي و هو خلاف التحقيق فالأظهر في الجواب ما قدمناه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 401

فأما قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ فإن كان بهذا المعنى فإنما توجه إلى النبي ص و قد قيل إن وجوبه من خواصه و دل عليه ما مر من النص النبوي و وقتها بمنى أربعة أيام يوم النحر و ثلاثة بعده و في سائر الأمصار ثلاثة يوم النحر و يومان بعده بإجماعنا الظاهر المصرح به في ظاهر الغنية و المنتهى و صرح غيرهما للصحيح عن الأضحى كم هو بمنى فقال أربعة أيام و عنه في غيره فقال ثلاثة أيام قال فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين أ له أن يضحي في اليوم الثالث فقال نعم و نحوه الموثق و يحمل نحو الصحيح الأضحى يومان بعد يوم النحر و يوم واحد بالأمصار على مريد الصوم و اليومان إذا نفر في الثاني عشر و حملهما جماعة على الأفضلية و الخبر الأضحى ثلاثة أيام أفضلها أولها على غير منى و يحتمل الحمل على التقية كما في الذخيرة قال لأنه مذهب مالك و الثوري و أبي حنيفة و بأن ذلك مذهبهم صرح في المنتهى و يكره أن يخرج شيئا من أضحيته عن منى و لا بأس ب إخراج السنام كما في الانتصار و الشرائع و التحرير و القواعد و غيرهما للخبر لا يتزود الحاج من أضحية و له أن يأكل منها أيامها إلا السنام فإنه دواء و

ظاهر النهي التحريم كما عن النهاية و المبسوط و التهذيب لكن ضعف سنده يمنع عن العمل به مع أن في الصحيح عن إخراج لحوم الأضاحي عن منى فقال كنا نقول لا يخرج منها بشي ء لحاجة الناس إليه أما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه و هو نص في عدم التحريم فوجب حمل النهي السابق على الكراهة جمعا و خصوصا مع صحة سند المجوز و اعتضاده بالأصل و الشهرة بين الأصحاب كما في الذخيرة مع أن الشيخ في التهذيب و إن عبر بلفظ لا يجوز الظاهر في التحريم لكن الظاهر أن مراده منه الكراهة كما صرح بها في الانتصار مع أنه قبيل ذلك قال لا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد الثلاثة أيام و ادخارها و استدل عليه بأخبار بعضها معتبرة و لا ريب أن الادخار بعد ثلاثة لا يكون غالبا إلا بعد الخروج من منى لأنه بعد الثلث لا يبقى فيه أحد فلو لا أن المراد بلا يجوز الكراهة لحصل التنافي بين كلامية فتأمل و لا بأس بأن يخرج مما يضحيه غيره للأصل و اختصاص النهي بأضحيته و عليه حمل الشيخ الصحيحة المتقدمة مستشهدا بخبر الحسين بن سعيد عن أحمد بن محمد أنه قال و لا بأس أن يشتري لحاج من لحم منى و يتزوده و فيه بعد و في الخبر الذي استشهد به قطع و يجزي هدي التمتع عن الأضحية للصحيحين يجزي الهدي عن الأضحية كما في أحدهما و في الثاني يجزيه في الأضحية هديه و في لفظ الإجزاء ظهور في أن الجمع بينهما أفضل و ربما علل بأن فيه فعل المعروف و نفع المساكين و فيه لو لا النص نظر فإن المفروض استحباب

الأضحية من حيث إنها أضحية لا من حيث إنه نفع للمساكين و فعل للمعروف و أحدهما غير الآخر و لكن الأمر بعد وضوح المأخذ سهل ثم إن الموجود في النص هو الهدي بقول مطلق كما عن النهاية و الوسيلة و التحرير و المنتهى و التذكرة خلافا للقاضي فقيده بهدي التمتع كما عن التلخيص و التبصرة و للقواعد و الشرائع و الدروس فقيدوه بالواجب و لعله لانصراف الإطلاق إليه قيل و لعل ذلك نص على الأخفى أقول و فيه نظر و من لم يجد الأضحية مع القدرة على ثمنها تصدق بثمنها و لو اختلف أثمانها جمع الأول و الثاني و الثالث و تصدق بثلثها كما في كلام جماعة من غير خلاف بينهم أجده للخبر كما بالمدينة فأصابها غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين ثم بلغت سبعة ثم لم يوجد بقليل و لا كثير فوقع هشام المكاري إلى أبي الحسن ع فأخبره بما اشترينا و أنا لم نجد بعد فوقع ع انظروا إلى الثمن الأول و الثاني و الثالث فاجمعوا ثم تصدقوا بمثل ثلثه و الظاهر ما في الدروس و كلام جماعة من التصدق بقيمة منسوبة إلى القيم فمن اثنتين النصف و من أربع الربع و هكذا و أن اقتصار الأصحاب على الثلث تبعا للرواية و يكره التضحية بما يربيه للخبرين و أخذ شي ء من جلودها و إعطائها الجزار أجرة أو مطلقا بل يستحب الصدقة بها لما مر و مر عن الشيخ المنع و قيل في المبسوط لا يجوز بيع جلدها سواء كانت واجبة أو تطوعا كما لا يجوز بيع

لحمها فإن خالف تصدق بثمنه و في الخلاف أنه لا يجوز بيع جلودها سواء كانت تطوعا أو

نذرا إلا إذا تصدق بثمنها على المساكين و قال أبو حنيفة أو يبيعها بآلة البيت على أن يعيرها كالقدر و الفأس و المنخل و الميزان و قال الشافعي لا يجوز بيعها على كل حال و قال الأوزاعي يجوز بيعها بآلة البيت قال الشيخ دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم و أيضا فالجلد إذا كان للمساكين فلا فرق فيه بين أن يعطيهم إياهم أو ثمنه

[الحلق و التقصير]

و أما الحلق و في معناه التقصير ف هو واجب على الحاج بالإجماع و النصوص أو القول باستحبابه كما عن الشيخ في التبيان في نقل و في النهاية في آخر شاذ مردود كما في كلام جمع مشعرين بدعوى الإجماع كما صرح به بعضهم و هو مخير بينه و بين التقصير مطلقا و لو كان صرورة لم تحج بعد أو ملبدا و هو من يجعل في رأسه عسلا أو صمغا لئلا يتنح أو يعمل في رأسه عسلا أو صمغا لئلا يتنح أو يقمل على الأظهر عند الماتن و الأكثر كما في كلام جمع و مستندهم غير واضح عدا الأصل و إطلاق قوله تعالى مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ و قوله ع و للمقصرين و ضعفهما في غاية الظهور سيما في مقابلة ما سيأتي من النصوص و الأظهر تعين الحلق عليهما كما عن النهاية و المبسوط و الوسيلة و عن المقنع و التهذيب و الجامع مع المعقوص و عن المقنعة و الاقتصاد و المصباح و مختصره و في الكافي الصرورة للنصوص المستفيضة و فيها الصحاح و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق و فيه إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد

وجب عليك الحلق و ليس لك التقصير و إن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير و الحلق في الحج و ليس في المتعة إلا التقصير و فيه ينبغي للصرورة أن يحلق و إن كان قد حج فإن شاء قصر و إن شاء حلق فإذا ألبد شعره أو عقصه فإن عليه الحلق و ليس له التقصير و هذه الأخبار صريحة في الوجوب على الملبد و المعقوص كالخبر ليس للضرورة أن يقصر و آخر إن لم يكن حج فلا بد له من الحلق في الوجوب على الصرورة لكن لفظة ينبغي في الصحيحة الأخيرة ربما يعطي الاستحباب فيه إلا أن الظاهر منها أن المراد بها الوجوب بقرينة قوله و إن كان قد حج و إن شاء إلخ فإن مفهومه نفي المشية عن الذي لم يحج و هو الصرورة و هو نص في الوجوب فإن الاستحباب لا يجامع نفي المشية و يعضده الروايتان الأخيرتان المنجبر ضعف إسنادهما بهوى هؤلاء العظماء من القدماء و حيثما تخير ف الحلق أفضل إجماعا كما عن التذكرة و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا للصحاح و غيرها و التقصير متعين على المرأة إجماعا كما في المختلف و غيره و في التحرير و المنتهى ليس عليها الحلق إجماعا للنبوي ص ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير و المرتضوي نهى رسول اللَّه ص أن تحلق المرأة رأسها و يجزي المرأة في التقصير أخذ قدر الأنملة كما في كلام جماعة للمرسل كالصحيح تقصير المرأة لعمرتها مقدار الأنملة و لكن في الصحيح إن لم يكن عليهن ذبح فيأخذون من شعورهن و يقصرن من أظفارهن فالأولى الجمع و عن الإسكافي أنها يجزيها قدر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 402

القبضة قيل

هو على الندب ثم قيل المراد بقدر الأنملة أقل المسمى و هو المحكي عن ظاهر التذكرة و المنتهى قال لأن الزائد لم يثبت و الأصل براءة الذمة ثم إطلاق الماتن هنا و في غيره كالقواعد يعطي أجزاء ذلك للرجل و لعله لإطلاق النصوص إلا أن مقتضاه المسمى كما احتمل في المرأة أيضا و المحل لهما بمنى و عليه فلو رحل قبله و لو جاهلا أو ناسيا عاد إليه للحلق أو التقصير مع الإمكان فيما قطع به الأصحاب كما في المدارك و فيه بل ظاهر التذكرة و المنتهى أنه موضع وفاق أقول و به صرح بعض الأصحاب و آخر بنفي الخلاف للصحيح عن رجل نسي أن يقصر من شعره و يحلقه حتى ارتحل من منى قال يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها و نحوه الخبر فيمن جهل أن يأتي بأحدهما حتى ارتحل من منى و أما الحسن بل الصحيح عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر حتى نفر قال يحلق في الطريق أو أين كان فمحمول على ما لو تعذر العود فإنه إذا كان كذلك حلق أو قصر وجوبا بلا إشكال كما في المدارك و في غيره بلا خلاف و بعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحبابا مطلقا للأمر به في الصحيح و غيره كذلك و إنما حمل على الاستحباب جمعا بينهما و بين الصحيح عن الرجل ينسى أن يحلق رأسه حتى ارتحل من منى فقال ما يعجبني أن يلقي شعره إلا بمنى و لم يجعل عليه شيئا خلافا لجماعة فأوجبوا البعث مطلقا و قيده الفاضل في المختلف بصورة العمد و لا دليل على تفصيله و متى تعذرا البعث سقط و لم يكن عليه

شي ء إجماعا كما قيل أما دفن الشعر بمنى فقد قيل قد قطع الأكثر باستحبابه و أوجبه الحلي و الأصح الاستحباب للصحيح كان علي بن الحسين ع يدفن شعره في فسطاطه بمنى و يقولون كانوا يستحبون ذلك قال و كان أبو عبد اللَّه ع يكره أن يخرج الشعر من منى و يقول من إخراجه فعليه أن يرده و يستفاد منه أنه لا يختص استحباب الدفن بمن حلق في غير منى و بعث شعره إليها كما قد توهمه ظاهر العبارة بل يستحب للجميع و من ليس على رأسه شعر حلقه أو لحلقه في إحرام العمرة يجزيه إمرار الموسى عليه كما في الخبر و ظاهر الإجزاء فيه و في العبارة عدم وجوب التقصير و لو مع إمكانه مطلقا و هو مشكل حيثما يتخير الحاج بينه و بين الحلق لأن تعذر الحلق بفقد الشعر يعين الفرض الآخر و الخبر ضعيف السند مضافا إلى قوة احتمال أن يكون المراد بالإجزاء الإجزاء عن الحلق الحقيقي الذي هو إزالة الشعر لا الإجزاء عن مطلق الفرض فالوجه وفاقا لجماعة تعين التقصير من اللحية أو غيرها مع استحباب إمرار الموسى كما عليه الأكثر و منهم الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع نعم إن لم يكن له ما يقصر منه أو كان صرورة أو ملبدا أو معقوصا و قلنا بتعين الحلق عليهم اتجه وجوب الإمرار حينئذ عملا بحديث الميسور لا يسقط بالمعسور و ما لا يدرك كله لا يترك كله المؤيد بالخبر المتقدم فإن ظاهره الورود في الصرورة فتدبر و عليه يحمل إطلاق الخبر الآخر عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه دم يهريقه فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين

يريد أن يحلق بحمله على الصرورة أو يحمل الأمر فيه على الاستحباب و البدأة برمي جمرة العقبة ثم بالذبح ثم بالحلق واجب فلو خالف أثم و لم يعد أما عدم وجوب الإعادة على تقدير المخالفة فالأصحاب قاطعون به على الظاهر المصرح به في المدارك و أسنده في المنتهى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه و هو الحجة مضافا إلى صريح الصحيح و غيره و أما وجوب الترتيب فعليه الشيخ في أحد قوليه و أكثر المتأخرين كما قيل و عزاه في المنتهى إلى الأكثر بقول مطلق للتأسي مع قوله ع خذوا عني مناسككم و ظاهر النصوص منها إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك و الفاء للترتيب و منها لا يحلق رأسه و لا يزور البيت حتى يضحي فيحلق رأسه و يزور متى شاء خلافا للمحكي عن الخلاف و السرائر و الكافي و ظاهر المهذب و عزاه في الدروس إلى المشهور فلا يجب و في الأولين استحبابه و عليه الفاضل في المختلف للأصل و الصحيح أن رسول اللَّه ص أتاه الناس يوم النحر فقال بعضهم يا رسول اللَّه حلقت قبل أن أذبح و قال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه و لا

شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قدموه فقال لا حرج و نحوه الخبر و ظاهر نفي الحرج الإباحة مطلقا سيما مع قوله ينبغي الظاهر في الاستحباب فحمله على الإجزاء أو الجهل أو النسيان أو الضرورة أو نفي الفداء بعيد بل حمل الأوامر الواردة بالترتيب على تقدير سلامة سندها على الاستحباب أولى و التأسي إنما يجب لو لم يظهر الاستحباب من الخارج و قد ظهر هذا مضافا إلى

الأصل و مصير أكثر العامة كما في المنتهى إلى الوجوب فليترجح بهما الاستحباب و إن تساويا الجمعان و ربما استدل على الوجوب بالصحيح عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي قال لا بأس و ليس عليه شي ء و لا يعودن فإن النهي من العود يقتضي التحريم فيكون الترتيب واجبا و فيه نظر فإن النهي عن العود و إن كان ظاهرا في التحريم إلا أن نفي البأس ظاهر في جواز الترك و صرفه إلى الإجزاء ليس بأولى من حمل النهي على الكراهة بل لعله أولى و لعله لذا استدل به الفاضل في المختلف على الاستحباب و هو أقرب و لا يجوز أن يزور البيت لطواف الحج إلا بعد الحلق أو التقصير بغير خلاف ظاهر مصرح به في جملة من العبائر فإن تم إجماعا و إلا فظاهر الصحيح المتقدم و غيره المتضمنين للفظتي لا حرج و ينبغي كالصحيح الآتي المتضمن للفظة لا ينبغي أيضا خلافه و لا ينافيه إيجاب الدم في الأخير لإمكان الحمل على الاستحباب لكن لا خروج عما عليه الأصحاب و عليه فلو طاف قبل ذلك عمدا لزمه دم شاة فيما قطع به الأصحاب كما قيل و عزاه في الدروس إلى الشيخ و الأتباع للصحيح في رجل زار البيت قبل أن يحلق فقال إن كان زار البيت قبل أن يحلق و هو عالم أن ذلك لا ينبغي فإن عليه دم شاة و ظاهره كالمتن و غيره من عبائر الأكثر على الظاهر المصرح به في عبارة بعض أنه لا يجب إعادة الطواف و به صرح الصيمري و عزاه في الدروس إلى الشيخ و الأتباع خلافا لجماعة من متأخري المتأخرين فأوجبوا إعادته و منهم شيخنا في الروضة

مدعيا عليه الوفاق و يعضده الأصل و القاعدة فإن الطواف المأتي به قبل التقصير منهي عنه فيكون فاسدا و لا يتحقق به الامتثال و الصحيح ليس نصا في عدم الوجوب فيحتمل حمله على مفاد القاعدة مع أنه معارض بصحيح آخر عن المرأة رمت و ذبحت و لم تقصر حتى زارت البيت فطافت و سعت من الليل ما حالها و ما حال الرجل إذا فعل ذلك قال لا بأس به يقصر و يطوف للحج ثم يطوف للزيارة ثم قد أحل من كل شي ء و تنزيل هذا على ما يؤول إلى الأول بحمله على غير العامد و إبقاء الأول على ظاهره من عدم وجوب الإعادة ليس بأولى من العكس و إبقاء هذا على عمومه و حمل الأول على خلاف ظاهره و بالجملة التعارض بينهما كتعارض العموم و الخصوص من وجه يمكن صرف كل منهما إلى الآخر و حيث لا مرجح ينبغي الرجوع إلى مقتضى الأصل و هو وجوب الإعادة كما مر و لو كان

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 403

ناسيا لم يلزمه شي ء و أعاد طوافه على المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك مشعرا بدعوى الوفاق مع أن ظاهر عبارة الماتن في الشرائع و الفاضل في المختلف و الصيمري وجود الخلاف من الصدوق في الفقيه في وجوب إعادة الطواف لرواية الصحيح عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق قال لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا لكنه غير صريح في عدم وجوب الإعادة مع أنه معارض بالصحيحة الثانية المتقدمة فإنها بإطلاقها شاملة المفروض المسألة بل للجاهل أيضا كما عليه جماعة و هي أقوى دلالة فالمصير إليها أقوى مع كونها أشهر جدا و يدل على وجوب الدم عليه و على الجاهل

ظاهر المفهوم المعتبر في الصحيح الأول و هل يجب إعادة السعي حيث يجب إعادة الطواف قولان أجودهما الأول عملا بما مر من القاعدة و الأصل و يحل من كل شي ء أحرم منه عند فراغ مناسكه بمنى عدا الطيب و النساء كما عن الإسكافي و في الخلاف و المختلف و في الكتاب و في الشرائع و القواعد و عن الشيخ في جملة من كتبه و الوسيلة و السرائر و الجامع إذا حلق أو قصر أحل من كل شي ء إلا الطيب و النساء للخبر إذا حلقت رأسك فقد حل لك كل شي ء إلا النساء و الطيب و المروي في السرائر صحيحا عن نوادر البزنطي المتمتع ما يحل له إذا حلق رأسه قال كل شي ء إلا النساء و الطيب و قد يكون الأول هو المراد بالخبرين و كلام هؤلاء حملا للحلق على الواقع على أصله و يؤيده الأصل و الاحتياط و الصحيح إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحل من كل شي ء أحرم منه إلا النساء و الطيب و عن المقنع و التحرير و التذكرة و المنتهى أنه بعد الرمي و الحلق و لعل المراد ما سبقه و لم يذكر الذبح لاحتمال الصوم بدله و اكتفاء بالأول و الآخر و عن الصدوقين أنهما قالا بهذا التحلل بالرمي وحده و حجتهما غير واضحة سيما في مقابلة نحو الأخبار المتقدمة نعم في الخبر المروي عن قرب الإسناد إذا رميت جمرة العقبة فقد أحل لك كل شي ء حرم عليك إلا النساء و أما الصيد فهو أيضا باق على تحريمه كما هنا و في الشرائع و غيرهما بل قيل إنه مذهب الأكثر و فيه نظر لإطلاق أكثر الأصحاب أنه يحل من كل

شي ء إلا النساء و الطيب فإذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شي ء أحرم منه إلا النساء فإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شي ء أحرم منه إلا الصيد فإن المراد بالصيد هنا الصيد الحرمي لا الإحرامي كما صرح به جماعة من الأصحاب و لعله المراد أيضا من نحو العبارة و إلا فلم نجد على بقاء حرمة الصيد الإحرامي بعد الحلق أو التقصير دلالة سوى الأصل المخصص بما عرفت و ظاهر قوله سبحانه لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ بناء على أن الإحرام يتحقق بتحريم الطيب و النساء و هو حسن لو لا ظواهر الأخبار التي لم يستثن فيها سوى الطيب و النساء و ربما علل بأنه في الحرم و لذا ذكر والد الصدوق و القاضي أنه لا يحل بعد طواف النساء أيضا لكونه في الحرم و فيه أنه لا ينافي التحلل منه نظرا إلى الإحرام و تظهر الفائدة في أكله لحم الصيد كما عن الخلاف أنه نص على حله و مضاعفة الكفارة و غير ذلك و اعلم أن هذا التحلل هو التحلل الأول للمتمتع أما غيره فيحل له بالحلق أو التقصير الطيب أيضا كما عن القواعد و عن الشيخ في جملة من كتبه و الوسيلة و السرائر و الجامع للخبر عن الحاج غير المتمتع يوم النحر ما يحل له قال كل شي ء إلا النساء و عن المتمتع ما يحل له يوم النحر قال كل شي ء إلا النساء و الطيب و نحوه المروي في السرائر صحيحا عن نوادر البزنطي و للجمع بين نحو الصحيح عن رجل رمى و حلق أ يأكل شيئا فيه صفرة قال لا

حتى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة و الصحيح الآخر المجوز للطيب على الإطلاق من غير تقييد بغير المتمتع بحمل الأول على المتمتع و الثاني على غيره خلافا لظاهر المتن و الشرائع و المحكي عن الخلاف فلم يفرقا في تحريم الطيب بينهما و هو حسن لو لا الخبران المفصلان المعتضدان بعمل جماعة من الأعيان و للعماني كما حكي فأحل الطيب للمتمتع أيضا للصحيح عن المتمتع قال إذا حلق رأسه يطلبه بالحناء و حل له الثياب و الطيب و كل شي ء إلا النساء رددها مرتين أو ثلاثا قال و

سألت أبا الحسن عنها قال نعم الحناء و الثياب و الطيب و كل شي ء إلا النساء و نحوه آخر أو الموثق أو الصحيح رأيت أبا الحسن ع بعد ما ذبح حلق ثم ضمد رأسه بمسك و زار البيت و عليه قميص و كان متمتعا و أجاب الشيخ عن الأول بالحمل على من طاف و سعى و فيه بعد مع أنه مروي في الكافي هكذا عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور فيطليه بالحناء قال نعم الحناء و الثياب و الطيب إلى آخر ما مر و هذا لا يقبل ما ذكره من الحمل و أجاب عنه الشهيد كما قيل بأنه متروك مؤذنا بشذوذه و مخالفة الإجماع أقول و يمكن حمل هذه الأخبار على التقية لموافقتها لما عليه أكثر العامة كما يفهم من المنتهى و منهم الشافعي و أحمد و أبو حنيفة فإذا طاف المتمتع لحجة حل له الطيب أيضا كما عن النهاية و المبسوط و الإصباح و مختصر و الانتصار و الاستبصار و الوسيلة و السرائر و في الشرائع و القواعد و المنتهى للخبرين في أحدهما إذا

كنت متمتعا فلا تقربن شيئا فيه صفرة حتى تطوف بالبيت و لا يتوقف على صلاة الطواف لإطلاق النص و الفتوى و إن قدم الطواف على الوقوف أو مناسك منى للضرورة فالظاهر عدم التحلل للأصل و صريح الخبر الثاني المروي عن بصائر الدرجات فإن فيه إذا أرادت المتعة في الحج إلى أن قال ثم أحرمت بين الركن و المقام بالحج فلا تزال محرما حتى تقف بالمواقف ثم ترمي و تذبح ثم تغتسل ثم تزور البيت فإذا أنت فعلت فقد أحللت و انصراف إطلاق الخبر الأول و الفتاوى إلى المؤخر بل الأكثر ظاهر فيه قيل و قيل بالتحلل و المشهور توقف حل الطيب على السعي و هو الأقوى و هي خيرة الخلاف و المختلف للأصل و الصحيح فإذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شي ء آخر منه إلا النساء و الخبر بل الصحيح كما قيل عز و جل رمى و حلق أ يأكل شيئا فيه صفرة قال لا حتى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة ثم قد حل له كل شي ء إلا النساء و ضعف الخبرين السابقين مع إمكان تعميم زيارة البيت فيهما له و إذا طاف طواف النساء حللن له قيل اتفاقا صلى له أم لا لإطلاق النصوص أو الفتاوى إلا فتوى الهداية و الاقتصاد و أما الصحيح ثم ارجع البيت و طف أسبوعا آخر ثم تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم ع قد أحللت من كل شي ء و فرغت من حجك كله و كل شي ء أحرمت منه فيجوز أن يكون لتوقف الفراغ عليها و لا يحل النساء للرجال إلا به بالنص و الإجماع إلا من العماني كما

في المختلف و غيره و يحرم على المرأة الرجال لو تركته كما صرح به جماعة و ربما استشكل فيه الفاضل في المختلف و القواعد قيل من الأصل للإجماع و الأخبار على حرمة الرجال عليها بالإحرام و النصوص و الفتاوى على كونها كالرجل في المناسك إلا فيما استثني و منها طواف النساء و قد نص عليه لها في الأخبار و الفتاوى و لا يفيدها ظاهرا لأحلهم لها و من انتفاء النص عليه بخصوصه أقول النص بالخصوص موجود و هو الصحيح المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها و بين التروية فإن ظهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا و المروة و إن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت و احتشت ثم سعت بين الصفا و المروة ثم خرجت إلى منى فإذا قضت المناسك و زارت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ثم خرجت فمنعت فإذا فعلت ذلك فقد أحلت

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 404

من كل شي ء يحل منه المحرم إلا فراش زوجها فإذا طافت طوافا آخر حل لها فراش زوجها و نحوه فخبر آخر إلا أنه ليس فيه فإذا طافت طوافا آخر حل لها قرائن زوجها و يمكن الاستدلال عليه أيضا بعموم قوله تعالى فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و الرفث هو الجماع بالنص و الحج إنما يتم بطواف النساء فتأمل و يكره لبس المخيط أو التقنع حتى يطوف للحج و يسعى بين الصفا و المروة و الطيب حتى يطوف طواف النساء للصحاح المستفيضة المتضمنة للنهي عن ذلك و هو محمول على الكراهة جمعا بينها و بين ما مر من الأدلة الدالة على التحلل بالطوافين عن ذلك مع

ظهور بعضها في الكراهة لكن موردها أجمع المتمتع خاصة بل في بعضها التصريح بعدم المنع في غيره و هو الصحيح عن رجل رمى الجمار و ذبح و حلق رأسه أ يلبس قميصا و قلنسوة قبل أن يزور البيت فقال إن كان متمتعا فلا و إن كان مفردا للحج فنعم و نحوه الخبر المروي عن قرب الإسناد لكن ظاهر المتن و غيره الإطلاق و لم أقف على وجهه ثم أي بعد قضاء مناسكه بمنى من الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير يمضي إلى مكة شرفها اللَّه تعالى للطوافين و السعي بينهما اتفاقا نصا و فتوى و الأفضل إيقاع ذلك ليومه أي يوم النحر للأخبار و استحباب المسارعة إلى الخيرات و التحرز عن العوائق و الأعراض و لا يجب للأصل و الصحيح لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث و المعارض و في الصحيح لا تؤخر أن تزور من يومك فإنه يكره للمتمتع أن يؤخر و عن النهاية و الوسيلة و الجامع و لا يؤخر عنه إلا لعذر قيل و يجوز أن يريدوا التأكيد و من العذر تعذر يوم النحر اتفاقا كما قيل للصحيح فإن شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد و يتأكد ذلك للمتمتع لما مر مضافا إلى الصحيح فينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته و لا يؤخر ذلك اليوم و الصحيح عن المتمتع متى يزور البيت قال يوم النحر أو من الغد و لا يؤخر و المفرد و القارن ليسا بسواء موسع عليهما و يستفاد منه أنه لو أخر المتمتع أثم كما عن المفيد و المرتضى و الديلمي و عليه

جماعة من المتأخرين و عن التذكرة و المنتهى أنه عزاه إلى علمائنا و لعله الأقوى خلافا الآخرين و منهم الحلي و سائر المتأخرين كما قيل للأصل و إطلاق الآية الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فإن الشهر كله من أشهره و الصحاح المستفيضة منها زيادة على ما مر الصحيح المروي في السرائر عن نوادر البزنطي عن رجل أخر الزيادة إلى يوم النفر قال لا بأس و في الجميع نظر لوجوب الخروج عن الأولين بما مر كوجوب تقييد الصحاح بمن عدا المتمتع به حمل المطلق على المقيد و هو أولى من الجمع بينهما بالاستحباب و إن وقع التصريح بلفظه و ما في معناه من لفظ يكره و ينبغي فإن هذه الألفاظ الثلاثة إنما هو بالنسبة إلى يوم النحر لا غده و نحن نقول به لكنه غير ما نحن فيه نعم قيل لو أخر أجزأ على القولين كما في الاستبصار و الشرائع ما أوقعه في ذي الحجة في أي جزء منه كان كما في السرائر لأن الحج أشهر فذو الحجة كله من أشهره للأصل و الصحيح لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن يذهب أيام التشريق إلا أنك لا تقرب النساء و لا الطيب و الصحيح إذا ربما أخرته حتى يذهب أيام التشريق و في الغنية و الكافي أن وقته يوم النحر إلى آخر أيام التشريق و لعله للصحيح لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر و في الوسيلة لم يؤخر إلى غد لغير عذر و إلى بعد غد لعذر و هو يعطي عدم الإجزاء إن أخر عن ثاني النحر و موسع للمفرد و القارن تأخير ذلك طول ذي الحجة كما عن النهاية و المبسوط و الخلاف

و الاستبصار و المصباح و مختصره بل قيل بلا خلاف للأخبار المطلقة و الأصل و أن الحج أشهر و الصحيح المتقدم المصرح بالفرق بين المتمتع و المفرد و القارن و لكن لا يفهم منه إلا التأخير عن الغد كما لا يفهم من قوله ع في بعض الصحاح المتقدمة و موسع للمفرد أن يؤخره إلا التأخير عن يوم النحر لكنه كالسابق مطلق و لعله كاف ثم هنا و في الشرائع و عن المنتهى و الفوائد أن تأخيرهما على كراهية قيل قال

في المنتهى للعلة التي ذكرها الصادق ع في حديث ابن سنان أقول و هو الصحيح الأول من أخبار المسألة و هو أن يعطي المراد بها أفضلية التقدم كما في التحرير و التخليص و هو الوجه و يستحب له إذا دخل مكة الغسل و تقليم الأظفار و أخذ الشارب للنص و لو اغتسل لذلك بمنى جاز للأصل و النص و لو اغتسل نهارا و طاف ليلا أو بالعكس أجزأه عن الغسل ما لم يحدث فإن نام أو أحدث حدثا آخر قبل الطواف استحب إعادة الغسل للموثق و كذا إن زار في اليوم الذي اغتسل فيه أو في الليل الذي اغتسل فيه للصحيح عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام أ يتوضأ قبل أن يزور قال يعيد الغسل لأنه إنما دخل بوضوء و الدعاء عند باب المسجد بالمأثور في الصحيح من قوله اللهم أعني على نسكك و سلمني له و سلمه له و أسألك مسألة العبد الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي و أن ترجعني بحاجتي اللهم إني عبدك و البيت بيتك جئت أطلب رحمتك و أدم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر إليك المطيع لأمرك

المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك و تجيرني من النار برحمتك

[القول في الطواف]
اشارة

القول في الطواف و النظر في مقدمته و كيفيته و أحكامه

[المقدمة]

أما المقدمة فيشترط تقديم الطهارة على الطواف الواجب بإجماعنا الظاهر المصرح به في كلام جماعة و الصحاح به مع ذلك مستفيضة و إطلاق جملة منها كالعبارة يشمل الطواف المندوب كما عن الحلبي لكن صريح جملة منها الاختصاص بالواجب و منها الصحيح عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهر قال يتوضأ و يعيد طوافه و إن كان تطوعا توضأ و صل ركعتين و عليه الأكثر و هو الأظهر لأن المفصل يحكم على المجمل و يستباح بالترابية كما يستباح بالمائية لعمومات المنزلة و إزالة النجاسة عن الثوب و البدن وفاقا للأكثر كما في كلام جمع بل لم ينقل في المنتهى فيه خلاف و في الغنية الإجماع عليه للنبوي ص الطواف بالبيت صلاة بناء على أن التشبيه يقتضي الشركة في جميع الأحكام و منها هنا الطهارة من النجاسة و الخبر عن رجل يرى في ثوبه الدم و هو في الطواف قال ينظر الموضع الذي يرى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ثم يعود فيتم طوافه و إطلاق النص كالمتن و الأكثر يقتضي عدم الفرق في الطواف بين الفرض و النفل خلافا للتحرير فقيده بالفرض و الأقرب العفو فيه عما يعفى عنه في الصلاة وفاقا للشهيدين لظاهر عموم التشبيه في الخبر الأول مضافا إلى فحوى العفو عنه في الصلاة فهنا أولى و بذلك يقيد إطلاق الخبر الثاني خلافا لجماعة فلا يعفى و هو أحوط و أكره ابن حمزة الطواف مع النجاسة في ثوبه و بدنه و الإسكافي في ثوب أصابه دم لا يعفى عنه في الصلاة و تبعهما جماعة من المتأخرين للأصل و ضعف الخبرين

و المرسل كالصحيح عن رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه فقال أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه و يصلي في ثوب طاهر و في الجميع نظر لوجوب الخروج عن الأصل بما مر و ضعف الخبرين منجبر بالعمل سيما من نحو ابن زهرة و الحلي اللذين لا يعملان بصحيح أخبار الآحاد فضلا عن ضعيفها

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 405

إلا بعد احتفافها بالقرائن القطعية و ضعف المرسل و إن عد كالصحيح مع عدم صراحته في العمد فيحتمل الجهل فليحمل عليه للجمع و الختان في الرجل وفاقا للأكثر بل لم ينقل في المنتهى خلافا فيه و عن الحلي أنه شرط الحج بإجماع آل محمد ص للنهي عنه في الصحاح و غيرها المفسد للعبادة من غير فرق بين الفرض و النفل خلافا للحلي فظاهره التوقف و ليس في محله نعم الأخبار لا تدل على الشرطية المطلقة بحيث يشمل غير صورة العمد لاختصاص النهي الذي هو مناط الدلالة بها فلا يعم غيرها إلا أن يتم بالإجماع و عدم القائل بالفرق إن تم و احترز بقوله في الرجل عن المرأة فلا يشترط عليها بالإجماع كما قيل للأصل مع اختصاص الأخبار بغيرها و خصوص الصحيح لا بأس أن تطوف المرأة غير مخفوضة و عن الصبي للأصل و عدم دليل فيه عدا إطلاق الصحيح الأغلف لا يطوف بالبيت و لا عموم فيه بل غايته الإطلاق المنصرف إلى غيره لغلبته فتأمل مضافا إلى عدم توجه النهي إليه و من الوجه الأول يستفاد إلحاق الخنثى بالصبي مع احتمال عدمه لوجوب تحصيل يقين الخروج عن عهدة التكليف القطعي و لا ريب أنه بل و إلحاق الصبي بالرجل أحوط و إطلاق العبارة يشمل

المتمكن من الختان و غيره و لو بضيق الوقت خلافا لجماعة فقيدوه بالمتمكن و هو قوي للأصل و عدم انصراف الأخبار الناهية إلى غيره نعم في الخبر في رجل يسلم فيريد أن يختن و حضره الحج أ يحج أم يختن قال لا يحج حتى يختتن و لكن في سنده جهالة بل و ضعف في الدلالة لما قيل من أنه غير ظاهر في أنه غير متمكن من الختان لضيق الوقت و أن عليه تأخير الحج من عامه لذلك فإن الوقت إنما يضيق عن الاختتان مع الاندمال فأوجب ع أن يختتن ثم يحج و إن لم يندمل و يستحب مضغ شي ء من الإذخر كما هنا و في الشرائع و القواعد و عن الجامع و الجمل و العقود و فيه تطيب الفم بمضغ الإذخر أو غيره قبل دخول مكة كما عن الوسيلة و المهذب و فيه نحو ما في الجمل و العقود من تطيب الفم به أو بغيره أو عند دخول الحرم كما عن النهاية و المبسوط و السرائر و التحرير و التذكرة و المنتهى و استبصار و المصباح و مختصره و في هذه الثلاثة التطيب أيضا بغير كما في الكتابين و الأصل في المسألة الصحيح إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر فامضغه و نحوه الخبر و قال الكليني سألت بعض أصحابنا عن هذا فقال يستحب ذلك ليطيب به الفم لتقبيل الحجر قيل و هو يؤيد استحبابه لدخول مكة بل المسجد و كونه من سنن الطواف و دخولها من أعلاها كما في الشرائع و القواعد و عن النهاية و المبسوط و الاقتصاد و الجمل و العقود و المصباح و مختصره و الكافي و الغنية و الجامع إذا أتاها

من طريق المدينة كما عن المقنعة و التهذيب و المراسم و الوسيلة و السرائر و التحرير و المنتهى و التذكرة و فيه أو الشام قيل لاتحاد طريقهما بقربها بل قيل ذلك و فيه أيضا فأما الذين يجيئون من سائر الأقطار فلا يؤمرون بأن يدور و ليدخلوا من تلك الثنية يعني الثنية العليا و فيه أيضا و قيل بل هو عام ليحصل التأسي بالنبي ص قلت و استظهره الشهيدان في الدروس و الروضة و نسب في الدروس إلى الفاضل اختصاصه بالمدني و الشامي قال و في رواية يونس إيماء إليه قلت لأنه سئل الصادق ع من أين أدخل مكة و قد جئت من المدينة فقال ادخل من أعلا مكة و فيه أن القيد في كلام السائل و الأجود الاستدلال به بالأصل و اختصاص الرواية السابقة و هي موثقة بالمدني و لا دليل على العموم و التأسي به إنما يتم لو دل دليل على أن فعله على العموم و لم نجده و إنما الموجود منه نحو الصحيح أنه ص دخل من أعلا مكة من عقبة المدنيين و هو كما ترى لا دلالة فيه عليه و الأعلى كما في الدروس و عن غيره ثنية كداء بالفتح و المد و هي الذي ينحدر منها إلى الحجون مقبرة مكة و يستحب دخولها حافيا كما عن الشرائع و القواعد و عن المبسوط و الوسيلة و ظاهر الاقتصاد و الجمل و العقود و المهذب و السرائر و الجامع و في الصحيح إذا دخلت المسجد الحرام فأدخله حافيا على السكينة و الوقار و الخشوع و من دخله بخشوع غفر له إن شاء اللَّه و أن يدخلها على سكينة و

وقار احتراما لها و للبيت

و للصحيحين و غيرهما فيها من دخلها بسكينة غفر له ذنبه و في الصحيح كيف يدخل بالسكينة قال يدخل غير متكبر و لا متجبر و بمعناه غيره و أن يكون مغتسلا لدخولها من بئر ميمون أو فخ للصحيح إذا انتهيت إلى الحرم إن شاء اللَّه تعالى فاغتسل حين تدخله و إن تقدمت فاغتسل من بئر ميمون أو من فخ أو من منزلك بمكة و في آخر مضمر عن الغسل في الحرم قبل دخوله مكة أو بعد دخوله قال لا يضرك أي ذلك فعلت و إن اغتسلت بمكة فلا بأس و إن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس و يستفاد منه التخيير بين الغسل قبل الدخول و بعده لكن المستحب الأول كما هو شأن كل غسل يستحب المكان و في المرسل أن اللَّه عز و جل يقول في كتابه وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا و هو طاهر قد غسل عرفة و الأذى و تطهر و لو تعذر التقديم اغتسل بعد الدخول لما مر من الصحيح قيل و الاغتسال من بئر ميمون للقادم من العراق و نحوه و من فخ للقادم من المدينة و بالجملة فكل ما يمر عليه في قدومه فلا يكلف غيره بأن يدور حتى يرد أحد ذلك فيغتسل فيه للأصل و عدم عموم النص أو إطلاقه و الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة قيل للتأسي و النص و علل فيه بأن هبل بضم الهاء و فتح الباء و هو أعظم الأصنام مدفون تحت عتبتها فإذا دخل منها وطئه برجله و في المدارك و غيره أن هذا الباب غير معروف الآن

لتوسع المسجد لكن قيل إنه بإزاء باب السلم فينبغي الدخول منه على الاستقامة إلى أن يتجاوز الأساطين ليتحقق المرور به على هذا القول و الدعاء عنده أي عند الدخول بالمأثور و في الصحيح ففيه فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم و قل السلام عليك أيها النبي و رحمة اللَّه و بركاته بسم اللَّه و بالله و من اللَّه و ما شاء اللَّه و السلام على أنبياء اللَّه و رسله و السلام على رسول اللَّه و السلام على إبراهيم خليل اللَّه و الحمد لله رب العالمين فإذا دخلت المسجد فارفع يديك و استقبل البيت و قل اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل توبتي و تجاوز عن خطيئتي و تضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام اللهم إني أشهد أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس و أمنا و مباركا و هدى للعالمين اللهم إني عبدك و البلد بلدك و البيت بيتك جئت أطلب رحمتك و أؤم طاعتك مطيعا لأمرك راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر إليك الخائف لعقوبتك اللهم افتح لي أبواب رحمتك و استعملني بطاعتك و مرضاتك

[كيفية الطواف]
اشارة

أما الكيفية

[واجبها]
اشارة

فواجبها

[الأول النية]

النية و استدامة حكمها إلى الفراغ و في غيره من العبادات و الأظهر الاكتفاء فيها بقصد الفعل المتعين طاعة لله عز و جل و إن كان الأحوط التعرض للوجه من وجوب أو ندب و كون الوجه إسلاميا أو غيره تمتعا أو غيره و في الدروس ظاهر بعض القدماء أن نية الإحرام كافية عن خصوصيات نيات الأفعال و ما ذكرناه أظهر و أحوط

[الثاني البدأة بالحجر الأسود و الختم به]

و البدأة بالحجر الأسود و الختم به بالإجماع كما في كلام جماعة و المعتبرة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 406

ففي الصحيح من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر و حيث تجب البدأة بالحجر فلو ابتداء من غيره لم يعتد بما فعله حتى ينتهي إلى الحجر الأسود فيكون منه ابتداء طوافه إن جدد النية عنده أو استصحبها فعلا و الظاهر الاكتفاء في تحقق البدأة بالحجر بما يصدق عليه ذلك عرفا و اعتبر العلامة و من تأخر عنه جعل أول جزء من الحجر محاذيا الأول جزء من مقاديم بدنه بحيث يمر عليه بعد النية بجميع بدنه علما أو ظنا و هو أحوط و إن كان في تعينه نظر و معنى الختم به إكمال الشوط السابع إليه بحيث يصدق الختم به عرفا خلافا لمن مر فاعتبروا محاذاة الحجر في آخر شوط كما ابتدأ به أولا ليكمل الشوط من غير زيادة و لا نقصان و الكلام فيه كما مر بل قيل إن الظاهر الاكتفاء بتجاوزه بنية أن ما زاد على الشوط لا يكون جزء من الطواف بل الظاهر عدم بطلان الطواف بمثل هذه الزيادة و إن قصد كونها من الطواف

[الثالث الطواف على اليسار]

و الطواف على اليسار بالإجماع كما في كلام جماعة للتأسي مع حديث خذوا عني مناسككم و المراد به جعل البيت على يساره حال الطواف فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه أو استدبره جهلا أو سهوا أو عمدا و لو بخطوة لم يصح و وجب عليه الإعادة و لا يقدح في جعله على اليسار الانحراف اليسير إلى جهة اليمين بحيث لا ينافي صدق الطواف على اليسار عرفا قطعا

[الرابع إدخال الحجر في الطواف]

و إدخال الحجر أي حجر إسماعيل ع في الطواف بالإجماع كما في الغنية و غيرها و عن الخلاف و الصحاح منها زيادة على ما مر الصحيح قلت رجل طاف بالبيت فاقتصر شوطا واحدا في الحجر قال يعيد ذلك الشوط و الصحيح في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر قال يقضي ما اختصر من طوافه قيل و زاد في التذكرة و المنتهى أنه من البيت فلو مشى فيه لم يكن طاف بالبيت و في التذكرة أن قريشا لما بنت البيت قصرت الأموال الطيبة و الهدايا و النذور و عن عمارته فتركوا من جانب الحجر بعض البيت قال روت عائشة أن النبي ص قال ستة أذرع من الحجر من البيت و حكى في موضع آخر عن الشافعي أن ستة أذرع منه من البيت و عن بعض أصحابه أن ستة أذرع أو سبعة منه من البيت و أنهم بنوا الأمر فيه على التقريب و ظاهره فيه و في المنتهى أن جميعه من البيت و في الدروس أنه المشهور و جميع ذلك يخالف الصحيح و فيه بعد إن سئل عنه عن البيت هو أو فيه شي ء من البيت فقال لا و لا قلامة ظفر و لكن إسماعيل ع دفن أمه فيه

فكره أن تطأ فجعل عليه حجرا و فيه قبور أنبياء ع أقول و بمعناه أخبار أخر و على الجملة فلو مشى على حائطه أو طاف بينه و بين البيت لم يصح شوطه الذي فعل فيه ذلك و وجب عليه الإعادة و هل الواجب إعادة ذلك الشوط خاصة أو إعادة الطواف رأسا الأصح الأول وفاقا لجمع للصحيح المتقدم قريبا و لا ينافيه الصحيح المتقدم سابقا من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه لاحتمال التقييد بالشوط الذي وقع فيه الخلل أو الاختصار في جميع الأشواط و لا يكفي إتمام الشوط من موضع سلوك الحجر بل تجب البدأة من الحجر الأسود للأمر به فيما مر من الصحيح مضافا إلى أنه المتبادر من إعادة الشوط

[الخامس الطواف سبعا]

و أن يطوف سبعا بالإجماع كما في كلام جماعة و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة القريبة من التواتر بل لعلها متواترة

[السادس أن يكون طوافه بين المقام و البيت]

و أن يكون طوافه بين المقام و البيت مراعيا قدر ما بينهما من جميع الجهات مطلقا على المشهور بل قيل كاد أن يكون إجماعا و في الغنية الإجماع عليه صريحا للخبر عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت قال كان الناس على عهد رسول اللَّه ص يطوفون بالبيت و المقام و أنتم اليوم تطوفون ما بين المقام و البيت فكان الحد موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف و الحد قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و بين نواحي البيت فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في غير حد و لا طواف له و في سنده جهالة و إضمار إلا أنه لا محيص عنه لانجباره بالشهرة و نقل الإجماع خلافا للإسكافي فجوزه خارج المقام مع الضرورة للموثق كالصحيح عن الطواف خلف المقام قال ما أحب ذلك و ما أرى به بأسا فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا قيل و قد يظهر من المختلف و التذكرة و المنتهى الميل إليه و في دلالة الرواية عليه مناقشة بل ظاهرها الدلالة على الجواز مطلقا و لو اختيارا لكن مع الكراهة و أنها ترتفع بالضرورة و رواها الصدوق في الفقيه و ظاهره الإفتاء بها فيكون قولا آخر في المسألة

[و من لوازم الطواف]

و من لوازمه أن يصلي ركعتين وجوبا في الطواف الواجب و ندبا في المندوب على المعروف من مذهب الأصحاب كما في كلام جماعة و في الخلاف الإجماع على الوجوب مع أن فيه و في السرائر نقل قول بالاستحباب و هو مع شذوذه محجوج بظاهر الآية و الأخبار

الكثيرة التي كادت تبلغ التواتر بل لعلها متواترة و يجب إيقاعهما في المقام مقام إبراهيم حيث هو الآن لا حيث كان على عهد النبي ص و إبراهيم ع فالمعتبر في مكانها خارج المطاف و هو مكان مقام الآن في الصحيح أ صلى ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول اللَّه ص فقال حيث هو الساعة و الموجود فيه و في غيره من النصوص الكثيرة اعتبار الخلف فما في المتن و عن النهاية و المبسوط و الوسيلة و المراسم و السرائر و الشرائع و التذكرة و التبصرة و التحرير و المنتهى و الفوائد من اعتبار الوقوع فيه لا وجه له إلا أن يراد به عنده كما في جملة من النصوص و عن الاقتصاد و الجمل و العقود و الجمل العلم و العمل و شرحه و الجامع و يؤيده استدلال الفاضل على ما في المتن بما نص على فعلهما عنده أو خلفه و عن الشهيد أنه قال و أما تعبير بعض الفقهاء بالصلاة في المقام فمجاز تسمية لما حول المقام باسمه إذ القطع حاصل بأن الصخرة التي فيها أثر قدم إبراهيم ع لا يصلى عليها و الأحوط أن لا يصلي إلا خلفها كما عن الصدوقين و الإسكافي و الشيخ في المصباح و مختصره و القاضي في المهذب للأخبار الدالة عليه و عدم تعارض بينهما و بين الأخبار المتضمنة للصلاة عنده إلا تعارض العموم و الخصوص المطلق فيجب التقييد و عن الشهيد أنه قال لا خلاف في عدم جواز التقدم على الصخرة و المنع عن استدبارها و التعبير يفي للدلالة على وجوب الاتصال و القرب منه بحيث يتجوز عنه بالصلاة فيه

لظاهر الآية انتهى و هو حسن و مقتضاه وجوب إيقاعهما في البناء الذي فيه الصخرة و لا ينافيه إطلاق الأخبار بالصلاة خلف المقام أو عنده الصادق على الخارج عن البناء لانصرافه إلى الداخل فيه لا الخارج و لعله لذا رتب الماتن بين الداخل و الخارج بقوله بعد ما مر فإن منعه زحام عن الصلاة في المقام صلى على حياله أي خلفه أو أحد جانبيه من خارج البناء و يوافقه عبائر كثير و إن اختلفت في التخيير بين الخلف و أحد الجانبين أو الترتيب بينهما بتقدم الخلف على الجانب مع الإمكان كما هو الأحوط

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 407

و على الجملة يجب تجري القرب منه ما أمكن فإذا تعذر لزحام جاز البعد بقدر الضرورة للصحيح في الكافي و إن ضعف في التهذيب رأيت أبا الحسن ع لا يصلي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد و في التهذيب قريبا لكثرة الناس و قيل للأصل و إطلاق الأخبار بالصلاة خلفه و للآية باتخاذ المصلى منه بمعنى ابتداء المصلى أو اتخاذه منه بكونه بحياله و أما وجوب تحري الأقرب منه بقدر الإمكان و عدم جواز البعد إلا بقدر الضرورة فللأخبار الآمرة بفعلها عنده و احتمال من في الآية الاتصالية و الابتدائية التي في نحو اتخذت الخاتم من الفضة للاحتياط و أما جواز الصلاة إلى أحد الجانبين للأصل و إطلاق الآية و أخبار الفعل عنده و احتمال هذا الخبر و الأحوط الخلف و في جواز التباعد لمجرد الزحام أيضا نظر ما لم يتضيق الوقت لضعف الخبر أقول و فيه نظر لما عرفت من صحة السند في الكافي و كون الضعف في التهذيب نعم في الدلالة نظر لعدم التصريح فيه

بل و لا ظهور بفعله ع الركعتين ثمة في سعة الوقت بل هو مجمل فينبغي الاقتصار فيه على المتيقن ثم إن هذا الحكم أعني وجوب صلاة ركعتي طواف الفريضة خلف المقام أو إلى أحد الجانبين بحيث لا يتباعد عنه عرفا أو على النهج المتقدم مع الاختيار قول المعظم و عليه الأكثر و في عبائر جمع أنه الأشهر و لعله الأظهر للكتاب و السنة المستفيضة و فيها الصحاح و المعتبرة خلافا للخلاف فيستحب فإن لم يفعل و فعل في غيره أجزأ و للحلي فجعل محلهما المسجد الحرام مطلقا كما عن ابني بابويه في ركعتي طواف النساء خاصة و مستندهم غير واضح عدا ما قيل من الأصل و عدم صراحة الآية فيه لأنها إن كانت من قبيل اتخاذ الخاتم من الفضة أو كانت من فيها بمنى في لزم أن يراد بالمقام المسجد أو الحرم و إلا وجب فعل الصلاة على الحجر نفسه و إن أريد الاتصال و القرب التام و بالمقام الحجر فالمسجد كله يقربه و إن وجب الأقرب فالأقرب لزم أن يكون الواجب في عهده ص في الكعبة لكون المقام عنده و كذا كل ما نقل إلى مكان وجبت الصلاة فيه و لعله لا قائل به و إطلاق بعض الأخبار لمن نسيهما في فعلهما في مكانه و في الجميع نظر لوجوب الخروج عن الأصل بما مر و ظهور الآية فيه بظهور الاحتمال الأول على ما اعترف به القائل و منع ما أورد على تقديره من لزوم أن يراد بالمقام المسجد أو الحرم باحتمال أن يراد به ما جاوره مما يقرب منه بل لعله المتعين لأنه أقرب المجازات إلى الحقيقة المتعذرة و مرجعه إلى وجوب مراعاة الأقرب

إلى المقام فالأقرب كما هو مقتضى الاحتمال الأخير أيضا و منعه بعدم قائل بما يلزمه ممنوع بعدم بلوغ مثله إجماعا سيما مع عدم تعرض أحد له و حمل غير الناسي على الناسي قياس مع أن هذه الوجوه لو صحت لثبت لها القول الأول و أما الآخران فلم أقف لهما على مستند عدا الأخير فله الرضوي و في مقاومته لا دلالة الأكثر نظر فضلا من أن يقوى عليه و يترجح و أما ما عن الخلاف من أنه لا خلاف في أن الصلاة في غيره يعني فيما عدا خلف المقام يجزئه و لا يجب عليه الإعادة فعلى تقدير سلامته من تطرق الوهن إليه بوجود الخلاف سيما من الأكثر معارض بالنصوص الآمرة بالإعادة المرجحة عليه من وجوه لا تخفى على من تدبر ثم إن هذا الخلاف إنما هو في ركعتي طواف الفريضة و يصلي ركعتي طواف النافلة حيث يشاء من المسجد بلا خلاف فيه فتوى و رواية و هي مستفيضة بل في بعضها المروي في قرب الإسناد عن الرجل يطوف بعد الفجر فيصلي الركعتين خارج المسجد قال يصلي بمكة لا يخرج منها إلا أن ينسى فيصلي إذا رجع في المسجد أي ساعة أحب ركعتي ذلك الطواف و ظاهره جواز صلاة الركعتين خارج المسجد بمكة على الإطلاق و لم أر مفتيا به فالعمل به مشكل و لو صح سنده و لو نسيهما رجع فأتى بهما فيه أي في المقام تحصيلا للامتثال و التفاتا إلى ظاهر الأمر به في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و لا يعارضها الأخبار الأخر المرخصة لفعلهما حيث ذكره من غير اشتراط للتعذر فيها أو المشقة لقصورها جملة عن الصحة بل ضعف بعضها سندا و

جميعها دلالة فإن غايتها الإطلاق و يمكن تقييدها بصورة المشقة جمعا بين الأدلة و هو أولى من الجمع بينهما بحمل الأخبار الأولة على الاستحباب و إبقاء الأخيرة على إطلاقها كما

احتمله في الانتصار و ربما يعلم من الصدوق و في الفقيه أيضا لما تقرر في الأصول من أولوية التخصيص من المجاز مع اعتضادها هنا بالشهرة العظيمة بين الأصحاب حتى كادت تكون إجماعا كما صرح به بعض الأصحاب و بكثرة الأخبار الأولة و صحتها و استفاضتها و تضمن جملة منها تعليل الأمر بالرجوع بقوله تعالى وَ اتَّخِذُوا و الأمر فيه للوجوب قطعا مضافا إلى إشعار بعضها بالتفصيل فيكون شاهدا على هذا الجمع و هو الصحيح عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام و قد قال اللَّه تعالى وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ حتى ارتحل فقال إن كان ارتحل فإني لا أشق عليه و لا أمره أن يرجع و لكن يصلي حيث يذكر و بالجملة لا ريب في هذا الحكم و إن مال عنه إلى محتمل الشيخين بعض معاصري الأصحاب قال لصراحة بعض الأخبار في جواز الصلاة حيث ذكر هنا أيضا فإن فيه نسيت أن أصلي الركعتين للطواف خلف المقام حتى انتهيت إلى منى فرجعت إلى مكة فصليتهما ثم عدت إلى منى فذكرنا ذلك له ع فقال أ فلا صليتهما حيث ذكر و فيه بعد الإغماض عن قصور سنده أو ضعفه منع صراحته إذ ليس إلا من جهة دلالته على رخصته ع له مع عوده و هو حسن إن اعتبرنا التعذر في جواز الصلاة في محل الذكر و أما إذا اكتفينا بالمشقة و لو من غير تعذر كما يأتي فلا صراحة فيه لإمكان كون عود

الراوي معها و لأجلها رخص فيه و لو تعذر الرجوع أو شق صلاهما حيث ذكر و لو خارج المسجد أو الحرم و تمكن من الرجوع إليهما على الأشهر الأقوى بل كاد أن يكون إجماعا خلافا للدروس فقال رجع إلى المقام فإن تعذر فحيث شاء من الحرم فإن تعذر فحيث أمكن من البقاع و هو أحوط و أحوط منه الرجوع إلى المسجد إن أمكن و لم يمكن إلى المقام و إن كان في تعيينه نظر لإطلاق الأخبار بالصلاة موضع الذكر بحيث يشمل خارج الحرم و المسجد و لو مع التمكن منها و صورة المشقة من غير تعذر في العود إلى المقام بل ظهور الصحيحة المتقدمة أو صراحتها فيها و صراحة الرواية المتقدمة بعدها قطعا مضافا إلى انتفاء العسر و الحرج و اعتبار الوسع في التكليف و لا معارض لها يوجب الرجوع إلى الحرم أو المسجد مع الإمكان و يقيد المشقة بالتعذر و للتحرير فجوز الاستنابة فيهما إن خرج و شق عليه الرجوع و كذا عن التذكرة إن صلاهما في غير المقام ناسيا ثم لم يتمكن من الرجوع قيل لجواز الاستنابة تبعا للطواف فكذا وحدها و للصحيح فيمن نسيها حتى ارتحل من مكة قال إن كان مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 408

فيصليهما عنه و الصحيح من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه أن يقضي أو يقضي عنه وليه أو رجل من المسلمين و الخبر عمن نسي أن يصلي الركعتين قال يصلي عنه و المرسل عن الرجل ينسى ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج قال يؤكل انتهى و في هذه الأدلة أجمع نظر لأن الأول قياس فاسد و الصحيح الأول

مخالف للإجماع لدلالته على جواز الاستنابة مع التمكن من الرجوع و لم أر قائلا به و الصحيح الثاني يحتمل التقييد بما إذا مات فإن الحكم فيه ذلك كما يأتي و الخبر الأول يحتمل التقييد به أيضا مضافا إلى ما في سنده نعم الرواية الأخيرة صريحة في ذلك إلا أن ضعف سندها من وجوه و قصورها عن المقاومة للأخبار الآمرة للناسي بفعله لهما بنفسه يمنع عن العمل بها قيل و ظاهر المبسوط الاستنابة إذا خرج مع تعمد الترك و لم نقف على مستنده مع أنه غير مرتبط بما نحن فيه و لم يتعرض المصنف لحكم الجاهل و العامد و أما الجاهل فالظاهر أنه بحكم الناسي وفاقا لجماعة للصحيح إن الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي و أما العامد فقيل إن مقتضى الأصل وجوب العود مع الإمكان و إنما الكلام في الاكتفاء بصلاتهما حيث أمكن مع التعذر أو بقاؤهما إلى أن يحصل التمكن من الإتيان بهما في محلهما و كذا الإشكال في صحة الأفعال المتأخرة عنهما من صدق الإتيان بها و من عدم وقوعها على الوجه المأمور به انتهى و هو جيد و لو مات الناسي لها و لم يصلهما قضا هما عنه الولي كما في كلام جماعة من غير خلاف فيه بينهم أجده للعموم و للصحيحة المتقدمة قريبا و هي و إن كانت عامة لصورة الموت و الحياة لكن الثانية خرجت بما عرفته من الأدلة و لو فيها ليست ناصة في التخيير فيحتمل غيره و هو تعين الولي مع وجوده و جواز غيره له مطلقا أو مع عدمه و إن فاتتاه مع الطواف فهل على الولي قضاء الجميع بنفسه أو بالاستنابة الأقوى الوجوب

أما الصلاة فلبعض ما مر و أما الطواف فللصحيح فيمن نسي طواف النساء حتى دخل أهله قال لا يحل له النساء حتى يزور البيت و قال يأمر من يقضي عنه إن لم يحج فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره و هو و إن كان مخصوصا بطواف النساء لكن يشمل طواف العمرة و الزيارة بطريق أولى و القران بين الطوافين فصاعدا بأن لا يصلي ركعتي كل طواف بعده بل تأتي بهن أجمع ثم بصلاتهن كذلك حرام عند الأكثر على الظاهر المصرح به في المنتهى و مبطل أيضا كل ذلك على الأشهر على ما هنا و في التنقيح و فيه إن لم يكن إجماع و غيره نظر فإنا لم نقف على نص و لا فتوى يتضمن الحكم بالإبطال و إنما غايتهما النهي عن القران ففي الصحيح عن الرجل يطوف الأسابيع جميعا فيقرن فقال لا الأسبوع و ركعتان و إنما قرن أبو الحسن ع لأنه كان يطوف مع محمد بن إبراهيم لحال التقية و في خبر آخر مروي في السرائر عن كتاب حريز لا قران بين أسبوعين في فريضة و نافلة و في الخبر عن الرجل يطوف بين أسبوعين فقال إن شئت رويت لك عن أهل مكة فقال قلت له و اللَّه ما لي في ذلك حاجة جعلت فداك و لكن أرو لي ما أدين اللَّه عز و جل به فقال لي لا تقرن بين أسبوعين كما طفت أسبوعا فصل ركعتين و أما أنا فربما قرنت الثلاثة و الأربعة فنظرت إليه فقال إني مع هؤلاء و غاية هذه الأخبار الدلالة على تحريم القران و هو لا يستلزم بطلان الطواف الأول إذا كان فريضة

أو بطلانهما معا كما هو ظاهر العبارة و غيرها لتعلق النهي بخارج العبادة لعدم صدق القران إلا بالإتيان بالطواف الثاني فهو المنهي عنه لا هما معا أو الأول كما هو ظاهر القوم نعم لو أريد بالباطل الطواف الثاني اتجه لتعلق النهي بنفس العبادة و حينئذ و يدل على البطلان حينئذ زيادة على ذلك الأخبار الدالة على فورية صلاة الطواف و أنها تجب ساعة الفراغ منه لا تؤخر بناء على ما قررناه في الأصول من استحالة الأمر بشيئين متضادين في وقت مضيق و لو لا حدهما و بالجملة ظاهر الأدلة تحريم القران في طواف الفريضة و أما بطلانه فلم نقف له على حجة إلا أن يكون إجماعا كما ربما يفهم من التنقيح و غيره و مقابل الأشهر قول الحلي بعدم البطلان و التحريم بل الكراهة للأصل و الأخبار الكثيرة

الدالة على أنهم ص قرنوا و للصحيح و غيره إنما يكره أن يجمع الرجل بين أسبوعين و الطوافين في الفريضة و أما في النافلة فلا بأس و في الجميع نظر لوجوب الخروج عن الأصل بما مر و ضعف دلالة الأخبار أجمع أما أخبار الفعل فلعل الفعل كان النافلة أو الفريضة لحال التقية فإن الجواز مذهب العامة كما في المنتهى و غيره و صرح به جملة من الأخبار السابقة و أما الخبران الأخيران فلأعمية الكراهة فيهما من الكراهة بالمعنى المصطلح فلعل المراد بها الحرمة كما ربما يشير إليه المقابلة لها بنفي البأس في النافلة بناء على الإجماع على الكراهة فيها بل جعلها في التنقيح على إرادة الحرمة من لفظ الكراهة أمارة صريحة و من هنا يتضح المستند في قوله و القران مكروه في الطواف النافلة مضافا إلى الشبهة الناشئة

من عموم الأخبار الناهية للنافية و خصوص صحيحة حريز المتقدمة و إن قيل في تضعيف دلالتها على المنع في النافلة احتمال أن يكون المراد أنه لا يجوز أن يقرن طواف النافلة بطواف الفريضة بل يجب أن يصلي بركعتين للفريضة ثم يطوف للنافلة لبعده غايته و لو لا نفي الخلاف عن الجواز فيها مع الكراهة الظاهرة المصرح به في التنقيح لكان القول بالمنع فيها أيضا في غاية القوة لما عرفته مع قصور الخبرين المتقدمين بأنه إنما يكره في الفريضة و أما النافلة فلا بأس عن صرف الأخبار المانعة بتقييد و شبهة بقوة احتمال ورودهما للتقية مع أن ظاهرهما نفي البأس في النافلة بالكلية و لا قائل به منا كما عرفته فتدبر و اعلم أن تفسير القرآن بما قدمناه من أنه الجمع بين أسبوعين فصاعدا هو ظاهر النصوص و الفتاوى و به صرح في التنقيح أيضا و لكن يحتمل تفسيره بما يعمه و الجمع بين طواف و ما زاد و لو شوطا أو بعضه فيكون إشارة إلى تحريم الزيادة على الطواف مطلقا و قد فرضها الأصحاب مسألة أخرى و ظاهرهم الاتفاق على الحكم المذكور فيها إلا نادرا و أطلقوا الحكم في ذلك فلم يفصلوا بين صور المسألة و شقوقها فإن تم إجماعا و إلا فالمتجه التفصيل على ما ذكره بعض أصحابنا حيث قال بعد ذكر الحكم على إطلاقه مبينا لدليله أما إذا نوى الزيادة من أول الطواف أو في أثنائه على أن يكون من الطواف فهو ظاهر لأنه نوى ما لم يأمر به الشارع كما لو نوى صوم يوم و ليلة أو بعضها فإن نواها من أول الأمر لم يشرع إلا في طواف غير مشروع بنية غير

صحيحة و إن نواها في الأثناء فلم يستدم النية الصحيحة و لا حكمها و أما إذا لم يكن شي ء من ذلك و إنما تجدد له تعمد الزيادة بعد الإتمام فإن تعمدت فعلها لا من هذا الطواف فعدم البطلان ظاهر لأنه حينئذ فعل خارج وقع لغوا أو جزء من طواف آخر و إنما الكلام إذا تعمدها حينئذ من هذا الطواف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 409

و ظاهر الأكثر البطلان لأنه كزيادة ركعة في الصلاة كما في الخبر الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فإذا زدت عليها فعليك الإعادة و لخروجه عن الهيئة التي فعلها النبي ص مع وجوب التأسي و قوله ص خذوا عني مناسككم و للخبر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط قال يعيد حتى يستتمه و في الكل نظر لأن الخبرين إن سلمنا يحتملان نية الزيادة أول الطواف أو أثنائه و الخروج عن الهيئة المأثورة ممنوع فإن ما قبلها كان على الهيئة و الزيادة إنما لحقها من بعد و كذا كونها كزيادة ركعة بل إنما هي كفعل ركعة بعد الفراغ من الصلاة و لذا لم يجزم المحقق بالحرمة بل الإبطال و قد يؤيد الصحيحة مع الأصل إطلاق نحو الصحيح عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية أشواط قال يضيف إليها ستا و هو كثير إلا أنه لا بد أن يكون المراد السهو أو نية الطواف الثاني أو تعمد الشوط من طوافه إلى آخر ما ذكره و لنعم ما ذكره و إنما ذكرناه بطوله لحسن مفاده و جودة محصوله و إلى ما ذكره يميل جماعة لكن ما اختاره الأكثر لعله أظهر للخبر الذي مر و ضعفه إن كان بعملهم منجبرا مع أنه قريب من

الصحيح لكون الراوي عن موجب الضعف مما نقل إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه مع أن للضعف بالاشتراك بين الثقة و غيره و قيل إنه الثقة و لذا وصفه بعض العلماء بالصحة و كيف كان فالتأمل في السند لا وجه له و كذا في الدلالة لإطلاق ما فيها من الزيادة الشاملة لمفروض المسألة و تقييده بخصوص ما ذكره من غير مقيد لا وجه له ثم إن هذا إذا زاد عمدا و لو زاد سهوا أكمل أسبوعين على الأشهر الأظهر كما في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و أكثرها و إن عمت صورة العمد لكنها مخصصة بالسهو لما مر مضافا إلى الصحيح من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثم يصلي ركعتين و به يقيد الخبران المتقدمان قريبا المطلقان للإعادة بالزيادة بحملهما على العمد أيضا و إن بعد في أحدهما خلافا للصدوق فحمل على ما ظاهرهما من الإطلاق و مال إليه بعض المعاصرين لذلك و للخبر قلت رجل طاف و هو متطوع ثمان مرات و هو ناس قال فليتم طوافين ثم يصلي أربع ركعات فأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط مضافا إلى الصحيح المتقدم الآمر بصلاة ركعتين خاصة و نحوه بل و أظهر منه آخر كان علي ع يقول إذا طاف فليتم أربعة عشر قلت يصلي أربع ركعات قال يصلي قال و التقريب فيهما أن الأول صار باطلا باعتبار الزيادة و إن كانت سهوا و أن الشوط الثامن قد اعتد به من الطواف الواجب المأمور به بعد بطلان الأول و هاتان الركعتان له و في الجميع نظر لضعف الخبرين بما مر و الثالث بضعف السند و شذوذ الصحيحين

و عدم قائل بهما في البين لانحصار القول في المسألة في اثنين أحدهما استحباب إكمال أسبوعين و صلاة أربع ركعات أشار إليه الماتن بقوله و صلى ركعتي الطواف الواجب منهما قبل السعي و ركعتي الزيادة بعده و دل عليه الصحيح إن عليا ع طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة و بنى على واحد و أضاف إليها ستة ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا و المروة فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى الركعتين اللذين ترك في المقام الأول و نحوه كثير من الصحاح و غيرها لكن من غير بيان للركعات أنها مفصولة أو موصولة و ثانيهما ما عليه الصدوق من بطلان ما فعل و وجوب الإعادة و مقتضاه وجوب إعادة سبعة أشواط لا ستة فيصير المجموع خمسة عشر شوطا و هو خلاف نص الصحيحين المتقدم إليهما الإشارة من الاكتفاء بأربعة عشر شوطا مع أن أولهما الدال على قول فعل الأمير ع ذلك معارض بصريح الصحيح الأخير المتضمن لفعله ع خلافه و وهنه بعدم إمكان حمله على العمد و لا النسيان لعصمته ع عنهما مضعف في كلام جماعة بإمكان كون فعله ع تقية فتأمل فطرحهما أو حملهما على أن مراده بالركعتين صلاتان أو صلاة ركعتين لكل طواف أو يراد قبل السعي و بالجملة فالأخبار المتقدمة ما بين ضعيف سندا و دلالة و شاذة و مع ذلك فغير مكافأة لأخبار كثيرة من وجوه عديدة من حيث الصحة و الاستفاضة و الاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا بل لعلها إجماع في الحقيقة و بغيرها من المعتبرة كالرضوي الذي عليه اعتماد الصدوق و أبيه و كثير فإن سهوت فطفت طواف الفريضة

ثمانية أشواط فزد عليها ستة

أشواط و صل عند مقام إبراهيم ركعتي الطواف ثم اسع بين الصفا و المروة ثم تأتي المقام فصل خلفه ركعتي الطواف و اعلم أن الفريضة هو الطواف الثاني و الركعتين الأوليين لطواف الفريضة و الركعتين للطواف الأول و الطواف الأول تطوع و صريح هذه الرواية و ظاهر بعض الصحاح المتقدمة كون الطواف الثاني الفريضة و الأول النافلة كما عن والد الصدوق و الإسكافي و هو ظاهر العبارة و أخبار المسألة للأمر فيها أجمع بإكمال أسبوعين و هو حقيقة في الوجوب فلا يجوز قطع الطواف الثاني خلافا للفاضل و الشهيدين فجعلوا الثاني هو النافلة و جوزوا قطعها و هو مشكل لما عرفته مع سلامته عن المعارضة بالكلية سوى أصالة بقاء الطواف الأول على كونه فريضة بحسب ما اقتضته النية و لا قائل بوجوب الطوافين معا بل نقل الإجماع على عدمه و أنه إنما تجب الثاني إن قلنا ببطلان الأول و لم نقل به كما مر و الكلام على تقديره و في بعض الأخبار التصريح بأن أحدهما فريضة و الآخر نافلة و فيه مناقشة واضحة لوجوب الخروج عن الأصل بما عرفته إلا أن يجاب بأن الناس منه في بلوغها درجة الحجية مناقشة و الصحيح ظهوره ليس بذلك الظهور المعتد به حتى يكون حجة يخصص بها الأصل مضافا إلى قوة احتمال عدم كونه من أخبار المسألة كما أشار إليه بعض الأفاضل فقال في تضعيف الاستناد إليه بعده لكن لما امتنع السهو عليه لم يطف ثمانية إلا لعدوله في الأول من نية فرضه لموجب له فليس من المسألة و الأخبار الآمرة و إن كانت ظاهرة في ذلك إلا أنه ربما يفهم منها من جهة أخرى كون الثاني هو النافلة

و لذا أن الصدوق في الفقيه بعد نقل بعضها قال و في خبر آخر أن الفريضة هي الطواف الثاني ثم ساق متن الرضوي إلى آخره و لعله هو المراد بالرواية المشار إليها في كلامه و هو كالصريح فيما ذكرنا من فهمه من الأخبار الآمرة بالإكمال أسبوعين ما ذكرناه من أن الثاني هي النافلة و كذلك الأصحاب و إلا فلم يجد لما ذكروه حجة سوى الأصل المخصص بما مر و الجمع بينه و بين الأمر بالإكمال و إن أمكن بحمله على الاستحباب إلا أن الجمع بينهما بالتخصيص أرجح كما في الأصول قد تقرر و كيف كان فالأحوط ما عليه الإسكافي بل لا يبعد أن يكون أظهر ثم إن إطلاق العبارة بالإكمال أسبوعين يقتضي عدم الفرق فيه بين إكمال الشوط الثامن ببلوغ الركن و عدمه و هو ظاهر بعض الصحاح المتقدمة المتضمنة لقوله فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 410

عشر شوطا حيث جعل المناط في الأمر بالإتمام أربعة عشر شوطا الدخول في الثامن و لا ريب في صدقه بالزيادة و لو مع عدم بلوغ الركن خلافا للأكثر ففصلوا بين البلوغ فيتم و عدمه فيلغى الزائد لصريح الخبر إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه و قد أجزأ عنه و إن لم يذكر حتى يبلغه فليتم أربعة عشر شوطا و ليصل أربع ركعات و لعله أظهر و إن ضعف السند لانجباره بعمل الأكثر فيترجح على الصحيح لعدم صراحته و احتمال الحمل على أن المراد بالدخول في الثامن إتمامه كما هو ظاهر مورد الأخبار الباقية و لذا أن الشيخ بعد نقلهما قال إن هذا الخبر و أشار به إلى الصحيح مجمل و رواية أبي كهمش و

أشار به إلى الخبر مفصلة و الحكم بالمفصل أولى منه بالمجمل و ارتضاه بعض من تأخر عنه إلا أنه رده باشتراط التكافؤ المفقودة في محل البحث لضعف سند الخبر و فيه ما مر ثم إن صريح العبارة وجوب إيقاع ركعتين قبل السعي للفريضة و أخريين بعده للنافلة و عزي إلى الأكثر و به نص الرضوي المتقدم و الصحيح المروي في السرائر عن نوادر البزنطي و فيه عن الركعات كيف يصليهن أ يجمعهن أو ما ذا قال يصلي ركعتين للفريضة ثم يخرج إلى الصفا و المروة فإذا رجع من طوافه بينهما رجع يصلي ركعتين للأسبوع الآخر و نحوه بعض الصحاح المتقدمة و غيره لكن ليس فيهما سوى الأمر بالتفريق بين الركعات كما مر و لم يتعرض فيهما لكون الأوليين قبل السعي للفريضة و الأخريين بعده للنافلة خلافا لبعض المتأخرين فجعل ذلك على سبيل الأفضلية و جوز تقديم الأربع كلا قبل السعي لإطلاق الأمر بالأربع في الصحيح و غيره و فيه نظر لوجوب حمل المطلق على المقيد و هو أولى من حمل أمر المفصل على الاستحباب الرجحان التخصيص على المجاز كما مر في غير باب و يعيد من طاف في ثوب نجس أو على بدنه نجاسة مع العلم بها حينه إجماعا من القائلين باشتراط الطهارة منها في الطواف للنهي المفسد للعبادة و لا فرق فيه بين العالم بالحكم و غيره على الأشهر الأحوط خلافا لجمع فألحقوا الثاني بالجاهل بالنجاسة و لا يعيد لو لم يعلم بها حينه و لا قبله قطعا فإن امتثال الأمر يقتضي الإجزاء مضافا إلى ثبوت هذا الحكم في الصلاة على الأشهر الأقوى كما مضى فكذا هنا إن قلنا بالتسوية بينهما أو بطريق أولى

و فيما لو علم بها قبله و نسيها حينه إشكال من خير التسوية و من الأصل و الشك في عموم التسمية و شمولها لهذا الحكم و لا ريب أن الإعادة أحوط و أولى إن لم ينقل بكونه أقوى خلافا للفاضل و غيره فلم يوجبوها كالجاهل و لعله لما مر و لإطلاق المرسل كالصحيح رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه فقال أجزأه الطواف ثم ينزعه و يصلي في ثوب طاهر و هو إن شمل العامد لكنه خرج بالدليل فيبقى الباقي و منه الجاهل و الناسي و لا بأس به لو لا قصور السند و عدم صحته و لو علم بها في أثناء الطواف أزاله أي نزعه أو غسله و أتم الباقي لأن امتثال الأمر يقتضي الإجزاء و للخبرين و إطلاقهما كالعبارة و غيرهما من عبائر الجماعة يقتضي عدم الفرق بين ما لو توقف الإزالة على فعل يستدعي قطع الطواف و عدمه و لا بين أن يقع العلم بعد تجاوز النصف أو قبله و هو نص القريب من الصحيح و فيه ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا فإذا إنسان أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لأبي عبد اللَّه فقال بئس ما صنعت كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت أما أنه ليس عليك شي ء خلافا للشهيدين فجزما بوجوب الاستيناف إن توقف الإزالة على فعل يستدعي قطع الطواف و لما يكمل أربعة أشواط قيل نظرا إلى ثبوت ذلك مع الحدث في أثناء الطواف و الحكم في المسألتين واحد و فيه نظر و الأجود الاستدلال لهما بعموم ما دل على أن قطع الطواف قبل التجاوز يوجب

الاستيناف كما يأتي و لا معارض له صريحا سوى الخبر الأخير و هو قاصر سندا يشكل تخصيصه به و كذا الخبران الأولان مضافا إلى عدم صراحتهما و احتمالهما التقييد بصورة التجاوز كما يمكن تقييد ذلك العموم بغير موردهما و بالجملة فإن التعارض بينهما تعارض العموم و الخصوص من وجه يمكن تقييد كل منهما بالآخر و الأقوى تقييد هذين بذلك لقصور السند لكن يمكن جبر القصور بعد الجبر بعمل المشهور بالموافقة للأصل فإن الأصل بقاء صحة

ما فعل و عدم وجوب الاستيناف مع تأمل ما في ذلك العموم و إنما غايته الإطلاق الغير المتبادر منه محل النزاع و لعل هذا أظهر سيما مع اعتضاده بصريح ما مر من الخبر المعتبر فتدبر و تصلي ركعتاه أي الطواف بقول مطلق كما هنا و في السرائر حيث لم يقيداه بالواجب أو الواجب منه خاصة كما هو الأشهر في كل وقت حتى الأوقات الخمسة التي تكره فيها ابتداء النافلة ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و الصحاح المعارضة لها بالمنع محمولة إما على التقية كما صرح به شيخ الطائفة قال لأنه مذهب العامة أقول و لكن في الموثق كالصحيح ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين ع إلا الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة و ظاهره موافقة العامة لنا في هذه المسألة اقتداء منهم بهما ع لكن يمكن الجواب بالفرق بين فعلهم و فعلنا فإن فعلنا لم يظهر كونه لأجل اختصاص الجواز بركعتي الطواف بل يحتمل كونه للجواز على الإطلاق كما هو مذهبنا فإذا رأت العامة نفعلهما فربما توهمت بناء الجواز مطلقا فآذتنا و لا كذلك لو فعلهما بعد ظهور مذهبهم

في المنع مطلقا و ربما يشير إلى ما ذكرنا الصحيح عن صلاة التطوع بعد العصر فقال لا فذكرت له قول بعض آبائه ع إن الناس لم يأخذوا عن الحسن و الحسين ع إلا الصلاة بعد العصر بمكة فقال نعم و لكن إذا رأيت الناس يقبلون على شي ء فاجتنبه فقلت إن هؤلاء يفعلون فقال لستم مثلهم أو على النافلة لكراهة ركعتيها على الأشهر للخبر عن الطواف بعد العصر فقال طف طوافا و صل ركعتين قبل صلاة المغرب عند غروب الشمس و إن طفت طوافا آخر فصل الركعتين بعد المغرب و لكن ظاهر الصحيحة المتقدمة عدم الكراهة فيها و إن نهى عنها لظهور سياقها في أنه كان اتقاء و لعله لها أطلق الطواف الماتن هنا كالسرائر هذا مع أن في النفس من كراهية ابتدائية النوافل في هذه الأوقات مطلقا شي ء قدمنا وجهه في كتاب و الصلاة من أراده راجع هناك و احترز بقوله ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة عما لو تضيق وقتها فإنه يجب تقديمها قطعا و عليه يحمل الصحيح عن الذي يطوف بعد الغداة و بعد العصر و هو في وقت الصلاة أ يصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة قال لا فتقيد وقت

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 411

الصلاة منه بالضيق منه و ربما يفهم من الشيخ في الاستبصار العمل به بإطلاقه حيث قال بعد نقله فالوجه في هذا الخبر ما تضمنته من أنه كان في وقت صلاة فريضة فلم يجز له أن يصلي ركعتي الطواف إلا بعد أن يفرغ من الفريضة الحاضرة و هو مشكل و الأصل يقتضي التخيير بينهما كما صرح به الفاضل في بعض كتبه لأنهما واجبان موسعان فلا وجه لترجيح أحدهما على الآخر

هذا إن قلنا بسعة وقت صلاة طواف الفريضة و إن قلنا بفوريتها كما يظهر من جملة من المعتبرة فتقديمها حينئذ يكون واجبا و الصحيح المتقدم غير صريح في الإطلاق فيحتمل التقييد بما ذكرنا عملا بالأصل مضافا إلى احتماله الحمل على التقية بما ذكرنا عملا بالأصل مضافا إلى احتماله الحمل على التقية لما قدمنا و لو نقص من طوافه شوطا أو أقل أو أزيد أتمه إن كان في المطاف مطلقا ما لم يفعل المنافي و منه طول الفصل المنافي للموالاة إن أوجبناها كما هو ظاهر الأصحاب و إن انصرف و كان طوافه طواف فريضة و قد تجاوز النصف بأن طاف أربعة أشواط رجع ف أتم ما أمكن و لو لم يمكنه كأن رجع إلى أهله استناب في الإتمام و لو كان ما طافه دون ذلك أي قبل إتمام الرابع استأنف إن أمكنه و إلا استناب على الأظهر الأشهر بل لا يكاد فيه خلاف يظهر إلا من جمع ممن تأخر حيث قالوا لم نظفر بمتمسك لهذا التفصيل و إن ما وقفنا عليه من الأخبار لا تساعده ففي الصحيح رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر قال يعيد ذلك الشوط و فيه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط فقال ع يطوف شوطا و فيه فإن فاته ذلك حتى أتى أهله قال يأمر من يطوف عنه و على مورده اقتصر جماعة كالشيخ في التهذيب و النهاية و الفاضل في التحرير و التذكرة أقول و بالله سبحانه التوفيق و لعل الدليل على هذا التفصيل بعد مفهوم التعليل في بعض الأخبار المتقدمة في بحث أن الحائض و النفساء إذا منعهما عذرهما عن إتمام العمرة يعدلان إلى الإفراد و القران ففيه

عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط و هي معتمرة ثم طمثت قال تتم طوافها فليس عليها غيره و متعتها تامة فلها أن تطوف بين الصفا و المروة و ذلك لأنها زادت على النصف و قد مضت متعتها و لتستأنف بعد الحج و هو صريح في أن علة الحكم بالإتمام بعد تجاوز النصف و طواف أربعة أشواط إنما هو التجاوز و أن من تجاوزه فقد تم طوافه و قريب منه آخر وارد في المريض بهذا التفصيل و فيه رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف قال إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه و إن كان طاف ثلاثة أشواط و لا يقدر على الطواف فلا بأس أن يؤخر الطواف يوما أو يومين فإن خلته العلة عاد فطاف أسبوعا و ذلك فإن قوله فقد تم طوافه في قوة التعليل للحكم بالإتمام و هو جار في المقام و خصوصية المورد لا يقدح في عموم التعليل على الأقوى كما حقق في الأصول مستقصى و ضعف الأسانيد منجبر بالفتوى و لا دليل أبين من هذا سيما مع اعتضاده بتتبع الموارد الأخر الثابت فيها ذلك التفصيل بالنص و الفتوى و من جملتها ما أشار إليه بقوله و كذا الحكم في من قطع طواف الفريضة لحدث أو لحاجة له أو لغيره أو لمرض أما الأخير فللنص المتقدم المنجبر ضعف سنده بالعمل و الموافقة للرضوي و فيه بعد ذكر الحائض في أثناء الطواف و أنها تبني بعد تجاوز النصف لا قبله و كذلك الرجل إذا أصابته علة و هو في الطواف لا يقدر على إتمامه أعاد بعد ذلك طوافه ما

لم يجز نصفه فإن جاز نصفه فعليه أن يبني على ما طاف و على ما فصل فيهما يحمل إطلاق الصحيح بالإعادة بعروض المرض في الأثناء بحمله على ما إذا لم يتجاوز النصف فإن المطلق يحمل على المقيد بعد التكافؤ المشترط الموجود هنا و لو مع ضعف سند المفصل بناء على ما مضى من انجباره بالفتوى مضافا إلى موافقته لما فهم من العلة التي قدمناها و أما الأول فللمرسل كالصحيح على الصحيح في الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه قال يخرج فيتوضأ فإن كان جاز النصف بنى على طوافه و إن كان أقل من النصف أعاد الطواف و لا معارض لهذا الخبر مع اعتباره في نفسه و اعتضاده بالفتوى و بمفهوم التعليل الذي قدمنا مضافا إلى الأخبار الواردة في

الحائض و النفساء إذا منعهما عذرهما في الأثناء و أما الثاني فللجمع بين النصوص الواردة فيه المتعارضة أكثرها تعارض العموم و الخصوص المطلق لدلالة جملة منها معتبرة متضمنة للصحيح و غيره على البناء مطلقا و جملة أخرى منها كذلك على أنه يبنى على الشوط أو الشوطين في النافلة و لا يبنى في طواف الفريضة باستثناء هذه عن تلك و يلحق ما زاد على الشوطين فصاعدا إلى ما لا يتجاوز النصف بهما لعدم قائل بالفرق بينهما أصلا و أما ما في المرسل كالصحيح المروي في الفقيه من جواز البناء على الأقل من النصف فلا يبلغ قوة المعارضة للأخبار المصرحة بالإعادة من وجوه عديدة مضافا إلى شذوذ و كونه مرويا في التهذيب بنحو يوافق تلك الأخبار و يضاد ما في الفقيه مع أنه ليس فيه تصريح بالفريضة فيحتمل النافلة و الحكم فيها ذلك اتفاقا و رواية و

حيث ثبت هذه الكلية من اعتبار التجاوز عن النصف في عدم الإعادة و عدمه في ثبوتها ظهر صحة التفصيل المذكور في العبارة و نحوها و ما ذكره الأصحاب من ثبوته أيضا فيمن دخل جوف الكعبة في الأثناء مع أنه ورد الصحيح بالإعادة مطلقا إذ ينبغي تقييده بما إذا لم يتجاوز النصف كما هو مورد كثير من المعتبرة المتضمنة للصحيح و غيره الواردة بالإعادة في هذه المسألة و الجمع بالعكس بتخصيص الكلية بهذه الصحيحة و إن أمكن إلا أن الجمع الأول أشهر فيتعين ثم إن إطلاق النص و الفتوى بالإعادة مع عدم التجاوز عن النصف و عدمها معه فيما لو نقص يشمل صور وقوعه عمدا أو جهلا أو نسيانا و حكي التصريح به عن المفيد و الديلمي خلافا الأخيرين فقيدوه بصورة النسيان و أوجبوا الاستيناف مع العمد قيل و يؤيده الأمر بالاستيناف إذا قطعه لدخول البيت من غير تفصيل في الأخبار و فيه أن الأخبار الواردة فيه أكثرها مختصة بما إذا طاف ثلاثة أشواط و الحكم فيه الإعادة مطلقا عمدا كان أو جهلا أو نسيانا اتفاقا و المطلق منها ليس إلا رواية واحدة و حملها على ما يوافق ذلك التفصيل بتقييده بما إذا لم يتجاوز النصف كما هو مورد تلك ممكن بل متعين و إن أمكن العكس لما مر و هل يجزي الاستيناف حيث جاز البناء يعطيه بعض الأخبار المتقدمة فيمن طاف و وجد النجاسة في الأثناء لكن ضعف سنده يمنع عن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 412

العمل به هنا و الاحتياط يقتضي ترك الاستيناف و حيثما تعين عليه البناء هل يبنى من موضع القطع أو من الركن الأحوط الأول حذرا من الزيادة و للصحيح و غيره حيث أمر

فيهما بالحفظ من موضع القطع و احتاط في التحرير و المنتهى بالثاني مع اعترافه فيهما و في التذكرة كما قيل بدلالة ظاهر الخبر على الأول نعم ظاهر ما في بعض الصحاح الوارد فيمن اختصر شوطا من الإعادة من الحجر إلى الحجر هو الثاني و الجمع بالتخيير لا يخلو عن وجه و إذا شك في موضع القطع أخذ بالاحتياط كما في الدروس و لو قطعه لصلاة فريضة حاضرة جاز مطلقا و إن لم يتضيق وقتها بإجماع العلماء إلا مالكا فإنه قال يمضي في طوافه و لا يقطعه إلا أن يخاف أن يضر بوقت الصلاة كما في المنتهى و إذا قطع ثم صلى ثم بعد الفراغ منها أتم طوافه من حيث قطع مطلقا و لو كان ما طافه دون الأربعة أشواط كما في صريح الغنية و المحكي في الدروس عن الحلبي و في غيره عن الإصباح و الجامع و هو ظاهر الشيخ في النهاية و الحلي في السرائر و المحكي عن المهذب و الفاضل في التحرير و المنتهى و التذكرة و فيهما إجماع أهل العلم و غيرهم حيث أطلقوا البناء و تركوا التفصيل هنا مع ذكرهم له في المسائل المتقدمة و لعله لإطلاق الصحيح رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة فريضة قال يقطع الطواف و يصلي الفريضة ثم يعود فيتم ما بقي عليه من طوافه و نحوه غيره و لا بأس به و إن أمكن تقييد إطلاق الخبرين بمفهوم التعليل المتقدم و ذلك لإمكان العكس بتقييد المفهوم بإطلاق منطوق الصحيح لرجحانه هنا على الأول بالشهرة و حكاية الإجماع خلافا للشهيدين في الدروس و اللمعتين فاختار الجمع الأول و زاد أولهما فادعى ندور ما في المتن مع

أنك قد عرفت شهرته و دعوى الإجماع عليه فيما مر و هو عجيب و لا سيما من مثله و أعجب منه دعواه إضافة الماتن خاصة الوتر بقوله و كذا للوتر و إنه نادر مع أن الشيخ في النهاية و الفاضل في التحرير و المنتهى ألحقوه أيضا للصحيح عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه و بقي عليه بعضه فطلع الفجر فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المساجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه أ فترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر و إن أسفر بعض الأسفار قال ابدأ بالوتر و اقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد لكن ظاهر من عدا الماتن اشتراط خوف فوات الوتر كما هو ظاهر الصحيح أيضا و هو الأقوى خلافا للماتن فأطلق و فيه مخالفة للنص و الفتوى و يشبه أن يكون دعوى الندور لهذا لا لما مضى و للشهيدين فلم يفرقا بين الفريضة و الوتر في جريان التفصيل فيهما و لو دخل في السعي و قد ذكر أنه لم يطف قط استأنف الطواف لوجوب تقديمه عليه للمعتبرة منها زيادة على ما يأتي الصحيح عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت قال يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما و لو ذكر أنه طاف و لكن لم يتم الطواف قطع السعي و أتم الطواف ثم أتم السعي للموثق كالصحيح رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا و المروة فبينهما هو يطوف إذا ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت قال يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا و المروة فيتم ما

بقي قلت فإنه بدأ بالصفا و المروة قبل أن يبدأ بالبيت فقال يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا و المروة قلت فما فرق بين هذين قال لأن هذا قد دخل في شي ء من الطواف و هذا لم يدخل في شي ء منه و ظاهره وجوب البناء مطلقا و لو لم يكن عن النصف متجاوزا كما هو ظاهر المتن و الشرائع و النهاية و التهذيب و السرائر و التحرير و المنتهى و التذكرة فيما نقل خلافا لصريح الفاضل في القواعد و الشيخ في المبسوط فيما نقل و الشهيدين في اللمعتين فقيدوه بصورة التجاوز عن النصف و أوجبوا مع عدمه الاستيناف و ربما عزي إلى المشهور و فيه نظر و وجه القولين واضح مما مر إلا أن ترجيح القول الأول لعله هنا أظهر لكون القائل به على الظاهر أكثر و كون النص لما في ذيله كالنص من التعليل و الاستيناف بعد البناء أحوط

[سنن الطواف]
اشارة

و سننها أمور

[الوقوف عند الحجر الأسود و الدعاء]

الوقوف عند الحجر الأسود كما في الخبر إذا دخلت المسجد الحرام حتى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله و تقول الحمد لله الحديث و الدعاء بعد الحمد و الصلاة رافعا يديه كما في الصحيح إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك و احمد اللَّه و أثن عليه و صل على النبي ص و اسأل اللَّه تعالى أن يتقبل منك ثم استسلم الحجر و قبله فإن لم تستطع أن تقبله فاستسلمه بيدك فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه و قل اللهم أمانتي أديتها و ميثاقي في تعاهدته لتشهد لي بالموافاة اللهم تصديقا بكتابك و على سنة نبيك أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله آمنت بالله و كفرت بالجبت و الطاغوت و باللات و العزى و عبادة الشيطان و عبادة كل ند يدعى من دون اللَّه فإن لم يستطع أن تقول هذا كله فبعضه و قل اللهم إليك بسطت يدي و فيما عندك عظمت رغب بما قبل سبحتي و اغفر لي و ارحمني اللهم إني أعوذ بك من الكفر و مواقف الخزي في الدنيا و الآخرة و في الخبر السابق بعد ما من الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا اللَّه سبحان اللَّه و الحمد لله و لا إله إلا اللَّه و اللَّه أكبر اللَّه أكبر من خلقه و أكبر مما أخشى و أحذر و لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي بيده الخير و هو على كل شي ء قدير و تصلي على النبي

و تسلم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد قيل و زاد الحلبيان بعد شهادة الرسالة و أن الأئمة من ذريته و لا يسميهم حججه في أرضه و شهداء على عباده صلى اللَّه عليه و عليهم و لا بأس به

[استلامه]

و استلامه قبل الطواف كما في الصحيح المتقدم و غيره و فيه كما في الخبر كنت أطوف مع أبي و كان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده و قبله و ظاهر الحسن أو الصحيح كان رسول اللَّه ص يتسلمه في كل طواف فريضة و نافلة و أخبار مطلقة كثيرة جدا قيل بل في كل شوط كما في الاقتصاد و الجمل و العقود و الوسيلة و المهذب و الغنية و الجامع و المنتهى و التذكرة و في الفقيه و الهداية يحتملان الوجوب و ذلك لثبوت أصل الرجحان بلا مخصص قال الصدوق في الكتابين إن لم تقدر فافتح به و اختم به قلت يوافقه الخبر كنا نقول لا بد أن يستفتح بالحجر و يختم به و أما اليوم فقد كثر الناس و ما في قرب الإسناد للحميري من خبر سعد إن بن مسلم قال رأيت أبا الحسن ع موسى ع استلم الحجر ثم طاف حتى إذا كان أسبوع التزم وسط البيت و ترك الملتزم الذي يلتزمه أصحابنا و بسط يده على الكعبة ثم مكث ما شاء اللَّه ثم مضى إلى الحجر فاستلمه و صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ع ثم عاد إلى الحجر و استلمه ثم مضى حتى إذا بلغ الملتزم في آخر أسبوع التزم وسط البيت و بسط يده ثم استلم الحجر ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ع ثم عاد إلى الحجر و استلم ما

بين الحجر و الباب و استلام ما بين الحجر كما في العين و غيره تناوله باليد أو القبلة قال

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 413

الجوهري و لا يهمز لأنه مأخوذ من السلام و هو الحجر كما تقول استنوق الجمل و بعضهم يهمزه و قال الزمخشري و نظيره استهم القوم إذا جالوا السهام و اهتجم الحالب إذا حلب في الهجم و هو القدح الضخم قلت و أقرب من ذلك اكتحلت و أدهنت إذا تناول الكحل و الدهن و أصاب منهما و كان التمسح بالوجه و الصدر و البطن و غيرها أيضا استلام كما يعطيه كلام الفاضل في القواعد و في الخلاص أنه التقبيل قال ابن مسيدة استلم الحجر و استلامه قبله و اعتنقه و ليس أصله الهمزة و قال ابن السكيت همزته العرب على غير قياس لأنه من السلام و هي الحجارة و في السرائر و التحرير و التذكرة و المنتهى عن تغلب أنه بالهمزة من اللأمة أي الدرع بمعنى اتخاذه جنة و سلاحا و قال ابن الأعرابي إن الأصل الهمز و أنه من الملامة أي الاجتماع و قال الأزهري أنه افتعال من السلام و هو التحية و استلامه لمسه باليد تحريا لقبول السلام منه تبركا به قال و هذا كما يقال اقترأت منه السلام قال و قد أملى أعرابي كتابا إلى بعض أهاليه فقال في آخره اقترئ منا السلام قال و مما يدل على صحة هذا القول أن أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيى معناه أن الناس يحيونه بالسلام انتهى و في المنتهى و التذكرة أنه مأخوذ من السلام يعني أنه يحيي نفسه عن الحجر إذ ليس الحجر مما يحييه كما يقال اختدم إذا لم يكن له خادم

و إنما خدم نفسه و في الصحيح عن استلام الركن قال استلامه أن تلصق بطنك و المسح أن تمسحه بيدك و هو يحتمل الهمز من الاستلئام المنبئ عن الاعتناق أو التلبس به كالتلبس باللأمة ثم الركن غير الحجر و إن كان يطلق عليه توسعا و يحتمل ركنه و غيره و استحب الفاضل في القواعد وفاقا للمبسوط و الخلاف استلامه ببدنه أجمع لأن أصله متروع للتبرك و التحبب فالتعميم أولى لكن لما يناسب التعظيم و التبرك و التحبب و هو المراد بالجميع أو المراد به الاعتناق و الالتزام فهو تناوله له بجميع البدن و التلبس و استلام

[تقبيل الحجر الأسود]

و يستحب تقبيله بخصوصه و إن دخل في الاستلام للنصوص بالخصوص قيل و لم يذكر الحلبي سواه و أوجبه سلار و لعله لأن الأخبار بين أمر به و بالاستلام و مقيد لتركه بالعذر و أمر للمعذور بالاستلام باليد أو بالإشارة أو الإيماء و لا يعارض ذلك أصل البراءة أقول سيما إذا اعتضده بالمعتبرة الناصة باستثناء المرأة و أنه ليس عليها استلام فإنها كالصريحة في الوجوب على الرجل لكن يضعفها و سائر ما ورد الأمر فيه بالاستلام كونه أعم من التقبيل و لا قائل بوجوبه و خلوها أجمع عن الأمر بالتقبيل ربما كان قرينة على كون الأمر به حيثما ورد للاستحباب سيما مع اقترانه في مواضع بكثير من الأوامر التي هي له بإجماع الأصحاب هذا مع أن الظاهر انعقاد الإجماع على الاستحباب كما صرح به في المنتهى و لا يضر خروج الديلمي لمعروفية نسبه فيكون شاذا و لكن مراعاته أحوط و أولى ثم في القواعد فإن تعذر يعني الاستلام لجميع البدن فبعضه أي بما تيسر منه و قيل كما في

المبسوط و الخلاف و فيه الإجماع عليه و أن الشافعي لم يجتزئ به ثم فيه فإن تعذر فبيده قيل كما في الصحيح و غيره و في الفقيه و المقنع و المقنعة و الاقتصاد و الكافي و الجامع و التحرير و التذكرة و المنتهى و الدروس أنه يقبل يده و يؤيده أنه المناسب للتبرك و التعظيم و التحبب و أنه روي أن النبي ص كان يستلم الحجر و قبل الحجر فإن لم يقدر من الاستلام باليد أشار إلى الحجر بيده قيل كما نصل عليه الأصحاب و الخبر عن الحجر و مقابلة الناس عليه فقال إذا كان كذلك فأوم إليه إيماء بيدك و في الفقيه و المقنع و الجامع و يقبل اليد و لو كانت اليد مقطوعة ف ليستلم بموضع القطع كما في الخبر أن عليا ع سئل كيف يستلم الأقطع قال قال يستلم الحجر من حيث القطع فإن كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله و لو لم يكن له يد أصلا أشار إليه بوجهه كما في القواعد قيل و نص عليه المحقق و يشمله إطلاق الأكثر و الصحيح فإن لم تستطع أن تشتمله بيدك فأشر إليه بل و الصحيح أنه وجدته خاليا و إلا فسلم من بعيد

[أن يقتصد في مشيه]

و أن يقتصد في مشيه بأن لا يسرع و لا يبطؤ مطلقا وفاقا للقديمين و الشيخ في النهاية و الحلي و غيرهم و بالجملة الأكثر على الظاهر المصرح به في كلام جمع للنصوص منها عن الطواف أسرع و أكثر أو أمشي و أبطئ فقال مشى بين المشيين و قريب منه ما سيأتي خلافا للشيخ في المبسوط فقال يرمل ثلاثا و يمشي أربعا في طواف القدوم خاصة و تبعه

الفاضل في التحرير و الإرشاد و ابن حمزة فاستحب الرمل في الثلاثة الأشواط الأول و المشي في الباقي بين السرع و الإبطاء و خاصة في طواف الزيارة و حجتهما غير واضحة عدا ما في المبسوط من قوله اقتداء بالنبي ص لأنه كذلك فعل رواه جعفر بن محمد عن جابر و فيه أولا أن الرواية مرسلة غير مستندة و ثانيا أن الذي يظهر من جملة من الروايات أن فعله ص ذلك و كذلك أصحابه كان لمصلحة سخت لهم يومئذ و لذا أنهم ع بعد نقلهم ذلك عنه ص أظهروا له المخالفة فمنها مروي الصدوق في العلل عن الطواف أ يرمل فيه الرجل فقال إن رسول اللَّه ص لما أن قدم مكة و كان بينه و بين المشركين الكتاب الذي قد علمهم أمر الناس أن يتجلدوا و قال أخرجوا أعضادكم و أخرج رسول اللَّه ص ثم رمل بالبيت ليريهم أنه لم يصبهم جهده فمن أجل ذلك يرمل الناس و إني لأمشي مشيا و كان علي بن الحسين ع يمشي مشيا و نحوه مروية الآخر صحيحا في الكتاب المسطور غير أنه لم يتضمن لنقل فعله و لا فعل علي بن الحسين ع و هما صريحان في أن فعله ص في خصوص ذلك اليوم كان لإظهار التجلد و القوة لمشركي قريش و المفهوم من الخبر الأول أن العامة اتخذوا ذلك سنة على الإطلاق بسبب هذه القضية و أنهم ع كانوا يمشون مشيا و هو ظاهر في قصر الرمل على ذلك اليوم للغرض المشار إليه و مع ذلك فلا تخصيص فيه بالثلاثة الأول و يؤكد ذلك و إن دل على تخصيص الرمل بالثلث الأول ما رواه أحمد بن محمد بن

عيسى في نوادره عن أبيه قال سئل ابن عباس فقيل له إن قوما يروون أن رسول اللَّه ص أمر بالرمل حول الكعبة فقال كذبوا و صدقوا فقلت و كيف ذلك فقال إن رسول اللَّه ص دخل مكة في عمرة القضاء و أهلها مشركون فبلغهم أن أصحاب محمد ص مجهودون فقال رسول اللَّه ص رحم اللَّه امرأ أداهم من نفسه جلدا فأمرهم فخسروا عن أعضادهم و رملوا بالبيت ثلاثة أشواط و رسول اللَّه ص على ناقته و عبد اللَّه بن رواحة أخذ بزمامها و المشركون بحيال الميزاب ينظرون إليهم ثم حج رسول اللَّه ص بعد ذلك فلم يرمل و لم يأمرهم بذلك فصدقوا في ذلك و كذبوا في هذا و عن أبيه عن جده عن أبيه قال رأيت علي بن الحسين ع يمشي و لا يرمل و مما ذكر يظهر أن الرمل مذهب العامة و به صرح العماني من قدماء الطائفة و لا يجب شي ء من الطريقين بغير خلاف ظاهر مصرح به في بعض العبائر للأصل و النص عن المسرع و المبطئ في الطواف فقال كل واسع ما لم يؤذ أحدا

[أن يذكر اللَّه سبحانه]

و أن يذكر اللَّه سبحانه و يدعوه بالمأثور و غيره و يقرأ القرآن في حال طوافه كل ذلك للنصوص بالعموم و الخصوص و في المرسل كالصحيح ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه حافيا يقارب

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 414

خطاه و يغض بصره و يستلم الحجر الأسود في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا فلا يقطع ذكر اللَّه تعالى عن لسانه إلا كتب اللَّه له بكل خطوة سبعين ألف حسنة و محي عنه سبعين ألف سيئة و رفع له سبعين ألف

درجة و أعتق عنه سبعين ألف رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم و شفع في سبعين من أهل بيته و قضيت له سبعون ألف حاجة إن شاء فعاجلة و إن شاء فآجلة و في الخبر دخلت الطواف فلم يفتح لي شي ء من الدعاء إلا الصلاة على محمد و آل محمد ص و سعيت فكان ذلك فقال ص ما أعطى أحد ممن سأل أفضل مما أعطيت و في ثالث القراءة و أنا أطوف أفضل و أذكر اللَّه تبارك و تعالى قال القراءة أفضل قيل و القراءة مكروهة عند مالك

[أن يلتزم المستجار]

و أن يلتزم المستجار و هو بحذاء الباب من وراء الكعبة دون الركن اليماني بقليل قيل و قد يطلق على الباب كما في الصحيح إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخر الكعبة و هو بحذاء المستجار دون الركن اليماني فابسط يديك الخبر و يبسط يديه وحده على حائطه و يلصق بطنه و يذكر ذنوبه و يعددها عنده مفصلة فليس من مؤمن يقر لربه بذنوبه فيه إلا غفر له إن شاء اللَّه كما في الصحيح و يدعو حينئذ بالمغفرة و الإعادة من النار و غيرهما بالمأثور كل ذلك للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوذة و هو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل اللهم البيت بيتك و العبد عبدك و هذا مقام العائذ بك من النار اللهم من قبلك الروح و الفرج ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به و في تتمة الصحيح المتقدم فابسط يديك على البيت و ألصق بطنك و يديك و خدك بالبيت و قل اللهم البيت بيتك إلى آخر ما قدمنا

و فيه بعده ثم اقرأ لربك بما علمت فإنه ليس من عبد مؤمن إلى آخر ما قدمنا ثم قال و تقول من قبلك الروح و الفرج و العافية اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي و اغفر لي ما اطلعت مني و خفي على خلقك ثم تستجير بالله من النار و تخير لنفسك من الدعاء ثم استلم الركن اليماني ثم استلم الحجر الأسود و هما كغيرهما نصان في اختصاص استحباب الالتزام بالمستجار و ما بعده بالشوط السابع كما قيده به الأصحاب فما أطلقه العبارة لا وجه له عدا إطلاق بعض الأخبار و ينبغي تقييده به حملا للمطلق على المقيد و لو نسي الالتزام حتى جاز المستجار رجع و التزم قيل لعموم جملة من النصوص و منها الصحيحان المتقدمان و لا يلزم زيادة في الطواف لأنه لا ينوي بما بعده ذلك إلى موضع الرجوع طوافا و إنما الأعمال بالنيات و لذا لم ينه عنه الأصحاب و إنما ذكروا أنه ليس عليه انتهى و فيه نظر لمنع العموم لفقد اللفظ الدال عليه و إنما غاية ما في النصوص الإطلاق الغير المعلوم انصرافه إلى محمل النزاع قوله و لا يلزم زيادة في الطواف قلنا ممنوع لتوقف ذلك على اعتبار النية في البطلان بالزيادة و ليس كذلك فإن النص و الفتوى بالبطلان بها مطلقة لا تقييد في شي ء منهما بالنية بل صرح الشهيدان في الدروس و الروضة في المسألة بما يعرف عن الإطلاق فإنهما قالا و متى استلم أو التزم حفظ موضعه بأن يثبت رجليه فيه و لا يتقدم بهما حالته حذرا من الزيادة في الطواف و النقصان و لو اختص البطلان بالزيادة بصورة نية كونها من الطواف لما كان

لكلامهما ذلك مزيد فائدة بل كان الأولى الأمر بالاحتياط و ترك نية كون الزيادة من الطواف لو كانت موجودة و نحو كلامهما النصوص الآمرة بحفظ موضع القطع حيث يجوز الخروج من الطواف و البناء قوله و لذا لم ينه عنه الأصحاب قلنا ممنوع فقد نهى عنه الماتن في الشرائع و حكاه الشهيد في الدروس فقال و قيل لا يرجع مطلقا و هو نهي أو نفي راجع إليه و إنما الذي قال ليس عليه هو الشيخ في النهاية و الفاضل في السرائر خاصة و لو سلم فغايته عدم النهي عنه هنا و هو لا يستلزم عدم النهي عنه مطلقا فقد يكون إطلاق نهيهم عن الزيادة جاريا هنا و مما ذكرنا ظهر أنه لا دليل على الرجوع مطلقا بل وجود الدليل على المنع كذلك و هو نهيهم عن الزيادة في الطواف على الإطلاق مضافا إلى الصحيح عمن نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتى جاز الركن اليماني أ يصلح أن يلتزم بين الركن اليماني و بين الحجر أو يدع ذلك قال يترك اللزوم و يمضي قوله و يمضي أمر بالمضي فيكون واجبا و الرجوع له مضاد قطعا فيكون منهيا عنه مع أنه لو كان الرجوع إلى المستجار مستحبا لأمر به و لو كان المسئول عنه غيره و هو صلوح الالتزام بين الركن اليماني و بين الحجر فإن المقام كان يقتضيه لو كان مستحبا و بالجملة فهذا الصحيح صريح في المنع عن الرجوع إذا جاز الركن اليماني و لذا خص الشهيد استحباب الرجوع بما إذا لم يبلغه و هو حسن و لكن لا دليل على استحباب الرجوع مع عدم البلوغ إلا أن يكون ما مر و لكن جوابه

قد ظهر فإذا القول بالمنع عن الرجوع مطلقا كما عليه الماتن في الشرائع أظهر و مع ذلك فهو أولى و أحوط

[أن يستلم الأركان]

و كذا يستحب أن يستلم الأركان الأربعة كلها للصحيح الفعلي الآتي و في آخر يستلم اليماني و الشامي و الغربي قال نعم و هما نصان على من منع عن استلام ما عدا الركن العراقي و اليماني كالإسكافي مضافا إلى الأصل و الإجماع المحكي عن الخلاف و المنتهى مع عدم وضوح دليل على المنع أصلا سوى النصوص بأن النبي ص استلمهما و لم يستلم غيرهما و هي محمولة على كون ذلك لتأكده فيهما دون غيرهما كما أفتى به الأصحاب أيضا و منهم الماتن هنا لقوله و آكدها استحبابا ركن الحجر يعني العراقي و اليماني و بهذا الجمع صرح في الاستبصار حيث قال بعد نقل الصحيح الثاني و معارضه من الموثق كان رسول اللَّه ص لا يستلم إلا الركن الأسود و اليماني و يقبلهما و يضع خده عليهما و رأيت أبي يفعله و الصحيح كنت أطوف بالبيت و إذا رجل يقول ما بال هذين الركنين يستلمان و لا يستلم هذان فقلت إن رسول اللَّه ص استلم هذين و لم يتعرض لهذين فلا يتعرض لهما إذا لم يعرض لهما رسول اللَّه ص و قال جميل رأيت أبا عبد اللَّه ع يستلم الأركان كلها و لا تنافي بين هذين الخبرين و الخبر الأول لأنها حكاية ما فعل رسول اللَّه ص و يجوز أن يكون رسول اللَّه ص لم يستلمهما لأنه ليس في استلامهما من الفضل و الترغيب في الثواب ما في استلام الركن العراقي و اليماني و لم يقل إن الاستلام محظور و مكروه و لأجل ما قلناه

قال جميل إنه رأى أبا عبد اللَّه ع يستلم الأركان كلها فلو لم يكن جائزا لما فعله انتهى و بالجملة فالقول بالمنع نادر ضعيف لا دليل عليه بل الأدلة حجة عليه و مثله في الضعيف و الشذوذ قول الديلمي بوجوب استلام الركن اليماني لا استحبابه للأصل و عدم دليل عليه سوى ما قيل من الأمر به في الأخبار من غير معارض و هو كما ترى إذ لم نر من الأخبار المعتبرة ما يتضمن الأمر به أصلا و إنما

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 415

غايتها بيان فعلهم ع و هو أعم من الوجوب بل هو بالنسبة إلى العراقي الذي تضمنته أيضا للاستحباب إجماعا فليكن بالنسبة إلى اليماني كذلك أيضا فتأمل ثم إن الموجود في العبارة و غيرها و النصوص المتقدمة و غيرها إنما هو الاستلام و لكن في الصحيح عن استلام الركن فقال استلامه أن تلصق بطنك به و المسح أن يمسحه بيدك و في المرفوع كنت أطوف مع أبي و كان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده و قبله و إذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه فقلت جعلت فداك تمسح الحجر بيدك و تلتزم اليماني فقال قال رسول اللَّه ص ما أتيت الركن اليماني إلا وجدت جبرئيل ع قد سبقني إليه يلتزمه و ظاهرهما أن المستحب الالتزام بل ظاهر الأول أنه المراد من الاستلام للركن حيث يطلق في الأخبار و لعله لذا بدل الاستلام في الشرائع و القواعد بالالتزام و لا بأس به

[أن يتطوع بثلاثمائة و سبعين طوافا]

و أن يتطوع بثلاثمائة و سبعين طوافا كل طواف سبعة أشواط فيكون مجموعها ألفين و خمسمائة و عشرين شوطا بلا خلاف للصحيح يستحب أن يطوف ثلاثمائة و ستين أسبوعا عدد أيام السنة فإن لم يستطع

فثلاثمائة و ستين شوطا فإن لم يستطع فما قدرت عليه من الطواف و هو كعبارة الأصحاب مطلق لكن في الرضوي و يستحب أن يطوف الرجل بمقامه مكة ثلاثمائة و ستين أسبوعا بعدد أيام السنة فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة و ستين شوطا و ظاهره التقييد بمدة مقامه بمكة و لعله المتبادر من إطلاق الرواية السابقة قيل و الظاهر استحبابها لمن أراد الخروج في عامه أو في كل عام و ما في الأخبار من كونها بعدد أيام السنة قرينة عليه و من الخبرين يظهر المستند في قوله كباقي الأصحاب فإن لم يمكن جعل العدة أشواطا فيكون جميع الأشواط أحد و خمسين طوافا و ثلاثة أشواط و ينوي بكل سبعة أشواط طوافا فإذا طاف خمسين طوافا حصل ثلاثمائة و خمسين شوطا و يبقى عليه عشرة و ظاهر الأصحاب إلا النادر أنه يجعلها كلها طوافا واحدا فينوي أطوف بالبيت عشرة أشواط لندبه قربة إلى اللَّه تعالى قالوا و هو مستثنى من كراهة القرآن في النافلة للنصوص المزبورة خلافا لابن زهرة فلم يستثن و قال يجعل السبعة من العشرة طوافا و يضم إلى الثلاثة الباقية أربعة أخرى ليصير طوافا آخر و المجموع على هذا اثنان و خمسون طوافا و جعله رواية قال الشهيد في الدروس رواه البزنطي قال في حاشية الكتاب إن في جامعه الإشارة إليه لأنه ذكره في سياق أحاديثه قال الصادق ع اثنان و خمسون طوافا و زاد الشهيد أنها يوافق أيام السنة الشمسية أقول روى هذه الرواية الشيخ في التهذيب في الصحيح عن البزنطي عن علي ابن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه ع قال يستحب أن يطاف بالبيت عدد أيام السنة كل أسبوع بسبعة

أيام فذلك اثنان و خمسون أسبوعا و جعله رواية قال الشهيد في الدروس رواه البزنطي الذي نقل إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه من أحاديثه و يدفع التدافع بين صدر الخبر بأنه يطاف عدد أيام السنة و ذيله المتضمن لأن ذلك اثنان و خمسون أسبوعا مع أنه بمقتضى الصدر أحد و خمسون و ثلاثة أشواط كما مر بأن المراد عدد السنة الشمسية كما ذكره الشهيد ره و يجاب عن الروايات السابقة بأن استحباب ما فيها من العدد لا ينفي الزيادة فيزاد على الثلاثة أربعة و لعله لذا نفى عن هذا القول بالبأس في المختلف و استحسنه شيخنا في الروضة لكن لم يأب عما عليه الأصحاب فجعله مستحبا أيضا

[أن يقرأ في ركعتي الطواف بالحمد و الصمد في الأولى و بالحمد و الجحد في الثانية]

و أن يقرأ في ركعتي الطواف بالحمد و الصمد في الركعة الأولى و بالحمد و الجحد في الثانية على الأظهر الأشهر لصريح الصحيح و غيره و يعضده الترتيب الذكري في كثير من الأخبار المرغبة في قراءة السورتين هنا و في باقي المواضع السبعة المشهورة خلافا للشيخ في النهاية في كتاب الصلاة فقال بالجحد في الأولى و التوحيد في الثانية و جعله الشهيد و جماعة رواية واقف عليها مع أن الشيخ قد رجع عنها في النهاية في المسألة فأفتى بعين ما في العبارة و مع ذلك فقد نفى البأس عنه أيضا في كتاب الصلاة من النهاية و يكره الكلام فيه بغير الذكر و الدعاء و القراءة للخبر طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بالدعاء و ذكر اللَّه تعالى و تلاوة القرآن و للنافلة يلقى الرجل أخاه فيسلم عليه و يحدثه بالشي ء من أمر الآخرة و الدنيا لا بأس به و لا ينبغي ليس فيه للتحريم

للإجماع على الجواز على الظاهر المصرح به في التحرير و المنتهى مضافا إلى الصحيح عن الكلام في الطواف و إنشاد الشعر و الضحك في الفريضة أو في غير الفريضة أ يستقيم ذلك قال لا بأس به و الشعر ما كان لا بأس به منه و نفي البأس فيه محمول على نفي التحريم جمعا فلا ينافي المرجوحية المستفادة من صريح الرواية السابقة لكن ظاهرها اختصاصها بالفريضة لكن قيل في توجيه فتوى الأصحاب بالكراهة على الإطلاق إن الخبر و إن اختص بالفريضة لكن العقل يحكم بمساواة النافلة لها في أصل الكراهة و إن كان أخف بل و النهي عن حديث الدنيا في المسجد معروف و هو كما ترى قال الشهيد ره تتأكد الكراهة في الشعر و لعله لورود النهي عن إنشاده في المسجد مطلقا ففي الطواف أولى إلا ما كان منه دعاء أو حمدا أو مدحا لنبي أو إمام أو موعظة و زاد الشهيد كراهية الأكل و الشرب و التثاؤب و التمطي و الفرقعة و العبث و مدافعة الأخبثين و كل ما يكره في الصلاة غالبا و لعله للنبوي المشهور الطواف بالبيت صلاة و لعله المستند في فتوى الأصحاب بكراهية الكلام في الطواف على الإطلاق كما يفهم من المنتهى لا التوجيه المتقدم عن بعض الأصحاب

[أحكام الطواف]
اشارة

و أما أحكامه فثمانية

[الأول الطواف ركن]

الأول الطواف ركن فلو تركه عامدا عالما بأن لا يأتي به في وقته و في طواف الحج قبل انقضاء ذي الحجة و طواف عمرة التمتع قبل أن يضيق الوقت عنها و عن الحج و في طواف العمرة الجامعة لحج الإفراد و القران قبل خروج السنة بناء على وجوب إيقاعها فيها و في المجردة قبل الخروج عن مكة بنية الإعراض عن فعله بلا إشكال بطل حجه أو عمرته بلا خلاف و لا إشكال لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه فيبقى تحت عهدة التكليف و لفحوى الرواية الآتية في تركه على وجه الجهالة لكن فيها وجوب البدنة قال الشهيد ره و في وجوب هذه البدنة على العالم نظر من الأولوية قلت و من عدم النص و جواز منع الأولوية كمن عاد إلى تعمد الصيد و قيل يجوز كون الكفارة للتقصير بعدم التعليم ثم إن هذا في غير طواف النساء فإنه ليس بركن يبطل بتركه النسك من غير خلاف كما في السرائر معربا عن الإجماع كما في صريح المسالك و غيره و هو الحجة مضافا إلى أصالة خروجه عن حقيقة النسك و الصحاح الظاهرة في ذلك منها على المفرد طواف بالبيت و صلاة ركعتين و سعى واحد بين الصفا و المروة و طواف بالبيت بعد الحج و هو طواف النساء كما في الصحيح الآخر الوارد بهذا النهج في القارن و منها أن معنا امرأة حائضا و لم تطف طواف النساء و يأبى الجمال أن يقيم عليها قال فأطرق و هو يقول لا يستطيع أن تتخلف عن أصحابها و لا يقيم عليها جمالها ثم رفع رأسه إليها قال تمضي فقدتم حجها و قوله فقدتم حجها

في خروجه عن النسك مطلقا و لو في حال الاختيار و لا يختص بحال الاضطرار و إن كانت مورده فإن العبرة بعموم الجواب إلا خصوص

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 416

المحل و لو كان تركه ناسيا أتى به مع القدرة و قضاه متى ذكره و لا يبطل النسك و لو كان طواف الركن و ذكره بعد المناسك و انقضاء الوقت بلا خلاف في كل من الحكم بالصحة و وجوب القضاء عليه بنفسه مع إمكان المباشرة إلا من الشيخ في كتابي الحديث في الأول فأبطل الحج بنسيان طوافه و مثله الحلبي و هما نادران بل على خلافهما الإجماع عن صريح الغنية و الخلاف و الظاهر غيرهما مع أن الشيخ رجع عنه في كتبه المتأخرة كالخلاف و المبسوط و النهاية فلا ريب في ضعفه للإجماع على خلافه مضافا إلى لزومه الحرج المنفي و يدفعه عموم رفع الخطإ و النسيان في النبوي و غيره و الصحيح عمن نسي زيارة البيت حتى يرجع إلى أهله فقال لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه و الصحيح الآتي في الحكم الآتي و حمل الطواف مع الأول على طواف الوداع و في الثاني على طواف النساء لا وجه له بعد عمومها لهما و غيرهما مما نحن فيه سوى الأصل المتقدم في العامد و ما سيأتي من الخبرين في الجاهل و لا دخل له بما نحن فيه إذ الجاهل غير الناسي و لذا يقابل أحدهما بالآخر عرفا و لغة و الأصل مخصص بما عرفته من الأدلة في المسألة و من بعض المتأخرين في الثاني فجوز الاستنابة مطلقا و لو مع القدرة على المباشرة لإطلاق الصحيحة الآتية في الاستنابة و فيه أنه محمول على صورة التعذر و

المشقة كما هو الغالب من أفراده إجماعا كما في الغنية و شرح الشرائع للصيمري لفحوى ما دل على وجوب المباشرة مع القدرة في نسيان طواف النساء إن قلنا به فهنا أولى و قريب منها فحوى ما مر من الأدلة على وجوب قضاء ركعتي الطواف بنفسه مع القدرة لو نسيهما فهنا أولى لكونهما فرع الطواف و من توابعه جدا كما مضى و لو تعذر العود فيه استناب بلا خلاف من القائل بصحة الحج و عدم بطلانه و عليه الإجماع في الغنية و للحرج و للصحيح عن رجل نسي طواف الفريضة حتى يقدم بلاده و واقع النساء كيف يصنع قال يبعث بهدي إن كان تركه في حج يبعث به في حج و إن كان تركه في عمرة تبعث به في عمرة و يؤكل من يطوف عنه ما تركه من طواف الحج و هو نص في تساوي الحج و العمرة كما يقتضيه إطلاق العبائر هنا و في كلام جماعة و لكن عن الأكثر الاقتصار عليه في طواف الحج و لا وجه له بعد عموم الحجة و المراد بتعذر العود امتناعه و اشتماله على مشقة لا تتحمل عادة قيل و يحتمل أن يراد بالقدرة استطاعة الحج المعهودة و هو ضعيف في الغاية قيل و الصحيح يعطي أن العود إلى بلاده يكفيه عذرا و لكن الأصحاب اعتبروا العذر احتياطا أقول و لعله لكون صورة العذر هو الغالب المتيقن من إطلاق الصحيح فلا يسلم إعطاؤه أن العود إلى بلاده يكفيه عذرا مطلقا بل يعطي ذلك في الفرد الغالب المتيقن منه خاصة و متى وجب قضاء طواف العمرة أو الحج فالأقرب وجوب إعادة السعي أيضا كما عليه الشيخ و جمع للصحيح رجل

طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت قال يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما و يحتمل العدم للسكوت عنه في خبر الاستنابة المتقدم و احتمال اختصاص ذلك بما قبل فوات الوقت كما يفهم من خبر آخر لراوي الصحيح المتقدم و فيه عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا و المروة قال يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا ثم يستأنف السعي قلت إنه فاته قال عليه دم أ لا ترى إذا غسلت شمالك قبل يمينك قال عليك أن يعيد على شمالك و هو ظاهر في أن وجوب إعادة السعي إنما هو مع الحضور و بقاء الوقت و أما مع فوات وقته فليس عليه إلا الدم دون إعادة السعي و إلا لأمر بها و عليه ففي الرواية دلالة على عدم وجوب الإعادة عكس ما عليه الجماعة و لذا أن الأكثر لم يذكروا قضاء السعي كما عن شيخنا الشهيد الثاني هذا و المسألة محل نظر و لا ريب أن الاحتياط يقتضي إعادة السعي و إنما يحصل التحلل مما يتوقف على الطواف و السعي بالإتيان بهما و لا يحصل بدون فعلهما و لو عاد لاستدراكهما بعد الخروج على وجه يستدعي وجوب الإحرام لدخول مكة فهل يكتفي بذلك أو يتعين عليه الإحرام ثم يقضي الفائت قبل الإتيان بأفعال العمرة أو بعده وجهان و لعل الأول أرجح تمسكا بمقتضى الأصل و التفاتا إلى أن من نسي الطواف يصدق عليه أنه

محرم في الجملة و الإحرام لا يقع إلا من محل ثم إن ما مر إنما هو حكم من ترك الطواف عالما عامدا أو ناسيا و أما لو تركه جاهلا فلم يذكر حكمه الماتن هنا صريحا و إنما أشار إليه

بقوله و في رواية بل روايات إن كان تركه على وجه جهالة أعاد الحج و عليه بدنة ففي الصحيح عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة قال إن كان على وجه الجهالة أعاد الحج و عليه بدنة و الخبر عن رجل جهل كما في نسخة أو سها كما في أخرى أن يطوف بالبيت حتى رجع إلى أهله قال إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج و عليه بدنة و في نسبة الحكم إلى الرواية إشعار بتردده فيه و لا وجه له قطعا إن تعلق بوجوب إعادة الحج لموافقته الأصل المتقدم في العامد مضافا إلى صحة سند الرواية و اعتضادها بغيرها مع سلامتها عن المعارض فتعين تعلقه بما فيها من إيجاب البدنة و لا وجه له فيه أيضا إلا ما في التنقيح من أصالة عدم الوجوب أولا و من هجران الروايتين ثانيا لعدم القائل بهما و من ضعفهما ثالثا و في هذه إلا وجه الثلاثة ما ترى لوجوب الخروج عن الأصل بالدليل و هو الصحيح و تاليه و دعوى ضعفهما معا سندا فاسدة جزما لما بين في الرجال مستقصى و كذا دعوى شذوذهما و عدم قائل بهما فإنها غريبة جدا فقد حكي القول بمضمونهما عن الشيخ و الأكثر و به أفتى صريحا جمع ممن تأخر و هو أظهر قالوا و هذه البدنة عقوبة محضة لا جبران لأن النسك باطل من أصله فلا يتعلق به الجبران

[الثاني من شك في عدده بعد الانصراف فلا إعادة]

الثاني من شك في عدده أي عدد أشواط الطواف بعد الانصراف فلا إعادة كسائر العبادات بلا خلاف لاشتراك العلة أعني الحرج المنفي في الشريعة و قوله كلما شككت فيه مما مضى فامضه و للصحاح فيمن طاف طواف الفريضة فلم يدر

ستة طاف أم سبعة قال فليعد طوافه قال ففاته قال لا أرى عليه شيئا و في بعضها الإعادة أحب إلي و أفضل و التقريب فيهما عدم إمكان حملهما على الشك في الأثناء لوجوب التدارك فيه إما بالاستيناف أو إتيان شوط آخر على ما سيأتي من الخلاف و لا قائل بعدم وجوب شي ء مطلقا و لو مع الفوات إذ هو إما عن عمد أو جهل أو نسيان و لكل موجب مضى تفصيله إذ هو

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 417

كترك الطواف كلا أو بعضا فتأتي فيه الأحوال الثلث مع ما يترتب عليها من الأحكام و ليس منها أنه لا شي ء عليه أصلا فالحكم به صريحا في الروايات بعد مراعاة الإجماع أوضح دليل على إرادة صورة الشك بعد الانصراف و لا ينافيها الحكم بالاستيناف بناء على عدم ظهور قائل به أيضا مطلقا و ذلك لظهورها في استحبابه و لا يشترط فيه ظهور قائل به و الظاهر أن العبرة في الانصراف بالنية فإذا اعتقد أنه أتم الطواف فهو منصرف عنه و إن كان في المطاف و لم يفعل المنافي خصوصا حتى إذا تجاوز الحجر أما قبل اعتقاد الإتمام فهو غير منصرف كان عند الحجر أو بعده أو خارجا عن المطاف أو فعل المنافي و لو كان الشك المزبور في أثنائه و كان بين السبعة أشواط و ما زاد فقط كما إن شك فيها أنه سبعة أو ثمانية قطع شوطه و صح و لا إعادة عليه بلا خلاف للأصلين عدم الزيادة و البراءة من الإعادة و عموم نحو الصحيح الشامل لما سبق و ما نحن فيه عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أم ثمانية فقال ع أما السبعة

فقد استيقن و إنما وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين ثم إنه إنما يقطع مع شك الزيادة إذا كان على منتهى الشوط أما لو كان في الأثناء بطل طوافه لتردده بين محذورين الإكمال المحتمل للزيادة عمدا أو القطع المحتمل للنقيصة صرح بذلك شيخنا في المسالك و الروضة و تبعه جماعة و سبقهم في ذلك ابن زهرة في الغنية و لو كان الشك في الأثناء في النقيصة كأن شك فيما طافه أنه سبعة أو ستة مثلا أعاد الطواف وجوبا في الفريضة على الأظهر الأشهر بل عليه الإجماع في الغنية و هو الحجة مضافا إلى المعتبرة المستفيضة منها زيادة على ما يأتي الصحيح المروي في الكافي عن رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة قال يستقبل و نحوه الخبر المروي في التهذيب بسند فيه اشتراك و ربما وصف أيضا بالصحة و الخبر المروي في التهذيب في أواخر باب الزيادات من فقه الحج عن إبراهيم بن هاشم عن صفوان قال سألت أبا الحسن ع عن ثلاثة نفر دخلوا في الطواف فقال كل منهم لصاحبه تحفظوا الطواف فلما ظنوا أنهم فرغوا قال واحد معي سبعة أشواط و قال الآخر معي ستة أشواط و قال الثالث معي خمسة أشواط قال إن شكوا كلهم فليستأنفوا و إن لم يشكوا و استيقن كل واحد منهم على ما في يده فليبنوا و عد هذا الحديث حسنا و الخبر عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية قال يعيد طوافه حتى يحفظ و قصور السند أو ضعفه مجبور بالعمل و قال المفيد من طاف بالبيت فلم يدر ستا طاف أم سبعا فليطف طوافا آخر ليستيقن أنه طاف سبعا

و فهم منه الفاضل البناء على الأقل على أن مراده بطواف آخر شوط آخر و تبعه من المتأخرين جماعة و عزوه إلى والد الصدوق و الإسكافي و الحلبي و استدل له بأصل البراءة و عدم الزيادة و بالصحيح إني طفت فلم أدر ستة طفت أم سبعة فطفت طوافا آخر فقال هلا استأنفت قال قلت قد طفت و ذهبت قال ليس عليك شي ء فلو كان الشك موجبا للإعادة لأوجبها عليه و أجاب عن الأولين بالأخبار و الاختيار و الاحتياط و عن الصحيح باحتماله النافلة و كون الشك بعد الانصراف و احتمال قوله قد طفت الإعادة أي فعلت الأمرين الإكمال و الإعادة و زاد غيره الاستدلال بما مر من الصحاح في حكم الشك بعد الفراغ و هي محمولة على موضع تلك المسألة كما عرفته فلا دخل له بالمسألة و بالصحيح في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة قال يبني على يقينه و هو ليس بصريح لاحتماله النقل و كون الشك بعد الانصراف و البناء على اليقين بمعنى أنه حين انصرف أقرب إلى اليقين مما بعده فلا يلتفت إلى الشك بعده و إرادة الإعادة أي يأتي بطواف يتيقن عدده و يبني على الأقل في النافلة بلا خلاف للمستفيضة منها الموثق فيمن طاف فأوهم فقال طفت أربعة أو طفت ثلاثة إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه و ليستأنف و إن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة و هو في شك من الرابع أنه طاف فليبن على الثلاثة فإنه يجوز له و الخبر عن رجل شك في طوافه فلم يدر ستة طاف أم سبعة فقال إن كان في فريضة أعاد كل ما شك فيه و إن كان نافلة

بنى على ما هو أقل و نحوه أخرى و في

التذكرة و المنتهى و التحرير و غيرها جواز بنائه على الأكثر إذا لم يستلزم الزيادة على سبعة للمرسل في الفقيه و المقنع عن رجل لا يدري طاف ثلاثة أم أربعة قال طواف فريضة أو نافلة قال أجنبي فيهما جميعا فقال ع إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت و إن كان طواف فريضة فأعد و في التذكرة و المنتهى أنه من تتمة بعض الصحاح المروي في الفقيه فيكون صحيحا و لكنه غير معلوم كما نبه عليه جمع و لو زاد على السبع ناسيا فتجاوز الحجر و دخل في الشوط الثامن و ذكر قبل بلوغ الركن أنه زاد قطع الشوط و لم يعد الطواف هذه المسألة كالمقيدة لقوله فيما سبق و من زاد على السبعة سهوا أكمل أسبوعين فإن الزيادة عليها تحقق و لو بخطوة مع عدم ثبوت ذلك الحكم على الأظهر كما مر

[الثالث لو طاف و ذكر أنه لم يتطهر أعاده]

الثالث لو طاف و ذكر أنه لم يتطهر أعاده وجوبا إن كان طواف الفريضة و كذا يعيد صلاته و لا يعيد إن كان طواف النافلة و لكن يعيد صلاته استحبابا كل ذلك للنصوص المتقدم إليها الإشارة في بحث اشتراط الطواف و منها الصحيح عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهر قال يتوضأ و يعيد طوافه فإن كان تطوعا توضأ و صلى ركعتين و لو نسي طواف الزيارة أي طواف الحج حتى يرجع إلى أهله و واقع عاد و أتى به و مع التعذر يستنيب فيه كما مر و إنما أعاد هنا لبيان حكم الكفارة المشار إليها بقوله و في وجوب الكفارة تردد و اختلاف بين الأصحاب فبين موجب لها

كالشيخ في النهاية و المبسوط و عن المهذب و الجامع للصحاح منها زيادة على ما مر في أول بحث وجوب الاستنابة مع التعذر عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت قال يهريق دما و منها عن متمتع وقع على أهله و لم يزد قال ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون ثلم حجه إن كان عالما و إن كان جاهلا فلا بأس عليه و مانع عن وجوبها كالحلي في السرائر و جماعة و عزى إلى الأكثر و منهم الفاضل في التذكرة و المختلف و المنتهى و الشهيدان أو غيرهم و اختاره في الشرائع و هنا أيضا لقوله أشبهه أنه لا يجب إلا مع المواقعة بعد الذكر و لعله الأقوى للأصل و رفع النسيان مع عدم صراحة تلك الصحاح و احتمالها الحمل على المواقعة بعد الذكر أو الاستحباب جمعا بينها و بين ما دل على عدم الكفارة على المحرم الواطئ ناسيا أو جاهلا من النص و الفتوى ففي الصحيح المروي في العلل في المحرم ما يأتي أهله ناسيا قال لا شي ء عليه إنما هو بمنزلة من أهل شهر رمضان و هو ناس و المرسل المروي في الفقيه إن جامعت و أنت محرم إلى أن قال و إن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي ء عليك و الأخبار بنفيها عن الجاهل مستفيضة بل متواترة فإن عممنا الجهل للنسيان شملت المسألة و الجمع بين الأخبار بتقييد هذه على ما عدا المسألة كما اتفق لجماعة لا وجه له بعد رجحان أخبارنا بالأصول

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 418

و الشهرة مع أن من تلك الصحاح ما يعم طواف العمرة و لم يذكر أكثر الجماعة بل اقتصروا على طواف الزيارة

كما في العبارة نعم عن جامع الإطلاق و الصحيحة الأخيرة قد جعلها للمختار بعض الأصحاب حجة بتعميم البأس المنفي للكفارة لا خصوص الثلم و الإثم و المؤاخذة و جعله العلم المشترط شرطا لجميع ما تقدمه و منه إيجاب الكفارة و لكنه بعيد في الغاية لظهور كون العلم قيدا لثلم الحج خاصة و البأس المنفي هو الإثم و الثلم لا الكفارة كما صرح بذلك جماعة نعم لا بأس بما ذكره دفعا للصراحة التي هي المناط في تخصيص الأدلة هذا و لا ريب أن الإيجاب أحوط و إن كان العدم أظهر و لو نسي طواف النساء إلى أن رجع إلى أهله استناب مطلقا و لو مع القدرة على المباشرة كما في ظاهر إطلاق العبارة بل صريح سياقها و عليه الأكثر و جعله في الدروس أشهر بل لا خلاف فيه بين القدماء و المتأخرين يظهر إلا عن الشيخ في التهذيب و الفاضل في المنتهى فاشترط فيه التعذر و قد رجع الأول عنه في النهاية و قال الثاني في أكثر كتبه بما في العبارة كالتحرير و القواعد و التلخيص و التذكرة للصحاح المروي أحدهما في مستطرفات السرائر عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله قال يرسل فيطاف عنه و زيد في اثنين منها فإن مات قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه و إطلاقها بل عمومها بترك الاستفصال يعم محل النزاع و قريب منه الصحيح رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله لا تحل له النساء حتى يزور البيت و قال يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه أو غيره و التقريب أن الظاهر أن المراد بقوله يأمر

من يقضي عنه إن لم يحج و اللَّه يعلم أن يستنيب إن لم يرد العود بنفسه و هو أعم من صورة التعذر و غيره بل لعله ظاهر في الثاني و إلا لقيل يأمر من يقضي عنه إن لم يقدر على الحج و حينئذ فيكون هذا قرينة على ابن المراد بقوله في صدره لا تحل له النساء حتى يزور البيت لا تحل له حتى يحصل زيارته بنفسه أو بغيره و أظهر منه في ذلك ما سيأتي من رواية صحيحة بل لعلها فيه صريحة كما ستعرفه و منه يظهر الجواب عن الصحيح المستدل به للقول الثاني المتضمن لقوله لا تحل له النساء حتى يزور البيت فإن هو مات فليقض عنه وليه أو غيره بحمله على ما ذكرنا و لا ينافيه ما في ذيله من قوله ع فأما ما دام حيا فلا يصلح أن يقضى عنه الحديث إذ غايته نفي الصلاحية الذي هو أعم من الكراهة و الحرمة فلعل المراد به الكراهة إن لم نقل بظهوره فيها كما عليه المتأخرون كافة تبعا لما صرح به الشيخ في مواضع عديدة و منها ما في الاستبصار في بحث صلاة الفريضة في جوف الكعبة حيث صرح ثمة بأن لا يصلح صريح في الكراهة و نحن نقول بها في المسألة و على هذا فيكون هذه الصحيحة دليلا آخر على الإطلاق لا على خلافه حجة و إن توهمه جماعة و أما الصحيح المتضمن لنحو ما مر في صدر الصحيح الأخير و قول الراوي بعده قلت فإن لم يقدر قال علي ع يأمر من يطوف عنه فليس فيه دلالة على التقييد إذ الشرط إنما هو في كلام الراوي فلا يفيد التقييد و إنما يستفاد

من قوله ع حتى يزور البيت الظاهر في وجوب طوافه عليه و مباشرته له بنفسه لكن قد عرفت بما مر أن المراد منه المعنى الأعم الشامل له و لنائبه و على هذا فلم يبق حجة على القول الثاني عدا أصالة بقاء حرمة النساء و عدم الانتقال إلى الغير و هما مخصصان بما مر فإذا القول الأول الأظهر سيما مع كونه أشهر و أوفق بما دل على نفي التعسر و الحرج و لكن الثاني أحوط بلا لا يترك لإمكان المناقشة في إطلاق الصحاح بقوة احتمال ورودها مورد الغالب من صورة التعذر فلعله الباعث على عدم إرادة في العود و عدم صراحة قوله ع في الحديث الذي يفيدها يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فيما مر بل هو مطلق أيضا يحتمل الحمل على الغالب من صورة التعذر فلعله الباعث على عدم إرادة الحج و على هذا فيبقى الأوامر بطوافه بنفسه المستفادة من قوله لا حتى يطوف بالبيت و غيره باقية على ظاهرها من لزوم المباشرة خرج منه صورة التعذر خاصة اتفاقا فتوى و رواية و بقي الباقي و حينئذ فلا

مخصص يطمأن إليه للأصلين المتقدم إليهما الإشارة و بالجملة فالمسألة محل إشكال و ريبة لإمكان الجمع بين الروايات بما يوافق كلا القولين مع عدم وضوح دليل صالح للترجيح في البين سوى الشهرة للأول لكنها معارضة بالأصول للثاني فالمصير إلى الاحتياط أجود و إن كان في تعيينه نظر لقوة الشهرة على الأصول و سيما مثل هذه الشهرة القريبة من الإجماع المعتضدة بلفظ لا يصلح الظاهر في الكراهة إن لم ينقل بصراحتها فيها مضافا إلى ظهور بعض الصحاح في أن المراد بالأوامر المستفاد من قوله لا تحل له النساء

حتى يطوف بالبيت و غيره ما قدمنا من تحصيل الطواف و لو بالاستنابة لا المباشرة خاصة ففيه قلت رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله قال يأمر من يقضي عنه إن لم يحج فإنه لا يحل له النساء حتى يطوف بالبيت فإن تعليل الأمر بالاستنابة بهذه العلة أوضح قرينة على أن المراد بها ما عرفته لا طوافه بنفسه خاصة و إلا لما ارتبط العلة بمعلولها و ما كان بينهما مناسبة و حينئذ فيرتفع الأوامر بالمباشرة و لا موجب لاعتبارها بالكلية و حينئذ فتنعكس الأصول في المسألة و على القول يشترط عدم العود بنفسه في الاستنابة لما عرفته من الأخبار الصحيحة و لو مات و لم يطف و لو استنابة قضاه عنه الولي أو غيره لما عرفته من الروايات المتقدمة

[الرابع من طاف فالأفضل له تعجيل السعي]

الرابع من طاف فالأفضل له تعجيل السعي في يوم الطواف لآيتي المسارعة و الاستباق و لا يجوز تأخيره إلى غده للصحيحين رجل طاف بالبيت فأعيا أ يؤخر الطواف بين الصفا و المروة إلى غد قال لا و لا خلاف فيه إلا من الماتن في الشرائع فجوزه إليه و هو مع رجوعه عنه في الكتاب نادر و مستنده مع ذلك غير واضح عدا الأصل و إطلاق الصحيح عن رجل طاف بالبيت فأعيا أ يؤخر الطواف بين الصفا و المروة قال نعم و هما مقيدان بما مر هذا مع أن عبارته في الشرائع غير صريحة في المخالفة كما فهمها الجماعة فإنها هكذا من طاف كان بالخيار في تأخير السعي إلى الغد ثم لا يجوز مع القدرة و النزاع في دخول الغاية في المغيى و عدمه معروف و المخالفة تظهر من هذه العبارة على التقدير الأول دون الثاني

بل هو ظاهر عليه في الموافقة و مستند جواز التأخير إلى الغد بهذا التقدير زيادة على الأصل و إطلاق الصحيحة المتقدمة رواية أخرى صحيحة عن الرجل يقدم مكة و قد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة و يؤخر السعي إلى أن يبرد فقال لا بأس به قال ربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل و كيف كان فلا ريب في المنع إلا لعذر فيجوز التأخير حينئذ بلا خلاف لاستحالة التكليف بما لا يطاق و يجز مع التأخير الجائز و المحرم ما كان في الوقت للأصل من غير معارض

[الخامس لا يجوز للمتمتع تقديم طواف حجه و سعيه على الوقوفين]

الخامس لا يجوز للمتمتع تقديم طواف حجه و سعيه على الوقوفين و قضاء المناسك في منى يوم النحر بإجماع العلماء كافة كما عن المعتبر و

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 419

المنتهى و التذكرة و في الغنية الإجماع للمعتبرة منها زيادة على ما سيأتي الخبر المنجبر ضعف سنده بالعمل رجل كان متمتعا و أهل بالحج قال لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علة فلا يعتد بذلك الطواف و هذا الحكم ثابت مطلقا إلا لمعذور ك امرأة تخاف الحيض المتأخر أو مريض يضعف عن العود أو هم و شيخ عاجز يخاف على نفسه الزحام فيجوز لهم التقديم حينئذ بلا خلاف إلا من الحلي فمنع عنه أيضا للأصل و اندفاع الحرج بحكم الإحصار و هو نادر بل في الغنية على خلافه الإجماع و هو الحجة المخصصة لما مر من الأدلة مضافا إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و هي ما بين مطلقة لجواز التقديم و هي صحاح مشهورية و مقيدة له بالضرورة و هي أيضا مستفيضة منها الموثق كالصحيح بل الصحيح كما قيل عن المتمتع

إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجل الطواف الحج قبل أن يأتي منى فقال نعم من كان هكذا يعجل و منها الخبر كالصحيح عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة و خافت الطمث قبل يوم النحر يصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن يأتي منى قال إذا خافت قبل أن تضطر إلى منى فعلت و قريب منها الصحيح لا بأس أن يعجل الشيخ الكبير و المريض و المرأة و المعلول طواف الحج قبل أن يخرج إلى منى و الجمع بين هذه الأخبار بحمل مطلقها على مقيدها أولى من إبقاء المطلقة بحالها و حمل المقيدة على الندب لرجحان التخصيص على المجاز حيثما تعارضا مع حصول شرائط التكافؤ لحجية نحو الموثق و غيره بعد الانجبار بعمل الأصحاب فإنه أقوى من الصحيح المخالف له جدا فما يوجد في كلمات جملة من متأخري المتأخرين من الميل إلى الجواز مطلقا لو لا الإجماع عملا بالصحاح و حملا للمفصلة على الاستحباب ليس بصواب و إن ظهر الميل إليه من الفاضل في التحرير و التذكرة و أظهر منه الشيخ في الخلاف حيث قال و روى أصحابنا و خصه في تقديم الطواف و السعي قبل الخروج إلى منى و عرفات فالأفضل أن لا يطوف طواف الحج إلى يوم النحر إن كان متمتعا لنذورهما جدا مع عدم ظهور فتواهما بذلك ظهورا كاملا إذ ليس في التحرير إلا روى ساكتا عليها و في التذكرة بعد نقل الرخصة في ذلك و أنه رأي الشافعي و ما ذكر رواية عامية مرخصة و خاصة مفصلة الأولى التقييد للجواز بالعذر و السكوت ليس علامة الرضا و يأتي الأول مرادفا للأقوى كثيرا و

ما في الخلاف و إن كان ظاهرا لكن يحتمل الاختصاص بالضرورة قيل كما فهمه الحلي أي الأفضل مع العذر التأخير و في جواز تقديم طواف النساء على الوقوفين مع الضرورة روايتان أشهرهما كما في الكتاب و غيره الجواز و فيها لا بأس بتعجيل طواف الحج و طواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى منى و كذلك من خاف أمرا لا يتهيأ له الانصراف إلى مكة أن يطوف و يودع البيت ثم يمر كما هو من منى إذا كان خائفا و قصور السند إن كان مجبورا بالعمل مع أنه قيل صحيح و إطلاقه الشامل لحال الاختيار مقيد بما سيأتي من النص و الإجماع على عدم الجواز فيها و الرواية الثانية لم أر عاملا بها عدا الحلي خاصة و هو نادر جدا و لا يمكنه التمسك بها لأنها من الآحاد التي لا يفيد عنده علما و لا عملا و مع ذلك فضعيفة الأسناد متضمنة لما لا يقول به من جواز تقديم طواف الحج و سعيه مع الضرورة إن كان المراد بها رواية علي بن حمزة كما يظهر من جماعة و فيها عن رجل يدخل مكة و معه نساؤه و قد أمرهن فتمتعهن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة فخشي على بعضهن من الحيض فقال إذا فرغن من متعتهن فلينظر إلى التي يخاف عليها الحيض فيأمرها فتغتسل و تهل بالحج من مكانها ثم يطوف بالبيت و بالصفا و المروة و إن حدث بها شي ء قضت بقية المناسك و هي طامث قال فقلت أ ليس قد بقي طواف النساء قال بلى قلت فهي مرتهنة حتى تنزع منه قال نعم قلت فلم لا يتركها حتى تقضي مناسكها

قال يبقى عليها منسك واحد أهون عليها من أن يبقى عليها المناسك كلها مخافة الحدثان قلت أبى الجمال أن يقيم عليها و الرفقة قال ليس لهم ذلك تستدعي عليهم حتى تقيم عليها حتى تطهر و تقضي مناسكها و إن كان المراد بها الرواية الآتية في المنع عن تقديمه

اختيارا كما يفهم من التنقيح و غيره فهي و إن كانت موثقة إلا أنها أيضا عنده ضعيفة و مع ذلك ليس فيها تصريح لحال الضرورة بل هي مطلقة تقبل التقييد بحال الاختيار و المنع فيها محل وفاق و كما لا يمكن العمل بهما كذا لا يمكننا لقصورهما عن مقامه و الرواية الأولى لشهرتها مضافا إلى ضعف الأولى منهما سندا كما مضى بل و متنا لظهورها في قدرتها على الإتيان بطواف النساء بعد الوقوفين و لو بالاستعداء على الجمال و رفقها مع أن ما فيها من إطلاق الاستعداد عليهم مخالف للأصول و الصحيح الوارد في مثل القضية المتضمن لقوله ع تمضي و قد تم حجها بعد أن سئل عن النبي لم تطف طواف النساء و لا يقيم عليها جمالها حيث لم يأمرها بالاستعداء بل أمرها بالمضي معهم و قد حكم بأنها تم حجها فلم يبق للحلي دليل على قوله سوى ما قيل من الأصل و اتساع وقته و الرخصة في الاستنابة فيه و الأصل مخصص عندنا بما مر و اتساع الوقت مخالف للفرض و الرخصة إنما هي في صورة النسيان خاصة و إلحاق الضرورة به قياس فاسد في الشريعة و يجوز للقارن و المفرد تقديم الطواف الحج و سعيه على الوقوفين بلا خلاف إلا من الحلي و هو نادر بل على خلافه الإجماع في صريح الغنية و ظاهر المعتبر

و غيره و عن الشيخ و هو الحجة مضافا إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة منها زيادة على الأخبار الصحيحة الواردة بذلك في حجة الوداع الصحيح عن مفرد الحج يقدم طوافه أو يؤخره فقال هو و اللَّه سواء عجله أو أخره و نحوه أخبار أخر موثقة و اعترض الفاضلان في المعتبر و المنتهى و المختلف على هذه الأخبار الأخيرة باحتمال إرادة التعجيل بعد مناسك منى قبل انقضاء أيام التشريق و بعده و أجابا بجملة من الأخبار الغير المحتملة لذلك منها زيادة على الموثقة الآتية قريبا إن كنت أحرمت بالمتعة فقدمت يوم التروية فلا متعة لك فاجعلها حجة مفردة تطوف بالبيت و تسعى بين الصفا و المروة ثم تخرج إلى منى و لا هدي عليك و نحوها أخبار حجة الوداع فإنها صريحة في ذلك و ظاهرها عدم الكراهة أيضا كما هو ظاهر العبارة خلافا للفاضلين في الشرائع و القواعد فحكما بها و لعلها إما للشبهة الناشئة من خلاف الحلي و لكنه ضعيف في الغاية فلا يصلح لمعارضة أخبار حجة الوداع التي عليها بناء المناسك و فيها قال ع خذوا عني مناسككم المؤيدة بظاهر الأخبار المتقدمة المصرحة بالتسوية و للموثق عن مفرد الحج يقدم طوافه أو يؤخره قال يقدمه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 420

فقال رجل إلى جنبه لكن شيخي لم يفعل ذلك إذا كان قدم أقام فحج حتى إذا رجع الناس إلى منى راح معهم فقلت له من شيخك فقال علي بن الحسين ع فسألت عن الرجل فإذا هو أخو علي بن الحسين ع لأنه و الاحتجاج به مع قصور السند و المكافأة لما مر على عدم الكراهية أوجه منه على الكراهية و حيث يقدمان يجددان التلبية عقيب

كل صلاة كل طواف كما مر في صدر الكتاب في بيان أنواع الحج و لا يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين لمتمتع و لا غيره اختيارا بلا خلاف للأصل و الموثق كالصحيح بل الصحيح كما قيل عن المفرد بالحج إذا طاف بالبيت و الصفا و المروة أ يجعل لطواف النساء قال لا إنما طواف النساء بعد أن يأتي منى و هو و إن اختص بالمفرد إلا أن قوله إنما يعمه و الآخرين مضافا إلى عدم القائل بالفرق و يجوز تقديمه عليهما مع الضرورة و الخوف من نحو الحيض على الأشهر الأظهر كما مر و لا يجوز المتمتع و لا غيره أن يقدم طواف النساء على السعي لتأخره عنه بأصل الشرع بالنص و الإجماع ففي المرسل متمتع زار البيت و طاف طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعى قال يكون السعي إلا من قبل طواف النساء فقلت أ فعليه شي ء فقال لا يكون السعي إلا قبل طواف النساء و لو قدمه عليه ساهيا أو ناسيا لم يعد و أجزأه للموثق عن رجل طاف طواف الحج و طواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا و المروة قال لا يضره يطوف بين الصفا و المروة و قد فرغ من حجه و نفي الضرر على الإطلاق مع السكوت عن الأمر بالإعادة مع كون المقام مقام الحاجة ظاهر في الإجزاء مضافا إلى فهم الأصحاب و هو إن عم العالم و الجاهل لكنهما خارجان أما الأول فلأنه لا يتصور منه التعبد و التقرب به و أما الجاهل فلأنه في حكمه عند أكثر الأصحاب مضافا إلى الأصل و عموم النص المتقدم لهما بل و للساهي أيضا لكنه خرج بالنص و الإجماع

ظاهرا فيبقيان فلا يجزي التقدم فيهما إلا مع الضرورة كالمرض و خوف الحيض فيجزي حينئذ كما في كلام جماعة لإطلاق الموثق مضافا إلى انتفاء العسر و الحرج المؤيد بجواز تقديمه على الموقفين قيل و يحتمل العدم لأصول عدم الإجزاء مع مخالفته الترتيب و بقائه على الذمة و بقائهن على الحرمة و اندفاع الحرج بالاستنابة و سكوت أكثر الأصحاب عنه و فيه نظر سيما و قد قال جماعة إن جواز التقديم مع النسيان و الضرورة مقطوع به في كلام الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع و ربما أيد بفحوى الصحيح الوارد في التي لم تطف طواف النساء و يأبى الجمال أن يقيم عليها الدال على أنها تمضي و قد تم حجها فإنه إذا جاز ترك الطواف من أصله فتقديمه أولى و فيه نظر جدا

[السادس لا يجوز الطواف و عليه برطلة]

السادس قيل في النهاية لا يجوز الطواف و عليه برطلة بضم الموحدة و الطاء المهملة و سكون الراء المهملة بينهما و لام خفيفة أو شديدة و فسرها جماعة بأنها قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما للخبر لا تطوفن بالبيت و عليك برطلة و في آخرها لا تلبسها حول الكعبة فإنها من ذي اليهود و التعليل فيه ظاهر في الكراهة و لذا استدل به عليها في التنقيح و ربما استدل به على التحريم و هو ضعيف سيما مع ضعف السند فلا يخصص الأصل و لذا كانت الكراهية أشبه لكن لا مطلقا كما في التهذيب بل ما لم يكن الستر على الطائف المزبور محرما كما إذا كان في طواف الحج بعد الوقوفين و أما إذا كان محرما كما إذا كان في طوافه قبل الوقوفين أو في طواف العمرة مطلقا فيحرم قطعا كما عليه الحلي و أكثر المتأخرين

عنه و الحق الكراهة مطلقا لخصوصية البأس في الطواف و لا ينافيه عروض التحريم أحيانا و ذلك لظهور الخصوصية من النبوي و الرواية و إلا فالتحريم مع الستر حيث يحرم لا خصوصية له بالبرطلة بل يظهر من الرواية الأخيرة أن الكراهية من حيث اللبس حول الكعبة سواء كان هناك طواف أم لا بل و ربما أشعر التعليل فيها بأنها من حيث اللبس خاصة كما قيل للصحيح إنه كره لبس البرطلة و لكن يستفاد من الرواية الأولى و فتوى الأصحاب أن للطواف بها خصوصية في الكراهية و الجمع بينها و بين الصحيح يقتضي حمل الرواية على تأكد الكراهة و على الأقوال فحيث طاف معها كان طوافه صحيحا أما عندنا فواضح و أما عند المحرم فقيل لتعلق النهي بالخارج و فيه نظر لتصريح الرواية الأولى بالنهي عن نفس الطواف فيكون البطلان متوجها

[السابع كل محرم يلزمه طواف النساء]

السابع كل محرم يلزمه طواف النساء رجلا كان أو امرأة أو صبيا أو خصيا في حج كان بجميع أنواعه أو عمرة بأنواعها إلا العمرة المتمتع بها أما وجوبه في الحج بأنواعه فمجمع عليه عندنا على الظاهر المصرح به في كلام جماعة مستفيضا كالغنية و التذكرة و المنتهى و غيرها و الصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها ففي الصحيح على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت و يصلي لكن طواف ركعتين و سعيان بين الصفا و المروة و فيه لا يكون القارن إلا بسياق الهدي و عليه طوافان بالبيت و سعى بين الصفا و المروة كما يفعل المفرد و ليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي و أما وجوبه في العمرة المبتولة مطلقا فهو الأظهر الأشهر بل كاد أن يكون إجماعا بل عليه إجماعا في

الغنية و عن التذكرة و المنتهى و المعتبرة به مع ذلك مستفيضة أيضا ففي الصحيح عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء و عن التي يتمتع بها إلى الحج فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء و أما التي يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء و فيه عن العمرة المفردة على صاحبها طواف النساء فجاء الجواب نعم و هو واجب لا بد منه و نحوه الخبر كالصحيح بابن أبي عمير الذي لا يروي إلا عن ثقة فلا يضر جهالة من بعده و في المرسل المعتمر يطوف و يسعى و يحلق قال و لا بد له بعد الحلق عن طواف آخر و هو يعم المفردة و المتمتع بها و الأخيرة خارجة بما سيأتي من الأدلة و لا مخرج لها كما ستعرفه و ضعف السند فيه و قصوره في سابقه مجبور بالعمل خلافا للمحكي في الدروس عن الجعفي فأسقطه هنا للأصل و يخصص بما مر و للصحيح عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج طاف و سعى و قصر هل عليه طواف النساء قال إنما طواف النساء بعد الرجوع إلى منى و فيه أنه يجوز أن يكون المراد إنما طواف النساء عليه لا مطلقا و لآخر إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع و طاف بالبيت و صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ع و سعى بين الصفا و المروة فيلحق بأهله إن شاء و فيه أنه ليس نصا في وحدة الطواف فيحتمل إرادة طاف ما يجب عليه بل قيل إن ظاهره ذلك و لخبرين ضعف سندهما مع قصورهما عن المكافأة لما مضى من وجوه شتى يمنع عن العمل بهما و أما مع عدم

وجوبه في المتمتع بها ظاهر فبالأصل و الإجماع الظاهر المصرح به في بعض العبائر و الصحاح المستفيضة المتقدم إلى جملة منها الإشارة و عن بعض الأصحاب وجوبه فيها لإطلاق بعض ما مر من الصحاح و تقيد بالمقبولة لما عرفته من الأدلة و للخبر و في سنده ضعف بالجهالة و في متنه قصور في الدلالة و مع ذلك قاصر عن المقاومة لما عرفته من الأدلة و أما عموم وجوبه لمن مر فللإجماع كما عن المنتهى و التذكرة و الصحيح عن الخصيان و المرأة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 421

الكبيرة عليهم طواف النساء قال نعم عليهم الطواف كلهم و في الموثق لو لا ما من اللَّه تعالى به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم و لا ينبغي لهم أن تمسوا نساءهم يعني لا تحل لهم النساء حتى يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا آخر بعد ما يسعى بين الصفا و المروة و ذلك على النساء و الرجال واجب قال الشهيد ره و ليس طواف النساء مخصوصا بمن يغشى النساء إجماعا فيجب على الخصي و المرأة و الهم و على من لا إربه له في النساء و قيل إن وجوبه غير معلل بإمكان الاستمتاع و لذا يجب قضاؤه عن الميت كما مر و المراد بالخصي ما يعم المحبوب بل المقصود أولا من عبارات الأصحاب و السائل في الصحيح المتقدم هو الذي لا يتمكن من الوطي و بوجوبه على الصبي أن على الولي أمر المميز به و الطواف بغير المميز فإن لم يفعلوا حر من عليهم إذا بلغوا حتى يفعلوه أو يستنيبوا فيه استحبابا بالحر منهن المستفادة من عموم قوله تعالى فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ الآية

[الثامن لو نذر أن يطوف على أربع]

الثامن لو نذر أحد أن

يطوف على أربع قيل كما في النهاية و اللمعة و عن المبسوط و التهذيب و المهذب و الجامع يجب عليه طوافان على المنهج المعهود طواف ليديها و طواف لرجليها و روى ذلك في خبرين أحدهما القوي بالسكوني و صاحبه لكن موردهما امرأة نذرت ذلك خاصة و قيل في السرائر لا ينعقد هذا النذر لأنه لا يتعبد بصورة النذر إجماعا و إيجاب ما في الخبرين بدله يحتاج إلى دلالة و هي في المقام مفقودة إذ ليس إلا الخبرين و في الاعتماد عليهما في تخصيص الأصل مناقشة لقصورهما عن الصحة و مع ذلك فهما مختصان بالمرأة فالتعدية إلى الرجل تحتاج إلى دلالة هي في المقام مفقودة و لا إجماع مركب في المسألة فقد حكي القول بالتفصيل بينهما فالقول الثاني في الرجل و الأول في المرأة و هو أحوط الاعتبار أحد الخبرين بالقوة و اعتضاده مع ذلك بالموافقة للخبر الآخر و الشهرة المحكية في الروضة و أحوط منه القول الأول و إن كان الثاني لعله أظهر و بين المتأخرين أشهر و عليه فهل الباطل الهيئة خاصة كما عن المنتهى فيجب عليه طواف واحد إلا أن ينوي عند النذر ألا يطوف إلا على هذه الهيئة رأسا أو الطواف رأسا وجهان و الأول أحوط و إن كان في تعيينه نظر

[القول في السعي]
اشارة

القول في السعي و النظر في مقدمته و كيفيته و أحكامه

[مقدمات السعي]

أما المقدمة فمندوبات عشرة الطهارة من الأحداث بلا خلاف إلا من العماني فأوجبها للنهي عن السعي بدونها في الصحيح و غيره و هو نادر بل على خلافه الإجماع على الظاهر المنقول عن ظاهر المنتهى حيث أسند الاستحباب إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه و هو الحجة مضافا إلى الأصل و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة الصريحة في عدم الوجوب و بها يحمل الخبران الأولان على الكراهة جمعا بين الأدلة و من الأخباث كما في كلام جماعة و لم أقف لهم على رواية و حجة عدا ما قيل من أنه للتعظيم و استلام الحجر و تقبيله مع الإمكان و الإشارة إليه مع العدم إذا أراد الخروج للسعي و الشرب من زمزم بعد إتيانه و الاغتسال بل الصب على الرأس و الجسد من الدلو المقابل للحجر إن أمكن و إلا فمن غيره و الأفضل استقاؤه بنفسه و يقول عند الشرب و الصب اللهم اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء و سقم و الخروج للسعي من باب الصفا المقابل للحجر قيل و هو الآن داخل في المسجد كباب بني شيبة إلا أنه معلم بأسطوانتين فليخرج من بينهما و في الدروس الظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما على سكينة و وقار و صعود الصفا إلى حيث يرى الكعبة من بابه قيل و يكفي فيه الصعود على الدرجة الرابعة التي كانت تحت التراب و ظهرت الآن حيث أزالوا التراب و الوقوف عليه بقدر قراءة سورة البقرة بتأن و استقبال الركن العراقي الذي فيه الحجر و التحميد و التكبير و التهليل سبعا و

الصلاة على النبي ص و الدعاء بالمأثور كل ذلك بالإجماع و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح إذا فرغت من الركعتين فات الحجر الأسود فقبله و استلمه و أشر إليه فإنه لا بد منه و قال إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج إلى الصفا فافعل و فيه يستحب أن يستسقي من ماء زمزم دلوا و دلوين و نصب على رأسك و جسدك و ليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر و فيه ثم أخرج إلى الصفا من باب الذي خرج منه رسول اللَّه ص و هو الباب الذي يقابل الحجر حتى تقطع الوادي و عليك السكينة و الوقار و فيه فاصعد على الصفا ثم تنظر إلى البيت و تستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود فأحمد اللَّه تعالى و أثن عليه ثم اذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره ثم كبر اللَّه تعالى سبعا و احمده سبعا و هلله سبعا و قل لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير و قل اللَّه أكبر الحمد لله على ما هدينا و الحمد لله على ما أولانا و الحمد لله الحي القيوم و الحمد لله الحي الدائم ثلاث مرات و قل أشهد أن لا إله إلا اللَّه و أشهد أن محمدا عبده و رسوله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين و لو كره المشركون ثلاث مرات اللهم إني أسألك العفو و العافية و اليقين في الدنيا حسنة و قنا

عذاب النار ثلاث مرات ثم كبر اللَّه مائة مرة و هلل اللَّه مائة مرة و احمد اللَّه مائة مرة و تسبح مائة مرة و تقول لا إله إلا اللَّه وحده أنجز وعده و نصر عبده و غلب الأحزاب وحده فله الملك و له الحمد وحده وحده اللهم بارك لي في الموت و فيما بعد الموت اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر و وحشته اللهم أظللني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك و أكثر من استودع ربك و دينك و نفسك و أهلك ثم تقول استودع اللَّه الرحمن الرحيم الذي لا يضيع ودائعه ديني و نفسي و أهلي اللهم استعملني على كتابك و سنة نبيك و توفني على ملته و أعذني من الفتنة ثم تكبر ثلاثا ثم تعيدها مرتين ثم تكبر واحدة ثم تعيدها فإن لم تستطع هذا فبعضه و روي غير ذلك و أنه ليس فيه شي ء موقت

[كيفية السعي]
اشارة

أما الكيفية ففيها الواجب و الندب و

[الواجب]
اشارة

الواجب أربعة

[الأول النية]

النية المشتملة على الفعل أعني به السعي المخصوص فلا بد من تصور معناه المتضمن للذهاب من الصفا إلى المروة و العود و هكذا سبعا و على وجهه من الوجوب و الندب إن وجب و كونه سعي حج الإسلام أو غيره من عمرة الإسلام أو غيرها و التقرب به إلى اللَّه تعالى مقارنة لأوله و يجب استدامة حكمها حتى الفراغ إن أتى به متصلا إلى الآخر فإن فصل جددها ثانيا فما بعده

[الثاني البدأة بالصفا و الختم بالمروة]

و البدأة بالصفا و الختم بالمروة فلو عكس بطل مطلقا و لو سهوا أو جهلا و السعي بينهما سبعا بعد ذهابه إلى المروة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 422

شوطا و عوده منها إلى الصفا آخر و هكذا إلى أن يكملها سبعا كل ذلك بالإجماع الظاهر المصرح به في جملة من العبائر مستفيضا و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة بل متواترة ففي الصحيح طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة و فيه أن رسول اللَّه ص حين فرغ من طوافه قال ابدءوا بما بدأ اللَّه به من إتيان الصفا إن اللَّه عز و جل يقول إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ و فيه من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى يبدأ بالصفا قبل المروة و نحوه غيره و ظاهر إطلاقهما وجوب الإعادة لو عكس في كل ما قدمناه من الأحوال الثلاثة و يعضده الأصول لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه و في الصحيح سعيت بين الصفا و المروة أنا و عبد اللَّه بن راشد فقلت له تحفظ علي فجعل يعد ذاهبا و جائيا شوطا واحدا إلى أن قال فأتممنا أربعة عشر شوطا فذكرنا ذلك لأبي عبد اللَّه ع فقال

قد زادوا على ما عليهم ليس عليهم شي ء و يحصل البدأة بالصفا و الختم بالمروة إما بالصعود عليهما أو يجعل عقبه و كعبة أعني ما بين الساق و القدم ملاصقا للصفا و أصابع قدميه جميعا ملاصقة للمروة و لا يجب صعودهما إجماعا على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة و منهم الشيخ في الخلاف و القاضي فيما حكي و عن الفاضل في المنتهى و التذكرة أيضا للأصل و الصحيح عن النساء يطفن على الإبل و الدواب أ يجزيهن أن يقفن تحت الصفا حيث يرين فقال نعم و عن التذكرة و المنتهى أن من أوجب الصعود أوجبه من باب المقدمة لأنه لا يمكن استيفاء ما بينهما إلا به كغسل جزء من الرأس في الوضوء و صيام جزء من الليل قال و هذا ليس بصحيح لأن الواجبات هنا لا تنفصل بمفصل حتى يمكن معه استيفاء الواجب دون فعل بعضه فلهذا أوجبنا غسل جزء من الرأس و صيام جزء من الليل بخلاف صورة النزاع فإنه يمكن فيه أن يجعل عقبه ملاصقا للصفا انتهى و هو حسن بل لو لا اتفاق الأصحاب في الظاهر على وجوب إلصاق العقب بالصفا و الأصابع بالمروة لكان القول بعدم لزوم هذه الدقة و الاكتفاء بأقل من ذلك مما يصدق معه السعي بين الصفا و المروة عرفا و عادة كما اختاره بعض المعاصرين لا يخلو عن قوة لما ذكره من أن المفهوم من الأخبار أن الأمر أوسع من ذلك فإن السعي على الإبل الذي دلت عليه الأخبار و أن النبي ص كان يسعى على ناقته لا يتفق فيه هذا التضييق من جعل عقبه يلصقه بالصفا في الابتداء و أصابعه يلصقها بالصفا موضع العقب و

بعد العود فضلا عن ركوب الدرج بل يكفي فيه الأمر العرفي و لكن الأحوط ما ذكروه و في الدروس الأحوط الترقي إلى الدرج و يكفي الرابعة قيل لما روي أنه ص صعده في حجة الوداع مع قوله ص خذوا عني مناسككم أما كفاية الرابعة فلما روي أنه ص رقى قدر قامته حتى رأى الكعبة و زيد في الدروس و غيره على الأربعة وجوب الذهاب بالطريق المعهود و استقبال المطلق بوجهه فلو اقتحم المسجد الحرام ثم خرج من باب آخر لم يجز و كذا لو سلك سوق الإبل و كذا لو أعرض أو مشى القهقرى لم يجز قيل لأنهما المعهود من الشارع و لا بأس به

[المندوبات]

و المندوب أيضا أمور أربعة المشي طرفيه أي طرفي السعي أو في أوله و آخره أو طرفي المشي من البطء و الإسراع و يعبر عنه بالاقتصاد و الإسراع يعني الهرولة و يقال له الرمل أيضا ما بين المنارة و زقاق العطارين للرجل خاصة بلا خلاف ظاهر و لا محكي إلا عن الحلبي في الإسراع فأوجبه و عبارته المحكية عن إفادة الوجوب قاصرة و مع ذلك فهو نادر بنى على خلافه الإجماع في الغنية و غيرها و المعتبرة بفضيلة الأمرين قولا و فعلا مستفيضة ففي الصحيح ثم انحدر ماشيا و عليك السكينة و الوقار حتى تأتي المنارة و هي طرف السعي فاسع مل ء فروجك و قل بسم اللَّه و بالله و اللَّه أكبر و صلى اللَّه على محمد و آله و قل اللهم اغفر و ارحم و اعف عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم حتى تبلغ المنارة الأخرى فإذا جاوزتها فقل يا ذا المن و الفضل و الكرم و النعماء و

الجود و اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم امش و عليك السكينة و الوقار و نحوه غيره إلى قوله حتى يبلغ المنارة الأخرى إلى أن قال ثم امش و عليك السكينة و الوقار حتى تأتي المروة و في الموثق إنما السعي على الرجال و ليس على النساء سعي و نحوه غيره و المراد بالسعي فيهما الهرولة و الإسراع في المشي دون العدو و هو المشار إليه في الصحيح المتقدم بقوله اسع مل ء فروجك هذا إذا كان راجلا و إذا كان راكبا حرك دابته بسرعة في موضع الرمل إجماعا كما عن التذكرة و للصحيح و ليس على الراكب رمل و لكن ليسرع شيئا و في الدروس ما لم يؤذ أحدا و لو نسي الهرولة رجع القهقرى إلى خلف استحبابا و تداركها موضعها للمرسل من نهي عن السعي حتى يصير من السعي على بعضه أو كله ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا لكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب فيه السعي و قيل و هو و إن سلم فينبغي الاقتصار على القهقرى و أطلق القاضي العود و التخصيص بما إذا ذكر في شوطه أنه ترك الرمل فيه فلا يرجع بعد الانتقال إلى شوط آخر و الأحوط أن لا يرجع مطلقا و لذا نسبه إلى الشيخ في المنتهى انتهى و لا بأس به و إذا تركه اختيارا لم يكن عليه شي ء للأصل و الصحيح و الدعاء في موضع الهرولة بما مر في الصحيح و غيره و أن يسعى ماشيا فإن أفضل الأعمال أحمزها و لأنه أدخل في الخضوع و قد ورد أن المسعى أحب الأراضي إلى اللَّه تعالى لأنه يذل فيه الجبابرة و للصحيح

و المشي أفضل و يجوز راكبا بالإجماع الظاهر المصرح به في الغنية و غيرها و الصحاح منها زيادة على ما مضى عن الرجل يسعى بين الصفا و المروة على الدابة قال نعم و على الجمل و يجوز الجلوس في خلاله للراحة على الأشهر الأظهر بل لا خلاف فيه يظهر إلا من الحلبيين فمنعا عنه مطلقا حتى مع العجز و الإعياء و جوزوا فيه الوقوف خاصة و هما نادران بل على خلافهما الإجماع الآن للصحاح منها عن الرجل يطوف بين الصفا و المروة أ يستريح قال نعم إن شاء جلس على الصفا و المروة أو بينهما فيجلس و نحوه آخر لكن في صورة الإعياء خاصة و في ثالث اشتراطه و النهي عنه من دونه و مقتضى الجمع تقييد الجواز بصورة الإعياء خاصة و لعله ظاهر نحو العبارة حيث قيد الجواز بقوله للاستراحة و يمكن الجمع بحمل النهي في الأخير على الكراهة للأصل و قوة الإطلاق و اعتضاده بما دل على جواز السعي راكبا فإنه ملازم للجلوس غالبا و هو عام لحالتي الاختيار و الاضطرار إجماعا و إليه الإشارة في الصحيح عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة يجلس عليهما قال أو ليس هو ذا يسعى على الدواب و هو و إن كان مورده جوازه على المروة و الصفا و لا خلاف فيه حتى منهما إلا أن قوله ع أو ليس إلى آخره

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 423

في قوة الجواب له بنعم مع تعليله بما يعم الجلوس بينهما بل التعليل أنسب بهذا كما لا يخفى و كيف كان فهذه الصحاح مع صحتها و استفاضتها و اعتضاده بالأصل و الشهرة بين الأصحاب صريحة في ردهما بل ظاهر الأخير

جوازه بينهما مطلقا و لو لغير الاستراحة كما في السعي بينهما راكبا نعم يكره لغيرها لما مضى

[أحكام السعي]
اشارة

أما الأحكام فأربعة

[الأول السعي ركن]

الأول السعي عندنا ركن يبطل الحج و العمرة بتركه فيهما عمدا بإجماعنا الظاهر المصرح به في جملة من العبائر مستفيضا كالغنية و التذكرة و المنتهى و غيرها لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه و للصحاح منها من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل و الكلام في وقت الترك و الفوات كما تقدم في الطواف و لا يبطل كل منهما بتركه سهوا بلا خلاف فيه هنا للأصل و رفع الخطإ و النسيان و العسر و الحرج و لما سيأتي من الأخبار و لكن يعود لتداركه فإن تعذر العود أو شق استناب فيه بلا خلاف فيهما بل عليهما الإجماع في الغنية و هو الحجة الجامعة بين المعتبرة الواردة بعضها بإطلاق العود بنفسه كالصحيح و غيره رجل نسي السعي بين الصفا و المروة قال يعيد السعي قلت فإنه خرج قال يرجع فيعيد السعي الخبر و آخر بأنه يطاف عنه بقول مطلق كالصحيح و غيره عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة حتى يرجع إلى أهله قال يطاف عنه بحمل الأول على صورة التمكن من غير مشقة و الأخيرين على غيره جمعا و الجامع ما مر مضافا إلى الأصول الموجب بعضها العود على نفسه مع عدم المشقة و بقاء الوقت لبقاء الأمر و آخر منها عدم وجوبه على نفسه مع المشقة لنفي العسر و الحرج في الشريعة و جاء وجوب الاستنابة حينئذ من الخارج من النص و الإجماع فتأمل

[الثاني يبطل السعي بالزيادة]

الثاني يبطل السعي بالزيادة فيه عمدا كالطواف بلا خلاف لما مر ثمة مع تأمل فيما دلت عليه إطلاق العبارة و أن الوجه التفصيل على ما ذكر ثمة و لا يبطل بالزيادة سهوا إجماعا للأصل و الصحاح المستفيضة

و إن اختلفت في الدلالة على إطراح الزائد و الاجتزاء بالسبعة كما في أكثرها منها زيادة على ما مر في بحث وجوب عد الذهاب شوطا و الإياب آخرا لصحيح حججنا و نحن صرورة فسعينا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطا فسألت أبا عبد اللَّه ع عن ذلك فقال لا بأس سبعة لك و سبعة تطرح و الصحيح من طاف بين الصفا و المروة خمسة عشر شوطا أطرح ثمانية و اعتد بسبعة و هذه الأخبار و إن عمت صورة العمد لكنها مقيدة بغيرها إجماعا و للصحيح في رجل سعى بين الصفا و المروة ثمانية أشواط ما عليه فقال إن كان خطأ أطرح واحدا و اعتد بسبعة مضافا إلى ظهور جملة منها في الزيادة جهلا و باقيها فيها نسيانا حملا لأفعال المسلمين على الصحة و إكمال أسبوعين كالصحيح إذا استيقن أنه طاف بين الصفا و المروة ثمانية فليضف إليها ستا و جمع بينهما أكثر الأصحاب بالتخيير بين الأمرين خلافا لابن زهرة فاقتصر على الثاني و الأولى و الأحوط الاقتصار على الأول كما هو ظاهر المتن لكثرة ما دل عليه من الأخبار لصراحتها و عدم ترتب إشكال عليها بخلاف الثاني و أن الصحيح الدال عليه مع وحدته و احتماله ما سيأتي مما يخرجه عما نحن فيه يتطرق إليه الإشكال لو أبقي على ظاهره من كون ابتداء الأشواط الثمانية من الصفا و الختم بها من الأسبوع الثاني المتضمنة إلى الأولى يكون مبدؤها المروة دون الصفا و قد مر الحكم بفسادها مطلقا و لو نسيانا أو جهلا و تقييد ثمة بالسعي المبتدأ دون المنضم كما هنا ليس بأولى من حمل الصحيح هنا على كون مبدإ الأشواط فيها المروة دون

الصفا و يكون الأمر بإضافة الست إنما هو لبطلان السبعة الأولى لوقوع البداء فيها بها بخلاف الشوط الثامن لوقوع البدء فيها من الصفا و قيل لا بعد في الصحة حينئذ إذا نوى في ابتداء الثامن أنه يسعى من الصفا إلى المروة سعي الحج أو العمرة قربة إلى اللَّه تعالى مع الغفلة عن العدد أو مع تذكر أنه الثامن أو زعمه السابع فلا مانع من مقارنة النية لكل شوط بل لا يخلو منها المكلف غالبا و لذا أطلق إضافة الست إليها فلم يبق الصحيح في المسألة مستندا انتهى أقول فيما ذكره بعد و الأولى السكوت عن أمر النية فإن الإشكال الوارد من جهتها و هو عدم تحققها في الابتداء و مقارنتها مشترك الورود بين الاحتمالين هذا و لكن الإنصاف بعد الاحتمال الثاني جدا و كون الجمع الأول أولى سيما مع اشتهاره بين أصحابنا لكن ينبغي الاقتصار حينئذ في إضافة الست على مورد النص و هو إكمال الشوط الثامن كما صرح به ابن زهرة و شيخنا الشهيد الثاني و غيرهما لما عرفت من مخالفة الأصل من وجهين فتعين إطراح الزائد إن كان بعضا و الاعتداد بالسبعة المزيد عليها و الأخبار بالصحة و إن اختصت بمن زاد شوطا كاملا أو شوطين أو أشواطا كاملة لكن إذا لم يبطل بزيادتها سهوا فلئلا يبطل بزيادة بعض شوط أولى و اعلم أن هنا رواية صحيحة مفصلة بين زيادة شوط على السبعة فالبطلان رأسا و وجوب الإعادة و زيادة شوطين عليها فبطلان ثمانية و البناء على واحد و إضافة ستة و لم أر عاملا بها كما في المنتهى و لذا اختلفت في تنزيلها على صورة العمد و فقهها حينئذ أنه إذا طاف

تسعة عامدا كما هو المفروض فقد بطلت السبعة بالزيادة عليها شوطا ثامنا و الشوط الثامن لا يمكن أن يتعبد به مبدأ السعي جديد لأن ابتداءه يكون من المروة فليبطل أيضا و أما التاسع فهو لخروجه من الأشواط الباطلة و كون مبدئه من الصفا يمكن أن يتعبد به و يبني عليه سعيا جديدا و لهذا قال فليسع على واحد و يطرح ثمانية و إن طاف ثمانية خاصة فقد عرفت وجه البطلان في الجميع و لذا أمر بإطراحها و الاستيناف أو إبقائها على ظاهرها من وقوع ذلك نسيانا و حملها على من استيقن الزيادة و هو على المروة و الصفا فيبطل سعيه على الأول لابتدائه من المروة دون الثاني لابتداء التاسع من الصفا و على هذا الصدوق في النهاية و الشيخ ره في الاستبصار و الأول ظاهره في التهذيب و تبعه جماعة و لعله الأولى إن لم يكن الحكم بالصحة في موردها مشكلا لإطلاق الأصحاب كالنص بكون الزيادة عمدا مبطلا و اعتبارهم النية في كل

عبادة في ابتدائها و نية العامد في أول الأسبوع الثاني نية جعلها جزء من الأولى لا عبادة مستقلة برأسها و أسبوعا مبتدأ بها كما هو الفرض في الزيادة عمدا و إلا فلو نواها عبادة أخرى مستقلة عن الأولى لم يصح أن يقال إنه زاد على العبادة عمدا بل يقال إنه أتى بعبادة أخرى فيكون الأسبوعين عبادتين صحيحتين إن شرع ثانيتهما بأن ثبت استحباب السعي مطلقا و إلا كما هو ظاهر الأصحاب حيث صرحوا بأنه لم يشرع السعي مندوبا مطلقا إلا فيما قدمنا فالثانية فاسدة دون الأولى عكس ما حكمت به الرواية كما ترى مع أن الموجود فيها زيادة شوط أو شوطين و نيتهما

بمجردهما سعيا و لو في ابتدائهما باطل قطعا إذ لا ريب في عدم مشروعية السعي بشوط أو شوطين فهذا أوضح قرينة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 424

على أن الشوط أو الشوطين لم يقرنا بنية كونهما عبادة مستقلة بل بنية الزيادة على أنها جزء من الأسبوع الأولى مزيدة عليها و كيف كان فالعمل بهذه الرواية مشكل و المعمول عليه ما قدمنا و من تيقن عدد الأشواط و شك في الأثناء فيما بدأ به أ هو المروة أم الصفا فإن كان في الفرد على الصفا أو متوجها إليه أعاد السعي من أوله لأنه يقتضي ابتداءه بالمروة و لو كان فيه على المروة أو متوجها إليها لم يعد و صح سعيه لأنه يقتضي ابتداءه بالصفا و يكون الحكم بالعكس لو كان سعيه زوجا فيصح لو كان فيه على الصفا و يعيد لو كان فيه على المروة فالوجه في الجميع واضح مما قدمنا من وجوب البدأة بالصفا و أن البدأة بالمروة مبطل للسعي عندنا و عن العامة أنهم بين من يجوز الابتداء بها و من يهذر الشوط الأول و يبني على ما بعده و هو ضعيف جدا و اعلم أن الشك هنا إنما هو باعتبار الذهول أولا و إلا فبعد ظهور الأمر بما مضى يحصل العلم بما ابتدأ صحيحا كان أو فاسدا و لو لم يحصل العدد و شك فيه في الأثناء فلم يدر ما سعى شوطا أو شوطين فصاعدا أعاد السعي قطعا لتردده بين محذورين و الزيادة و النقصان المبطل كل منهما و للصحيح و إن لم يكن حفظ أنه سعى ستا فليعد فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط و يستثنى منه ما لو شك بين الإكمال و الزيادة على وجه

لا ينافي في البدأة بالصفا كما إذا شك بين السبعة و التسعة و هو على المروة فإنه لا يعيد لتحقق الإكمال و أصالة عدم الزيادة مع أنها نسيانا كما مر مغتفرة و لو كان على الصفا أعاد و لو تيقن النقصان أتى به أي بالناقص المدلول عليه بالعبادة نسي شوطا أو أقل أو أكثر و إن كان أكثر من النصف كما يقتضيه إطلاق المتن و جمع و صريح آخرين و منهم شيخنا في المسالك و الروضة قائلا إنه أشهر القولين في المسألة قيل للأصل و ما سيأتي من القطع للصلاة بعد شوط و للحاجة بعد ثلاثة هذا فيما نقص عن النصف الذي هو محل التشاجر و أما فيما زاد فالمعتبرة به مستفيضة منها مضافا إلى ما سيأتي في المسألة الرابعة الصحيح فإن سعى الرجل أقل من سبعة أشواط ثم رجع إلى أهله فعليه أن يرجع فيسعى تمامه و ليس عليه سعي و إن كان لا يعلم ما نقص فعليه أن يسعى سبعا خلافا للمحكي عن المفيد و الديلمي و الحلبيين فاعتبروا في البناء مجاوزة النصف للخبر إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت أو بالصفا و المروة و جاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت فإذا هي قطعت طوافها أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله و نحوه آخر و في سندهما ضعف فلا يعارضان ما مر سيما مع اعتضاده زيادة على الأصل و الكثرة بعمل الأكثر لكن في الغنية الإجماع عليهما و الأكثر عملوا بمضمون الخبرين في الطواف كما عرفته في صدر الكتاب فالاحتياط لا يترك

[الثالث لو قطع سعيه أتم بعد قضاء الوطر]

الثالث لو قطع سعيه لصلاة فريضة حاضرة وجوبا فيما إذا ضاق وقتها أو استحبابا في

غيره أو لحاجة مؤمن من استحبابا أو لتدارك ركعتي الطواف بعد أن نسيهما وجوبا أو جوازا أو غير ذلك من نسيان بعض الطواف كما مر أتم السعي بعد قضاء الوطر مطلقا و لو كان ما سعى قبل القطع شوطا واحدا على الأشهر الأقوى للمعتبرة المستفيضة ففي الصحيح الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيدخل وقت الصلاة أ يخفف أو يقطع و يصلي ثم يعود أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ قال لا بل يصلي ثم يعود و أظهر منه في البناء على الشوط الواحد الموثق و غيره سعيت شوطا ثم طلع الفجر قال صل ثم عد فأتم سعيك و عن التذكرة و المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافا و في الصحيح عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام قال إن أجابه فلا بأس و في الفقيه و التهذيب زيادة قوله و لكن يقضي حق اللَّه تعالى أحب إلي من أن يقضي حق صاحبه قيل و لذا قال القاضي و لا يقطعه إذا عرضه حاجة بل يؤخرها حتى يفرغ منه إذا تمكن من تأخيرها و مر في الطواف الأمر بالقطع فلعل الاختلاف لاختلاف الحاجات و فيه عن الرجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلي الركعتين حتى يسعى الصفا و المروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك قال ينصرف حتى يصلي ثم يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه و نحوه آخر و المرسل كالصحيح إلا أنه ليس فيهما ذكر الخمسة أشواط أو أقل و لا التصريح بإتمام السعي بعد العود إلى المكان الذي

خرج منه و هذه النصوص مع استفاضتها و صحة أكثرها و صراحة بعضها في جواز البناء و لو على شوط معتضدة بالأصل و الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا بل من المتأخرين إجماع حقيقة مضافا إلى حكاية عدم الخلاف المتقدمة المؤيدة بالإجماع على عدم وجوب الموالاة في السعي المنقول عن التذكرة خلافا للمفيد و من تبعه في المسألة السابقة فجعلوا السعي كالطواف و اعتبروا فيه للبناء المجاوزة عن النصف و أوجبوا الاستئناف بدونها فيلزمهم اعتبارها له هنا في هذه الصور كلها إلا أن الحلبيين حيث نصا في الطواف أنه إذا قطع الفريضة بنى بعد الفراغ و لو على شوط فيوافقان الأصحاب في القطع للفريضة بخلاف المفيد و الديلمي فأطلقا افتراق مجاوزة النصف و عدمها في الطواف و مشابهة السعي له و مستندهم ما مر من الخبرين مع الجواب عنه لا حمل السعي على الطواف كما في المختلف ليرد أنه قياس مع الفارق لأن حرمة الطواف أكثر من حرمة السعي و هل يجوز القطع من غير داع حيث لا يخاف الفوت وجهان و المحكي من الجامع نعم و عليه جمع للأصل و ما مر من نقل الإجماع على عدم وجوب الموالاة و لكن الأحوط العدم أخذا بمقتضى التأسي و المتيقن هذا و لو لا اتفاق المتأخرين على عدم اعتبار المجاوزة عن النصف في هذه الصور كلها و جواز البناء مطلقا و لو كان ما سعى شوطا واحدا لكان القول بما قاله الحلبيان قويا للتأسي و ما بعده السالمين عن المعارض صريحا بل و ظاهرا ظهورا يعتد به إلا الموثق أو غيره الواردين في القطع للصلاة فإنهما صريحان في البناء و لو على شوط و نحن نقول

فيه بمضمونها بل مر نقل عدم الخلاف فيه عن التذكرة و المنتهى و لا موجب للتعدي إلى ما عداه من الصور سوى الأخبار الباقية و الإجماع على عدم وجوب الموالاة و الأخبار ليست بواضحة الدلالة إلا على الأمر بالعود إلى المكان الذي فيه قطعة خاصة كما في بعضها أو مع الأمر بإتمام السعي كما في آخر منها و ربما خلي بعضها عن الأمر بالعود أيضا و إنما فيه رخصة القطع خاصة فأوضحها دلالة الرواية الثانية و ليس فيها تصريح بالبناء على الأقل بل ظاهرهما الإطلاق و لما سبق لبيان حكم آخر غير ما نحن فيه صار فيه مجملا و إنما ذكر الحكم فيه تبعا فيشكل التعويل على مثل هذا الإطلاق جدا في الخروج عن مقتضى

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 425

الدليلين الذين قدمناهما سيما بعد اعتضادهما بالخبرين اللذين ذكرا سابقا للمفيد و من تبعه مستندا و الإجماع المنقول على عدم وجوب الموالاة غايته نفي الوجوب الشرعي بمعنى أنه لا يؤخذ بتركها شرعا لا الشرطي فلا ينافي وجوبها شرطا في محل النزاع بمعنى أنه لو لم يوال يفسد سعيه و يتوقف صحته على إعادته و إن لم يكن بترك الموالاة آثما و بالجملة التمسك بنحو هذا الإجماع المنقول و الأخبار لا يخلو عن إشكال و كيف كان فالاحتياط لا يترك على حال و يحصل بالإتمام ثم الاستيناف

[الرابع لو سعى ستة أشواط ثم ظن إتمام سعيه فأحل ثم ذكر أنه نسي شوطا واحدا أتم سعيه]

الرابع لو سعى ستة أشواط ثم ظن إتمام سعيه فأحل و واقع أهله أو قلم أظفاره ثم ذكر أنه نسي شوطا واحدا أتم سعيه بلا خلاف لما مر من وجوب الإتمام مع تيقن النقصان و في بعض الروايات أنه يلزم دم بقرة ففي الصحيح رجل متمتع سعى بين الصفا و المروة ستة

أشواط ثم رجع إلى منزله و هو يرى أنه قد فرغ منه و قلم أظفاره و أحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط فقال ع يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد فليتم شوطا فليرق دما سأله دم ما ذا فقال دم بقرة الخبر و في آخر عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستة أشواط و هو يظن أنها سبعة فذكر بعد ما أحل و واقع النساء أنه إنما طاف ستة أشواط فقال ع عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا و في سند هذا ضعف و في متنه كالأول مخالفة للأصول المقررة عندهم من وجوب الكفارة على الناسي في غير الصيد و وجوب البقرة في تقليم الأظفار مع أن الواجب بمجموعها شاة و وجوبها في الجماع مطلقا مع أن الواجب به مع العلم بدنة و لا شي ء مع النسيان و مساواة القلم للجماع و الحال أنهما مفترقان في الحكم في غير هذه المسألة و لعله لهذا أطرحهما القاضي و الشيخ في كفارة النهاية و المبسوط كما حكي و حملهما بعض الأصحاب على الاستحباب و لم يفت الماتن بها هنا و لا في الشرائع بل عزاه إلى القيل و بعض الروايات مشعرا بتردده فيه من ذلك و من صحة الرواية الأولى و إمكان جبر ضعف الثانية بفتوى الشيخين و الحلي بها و جماعة فيمكن تخصيص القواعد بهما كما صرح به جماعة قائلين بأن العقل لا يأباها بعد ورود النص بها مع إمكان توجيه الحكم فيهما بنحو لا يخالفها إما بما ذكره الحلي من أن الكفارة لأجل أنه خرج من السعي غير قاطع به و لا متيقن بإتمامه بل خرج عن ظن منه و هاهنا لا

يجوز له أن يخرج مع الظن بل مع القطع و اليقين و قال هذا ليس بحكم الناسي أو بما ذكره شيخنا في المسالك من أن الناسي و إن كان معذورا لكن قد قصر حيث لم يلخص النقص قال فإن من قطع السعي على ستة أشواط يكون قد ختم بالصفا و هو واضح الفساد فلم يعذر بخلاف الناسي و غيره فإنه معذور انتهى و لعل هذا أقوى لكن يجب القصر على مورد النص و هو المتمتع كما في الرواية الأولى جزما و كذا في الثانية على ما يفهم من جماعة و منهم الماتن في الشرائع و الفاضل في القواعد تبعا للحلي حيث قال بعد الفتوى بمضمونها و توجيهه بما مضى و هذا يكون في سعي العمرة المتمتع بها إلى الحج فإنه في غيرها قاطع بوجوب طواف النساء عليه و قد جامع قبله متذكرا فعليه لذلك بدنة و لكن اعترض عليه بأن الرواية مطلقة بل عامة و ما ادعاه من القبلية و التذكر ممنوعة و لذا احتمل المحقق في النكت أن يكون طاف طواف النساء ثم واقع لظنه إتمام السعي و الفاضل في المختلف أن يكون قدم طواف النساء على السعي لعذر أقول و يرد عليه أيضا منافاة ما ذكره هنا لما ذكره في توجيه الرواية سابقا من أن الكفارة إنما هي لتقصيره في الاكتفاء بالظن و عدم مراعاته العلم مع وجوب مراعاته عليه و هذا لا يختلف فيه الحال بين أن يكون في سعي العمرة المتمتع بها أو غيرها و ما ذكره هنا ظاهر بل صريح في أن الكفارة إنما هي من حيث المواقعة لا ما ذكره فتأمل

[القول في أحكام منى بعد العود من مكة]
اشارة

القول في أحكام منى بعد العود من مكة

إليها و اعلم أن الحاج إذا قضى مناسكه بمكة شرفها اللَّه تعالى من طواف الزيارة و السعي و طواف النساء يجب عليه العود للمبيت بمنى ليلة الحادي عشر و الثاني عشر مطلقا و الثالث عشر على تفصيل سيذكر إن شاء اللَّه تعالى بإجماعنا و وافقنا عليه أكثر من خالفنا كما عن المنتهى و هو الحجة مضافا إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة التي كادت تبلغ التواتر بل لعلها متواترة و عن الشيخ في البيان القول باستحبابه و هو شاذ قيل و لا ينافيه ما في بعض الكتب من جعله من السنة أو حصر واجبات الحج في غيره أو الحكم بأنه إذا طاف للنساء تمت مناسكه أو حجه لجواز خروجه عنه و إن وجب و نص الحلبي على كونه من مناسكه و لذا اتفقوا على وجوب الفداء على من أخل و يجب النية كما في الدروس و في اللمعة الجلية يستحب فينوي كما في الفخرية أنه أبيت هذه الليلة بمنى لحج التمتع حج الإسلام مثلا لوجوبه قربة إلى اللَّه تعالى فإن أخل بالنية عمدا أثم و في الفدية وجهان كما في المسالك أقول و نفى فيه البعد عن العدم و لا بأس به للأصل و عدم معلومية شمول إطلاق ما دل على لزوم الفدية بترك الميت لمثله لانصرافه بحكم التبادر إلى الترك الحقيقي لا الحكمي و لو بات بغيرها ليلة كان عليه دم شاة أو الليلتين فشاتان إجماعا كما في صريح الغنية و الخلاف و غيرهما و ظاهر المنتهى و غيره و للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه دم و فيه عن أبي الحسن

ع سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من ليالي منى بمكة فقلت لا أدري قال صفوان فقلت له جعلت فداك ما تقول فيها قال عليه دم إذا بات و فيه عن رجل بات مكة في ليالي منى حتى أصبح فقال إن كان أتاها نهارا فبات حتى أصبح فعليه دم يهريقه و فيه لا تبت ليالي التشريق إلا بمنى فإن بت في غيرها فعليك دم و الاستدلال بهذين إنما هو لأن إطلاقهما يفيد شاة لليلة فلليلتين شاتان كذا قيل و لا يخلو عن إشكال نعم لا بأس به جمعا بينهما و بين الأخبار المتقدمة الصريح بعضها في وجوب الدم بترك المبيت ليلة مضافا إلى الإجماعات المنقولة و صراحة الروايات الآتية بثلاثة لثلاث و ظاهر غيرهما مما سيأتي إليها الإشارة فلا إشكال في المسألة و إن حكي التعبير بأن من بات ليالي منى بغيرها و ما بلفظ الجمع عن المقنعة و الهداية و المراسم و الكافي و جمل العلم و العمل لما قيل من احتماله الوفاق لما عليه الأصحاب و إن احتمل الخلاف أما بالتسوية بين ليلة و ليلتين و ثلاث أو بأن لا يجب الدم إلا بثلاثة لإجماله و احتماله كلا من الاحتمالات على السواء بل قيل الأول أظهرها و إطلاق النصوص و الفتاوى يشتمل الجاهل و المضطر و الناسي فيكون جبرانا لا كفارة خلافا للمحكي عن الشهيد في بعض الحواشي

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 426

فاستثنى الجاهل و وجهه غير واضح و في الصحيح عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى قال ليس عليه شي ء و قد أساء و هو يحتمل الجهل و هو الليلة الثالثة و ما في التهذيبين من الخروج بعد انتصاف الليل أو الاشتغال بالطاعة

في مكة و في آخر فاتتني ليلة المبيت بمنى في شغل فقال لا بأس و هو يحتمل ما فيهما و النسيان و الضرورة و الليلة الثالثة و يحتملان أيضا الحمل على التقية كما ربما يفهم من الصحيحة المتقدمة المروية عن أبي الحسن ع و قيل إنه مذهب أبي حنيفة أو على أن يكون غلبة عينه بمكة أو في الطرق بعد ما خرج منها إلى منى كالمروي في قرب الإسناد في رجل أفاض إلى المبيت فغلبته عيناه حتى أصبح قال لا بأس عليه و يستغفر اللَّه تعالى و لا يعود و هو ضعيف نعم هنا أخبار صحيحة بجواز النوم في الطريق اختيارا منها من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه دم و إن خرج منها فليس عليه شي ء و إن أصبح دون منى و منها إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شي ء عليه و منها إذا جاز عقبة المدنيين فلا بأس أن ينام قبل و به أفتى الإسكافي و الشيخ في التهذيبين أقول و لا يخلو عن قوة إن لم ينعقد الإجماع على خلافه لوضوح دلالتها مضافا إلى صحتها و كثرتها و موافقتها الأصل مع عدم وضوح معارض لها لإطلاق بعض الصحاح المتقدمة و يقبل التقيد بها و الخبر عن رجل إذا زار البيت فطاف بالبيت و بالصفا و المروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتى أصبح قال عليه شاة و في سنده ضعف و يحتمل تقييد الطريق فيه بطريق في حدود مكة لا خارجها و لا بعد فيه سيما بعد ملاحظة الصحيحة الأولى المتقدمة في صدر المسألة هذا

و لكن الأحوط ما عليه الأصحاب و الحكم بوجوب الدم لترك المبيت مطلق إلا أن يبيت بمكة متشاغلا بالعبادة فلا يجب على الأظهر الأشهر بل عليه عامة من تأخر للصحيحين في أحدهما عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه و دعائه و السعي و الدعاء حتى طلع الفجر فقال ليس عليه شي ء كان في طاعة اللَّه عز و جل و هو يفيد العموم لكل عبادة واجبة أو مندوبة و مورده استيعاب الليل بها فينبغي الاقتصار فيما خالف الأصل الدال على لزوم الدم بترك المبيت عليه نعم يستثنى منه ما يضطر إليه من غذاء و شراب كما ذكره الشهيدان و لكن زاد أو نوم يغلب عليه و فيه نظر إذ ليس في الخبر ما يرشد إليه بل و لا إلى الأولين و إنما استثنيا حملا لإطلاق النص على الغالب و ليس في الخبر ما يخالف في النوم لظهوره في عدمه قيل و يحتمل أن القدر الواجب هو ما كان يجب عليه بمنى و هو أن يتجاوز نصف الليل و هو ضعيف نعم له المضي إلى منى لإطلاق الصحاح المتقدمة في النوم في الطريق بل ظهورها فيه خاصة بل تظافرت الصحاح حينئذ بالأمر به منها إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا يصح إلا بمنى و منها إذا زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا و هو بمنى و منها إن خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلا و أنت بمنى إلا أن يكون شغلك نسك و قد خرجت من مكة إلى غير ذلك من الصحيح و غيره و خالف الحلي في أصل الاستثناء فاستظهر أن عليه الدم و إن بات بمكة مشتغلا بالعبادة

عملا بالعمومات و التفاتا إلى أن الصحيح من الآحاد و هو مع وهن أصله شاذ و لو كان ممن يجب عليه المبيت في الليالي الثلث مطلقا و ترك المبيت بها أجمع لزمه ثلاث شياه لكل ليلة شاة إجماعا كما في الغنية لإطلاق بعض الروايات المتقدمة مضافا إلى رواية أخرى ضعف سندها بالشهرة ينجبر عمن بات ليالي منى بمكة قال ثلاث من الغنم يذبحهن و المراد بمن يجب عليه المبيت في الليالي الثلث هو من لم يتق في إحرامه الصيد و النساء أو موجبات الكفارة أو مطلق المحرمات على اختلاف الأقوال الآتي ذكرها إن شاء اللَّه تعالى فإن قلنا بالأخيرين كما على من أخل بالمبيت في الثلث ثلاث من الشياة كما عن النهاية و السرائر و إن اتقى عن سائر المحرمات و إلا فشاتان كما عن المبسوط و الجواهر و حد المبيت بها أي القدر الواجب منه أن يكون بها ليلا حتى يتجاوز نصف الليل فله الخروج منها

بعد الانتصاف و لو إلى مكة شرفها اللَّه تعالى للمعتبرة المستفيضة ففي الصحيح فإن خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلا و أنت في منى إلا أن يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكة و إن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك أن تصبح في غيرها و فيه إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا و هو بمنى و إن زار بعد نصف الليل و السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح و هو بمكة و في الخبر فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شي ء و في آخر إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا و هو بمنى

و إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها و يستفاد منه و من الصحيح الثاني تساوي نصف الليل في تحصيل الامتثال كما عن الحلبي إلا أن ظاهر الأصحاب انحصاره في النصف الأول فأوجبوا عليه الكون بها قبل الغروب إلى النصف الثاني و صريح شيخنا في المسالك و الروضة ذلك و زاد فأوجب مقارنة النية لأول الليل فإن تم إجماعا و إلا فاستفادة ذلك من الأخبار بعد ضم بعضها إلى بعض مشكل و لذا صرح سبطه بأن أقصى ما يستفاد منها ترتب الدم على مبيت الليالي المذكورة في غير منى بحيث يكون خارجا عنها من أول الليل إلى آخره و هو حسن و إن كان ما ذكره شيخنا في المسالك أحوط أخذا بالمتيقن و الكون بها إلى الفجر أفضل كما في النهاية و السرائر و عن المبسوط و الكافي و الجامع للصحيح عن الدلجة إلى مكة أيام منى هو يريد أن يزور قال لا حتى ينشق الفجر كراهية أن ينبت الرجل بغير منى و يستفاد منه كراهية الخروج كما عن ابن حمزة و عن المختلف أن الخبر الحادي و أشار به إلى ما قدمناه من الخبر الثالث بعد الصحيحين بنفيها و إن كان الأفضل المبيت بها إلى الفجر و فيه نظر فإن الموجود فيه نفي الضرر و هو يجامع الكراهة فإنها ليست بضرر قطعا ثم إن ظاهر إطلاق جملة من الأخبار المتقدمة و صريح بعضها ما قدمناه من جواز الخروج بعد الانتصاف و لو إلى مكة شرفها اللَّه تعالى و عليه الأكثر و قيل لا يدخل مكة حتى يطلع الفجر و القائل الشيخ في النهاية و الحلي في السرائر و حكي أيضا عن

المبسوط و الوسيلة و الجامع و في الدروس أنه لم يقف على مأخذه قيل و لعلهم استندوا إلى ما مر من الأخبار الناطقة بأن الخارج من مكة ليلا إلى منى يجوز له النوم في الطريق إذا جاز بيوت مكة لدلالتها على أن الطريق في حكم منى فيجوز أن يريدوا الفضل لما مر من أن الأفضل الكون إلى الفجر لا الوجوب اقتصارا على اليقين و هو جواز الخروج من منى بعد الانتصاف لا من حكمه و هو كما ترى مع ضعفه كما لا يخفى اجتهاد في مقابلة النص الصحيح المتقدم المعتضد زيادة على الأصل و الإطلاقات بصريح الخبر المروي عن قرب الإسناد ففيه و إن كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شي ء و ضعف السند ينجبر بفتوى الأكثر فما اختاروه أقوى و إن كان ما قاله

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 427

الشيخ أحوط و اعلم أنه يجوز لذوي الأعذار المبيت حيث يضطرون إليه إذ لا حرج في الدين و في وجوب الدم نظر من التردد في كونه كفارة أو جبرانا و ظاهر الغنية العدم كما هو مقتضى الأصل قيل و منهم الرعاة و أهل السقاية فروى العامة ترخيصهم و نفى عنه الخلاف في الخلاف و المنتهى و خصص مالك و أبو حنيفة الرخصة للسقاية بأولاد عباس و في التذكرة و المنتهى أنه قيل للرعاة ترك المبيت ما لم تغرب الشمس عليهم بمنى فإن غربت وجب عليهم بخلاف السقاية لاختصاص شغل الرعاة بالنهار بخلاف السقاية و أفتى بهذا الفرق في السرائر و الدروس و هو حسن و في الخلاف و أما من له مريض يخاف عليه أو مال يخاف ضياعه فعندنا يجوز له ذلك لقوله

تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و إلزام المبيت و الحال ما وصفناه حرج و للشافعي فيه وجهان و نحوه المنتهى و هو فتوى السرائر و الدروس و مقرب التذكرة و في الدروس و كذا لو منع من المبيت عاما أو خاصا كنفر الحجيج ليلا قال و لا إثم في هذه المواضع و تسقط الفدية في هذه المواضع من أهل السقاية و الرعاة و في سقوطها من الباقين نظر قلت وجه الفرق بين العامة بأن شغل الأولين ينفع الحجيج عامة و شغل الباقين يخصهم

[و يجب رمي الجمار]
اشارة

و يجب رمي الجمار الثلث في الأيام التي يقيم بها كل جمرة بسبع حصيات بلا خلاف في شي ء من ذلك حتى الوجوب كما في السرائر و غيره و عن التذكرة و المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافا و عن الخلاف الإجماع على وجوب الترتيب بين رمي الثلث و وجوب القضاء قيل و عد في التبيان من المسنونات و لعل المراد ما ثبت وجوبه بالسنة و في الجمل و العقود في الكلام في رمي جمرة العقبة يوم النحر أن الرمي مسنون فيحتمله و الاختصاص برمي جمرة العقبة و حمل على الأول في السرائر و المنتهى أقول و ظاهر التهذيبين أيضا الاستحباب و لكنه شاذ على خلافه الآن قطعا الإجماع و هو الحجة مضافا إلى المعتبرة المستفيضة بل المتواترة كما في السرائر و في الصحيح الحج الأكبر الوقوف بعرفة و رمي الجمار و في الخبر من ترك رمي الجمار متعمدا لم تحل له النساء و عليه الحج من قابل و لكنه شاذ لم يعمل به أحد من الأصحاب كما في الذخيرة و يزيد هنا على ما مضى من شرائط الرمي أن

يكون مرتبا يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة بالإجماع الظاهر المصرح به في جملة من العبائر مستفيضا كالخلاف و الغنية و غيرهما صريحا و في التذكرة و المنتهى و غيرهما ظاهرا و للتأسي و الصحاح المستفيضة و عليه فلو نكس أعاد على الوسطى و جمرة العقبة بلا خلاف و للصحاح المستفيضة منها قلت له الرجل يرمي الجمار منكوسة قال يعيدها على الوسطى و جمرة العقبة و يحصل الترتيب بأربع حصيات فلو رمى اللاحقة بعد أربع حصيات على السابقة حصل الرمي بالترتيب و إلا فلا بلا خلاف بل عن صريح الخلاف و ظاهر التذكرة و هي الإجماع للمعتبرين أحدهما الصحيح في رجل رمى الجمرة الأولى بثلاثة و الثانية بسبع قال يعيد رميهن بسبع سبع قلت فإن رمى الأولى بأربع و الثانية بثلاث و الثالثة بسبع قال يرمي الجمرة الأولى بثلاث و الثانية بسبع و يرمي الجمرة العقبة بسبع قلت فإنه رمى الجمرة الأولى بأربع و الثانية بأربع و الثالثة بسبع قال يعيد فيرمي الأولى بثلاث و الثانية بثلاث و لا يعيد الثالثة و إطلاقه كغيره يقتضي البناء على الأربع مع العمد و الجهل و النسيان و هو أيضا ظاهر المتن و الشرائع و المحكي عن المبسوط و الخلاف و السرائر و الجامع و التلخيص و اللمعة خلافا للفاضل في القواعد و التذكرة و المنتهى و الشهيدين في الدروس و الروضة و ربما عزى إلى الشيخ و الأكثر و ربما جعل أشهر فقيدوه بالناسي و ألحق الشهيدان به الجاهل و مستندهم غير واضح عدا ما عن الفاضل في الكتابين من أن الأكثر إنما يقوم مقام الكل في النسيان و هو إعادة للمدعى و في الروضة بأنه

منهي عن رمي الجمرة اللاحقة قبل إكمال السابقة فيفسد و يضعف بأن المعلوم إنما هو النهي عنه قبل أربع لا مطلقا و لو سلم فهو اجتهاد في مقابلة إطلاق النص إلا أن يمنع شموله للعامد لندرته فلا ينصرف إليه السؤال المعلق عليه الجواب مضافا إلى حمل فعل المسلم على الصحة كما مر غير مرة ثم النص صريح في وجوب استيناف الناقصة عن الأربع و ما بعدها مطلقا و لو كانت الثانية أو الأولى خلافا للحلي فاكتفى بإكمالها و أوجب استئناف ما بعدها خاصة قيل لعدم وجوب الموالاة في الرمي للأصل و يدفع بالنص و وقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها على الأشهر الأقوى للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة في الصحيح رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها و نحوه آخر مؤكدا بالقسم خلافا للمحكي عن الوسيلة و الإشارة و والد الصدوق في مبدئه فجعلوه أول النهار و يرده صريح الصحيح لا ترم الجمرة يوم النحر حتى تطلع الشمس و يحتمل أن يريدوا به طلوع الشمس كما عن بعض كتب اللغة و الغنية و الإصباح و الجواهر و الخلاف كما حكي فيه أيضا فجعلوه بعد الزوال مدعيين عليه الإجماع عدا الإصباح و في المختلف أنه شاذ لم يعمل به أحد من علمائنا حتى أن الشيخ المخالف وافق أصحابه فيكون إجماعا لأن الخلاف إن وقع منه قبل الوفاق فقد حصل الإجماع و إن وقع بعده لم يعتد به إذ لا اعتبار بخلاف من لا يخالف الإجماع قلت و على تقدير عدم شذوذه فغايته أنه إجماع منقول لا يعارض ما قدمناه من الصحاح المعتضدة بعمل الأصحاب و أما الصحيح ارم في كل يوم عند الزوال

فمحمول على الاستحباب لعدم قائل به إن أريد به قبل الزوال و كذا إن أريد به بعده جمعا بين الأدلة مع

احتماله حينئذ الحمل على التقية فقد حكاه في الخلاف عن الشافعي و أبي حنيفة و عن الصدوقين في آخره فوقتاه إلى الزوال إلا أن في الرسالة و قد روي من أول النهار إلى آخره و في الفقيه و قد رويت رخصة من أول النهار إلى آخره و لو نسي بل ترك مطلقا رمي يوم قضاه من الغد وجوبا بلا خلاف بل قيل بالإجماع كما في الغنية و للشافعي قول بالسقوط و آخر بأنه في الغد أيضا أداء و كذا إن فاته رمي يومين قضاهما في الثالث و إن فاته يوم النحر قضاه بعده و لا شي ء عليه غير القضاء عندنا في شي ء من الصور للأصل أقول و لظاهر الصحاح الواردة في المسألة حيث لم يؤمر في شي ء منها بغير القضاء فمنها زيادة على ما يأتي في رجل نسي رمي الجمار حتى أتى مكة قال يرجع فيرمي متفرقا و يفصل بين كل رميتين بساعة الخبر و في آخر قلت الرجل ينكس في رمي الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم العظمى قال يعود فيرمي الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة و إن كان من الغد

[يجب أن يكون مرتبا]

و يجب أن يكون مرتبا بينه و بين الأداء فيؤخره عن القضاء بل لو فاته رمي يومين قدم الأول على الثاني و ختم بالأداء بلا خلاف بل عليه الإجماع عن الخلاف و هو الحجة عليه دون ما قيل من تقدم السبب و الأخبار و الاحتياط إذ لا دليل على أن تقديم السبب يقتضي وجوب تقديم المسبب و الأخبار المفيدة لوجوب التقديم

رياض المسائل(ط-القديمة)،

ص: 428

لم نجدها لأنها بين مطلقة للأمر بالقضاء و هي ما قدمناه قريبا و بين مصرحة بالأمر و بالتقديم مقيدا بقيد هو للاستحباب و يفصح عنه قوله

[مندوبات منى]
اشارة

و يستحب أن يكون ما لأمسه غدوة أي بعد طلوع الشمس و ما ليومه بعد الزوال ففي الصحيح رجل أفاض من جميع حتى انتهى إلى منى فعرض له عارض فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس قال يرمي إذا أصبح مرتين إحداهما بكرة و هي للأمس و الأخرى عند زوال الشمس و ظاهرهم عدم الخلاف في الاستحباب و إن أشعر بوجوده عبارة الدروس حيث جعله أظهر و هو كذلك جمعا بينه و بين الصحيح المتقدم الأمر بالفصل بينهما بساعة المنافي لما في هذا الصحيح قطعا و الجمع بالحمل على تفاوت مراتب الاستحباب فأدناها ما سبق و أعلاها ما هنا لكن ظاهر الأصحاب الإعراض عن الحديث السابق فليلحق بالشواذ و يتوجه حينئذ وجوب ما في هذا الصحيح إن لم ينعقد الإجماع على جواز الإتيان بهما في وقت واحد و إن انعقد كما صرح به بعض الأصحاب حيث قال بعد الحكم بجوازه بلا خلاف بشرط الترتيب فالوجه الاستحباب و مما ذكرنا ظهر أنه لا مستند لوجوب الترتيب سوى الإجماع و أما الاحتياط فليس بدليل شرعي بعد وجود ما قدمناه من الإطلاق بلا خلاف و هي يجوز القضاء قبل طلوع الشمس أم يتعين بعده كالأداء وجهان بل قولان أحوطهما الثاني لعموم ما دل على أن وقت الرمي بعد طلوع الشمس مع النهي عنه قبله في بعض ما مر من الصحاح و إن أمكن الذب عنه بالمعارضة بإطلاق أخبار المسألة و يرجحها على السابقة أصالة البراءة و ضعف إطلاقها بعدم تبادر القضاء منه

بل الأداء خاصة و يجب نية القضاء فيه دون الأداء و إن كانت فيه أيضا أولى و الفرق وقوع ما في ذمته أولا على وجهين فيحتاج إلى نية التعيين إجماعا دون الثاني حيث لم يكن مشغول الذمة بالقضاء و إنما كانت مع ذلك أولى تفصيا عن خلاف من أوجبها مطلقا و لا يجوز الرمي ليلا لما مضى من توقيته بما بين طلوع الشمس إلى غروبها إلا لعذر كالخائف و الرعاة و العبيد و نحوهم فيجوز لهم ليلا أداء و قضاء بلا خلاف على الظاهر المصرح به في بعض العبائر للحرج و للمعتبرة المستفيضة و فيها الصحيحان و الموثقان و فيها التنصيص على خصوص من ذكر و زيد في بعضها الحاطبة و المدين و المريض و لا فرق في الليل بين المتقدم و المتأخر لعموم النصوص و الفتاوى قيل و الظاهر أن المراد بالرمي ليلا رمي جمرات كل يوم في ليلته و لو لم يتمكن من ذلك لم يبعد جواز رمي الجميع في ليلة واحدة لأنه أولى من الترك أو التأخير انتهى و لا بأس به و يجوز أن يرمى عن المعذور كالمريض و إن لم يكن مأيوسا من برئه و عن الصبي الغير المميز و المغمى عليه بلا خلاف أعرفه للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و في الموثق أن المريض يحمل إلى الجمرة و يرمى عنه قال لا يطيق ذلك قال لا يترك في منزله و يرمى عنه و حمل الحمل فيه على الاستحباب قيل و في المبسوط لا بد من إذنه إذا كان عقله ثابتا و عن المنتهى و السرائر استحباب استيذان النائب عن غير المغمى عليه قال في المنتهى إن زال عقله

قبل الإذن جاز له أن يرمي عنه عندنا عملا بالعمومات و في الدروس لو أغمي عليه قبل الاستنابة و خيف فموت الرمي فالأقرب رمي الوالي عنه فإن تعذر فبعض المؤمنين لرواية رفاعة عن الصادق ع يرمى عمن أغمي عليه قلت فقه المسألة أن المعذور تجب عليه الاستنابة و هو واضح و لكن إن رمى عنه بدون إذنه فالظاهر الإجزاء لإطلاق الأخبار و الفتاوى و عدم اعتباره في المغمى عليه و إجزاء الحج عن الميت تبرعا من غير استنابة و يستحب الاستيذان إغناء له عن الاستنابة الواجبة عليه و إبراء الذمة عنها انتهى و هو حسن و لو زال العذر و الوقت باق لم يجب عليه فعله لسقوطه عنه بفعل النائب بمقتضى إطلاق النص و الفتوى لأن امتثال الأمر يقتضي الإجزاء و لو استناب المعذور ثم أغمي عليه قبل الرمي لم ينعزل نائبه كما ينعزل الوكيل وفاقا للأكثر لأنه إنما جازت النيابة لعجزه لا للتوكيل و لذا جازت بدون إذنه و الإغماء زيادة في العجز و لو نسي من حصى جمرة حصاة فصاعدا إلى الثلث و جهل موضعها رمي الجمرات الثلث رمى على كل جمرة حصاة مخيرا بين الابتداء بكل منها و لا يجب الترتيب لأن الفائت من واحدة و وجوب الباقي من باب المقدمة و لإطلاق الصحيح رجل أخذ إحدى و عشرين حصاة فرمى بها فزادت واحدة فلم يدر أيهن نقص قال فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة

الخبر و عن الجواهر الإجماع و لو فاته جمرة و جهل تعيينها أعاد على الثلاث مرتبا فيها لإمكان كونها الأولى فيبطل الأخيرتان بعدها و كذا لو فاته أربع حصاة فصاعدا و جهلها و لو فاته من كل جمرة واحدة

أو اثنتان أو ثلاث وجب الترتيب للعدد الفائت بالأصالة و لو فاته ثلاث و شك في كونها من واحدة أو أكثر رماها عن كل واحدة مرتبا لجواز التعدد و لو كان الفائت أربعا استأنف

[يستحب الوقوف عند كل جمرة]

و يستحب الوقوف عند كل جمرة و رميها عن يسارها من بطن المسيل حال كونه مستقبل القبلة و يقف عندها داعيا بالمأثور عدا جمرة العقبة فإنه يستدبر القبلة و يرميها عن يمينها و لا يقف عندها كل ذلك خلاف الاستدبار للصحيح و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها يسارها من بطن المسيل و قل كما قلت يوم النحر ثم قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و احمد اللَّه تعالى و أثن عليه و صل على النبي ص ثم تقدم قلت لا فتدعو فتسأله أن يتقبل منك ثم تقدم أيضا ثم افعل ذلك عند الثانية و اصنع كما صنعت بالأولى و تقف و تدعو اللَّه كما دعوت ثم تمضي إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار فارم و لا تقف عندها و الصحاح و غيرها بعدم الوقوف عند الثالثة مستفيضة جدا و أما الاستدبار للقبلة في رمي جمرة العقبة فقد مضى الكلام فيه في بحثها مستوفى و لو نسي بل ترك الرمي كلا أو بعضها مطلقا حتى دخل مكة شرفها اللَّه سبحانه وجب عليه أن يرجع فيها إلى منى و يتدارك ما ترك وجوبا للصحاح و غيرها ففي الصحيح في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى تقرب إلى مكة قال فلترم الجمار كما كانت ترمي و الرجل كذلك و فيه قلت له رجل نسي أن يرمي الجمار حتى أتى بمكة قال يرجع فيرميها يفصل بين كل رميتين بساعة قلت فإنه إذا فاته ذلك و

خرج قال ليس عليه شي ء و نحوه آخر لكن فيه بدل ليس عليه شي ء ليس عليه أن يعيد و هي كما ترى كالعبارة و نحوها مطلقة شاملة لصورتي بقاء أيام التشريق و عدمه لكن قيدها الأكثر بالأولى و لعله الأظهر جمعا بينها و بين الخبر من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى يمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل فإن لم يحج يرمي عنه وليه فإن لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه و أنه لا يكون

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 429

رمي الجمار إلا أيام التشريق و في سنده و إن كان ضعف بالجهالة إلا أنه مجبور بالشهرة الظاهرة و المحكية بل عليه الإجماع في الغنية مضافا إلى ضعف الإطلاق في الأخبار السابقة و عدم معلومية انصرافه إلى الصورة الثانية فإن المتبادر منها الأولى خاصة و لو خرج من مكة و لم يتدارك الرمي فلا حرج عليه و لا شي ء كما مر في الصحيحين إن مضت أيام التشريق كما هو الغالب في الخروج و عليه يحمل إطلاقهما و العبارة مضافا إلى مفهوم الرواية السابقة كما عرفته و لا ريب في الحكم إن أريد من الحرج و الشي ء المنفي الكفارة لانتفائها بالأصل قيل هذا عندنا و أوجب الشافعية عليه هديا و لا يختل بذلك إحلاله عندنا و إن كان في ترك الرمي عامدا و أما ما مر من بعض الأخبار بأنه من ترك رمي الجمار متعمدا لم يحل له النساء و عليه الحج من قابل فمع ضعف سنده و شذوذه و إن حكي نحوه عن الإسكافي و أشعر عبارة التهذيب بقبوله غير صريح لاحتماله الحمل على تعمد الترك لزعمه عند ما أحرم أو بعده

أنه لغو لا عبرة به فإنه حينئذ كافر لا عبرة بحجه و إحلاله على أن يكون المراد إيجاب الحج من قابل القضاء الرمي فيه فيكون بمعنى ما في الخبر المتقدم كما قيل أو على الاستحباب كما في الاستبصار و المختلف و الدروس و فيه أنه لم نقف على قائل به و كذا إن أريد منه وجوب العود لتدارك الرمي في عامه لاتفاق الأخبار المتقدمة عليه و يشكل لو أريد منه ذلك مطلقا كما هو ظاهره في الشرائع و صريحه هنا لقوله و لو حج في القابل استحب له القضاء و لو استناب و لم يباشره جاز لعدم وضوح دليل عليه سوى الأصل و عموم الصحيحين المتقدمين بنفي الشي ء و الإعادة السالمين عما يصلح للمعارضة سوى الرواية المتقدمة و هي ضعيفة السند كما عرفته و قد عرفت الجواب عن ضعف السند بالشهرة العظيمة إذ لم نر مصرحا بالاستحباب عدا الماتن و الفاضل فيما حكي عنه عن التبصرة و أما باقي الأصحاب فهم بين مصرح بالوجوب كالشيخ في التهذيبين و الخلاف و الشهيدين في الدروس و المسالك و الروضة و باللزوم كالحلبي فيما حكي أو أمر به كالشيخ في النهاية و الحلي في السرائر و الفاضل في التحرير و القواعد و ابن زهرة في الغنية مدعيا عليه إجماع الطائفة و حينئذ فتكون الرواية حجة و يقيد بها الأصل و الصحيحان بحمل الشي ء و الإعادة فيهما على ما يجامع الرواية بأن يراد بالشي ء نحو الكفارة أو الإعادة في هذه السنة و عليها يحمل الإعادة المنفية في الرواية الثانية مضافا إلى احتمالها الحمل على ما ذكره بعض الأجلة فقال و يحتمل أن يكون إنما أراد السائل أنه نسي التفريق

و يؤيده لفظ يعيد مع أن في طريقها النخعي فإنما يكون صحيحا إن كان أيوب بن نوح و لا يقطع به

[يستحب الإقامة بمنى أيام التشريق]

و يستحب الإقامة بمنى أيام التشريق للصحيح عن رجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف بالبيت تطوعا فقال المقام بمنى أفضل و أحب إلي و لا يجب للأصل و نحوه الصحيحين لا بأس أن يأتي الرجل فيطوف في أيام منى و لا يبيت بها و في الموثق رجل زار فقضى طواف حجه كله أ يطوف بالبيت أحب إليك أم يمضي على وجهه إلى منى فقال أي ذلك شاء فعل ما لم يبت و يجوز للحاج إذا فرغ من رميه الجمار في اليومين الأولين من أيام التشريق النفر في الأول و هو الثاني عشر من ذي الحجة لمن اتقى الصيد بأن ترك قتله و أخذه و النساء بأن ترك وطأهن و ربما قيل الاستمتاع بهن مطلقا و هو أحوط و أولى في إحرامه في الحج و ربما ألحق به عمرة التمتع لارتباطها به و هو أحوط و يسقط عنه رمي الجمار في اليوم الثالث حينئذ بلا خلاف كما عن المنتهى و إن شاء نفر في الثاني و هو الثالث عشر من الشهر بالكتاب و السنة و الإجماع الظاهر المصرح به في جملة من العبائر و عن المنتهى أن مذهب العلماء كافة و لكن اختلف الفتاوى و النصوص في المراد بالمتقي أ هو من الصيد و النساء خاصة كما هو الأشهر أو سائر ما يوجب الكفارة كذلك كما عن الحلي و غيره أوكل ما حرم عليه في إحرامه كما عن ابن سعيد و الأظهر الأول للخبرين في أحدهما إذا أصاب المحرم الصيد

فليس له أن ينفر في النفر الأول و من نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس و هو قول اللَّه عز و جل فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ .. لِمَنِ اتَّقى أتى الصيد و مفهومه و إن دل على جواز نفر المتقي للصيد في النفر الأول و لو لم يتق النساء لكنه مقيد بما إذا اتقيتهن أيضا بالإجماع و في الثاني و من أتى النساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول و ضعف سندهما منجبر بالعمل و لا دليل على الأخيرين عدا الخبر الأخير و فيه لمن اتقى الرفث و الفسوق و الجدال و ما حرم اللَّه تعالى في إحرامه و في سنده ضعف مضافا إلى عدم مقاومته لما مر من وجوه و هو و إن وافقته ظاهر إطلاق الآية إلا أنها كما قيل مجملة لمعان متعددة رويت في تفسيرها و فيه نظر و كيف كان فلا ريب أن هذا القول أحوط فلا يترك العمل به مهما أمكن و لو لم يتق تعين عليه الإقامة إلى النفر الأخير إجماعا لما مر قريبا و كذا يتعين عليه الإقامة إلى النفر الأخير لو غربت الشمس و هو بمنى ليلة الثالث عشر و إن اتقى بالإجماع و المعتبرة المستفيضة ففي الصحيح إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت بمنى فليس لك أن تخرج منها حتى تصبح و فيه فإن أدركه النساء بات و لم ينفر و من نفر في الأول لا يجوز أن ينفر إلا بعد الزوال إلا الضرورة و من نفر في الأخير يجوز له قبله بلا خلاف هنا حتى من القائل بأن وقت الرمي بعد

الزوال بل في الغنية و التذكرة عليه الإجماع و عن المنتهى بلا خلاف و لا في الأول إلا ما يحكى عن التذكرة فقرب فيها أن التأخير مستحب و وجهه بعض بأن الواجب إنما هو الرمي و البيتوتة و الإقامة في اليوم مستحبة كما مر فإذا رمى جاز النفر متى شاء قال يمكن حمل كثير من العبارات عليه و يؤيده الخبر لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول قبل الزوال و إن حمل على الضرورة و الحاجة انتهى و فيه أنه اجتهاد صرف في مقابلة الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس و إن أخرت إلى آخر أيام التشريق و هو يوم النفر الأخير فلا عليك أي ساعة و نفرت و رميت من قبل الزوال أو بعده و فيه أما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس فأما اليوم الثالث فإذا ابيضت الشمس فانفر على كتاب اللَّه تعالى الخبر و فيه عن الرجل ينفر عن النفر الأول قبل أن تزول الشمس فقال لا و لكن يخرج ثقله و لا يخرج هو حتى تزول الشمس مع أن الخبر الذي ذكره ضعيف السند بالجهالة و الدلالة باحتماله التقييد بما ذكره و هو أقوى من حمل الصحاح على الاستحباب أو الكراهة من وجوه عديدة و دعوى انحصار الواجب في الرمي و

البيتوتة أول النزاع و المشاجرة و استحباب الإقامة في اليوم كله لا يستلزم استحبابها في أجزائه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 430

و بعبارة أخرى الموصوف بالاستحباب إنما هو الإقامة بعد الزوال إلى الليل لا الإقامة إلى الزوال و أحدهما غير الآخر و المؤيد هو الثاني دون الأول

ثم اعلم أن إطلاق الأدلة كالعبارة و نحوها بجواز النفر في الثاني قبل الزوال أو بعده مخيرا بينهما يعم الإمام و غيره خلافا للمحكي عن النهاية و المبسوط و المهذب و السرائر و الغنية و الإصباح فخصوه بغير الإمام و قالوا عليه أن يصلي الظهر بمكة و عن المنتهى و السرائر و التذكرة استحباب ذلك له و لا بأس به للصحيح يصلي الإمام الظهر يوم النفر بمكة و في الخبران أصحابنا قد اختلفوا علينا فقال بعضهم إن النفر يوم الأخير بعد زوال الشمس أفضل و قال بعضهم قبل الزوال فكتب أ ما علمته أن رسول اللَّه صلى الظهر و العصر بمكة فلا يكون ذلك إلا و قد نفر قبل الزوال و ربما يفهم منه رجحانه لغير الإمام أيضا

[يستحب للإمام أن يخطب]

و يستحب للإمام كما هنا و في الشرائع و القواعد أن يخطب الناس بعد صلاة الظهر كما في السرائر و عن المنتهى بدل الظهر بعد صلاة العصر من اليوم الثاني من أيام التشريق و يعلمهم ذلك أي وقت النفر الأول و الثاني و في الدروس و غيره ينبغي أن يعلمهم أيضا كيفية النفر و التوديع و يحثهم على طاعة اللَّه تعالى و على أن يختموا حجتهم بالاستقامة و الثبات على طاعة اللَّه تعالى و أن يكونوا بعد الحج خيرا منهم قبله و أن يذكروا ما عاهدوا اللَّه تعالى عليه من خير و في الدروس حكم بالوجوب و لم أعرف مستنده و له وجه إن علم الإمام جهلهم بما يجب عليهم و في السرائر عبر بالجواز و لا بأس به بل و لا بالاستحباب و التكبير بمنى عقيب خمس عشر صلاة أولها ظهر النحر و في البلدان عقيب

عشر صلوات أولها ظهره أيضا مستحب و قيل يجب و قد مر التحقيق فيه و في كيفيته في بحث صلاة العيد فلا نعيده و من قضى أي أدى مناسكه بمنى فإن كان بقي عليه شي ء عن مناسك مكة كطواف أو بعضه أو سعي عاد إليها لفعله وجوبا و إلا فله الخيرة في العود إلى مكة و غيرها لعدم وجوبه عليه عندنا كما في الروضة و غيرها للأصل و النصوص منها ما ترى في المقام بمنى بعد ما ينفر الناس فقال إذا كان قد قضى مناسكه فليقم ما شاء و ليذهب حيث شاء و منها لو كان إلى طريق إلى منزلي من منى ما دخلت مكة و لكن الأفضل العود إليها لوداع البيت و دخول الكعبة خصوصا للصرورة لاستحبابهما بالإجماع و النصوص المستفيضة ففي الصحيح إذا أردت أن تخرج من مكة و تأتي أهلك فودع المبيت و طف أسبوعا الخبر و في الموثق عن الدخول في الكعبة فقال الدخول فيها دخول في رحمة اللَّه تعالى و الخروج منها خروج من الذنوب معصوم فيما بقي من عمره مغفور له ما سلف من ذنوبه و لا ينافيه الصحيح عن دخول البيت فقال أما الصرورة فيدخله و أما من قد حج فلا لأنه محمول على أن المنفي تأكد الاستحباب الثابت للصرورة كما في الصحيح لا بد للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع و ظاهره و إن كان وجوبه على الصرورة كما وقع التصريح بلفظة في غيره لكن وقع التصريح بالاستحباب في جملة من المعتبرة منها أحب للصرورة أن يدخل الكعبة و أن يطأ المشعر الحرام و منها كيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج

قال لأن الصرورة فاض فرض مدعو إلى حج بيت اللَّه تعالى فيجب أن يدخل البيت الذي دعي إليه ليكرم فيه

[مندوبات مكة]
[يستحب أن يكون الدخول بلا حذاء]

و يستحب أن يكون الدخول بلا حذاء و بعد الغسل كما مر في بحثه و الدعاء إذا دخل بالمأثور على سكينة و وقار و أن لا يبزق و لا يمتخط فيها و مع عوده إلى مكة و دخوله في الكعبة استحب له الصلاة في زوايا الكعبة الأربع في كل زاوية ركعتين يبدأ بالزاوية التي فيها الدرجة ثم القريبة ثم التي فيها الركن اليماني ثم التي فيها الحجر الأسود كما عن القاضي داعيا بالمأثور و على الرخامة الحمراء التي بين الأسطوانتين اللتين تليان الباب و هي مولد مولانا أمير المؤمنين ع كما قيل ركعتين يقرأ في الأولى بعد الحمد حم السجدة و يسجد لها ثم يقوم فيقرأ الباقي و في الثانية بقدرها من الآيات لا الحروف و الكلمات

[الطواف بالبيت للوداع]

و الطواف بالبيت للوداع و هو كغيره سبعة أشواط و استلام الأركان كلها و خصوصا اليماني و الذي فيه الحجر الأسود في كل شوط و أقله أن يفتح به و يختم و إتيان زاويتا المستجار و الدعاء عنده في الشوط السابع أو بعد الفراغ منه و من صلاته و الشرب من زمزم و الخروج من باب الحناطين قيل و هو باب بني مذحج و هي قبيلة من قبائل قريش و هو بإزاء الركن الشامي على التقريب و الدعاء عند الخروج بالمأثور و السجود عند الباب و هو مستقبل القبلة و الدعاء بقوله اللهم إني انقلب على لا إله إلا اللَّه قبل و زاد القاضي قبله الحمد و الصلاة و في المقنعة مكان ذلك اللهم لا تجعله آخر العهد من بيت الحرام

[الصدقة من تمر يشتريه بدرهم]

و الصدقة من تمر يشتريه بدرهم كفارة لما لعله في الإحرام أو الحرم و عن الجعفي يتصدق بدرهم و في الدروس لو تصدق ثم ظهر له موجب تأدي بالصدقة أجزأ على الأقرب كل ذلك للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن يدخلها و لا تدخلها بحذاء و تقول إذا دخلت اللهم إنك قلت و من دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار ثم تصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة و في الثانية عدد آياتها من القرآن و تصلي في زواياه و تقول اللهم من تهيأ أو تعبأ أو استعد الوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جائزته و نوافله و فواضله فإليك يا سيدي تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي رجاء رفدك و نوافلك و جائزتك فلا تخيب اليوم

رجاءنا يا من لا يخيب عليه سائل و لا ينقصه نائل فإني لم آتك اليوم لعمل صالح قدمته و لا شفاعة مخلوق رجوته و لكني أتيتك مقرا بالظلم و الإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي و لا عذر فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد و آل محمد و تعطيني مسألتي و تقلني عثرتي و لا تردني مجبوها ممنوعا و لا خائبا يا عظيم ثلاثا أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم لا إله إلا أنت قال و لا تدخلها بحذاء و لا تبزق فيها و لا تمتخط فيها الحديث و فيه أنه إذا دخلته فادخل بسكينة و وقار و فيه إذا أردت أن تخرج من مكة و تأتي أهلك فودع البيت و طف أسبوعا و إن استطعت أن تستلم الحجر الأسود و الركن اليماني في كل شوط فافعل و إلا فافتح به و اختم و إن لم تستطع ذلك فموسع عليك ثم تأتي المستجار فتصنع عنده ما صنعت يوم قدمت مكة ثم تختر لنفسك من الدعاء إلى أن قال ثم ائت زمزم و اشرب من مائها ثم اخرج و قل آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون إلى ربنا منقلبون راغبون إلى اللَّه تعالى راجعون إن شاء اللَّه تعالى قال و إن أبا عبد اللَّه ع لما ودعها و أراد أن يخرج من المسجد خر ساجدا عند باب المسجد طويلا ثم قام و خرج و فيه رأيت أبا جعفر الثاني في سنة خمس عشرة و مائتين بعد ارتفاع الشمس و طاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط فلما كان الشوط السابع

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 431

استلمه و استلم الحجر و مسح

بيده ثم مسح وجهه بيده ثم أتى المقام فصلى على خلفه ركعتين ثم خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت و كشف الثوب عن بطنه ثم وقف عليه طويلا يدعو ثم خرج من باب الحناطين و توجه قال فرأيته في سنة تسع عشرة و مائتين و دع البيت لئلا يستلم الركن اليماني و الحجر الأسود في كل شوط فلما كان الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني و فوق الحجر المستطيل و كشف الثوب عن بطنه ثم أتى الحجر فقبله و مسحه و خرج إلى المقام فصلى خلفه ثم مضى و لم يعد إلى البيت و كان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط و بعضهم ثمانية و في الخبر و فيه رأيت أبا الحسن ع ودع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خر ساجدا ثم قام فاستقبل القبلة فقال اللهم إني انقلب على لا إله إلا اللَّه و فيه سمعت أبا عبد اللَّه ع و هو خارج من الكعبة و هو يقول اللَّه أكبر حتى قالها ثلاثا ثم قال اللهم لا تجهد بلاءنا ربنا و لا تشمت بنا أعداءنا فإنك أنت الضار النافع و فيه ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه و أراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به فيكون كفارة لما لعله دخل عليه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك

[و من المستحب التحصيب]

و من المستحب التحصيب للنافر في الأخير إجماعا كما عن التذكرة و المنتهى و في المدارك و غيره للصحيح إذا نفرت و انتهيت إلى الحصباء و هي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا فإن أبا عبد اللَّه ع قال كان أبي

ينزلها ثم يحمل فيدخل مكة من غير أن ينام بها و الموثق كالصحيح عن الحصبة فقال كان أبي ينزل الأبطح قليلا ثم يجي ء فيدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح الخبر و ظاهره أنه النزول بالأبطح من غير أن ينام و قيل في تفسيره غير ذلك و ظاهر إطلاق العبارة استحبابه مطلقا و لو في النفر الأول و هو خلاف الإجماع الظاهر المصرح به في بعض العبائر و في ذيل الموثق السابق أ رأيت من يعجل في يومين عليه أن يحصب قال لا

[النزول بالمعرس]

و النزول بالمعرس معرس النبي ص على طريق المدينة بذي الحليفة و صلاة ركعتين فيه و هو بضم الميم و فتح العين و تشديد الراء المفتوحة و يقال بفتح الميم و سكون العين و تخفيف الراء مسجد يقرب مسجد الشجرة و بإزائه مما يلي القبلة كما في كلام جماعة و استحباب نزوله و الصلاة فيه مجمع عليه كما في كلام جماعة للصحاح و الموثقان ففي الصحيح إذا انصرفت من مكة إلى المدينة فانتهيت إلى ذي الحليفة و أنت راجع من مكة فات معرس النبي ص فإن كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصل فيه فإن كان في غير وقت صلاة فأنزل فيه قليلا فإن رسول اللَّه ص قد كان يعرس فيه و يصلي فيه و التعريس هو أن تصلي فيه و تضطجع ليلا مر به أو نهارا أو يستفاد منه أنه لا فرق في استحباب التعريس و النزول فيه بين أن يحصل المرور به ليلا أو نهارا و به صرح جماعة و أظهر منه الموثق إذا مررت به ليلا أو نهارا فعرس فيه و إنما التعريس في الليل فقال نعم إن

مررت به ليلا أو نهارا فعرس فيه فإن رسول اللَّه ص كان يفعل ذلك و قوله إنما التعريس في الليل إشارة إلى معناه اللغوي أو ما فعله النبي ص و هو كذلك كما يظهر من المحكي عن المحقق و الجوهري ففي الأول أعرس القوم نزلوا في آخر الليل للاستراحة كعرس و ليلة التعرس الليلة التي نام فيها النبي ص و عن الثاني المعرس محل نزول القوم في السفر آخر الليل و يستفاد من الصحيح الأول أن التعريس إنما يستحب في العود من مكة إلى المدينة لا في المضي إلى مكة و هو صريح الموثق و إنما المعرس إذا رجعت إلى المدينة ليس إذا بدأت و يستفاد من جملة من المعتبرة و فيها الصحيح و الموثق تأكد استحباب التعريس حتى لو جاوز المعرس بلا تعريس رجع فعرس

[العزم على العود]

و العزم على العود فإن العزم على الطاعات من قضايا الإيمان و أخبار الدعاء بأن لا يجعله آخر العهد ناطقة به مضافا إلى خصوص النصوص منها من خرج من مكة و هو ينوي الحج من قابل زيد في عمره و منها من خرج من مكة و هو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله و دنا عذابه و في ثالث كنا مع أبي عبد اللَّه ع و قد نزلنا الطريق فقال ترون هذا الجبل ثافلا عن يزيد بن معاوية عليهما اللعنة لما رجع من الحج مرتحلا إلى الشام ثم أنشأ يقول إذا تركنا ثافلا يمينا فلن نعود بعده سنينا للحج و العمرة ما بقينا فأماته اللَّه قبل أجله

[المكروهات]
اشارة

و من المكروهات المجاورة بمكة بلا خلاف و إن اختلفت العبارات بالإطلاق كما هنا و في الشرائع و المنتهى و غيرها من عبائر كثير و في الدروس و غيره أنه المشهور و جعله في المدارك هو المعروف بين الأصحاب مشعرا بالإجماع أو التقييد بسنة كاملة سواء وثق من نفسه لعدم المحذورات الآتية أم لا كما في الجامع و غيره أو التقييد بما إذا أوثق من نفسه عدمها مطلقا كما في الدروس أو التقييد بهما معا كما في المدارك و غيره و منشأ الاختلافات اختلاف الأنظار في الجمع بين الأخبار المختلفة فمما يدل على المشهور النصوص المستفيضة و فيها التعليل بأن كل ظلم فيه إلحاد و في المقام خوف ظلم منه و ممن معه كما في الصحاح و في جملة منها فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة كما في أحدهما أو كان ينتهى أو يتقى أن يسكن الحرم كما في غيره أو بأن من خرج منها زاد شوقه

إليها كما في المرسل كالصحيح و غيره أو بأن المجاورة بها يقسي القلوب كما في المراسيل المستفيضة و على الثاني الصحيح لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة قلت كيف يصنع قال يتحول عنها الخبر و مما يدل على استحباب المجاورة مطلقا أو سنة ما أشار إليه بعض الأصحاب جامعا بينه و بين ما سبق فقال بعده و لا ينافيه استحبابها لما ورد من الفضل فيما يوقع فيها من العبادات و هو ظاهر و لا ما في الفقيه عن علي بن الحسين ع عن قوله الطاعم بمكة كالصائم فيما سواها و الماشي بمكة في عبادة اللَّه عز و جل إذ الطاعم بها إنما هو كالصائم و الماشي في العبادة لكونهما نويا لكونهما التقرب إلى اللَّه تعالى بأداء المناسك و غيرها من العبادات و هو لا ينافي أن يكون الخارج منها التشويق نفسه إليها و التحرز من الإلحاد و القسوة أيضا كذلك و لا ما فيه عن أبي جعفر الباقر ع من قوله من جاور بمكة سنة غفر اللَّه تعالى له ذنوبه و لأهل بيته و لكل من استغفر له و لعشيرته و لجيرانه ذنوب تسع سنين قد مضت و عصموا من كل سوء أربعين سنة و مائة سنة إذ ليس نصا في التوالي مع جواز كون الارتحال لأحد مما ذكر أفضل من المجاورة التي لها الفضل المذكور كما في مكروهات العبادات و لذا قيل بعد ما ذكر بلا فصل و الانصراف و الرجوع أفضل من المجاورة و هو يحتمل الحديث و كلام الصدوق انتهى و هو حسن مع أن الخبرين ضعيفا السند

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 432

بالإرسال فلا يقاومان ما سبق من وجوه فلا إشكال من جهتهما

و إنما الإشكال من جهة الرواية المقيدة بالسنة الظاهرة في عدم الكراهة فيما دونه و مقتضى الأصول و إن كان لزوم تقييد إطلاق ما سبقها بها إلا أن التعليلات فيها كادت تلحقها بالنص على الكراهة مطلقا سيما التعليل بإيراثها قساوة القلب و أنه أمر غير اختياري فيكون التعارض بينهما من قبيل تعارض النصين و لا ريب أن الأخذ بما هو المشهور أولى و خصوصا مع كونه أحوط و أولى للمسامحة في أدلة السنن بما لا يتسامح في غيرها بناء على أنه ليس المفهوم من الرواية استحباب الإقامة فيما دون السنة و إنما غايتها كسائر الفتاوى المقيدة عدم الكراهة فيه و هو أعم من الاستحباب فالكراهة لا معارض لها من قبيلة فصاعدا ليتوقف في الفتوى بها مسامحة نعم المرسلان قد أفاد الاستحباب لكن قد عرفت الجواب عنهما

[الحج و العمرة على الإبل الجلالة]

و الحج و العمرة على الإبل الجلالة كما في بعض المعتبرة و منع الحاج دور مكة جمع دار من السكنى بها كما في الصحاح و غيرها ليس ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئا من الدور ينزلونها كما في بعضها و بمعناه الباقي و في الخبر أن عليا ع كره إجارة بيوت مكة و قراء سواء العاكف فيه و البادر و بمعناه في تفسير الآية به أحد الصحاح و الحسان و غيرهما و في أحدهما ليس لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور و منازلها قيل و به عبر القاضي و ظاهره التحريم كما في صريح الشيخ و ظاهر الإسكافي و هو ضعيف لشذوذ القول به و دعوى الإجماع القطعي في السرائر و المدارك على خلافه مضافا إلى الأصل و أظهرية دلالة الصحاح على الكراهة من الحسنة على الحرمة

قيل و هي و إن فتحت عنوة فهو لا يمنع من الأولوية و اختصاص الآثار بمن فعلها

[أن يرفع بناء فوق الكعبة]

و أن يرفع بناء فوق الكعبة للصحيح لا ينبغي أن يرقع بناء فوق الكعبة و لا يحرم على الأشهر الأظهر للأصل و دلالة الصحيح على الكراهة كما مر خلافا للمحكي عن الشيخ و الحلي فرماه و عن القاضي النهي عنه و هو ضعيف و البناء يشمل الدار و غيرها حتى حيطان المسجد قيل و ظاهر دفعه أن يكون ارتفاعه أكثر من ارتفاع الكعبة فقدرناه البناء على الجبال حولها مع احتمالها

و الطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة و للمقيم بها بالعكس كما في الصحيح و في آخر الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة و الصلاة لأهل مكة و القاطنين أفضل من الطواف و في ثالث عن المقيم بمكة الطواف أفضل له أو الصلاة قال الصلاة و في رابع من أقام بمكة سنة فالطواف أفضل من الصلاة و من أقام سنتين خلط من ذا و من ذا و من أقام ثلاث سنين كانت الصلاة له أفضل من الطواف و ينبغي حمل إطلاق ما مر عليه وفاقا لبعض المحدثين و الظاهر أن المراد بالصلاة النوافل المطلقة غير الرواتب إذ ليس في الروايات المزبورة تصريح بأفضلية الطواف على كل صلاة و ينبه عليه ما مر في الصحيح المتضمن للأمر بقطع الطواف لخوف فوات الوتر و البدأة في الوتر ثم إتمام الطواف و بذلك صرح بعض الأصحاب قال و بالجملة فلا يمكن الخروج بهاتين الروايتين و أشار بهما إلى الأولى و الأخيرة عن مقتضى الأخبار المستفيضة الصحيحة المتضمنة للحث الأكيد على النوافل المرتبة و أنها مقتضية لتكميل ما نقص من الفرائض بترك

الإقبال إلى آخر ما قال و هو حسن و مرجعه إلى أن التعارض بين هذه الأخبار و أخبار الحث تعارض العموم و الخصوص من وجه و يمكن تقييد كل منهما بالآخر و عليه فينبغي أن يصار إلى الترجيح و هو مع أخبار الحث للتواتر الموجب لقطعيتها بخلاف هذه لأنها من الآحاد المفيدة للظن فلا يترجح على القطع سيما مع تأيدها بما مر من قطع الطواف للوتر مع خوف الفوات

[أما اللواحق]
اشارة

و أما اللواحق للكتاب أمور أربعة

[الأول من أحدث و ألجأ إلى الحرم لم يقم عليه حد]

الأول من أحدث شيئا مما يوجب الحد أو التعزير أو القصاص و ألجأ إلى الحرم لم يقم عليه فيه حد بجنايته و لا تعزير و لا قصاص و لكنه ضيق عليه في المطعم و المشرب و المسكن فلا يطعم و لا يسقى و لا يباع و لا يؤدي ليخرج فيقام عليه و لو أحدث ذلك في الحرم قوبل بما يقتضيه جنايته من حد أو تعزير أو قصاص كل ذلك بالكتاب و السنة المستفيضة بل المتواترة ففي الصحيح عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل الحرم فقال لا يقتل و لا يطعم و لا يسقى و لا يباع و لا يؤدي حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد قلت فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق فقال يقام عليه الحد في الحرم صاغر لأنه لم ير للحرم حرمة و قد قال اللَّه عز و جل فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ فقال هذا هو في الحرم فقال لا عدوان إلا على الظالمين و نحوه آخران و غيرهما إلا أنه ليس فيها الاستشهاد بآية الاعتداد و زيد فيها النهي عن التكلم و أطلق الحديث فيها من التكلم و لا خلاف في شي ء من ذلك على الظاهر المصرح به في كلام جماعة و لا إشكال إلا في تفسير الضيق بما قدمناه فمن الأصحاب من فسره بأن لا يمكن من ماله إلا ما يسد به الرمق أو ما لا يحتمله مثله عادة و لا يطعم و لا يسقى سواء و لا وجه له أصلا سيما مع اتفاق النصوص على ما قدمناه اللهم إلا أن يقال إن في

العمل بمقتضاه من ترك الإطعام و السعي مطلقا قد يوجب تلف النفس المحترمة حيث لا تكون جنايته لنفسه مستغرقة بل مطلقا و لو كانت مستغرقة بل مطلقا فإن إمساك الطعام منه و الشراب إتلاف له من هذا الوجه فقد حصل في الحرم ما أريد الهرب عنه و فيه نظر لعدم استناد الإتلاف إلى الممسك بل هو المتلف حيث أمسك عن الخروج فتأمل

[الثاني لو ترك الحاج زيارة النبي ص أجبروا على ذلك]

الثاني لو ترك الحاج زيارة النبي ص أجبروا على ذلك على الأشهر الأظهر و إن كان ت على الآحاد ندبا لأنه أي إطباقهم على تركها جفاء له ص و لا ريب أنه حرام فيجب على الوالي إجبارهم على تركه و في كلام جماعة أن التعليل إشارة إلى ما في النبوي من أتى مكة حاجا و لم يزدني إلى المدينة فقد جفاني و فيه نظر لعدم مطابقته للمدعي المفروض في العبارة و نحوها من عبارة الشيخ و من تأخر عنه من الفقهاء و هو اتفاق الحاج على تركها و الرواية لو صحت تفيد وجوبها على الآحاد و إن ترك كل منهم جفاء سواء زار الباقون أم لا و هذا لا يجامع مع كونها ندبا و لذا أنكر الحلي وجوب الإجبار عليها رأسا معللا بما ذكرنا و على هذا فالظاهر أن مراد من علل الحكم بهذا كالماتن هنا و في الشرائع و الفاضل في التذكرة و المنتهى على ما يحكى و غيرهما مما ذكرنا و الأجود ترك هذا التعليل الذي قد يتراءى في النظر أنه عليل و الاستدلال للحكم بالصحيح الصريح إن الناس لو تركوا زيارة النبي ص لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من أموال المسلمين

و اجتهاد الحلي مدفوع بهذا النص الجلي عندنا و إن كان عنده غير بعيد بناء على أصله

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 433

في حجية الآحاد و لكنه ليس بأصيل و لا بعد في الجبر على عدم ترك الكل المندوب بعد ورود النص الصحيح المعتضد بالعمل سيما بعد وجود النظر و هو ما ذكره الشهيدان من الأذان قال ثانيهما و قد اتفقوا على إجبار أهل البلد على الأذان بل على قتالهم إذا أطبقوا على تركه انتهى فلا يحتاج إلى ما ذكره أخيرا بقوله و الجبر و إن كان عقابا لا يدل على الوجوب لأنه دنيوي و إنما يستحق بترك الواجب العقاب الأخروي و سيما مع تطرق القدح إليه بما ذكره سبطه بقوله بعد ذكره فضعيف لأن المعاقبة الدنيوية إنما تستحق على الإخلال بواجب أو فعل محرم لا على ترك ما أذن الشارع في تركه كما هو واضح

[الثالث للمدينة حرم]

الثالث للمدينة المنورة على مشرفها ألف صلاة و سلام و تحية حرم و حده كما في الصحيحين من ظل عائر إلى ظل وعير ضبطه الشهيد الأول بفتح الواو و الثاني عن بعض بضمها و فتح العين المهملة و حكاه سبطه و غيره عن المحقق الثاني قال إنه وجدها كذلك في مواضع معتمدة و قيل أيضا كذا وجدته مضبوطا بخط بعض الفضلاء و ذكر الشهيد الثاني أنها جبلان يكتنفان المدينة شرقا و غربا و حكاه سبطه عن جماعة قيل و في خلاصة الوفا عير و يقال عائر جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة و لعل المراد بظل و عير فيئه كما في مرسلة الصدوق و التعبير بظلهما للتنبيه على أن الحرم داخلهما بل بعضه و في الخبر القريب من الصحيح من

عير إلى وعير و روت العامة عن عير إلى ثور و من عير إلى أحد و في آخر من ذباب إلى واقم و العريض و النقيب من قبل مكة و ذباب كغراب و كتاب جبل شامي المدينة يقال كان مضرب قبة النبي ص يوم الأحزاب و العريض و مصغرا واد في شرقي الحرة قرب قناة و هي أيضا واد و النقب الطريق في الجبل و في الصحيحين أنه بريد في بريد و لا يعضد و لا يقطع شجره للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و في بعضها و لا يختلى خلاها و ظاهرها التحريم كالعبارة و هو الأظهر وفاقا للأكثر كما في كلام جماعة و عن التذكرة أنه المشهور بل عزاه في منى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع و هو حجة أخرى مضافا إلى الأخبار السليمة مع ذلك عن المعارض بالكلية سوى الأصل و يجب الخروج عنه بعد قيام الأدلة فالقول بالكراهة كما عليه الفاضلان في الشرائع و القواعد و غيرهما بل في المسالك أنه المشهور لا وجه له قيل و استثنى الفاضل في الكتابين و التحرير ما يحتاج إليه من الحشيش للعلف لخبر عامي و لأن بقرب المدينة أشجارا أو زرعا كثيرة فلو منع عن الاحتشاش للحاجة لزم الحرج المنفي في الشريعة بخلاف حرم مكة و استثنى ابن سعيد يعني في الجامع عودي الناضح كما في الصحيح حرم رسول اللَّه ص ما بين لابتيها صيدها و حرم ما حولها بريد في بريد أن يختل خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح أقول و اللابة الحرة كما عن الجوهري و الخلاء الرطب من النبات و اختلائه جزه كما عن نص أهل اللغة و لا بأس

بصيده إلا ما صيد في الحرتين قيل حرة واقم و هي شرقية المدينة و حرة ليلى و هي غربيتها و هي حرة العقيق و لها حرتان أخريان جنوبا و شمالا لا يتصلان بهما فكان الأربع حرتان فذلك اكتفي بهما و هما حرتا قبا و حرة الرجلى ككسرى و بمد يترجل فيها لكثرة حجارتها و ما اختاره الماتن من التفصيل بين ما في صيد في الحرمين فيحرم و ما في صيد غيرهما فلا هو الأقوى و عزاه جمع إلى أكثر علمائنا بل عليه الإجماع كما عن صريح الخلاف و ظاهر هي للصحاح يحرم صيد المدينة و ما صيد بين الحرتين و بهما يقيده ما أطلق فيه الجواز من الصحاح و غيرها بحمله على ما صيد في غيرهما و هذا الجمع أولى من الجمع بالكراهة و إن اعتضد بالأصل كما مر غير مرة و عليه فيضعف القول بهما في الجملة أو مطلقا كما عليه الفاضلان في كتابيهما المتقدم إليهما الإشارة و غيرها و ادعى في المسالك هنا أيضا الشهرة و ظاهر العبارة أنه لا كراهة فيما صيد في غير الحرمين و لا بأس به لأنه أيضا ظاهر الأخبار أجمع فلا وجه للقول بكراهيته أيضا لكن لا بأس به بعد وجود قائل به مسامحة في أدلة السنن فيحمل الأخبار على أن المراد عدم الحرمة و الرخصة لا نفي الكراهة

[الرابع يستحب الغسل لدخولها]

الرابع يستحب الغسل لدخولها كما في بحث الأغسال من كتاب الطهارة قد مضى و زيارة النبي ص و هو بالرفع عطف على الغسل لا على الدخول و إن صح لما مر ثمة من استحبابه لها أيضا فالتقدير يستحب زيارته ص استحبابا مؤكدا و لذا أجاز أن يجبر الإمام الناس

عليها لو تركوها كما مضى و خصوصا للحاج فقد ورد من أتى مكة حاجا و لم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة و من أتاني زائرا وجبت له شفاعتي و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة و نحوه ذيله الصحيح المروي بأسانيد كثيرة و ألفاظ مختلفة منها لمن زار رسول اللَّه ص قاصدا له الجنة و زيارة علي و فاطمة ع من عند الروضة بناء على أن قبرها ع هناك كما هو ظاهر المتن هنا و في الشرائع وفاقا للنهاية لرواية و في أخرى أنها روضة من رياض الجنة و قيل في البقيع لرواية أخرى و استبعدها جماعة كالشيخ في التهذيب و النهاية و المبسوط و الفاضلان في التحرير و المنتهى و الحلي و ابن سعيد في الجامع و الأصح وفاقا للصدوق و جماعة أنها دفنت في بيتها و هو الآن داخل في المسجد للصحيح عن قبر فاطمة ع فقال دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد و حملت الروايتان السابقتان على التقية مع عدم وضوح سندهما و لكن الأحوط زيارتها في المواضع الثلاثة كما في القواعد و الدروس و غيرهما و خصوصا في بيتها و من عند الروضة و هي بين القبر و المنبر كما ذكره الشيخ و غيره و الأئمة الأربعة في البقيع و السبعة الباقين في مشاهدهم المشرفة المعروفة مع الإمكان و إلا فمن البعيد و النصوص الواردة في فضل زيارتهم ع أكثر من أن تحصى و تتأكد في الحسين ع بل ورد أن زيارته فرض على كل مؤمن و أن تركها ترك حق اللَّه تعالى و أن تركها عقوق رسول اللَّه ص و انتقاض في

الإيمان و الدين و أنه حق على الغني زيارته في السنة مرتين و الفقير مرة و أن من أتى عليه حول و لم يأت قبره نقص من عمره حول و أنها تطيل العمر و أن أيام زيارته لا تعد من الأجل و تفرج الغم و تمحض الذنوب و لكل خطوة حج مبرور له و بزيارته أجر عتيق ألف نسمة و حمل على ألف فرس في سبيل اللَّه و رسوله و له بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم و من أتى بقبره عارفا بحقه غفر اللَّه تعالى ما تقدم من ذنوبه و ما تأخر و أن زيارته خير من عشرين حجة و أن زيارته يوم عرفة مع المعرفة بحقه ألف ألف حجة و ألف ألف عمرة متقبلات و ألف غزوة مع نبي أو وصي و أن زيارته أول رجب مغفرة الذنوب البتة و نصف شعبان يصافحه مائة ألف نبي و عشرون ألف نبي و ليلة القدر مغفرة الذنوب و أن لمن جمع في السنة الواحدة بين زيارته

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 434

ليلة عرفة و الفطر و ليلة النصف من شعبان ثواب ألف حجة مبرورة و ألف عمرة متقبلة و قضاء ألف حاجة في الدنيا و الآخرة و من زاره يوم عاشوراء عارفا بحقه كمن زار اللَّه تعالى في فوق عرشه و من بعد عنه و صعد على سطحه ثم رفع رأسه إلى السماء ثم توجه إلى قبره و قال السلام عليك يا أبا عبد اللَّه السلام عليك و رحمة اللَّه و بركاته كتب له زورة و الزورة حجة و عمرة و لو فعل ذلك كل يوم خمس مرات كتب اللَّه تعالى له ذلك و كذلك زيارة الرضا ع

فقد ورد أنها كسبعين ألف حجة و سئل الجواد ع لزيارة الرضا ع أفضل أم زيارة الحسين ع قال زيارة أبي أفضل لأنه لا يزوره إلا الخواص من شيعته و عنه ع أن أفضله رجب و عنه ع أنها تعدل ألف ألف حجة لمن يزوره عارفا بحقه و عن الرضا ع من زارني على بعد داري و قراري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا و عند الصراط و عند الميزان و الصلاة في مسجد النبي ص و خصوصا بين القبر الشريف و المنبر و هو الروضة لأنها أشرف بقاع المسجد و في جملة من المعتبرة و منها الصحيح و غيرها أنها روضة من رياض الجنة و لعلها كافية في استحباب الصلاة فيها بخصوصها و إن لم نقف فيه على رواية بخصوصها و أن يصام بها أي بالمدينة الأربعاء و يومان بعده يعني الخميس و الجمعة للحاجة و الاعتكاف فيها بالمسجد و أن يصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة و هي أسطوانة التوبة قيل و هي الرابعة من المنبر إلى المشرق على ما في خلاصة الوفاء و العقود عندها يومه و الصلاة ليلة الخميس عند الأسطوانة التي تلي مقام رسول اللَّه ص أي المحراب و الكون عندها يومه و الصلاة في المساجد التي بها كمسجد الفتح و مسجد الفضيخ و مشربة أم إبراهيم ع و إتيان قبور الشهداء بأحد خصوصا قبر حمزة كل ذلك للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي ص فات المنبر فامسحه بيدك و خذ برمانتيه و هما السفلاوان و امسح عينيك و وجهك

به فإنه يقال إنه شفاء للعين و قم عنده فأحمد اللَّه تعالى و أثن عليه و سل حاجتك فإن رسول اللَّه ص قال ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة و منبري على ترعة من ترع الجنة و الترعة هي الباب الصغيرة ثم تأتي مقام النبي ص فتصلي فيه ما بدا لك فإذا دخلت المسجد فصل على النبي ص فإذا خرجت فاصنع مثل ذلك و أكثر من الصلاة في مسجد الرسول و فيه إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء و تصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة و هي أسطوانة التوبة التي ربط فيها نفسه حتى نزل عذره من السماء و يقعد عندها يوم الأربعاء ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلي مقام النبي ص ليلتك و يومك و تصوم يوم الخميس ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي ص و مصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك و يومك و تصوم يوم الجمعة فإن استطعت ألا تتكلم بشي ء في هذه الأيام فافعل إلا ما لا بد لك منه و لا تخرج من المسجد إلا لحاجة و لا تنام في ليل و لا في نهار فافعل فإن ذلك مما يعد فيه الفضل ثم احمد اللَّه تعالى في يوم الجمعة و أثن عليه و صل على النبي ص و سل حاجتك و ليكن فيما تقول اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت لنا في طلبها و التماسها أو لم تشرع سألتكها أو لم أسألكها فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها و كبيرها فإنك حري أن تقضي حاجتك إن شاء اللَّه و في الصحيح

صم يوم الأربعاء و الخميس و الجمعة و صل ليلة الأربعاء و يوم الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي رأس رسول اللَّه ص و ليلة الخميس و يوم الخميس عند أسطوانة أبي لبابة و ليلة الجمعة و يوم الجمعة عند الأسطوانة التي تلي مقام النبي ص و ادع هذا الدعاء لحاجتك و هو اللهم إني أسألك بعزتك و قوتك و قدرتك و جميع ما أحاط به علمك أن تصلي على محمد و آل محمد و على أهل بيته و أن تفعل بي كذا و كذا و نحوه آخر إلا أنه ليس فيه ذكر هذا

الليل و لا هذا الدعاء و فيه الصلاة يوم الجمعة عند مقام النبي ص مقابل الأسطوانة لكثيرة الخلوق و الدعاء عندهن جميعا لكل حاجة و فيهما مخالفة لما سبقهما في الصلاة عند أسطوانة أبي لبابة ففيهما أنها في ليلة الخميس و فيما سبقهما أنها ليلة الأربعاء و للتخيير وجه إلا أن الأشهر الثاني و الأخذ به أحوط و فيه لا تدع إتيان المشاهد كلها مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم و مشربة أم إبراهيم ع و مسجد الفضيخ و قبور الشهداء و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح قال و بلغنا أن رسول اللَّه ص كان إذا أتى قبور الشهداء قال السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار و ليكن فيما تقول عند مسجد الفتح يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرين اكشف همي و غمي و كربي كما كشفت عن نبيك همه و غمه و كربه و كفيته هول عدوه في هذا المكان

[المقصد الثاني في العمرة]

اشارة

المقصد الثاني في بيان حقيقة العمرة و حكمها و هي لغة الزيارة و

شرعا المناسك المخصوصة الواقعة في الميقات و مكة و هي واجبة في العمر بأصل الشرع مرة كالحج على كل مكلف بالشرائط المعتبرة في الحج بالكتاب و السنة و الإجماع ففي الصحيح العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج لأن اللَّه تعالى يقول وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و إنما نزلت العمرة بالمدينة و نحوه آخر بزيادة قوله قلت فمن تمتع بالعمرة إلى الحج أ يجزي عنه قال نعم و فيه عن قول اللَّه عز و جل وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يعني به الحج دون العمرة قال لا و لكنه يعني الحج و العمرة جميعا لأنهما مفروضان و ربما ظهر من إطلاقها كالعبارة و نحوها أنه لا يشترط في وجوبها الاستطاعة للحج معها بل لو استطاع لها خاصة وجبت كما أنه لو استطاع للحج خاصة وجبت دون العمرة و هو أصح الأقوال في المسألة و أشهرها إذ لم نجد من الأدلة ما يدل على ارتباط أحدهما بالآخر في الوجوب و إن حكي قولا و لا على ارتباط العمرة بالحج خاصة فلا يجب إلا بوجوبه دون الحج و إن أخباره في الدروس هذا في العمرة المفردة كما هو المفروض من المقصد في العبارة أما عمرة التمتع فلا ريب في توقف وجوبها على الاستطاعة لها و للحج لدخولها فيه و ارتباطها به و كونها بمنزلة الجزء منه و هو موضع وفاق و يجب فورا كالحج بلا خلاف كما عن السرائر بل عن التذكرة الإجماع عليه و قد تجب كالحج بنذر و شبهه من العهد و اليمين و الاستيجار و الإفساد لها على ما قطع به الأصحاب و الفوات أي فوات الحج فإنه

يجب التحلل منه بعمرة مفردة كما سبق إليه الإشارة في بحث من فاته الحج في أواخر القول في الوقوف بالمشعر و بدخول مكة بل الحرم لمن قصدهما كائنا من كان عدا من يتكرر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 435

منه الدخول فيها كالحطاب و الحشاش و المريض و من أحل و لما يمضي شهر فإنه لا تجب على هؤلاء كما سبق في الإحرام مفصلا و المراد بالوجوب هنا الوجوب الشرطي لا الشرعي فيترتب الإثم و المؤاخذة على الدخول بغير إحرام لا على تركها كالطهارة لصلاة النافلة و لا فرق في ذلك بين ما إذا أوجب الدخول شرعا أم لا إلا على القول بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به فتجب العمرة شرعا في الأول و شرطا في الثاني و إنما تجب الإحرام بها للدخول تخييرا بينه و بين إحرام الحج لا عينا لما مضى

[أفعال العمرة]

و أفعالها ثمانية النية و الإحرام و الطواف و ركعتاه و السعي بعده و طواف النساء و ركعتاه و التقصير أو الحلق بلا خلاف في شي ء من ذلك فتوى و نصا إلا في وجوب طواف النساء فقد اختلف في وجوبه فيها و الأظهر الأشهر الوجوب كما مر في آخر بحث الطواف مستوفى و مما يدل على التخيير بين الحلق و التقصير و إن اقتصر في الشرائع على الأخير الصحيح في الرجل يجي ء معتمرا عمرة مبتولة قال يجزيه إذا طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و حلق أن يطوف طوافا واحدا بالبيت و من شاء أن يقصر قصر و تصح العمرة المفردة في جميع أيام السنة للإطلاقات مضافا إلى ما سيأتي من الروايات في صحة الإتباع و صريح الصحيح المعتمر يعتمر في أي شهور

السنة شاء و أفضل العمرة عمرة رجب و عن المنتهى أنه لا يعرف فيه خلافا و أفضلها أي أيام السنة رجب بلا خلاف لما عرفته من الصحيحة مضافا إلى الصحاح الأخر المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح أي العمرة أفضل عمرة رجب أو عمرة في شهر رمضان فقال لا بل عمرة في رجب أفضل و يرشد إليه ما مر في أحكام المواقيت من جواز الإحرام به قبل الميقات للعمرة في رجب و يتحقق العمرة فيه بالإهلال فيه و إن أكملها في غيره للصحيح إذا أحرمت و عليك من رجب يوم و ليلة فعمرتك رجبية و من أحرم بها أي بالعمرة المبتولة في أشهر الحج و دخل مكة جاز أن ينوي بها عمرة التمتع و يلزمه الدم أي الهدي للصحيح من دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضى عمرته ثم خرج كان ذلك له و إن أقام إلى أن يدركه الحج كانت عمرته متعة و قال ليس يكون متعة إلا في أشهر الحج و مقتضاه جواز التمتع بالعمرة المفردة في أشهر الحج بمعنى إيقاع حج التمتع بعدها و إن لم ينو بها التمتع و على هذا فلا وجه لتقييد العمرة المفردة بما إذا لم تكن متعينة بنذر و ما شابهه كما ذكره في المسالك و غيره و نبه على ما ذكرنا سبطه ثم إن مقتضى إطلاق صدره جواز الخروج بعد فعل العمرة إلى حيث شاء سواء بقي إلى يوم التروية أم لا و نحوه في ذلك آخر صحيحة و غيرها ففي الصحيح لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحج ثم يرجع إلى أهله و فيه عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم رجع إلى بلده

قال لا بأس و إن حج في عامه ذلك و أفرد الحج فليس عليه دم خلافا للمحكي عن القاضي فأوجب الحج على من أدرك التروية للصحيح من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية و قريب منه ذيل الصحيحة المتقدمة و حملها الأصحاب على الاستحباب جمعا بينهما و بين ما مر من الأخبار المرخصة للرجوع إلى أهله متى شاء و في بعضها أن الحسين بن علي ع خرج يوم التروية إلى العراق و كان معتمرا لكنه يحتمل الضرورة و الجمع بتقييد الأخبار المطلقة في الرخصة بما إذا لم يدرك يوم التروية أولى من الجمع بالحمل على الاستحباب كما مر غير مرة فقوله في غاية القوة لو لا الشذوذ و المندرة و بعد حمل فعل الحسين ع على الضرورة نظرا إلى سياق الرواية المتضمنة له فتدبر و اعتضاد الاستحباب باختلاف أخبار الباب في الرخصة على الإطلاق أو التقييد بما عرفته في الصحيحة أو بما إذا لم يدرك هلال ذي الحجة و إلا فعمرته متعة كما في الصحيح إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن و إن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلا الحج و أظهر منه الخبر من دخل مكة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة فليس له أن يخرج حتى يحج مع الناس و الحكم بأنها في أشهر الحج متعة على الإطلاق كما في الصحيح عن المعتمر في أشهر الحج قال هي متعة و أظهر منه المرسل سأل بعض أصحابنا أبا جعفر ع في عشر من شوال فقال إني أريد فرد عمرة هذا الشهر فقال له أنت مرتهن بالحج و الجمع بين هذه الأخبار

بعد ذلك يتحقق بحمل الاختلاف على تفاوت مراتب الاستحباب كما صرح به بعض الأصحاب فقال و لو اعتمر مفردة في أشهر الحج استحب له الإقامة ليحج و يجعلها متعة خصوصا إذا أقام إلى هلال ذي الحجة و لا سيما إذا أقام إلى التروية للأخبار و إن خلت عما قبل هلال ذي الحجة و لا يجب للأصل و الأخبار لكن الأخبار الأول تعطي الانتقال إلى المتعة

و إن لم ينوه انتهى و هو حسن إلا أن قوله و إن خلت عما قبل هلال ذي الحجة المناقشة فيه واضحة لما عرفت من ورود الروايات به أيضا و هي الصحيح الأخير مع ما بعده و يستفاد من مفهوم العبارة أنه لو أحرم في غير أشهر الحج لم يجز له أن ينوي بها المتعة و هو كذلك و وجهه واضح و في الخبر من أين افترق المتمتع و المعتمر فقال إن المتمتع مرتبط بالحج و المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء و قد اعتمر الحسين ع في ذي الحجة ثم راح يوم التروية إلى العراق و الناس يروحون إلى منى و لا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج و يصح الإتباع أي إتباع عمرة بأخرى إذا كان بينهما شهر وفاقا لجماعة و منهم الشيخ في أحد قوليه و ابن حمزة و الحلبي و ابن زهرة لكنهما قالا في كل شهر أو في كل سنة مرة و هو يحتمل التردد و التوقف في جوازها في كل شهر و لا ريب في ضعفه للصحاح المستفيضة و غيرها بأن لكل شهر عمرة كما في جملة منها و في جملة أخرى أن في كل شهر عمرة و لا معارض لها

سوى الصحيحين بأن العمرة في كل سنة كما في أحدهما و لا يكون عمرتان في سنة كما في ثانيهما و لقصورهما عن المقاومة لما مضى من وجوه شتى أعظمها كثرتها عددا و اشتهارها فتوى حتى كاد أن يكون الفتوى بها و لو في الجملة إجماعا ممن عدا العماني على الظاهر المصرح به في المختلف دونهما مع عدم صراحتهما في العمرة المفردة و قوة احتمال اختصاصهما بالمتمتع بها أوجب حملهما عليه دون المفردة جمعا بين الأدلة و تعاديا من طرحهما بالكلية و على هذا الجمع اتفاق من عدا العماني كما قيل و ربما حملا على التقية لأنه رأي بعض العامة أو على أن المراد فيهما أني لا أعتمر في كل سنة إلا مرة و في الأول تأكد استحباب الاعتماد في كل سنة و لا بأس بهما و إن بعدت غايته و بالجملة لا إشكال في جواز الاعتماد في كل شهر مرة و إنما هو في المنع عن الزيادة فيه عنها كما هو ظاهر العبارة و باقي الجماعة لعدم وضوح دليل عليه من الأخبار السابقة إذ غايتها الدلالة على جواز الاعتمار في كل شهر و أن لكل شهر عمرة و هو لا يدل على النهي عن الزيادة و قد اعترف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 436

بذلك من المتأخرين جماعة و يعضده الخبر لكل شهر عمرة قال فقلت له يكون أقل من ذلك قال لكل عشرة أيام عمرة فإنه مع التصريح في صدره بأن لكل شهر عمرة لم يفهم الراوي المنع عن الزيادة بل سأل عنها على حدة و هو ع قد قرره على فهمه و مع ذلك فقد أجاب في الذيل بأن لكل عشرة عمرة و لأجله قيل بصحة الإتباع

إذا كان بينهما عشرة أيام و القائل جماعة كالشيخ في قوله الثاني بل في جميع كتبه كما قيل و المهذب و الجامع و الإصباح و هو خيرة الفاضل في السرائر و التذكرة و المنتهى و الفوائد و لا بأس به لو صح السند لكن ليس فيه دلالة على المنع عن الاعتمار فيما دون العشرة بل سبيله سبيل الأخبار السابقة إلا أن يقال إن سوق السؤال و الجواب فيه يقتضيه و هو غير بعيد إلا أن السند ضعيف و قيل كما عن العماني خاصة إنه لا يكون في السنة إلا عمرة واحدة لما عرفته مع الجواب عنه مفصلا فلا نعيدهما و هنا قول رابع أشار إليه بقوله و لم يقدر علم الهدى بينهما حدا من الحدود الثلاثة و لا غيرها بل جوز الاعتمار في كل يوم مرة فصاعدا و وافقه الديلمي و الحلي و كثير من المتأخرين و عزاه في الناصريات إلى أصحابنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه و استدل عليه بالنبوي العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما قال و لم يفصل ع بين أن يكون ذلك لسنة أو سنتين أو شهر أو شهرين و فيه بعد الإغماض عن السند أنه بالنسبة إلى تحديد المدة بينهما بحمل غير واضح الدلالة فإن إطلاقه مسوق لبيان الفضيلة لا لتحديد المدة و بذلك أجاب عنه جماعة و به يمكن الجواب عن الإطلاق الآخر في الندب إليها إن وجدت و مما ذكر ظهر أن المسألة محل إشكال لعدم وضوح دليل على شي ء مما فيها من الأقوال فلا يترك فيها الاحتياط على حال نعم ينبغي القطع بجوازها في كل شهر و يبقى الكلام في العشر فما دونها لضعف المستند فيهما فتركها فيهما

أحوط و أولى و لا يجوز المسامحة هنا في الفتوى باستحبابها فيهما لوجود القول بالتحريم و المنع عنهما و العمرة المتمتع بها يجزي من المفردة المفروضة إجماعا فتوى و رواية و هي صحاح مستفيضة و غيرها من المعتبرة و تلزم أي المتمتع بها مرة كل من ليس حاضري المسجد الحرام و إن كان نائبا عنه و لا يصح إلا في أشهر الحج لارتباطها به كما مر الكلام في جميع ذلك مفصلا و يتعين فيها التقصير و هو إبانة الشعر أو الظفر بحديد و نتف و قرض و غيرها و يكفي فيه المسمى و هو ما يصدق عليه أنه أخذ من شعر أو ظفر كل ذلك للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و أما ما في الصحيح إذا فرغت من سعيك و أنت متمتع فقصر من شعرك من جوانبه و لحيتك و خذ من شاربك و قلم أظفارك و أبق منها لحجك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء و يحل منه المحرم فمحمول على الاستحباب إلا قوله ع فأبق منها لحجك فباق على ظاهره من الوجوب و لذا تعين التقصير على الأظهر الأشهر بل لا يكاد فيه خلاف يظهر إلا من الخلاف فجعله أفضل من الحلق و هو نادر يرده مضافا إلى الصحيح السابق الصحيح و ليس في المتعة إلا التقصير و ظاهر الأول حرمة الحلق مطلقا و لو بعد التقصير قيل و صرح بها الشهيد وفاقا لابني حمزة و البراج لإيجابهما الكفارة بالحلق قبل الحج فيختص الإحلال بغيره و لعله لأنه لو لم يحرم بعده لم يحرم أصلا لأن أوله تقصير إلا أن يخلط النية و إنما حرم في النافع قبله أقول و

لقوله و لو حلق قبله لزمه شاة لكن ليس فيه نفي التحريم بعده و إنما خص لزوم شاة بالحلق قبله اقتصار على مورد النص الوارد به ففي الخبر عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه دم يهريقه فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق و فيه أن النص غير منحصر في هذا بل استدل على الحكم أيضا بالصحيح في متمتع حلق رأسه بمكة إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شي ء و إن تعمد بعد الثلاثين يوما التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه بل الظاهر انحصار المستند في الدم من الأخبار في هذا الخبر دون ما مر إذ هو مع قصور سنده بل ضعفه

ظاهر في الجاهل أو الساهي أو الناسي دون العامد و قد أجمعوا عدا الماتن على اختصاص الحكم بالعامد و أنه لا شي ء على من عداه للأصل و ضعف الخبر و خصوص الصحيح الذي مر و المرسل القريب منه في السند و المتن إن كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و إن كان متمتعا في أول شهور الحج فليس عليه شي ء إذا كان قد أعفاه شهر و لكن في التمسك للحكم بهذا الصحيح أيضا نظر لعدم ظهوره في الحلق بعد الإحرام و احتمال كون الدم للإخلال بتوفير الشعر قبل الإحرام المستحب عند الأصحاب و الواجب عند الشيخين و أفتى بوجوب الدم فيه المفيد كما مر في بحث الإحرام و به استدل له هناك و لكن قد مر الجواب عنه ثمة و بالجملة فالخبر للاحتمال المزبور مجمل لا يمكن التمسك به في

محل البحث مضافا إلى أن ما فيه من التفصيل في صورة العمد لا يوافق فتوى الأصحاب على الإطلاق بلزوم الدم و هذا من أكثر الشواهد على تعيين ما مر من الاحتمال و إلا فهو شاذ و كذا الخبر الأول لما مر و عليه فيشكل الحكم بوجوب الدم إلا أن يكون إجماعا و لا ريب أنه أحوط و كيف كان فينبغي القطع باختصاصه بصورة العمد لا كما أطلقه الماتن هنا و في الشرائع و بما إذا حلق الرأس أجمع فلو حلق جملة منه و أبقى منه بعضا فلا دم و لا تحريم كما قطع به جمع و بثبوت تحريم الحلق مطلقا و لو بعد التقصير لورود الأمر به في الصحيح الماضي و هو يستلزم النهي عن ضده العام إجماعا فلا وجه لتأمل بعض المتأخرين فيه و لا لتأمله في إجزائه من التقصير و لو على القول بتحريمه كما عن المنتهى حيث إنه مع قوله بتحريمه قال بالإجزاء لتوجيهه بأن أول الحلق تقصير فبعد ما بدأ به حصل الامتثال و إنما النهي عن الحلق تعلق بالخارج عنه فيأثم بفعله خاصة و بهذا وجه فتوى الشيخ في الخلاف بالجواز فقيل إنه إذا أحل من العمرة حل له ما كان حرمه الإحرام و منه إزالة الشعر بجميع أنواعها فيجوز له الحلق بعد التقصير و أول الحلق تقصير و لكن يضعفه أن النهي عن الحلق في الصحيح المتقدم في قوة تخصيص الإحلال بما عداه كما صرح به بعض المحدثين فقال إنه يتحلل بالتقصير كلما حرم عليه بالإحرام إلا الحلق و هو ظاهر الأصحاب أيضا بقي الكلام فيما وجهنا به الإجزاء فإنه على إطلاقه مشكل نعم لو قصد بأول الحلق التقصير

ثم حلق أجزأ و إن أثم و إن قصد أولا الحلق دون التقصير أشكل بل ظاهر قوله ع في الصحيح المتقدم فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء عدم الإحلال مع الحلق لأن المشار إليه بقوله ذلك ما أمر به سابقا و من جملته قوله و أبق منها لحجك فيعتبر في الإحلال فتأمل و كيف كان فالأحوط عدم الإجزاء بالحلق مطلقا ثم إن ظاهر قوله ع في الخبر المتقدم فإذا كان

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 437

يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق الوجوب كما صرح به في السرائر و القواعد و لكن الأظهر الاستحباب للأصل و ضعف الخبر سندا و دلالة كما مر مع عدم موجب له كيف لا و إنما يجب يوم النحر أحد الأمرين من التقصير أو الحلق و الموجود في الخبر ليس إلا الأمر بإمرار الموسى حين يريد الحلق و قد لا يريده فتعين حمله على الوجوب التخييري إذ لا يخلو غالبا عن شعر يحلقه الموسى و إنما تعرض له بالخصوص لأفضلية الحلق من التقصير كما مر و ليس فيها طواف النساء فإنما هو في الحج مطلقا و العمرة المفردة خاصة على الأشهر الأقوى كما مر في آخر بحث الطواف مفصلا و إذا دخل المحرم مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج و فرغ من أفعالها كره له الخروج منها لأنه أي ما أتى به من الإحرام للعمرة مرتبط بالحج و جزئه كما مر مضافا إلى خصوص الصحيح هنا أو ليس مرتبطا بالحج لا يخرج حتى يقضيه و نحوه في النهي عن الخروج قبل القضاء الصحاح ليس له أن يخرج من مكة حتى يحج و الخبران لا يخرج حتى يحرم بالحج و

ظاهرها التحريم كما عن الوسيلة و المهذب و الإصباح و موضع من النهاية و المبسوط و عزى إلى المشهور خلافا للحلي و الشيخ في التهذيب و موضع آخر من الكتابين فيكره و تبعهما الفاضلان هنا و في التذكرة و المنتهى و موضع من التحرير و لعله للأصل و ظاهر الصحيح في متمتع يريد الخروج إلى الطائف قال يحل بالحج من مكة و ما أحب أن يخرج منها إلا محرما و لا يجاوز الطائف أنها قريبة من مكة فإن لا أحب كالصريح في الكراهة و أظهر دلالة عليها من ليس له على التحريم في الأخبار السابقة مع أنه صريح في عدم جواز الخروج بعد الإحرام قبل قضاء الحج و نحوه في ذلك صحيحان آخران في أحدهما رجل قضى متعته و عرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها قال فليغتسل و ليحل بالإحرام بالحج و ليمض في حاجته فإن لم يقدر على الرجوع إلى مكة مضى إلى عرفات و في الثاني من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحج فإن عرضت له حاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق خرج محرما و دخل ملبيا فلا يزال على إحرامه فإن رجع إلى مكة رجع محرما و لو يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى الخبر و تلك الصحاح ظاهرة في المنع إلى أن يقضي الحج و يكمله و مقتضاه عدم الاكتفاء بالخروج محرما فينصرف ظاهرها إلى صريح هذه إلا أن يجمع بينهما بحمل القضاء في الصحاح على ما يعم الدخول في الإحرام كما في الخبرين بعدهما لكنهما قاصر السند و مع ذلك فيتعين تقييد إطلاقهما بحال الضرورة

كما فصلته الصحيحة الأخيرة و حمل القضاء في الصحاح على ذلك في غاية البعد بل الأظهر في الجمع بينهما أن يبقى القضاء فيها على حاله و يقيد إطلاقها بصورة الاختيار و يحمل الاكتفاء بالإحرام في هذه الصحاح على حال الضرورة و حصول الحاجة كما هو مورد أكثرها و المطلق منها يقبل التقييد بها للصحيحة المفصلة المتقدمة و هي أوضح شاهد على هذا الجمع حيث اشترط فيها في جواز الخروج و لو محرما عروض الحاجة و صرح قبله بالمنع عن الخروج حتى يقضي الحج و يكمله كالصحاح السابقة و قريب منها المرسل المتمتع محتبس لا يخرج من مكة حتى يخرج إلى الحج إلا أن يأبق غلامه و تضل راحلته فيخرج محرما و لا يجاوز إلا على قدر ما لا يفوته عرفة و بالجملة فمقتضى الجمع بين هذه الأخبار المعتبرة بعد ضم بعضها ببعض المنع عن الخروج عن مكة اختيارا حتى يقضي الحج و يكمله إلا مع الضرورة فيخرج محرما إلى ما لا يفوت معه عرفة كما في المرسلة و نحوها الأخبار المرخصة للخروج محرما لاختصاصها بالأماكن القريبة منها بل اشترط ذلك في الصحيحة الأخيرة و كل هذه الأخبار متفقة في المنع مطلقا أو من غير ضرورة من غير تفصيل فيها بين ما إذا خرج و دخل في الشهر الذي أحرم فيه للعمرة أو غيره فما ذكره الماتن هنا و في الشرائع و تبعه الفاضل في القواعد و غيره من الجواز في الأول مطلقا و لو من غير كراهة لقوله و لو خرج و عاد في شهره الذي اعتمر فيه فلا حرج مطلقا و لو من غير ضرورة منظور فيه لمخالفته الأخبار المتقدمة أجمع مع عدم وضوح

شاهد عليه عدا المرسل سئل أبا جعفر ع في

عشر من شوال فقال إني أريد أن أفرد عمرة هذا الشهر فقال أنت مرتهن بالحج فقال له الرجل إن المدينة منزلي و مكة منزلي و لي بينهما أهل و بينهما أموال فقال أنت مرتهن بالحج فقال له الرجل فإن لي ضياعا حول مكة و أريد الخروج إليها فقال تخرج حلالا و ترجع حلالا إلى الحج و إطلاقه بجواز الدخول حلالا و إن شمل ما لو دخل في غير الشهر الذي اعتمر فيه إلا أنه لما علم بالدليل أنه لا بد من الإحرام إذا مضى شهر قيد بما إذا دخل في الشهر و عليه ينص الموثق كالصحيح عن المتمتع يجي ء فيقضي متعته ثم يبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة و إلى ذات عرق و إلى بعض المعادن قال يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه لأن لكل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج و المرسل و الرضوي إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لأنه مرتهن بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج و إن علم و خرج و عاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا و إن دخلها في غير ذلك الشهر و دخل محرما و نحوهما الصحيح الآتي و على هذا فيكون قوله ع و يرجع حلالا كناية عن وجوب الرجوع في الشهر الذي اعتمر فيه و تهيأ له عن إفراد العمرة و إن سأل الرخصة فيه و إنما خص ع الرخصة له في ذلك بمورد السؤال الأخير دون الأول لكونه مما يمكن فيه الرجوع إلى مكة في الشهر الذي اعتمر

فيه لقربه منها و كونه في حواليها دون مورد الأول لكونه بين مكة و المدينة و يبعد فيه ذلك غايته و يؤيده ما قيل من أن الظاهر أن المنع عن الخروج لارتباط العمرة بالحج و اتصالها به من غير تخلل عمرة أخرى بينهما و إذا لم يفتقر إليه لم يمنع عنه و فيه نظر أما أولا فلضعف المرسل من وجوه و أما ثانيا فلاختصاصه كالأخبار بعده على تقدير دلالتها على الرخصة في الخروج من غير إحرام بحال الضرورة أو صورة العلم بأنه لا يفوته الحج و شي ء منهما غير مذكور في العبارة بل ظاهرها جواز الخروج في الصورة المفروضة فيها و لو مع الاختيار و عدم العلم بالرجوع إلى مكة في الشهر الذي أحرم فيه و بالجملة فهذه الأخبار و ما قبلها الواردة بالجواز كلها مختصة بحال الضرورة عدا الرضوي و ما يطابقه فإنهما مطلقان لكن ينبغي تقييدهما بالضرورة للصحيحة المفصلة المتقدمة و مع ذلك صحاحها مشترطة في الخروج معها الإحرام و ظاهر أكثرها التحريم من دونه إلا أن ما تضمن منها لفظة الكراهة في الخروج من دونه تصرفها عن ظاهرها إلى الجواز مع الكراهة لأنها صريحة أو كالصريحة في الجواز من غير إحرام لكن مع الكراهة و بها تجبر المرسلة المتقدمة المجوزة للخروج في الضرورة فما ذكره الماتن لا بأس به إلا أنه ينبغي تقييدها بحال الضرورة و القول بأن الظاهر أن المنع عن الخروج لارتباط العمرة بالحج و اتصالها به من غير تخلل عمرة مفردة بينهما إلخ لا يمنع تقييد الجواز بالضرورة و الكراهة بعد ما دلت

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 438

عليهما الأخبار المعتبرة و ربما كان الوجه في اعتبارهما احتمال أن لا يمكنه بعد

الخروج العود إلى مكة و مما ذكره يظهر تطرق النظر أيضا في إطلاق ما ذكره الماتن بقوله و كذا لا حرج لو أحرم بالحج و خرج بحيث إذا أزف قرب الوقوف عدل إلى عرفات بل ينبغي تقييده بحال الضرورة لما عرفت من اتفاق الأخبار كلها بعد ضم بعضها إلى بعض على اعتبارها و بالجملة فالذي يظهر من الجمع بين أخبار المنع عن الخروج اختيارا مطلقا و جوازه إلى ما لا يفوت معه الوقوف بعرفة مع الكراهة من غير إحرام و بدونها معه و إطلاقها كالعبارة و الفتاوى يعم صورتي كون العمرة المتمتع بها إلى الحج واجبة أو مندوبة و لذا قال جماعة بأن في هذه الأخبار دلالة على وجوب إتمام الحج المندوب بالشروع فيه أقول مضافا إلى قوله سبحانه وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ الآية و لو خرج لا كذلك بأن خرج غير محرم بالحج و عاد في غير الشهر الذي اعتمر فيه جدد عمرة أخرى وجوبا لما مضى من الأخبار مضافا إلى الصحيح فإن جهل فخرج إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام ثم رجع في أيام الحج في أشهر الحرام يريد الحج فيدخلها محرما أو بغير إحرام فقال إن رجع في شهره دخل مكة من غير إحرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرما قال فأي الإحرامين و المتعتين متعة الأولى أو الأخيرة قال الأخيرة و هي عمرته و هي المحتبس بها التي وصلت بحجيته و منه يظهر المستند في قوله و يتمتع بالأخيرة دون الأولى مضافا إلى عدم الخلاف فيه و لا في سابقه و إن اختلفوا في حصول الإثم بالخروج في الجملة أو مطلقا أو عدمه مع الكراهة أو بدونها

و المختار ما قدمنا و في احتياج العمرة الأولى حيث صارت مقبولة إلى طواف النساء و عدمه قولان أحوطهما الأول و إن كان الثاني بظاهر إطلاق النص و الفتاوى أوفق مضافا إلى الأصل و عدم دليل صالح على وجوبه هنا عدا الإطلاق و المتبادر منه العمرة المقبولة ابتداء لا المنقلبة إليها قهرا شرعا و حيث خرج و دخل في الشهر الذي اعتمر فيه فلا ريب في جواز الدخول من غير إحرام لما عرفت من الأخبار المستفيضة بل في أكثرها بالدخول إلى مكة محلا و ظاهرها الوجوب لكن في الموثق كالصحيح المتقدم بعد ما مر قلت فإنه خرج في الشهر الذي اعتمر فيه قال ع كان أبي ع مجاورا فيها فخرج يتلقى بعض هؤلاء فلما رجع و بلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج و دخل و هو محرم بالحج و ظاهره جواز الإحرام بالحج من غير مكة و باستحبابه صرح جماعة منهم الفاضل في المنتهى و التذكرة و الشهيد في الدروس كما قيل لكن ظاهره التردد فيه كالمنتهى و فيه بعد الفتوى بالاستحباب و نقل الرواية هذا قول الشيخ و استدلاله و فيه إشكال إذ قد بينا أنه لا يجوز إحرام الحج للمتمتع إلا بمكة أقول مضافا إلى عدم بلوغه قوة المعارضة للأخبار في المسألة الظاهرة في الوجوب كما عرفته مع أنه تضمن نقل فعل عنه ع و هو يحتمل وجوها منها التقية كما ربما يشعر به سياقها كما لا يخفى على من تأمله و تدبره فإذا المتوجه عدم الجواز

[المقصد الثالث في اللواحق]

اشارة

المقصد الثالث في اللواحق و هي ثلاثة

[الأول في الإحصار و الصد]
اشارة

الأول في أحكام الإحصار و الصد قدم الحصر هنا للنص عليه في القرآن العزيز قيل و لعمومه لغة و أخره بعد لكثرة مسائل الصد

[المصدود من منعه العدو]

فالمصدود هو من منعه العدو و ما في معناه خاصة بلا خلاف عندنا فيه و لا فيما سيأتي من أن المحصور من منعه المرض خاصة و بالإجماع منا صرح جماعة مستفيضا و منهم شيخنا في المسالك فقال هو الذي استقر عليه رأي أصحابنا و وردت به نصوصهم أقول و منها الصحيح المحصور و هو المريض و المصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول اللَّه ص ليس من مرض و المصدود تحل له النساء و المحصور لا تحل له النساء ثم قال و هو مطابق أيضا للغة قال في الصحاح أحصر الرجل على ما لم يسم فاعله قال ابن السكيت قد أحصره المرض إذا منعه من السفر أو من حاجة يريدها قال اللَّه تعالى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ إلى آخر ما قال و ما نقله عن ابن السكيت قد نقله أيضا في المصباح المنير عنه و عن تغلب و عن الفراء أن هذا هو كلام العرب و عليه أهل اللغة أقول و لكن المحكي عن أكثرهم اتحاد الحصر و الصد و أنهما بمعنى المنع من عدو كان أو مرض و هذا هو الذي عليه عامة فقهاء الجمهور و كيف كان فلا ريب فيما ذكرنا بعد ورود النص بذلك عن أهل العصمة سلام اللَّه عليهم و اعلم أنهما مشتركان في ثبوت أصل التحلل بهما في الجملة و يفترقان في عموم التحلل فإن المصدود يحل له بالمحلل كلما حرم الإحرام و المحصر ما عدا النساء و في مكان ذبح هدي التحلل فالمصدود يذبحه أو ينحره

حيث صد و المحصر يبعثه إلى محله بمكة و منى و في إفادة الاشتراط تعجيل التحلل للمحصور دون الآخر لجوازه له بدون الشرط و قد يجتمعان على المكلف بأن يمرض و يصده العدو فيتخير في أخذ حكم ما شاء منهما و أخذ الأخف من أحكامهما لصدق الوصفين الموجب للأخذ بالحكم سواء عرضا دفعة أو متعاقبين وفاقا لجماعة خلافا للشهيد في الدروس فاستقرب ترجيح السابق إذا كان عروض الصد بعد بعث الهدي للحصر و الإحصار بعد ذبح المصدود لما يقصر و لا يخلو عن وجه و مع ذلك فلا ريب أنه أحوط و إذا قد تمهد هذا فإذا تلبس بالإحرام لحج أو عمرة وجب عليه الإكمال إجماعا فتوى و دليلا كتابا و سنة ف إن صد نحر هديه في مكانه و أحل من كل شي ء أحرم منه حتى النساء على الأشهر الأظهر بل لا يكاد يظهر خلاف في شي ء من ذلك إلا من الحلي فلم يوجب الهدي و هو محجوج بما يأتي و من الحلبي فأوجب إنفاذ الهدي كالمحصور و يبقى على إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محله و قريب منه الإسكافي فيما حكي عنه ففصل في البدنة بين إمكان إرسالها فيجب و عدمه فينحرها مكانه و تردهما المعتبرة المستفيضة ففي الموثق المصدود يذبح حيث صد فيرجع صاحبه فيأتي النساء و المحصور يبعث هديه و في الصحيح أن رسول اللَّه ص حيث صده المشركون عام الحديبة نحر بدنة و رجع إلى المدينة و نحوه الخبر إلا أن الهدي فيه قصر و أحل و تحرم ثم انصرف منها و لم يجب عليه الحلق حتى يقضي المناسك فأما المحصور فأما يكون عليه التقصير و في المرسل فأما المحصور

بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله ثم يحل و لا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل هذا إذا كان حجة الإسلام فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه و حل ما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل و إن شاء لا يجب عليه الحج و المصدود بالعدو ينحر هديه الذي ساقه مكانه و يقصر من شعر رأسه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 439

و يحل و ليس عليه اجتناب النساء سواء كان حجته فريضة أو سنة و هل الأمر بذبح الهدي مكان الصد للوجوب هو الأصل فيه أم للرخصة لقوة احتمال وروده مورد توهم وجوب البعث كالحصر وجهان بل قولان فظاهر الخبر الأخير كالخبر المتقدم عليه توقف الإحلال على التقصير كما في القواعد و عن المراسم و في الغنية و عن الكافي إلا أن فيهما الحلق بدل التقصير و اختاره الشهيدان لكن مخيرين بينهما و لا وجه له و لا لما سبقه من اعتبار الحلق لعدم دليل عليه عدا رواية عامية بحلقة يوم الحديبة و الرواية المتقدمة بتقصيره تردده لكن في سنده كالمرسلة ضعف و لا دليل على التقصير بعدهما عدا العلامة قيل من ثبوته أصالة و لم يظهر أن الصد أسقطه فالإحرام يستصحب إليه و فيه نظر المنع ثبوته أصالة هنا و إنما هو في محل قد فات بالصد جزما و الاستصحاب إنما يتوجه في مقام الشك و لا شك هنا بعد إطلاق الأدلة من الكتاب و السنة بجواز الإحلال بالصد من غير اشتراط بالتقصير نعم هو أحوط و إن كان عدم الوجوب لعله أظهر وفاقا لظاهر المتن و الأكثر ثم إن ظاهر إطلاق النص و الفتوى جواز الإحلال بالصد

مطلقا و لو مع رجاء زوال المانع بل قيل و هو ظاهر الأصحاب حيث صرحوا بجوازه مع ظن انكشاف العذر قبل الفوات فإن تم إجماعا و إلا كما هو الظاهر فالأظهر هو اختصاصه بصورة عدم الرجاء قطعا أو ظنا اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن من إطلاق النص و الفتوى و ليس بحكم التبادر و غيره إلا ما ذكرنا دون صورة الرجاء قطعا ثم إن الأمر بالإحلال في النص و الفتوى و إن أفاد الوجوب أصلا إلا أن الظاهر أن المراد به هنا الإباحة و الترخيص دون الوجوب فيجوز له في إحرام الحج و العمرة المتمتع بها البقاء على إحرامه إلى أن يتحقق الفوات فيتحلل بالعمرة كما هو شأن من فاته الحج و عزي أيضا إلى الأصحاب بل زاد بعضهم فقال إنه أفضل من الإحلال فيجب عليه إكمال أفعال العمرة إن تمكن و إلا تحلل بهدي و لو كان إحرامه بعمرة مفردة لم يتحقق الفوات بل يتحلل منها عند تعذر الإكمال و لو أخر التحلل كان جائزا فإن أيس من زوال العذر تحلل بالهدي حينئذ و إنما يتحقق الصد مع عدم التمكن من الوصول إلى مكة بل عن مناسكها و لو قال من مكة تنزل عليه بلا تكلف مع الإيجاز إن كان معتمرا أو الموقفين أو أحدهما مع فوات الآخر إن كان حاجا بحيث لا طريق له غير موضع الصد أو كان له طريق آخر لكن لا نفقة له في سلوكه و لا خلاف في حصول الصد بذلك بل قيل اتفاقا و كذا إذا صد المعتبر عن الطواف أو السعي خاصة لعموم الآية و استصحاب حكم الإحرام إلى الإتيان بما مر على المصدود و أما

حصول الإحلال به فبطريق أولى مع العموم و لا يتحقق بالمنع من العود إلى منى لرمي الجمار و المبيت بها قيل إجماعا كما نقله جماعة من الأصحاب بل يحكم بصحة حجه و يستنيب في الرمي إن أمكن و إلا قضاه في القابل و إن منع من مناسك منى يوم النحر استناب و قد تم نسكه بمنى بلا خلاف فإن تعذر الاستنابة قيل احتمل البقاء على إحرامه مطلقا للأصل و كذا لو كان المنع عن مكة و منى جميعا و لو منع عن مكة خاصة بعد التحلل بمنى يبقى على إحرامه بالنسبة إلى الطيب و النساء و الصيد خاصة و قيل إن لم يمكنه الاستنابة في الرمي و هو مصدود لعموم نصوصه و أولوية تحلله من المصدود عن الكل و في الذبح فهو لا يستطيع الهدي فعليه الصيام بدله إن لم يمكنه إيداع الثمن ممن يذبح بقية ذي الحجة و هذا القول أظهر لقوة دليله مع ما في الأول من لزوم البقاء إلى القابل العسر و الحرج و منه مضافا إلى الأولوية المتقدم إليها الإشارة يظهر الجواب عما قيل على عموم الكتاب و السنة باختصاص إطلاقها بحكم التبادر و غيره بحيث لا يدانيه شبهة بما إذا صد عما يفوت به الحج أو العمرة بالكلية لا بعض أفعالها المتأخرة فإنه على تقدير تسليمه ربما يمنع بأن منطوقهما و إن اختص بذلك إلا أن فحواهما يعمه و غيره حتى ما يمكن فيه الاستنابة إلا أنه خرج اتفاقا فتوى و رواية و من ثمرات الصد و إن كان قضاء الحج من قابل وجوبا أو استحبابا إلا أنه في صورة فواته بالصد و نحوه لا مطلقا فإنه ليس من لوازمه

التي لا

تنفك منه إجماعا و إنما ثمرته اللازمة له جواز الإحلال من الإحرام و وجوب الهدي و نحن نقول بهما هنا لكن على إشكال في الأخير لفقد العموم فيه و عدم مساعدة الفحوى لإيجابه بعد فرض اختصاصه بصورة الصد عن الحج أو العمرة من أصله فإن غاية الأولوية إفادة جواز الإحلال لا وجوبه لاحتمال خصوصية في الصد عن كل الحج في إيجابه لا توجد في الصد على أبعاضه لكن غاية ذلك الشك و أصالة البقاء على الإحرام ربما يحكم بإيجابه عن الأصل لا للفحوى و هو كاف في ذلك و تخلص بما ذكرنا تحقق الصد الموجب للتحلل و الهدي بالمنع عن الحج و العمرة بتمامها أو أبعاضهما و سقوط ما صد عنه بعد التحلل في عامه إلا ما تقبل النيابة فيجب و لا ثمرة للصد فيه إلا إفادة جواز التحلل فيما لا تحلل إلا بفعله أو بالصد و لا يسقط الحج الواجب المستقر في ذمته قبل عام الصد و لا المستمر إليه و إلى العام المقبل مع الصد فيقضيه وجوبا في القابل و يسقط المندوب أي لا يجب كما أوجبه أبو حنيفة و أحمد في رواية للأصل و الإجماع كما هو الظاهر التذكرة و المنتهى و إنما يقضيه ندبا و في بعض الأخبار المتقدمة و الآتية في الحصر دلالة عليه و في وجوب الهدي على المصدود قولان أشبههما الوجوب وفاقا للمشهور بل ظاهر الغنية و المحكي عن المنتهى و غيرهما إجماعنا عليه و هو الحجة مضافا إلى استصحاب إبقاء حكم الإحرام إلى أن يعلم حصول المحلل و خصوص ما مر من النصوص و غيرها كالمرسل المحصور و المضطر يذبحان بدنتهما في المكان الذي يضطران فيه

قصور السند أو ضعفه حيث كان مجبور بالعمل و موافقة الكتاب بناء على أن المراد بالحصر فيه المنع مطلقا و لو بالعدو لموافقته لأهل اللغة كما عرفته و إجماع المفسرين على نزول الآية في حصر الحديبة كما صرح به جماعة كالشافعي و النيشابوري و غيرهما و يظهر أيضا من الغنية و روى تفسيرها بها الشيخ في التبيان و الطبرسي في المجمع عن الأئمة ع فيما حكي عنهما و يشعر بذلك أيضا ذيل الآية و هو قوله سبحانه فَإِذا أَمِنْتُمْ لظهوره في الأمن من العدو دون المرض و العلة و لذا قال بعض العامة باختصاص الآية بالصد دون المرض و إن كان المناقشة فيه أيضا واضحة لأن الورود في قضية خاصة لا ينافي عموم اللفظ إذا ثبت لغة و كذا تخصيص بعض أفراده بحكم غير ما علق عليه أولا لا يفيد تخصيص

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 440

الحكم الأول بذلك الفرد أيضا و القول الثاني للحلي فلم يوجبه لأصل و تخصيص الحصر بما مر و منع عموم الآية للمنع بالعدو و لاختصاصه بالحصر بالمرض و فيه ما مر و لا ينافيه الإجماع فتوى و نصا و آية بتخصيص الحصر بالمرض و الصد بالعدو لاحتمال كونه اصطلاحا خاصا لما بعد النزول و لا بعد فيه بعد وجود الدليل كما قيل و لو سلم فغايته اختصاص الآية بالمرض لكن لا دلالة فيها و لا في الأخبار على نفي الوجوب في الصد و إنما الدليل عليه حتى في كلامه إنما هو أصالة البراءة و هو معارضة بالاستصحاب المتقدم إليه الإشارة و لا حجة لأصالة البراءة في مقابلته إلا بعد وجود عموم أو إطلاق تمكن دفع الشك بهما و لم أر وجودا لهما

هنا كما مضى و بالجملة فأصالة البراءة مخصصة بما دل على لزوم أحكام الإحرام و الأصل بقاؤها في موضع الشك إلى أن يثبت الرافع لها و لو عموما أو إطلاقا نافعا و قد عرفت فقدهما و على المختار ف لا يصح التحلل مطلقا إلا بالهدي لما مر و نية التحلل كما صرح به جماعة من غير خلاف بينهم أجده لأن الذبح يقع على وجوه أحدهما التحلل فلا ينصرف إليه دون غيره إلا بمخصص و هو النية كما هو في كل عبادة مشتركة قيل لا يقال نية التحلل غير معتبرة في غير المصدود فكيف اعتبرت هنا أ ليس إذا رمى أحل من بعض الأشياء و إن لم ينو التحلل لأنا نقول من أتى بأفعال النسك فقد خرج عن العهدة و أتى بما عليه فيحل بإتمام الأفعال و لا يحتاج إلى نية بخلاف المصدود لأنا قد بينا أن الذبح لا يتخصص إلا بنية التحلل فاحتيج إليها دون الرمي الذي لا يكون إلا النسك فلم يحتج إلى قصد انتهى قيل و إن قيل كما أن غير المصدود يخرج عن العهدة بإتمام المناسك فكذا المصدود بإتمام ما عليه قلنا الفرق أن للمصدود أن يبقى على إحرامه و إن ذبح سبعين مرة إذا لم ينو التحلل لا يقال و كذا الرمي يقع على وجوه و بين أنه إذا نوى للغو و نحوه لم يفد التحلل لأنه مسلم و لكن يكفيه ما عليه من الرمي في الحج كسائر المناسك إنما ينوي بها فعل ما عليه منها لوجوبه و أما هدي التحلل فلا يتحلل إلا بنية التحلل و إذا لم ينو كان كاللغو من الرمي و لذا يشترط وقوعها عند الذبح و

لا يكفي وجوب الهدي للسياق عن هذه النية لأن الأصل فيما ساقه الذبح بمنى أو بمكة و هذا الذبح قبل مكانه و زمانه انتهى و هو حسن إلا أن قوله و لا يكفي وجوبه للسياق عن هذه النية محل مناقشة لاحتمال الاكتفاء عنها بقصد القربة و امتثال الأمر إذ لا أمر مشتركا بذبح الهدي المساق في الواقعة بل الأمر به إنما هو للتحلل خاصة و نية التعيين إنما يحتاج إليها في الأوامر المتعددة المشتركة و لا تعدد في الأمر هنا كما عرفته و قوله لأن الأصل فيما ساقه إلى آخره لا يفيد الاحتياج إلى هذه النية كما لا يخفى على من تدبره و هل يسقط الهدي لو شرط في إحرامه حله من حيث حبسه و فيه أي في السقوط قولان مضيا في أواخر بحث أحكام الإحرام و مر أن الأقوى القول بالسقوط وفاقا للمرتضى و الحلي مدعيين الإجماع عليه و أظهرهما عند آخرين أنه لا يسقط و جعلوا فائدة الاشتراط جواز التحلل من غير توقع و تربص لبلوغ الهدي محله و فيه أن هذه الفائدة مختصة بالمحصور و أما المصدود فلا تظهر فيه لما مر من جواز تحلله من غير تربص بناء على جواز ذبح هديه مكان الصد كما هو الأظهر الأشهر و لذا خصها الماتن في بحث الإحرام بالمحصور لما توهم من اختصاص جواز التحلل من أصله به دون المصدود و حينئذ فلا فائدة لهذا الشرط في المصدود و أضعف منه سائر ما قيل في توجيه هذا الشرط غير سقوط الهدي من أراد تفصيل ذلك فعليه بمراجعة ذلك البحث و في إجزاء هدي السياق عن هدي التحلل قولان بل أقوال أشبههما عند الماتن هنا

وفاقا للصدوقين أنه لا يجزي مطلقا سواء وجب الهدي المسوق و لو بالإشعار أو التقليب أم لا و فصل الإسكافي بين الواجب فلا يجزي و غيره فنعم و اختاره جماعة منهم شيخنا الشهيد الثاني فقال و الأقوى عدم التداخل إن كان السياق واجبا و لو بالإشعار أو التقليد لاختلاف الأسباب المقتضية لتعدد المسببات نعم لو لم يتعين ذبحه كفى إلا أن إطلاق هدي السياق عليه مجاز انتهى و

ربما يظهر من قوله إلا أن إطلاق هدي السياق عليه مجاز رجوع قول الإسكافي إلى قول الصدوقين كما صرح به غيره و لم نقف لهما على دليل سوى ما مر و الرضوي فإن قرن الرجل الحج أو العمرة فإن حصر بعث هديا مع هديه و لا يحل حتى يبلغ الهدي محله فإذا بلغ الهدي محله أحل و انصرف إلى منزله و عليه الحج من قابل و لا يقرب النساء حتى يحج من قابل و فيهما نظر أما الأول فلانا لم نقف على دليل يدل على إيجاب الحصر أو الصد هديا مستقلا و إنما المستفاد من الأدلة كتابا و سنة إنما هو ما استيسر من الهدي كما في الأول و هديه كما في الثاني كما عرفت و لا ريب في صدقهما على المسوق مطلقا في محل البحث و لعله لهذا استدل بالأول في المنتهى على ما اختاره من القول الثاني و أما الثاني فلقصوره عن معارضة ما دل على القول الثاني و هو الإجزاء مطلقا كما عليه الأكثر بل المشهور على الظاهر المصرح به في كلام جمع بل ظاهر الغنية الإجماع عليه مطلقا و كذا الحلي إلا من الصدوق كما حكي عنه و هو الأظهر للأصل و إطلاق الكتاب

و السنة على ما مر و الإجماع المحكي و ظاهر الصحيح القارن يحصر و قد قال فاشترط فحلني حيث حبسني قال يبعث بهديه قلت هل يتمتع من قابل قال لا و لكن يدخل في مثل ما خرج و نحوه الخبر و ضعف سنده بسهل سهل و مع ذلك ينجبر بالعمل و الموافقة لما مر فليحمل الرضوي على الاستحباب مضافا إلى قصوره في نفسه و لكن العمل به أحوط سيما مع إمكان التأمل في أكثر أدلة الأكثر بمعارضة الأصل و استصحاب بقاء حكم الإحرام و هو أخص كما مر فليقدم و عدم وضوح نقل الإجماع سيما مع الحلي و قصور دلالة الصحيح و غيره عن التصريح بسقوط هدي التحلل و على تقديره فلعله لما فيهما من الاشتراط أي قوله فحلني من حيث حبسني بناء على أن المختار من أن فائدته سقوطه كما مر و نحوهما في قصور الدلالة ما قيل من الصحيح خرج الحسين ع معتمرا و قد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فيرسم فحلق شعر رأسه و نحرها ثم أقبل فجاء يضرب الباب لعدم وضوح ظهوره في الاكتفاء بما ساقه مضافا إلى ما قيل من احتمال أن لا يكون أحرم فتأمل و في الدروس قول بعدم التداخل إن وجب بنذر أو كفارة أو شبههما يعني لا إن وجب بالإشعار أو التقليد و لعل الفرق لأنه وجب بالإحرام فاتحد السبب و لظهور فتاوى الأصحاب ببعث هديه أو ذبحه فيه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 441

و فيما يجب للصد أو الحصر لا الواجب بنذر أو شبهه و البحث في المعتمر إذا صد عن مكة أو النسك فيها كالبحث في الحاج إذا صد كما مر و اعلم أنه لم يتقدم

في كلامه ما يدل على اختصاص الأحكام المتقدمة بإحرام الحج صريحا حتى يلحق به إحرام العمرة إلا أن مقتضى السياق لعله ذلك و كان الأولى ذكر هذا الحكم عند التعرض لما يتحقق به الصد

[المحصور و هو الذي يمنعه المرض]

و المحصور و هو الذي يمنعه المرض عن مكة أو الموقفين أو نحو ذلك مما مر في الصد كما مر فهو يبعث هديه للتحلل لو لم يكن ساق و لو ساق اقتصر على بعث هدي السياق على المختار من الاكتفاء به عن هدي التحلل و يأتي على القول الآخر عدم جواز الاقتصار عليه كما مر في المصدود و ظاهر الأصحاب عدم الفرق في جواز الاقتصار و عدمه بين الصد و الإحصار و صرح به جمع من الأصحاب إلا أن ظاهر الماتن هنا و الفاضل في القواعد حيث صرحا بجواز الاقتصار هنا بالفرق و الأظهر عدمه في الصد و هو ظاهر الأدلة إن لم نعتبر الأصل الأول و الإطلاقات كتابا و سنة و قلنا بأن اختلاف الأسباب يقتضي تعدد المسببات و ذلك لاختصاص ما دل على جواز الاقتصار على هدي السياق و عدمه من الأخبار بالإحصار دون الصد فيرجع فيه إلى مقتضى الأصل من لزوم تعدد المسببات عند تعدد الأسباب فيتوجه الفرق إلا أن شبهة الإجماع المركب المنقول في عبائر الأصحاب أوجب العدم مطلقا سيما و أن بعض نسخ الكتاب في الصد بدل لا يجزي يجري كما في نسخ الشرائع و احتمال انسحاب ذلك في عبارة القواعد فإنها في الصد هكذا و هل يكفي هدي السياق عن هدي التحلل الأقوى ذلك مع ندبه و الضمير في ندبه كما يحتمل الرجوع إلى هدي السياق و يكون مفادها حينئذ التفصيل بين السياق المندوب فيجزي

و الواجب فلا يجزي و كذا يحتمل رجوعه إلى هدي التحلل و يكون مفادها حينئذ الاكتفاء بهدي السياق عن هدي التحلل مطلقا و لو كان هدي السياق واجبا و يكون استحباب هدي التحلل من باب الاحتياط كما قدمناه خروجا عن شبهة الخلاف فينوي التحلل عند ذبح كل من الهديين و حكي عن الإيضاح نقل هذا الاحتمال عن والده و على هذا فيكون مختار الفاضلين في الكتابين جواز الاقتصار في المقامين فارتفع القائل بالفرق في البين و كيف كان فالظاهر هنا الاكتفاء بهدي السياق و لا يحل حتى يبلغ الهدي محله و هو منى إن كان حاجا و مكة إن كان معتمرا على اختلاف فيه بين الأصحاب بعد اتفاقهم كغيرهم على وجوب الهدي هنا للتحلل و إن اختلفوا فيه في المصدود و ما في المتن من عدم جواز التحلل إلا ببلوغ الهدي محله مطلقا و هو الأظهر الأشهر بين الأصحاب بل ظاهر الغنية الإجماع عليه و ظاهر الآية لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيحين القارن يحصر و قد قال و اشترط فحلني حيث حبسني قال يبعث بهديه و في الموثق عن رجل أحصر في الحج قال فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه و محله أن يبلغ الهدي محله و محله منى يوم النحر إذا كان في الحج و إذا كان بعمرة نحر مكة الخبر خلافا للمحكي عن ظاهر المفيد و الديلمي مفصلا بين الإحرام بالحج الواجب فكالأول و التطوع فيذبح في محل الحصر كالصد و للإسكافي فخير مطلقا بين البعث و الذبح محل الحصر و جعل الأول أولى و للمتمتع فالمحصر و المضطر ينحران بدنتهما في

المكان الذي يضطران فيه و لعل مستندهم الصحيح إن الحسين بن علي ع خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا ع و هو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا و هو مريض فقال يا بني ما تشتكي قال أشتكي رأسي فدعا علي ع ببدنة فنحرها و حاق رأسه و رده إلى المدينة و نحوه آخر مر في بحث إجراء هدي السياق عن هدي التحلل في الصد و ظاهرهما الضرورة و يحتملها عبارة المقنع المتقدمة و يحتملان التطوع كما مر عن ظاهر المفيد و سلار و أن لا يكون الحسين ع أحرم كما مر و إنما نحرها هو و أبوه تطوعا و خصوصا إذا كان قد ساق و يؤيده الصحيح عن رجل أحصر فبعث الهدي قال يواعد أصحابه ميعادا إن كان في الحج فمحل الهدي يوم النحر فإذا كان يوم النحر فليقصر من رأسه و لا يجب عليه الحلق حتى يقضي المناسك و إن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكة و الساعة التي يعدهم فيها فإذا كانت تلك الساعة قصر و أحل و إن كان مرض في الطريق بعد ما يخرج فأراد الرجوع رجع إلى أهله و نحر بدنة و أقام مكانه حتى يبرأ إذا كان في عمرة و إذا بري ء فعليه العمرة واجبة و إن كان عليه الحج رجع و أقام ففاته الحج فإن عليه الحج من قابل فإن الحسين بن علي ع خرج معتمرا إلى آخر ما مر في الصحيح الأول

كذا في الكافي و إن كان في التهذيب مكان بعد ما يخرج بعد ما أحرم و السياق يؤيده الأول و إن ظن عكسه كما قيل و حينئذ فالسقيا هي التي كان النبي

ص يستعذب ماءها فيستقي له منها و اسم أرضها الفلجان بالضم لا السقيا التي يقال يبينها و بين المدينة يومان و للجعفي فيذبح مكانه مطلقا ما لم يكن ساق و هو خلاف ما فعله الحسين ع على ما تشهد به الصحيحة الثانية إن كان أحرم نعم له الصحيح في المحصور و لم يسق الهدي قال ينسك و يرجع إلا أن في بلوغه قوة المعارضة لأدلة الأكثر نظر سيما مع عدم صراحته في الذبح محل الحصر و احتماله الحمل على ما يوافق الأكثر و إن بعد و كيف كان فلا ريب أن ما اختاره أولى و أحوط إن لم نقل بكونه أقوى و أظهر و قال الشهيد و ربما قيل بجواز النحر مكانه إذا أضر به التأخر و هو في موضع المنع الجواز التعجيل مع البعث يعني تعجيل الإحلال قبل بلوغ الهدي محله فإنما فيه مخالفة واحدة لأصل الشرع و هو الحلق قبل البلوغ محله مع ما مر من جواز ذلك في منى بخلاف ما إذا نحره مكانه ففيه مع ذلك مخالفة بأنه لم يبلغ الهدي محله أصلا انتهى و إذا بلغ ميعاد بلوغ الهدي محله فهناك في ذلك الوقت الذي واعد أصحابه للذبح أو النحر في المكان المعين كما مر في الصحيح الأخير و الموثق يقصر كما في الأول و الخبر المتقدم في الصد و يحل من كل شي ء أحرم منه إلا من النساء بالنص و الإجماع على كل من المستثنى منه و المستثنى قيل و من العامة من لا يرى الإحلال إلا بأن يأتي بالأفعال و إن فاته الحج تحلل بالعمرة و منهم من يرى الإحلال من النساء أيضا و في الدروس و لو

أحصر في عمرة التمتع فالظاهر حل النساء له إذ لا طواف لأجل النساء فيها قيل و هو حسن للصحيح عن محرم انكسرت ساقه أي شي ء يكون حاله و أي شي ء عليه قال هو حلال من كل شي ء قلت من النساء و الثياب و الطيب فقال نعم من جميع ما يحرم على المحرم الحديث و فيه نظر إذ ليس فيه تصريح بالعمرة المتمتع بها بل هو مطلق شامل للعمرة المفردة و الحج بأقسامه و لا قائل به حينئذ و إخراج ما عدا العمرة المتمتع بها بالإجماع و إن أمكن جمعا إلا أن الجمع غير منحصر فيه فيحتمل الحمل على

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 442

التقية لكون جواز الإحلال مطلقا حتى من النساء مذهب بعض العامة كما عرفته و يؤيده كون الإمام ع المروي عنه الرواية ممن كانت التقية في زمانه في غاية الشدة أو على ما إذا استنيب و طيف عنه كما ذكره بعض المحدثين و مع ذلك فهو معارض بالصحيح المجمع عليه الوارد في قضية الحسين ع و فيه بعد نقلها فقلت أ رأيت حين بري ء من وجعه حل له النساء قال لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة فقلت فما بال النبي ص حين رجع إلى المدينة حل له النساء و لم يطف بالبيت فقال ليس هذا مثل هذا النبي ص كان مصدودا و الحسين ع كان محصورا و هو كما ترى أيضا مطلق ليس فيه تقييد بما عدا عمرة التمتع فيشملها أيضا كما صرح به جماعة و منهم المحقق الثاني و شيخنا الشهيد الثاني متعرضين به على ما في الدروس بعد نقله و ميلهما إليه أولا فاستدركاه بإطلاقه و هو

في محله و يعضده استصحاب بقاء الإحرام بالإضافة إلى النساء على حالة إلى أن يتحقق المخرج عنه و ليس إلا ما مر و ضعفه قد ظهر و كذا التعليل في الدروس بقوله إذ لا طواف لأجل النساء فيها فإنه إنما يتم لو علق الإحلال منهن على طوافهن و ليس إذ ليس فيما وصل إلينا من الروايات تعرض لذكر طواف النساء و إنما المستفاد من الصحيحة المتقدمة توقف حلهن على الطواف و السعي و هو متناول للحج بأقسامه و العمرتين و نحوه الرضوي لكن فيه لا يقرب النساء حتى يحج من قابل لكن ربما يقال إن سياق الصحيح لعله يشعر باختصاص مورده بغير العمرة المتمتع بها كما لا يخفى فلا إطلاق فيه لها إلا أن هذا غير كاف في إخراجها إذ غايته نفي الإطلاق و حينئذ فينبغي الرجوع فيما لم يشمله إلى مقتضى الأصول و هو هنا البقاء على الإحرام بالإضافة إليهن حتى يثبت المحلل و ليس إلا الطواف لانعقاد الإجماع على الإحلال به منهن دون غيره و بالجملة فالأظهر مساواة العمرة المتمتع مع غيرها في أنه لا يحل بالحصر من النساء حتى يحج في القابل إن كان أي الحج المحصر عنه واجبا مستقرا في ذمته أو يطاف عنه للنساء إن كان ندبا لما مضى لكن الصحيح و الرضوي لا يفيدان هذا التفصيل و إن كان مشهورا حتى عزاه في المنتهى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه بل إطلاقهما يشمل الندب أيضا فلا يتحلل فيه أيضا عن النساء إلا بأن يطوف بالبيت لكن الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة العظيمة بل عدم ظهور مخالف معتد به في المسألة و بأن الحج المندوب و لا يجب العود لاستدراكه و

البقاء على تحريم النساء ضرر عظيم فالاكتفاء في الحل بالاستنابة لعله كاف لا سيما مع ضعف دلالة نحو هذا الحديث لوروده لبيان حكم آخر كما لا يخفى على من تدبره و ظاهر المتن في الواجب إطلاق توقف حلهن على قضائه في القابل و لو مع العجز عنه و عدم كفاية الاستنابة مطلقا كما هو مقتضى الأصل و نحوه الصحيح المتقدم و حكي عن ظاهر النهاية و المبسوط و المهذب و الوسيلة و المراسم و و الإصباح و الفاضلين في جملة من كتبهما لكن لم يحك عنهم التعميم إلى صورة العجز بل في القواعد التصريح بالاكتفاء بالطواف عنه لهن إذا عجز و نسب في الدروس إلى القيل و لعل دليله الحرج لو لزم العمل بإطلاق ما مر من الصحيح فيخص بعموم ما دل على نفيه في الدين و إنما لزم الاستنابة اقتصارا في مخالفة الإطلاق على قدر ما يندفع به الضرورة مضافا إلى عدم قائل بالإحلال مع العجز من غير استنابة هذا و عن الخلاف و الغنية و التحرير و لا يحللن للمحصور حتى يطوف لهن في القابل أو يطاف عنه من غير تفصيل بين الواجب و غيره و عن الجامع إذا استناب المريض لطواف النساء و فعل النائب حلت له النساء و لم يقيد بالقابل قيل و كذا في السرائر أنهن لا يحللن له حتى تحج له في القابل أو يأمر أن يطوف عنه للنساء و هذا أظهر في الاعتبار و الأول أحوط و في الخلاف لا يحللن له حتى يحج أو تحج عنه و يجوز أن يريد أن يطاف عنه انتهى و فيما ذكره من أظهرية ما ذكره من الأقوال للاعتبار محل إشكال بل

غاية الاعتبار ما مر من التفصيل بين الاختيار فقضاؤه المناسك بنفسه من قابل و الاضطرار فجواز الاستنابة لا جوازها على الإطلاق و اعلم أن ما نقل عن الخلاف و من بعده من عدم التفصيل بين

الواجب و غيره يدافع دعوى الإجماع الظاهرة من المنتهى على التفصيل بينهما بما في العبارة مضافا إلى عدم صراحة لفظه فيها فيتوجه حينئذ القول بإطلاق الصحيح و تاليه في الحكم باتحاد الواجب و الندب في عدم جواز الاستنابة و لزوم الطواف و السعي من قابل لكن الظاهر عدم قائل به فإن الأصحاب ما بين مفصل بين الواجب و غيره بما مر و فيه جواز الاستنابة في الندب و مطلق لجوازها فيه و في الفرض كما مر عن الخلاف و غيره و قائل بالتحلل في الندب من غير توقف على شي ء حتى الاستنابة كما عن المفيد و غيره و لهما المرسل في المقنعة المحصور بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله ثم يحل و لا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل هذا إذا كان حجة الإسلام فأما حجة التطوع فينحر هديه و قد أحل مما أحرم عنه فإن شاء حج من قابل و إن شاء لا يجب عليه الحج الخبر فالقول بالندب بمساواته مع الواجب في عدم الإحلال من النساء إلا بأداء المناسك خلاف ما اتفقت عليه الأقوال و المتجه منها بحسب الاحتياط الواجب في نحو المقام بحكم الاستصحاب هو قول المشهور و قول المفيد مع ضعف سنده و احتمال كون محل البحث من المرسل من عبارته نادر كقول الخلاف و من بعده من جواز الاستنابة في الواجب مطلقا فإنه نادر أيضا مع عدم صراحة عبارتهم

في التخيير لاحتمالها التنويع و يكون الشق الأول من فرديه في الواجب دون الثاني لاختصاصه بالندب و لا بعد فيه و مع ذلك فلا مستند له حتى يخرج به عن مقتضى الأصل و إطلاق نحو الصحيح المتقدم المعتضد جميع ذلك بالشهرة و الإجماع المنقول الظاهر من المنتهى كما مضى و لو بان أن هديه لم يذبح سواء بعثه أو بعث عنه لم يبطل تحلله بمعنى عدم ترتب ضرر عليه من كفارة و غيرها بارتكاب ما يلزم المحرم اجتنابه و لكن يبعثه ليذبح له في القابل بلا خلاف في شي ء من ذلك و لا إشكال للصحيح فإن ردوا الدراهم عليه و لم يجدوا هديا ينحرونه و قد أحل لم يكن عليه شي ء و لكن يبعث من قابل و يمسك أيضا و للموثق إن ردوا عليه دراهمه و لم يذبحوا عنه و قد أحل فأتى النساء قال فليعد و ليس عليه شي ء و ليمسك الآن عن النساء إذا بعث و في آخر و إن اختلفوا في الميعاد فلا يضره إن شاء اللَّه و هل يجب أن يمسك عما يجب على المحرم الإمساك عنه إلى يوم الوعد كما هو ظاهر الأمر في الخبرين و المشهور كما في المسالك و الروضة و غيرهما الوجه عند الماتن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 443

لا و الفاضل في المختلف و المقداد في شرح الكتاب و غيرهما من المتأخرين وفاقا للسرائر أنه لا يجب للأصل لأنه ليس بمحرم و لا في الحرم فلا وجه لوجوب الإمساك عنه و إن ورد به الخبران إما لكونهما من الآحاد فلا تقومان حجة عند الحلي لتخصيص الأصل أو لعدم صراحتهما لاحتمالهما الحمل على الاستحباب كما نزلهما عليه من عداه و

الأول لعله أظهر لما مر من الخبرين بناء على المختار من حجية أخبار الآحاد و أولوية تخصيص الأصل من حمل الأمر على الاستحباب لصراحته في الوجوب بالأصالة إلى الأصل هذا على تقدير تسليم جريان الأصل هنا كما هو ظاهر أكثر الأصحاب و إلا فالظاهر أن الأصل بالعكس و ذلك لأن مفاد الآية أنه يشترط في التحلل بلوغ الهدي محله في نفس الأمر فلو تحلل و لم يبلغ كان باطلا و لا يستفاد من الخبرين المتقدمين و غيرهما سوى أنه لو تحلل يوم الوعد و لم يبلغ لم يكن عليه ضرر و الظاهر أن المراد به الإثم و الكفارة و لا ريب فيه لوقوع التحلل بإذن الشرع فلا معنى لأن يتعقبه ضرر و انتفاء الضرر لا يستلزم حصول التحلل في أصل الشرع و لو مع الانكشاف و لعل هذا هو الوجه في الأمر في الخبرين بالإمساك و لازم هذا التحقيق كون هذا الرجل محرما و إن اعتقد لجهله و بالحال كونه محلا و بهذا يتوجه المنع إلى قوله في تصحيح الأصل بأنه ليس بمحرم فإنه في حيز المنع إذ لا دليل عليه لا من نص و لا من إجماع لوقوع الخلاف و تصريح بعض المتأخرين بكونه محرما و أن وقت الإمساك إنما هو حين الانكشاف كما هو مقتضى هذا التحقيق و لم يصرح من القائلين بوجوب الإمساك بخلافه لسكوتهم عن بيان وقت الإمساك و احتمال إرادتهم بهم ما ذكرناه كالأخبار و دعوى جماعة عدم الخلاف في صحة الإحلال أو عدم بطلانه غير ظاهرة في إرادتهم عدم البطلان في نفس الأمر و أنه محل الآن و واقعا لقوة احتمال إرادتهم ما ذكرناه في تفسير المتن و لا

ريب أن عدم البطلان بذلك المعنى مما لا خلاف فيه و لا شبهة تعتريه كما قدمناه لا يقال إن قوله ع في الموثق الأخير و إن اختلفوا في الميعاد فلا يضره بنفي الضرر على العموم من غير تقييد بوجوب الإمساك و لا ريب أن وجوبه ضرر لأنا نقول الظاهر أن المراد أن الحلف لا يوجب ضررا عليه فيما فعله مما تجتنبه المحرم لا أنه لا يجب عليه الإمساك فإن وجوب الإمساك لم يشأ من خلف الوعد و إنما نشأ من الإحرام السابق نعم لما كان في مكمن الخطإ فتبين الخلف تبين البقاء فوجوب الإمساك إنما نشأ منه لا من الخلف إذ لا وجه لتوهم إيجابه بنفسه الإمساك و الضرر من جهته حتى يدفع بنفي الوجوب الذي هو ضرر من جهته و لو سلم عموم الضرر المنفي له نقول إنه مخصص بالأمر السابق و هو أولى من حمله على الاستحباب نعم يمكن أن يقال إن ظاهر الموثق الأول كون وقت الإمساك حين البعث لا حين الانكشاف فلو بعثه بعد حين لم يجب عليه الإمساك قبل البعث و لو بعد الانكشاف و هذا ظاهر في تحقق الإحلال في الواقع و أن الأمر بالإمساك ليس للإحرام السابق و هذا المفهوم معتبر في الأصل مع اعتضاده هنا بالأصل و ظاهر الأكثر و كيف كان فالأظهر وجوب الإمساك و الأحوط وقوعه حين الانكشاف و إن احتمل قويا الاكتفاء به حين البعث و لو أحصر أو صد الحاج أو المعتمر فبعث به أي بهديه ثم زال العارض من المرض أو العدو التحق بأصحابه في العمرة مطلقا و في الحج إذا لم يفت بلا خلاف لزوال العذر و انحصار جهة الإحلال في

الإتيان بالمناسك و للصحيح إذا أحصر بعث بهديه فإذا أفاق و وجد من نفسه خفة فليمض إن ظن أنه يدرك الناس فإن قدم مكة قبل أن ينحر الهدي فليقم على إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك و ينحر هديه و لا شي ء عليه و إن قدم مكة و قد نحر هديه فإن عليه الحج من قابل أو العمرة قلت فإن مات و هو محرم قبل أن ينتهي إلى مكة قال يحج عنه إن كان حجة الإسلام و يعتمر إنما هو شي ء عليه و نحوه غيره في المصدود و حيث التحق فإن كان حاجا و أدرك أحد الموقفين على وجه يجزي صح حجه إجماعا و إن فأتاه معا أو أحدهما مع عدم إجزاء الآخر تحلل بعمرة و يقضي الحج إن كان واجبا و إلا يقضي ندبا بلا خلاف و لا

إشكال إلا في إطلاق وجوب التحلل بعمرة و عمومه لما إذا تبين وقوع الذبح عنه و عدمه فقد احتمل الشهيدان و غيرهما في الأول العدم لحصول التحلل به و مرجع الإشكال إلى تعارض عموم أدلة وجوب التحلل بالعمرة لمن فاته الحج و أدلة حصول التحلل ببلوغ الهدي محله و لكن ظاهر الأصحاب حتى الشهيدين ترجيح الأول و لا ريب أنه أحوط إن لم نقل بأنه أظهر للأصل و عدم وضوح عموم فيما دل على التحلل ببلوغ الهدي محله بحيث يشمل محل الفرض إذ غايته الإطلاق المنصرف بحكم التبادر إلى غيره هذا و ربما يستدل له بالصحيح المتقدم قريبا بناء على أن في بعض النسخ بعد قوله فإن عليه الحج من قابل بدل قوله أو العمرة بأو و العمرة بالواو و أن الظاهر أن المراد بهذه العمرة بالمأمور

بها مع الحج إنما هو عمرة التحلل و فيه نظر مضافا إلى اختلاف النسخ مع عدم دليل على تعين الأخيرة و لعله لذا لم يستدل به الأكثر مع أنه بمرأى منهم و منظر هذا حكم الحاج إذا تحلل فأما المعتمر إذا تحلل ف يقضي عمرته عند زوال المانع من الأمرين مطلقا و لو في الشهر الذي اعتمر فيه أولا فتحلل منها و قيل إنما يقضيها في الشهر الداخل و القائل الشيخ و غيره بل الأكثر كما في عبائر جمع و ظاهر الأصحاب اللذين وصل إلينا كلامهم أن الخلاف هنا كالخلاف في أصل المسألة في الزمان الذي تجب كونه بين العمرتين و فيه نظر لعدم تحقق العمرة لتحلله منها فلا يعتبر في جواز الثانية تحلل الزمان المعتبر بين العمرتين إلا أن يقال باعتبار مضي الزمان بين الإحرامين و لكن لا دليل عليه و لعله إذا أطلق الماتن هنا وجوب قضائها عند زوال المانع مع أنه اشترط في بحث العمرة مضي الشهر بين العمرتين و عكس الحلي فوافق الشيخ هنا و المرتضى ثمة و لذا تعجب منه بعض الأصحاب و هو في محله و منه يظهر ما في البناء بحسب القول أيضا ثم إنما يجب قضاء العمرة مع استقرار وجوبها قبل ذلك كالحج و إلا فيستحب كما هو واضح و اعلم أن مقتضى إطلاق ما مر من الصحاح و غيرها بقضاء الحج الذي يتحلل منه بالهدي قضائه بما شاء حتى لو كان قارنا و تحلل جاز له أن يقضي تمتعا مثلا كما عليه الحلي مطلقا كما في نقل أو على تفصيل المتن كما في آخر و قيل لو أحصر القارن حج في القابل قارنا أيضا وجوبا مطلقا

للصحيحين و غيرهما في القارن إذا أحصر و تحلل هل يتمتع من قابل قال لا و لكن يدخل في مثل ما خرج منه و القائل الشيخ و ابن حمزة بل الأكثر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 444

كما في كلام جماعة بل المشهور كما قيل أخذ بظاهر الأمر فإنه حقيقة في الوجوب و الإطلاق لعدم إشعار في الأخبار بورودها في الواجب و هو خيرة الماتن في الشرائع و لكنه رجع عنه هنا فقال و هو أي اعتبار المماثلة في المقضي و الأمر به في الأخبار محمول على الأفضل و الاستحباب إلا أن يكون القران الذي خرج منه متعينا في حقه بوجه من الوجوه كالنذر و شبهه و تبعه الفاضل في جملة من كتبه و كثير من المتأخرين و لا شبهة و لا إشكال في صورة التعين و لزوم اعتبار المماثلة فيها لتوافق الأصول و النصوص فيها بل و الفتاوى أيضا إذ لم ينقل القول بعدم اعتبار المماثلة و جواز القضاء بما شاء مطلقا إلا من الحلي و هو مع ندرته محمول إطلاق كلامه المحكي على غير المتعين لغاية بعد صدور مثل هذا الإطلاق مع مخالفته للأصول الشرعية من مثله و لعله لذا أنزله كثير على ما في المتن من التفصيل و يشكل الحكم في الصورة الأخرى لمخالفته إطلاق النصوص المتقدمة المعتضدة بالشهرة المحكية في كلام جماعة السليمة عما يصلح للمعارضة سوى الإطلاق المتقدمة إليه الإشارة و لا ريب أن هذه النصوص أظهر دلالة منه فلينزل عليها و لا دليل لصرفها عن ظاهرها بالحمل على الاستحباب أو التقييد بالصورة الأولى عدا ما في المنتهى من أن الحج إذا لم يكن قضاؤه واجبا فعدم وجوب الكيفية أولى و غايته نفي الوجوب

النفسي و هو لا يلزم نفي الوجوب الشرطي التقييدي بمعنى أنه لا يجب عليه القضاء و لكن إن قضى فليقضه مماثلا و هذا الوجوب أقرب إلى الحقيقة من الاستحباب و التقييد السابقين فتأمل و كيف كان فالقول المزبور و إن لم نقل بكونه أظهر فلا ريب أنه أحوط تحصيلا للبراءة اليقينية و خروجا عن الشبهة ثم إن مفروض المتن و أكثر الجماعة بل نصوص المسألة أيضا هو خصوص من حج قارنا دون غيره إلا أن بعض الأصحاب عمم و جعل فرض المسألة بين القوم أعم فإن تم الإجماع على ذلك و إلا فينبغي القطع بالرجوع إلى تفصيل المتن في غير القارن لسلامة الأصول فيه عن المعارض بناء على اختصاص مورد النصوص و الفتاوى الموجبة للتماثل بالقارن و لا موجب للتعدية كما هو الفرض و ذلك واضح بحمد اللَّه سبحانه و اعلم أنه روي في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة استحباب بعث هدي من أي أفق من الآفاق كان و المواعدة مع المبعوث معه لإشعاره و تقليده و اجتناب ما يجتنبه المحرم وقت المواعدة حتى يبلغ الهدي محله و أنه لا يلبي أظهرها دلالة على ذلك الصحيح و إن عليا ع و ابن عباس كانا يبعثان هديهما من المدينة ثم يجتنبان إن بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا أصحابهما بتقليدهما و إشعارهما يوما معلوما ثم يمسكان يومئذ إلى يوم النحر عن كل ما يمسك عنه المحرم و يجتنبان كل ما يجتنب منه المحرم إلا أنه لا يلبي إلا من كان حاجا أو معتمرا و قريب منه آخر عن الرجل يرسل بالهدي تطوعا قال يواعد أصحابه يوما يقلدون فيه فإذا كان تلك الساعة من ذلك

اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه فإن رسول اللَّه ص حيث صده المشركون يوم الحديبية نحر بدنة و راجع إلى المدينة لكنه كباقي الأخبار يحتمل الاختصاص بالمصدود و المحصور لمكان التعليل فيه و إن بعد بالإضافة إلى قوله في الصدر تطوعا لقبوله التنزيل على ما يوافق التعليل و يلائمه من الاختصاص بالمصدود و لا كلام في الحكم فيه و لا في المحصور لكن ظاهر متأخري الأصحاب الاتفاق على عمومها للمسألة بل اختصاصها بها حيث استدلوا بها للحكم فيها مدعين اشتهارها بين الأصحاب رادين بذلك على الحلي حيث أنكر الحكم في المسألة بعد أن نقله عن الشيخ في النهاية قائلا بأنها أخبار آحاد لا يلتفت إليها و لا يعرج عليها و هذه أمور شرعية يحتاج مثبتها و مدعيها إلى أدلة شرعية و لا دلالة من كتاب و لا سنة مقطوع بها و لا إجماع فأصحابنا لا يوردون هذا في كتبهم و لا يودعونه في تصانيفهم و إنما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتابه النهاية إيرادا لا اعتقادا لأن الكتاب المذكور كتاب خبر لا كتاب بحث و نظر كثيرا ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها و الأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعية و أول من رده الفاضل في المختلف فقال بعد نقل هذه الأخبار و هذه الأخبار ظاهرة و مشهورة صحيحة السند عمل بها أكثر العلماء فكيف يجعل ذلك شاذا من غير دليل و هل هذا إلا جهل

منه بمواقع الأدلة و مدارك أحكام الشرع و تبعه في ذلك جماعة من المتأخرين معربين عن الأكثر بأنهم الكليني و الصدوق و القاضي و الشيخ في المبسوط و هو حسن إلا أن تعداد

الكليني و الصدوق منهم مبني على ظهور الأخبار عدا الصحيح الأول عندهما في محل البحث و هو محل نظر و لم يرد بالصحيح الأول الذي هو ظاهر فيه و روايتهما للأخبار غير معلوم فهمهما منها ما يتعلق بالبحث فلعلهما فهما منها ما يختص ببحث الصد و الحصر كما مر و وافقنا على التأمل في دلالة ما عدا الأول على الحكم في محل البحث بعض فضلاء المتأخرين فقال بعد نقل القول بكون الاجتناب عما يجتنبه المحرم على الوجوب كما هو ظاهر الشيخ و القاضي للأمر به في الخبر المتقدم مع التصريح بتحريمه عليه كما يحرم على المحرم في الصحيح الآخر و قريب منه في السند ما لفظه و ربما ينازع فيه لعدم وضوح العموم في الروايتين بالنسبة إلى التطوع انتهى و هو حسن إلا أنه يكفي في الوجوب تضمن الصحيح الأول الذي هو نص في محل البحث اجتناب علي ع ما يجتنبه المحرم و هو و إن لم يفد بنفسه الوجوب بالنسبة إلينا بناء على عدم وجوب التأسي من أصله إلا أن بعد انضمام الأصل من توقيفية العبادة و لزوم الاقتصار فيها على ما ورد به الشريعة يقتضي ذلك لأن المعهود و المأثور في الصحيحية من فعل علي ع هذه العبادة إنما هو على الكيفية المزبورة المتضمنة لاجتنابه فيها ما يجتنبه المحرم بالكلية لكن مفاد هذا التحقيق الوجوب الشرطي بمعنى أن هذه العبادة لا تؤدى إلا بالكيفية المزبورة لا الشرعي الذي يترتب عليه الكفارة و من هنا يظهر وجه النظر فيما يحكى عن ظاهر الشيخ و القاضي في لزوم الكفارة لو فعل ما يحرم على المحرم و تبعهما الفاضلان هنا و في الشرائع و القواعد لكن

قالا يكفر لو أتى بما يكفر له المحرم استحبابا و لا بأس بقولهما لا لما قيل من الصحيح إن أبا المراد بعث بدنة و أمر الذي بعثهما معه أن يقلد و يشعر في يوم ذا و كذا فقلت له إنه لا ينبغي لك أن تلبس الثياب فبعثني إلى أبي عبد اللَّه ع و هو بالجبرة فقلت له إن أبا المراد فعل كذا و كذا أو إنه لا يستطيع أن يدع الثياب لمكان أبي جعفر ع

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 445

فقال مرة فليلبس الثياب و لينحر بقرة يوم النحر عن لبسه الثياب فإن غاية ما يستفاد منه على تقدير وروده في محل البحث أن من ليس ثيابه للتقية كفر ببقرة و هو مختص باللبس و متضمن للتكفير فيه ببقرة و لا يقولون به كما صرح به جماعة و مع ذلك فحمله على الاستحباب لا وجه له بل للتسامح في أدلة السنن و الخروج عن شبهة خلاف من أوجبها ثم إن مورد العبادة و أكثر الفتاوى و أخبار المسألة إنما هو استحباب بعث الهدي لا ثمنه خلافا لشيخنا الشهيد الثاني فسوى بينهما في ذلك للمرسل ما يمنع أحدكم أن يحج كل سنة فقيل له لا يبلغ ذلك أموالنا فقال أ ما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية و يأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت و يذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه و هيأ للمسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس و فيه نظر إذ الظاهر أن ما تضمنه صورة أخرى غير مفروض العبارة و النصوص و الفتاوى لعدم تضمنه ما تضمنته من المواعدة لإشعار الهدي و لا اجتناب ما يجتنبه المحرم و

الظاهر أن المراد بالثياب التي أمر فيه بلبسها يوم عرفة إنما هو ثياب الزينة كما ورد به في الخروج ليوم العيد و الجمعة و تقييده بذلك فرع اتحاد الموضوع و هو مختلف ففيها الهدي و في هذا الثمن و أحدهما غير الآخر و لذا أفرد الحكم جماعة ممن تأخر عنه و أفتوا به زيادة على الأول و لا بأس به و إن ضعف السند لما مر من جواز التسامح في أدلة السنن مضافا إلى موافقته العمومات كما صرح به جمع و لذا أفتوا به من غير توقف فيه من جهة السند مع أن ديدنهم المناقشة في الحكم المخالف للأصل إذا لم يصح السند

[الثاني في الصيد]
اشارة

الثاني في بيان الصيد المحرم على المحرم و المحلل له و جملة ما يتعلق به من أحكام الكفارات و هو على ما عرفه الماتن هنا وفاقا للمحكي عن المبسوط و غيرهما بل قيل إنه مذهب الأكثر الحيوان المحلل الممتنع و اعترض عليه أولا بأن التقييد بالمحلل يفيد عدم تحريم المحرم عليه و هو خلاف ما ذكره من تحريم نحو الثعلب و الأرنب و الضب مما يأتي بلا خلاف ما قال غيره فإن الحلبي حرم قتل جميع الحيوان ما لم يكن حية أو عقربا أو فأرة أو غرابا و لم يذكر له فداء و ثانيا أن إطلاق الممتنع يشمل الممتنع بالعرض فيحرم النعم و الخيل المتوحشة و ليس كذلك إجماعا فكان ينبغي تقييده بالأصالة لئلا يلزم ذلك و لا يخرج منه ما استأنس من الحيوان البري كالظبي مع تحريم قتله إجماعا و هو حسن إلا أنه يمكن الجواب عن الأول بأن حرمة المعدودات لا ينافي تقييد الصيد بالمحلل إلا على فرض أخذ تحريمها

من عموم أدلة الصيد و ليس بواضح لاحتمال أخذه من الأدلة المخصوصة بها كما يأتي إن لم نقل بأنه الظاهر نعم يتوجه عليه أن الصيد لغة بل و عرفا حقيقة في الأعم من المحلل و المحرم فلا وجه لتقييده بالأول فإطلاقه عن القيد كما في الشرائع و جملة من كتب الفاضل أسد إلا أن يوجه التقييد بأن الإطلاق يقتضي دخول نحو الذئب و التمر و الفهد من الحيوانات الممتنعة بالأصالة مع أن قتلها غير محرم اتفاقا كما عن المبسوط و التذكرة أو يقال إن المتبادر من قوله تعالى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً حرمة أكله و لا اختصاص لحرمة المحرم منه بالمحرم و كذا قوله فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ بأن المحرمات ليست كذلك مع أصل الحل و البراءة و في الوجهين نظر أما الأول فلأن خروج تلك الأفراد المعدودة من المحرم بالإجماع المنقول المتقدم غايته خروجها خاصة لا كل ما ليس بمحلل و لا التجوز بلفظ الصيد في خصوص المحلل فإن التخصيص خير من المجاز و لا موجب لإخراج ما ليس لإخراجه دليل من نص أو إجماع لاختصاصهما فيما وصل إلينا بما مر من تلك الأفراد هذا مع أن الإجماع المنقول عن المبسوط فيما وصل إلينا من عبارته إنما هو على نفي الكفارة و الجزاء في تلك الأفراد لا انتفاء التحريم و أحدهما غير الآخر و لا دليل على التلازم بينهما كما لا تلازم بين لزوم الكفارة بقتل حيوان و كون وجهه كونه صيدا و منه يظهر ما في تعريف بعضهم الصيد هنا بما في المتن و زيادة قوله و من المحرم الثعلب و الأرنب و الضب و اليربوع و القنفذ

و القمل و الزنبور و القطاة فإن حرمة قتل هذه المحرمات عليه لم يبين كونه من عموم أدلة حرمة الصيد و لا موجب لتوهم ذلك غير لزوم الكفارة على قتلها و قد عرفت أنه أعم من جهة الصيد و أما الثاني فلمنع التبادر أولا و إلا لاختصت الآية بإثبات تحريم أكل الصيد لا قتله و هو بعيد جدا بل مخالف لفهم الكل قطعا و ثانيا بأن غاية ذلك اختصاص تلك الآية بالمحلل و هو لا يوجب تقييد إطلاق الآية الأخرى لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ و ما ضاهاها من إطلاق الأخبار و غيرها و بالجملة فترك التقييد بالمحلل وفاقا لمن مر أسد و يؤيده الخبر في تفسير الآية الأخيرة عند قوله وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ قال إن رجلا انطلق و هو محرم فأخذ ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه و جعل الثعلب يصيح و يحدث من استه و جعل أصحابه ينهونه عما يصنع ثم أرسله بعد ذلك فبينما الرجل نائم إذ جاءته حية فدخلت في فيه و لم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ثم خلت و هو كالنص في عموم الآية للثعلب و لا قائل بالفرق و أما قول الحلبي فلا دخل له بأحد التعريفين كإخباره إن أبقي على ظاهره من تحريم مطلق الحيوان بل هو قول شاذ مخالف للنص و الإجماع كما صرح به جماعة من الأصحاب و إن قيد بإرادته الحيوان البري كالأخبار رجع إلى ما قلناه من عموم الصيد للمحرم فيؤيده مع أنه حكي عن الراوندي أنه مذهبنا معربا عن دعوى الإجماع هنا و الإنصاف أن ظاهر سياق الآية الأخيرة يفيد التلازم بين حرمة قتل الصيد و

لزوم الكفارة و أنه مسبب عنها و كذلك ظاهر الأخبار الكثيرة المعتبرة كالصحيح لا تستحلن شيئا من الصيد و أنت حرام و لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده و لا تشر إليه فيستحل من أجلك فإن

فيه الفداء لمن تعمده و الصحيح المحرم لا يدل على الصيد فإن دل فعليه الفداء و هذا التلازم لا يتم إلا على تقدير تخصيص الصيد بالمحلل منه فإنه الذي وقع الإجماع نصا و فتوى على التلازم فيه كليا دون غيره فلم يثبت فيه التلازم كذلك بل صرح الشيخ في المبسوط بأنه لا خلاف يعني بين العلماء في عدم وجوب الجزاء في مثل الحية و العقرب و الفأرة و الغراب و الحداءة و الذئب و الكلب و أنه لا تجب الجزاء عندنا في الجوارح من الطير كالبازي و الصقر و الشاهين و العقاب و نحو ذلك و السباع من البهائم كالأسد و النمر و الفهد و غير ذلك و قال في مثل المتولد بين ما يجب الجزاء فيه و ما لا يجب فيه ذلك كالسبع و هو المتولد بين الضبع و الذئب و المتولد بين الحمار الأهلي و حمار الوحش يجب الجزاء فيه عند من خالفنا و لا نص لأصحابنا فيه و الأولى أن نقول لا جزاء فيه لأنه لا دليل عليه و الأصل براءة الذمة انتهى فلو كان صيد

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 446

هذه الأنواع المحرمة محرما للزوم فيه الفداء بمقتضى ما مر من التلازم الظاهر من الآية و الأخبار و التالي باطل لما عرفت من الإجماع فتعين أن المراد بالصيد المحرم عليه إنما هو المحلل منه دون المحرم و إلا للزم إما الفداء فيه مطلقا و هو خلاف الإجماع

كما مضى أو رفع اليد عن التلازم بين الأمرين الظاهر من الآية و الأخبار كما قدمنا و لا سبيل إليه أيضا فإن تخصيص الصيد فيهما بالمحلل أولى من رفع اليد عن التلازم المستفاد منهما سيما و أن التخصيص و لو في الجملة لو عمم الصيد للمحرم لازم أيضا قطعا كما ذكره الماتن من التعريف هنا أقوى و لا يحتاج إلى إدخال نحو الثعلب و الأرنب في الصيد و لا إلى استثنائهما من القصر المستفاد من التعريف و إن وقع في الدروس لابتنائهما على كون تحريم قتلهما لكونهما صيدا و فيه ما مضى بقي الكلام في الخبر الذي مر في تفسير الآية و تضمنه الثعلب و إشعار عبارة الراوندي بدعوى الإجماع على عموم الصيد للمحرم و يمكن الجواب عنهما فالأول بضعف السند و الثاني بالوهن بمعارضته بدعوى كون التخصيص مذهب الأكثر و بعد التعارض يبقى دعوى العموم في الصيد للمحرم بعد ما قدمناه بلا مستند فإذن التخصيص بالمحلل هو المعتمد و إذا تمهد ذلك فاعلم أنه لا يحرم صيد البحر بالكتاب و السنة المستفيضة و الإجماع و هو ما يبيض و يفرخ بضم حرف المضارعة و كسر العين أوضح الفاء و تشديد الراء في الماء معا بالإجماع و الصحاح منها السمك لا بأس بأكله طرية و مالحة و يتزودوا قال اللَّه تعالى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ قال فليختر الذين يأكلون و قال فصل ما بينهما كل طير يكون في الآجام يبيض في البحر و يفرخ في البر فهو من صيد البر و ما كان من الطير يكون في البحر و يفرخ في البحر فهو من صيد البحر و في حكم

البيض و الإفراخ التوالد ثم الاعتبار بذلك إنما يفتقر إليه فيما يعيش في البر و البحر معا و إلا فما يعيش في الأول منه البتة كما في الصحيح من علي ع على قوم يأكلون جرادا فقال سبحان اللَّه و أنتم محرمون فقالوا إنما هو من صيد البحر فقال ارموه في الماء إذن و ما لا يعيش فيه من الثاني البتة و المراد بالبحر ما يعم النهر بلا خلاف كما عن التبيان فقال لأن العرب يسمي النهر بحرا و منه قوله تعالى ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ و الأغلب في البحر هو الذي يكون ماؤه مالحا لكن إذا أطلق دخل فيه الأنهار بلا خلاف و لا الدجاج الحبشي و يسمى السندي و الغرغر بإجماعنا الظاهر المصرح به في عبائر جماعة للصحاح المستفيضة منها أنه ليس من الصيد إنما الطير ما طار بين الأرض و السماء وصف و في بعضها لأنها لا تستقل بالطيران قيل و حرمه الشافعي لأنه وحشي يمتنع بالطيران و إن كان يألف البيوت و هو الدجاج البري قريب من الأهلي في الشكل و اللون يسكن في الغالب سواحل البحر و هو كثير ببلاد العرب يأوي مواضع الطرفاء و يبيض فيها و يخرج فراخه كيسه كايسة يلقط الحب من ساحتها كفراخ الأهلي و قال الأزهري كانت بنو إسرائيل من أهل تهامة من أعلى الناس على اللَّه تعالى فقالوا قولا لم يقله أحد فعاقبهم اللَّه تعالى بعقوبة ترونها الآن بأعينكم جعل رجالهم القردة و برهم الذرة و كلابهم الأسود و رمانهم الحنظل و عنبهم الأراك و جردهم السرود و دجاجهم الغرغر و هو دجاج الحبش لا ينتفع بلحمه لرائحته و قال في التهذيب لاغتذائه

بالعذرة و لا بأس بقتل الحية بأقسامها و العقرب و الفأرة إذا خاف منها على نفسه و كذا كل ما يخاف منه عليها إجماعا فتوى و نصا مستفيضا ففي الصحيح كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع و الحيات و غيرها فليقتله و إن لم يردك فلا ترده و نحوه غيره بقتل المحرم كل ما خشيه على نفسه و في آخر كل شي ء أرادك فاقتله و كذا إذا لم يخف منها على الأظهر الأشهر فتوى بل عن المبسوط اتفاق الأمة و عن الغنية إجماع الطائفة للأصل بناء على اختصاص الصيد المحرم عليه بالمحلل كما هو المختار و إطلاق نحو الصحيح يقتل في الحرم و الإحرام الأفعى و الأسود و الغدو و كل حية و العقرب و الفأرة و هو الفويسقة و يرجم الغراب و الحداءة رجما و أظهر منه الخبر عن المحرم و ما يقتل من الدواب فقال يقتل الأسود و الأفعى

و الفأرة و العقرب و كل حية و إن أرادك السبع فاقتله و إن لم يردك فلا تقتله و الكلب العقور إذا أرادك فاقتله و لا بأس للمحرم أن يرمي الحداءة و إن عرض له النصوص امتنع منه و قريب منه آخر و ضعف سندهما منجبر بعمل الأكثر و هما كالنص في الإطلاق و إلا لما خص فيهما المنع عن القتل مع عدم الإرادة بالسبع و نحوه و يطلق فيما عداه خلافا للمحكي عن السرائر فلم يجوز قتلها حينئذ و لعله للصحيح الأول حيث جعل فيه الحيات كالسابع في المنع عن قتلها إذا لم يرده و نحوه الصحيح الآخر اتق قتل الدواب كلها إلا الأفعى و العقرب فأما الفأرة فإنها توهي السقاء و

تصرم على أهل البيت فأما العقرب فإن رسول اللَّه ص مد يده إلى الحجر فلسعته فقال لعنك اللَّه لا برأ تدعينه و لا فاجرا و الحية إن أرادتك فاقتلها و إن لم تردك فلا تردها و الأسود الغدو فاقتله على كل حال و ارم الغراب و الحداءة رميا على ظهر بعيرك و فيه نظر لعدم مقاومتهما لما تقدم من وجوه شتى فليطرحا أو يؤولا بإرجاع الضمير في قوله في الصحيح الأول فإن لم يردك فلا ترده إلى خصوص السباع دون الحيات أو يحمل النهي على مطلق المرجوحية الشاملة للكراهة و كذلك الصحيحة الأخيرة و هذا الحمل فيها أقرب من تقييد إطلاق قتل هذه الأفراد في صدرها بما إذا إرادته لما مر إلى أنها صريحة في جواز قتل الغدو الأسود على كل حال و حيث إنه لم يقل بهذا التفصيل في الحيات أحد يلزم إما إطراحها رأسا و ليس بجائز مع إمكان الحمل على الصحيح و أقرب المجازات فتعين حمل النهي فيما عدا الأسود الغدو على الكراهة و لا ريب فيها فتوى و نصا فهذا الصحيح أقوى دليلا على الجواز و لو مع الكراهة كما قلنا و يستفاد منه و من الصحيح السابق جواز رمي الغراب بأقسامه و الحداءة مطلقا في الحرم و غيره مع الإحرام و لا معه و عن ظهر البعير و غيره كما هو مقتضى إطلاق الصحيح السابق و العبارة هنا و في الشرائع و عن النهاية و الجامع و لكن الصحيح الأخير مختص بالرمي عن ظهر البعير كما عن المقنع فإن أراد تخصيص الجواز به فلا وجه له لإطلاق الصحيح السابق و عدم إفادة غيره التخصيص ليجمع بينهما به و إلا فلا

بأس به ثم إن مقتضى الروايتين عدم جواز قتلهما إلا أن يقضي الرمي إليه خلافا للمحكي عن المبسوط فجوزه مطلقا و هو ضعيف و جواز رمي الغراب مطلقا خلافا للمحقق الثاني فقيده بالمحرم منه الذي هو من الفواسق الخمس دون المحلل لأنه محرم لا يعد من الفواسق و لا بأس به

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 447

إن لم نقل بحرمته مطلقا لإطلاق ما دل على حرمة الصيد من الكتاب و السنة المتواترة الشامل لما حل من الغراب و تقييده بما عدا الغراب بهذين الصحيحين و إن أمكن لكنه ليس بأولى من تقييد إطلاقهما بما عدا المحلل و ذلك فإن التعارض بينهما و بين نحو الكتاب تعارض العموم و الخصوص من وجه لأن نحو الكتاب و إن كان عاما للغراب المحلل و غيره إلا أنه خاص بالإضافة إلى تحريم الصيد المحلل بناء على فرض اختصاصه بالمحلل كما هو المختار كما تقدم و الروايتان و إن كانتا خاصتين بالغراب لكنه فيهما أعم من المحلل منه و المحرم فكما يمكن تقييد إطلاق الصيد بما عدا الغراب مطلقا حتى المحلل كذا يمكن تقييد الغراب في الصحيحين بالمحرم منه و الترجيح لهذا القطعية الكتاب و نحوه مضافا إلى إشعار التعليلين في الصحيحة الأخيرة لإباحة القتل و في غيرها بالتقييد أيضا فتدبر و الجمع السابق فرع عدم القول بتحريم الغراب مطلقا و لكنه كما سيأتي خلاف التحقيق و أن الأصح تحريمه مطلقا و عليه فالأظهر إباحة رمي الغراب مطلقا لعدم التعارض بين الأدلة السابقة لأن النسبة بينهما التباين الكلي فلا موجب لتقييد أحدهما بالآخر هذا مضافا إلى إمكان التأمل في دعوى كون التعارض بين الكتاب و الصحيحين من تعارض العموم و الخصوص من وجه

بل النسبة بينهما إما التباين الكلي أو العموم و الخصوص مطلقا الأول في الكتاب و الثاني فيهما فتدبر و تأمل و لا كفارة واجبة في قتل شي ء من السباع عدا الأسد مطلقا بلا خلاف و كذا فيه إذا أراده و عن المنتهى و الشيخ عليه الإجماع و فيما إذا لم يرده خلاف و الأصح لعدم وفاقا للأكثر على الظاهر المصرح به في كلام بعض من تأخر للأصل مضافا إلى الإجماع المنقول عن صريح الخلاف و ظاهر المبسوط و التذكرة السليمة جميع ذلك عما يصلح للمعارضة حتى الكتاب و السنة المتواترة الدالة على حرمة قتل الصيد و إيجابه الكفارة بناء على المختار من اختصاصه بالمحلل فلا يشمل محل الفرض و لا معارض له آخر غير ما أشار إليه بقوله و روي في قتل الأسد كبش إذا لم يرده و هذه الرواية مع شهادته عليها بأنه فيها ضعف لم نقف عليها في شي ء من كتب الأخبار و لا نقله ناقل في شي ء مما وقفت عليه من كتب الاستدلال نعم روى الكليني و الشيخ عن أبي سعيد المكاري قال قلت لأبي عبد اللَّه ع رجل قتل أسدا في الحرم فقال ع عليه كبش يذبحه و هو مع اختصاصه بالقتل بالحرم فيه ضعف أيضا سندا بما ترى فليطرح أو يحمل على الاستحباب و مع ذلك فهو مطلقا لا تقييد فيه بعدم الإرادة و لا موجب لتقييده بها عدا ما مر من الصحاح المفصلة بين صورة الإرادة فجوز القتل و عدمها فنهى لكنه مع عدم اختصاصه بالأسد و عمومه لباقي السباع و لا قائل بحكمه فيها مطلقا مورده إباحة القتل و النهي و لا ملازمة بينه و بين الكفارة هنا

سيما خصوص نوع هذه الكفارة فالقول بمضمونه كما عن والد الصدوق و ابن حمزة لا وجه له سيما و قد تعدوا عن مورده الذي هو القتل في الحرم إلى مسألتنا هنا فتأمل جدا نعم في الرضوي و لا بأس للمحرم أن يقتل الحية و العقرب و الفأرة و لا بأس برمي الحداءة و إن كان الصيد أسدا ذبحت كبشا و لا ريب أنه أحوط بقي الكلام في حرمة قتله و لا ريب فيها على القول بلزوم الكفارة و يشكل فيها على القول بالعدم من الأصل بناء على المختار من اختصاص من الصيد المحرم في الكتاب و السنة بالمحلل و من ورود النهي عن قتله إذا لم يرده فيما مر من الصحيح و غيره لكنه فيهما يعم الأسد و غيره و لم أعثر بقائله مضافا إلى ورود مثله في الحية و قد عرفت أنه محمول على الكراهة فالقول بها أيضا هنا لا يخلو عن قوة سيما و أن ظاهر جماعة التلازم هنا بين نفي الكفارة و ثبوت إباحة القتل و بالعكس كالفاضل في المنتهى و المختلف و غيره و أما العبارة فمساقها يحتمل القول بالإباحة و بالحرمة و كأنه في الأخير أظهر دلالة كما لا يخفى على من تدبره و تحتمل ثالثا و هو التوقف بينهما و لا ريب أنه بحسب العمل بل الفتوى لعموم الصحيح السابق الناهي عن قتل الدواب إلا ما مضى أحوط و أولى و لا كفارة واجبة أيضا في قتل الزنبور واحدا أو متعددا و لو كثيرا إذا كان خطاء على الأقوى وفاقا للماتن و جماعة للأصل مع اختصاص الصيد

المتساوي و عمده و خطاؤه في لزوم الكفارة بالمحلل كما مر و لعله

لهذا تعرض الماتن لنفي الكفارة هنا تنبيها على أن لزومها في العمد ليس لكونه صيدا خلافا لعبائر كثير من القدماء فأطلقوا التكفير في قتله بحيث يشمل الخطأ و لعله بناء على كونه صيدا و يضعفه مضافا إلى ما مضى خصوص الصحاح فيها هنا عن محرم قتل زنبورا قال إن كان خطأ فليس عليه شي ء قلت فالعمد قال يطعم شيئا من طعام و يستفاد منها أن في قتله عمدا شي ء من طعام كما أفتى به الماتن هنا و جماعة و أطلق الشي ء في النهاية و بدل في الشرائع بصدقة و لو بكف من طعام و في القواعد بكف من طعام و شبهه و عن السرائر و التلخيص بتمرة و اكتفى بكف من طعام في المحكي عن المقنع و الفقيه و الغنية و في الكافي و الجامع للرضوي و في مقاومته لما سبق ضعف فالأصح ما في المتن مع خلو ما عدا الأخير من المستند إلا ما ربما يقال من أن القول بتمر لكونه من الطعام و أنه ليس جرادا و فيهما ضعف سيما في مقابلة النصوص و مورده كالمتن الزنبور الواحد فالمتعدد و الكثير خال عن النص فيجب الرجوع فيهما إلى الأصل فيحتمل إلحاقهما بالواحد في كفارته إن لم يثبت بالأصل الزيادة عليها و هنا أقوال أخر منها لزوم صاع في المتعدد كما عن الحلبي و شاة في الكثير منه كما عنه و عن الغنية و المهذب و التلخيص أو ما مد من طعام أو تمر أو شبهه كما عن المقنع و جمل العلم و العمل و التحرير و نحوه عن المراسم إلا في مد من طعام فلم يذكر فيه و لا مستند لشي ء من هذه

الأقوال إلا ما ربما يقال من أن إيجاب الشاة لكثيرة للحمل على الجراد و إيجاب المد أو الصاع لضم فداء بعضه إلى بعض و فيهما كما ترى ضعف ثم إن ظاهر وجوب التكفير تحريم تعمد القتل خلافا للمبسوط فصرح بالجواز و أنه يكفر بعد القتل بما استطاع و لعله للأصل و كونه من المؤذيات مضافا إلى الخبرين في أحدهما يقتل المحرم الزنبور و النسر و الأسود و الغدو و الذئب و ما خاف أن يعدو عليه و في الثاني المروي عن قرب الإسناد للحميري يقتل المحرم ما عدا عليه من سبع أو غيره و يقتل الزنبور و العقرب و النسر و الذئب و الأسد و ما خاف أن يعدو عليه من السباع و الكلب العقور و لا ينافي الجواز وجوب الكفارة كما في وجوبها في قتل الصيد خطأ و هو حسن إن منع ظهور لزوم الكفارة في الحرمة و هو مشكل

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 448

و التحلف في بعض الأفراد لا ينافي الظهور و حيث ثبت يمكن دفع الأصل بما مر من التكفير الظاهر في المنع كما مر و عن الخبرين بضعف السند مع احتمال تنزيلهما على جواز القتل في صورة الخوف منه و إرادته له و لا ريب في الجواز كما مر مضافا إلى خصوص الصحيح هنا و فيه بعد نحو ما مر في الصحاح من الأمر بالتكفير بشي ء من الطعام في صورة العمد قلت إنه أرادني قال كل شي ء أرادك فاقتله و بهما يقيد إطلاق المتن و نحوه ما مر من النص بصورة عدم الإرادة و انتفاء الخوف منه و يجوز شراء القماري جمع قمرية بالضم ضرب من الحمام و القمرة بالضم لون إلى الخضرة

أو الحمرة فيه كدرة و الدباسي من الدبس بالضم جمع أدبس من الطير الذي لونه بين السواد و الحمرة و منه الدبسي لطائر أركن يفرفر كما عن المحقق و إخراجها من مكة شرفها اللَّه سبحانه على كراهية لا ذبحها أو أكلها اتفاقا في الحكم الأخير فتوى و دليلا كتابا و سنة من غير معارض وفاقا للنهاية و المبسوط في الأولين للصحيح عن شراء القماري يخرج من مكة و المدينة قال ما أحب أن يخرج منها شي ء و هو مع اختصاصه بالقماري غير صريح في الجواز بل ظاهر جماعة كالشيخ في التهذيب و غيره دلالته على التحريم و لعله لدوران الأمر فيه بين إبقاء لفظ لا أحب على ظاهره من الكراهة و تخصيص الشي ء المنفي في سياق النفي بخصوص القماري أو الدباسي أيضا و بين إبقاء العموم بحاله و صرف لا أحب عن ظاهره إلى التحريم أو الأعم منه و من الكراهة و الأول خلاف التحقيق و إن كان التخصيص أولى من المجاز بناء على اختصاص الأولوية بالتخصيص المقبول و هو ما بقي من العام بعده أكثر أفراده و ليس هنا كذلك و اختيار الثاني لازم هذا إن سلم ظهور لا أحب في الكراهة فهو أعم منها و من الحرمة لغة لكن مقتضى هذا عدم دلالته على التحريم أيضا و التحقيق أن هذه الرواية مجملة لا تصلح أن تتخذ لشي ء من القولين حجة و حينئذ فالأصل في المسألة عدم الجواز العمومات حرمة الصيد كتابا و سنة كما عليه جماعة تبعها للحلي و لكن مورد عبارته المنع عن الإخراج عن الحرم خاصة و مورد النص الإخراج من مكة و أحدهما غير الآخر فلا تنافي كذا قيل و

فيه نظر المنع اختصاص النص بمكة فإن مورد السؤال الذي ينطبق عليه الجواب هو الإخراج منها و من المدينة بمقتضى الواو المفيدة للجمعية في الحكم الذي هو هنا الإخراج و الإخراج منهما معا يستلزم الإخراج من الحرم ثم لو سلم نقول إنه جوز فيه الإخراج عن مكة من غير تقييد بما إذا لم يخرج عن الحرم بعد عموم السؤال له و إطباق الجواب عليه بقاعدة ترك الاستفصال فالرواية و إن لم تكن ناصة بالجواز في الحرم لكنها ظاهرة فيه أيضا فيتحقق التعارض و التنافي كما فهمه سائر الأصحاب حيث ذكر من الحلي موافقا للشيخ هنا و خالفوه أو وافقوه و هو الأقوى و إنما يحرم على المحرم صيد البر دون البحر كما مر و ينقسم باعتبار لزوم الكفارة و بدلها إلى قسمين

[الأول ما لكفارته بدل على الخصوص]
اشارة

الأول ما لكفارته بدل على الخصوص و هو على ما ذكروه خمسة

[الأول النعامة و في قتلها بدنة]

الأول النعامة و في قتلها بدنة بالتحريك كما هو المشهور و في صريح التذكرة و المنتهى و ظاهر الغنية الإجماع و هو الحجة مضافا إلى الصحاح المستفيضة و في النعامة بدنة خلافا للنهاية و المبسوط و السرائر فجزور للخبر و في سنده اشتراك فإذن الأول أظهر مع أنه قيل لا مخالفة بينه و بين الأدلة و لا بين القولين كما يظهر من المختلف وفاقا للتذكرة و المنتهى و غيرهما إذ لا فرق بين الجزور و البدنة غير أن البدنة ما تحرر الهدي و الجزور أعم و هو يعمان الذكر و الأنثى كما في العين و النهاية الأثيرية و تهذيب الأسماء للغروي و في التحرير و المغرب في البدنة و خصت في الصحاح و الديوان و المحيط و شمس العلوم بالناقة و البقرة لكن عبارة العين كذا البدنة ناقة أو بقرة الذكر و الأنثى فيه سواء يهدي إلى مكة فهو مع تفسيره بالناقة و البقرة نص على التعميم للذكور و الأنثى فقد يكون أولئك لا يخصونها بالأنثى و إنما اقتصروا على الناقة و البقرة تمثيلا و إنما أرادوا تعميمها للجنسين ردا على من يخصها بالإبل و هو الوجه عندنا و يدل عليه قوله تعالى فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها قال الزمخشري و هي الإبل خاصة و لأن رسول اللَّه ص ألحق البقرة بالإبل حين قال البدنة عن سبعة و البقرة عن سبعة فجعل البقرة في حكم الإبل صارت البدنة في الشريعة متناولة للجنسين عند أبي حنيفة و أصحابه و إلا فالبدن هي الإبل و عليه تدل الآية انتهى أقول و جملة ما ذكر حسن إلا أن

ما ادعاه من ظهور الاتحاد و عدم المخالفة بين الروايات و القولين من المختلف محل نظر بل الذي وقفنا عليه من عبارته يفيد العكس و يدل على ما ادعاه من كون التخصيص بالإبل هو الوجه عندنا مضافا إلى ما ذكره في مقابلة البقر للبدنة في أخبارنا ففي الصحيح في قول اللَّه عز و جل فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قال في النعامة بدنة و في الحمار الوحش بقرة و في الظبي شاة و في البقر بقرة هذا و يؤيد له عموم البدنة للذكر و الأنثى كما ذكره في المصباح المنير من أنه قالوا و إذا أطلقت البدنة في الفروع فالمراد البعير الذكر كان أو الأنثى و ربما أشعرت هذه العبارة بأن هذا الإطلاق ليس من جهة الوضع اللغوي و إنما هو اصطلاح المتشرعة لكن في المجمع البحرين بعد ذكر البدنة و إنما سميت بذلك لعظم بدنها و سمنها و تقع على الجمل و الناقة عند جمهور أهل اللغة و بعض الفقهاء أقول و يعضده ما تقدم و كيف كان فلا ريب أن اختيار الأنثى مع الإمكان أحوط و أولى و إن كان إجزاء الذكر أيضا أقوى ثم لما كانت البدنة اسما لما تهدى اعتبر في مفهومها السن المعتبر في الهدي و مقتضى إطلاق النصوص و الفتاوى إجزاء البدنة مطلقا سواء وافقت النعامة و ما ثلثه في الصغر و الكبر و غيرهما أم لا خلافا للمنقول عن التذكرة فإنه اعتبر المماثلة بين الصيد و فدائه ففي الصغير إبل في ستة و في الكبير كذلك و في الذكر ذكر و في الأنثى أنثى و لم نقف على دليله سوى إطلاق الآية باعتبار المماثلة و لا ريب

أنه أحوط و إن كان في تعينه نظر فإن لم يجد البدنة و عجز عنها فض ثمن البدنة بعد تقويمها قيمة عادلة على البر كما في عبائر جمع أو الطعام المطلق كما في عبائر آخرين و النصوص و هو الأظهر و إن كان الأول أحوط أخذا بالمتيقن و أطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدين على الأشهر كما في كلام جمع و الصحيح أو مد كما في كلام آخرين و كثير من النصوص و فيها الصحيح و غيره و هو أظهر حملا للظاهر على النص و عليه يحمل أيضا ما أطلق فيه الإطعام من الفتاوى و النصوص و إن كان الصحيح فيه و غيره حمل المطلق على المقيد و لا يلزمه إنفاق ما زاد عن قيمتها من ستين مسكينا بل له الزائد و لا ما يزاد عن قيمتها إن نقصت عن الوفاء بالستين بلا خلاف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 449

إلا ممن أطلق إطعام ستين تبعا لإطلاق ما مر من النصوص و فيه أنه يجب تقييده بنحو الصحيح عليه بدنة فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا و إن كان قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا فإن كان قيمة البدنة أقل من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة و عن الخلاف الإجماع على نفي وجوب الزائد و من الحلبيين فأطلقا أن من لم يجد البدنة تصدق بقيمتها للصحيح عدل الهدي ما بلغ يتصدق بقيمته و يجوز تنزيله على الأول كما في كلام جمع و أما الموثق فيمن عليه بدنة واجبة في فداء إذا لم يجد بدنة فسبع شياه فشاذ لم أر قائلا به و به صرح بعض الأصحاب فإن لم

يجد ثمنها ليست طعم صام عن كل مدين أو مد يوما على الأظهر الأشهر بل في صريح الغنية و ظاهر التبيان و كنز العرفان و غيرهما الإجماع عليه للصحيحين و غيرهما فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما كما في أحدهما و في الثاني فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما خلافا للعماني و الصدوق و ثمانية عشر يوما مطلقا للصحاح و غيرها فإن لم يقدر على أن يتصدق فليصم ثمانية عشر يوما و هو حسن لو لا الأخبار الأولة المصرحة بصوم الستين بعد العجز عن الصدقة المعتضدة زيادة على الشهرة بالإجماعات المنقولة و الاحتياط اللازم في الشريعة بناء على أن الجمع بين الأخبار يمكن بأحد وجهين من حمل الأخبار السابقة على الفضيلة و الأخيرة على الإجزاء و تقييد هذه بما إذا عجز عن صوم الستين و السابقة على ما إذا قدر عليه و بعد تعارض الحملين و تساويهما يجب الأخذ بما يحصل به البراءة اليقينية للإجماع على ثبوت اشتغال الذمة بشي ء من الصوم في الجملة بعد العجز عن الصدقة هذا على تقدير القول بتساوي الحملين و إلا فالظاهر رجحان الثاني لأنه من قبيل التقييد و الأول من قبيل المجاز و إذا تعارضا فالأول أولى بالترجيح على الأشهر الأقوى سيما مع اعتضاده هنا بالشهرة و غيرها و من هنا يتضح المستند لقوله فإن عجز صام ثمانية عشر يوما و محصله الجمع بين النصوص مضافا إلى أن في صريح الغنية و ظاهر الكنز الإجماع و اعلم أنه لو انكسر البر عن القدر الذي يجب دفعه إلى كل مسكين دفع ذلك إليه و صام عن الناقص يوما بلا خلاف

يعلم كما في التذكرة و المنتهى مشعرين بدعوى الإجماع و هو الحجة إن تم لا ما قيل من أن صيام اليوم لا يتبعض و السقوط غير ممكن بشغل الذمة فيجب كمال اليوم فإنه مع ما فيه من النظر بدفعه أن مقتضى النصوص أن صيام اليوم إنما يجب بدلا عن نصف الصاع و هو غير متحقق هنا و لا يصام عن الزائد على الشهرين لو كان للأصل و النص فإذا زادت الأمداد على الشهرين فليس عليه أكثر منه و في الغنية الإجماع و لا الناقص عنهما إن نقص البدل وفاقا لظاهر الأكثر و صريح جمع للأصل و ظاهر الأخبار خلافا لآخرين فيصوم الستين مطلقا و هو أحوط و أولى و إن كان الأول أقوى و لو عجز عن الستين فهل يجب الثمانية عشر و يكفي مطلقا أم يشترط العجز عن الزائد عنها و إلا فيجب الزائد أيضا وجهان و لعل الأول أقوى و إن كان الثاني أحوط و أولى و لو عجز بعد صيام الشهر عن الشهر الآخر فأقوى الاحتمالات السقوط و إن كان الأحوط وجوب ما قدر و لو زائدا عن التسعة و بين الاحتمالين صومها خاصة و جعله في القواعد أقواها

[الثاني في بقرة الوحش بقرة أهلية]

الثاني في بقرة الوحش بقرة أهلية بلا خلاف فتوى و رواية و هي صحاح مستفيضة معتضدة بعد ظهور الكتاب بأخبار أخر معتبرة فإن لم يجد ها فض ثمنها على الطعام و أطعم ثلاثين مسكينا كل مسكين مدين كما في الصحاح و إن اختلفت كالفتاوى في التقدير بمد كما في الصحيح أو مدين كما في الصحيحين و الأول أقرب و يحمل الثاني على الفضل كما مر و إن كانت قيمة البقرة أقل من ذلك

اقتصر على قيمتها كما يستفاد من الصحيح و كذا لو زادت عنه لم يجب عليه الزيادة كما يستفاد من غيره من الصحاح و لا خلاف في شي ء من ذلك أجده إلا فيما عرفته فإن لم يجد صام عن كل مسكين يوما للصحيحين و غيرهما الآمرة بالصيام عن كل مسكين يوما بعد العجز عن الصدقة ففي أحدهما و المرسل كالموثق عن قول اللَّه تعالى أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً قال عدل الهدي ما بلغ يتصدق به فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما و في الثاني فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما فإن عجز عن الصيام كذلك صام تسعة أيام للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة لكن فيها الأمر بذلك بعد العجز عن الصدقة كما عليه جماعة و لكنها محمولة على ما ذكرناه من التفصيل وفاقا للأكثر و في الغنية الإجماع جمعا بين الأدلة و إن أمكن الجمع بينهما بحمل الأخبار الأولة على الفضيلة و لكن ما اخترناه من الجمع أولى لما عرفته في النعامة و يأتي في هذه المسألة ما قد عرفته ثمة من الفروعات المناسبة و كذا الحكم في حمار الوحش فيلزم فيه البقرة و مع العجز عنها فإطعام ثلاثين مسكينا و مع العجز عنه فالصوم كذلك و مع العجز عنه فصومه تسعة أيام على الأظهر الأشهر بل في الغنية الإجماع للنصوص المستفيضة و فيها الصحيح و غيره خلافا للمقنع فبدنة للصحاح و للإسكافي فخير بينهما و وافقه جماعة من متأخري المتأخرين جمعا و فيه أنه فرع التكافؤ و ليس لرجحان الأولة بكثرة العدد و الاعتضاد بالشهرة و حكاية الإجماع المتقدمة مضافا إلى ضعف دلالة الأخيرة

باحتمال البدنة فيها الحمل على البقرة لما عرفته من عموم البدنة للبقرة عند جماعة من اللغويين و الحنفية كذا قيل و فيه مناقشة

[الثالث الظبي و فيه شاة]

الثالث الظبي و فيه شاة بالكتاب و السنة و الإجماع فإن لم يجد ها فض ثمن الشاة على البر بل مطلق الطعام و أطعم عشرة مساكين لكل مسكين مدين على الأشهر و مدا على الأظهر و لو قصرت قيمتها عن إطعامهم اقتصر عليها و لو زادت عنه لم يجب عليه الزائد فإن لم يجد صام عن كل مسكين يوما و إن عجز صام ثلاثة أيام كل ذلك لعين ما مر من الأدلة فإن الكلام في هذه المسألة كالكلام فيما تقدمها فتوى و دليلا و خلافا و الإبدال في الأقسام الثلاثة على التخيير عند جماعة و منهم الحلي عازيا له كغيره إلى الشيخ في الجمل و العقود و الخلاف و تبعهما كثير من متأخري الأصحاب و منهم الفاضل المقداد الظاهر أو في الآية المفيدة للتخيير بناء على وصفها له لغة كما صرح به هو و غيره مبالغا في ظهورها فيه حتى ادعى أنها نص فيه فقال في الجواب عن جواب المرتضى عنها بأنه يجوز العدول عن ظاهر القرآن للدلالة كما عدلنا في قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ عن مدلول الواو

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 450

و هو الجمعية إلى التخيير ما صورته و فيه نظر لأنا نمنع أنه عدول عن الظاهر بل عدول عن النص و هو غير جائز لأن لفظ أو لا يحتمل أمرين أحدهما أظهر و هو التخيير بل هو نص في التخيير كما قال علماء العربية ثم قال سلمنا لكن نمنع وجود الدلالة الموجبة للعدول

عن الظاهر لجواز أن يراد بالترتيب في الرواية الأفضلية لا الوجوب و التخيير في الآية لا ينافي أفضلية الترتيب و فيما ذكره من الجواب نظر أما الثاني فلأن جواز إرادته الأفضلية من الترتيب الوارد في الروايات لا ينافي ظهورها فيه نعم هو محتمل خلاف الظاهر و أما الأول فلأن وضعها للتخيير لا يستلزم نصيته إلا بعد ثبوت صحة ما ذكره من عدم احتمالها أمرين أحدهما أظهر و هو التخيير و لو لم يثبت بل الثابت خلافه لظهور شيوع استعمالها فيما عدا التخيير من التنويع و لذا أن عامة متأخري الأصحاب بل كافتهم عداه لم يدعو لسوى ظهورها في التخيير لا صراحتها فيه بل زاد بعض متأخريهم فادعى إجمالها و عدم ظهورها فيه و إنما استدل على هذا القول بالأصل فقال للأصل مع احتمال أو للتخيير أو التقسيم ثم قال و ضعفه ظاهر و أضعف منه ما يقال إن ظاهر أو للتخيير أقول و فيه أيضا نظر بل الحق فيها هو الظهور المطلق كما هو ظاهر من عداهما من الأصحاب و عليه فيشكل الجمع بين ظاهر الآية و هو التخيير و الأخبار الكثيرة القريبة من التواتر و هو الترتيب و لأجلها قيل في المسألة بأنها على الترتيب و القائل الأكثر و منهم السيدان مدعيا ثانيهما في ظاهر الغنية الإجماع و الشيخان عازيا ثانيهما له في المبسوط إلى الأصحاب مؤذنا بدعوى الإجماع عليه كما قيل و هو إن لم نقل بكونه أظهر فلا ريب في كونه أحوط خروجا عن شبهة الخلاف فتوى و دليلا كتابا و سنة فإن الجمع بينهما و إن أمكن بحمل الروايات على الأفضلية إلا أنه ليس بأولى من حمل أو في الآية على

ما عدا التخيير و التكافؤ من جميع الوجوه حاصل فيدور الأمر بين التجوز في ظاهر الكتاب و التجوز في ظاهر الروايات كل محتمل و ترجيح الثاني بالصحيح كل شي ء في القرآن أو فصاحبه بالخيار يختار ما يشاء و كل شي ء في القرآن فمن لم يجد فعليه كذا فالأول بالخيار ليس بأولى من ترجيح الأول بظاهر دعوى الإجماع المتقدم في كلام ابن زهرة و شيخ الطائفة سيما مع اعترافه بكون التخيير ظاهر الآية و حيث دار الأمر بين مجازين لا مرجح لأحدهما على الآخر صار المكلف به من قبيل المجمل فيجب الأخذ فيه بالمتيقن و إن احتمل على بعد التخيير ثم ظاهر العبارة و ما ضاهاها من عبائر الجماعة ثبوت التخيير على القول به في جميع الإبدال الثلاثة خلافا لشيخنا الشهيد الثاني و سبطه فقالا موضع الخلاف من الثلاثة الثلاثة الأول أعني الفرد من النعم و فض ثمنه على المساكين و صيام قدرهم أياما و أما الصوم الأخير في الثلاثة و هو الثمانية عشر و التسعة و الثلاثة فلا خلاف في أنها مرتبة على المتقدم و في الثعلب و الأرنب شاة بلا خلاف كما استفاض نقله في عبائر جماعة من الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع كما في ظاهر الغنية فيهما و عن التذكرة في الأرنب و كذا عن المنتهى للصحاح في الأول و بعض المعتبرة المنجبرة بفتوى الجماعة و حكايات الإجماع المتقدمة في الثاني و فيه عن رجل قتل ثعلبا قال عليه دما قال فأرنبا قال مثل ما في الثعلب و يؤيده ما قيل من أن الشاة مثله من النعم و هو أولى بذلك من الأرنب قيل فإن عجز عن الشاة استغفر اللَّه تعالى و لا بدل

لها وفاقا للمحقق و الصدوقين و ابن الجنيد و أبي عقيل للأصل من غير معارض و فيه نظر لوجود المعارض و هو الصحاح المتقدمة المتضمنة بعضها لقوله ع إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاءه من النعم دراهم فإن الجزاء متناول للجميع و أخر منها قوله و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد صام ثلاثة أيام فإنه متناول أيضا للجميع و نحوهما قوله ع في آخر منها عدل الهدي ما بلغ يتصدق به فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل إطعام مسكين مدا و لذا قيل إن البدل فيهما كالظبي و القائل به الأكثر كالشيخين و السيدين و الحلي و غيرهم و في ظاهر الغنية الإجماع و هنا قول آخر ذهب إليه شيخنا في المسالك و الروضة و غيره

و هو العمل بإطلاق الصحيح الثاني قال و الفرق بينه و بين إلحاقها بالظبي يعني القول الثاني يظهر فيما لو نقصت قيمة الشاة عن إطعام عشرة مساكين فعلى الإلحاق تقتصر على القيمة و على الرواية يجب إطعام العشرة و اعترضه سبطه بأنه يتوجه عليه بأن الصحيح الأول المتضمن للاقتصار على التصدق بقيمة الجزاء متناول للجميع فلا وجه لتسليم الحكم في الظبي و منعه فيهما مع أن اللازم مما ذكره زيادة فداء الثعلب عن فداء الظبي و هو بعيد جدا انتهى و هو حسن

[الرابع في بيض النعام إذا تحرك الفرخ لكل بيضة بكرة]

الرابع في كسر بيض النعام إذا تحرك الفرخ فيها و كان حيا فتلف بالكسر لكل بيضة بكرة من الإبل و المعروف في اللغة أنها أنثى البكر و هو الفتى و كأنهم أرادوا الواحدة كما عن الحلبي

و في الشرائع و غيره و المستند الصحيح إن في كتاب علي ع في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل و حمل عليه إطلاق البعير في الصحيح الآخر عن رجل كسر بيض نعام و في البيض فراخ قد تحرك فقال لكل فرخ تحرك بعير ينحره في المنحر كما قيد إطلاق البيض في الأول بالمتحرك فيه الفرخ لهذا الصحيح مضافا إلى الإجماع عليه كما في صريح المختلف و المدارك و ظاهر الغنية و بهما يقيد إطلاق ما سيأتي من الأخبار بالإرسال و إن أفتى بظاهرها جماعة من القدماء كالإسكافي و الصدوق في بعض كتبه و المفيد و المرتضى و الديلمي جمعا مع ضعف إطلاقها بظهور سياق جملة منها في المجهول حالة و هو الفرد المتبادر و الغالب الذي ينصرف إليه إطلاق البواقي و عبارات هؤلاء القدماء و يؤيده ما مر من تعدد نقلة الإجماع على التقييد نعم عن الصدوقين التصريح بالإرسال إذا تحرك و أنه إذا لم يتحرك فعن كل بيضة شاة قيل و كأنهما استندا إلى الجمع بين أخبار الإرسال و بعض الأخبار بأن في بيض النعامة شاة و فيه أنه فرع الشاهد عليه و ليس مضافا إلى ما مر من انصراف الإطلاق إلى صورة الجهل دون العلم نعم في بعض الأخبار و الرضوي و إذا وطئ بيض نعام ففدغها و هو محرم و فيها فراخ تتحرك فعليه أن يرسل فحولة من البدن على الإناث بقدر عدد البيض فألقح و سلم حتى ينتج فهو هدي لبيت اللَّه الحرام و إن لم ينتج شيئا فليس عليه شي ء لكنهما غير مكافئين لما مضى سندا و عملا و

اشتهارا فالعمل به أولى مضافا إلى أن ظاهر هذين الخبرين الفرق بين الكسر بالوطء فما مر و الإصابة و الأكل فشاة كما في صدرهما و هو معارض للأخبار

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 451

بل و الفتاوى جملة إلا من الصدوق في المقنع فأفتى بمضمونهما و أما أبوه فصرح بالتسوية بينهما كظاهر سائر الأصحاب فهو شاذ و ما في المتن هو المشهور و المختار و إن لم يتحرك قطعا أو احتمالا أرسل فحولة الإبل في الإناث بعدد البيض فما ينتج كان هديا لبيت اللَّه الحرام بلا خلاف إلا من مر و هو مع ضعف مستنده كما عرفت نادر بل على خلافه الإجماع في صريح الغنية و ظاهر المدارك و هو الحجة مضافا إلى المعتبرة المستفيضة و فيها الصحاح و غيرها منها من أصاب بيض نعام فهو مجرم فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل فإنه ربما فسد كله و ربما خلي كله و ربما صلح بعضه و فسد بعضه فما نتجت الإبل فهديا بالغ الكعبة و نحوه في ظهور السياق في المجهول الخبران أحدهما المرسل و منها في رجل وطئ بيض نعام ففدغها و هو محرم قال قضى فيه علي ع أن يرسل الفحل على عدد البيض من الإبل فما لقح و سلم حتى ينتج كان الناتج هديا بالغ الكعبة و نحوه في الإطلاق آخر فظاهر إطلاقها كفاية الفحل الواحد و عدم اعتبار تعدده كما صرح به جماعة معربين عن عدم خلاف فيه و إن أوهمته ظاهر العبارة فظاهرها اعتبار تعدد الأنثى و أنه لا يكفي مجرد الإرسال بل يشترط مشاهدة كل واحدة منها قد طرفت بالفحل ثم قد عرفت أن ظاهرها جهالة البيض فلو علم

بأن فرخها ميت لم يلزمه شي ء للأصل السالم عن المعارض و كذا لو كانت فاسدة أو كسرها فخرج منها فرخ فعاش فصرح بذلك أجمع جمع و ليس فيها و لا في كلام أكثر الأصحاب تعيين مصرف هذا الهدي و قيل إنه مساكين الحرم كما في مطلق جزاء الصيد و قيل بالتخيير بين صرفه في مصالح الكعبة و معونة الحاج كغيره من أموال الكعبة و الاحتياط لا يترك فإن عجز فعن كل بيضة شاة فإن عجز فإطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام وفاقا للأكثر للخبر المنجبر بالعمل فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة فإن لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام و في الصحيح من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام و عكس الصدوق في المقنع و الفقيه كما قيل فجعل على من لم يجد شاة صيام ثلاثة أيام فإن لم يقدر أطعم عشرة مساكين و للخبرين و فيها ضعف عن المقاومة لما مر سندا و اشتهارا حتى أن في صريح المدارك الاتفاق عليه ثم إن صريح الخبر أن لكل مسكين مدا و هو نص التحرير و التذكرة و المنتهى و المختلف و الدروس و غيرهم و هو الأقوى و للأصل خلافا للمحكي عن القاضي فأطلق أن من وجب عليه شاة فلم يقدر عليها أطعم عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع و مستنده غير واضح و حكى الحلي عن المقنعة أن على من عجز عن الإرسال أطعم عن كل بيض ستين مسكينا فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يقدر صام ثمانية عشرة يوما و

قد صرح الفاضل في المختلف و غيره بأنهم لم يجدوه في نسخها و لا حكاه الشيخ في التهذيب

[الخامس في بيض القطاة]

الخامس في بيض القطاة و القبج إذا تحرك الفرخ فيه من صغار الغنم كما هنا و في الشرائع و عن الجامع لكن بزيادة الدراج كما في القواعد قيل و بمعناه ما في الخلاف من أن في بيض القطاة بكارة من الغنم و ذلك للمماثلة المنصوصة في الآية و ما مر من الصحيح و إن اختص ببيض القطاة لتشابه الثلاثة و ما يأتي من أن فيها أنفسها حملا ففي بيضها أولى و عن المهذب و الإصباح أن في بيضة الحجل شاة و في رواية ضعيفة بالإضمار و غيره أن في البيضة من القطاة مخاض من الغنم أي ما من شأنه أن يكون حاملا كما عن الحلي ففيها عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه قال يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم و عمل بها في النهاية و المبسوط و الوسيلة في بيض القبج و القطاة قيل و يوافقها التذكرة و المنتهى و التحرير و المختلف و الدروس و الفوائد و قال الماتن في النكت إنه شي ء انفرد به الشيخ لهذه الرواية و تأويلها بما تحرك فيه الفرخ قال و في التأويل ضعف لأنه بعيدان يكون في القطاة حمل و في الفرخ عند تحركه مخاض فيجب إطراحه لوجوه أحدها أن الخبر مرسل لأنا لا ندري المسئول من هو و ثانيها أنه ذكر في البيضة و لعله لا يريد بيض القطاة بل بيضة النعام لأن الكلام مطلق ثم يعارضه رواية سليمان بن خالد أيضا

عن أبي عبد اللَّه ع و ذكر ما أشرنا إليه من الصحيحة أقول التعارض بينهما تعارض العموم و الخصوص المطلق إن قلنا بشمول البكار من الغنم للصغير منه و إلا كما في الذخيرة فلا تعارض بينهما و على التقدير الأول يجب حمل العام على الخاص و المطلق على المقيد لكن لما ضعف الخاص سندا و مخالفة لما مر من القياس بالطريق الأولى تعين طرحه أو حمله على الاستحباب جمعا و إن لم يتحرك أرسل فحولة الغنم أو فحلا منها في إناث ها بعدد ما كسر من البيض فما نتج كان هديا للبيت بلا خلاف في هذا الإرسال على الظاهر المصرح به في عبائر للمستفيضة و فيها الصحاح منها عن محرم وطئ بيض قطاة فشدخه قال يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الإبل و لكنه كغيره خلت عن كون الهدي لبيت اللَّه و قد ذكره الشيخ و غيره و عن التقييد بعدم التحرك بل هي مطلقة له و لغيره و لذا أطلق الإرسال جماعة من قدماء الأصحاب كالمفيد و الديلمي و الحلبيين و لكن التفصيل جامع بينهما و بين ما مر مضافا إلى عموم التشبيه ببيض النعام في الصحيح في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام من الإبل و قريب منه الصحيح المتقدم و غيره قيل و قيده علي بن بابويه بتحرك الفرخ و أوجب القيمة إن لم يتحرك للرضوي و هو كمستنده مع قصوره شاذ و لو عجز عن الإرسال كان فيه ما في بيض النعام كما هنا و في الشرائع و عن النهاية و المبسوط و ظاهر العبارة كما صرح به الحلي

في السرائر و الماتن في النكت كما حكي أنه يجب عن كل بيضة شاة ثم إطعام عشرة مساكين ثم صيام ثلاثة أيام قال الحلي و لا يمتنع ذلك إذا قام الدليل عليه و ظاهره الفتوى به كما هو نص المفيد كما حكاه عنه جماعة منهم الماتن فيما حكي فإنه قال إن وجوب الشاة عن كل بيضة إذا تعذر الإرسال شي ء ذكره المفيد و تابعه عليه الشيخ و لم أنقل به رواية على الصورة بل رواية سليمان بن خالد في كتاب علي ع في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام و هذا فيه احتمال أقول و كذا المرسل يصنع و في الغنم كما يصنع في بيض النعام في الإبل و لكنه فيه أبعد و عن المنتهى عندي في ذلك تردد فإن الشاة تجب مع تحرك الفرخ لا غير بل و لا يجب الشاة كاملة بل صغيرة على ما بيناه فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم التحرك و إمكان

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 452

فساده و عدم خروج الفرخ منه قال و الأقرب أن مقصود الشيخ مساواته لبيض النعام في وجوب الصدقة على عشرة مساكين و الصيام ثلاثة أيام إذا لم يتمكن من الإطعام و نحوه التحرير و التذكرة و المختلف و فيه القطع بأنه لا يجوز المصير إلى ما ذكره الحلي قال و كيف يتوهم إيجاب الأقوى و هو الشاة التي لا تجب مع المكنة حالة العجز فإن ذلك غير معقول ثم لما كان ظاهر كلام الحلي أن الأخبار وردت به رده بأنها لم ترد بما قاله نعم روى سليمان بن خالد و ذكر ما في النكت قال و لكن إيجاب الكفارة كما تجب في النعام لا

يقتضي المساواة في القدر أقول و على منهاجه سلك المتأخرون و مرجعه إلى الاستبعاد و منع دلالة رواية سليمان و لا حجة في الأول بعد قيام الدليل الظاهر سيما مع ضعفه في نفسه بمنع كون الشاة أقوى و أشق من الإرسال بل هي أسهل على أكثر الناس لتوقفه على تحصيل الإناث و الذكور و تحرى زمن الحمل و مراجعتها إلى حين النتاج و صرفه إلى الكعبة و هذه أمور تعسر على الحاج غالبا أضعاف الشاة كما نبه عليه شيخنا في الروضة فمنع تفسير المتأخرين من هذه الجهة لكن وافقهم في المذهب قال لا لذلك بل لأن الشاة تجب أن تكون مجزية هنا بطريق أولى لأنها أعلى قيمة و أكثر منفعة من النتاج فيكون كبعض أفراد الواجب و الإرسال أقله و متى تعذر الواجب انتقل إلى بدله و هو هنا الأمران الأخيران يعني الإطعام ثم الصيام من حيث البدل العام لا الخاص لقصوره عن الدلالة لأن بدليتهما عن الشاة يقتضي بدليتهما عما هو دونها قيمة بطريق أولى و فيه أنه مبني على جواز الشاة مع التمكن عن الإرسال و فيه منع مع مخالفته في الظاهر الإجماع فتوى و نصا و مع ذلك فبدلية الأخيرين عن الإرسال بالبدل العام يتوقف على العجز عن أفراد الواجب كلها حتى الشاة كما فرضه و الفرض خلافه و هو التمكن منها و حينئذ فلا يتبدل الأخيران عن الإرسال أيضا و لو بالبدل العام و بالجملة المفروض بدليتهما عن الإرسال مع التمكن من الشاة و ما ذكره على فرض تماميته إنما تفيد بدليتهما عنه مع العجز عنها و هو غير محل النزاع ثم ما ذكره من قصور دلالة الخاص يعني رواية سليمان

تبعا للمتأخرين إن أراد به القصور عن الصراحة فمسلم لكن الظهور كاف و إن أراد به القصور عنه أيضا فممنوع و لذا اعترف بالظهور في صدر عبارته التي لم ننقله هنا فقال بعد نقل نحو عبارة الماتن من اللمعة كذا أطلق الشيخ تبعا لظاهر الرواية و تبعه الجماعة و ظاهره أن في كل بيضة شاة فإن عجز أطعم عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام ثم استشكل باستبعاد المتأخرين و فيه ما عرفته من ضعفه في نفسه مضافا إلى ما قاله مضافا إلى ابتنائه إلى ضعف دلالة الرواية و توقفها على إرادة المثابة في المقدار و الكيفية دون ثبوت أصل الكفارة خاصة و هو قد اعترف بظهورها في ما عدا الثاني و هو كاف إذ لا يشترط في الدلالة الصراحة و يعضده فهم الجماعة و لذا أفتوا بإطلاقها كما ذكره مشعرا بوفاقهم و اتفاقهم إلا النادر على ثبوت البدلين الأخيرين مع أنه لا حجة لهم سوى الرواية و الحكم ببدليتهما هنا تبعا للرواية العامة ببدليتهما عن الشاة حيث تعذرت موقوف أولا على كون المبدل منه الشاة و ليس كذلك بل هو الإرسال و ثانيا على تعذرها و الفرض إمكانها كما عرفته و مما ذكرنا تبين أن الحق ما عليه المفيد و الحلي و سائر الجماعة و أن قول المتأخرين ضعيف في الغاية كالمحكي عن ابن حمزة حيث أوجب بعد العجز عن الإرسال التصدق بدرهم عن كل بيضة لعدم وضوح دليل عليه و لا حجة كما صرح به جماعة نعم قيل قد يكون مستنده خبر سليمان مع ما يأتي من الصحيح في محل اشترى لمحرم بيض نعام فأكله أن على المحل قيمة البيض لكل بيض درهما

أو حمله على بيض الحمام و سيأتي إن شاء اللَّه تعالى أن فيه درهما انتهى و هو كما ترى

[القسم الثاني ما لا بدل لفديته]
اشارة

القسم الثاني ما لا بدل لفديته على الخصوص و هو أيضا خمسة

[الحمام]

الحمام و هو كل طائر يهدر أي يرجع صوته و يواصله مرددا و يعب الماء قيل أي يشرب الماء كرعا أي يضع منقاره في الماء و يشرب و هو واضع له فيه لا بأن يأخذ الماء بمنقاره قطرة قطرة و يبلعها بعد إخراجه كالدجاج و تفسير الحمام بذلك قد وقع في الشرائع و التحرير و التذكرة و المنتهى و المبسوط كما حكي و لعله يوافقه ما عن الأزهري أنه قال أخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال كل ما عب و هدر فهو حمام يدخل فيه القماري و الدباسي و الفواخت سواء كانت مطوقة أو غيرها ألفه أو وحشية ثم قال و العرب تسمي كل مطوق حماما و جعله المحقق الثاني أعرف بين أهل اللغة مع أن المحكي عن أكثرهم كالصحاح و فقه اللغة للثعالبي و شمس العلوم و السامي و غيرها ما أشار إليه بقوله و قيل كل مطوق قيل و حكاه الأزهري عن أبي عبيدة عن الأصمعي قال مثل القمري و الفاختة و أشبهها ذلك و قال الجوهري من نحو الفواخت و القماري و ساق حر و القطاة و الوراشين و أشباهها قال و عند العامة أنها الدواجن فقط و عن بعضهم المراد بالطوق الخضرة أو الحمرة أو السواد المحيط بعنق الحمامة نعم التفسير الأول أعرف بين الفقهاء إذ لم أر مفسرا بهذا قبل الماتن أصلا و بعده أيضا إلا الشهيد في الدروس ففسره به حتما و في اللمعة مرددا بينه و بين التفسير الأول فقال و في الحمامة و هي المطوقة أو ما تعب الماء و كذا الفاضل

في القواعد قيل واو هنا يمكن كونه للتقسيم بمعنى كون كل واحد من النوعين حماما و كونه للترديد لاختلاف الفقهاء و أهل اللغة في اختيار كل منهما و الظاهر أن التفاوت بينهما قليل أو منتف و هو يصلح الجعل المردد كلا منهما معرفا أقول و يحتمل أن يكون الترديد إشارة إلى ثبوت الحكم الآتي للحمامة بأيهما فسرت و ذلك لعدم انحصار ما دل عليه من الأخبار فيما تضمنت لفظها خاصة بل فيها ما تضمن لفظ الطير بقول مطلق أو الفرخ أو البيض كذلك و جميع هذه يعم الحمامة بالتفسيرين فلا يحتاج هنا إلى الدقة في تعيين أحدهما و لا تعارض بين الأخبار ليحتاج إلى حمل مطلقها على مقيدها و الحمد لله و على كل تقدير فلا بد من إخراج القطاة قيل و الحجل من التعريف لأن لهما كفارة معينة غير كفارة الحمام مع مشاركتهما له في التعريف كما صرح به جماعة و يلزم المحرم و لو في الحل في قتل الحمامة الواحدة شاة بلا خلاف إلا من نادر و في المنتهى و عن الخلاف و التذكرة الإجماع و في فرخها حمل بالتحريك من أولاد الضأن ما له أربعة أشهر فصاعدا على ما ذكره جماعة من الفقهاء و لكن الموجود في كلام بعض أهل اللغة أنه الخروف إذا بلغ ستة أشهر و الأخذ به أحوط و في بيضها درهم إذا لم يتحرك فيه الفرخ و إلا فحمل لما مر و الصحيح عن رجل كسر بيض الحمام و في البيض فراخ قد تحرك قال عليه أن يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة و يتصدق بلحومها إن كان محرما و إن كان الفراخ لم يتحرك تصدق بقيمته

ورقا يشتري به

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 453

علفا يطرحه لحمام الحرم و عليه ينزل إطلاق الصحيح الآخر عن غلام كسر بيضتين في الحرم فقال جديين أو حملين من جهتي شموله المحرم و غيره و المتحرك من البيض و غيره بتقييد إطلاقية بالأولين من القسمين جمعا بينه و بين سابقه و غيره كما يقيد إطلاق الشاة في سابقه على الحمل جمعا و ظاهر الأخير جواز الجدي بدله و هو الأصح وفاقا لجمع لذلك مضافا إلى الصحيح الآخر في محرم ذبح طيرا أن عليه دم شاة يهريقه فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن و على المحل في الحرم فيها أي في قتل الواحدة من الحمام درهم و في فرخها نصف درهم و في بيضها إذا لم يتحرك ربع درهم و إلا فنصفه و لو كان الجاني على أحد هذه الثلاثة محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران فيجب عليه شاة و درهم في الأول و حمل و نصف درهم في الثاني و درهم و ربعه في الثالث كل ذلك على المشهور لا سيما بين المتأخرين و الأصل فيها زيادة على ما مر الصحيح في المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة و إن قتل فراخة ففيها حمل و إن وطئ البيض فعليه درهم و الصحيح في الحمام درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيضة ربع درهم و نحوه غيره و يقيدان بنحو الصحيح من أصاب طيرا في الحرم و هو محل فعليه القيمة و القيمة درهما يشتري علفا لحمام الحرم و الصحيح عن فرخين مسرولين ذبحتهما و أنا بمكة محل إلى أن قال فقال تصدق بثمنها فقلت فكم ثمنها فقال درهم خير من ثمنها و ظاهرهما

كغيرهما وجوب التصدق بالقيمة سواء زادت عن الدرهم أو نقصت و أن سبب التنصيص على الدرهم كونه قيمة وقت السؤال و يؤيده الأخبار الكثيرة الآمرة بالقيمة على الإطلاق كما في بعضها و بالثمن كما في آخر و بمثله في ثالث و بأفضل منه في رابع بدرهم و شبهه في خامس و الأحوط وجوب أكثر الأمرين من الدرهم و من القيمة السوقية وفاقا للمنتهى و التذكرة و إن كان في تعينه في وجوب الزائد نظر لإطلاق الأصحاب وجوب الدرهم من غير التفات إلى القيمة السوقية و لعله لظهور أن تقويم الحمامة فيما مر من الأخبار ليس لأنه قيمتها السوقية يومئذ لبعد اتفاق تقويم الحمامة بجميع أنواعها و أصنافها و أفرادها به عند جميع المقومين لها و لو بمكة خاصة و في جميع أعصار الأئمة ع التي صدرت عنهم الأخبار بل الظاهر أن تقويمها بذلك إنما هو تقويم شرعي ليضبط المدار و يشهد لذلك سؤال بعض الرواة عن قيمة الحمامة و قدرها عنهم و جوابهم ع له بذلك المقدار و لو كان المراد القيمة السوقية لما كان للسؤال عنهم ع وجه و لا لجوابهم فتأمل و أما اجتماع الأمرين على المحرم في الحرم فلأصالة عدم تداخل الأسباب مضافا إلى خصوص المعتبرة المستفيضة منها الصحيح إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به أو يطعم حمامة مكة فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها و سيأتي تتمة الكلام في المسألة و يستوي فيه أي فيما على المحل من الدرهم و نصفه و ربعه إذا جنى في الحرم كما صرح به في الشرائع و الفاضل في التحرير و القواعد

و غيرهما الأهلي أي المملوك من الحمام إن صح فرضه و حمام الحرم الغير المملوكة في حرمة الجنابة عليهما و لزوم القيمة بها و مقدارها بغير خلاف على الظاهر المصرح به في عبائر و في المنتهى لا نعرف فيه خلافا إلا من داود حيث قال لا جزاء في صيد الحرم و الصحاح به مع ذلك مستفيضة فلا شبهة في الاستواء المزبور غير أن حمام الحرم يشترى بقيمته علف لحمامه و يتصدق بقيمة غيره كما في الصحيح و غيره و فيه الأمر بشراء القمح أي الحنطة و ظاهره الوجوب إلا أنه محمول على الفضل للأصل و ضعف السند بل الأصح وفاقا لجمع جواز التصدق بقيمة حمام الحرم أيضا مخيرا بينه و بين العلف لجملة من النصوص منها الصحيح إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به أو يطعمه حمامة مكة فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم و عليه ثمنها ثم إنه لا ريب في الاستواء في ذلك مع إذن المالك في الإتلاف أو كان المتلف هو المالك أما لو كان غيرهما ففي ثبوت الاستواء أيضا فلا تجب إلا الغداء أو الفرق بوجوبه مع ضمان القيمة للمالك كما أفتى به شيخنا في المسالك إشكال من الأصول و إطلاق

الفتاوى و النصوص بخصوص الفداء دون غيره و الاحتياط واضح و هل يختص الاستواء المزبور بالمحل أم يعمه و المحرم حتى لو قتل المحرم الحمام الأهلي في الحرم لم يكن عليه غير القيمة على الثاني و مع الفداء على الأول إشكال من إطلاق النص و الفتوى باجتماع الأمرين إذ جنى على الحمامة في الحرم من غير فرق بين الأهلي و منها

الحرمي و من أن ظاهر تعليلهم الاجتماع المزبور بهتكه حرمة الحرم و الإحرام فيلزمه الأمران كل بسببه و هذا إنما يتوجه في الحرمي خاصة لكونه صيدا منع عنه المحرم و أما الأهلي منها فلا منع فيها إلا من جهة الحرم لأن من دخله كان آمنا و لم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الفرض فضلا عن الحكم فيه بأحد الطرفين و التوقف فيه و الإشكال و الأقرب من وجهي الإشكال الأول لقوة دليله مضافا إلى التصريح في حمامة الطير الأهلي من غير حمام الحرم من ذبح طيرا منه و هو غير محرم فعليه أن يتصدق بصدقة أفضل من ثمنه فإن كان محرما فشاة عن كل طير و هو كما ترى صريح في الفرق بين المحرم و المحل في الحمام الأهلي إذا قتلاه في الحرم لإيجابه الشاة فيه على الأول و القيمة على الثاني نعم ظاهره عدم وجوب القيمة على المحرم إلا أن سبيله سبيل كثير من الأخبار الواردة بلزوم الشاة عليه إذا قتلها في الحرم من غير ذكر القيمة و ذكر الأصحاب أن إيجاب الشاة لهتك حرمة الحرم و لا ينافيه وجوب القيمة أيضا لهتك حرمة الحرم و هو حسن و بالجملة فما ذكرناه أظهر و مع ذلك أحوط و يمكن استفادته من العبارة بجعل الضمير المجرور في فيه الأحكام المذكورة بقوله و على المحل إلى الآخر و منها اجتماع الأمرين على المحرم في الحرم فإن مقتضاه حينئذ أنه يستوي في هذا الحكم أيضا الأهلي و الحرمي فأيهما قتل المحرم اجتمع عليه الأمران

[و في القطاة حمل]

و في قتل القطاة حمل قد فطم من اللبن و رعى من الشجر كما في الصحيح و غيره و كذا في قتل

الدراج و شبهها من الحجل و غيره بلا خلاف في شي ء من ذلك على الظاهر المصرح به في عبائر و هو الحجة فيها إلا الخبران لاختصاصهما بالأول و لا ما في رواية أخرى ثالثة و إن تضمنت الثلاثة و نظيرهن لأن المذكور فيها دم و هو أعم من المدعى إلا أن يقيد به أو يحمل على الاستحباب و اعلم أن الحمل قريب من صغير الغنم في فرخها كما اخترناه ثم و لا بعد في تساوي الصغير و الكبير في الفداء و يشكل على القول بوجوب المخاض هناك إلا أن يدفع بابتناء شرعنا على اختلاف المتفقات و اتفاق المختلفات فجاز أن يثبت في الصغير زيادة على الكبير و لا مانع من المصير إليه بعد الثبوت كما هو الفرض و هذا أولى من دفعه بحمل المخاض ثم على بنت المخاض أو على أن فيها هنا مخاضا بطريق أولى لمخالفتها الإجماع

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 454

على الظاهر المصرح به في الروضة و المسالك

[و في الضب جدي]

و في قتل الضب جدي و كذا في القنفذ و اليربوع على الأظهر الأشهر بل عليه عامة من تأخر للحسن و فيه و الجدي خير منه و إنما جعل هذا لكي يتكل عن فعل غيره من الصيد خلافا للمحكي عن الحلبيين فأوجبوا فيها حملا و في الغنية الإجماع و الأول أظهر و مورد المتن و الأكثر الثلاثة خاصة تبعا لورود النص و ألحق بها المرتضى و الشيخان و بنو إدريس و حمزة و غيرهم كما حكي أشباهها و مستندهم غير واضح و ربما نظروا إلى التعليل في النص و أنه إذا ثبت به أن في مثل هذه الثلاثة جدي بل هو خير منه ثبت ذلك فيما أشبهه

و لا يخلو من وجه و لذا مال إليه من المتأخرين المحقق الثاني في شرح القواعد بل أفتى به صريحا و في العصفور مد من طعام و كذا في القبرة بضم القاف ثم الباء المشددة من غير نون بينهما و الصعوة قيل هو عصفور له ذنب طويل يرمح به وفاقا للأكثر للمرسل كالصحيح خلافا للصدوقين فأوجبا لكل طائر عدا النعامة شاة للصحيح في محرم ذبح طيرا عليه دم شاة يهريقه و إن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن و فيه أنه لا عموم فيه لغة و إنما غايته الإطلاق الغير المنصرف بحكم التبادر إلى محل البحث و لو سلم فغايته العموم و ما مر خاص فليقدم عليه لاعتبار سنده مضافا إلى اعتضاده أو انجباره بعمل الأصحاب و للإسكافي فأوجب القيمة و في الحرم قيمتين للمرسل و ضعف سنده يمنع عن العمل به سيما في مقابلة ما مر من الخبر المنجبر بعمل الأكثر مع اعتباره في نفسه كما مر

[و في الجرادة كف من طعام]

و في قتل الجرادة الواحدة كف من طعام كما في الصحيح و غيره وفاقا للمحكي عن المقنعة و الغنية و جمل العلم و المراسم و في الصحاح عليه تمرة و تمرة خير من جرادة كما عن الفقيه و المقنع و النهاية و الخلاف و المهذب و النزهة و الجامع و والد الصدوق و السرائر و كفارات المقنعة و للتخيير بينهما وجه كما عليه الشهيدان و غيرهما من المتأخرين وفاقا للمحكي عن المبسوط و التهذيب و السرائر و التذكرة و المنتهى إلا أن الأوجه الثاني و أحوط منه الجمع بين الأمرين و في رواية دم لكن موردها الإصابة و الأكل و حكي القول به حينئذ عن

الإسكافي و والد الصدوق و الشيخ في النهاية و الخلاف لكن قيده الأول بالعمد دون الأخيرين فأطلقاه و لا بأس به لو لا ضعيف السند و إن مال إلى العمل بمضمونها في موردها بعض متأخري المتأخرين وفاقا للمحكي عن والد الصدوق و لا بأس به لو صح السند

[و كذا في القملة يلقيها من جسده]

و كذا يجب كف من طعام في القملة يلقيها من جسده وفاقا لمن مر في الجرادة غير الديلمي فلم يحك هنا عنه شيئا و ذكر بدله في الحكاية المهذب بزيادة قوله أو يقتلها كما عليه المحقق الثاني و الشهيد الثاني أيضا قالا بطريق أولى و الأصل في المسألة الصحيحان عن المحرم ينزع القملة عن جسده فيلقيها قال يطعم مكانها طعاما و إطلاق الطعام فيهما مقدر بما في المتن للحسنين المقدرين له بقبضة بيده كما في أحدهما و بكف واحد كما في الثاني و بإزاء هذه الأخبار أخبار أخر مستفيضة أيضا النافية للكفارة فيها بقول مطلق بل في بعضها الترخيص لإلقائها لكن أكثرها قاصرة السند ضعيفة التكافؤ هي و الصحيح منها لما مضى فلتطرح أو تحمل على محامل ذكره الشيخ في الكتابين و أجود منها حمل هذه على التقية كما ذكره بعض المعاصرين رحمه اللَّه فإنه مذهب جملة من العامة و نقل ذلك في المنتهى و التذكرة عن مالك في إحدى الروايتين و سعيد بن جبير و ابن طاوس و أبي ثور و ابن المنذور و أصحاب الرأي و قول مالك في الرواية الأخرى أنه يتصدق بما أمكن من قليل أو كثير و لم ينقل القول بكف من طعام كما هو المروي في الروايات الأول إلا عن عطاء خاصة انتهى و هو حسن و منه يظهر ضعف الجمع

بينهما بحمل الأدلة على الاستحباب إذ هو فرع التكافؤ المفقود هنا بوجوه شتى عرفتها

[و في قتل العظاية كف من طعام]

و كذا قيل في قتل العظاية كف من طعام و القائل الصدوق في الفقيه و المقنع و الشيخ و تبعهما الفاضل في المختلف و الشهيد في الدروس و غيرهما من المتأخرين للصحيح محرم قتل عظاية قال عليه كف من طعام خلافا للمحكي في المختلف عن الإسكافي فخير بينه و بين كف من تمر و لا وجه له كما لا وجه لتمريض المتن القول الأول لنسبته إلى القيل المشعر بالتمريض بعد ورود النص الصحيح و لا لعدم ذكر كثير من الأصحاب ممن تعرض لما سبق له بالكلية

[و لو كان الجراد كثيرا فدم شاة]

و لو كان الجراد كثيرا فقتلها جملة ف عليه دم شاة بلا خلاف يعتد به إلا عن المفيد في كفارات المقنعة من التكفير فيه بمد من تمر و هو نادر مع قوله فيها هنا بما في المتن و عليه الإجماع عن الخلاف للصحيح عن محرم قتل جرادة قال كف من طعام و إن كان أكثر فعليه دم شاة و ظاهره أن المراد بالكثرة الزيادة على الواحدة و لكنه خلاف ظاهر الأصحاب بل صريح جملة منهم الشهيد الثاني و المحقق الثاني فقالا إن المرجع في الكثرة إلى العرف و يحتمل اللغة فتكون الثلاثة كثيرا و يجب لما دونه في كل واحدة تمرة أو كف و هو حسن للأصل و اختلاف نسخة الصحيح فنسخة بدأ في كتابي الحديث و أخرى بما يوافق المتن في الكافي لكنه مروي فيه بسند فيه سهل إلا أن ضعفه سهل و مع ذلك منجبر بالموافقة للأصل و فتوى الأصحاب مع أن في كتابي الحديث نسخة ثالثة تحتمل التوفيق مع ما في المتن في محل البحث و هو [هي] فيهما بتبديل جرادة بجراد أكثر و لا يستلزم

الأكثر منه ثبوت الدم فيما زاد على الواحدة بل فيما زاد على الكثير و كيف كان فالعمدة الإجماع المنقول و الصحيح بنسخة الكافي لأضبطيته و انطباقها بفتوى الأصحاب ثم إن هذا مع إمكان التحرز و لو لم يمكن التحرز منه بأن كان على الطريق بحيث لا يمكن التحرز منه إلا بمشقة كثيرة لا يتحمل عادة لا الإمكان الحقيقي فلا إثم و لا كفارة بغير خلاف ظاهر للصحاح الصراح و اعلم أن نفي البدل عن هذه الخمس الكفارات إنما هو على الخصوص و إلا فالعموم ثابت لها أجمع مع العجز عنها فما عدا الشاة منها بالتوبة و الاستغفار و فيها بإطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام كما يأتي إن شاء اللَّه تعالى و اعلم أن ما لا تقدير لفديته فقيمته بلا خلاف على الظاهر المصرح به في جملة من العبائر مستفيضا حتى زاد بعضهم فقال لا خلاف فيه بين العلماء لتحقق الضمان الموجب لذلك عليه فالصحيح في الظبي شاة و في البقرة بقرة و في الحمار بدنة و في النعام بدنة و فيما سوى ذلك قيمته و المعتبر القيمة السوقية بتقويم عدلين عارفين و إن كان الجاني أحدهما إذا كان مخطئا أو تاب كما صرح به جماعة من الأصحاب و قول الشيخ بأن في البطة و الإوزة و الكركي شاة شاذ غير واضح المستند إلا الصحيح في كل طير كما عليه والد الصدوق و تبعه جماعة من الأصحاب فيما لا نص فيه بالخصوص و لا بأس به و يخص به عموم الصحيح السابق مع قوة احتمال اختصاصه بحكم السياق بغير الطير إلا أنه لا خصوصية له

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 455

بهذه الثلاثة المذكورة في كلام الشيخ فإن

أرادها فلا ريب في ضعفه

[أسباب الضمان]
اشارة

و أسباب الضمان ثلاثة إما المباشرة للإتلاف و إما إمساك للصيد و إثبات اليد عليه و إما تسبيب للإتلاف و في جملة من كتب الفاضل أنها أمران المباشرة و التسبيب و نص في جملة منها على دخول اليد في التسبيب و فيه توسع فإنه أعم مما يستند إليه التلف

[المباشرة]

أما المباشرة فمن قتل صيدا ضمنه بالقيمة أو الفداء على حسب ما مضى و لو قتله ثم أكله جميعا أو شيئا منه لزمه فداء آخر وفاقا للنهاية و المبسوط و السرائر و الإصباح و التذكرة و المنتهى و المختلف و عليه الشهيدان في الدروس و المسالك و المحقق الثاني و بالجملة الأكثر لأن كلا منهما سبب له أما القتل فبالكتاب و السنة و الإجماع كما مر و أما الأكل فللصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة منها زيادة على الصحاح و الموثقات و غيرها الآتية في مسألة اضطرار المحرم إلى الميتة و الصيد أنه يأكله و يفديه و الصحيح الآتي في مسألة ما لو اشترى محل لمحرم بيض نعام فأكله أن على المحرم الفداء عموم الصحيح من أكل طعاما لا ينبغي أكله و هو محرم متعمدا فعليه دم شاة و خصوص آخر عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرما فقال على كل من أكل منهم فداء صيد و على كل إنسان منهم على حدة فداء صيد كامل و الخبر قلت لأبي عبد اللَّه ع صيد أكله قوم محرمون قال عليهم شاة و ليس على الذبح إلا شاة و قريب منهما آخر و الاستدلال بهذه الأخبار ليس من جهة دلالتها على تضاعف الفداء بل على لزومه بالأكل و إنما التضاعف أتى من قبل الجمع بينهما

و بين ما مر من الأدلة على استلزام الأكل الفداء أيضا بناء على اقتضاء تعدد الأسباب تعدد المسببات فإن الأصل عدم التداخل و يعضده زيادة على الأصل ما سيأتي من الأخبار في مسألة ما لو ضرب طيرا على الأرض فقتله لزمه ثلاث قيم بل بعضها ربما يكون دليلا في المسألة من تضاعف الفداء كمرسلة ابن أبي عمير كالصحيحة قلت له ع يصيد الصيد فيفديه أ يطعمه أو يطرحه قال إذا يكون عليه فداء آخر قلت فما يصنع به قال يفديه نعم في الصحيح عن حرم أصابوا فراخ نعام فذبحوها و أكلوها فقال عليهم مكان كل فرخ أصابوه و أكلوه بدنة و ظاهره التداخل و الاكتفاء بالبدنة لكنه شاذ غير معلوم القائل كما صرح به بعض الأصحاب و ظاهر المحكي عن المنتهى الإجماع على خلافه و هو كذلك فإن الأصحاب ما بين قائلين بما مر في المتن و بوجوب القيمة بالأكل دون الفداء مع ثبوته بالقتل أيضا كما عن الخلاف و تبعه الماتن في الشرائع و الفاضل في القواعد و الفوائد استنادا إلى الأصل و الموثق أي قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإن على كل إنسان منهم قيمة فإن اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك و فيه نظر لوجوب تخصيص الأول بما مر و إن كان بينهما عموم و خصوص مطلق و إلا فقد يوافق المختار الأصل بأن يزيد القيمة عن الشاة لإمكانه و إن بعد و قصور سند الثاني و ضعفه عن المقاومة لأدلة المختار من وجوه منها ضعف الدلالة باحتمال أن يكون المراد من القيمة فيه الفداء كما أريد منها في آخره و يعضده أنه مروي بطريق صحيح هكذا إذا اجتمع قوم محرمون

على صيد في صيده أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمة و المراد بالقيمة فيه بالإضافة إلى القتل الفداء قطعا فكذا بالإضافة إلى الأكل كما هو واضح و الفرق بينه و بين الموثق تأدية الجزاء في الصيد و الأكل هنا بلفظ الفداء و لا كذلك الموثق لذكر الفداء في خصوص الصيد بلفظه و في الأكل بالإشارة بلفظة مثل ذلك المحتملة لإرادة المماثلة في نفس الجزاء لا خصوص الفداء فيحتمل حينئذ إرادة القيمة و هو و إن بعد أيضا فإن الظاهر من المماثلة ثبوتها في الأمرين إلا أنها ليست نصا فيه بخلاف الصحيح فإنه نص فيه و بعد ضمه إلى الموثق يجعله كالنص فإن أخبارهم ع سيما مع اتحاد الراوي و المروي عنه كما هنا يكشف بعض عن بعض و حينئذ فسبيل هذين الخبرين سبيل الأخبار المتقدمة للمختار بلزوم الفداء بالأكل فهي لنا لا علينا و كذلك الصحيحة السابقة بالتداخل فهي و إن دلت عليه بالمتن المتقدم إلا أنه مروي في الفقيه كما قيل بمتن آخر و هو هذا في قوم حاج محرمين أصابوا فراخ نعام فأكلوا جميعا فقال عليهم مكان كل فراخ أكلوه بدنة يشتركون فيها فيشترونها على عدد الفراخ و عدد الرجال و هو كما ترى ليس فيه ذكر ذبحوها و إنما فيه أكلوها خاصة فتكون من أخبار المسألة دليلا للمختار كالأخبار السابقة و أما الصحيح أهدي لنا طائر مذبوح بمكة فأكله بعض أهلنا فقال لا يرى به أهل مكة بأسا قلت فأي شي ء تقول أنت قال عليهم ثمنه فليس بصريح في محل النزاع من كون الأكل

محرما فيحتمل كونه محلا كما نص عليه الصحيح الآخر عن رجل أهدي إليه حمام أهل جي ء به

و هو في الحرم محل قال إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه و ربما يرشد إليه قوله ع لا يرى به أهل مكة بأسا لما قيل من أن ظاهر أن أهل مكة لا يرون به بأسا إن كان الآكلون محلين و بما ذكرناه ارتفع التعارض بين الأخبار و توافقت على المختار و لعله لذا لم يستدل للقول الثاني بالأخبار أكثر الأصحاب و إنما استندوا له ببعض الاعتبارات الغير المسموع في مقابلة ما قدمناه من الروايات و الحمد لله تعالى و اعلم أن موضوع المسألة على ما صرح به بعض الأصحاب كون القتل و الأكل في الحل لا في الحرم و إلا فيتضاعف الجزاء لو كان في الحرم و هو محرم و هو حسن لما قيل في القتل من هتكه لكل من حرمتي الإحرام و الحرم فيتضاعف الجزاء و كذا يجب الفداء بالأكل على المحرم لو أكل ما أي صيدا ذبح في الحل مطلقا و لو ذبحه المحل لعموم الأدلة المتقدمة و عدم اختصاصها بغير هذه الصورة و نحوها العبارة فلا يحتاج إلى التصريح بحكم هذه الصورة إلا على تقدير اختصاص ما سبق بغيرها من وقوع الذبح في الحرم أو كون الذابح هو المحرم مع أنه ليس فيه ما يشعر بأحد الأمرين نعم ربما يتبادر منه الأخير خاصة فيتوجه تعميم الحكم لما ذبحه المحل لكن من غير احتياج إلى ذكر الذبح في الحل و لعل الوجه في تخصيص هذه الصورة بالذكر هو ورود الصحاح المستفيضة بتحريم صيد ذبحه المحل و لو في الحل على المحرم و لكن لا كلام فيه و إنما الكلام في لزوم الفدية بالأكل و لا دليل فيه سوى ما

مر من عموم الأدلة و لعله لذا لم يذكر الماتن في الشرائع و لا غيره من الأصحاب التصريح بالحكم في هذا الفرد و اكتفوا بعموم الكلام السابق و الأمر سهل بعد وضوح الدليل على المطلب بعنوان العموم و الخصوص و لو رمى صيدا و أصابه و تحقق أنه لم يؤثر فيه رميته بقتل و لا جرح و لا كسر فلا فدية فيه و ليستغفر اللَّه سبحانه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 456

بلا خلاف ظاهر بل ظاهر جماعة الإجماع للأصل و النص المنجبر عن محرم رمى صيدا فأصابت يده فعرج فقال إن كان مشى عليها و رعى و هو ينظر إليه فلا شي ء و في قوله و هو ينظر إليه إشارة إلى التحقق كما ذكرنا احترازا عن صورة الشك فإن فيه كما يأتي الفداء كاملا و المتبادر من النص و الفتوى انفراد الرامي بالرمي فلا ينافيهما ما سيأتي من أنه لو رمى اثنان فأصاب أحدهما ضمن كل منهما و لو جرحه أو كسر رجله أو يده و رآه بعد ذلك سويا أي صحيحا بلا عيب و مطلقا فيجب عليه ربع الفداء كما عن النهاية و المبسوط و المهذب و السرائر و الإصباح و الجامع قيل للنصوص منها الصحيح عن رجل رمى صيدا و هو محرم فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد قال عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع فإن رآه بعد أن كسر يده و رجله و قد رعى و انصلح فعليه ربع قيمته و به عبر في الشرائع و الفوائد و نحوه آخر و لعله المراد من ربع الفداء في المتن و صحيح آخر إذ الفداء بنفسه لا

يوجب تربيعه بل قيمته فعلى هذا المراد ربع قيمة الفداء لا ربع قيمة الصيد كما ربما يتوهم من نحو الصحيحين لأن مرجع الضمير المجرور فيهما إنما هو الفداء المذكور فيهما بعد الصيد قبل الضمير لا الصيد و إن احتمله لبعده و قرب المرجع الأول لكن ظاهر بعض الأخبار الرجوع إلى الصيد لكنه قاصر السند خلافا للمحكي عن والد الصدوق و المفيد و الحلي و الديلمي و ابن حمزة فيتصدق بشي ء و هو خيرة المختلف في الإدماء قال لأنه جناية لا تقدير فيها و فيه نظر لأن مقتضى الدليل لزوم الأرش إن أوجبنا في أجزاء الصيد الضمان كما في المنتهى مدعيا عليه الوفاق لا التصدق بشي ء الذي هو أعم من الأرش إلا أن يقيد به فيراد به الأرش كما في الشرائع و القواعد و كلام غير واحد من متأخري الأصحاب و كلامهم في خصوص الجرح و لزوم الأرش فيه مذهب المعظم كما في المسالك و لعله قيد إطلاق الشي ء في كلام المفيد و من حذا حذوه بالأرش و فيه نظر لتصريح المفيد فيما حكي عنه بالتصدق بشي ء إذا انتفى العيب و إلا فالأرش و كيف كان القول بلزوم الأرش في الإدماء هو حسن للدليل المتقدم السالم عن المعارض سوى الأخبار المتقدمة و موردها كسر اليد و الرجل و نحن نقول بربع الفدية فيهما و إلحاق الجرح قياس لا نقول به إلا أن يقال بعدم فارق بين الكسر و الجرح بين القدماء بل و لا المتأخرين صريحا فلا بد من العمل بالأصل و طرحه الأخبار أو العمل بها و تخصيص الأصل و هو الوجه إن تم الإجماع المركب كما ربما يفهم من المسالك و لكن فيه نظر

و ظاهر عبائر كثير اختصاص إلحاق الجرح بالكسر بالشيخ فإذا الوجه عدم الإلحاق و لزوم الأرش في الجرح و ربع الفداء في الكسر و يعضده الرضوي فإن رميت ظبيا فكسرت يده أو رجله فذهب على وجهه لا تدري ما صنع فعليك فدائه فإن رأيته بعد ذلك يرعى و يمشي فعليك ربع قيمته و إن كسرت قرنه أو جرحته تصدق بشي ء من طعام و يحمل الشي ء فيه على الأرش جمعا بينه و بين الأصل و لو جهل حاله أي الصيد الذي جرحه أو كسر يده أو رجله فلم يدر هلك أم عاش ففداء كامل بلا خلاف ظاهر بل عليه الإجماع في ظاهر المنتهى و صريح الانتصار و الخلاف و شرح الجمل للقاضي كما حكى لما مر من الأخبار و نحوها الموثق و غيرها بزيادة التعليل فيهما بقوله لأنه لا يدري لعله قد هلك فلا يضر اختصاص موردها بالكسر دون الجرح لجريان التعليل فيهما مضافا إلى التأيد بالقوي الوارد في خصوص الجرح و الإدماء بأن عليه جزاءه بناء على أن المتبادر منه جزاء الصيد كاملا و هو المعبر عنه بالفداء و الكسر بتلك الأخبار و الإدماء بهذا مضافا إلى عدم القول بالفرق بينهما و الإجماعات المنقولة مطلقا فالمناقشة في الروايات أجمع بالأخصية من المدعى كما اتفق لجماعة من متأخري المتأخرين لا وجه له أصلا و لا وقع له بعد ذلك جدا قيل و كذا يجب الفداء كاملا فيما لو رماه و لم يعلم حاله أنه أثر فيه أم لا القائل الشيخ في النهاية و الحلي في السرائر و يحيى بن سعيد في الجامع قيل و يحتمله كلام الحلبيين و الجواهر عملا بالأغلب و هو التأثير مع الإصابة

فإذا بنى على

التأثير و جهل الحال رجع إلى المسألة الأولى و فيه نظر فإن أغلبية التأثير غايتها إفادة الظن به و اعتباره في نحو المقام من موضوعات الأحكام يحتاج إلى دليل و ليس موضع المسألة الأولى في ظاهر النصوص و الفتاوى صورة القطع به لا الظن فالتعميم يحتاج إلى دليل و لعله لهذا عزاه الماتن و الفاضل في التحرير إلى قول مشعرين بتمريضه و مرجعه إلى البناء على أصل عدم التأثير و أصل البراءة مع انتفاء نص فيه و لو لا النصوص في الأول لم يتجه ضمان كمال الفداء فيه أيضا و هو قوي متين إن لم ينعقد الإجماع على خلافه كما يفهم من بعض شراح الكتاب و يحتمله ما عن الغنية من الإجماع على أنه إذا أصاب فغاب الصيد فلم يعلم له حالا فداه و عن الجواهر الإجماع على وجوب الجزاء و بالجملة فالمسألة محل إشكال فلا يترك فيها الاحتياط بحال ثم إن صور المسألة خمس تعرض الماتن لحكم أربع منها بقي الخامسة و هي ما إذا رماه فلم يدر أصابه أم لا فالحكم فيها البراءة بلا خلاف أجده إلا من القاضي فضمنه الجزاء و هو ضعيف جدا و اعلم أنه قد اختلف الأصحاب في إمضاء ما يجب في أعضاء الصيد فقيل إن في كسر يد الغزال نصف قيمته و في يديه كمال القيمة و كذا في رجليه في كل منهما نصف قيمته مطلقا و كذا في عينيه و في قرنيه معا نصف قيمته و في كل واحد منهما ربع قيمته و القائل النهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذب و السرائر و الجامع كما حكي و تبعهم من المتأخرين و الفاضل في المختلف

في العين خاصة و في القواعد و الإرشاد و المحقق الثاني في الجميع و ظاهر الأخير أنه المشهور كالشهيد الثاني فقال إن عليه المعظم و مستندهم رواية سماعة الضعيفة بأبي جميلة و لذا قال الماتن هنا و في الشرائع و في المستند ضعف إلا أن يجبر بالشهرة المحكية فيما عرفت من كلام ثاني المحققين و ثاني الشهيدين و عمل نحو الحلي ممن لا يجوز العمل بأخبار الآحاد سيما الضعيف منها إلا بعد احتفافها بالقرائن القطعية و فيهما نظر لمعارضتهما بالمثل فقد ادعى جماعة كون ذلك خلاف مذهب الأكثر من تعين الأرش كما هو مقتضى الأصل بناء على ما ظاهره الاتفاق عليه من ضمان أجزاء الصيد كما مر و قيل هو ظاهر الخلاف و النهاية قال المفيد و الديلمي و الحلبيان في الكسر و زاد عدا ابن زهرة منهم إن رآه بعد ذلك سليما تصدق بشي ء و هؤلاء أيضا لا تعملون بالآحاد و الرواية بمرأى منهم و منظر بل رواها في الغنية بعد الفتوى بالأرش فهو مما يوهنها زيادة على ما فيها من الضعف فالأصح الأرش و هنا أخبار نادرة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 457

يقبل التأويل و التنزيل على كل من القولين و لو اشترك جماعة في قتله أي الصيد مطلقا لزم كل واحد منهم فداء كامل بإجماعنا ظاهرا و منقولا في عبائر جماعة مستفيضا و الصحاح به مضافا إليه مستفيضة أيضا و موردها و إن كان جماعة محرمين إلا أن إطلاق الفتاوى يشملهم و غيرهم من المحلين في الحرم و المتفرقين و به صرح جماعة و منهم الشهيدان في الدروس و المسالك تبعا للعلامة في التحرير و المنتهى و ظاهرهم و سيما الأخير أنه لا خلاف فيه

بيننا إلا من الشيخ في التهذيب في المحل و المحرم إذا اشتركا في صيد حرمي فأوجب على المحرم الفداء كاملا و على المحل نصف الفداء و من بعض العامة فيه أيضا فأوجب فداء واحدا عليهما و مستند الشيخ القوي في محرم و محل قتلا صيدا فقال على المحرم الفداء كاملا و على المحل نصف الفداء و فيه مضافا إلى قصور السند أنه أعم من المدعى ثم على تقدير العموم للمحلين في الحرم و المفترقين كما هو مقتضى الفتاوى ينبغي تعميم الفداء فيهما لما يشمل القيمة أيضا كما وقع التصريح بها في عبارة المصرحين بالعموم اللهم إلا أن يقال إن ذلك مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة و هي مفقودة في كلامهم إلا من حيث إطلاق الجماعة و تقييده بالمحرمين أولى من حمل الفداء على الأعم بناء على الأصح من تقديم التخصيص على المجاز حيثما تعارضا و خصوصا هنا لانصراف الإطلاق في كلامهم المنساق في بيان ما يجب على المحرم من أن الكفارات إليه دون المحل و لو في الحرم و إنما ذكر سابقا تبعا له و لذا توقف في التعميم بعض المتأخرين و هو في محله إن لم يثبت الإجماع على خلافه و لو ضرب طيرا على الأرض فقتله لزمه ثلاث قيم للخبر في محرم اصطاد طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله قال عليه ثلاث قيمة لإحرامه و قيمة للحرم و قيمة لاستصغاره إياه و في سنده ضعف و في متنه مخالفة للأصول لاقتضائها التفصيل بين أفراد الطير و إيجاب النصوص فيما ورد به من بدنة كما في النعامة و كف من طعام كما في العصفور و شاة كما في الحمامة أو في الطير

مطلقا على حسب ما مر لا إيجاب القيمة مطلقا و لو كان منصوصا بدونها من بدنة أو تمرة أو غيرهما كما في الرواية و نفيها الزائد عن القيمة للحرم و الجزاء للقتل و لو مع الاستصغار إذ لا دليل على إيجابه الكفارة و إنما غايته الحرمة و لا تلازم بينها و بين الكفارة فالتعويل على هذه الرواية مشكل إلا أن تجبر بالاتفاق بالعمل عليها في إيجابها ثلاث كفارات في الظاهر إذ لم نر مخالفا في ذلك من الأصحاب حتى نحو الحلي الذي لا يعمل بأخبار الآحاد الخالية عن قرينة الصدق و إن اختلفوا في الجمود على ظاهرها كما اختاره الماتن هنا و قال الشيخ في النهاية و المبسوط و الحلي في السرائر و ابن عم الماتن في الجامع و ابن حمزة في الوسيلة و القاضي في المهذب و الفاضلان في كتبهما حتى الماتن في الشرائع و غيرهم من المتأخرين إن عليه دم و قيمتان و زاد من عدا الماتن و الوسيلة التعزير كما عن المنتهى و التحرير و التذكرة و الطير فيه و إن كان مطلقا لكن المتبادر منه المنصرف إليه الإطلاق هو خصوص ما عدا النعامة و العصفور و الجرادة و هو الحمامة فلا عموم فيه قطعا يحتاج إلى التفصيل توفيقا بينه و بين الأصول و لو سلم فقوله في التعليل قيمة لإحرامه كالصريح بل صريح في أنها موجبة عن الجناية من حيث الإحرام و أنها كفارته و حينئذ فيجعل المراد من القيمة ما يرادف الجزاء على حسبه و لا ريب في شيوع إطلاق القيمة على الفداء مثلا أو الجزاء و لذا حكي التعبير بلفظ الجزاء دون الدم عن الوسيلة و المهذب و ذكر

الدم في عبائر الأكثر إما مثال أو مقصور على الحمامة التي تقدم و هي المتبادر من إطلاق الطير كما مر و بالجملة التعليل المزبور أوضح قرينة على أن المراد بالقيمة الجزاء كما في عبائر هؤلاء و حينئذ فاندفع الإشكال عن الرواية بحذافيره و تبين أن الأقرب ما في عبارة الوسيلة و المهذب بل من ما عدا الماتن و أن ما اختاره من إطلاق القيمة جمودا على ظاهر لفظ الرواية محل مناقشة ففي الحقيقة مختاره خال عن الدليل إلا ما ذكره الشيخ و الجماعة فإن مستندهم الرواية على حسب ما فيها من التعليل و إن عكس جماعة و حيث كان الداعي إلى العمل بالرواية و مخالفة الأصل

هو الإجماع أو الشهرة فتجب الاقتصار على موردها و ليس إلا الطير المضروب به الأرض في الحرم و ضاربه المحرم و قاتله الضرب و إن عمت العبارة بعض ما ليس فيها فإنه ليس بمعتمد بل اللازم في غير المنصوص المصير إلى حكم الأصول و لو شرب لبن ظبية في الحرم فعليه دم و قيمة اللبن كما عن النهاية و المبسوط و المهذب و الجامع و في الشرائع و القواعد و الإرشاد لكن بدون لفظ في الحرم كما هنا و عن الوسيلة للخبر في رجل مر و هو محرم في الحرم فأخذ عشر ظبية فأحلبها و شرب لبنها قال عليه دم و جزاء للحرم عن اللبن و هو مع الضعف اشترط فيه الإحرام و الحرم جميعا و أخذ الشارب و احتلابه و لقد أغفلها الأصحاب جملة أو بعضا و لضعفه أو وحدته قال الحلي بعد الفتوى به على ما روي في بعض الأخبار و هو حسن على أصله بل على أصلنا

أيضا إن لم ينجبر الضعف بعمل الأصحاب و الظاهر فيه الجبر لعدم خلاف فيه بينهم يعتد به و إن اختلفوا في التعبير عنه بقيوده كلا أو بعضا و المتجه العمل به بقيوده جملة حصول الجبر فيه حينئذ قطعا مضافا إلى التأيد بما عن التذكرة و المنتهى من الاستدلال زيادة على الخبر بأنه شرب ما لا يحل شربه إذ اللبن كالجزء من الصيد فكان ممنوعا منه فيكون كأكل ما لا يحل أكله فيدخل في عموم قوله ع من أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعل متعمدا فعليه دم شاة إذ لا فرق بين الأكل و الشرب قال و أما وجوب القيمة فلأنه جزاء صيد فكان عليه قيمته و لا يخلو عن نظر و لكن لا بأس به للتأييد سيما بعد عمل الأصحاب قيل و احتمل الشهيد رحمه اللَّه وجوب القيمة على المحل في الحرم و الدم على المحرم في الحل

[الإمساك]

و أما الإمساك فإذا أحرم و معه صيد مملوك له قبل الإحرام بأحد الأسباب المملكة زال ملكه عنه فيما قطع به الأصحاب على الظاهر المصرح به في كلام جماعة مؤذنين بدعوى إجماعنا عليه كما عن ظاهر المنتهى و صريح الخلاف و الجواهر فإن تم الإجماع و إلا فمقتضى الأصل بقاء الملك و إن حرم بعض التصرفات و لا مخرج عنه واضحا سوى ما قيل من أنه لا يملكه ابتداء فكذا استدامة و لعموم الآية بناء على أن صيد البر فيها ليس مصدرا و لأنه وجب عليه إرساله بعد الإحرام إجماعا كما في ظاهر الغنية و للخبر لا يحرم أحد و معه شي ء من

الصيد حتى يخرج عن ملكه فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخليه فإن لم يفعل حتى يدخل و مات لزم الفداء و لو كان بقي على ملكه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 458

كان له تصرف الملاك في أملاكهم و في الجميع نظر فالأول بمنع الأصل و إن اشتهر ثم الفرع إذ لا دليل عليه سوى القياس مع أن ظاهر جملة من النصوص الآتية في مسألة اضطرار المحرم إلى الصيد و الميتة الآمرة بأكل الصيد بملك المحرم الصيد و لو في الضرورة لتعليلها بأنه يأكل من ماله فلو لا أنه يملكه لما صح التعليل بالكلية و منع الثاني أولا بمنع كون الصيد فيه اسما لعدم وضوح دليل عليه و ثانيا بأن المتبادر منه على تقدير الاسمية غير التملك من سائر التصرفات كالاصطياد و الذبح و الأكل و نحوها و ثالثا بأنه إن تم فإن مفاده حرمة التملك و الاستبقاء فلا يفيد فسادا إلا إذا اقتضى النهي الفساد و كان ذاكرا و بمنع الاقتضاء و لو سلم فالدليل أخص من المدعي فإنه قد ينسى و الثالث بمنع الإجماع لعدم ظهوره من الكتاب ظهورا يعتد به يعتمد عليه و الخبر ضعيف السند و مع ذلك فمفاده وجوب الإرسال بعد دخول الحرم لا بعد الإحرام قيل و عليه اقتصر في النهاية و مع ذلك فكل من الملازمة و بطلان اللازم ممنوع فانحصر الدليل في الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة العظيمة و لعله كاف في المسألة و لولاه لكان القول ببقاء الملك و إن وجب الإرسال كما عن الإسكافي و الشيخ و قواه جماعة من المتأخرين في غاية القوة و تظهر الفائدة بين القولين فيما لو أخذه أخذا و جنى عليه جان فإن له

انتزاعه في الأول و المطالبة بالعوض في الثاني و لو أهمل في الإرسال فتلف قبل الإرسال ضمنه و لو حتف أنفه إجماعا منا و من القائلين بوجوب الإرسال كما عن المنتهى قال لأنه تلف تحت اليد العارية فلزمه الضمان كمال الآدمي و ظاهر إطلاقه كالمتن و نحوه يشمل صورتي وقوع التلف قبل دخول الحرم و بعده فإن تم إجماعا كما نقله و إلا فالمستفاد من النصوص ليس إلا الحكم في الصورة الثانية ففي الحسن عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال إن كان حين أدخله الحرم خلى سبيله فلا شي ء عليه و إن أمسكه حتى مات فعليه الفداء بل المستفاد عن الرواية المتقدمة اختصاصها بها لكنها ضعيفة السند فالعمدة في الإطلاق هو ما مر من الإجماع في المنتهى ثم فيه بعد ما مر أما لو يمكنه الإرسال و تلف قبل إمكانه فالوجه عدم الضمان لأنه ليس بمفرط و لا متعد أقول و هو الأظهر وفاقا لجمع ممن تأخر عنه من غير خلاف بينهم يظهر و ليس فيه منافاة لما مر من إطلاق النص لعدم انصرافه بحكم التبادر إلى محل الفرض ثم قالوا لو لم يرسله حتى أحل فلا شي ء عليه سوى الإثم ففي وجوب إرساله بعد إحلاله وجهان أظهرهما العدم و لا بأس بالأول و أما الثاني فمشكل على إطلاقه سيما على القول بخروجه بالإحرام عن ملكه و حجية الاستصحاب فإن مقتضاه وجوب الإرسال إذا وجب عليه حال الإحرام بأن كان متذكرا و أهمل و لم يرسل مع إمكانه فالأحوط الإرسال في هذه الصورة بل مطلقا ثم إن كل ذا إذا كان الصيد معه و لو كان نائيا عنه لم يخرج

عن ملكه بلا خلاف يعرف كما في كلام جماعة للأصل و الصحيحين و الظاهر تحقق النائي بأن لا يكون مصاحبا له في الإحرام و كما لا يمنع الإحرام استدامة ملك البعيد لا يمنع ابتداءه فلو اشترى المحرم صيدا نائيا عنه أو اتهبه انتقل إلى ملكه للأصل السليم عما يصلح للمعارضة و حيث لا يزول ملكه عنه فله بيعه و هبته و غيرهما كما عن السرائر و المنتهى قيل و قيل بالمنع و في الخبر عن رجل خرج إلى مكة و له في منزله حمام طيارة فألقها طيرا من الصيد و كان مع حمامة قال فلينظر أهل في المقدر أي الوقت الذي يظنون أنه يحرم فيه و لا يعرضون لذلك الطير و لا يفزعونه و يطعمونه حتى يوم النحر و يحل صاحبهم من إحرامه و لقصور سنده حمله جماعة على الاستحباب و لا بأس لو أمسكه محرم في الحل و ذبحه محرم آخر مثله فيه لزم كل منهما فداء أما الذابح فلما مر و أما الممسك فلفحوى ما سيأتي من لزومه على الدال و المشارك في الرمي من غير إصابة فهنا أولى و لا خلاف فيه أيضا ظاهرا و حكي عن الخلاف و التذكرة صريحا قيل و للشافعية وجهان أحدهما أن الفداء على القائل و الآخر أنه بينهما و لو كان أحدهما أي الذابح و الممسك محلا و الآخر محرما ضمنه المحرم خاصة لما مر دون المحل للأصل مع عدم

هتكه حرمه الإحرام و الحرم و ما يصيده المحرم في الحل لا يحرم على المحل إذا ذبحه هو أو محل آخر للأصل و الصحاح المستفيضة بل يستفاد منها إباحته له مطلقا و إن ذبحه محرم في المحل

و لكن الأظهر الأشهر تحريمه حينئذ عليه كما مر في أول بحث التروك

[التسبيب]

و أما التسبيب فإذا أغلق بابا على حمام الحرم و فراخ و بيض ضمن بالإغلاق الحمامة بشاة و الفرخ بحمل و البيضة بدرهم هذا إن أغلق و هو محرم و إن أغلق قبل إحرامه ضمن الحمامة بدرهم و الفرخ بنصف درهم و البيض بربع درهم كما في الخبر بل قيل الموثق و زيد فيه أنه إن لم يتحرك الفرخ ففيه على المحرم درهم و نحوه في الحمام الصحيح في رجل أغلق بابه على طائر فقال إن أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة و إن كان أغلق الباب قبل أن يحرم فعليه ثمنه و عليه ينزل إطلاق الصحيحين في أحدهما عن رجل أغلق باب بيته على طائر من حمام الحرم فمات قال يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم و في الثاني عن قوم غلقوا الباب على حمام الحرم فقال عليهم قيمة كل طائر يشترى به علف لحمام الحرم بحملهما على المحل دون المحرم مضافا إلى الإجماع و إطلاق الرواية الأولى و الأخيرة بل الثالثة على رواية الشيخ في التهذيب دون الفقيه فإنها كالثانية مختصة بصورة الهلاك فيقتضي عدم الفرق بينها و بين صورتي السلامة و جهل الحال و هو ظاهر المتن هنا و خيرة الفاضل في التلخيص كما حكي و نقلاه في الشرائع و المختلف و جماعة قولا و لكن لم نعرف به قائلا و شرط الشيخ و الحلي و من تأخر عنهما من الأصحاب حتى الفاضلين فيما عدا الكتابين في ثبوت الضمان الهلاك و زاد المتأخرون الجهل بالحال و هو الأقوى حملا للإطلاق على صور الجهل بالحال لفحوى ما دل

على نفي الضمان برمي الصيد و إصابته مع عدم التأثير فيه فعدم الضمان هنا أولى إذ ليس الأغلاق مع عدم الهلاك أولى من الأخذ ثم الإرسال بل هو أولى و على هذا فإن أرسله سليما فلا ضمان نعم ربما يؤيد الإطلاق أنه عند الإهلاك يجتمع على المحرم في الحرم الأمران كما في السرائر و التحرير و المنتهى فيما حكي و ظاهر الخبرين و الفتاوى أنه ليس عليه إلا شاة أو حمل أو درهم إلا أن يراد الأغلاق على حمام الحرم في الحل و فيه بعد أو يقال إن إيجاب الشاة فيهما إنما هو لأجل الإحرام فلا ينافي ثبوت درهم لأجل الحرم كما قيل في نظائرهما من الأخبار الواردة في الجناية على الحمامة و فرخها و بيضها حتى هذا و لكن الأحوط العمل بالإطلاق جدا و قيل إذا نفر حمام الحرم و لا تعد فعن كل طير شاة و لو عاد فعن

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 459

الجميع شاة و القائل الشيخان و والد الصدوق و القاضي و الديلمي و الحلي و ابن حمزة [زهرة] فيما حكاه عنهم جماعة و تبعهم الفاضل في جملة من كتبه و غيره و قيل ذكره أكثر الأصحاب و في التهذيب ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه في رسالته و لم أجد به حديثا مسندا أقول و لعله لذا عزاه الماتن إلى القيل مشعرا بتمريضه أقول و لكن يفهم من عبارة التهذيب المزبورة وجود رواية مرسلة به فهي تكفي بعد الانجبار بفتوى الأكثر و لا سيما نحو الحلي الذي لا يعمل بأخبار الآحاد إلا بعد احتفافها بالقرائن القطعية هذا مضافا إلى صريح الرضوي فيما حكي و فيه و إن نفرت حمام الحرم فرجعت

فعليك في كلها شاة و إن لم ترها رجعت فعليك لكل طير دم شاة قيل و في المنتهى لا بأس به لأن التنفير حرام لأنه سبب الإتلاف غالبا و لعدم العود فكان عليه مع الرجوع دم لفعل المحرم و مع عدم الرجوع شاة لما تقدم من أن من أخرج طيرا من الحرم وجب عليه أن يعيده فإن لم يفعل ضمنه و نحوه التذكرة و في المختلف عن الإسكافي من نفر طيور الحرم كان عليه لكل طائر ربع قيمته قال و الظاهر أن مقصوده ذلك إذا رجعت إذ مع عدم الرجوع يكون كالمتلف فيجب عليه من كل واحد شاة و التنفير و العود يحتملان عن الحرم و إليه و عن الوكر و إليه و عن كل مكان يكون فيه و إليه و الشاك في العدد يبني على الأقل و في العود على العدم و هل يختص الحكم بالحل كما قيل فإن كان محرما كان عليه جزءان وجهان أقواهما التساوي للأصل من غير معارض و الأقرب أنه لا شي ء في الواحدة مع الرجوع للأصل و اختصاص الفتاوى بحكم التبادر و السياق بالجمع قلنا إن الحمام جمع أم لا و لأنه لو وجب فيها شاة لم يكن فرق بين عودها و عدمه بل و لا تلفها و يحتمل المساواة للكثيرة كما يتساوى ثلاثة منها و ألف و كما يتساوى حمامة و جزؤها في الفداء عند الأكل لتحصيل يقين البراءة و منع اختصاص الفتاوى بالجمع و إنما يعطيه ظاهر قولهم فعن كل حمامة شاة و هو لا يعنيه و أما بحسب اللغة فالمحققون على أنها اسم جنس و لا بعد في تساوي التنفير و الإتلاف و لو أوقد جماعة

نارا فاحترق فيها حمامة أو شبهها من الصيد لزمهم فداء واحد إذ لم يقصدوا بالإيقاد وقوعها فيها و اصطيادها و لو قصدوا به ذلك لزم كل واحد منهم فداء كامل بغير خلاف للصحيح الإيقاد حال الإحرام قبل دخول الحرم و ألحق جماعة بذلك المحل في الحرم بالنسبة إلى لزوم القيمة أعني الدرهم و صرحوا باجتماع الأمرين على المحرم في الحرم و هو جيد مع القصد إلى الاصطياد و مشكل مع العدم لانتفاء النص و لو اختلفوا في القصد و عدمه بأن قصد بعض دون بعض اختص كله بحكمه فيجب على كل من القاصدين فداء و على من لم يقصد فداء واحد و لو كان غير القاصد واحدا فإشكال ينشأ من مساواته القاصد مع أنه أخف منه حكما و احتمل جماعة وفاقا للدروس مع اختلافهم أن يجب على من لم يقصد ما كان يلزمه مع قصد الجميع فلو كانا اثنين مختلفين فعلى القاصد شاة و على الآخر نصفها و هكذا لو كان الواقع الحمامة و لا بأس به و لو دل محرم على صيد في الحل أو الحرم محلا أو محرما أو أغرى كلبه و أرسل إليه كذلك فقتله ضمنه للتسبيب فيهما مضافا إلى الإجماع المحكي فيه عن الخلاف و الغنية و الصحيحين في الأول ففي أحدهما لا تستحلن شيئا من الصيد و أنت حرام و لا أنت حلال في الحرم و لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده و لا تشر إليه فيستحل من أجلك فإن فيه فداء لمن تعمده و احتمال كون الفداء فيه على المستحل لا الدال بعيد عن ظاهر سياقه و لذا لم يحتمله أحد من الأصحاب و استدلوا به هنا

و في الثاني المحرم لا يدل على الصيد فإن دل فعليه الفداء قيل أما الإجماع إنما هو إذا قتل بالدلالة فلا شي ء عليه إذا لم يأخذه المدلول أو أخذه ثم أرسله و إن أثم للأصل و أطلق الفداء جماعة من الأصحاب و في المختلف أنهم إن فصدوا الإطلاق فهو ممنوع ثم استدل لهم بالصحيح الثاني بحذف قوله فقتل و أجاب بحمله على الصيد و هو موجود في نسخ الكافي و التهذيب و كان القيد مرادا لهم و لا

ضمان إن رآه المدلول قبل الدلالة لعدم التسبيب و الدلالة حقيقة مع الأصل و كذا إن فعل ما فطن به غيره و لم يكن قصد به ذلك لخروجه عن الدلالة ثم الدال إنما يضمن إذا كان محرما دل محرما أو محلا على صيد في الحرم أو في الحل و إن كان محلا دل محرما أو محلا على صيد في الحرم ففي المنتهى و التحرير أن في ضمانه نظر و الصحيح الأول يفيد الضمان و إن دل محل محرما على الصيد في الحل لم يضمن وفاقا للتذكرة لأنه لم يضمن بالمباشرة فبالتسبيب أولى و تردد في المنتهى لأنه أعان على محرم فكان كالمشارك و ضعفه ظاهر أقول لأن غاية الإعانة إفادة الإثم لا الكفارة

[مسائل]
اشارة

و من أحكام الصيد مسائل ثمانية

[الأولى ما يلزم المحرم في الحل و المحل في الحرم يجتمعان على المحرم في الحرم]

الأولى ما يلزم المحرم في الحل من الفداء أو بدله في النصوص و القيمة في غيره و المحل في الحرم كذلك يجتمعان على المحرم في الحرم بلا خلاف أجده و لا حكي إلا عن العماني فلم يوجب على المحرم إذا قتل حمامة في الحرم الإشارة و هو نادر بل على خلافه الإجماع في جملة من العبائر كالإنتصار و الغنية و شرح الجمل للقاضي كما حكي و النصوص به مع ذلك مستفيضة عموما و خصوصا فبما ذكره و قد مر من الثاني الصحيح في قتل الحمامة و الأخبار بمعناه في قتلها و فرخها و بيضها مستفيضة و من العموم الصحيح إن أصبت الصيد و أنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك و إن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمته واحدة و إن أصبته و أنت حرام في الحل فإنما عليك فداء واحد و الظاهر أن المراد من الفداء في قوله و الفداء مضاعف ما يعم القيمة كما ربما يشعر به سياقه و رواية أخرى موثقة لراوي هذه الصحيحة فإن فيها ليس عليك فداء شي ء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك أو عمرتك إلا الصيد فإن عليك الفداء بجهل كان أو عمدا و لأن اللَّه تعالى قد أوجبه عليك فإن أصبته و أنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة و إن أصبته و أنت حرام في الحل فعليك القيمة و إن أصبته و أنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا هذا مضافا إلى النصوص الواردة في الحمامة فإنها صريحة في أن المجتمع على المحرم في الحرم الفداء و القيمة لا الفداء مضاعفا فتكون صارفة للفداء

في هذه الصحيحة إلى ما يعم القيمة و ارتكاب التجوز فيها بذلك جمعا أولى من الجمع بتخصيصها بما عدا الجماعة لما عرفت مضافا إلى عدم قائل بهذا التخصيص إذ الأصحاب ما بين

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 460

قائل بما ذكرناه و هم الأكثرون و قائل بتضاعف الفداء مطلقا كما حكي عن الإسكافي و المقنع و أحد قولي المرتضى مخيرا و مردد بينهما كما عن المفيد و الديلمي و ابن زهرة و التخصيص المزبور لا يوافق شيئا من هذه الأقوال كما ترى فتعين ما ذكرنا دليلا و فتوى لعدم ما يدل على شي ء من هذه الأقوال مع إمكان إرجاعها إلى ما ذكرنا كما احتمله جماعة من أصحابنا و أما الخبر ما في القمري و الدبسي و السمان و العصفور و البلبل قال قيمته فإن أصابه المحرم في الحرم فعليه قيمتان ليس عليه دم فلعله لأنه ليس لها مثل من النعم كما عن التذكرة و المنتهى نعم في بعض الأخبار عن مولانا الجواد في مسألة يحيى بن أكثم القاضي أن المحرم إذا قتل صيدا في الحل و كان الصيد من ذوات الطير و كان الطير من كبارها فعليه شاة و إن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا و إذا قتل فرخا فعليه حمل فطم من اللبن و إذا قتله في الحرم فعليه الحمل و قيمة الفرخ و إن كان من الوحش و كان حمار وحش فعليه بقرة و إن كان نعامة فعليه بدنة و إن كان ظبيا فعليه شاة و إن كان قتل من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة و فيه مخالفة لما ذكرنا لأن قوله تعالى هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ نص على معنى مضاعفة الجزاء قيل

و يجوز أن لا يكون حينئذ فرق بين الفداء و القيمة إلا في الفرخ فلذا فرق بينهما فيه دون غيره و فيه أنه بعد الإغماض عن السند و عدم المكافأة لما مر فرع وجود قائل بما فيه و لم نجده و هذه الرواية نص في المضاعفة و لو بلغ الفداء بدنة كما عليه الأكثر و عزاه الحلي بعد اختياره إلى من عدا الشيخ من باقي الأصحاب مؤذنا باتفاقهم عليه و هو الأظهر لإطلاق ما مر في المسألة من النص مؤيدا بصريح هذا الخبر خلافا للماتن هنا و في الشرائع فقيدها ب ما إذا لا [لم] يبلغ بدنة وفاقا للشيخ و ابن حمزة و القاضي كما حكي و تبعهم الفاضل في جملة من كتبه للأصل و يخصص بما مر و الخبر إنما يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة حتى يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف و هو مع ضعفه بالإرسال معارض بمثله الصريح المعتضد بإطلاق الصحيح و غيره و دعوى المسالك شهرة هذا القول موهونة فلا يمكن أن يجبر بها ضعف سند الرواية مع أنها بدعوى الحلي المتقدمة متعارضة سيما إذا اعتضدت بالشهرة المتحققة و مع ذلك فما اخترناه أحوط أيضا في المسألة

[الثانية يضمن الصيد بقتله عمدا]

الثانية يضمن الصيد بقتله عمدا بأن يعلم أنه صيد فقتله ذاكرا لإحرامه كان عالما بالحكم أم لا مختارا أو مضطرا إلا في نحو ما مر من الجراد مما يشق التحرز عنه و سهوا بأن يكون غافلا عن الإحرام أو كونه صيدا و جهلا بالحكم و خطأ بأن قصد شيئا فأخطأ إلى الصيد و يمكن إدخاله في الجهل كل ذلك بالإجماع المستفيض النقل كالصحاح و غيرها و ظاهرها كالفتاوى بل صريح جملة في

العمد منها تساوي العمد و نحوه الخطاء في وحدة الكفارة و عدم تضاعفها و لو في العمد خلافا للمرتضى في الناصريات و الانتصار فقال بالتضاعف إما مطلقا كما في الأخير أو مع قصد نقص الإحرام كما في الأول مستدلا عليه بالإجماع و الاحتياط و بأن عليه مع النسيان جزاء و العمد أغلظ فيجب له المضاعفة و في الأول وهن إذ لم أر قائلا به سواه و الثاني ليس بدليل شرعي و الثالث بأنه اجتهاد في مقابلة النص المصرح بأن الفارق بين العمد و غيره ليس إلا الإثم الموجب للعقاب و به ثبت الأغلظية فلا يحتاج إلى تعدد الكفارة فإذا تكرر الجناية خطأ و المراد به ما عدا العمد دائما ضمن الكفارة بكل مرة إجماعا مستفيض النقل كالصحاح و غيرها و ستعرف جملة منها إن شاء اللَّه تعالى و لو تكرر عمدا عالما ففي ضمانه الكفارة في المرة الثانية و الثالثة و هكذا روايتان و قولان أشهرهما كما هنا و في الشرائع أنه لا يضمن و كان ممن ينتقم اللَّه تعالى منه و عزاه في كنز العرفان إلى أكثر الأصحاب و عن التبيان أنه ظاهر مذهب الأصحاب و عن المجمع أنه الظاهر في رواياتنا و عن الخلاف أنه ظاهر كثير من الأخبار أقول هي مع ذلك مستفيضة ففي الصحيح فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء و ينتقم اللَّه تعالى منه و النقمة في الآخرة و في آخر إذا أصاب آخر فليس عليه كفارة و هو ممن قال اللَّه عز و جل وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ و نحوهما الخبر و أصرح منها المرسل كالصحيح على الصحيح لابن أبي عمير المجمع على قبول

مراسيله كما قيل فإن أصابه ثمانية متعمدا فهو ممن ينتقم اللَّه تعالى و النقمة في الآخرة و لم يكن عليه الكفارة و هذه الأخبار صريحة الدلالة و إن لم يتضمن عدا الأخير منها التصريح بالتعمد إلا أن قوله فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ صريح في الاختصاص به و هي مع ذلك مخالفة لما عليه العامة إلا النادر منهم كما صرح به جماعة موافقة لظاهر الكتاب فإنه جعل سبحانه جزاء العود الانتقام بعد أن جعل جزاء ابتدائه الفدية بمقتضى المقابلة و التفصيل قاطع للشركة و لذا تمسك به في الرواية الأخيرة بل الروايات المزبورة كلها لنفي الكفارة عن متعمد العود فتكون مفسرة للآية و مع ذلك معتضدة بالأصل و سليمة عن المعارض بالكلية عدا ما قيل من الآية و فيها ما عرفته و من الاحتياط و ليس بدليل شرعي و إطلاقات الأخبار بالكفارات لشمولها المرة الثانية و لو عمدا و فيها منع لاختصاصها بحكم التبادر بالمرة الأولى و ما عدا العمد خاصة فهي إذن بالنسبة إلى التكرار و العمد بجملة لا حجة فيها بالكلية و الرواية الثانية و هي أيضا مستفيضة ففي الصحيح عليه الكفارة في كل ما أصاب و في آخر كلما عاد عليه كفارة و في جملة من الأخبار الصحيحة أنه لا فرق في لزوم الكفارة بين العمد و الخطإ و الجهل و إنما الفارق بين العمد و غيره هو خصوص المؤاخذة ففي الصحيح عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطأ أو عمدا هم فيه سواء قال قلت جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب الصيد بجهالة و هو محرم قال عليه الكفارة قال فإن أصابه خطأ قال عليه الكفارة قال فإن أخذ ظبيا متعمدا فذبحه

قال عليه الكفارة قال قلت له جعلت فداك قلت إن الخطأ و الجهالة و العمد ليس سواء فبأي شي ء يفضل المتعمد الخاطئ قال بأنه أثم و لعب بذنبه و لو انفصل العابد عن غيره بشي ء غير ذلك لوجب ذكره و بيانه في مقام الحاجة و هذه الأخبار ليس شي ء منها صريحا و إنما غايتها الإطلاق كالروايات الأخيرة و قد عرفت عدم انصرافه إلى المرة الثانية أو العموم كالصحيحين إن كان لفظة ما في أولهما مصدرية و يقبل التخصيص بما عرفته لحصول التكافؤ في الخاص و قوة الدلالة من وجوه عديدة مع أن لفظ ما في الرواية الأولى كما يحتمل المصدرية فيتعلق بموضع المسألة كذا يحتمل كونها موصولة فتخرج عنه و تصير بالنسبة إليه مجملة إذ الكلام فيها ليس

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 461

في أفراد الصيد من حيث الفردية بل الإجماع ينعقد على العموم في الأفراد من هذه الحيثية و لا يلحظ في هذا خصوص المرة الأولى و الثانية و إنما الكلام فيها من حيث الأحوال من حيث التكرار و المرة و ليس في الرواية على تقدير الموصولية إشارة إلى العموم من هذه الجهة بل هي بالنسبة إليها مجملة فلا يمكن التمسك بها حينئذ لإثبات العموم من هذه الجهة و أما تأيد هذه الأخبار بالأولوية و جملة من الأمور الاعتبارية فلا وجه له بعد ضعف أصل الأخبار دلالة و معارضتها بأقوى منه من وجوه شتى فإذن القول الأول أقوى وفاقا للصدوق في النهاية و المقنع و التهذيبين و المهذب و الجامع كما حكي و الشهيدين في النكت و المسالك و سبط الثاني في المدارك و كثير ممن تأخر عنه بل قد عرفت دعوى شهرته في المتن و غيره

بل إنه ظاهر الأصحاب خلافا للحلي و السيدين و الحلبي و الفاضل في جملة من كتبه و الفاضل المقداد في الكنز و الشرح و غيرهم و اعلم أن ظاهر الكتاب و الروايات النافية للتكرار مع العمد إنما هو في صيد الإحرام مطلقا دون الحرم للمحل و العمد بعد العمد و في الإحرام الواحد دون المتعدد فتكرر الكفارة في صيد الحرم و لو للمحل مطلقا عمدا على الأقوى وفاقا للشهيد الثاني و غيره و في العمد بعد الخطإ أو النسيان و العكس بلا خلاف كما قيل و في الإحرامين مطلقا لعامين مطلقا و لو قربت الجنايتان فيهما زمانا لعام واحد لم يرتبط أحدهما بالآخر أو ارتبطا كإحرام العمرة المتمتع بها مع حجها على إشكال في الأخير و لكن الأحوط بل الأقوى فيه التكرار فيه أيضا

[الثالثة لو اشترى محل بيض نعام لمحرم فأكله المحرم ضمن]

الثالثة لو اشترى محل بيض نعام لمحرم فأكله المحرم ضمن المحرم كل بيضة أكلها بشاة و ضمن المحل عن كل بيضة درهما كما في الصحيح و لا خلاف فيه أجده و في المسالك الاتفاق عليه و لم يفرق فيه و لا في الفتاوى بين كون المشتري أو الآكل في الحل أو الحرم و في المسالك أنه في الحل فعلى الآكل في الحرم المضاعفة و على المشتري فيه أكثر الأمرين من الدرهم و القيمة و لا بأس بالأخير احتياطا و بالأول فتوى و جمعا بين الصحيح و ما دل على المحرم في الحرم لعدم التعارض بينهما و منه يتوجه ما قيل من أن الشاة فداء الأكل خاصة فلو انضم إليه الكسر لزم أيضا الإرسال إن لم يتحرك الفرخ و هل الأخذ بغير شراء كالشراء احتمال قريب و إن كان المشتري أيضا محرما

و كان مكسورا أو مطبوخا أو فاسدا لم يكن عليه إلا درهم لإعانته المحرم على أكله و فحوى ما دل على ثبوته على المحل و إن كان صحيحا فدفعه إلى المحرم كذلك كان سببا للكسر فعليه ما عليه إن باشره و إن كسره بنفسه فعليه فداء الكسر قيل و كان الطبخ مثله ثم عليه لدفعه إلى الآكل الدرهم و إن اشتراه المحرم لنفسه لم يكن عليه للشراء شي ء كما لا شي ء على من اشترى غير البيض من صيد أو غيره و إن أساء و أثم للأصل و بطلان القياس و منع الأولوية

[الرابعة لا يملك المحرم صيدا]

الرابعة لا يملك المحرم صيدا باصطياد و لا ابتياع و لا اتهاب و لا غير ذلك من ميراث و وصية و صلح و وقف و شبهها إن كان معه في الحل أو الحرم على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا و في الشرائع و القواعد و نحوها قيل لعموم الآية و لما عرفت من زوال ملكه عنه بالإحرام فعدم التملك أولى و ضعفهما ظاهر مما مضى نعم إن ثبت الإجماع على زوال الملك قوي العدم و يملك ما ليس معه كما لا يزول ملكه عما ليس معه و لا يجب إرساله للأصل من غير معارض لكن عموم الآية معارض إن استند إليه فيما معه قيل و في السرائر و التذكرة و المنتهى أن ذلك في الحرم أما في الحل فالوجه التملك لأن له استدامة الملك فيه فكذا ابتداؤه مع قطعه فيها بزوال ملكه عنه بإحرامه فاحتجاجه له بأن استدامة الإمساك كابتدائه و هو يعم المحرم في الحرم و في الحل و قيل في المبسوط إنه لا يدخل بالاتهاب في ملكه و أطلق و لا

يجوز له شي ء من الابتياع و غيره من أنواع التملك و إن الأقوى أنه يملك الميراث و لكن إن كان معه وجب عليه إرساله و إلا بقي على ملكه و لم يجب إرساله و هو قوي لأن الملك هنا ليس بالاختيار ليدخل في عموم الآية بالتحريم فيرثه بعموم أدلة الإرث و إنما الذي باختياره الاستدامة فلذا وجب الإرسال إن كان معه و هو مقرب التذكرة و فيها و في المنتهى أن الشيخ قائل به في الجميع و الذي في المبسوط يختص بالإرث و هو المنقول في المختلف

[الخامسة لو اضطر إلى أكل الصيد جاز له أكله]

الخامسة لو اضطر المحرم إلى أكل الصيد في مخمصة جاز له أكله بقدر ما يمسك به الرمق و ضمن الفداء بالإجماع الظاهر المصرح به في جملة من العبائر و بالنصوص و منها الأخبار الآتية المرخصة لا كلها مع الميتة فبدونها أولى و لو كان عنده مع الصيد ميتة ف فيه روايتان باختلافهما اختلف الأصحاب على أقوال و لكن أصحهما و أشهرهما كما هنا و في التنقيح أنه يأكل الصيد و يفديه و هي مع ذلك صحاح مستفيضة مؤيدة بغيرها من المعتبرة و باختصاص الميتة بالحرمة الأصلية و بالخبث و فساد المزاج و إفساده المزاج و بالمخالفة لما عليه أكثر العامة و رؤساؤهم و منهم أصحاب الرأي و هم أصحاب أبي حنيفة على ما حكاه عنهم جماعة و عمل بها المفيد و الديلمي و المرتضى مدعيا عليه في الانتصار الإجماع و ظاهر إطلاقها كالمتن و نحوه توقف الأكل و لا ريب فيه مع إمكان الفداء و يشكل مع إمكانه إذ لم يذكروا كأكثر النصوص حكمه حينئذ و ظاهر المتن عدم جواز أكل الميتة هنا أيضا لقابلته هذا القول الذي

اختاره بقوله و قيل إن لم يمكن الفداء أكل الميتة و مفهومه أنه أكل الصيد مع الفداء إن أمكنه و وجه الفرق بين القولين حينئذ أنه يأكل الميتة مع عدم التمكن من الفداء على القول الثاني و لا على الأول بل يرجع فيه إلى القواعد المقررة كما في المهذب و شرح الكتاب قال و هي أن الصيد إن كان نعامة انتقل إلى إبدالها حتى ينتهي إلى ما يلزم العاجز و هو الصوم و كذا إن كان ظبيا أو غيرهما فهذا فرق ما بينهما فأعرفه و في التنقيح أن الفارق بينهما هو أن الأكل في القول الأول رخصة و في الثاني عزيمة و ظاهرهما بل و غيرهما أن المعتبر من التمكن و عدمه إنما هو وقت الاضطرار إلى الأكل كما عن الإسكافي الذي هو أحد القائلين بالقول الثاني و فيه نظر بل الأظهر أنه مع عدم التمكن من الفداء وقت الاضطرار يأكل الصيد و يقضي الفداء إذا رجع إلى ماله كما في الموثق و نحوه الصحيح المروي عن المحاسن و الرواية الثانية تضمن الأمر بأكل الميتة مطلقا و هي روايتان قاصرتا السند بل ضعيفتان فلا يعترض بهما الأخبار السابقة مع ما هي عليه من المرجحات المزبورة و إن رجحت هذه أيضا بأمور اعتبارية لكنها مع ضعفها في نفسها و معارضتها بمثلها لا تقابل المرجحات المزبورة مع أنه لا قائل بإطلاقها كما يستفاد من العبارة بل و غيرها فهي إذن شاذة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 462

و الجمع بينها و بين الأخبار الأولة بحملها على صورة التمكن من الفداء و هاتين على العدم كما ذهب إليه أرباب القول الثاني و هم الشيخ في النهاية و المبسوط و القاضي في المهذب

و الفاضلان في الشرائع و القواعد و غيرهما لا وجه له كما لا وجه للجمع بينهما بالتخيير كما عن الصدوق إذ هو فرع التكافؤ المفقود في المقام كما مر مضافا إلى عدم الشاهد عليهما و بالجملة فما اختاره الماتن هنا أقوى

[السادسة إذا كان الصيد مملوكا ففداؤه للمالك]

السادسة إذا كان الصيد الذي جنى عليه المحرم مملوكا ففداؤه الذي لزمه بجنايته للمالك دون اللَّه سبحانه كما هنا و في الشرائع و الإرشاد و القواعد و في المسالك هكذا أطلق الأكثر و المفهوم من الفداء ما يلزم المحرم بسبب الجناية على الصيد من مال أو صوم أو إرسال و هو شامل أيضا لما إذا زاد قيمة الصيد المملوك أو نقص و لما إذا كانت الجناية غير موجبة لضمان الأموال كالدلالة على الصيد مع المباشرة و لما كان للمالك فيه نفع و غيره كالإرسال إذا لم ينتج شيئا و الصوم و لما إذا كانت الجناية من المحرم في الحل أو من المحل في الحرم فيشمل ما يجتمع فيه القيمة و الجزاء و مقتضاه أنه لا يجب لله تعالى سوى ما يجب للمالك مع أن القواعد المستقرة ضمان الأموال بالمثل أو القيمة كيف كان و كما يقتضي الحال في هذه المسألة ضمان ما هو أزيد من ذلك كما إذا زاد الجزاء عن القيمة أو اجتمع عليه الأمران قد يقتضي ضمان ما هو أقل بل ما لا ينتفع به المالك فلا يكون الإحرام موجبا للتغليظ عليه زيادة على الإحلال فيتحصل في هذه المسألة مخالفة في أمور ثم عدها و أنهاها إلى اثنى عشر أمرا ثم قال إلى غير ذلك من المخالفات للأصل المتفق عليه من غير موجب يقتضي المصير إليه و قد ذهب جماعة من المحققين

منهم العلامة في التذكرة و التحرير و الشهيد في الدروس و المحقق الشيخ علي إلى أن فداء المملوك لله تعالى و عليه القيمة لمالكه و هذا هو الأقوى لأنه قد اجتمع في الصيد المملوك حقان لله تعالى باعتبار الإحرام و الحرم و للآدمي باعتبار الملك و الأصل عدم التداخل فحينئذ ينزل الجاني منزلة الغاصب و القابض بالسوم ففي كل موضع يلزمه الضمان يلزمه هنا كيفية و كمية فيضمن القيمي بقيمته و المثلي بمثله و الأرش في موضع يوجبه للمالك و تجب عليه ما نص الشارع أيضا كما حكاه عنه جماعة مختارين له أيضا بل زاد بعضهم فقال إنه مذهب المتأخرين كافة بل ذكروا أنه ظاهر المنتهى دعوى الاتفاق عليه منا و لو لم يكن الصيد الذي جني عليه مملوكا لأحد تصدق به إن لم يكن حيوانا كما لو كان الواجب الأرش أو القيمة أو كف من طعام فلو كان حيوانا كالبدنة و البقرة وجب ذبحه أولا بنية الكفارة ثم التصدق به على الفقراء و المساكين بالحرم و لا يجب التعدد و يجب التصدق بجميع أجزائه مع اللحم و النية عند الصدقة أيضا و لا يجوز الأكل منه فلو أكل ضمن قيمة ما أكل على الأقوى كما في المسالك كل ذلك للنصوص و الأصول و حمام الحرم إذا جني عليه يشترى بقيمته علف لحمامه للأمر به فيما مر من الصحيح و غيره و لكن مر أن الأصح جواز التصدق بقيمته أيضا مخيرا بينهما و إن كان الأول أفضل و أحوط و أولى

[السابعة ما يلزم المحرم يذبحه أو ينحره بمنى إن كان حاجا و إن كان معتمرا فبمكة]

السابعة كل ما يلزم المحرم من فداء يذبحه أو ينحره بمنى إن كان حاجا و إن كان معتمرا فبمكة كما هنا و في الشرائع

و القواعد و عن الخلاف و المراسم و الإصباح و الإشارة و الفقيه و المقنع و الغنية قيل و فيه التنصيص على تساوي العمرة المبتولة و المتمتع بها لقول مولانا الجواد للمأمون فيما رواه المفيد في الفوائد عن الريان بن شبيب عنه و إذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و إن كان إحرامه بالحج نحره بمنى و إن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة و فيما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن محمد بن الحسن عن محمد بن عون النصيبي و فيما أرسله الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول و المحرم بالحج ينحر الفداء بمنى حيث ينحر الناس و المحرم بالعمرة ينحر الفداء بمكة و في جمل العلم و العمل و المقنعة و الكافي و المهذب و روض الجنان و النهاية و المبسوط و الوسيلة و الجامع أن جزاء الصيد يذبحه الحاج بمنى و المعتمر بمكة و نص في الأربعة الأخيرة على أن للمعتمر أن يذبح غير كفارة الصيد بمنى و في المهذب على جوازه في العمرة المبتولة و في روض الجنان على جوازه و أطلق و في الكافي على أن العمرة المتمتع بها كالمبتولة في ذبح جزاء الصيد بمكة و في السرائر و الوسيلة و فقه القرآن للراوندي و ظاهر الخلاف أنها كالحج في ذبحه بمنى و يدل على الحكم في جزاء الصيد مع ما سمعت الصحيح من وجب عليه فداء صيد أصابه محرما فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى و إن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة و الخبر في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الهدي فعليه أن ينحره إن كان في الحج بمنى حيث

ينحر الناس و إن كان في عمرة نحر بمكة و إن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه فإنه يجزي عنه يعني و هو أعلم بما ذكره الشيخ من أنه لا يجب الشراء من حيث صادوا السياق إلى مكة أو منى و إن كان أفضل و أوجبه الحلبيان للصحيح المقطوع يفدي المحرم فداء الصيد من حيث صاد و في كفارة غير الصيد الصحيح عن كفارة العمرة المفردة أين تكون قال بمكة إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى و يجعلها بمكة أحب إلي و دليل اختصاصه بغير الصيد الآية و المرسل من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد فإن اللَّه تعالى يقول هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ و في المختلف و ليس في هذه الروايات تصريح بالعمرة المتمتع بها و الأولى إلحاق حكمها بالعمرة المبتولة كما قاله الحلبي لا بالحج كما قاله ابن حمزة و الحلي لنا صدق عموم العمرة عليها انتهى و عن والد الصدوق جواز ذبح فداء الصيد في عمرة التمتع أقول قيل للرضوي و في مقاومته لما مر ضعف ظاهر فإذن المتجه إلحاقها بالمفردة وفاقا لمن مر و يتحصل من جملة ما سبق من الأقوال و الأخبار أنه لا إشكال بل و لا خلاف فتوى في تعين منى لفداء الحاج مطلقا في جزاء الصيد أو غيره و الأخبار متفقة عليه أيضا إلا المرسلة المتقدمة فإنها شاملة لفدائه أيضا في غير جزاء الصيد و لكنها لضعفها و إرسالها و عدم مقاومتها لشي ء مما قابلها غير صالحة للحجية فضلا عن المعارضة فلتكن مطرحة أو مقيدة بالمعتمر كما في الصحيحة السابقة عليها و إن عمت جزاء الصيد لوجوب تخصيصها بغيره

لما عرفت من الآية مضافا إلى الصحيحة المتقدمة المسندة و الرواية التي بعدها و الجمع بينهما بذلك أولى من حمل الروايتين على الاستحباب لهذه الصحيحة فلا إشكال أيضا في تعين مكة للمعتمر في فداء الصيد و في تعينها له في غيره أيضا كما هو ظاهر إطلاق المتن و من مرام لا إشكال و اختلاف و الأحوط الأول و إن كان في تعينه نظر لاستلزامه طرح الصحيحة المجوزة لمني مع أفضلية مكة و لا كذلك لو لم يتعين فإنه يجتمع بذلك الأخبار بعضها مع بعض بحمل إطلاق الأخبار الأولة بأن محل فداء المعتمر مكة

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 463

على فداء الصيد لا غيره جمعا بينها و بين صريح هذه الصحيحة بل ربما كان سياق بعضها ظاهرا فيه دون غيره كما صرح به بعض الأصحاب

[الثامنة من أصاب صيدا فدائه شاة فلم يجدها]

الثامنة من أصاب صيدا فدائه شاة فلم يجدها أطعم عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج كما في الصحيح و أفتى به الماتن هنا و الفاضل الصريح في السرائر و ظاهر التذكرة و المنتهى كما قيل و شيخنا في المسالك و القاضي فيما حكاه عنه و الصيمري و هو متوجه لصحة الرواية و صراحتها و عدم ظهور مخالفتها للأصول المقطوع بها حتى ترد أو يتردد فيها كما هو ظاهر الماتن في الشرائع و الفاضل في القواعد و لذا عدل الماتن عنه إلى الفتوى بها هنا و هو أولى إلا أنه ليس فيها إن صام الثلاثة أيام في الحج في النسخ المروية في التهذيب عنه و لا ظفرنا بخبر آخر فيه ذلك و بذلك صرح جماعة و لكن ذكر الماتن في الكتابين و الفاضل في القواعد و التذكرة كما قيل و في المنتهى

و المختلف فالحكم بذلك مشكل بل المتجه الإطلاق كما في التحرير و لكن ما هنا من التقييد بالحج أحوط ثم إنه ليس في الرواية أيضا إضافة الكفارة إلى الصيد بل هي مطلقة لكن سياقها ظاهر في كفارته خاصة فإن فيها كل من أصاب شيئا فدائه بدنة و إن عجز عنها أطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدا فإن عجز صام ثمانية عشر يوما و من كان عليه شي ء من الصيد فداؤه بقرة فعجز عنها أطعم ثلاثين مسكينا فإن عجز صام تسعة أيام و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام و بشهادة السياق بذلك صرح جماعة قال بعضهم للنص على الصيد في الأخيرين و هو كما ترى و يمكن أن يمنع الشهادة بناء على المختار من أن العبرة بعموم اللفظ و الجواب إلا خصوص المحل أو السؤال و عليه فيدخل في عمومها الشاة الواجبة بغيره من المحظورات فتأمل

[و يلحق بهذا الباب صيد الحرم]

و يلحق بهذا الباب مسائل الأولى في بيان صيد الحرم و هو أي الحرم بريد أربعة فراسخ في بريد مثلها بلا خلاف فيه بين المسلمين على الظاهر كما في الذخيرة و فيها أنه محدود بعلامات هناك و قد مر في بحث القبلة ما يدل عليه و رواه الشيخ في الموثق حرم اللَّه تعالى حرمة الحرم بريد في بريد أن يختلى خلاه و يعضد و قد مر في بحث شجر الإحرام إذا عرفت ذلك فاعلم أن من قتل فيه صيدا ضمنه بقيمته مطلقا و لو كان محلا و يزيد عليه الفداء على التفصيل الذي مضى لو كان محرما و المقصود بالبحث هنا المحل خاصة و قد مر من الأخبار ما يدل

عليه و هي صريحة في أن اللازم عليه إنما هو القيمة كما ذكرنا وفاقا للأكثر بل قيل إنه إجماع كما في المدارك خلافا للمحكي فيه و في غيره عن الشيخ فقال عليه دم و هو ضعيف و لو اشترك جماعة محلون في قتله ففي وجوب القيمة على كل واحد منهم و على جميعهم قيمة واحدة وجهان أجودهما الثاني وفاقا للمحكي عن الشيخ و غيره لأصالة البراءة و حرمة القياس على المحرمين خلافا لشيخنا في المسالك فالأول و لا ريب أنه أحوط ثم في المسالك و كما يحرم على المحل قتل الصيد في الحرم يحرم عليه أسبابه من الدلالة و الإعانة و غيرها و هل يحرم على المحل رمي الصيد و هو أي الصيد يؤم الحرم و يقصده قولان للشيخ في التهذيب و النهاية و المبسوط فالتحريم و في الاستبصار فالكراهة و حكي عن الحلي و الصدوق في الفقيه و هو خيرة أكثر المتأخرين بل عامتهم و في قوله الأشهر الكراهة و نحوه قول الفاضل المقداد في الشرح دلالة على شهرته بين القدماء أيضا و بذلك يوهن الإجماع المنقول عن الخلاف على التحريم فالكراهة أقوى عملا بالأصل السليم عما يصلح للمعارضة إذ ليس سوى الإجماع المنقول و قد عرفت جوابه و ما استدل به في التهذيب على التحريم من المرسل كالصحيح يكره أن يرمي الصيد و هو يؤم الحرم و الموثق عمن استقبله صيدا قريبا من الحرم و هو متوجه إلى الحرم فرماه فقتله ما عليه في ذلك قال يفديه على نحوه و هما مع قصور سندهما و دلالتهما إذ لفظ الكراهة في الأول إن لم نقل بظهوره في الجواز فلا ريب أنه أعم من التحريم

فحمله عليه يحتاج إلى دليل و ليس بل الأصل يقتضي الحمل على الكراهة و وجوب الفداء في الثاني على تقدير تسليمه لا يدل على تحريم رميه و لذا قال به بعض من قال بكراهة رميه معارضان بأجود منهما سندا و دلالة و هو الصحيح الآتي المتضمن لنفي الجزاء معللا بأنه نصب حيث نصب و هو له حلال و رمى حيث رمى و هو له حلال و لو أصابه محل في الحل فدخل الحرم فمات فيه لم يضمن على أشهر الروايتين و أصحهما و أظهرهما وفاقا للحلي و الفاضل في المختلف و أكثر المتأخرين و هو الصحيح المروي في الكتب الثلاثة و العلل كذلك باختلاف ما يسير و فيه عن رجل رمى صيدا في الحل و هو يؤم الحرم فيما بين البريد و المسجد فأصابه في الحل فمضى برميه حتى دخل الحرم فمات من رميه هل عليه جزاء فقال ليس عليه جزاء إنما مثل ذلك مثال من نصب شركا في الحل إلى جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فليس عليه جزاء لأنه نصب حيث نصب و هو له حلال و رمى حيث رمى و هو له حلال فليس عليه فيما كان بعد ذلك شي ء و الرواية الثانية الموثقة المتقدمة و عمل بها الشيخ في الكتب المتقدمة و كذا المهذب و الإصباح و الجامع فيما حكي عنهم و الفاضلان في الشرائع و القواعد لكن على تردد و لا وجه له لفقد التكافؤ بين الروايتين سندا و دلالة لاحتمال الموثقة الحمل على الاستحباب و هو أولى عن حمل الصحيحة على نفي المؤاخذة كما في الاستبصار قال لأنه مكروه أو إنه ليس عليه عقاب لكونه

ناسيا أو جاهلا و ذلك لأن الموجود فيها على رواية الفقيه و الكافي ففي الجزاء صريحا و لا يجزي فيه شي ء من ذلك نعم الموجود في التهذيب ليس عليه شي ء و هو و إن قبل الحمل بذلك إلا أن رواية الشيخين السابقين لها كما مضى من التصريح بلفظ الجزاء يعينان كونه المراد بالشي ء هنا و ليس في تحريم لحمه كما في الحسن و عن الشيخ في الكتب المتقدمة و القاضي و ابن سعيد بل في المسالك أنه ميتة على القولين

و ظاهره دعوى اتفاقهما عليه تأييد للقول بالحرمة في المسألة المتقدمة و إن توهمه بعض الأجلة هذا مع أنه ليس في الموثقة ذكر موت الصيد في الحرم كما ذكره الفاضلان بل هي مطلقة كالتهذيب و الاستبصار فإذن هي أعم من المدعى في كلامهما و لا يقولان بعمومها و بذلك يجاب عما استدل به في الاستبصار لوجوب الفداء مما يأتي قريبا من الأخبار الدالة على ضمان الصيد بين البريد و الحرم و ذلك لأنه أعم من قصد الصيد الحرم بل و من موته فيه أيضا فلا دخل لتلك الأخبار هنا بل هي تناسب مسألة أخرى اختلف فيها أيضا أشار إليها بقوله و يكره الصيد بين منتهى البريد و أول الحرم أي خارج الحرم إلى بريد و يسمى حرم الحرم على الأظهر الأشهر كما في كلام جمع ممن تأخر وفاقا للحلي للأصل و فحوى الصحيح الذي مر السالمين عن المعارض سوى الخبرين أحدهما الصحيح إذا كنت محلا في الحل

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 464

فقتلت صيدا فيما بينك و بين البريد إلى الحرم فإن عليك جزاءه فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه تصدقت بصدقة و ليس نصا في الوجوب فليحمل على

الاستحباب جمعا خلافا للشيخين و القاضي و ابن حمزة فيما حكي فمنعوا عنه أخذا بالخبرين و فيه ما عرفته في البين و العجب من بعض المتأخرين حيث مال إلى المنع هنا لهذا الصحيح قائلا بعد أن نقل الجواب عنه بالحمل على الاستحباب عن المتأخرين و هو مشكل لانتفاء المعارض مع أن المعارض و هو الصحيح السابق الصريح في الجواز فحوى أو إطلاقا و أفتى به سابقا أيضا موجود و ليس بعد ذلك إلا غفلته عنه هنا و إلا فالعمل بالصحيحين هنا و سابقا مما لا يجتمعان بل لا بد من صرف هذا إلى ذلك بما قدمنا أو بالعكس بنحو ما ذكره الشيخ في كتابي الحديث و قد تقدم نقله عنه سابقا و لا ريب أن ما قدمنا أولى من وجوه شتى سيما مع اعتضاده بقوله تعالى وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً فإن مفهومه عدم حرمة صيد البر ما دمتم محلين خرج منه صيد الحرم إجماعا فتوى و نصا و بقي الباقي و منه ما نحن فيه تحت العموم مندرجا و العام المخصص حجة في الباقي على الأشهر الأقوى و لذا استدل به الفاضل في المختلف على الجواز و هو في محله و على المختار يستحب الفداء و التصدق بصدقة لو فقأ عينه أو كسر قرنه للأمر به في الصحيح المحمول على الاستحباب جمعا كما مضى لما مضى و إن كان الأحوط الوجوب فعن الخلاف الإجماع عليه و لكن الأظهر الأشهر الاستحباب و هو خيرة الماتن هنا لقوله و يستحب الصدقة بشي ء لو كسر قرنه أو فقأ عينه وفاقا للحلي و ليس في المتن و نحوه التعرض لغير الجنايتين لعدم النص و أصالة

البراءة تقتضي عدم ترتب الكفارة في غيرهما و إن قلنا بحرمة الجناية إذ لا تلازم بينها و بين لزوم الكفارة و الصيد المربوط في الحل يحرم إخراجه لو دخل الحرم لعموم و من دخل كان آمنا و المعتبرة المستفيضة عموما كالصحيح عن ظبي دخل الحرم قال لا يؤخذ و لا يمس لأن اللَّه تعالى يقول وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً و خصوصا كالخبر عن رجل أصاب صيدا في الحل فربطه إلى جانب الحرم فمشى الصيد بربطه حتى دخل الحرم و الرباط في عنقه فاجتراء الرجل بحبله حتى أخرجه و الرجل في الحل من الحرم فقال ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة و يضمن لو رمى الصيد من الحرم فقتله في الحل و كذا لو رماه من الحل فقتله في الحرم أو أصابه و بعضه في الحرم و كذا لو كان الصيد على غصن في الحل و أصله في الحرم ضمنه القاتل و بالعكس بلا خلاف في شي ء من ذلك أجده بل عليه الإجماع كما في كلام جماعة كما ستعرفه أما الأول فلعموم أدلة الجزاء على القاتل في الحرم و لأن كونه في الحرم هو الذي أفاده الحرمة و الأمن و للإجماع كما في ظاهر المدارك و الذخيرة و صريح المحكي عن المنتهى و التذكرة قيل و عن أحمد في رواية لا ضمان و منه أن يرميه و هما في الحل و دخل الصيد في الحرم ثم أصابه السهم كما في التذكرة و أما الثاني فللإجماع كما في الكتب المتقدمة و الحسن بل الصحيح في ذلك فقال عليه الجزاء لأن الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم قيل و لم يضمن الشافعي و الثوري و أبو ثور

و ابن المنذر و أحمد في رواية و أما الثالث فللإجماع كما عن الخلاف و الجواهر و تغليب الحرام و أما الباقيان فللإجماع كما عنهما في الأول و عن التذكرة و المنتهى في العكس و تغليب الحرام و القوي عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحل على غصن منها طير رماه رجل فصرعه قال عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم و يرشد إليه الصحيح عن شجرة أصلها في الحل و فرعها في الحرم قال حرام أصلها لمكان فرعها و من أدخل صيدا في الحرم وجب عليه إرساله و لو تلف في يده ضمنه و كذا لو أخرجه من الحرم فتلف قبل الإرسال كل ذلك بالإجماع الظاهر المصرح به في بعض العبائر في الأول و الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح عن الصيد يصاد في الحل ثم جي ء به إلى الحرم و هو حي قال إذا أدخله الحرم فقد حرم عليه أكله و إمساكه فلا يشترين في الحرم إلا مذبوحا ذبح في الحل ثم جي ء به إلى الحرم مذبوحا

فلا بأس به للحلال و فيه عن رجل أهدي له حمام أهلي جي ء به و هو في الحرم فقال إن هو أصاب منه شيئا فليتصدق بثمنه نحوا مما كان يسوى في القيمة و في الحسن عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال إن كان حين أدخله خلى سبيله فلا شي ء عليه فإن أمسكه حتى مات فعليه الفداء و هو يعم ما لو تلف في يده في الحرم أو خارجه و في الخبر إذا أدخلت الطير المدينة فجائز لك أن تخرجه منها ما أدخلت و إذا أدخلت مكة فليس لك

أن تخرجه و لو كان طائرا مقصوصا حفظه وجوبا حتى يكمل ريشه ثم أرسله بغير خلاف أجده و به صرح في الذخيرة للمعتبرة و فيها الصحاح و غيرها ففي الصحيح فيمن أصاب طيرا في الحرم إن كان مستوي الجناح فليخل عنه و إن كان غير مستو فنفقة و أطعمه و أسقاه فإذا استوى جناحه خلى عنه و فيه في رجل أهدي إليه حمام أهلي و هو في الحرم من غير الحرم فقال إن كان مستويا خلت سبيله و إن كان غير ذلك أحسنت إليه حتى إذا استوى ريشه خليت سبيله و نحوهما آخر و الخبران و يستفاد منها جواز إيداعه من مسلم و لو امرأة كما في أحدهما مع التقييد بلا بأس بها و لذا اعتبر الفاضل العدالة فيه في المنتهى و ذكر جماعة أنه لو أرسله قبل ذلك ضمنه مع تلفه أو اشتباه حاله لأن ذلك بمنزلة الإتلاف و هل يلحق بالطائر ما يشاركه كالفرخ قيل لا لعدم النص و قيل نعم لأن إرساله في معنى إتلافه و هو مشكل فيما إذا كان مأيوسا عن عوده إلى الصحة لما في حفظه و مئونته من الحرج البين و إن كان أحوط و في تحريم حمام الحرم على المحل في الحل كما عن النهاية و التهذيب و حج المبسوط و التحرير و التذكرة و المنتهى و في المختلف و المدارك و غيرهما أم العدم كما عن صيد الخلاف و المبسوط و السرائر تردد من عموم ما ورد في تحريم صيد الحرم و خصوص الصحيح لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم و قريب منه المروي عن قرب الإسناد و غيره عن

الرجل هل يصلح له أن يصيد حمام الحرم في الحل فيذبحه فيدخل الحرم فيأكله قال لا يصلح أكل حمام الحرم على كل حال و من الأصل و منع عموم حمام الحرم إذ المسلم منه الإطلاق و المتبادر منه ما كان في الحرم و معارضة الصحيح بالصحيح عن قول اللَّه عز و جل وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً قال من دخل الحرم مستجيرا به كان آمنا من سخط اللَّه تعالى و من دخله من الوحش و الطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم فإن مفهومه جواز الإيذاء إذا خرج من الحرم و هو الموافق لما تقرر في الإنسان الملتجئ به أيضا و ضعف دلالة لا يصلح فيما بعد الصحيح على المنع و احتمال الكراهة بل و ظهوره فيها و بها يجمع بين الصحيح بحمل النهي في أولها على الكراهة و الثاني

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 465

على الرخصة فهو أولى من الجمع بينهما بحمل النهي على الحرمة و تقييد مفهوم الصحيح الثاني بما عدا الحمام لتضمنه الطير و الغالب فيه الحمام فيبعد غاية البعد تخصيصه أو تقييده بغيره و لو سلم فغاية الأمر تعارض الجمعين و لا مرجح في البين فيرجع إلى حكم الأصل و هو البراءة فإذا أشبهه الجواز مع الكراهة أما الأول فلما مر و أما الثاني فللاحتياط مع أنه أقل مراتب النهي و لا يصلح المتقدمين و من نتف ريشه ثم أرسله من حمام الحرم بيده فعليه صدقة يسلمها بتلك اليد الجانية التي نتفها بها إلى مسكين إن نتف باليد كما في النص المقطوع به بين الأصحاب على الظاهر المصرح به في الذخيرة و المسالك و في التحرير و عن التذكرة

و المنتهى أنه إن تعدد الريش فلو كان بالتفريق فالوجه تكرر الفدية و إلا فالأرش قيل لأنه في الأول نتف كل مرة ريشه بخلاف الثاني لكن الأرش إنما يتم إن نقصت القيمة و إلا فكالأول و خصوصا الخبر في الكافي و الفقيه فيمن نتف حمامة لا في من نتف ريشه و استظهر الشهيد لتكرره مطلقا و عن مالك و أبي حنيفة جميع الجزاء إذا تعدد الريش و في الدروس و لو حدث بالنتف عيب ضمن الأرش مع الصدقة قال و الأقرب عدم وجوب تسليم الأرش بيد الجانية قال و في التعدي إلى غيرها يعني الحمام و إلى نتف الوبر نظر و يمكن هنا الأرش قلت إن حصل النقص و حينئذ فالحمام كذلك و في المقنعة و المراسم و جمل العلم و العمل نتف ريش طائر من طيور الحرم و في الجامع نتف ريشه من طير الحرم و لا يسقط الصدقة و لا الأرش بالنبات خلافا لبعض العامة و ما يذبح من الصيد في الحرم ميتة حرم أكله على المحرم و المحل سواء ذبحه المحرم أو المحل أكلا في الحرم أو في الحل بلا خلاف و قد مر نقل الإجماع عليه في المحرم و المقصود هنا ذبح المحل في الحل للمحل و لا ريب في تحريمه عليهما مطلقا بل في صريح المدارك و ظاهر غيره الإجماع على كونه ميتة و لا بأس بما أي بصيد يذبح ه المحل في الحل للمحل فيحل عليه و إن أكله في الحرم دون المحرم فيحرم عليه مطلقا و الأصل في الأحكام المزبورة الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة و مما يتضمن الأحكام الثلاثة الصحيح في حمام ذبح في الحل قال

لا يأكله محرم و إذا أدخل مكة أكله المحل بمكة و إذا دخل الحرم حيا ثم ذبح في الحرم فلا تأكله لأنه ذبح بعد أن دخل ما منه و تحريم الأكل و إن كان أعم من الحكم بكونه ميتة إلا أنه هنا يستلزمه بالإجماع كما مر مضافا إلى صريح الخبر إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محل و لا محرم و إذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل و لا محرم و قصور السند مجبور بالعمل و هل يملك المحل صيدا في الحرم أم لا فيه تردد و قولان للماتن اختار الثاني في الشرائع و الأول هنا فقال الأشبه إنه يملك و هو الأظهر بل المشهور كما في بعض شروح الشرائع حاكيا له عن أبي العباس فقال قال أبو العباس في شرحه أي على الكتاب هذا هو المشهور و لا أعرف فيه مخالفا و ذهب المصنف في الشرائع إلى أنه لا يملك إلى أن قال أما ثبوت الملك و وجوب الإرسال فهو المشهور كما قاله أبو العباس إذ لا مانع منه و وجوب الإرسال لا ينافي الملك و أما وجه اختيار المصنف و هو عدم الملك لأن ثبوت الملك يستلزم التصرف فمع وجوب الإرسال و عدم جواز التصرف فلا يظهر للملك فائدة فلا يدخل في ملكه و هو ضعيف لاجتماع الملك و عدم جواز التصرف كما في أم الولد و الرهن و تملك المحرمات نسبا و خروجهم عن الملك في ثاني الحال و قد يجاب عن المصنف بأن تملك هذه الأشياء لا يخلو عن الفائدة أما الرهن و أم الولد ففائدتهما ظاهرة لأن الرهن مملوك

و يباع بدينه مع الإعسار و يفكه مع اليسار ففائدته ظاهرة له و أما أم الولد فهي مملوكة يتصرف فيها بجميع أنواع التصرف عدا البيع ففائدتها ظاهرة أيضا و أما فائدة تملك المحرمات مع خروجهم عن الملك في ثاني الحال فهي أعظم الفوائد و أجلها و هي إنقاذ الرحم من الملكية و إخراجه من ذل الرق إلى عز الحرية و إنما تملك الصيد مع وجوب الإرسال فلا يتصور فيه شي ء من الفوائد

الدينية و لا الدنيوية فوجب أن لا يدخل في الملكية و قد يجاب عن منع فائدة تملك الصيد مع وجوب الإرسال بأنه لا يخلو عن الفائدة و لو لم تكن حاضرة فهي مقدرة و هي تتقدر بوجوه و ذكر منها وجوها ثلاثة و قد قدمنا سابقا إلى بعضها الإشارة و ما ذكره رحمه اللَّه في تحقيق المسألة قولا و دليلا لا مزيد عليه و لا مزية فلذا اكتفينا به في شرح العبارة و منه يظهر ما في كلام بعض من نسب قول الشرائع هنا إلى الأكثر من الضعف سيما و لم نر قائلا به سوى الماتن في الشرائع و لم يحك إلا عنه و قد رجع عنه و أما أنه يجب عليه إرسال ما يكون معه من الصيد فلا خلاف فيه نصا و فتوى على الظاهر المصرح به في بعض العبائر بل في بعضها الإجماع و في قوله معه إيماء إلى اختصاص وجوب الإرسال المتوهم منه عدم الملك بالصيد الحاضر دون النائي و هو كذلك و به صرح جماعة و إن أوهم عبارة الماتن في الشرائع خلافه و عموم القول بالمنع عن الملك للحاضر معه و النائي عنه و لكن عبارته تقبل الانطباق لما

هنا كما صرح به في المسالك و ارتضاه منه سبطه معنى لا لفظا و هو كذلك

[الثالث في باقي المحظورات]
اشارة

الثالث في بيان ما يترتب على باقي المحظورات التي يترتب عليها الكفارة و هي تسعة

[الأول الاستمتاع بالنساء]

الأول الاستمتاع بالنساء و ما يلحق به ف اعلم أن من جامع أهله قبل إدراك أحد الموقفين من عرفة و مشعر قبلا أو دبرا عامدا للجماع ذاكرا للإحرام عالما بالتحريم أتم حجه و لزمه بدنة و الحج من قابل فرضا كان حجه أي الذي أفسده أو نفلا وجوبا في جميع ذلك بإجماع العلماء عليه في الجملة كما في كلام جماعة و الصحاح به مع ذلك مستفيضة و لكن اختلفوا في أمور منها ما في العبارة من تعميم الحكم للوقاع قبل المشعر بعد الاتفاق على ثبوته له قبل عرفة فالأكثر على العموم و منهم السيدان في الرسية و الانتصار و الغنية و القاضي في الجواهر و جمل العلم و العمل مدعيين الإجماع عليه كالشيخ فيما حكي و هو الأظهر لاستفاضته نقل الإجماع عليه مضافا إلى الصحاح المستفيضة و غيرها الدالة عليه عموما و خصوصا ففي الصحيح إذا واقع الرجل بامرأته دون مزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل و فيه عن رجل محرم وقع على أهله فقال فإن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن لم يكن جاهلا فإن عليه أن يسوق بدنة و يفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و عليهما الحج من قابل خلافا للمفيد و الديلمي و الحلبي فخصوه بمورد الوفاق لحديث أن الحج عرفة و هو ضعيف سندا و دلالة و معارض بأجود منه بحسبهما فليحمل على أن الراد

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 466

كونه أعظم الأركان قيل و كذا قوله ع من وقف بعرفة فقد تم حجه إن

سلم يحتمل أنه يكفي إدراكه و يفيد أنه قارب التمام كقوله إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته و يمكن الحمل على التقية لما عن التذكرة من قول العامة بفوت الحج عمن فات عرفة مطلقا و لو وقف بمزدلفة و منها ما فيها عن تعميمه للوقاع قبلا و دبرا كما عليه الأكثر إطلاقا و جماعة تصريحا و منهم الشيخ في المبسوط و إن جعل بعضهم هنا مخالفا فأوجب بالوطء في الدبر البدنة دون الإعادة و عبارته المحكية صريحة في الموافقة للعبارة و أن الذي فيه البدنة خاصة إنما هو الوقاع فيما دون الفرج يعني القبل و الدبر لا القبل خاصة كما صرح به في صدر عبارته المحكية نعم حكى الخلاف في الخلاف عن بعض الأصحاب محتجا بأصالة البراءة و يعارضه العمومات المعتضدة بالشهرة العظيمة بين الأصحاب و زيد له في المختلف الموثق عن رجل وقع على أهله فيما دون الفرج قال عليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل و أجيب عنه بأنا نقول بموجبه فإن الدبر يسمى فرجا لأنه مأخوذ من الانفراج و هو متحقق فيه و هو حسن و لو قلنا إن المتبادر من الفرج حيث يطلق هو القبل خاصة لا الدبر و ذلك فإنه تبادر إطلاقي فلا يقطع بسببه بنفي إرادة الدبر بل غايته الإجمال فيه و هو لا يخصص العمومات الشاملة للدبر نعم لو كان التبادر تبادرا حقيقيا يكون بسببه غير المتبادر معنى مجازيا أمكن التخصيص إن جوز تخصيص العمومات بالخاص مطلقا و لو كانت مشهورة دون الخاص و إن خصصناه بما إذا لم يكن العمومات معتضدة بالشهرة منعنا التخصيص على هذا التقدير أيضا بناء على ما مر

من كون التعميم للدبر أشهر سيما و نحو هذه الشهرة التي لا يكاد فيها مخالف يعتد به يظهر فإذا المعتمد ما عليه الأكثر و منها ما أشار إليه بقوله و هل الحجة الثانية عقوبة قيل نعم و الأول فرضه و القائل الشيخ في النهاية و تبعه جماعة و قيل الأولى فاسدة و الثانية فرضه و القائل الشيخ و الحلي في الخلاف كما حكي و تبعهما الفاضل في كثير من كتبه و ربما يستفاد من قوله و الأول هو المروي الميل إلى الأول و أشار به إلى الصحيح قلت فأي الحجتين لهما قال الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا و الأخرى عليهما عقوبة و أيد باستصحاب الصحة و بأن الفرض لو كان القضاء لاشترط فيه من الاستطاعة ما اشترط في الأداء و يضعف الأول بالقطع و الإضمار و لم يسنده الراوي إلى إمام و مع ذلك معارض بالصحيح الصريح في أن في الوقت فساد الحج و مضمونه مشهور بين الأصحاب حتى استدل به الحلي و الفاضل في جملة من كتبه هنا مؤذنين بدعوى الإجماع عليه كما صرح به الفاضل المقداد في شرح الكتاب فقال في دليل القول الثاني لأن الأولى فاسدة و كل ما كان فاسدا لا يجزي و لا يبرئ الذمة و المقدمتان إجماعيتان و لا ينافيه نقله بعد ذلك عن بعض الفضلاء الجواب عن صغرى القياس بالمنع معللا بأنه لم يرد في حديث فساد حجه و إن اشتهر في عبارات الأصحاب فإن ثبت حمل على نقصان فضله لإفساد أصله و تجبره الكفارة و الحج من قابل عقوبة إذ الإجماع عندنا ليس إلا وفاق خاص يكشف عن قول الإمام ع فلا يقدح فيه خروج بعض

الفضلاء و بهذا الإجماع يرد كلام ذلك القائل مع خطائه لجماعة كجماعة ممن تبعه في الجواب بذلك بوجود ما مر من الصحيح بالفساد و حمل الفساد فيه و في كلام الأصحاب على ما ذكره من النقص في الفضل دون بطلان الأصل مجاز يحتاج إلى قرينة هي مفقودة إذ ليس إلا الاستصحاب و ما بعده و يجب الخروج عنهما لهذا الصحيح و صحيح المتن لا يعارضه لما عرفت من القطع و الإضمار المسقطين للرواية عن الاعتبار فإذن القول الثاني هو المختار مع تأيده برجوع الشيخ عن القول الأول إليه في الخلاف لكن الإنصاف أن المسألة بعد لا تخلو عن شوب الإشكال فالاحتياط فيها لا يترك على كل حال و تظهر الفائدة في النية فينوي على الأول في الإحرام مثلا و كذا باقي الأفعال في الحجة الثانية أفعل هذا الذي وجب علي بالإفساد و على الثاني حجة الإسلام و في الأخير للحج في سنة و في الناذر له فيها فعلى الأول يرجع على الأجير بالأجرة و يجب على الناذر و من في معناه الكفارة دون الثاني فلا شي ء عليهما بالكلية و في المفسد المصدود إذا تحلل وجب

القضاء فإن قلنا بالأول لم يكف القضاء الواحد لوجوب قضاء حجة الإسلام بالتحلل منها و بقاء حجة العقوبة في ذمته فيقدم حجة الإسلام في القضاء و إن قلنا بالثاني كفى القضاء الواحد لسقوط حجة العقوبة بالتحلل منها و في غير ذلك و اعلم أن إطلاق النص و الفتوى يقتضي عدم الفرق في المرأة التي وطئها بين الدائم و المتمتع بها و في إلحاق الأمة و الأجنبية و وطء الغلام و البهيمة إشكال من صدق المرأة بل الأهل الواردين فيهما على الأمة

و أولوية ثبوت الحكم في البواقي و من تبادر من عدا الأمة من الإطلاق و انثلام الأولوية بأن مبناها أفحشية الفعل و ربما تسقط معها الكفارة كما مر في كفارة الصيد و لا ريب أن الإلحاق في الجميع و لا سيما الأول أحوط و إن لم يكن متعينا لضعف دليل المنع بأن في النص ما هو عام ينصرف إلى المتبادر و غيره و حجية الأولوية و عدم انثلامها في محل البحث يرفع اليد عنها في بعض الموارد غيره لدليل مفقود في المقام و احترز بالعامد العالم عن الناسي و لو للحكم و الجاهل فلا شي ء عليهما بلا خلاف ظاهر فتوى و نصا بل قيل إجماعا و عن الخلاف و الغنية الإجماع عليه في الناسي و من المكره فلا شي ء عليه بلا خلاف و لا إشكال إلا في تحمل المكره للزوج أو لهما الكفارة عنه أو عنهما ففيه إشكال و الأجود العدم اقتصارا فيما خالف الأصل على مورد الفتوى و النص و هو ما أشار إليه بقوله و لو أكرهها أي المرأة زوجها و هي محرمة حمل منها الكفارة و هي البدنة خاصة دون الحج من قابل لعدم فساد حجها بالإكراه و لذا لا يكون حج عليها في القابل ليتحمله عنها و لو طاوعته لزمها ما يلزمه من إتمام الحج و البدنة و الحج من قابل و لم يتحمل عنها كفارة و عليها مطلقا الافتراق في القضاء إذا وصلا موضع الخطيئة حتى يقضيا المناسك و معناه أن لا يخلو بأنفسهما إلا مع ثالث محترم عندهما ليمنعهما الجماع فلا عبرة بأمته و زوجته و غير المميز إذا لم يمنعا عنه بهم و لا خلاف في شي ء من

ذلك أجده و عن الخلاف الإجماع في الجميع و الغنية في الأخير و فيه و في الثاني في المدارك و هو الحجة مضافا إلى الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح و إن كانت المرأة تابعة على الجماع فعليها مثل ما عليه و إن استكرهها فعليه بدنتان و عليه الحج من قابل و نحوه في تحمل البدنة عنها الخبر المنجبر بالعمل في محرم واقع أهله قال أتى عظيما قال استكرهها

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 467

أو لم يستكرهها قلت أفتني فيهما جميعا فقال إن استكرهها فعليه بدنتان و إن لم يكن استكرهها فعليه بدنة و يفترقان من المكر الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة و عليهما الحج من قابل لا بد منه قلت فإذا انتهيا إلى مكة فهي امرأته كما كانت فقال نعم هي امرأته كما هي فإذا انتهيا إلى المكان الذي كان بينهما ما كان افترقا حتى يحلا فإذا أحلا فقد انقضى عنهما إن أبي كان يقول ذلك و نحوهما في ذلك الرضوي و تلزم المرأة بدنة إذا جامعها الرجل فإن أكرهها لزمه بدنتان و لم يلزم المرأة شي ء و فيه أيضا الحكم بالتفريق بينهما كالخبر المتقدم و الصحاح به زيادة عليهما مستفيضة فإطلاقها كالفتاوى يشمل صورتي الإكراه و المطاوعة و ربما يوجد في بعض الفتاوى تقييده بالمطاوعة و لا وجه له نعم في الحسن عن رجل غشي امرأته و هي محرمة قال جاهلين أو عالمين قلت أجبني في الوجهين جميعا قال إن كانا جاهلين استغفرا ربهما و مضيا على حجهما و ليس عليهما شي ء و إن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه و عليهما بدنة و عليهما الحج من

قابل فإذا بلغ المكان الذي أحدثا فيه ما أحدث فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصاب و هي بمفهومه يدل على عدم الافتراق بينهما إذا لم يكونا عالمين سواء كانا جاهلين كما في صدر الرواية أو أحدهما عالما و الآخر جاهلا و المكره بحكم الجاهل لكنه مقطوع السند فلا يقيد به إطلاق الأخبار السابقة إلا أن يقال إن الغالب الذي ينصرف إليه الإطلاق إنما هو صورة المطاوعة دون الإكراه فليحمل عليها و بنحوه يمكن الجواب عن إطلاق الفتاوى سيما نحو العبارة مما ذكر فيه الحكم بالتفريق بعد حكم صورة المطاوعة دون المكرهة و لا يخلو عن وجه إلا أن الاحتياط يقتضي التفريق مطلقا سيما مع عدم وضوح صحة دعوى الغلبة في ذلك ثم إن ظاهر النصوص و نحو العبارة وجوب التفريق كما عليه الأكثر بل المشهور كما قيل و في المدارك الإجماع على الوجوب أيضا كما في صريح الرضوي و ربما يحكى عن النهاية و المبسوط و السرائر و المهذب التعبير ينبغي و ليس صريحا في المخالفة بل و لا ظاهرا كما في المختلف قال لاستعماله فيهما أي في الوجوب و الاستحباب كثيرا و فيه أيضا الروايات تدل على الأمر بالتفريق فإن قلنا الأمر للوجوب كان واجبا و إلا فلا أقول و حيث قال و قلنا بكونه للوجوب تعين الفتوى به إذ لا له معارض سوى الأصل و يجب الخروج به عنه ثم إن هذا إن سلكا في القضاء ما سلكاه من الطريق في الأداء و إلا فلا افتراق كما يستفاد من الشرائع و التذكرة فيما حكي عنه قيل و نص عليه الصدوق و الشهيد و التحرير

و المنتهى و هو قريب و يعضده الصحيح و الموثق الآتيان قريبا و أيده في المنتهى بأنهما إذا بلغا موضع الجماع تذكراه فربما دعاهما إليه و ليس ذلك في طريق آخر و اعلم أن ظاهر العبارة اختصاص وجوب التفريق بالقضاء و أن غايته قضاء المناسك خاصة و الأصح وفاقا لجماعة و منهم ابن زهرة مدعيا عليه الإجماع عمومه له و للأداء لذلك و لإطلاق جملة من الصحاح المستفيضة و غيرها بل ظهورها في الأداء و صريح بعضها فيه و آخر منها فيه و في القضاء ففي الصحيح و يفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و عليه الحج من قابل و من الأخبار المتقدمة المتضمنة للتفريق فيهما و اختلفت هذه الأخبار و غيرها في غاية التفريق ففي الصحيحين حتى يبلغ الهدي محله أحدهما في الأداء و الآخر في القضاء و في آخرين حتى يقضيا المناسك و يعود إلى موضع الخطيئة و موردهما الإطلاق أو الأداء و نحوهما الصحيحة المتقدمة أعني المقطوعة في القضاء و في بعض الأخبار المتقدمة حتى يبلغا مكة و موضع الخطيئة و في الصحيح يفرق بينهما حتى ينفر الناس و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قلت أ رأيت إن أخذا في غير ذلك الطريق إلى أرض أخرى يجتمعان قال نعم و في الموثق المروي عن نوادر البزنطي يفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و حتى يعود إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قلت إن أرادا أن يرجعا في غير ذلك الطريق فقال فليجتمعا إذا قضيا المناسك و الذي يقتضيه النظر في الجمع بين هذه الأخبار حمل تعدد هذه الغايات على تفاوت مراتب

الفضل و الاستحباب فأعلاها الرجوع إلى موضع الخطيئة

و إن أحلا و قضى المناسك قبله ثم قضاء المناسك ثم بلوغ الهدي محله كما في الصحيحين و هو كناية عن الإحلال بذبح الهدي كما وقع التصريح به في بعض الأخبار المتقدمة و لكن الاحتياط يقتضي المصير إلى المرتبة الأعلى ثم الوسطى سيما في الحجة الأولى لكثرة أخبارها و شهرتها و لذا قيل و قد أجاد الإسكافي حيث أفتى بالافتراق في الأداء إلى بلوغها محل الخطيئة و إن أحلا قبله و في القضاء إلى بلوغ الهدي محله و كذا ابن زهرة و إن لم ينص على الإحلال أقول و في الغنية عليه الإجماع و لو كان ذلك أي الجماع عامدا عالما منهما أو من أحدهما بعد الوقوف بالمشعر لم يفسد به الحج فلا يلزمه الحج من قابل و لكن جبره ببدنة بلا خلاف بل على الحكمين الإجماع في الغنية و المنتهى و غيرهما للأصل و مفهوم الصحيح المتقدم في فساد الحج بالجماع قبل الوقوف بالمشعر في الأول مضافا إلى المرسل و الرضوي فيهما و خصوص المعتبرة في لزوم البدنة ففي الصحيح عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال عليه جزور و في آخر قبل أن يزور البيت قال يهريق دما و في الخبر عن رجل وقع على أهله يوم النحر قبل أن يزور قال إن كان وقع عليها بشهرة فعليه بدنة و إن كان غير ذلك فبقرة أو شاة إلى غير ذلك من الأخبار الآتية و لو استمنى أي طلب المني بعبث بيده أو بملاعبة زوجته أو غير ذلك و الفرق بينه و بين الاستمتاع بغير الجماع مما يأتي مجرد الاستمتاع عن قصد الإمناء

بخلافه و قيده جماعة و منهم الماتن هنا و الفاضل في القواعد و غيرهما بكونه بيده لزمته بدنة حسب وفاقا للحلي و جماعة للأصل المؤيد بما في الصحيحين من عدم القضاء على المجامع فيما دون الفرج مطلقا و لو أمنى و عليه الإجماع و في الغنية بل و غيرها أيضا بل جعل هذا فخر الإسلام دليلا مستقلا على هذا القول بعد أن اختاره فقال لأن الجماع في غير الفرج أشد من الاستمناء لتعلق أحكام الزنى به دونه و هو لا يفسد و لكن في رواية موثقة عمل بها الشيخ في النهاية و المبسوط و جماعة كالقاضي و ابن حمزة بل الأكثر كما في التنقيح في محرم عبث بذكره فأمنى قال أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم بدنة و حج من قابل و مال إليها ثاني المحققين و الشهيدان قالوا لعدم معارض لها و نحوهم الفاضل المقداد في التنقيح

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 468

فقال بعد الكلام في سندها لكن قال الإسكافي هي في حديث الكليني عن مسمع بن عبد الملك عن الصادق ع و مسمع ممدوح مدحه الصادق ع ملقب بكردين بكسر الكاف فانجبر ضعف الرواية بهذه مع أن القائل بها أكثر و العمل بها أكثر و العمل بها أحوط انتهى و هو حسن فيتعين الخروج بها عن الأصل و ما بعده المتقدمين سيما مع تأيدها بما في المختلف من أن الاستمناء أقبح من إتيان أهله فيكون أولى بالتغليظ و من الصحيح عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع أن يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما قال عليهما جميع الكفارة مثل ما على الذي جامع و

إن كان في الاستدلال بهما و لا سيما الثاني نظر هذا و الإنصاف أن الموثقة التي هي الأصل في الباب لا دلالة لها على حكم الاستمناء على الإطلاق بل على الفعل المخصوص المذكور فيه المجامع للاستمناء تارة و المتخلف عنه أخرى و لذا اقتصر على موردها الشيخ الذي هو الأصل في القول بها فعبر بمتنها و هو الأقوى و لا موجب للتعدية هنا حتى رواية المسمع المتقدمة فإن متنها كما في المختلف عن الإسكافي هكذا إذا نزل الماء إما بعبث بحرمته أو بذكره أو بإدمان نظره مثل الذي جامع قال في المختلف بعد نقله و ليس هذا القول صريحا منه بالإفساد لاحتمال المساواة في البدنة فإن النظر لا يقتضي الإفساد أقول و لعله لهذا لم يتعرض أحد سوى التنقيح للاستدلال بهذه الرواية في المسألة و مع ذلك فينبغي تقييده بما إذا وقع ذلك قبل أحد الموقفين مع ما مر من الوصفين لا مطلقا اتفاقا و لو جامع المولى أمته المحرمة بإذنه حال كونه محلا عامدا عالما بأنه لا ينبغي له ذلك مختارا لزمه بدنة أو بقرة أو شاة مخيرا بينها إن كان قادرا عليها أجمع و لو كان معسرا و لم يقدر إلا على الشاة فشاة أو صيام فيما قطع به الأصحاب كما في كلام جماعة و في الروضة بعد نقل نحو العبارة بزيادة ثلاثة أيام بعد الصيام هكذا وردت به الرواية و أفتى به الأصحاب و ظاهرهم كما ترى الإجماع مع أنه لم ينقل في المختلف و لا غيره إلا عن العلامة و الماتن و ابن عمه و سيأتي الخلاف فيه من الشيخ و الحلي نعم أفتى به في القواعد و الفوائد و التحرير

و الشهيدان في كتبهم و غيرهم من المتأخرين لما مر من الرواية و هي موثقة بل قيل صحيحة و فيها عن رجل محل وقع على أمة له محرمة قال موسرا أو معسرا قلت أجنبي فيهما قال أمرها بالإحرام أو لم يأمرها و أحرمت من قبلها نفسها قلت أجنبي فيهما فقال إن كان موسرا أو كان عالما أنه لا ينبغي له و كان هو الذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة و إن شاء بقرة و إن شاء شاة و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شي ء عليه موسرا كان أو معسرا فإن كان أمرها و هو معسر فعليه دم شاة أو صيام و رويت في المحاسن بزيادة أو صدقة و هي مع اعتبار سندها و حجيتها مشهورة بين الأصحاب فلا بأس بالعمل بها خلافا للنهاية فعليه بدنة و إن لم يقدر فشاة أو صيام ثلاثة أيام و قريب منه عن المبسوط و السرائر قيل و كأنهما حملا الخبر على الإكراه للأصل مع ضعفه و معارضته بالصحيح عن رجل أمر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت و لم يكن هو إحرام فغشيها بعد ما أحرمت قال يأمرها فتغتسل ثم تحرم و لا شي ء عليه و حمله في كتابي الأخبار على أنها لم تكن لبست و أما عدد الثلاثة في الصيام فكأنه لكونها المعروفة بدل الشاة انتهى و في الحكم بضعف الخبر ما مر مع أنه على تقديره هو بفتوى الأصحاب منجبر و الصحيح بإطلاقه شاذ ثم إن الخبر بإطلاقه شامل لما لو أكرهها أو طاوعته لكن ذكر العلامة و من تبعه أن مع المطاوعة تجب عليها الكفارة أيضا بدنة و صامت عوضها ثمانية عشر يوما مع علمها بالتحريم

و إلا فلا شي ء عليها و لو طاوعته قبل المشعر فسد حجها أيضا و نظرهم في ذلك إلى عموم الأخبار و الأدلة المتقدمة في المسائل السابقة في جماع المحرم مع المحرمة لما تقدم من عموم الأهل فيها و المرأة فلا وجه لتأمل جماعة من المتأخرين فيما ذكروه مع اعترافهم بعموم تلك الأخبار للأمة و لا ينافيه إطلاق الرواية فإنه بالنسبة إلى المولى خاصة و أما بالنسبة إلى حكم الأمة فالرواية مجملة لا تعارض لها فيها بشي ء بالكلية و لم يقيد

بالفتوى و الرواية الجماع بوقت فيشمل سائر أوقات إحرامها التي تحرم الجماع بالنسبة إليه أما بالنسبة إليها فيختلف الحكم كالسابق فلو كان قبل الوقوف بالمشعر فسد حجها مع المطاوعة و العلم كما مر و احترزنا بالمحرمة بإذنه عما لو فعلته بغيره فإنه يلغى و لا شي ء عليهما و في إلحاق الغلام المحرم بإذنه بها وجهان مضى وجهها مرارا و لو جامع المحرم عالما عامدا بعد المشعر قبل طواف الزيارة لزمه بدنة لإطلاق ما مر من ثبوتها على من جامع بعد المشعر و إنما ذكر هنا هذا بالخصوص مع دخوله فيما مر للتنبيه على حكم الإبدال المشار إليه بقوله فإن عجز عنها فبقرة أو شاة مخيرا بينهما كما هنا و في الشرائع و القواعد و غيرهما أو مرتبا كما في الفوائد و التحرير عن النهاية و المبسوط و السرائر و التذكرة و المنتهى و التخليص و المهذب و لم أعثر على نص على أصل هذه الأبدال مطلقا و بذلك اعترف جماعة و ربما استدل لها على التخيير ببعض الصحاح المتقدمة في الوقاع بعد المشعر فإن فيه أن عليه دما يهريقه و هو بإطلاقه يشمل البقرة أيضا و

فيه أنه في الأخبار ظاهر في الشاة و لو سلم فيشمل البدنة أيضا و مقتضى الإطلاق جواز العدول إلى الآخرين مطلقا و ليس كذلك فإن الترتيب بينها و بين الآخرين ثابت بلا خلاف و لو سلم فمقتضى الأصول في الجمع بينه و بين الأدلة المتضمنة للبدنة التقييد بها و أما الاستدلال عليه بالخبر المتقدم بعدهما ثمة المتضمن لقوله إن وقع عليها بشهرة إلى آخره فأوضح حالا في الفساد غني وجهه عن البيان و ربما استدل على ذلك بالخبر عن رجل أتى أهله و عليه طواف النساء قال عليه بدنة ثم جاء آخر فسأله عنها فقال عليه بقرة ثم جاء آخر فقال عليك شاة فقلت بعد ما قاموا أصلحك اللَّه تعالى كيف قلت عليه بدنة فقال أنت موسر عليك بدنة و على الوسط بقرة و على الفقير شاة و هو بعد الإغماض عن ضعف السند بالجهالة و عدم انطباقه على القول بالتخيير بين الشاة و البقرة مورده من طاف الزيارة و عليه طواف النساء و هو غير مفروض المسألة أعني من عليه طواف الزيارة و إلحاق أحدهما بالآخر من غير موجب قياس فاسد في الشريعة و مع ذلك لزوم الشاة على الفقير مثلا يتبع الاسم و الصفة و هو أعم من العجز عن البدنة أو البقرة فإن الفقير قد لا يعجز عنها مع فقره قطعا و الأجود الاستدلال بعدم ظهور الخلاف و هو حجة على المختار و بقي الكلام في تعيين الترتيب و التخيير و مقتضى الأصول الأول مع أن القائل به أكثر و العمل به أحوط و لا فرق في وجوب الكفارة بين من لم يطف شيئا من الأشواط أو طاف أقل من النصف أو

أكثر لعموم الأخبار و الفتاوى لصدق أنه قبل الطواف و أنه لم يزر فإنه بمعنى لم يطف و خصوص الخبر فإن كان طاف بالبيت طواف

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 469

الفريضة فطاف أربعة أشواط فغمزه بطنه فخرج فقضى حاجته فغشي امرأته أفسد حجه و عليه بدنة و يغتسل ثم يرجع فيطوف أسبوعا و كان إفساد الحج بمعنى نقصه إذ لا قائل بفساده بذلك أو الحج بمعنى الطواف تسمية للجزء باسم الكل كما عن المنتهى أو رجوعا إلى اللغة و لو طاف من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع و لو عامدا عالما لم يلزمه الكفارة و أتم طوافه على الأظهر الأشهر بل لا خلاف فيه إلا من الحلي و هو نادر و مستنده مع ذلك غير واضح عدا ما ادعاه من الإجماع على لزومها على من واقع قبل طواف النساء و مال إليه بعض متأخري المتأخرين للأخبار المستفيضة المتضمنة للصحيح و غيره بذلك و فيهما نظر لمنع الإجماع و شموله لمحل النزاع فإن القدر المتحقق من الفتاوى المتفقة عليه هو الوقاع قبل مجاوزة النصف و كذلك الأخبار مع ضعف سند أكثرها بل المتبادر من إطلاقها إنما هو الوقاع قبل الشروع لا بعده و إنما استفيد حكمه من الإجماع الظاهر المستفاد من جملة من العبائر على نفي الكفارة بعد الخمسة الأشواط و خصوص الحسن كالصحيح بل قيل صحيح عن رجل كان عليه طواف النساء فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدؤه فخرج إلى منزله فنقص ثم غشي جاريته قال يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه و يستغفر ربه و لا يعد و إن كان طواف النساء فطاف عنه ثلاثة

أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجه و عليه بدنة و يغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا و فحوى الخبر الآتي و القدح فيهما سندا بعدم الصحة بل الضعف في الثاني و دلالة في الأول بعدم نفيه الكفارة بل غايته السكوت عنها و هو أعم من نفيها ليس في محله لكفاية الحسن في الحجية و لا سيما مثله لرواية المجمع على تصحيح ما يصح عنه عن موجبه و على تقدير الضعف فهو مجبور بالشهرة المقطوع بها و نفي الخلاف عن لزوم الكفارة هنا في كلام جماعة و الدلالة واضحة فإن السكوت عنها في مقام الحاجة دليل على نفيها لقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة سيما مع انضمام القرينة إليه و هو إيجاب البدنة في الوقاع إذا طاف ثلاثة أشواط في الذيل و تركها في الصدر مع التعرض لها في الذيل أوضح قرينة على النفي و لذا لم يعترض أحد من الأصحاب بضعف الدلالة نعم تأملوا في السند و قد مر الجواب عنه أيضا مضافا إلى الانجبار بموافقة الأصل بناء على ما مر من منع العموم على لزوم البدنة بالوقاع قبل طواف النساء بنحو يشمل محل النزاع فإذن لا شبهة في ضعف قول الحل مع أنه لم يصرح بلزوم البدنة في المسألة و إنما صرح بلزومها قبل الخمسة الأشواط في مقابلة الشيخ لكن بدليل يعم المسألة ثم المستفاد من ذيل الحسنة عدم لزوم الكفارة بالوقاع بعد الثلاثة الأشواط خرج منه ما لم يبلغ النصف بالإجماع و بقي الباقي مندرجا تحت عموم مفهوم الشرط و لا يعارضه مفهوم الخمسة في الصدر لكونه في كلام الراوي و الاقتصار في الجواب على بيان حكم المسئول عنه لا يقتضي نفي الحكم

عما عداه و لذا قيل يكفي في البناء الأولى في سقوط الكفارة ففي العبارة تسامح مجاوزة النصف و القائل الشيخ و جماعة و هو في غاية القوة لما عرفت مضافا إلى تأيده بالخبر في رجل نسي طواف النساء قال إذا زاد على النصف و خرج ناسيا أمر من يطوف عنه و له أن يقرب النساء إذا زاد على النصف فلا معنى للزوم الكفارة على الفعل المرخص فيه و ضعف الخبر منجبر بموافقة الأصل بناء على منع العموم المتقدم و لو عقد محرم لمحرم على امرأة و دخل بها فعلى كل واحد منهما كفارة بدنة فيما قطع به الأصحاب من غير خلاف و في المدارك أن ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه و نحوه غيره معربين عن دعوى الإجماع عليه كما عن صريح ابن زهرة و هو الحجة مضافا إلى فحوى الرواية الآتية و إطلاق المتن و غيره بل الأكثر كما قيل يقتضي تساوي علمهما بالإحرام أو الحرمة و الجهل و وجوب البدنة على العاقد و إن كان دخول المعقود له بعد الإحلال فإن تم الإجماع عليه و إلا فالاقتصار على القدر المقطوع به و هو العلم بالأمرين لازم كما استوجهه بعض الأصحاب ناقلا له عن غيره و كذا عليهما البدنة لو كان العاقد محلا على رواية سماعة الصحيحة إليه الموثقة به لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما و هو يعلم أنه لا يحل له قال سماعة فإن دخل

بها المحرم قال إن كانا عالمين فإن على كل واحد منهما بدنة و على المرأة إن كانت محرمة بدنة و إن لم تكن محرمة فلا شي ء عليها إلا أن يكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم فإن كانت قد

علمت ثم تزوجته فعليها بدنة فظاهر المتن التوقف في العمل بها و لعله لما في المنتهى من أن في سماعه قول و عندي في هذه الرواية توقف و في الإيضاح الأصح خلافه للأصل و لأنه مباح بالنسبة إليه و تحمل الرواية على الاستحباب و فيه نظر فإن الراوي ثقة و ليس يقدح في قبول خبره فساد مذهبه إن قلنا به مع أنه قال جماعة بحسن مذهبه و الموثق حجة سيما و إذا اعتضد بالشهرة العظيمة بين الأصحاب على الظاهر المصرح به في عبائر بل في التنقيح بعد القدح فيه بوقفه لكن انجبر روايته بعمل الأصحاب و ظاهره دعوى الإجماع و مقتضى الرواية لزوم البدنة للمرأة إذا كانت محرمة عالمة بإحرام الزوج و بمضمونها أفتى الشيخ رحمه اللَّه و جماعة و في المدارك و هو أولى من العمل بها في الحكمين و إطراحها في الآخر كما فعله في الدروس إلى آخر ما قال و هو حسن و من جامع في إحرام العمرة مطلقا قبل السعي فعليه بدنة و قضاء العمرة للحسن في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا و المروة قال قد أفسد عمرته و عليه بدنة و عليه أن يقيم بمكة محلا حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول اللَّه ص لأهل بلاده فيحرم منه و يعتمر و نحوه الصحيح و غيره لكن في المجامع قبل الطواف و السعي معا و موردها أجمع العمرة المفردة قيل و لذا أخصه في التهذيب بها خلافا للأكثر فعمموا الحكم للعمرة المتمتع بها أيضا و استشكل فيه في القواعد من التساوي في الأركان

و حرمتهن قبل الأداء و إنما الاختلاف باستتباع الحج و وجوب طواف النساء و عدمهما و من الأصل و الخروج عن النصوص و لزوم أحد الأمرين إذا لم يسع الوقت إنشاء عمرة أخرى قبل الحج أما تأخير الحج إلى قابل و الإتيان به مع فساد عمرته و هو يستلزم عدم فساده مع الإتيان بجميع أفعاله و التجنب فيه عن المفسد أو انتقاله إلى الإفراد سقط الهدي و انتقلت العمرة مفردة فيجب لها طواف النساء و في جميع ذلك إشكال انتهى و لكن ظاهر جماعة كالمحقق الثاني و فخر الإسلام حاكيا له عن والده أنه لا إشكال في فساد العمرة المتمتع بها و إنما هو في فساد حجتها بفسادها من ارتباطه بها و من انفراده بإحرام

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 470

آخر و الأصل صحته و البراءة عن القضاء و كان عدم إشكالهم في فسادها لعدم الخلاف فيه و إلا فالنصوص مختصة بالمفردة دونها كما مضى و حينئذ فالتعميم أقوى وفاقا للحلبيين فيما حكي عنهما و حيث فسدت العمرة المتمتع بها فالأظهر فساد حجها أيضا لما مر من الارتباط و فساد الوجه الآخر لأن حج المتمتع لا يعقل صحته مع فساد العمرة المتقدمة عليه و ليس في المتن و كلام الشيخ و الأكثر كما قيل تعرض لوجوب إتمام العمرة الفاسدة و لا وجوب التفريق و قطع الفاضل في القواعد و الشهيدان كما قيل بالوجوب و مستندهم غير واضح لخلو الأخبار عنه بل ربما أشعرت بالعدم للتصريح فيها بالفساد و عدم التعرض فيها للأمرين بالكلية مع كون المقام مقام الحاجة و ربما يستدل لهم بأنه لا يجوز إنشاء إحرام آخر قبل إكمال الأول كما مر و فيه نظر لقوة احتمال

اختصاص ذلك بالإحرام الصحيح دون الفاسد ثم إن ظاهر الأخبار تعين القضاء في التداخل و لزوم الصبر إليه و لا ريب أنه أحوط و لو قلنا بجواز توالي العمرتين أو الاكتفاء بالفرق بينهما بعشرة أيام في غير المقام خلافا لجماعة فجعلوه أفضل و لو أمنى بنظره إلى غير أهله فبدنة إن كان موسرا و بقرة إن كان متوسطا و شاة إن كان معسرا كما في الموثق و عليه الأكثر خلافا للمقنع فجزور أو بقرة و إن لم يجد فشاة للصحيح و لبعض المتأخرين فاحتمل الاكتفاء بالشاة مطلقا كما عن ابن حمزة حيث لم يذكر هنا إلا الشاة للحسن أو الصحيح في محرم نظر إلى غيره فأنزل عليه قال عليه دم لأنه نظر إلى غير ما يحل و إن لم يكن أنزل فليتق و لا يعدو ليس عليه شي ء و فيهما نظر لقبول الخبرين التنزيل على الموثق بحمل أو غير التخيير بنحو يجامع الترتيب و يقيد الدم الذي هو عبارة عن الشاة بصورة الفقر أو يراد منه ما يعم كل من الثلاثة و ينزل على التفصيل المزبور في الرواية جمعا بينهما و بين الموثق لصراحته بالإضافة إليهما و إن قصر سنده عنهما لانجباره أو اعتضاده بالشهرة العظيمة التي تجعلها أقوى من الصحيح بمراتب شتى سيما مع اعتضاده هنا بالاحتياط و المرجع في المفهومات الثلاثة إلى العرف قيل فينزل ذلك على الترتيب فيجب البدنة على القادر عليها فإن عجز عنها بالبقرة و إن عجز عنها فالشاة و به قطع الفاضل في الفوائد و الشهيد في الدروس و الرواية تدل على الأول و لعل وجه تنزيلها على ما ذكره البناء على الغالب من أن شأن المتوسط أن يعجز

عن البدنة و الفقير عن البقرة و لا يخلو عن نظر ثم إن ظاهر الموثق كون الكفارة للنظر لا للإمناء لما فيه من تعليلها بذلك كما مر في الحسن لكنه مع ذلك صريح في عدم الكفارة مع عدم الإمناء و به يصرف أيضا ظاهر التعليل في الموثق و إطلاق النص و الفتوى يقتضي عدم الفرق في الحكم بين ما لو قصد بالنظر الإمناء أم لا كان النظر بشهوة أم بدونها خلافا لشيخنا الشهيد الثاني فقيدهما بما إذا لم يقصد به الإمناء و لا كان من عادته ذلك أيضا قال و إلا فكالمستمني و فيه نظر مر وجهه فالعمل بإطلاق النص و الفتوى هنا أولى و لم يذكر الماتن و لا الأكثر حكم ما لو عجز عن الشاة و الظاهر لزوم الصيام ثلاثة أيام كما مر من أنه أصل عام و حكي القول به هنا عن المفيد و الديلمي و ابن زهرة و لو نظر إلى امرأته لم يلزمه شي ء و إن أمنى إلا أن ينظر إليها بشهوة فيمني فعليه بدنة فيما قطع به الأصحاب كما في كلام جماعة مؤذنين بدعوى الإجماع كما حكوه عن المنتهى مع أنه حكي عن المفيد و المرتضى رحمه اللَّه أنهما أطلقا نفي الكفارة عمن نظر إلى أهله و لعلهما نظرا إلى إطلاق الصحيح أو عمومه عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى و هو محرم قال لا شي ء عليه و صريح الموثق في محرم نظر إلى امرأته بشهوة قال ليس عليه شي ء و عن الحلبي أنه ذكر بدل البدنة شاة و لم أعرف مستنده و قول المفيد و المرتضى لا يخلو عن قوة لو لا الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة

و خصوص الحسن و من نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى فعليه جزور فيقيد بهما إطلاق صحيحهما مع أن في ذيله أيضا ما يوافق الحسن فإن فيه قال في المحرم ينظر إلى امرأته و ينزلها بشهوة حتى ينزل قال عليه بدنة و قوله بشهوة إن خص به الإنزال لتباين الصدر و الذيل تباينا

كليا فليرجع إلى النظر أيضا ليمكن الجمع بينهما إما بحمل الذيل على الاستحباب أو تقييد الصدر بالنظر بغير شهوة و هو الوجه لرجحان التخصيص على المجاز و إن وافق الأصل فلم يبق غير الموثق و لا يكافئ ما سبق و لذا حمل على السهو و من الأصحاب من ألحق نظر معتاد الإمناء بالنظر بشهوة و لا بأس به بل لا إلحاق فإنه لا ينفك نظره عن الشهوة و لو مسها أي أهله بغير شهوة فلا شي ء عليه و إن أمنى بلا خلاف فتوى و نصا و إن مسها بشهوة فعليه شاة مطلقا أمنى أو لم يمن وفاقا للأكثر للخبر عن رجل حمل امرأته و هو محرم فأمنى أو أمذى قال إن كان حملها أو مسها بشي ء من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه الخبر و يعضده إطلاق الصحيح المحرم يضع يده بشهوة يعني على امرأته قال يهريقه دم شاة قلت فإن قبل هذا قال هذا أشد ينحر بدنة و نحوه الحسن من مس امرأته بيده و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة خلافا للحلي فخص الشاة بما إذا لم يمن و أوجب البدنة مع الإمناء و يمكن الاستدلال له بأنه أفحش من النظر و فيه بدنة فهو أولى بها فليحمل الصحيحان على ما إذا لم يمن كما

هو الغالب في المس و لو بشهوة مضافا إلى الصحيح المتقدم الموجب للبدنة فيمن ينزل امرأته بشهوة حتى ينزل كالنظر بشهوة فيمني المذكور فيه أيضا و الخبر المتقدم ضعيف و هو قوي متين لو لا جبر ضعف الخبر بالشهرة العظيمة التي تكاد تبلغ الإجماع فيترجح على الصحيحة مع أن في العمل بالخبر إبقاء بإطلاق الصحيحين بل عموم أحدهما الناشئ عن ترك الاستفصال على حاله فلتطرح الصحيحة أو تحمل على الاستحباب أو الاستمناء و هو الوجه و ربما يشعر به قوله ينزلها حتى ينزل فتدبر و لو قبلها بشهوة كان عليه جزور للصحيح المتقدم المتضمن لقوله قلت فإن قبل قال هذا أشد ينحر بدنة و سياقه ظاهر في التقبيل بشهوة مضافا إلى أنه الغالب المنصرف إليه الإطلاق مضافا إلى الحسن إن قبل امرأته على غير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة و إن قبل امرأته على شهوة فأنزل فعليه جزور و ليستغفر و به يقيد الصحيح على تقدير ثبوت إطلاقه لكن ظاهره اشتراط الإنزال في الجزور كما عليه الحلي و الديلمي و ابن زهرة و غيرهم و لكن الأكثر لم يشترطوه و لعله للخبر في رجل قبل امرأته و هو محرم عليه بدنة و إن لم ينزل و إطلاقه ينزل على التقبيل بشهوة لما مر و هو صريح في لزوم البدنة مع عدم الإمناء و الحسنة ظاهرة في اشتراطه بالمفهوم الضعيف و اللازم دفع الظاهر بالنص و ضعف السند لعله مجبور

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 471

بعمل الأكثر مع أن ضعفه بسهل و هو سهل و بالبطائني و قد ادعى الشيخ إجماع الطائفة على العمل بخبره هذا إن قبلها بشهوة و إن قبلها بغير شهوة فشاة للحسنة المتقدمة

السالمة عما يصلح للمعارضة سوى إطلاق الصحيح و غيره و قد مر اختصاصه بحكم السياق و غيره بالتقبيل بشهوة فتلخص مما اخترناه في المسألة و استفدناه من الجمع بين أخبارها أنه لو قبلها بغير شهوة فشاة مطلقا و بشهوة جزور كذلك أمنى أو لا وفاقا للنهاية و المبسوط و الشرائع و القواعد و التحرير و الدروس و فيه التصريح بالتعميم للإمناء و عدمه في لزوم البدنة و في المسألة أقوال أخر منها لزوم البدنة مطلقا كما عن الصدوق و المفيد و المرتضى و إذا أنزل إما مطلقا كما عن الديلمي أو إذا كان بشهوة كما عن ابن سعيد و آخر لزوم الشاة كذلك عن الفقيه و قول الحلي قريب مما اخترناه لكن مشترط في البدنة زيادة على الشهوة الإمناء كما مضى و كذا لو أمنى عن ملاعبة فعليه جزور و كذا على المرأة إن طاوعت كما في التهذيب و غيره للصحيح عن الرجل يعبث بامرأته حتى يمني و هو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان فقال عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع و مقتضاه وجوب البدنة لأنها الواجب بالجماع و لو كان الإمناء عن تسمع على مجامع أو استماع إلى كلام امرأة أو وصفها من غير نظر إليها لم يلزمه شي ء من الكفارة بلا خلاف أجده و لا حكي إلا عن الحلبي في الإصغاء إليها مع الإمناء فقال عليه شاة و لم أعرف مستنده و يدفعه الأصل و هو الحجة في المسألة مضافا إلى المعتبرة منها الموثق في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى قال ليس عليه شي ء و نحوه آخر مرسل و في ثالث كالصحيح في المحرم

بعث [تنعت] له المرأة الجميلة الخلقة فيمني قال ليس عليه شي ء و احترز بقوله من غير نظر عما لو نظر فعليه الكفارة و لا إشكال فيه إذا كان النظر إليها أما إذا كان النظر إلى المجامع خاصة فالظاهر العدم و كذا إذا نظر إلى المتجامعين و هما ذكران أو ذكر و بهيمة للأصل و إطلاق المتن و نحوه شرط انتفاء النظر لعل المراد به الاحتراز عن خصوص الأول بل هو الظاهر و استثنى جماعة و منهم شيخنا الشهيد الثاني معتاد الإمناء بذلك قالوا فهو من الاستمناء و قصدوا به إيجاب البدنة فيه كما سبق في بحثه و قد مر ثمة و في غيره ما فيه فيشكل الحكم بإيجابها هنا سيما مع إطلاق النص بالعدم و كذا الفتوى و لكنه أحوط و أولى

[الثاني الطيب]

و الثاني الطيب و يلزم باستعماله شاة مطلقا صبغا بالكسر أي إداما أو بالفتح قيل و كأنه أولى لإغناء الأكل عن الأول و اطلاء و بخورا بفتح الباء و هو ما يبخر به قيل و لا يجي ء مصدره بهذه الصورة و لو قال و تبخرا كان أولى و أكلا في الطعام كما هنا و في الشرائع إجماعا كما عن المنتهى و زيد فيهما و في الفوائد و القواعد بعد الاطلاء ابتداء و استدامة و في المنتهى لا نعلم فيه خلافا و زيد في السرائر أيضا و سواء استعمله لعضو كامل أو بعضه و سواء مست الطعام النار أم لا و حكي أيضا عن التذكرة بزيادة قوله شما و مسا علق بالبدن لو علقت به الرائحة و احتقانا و اكتحالا و إسعاطا لا لضرورة و لبسا لثوب مطيب و افتراشا له بحيث يشم الريح

أو يباشر به بدنه و ثياب بدنه و لو داس بنعله طيبا فعلق بنعله و إن تعمد ذلك وجبت الفدية قيل و استدل على الجميع بالعمومات و لم أظفر من الأخبار إلا بالصحيح من أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه شاة و ما في قرب الإسناد للحميري من قول الكاظم ع لأخيه رحمه اللَّه لكل شي ء خرجت من حجك فعليك دم يهريقه حيث شئت و الصحيح في الفقيه من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم فإن كان ناسيا فلا شي ء عليه و يستغفر اللَّه و يتوب إليه و الصحيح المقطوع في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج فقال إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين و إن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه و أرسل المفيد عن الصادق ع كفارة مس الطيب للمحرم أن يستغفر اللَّه تعالى و لم يذكر له في باب الكفارات و لا في باب الكفارة عن خطاء المحرم كفارة إلا ما ذكره من أنه إن أكل طعاما لا يحل له متعمدا فعليه دم شاة و نحوه ابن حمزة و لم يذكر له سلار كفارة و لا السيد في الجمل و لكنه قال أخيرا فأما إذا اختلفت النوع كالطيب و اللبس فالكفارة واجبة على كل نوع منه و لا ابن سعيد إلا قوله روي فيمن داوى قرحة له بدهن بنفسج بجهالة طعام مسكين و قوله في الدهن الطيب مختارا دم و في الصحيح و المرسل لا يمس المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان و لا بتلذذ و لا بريح طيبة فمن

ابتلي بشي ء من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع قدر يشبعه و في الصحيح و اتق قتل الدواب كلها و لا تمس شيئا من الطيب و لا من الدهن في إحرامك و اتق الطيب في زادك و أمسك على أنفك من الريح الطيبة و لا تمسك من الريح المنتنة فإنه لا ينبغي أن يتلذذ بريح طيبة فمن ابتلي بشي ء من ذلك فعليك غسله و ليتصدق بقدر ما صنع و في الخبر قلت له أكلت خبيصا فيه زعفران حتى شبعت قال إذا فرغت من مناسكك و أردت الخروج من مكة فاشتر تمرا ثم تصدق به يكون كفارة لما أكلت و لما دخلت عليك في إحرامك مما لا تعلم و اقتصر في المقنع على الإفتاء بمضمونها مع الصحيح الوارد فيمن أكل ما لا ينبغي أكله متعمدا فعليه دم و قد تقدم و حملت هذه الأخبار على السهو و الضرورة و أيدها بقوله ع فمن ابتلي بشي ء من ذلك إلى الآخر أقول و في المختلف بعد نقل ذلك عن المقنع فإن قصد بالأول يعنى به مضمون الخبر غير الصحيح النسيان و الصدقة بدرهم استحبابا كما هو المشهور فهو حق و إن قصد العمد فهو من مقام المنع و يجب عليه شاة على ما هو متفق عليه بين الأصحاب و عن الخلاف لا خلاف في أن الدهن الطيب الفدية على أي وجه استعمله و أن ما عدا المسك و العنبر و الكافور و الزعفران و الورس و العود و لا كفارة فيه عندنا للإجماع و الأخبار و أصل البراءة فإن في أكل طعام فيه طيب الفدية على جميع الأحوال إلى آخر ما نقل عنه و عن الحلبي في شم المسك

و العنبر و الزعفران و الورس و أكل طعام فيه شي ء منها دم شاة و فيما عدا ذلك من الطيب الإثم دون الكفارة و عن النزهة إذا استعمل المحرم المسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران مختارا وجب عليه شاة و لم أقف في التهذيب على خبر يتضمن وجوب الشاة في استعمال الكافور و المعتمد

في ذلك على عمل أصحابنا انتهى و المقصود من التطويل بنقل هذه الكلمات و الأقوال أن العمدة في إثبات كفارة الطيب في جميع الأقوال الإجماع المنقول في ظاهر الخلاف و صريح المنتهى و ظاهر غيرهما و أنه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 472

لا يظهر من فتاوى القوم ما يخالفه عدا سكوت بعضهم عنها مطلقا أو في الجملة و فتوى الصدوق بما عرفته و قد عرفت الكلام فيها مع أنه على تقدير ظهور مخالفته فقوله ضعيف بالإجماعات المنقولة و الأخبار الصحيحة و أما السكوت عنها فعدم دلالته على المخالفة أظهر من أن يخفى قيل و لما حرمت الاستدامة و أوجبت الكفارة كالابتداء فإن كان عليه أو على ثوبه طيب و سها عن إزالته إلى أن أحرم أو وقع عليه و هو محرم أو سها فتطيب وجبت إزالته بنفسه أو بغيره و لا كفارة عليه يغسله بيده لأنه بذلك تارك للطيب و لا متطيب كالماشي في الأرض المغصوبة للخروج عنها و قول النبي ص لمن رأى عليه طيبا اغسل عنك الطيب و يستحب الاستعانة فيه بحلال كما في التذكرة و المنتهى و المبسوط و لا بأس بخلوق الكعبة و إن مازجه الزعفران بلا خلاف أجده بل عن الخلاف و المنتهى الإجماع عليه للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح عن خلوق الكعبة و

خلوق القبر يكون في ثوب الإحرام قال لا بأس به هما طهوران و فيه المحرم يصيب بثيابه الزعفران من الكعبة و خلوق القبر يكون في ثوب الإحرام فقال لا بأس بهما هما طهوران و نحوه الموثق من غير زيادة خلوق القبر و بزيادة فلا تتقه أن يصيبك و ظاهرها عدم البأس بزعفران الكعبة مطلقا كما أفتى به جماعة و منهم الشيخ في التهذيب و النهاية و الحلي في السرائر و الفاضل في التحرير و المنتهى و التذكرة و ظاهر الصحيحين عدم البأس بخلوق القبر أيضا كما عن ابن سعيد و تبعه جماعة ممن تأخر عنه قالوا و الظاهر أن المراد به قبر النبي ص و لا بأس به و لا بسابقه ثم إن دلالة الروايات من أصلها على رفع المنع عن الخلوق من حيث كونه طيبا و لا يخلو عن مناقشة بل ظاهر التعليل فيها بأنه طهور و ربما يفيدان رفع المنع إنما هو من حيث احتمال النجاسة باحتمال حصولها فيه بمشاورة الخاصة و العامة ممن لا يتورع النجاسة و على هذا فلا دخل لها بمفروض المسألة و لقد تنبه لذلك في الذخيرة إلا أنه جبرها بفهم الأصحاب فقال لكن فهم الأصحاب و اتفاقهم يكفي مئونة هذه المناقشة انتهى و هو حسن قيل و الخلوق كما في المغرب ضرب من الطيب مائع فيه صفرة و قال الهروي في نهايته طيب معروف مركب من الزعفران و غيره من أنواع الطيب و يغلب عليه الحمرة و الصفرة و قال ابن جزلة في المتطيب منهاجه إن صفته زعفران ثلاثة دراهم و قصب الذريرة خمسة دراهم أو ستة دراهم و درهمان قرنفل و فرقة عن كل واحد درهم يدق

ناعما و ينخل و يعجز بماء الورد و دهن ورد حتى يصير كالرهشي في قوامه و الرهشي هو السمسم المطحون قبل أن يعصر و يستخرج دهنه و أجاز في التذكرة و المنتهى الجلوس عند الكعبة و هي تجمر حملا على الخلوق و في الدروس عن الشيخ لو دخل الكعبة و هي تجمر أو تطيب لم تكره له الشم و الذي ظفرت به حكايته له في الخلاف عن الشافعي و أجاد في المسالك حيث حرم غير الخلوق إذا طيبت به الكعبة بالتجمير أو غيره اقتصارا على المنصوص قال لكن لا يحرم عليه الجلوس فيها و عندهما حينئذ و إنما يحرم الشم و لا كذلك الجلوس في سوق العطارين و عند المتطيب فإنه يحرم انتهى و قيل في الاحتجاج بجواز شم ما يجمر به الكعبة إنه ورد في الصحيح نفي البأس عن الرائحة الطيبة بين الصفا و المروة و أن لا يمسك أنفه منها فرائحة الكعبة أولى قلت و يمكن إدخال جميع ذلك في الشم اضطرارا و هو جائز اتفاقا لانتفاء العسر و الحرج في الدين و خصوص الصحيح الوارد في السعوط لكن يأتي أن عليه الفدية في الدهن الطيب انتهى كلام القائل إلى هنا و إنما ذكرناه بطوله لتضمنه تحقيق الخلوق في المسألة و تحقيق ما هو الحق من الحكم و ذكر الأقوال فيما يتفرع عليها و يناسبها و لكن الأقرب جواز شم طيب الكعبة مطلقا لفحوى الخطاب الذي مضى و منه يظهر ما في دليل المسالك من لزوم الاقتصار على المنصوص فإن هذا أيضا منصوص إذ لا يشترط في النص الدلالة الصريحة بنحو من التضمن أو المطابقة بل يكفي الدلالة الالتزامية سيما نحو الأولوية التي

لا خلاف في حجيتها و لا شبهة

[الثالث القلم و في كل ظفر مد من طعام]

و الثالث القلم و في قلم كل ظفر مد من طعام إلى أن يبلغ عشرة بلا خلاف إلا من الحلبي فكف إلى أن تبلغ خمسة فصاع و من الإسكافي ففي كل ظفر مد أو قيمته إلى أن يبلغ خمسة فدم شاة و هما نادران بل على خلافهما الإجماع عن الخلاف و الغنية و المنتهى للمعتبرة و منها الموثق بل الصحيح كما قيل رجل فص ظفرا من أظافيره و هو محرم قال عليه في كل ظفر مد من طعام حتى يبلغ عشرة فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة فإن قلم أظافير يديه و رجليه جميعا فقال إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم و إن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان لكن في نسخة أخرى بدل مد من طعام قيمته و لعله لهذا خير الإسكافي بينهما إلا أن النسخة الأولى أرجح للشهرة و الإجماعات المنقولة مضافا إلى الاحتياط و لزوم الأخذ بالمتيقن و الموافقة للخبر المنجبر ضعفه بالعمل عن محرم قلم أظافيره قال عليه مد في كل إصبع فإن هو قلم أظافيره عشرتها فإن عليه دم شاة و لا يعارضها الصحيح عن محرم يقلم أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه قال لا يقص منها شيئا إن استطاع فإن كانت تؤذيه فليقصها و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام و الصحيح في المحرم ينسى فيقلم ظفرا من أظافيره قال يتصدق بكف من الطعام قلت فاثنين قال كفين قلت فثلاثة قال ثلاث أكف كل ظفر كف حتى يصير خمسة فإذا قلم خمسة فعليه دم واحد خمسة كان أو عشرة أو ما كان و المرسل في محرم

قلم ظفرا قال يتصدق بكف من طعام قلت ظفرين قال كفين قلت ثلاثة قال ثلاثة أكف قلت أربعة قال أربعة أكف قلت خمسة قال عليه دم يهريقه فإن قص عشرة أو أكثر من ذلك فليس عليه إلا دم يهريقه لشذوذها و عدم قائل بها حتى الحلبي و الإسكافي و إن تضمنت ما ربما يوهم الموافقة لهما لشمول إطلاق الرواية الأولى قلم الأظافير كلها و هو موجب للدم إجماعا و تقييدها بما إذا لم يبلغ العشرة أو الخمسة و إن أمكن إلا أنه ليس بأولى من التقييد بحال الضرورة كما هو صريح موردها و تصريح الثانية بثبوت ذلك مع النسيان و هو خلاف الاتفاق فتوى و نصا على أنه لا شي ء على الناسي مطلقا فليحمل على الاستحباب جمعا بين الثانية و مع ذلك فما فيها و في الأخيرة مع إرسالها من التفصيل بكف من طعام لكل ظفر إلى أن يبلغ خمسة قدم لم يقل به الحلبي و لا الإسكافي لإيجاب الأول في الخمسة الصاع من الطعام لا الدم فلا ينفعه ما فيهما من الدم للخمسة مع أن إيجابه لها يحتمل الورود مورد التقية كما ذكره بعض الأجلة قال لأنه مذهب أبي حنيفة و من هنا يتوجه ما ذكره جماعة من أن مستندهما غير واضح في

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 473

المسألة و هو كذلك كما عرفته و خصوصا الصاع في قول الحلبي للخمسة فإن أخبار المسألة خالية عنه بالكلية قيل و قد يكون أراد بالصاع صاع النبي ص الذي هو خمسة أمداد أقول فيوافق المختار في المسألة مستندا إلى الأخبار المتقدمة و يستفاد منها أن في قلم أظفار يديه و رجليه شاة إذا كان في مجلس واحد و أنه

لو كان كل واحد منهما أي من قلم أظفار يديه و قلم أظفار رجليه في مجلس غير مجلس الآخر ف عليه دمان لكل مجلس دم و لا خلاف فيهما ظاهرا بل عن الكتب المتقدمة الإجماع على لزوم الشاة في قلم أظفار اليدين و ما مر في الأخبار مما تعارض ذلك شاذ و إنما يجب الدم أو الدمان بتقليم أصابع اليدين أو الرجلين إذا لم يتخلل التكفير عن السابق قبل البلوغ إلى حد يوجب الشاة لأنه المتبادر المتيقن من إطلاق الفتوى و النص و إلا تعدد المد خاصة بحسب تعدد الأصابع و لو كفر بشاة لليدين أو الرجلين ثم أكمل الباقي في المجلس وجب عليه شاة أخرى و إلا لزم خلو الباقي عن الكفارة مع تحريمه و هو باطل قطعا و لا ينافيه إطلاق النص و الفتوى إذ المتبادر منه عدم تخلل التكفير و وقوعه بعد قلم أظفار اليدين أو الرجلين مطلقا في المجلس الواحد فتأمل و الظاهر أن بعض الظفر كالكل وفاقا لجمع و لو قصه في دفعات مع اتحاد المجلس لم تتعدد الفدية للأصل و في التعدد مع الاختلاف نظر و لو أفتاه مفت بالقلم محرما أو محلا فقيها أولا على الأقوى لإطلاق النص و أكثر الفتاوى فأدمى ظفره فعلى المفتي شاة كما في النص و إن ضعف السند لأن الأصحاب عملوا به كما في كلام جمع و أما الموثق أن رجلا أفتاه أن يقلمها و أن يغتسل و يعيد إحرامه ففعل قال عليه دم فيحتمل هو و الضمير على المستفتي و إن عاد على المفتي فإنه مطلق ينبغي تقييده بصورة الإدماء خصوصا و يخالف الأصل و ظاهر جماعة اعتبار الاجتهاد في المفتي و

فيه تقييد لإطلاق النص إلا أن يدعى تبادر المجتهد منه دون غيره و في تعدد الشاة بتعدد المفتي مطلقا أو وحدتها موزعة عليهما كذلك مع الإفتاء دفعة و إلا فعلى الأول خاصة أوجه أحوطها الأول و أوجهها الثالث لإطلاق النص في المفتي الأول لدخوله فيه بيقين بخلاف الثاني لعدم وضوح دخوله فيه بعد اختصاصه بحكم التبادر بالمفتي الأول هذا إن قلنا بعدم اعتبار الاجتهاد في المفتي أو كان الأول مجتهدا و لو انعكس و اعتبر بالاجتهاد فيه انعكس الأمر فتجب الشاة على الثاني دون الأول

[الرابع لبس المخيط]

و الرابع لبس المخيط يلزم به دم مطلقا و لو اضطر إليه بالإجماع و النصوص و ينتفي التحريم في حق المضطر خاصة بل قد يجب قيل و استثنى السراويل في الخلاف و المنتهى و التذكرة فنفي الفدية فيه عند الضرورة و استدل له الشيخ بأصل البراءة مع خلو الأخبار و الفتاوى عن ذكر فدائه و فيه أنه روي في التهذيب في الصحيح من نتف بإبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة إلا أن يقول إنه عند الضرورة ينبغي له لبسه و يضعفه قوله ففعل ذلك ناسيا و في الصحيح عن المحرم يحتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها فقال ع لكل صنف منها فداء لكن ظاهر التذكرة الإجماع عليه و إن تم كان هو الدليل انتهى و هو حسن قيل و كذا لو لبس الخفين أو الشمشك كان عليه شاة و إن كان مضطرا لكن ينتفي التحريم في حقه

لأن الأصل في تروك الإحرام الفداء إلى أن يظهر السقوط و لا دليل على سقوطه هنا و لعموم الخبرين المتقدمين و في الدليلين نظر لعدم دليل على الأصل له و لا على ثبوته في مطلق المخيط كما صرح به جمع و الخبران في الثوب و يمنع عمومه للخفين و الشمشك و عن التهذيب و الخلاف و التذكرة لا فدية إذا اضطر لأصل البراءة و تجويز اللبس في الصحيح من غير إيجاب فداء قيل و جعلهما ابن حمزة مما فيه الدم المطلق الذي جعله قسيما للشاة و البقرة و البدنة إذا لبسهما مختارا و لم أقف له على دليل أيضا و اعلم أن قوله و لو لبس عدة ثياب مثلا في مكان واحد يتعلق بالسابق أي و يلزم الدم باللبس اختيارا و اضطرارا مطلقا و لو لبس عدة في مكان بلا خلاف إذا كان يلبس واحد و في وقت واحد و إن اختلف أصناف الثياب إلا من الفاضل في المنتهى فيما إذا اختلف الأصناف فجعل لكل صنف فداء و تبعه جماعة للصحيح المتقدم و لا ريب أنه أحوط و إن كان في تعينه نظر لقوة احتماله كعبارة الفاضل الاختصاص بصورة تعدد اللبس كما هو الغالب و عبارته المحكية كالنص في ذلك و محل خلاف إذا تعدد اللبس و تعدد الوقت فعن الشيخ و جماعة بل الأكثر كما في المسالك تعدد الفداء بتعدد الوقت خلافا للماتن هنا و في الشرائع فجعل المناط في سقوط الكفارة باللبس المتعدد اتحاد المجلس فتسقط معه و إن تعدد اللبس و الوقت و لا ريب في ضعفه لعدم وضوح دليل عليه بل مقتضى النص تعددها بتعدد اللبس سواء اتحد المجلس أو تعدد

اختلف الملبوس صنفا أو اتحد كما نقله في المسالك عن التذكرة و اختاره و لا فرق في ذلك بين أن يكون كفر على الأول أم لا و هو الأقوى و سيأتي الكلام مرة أخرى

[الخامس حلق الرأس]

و الخامس حلق الرأس و فيه شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان أو عشرة لكل مسكين مد أو صيام ثلاثة أيام مختارا كان في الحلق أو مضطرا قيل شعر الرأس كان أو غيره بإجماع أهل العلم خلا أهل الظاهر على ما في المنتهى و التذكرة لكن من قبل الفاضلين إنما ذكروا حلق الرأس و على العموم فأما أقل مسمى الحلق حلق نحو شعر الإبطين جميعا كما في المنتهى أو نتف الإبطين مستثنى من هذا العموم كما في الروضة البهية فإن المراد من الحلق هنا و النتف في الإبطين مطلق الإزالة كما في التذكرة و غيرها و أما التكفير فللكتاب و السنة و الإجماع إلا في الصدقة فالأشهر في الرواية و الفتوى أنها على ستة مساكين لكل منهم مدان أقول و هو الأقوى لتعدد الرواية به مع صحة بعضها و صراحتها و في الغنية نفى الخلاف عنه لكنه لم يصرح بمد و لا مدين خلافا للفاضلين في الشرائع و القواعد و غيرهما فقال إطعام عشرة لكل مدا وفاقا لابن حمزة و للخبر و فيه ضعف سندا و متنا و دلالة لعدم تصريح فيه بالمد له و إنما غايته الإشباع و هو أعم منه و لكنه الغالب فليحمل عليه و ضعف السند لعله عندهم مجبور بالشهرة كما حكاها شيخنا في المسالك فقال الأول مشيرا إليه و هو المشهور و الثاني فأشار به إلى المختار مروي في الصحيح و لا يبعد القول

بالتخيير أقول كما هو خيرة الماتن هنا و الشهيد في الدروس و الشيخ في التهذيبين و يحيى بن السعيد في الجامع و لكنهما لم يذكر المد بل الإشباع لكن المرجع بناء على ما عرفت من الغالب واحد و في الشهرة الجابرة نظر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 474

و المنقولة معارضة بالمثل بل و أكثر فقد ادعاها على المختار جماعة منهم زيادة على من مر السيد في المدارك هذا مضافا إلى التعدد و الصراحة و لذا احتاط به الفاضل في المختلف و منه يظهر ضعف ما عن النهاية و المبسوط من الاحتياط بالعشر و هنا قول آخر عن الشيخين في المقنعة و المبسوط و السرائر من ستة أمداد لستة و لم أعرف مستنده إلا مرسل الفقيه الصدقة على ستة مساكين لكل مسكين صاع من تمر و روي مد من تمر و هو معارض بمثله بل واضح و أكثر هذا و المحكي عن المقنعة و في التهذيب لكل مسكين مدان قيل و اقتصر سلار على قوله من خلق رأسه من أذى فعليه دم و في النزهة أن التخيير إنما هو لمن حلق رأسه من أذى و إن حلقه من غير أذى متعمدا وجب عليه شاة من غير تخيير و هو قوي لاختصاص نصوصه بذلك مع الصحيحين و من نتف إبطه أو قلم أظفاره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة انتهى و إلى ما قواه مال في المدارك معللا بما ذكره إلا أن فيه لكن قال في المنتهى إن التخيير في هذه

الكفارة لعذر أو غيره قول علمائنا أجمع أقول و ظاهره الإجماع فيكفي في التعدي و يصرف إليه الصحيح الأمر بالشاة مع العمد بحمله على الوجوب المطلق المجامع للوجوب المخير

[السادس نتف الإبطين]

و في نتف الإبطين معا و هو السادس شاة و في أحدهما إطعام ثلاثة مساكين للصحيح في الأول إذا نتف الرجل إبطيه بعد الإحرام فعليه دم شاة و للخبر في الثاني في محرم نتف إبطه قال يطعم ثلاثة مساكين و لا خلاف فيهما أجده إلا من بعض المتأخرين في الثاني لضعف الخبر سندا و معارضة ببعض الصحاح المتقدمة أن من نتف إبطه متعمدا فعليه دم شاة و فيه نظر فإن الضعف منجبر بالعمل سيما من ابن زهرة و الحلي ممن لا يعمل بأخبار الآحاد الصحيحة فضلا عن الضعيفة إلا بعد احتفافها بالقرائن القطعية فيترجح الرواية على الصحيحة سيما مع اعتضادها بمفهوم الصحيحة الأولى المشترطة في لزوم الشاة نتف الإبطين معا و مقتضاه عدم لزومها بنتف أحدهما فلا وجه لإيجابها له أيضا إلا ما في الذخيرة من عدم العبرة بهذا المفهوم لورود الشرط مورد الغالب إذ الغالب في نتف الإبط نتفهما معا و هو حسن إلا أن الغلبة كما تدفع أثر المفهوم كذا تدفع أثر الإطلاق و تمنع رجوعه إلى العموم لغير الغالب و لا ريب أن الموجود في الصحيح الموجب للشاة بنتف الإبطة ليس إلا نتف الإبطة و هو و إن كان مطلقا يصدق على نتف الإبط الواحدة إلا أنه لما كان الغالب من أفراده كما هو الفرض نتفهما معا تعين الحمل عليه دون نتف الإبط الواحدة فلا داعي لإيجاب الشاة فيه من جهة الرواية و لا من غيرها و هذا الوجه و إن جرى في

الرواية الضعيفة أيضا فيخالف الإجماع و الصحيحين الصريحين في إيجاب الشاة بنتف الإبطين إلا أنه لا ضير في ذلك بعد الإجماع على لزوم شي ء في نتف الإبطة الواحدة أما الإطعام أو الشاة و لا دليل على الثاني مع مخالفته لأصالة البراءة فتعين الأول و يمكن جعل هذا الإجماع قرينة على رجوع الإطلاق في الرواية إلى خصوص غير الغالب تخصيصا أو تجويزا و هما شائعان و لا بأس في المصير إليهما بعد تعذر الحقيقة و ألحق جماعة بنتف الإبطين حلقهما و كذا نتف الإبطة الواحدة و على هذا فيكون الحكم هنا مستثنى مما قدمنا من أن في إزالة الشعر الشاة أو الإطعام أو الصيام كما قدمناه و الأقرب أن بعض الإبط ليس كله للأصل و إرشاد الفرق بين الواحدة منهما و الاثنتين و لو مس لحيته أو رأسه فسقط من شعره شي ء تصدق بكف من طعام أو كف من سويق كما في الصحيح و عليه الأكثر بل عن ظاهر المنتهى و التذكرة الإجماع و الشي ء يعم شعرة و أكثر قيل و أطلق المرتضى و الديلمي سقوط شي ء من شعره بفعله من غير تخصيص بشعر اللحية و الرأس أقول و هذا الوجه لعموم بعض ما سيأتي من الصحيح و في النهاية و المبسوط كف أو كفان للخبر إذا مس لحيته فوقع منها شعر قال يطعم كفا من طعام أو كفين و في الوسيلة و المهذب كفان أخذا بالأكثر و احتياطا في المقنع إذا عبث المحرم بلحيته فسقط منها شعرة أو ثنتان فعليه أن يتصدق بكف أو كفين من طعام و هو كما ترى يحتمل معنيين و في الجامع صدقة للصحيح يطعم شيئا و قريب منه آخر إن

نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا في يده و الخبر سأله أنه مولع بلحيته و هو محرم فتسقط الشعرات قال إذا فرغت من إحرامك فاشتر بدرهم تمرا و تصدق به فإن تمرة خير من شعرة أقول و أصح هذه الأقوال هو الأول الذي عليه الأكثر إذ لا دليل على الأقوال الأخر سوى ما ذكر من الأخبار و إرجاعها إلى الصحيح ممكن بحمل صحاحها و غيرها المطلقة على المقيد و ما تضمن منها الكفين على الاستحباب لتصريحه أيضا بجواز الكف و التزام الكفين بعد ذلك لا وجه له إلا احتمال كون الترديد من الراوي فيحمل فيجب الأخذ بالمتيقن و فيه نظر لمخالفة الاحتمال الظاهر مع أن الصحيح المتقدم للأكثر يرفع الإجمال فلا وجه للاحتياط و هنا أخبار أخر دالة على أنه لا شي ء لكنها مع ضعفها و شذوذها محمولة على نفي المؤاخذة دون الكفارة و لو كان سقوط الشعر بسبب المس للوضوء للصلاة أو غيرها فلا كفارة واجبة وفاقا للأكثر للصحيح عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فيسقط من لحيته الشعرة و الشعرتان فقال ليس بشي ء ما جعل عليكم في الدين من حرج و ليس فيه تقييد الوضوء بكونه للصلاة كما في المتن بل هو مطلق يعم الوضوء لها و لغيرها بل التعليل فيه يقتضي عموم الحكم له و للغسل كما في الدروس تبعا لجملة من القدماء كالخلاف و المبسوط و الغنية و السرائر و

غيرها و لا بأس به بل و لا بالتيمم و إزالة النجاسة كما في المسالك و غيره قيل و أطلق الصدوق و المرتضى و الديلمي التكفير من غير استثناء و نص المفيد على أن من أسبغ الوضوء

فسقط شي ء من شعره فعليه كف من طعام و لم يتعرض لغيره قال فإن كان الساقط من شعره كثيرا فعليه دم شاة و كذا قال الديلمي و كأنهما ألحقاه بالحلق أقول و لا ريب في ضعفه

[السابع التظليل سائرا]

و السابع التظليل سائرا و فيه شاة كما هنا و في الشرائع و القواعد و غيرها و الغنية و المهذب و الجامع لكن في الأولين تظليل المحمل و أن على المختار لكل يوم شاة و على المضطر لجملة الأيام و عن المقنعة و جمل العلم و العمل و المراسم و النهاية و المبسوط و الوسيلة و السرائر دم و الأخبار بكل من الدم و الشاة كثيرة و لكن أكثرها تضمن الشاة و هي صحاح و بها يقيد الدم المطلق في الصحيح و غيره حمل المطلق على المقيد سيما و أنها الظاهر منه عند الإطلاق و على جميع ذلك يقيد ما أطلق فيه الفداء كالصحاح أو الكفارة كما في صحيح علي بن جعفر

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 475

سألت أخي أظلل و أنا محرم فقال نعم و عليك الكفارة قال أي الراوي عن علي بن جعفر ع فرأيت عليا أي علي بن جعفر كما فهمه الأكثر إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل لكن فعل علي بن جعفر ربما يكشف عن فهمه من الكفارة البدنة أو ما يعمها و غيرها و حمله جماعة من الأصحاب على الاستحباب و الأحوط الشاة للأمر بها في الصحاح مع تفسير الفداء بها في الصحيح و فعل علي بن جعفر قضية في واقعة لا حجة فيها سيما و أن فعل مثله و كذا فهمه ليس بحجة سيما في مقابلة الأخبار المعتبرة ثم الأخبار جملة مختصة بحال الضرورة كعبائر

جملة من القدماء المحكية فلا يمكن التعدية إلى الأخبار بالإجماع و لا بالأولوية لما مر في بحث الصيد و قد عرفته و ظاهرها عدم تكرر الكفارة بتكرر التظليل في النسك الواحد من الحج أو العمرة و به صرح جماعة و أصرح منها على ذلك دلالة الصحيح و جعلت فداك إنه يشتد على كشف الظلال في الإحرام إلا في محرور يشتد على حر الشمس فقال ظل و أرق دما فقلت له دما أو دمين قال للعمرة قلت إنا نحرم فندخل مكة فنحل و نحرم بالحج قال فارق دمين و موردها أجمع كما ترى المعذور و ألحق به جماعة المختار فلم يكرروا عليه بتكرير التظليل في النسك الواحد الكفارة كالمضطر و لا ريب فيه للأصل بل مقتضاه عدم لزوم التكفير في حقه من أصله لكن ظاهر الأصحاب عدم القول بالفرق بينهما في ذلك بل مر عن الحلبيين أنهما زادا عليه الكفارة فجعلا عليه لكل يوم شاة و لكن لم نجد مستندا لهما في ذلك مع ندرته كالمحكي عن المقنع من أن لكل يوم مد من طعام للخبر و عن العماني إلحاق التظليل بالحلق لأذى فلا يتعين الشاة بل يتخير بينها و بين أخويها لآخر و في الخبرين ضعف سندا و مكافأة لما قدمناه من الأدلة من وجوه شتى

[الثامن تغطية الرأس]

و كذا يجب شاة في تغطية الرأس للرجل و لو بالطين أو الاغتماس يعني الارتماس في الماء أو حمل ما يستره كما هنا و في الشرائع و القواعد و الفوائد و غيرها و في المدارك و الذخيرة أنه مقطوع بين الأصحاب و فيهما و في غيرهما عن المنتهى أنه لا خلاف فيه و نقل عن المبسوط و التذكرة أيضا

و في الغنية الإجماع صريحا و هو الحجة المعتضدة بعموم ما مر من الصحيح من لبس ما لا ينبغي له لبسه متعمدا فعليه شاة لشموله للثوب الساتر للرأس و يلحق به غيره لعدم القائل بالفرق و عن الخلاف ما يدل على وجود رواية بذلك فإنه قال إذا حمل على رأسه مكتلا أو غيره لزمه الفداء دليلنا ما روي فيمن غطى رأسه أن عليه الفدية لكن لم نجد الرواية و به صرح جماعة فهي إذن مرسلة و مع ذلك فلا دلالة فيها على الشاة فإذا العمدة في الدلالة هو الإجماع كما عرفته في عبائر الجماعة مع عدم ظهور مخالف فيه لنا أيضا بالكلية و في الغنية ذكر تغطية رأس الرجل و وجه المرأة جميعا و ذكر أن على المختار لكل يوم شاة مدعيا الإجماع و نحوه عن الحلبي فإن تم الإجماع و إلا فالأصل يقتضي العدم و الظاهر عدم الإجماع على التكرر لكل يوم و إن ادعاه و لم نره إلا في عبارته و الحلبي فيما حكى و في الدروس الأقرب عدم التكرر بتكرر تغطيته نعم لو فعل ذلك مختارا تعددت و لا يتعدد بتعدد الغطاء مطلقا و وافقه الشهيد الثاني في جميع ذلك إلا أنه حكم بعدم التكرر لو اتحد المجلس و لا ريب أن ما ذكراه من التكرر أحوط و إن كان في تعينه نظر للأصل و فقد الإجماع على ما ذكراه و كذا النص و إلى هذا يميل جمع و هذا هو الثامن

[التاسع الجدال]

و التاسع الجدال و لا كفارة فيما دون الثلث مرات منه إذا كان فيه صادقا و في الثلث منه كذلك شاة على المشهور بل لا يكاد يتحقق فيه خلافا يعتد

به للصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة الدالة على الحكمين منطوقا في أحدهما و مفهوما في الآخر لكنها مختلفة في تقييد الثلث بالمتتابعات في مقام واحد كما في أكثرها أو إطلاقها أو خلوها عنه كما في الصحيح و غيره و مقتضى الأصول في الجمع بينهما وجوب حمل مطلقها على مقيدها كما يميل إليه بعض المتأخرين حاكيا له عن العماني و لا بأس به إن لم ينعقد الإجماع على خلافه و لكن الظاهر انعقاده لشذوذ قول العماني و ندوره مع أن إطلاق كلامه المحكي يعم الصادق و الكاذب و النصوص المزبورة مصرحة بخلافه و اختصاصه بالأول دون الثاني و إن اختلفت في بيان ما يجب فيه فالنصوص المقيدة على هذا التقدير لا قائل بها و قول العماني لم نجد له دليلا على إطلاقه فإذن المتجه ما عليه الأكثر و يتعين القول به و أما ما ورد بأن من جادل و هو صادق فلا شي ء عليه فمحمول على ما دون الثلث حملا للمطلق على المقيد مع أنه المتبادر من المطلق أو على ما لو اضطر إلى اليمين لإثبات حق أو نفي باطل ففي الدروس أن الأقرب جوازه و انتفاء الكفارة فيه و تبعه جماعة من المتأخرين أو على ما إذا كان في طاعة اللَّه تعالى و صلة الرحم ما لم يدأب في ذلك كما عن الإسكافي و الفاضل و لا دليل يعتد به على شي ء من هذين القولين فيتعين الأول عملا بإطلاق الأدلة و الفتاوى ثم إن إطلاقهما بنفي الشي ء و الكفارة فيما دون الثلث يعم الدم و غيره حتى الاستغفار خلافا للمحكي عن الشيخين و غيرهما فأوجبوا الاستغفار قيل لعموم الكتاب و السنة و هو حسن

لو لا ظهور بعض الأخبار بأنه لا جدال بالواحدة الصادقة أو بالثنتين ففي الصحيح إذا حلف بثلاثة أيمان ولاء في مقام واحد و هو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه و يتصدق به و إذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل و عليه دم يهريقه و يتصدق به الخبر و نحوه غيره و لكن الاستغفار أحوط إن لم نقل بكونه المتعين بناء على أن الظاهر أنه لا خلاف في صدق الجدال بالمرة مثلا حقيقة كما هو ظاهر كثير من الأخبار أيضا فيتحقق به ذنب و كفارته الاستغفار بلا خلاف و لا ينافيه إطلاقهم نفي الكفارة فيما دون الثلث هنا لأن الظاهر أن مرادهم من الكفارة في أمثال المقام ما عدا الاستغفار و في المرة من الجدال كذبا شاة و في المرتين بقرة و في الثلث بدنة على الأشهر بل لا خلاف فيه يعتد به يظهر و لا إشكال في الأول لما مر من الصحيح و نحوه الموثق و غيره فإنها صريحة فيه و أما الأخيران فيشكل الحكم فيهما لعدم وضوح دليلهما مع أن في الصحيح إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة و على المخطئ بقرة و مقتضاه وجوب البقرة في الزائد على المرتين و نحوه آخر و مال إلى العمل بهما في المدارك فقال و ينبغي العمل بهما لصحة سندهما و وضوح دلالتهما و هو حسن إن وجد القائل بهما و إلا فشاذان يجب طرحهما مع أنه يمكن الاستدلال للمشهور في البقرة بما رواه العياشي في تفسيره كما في الوسائل عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى ع قال من جادل في الحج

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 476

فعليه إطعام ستين مسكينا لكل

مسكين نصف صاع إن كان صادقا أو كاذبا و إن عاد مرتين فعلى الصادق شاة و على الكاذب بقرة الحديث و خروج صدره عن الحجية بالإجماع من وجهين لا يوجب خروج الباقي عنها كما قرر في محله و هو صريح في وجوب البقرة في المرتين من الجدال كذبا و في البدنة بالصحيح أو الموثق إذا جادل الرجل و هو محرم فكذب متعمدا فعليه جزور و هو و إن كان مطلقا يشمل المرة الأولى و الثانية لكنهما مخرجتان عنه بالأخبار المتقدمة فيتعين تقييده بالمرة الثالثة و هو أولى من حمله على الاستحباب كما مر غير مرة هذا مع تأيد الحكم فيهما بل في جملة الأحكام المتقدمة في الجدال بأقسامه بالرضوي فيما حكي و فيه و اتق في إحرامك الكذب في اليمين الكاذبة و الصادقة و هو الجدال الذي نهى اللَّه سبحانه إلى أن قال فإن جادلت مرة أو مرتين و أنت صادق فلا شي ء عليك و إن جادلت ثلاثا و أنت صادق فعليك دم شاة و إن جادلت مرة و أنت كاذب فعليك دم شاة و إن جادلت مرتين كاذبا فعليك دم بقرة و إن جادلت ثلاثا و أنت كاذب فعليك بدنة فإذن المشهور في غاية القوة و عليه فإنما تجب البقرة بالمرتين و البدنة بالثلاث إذا لم يكن كفر عن السابق فلو كفر عن كل واحدة فالشاة أو اثنتين فالبقرة و الضابط اعتبار العدد السابق ابتداء أو بعد التكفير فللمرة شاة و للمرتين بقرة و للثلاث بدنة و بذلك أيضا صرح جماعة من غير خلاف بينهم أجده و اعلم أن ظاهر المتن هنا عدم وجوب الكفارة في غير ما مر لقوله

[العاشر استعمال الدهن]

و قيل في استعمال

الدهن الطيب أي الذي فيه طيب شاة و القائل الشيخ في النهاية و المبسوط و الخلاف نافيا عنه الخلاف كما مر في كفارة الطيب و السرائر و الفاضل مدعيا عليه في المنتهى على لزوم الفدية فيه الإجماع و تبعهم جماعة من غير خلاف فيه بينهم بل مطلقا أجده إلا من الماتن هنا و في الشرائع و الكتاب مع أنه أوجبها في بحث كفارة الطيب و هو الوجه للإجماع المنقول الذي هو العمدة في إيجابها في الطيب مطلقا فإنه شامل لما نحن فيه بل إجماع الخلاف صريح فيه مضافا إلى تأيده بالصحيح المقطوع في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن البنفسج فقال إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين و إن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه و إن كان في الاستدلال به نظر لأنه مقطوع لا مضمر كما قيل ينجبر بعمل الأكثر مع أخصيته من المدعى و اشتماله على وجوب الكفارة على الجاهل مع اتفاق الأصحاب و الأخبار على أنه لا كفارة عليه إلا في الصيد خاصة كما يأتي و مضى الإشارة إليه مرارا و لا فرق بين استعماله اختيارا و اضطرارا كما عن الأولين خلافا للمحكي عن ابن سعيد فإنما أوجب الدم باستعماله اختيارا

[الحادي عشر قلع الضرس]

و كذا قيل في قلع الضرس يجب به شاة و القائل الشيخ في النهاية و المبسوط و القاضي و المهذب و الحلبي و الجامع كما حكي لكن الأخير خصه بالاختيار للمرسل محرم قلع ضرسه فكتب يهريق دما خلافا لأكثر المتأخرين فردوه لضعف السند و الدلالة باحتماله أن يكون قد أدمى كما هو الغالب و يكون الدم لأجله قيل و قد قيل في الإدماء شاة و في الخلاف فيه طعام مسكين

و في الغنية مد من طعام و المعنى واحد أقول و هو الوجه و إن كان الوجوب أحوط سيما مع دعوى بعضهم اشتهاره بين الأصحاب و هنا

[مسائل ثلاث]
اشارة

مسائل ثلاث

[الأولى في قلع شجرة الحرم الإثم]

الأولى في قلع شجرة الحرم الإثم في جميع أقسامه عدا ما استثني مما مر ذكره في بحث تروك الإحرام مع الدليل على كل من حكمي المستثنى منه و المستثنى و الحكم الأول مطلقا سواء كان أصلها في الحرم أو فرعها كما صرح به جماعة من غير خلاف بينهم أجده للصحيح عن شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحل قال حرم فرعها لمكان أصلها فإن قلت فإن أصلها في الحل و فرعها في الحرم قال يحرم أصلها لمكان فرعها و ظاهر المتن هنا و في الشرائع أنه لا كفارة فيه أصلا كما عن ظاهر الحلي أو تردده فيها و هو ضعيف جدا لما ستقف عليه إن شاء اللَّه مع أن المشهور الذي كاد أن يكون إجماعا ثبوتها في الجملة و إن اختلفوا في بيانها فالإسكافي على أنها قيمتها و ثمنها مطلقا و اختاره الفاضل في المختلف للموثق و روي في الفقيه بسند حسن بل صحيح عن الرجل يقطع من الأراك الذي بمكة قال عليه ثمنه يتصدق به و قريب منه الصحيح المروي في النهاية عن الأراك يكون في الحرم فأقطعه قال عليك فداؤه و فيه أن الفداء أعم من الثمن فلا ينافي القول بوجوب البقرة مطلقا أو مع الشاة على التفصيل الآتي و مع ذلك فمورده كالسابق إنما هو القطع من الأراك الظاهر في قطع بعض أغصانه لا قلع أصله الذي هو المتنازع فيه و لا تلازم بينهما لمصير الأكثر كما سيظهر إلى الفرق بينهما بإثبات الثمن في الأولين كما في الخبرين و البقرة أو الشاة في الثاني و هذا القول كسابقه ضعيف و قيل فيها أي في قلعها بقرة القائل القاضي و

أطلق فلم يفصل بين الصغيرة و الكبيرة للمرسل إذا كان في دار الرجل شجرة من شجرة الحرم و لم تنزع فأراد نزعها كفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين و رد بضعف السند و متروكية الظاهر و فيه نظر لأن الإرسال إنما هو بقول الراوي الثقة روى أصحابنا بصيغة الجمع المضاف المفيد للعموم و مثله يلحق بالصحيح على الصحيح مع أنه منجبر لشهرة العمل به في الجملة مع نقل الإجماع عليه كما ستعرفه و متروكية الظاهر أنه إنما هو من حيث دلالته على المنع عن قلع الرجل الشجر في داره مع أنه كما سبق من جملة ما استثني و قد مر الكلام فيه و أن القدر الثابت منه إنما هو استثناء ما غرسه الإنسان و أنبته سواء كان في ملكه أو غيره أو ما نبت في ملكه بعد ملكيته و الخبر هنا ليس نصا فيهما فيحتمل التقييد بغيرهما و العام المخصص و المطلق المقيد حجة في الباقي فهذا القول متوجه لو لا الإجماع المنقول على التفصيل الآتي المؤيد بغيره و قيل في الصغيرة منها شاة و في الكبيرة بقرة و في الأغصان القيمة و القائل الشيخ و جماعة كما في المدارك و غيره بل في شرح القواعد للمحقق الثاني و المدارك و الروضة أن عليه الشهرة و في الخلاف الإجماع عليه و لا يخلو عن قوة للإجماع المنقول المعتضد بالشهرة المتأخرة الظاهرة و المطلقة المحكية في عبائر هؤلاء الأجلة المؤيد زيادة على ذلك بما روي عن ابن عباس أنه قال في الدوحة بقرة و في الجزية شاة مضافا إلى الرواية السابقة بالبقرة و إن أطلقها لكنها مقيدة بالكبيرة جمعا بين الأدلة و أما الأغصان فقد

مر من الأخبار المعتبرة ما يدل على أن فيها القيمة فلا إشكال في المسألة بحمد اللَّه سبحانه و المرجع في الصغيرة و الكبيرة إلى العرف و العادة و المتوسطة و المشكوك في صغرها و كبرها شاة لأصالة البراءة و يحتمل الإلحاق بالكبيرة احتياطا من باب المقدمة فتأمل

[الثانية لو تكرر الوطي تكررت الكفارة]

الثانية لو تكرر الوطي الموجب للكفارة تكررت مطلقا الكفارة على الأظهر الأشهر بين الطائفة على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة بل عليه

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 477

الإجماع في صريح الانتصار و الغنية و فيهما التصريح بعدم الفرق بين وقوعه في مجلس واحد أو مجالس متعددة و كفر عن الأول أم لا و هو الحجة المؤيدة بعموم النص الموجبة للكفارة مضافا إلى الشهرة العظيمة القريبة من الإجماع لعدم ظهور مخالف عدا الشيخ في الخلاف و ابن حمزة فقيد الأول بما إذا تكرر بعد تخلل التكفير دون غيره و الثاني بما إذا كان غير مفسد للحج و تكرر بدفعات دون المفسد و المتكرر دفعة و قواه الفاضل في المختلف و حجتهما غير واضحة عدا ما في المختلف لقوله من أن الأصل براءة الذمة قيل يعني أن النصوص إنما أفادت على المجامع بدنة و هو أعم من المجامع مرة و مرات و أيد بأنها أفادت أن الجماع قبل الوقوف يوجب بدنة و الإتمام و الحج من قابل و بين أن الأمور الثلاثة إنما تترتب على الجماع الأول فالقول بترتب البدنة خاصة على كل جماع دون الباقين تحكم و فيه أن القائل بتكرر البدنة لا ينفي ترتب الباقين لكنه يقول لا يتصور فيهما التكرار و إلا فهما أيضا مترتبان على كل جماع كالبدنة نعم يحتمل البدنة أن يكون مثلهما في أن تكون واحدة

تترتب على الجماع مرة و مرات انتهى و الأجود الجواب عنه أولا بالإجماع المنقول الذي هو في حكم النص الصحيح المؤيد بما عرفته مع أنه في الخلاف قبيل تلك الفتوى أفتى بالتكرار مطلقا كما عليه من عداه و ثانيا بأن ما ذكره على تقدير تماميته ينفي التكرر مطلقا كفر عن الأول أم لا فالتفصيل بينهما غير متوجه على كل تقدير و اعلم أنه يتحقق التكرر بتكرر الإيلاج و النزع مطلقا كما في عبائر جمع و استند بعضهم إلى العرف و في إطلاق الصدق العرفي بذلك نظر فإن من كرر الأمرين بامرأة واحدة في حالة واحدة لا يصدق عليه في العرف أنها جامعها مرارا كثيرة بل يقال إنه جامعها مرة نعم لو تعدد الموطوءة أو الحالات أمكن فيه ذلك و لعل هذا هو الوجه في نفي ابن حمزة الكفارة عن المتكرر دفعة و أما نفيه لها عن المفسد للحج فلما مر من التأييد في توجيه الخلاف و مرجعه إلى منع عموم ما يدل على وجوب الكفارة لمثله لاختصاص النص المثبت لها فيه بما يترتب عليه الأمور الثلاثة حقيقة و هي لا تترتب إلا على الأول منه فالثاني مثلا غير داخل فيه فهذا القول في غاية المتانة لو لا الإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة إلا أن شمولها لمثل تكرر الإيلاج و النزع دفعة بالموطوءة الواحدة في حالة واحدة محل مناقشة لما مر من المنع عن صدق التكرار العرفي الذي يجب صرف الإطلاقات فتوى و نصا إليه بل الإطلاقات الموجبة للبدنة و ما بعدها مرة الغالب فيها الذي ينصرف إليه بحكم العادة و الغلبة تكرر الأمرين فيه مرارا عديدة و إن أمكن فرض وقوعها مرة و مع ذلك

حكم فيها بوجوب البدنة مثلا مرة فالوجه عدم تكرر الكفارة في هذه الصورة لا لمنع الحكم بل لمنع تكرر الموضوع و المسبب عرفا فليس فيه مخالفة للإجماعات المزبورة بوجه و لو تكرر اللبس فإن اتحد المجلس لم يتكرر عند المصنف مطلقا سواء اتحد الوقت أيضا أو تعدد كما مر و فيه نظر بل الوجه ما مر من التكرر بتكرر اللبس سواء اتحد المجلس أو تعدد اختلف الملبوس صنفا أو اتحد كفر عن الأول أم لا و وجهه مع إشباع الكلام في المسألة قد مر و كذا لو تكرر التطيب و يتكرر الكفارة فيهما مع اختلاف المجلس و لا مع وحدته عند المصنف و يتبدل المجلس بالوقت عند غيره و هو الوجه كما مر و عن الخلاف نفي الخلاف عنه حيث ذكر تكرر الكفارة بتكرر اللبس و الطيب إذا فعل ثم صبر ساعة و هكذا كفر عن الأول أم لا و استدل بأنه لا خلاف أنه يلزمه بكل لبسة كفارة فمن ادعى تداخلها فعليه الدلالة و اعلم أن الماتن لم يذكر الأسباب الأخر هل يتكرر الكفارة فيها بتكررها أم لا و هو مما ينبغي تحقيقه في المقام و يحمل الكلام فيه بنحو يوافق الأصل و الدليل ما أشار إليه بعض الأعلام فقال و لو تعددت الأسباب مختلفة كالصيد و الوطي و الطيب و اللبس تعددت الكفارة اتفاقا اتحد الوقت أو اختلف كفر عن السابق أو لا لوجود المقتضي و انتفاء المسقط و لو تكرر سبب واحد فإن كان إتلافا متضمنا [مثلا] للمثل أو القيمة تعددت بحسبه اتفاقا لأن المثل إنما يتحقق بذلك و إلا فإن لم يفصل العرف أو الشرع فيه بين مجلس واحد و مجلسين

و وقت أو وقتين مثل الوطي فإنه

يتعدد الإيلاج حقيقة عرفا و شرعا تعددت الكفارة أيضا بتعدده و لو في مجلس واحد و كذا اللبس إذا ليس ثيابا واحدا أو ثوبا واحدا لبسا بعد نزع و كذا التطيب إذا فعل مرة بعد أخرى و التقبيل إذا نزع فاه ثم أعاد فقبل أما إذا كثر منه فلم ينزع فاه فيمكن أن يكون واحدا و كذا ستر الرأس و التظليل و لو تكرر ما يفصل فيه العرف أو الشرع بين مجلس أو مجلسين أو وقت و وقتين مثل الحلق الذي يفصل فيه العرف و القلم الذي يفصل فيه الشرع تعددت الكفارة إن تغاير الوقت كان حلق بعض رأسه غدوة و بعضه عشية و إلا فلا تعد في العرف حلقا واحدا كما أن لبس ثياب دفعة لبس واحد لكن في الصحيح عن المحرم احتاج إلى ضروب من الثياب فقال عليه لكل صنف منها فداء و هو يعم لبسها دفعة و دفعات و قد يمنع كون لبسها دفعة لبسا واحدا و عرفت الفرق بين القلم في مجلس و مجلسين انتهى المقصود من كلامه و هو في غاية الجودة إلا أن في بعض كلماته مناقشة مع دعواه صدق تكرر الجماع بتكرر الإيلاج مطلقا عرفا فإن فيه ما مضى و منع كون لبس الثياب دفعة لبسا واحدا فإنه ليس في محله و الأجود في الجواب عن الصحيح حمله على لبسها دفعات كما هو الغالب فيه و قد قدمناه

[الثالثة إذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه لزمه دم شاة]

الثالثة إذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه لبسه مما لا تقدير فيه بالخصوص عامدا عالما لزمه دم شاة بلا خلاف أجده للصحيح المتقدم غير مرة من نتف إبطه أو قلم ظفره أو

حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعل متعمدا فعليه دم شاة و يستفاد منه أنه يسقط الكفارة عن الناسي و الجاهل و لا خلاف فيه أيضا مطلقا حتى في غير ما تضمنه الصحيح من جملة ما يحرم على المحرم إلا الصيد و النصوص به مع ذلك مستفيضة جدا عموما و خصوصا فقد ورد أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه و في الصحيح ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلا الصيد و أن عليك الفداء بجهل كان أو بعمد و في آخر و اعلم أنه ليس عليك فداء شي ء أتيت و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما أو عمرتك إلا الصيد فإن عليك الفداء بجهالة كان أو عمد و ما ورد بمعناها في جملة من محرمات الإحرام بالخصوص حيث اشترطت في إيجابها

رياض المسائل(ط-القديمة)، ص: 478

العمد و العلم كثير و يستفاد من الصحيحين و ما في معناهما عدم سقوطها عن الناسي و الجاهل في الصيد كما دل عليه الاستثناء في المتن أيضا و نحوه كلمة الأصحاب جملة حتى حكي الإجماع عليه عن الخلاف و الغنية و التذكرة و المنتهى و لا مخالف فيه صريحا بل و لا ظاهرا إلا ما يحكى عن العماني أنه حكى السقوط عن الناسي هنا أيضا قولا و هو ضعيف جدا و لا مستند له عدا حديث رفع القلم و هو على تقدير وضوح دلالته على رفع الكفارة مع أن الظاهر المتبادر منه خصوص رفع الإثم و المؤاخذة مخصوص أو مقيد بما عرفته من الأدلة و ذكر

جماعة عدم سقوطها في الصيد من المجنون و الصبي أيضا قيل و الظاهر أن الكفارة على المجنون في ماله يخرجه بنفسه إن أفاق و إلا فالولي و أما لو كان مجنونا أحرم به الولي و هو مجنون فالكفارة على الولي كما في الغنية كالصبي و لم يذكر بعضهم الصبي لأن كفارته على الولي كما سلف

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.