عقيدة المسلمين في المهدي : من موسوعة أحاديث أمير المؤمنين (عليه السلام)

اشارة

عقيدة المسلمين في المهدي : من موسوعة أحاديث أمير المؤمنين (عليه السلام)

المؤلف : مؤسسة نهج البلاغة.

المجموعة : من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية.

عقيدة المسلمين في المهدي.

من موسوعة أحاديث أمير المؤمنين عليه السلام.

تأليف: اللجنة العليا للتحقيق في بنياد نهج البلاغة.

برئاسة حجة الاسلام السيد يحيى العلوي.

ص: 1

اشارة

موسوعة أحاديث أمير المؤمنين علي عليه السلام

ص: 2

ص: 3

ص: 4

إهداء ودعاء

إلى بقية الله في الأرضين ووارث علوم الأنبياء والمرسلين المعد لقطع دابر الظالمين والمدخر لإحياء معالم الدين الحجة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه)

ص: 5

ص: 6

مقدمة المؤسسة

ص: 7

ص: 8

* عقيدة المسلمين في المهدي.

من الخطأ أن يظن البعض: بأن فكرة الامام المنتظر، وانتظار الفرج في آخر الزمان من خصائص - الشيعة -، بل وأن انتظار مصلح عالمي يحكم بالعدل، ويحطم أركان الجبابرة مطلب عام يؤمن به كثير من المجتمعات البشرية، سيما أصحاب الأديان السماوية.

فاليهود يعتقدون: بخروج مصلح في آخر الزمان، ويسمونه: إيليا، ويعتقد النصارى: بخروج - عيسى بن مريم -.

وجاء عن الكتب الدينية للهندوس: في أواخر الجك الرابع - أي الدورة الرابعة - يتجه أهل الأرض إلى الفساد، ويكفر أكثرهم، ويرتكبون المعاصي الكبيرة، ويحكمهم الأرذلون، والناس يومئذ أشبه بالذئاب يأكل بعضهم بعضا، وينهب بعضهم بعضا، ويفسد الكهنة ورجال الدين، والحق يكون مع اللصوص، ويحتقر المتقون الزاهدون.

هنالك يأتي برهمن كلا - أي رجل الدين الشجاع - فيطهر الأرض بسيفه

ص: 9

القاطع من المفسدين والأرجاس، ويحفظ الطيبين والأطهار (1) ويعتقد البوذيون: أن في كل زمان تظهر شخصيات كاملة ليعلموا أتباعهم المحبة والصبر والتضحية، ويعلمونهم تعاليم بوذا، وهؤلاء بدورهم يرشدون الناس.

ويعتقد المجوس: أن في آخر الزمان يظهر شخص اسمه: اشيزريكا، ويظهر معه شخص آخر اسمه پتياره - أي الدجال -، فيفسد في الأرض عشرين عاما، ثم يحكم الأرض اشيزريكا فيحيي العدل، ويبيد الظلم، ويخضع له الحكام والسلاطين، فترحل الفتن والمصائب إلى الأبد، ليحل محلها الراحة والأمان.

وبالإيجاز، فإن التبشير بخروج هذا المصلح وانتظار قيامه، مذكور في صحف الأنبياء، والعهد القديم والجديد، وفي زبور داود، وكتاب دانيال، وإنجيل متي ويوحنا، وفي عقائد الهندوس والبوذيين، ومن أراد ذلك فليراجع الكتب المفصلة.

أما المسلمون باختلاف عقائدهم ومذاهبهم، يعتقدون بظهور الحجة تحت اسم - المهدي - حتى أن بعض الانتهازيين استغل هذه العقيدة الراسخة في قلوب عامة المسلمين، فادعى المهدوية في إيران، وكثيرون في السودان والمغرب العربي.

وقد ذكر الشيخ عبد المحسن العباد - في مجلة الجامعة الاسلامية:

العدد (3) - أسماء العلماء والحفاظ الذين ذكروا أحاديث المهدي المنتظر في كتبهم، نذكر منهم:

ص: 10


1- (1) ما للهند: 321.

1 - أبو داود في سننه.

2 - الترمذي في جامعه.

3 - ابن ماجة في سننه.

4 - أحمد في مسنده.

5 - الحاكم في المستدرك.

6 - النسائي في الخصائص الكبرى.

7 - الطبراني في الكبير والأوسط والصغير.

8 - نعيم بن حماد في كتاب الفتن.

9 - الدارقطني في الافراد.

10 - البارودي في معرفة الصحابة.

11 - الخطيب في تلخيص المتشابه وفي المتفق والمفترق.

12 - ابن عساكر في تاريخه.

13 - ابن جرير في تهذيب الآثار.

14 - أبو بكر بن المقري في معجمه.

15 - أبو عمرو الداني في سننه.

16 - البيهقي في دلائل النبوة.

17 - ابن الجوزي في تاريخه.

18 - يحيى الحماني في مسنده.

19 - الروياني في مسنده.

20 - ابن سعد في الطبقات (1)

ص: 11


1- (1) المهدي المنتظر / للشيخ محمد حسن آل ياسين: 55.

وقد اعترف الدكتور أحمد أمين بذلك، فقال: إنه من أشراط الساعة، وأنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت: يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الاسلامية، ويسمى:

المهدي (1) ويقول الدكتور عبد الحليم النجار في مقدمته لكتاب المهدوية في الاسلام: إن علماء الحديث يرون أن - فكرة المهدي - بلغت مبلغ التواتر المعنوي (2).

ويقول الشيخ منصور علي ناصف: اشتهر بين العلماء سلفا وخلفا: أنه في آخر الزمان لا بد من ظهور رجل من أهل البيت، يسمى: المهدي، يستولي على الممالك الاسلامية، ويتبعه المسلمون، ويعدل بينهم، ويؤيد الدين.

وقد روى أحاديث - المهدي - جماعة من خيار الصحابة، وأخرجها أكابر المحدثين: كأبي داود، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وأبي يعلى، والبزاز، والإمام أحمد، والحاكم (رضي الله عنهم أجمعين)، ولقد أخطأ من ضعف أحاديث - المهدي - كلها: كابن خلدون وغيره (3) وهذا الشيخ عبد العزيز بن باز - رئيس الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة -، يقول: إن أمر - المهدي - أمر معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة... فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به: أمره ثابت وخروجه حق (4).

وجاء في مقال للشيخ صفاء الدين آل شيخ الحلقة - من علماء السنة في

ص: 12


1- (1) المهدي والمهدوية: 110.
2- (2) أدب الشيعة: 101.
3- (3) التاج الجامع للأصول: 5 310.
4- (4) مجلة الجامعة الاسلامية: 161 - العدد (3).

العراق -: وأما - المهدي المنتظر - فقد بلغت الأحاديث الواردة فيه حدا من الكثرة يورث الطمأنينة: بأن هذا كائن في آخر الزمان، فيعيد للاسلام سلامته، وللايمان قوته، وللدين نضارته، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول.

أما الآثار عن الصحابة المصرحة - بالمهدي - فهي كثيرة، لها حكم الرفع، فإن ما أورده: البرزنجي في الإشاعة لأشراط الساعة، والآلوسي في تفسيره، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم، وأبو يعلى، والطبراني، وعبد الرزاق، وابن حنبل، ومسلم، وأبو نعيم، وابن عساكر، والبيهقي، والخطيب في تاريخه، والدارقطني، والردياني، ونعيم بن حماد في الفتن، كذا ابن أبي شيبة، وأبو نعيم الكوفي، والبزاز، والديمي، وعبد الجبار الخولاني في تاريخه، والجويني، وابن حبان، وأبو عمرو الداني في سننه.

ففي ذلك كفاية... فالايمان بخروجه واجب، واعتقاد ظهوره تصديق لأحاديث الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ (1) وإليك هذا الاستفتاء من رابطة العالم الاسلامي في مكة:

يستفسر شخص اسمه: الكرم أبو محمد من كينيا، عن - المهدي المنتظر - وموعد ظهوره، فيجيبه أمين عام الرابطة - السيد محمد صالح القزاز - موضحا أن - ابن تيمية - مؤسس المذهب الوهابي، قد قبل الأحاديث الدالة على - ظهور المهدي -، ضمن رسالة مختصرة أعدها خمسة من رجال الدين في الحجاز.

ص: 13


1- (1) المهدي المنتظر: الشيخ محمد حسن آل ياسين.

موسوعة أحاديث أمير المؤمنين _ عليه السلام _:

نظرة سريعة إلى موسوعة أحاديث أمير المؤمنين _ عليه السلام _: كانت مسألة جمع أحاديث أمير المؤمنين _ عليه السلام _ ضرورة علمية لابد منها، سيما وقد وردت في حق أمير المؤمنين _ عليه السلام _ من الأحاديث التي لا يمكن ضمها وجمعها في أسفار ومجلدات ودورات، وإن تصدى البعض من الحفاظ والرواة إلى جمعها وتدوينها عبر التاريخ، بيد أنهم لم يأتوا بها بصورة كاملة ومستوعبة وجامعة من كافة النواحي.

لذلك نجد في كل كتاب وسفر شطرا من مناقبه، ونتفا من فضائله الجمة، وبعض من كلماته القيمة، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن أئمة الحديث لم يتمكنوا من استيعاب جميع مناقب الامام أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وخطبه ورسائله، وأن جمعها وتدوينها في الواقع خارج عن حدود إمكانياتهم العلمية، وعن صعيد البحث والتحقيق والتتبع.

فبعد أن خاض رئيس اللجنة العليا للتحقيق في - بنياد نهج البلاغة - لجج الجوامع الكبيرة لأمهات الكتب، فأرقه عدم وجود كتاب جامع مانع يغني عن جميع الأصول، فيكون المرجع لكل علم وفن، وشاملا لكل باب وموضوع، وأن يكون شافيا كافيا، يستقصي جميع الروايات والاخبار، بجميع أسانيدها التي وردت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _.

فأصبحت ضالته المنشودة البحث والتنقيب في المراجع والمصادر والأصول، والجوامع الأخيرة، أمثال: الوافي والوسائل والبحار، ثم نظر لأغلب الأصول، ناقدا ممحصا، وباحثا فاحصا، فوفقه الله لجمعها، بعد صرف الأوقات العزيزة في تحقيقها واتحاد أخبارها، مع المصادر والجوامع، وإفراد كامل أسانيدها.

ص: 14

لهذا السبب كانت الحاجة إلى عمل أساسي يسهل على الباحث والقارئ أن يرجع إلى النص في أي موضوع شاء، فيرى بغية ما أورده، ونهاية ما أراده، أكثر مما يقدمه له الكاتب... وذلك هو الهدف من جامع أحاديث الإمام علي - عليه السلام - وموضوعاتها.

ومن حسنات هذا العصر الزاهر، أن يتوجه جماعة إلى حسب مناهج علمية خاصة تيسر للمطالع فهمها والاستفادة منها.

وكان من حسن حظ بنياد نهج البلاغة أن يسلك هذه الطريق فيمن سلك، ويقع اختياره على تقديم هذا الكتاب بكل فخر واعتزاز.

كلمة حول موضوع الكتاب:

1 - تم هذا العمل تحت إشراف اللجنة العليا للتحقيق في بنياد نهج البلاغة.

2 - أوكلت الهيئة العلمية في - بنياد نهج البلاغة - إلى حجة الاسلام السيد يحيى العلوي بجمع الأحاديث من بعض المصادر، فقام مشكورا بهذه المهمة، ملتمسا رحمة الله، وطلب رضاه، فقد أجهد نفسه طويلا، خدمة للاسلام ورعاية للمسلمين، وهذا ما ينفعه في دنياه وأخراه، مستحضرا قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) القدوة الحسنة: إذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (1) 3 - أحيل تكميل الموضوع إلى لجنة التحقيق في - بنياد نهج البلاغة - فقامت هي الأخرى مشكورة بتنظير الأحاديث ومقابلتها مع النسخ الأصلية المعتمدة، وكتابة عناوين ومقدمات للفصول، وما رأته ضروريا ونافعا.

ص: 15


1- (1) رواه مسلم.

4 - جمعت هذه الأحاديث من مصادر وكتب ثابتة معروفة من الفريقين.

5 - طريقنا في التحقيق كانت إبراز متن صحيح وكامل من غير أغلاط، وقد أشرنا إلى اختلاف الحديث، والاختلاف اليسير فيه في الهامش، مع ذكر الزيادة أو النقيصة في - المتن - تتميما للفائدة.

6 - تقطيع - المتن - بأحسن وجه، يحفظ له المعنى، ويسهل على القارى تقبله، ويضيف عليه جمالية في الاخراج.

7 - شرح بعض الكلمات المذكورة في - المتن - التي تبدو غير واضحة المعنى شرحا موجزا، باعتماد أهم معاجم اللغة.

8 - ترجمة مختصرة لبعض الرواة الواردة أسماؤهم في الحديث.

9 - التعليق المقتضب عند الضرورة.

10 - والشئ الذي يلفت النظر في الكتاب: هو أننا لم نصطدم بالمشددين في نقد الحديث، ولا ننساق مع العاطفة، كي لا تفقدنا الغاية التي ألف الكتاب من أجلها، معتمدين على أحاديث آل البيت _ عليهم السلام _، ومستندين على رواة لهم وزنهم في مجال الرواية، لم يخدش ساحة عظمتهم بر ولا فاجر.

11 - مما تقتضيه الأمانة العلمية نقلنا كل ما ورد في أسانيد الحديث ونصه: من تعبيرات الصلاة على النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وتعبيرات التسليم والترضي على الأئمة من أهل البيت، والصحابة، والرواة (رضي الله عنهم)، كما ذكرتها المصادر حرفيا.

12 - ومن ثم تأتي مرحلة ترتيب هوامش الكتاب وفقا للمعلومات والملاحظات المثبتة في الفقرات المتقدمة.

13 - وأخيرا قمنا بإعداد الفهارس الفنية الشاملة لمحتويات هذا الكتاب:

من الآيات والأحاديث والرواة وأسماء الكتب وأسماء الأمكنة وغيرها، مما يجدها

ص: 16

القارى كلا في محله.

14 - ثم إن جميع ما أثبت بين المعقوفات فهو زيادات منا، أضفناها إما تجميلا للفظ وتحبيرا للكلام، وإما تصحيحا للقول وتصويبا للبيان.

15 - كتابنا هذا هو - المجلد الأول - من موسوعة أحاديث أمير المؤمنين - عليه السلام -، وسوف نواصل بإذن الله تعالى تقديم المجلدات الأخرى.

ص: 17

ص: 18

الباب الأول

الفصل الأول: اسم المهدي عجل الله فرجه الشريف

ص: 19

ص: 20

- 1 - اسم المهدي

1 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن إسماعيل بن إبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر _ عليه السلام _ يقول:

سأل عمر أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن المهدي فقال: يا ابن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ قال: أما اسمه فلا، إن حبيبي وخليلي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله عز وجل، وهو مما استودع الله عز وجل رسوله في علمه (1).

ص: 21


1- (1) كمال الدين: 2 / 648، الارشاد: 363 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، مرسلا عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، وفيه: قال: أخبرني عن صفته، قال: هو شاب مربوع حسن الوجه، حسن الشعر، يسبل شعره على منكبيه، ويعلو نور وجهه سواد شعر لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء، إثبات الهداة 7 / 414، عن كمال الدين، وفيه:... فإن حبيبي عهد. وقال: رواه الطبرسي في إعلام الورى عن عمرو بن شمر. إعلام الورى: 434، كما في الارشاد مرسلا عن عمرو بن شمر. الخرائج: 3 / 1152 - آخره - كما في الارشاد بتفاوت يسير مرسلا. غيبة الطوسي: 281 - كما في الارشاد بتفاوت يسير - عن سعد بن عبد الله، ثم بقية سند الصدوق، عقد الدرر: 41، مرسلا عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر _ عليهما السلام _، وفي أوله: سئل أمير المؤمنين علي - عليه السلام -، عن صفة المهدي، فقال: هو شاب مربوع... لوائح السفاريني: 2 / 5 - كما في عقد الدرر - مرسلا عن محمد بن علي، غاية المواعظ للآلوسي: 1 / 83، البحار 51 / 33 - عن كمال الدين، وقال: ورواه الطوسي في الغيبة من طريق سعد مثله، وفي 51 / 36 - عن غيبة الطوسي، وقال: ورواه النعماني في الغيبة عن عمرو بن شمر مثله، فرائد فوائد الفكر: 4 - كما في عقد الدرر، مرسلا عن أبي جعفر محمد بن علي، منتخب الأثر: 187، عن كتاب المهدي، مستدرك الوسائل: 12 / 286 - أوله - عن إعلام الورى، روضة الواعظين 2 / 266 - كما في الارشاد، المستجاد: 556 - عن الارشاد.

2 - حدثنا عبد الله بن مروان، عن الهيثم بن عبد الرحمان، عمن حدثه، عن علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: المهدي مولده بالمدينة، من أهل بيت النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، اسمه اسم أبي، ومهاجره بيت المقدس، كث اللحية، أكحل العينين، براق الثنايا، في وجهه خال، أقنى أجلى، في كتفه علامة النبي، يخرج براية النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من مرط مخملة سوداء، مربعة فيها حجر لم تنشر منذ توفي رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ولا تنشر حتى يخرج المهدي، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم، يبعث وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين (1) 3 - وفي رواية الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمان، أن علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال:... فيحيي الله (ب) المهدي - محمد بن عبد الله - السنن التي قد أميتت،

ص: 22


1- (1) ابن حماد: 101، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 73 - عن ابن حماد، وفيه: ... واسمه اسم نبي، ملاحم ابن طاووس: 73 - عن ابن حماد، وفي سنده القاسم بن عبد الرحمان بدل الهيثم بن عبد الرحمان، وفيه:... اسمه اسم أبيه، كنز العمال 14 / 589 حديث (39671) - عن ابن حماد، وفيه:... اسمه اسم نبي... معلمة، برهان المتقي: 100، عن عرف السيوطي، غاية المواعظ 1 / 83 - بعضه - مرسلا عنه _ عليه السلام _، جمع الجوامع 2 / 104 - عن نعيم، وفيه:... اسمه اسم نبي... من مرط معلمة، الإشاعة: 88 - ملخصا - عن ابن حماد، فرائد فوائد الفكر: 4 - بعضه - عن ابن حماد، وفي ص 11 عن ابن حماد... إلى قوله: بيت المقدس، وفيه... اسمه اسم نبي، صواعق ابن حجر: 167 - أوله - مرسلا، المغربي: 580 - عن ابن حماد، وفيه... اسمه اسم نبي، عقد الدرر: 37 - عن ابن حماد، وفيه... واسمه اسم نبي... من خالفه، بيان الشافعي: 515 - 516 - كما في ابن حماد بتفاوت يسير، بسنده إلى نعيم بن حماد، وفيه ... فيها حجم بدل حجر وليس فيه... عمن حدثه... واسمه اسم أبي وقال: رواه الطبراني في معجمه، وأخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي.

ويسر بعدله وبركته قلوب المؤمنين، وتتألف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب، فيبقى على ذلك سنين ليست بالكثيرة، دون العشرة، ثم يموت (1) أقول: إن المهدي هو - محمد بن الحسن العسكري - _ عليهما السلام _، والتعبير عن أبيه هنا - بعبد الله - لو صدر عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، فمحمول على التقية، لكي يشتبه الامر على أعدائه بعد ولادته، حفظا لوجوده الشريف عن كيد الأعادي. أو مصحف عن النساخ، كما صحفوا كلمة ابني في الخبر المشتهر النبوي بأبي كما لا يخفى، خصوصا مع أن الكثيرين من كبار علمائهم وافقونا في اسمه واسم أبيه (_ عليهما السلام _).

ولقد نظمت أربعين اسما من أسماء الأعاظم من علمائهم في أرجوزتي المسماة بالدرر المكنونة في الامام والإمامة، مع أسامي كتبهم التي ذكروا فيها: اسمه واسم أبيه (صلوات الله عليهما وعلى جدهما وآبائهما) (2) 4 - وأخرج أيضا (نعيم)، عن علي _ عليه السلام _ قال: اسم المهدي محمد (3).

ص: 23


1- (1) ابن المنادي: 91، كنز العمال: 14 / 591 حديث (39678) - عن ابن المنادي، وفيه: من العجم، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 84 - عن ابن المنادي، ولم يسنده إلى علي _ عليه السلام _، وفيه:... فيحيي الله تعالى ... (من) العجم... سنين دون العشرة، المغربي: 581 - عن ابن المنادي في الملاحم.
2- (2) مصباح البلاغة: 359 - 360.
3- (3) برهان المتقي: 101 حديث 8.

ص: 24

الباب الأول

الفصل الثاني: صفات المهدي وشمائله

ص: 25

ص: 26

- 2 - صفة المهدي وشمائله

1 - حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال:

حدثنا إسماعيل بن مالك، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده _ عليهم السلام _ قال: قال أمير المؤمنين - عليه السلام - - وهو على المنبر -:

يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح (1) البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش (2) المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _، له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد، إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلا، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة (في قلبه) وهو في قبره،

ص: 27


1- (1) مبدح البطن: أي واسعة وعريضة، قال الفيروز آبادي: البداح: كسحاب المتسع من الأرض أو اللينة الواسعة، والبدح بالكسر الفضاء الواسع، وامرأة بيدح. بادن والأبدح: الرجل الطويل [السمين] والعريض الجنبين من الدواب.
2- (2) المشاشة بالضم: رأس العظم الممكن المضغ. والجمع مشاش، والشامة: علامة تخالف البدن الذي هي فيه، وهي هنا إما بأن تكون أرفع من سائر الاجزاء أو أخفض وإن لم تخالف في اللون.

وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه (1) 2 - أخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي، عن بعض رجاله، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن إسماعيل بن عياش، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: نظر أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _ إلى الحسين - عليه السلام -.

فقال: إن ابني هذا سيد، كما سماه رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ سيدا، وسيخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيكم، يشبهه في الخلق والخلق يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة للحق وإظهار للجور، والله لو لم يخرج (2) لضربت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكانها.

وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الانف (3) ضخم البطن، أذيل الفخذين (4) بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا(5) ويملا الأرض عدلا كما ملئت ظلما

ص: 28


1- (1) كمال الدين: 2 / 653، البحار: 51 / 35، منتخب الأثر: 186 عن كمال الدين، إثبات الهداة: 6 / 444 - بعضه - عن كمال الدين بتفاوت يسير في السند، إعلام الورى: 434 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، قال: وروى محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن منذر، عن أبي جعفر الباقر _ عليه السلام _، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - على المنبر: - وفيه:... حمرة... لون شامة النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _... فإذا هز... أعطاه الله تعالى... ولا يبقى مؤمن إلا دخل في قلبه وفي قبره حلية الأبرار: 2 / 582، كما في كمال الدين بتفاوت يسير، عن ابن بابويه، وفيه:... فإذا هز رأسه... ولا يبقى ميت من المؤمنين وفي: ص 585 - 586، كما في روايته الأولى بتفاوت يسير، عن ابن بابويه، وفي: ص 617 - 618، عن ابن بابويه ملخصا. الخرائج: 3 / 1149 - 1150 كما في إعلام الورى بتفاوت يسير، مرسلا.
2- (2) كذا ولعله تحريف: لو يخرج قبل لضربت عنقه.
3- (3) القنا في الانف: طوله ودقة أرنبته، مع حدب في وسطه.
4- (4) أزيل الفخذين: من الزيل - كناية عن كونهما عريضتين، كما مر في خبر آخر، وفي بعض النسخ - بالباء الموحدة - من الزبول، فينافي ما سبق ظاهرا، وفي بعضها: أربل - بالراء المهملة والباء الموحدة - من قولهم: رجل ربل كثير اللحم وهذا أظهر.
5- (5) فلج الثنايا: انفراجها وعدم التصاقها.

وجورا (1)

ص: 29


1- (1) غيبة النعماني: 214 - 215، ملاحم ابن طاووس: 144، عن فتن السليلي، بسنده: حدثنا عمر بن عبد الوهاب الآدمي قال: أخبرنا محمد بن هارون السهروردي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الأنصاري - من ولد عمير بن الحمام - قال: أخبرنا علي بن بهرام قال: حدثنا موسى بن إبراهيم قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: دخل الحسين بن علي على علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ وعنده جلساؤه فقال: - وفيه: هذا سيدكم، سماه... وليخرجن رجلا من صلبه، شبهي شبهه في الخلق والخلق يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت... قيل له: ومتى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: هيهات إذا خرجتم عن دينكم كما تخرج المرأة عن وركيها لبعلها، عمدة ابن البطريق: 434، عن الجمع بين الصحاح الستة، وفيه: قال علي _ عليه السلام _ ونظر إلى ابنه الحسين وقال:... كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق ولا... يملأ الأرض عدلا، البحار: 51 / 120، عن غيبة الطوسي، إثبات الهداة: 3 / 505، عن غيبة الطوسي، ابن حماد: 103 - حدثنا غير واحد، عن ابن عياش، عمن حدثه، عن محمد بن جعفر، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: سمى النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ الحسن (الحسين) سيدا، وسيخرج

3 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن موسى بن عمران (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الحميد، وعبد الصمد (عبد الله) بن محمد جميعا، عن حنان بن سدير، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة قال:

سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: صاحب هذا الامر الشريد الطريد الفريد الوحيد (1)

ص: 30


1- (1) كمال الدين: 1 / 303، إثبات الهداة: 3 / 463، عن كمال الدين بتفاوت يسير في سنده، وفي 7 / 141، عن كنز الفوائد للكراجكي، وفي 7 / 217، عن مقتضب الأثر بتفاوت يسير، مقتضب الأثر: 31، قال: ومما حدثني به هذا الشيخ الثقة أبو الحسين عبد الصمد بن علي، وأخرجه إلي من أصل كتابه وتاريخه في سنة خمس وثمانين ومائتين سماعة من عبيد بن كثير أبي سعد العامري قال: حدثني نوح بن دراج، عن يحيى بن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن أبي جحيفة السوائي من سواءة بن عامر، والحرث بن عبد الله الحارثي الهمداني، والحرث بن شرب، كل حدثنا: أنهم كانوا عند علي بن أبي طالب _ عليه السلام _، فكان إذا أقبل ابنه الحسن _ عليه السلام _ يقول: مرحبا يا بن رسول الله وإذا أقبل الحسين _ عليه السلام _ يقول: بأبي أنت وأمي يا أبا ابن خيرة الإماء فقيل له: يا أمير المؤمنين! ما بالك تقول هذا للحسن وتقول هذا للحسين؟ ومن ابن خيرة الإماء؟ فقال: ذاك الفقيد الطريد الشريد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين هذا، ووضع يده على رأس الحسين _ عليه السلام _، البحار: 51 / 110، عن مقتضب الأثر بتفاوت يسير في سنده، وفي 51 / 120، عن كمال الدين، منتخب الأثر: 240، عن البحار، الصراط المستقيم:

4 - أخبرنا علي بن الحسين بهذا الاسناد (قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان الرازي) عن محمد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ أنه قال: إن عليا _ عليه السلام _ قال:

كان لي أن أقتل المولي، وأجهز على الجريح، ولكني تركت ذلك للعاقبة من أصحابي، إن جرحوا لم يقتلوا، والقائم له أن يقتل المولي ويجهز على الجريح (1).

5 - حدثنا محمد بن همام، ومحمد بن الحسن بن جمهور جميعا، عن الحسن بن محمد ابن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن أبي الجارود، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن الحارث الأعور الهمداني، قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _:

بأبي ابن خيرة الإماء - يعني القائم من ولده _ عليه السلام _ - يسومهم خسفا، ويسقيهم بكأس مصبرة (2) ولا يعطيهم إلا السيف هرجا (3) فعند ذلك تتمنى فجرة قريش لو أن لها مفاداة من الدنيا وما فيها ليغفر لها، لا تكف عنهم حتى يرضى الله (4)

ص: 31


1- (1) غيبة النعماني: 231 - 232، البحار: 52 / 353 - عن غيبة النعماني، مستدرك الوسائل: 11 / 54 - عن غيبة النعماني، وفيه: ولكن تركت... للعافية.
2- (2) من الصبر - ككتف - وهو عصارة شجر مر، والجمع: صبور - بضم الصاد -، والواحدة: صبرة - بفتح الصاد وكسر الباء - ولا تسكن باوه إلا في ضرورة الشعر، كقوله: صبرت على شئ أمر من الصبر.
3- (3) أي قتلا.
4- (4) غيبة النعماني: 229، كنز العمال: 14 / 589 حديث (39670)، إثبات الهداة: 3 / 539، عرف السيوطي، الحاوي 2 / 73، ابن حماد: 96 - حدثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملاي، عن المنهال، عن زر بن حبيش، سمع عليا (رضي الله عنه) يقول: يفرج الله الفتن برجل منا، يسومهم خسفا، لا يعطيهم إلا السيف، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا، حتى يقولوا: والله، ما هذا من ولد فاطمة، لو كان من ولدها لرحمنا، يعزيه الله ببني العباس وبني أمية ملاحم ابن طاووس: 66، وفيه: الملائي: يعرج... يعزي.

6 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثني عبيد الله بن موسى العلوي، عن أبي محمد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا جعفر بن محمد _ عليهما السلام _، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي _ عليهم السلام _.

قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _، فقال له: في حديث آخره - ثم رجع إلى صفة المهدي _ عليه السلام _ فقال: أوسعكم كهفا، وأكثركم علما، وأوصلكم رحما، اللهم فاجعل بعثه خروجا من الغمة، واجمع به شمل الأمة. فإن خار الله لك فاعزم ولا تنثن (1) عنه إن وفقت له، ولا تجوزن عنه (2) إن هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقا إلى رويته (3) 7 - وروى قاضي القضاة - رحمه الله تعالى -، عن كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عباد - رحمه الله -، بإسناد متصل بعلي _ عليه السلام _ أنه ذكر المهدي، وقال: إنه من ولد الحسين _ عليه السلام _، وذكر حليته فقال:

رجل أجلى الجبين، أقنى الانف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، أبلج الثنايا،

ص: 32


1- (1) ولا تنثن: أي لا تنعطف.
2- (2) في بعض النسخ: ولا تجيزن عنه.
3- (3) غيبة النعماني: 212 - 214، عنه البحار: 51 / 115 وفي سنده: العبدي بدل المعبدي... عبد الله ابن مسلم... هلال... يا أمير المؤمنين (عليك السلام)... وفيه: ومجفوا أهلها إذا أتت... هلعت، ولا يحور إذا المؤمنون اكتنفت، منتخب الأثر: 309، إثبات الهداة: 3 / 537، كلاهما عن غيبة النعماني.

بفخذه اليمنى شامة (1) 8 - وروى السيد هبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي في كتاب المجموع الرائق من أزهار الحدائق قال: مما ظفرت به من خطب أمير المؤمنين - عليه السلام - مما نقلته من الخزائن الرضوية الطاووسية، من كتاب يتضمن خطبا لأمير المؤمنين _ عليه السلام _، منها: الخطبة اللؤلؤية.

حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن يعقوب الجريمي، عن أبي حبيش الهروي، عن أبي عبد الله بن عبد الرزاق، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد الخدري، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وذكر - خطبة - طويلة جدا، فيها: علامات آخر الزمان، واخبار بمغيبات كثيرة، منها: دولة بني أمية، وبني العباس، وأحوال الدجال والسفياني.

إلى أن قال: المهدي من ذريتي، يظهر بين الركن والمقام، وعليه قميص إبراهيم وحلة إسماعيل، وفي رجله نعل شيت، والدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: عيسى بن مريم ينزل من السماء، ويكون مع المهدي من ذريتي، فإذا ظهر فاعرفوه.

فإنه مربوع القامة، حلك سواد الشعر، ينظر من عين ملك الموت، يقف على باب الحرم، فيصيح بأصحابه صيحة، فيجمع الله تعالى عسكره في ليلة واحدة، وهم ثلاثمائة

ص: 33


1- (1) شرح ابن أبي الحديد: 1 / 281 - 282، ثم قال: وذكر هذا الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب غريب الحديث، ورواه أيضا في 19 / 130 مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وأشار إلى رواية ابن قتيبة إياه، نهاية ابن الأثير: 2 / 325، الفتاوى الحديثية: 30، وقال: قال عبد الغافر، وابن الجوزي، وابن الأثير في ذكر علي: أن المهدي من ولد الحسن، وأنه منفرج الفخذين، منتخب الأثر: 151، غريب الحديث لابن الجوزي 1 / 449، قال: وقال علي _ عليه السلام _ في صفة المهدي: أزيل الفخذين - والمراد: انفراج فخذيه، وتباعد ما بينهما وهو الزيل، ينابيع المودة: 497، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 85، وقال: قال عبد الغافر الفارسي في مجمع الغرائب، وابن الجوزي في غريب الحديث، وابن الأثير في النهاية، في حديث علي: أنه ذكر المهدي من ولد الحسن، وأنه منفرج الفخذين، برهان المتقي: 101.

وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض.

ثم ذكر تفصيلهم وأماكنهم وبلادهم، إلى أن قال: فيتقدم المهدي من ذريتي، فيصلي إلى قبلة جده رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ، ويسيرون جميعا إلى أن يأتوا بيت المقدس.

ثم ذكر الحرب بينه وبين الدجال، وذكر: أنهم يقتلون عسكر الدجال من أوله إلى آخره، وتبقى الدنيا عامرة، ويقوم بالقسط والعدل.

إلى أن قال: ثم يموت عيسى، ويبقى المنتظر المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيسير في الدنيا، وسيفه على عاتقه، ويقتل اليهود والنصارى وأهل البدع (1) 9 - محمد بن يحيى، عن أبي جعفر _ عليه السلام _ قال: خرج أمير المؤمنين _ عليه السلام _ ذات ليلة عتمة، وهو يقول: همهمة همهمة وليلة مظلمة، خرج عليكم الامام، عليه قميص آدم، وفي يده خاتم سليمان وعصا موسى (2)

ص: 34


1- (1) اثبات الهداة: 7 / 175 و 3 / 587، الشيعة والرجعة: 1 / 176 - 177، مستدرك النوري: 11 / 377، المهدي الموعود المنتظر: 1 / 110 - 111.
2- (2) البحار: 14 / 81 ح 24، أصول الكافي: 1 / 221 - 222.

الباب الأول

الفصل الثالث: دعاء المهدي (عجل الله فرجه الشريف)

ص: 35

ص: 36

- 3 - دعاء المهدي

1 - وبهذا الاسناد - وأخبرني أبو الحسين بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام -، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثني أحمد بن جعفر قال: حدثني علي بن محمد، يرفعه إلى أمير المؤمنين - في صفة القائم _ عليه السلام _:

كأنني به قد عبر من وادي السلام إلى مسجد السهلة على فرس محجل له شمراخ (1) يزهو، ويدعو ويقول في دعائه:

لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا.

اللهم! معين كل مؤمن وحيد، ومذل كل جبار عنيد، أنت كهفي حين تعييني المذاهب، وتضيق علي الأرض بما رحبت.

اللهم! خلقتني وكنت عن خلقي غنيا، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين.

يا مبعثر الرحمة من مواضعها، ومخرج البركات من معادنها، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة، فأولياؤه بعزه يتعززون.

ص: 37


1- (1) التحجيل: بياض في قوائم الفرس كلها ويكون في رجلين ويد. وفي رجلين فقط وفي رجل فقط، ولا يكون في اليدين خاصة إلا مع الرجلين ولا في يد واحدة دون الأخرى إلا مع الرجلين، والشمراخ غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة.

يا من وضعت له الملوك نير (1) المذلة على أعناقها، فهم من سطوته خائفون.

أسألك باسمك الذي قصرت عنه خلقك فكل لك مذعنون.

أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجل لي الفرج، وتكفيني وتعافيني وتقضي حوائجي، الساعة الساعة، الليلة الليلة، إنك على كل شئ قدير (2)

ص: 38


1- (1) النير: الخشبة المعترضة في عنقي الثورين بأداتها، وتسمى بالفارسية يوغ.
2- (2) دلائل الإمامة: 243 - 244، إثبات الهداة: 7 / 705 - أوله - كما في دلائل الإمامة، عن مناقب فاطمة وولدها، منتخب الأثر: 519، العدد القوية: 75، مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وفيه:... مسيل السهلة... يزهر... معز كل مؤمن... أنت كنفي... يا منشر الرحمة... أعناقهم... فطرت به، البحار: 52 / 391، عن العدد القوية، وفي: 94 / 365، عنه أيضا، وفيه: كأنني بالقائم... على أعناقهم... فكل له مذعنون إلزام الناصب: 2 / 306 بتفاوت يسير، نقلا عن الدر النظيم.

الباب الثاني

الفصل الأول: المهدي من قريش

ص: 39

ص: 40

- 4 - المهدي من قريش

1 - حدثنا محمد بن همام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة قال: حدثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين قال:

حدثنا أحمد بن هلال قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال قال: حدثنا سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبيه، عن أبي صادق، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _.

أنه قال: ملك بني العباس يسر لا عسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والديلم، والسند والهند، والبربر والطيلسان لن يزيلوه، ولا يزالون في غضارة من ملكهم حتى يشذ عنهم مواليهم وأصحاب دولتهم، ويسلط الله عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع له راية إلا هدها، ولا نعمة إلا أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي، يقول: (ب) الحق ويعمل به (1)

ص: 41


1- (1) غيبة النعماني: 249، عقد الدرر: 47 - في الفصل الأول من الباب الرابع - مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وليس فيه:... والبربر والطيلسان... وفيه:... ولا يزالون يتمتعون في ملكهم... يشتد بدل يشذ... عجلا بدل علجا... إليه بدل له... مزقها بدل هدها... وليس فيه: بظفره... رجل عربي بدل رجل من عترتي... يقوم بدل يقول، بشارة الاسلام: 45، عن غيبة النعماني، وفي سنده: أحمد بن بندار... أحمد بن بلال... سفيان بن إبراهيم الحميري ... وفيه: والطيلسان... ولا يزالون يتمرغون... ويتنعمون... وأصحاب ألويتهم، البحار: 8 / 359 (الطبعة الحجرية)، عن النعماني، وفيه:... عشر عشر ليس فيه يسر... تمتد دولتهم... لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند لم يزيلوهم ولا يزالون يتمرغون ويتنعمون في غضارة من... أصحاب ألويتهم.

2 - حدثنا ابن وهب، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي، عن طاووس قال - ولم يسنده إلى علي _ عليه السلام _ -: ودع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) البيت، ثم قال: والله، ما أراني أدع خزائن البيت وما فيه من السلاح والمال أم أقسمه في سبيل الله؟ فقال له علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): إمض يا أمير المؤمنين! فلست بصاحبه، إنما صاحبه منا شاب من قريش، يقسمه في سبيل الله في آخر الزمان (1).

ص: 42


1- (1) ابن حماد: 100، ملاحم ابن طاووس: 72، عن ابن حماد، وفي سنده: طلعة التميمي، عقد الدرر: 154، عن ابن حماد، وفيه:... لم أقسمه... فتى شاب من قريش، المغربي: 580، عن ابن حماد، وفيه: ما أدري بدل ما أراني، الفتاوى الحديثية: 29 - بعضه - مرسلا، جمع الجوامع: 2 / 104، عن نعيم، منتخب الأثر: 162، عن منتخب كنز العمال، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 78، عن ابن حماد، وفيه: ولج البيت وقال: والله، ما أدري... أو أقسمه، برهان المتقي: 86، عن عرف السيوطي، وفيه: أنه ولج... ما أدري أين... إذا قسمته... منا من قريش، أخبار مكة للأزرقي: 1 / 246 - حدثني جدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن رجل، عن الحسين بن علي: أن عمر - رضي الله عنه - قال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لقد هممت أن أقسم هذا المال - يعني مال الكعبة - فقال له علي: إن استطعت ذلك، فقال عمر: ومالي لا أستطيع ذلك أو لا تعينني على ذلك؟ فقال له علي: إن استطعت ذلك، فردها عمر ثلاثا، فقال علي (رضي الله عنه): ليس ذلك إليك، فقال عمر: صدقت. وحدثني محمد بن يحيى، عن الواقدي، عن أشياخه قالوا: وكان ابن عباس يقول: سمعت عمر - رضي الله عنه - يقول: إن تركي هذا المال في الكعبة لا آخذه فأقسمه في سبيل الله تعالى وفي سبيل الخير، وعلي بن أبي طالب يسمع ما يقول، فقال: ما تقول يا ابن أبي طالب؟ أحلف بالله لئن شجعتني عليه لأفعلن. قال: فقال له علي: أتجعله فيأ وأحرى صاحبه رجل يأتي في آخر الزمان، ضرب، آدم طويل. فمضى عمر، قال: وذكروا: أن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وجد في الجب الذي كان في الكعبة سبعين ألف أوقية من ذهب مما كان يهدى إلى البيت، وأن علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) قال: يا رسول الله! لو استعنت بهذا المال على حربك، فلم يحركه، ثم ذكر لابي بكر فلم يحركه، كنز العمال: 14 / 108 حديث (38082)، عن رواية أخبار مكة الثانية - بتفاوت يسير.

3 - حدثنا ابن وهب، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي، عن طاووس قال: قال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): هو فتى من قريش، آدم، ضرب من الرجال (1).

ص: 43


1- (1) ابن حماد: 101، ملاحم ابن طاووس: 37، عن ابن حماد، وفي سنده: التميمي بدل التيمي، وليس فيه: آدم، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 73، عن ابن حماد، وفيه المهدي مني كنز العمال: 14 / 590 حديث (39672)، عن ابن حماد، وفيه: المهدي، جمع الجوامع: 2 / 104، عن ابن حماد، وفيه: المهدي.

ص: 44

الباب الثاني

الفصل الثاني: المهدي من بني هاشم

ص: 45

ص: 46

- 5 - المهدي من بني هاشم

1 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثني عبيد الله بن موسى العلوي، عن أبي محمد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا جعفر بن محمد _ عليهما السلام _ عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي _ عليهم السلام _ قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فقال له: يا أمير المؤمنين! نبئنا بمهديكم هذا؟ فقال: إذا درج الدارجون (1) وقل المؤمنون، وذهب المجلبون (2) فهناك هناك، فقال: يا أمير المؤمنين ممن الرجل؟ فقال: من بني هاشم من ذروة طود (3) العرب،

ص: 47


1- (1) قال الفيروز آبادي: درج دروجا ودرجانا مشى والقوم انقرضوا وفلان لم يخلف نسلا، أو مضى لسبيله انتهى. والغرض انقراض قرون كثيرة.
2- (2) قوله _ عليه السلام _: وذهب المجلبون - أي المجتمعون على الحق - والمعينون للدين أو الأعم. قال الجزري: يقال: أجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا، وأجلبه أي أعانه، وأجلب عليه إذا صاح به واستحثه.
3- (3) والطود - بالفتح - الجبل العظيم، وفي بعض النسخ - بالراء - وهو - بالضم - أيضا الجبل، والأول أصوب.

وبحر مغيضها (1) إذا وردت، ومخفر أهلها (2) إذا أتيت، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت. لا يجبن إذا المنايا هكعت (3) ولا يخور (4) إذا المنون (5) اكتنعت، ولا ينكل إذا الكماة (6) اصطرعت، مشمر مغلولب ظفر (7) ضرغامة (8) حصد (9) مخدش (10) ذكر (11) سيف من سيوف الله، رأس قثم (12) نشو (13) رأسه في باذخ (14) السودد وغارز مجده (15) في أكرم المحتد (16) فلا يصرفنك عن بيعته صارف عارض ينوص (17) إلى الفتنة كل

ص: 48


1- (1) والمغيض - الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب، ولعل المعنى أنه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه، أو شبهه ببحر في أطرافه مغايض، فإن شيعتهم مغايض علومهم.
2- (2) ومجفو أهلها - أي إذا أتاه أهله - يجفونه ولا يطيعونه.
3- (3) قوله _ عليه السلام _: هلعت - أي صارت حريصة على إهلاك الناس.
4- (4) قوله _ عليه السلام _: ولا يحور - في بعض النسخ ولا يخور - إذا المنون أكسفت، والخور - الجبن.
5- (5) والمنون - الموت.
6- (6) والكماة - بالضم - جمع الكمي، وهو الشجاع أو لابس السلاح.
7- (7) ويقال: ظفر بعدوه - فهو ظفر.
8- (8) والضرغامة - بالكسر - الأسد.
9- (9) قوله _ عليه السلام _: حصد - أي يحصد الناس بالقتل.
10- (10) قوله _ عليه السلام _: مخدش - أي يخدش الكفار ويجرحهم.
11- (11) والذكر من الرجال - بالكسر - القوي الشجاع الأبي. ذكره الفيروز آبادي، وقال: أعلا كل شئ، وسيد القوم.
12- (12) والقثم كزفر الكثير العطاء.
13- (13) وقال الجزري: رجل نشق إذا كان يدخل في أمور لا يكاد يخلص منها، وفي بعض النسخ - باللام والباء - يقال: رجل لبق ككنف - أي حاذق بما عمل، وفي بعضها: شق رأسه - أي جانبه.
14- (14) والباذخ - العالي المرتفع.
15- (15) قوله _ عليه السلام _: وغارز مجده - أي مجده الغارز الثابت، من غرز الشئ في الشئ - أي أدخله وأثبته.
16- (16) والمحتد - بكسر التاء - الأصل.
17- (17) وقوله _ عليه السلام _: ينوص - صفة للصارف.

مناص (1) مع إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دعاير (2)(3) الحديث.

2 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي قال: تخرج رايات سود تقاتل السفياني، فيهم شاب من بني هاشم، في كتفه اليسرى خال، وعلى مقدمته رجل من بني تميم، يدعى شعيب بن صالح، فيهزم أصحابه (4).

ص: 49


1- (1) وقال الفيروز آبادي: المناص الملجأ، وناص مناصا تحرك وعنه تنحى وإليه نهض.
2- (2) قوله _ عليه السلام _: فذو دعاير - من الدعارة - وهو الخبث والفساد، ولا يبعد أن يكون تصحيف الدغايل - جمع الدغيلة - وهي الدغل والحقد، أو - بالمهملة - من الدعل بمعنى الختل.
3- (3) غيبة النعماني: 212 - 214، البحار: 51 / 115، عن غيبة النعماني، وفيه: العبدي بدل المعبدي... عبد الله بن مسلم بدل عبد الله بن مسلمة... هلال بدل بلال... فهناك بدل من فهناك هناك... ومجفو بدل ومخفر... أتت بدل أتيت... هلعت بدل هكعت... يحور بدل يخور... المنون بدل المؤمنون... اكتنفت بدل اكتنعت... نشق بدل نشو... تبعته بدل بيعته... يا أمير المؤمنين عليك السلام بدل يا أمير المؤمنين، إثبات الهداة: 3 / 537، عن غيبة النعماني، منتخب الأثر: 309، عن غيبة النعماني.
4- (4) ابن حماد: 85، برهان المتقي: 152، ولم يرد فيه: فيهزم أصحابه كنز العمال: 14 / 588، حديث (39666) وفيه: مقابل بدل تقاتل ... كفه بدل كتفه... هاشم بدل تميم عن ابن حماد، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 69، عن ابن حماد، وفيه في كفه، جمع الجوامع: 2 / 103، عن ابن حماد وفيه:... في كفه... هاشم بدل تميم.

ص: 50

الباب الثالث

الفصل الأول: المهدي من أهل البيت عليهم السلام

ص: 51

ص: 52

- 6 - المهدي من أهل البيت _ عليهم السلام _

1 - حدثنا محمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله عنه - قال:

حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي _ عليهم السلام _.

قال: سئل أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - عن معنى قول رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: إني مخلف فيكم الثقلين:

كتاب الله وعترتي. من العترة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ حوضه (1)

ص: 53


1- (1) كمال الدين: 1 / 240 - 241، البحار: 23 / 147 - عن كمال الدين، والعيون، ومعاني الاخبار، وفي: 25 / 215 - عن معاني الاخبار، والعيون، وفي: 36 / 373 - عن العيون، إعلام الورى: 375 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه، إثبات الهداة: 1 / 475 - عن العيون، وفي: 1 / 499 - عن كمال الدين، منتخب الأثر: 94 - عن البحار، غاية المرام: 218 - 232 عن العيون، مختصر إثبات الرجعة لابن شاذان: 448 - حدثنا محمد بن أبي عمير - رضي الله عنه - عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال: كما في كمال الدين وليس فيه: وقائمهم، البرهان: 1 / 13 - عن كمال الدين، العوالم: 15 / 250 - عن العيون، وفي: 17 / 67 - عن العيون، البرهان: 1 / 13 - عن كمال الدين، العيون: 1 / 57 - كما في كمال الدين، وبسنده، وفيه: أحمد بن زياد، كشف الغمة: 3 / 299 - عن إعلام الورى.

2 - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن - رضي الله عنهما - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: رأيت عليا _ عليه السلام _ في مسجد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في خلافة عثمان وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم والفقه فذكرنا قريشا [وشرفها] وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من الفضل مثل قوله: الأئمة من قريش وقوله: الناس تبع لقريش وقريش أئمة العرب وقوله: لا تسبوا قريشا وقوله: إن للقرشي قوة رجلين من غيرهم وقوله: من أبغض قريشا أبغضه الله وقوله: من أراد هوان قريش أهانه الله. وذكروا الأنصار وفضلها وسوابقها ونصرتها وما أثنى الله تبارك وتعالى عليهم في كتابه، وما قال فيهم رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من الفضل، وذكروا ما قال في سعد ابن عبادة وغسيل الملائكة، فلن يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حي: منا فلان وفلان، وقالت قريش:

منا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ومنا جعفر، ومنا حمزة، ومنا عبيدة بن الحارث، وزيد بن حارثة (1) وأبو بكر وعمر وعثمان وسعد وأبو عبيدة، وسالم، وابن عوف، فلم يدعوا من الحيين أحدا من أهل السابقة إلا سموه، وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل فمنهم علي بن أبي طالب - عليه السلام - وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمان بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمار، والمقداد، وأبو ذر، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين - عليهما السلام -، وابن عباس، ومحمد بن أبي بكر، وعبد الله بن جعفر، ومن الأنصار أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم ابن التيهان، ومحمد بن مسلمة (2) وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو ليلى ومعه ابنه عبد الرحمان قاعد بجنبه غلام صبيح

ص: 54


1- (1) زيد بن حارثة لم يكن قرشيا إنما هو مولى. وليس هو تصحيف زيد بن خارجة لأنه أنصاري خزرجي بدري.
2- (2) هو محمد بن مسلمة بن سلمة بن حريش بن خالد الخزرجي الأنصاري أحد الثلاثة الذي قتلوا كعب بن الأشرف وهو الذي استخلفه النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في بعض غزواته. وفي بعض النسخ محمد بن سلمة وهو نسبة إلى الجد.

الوجه أمرد، فجاء أبو الحسن البصري ومعه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه، معتدل القامة قال: فجعلت أنظر إليه وإلى عبد الرحمان بن أبي ليلى فلا أدري أيهما أجمل هيئة غير أن الحسن أعظمهما وأطولهما، فأكثر القوم في ذلك من بكرة إلى حين الزوال وعثمان في داره لا يعلم بشئ مما هم فيه، وعلي بن أبي طالب - عليه السلام - ساكت لا ينطق، لا هو ولا أحد من أهل بيته.

فأقبل القوم عليه فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم؟ فقال: ما من الحيين إلا وقد ذكر فضلا وقال حقا، وأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار بمن أعطاكم الله عز وجل هذا الفضل؟ أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أو بغيركم؟ قالوا: بل أعطانا الله ومن علينا بمحمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا، قال:

صدقتم يا معشر قريش والأنصار، ألستم تعلمون أن الذي نلتم به من خير الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرهم، وأن ابن عمي رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال: إني وأهل بيتي كنا نورا يسعى بين يدي الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق الله عز وجل آدم _ عليه السلام _ بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق آدم _ عليه السلام _ وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الأرض، ثم حمله في السفينة في صلب نوح _ عليه السلام _ ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم _ عليه السلام _، ثم لم يزل الله عز وجل ينقلنا من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ومن الأرحام الطاهرة إلى الأصلاب الكريمة من الآباء والأمهات لم يلتق واحد (1) منهم على سفاح قط؟ فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أحد: نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم قال: أنشدكم الله أتعلمون أن الله عز وجل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية وإني لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسوله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أحد من هذه الأمة؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت: " والسابقون الأولون من المهاجرين

ص: 55


1- (1) في بعض النسخ لم يلف أحد.

والأنصار " (1) و " السابقون السابقون أولئك المقربون " (2) سئل عنها رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فقال: أنزلها الله تعالى في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء؟ قالوا: اللهم: نعم.

قال: فأنشدكم الله عز وجل أتعلمون حيث نزلت " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " (3) وحيث نزلت " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (4) وحيث نزلت " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " (5) قال الناس: يا رسول الله أهذه خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عز وجل نبيه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم فنصبني للناس بغدير خم، ثم خطب فقال: أيها الناس إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي، فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني، ثم أمر فنودي الصلاة جامعة، ثم خطب الناس فقال: أيها الناس أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قم يا علي فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله ولاؤه كماذا؟ فقال - عليه السلام -: ولاؤه كولائي (6) من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، فأنزل الله تبارك وتعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " (7) فكبر رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وقال: الله أكبر بتمام النعمة وكمال نبوتي ودين الله عز وجل وولاية

ص: 56


1- (1) التوبة: 100.
2- (2) الواقعة: 10.
3- (3) النساء: 59.
4- (4) المائدة: 60.
5- (5) التوبة: 16.
6- (6) في بعض النسخ والاه كماذا؟ فقال: والاه كولائي.
7- (7) المائدة: 3.

علي بعدي (1) فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة لعلي؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول الله بينهم لنا، قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي؟ فقالوا كلهم: اللهم نعم قد سمعنا ذلك كله وشهدنا كما قلت سواء، وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت، ولم نحفظه كله وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا، فقال علي - عليه السلام -: صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ، أنشدكم الله من حفظ ذلك من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لما قام وأخبر به؟ فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار بن ياسر - رضي الله عنهم - فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيها الناس إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته فإني راجعت ربي عز وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربي لأبلغنها أو ليعذبني، أيها الناس إن الله عز وجل أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم وبالزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها لكم وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة - ووضع يده على كتف علي بن أبي طالب - ثم لابنيه من بعده، ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي، أيها الناس قد بينت لكم مفزعكم (2) بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب وهو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم فإن عنده جميع ما علمني الله تبارك وتعالى وحكمته فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم ثم جلسوا.

ص: 57


1- (1) في بعض النسخ تمام نبوتي وتمام ديني دين الله عز وجل وولاية علي بعدي.
2- (2) المفزع: الملجأ.

فقال سليم: ثم قال _ عليه السلام _: أيها الناس أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1) فجمعني وفاطمة وابني حسنا وحسينا ثم ألقى علينا كساء، وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي ولحمتي، يؤلمني ما يؤلمهم ويجرحني ما يجرحهم، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة:

وأنا يا رسول الله؟ فقال: أنت على خير، إنما أنزلت في وفي أخي [علي] وفي ابني الحسن والحسين وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة، ليس معنا فيها أحد غيرنا؟ فقالوا كلهم: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة - رضي الله عنها -.

ثم قال علي _ عليه السلام _: أنشدكم الله أتعلمون أن الله عز وجل لما أنزل في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (2) فقال سلمان: يا رسول الله عامة هذه أم خاصة؟ فقال _ عليه السلام _: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله أتعلمون أني قلت لرسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في غزوة تبوك: لم خلفتني مع الصبيان والنساء؟ فقال: إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في سورة الحج " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون - إلى آخر السورة " (3) فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم؟ قال _ عليه السلام _: عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة، قال سلمان: بينهم لي يا رسول الله، قال: أنا وأخي علي وأحد عشر من

ص: 58


1- (1) الأحزاب: 33.
2- (2) التوبة: 119.
3- (3) الحج: 77.

ولدي؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لئلا تضلوا (1) فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فقام عمر بن الخطاب وهو شبه المغضب فقال: يا رسول الله أكل أهل بيتك؟ فقال:

لا ولكن أوصيائي منهم أولهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي، هو أولهم، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه وخزان علمه ومعادن حكمته من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله عز وجل؟ فقالوا كلهم: نشهد أن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال ذلك، ثم تمادى بعلي - عليه السلام - السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه وسألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه وما قال له رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق (2) 3 - حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد قال: سمعت عبد الله ابن زرير الغافقي يقول: سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول:

الفتن أربع: فتنة السراء، وفتنة الضراء، وفتنة كذا - فذكر معدن الذهب - ثم يخرج رجل من عترة النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يصلح الله على يديه أمرهم (3).

ص: 59


1- (1) في بعض النسخ لن تضلوا وفي بعض نسخ الحديث لا تضلوا.
2- (2) كمال الدين: 1 / 274 - 279، الباب الرابع والعشرون، الاحتجاج: 1 / 210، فرائد السمطين، اثبات الهداة: 2 / 389.
3- (3) ابن حماد: 9 - 10، ملاحم ابن طاووس: 22 - عن ابن حماد بتفاوت يسير، وفي سنده: ابن وهيب، ابن رزين، برهان المتقي: 111 - عن عرف السيوطي، الحاوي، عقد الدرر: 57 - عن ابن حماد، جمع الجوامع 2 / 30 - عن نعيم، وقال: وسنده صحيح على شرط مسلم، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 67 - عن ابن حماد، وقال: بسند صحيح على شرط مسلم.

4 - محمد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر، عن أبيه قال:

قال علي بن أبي طالب _ عليه السلام _: منا سبعة خلقهم الله عز وجل لم يخلق في الأرض مثلهم: منا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ سيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين، ووصيه خير الوصيين، وسبطاه خير الأسباط حسنا وحسينا، وسيد الشهداء حمزة عمه، ومن قد طاف (1) مع الملائكة جعفر، والقائم (2).

5 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمان قال: أخبرنا الحسن بن الحسين العرني قال: حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي وعلي بن القاسم الكندي ويحيى بن المساور، عن علي بن المساور، عن علي بن الجزور، عن الأصبغ بن نباتة، قال:

كنا مع علي بالبصرة، وهو على بغلة رسول الله، وقد اجتمع هو وأصحاب محمد فقال:

ألا أخبركم بأفضل خلق الله عند الله يوم يجمع الرسل؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: أفضل الرسل محمد، وإن أفضل الخلق بعدهم الأوصياء، وأفضل الأوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط، وان خير الأسباط سبطا نبيكم - يعني الحسن والحسين - وإن أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، وان أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، قال ذلك النبي، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مخضبان، بكرامة خص الله عز وجل بها نبيكم، والمهدي منا في آخر الزمان لم يكن في أمة من الأمم مهدي ينتظر غيره (3)

ص: 60


1- (1) في نسخة: من طار.
2- (2) قرب الإسناد: 13 - 14، منتخب الأثر: 173 - عن قرب الإسناد، البحار: 22 / 275 - عن قرب الإسناد، وفيه: طار بدل طاف.
3- (3) دلائل الإمامة: 256، منتخب الأثر: 171 - آخره - عن دلائل الإمامة، إثبات الهداة: 3 / 574 - آخره - كما في دلائل الإمامة، عن مناقب فاطمة وولدها، تفسير فرات الكوفي: 30.

6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزور الغنوي، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

[ثم] قال: أيها الناس! ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله؟ فقام إليه أبو أيوب الأنصاري، فقال: بلى، يا أمير المؤمنين، حدثنا فإنك كنت تشهد وتغيب، فقال:

إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد به إلا جاحد، فقام عمار بن ياسر - رحمه الله - فقال: يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل، وإن أفضل الرسل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وإن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها، حتى يدركه نبي، ألا وإن أفضل الأوصياء وصي محمد (عليه وآله السلام)، ألا وإن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب، له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمدا صلى الله عليه وآله و سلم وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي _ عليهم السلام _ يجعله الله من شاء منا أهل البيت. ثم تلا هذه الآية: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما " (1) 7 - ثم ركب ومر بهم وهم صرعى، فقال: لقد صرعكم من غركم.

قيل: ومن غرهم؟ قال: الشيطان وأنفس السوء.

فقال أصحابه: قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر.

فقال: كلا، والذي نفسي بيده، وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء،

ص: 61


1- (1) أصول الكافي: 1 / 342.

لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها، حتى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط(1) يخرج إليه رجل منا أهل البيت فيقتله، ولا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة (2) 8 - فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه):

إن الله حين شاء تقدير الخليقة وذرأ البرية وإبداع المبدعات نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض ورفع السماء وهو في انفراد ملكوته وتوحد جبروته فأتاح (فأساح) نورا من نوره فلمع، و [نزع] قبسا من ضيائه فسطع، ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفية فوافق ذلك صورة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله عز من قائل أنت المختار المنتخب وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي من أجلك أسطح البطحاء وأمرج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار وأنصب أهل بيتك للهداية وآويتهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق ولا يعييهم خفي وأجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدرتي ووحدانيتي ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية والاخلاص بالوحدانية فبعد أخذ ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخب محمدا وآله (فقبل أخذ ما أخذ جل شأنه ببصائر الخلق انتخب محمدا وآله) وأراهم أن الهداية معه والنور له والإمامة في آله، تقديما لسنة العدل وليكون الاعذار متقدما ثم أخفى الله الخليقة في غيبه وغيبها في مكنون علمه ثم نصب العوامل وبسط الزمان ومرج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان فطفا عرشه على الماء فسطح الأرض على ظهر الماء [وأخرج من الماء دخانا فجعله السماء] ثم استجلبها إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة، ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها وأرواح اخترعها وقرن بتوحيده نبوة محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فشهدت في السماء قبل

ص: 62


1- (1) الأشمط: من خالط بياض رأسه سواد، وقد تقال للطويل.
2- (2) مروج الذهب: 2 / 418، مرسلا عن أمير المؤمنين.

بعثته في الأرض فلما خلق أبان فضله للملائكة وأراهم ما خصه به من سابق العلم من حيث عرفه عند استنبائه إياه أسماء الأشياء فجعل الله آدم محرابا وكعبة وبابا وقبلة أسجد إليها الأبرار والروحانيين الأنوار ثم نبه آدم على مستودعه، وكشف له [عن] خطر ما ائتمنه عليه بعد ما سماه إماما عند الملائكة، فكان حظ آدم من الخير ما آراه من مستودع نورنا ولم يزل الله تعالى يخبئ النور تحت الزمان إلى أن فضل محمدا _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في ظاهر الفترات فدعا الناس ظاهرا وباطنا وندبهم سرا وإعلانا، واستدعى عليه السلام التنبيه على العهد الذي قدمه إلى الذر قبل النسل فمن وافقه وقبس من مصباح النور المقدم اهتدى إلى سره واستبان واضح أمره ومن أبلسته الغفلة استحق السخط، ثم انتقل النور إلى غرائزنا ولمع في أئمتنا فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض فبنا النجاء ومنا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمة ومنقذ الأمة، وغاية النور ومصدر الأمور فنحن أفضل المخلوقين وأشرف الموحدين وحجج رب العالمين فليهنأ بالنعمة من تمسك بولايتنا وقبض على عروتنا (1) 9 - حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرين الغافقي، سمع عليا (رضي الله عنه) يقول: هو من عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2).

ص: 63


1- (1) مروج الذهب: 1 / 32 - 33، البحار: 57 / 212 - 214، عن مروج الذهب بتفاوت، تذكرة الخواص: 128 - 130 - أخبرنا أبو طاهر الخزيمي، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن علي، أنبأنا عبد الله بن عطاء الهروي، أنبأنا عبد الرحمان بن عبيد الثقفي، أنبأنا الحسين بن محمد الدينوري، أنبأنا عبد الله بن إبراهيم الجرجاني، أنبأنا محمد بن علي بن الحسين العلوي، أنبأنا أحمد بن عبد الله الهاشمي، حدثنا الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي _ عليهم السلام _ قال: خطب أمير المؤمنين يوما بجامع الكوفة خطبة بليغة في مدح رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فقال: وفيه وبمهدينا تقطع الحجج، فهو خاتم الأئمة... وغامض السر، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر على محبتنا، منتخب الأثر: 147 - بعضه، عن تذكرة الخواص.
2- (2) فتن ابن حماد: 103، ملاحم ابن طاووس: 164، وفيه: هو رجل.

10 - عن علي قال: ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن، فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم، فإن فيهم الابدال، وسيرسل الله سيبا من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم، ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول في اثني عشر ألفا إن قلوا، وخمسة عشر ألفا إن كثروا، أمارتهم - أي علامتهم -: أمت أمت على ثلاث رايات تقاتلهم أهل سبع رايات، ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك، فيقتلون ويهزمون، ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلى الناس ألفتهم ونعمتهم، فيكون حتى يخرج الدجال (1) 11 - عن علي أنه قال للنبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _: أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منا، يختم الله به كما فتح بنا ربنا، يستنقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم، قال علي: أمؤمنون أم كافرون؟، قال: مفتون وكافر (2)

ص: 64


1- (1) كنز العمال: 14 / 598 حديث (39681).
2- (2) المصدر نفسه: 14 / 598 - 599 حديث (39682).

الباب الثالث

الفصل الثاني: المهدي من ولد علي عليهم السلام

ص: 65

ص: 66

- 7 - المهدي من ولد علي

1 - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أمير المؤمنين - عليه السلام -، أنه قال: صاحب هذا الامر من ولدي هو الذي يقال مات أو هلك؟ لا، بل في أي واد سلك؟ (1) 2 - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، وأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي، وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني.

ص: 67


1- (1) غيبة النعماني: 156، غيبة الطوسي: 261 قال: وروى (الفضل بن شاذان)، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: وفيه:... مات قتل، لا بل هلك، لا بل بأي ...، البحار: 51 / 114 - عن النعماني، وفيه:... محمد بن الحسن الرازي... مات هلك...، منتخب الأثر: 262 - عن البحار، وأشار إلى رواية غيبة الطوسي، إثبات الهداة: 7 / 30 - عن غيبة الطوسي، وفي: 7 / 67 - عن النعماني بتفاوت يسير، وفي سنده: محمد بن الحسن الرازي بدل محمد بن حسان الرازي.

وحدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد الطيالسي، عن منذر بن محمد ابن قابوس، عن النصر بن أبي السري (1) عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن الأصبغ بن نباتة.

قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ فوجدته متفكرا ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الأرض أرغبت فيها؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط، ولكن فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملاها عدلا كما ملئت جورا وظلما، تكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون.

فقلت: يا أمير المؤمنين وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما أنه مخلوق وأنى لك بالعلم بهذا الامر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة.

قلت: وما يكون بعد ذلك؟ قال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له إرادات وغايات ونهايات (2)

ص: 68


1- (1) منذر بن محمد بن المنذر أبو الجهم القابوسي: ثقة من أصحابنا من بيت جليل (جش وصه) وصحف في جميع النسخ بزيد بن محمد، وأما النضر، أو النصر بن أبي السري كما في بعض النسخ فلم نجده، وفي الكافي مكانه منصور بن السندي، ولم نظفر به أيضا.
2- (2) كمال الدين: 1 / 288 - 289، إعلام الورى: 400، عن كمال الدين، كفاية الأثر: 219 - كما في كمال الدين بتفاوت، عن محمد بن علي بأحد طريقيه، عن الأصبغ بن نباتة: - إلى قوله: - ويهتدي فيها آخرون، البحار: 51 / 117 - عن كمال الدين بتفاوت يسير، وأورد مثله عن الكافي، وغيبة الطوسي، والنعماني، والاختصاص بأسانيدها، الكافي: 1 / 338 - علي بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن خالد، قال: حدثني منذر بن محمد بن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين _ عليه السلام _... أرغبة منك فيها؟ الاختصاص: 209 - كما في الكافي بتفاوت يسير، بسند آخر عن الأصبغ، غيبة الطوسي: 103 - 104 - كما في الكافي بتفاوت يسير، بسندين آخرين عن الأصبغ، دلائل الإمامة: 289 - كما في الكافي بتفاوت يسير، إلى قوله: هذه العترة بسند آخر عن الأصبغ، وفيه: يكون من ظهر الحادي عشر، بشارة الاسلام: 37 - 38، عن غيبة الطوسي، غيبة النعماني: 60 - كما في الكافي، عن الكليني بتفاوت يسير، وفي سنده: نصر بدل منذر وفيه:... سبت من الدهر... قلت: أدرك ذلك الزمان؟ الهداية الكبرى: 88 - عنه (قدس الله روحه)، عن الحسن بن محمد بن جمهور، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله بن مهران الكرخي، عن هامان بن الأبلي، عن جعفر بن محمد بن يحيى الرهاوي، عن سعيد بن المسيب، عن الأصبغ - كما في الكافي بتفاوت، وفيه:... من يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي وهو المهدي... ثم ماذا؟ قال: يفعل الله ما يشاء، من الرجعة البيضاء والكرة الزهراء، وإحضار الأنفس الشح، والقصاص، والاخذ بالحق والمجازاة بكل ما سلف، ثم يغفر الله لمن يشاء رسائل المفيد: 400، وقال: هذا الخبر الذي روته العامة والخاصة وهو خبر كميل بن زياد، وفيه:... ما رغبت فيها ساعة قط... التاسع من ولد الحسين _ عليه السلام _ هو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما... يكون له غيبة يرتاب فيها المبطلون، يا كميل بن زياد، لابد له من حجة، إما ظاهر مشهور شخصه، وإما باطن مغمور، لكيلا تبطل حجج الله. والظاهر أن ما ذكره أول حديث الأصبغ المذكور، وآخر حديث كميل المشهور. إثبات الوصية: 225 - كما في الكافي بتفاوت وقال: وعنه (سعد بن عبد الله) يرفعه إلى الأصبغ ابن نباتة، وفيه: دخلت إلى أمير المؤمنين فوجدته مفكرا... مفكرا يا أمير المؤمنين؟ قال: أفكر... يكون له غيبة تضل... ثم قال بعد كلام طويل: أولئك، وفي ص 229 - كما في الكافي بتفاوت يسير، بسنده عن الأصبغ بن نباتة، وفيه: له غيبة وفي أمره حيرة... يا مولاي... وذلك إذا فقد الباب بينه وبين شيعتنا تكون الحيرة ملاحم ابن طاووس: 185 - عن مجموع المرزباني... إلى قوله: ويهتدي فيها آخرون.

3 - وروى الخصيبي، بإسناده عن أحمد بن الخطيب، عن أبي المطلب جعفر بن محمد بن الفضيل، عن محمد بن سنان الزهري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن مدلج، عن هارون بن سعيد قال: سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول لعمر بن الخطاب - في حديث طويل -:

ص: 69

قال: فمن يفعل ذلك يا أبا الحسن؟ قال: عصابة قد فرقت بين السيوف وأغمادها، وارتضاهم الله لنصرة دينه فما تأخذهم في الله لومة لائم.

فبكى عمر وقال: إني أعوذ بالله مما تقول، فهل لذلك علامة؟ قال: نعم، قتل فظيع، وموت سريع، وطاعون شنيع، ولا يبقى من الناس في ذلك الوقت إلا ثلثهم، وينادي مناد من السماء باسم رجل من ولدي، وتكثر الآيات حتى يتمنى الاحياء الموت مما يرون من الأهوال، فمن هلك استراح، ومن كان له عند الله خير نجا.

ثم يظهر رجل من ولدي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، يأتيه الله ببقايا قوم موسى، ويحيي له أصحاب الكهف، ويؤيده الله بالملائكة، والجن وشيعتنا المخلصين، وينزل من السماء قطرها، وتخرج الأرض نباتها.

فقال له عمر: أما إني أعلم أنك لا تحلف إلا على حق، فوالله لا تذوق أنت ولا أحد من ولدك حلاوة الخلافة؟ فقال له أمير المؤمنين _ عليه السلام _: ثم إنكم لا تزدادون لي ولولدي إلا عداوة (1) ك.

4 - بلغني عن إبراهيم بن سليمان بن حيان بن مسلم بن هلال الدباس الكوفي قال: نبأ علي بن أسباط المصري قال: نبأ علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - - بالكوفة - فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال:

ص: 70


1- (1) حلية الأبرار: 2 / 602، ارشاد القلوب: 285، باسناده إلى هارون بن سعيد، وفيه: لنصر بدل لنصرة ذريع بدل سريع... من الناس أحد... تكثر بدل وتكثر... الآيات بدل من الأهوال... أهلك بدل هلك... فيملأ بدل يملأ... قسطا وعدلا بدل عدلا... ظلما وجورا بدل جورا وظلما ... ببقيا بدل ببقايا... فقال له بدل فقال له عمر...، وفيه: يا أبا الحسن ! الحق بدل حق... حلاوة الخلافة أبدا بدل حلاوة الخلافة... فقال أمير المؤمنين بدل فقاله له أمير المؤمنين... إنكم بدل ثم إنكم.

أيها الناس! إن قريشا أئمة العرب، أبرارها لأبرارها وفجارها لفجارها، ألا ولا بد من رحا تطحن على ضلالة وتدور، فإذا قامت على قطبها طحنت بحدها، ألا وإن لطحنها روقا، وروقها حدتها، وفلها على الله عز وجل، ألا وإني وأبرار عترتي وأهل بيتي أعلم الناس صغارا وأحلم الناس كبارا، معنا راية الحق من تقدمها مرق ومن تأخر عنها محق ومن لزمها لحق، وإنا أهل بيت الرحمة وبنا فتحت أبواب الحكمة وبحكم الله حكمنا وبعلم الله علمنا ومن صادق سمعنا، فإن تتبعونا تنجوا وإن تتولوا يعذبكم الله بأيدينا، بنا فك الله ربق الذل من أعناقكم، وبنا يختم لا بكم، بنا يلحق التالي وإلينا يفئ الغالي، ولولا أن تستعجلوا وتستأخروا القدر لامر قد سبق في البشر، لحدثتكم بشباب من الموالي وأبناء العرب ونبذ من الشيوخ كالملح في الزاد وأقل الزاد الملح.

فينا معتبر ولشيعتنا منتظر، وإنا وشيعتنا نمضي إلى الله عز وجل بالبطن والحمى والسيف، وإن عدونا يهلك بالداء والدبيلة وبما شاء الله من البلية والنقمة. وأيم الله أن لو حدثتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة ما أكذب وأرجم، ولو انتقيت منكم مائة قلوبهم كالذهب ثم انتقيت من المائة عشرة ثم حدثتهم فينا أهل البيت حديثا لينا لا أقول فيه إلا حقا ولا أعتمد فيه إلا صدقا، لخرجوا وهم يقولون علي من أكذب الناس، ولو اخترت من غيرهم عشرة فحدثتهم في عدونا وأهل البغي علينا أحاديث كثيرة لخرجوا وهم يقولون علي من أصدق الناس! هلك خاطب الخطب وحاص صاحب العصب وبقيت القلوب تقلب، منها مشغب، ومنها مجدب، ومنها مخصب، ومنها مشتت.

يا بني ليبر صغاركم كباركم وليروف كباركم بصغاركم، ولا تكونوا كالغواة الجفاة الذين لم يتفقهوا في الدين ولم يعطوا في الله عز وجل محض اليقين، كبيض في أداحي (1) ويح الفراخ فراخ آل محمد من خليفة جبار عتريف (2) مترف مستخف

ص: 71


1- (1) أداحي: الأداحي: جمع الأدحى وهو الموضع الذي تبيض فيه النعامة وتفرخ، وهو أفعول، من دحوت، لأنها تدحوه برجلها أي تبسطه ثم تبيض فيه. النهاية: 2 / 106. ب.
2- (2) عتريف: العتريف: الغاشم الظالم، وقيل: الداهي، الخبيث. وقيل: هو قلب العفريت، الشيطان الخبيث. النهاية 3 / 78. ب.

بخلفي وخلف الخلف، وبالله لقد علمت تأويل الرسالات وإنجاز العداة وتمام الكلمات، وليكونن من أهل بيتي رجل يأمر بأمر الله قوي يحكم بحكم الله وذلك بعد زمان مكلح (1) مفضح يشتد فيه البلاء وينقطع فيه الرجاء ويقبل فيه الرشاء، فعند ذلك يبعث الله عز وجل رجلا من شاطئ دجلة لامر حزبه يحمله الحقد على سفك الدماء، قد كان في ستر وغطاء، فيقتل قوما هو عليهم غضبان شديد الحقد حران، في سنة بخت نصر، يسومهم خسفا ويسقيهم كأسا مصبرة سوط عذاب وسيف دمار، ثم يكون بعده هنات (2) وأمور مشتبهات، ألا إن من شط الفرات إلى النجفات بابا إلى القطقطانيات، في آيات وآفات متواليات، يحدثن شكا بعد يقين يقوم بعد حين، تبنى المدائن وتفتح الخزائن وتجمع الأمم، ينفذها شخص البصر وطمح النظر، وعنت الوجوه وكشف البال حين يرى مقبلا مدبرا، فيا لهفاه على ما أعلم، رجب شهر ذكر، رمضان تمام السنين، شوال يشال فيه من القوم، ذو القعدة يقتعدون فيه، ذو الحجة الفتح من أول العشر، ألا إن العجب كل العجب بعد جمادى في (و) رجب، جمع أشتات وبعث أموات، وحديثات هونات هونات بينهن موتات، رافعة ذيلها، داعية عولها، معلنة قولها، بدجلة أو حولها.

ألا إن منا قائما عفيفة أحسابه، سادة أصحابه، تنادوا عند اصطلام أعداء الله باسمه واسم أبيه في شهر رمضان ثلاثا، بعد هرج وقتال، وضنك وخبال وقيام من البلاء على ساق، وإني لأعلم إلى من تخرج الأرض ودائعها، وتسلم إليه خزائنها، ولو شئت أن أضرب برجلي فأقول أخرجوا من ها هنا بيضا ودروعا، كيف أنتم يا بني هنات إذا كانت سيوفكم بأيمانكم مصلتات، ثم رملتم رملات ليلة البيات، ليستخلفن الله خليفة يثبت على الهدى ولا يأخذ على حكمه الرشا، إذا دعا دعوات بعيدات المدى، دامغات المنافقين، فارجات عن المؤمنين. ألا إن ذلك كائن على رغم الراغمين،

ص: 72


1- (1) مكلح: أي يكلح الناس لشدته. والكلوح: العبوس، يقال: كلح الرجل، وأكلحه الهم. النهاية: 4 / 196. ب.
2- (2) هنات: أي شرور وفساد. النهاية: 5 / 279. ب.

والحمد لله رب العالمين (1)

ص: 73


1- (1) ملاحم ابن المنادي: 64 - 65، البحار: 32 / 9 - 10، 32 / 11، بعضه، غاية المرام: 208، كنز العمال: 14 / 592 حديث (39679) بتفاوت يسير، إرشاد المفيد: 128، وقال: ما رواه - الخاصة والعامة - عنه، وذكر ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى وغيره ممن لا يتهمه خصوم الشيعة في روايته، أن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال في أول خطبة خطبها بعد بيعة الناس له على الامر، وذلك بعد قتل عثمان بن عفان، البيان والتبيين: 238 - بعضه - قال: قال أبو عبيدة: وروى فيها جعفر ابن محمد: أن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا، ألا وإنا من أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا، وإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، معنا راية الحق من تبعنا لحق ومن تأخر عنا غرق، ألا وإن بنا ترد دبرة كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم، وبنا فتح وبنا ختم لا بكم، المسترشد:

5 - روى السيد هبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي في كتاب الرائق من أزهار الحدائق قال: مما ظفرت به من خطب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ مما نقلته من الخزائن الرضوية الطاووسية من كتاب يتضمن خطبا لأمير المؤمنين - عليه السلام - منها الخطبة اللؤلؤية. حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن يعقوب الجريمي، عن أبي حبيش الهروي، عن أبي عبد الله بن عبد الرزاق، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد الخدري، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وذكر خطبة طويلة جدا، فيها علامات آخر الزمان، وأخبار بمغيبات كثيرة منها دولة بني أمية وبني العباس وأحوال الدجال والسفياني، إلى أن قال:

المهدي من ذريتي، يظهر بين الركن والمقام، وعليه قميص إبراهيم، وحلة إسماعيل، وفي رجله نعل شيث، والدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وآله و سلم: عيسى بن مريم ينزل من السماء، ويكون مع المهدي من ذريتي، فإذا ظهر فاعرفوه، فإنه مربوع القامة، حلك سواد الشعر، ينظر من عين ملك الموت، يقف على باب الحرم فيصيح بأصحابه صيحة، فيجمع الله تعالى عسكره في ليلة واحدة، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من

ص: 74

أقاصي الأرض، ثم ذكر تفصيلهم وأماكنهم وبلادهم، إلى أن قال: فيتقدم المهدي من ذريتي، فيصلي إلى قبلة جده رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ويسيرون جميعا إلى أن يأتوا بيت المقدس، ثم ذكر الحرب بينه وبين الدجال، وذكر أنهم يقتلون عسكر الدجال من أوله إلى آخره، وتبقى الدنيا عامرة، ويقوم بالقسط والعدل، إلى أن قال: ثم يموت عيسى، ويبقى المنتظر المهدي من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فيسير في الدنيا وسيفه على عاتقه، ويقتل اليهود والنصارى وأهل البدع (1) 6 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفي، عن عميرة بنت أوس قالت: حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمان، عن أبيه عن جده - عمرو بن سعد -، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ أنه قال يوما لحذيفة بن اليمان - في حديث طويل -:

... حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس، وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته، اطلعت الفتنة ونزلت البلية والتحمت العصبية، وغلا الناس في دينهم، وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة والإمامة باطلة، ويحج حجيج الناس في تلك السنة من شيعة علي ونواصبه للتحسس والتجسس عن خلف الخلف فلا يرى له أثر، ولا يعرف له خبر ولا خلف، فعند ذلك سبت شيعة علي، سبها أعداؤها، وظهرت عليها الأشرار والفساق باحتجاجها، حتى إذا بقيت الأمة حيارى، وتدلهت وأكثرت في قولها إن الحجة هالكة والإمامة باطلة، فورب علي إن حجتها عليها قائمة ماشية في طرقها، داخلة في دورها وقصورها جوالة في شرق هذه الأرض وغربها، تسمع الكلام وتسلم على الجماعة، ترى ولا ترى إلى الوقت والوعد، ونداء المنادي من السماء ألا ذلك يوم (فيه) سرور ولد علي وشيعته (2).

ص: 75


1- (1) إثبات الهداة: 3 / 587، المهدي الموعود المنتظر: 1 / 110 - 111، الشيعة والرجعة: 1 / 176 - 177، مستدرك النوري: 11 / 377.
2- (2) غيبة النعماني: 142، البحار: 28 / 70 بتفاوت.

7 - وعنه (يونس بن أحمد بن ريان)، عن أبي المطلب بن محمد بن الفضل، عن محمد بن سنان الزهري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن مدلج بن هارون بن سعيد، قال: سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول لعمر - في حديث طويل - إلى أن قال (عمر): فمن يفعل ذلك يا أبا الحسن؟ قال: عصابة قد فرقت بين السيوف وأغمادها، وارتضاهم الله لنصرة دينه فما تأخذهم في الله لومة لائم.

فبكى عمر وقال: إني أعوذ بالله مما تقول، فهل لذلك علامة؟ قال: نعم، قتل فظيع، وموت سريع، وطاعون شنيع، ولا يبقى من الناس في ذلك الوقت إلا ثلثهم، وينادي مناد من السماء باسم رجل من ولدي، وتكثر الآيات حتى يتمنى الاحياء الموت مما يرون من الأهوال، فمن هلك استراح، ومن يكون له عند الله خير نجا، ثم يظهر رجل من ولدي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يأتيه الله ببقايا قوم موسى _ عليه السلام _، ويجيئ له أصحاب الكهف، ويؤيده الله بالملائكة والجن وشيعتنا المخلصين، وينزل من السماء قطرها، وتخرج الأرض نباتها.

فقال له عمر: أما إني أعلم أنك لا تحلف إلا على حق، فوالله لا تذوق أنت ولا أحد من ولدك حلاوة الخلافة أبدا؟ فقال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: إنكم لا تزدادون لي ولولدي إلا عداوة (1).

ص: 76


1- (1) هداية الحضيني: 31 - 32، إرشاد القلوب: 286 - كما في الهداية، بإسناده إلى هارون بن سعيد، وفيه: لنصر بدل لنصرة... ذريع بدل سريع... من الناس أحد... الآيات بدل من الأهوال... أهلك بدل هلك... فيملأ بدل يملأ... ببقيا بدل ببقايا... فقال له بدل فقال له عمر... وفيه: يا أبا الحسن! الحق بدل حق...، حلية الأبرار: 2 / 602 - كما في الهداية، عن الحضيني، وفي سنده: الحصيبي، بإسناده عن أحمد بن الخطيب، عن أبي المطلب جعفر بن محمد بن الفضيل،...،...، عن مدلج، عن هارون بن سعيد، وفيه:... فضيع... ويحيى له...، مدينة المعاجز: 133 - كما في الهداية، عن الديلمي والحضيني، وفيه:... موت رضيع... ويحيى له....

8 - وذكر جعفر بن مبشر في كتابه في نسخة عتيقة عندي ما صورته قال: قال المدائني: عن أبي زكريا، عن أبي بكر الهمداني، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة وعبد الله بن محمد، عن علي بن اليمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي، والقاسم بن محمد المقري، عن عبد الله بن يزيد، عن المعافا، عن عبد السلام، عن أبي عبد الله الجدلي.

قالوا: استنفر علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ الناس في قتال معاوية في الصيف، وذكر الحديث مطولا، وقال في آخره أبو عبد الله الجدلي، وقد حضره - عليه السلام - وهو يوصي الحسن.

فقال: يا بني! إني ميت من ليلتي هذه، فإذا أنا مت فغسلني وكفني وحنطني بحنوط جدك، وضعني على سريري، ولا يقربن أحد منكم مقدم السرير، فإنكم تكفونه.

فإذا المقدم ذهب فاذهبوا حيث ذهب، فإذا وضع المقدم فضعوا المؤخر، ثم تقدم أي بني! فصل علي وكبر سبعا، فإنها لن تحل لاحد من بعدي إلا لرجل من ولدي، يخرج في آخر الزمان يقيم اعوجاج الحق.

فإذا صليت فخط حول سريري، ثم احفر لي قبرا في موضعه إلى منتهى كذا وكذا، ثم شق لحدا فإنك تقع على ساجة منقورة، ادخرها لي أبي نوح، وضعني في الساجة، ثم ضع علي سبع لبنات كبار، ثم أرقب هنيهة، ثم انظر فإنك لن تراني في لحدي (1).

ص: 77


1- (1) البحار: 42 / 215 - عن فرحة الغري، بأسانيد المدائني الثلاثة، إلا أن فيها: عن المعافا بن عبد السلام، وفي 42 / 292 - عن بعض الكتب القديمة، عن محمد بن الحنفية - في حديث طويل - وفيه:... واعلم أنه لا يحل ذلك على أحد غيري إلا على رجل يخرج في آخر الزمان، اسمه القائم المهدي من ولد أخيك الحسين، يقيم اعوجاج الحق، إثبات الهداة: 3 / 560 - بعضه -، عن فرحة الغري، مستدرك الوسائل: 2 / 267، عن فرحة الغري، وذكر الأسانيد الثلاثة للمدائني، وفيها: المعافا بن عبد السلام، وفي: 2 / 268 - عن البحار، نقلا عن كتاب وفاة أمير المؤمنين - عليه السلام - لابي الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد البكري.

9 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال:

حدثنا إسحاق بن سنان قال: حدثنا عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه _ عليهم السلام _ قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين _ عليه السلام _، فركب هو وابناه الحسن والحسين _ عليهم السلام _، فمر بثقيف فقالوا: قد جاء علي يرد الماء.

فقال علي _ عليه السلام _: أما والله، لأقتلن أنا وابناي هذان، وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبن عنهم تمييزا لأهل الضلالة حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد من حاجة (1) 10 - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد الله الغفاري (2)، عن جعفر بن إبراهيم، والحسين بن زيد جميعا، عن أبي عبد الله، عن آبائه - عليهم السلام - قال:

قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): لا يزال في ولدي مأمون مأمول (3).

ص: 78


1- (1) غيبة النعماني: 140 - 141، البحار: 51 / 112، عن النعماني، وفي 51 / 119، عن كمال الدين بتفاوت يسير في سنده، كمال الدين: 1 / 302 - 303 - آخره - بسندين آخرين عن الأصبغ بن نباتة، وفيه:... أما ليغيبن حتى، إعلام الورى: 400 عن كمال الدين، دلائل الإمامة: 292 - 293 - آخره - كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، بسند آخر عن فرات بن الأحنف، إثبات الهداة: 3 / 463 - عن كمال الدين، وفيه: ضرار بن أحنف، وفي: 3 / 510 - عن غيبة الطوسي، وفيه: حتى يقول القائل، وفي 3 / 532 عن النعماني، وليس في سنده: جعفر بن محمد بن مالك، وفيه: إسحاق بن بنان - بدل إسحاق بن سنان، إثبات الوصية: 224 - وعنه (عبد الله بن جعفر الحميري)، عن محمد بن علي الصيرفي أبي سمية، عن إبراهيم بن هاشم، عن فرات بن أحنف قال: قال أمير المؤمنين - عليه السلام - - وقد ذكر القائم من ولده فقال: أما إنه ليغيبن حتى يقول الجاهل ما لي في آل محمد حاجة، غيبة الطوسي: 207 - آخره كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، بسند آخر عن فرات بن الأحنف.
2- (2) هو عبد الله بن إبراهيم الغفاري، راوي جعفر بن إبراهيم الجعفري الهاشمي.
3- (3) كمال الدين: 1 / 228.

11 - محمد بن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش (1) عن أبي جعفر الثاني _ عليه السلام _، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ في قصة محاورة أبيه _ عليه السلام _ مع ابن عباس، إلى أن قال:

قال لك علي بن أبي طالب _ عليه السلام _: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، وإن لذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم.

فقلت: من هم؟ فقال: أنا وأحد عشر من صلبي، أئمة محدثون (2)

ص: 79


1- (1) الحسن بن العباس بن الحريش الرازي - ضعيف جدا، قال ابن الغضائري بعد عنوانه: ضعيف، روى عن أبي جعفر الثاني فضل (إنا أنزلناه في ليلة القدر) كتابا مصنفا (أي موضوعا) فاسد الألفاظ تشهد مخائله أنه موضوع، وهذا الرجل لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه (صه).
2- (2) الكافي: 1 / 247 - 248، إعلام الورى: 369 - 370، كما في رواية الكافي الثانية، عن الكليني بسنده، كمال الدين: 1 / 304 - كما في الخصال، وفي سنده: محمد بن الحسن رضي الله عنه... عن سهل بن زياد الآدمي، وأحمد بن محمد بن عيسى قالا:، الارشاد: 348 - كما في رواية الكافي الثانية، بسنده إلى الكليني، روضة الواعظين: 2 / 261 - كما في الخصال مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، الخصال: 2 / 479 - 480 - كما في رواية الكافي الثانية بسند آخر إلى أبي جعفر محمد ابن علي الثاني _ عليهما السلام _، البحار: 25 / 78 - عن رواية الكافي الأولى، وفي: 36 / 373 - عن الخصال، وفي: 36 / 382 - 383 - عن مقتضب الأثر، وفي: 97 / 15 - عن الخصال، غيبة النعماني: 60 - وأخبرنا محمد بن يعقوب الكليني، عن عدة من رجاله، عن أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر محمد بن علي _ عليهما السلام _، عن آبائه _ عليهم السلام _: أن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال لابن عباس - كما في رواية الكافي الثانية بتفاوت يسير، وفيه: أمر السنة وما قضي فيها، غيبة الطوسي: 92 - كما في الخصال، بسند آخر إلى أبي جعفر الثاني _ عليه السلام _: أن أمير المؤمنين - عليه السلام - قال لابن عباس، إثبات الهداة: 1 / 459 - عن رواية الكافي الثانية، كشف الغمة: 3 / 238 - عن الارشاد، كفاية الأثر: 220 - 221، كما في كمال الدين، عن الصدوق، العوالم: 3 / 254 - عن الخصال، وأشار إلى مثله عن كمال الدين وغيبة الطوسي، مقتضب الأثر: 29، قال: حدثني أبو سهل أحمد بن محمد ابن زياد القطان، قال: حدثنا محمد بن غالب بن حرب الضبي يعرف - بتمتام - قال: حدثنا هلال بن عقبة أخو قبيصة بن عقبة قال: حدثني حيان بن أبي بشر الغنوي، عن معروف بن خربوذ المكي قال: سمعت أبا الطفيل عامر بن وائلة الكناني يقول: سمعت عليا - عليه السلام - يقول: ليلة القدر... ينزل فيها على الوصاة بعد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ما ينزل قيل له: ومن الوصاة يا أمير المؤمنين؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي، هم الأئمة المحدثون. قال معروف: فلقيت أبا عبد الله - مولى ابن عباس في مكة - فحدثته بهذا الحديث، فقال: سمعت ابن عباس يحدث بذلك، ويقرأ: (وما أرسلنا من قبلك من نبي ولا رسول ولا محدث). قال: هم والله المحدثون. مستجاد الحلي: 236 - عن الارشاد.

12 - وفي رواية الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمان، أن علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال:

ليخرجن رجل من ولدي، عند اقتراب الساعة، حتى تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان، لما لحقهم من الضر والشدة في الجوع والقتل، وتواتر الفتن والملاحم العظام، وإماتة السنن، واحياء البدع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1) الحديث.

13 - وحدثني إبراهيم بن محمد بن حمران عن إسماعيل بن منصور الزبالي قال:

سمعت شيخا - بأذرعات - قد أتت عليه عشرون ومائة سنة، قال: سمعت عليا _ عليه السلام _ يقول على منبر الكوفة:

كأني بابن حميدة - قد ملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، فقام إليه رجل فقال: أهو منك أو من غيرك؟ فقال: لا بل هو رجل مني (2)

ص: 80


1- (1) ملاحم ابن المنادي: 91، المغربي: 581 - عن ابن المنادي في الملاحم، كنز العمال: 14 / 591 حديث (39678) - عن ابن المنادي، وفيه:... حين تموت، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 84 - عن ابن المنادي، ولم يسنده إلى علي _ عليه السلام _.
2- (2) غيبة الطوسي: 35.

14 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رحمه الله - قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي _ عليهما السلام _ قال:

خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه - بالكوفة بعد منصرفه من النهروان، وبلغه أن معاوية يسبه ويلعنه ويقتل أصحابه، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه، ثم قال - في حديث طويل -:

... ومن ولدي مهدي هذه الأمة (1) 15 - روى الأصبغ، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال: الحادي عشر من ولدي، يملوها عدلا كما ملئت جورا وظلما (2) 16 - أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين عن عمه الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن علي - رحمه الله - قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال: حدثني المغيرة بن محمد قال: حدثنا رجاء بن أبي سلمة عن عمر بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي _ عليهما السلام _ قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ بالكوفة عند منصرفه من النهروان وبلغه أن معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه، ثم قال:

ص: 81


1- (1) معاني الاخبار: 58 - 60، البحار: 35 / 45 - 47، منتخب الأثر: 189، المحتضر للحسن بن سليمان الحلي: 41 - 43، وفيه:... وأنا الذي، بشارة المصطفى: 12 - 13، أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن بابويه - رحمه الله - بالري سنة عشرة وخمسمائة، عن عمه محمد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن عمه الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن علي - رحمه الله - ثم بسند الصدوق المتقدم، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ - كما في المتن بتفاوت يسير، نور الثقلين: 5 / 598.
2- (2) العدد القوية: 70.

لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا، يقول الله عز وجل: " وأما بنعمة ربك فحدث " اللهم لك الحمد على نعمك التي لا تحصى وفضلك الذي لا ينسى.

أيها الناس! انه بلغني ما بلغني، وإني آراني قد اقترب أجلي، وكأني بكم وقد جهلتم أمري، وإني تارك فيكم ما تركه رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كتاب الله وعترتي - وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء وسيد النجباء والنبي المصطفى.

يا أيها الناس! لعلكم لا تسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي إلا مفتر، أنا أخو رسول الله وابن عمه وسيف نقمته وعماد نصرته وبأسه وشدته، أنا رحى جهنم الدائرة وأضراسها الطاحنة، أنا موتم البنين والبنات وقابض الأرواح وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين، أنا مجدل الابطال وقاتل الفرسان ومبيد من كفر بالرحمن وصهر خير الأنام، أنا سيد الأوصياء ووصي خير الأنبياء.

أنا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ووارثه، وأنا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقية النقية الزكية البرة المهدية حبيبة حبيب الله وخير بناته وسلالته وريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير الأسباط وولدي خير الأولاد.

هل ينكر أحد ما أقول؟ أين مسلمو أهل الكتاب أنا اسمي في الإنجيل: إليا، والتوراة: بريا، وفي الزبور: إريا، وعند الهند: كابر، وعند الروم: بطريسا، وعند الفرس: جبير (حبتر) وعند الترك: تبير، وعند الزنج:

خبير (حيتر)، وعند الكهنة: بوي، وعند الحبشة: بتريك، وعند أمي: حيدرة، وعند ظئري: ميمون، وعند العرب:

علي، وعند الأرمن: فريق، وعند أبي: ظهير.

ألا وإني مخصوص في القرآن بأسماء، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، يقول الله عز وجل: " إن الله مع الصادقين " أنا ذلك الصادق، وأنا المؤذن في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: " واذان من الله ورسوله " فأنا ذلك الأذان، وأنا المحسن، يقول الله عز وجل: " وإن الله لمع المحسنين " وأنا ذو القلب، يقول الله عز وجل: " إن في ذلك

ص: 82

لذكرى لمن كان له قلب " وأنا الذكر، يقول الله عز وجل: " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " ونحن أصحاب الأعراف - أنا وعمي وأخي وابن عمي - والله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا محب، ولا يدخل الجنة مبغض، يقول الله عز وجل: " وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم " وأنا الصهر، يقول الله عز وجل: " وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا " وأنا الاذن الواعية، يقول الله عز وجل: " وتعيها اذن واعية " وأنا السلم لرسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، يقول الله عز وجل: " ورجلا سلما لرجل ".

ومن ولدي مهدي هذه الأمة، وقد جعلت محنتكم ببغضي يعرف المنافقون، وبمحبتي امتحن الله المؤمنين، هذا عهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، وأنا صاحب لواء رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في الدنيا والآخرة، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرطي وأنا فرط شيعتي، والله لا عطش محبي ولا خاف، والله موالي.

أنا ولي المؤمنين، والله وليه يحب محبي إن يحبوا من أحب الله ويحبوا مبغضي إن يبغضوا من أحب الله، ألا وأنه قد بلغني أن معاوية سبني ولعنني اللهم أشدد وطأتك عليه وأنزل اللعنة على المستحق.

آمين رب العالمين رب إسماعيل وباعث إبراهيم إنك حميد مجيد.

ثم نزل عن أعواده _ عليه السلام _ فما عاد إليها حتى قتله ابن ملجم (لعنه الله تعالى) (1) 17 - روى محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي، قال: حدثني أبو موسى عيسى ابن أحمد بن عيسى، عن المنصور، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد العسكري، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن موسى، عن آبائه، عن علي - عليهم السلام - قال:

قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: من سره أن يلقى الله عز وجل آمنا مطهرا لا يخزيه الفزع

ص: 83


1- (1) بشارة المصطفى: 14، عنه مصباح البلاغة: 1 / 130 - 132.

الأكبر، فليتولك وليتول ابنيك - الحسن والحسين -، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ثم المهدي وهو خاتمهم(1) الخبر.

18 - عن علي _ عليه السلام _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم: من أحب يركب سفينة النجاة، ويتمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليا بعدي، وليعاد عدوه، وليأتم بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي، وحجج الله على خلقه بعدي، وسادات أمتي، وقادات الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان (2) 19 - عن أبي الطفيل عامر بن وائلة - وهو آخر من مات من الصحابة بالاتفاق - عن علي (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: يا علي! أنت وصيي، حربك حربي، وسلمك سلمي، وأنت الامام وأبو الأئمة الأحد عشر، الذين هم المطهرون المعصومون.

ومنهم: المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، فويل لمبغضيهم.

يا علي: لو أن رجلا أحبك وأولادك في الله، حشره الله معك، ومع أولادك، وأنت معي في الدرجات العلى، وأنت قسيم الجنة والنار، تدخل محبيك الجنة، ومبغضيك النار (3) 20 - عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة - في حديث ذكر فيها خطبة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _ -، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، قال:

وليكونن من يخلفني في أهل بيتي رجل، يأمر بأمر الله، قوي يحكم بحكم الله، وذلك بعد زمان مكلح مفصح، يشتد فيه البلاء، وينقطع فيه الرجاء، ويقبل فيه الرشاء (4).

ص: 84


1- (1) الصراط المستقيم: 2 / 151. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
2- (2) فرائد السمطين: 1 / باب (5). هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
3- (3) ينابيع المودة: 85. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
4- (4) منتخب كنز العمال: 6 / 34.

21 - وأسند علي بن محمد القمي، إلى علي _ عليه السلام _ قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنت الوصي على الأموات من أهل بيتي، والخليفة على الاحياء من أمتي، وأنت أبو الأئمة الإحدى عشر من صلبك، مطهرون معصومون، ومنهم المهدي (1) 22 - وأسند أيضا بطريق آخر، إلى علي _ عليه السلام _ قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الأئمة بعدي من ذريتك عدد نقباء بني إسرائيل، من رد عليهم وأنكرهم، فقد رد علي وأنكرني (2) 23 - وأسند الحاجب، إلى الحسن العسكري، إلى آبائه أب أب، إلى علي - عليه السلام -: قول النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _: الأئمة من ولدك ينظرون بنور الله، قذف الحكمة في قلوبهم، أولهم أنت، وأوسطهم علي، وآخرهم مهدي يملأ الأرض عدلا (3)

ص: 85


1- (1) الصراط المستقيم: 2 / 124. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
2- (2) المصدر نفسه: 124. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
3- (3) المصدر نفسه: 125 - 126. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.

ص: 86

الباب الثالث

الفصل الثالث: المهدي من ولد فاطمة عليها السلام

ص: 87

ص: 88

- 8 - المهدي من ولد فاطمة

1 - حدثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زر ابن حبيش، سمع عليا (رضي الله عنه)، يقول: المهدي رجل منا، من ولد فاطمة رضي الله عنها (1) 2 - حدثنا نعيم: حدثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال، عن زر بن حبيش: سمع عليا يقول:

يعرج الله الفتن برجل منا، يسومهم خسفا، لا يعطيهم إلا السيف، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا، حتى يقولوا: والله، ما هذا من ولد فاطمة - عليها السلام -، لو كان من ولدها لرحمنا، يعري ببني العباس وبني أمية (2)

ص: 89


1- (1) ابن حماد: 103، ملاحم ابن طاووس: 75، عن ابن حماد، وفي سنده قبيل الملائي بدل قيس الملائي، كنز العمال: 14 / 591 حديث (39675)، عن ابن حماد، منتخب كنز العمال: 6 / 34، عن ابن حماد، برهان المتقي: 95، عن عرف السيوطي، جمع الجوامع: 2 / 104، عن ابن حماد، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 78، عن ابن حماد، منتخب الأثر: 193، عن منتخب كنز العمال، وملاحم ابن طاووس.
2- (2) ملاحم ابن طاووس: 66، الباب الرابع والثلاثون والمائة، عن ابن حماد، ابن حماد: 96، وفيه: الملاي:... يفرج... يغريه، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 73، عن ابن حماد، كنز العمال: 14 / 589 حديث (39670) عن ابن حماد.

3 - أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحكم بن عبد الرحيم القصير قال: قلت: لابي جعفر - عليه السلام -: قول أمير المؤمنين _ عليه السلام _: بأبي ابن خيرة الإماء أهي فاطمة؟ قال: فاطمة خير الحرائر قال: المبدح بطنه المشرب حمرة رحم الله فلانا(1).

4 - وروى المدايني في كتاب صفين قال: خطب علي بعد انقضاء أمر - النهروان - فذكر طرفا من الملاحم، وقال: ذلك أمر الله وهو كائن وقتا مريحا، فيا ابن خيرة الإماء متى تنتظر؟ أبشر بنصر قريب من رب رحيم، فبأبي وأمي من عدة قليلة، أسماؤهم في الأرض مجهولة (2) الحديث.

ص: 90


1- (1) البحار: 51 / 42، عن غيبة النعماني: 238 - 239، إثبات الهداة: 7 / 76، عن غيبة النعماني، وفي سنده: رياح بدل رباح... الخمري بدل الحميري... الحكم الأسدي، عن عبد الرحيم القصير بدل الحكم بن عبد الرحيم القصير... خيرة ... ذاك المندح بطنه... رحمه الله.
2- (2) ينابيع المودة: 2 / 512، وقال: قال رجل من أهل البصرة إلى رجل من أهل الكوفة في جنبه: أشهد أنه كاذب؟! قال الكوفي: والله ما نزل علي من المنبر حتى فلج الرجل، فمات من ليلته، ولو أردنا استقصاء أخباره عن الغيوب الصادقة التي شاهدوا صدقها عيانا لبلغ كراريس كثيرة - انتهى الشرح.

الباب الثالث

الفصل الرابع: المهدي من ولد الحسين عليهم السلام

ص: 91

ص: 92

- 9 - المهدي من ولد الحسين

1 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليهم السلام _ أنه قال:

التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له: يا أمير المؤمنين! وإن ذلك لكائن؟ فقال - عليه السلام -:

إي والذي بعث محمدا _ صلى الله عليه وآله وسلم _ بالنبوة، واصطفاه على جميع البرية، ولكن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله عز وجل ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الايمان، وأيدهم بروح منه (1) 2 - عن الصادق _ عليه السلام _، عن آبائه _ عليهم السلام _: أن أمير المؤمنين كان ذات

ص: 93


1- (1) كمال الدين: 1 / 304، البحار: 51 / 110 - عن كمال الدين بتفاوت يسير، بشارة الاسلام: 50 - عن كمال الدين، نور الثقلين 5 / 271 - عن كمال الدين بتفاوت يسير، إثبات الهداة: 6 / 395 - 396 عن كمال الدين بتفاوت يسير، وفي سنده: علي بن سعيد بدل علي بن معبد، منتخب الأثر: 205 - عن كمال الدين، إعلام الورى: 400 - عن كمال الدين، كشف الغمة: 3 / 311 - عن إعلام الورى.

يوم جالسا في - الرحبة - والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! أنت بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك معذب في النار؟ فقال له علي بن أبي طالب: مه، فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار؟!! والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نور أبي يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق كلهم إلا خمسة أنوار: نور محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ونوري، ونور الحسن، ونور الحسين، ونور تسعة من ولد الحسين، فإن نوره من نورنا خلقه الله تعالى قبل أن يخلق آدم _ عليه السلام _ بألفي عام (1)

ص: 94


1- (1) احتجاج الطبرسي: 340، البحار: 9 / 15، وذكر له مصدرين هما: الاحتجاج، والثاني: أمالي ابن الشيخ بهذا السند: عن الحسين بن عبيد الله، عن هارون بن موسى، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن البرقي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق _ عليه السلام _، عن آبائه _ عليهم السلام _... الخ. وذكره الامام شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي في كتابه الجليل الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: 15 فقال: وبالإسناد عن الشيخ أبي الفتح الكراجكي - رحمه الله - قال: حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي - رضي الله عنه - قال: حدثني القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن عبد الله النصيبي في داره، قال: حدثنا جعفر بن محمد العلوي، قال: حدثنا عبيد الله أحمد قال: حدثنا محمد بن زياد، قال: حدثنا مفضل ابن عمر، عن جعفر بن محمد الصادق _ عليهم السلام _، عن أبيه، عن آبائه - عليهم السلام -... الخ، المناقب المائة للشيخ أبي الحسن بن شاذان، كنز الكراجكي: 80، أمالي ابن الشيخ: 192، تفسير أبي الفتوح: 4 / 211، الدرجات الرفيعة، ضياء العالمين، تفسير البرهان: 3 / 794. شيخ البطحاء، ورئيس مكة، وشيخ قريش، أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم الرسول وكافله، وأبو الأئمة (سلام الله عليهم أجمعين). كان أبو طالب _ عليه السلام _ شيخا وسيما جسيما، عليه بهاء الملوك ووقار الحكماء، وكانت قريش تسميه: الشيخ، وكانوا يهابونه، ويخافون سطوته، وكانوا يتجنبون أذية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أيامه، فلما توفي (سلام الله عليه)، اجتروا عليه واضطر إلى الهجرة من وطنه مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. قيل لأكثم بن صيفي - حكيم العرب -: ممن تعلمت الحكمة والرياسة، والحلم والسيادة؟ قال: من حليف الحلم والأدب، سيد العجم والعرب، أبو طالب بن عبد المطلب. وجرى ذات يوم كلام خشن بين معاوية بن أبي سفيان وصعصعة وابن الكواء، فقال معاوية: لولا أني أرجع إلى قول أبي طالب لقتلتكم وهو: قابلت جهلهم حلما ومغفرة * والعفو عن قدرة ضرب من الكرم وكان (سلام الله عليه) مستودعا للوصايا فدفعها إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وهو الذي كفله وحماه من قريش ودافع عنه. روى عن فاطمة بنت أسد: أنه لما ظهر امارة وفاة عبد المطلب قال لأولاده: من يكفل محمدا؟ قالوا: هو أكيس منا، فقل له يختار لنفسه، فقال عبد المطلب: يا محمد! جدك على جناح السفر إلى القيامة، أي عمومتك وعماتك تريد أن يكفلك؟ فنظر في وجوههم ثم زحف إلى عند أبي طالب، فقال له عبد المطلب: يا أبا طالب! إني قد عرفت ديانتك وأمانتك، فكن له كما كنت له. كانت لابي طالب _ عليه السلام _ مواقف في موازرة الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ومقاومته المشركين، وله كثير من أمثالها في دفاعه عن محمد، وعن دين محمد، وعن قرآن محمد، وعن أتباع محمد. فهلا يأخذك العجب بعد اطلاعك على هذا وشبهه من أقوال أبي طالب وأفعاله، ألا تستغرب بعد هذا لو سمعت بعصابة أثرت فيها الروح الأموية الخبيثة، فدفعها خبث عنصرها، ورداءة نشأتها، وجرها الحقد إلى القول بأن أبا طالب _ عليه السلام _ مات كافرا!!! وإن تعجب فعجب قولهم: أبو طالب يموت كافرا؟!!!. أبو طالب الذي يقول: ولقد علمت بأن دين محمد * من خير أديان البرية دينا يموت كافرا؟!!! أبو طالب الذي يقول: ليعلم خيار الناس أن محمدا * وزير لموسى والمسيح بن مريم أتانا بهدى مثل ما أتيا به * فكل بأمر الله يهدي ويعصم يا لله ويا للعجب قائل هذا يموت كافرا؟!!! أبو طالب الذي يقول: ألا تعلموا أنا وجدنا محمدا * رسولا كموسى خط في أول الكتب ويقول مخاطبا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: أنت النبي محمد * قرم أغر مسود وهو الذي يقول: لقد أكرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمد وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد ويقول: قل لمن كان في كنانة في العز * وأهل الندى وأهل المعالي قد أتاكم من المليك رسول * فاقبلوه بصالح الاعمال ويقول: فخير بني هاشم أحمد * رسول الاله على فترة ويقول: إن ابن آمنة النبي محمد * عندي بمنزلة من الأولاد ويقول: صدق ابن آمنة النبي محمد * فتميزوا غيظا به وتقطعوا إن ابن آمنة النبي محمد * سيقوم بالحق الجلي ويصدق أبو طالب الذي يقول: يا شاهد الله علي فاشهد * آمنت بالواحد رب أحمد من ظل في الدين فإني مهتدي كل هذا وأبو طالب مات كافرا!!! إذا كان الايمان بالتوحيد والاقرار بنبوة محمد لا تكفي في إيمان الرجل، ويكون معتقدها والمقر بها كافرا، فما هو الاسلام اذن؟!! إذا كان الذب عن رسول الله والاعتراف بنبوته كفرا فما هو الاسلام؟ طبعا يقول لسان حال تلك العصابة في الجواب: الايمان أن تتمكن في نفسك مبادئ أبي سفيان، وتأمن بالذي يحلف به أبو سفيان، وتقول كما قال: ما من جنة ولا نار. أسمعت هذا وبعد فهلا ترفع يدك إلى الدعاء وتقول معي: اللهم! ادخلني النار التي يقطن فيها علي بن أبي طالب، واجعلني في الضحضاح الذي فيه أبو طالب، ولا تدخلني الجنة التي يدخل فيها أبو سفيان، ومعاوية بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية، فسلام على تلك النار، ولعنة الله على هذه الجنة. ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا فقاما فذاك بمكة آوى وحامي * وذاك بيثرب خاض الحماما فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما

3 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن

ص: 95

جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد، عن محمد بن داود، عن محمد بن الجارود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة قال: خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ ذات يوم، ووضع يده في يد ابنه الحسن - عليه السلام -.

ص: 96

وهو يقول: خرج علينا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ذات يوم ويده في يدي هكذا، وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام كل مسلم، ومولى كل مؤمن (1) بعد وفاتي.

ألا وإني أقول: خير الخلف بعدي وسيدهم ابني هذا، وهو إمام كل مؤمن، ومولى كل مؤمن (2) بعد وفاتي، ألا وإنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وخير

ص: 97


1- (1) في بعض النسخ: أمير كل مؤمن.
2- (2) في بعض النسخ: وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن.

الخلق وسيدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه، المقتول في أرض كربلاء، أما إنه (1) وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة.

ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه، وحججه على عباده، وأمناؤه على وحيه، وأئمة المسلمين، وقادة المؤمنين، وسادة المتقين.

تاسعهم القائم الذي يملأ الله عز وجل به الأرض نورا بعد ظلمتها، وعدلا بعد جورها، وعلما بعد جهلها، والذي بعث أخي محمدا بالنبوة، واختصني بالإمامة، لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرئيل.

ولقد سئل رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأنا عنده، عن الأئمة بعده، فقال للسائل: والسماء ذات البروج إن عددهم بعدد البروج، ورب الليالي والأيام والشهور، إن عددهم كعدد الشهور، فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يده على رأسي.

فقال: أولهم هذا وآخرهم المهدي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن أحبهم فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنكرهم فقد أنكرني، ومن عرفهم فقد عرفني.

بهم يحفظ الله عز وجل دينه، وبهم يعمر بلاده، وبهم يرزق عباده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم يخرج بركات الأرض، هؤلاء أصفيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين (2) 4 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين _ عليهم السلام _.

قال: سئل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني مخلف

ص: 98


1- (1) في بعض النسخ: في أرض كرب وبلاء ألا وإنه.
2- (2) كمال الدين: 1 / 259 - 260، منتخب الأثر: 91.

فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، من العترة؟ قال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله، ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله حوضه (1).

5 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن محمد النهاوندي قال: حدثنا العباس بن مطر الهمداني قال:

حدثنا إسماعيل بن علي المقري قال: حدثنا محمد بن سليمان قال: حدثني أبو جعفر العرجي، عن محمد بن يزيد، عن سعيد بن عباية، عن سلمان الفارسي قال: خطبنا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بالمدينة، وقد ذكر الفتنة وقربها، ثم ذكر قيام القائم من ولده وأنه يملوها عدلا كما ملئت جورا، قال سلمان: فأتيته خاليا (2) فقلت: يا أمير المؤمنين! متى يظهر القائم من ولدك؟ فتنفس الصعداء وقال: لا يظهر القائم حتى يكون أمور الصبيان، وتضييع حقوق الرحمن، ويتغنى بالقرآن بالتطريب والألحان، فإذا قتلت ملوك بني العباس أولي الغمار والالتباس أصحاب الرمي عن الأقواس بوجوه كالتراس، وخربت البصرة، وظهرت العشرة... هناك يقوم المهدي من ولد الحسين لا ابن مثله... (3).

6 - وعنه (إبراهيم بن محمد الثقفي) قال: حدثني إسماعيل بن يسار، قال:

حدثني علي بن جعفر الحضرمي، عن سليم بن قيس الشامي، أنه سمع عليا - عليه السلام - يقول:

ص: 99


1- (1) إعلام الورى: 375، عيون الاخبار: 304، منتخب الأثر: 94.
2- (2) يقال: خلا بفلان وإليه ومعه: سأله أن يجتمع به في خلوة، ففعل، فالمراد - أني أتيته ونحن في خلوة.
3- (3) دلائل الإمامة: 253 - 254، العدد القوية: 75، مرسلا، وقال: قال سلمان الفارسي (رضي الله عنه): أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ خاليا، فقلت: يا أمير المؤمنين! متى القائم من ولدك؟ فتنفس الصعداء وقال:... وفيه:... ويتغنى بالقرآن، فإذا قتلت ملوك بني العباس أولي العمى والالتباس... وخربت البصرة، هناك يقوم القائم من ولد الحسين - عليه السلام -، البحار: 52 / 275 - عن العدد القوية، منتخب الأثر: 248 - عن دلائل الإمامة ملخصا، وفي: 435 - عن نفس الرحمن، نفس الرحمن في فضائل سلمان: 103 - عن العدد القوية.

إني وأوصيائي من ولدي أئمة مهتدون كلنا محدثون.

قلت: يا أمير المؤمنين من هم؟ قال: الحسن والحسين، ثم ابني علي بن الحسين - قال: وعلي يومئذ رضيع - ثم ثمانية من بعده واحدا بعد واحد، وهم الذين أقسم الله بهم، فقال:

" ووالد وما ولد " أما الوالد فرسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وما ولد يعني هؤلاء الأوصياء.

فقلت: يا أمير المؤمنين أيجتمع إمامان؟ فقال: لا، إلا وأحدهما مصمت لا ينطق حتى يمضي الأول (1) 7 - قال سلمان الفارسي (رضي الله عنه): أتيت أمير المؤمنين - عليه السلام - خاليا فقلت: يا أمير المؤمنين! متى [يظهر القائم من ولدك؟ فتنفس الصعداء، وقال: لا يظهر القائم حتى يكون أمور الصبيان، ويضيع حقوق الرحمن ويتغنى بالقرآن.

فإذا قتلت ملوك - بني العباس - أولي العمى والالتباس، أصحاب الرمي عن الأقواس بوجوه كالتراس، وخربت البصرة.

هناك يقوم القائم من ولد الحسين _ عليه السلام _ (2) 8 - وأسند علي بن محمد إلى علي _ عليه السلام _: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: لأعذبن كل رعية دانت بإمام جائر وإن كانت في نفسها برة تقية، ولأرحمن كل رعية

ص: 100


1- (1) اختصاص المفيد: 324 - باب الأئمة _ عليهم السلام _ كلهم مفهمون محدثون - وفيه: قال سليم: سألت محمد بن أبي بكر فقلت: أكان علي _ عليه السلام _ محدثا؟ فقال: نعم، قلت: ويحدث الملائكة الأئمة؟ فقال: أو ما تقرأ: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث)، قلت: فأمير المؤمنين محدث؟ فقال: نعم، وفاطمة كانت محدثة ولم تكن نبية، البحار: 26 / 79 وفي سنده: عبد الله عن إبراهيم بن محمد الثقفي، وفيه:... مهديون بدل أئمة مهتدون... فقلت بدل قلت، بصائر الدرجات: 106، كفاية الأثر: 57، بتفاوت يسير.
2- (2) البحار: 52 / 275.

دانت بإمام عادل مني وإن كانت في نفسها غير برة تقية.

قلت: فكم يكون بعدك؟ قال: تسعة من ولد الحسين _ عليهم السلام _ تاسعهم قائمهم يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم مؤمن متأسف حيران، كأني بهم آيس ما يكون إذ نودي في رجب ثلاثة أصوات: نداء يسمع من البعد كالقرب: ألا لعنة الله على الظالمين. والثاني: أزفة الآزفة، والثالث: يرون بدنا مع قرن الشمس أن الله قد بعث فلان بن فلان حتى ينسبه إلى علي _ عليه السلام _ (1).

9 - وفي المودة العاشرة من كتاب مودة القربى للسيد علي الهمداني قال: وعن علي _ عليه السلام _ قال: قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمتي رجل من ولد الحسين يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما (2).

10 - قال الشيخ حسن بن سليمان - رحمه الله - في كتاب المختصر روى بعض علماء الإمامية في كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق، بإسناده عن سلمان الفارسي، [عن علي _ عليه السلام _]:

والذي رفع السماء بغير عمد، لو أن أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس واحد، لا زال حتى آذن له، وكذلك يصير حال ولدي الحسن وبعده الحسين، وتسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائمهم (3) 11 - وروى الحسن بن سليمان بن خالد في كتاب مختصر البصائر قال: أجاز لي الشيخ الشهيد محمد بن مكي الشامي ثم ذكر السند إلى محمد بن علي بن بابويه عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي عن الحسن بن معاذ عن قيس بن حفص عن يونس بن أرقم عن أبي يسار عن الضحاك بن مزاحم عن النزال ابن سمرة عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في حديث طويل يذكر فيه الدجال قال: يقتله

ص: 101


1- (1) الصراط المستقيم: 2 / 127 - 128.
2- (2) المصدر نفسه: 2 / 116. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
3- (3) البحار: 27 / 35 - 36 - 37، ح 5. المختصر: 71 - 76.

الله بالشام على يدي من يصلي المسيح بن مريم خلفه إلى أن قال: فقال النزال بن سمرة لصعصعة: ما عنى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بهذا القول؟ فقال: إن الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه هو الثاني عشر من العترة التاسع من ولد الحسين _ عليه السلام _ (1) 12 - عن ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين _ عليهم السلام _: إنه جاء إليه رجل فقال له: يا أبا الحسن إنك تدعي أمير المؤمنين فمن أمرك عليهم؟ قال: الله عز وجل أمرني عليهم.

فجاء الرجل إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فقال: يا رسول الله أيصدق علي فيما يقول إن الله أمره على خلقه فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: إن عليا أمير المؤمنين بولاية من الله عز وجل عقدها له فوق عرشه وأشهد على ذلك ملائكته، أن عليا خليفة الله وحجة الله وانه لامام المسلمين طاعته مقرونة بطاعة الله ومعصيته مقرونة بمعصية الله، فمن جهله فقد جهلني ومن عرفه فقد عرفني، ومن أنكر إمامته فقد أنكر نبوتي، ومن جحد إمرته فقد جحد رسالتي، ومن دفع فضله فقد تنقصني، ومن قاتله فقد قاتلني، ومن سبه فقد سبني لأنه مني خلق من طينتي، وهو زوج فاطمة ابنتي وأبو ولدي الحسن والحسين. ثم قال: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه، أعداؤنا أعداء الله، وأولياؤنا أولياء الله (2) 13 - عن المسيب، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال: والله لقد خلفني رسول الله في أمته فأنا حجة الله عليهم بعد نبيه وان ولايتي لتلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض

ص: 102


1- (1) اثبات الهداة: 460.
2- (2) منتخب الأثر: 72 وقال: ورواه في غاية المرام عن ابن بابويه بسنده عن علي بن الحسين إلا أنه ذكر بعد قوله (أن عليا أمير المؤمنين) (وقائد الغر المحجلين) وذكر لأنه خلق من طينتي بدل لأنه مني خلق من طينتي، ورواه في كتاب بشارة المصطفى، بسنده عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين _ عليه السلام _.

وان الملائكة لتتذاكر فضلي وذلك تسبيحها عندها، أيها الناس اتبعوني أهدكم سواء السبيل ولا تأخذوا يمينا وشمالا فتضلوا وأنا وصي نبيكم وخليفته وإمام المؤمنين ومولاهم وأميرهم، وأنا قائد شيعتي إلى الجنة وسائق أعدائي إلى النار، أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه، أنا صاحب حوض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولوائه وصاحب مقام شفاعته، والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين خلفاء الله في أرضه وأمناؤه على وحيه وأئمة المسلمين بعد نبيه وحجج الله على بريته (1) 14 - بإسناده عن عبد الرزاق، عن محمد بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس: أن عليا قال لطلحة في حديث طويل عند ذكر تفاخر المهاجرين والأنصار بمناقبهم وفضائلهم: يا طلحة أليس قد شهدت رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ حين دعانا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة بعده ولا تختلف فقال صاحبك ما قال إن رسول الله يهجر فغضب رسول الله وتركها؟ قال: بلى، قد شهدته. قال: فإنكم لما خرجتم أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالذي أراد أن يكتب فيها ويشهد عليه العامة وإن جبرئيل أخبره بأن الله قد علم أن الأمة ستختلف وتفترق ثم دعا بصحيفة، فأملا علي ما أراد أن يكتب بالكتف، وأشهد على ذلك ثلاثة رهط، سلمان الفارسي، وأبا ذر، والمقداد وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة فسماني أولهم ثم ابني هذا حسن ثم ابني هذا حسين ثم تسعة من ولد ابني هذا حسين كذلك يا أبا ذر وأنت يا مقداد؟ قالا: نشهد بذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال طلحة: والله لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لابي ذر: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق ولا أبر من أبي ذر، وأنا أشهد أنهما لم يشهدا إلا الحق، وأنت أصدق وأبر منهما(2)

ص: 103


1- (1) منتخب الأثر: 68 وقال: ورواه في غاية المرام عن أبي الحسن الفقيه بن شاذان (صاحب المناقب المائة) من طرق العامة.
2- (2) منتخب الأثر: 74، عن غيبة النعماني.

ص: 104

الباب الثالث

الفصل الخامس: المهدي من الأئمة الاثني عشر عليهم السلام

ص: 105

ص: 106

- 10 - المهدي من الأئمة الاثني عشر

1 - ومن كتاب سليم بن قيس: ما رواه أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، ومحمد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز، وعبد الواحد - ابنا عبد الله بن يونس الموصلي -، عن رجالهم، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، وأخبرنا به في غير هذه الطرق هارون بن محمد، قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك - شيخ لنا كوفي ثقة -، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام (1) قال: حدثنا معمر بن راشد (2) عن أبان بن أبي عياش،

ص: 107


1- (1) عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري من المشاهير عنونه ابن حجر في تهذيبه: 6 / 311 وأطال الكلام في ترجمته ونقل عن الصوري، عن علي بن هاشم عنه - يعني عن عبد الرزاق - أنه قال: كتبت عن ثلاثة لا أبالي أن لا أكتب عن غيرهم، كتبت عن ابن الشاذكوني وهو من أحفظ الناس، وكتبت عن ابن معين وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتبت عن أحمد بن حنبل وهو من أثبت الناس، وبالجملة - روى عن أبيه همام وهو من رواة مينا بن أبي مينا الزهري الخزاز الذي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: تبين على أحاديثه أنه يغلو في التشيع.
2- (2) معمر بن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري عنونه ابن حجر في التقريب وصفي الخزرجي في تذهيب الكمال وقالا: ثقة ثبت صالح فاضل.

عن سليم بن قيس الهلالي (1) قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين - عليه السلام - نزل قريبا من دير نصراني (2) إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه، حسن الهيئة والسمت (3) معه كتاب حتى أتى أمير المؤمنين فسلم عليه، ثم قال: إني من نسل حواري عيسى بن مريم، وكان أفضل حواري عيسى - الاثني عشر - وأحبهم إليه وآثرهم عنده (4) وأن عيسى أوصى إليه ودفع إليه كتبه وعلمه حكمته (5) فلم يزل أهل هذا البيت على دينه متمسكين بملته (6) لم يكفروا ولم يرتدوا ولم يغيروا وتلك الكتب عندي إملاء عيسى بن مريم وخط أبينا بيده، فيها كل شئ يفعل الناس من بعده، واسم ملك ملك [من بعده] منهم، وأن الله تبارك وتعالى يبعث رجلا من العرب من ولد [إسماعيل ابن] إبراهيم خليل الله من أرض [يقال لها:] تهامة، من قرية يقال لها: مكة، يقال له: أحمد، له اثنا عشر اسما، وذكر مبعثه ومولده ومهاجرته، ومن يقاتله، ومن ينصروه، ومن يعاديه، وما يعيش، وما تلقى أمته بعده إلى أن ينزل عيسى بن مريم من السماء، وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله، ومن أحب خلق الله إليه، والله ولي لمن والاهم، وعدو لمن عاداهم، من أطاعهم اهتدى، ومن عصاهم ضل، طاعتهم لله طاعة، ومعصيتهم لله معصية، مكتوبة أسماءهم وأنسابهم ونعوتهم، وكم يعيش كل رجل منهم واحد بعد واحد، وكم رجل منهم يستتر بدينه

ص: 108


1- (1) كان سليم من أصحاب علي _ عليه السلام _، طلبه الحجاج بن يوسف ليقتله ففر منه وآوى إلى ابان ابن أبي عياش، فبقي مخفيا عنده حتى حضره الوفاة، فلما كان عند موته قال لأبان: إن لك علي حقا وقد حضرني الموت يا ابن أخي! إنه كان من الامر بعد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم كيت وكيت، وأعطاه كتابا، فلم يروه عن سليم أحد من الناس سوى ابان، كما نقله العلامة عن العقيقي. وكان ابان وسليم من المشاهير تجد ترجمتهما في جميع كتب رجال الشيعة، وجل رجال العامة.
2- (2) في بعض النسخ: من دير نصارى.
3- (3) السمت - بالفتح -: هيئة أهل الخير، والحالة التي يكون عليه الانسان من السكينة والوقار، وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر.
4- (4) في منقوله في البحار: وأبرهم عنده.
5- (5) في بعض النسخ: وعلمه وحكمته.
6- (6) في بعض النسخ: متمسكين عليه.

ويكتمه من قومه، ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس حتى ينزل عيسى بن مريم _ عليه السلام _ على آخرهم فيصلي عيسى خلفه ويقول: إنكم لائمة لا ينبغي لاحد أن يتقدمكم، فيتقدم فيصلي بالناس وعيسى خلفه في الصف، أولهم وخيرهم وأفضلهم - وله مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهم - رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ اسمه: محمد وعبد الله ويس والفتاح والخاتم والحاشر والعاقب والماحي والقائد ونبي الله وصفي الله وحبيب الله (1) وأنه يذكر إذا ذكر، من أكرم خلق الله على الله (2) وأحبهم إلى الله، لم يخلق الله ملكا مكرما (3)، ولا نبيا مرسلا من آدم فمن سواه خيرا عند الله ولا أحب إلى الله منه، يقعده يوم القيامة على عرشه، ويشفعه في كل من يشفع فيه (4) باسمه جرى القلم (5) في اللوح المحفوظ محمد رسول الله. وبصاحب اللواء يوم الحشر الأكبر أخيه ووصيه ووزيره وخليفته في أمته. ومن أحب خلق الله إلى الله بعده علي ابن عمه لامه وأبيه، وولي كل مؤمن بعده، ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده، أولهم يسمى باسم ابني هارون شبر وشبير وتسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحد، آخرهم الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه - وذكر باقي الحديث بطوله (6) 2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني _ عليه السلام _، قال: أقبل أمير المؤمنين - عليه السلام - ومعه الحسن بن علي _ عليه السلام _ وهو متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس إذ

ص: 109


1- (1) في بعض النسخ: وجنب الله.
2- (2) في بعض النسخ: وهو أكرم خلق الله عليه.
3- (3) في بعض النسخ: ملكا مقربا.
4- (4) في بعض النسخ: في كل من شفع فيه.
5- (5) في البحار: صرح القلم.
6- (6) غيبة النعماني: 74 - 75، الباب الرابع، عن كتاب سليم بن قيس بتفاوت يسير، سليم بن قيس: 152 - 154 (أبان عن سليم)، البحار: 15 / 236 - 239، و 16 / 84 - 85، و 36 / 210 - 212، و 38 / 51 - 54، إثبات الهداة: 1 / 179 - بعضه، و 1 / 204 - 205 - أوله، و 1 / 658 - البعض الآخر، العوالم: 15 / 85 - 86.

أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فرد عليه السلام فجلس.

ثم قال: يا أمير المؤمنين! أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم، وإن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين _ عليه السلام _: سلني عما بدا لك؟ قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ إلى الحسن _ عليه السلام _ فقال:

يا أبا محمد! أجبه، قال: فأجابه الحسن _ عليه السلام _.

فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك، وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقائم بحجته (وأشار إلى أمير المؤمنين) ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته (وأشار إلى الحسن _ عليه السلام _).

وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده.

وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد (ابن علي نخ) وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر.

وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد.

وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى، حتى يظهر أمره، فيملؤها

ص: 110

عدلا كما ملئت جورا.

والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى.

فقال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: يا أبا محمد! اتبعه فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن علي _ عليهما السلام _، فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض الله؟ فرجعت إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فأعلمته.

فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم.

قال: هو الخضر _ عليه السلام _ (1)

ص: 111


1- (1) المحاسن: 332 - عنه (أحمد بن أبي عبد الله البرقي)، عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفري رفع الحديث قال: قال أبو عبد الله _ عليه السلام _: دخل أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - المسجد، ومعه الحسن _ عليه السلام _ فدخل رجل فسلم عليه فرد عليه شبيها بسلامه، فقال: يا أمير المؤمنين! جئت أسألك، فقال: سل، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تكون روحه؟ وعن المولود الذي يشبه أباه كيف يكون؟ وعن الذكر والنسيان كيف يكونان؟ قال: فنظر أمير المؤمنين _ عليه السلام _ إلى الحسن _ عليه السلام _ فقال: أجبه. فقال الحسن: إن الرجل إذا نام فإن روحه متعلقة بالريح، والريح متعلقة بالهواء، فإذا أراد الله أن يقبض روحه جذب الهواء الريح، وجذبت الريح الروح، وإذا أراد الله أن يردها في مكانها جذبت الروح الريح، وجذبت الريح الهواء، فعادت إلى مكانها. وأما المولود الذي يشبه أباه، فإن الرجل إذا واقع أهله بقلب ساكن وبدن غير مضطرب وقعت النطفة في الرحم، فيشبه الولد أباه، وإذا واقعها بقلب شاغل وبدن مضطرب، فوقعت النطفة في الرحم، فإن وقعت على عرق من عروق أعمامه يشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق أخواله يشبه الولد أخواله. وأما الذكر والنسيان، فإن القلب في حق والحق مطبق عليه، فإذا أراد الله أن يذكر القلب سقط الطبق فذكر. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أن أباك أمير المؤمنين وصي محمد حقا حقا، ولم أزل أقوله، وأشهد أنك وصيه، وأشهد أن الحسين وصيك، حتى أتى على آخرهم، فقال: قلت لابي عبد الله: فمن كان الرجل؟ قال: الخضر - عليه السلام -. النعماني: 58 - 60 - كما في المحاسن بتفاوت وزيادة، بسنده إلى البرقي، وفيه: عن أبي جعفر محمد بن علي _ عليهما السلام _، عن آبائه _ عليهم السلام _ قال:، الاحتجاج: 1 / 266 - 267 - كما في الكافي بتفاوت وزيادة، مرسلا عن أبي هاشم الجعفري، عن الجواد _ عليه السلام _، القمي: 2 / 44 - كما في المحاسن بتفاوت وتفصيل، مرسلا عن أبيه، غيبة الطوسي: 98 - كما في الكافي بتفاوت يسير، بسنده إلى الكليني، وفيه: الحسين بن علي وصي أبيه والقائم بحجته بعدك... على رجل من ولد الحسين و... ملئت ظلما وجورا، عيون أخبار الرضا: 1 / 65 - كما في النعماني بتفاوت وزيادة، بنفس سند كمال الدين، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، والظاهر أنه تصحيف فإنه الجواد لا الباقر _ عليهما السلام _، كمال الدين: 1 / 313 - 315 - كما في النعماني بتفاوت، بسنده إلى البرقي، الاستنصار: 31 - كما في الكافي بتفاوت يسير، عن المفيد وبسنده إلى الكليني، وفي سنده: أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، وفيه: الحسين بن علي وصي أبيه والقائم بحجته بعدك... حتى يظهر الله أمره، دلائل الإمامة: 68 - 70 - عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني، كما في كمال الدين بتفاوت، علل الشرايع: 96 - 98 - كما في النعماني بتفاوت، بسند كمال الدين، عن أبي جعفر الثاني، وقال: عن أحمد بن محمد، عن ابن خالد البرقي، والظاهر أنه تصحيف والصحيح ما ذكره في كمال الدين وهو: عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، أي أحمد بن محمد بن خالد، البحار: 36 / 414 - عن كمال الدين، والعيون، وأشار إلى مثله في الاحتجاج، والمحاسن، والعلل، وغيبة الطوسي، والنعماني، والقمي، وفي 61 / 39 - عن إثبات الوصية: 136 - 138 - كما في النعماني بتفاوت، مرسلا عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه - عليهم السلام - قال:، إثبات الهداة: 1 / 452 - عن الكافي، وأشار إلى مثله في العيون، وكمال الدين، والعلل، وغيبة الطوسي، والاحتجاج، والنعماني، والقمي، منتخب الأثر: 138 - 139 - عن الكافي، حلية الأبرار: 1 / 510 - كما في كمال الدين، والعيون، عن ابن بابويه، العوالم: 15 / 310 - عن كمال الدين، والعيون، ثم أشار إلى مثله في غيبة الطوسي، وعلل الشرائع، والاحتجاج، والمحاسن، والنعماني، والقمي. نقول: ما ثبت عن أئمتنا _ عليهم السلام _ من حقائق العلوم التي وصل إليها العلم بعد قرون يدل على عدم إمكان التناقض بين علمهم وبين الحقائق المادية والمعنوية، وإذا ثبتت المنافاة بين ما يروى عنهم _ عليهم السلام _ وبين الحقائق القطعية في العلوم فلا شك أن الخطأ من الراوي الذي لم يستوعب كلامهم فنقله على حسب فهمه. وكان اسم الخضر: خضرويه بن قابيل بن آدم _ عليه السلام _، ويقال له: خضرون أيضا، ويقال له: جعدا، وإنه إنما سمي الخضر لأنه جلس على أرض بيضاء فاهتزت خضراء فسمي الخضر لذلك وهو أطول الآدميين عمرا، والصحيح أن اسمه بليا بن ملكان بن عامر بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وفي معارف ابن قتيبة: بليا بن ملكان بن فالغ بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح. إن أكثر المخالفين يسلمون لنا حديث الخضر _ عليه السلام _ ويعتقدون فيه أنه حي غائب عن الابصار، وأنه حيث ذكر حضر، ولا ينكرون طول حياته، ولا يحملون حديثه على عقولهم، ويدفعون كون القائم _ عليه السلام _ وطول حياته في غيبته، وعندهم أن قدرة الله عز وجل تتناول إبقاءه إلى يوم النفخ في الصور، وإبقاء إبليس مع لعنته إلى يوم الوقت المعلوم في غيبته، وأنها لا تتناول إبقاء حجة الله على عباده مدة طويلة في غيبته، مع ورود الاخبار الصحيحة بالنص عليه بعينه، واسمه ونسبه عن الله تبارك وتعالى، وعن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وعن الأئمة _ عليهم السلام _.

............................................................

ص: 112

3 - ومن كتاب سليم بن قيس الهلالي، ما رواه أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة (1) ومحمد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس الموصلي - عن رجالهم - عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد:

عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس.

وأخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي (2) قال: حدثنا عبد الله بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة (3) قال: حدثنا عبد الرزاق ابن همام شيخنا، عن معمر، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، وذكر أبان أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة، قال معمر: وذكر أبو هارون العبدي أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة، عن سليم أن معاوية لما دعا أبا الدرداء وأبا هريرة

ص: 113


1- (1) في بعض النسخ: مما رواه أحمد بن محمد بن سعيد.
2- (2) لم نعثر في كتب الرجال على عنوان لهؤلاء الثلاثة.
3- (3) عبد الله بن المبارك عنونه ابن حجر في التهذيب ونقل عن جماعة من الاعلام كونه عالما فقيها عابدا زاهدا شيخا شجاعا كيسا مثبتا ثقة، وقال ابن معين: كان عالما صحيح الحديث وكانت كتبه التي حدث بها عشرين ألفا أو احدى وعشرين ألفا، وعنونه الخطيب في تاريخ بغداد: 10 / 152، وأطال الكلام في شأنه وقال: كان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المذكورين بالزهد، لكن عد عبد الرزاق من رواته، ولعله غيره.

ونحن مع أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _ بصفين فحملهما الرسالة إلى أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _ وأدياه إليه، قال: قد بلغتماني ما أرسلكما به معاوية فاستمعا مني وأبلغاه عني كما بلغتماني، قالا: نعم، فأجابه علي _ عليه السلام _ الجواب بطوله حتى إذا انتهى إلى ذكر نصب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إياه بغدير خم بأمر الله تعالى قال: لما نزل عليه: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون "(1) فقال الناس: يا رسول الله أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلمهم ولاية من أمرهم الله بولايته (2) وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، قال علي - عليه السلام -: فنصبني رسول الله بغدير خم وقال: إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبوني، فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني قم يا علي، ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فصلى بهم الظهر، ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم منهم بأنفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (3) فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله ولاء ماذا؟ (4) فقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، فأنزل الله عز وجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " (5) فقال له سلمان: يا رسول الله أنزلت هذه الآيات في علي خاصة؟ قال: بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، فقال: يا رسول الله بينهم لي (6) قال علي أخي ووصيي ووارثي (7) وخليفتي في أمتي وولي كل

ص: 114


1- (1) المائدة / 54.
2- (2) في بعض النسخ: أن يعلمهم من أمر الله بولايته.
3- (3) زاد في كتاب سليم: وانصر من نصره، واخذل من خذله.
4- (4) في كتاب سليم: يا رسول الله! ولاؤه كماذا؟ فقال: ولاؤه كولايتي، من كنت أولى به....
5- (5) المائدة / 3.
6- (6) في بعض النسخ: سمهم لي، وفي كتاب سليم: بينهم لنا.
7- (7) في بعض النسخ: وصيي وصنوي ووارثي وفي بعضها: ووزيري مكان ووارثي.

مؤمن بعدي وأحد عشر إماما من ولده، أولهم ابني حسن، ثم ابني حسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد، هم مع القرآن، والقران معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض.

فقام اثنا عشر رجلا من البدريين فقالوا: نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كما قلت يا أمير المؤمنين سواء لم تزد ولم تنقص، وقال بقية البدريين (1) الذين شهدوا مع علي صفين: قد حفظنا جل ما قلت، ولم نحفظ كله، وهؤلاء الاثنا عشر خيارنا وأفاضلنا، فقال علي _ عليه السلام _: صدقتم ليس كل الناس يحفظ، وبعضهم أفضل من بعض (2) وقام من الاثني عشر أربعة: أبو الهيثم بن التيهان، وأبو أيوب، وعمار وخزيمة ابن ثابت ذو الشهادتين (3) فقالوا: نشهد أنا قد حفظنا قول رسول الله

ص: 115


1- (1) في بعض النسخ: بقية السبعين.
2- (2) في كتاب سليم: وبعضهم أحفظ من بعض.
3- (3) أبو الهيثم بن التيهان - بفتح التاء المثناة من فوق وبعدها ياء مكسورة مشددة مثناة من تحت ثم هاء وبعد الألف نون - ابن أبي عبيد بن عمر عبد الأعلم بن عامر البلوي - بفتح الباء الموحدة وبفتح اللام وفي آخرها الواو نسبة إلى بلي بفتح الباء الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء على فعيل - وهو بلي بن عمر بن الحاف بن قضاعة وهو أبو حي من اليمن وهو قضاعة بن مالك بن حميراء بن سبأ والله أعلم - ثم الأنصاري حليف بني عبد الأشهل، وقالت طائفة من أهل العلم: إنه من الأنصار من أنفسهم من الأوس هو مشهور بكنيته. كان أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بيعة العقبة الأولى والثانية، وكان أحد التسعة الذين لقوا قبل ذلك رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ بالعقبة، وهو أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة فيما يزعم بنو عبد الأشهل، وشهد أبو الهيثم بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وأنكر تقدم أبي بكر عليه، وشهد معه وقعة الجمل وصفين، فمن شعره يوم الجمل: قل للزبير، وقل لطلحة: إننا نحن الذين * شعارنا الأنصار نحن الذين رأت قريش فعلنا * يوم القليب أولئك الكفار كنا شعار نبينا ودثاره * تفديه منا الروح والابصار إن الوصي إمامنا وولينا * برح الخفاء وباحث الاسرار قتل أبو الهيثم (رضي الله عنه) مع علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ بصفين سنة (37 ه). وأما أبو أيوب خالد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار وهو يتم ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأنصاري من بني النجار، كان من كبار الصحابة شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد، وكان سيدا معظما من سادات الأنصار، وهو صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل عنده لما خرج من بني عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة فلم يزل عنده حتى بنى مسجده ومساكنه ثم انتقل إليها. وكان أبو أيوب (رضي الله عنه) من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وأنكر على أبي بكر تقدمه على علي _ عليه السلام _. قال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: إن أبا أيوب شهد مع علي _ عليه السلام _ مشاهده كلها، وروى عن الكلبي، وابن إسحاق قالا: شهد معه يوم الجمل وصفين، وكان على مقدمته يوم النهروان. وروى الخطيب في تاريخ بغداد: أن علقمة والأسود أتيا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين، فقالا له: يا أبا أيوب! إن الله أكرمك بنزول محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وبمجيئ ناقته تفضلا من الله تعالى، وإكراما لك حتى أناخت ببابك دون الناس جميعا، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب أهل لا إله إلا الله، فقال: يا هذا! إن الرائد لا يكذب أهله إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا بقتال ثلاثة مع علي _ عليه السلام _: بقتال الناكثين والقاسطين

_ صلى الله عليه وآله وسلم _ يومئذ، والله إنه لقائم وعلي _ عليه السلام _ إلى جانبه، وهو يقول: يا أيها الناس! إن الله أمرني أن

ص: 116

أنصب لكم إماما يكون وصيي فيكم، وخليفتي في أهل بيتي وفي أمتي من بعدي، والذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه وأمركم فيه بولايته، فقلت: يا رب!

ص: 117

خشيت (1) طعن أهل النفاق وتكذيبهم، فأوعدني لأبلغنها أو ليعاقبني.

أيها الناس! إن الله عز وجل أمركم في كتابه بالصلاة، وقد بينتها لكم وسننتها لكم، والزكاة والصوم، فبينتهما لكم وفسرتهما، وقد أمركم الله في كتابه بالولاية، وإني أشهدكم أيها الناس! إنها خاصة لهذا ولأوصيائي من ولدي وولده، أولهم - ابني الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين، لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض.

يا أيها الناس! إني قد أعلمتكم مفزعكم بعدي، وإمامكم ووليكم وهاديكم

ص: 118


1- (1) كذا والقياس: أخشى.

بعدي، وهو علي بن أبي طالب أخي وهو فيكم بمنزلتي، فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله عز وجل، أمرني الله عز وجل أن أعلمه إياه (1) وأن أعلمكم أنه عنده، فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه، ولا تعلموهم ولا تتقدموا عليهم، ولا تتخلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم، لا يزايلهم ولا يزايلونه.

ثم قال علي - صلوات الله عليه - لابي الدرداء وأبي هريرة، ومن حوله: يا أيها الناس أتعلمون أن الله تبارك وتعالى أنزل في كتابه " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (2) فجمعني رسول الله وفاطمة والحسن والحسين في كساء، ثم قال:

اللهم هؤلاء أحبتي وعترتي [وثقلي وخاصتي (3) وأهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة: وأنا، فقال _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لها: وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة وفي ابني الحسن والحسين و [في] تسعة من ولد الحسين خاصة، ليس فيها معنا أحد غيرنا فقام جل الناس فقالوا: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك، فسألنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

فقال علي _ عليه السلام _: ألستم تعلمون أن الله عز وجل أنزل في سورة الحج " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا(4) ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء

ص: 119


1- (1) في بعض النسخ: أن أعلمه جميع ما علمني الله عز وجل.
2- (2) الأحزاب: 33.
3- (3) في بعض النسخ: وحامتي بدل وخاصتي.
4- (4) اجتباكم: أي اصطفاكم واختاركم، والحرج: الضيق، وقوله تعالى: (ملة) - نصب على المصدر لفعل دل عليه مضمون ما قبلها بحذف المضاف، أي وسع دينكم توسعة ملة إبراهيم، والمراد - دينه، فإن ملة إبراهيم داخلة في دين محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وقال تعالى: (أبيكم) لان أكثر العرب أو الأئمة _ عليهم السلام _ من ذرية إبراهيم _ عليه السلام _، (هو سماكم) - أي الله تعالى، أو إبراهيم _ عليه السلام _ لقوله: (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) وقوله تعالى: (من قبل) - يعني في الكتب المتقدمة، (وفي هذا) - أي في هذا الكتاب.

على الناس " فقام سلمان - رضي الله عنه - عند نزولها فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عنى الله تعالى بذلك ثلاثة عشر إنسانا: أنا وأخي عليا وأحد عشر من ولده؟ فقالوا: اللهم نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال علي _ عليه السلام _: أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال: أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين (1) لن تضلوا ما [إن] تمسكتم بهما، كتاب الله عز وجل وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا (2) حتى يردا علي الحوض؟ فقالوا: [نعم] اللهم قد شهدنا(3) ذلك كله من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقام اثنا عشر رجلا من الجماعة فقالوا: نشهد أن رسول الله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يا رسول الله لكل أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن لأوصيائي منهم: علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، وهو أولهم وخيرهم، ثم وصيه بعده ابني هذا وأشار إلى الحسن، ثم وصيه [ابني] هذا وأشار إلى الحسين، ثم وصيه ابني بعده سمي أخي، ثم وصيه بعده سميي، ثم سبعة من ولده واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله.

فقام السبعون البدريون ونحوهم من المهاجرين فقالوا: ذكرتمونا ما كنا نسيناه نشهد أنا قد كنا سمعنا ذلك من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _.

فانطلق أبو الدرداء وأبو هريرة فحدثا معاوية بكل ما قال علي - عليه السلام - وما استشهد عليه، وما رد عليه الناس وشهدوا به (4)

ص: 120


1- (1) في بعض النسخ: فيكم ثقلين.
2- (2) في بعض النسخ: لا يفترقان.
3- (3) في بعض النسخ: فقالوا: اللهم نعم قد شهدنا.
4- (4) غيبة النعماني: 68 - 73، منتخب الأثر: 79 مختصرا.

4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن حنان بن السراج، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل، قال: شهدت جنازة أبي بكر يوم مات، وشهدت عمر حين بويع وعلي - عليه السلام - جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل [الوجه] بهي، عليه ثياب حسان، وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين! أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياك أعني وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم ذاك؟ قال: إني جئتك مرتادا لنفسي، شاكا في ديني، فقال: دونك هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فأقبل اليهودي على علي _ عليه السلام _ فقال: أكذاك أنت؟ قال: نعم.

قال: إني أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.

قال: فتبسم أمير المؤمنين _ عليه السلام _ من غير تبسم، وقال: يا هاروني! ما منعك أن تقول سبعا؟ قال: أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن، وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم.

قال علي _ عليه السلام _: فإني أسألك بالإله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني؟ قال: ما جئت إلا لذاك.

قال: فسل.

قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟ وأول شئ اهتز على وجه الأرض أي شئ هو؟

ص: 121

فأجابه أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فقال له: أخبرني عن الثلاث الاخر، أخبرني عن محمدكم له من إمام عدل؟ وفي أي جنة يكون؟ ومن ساكنه (مساكنه) معه في جنته؟ فقال: يا هاروني! إن لمحمد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم، وإنهم في الدين أرسب (أرسى) من الجبال الرواسي في الأرض، ومسكن محمد في جنته معه أولئك الاثنا عشر الامام العدل.

فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده، وإملاء موسى عمي _ عليهما السلام _ (1)

ص: 122


1- (1) الكافي: 1 / 529 - 530، وفي 1 / 531 - 532 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن مسعدة ابن زياد، عن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيى المدائني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة: أنه أعلم أهل زمانه، حتى رفع إلى عمر، فقال له: يا عمر! إني جئتك أريد الاسلام، فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما أريد أن أسأل عنه. قال: فقال له عمر: إني لست هناك لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - فأومأ إلى علي _ عليه السلام _ - قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة. فقال له علي _ عليه السلام _: يا يهودي! ولم لم تقل: أخبرني عن سبع؟ فقال له اليهودي: إنك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الأرض وأفضلهم وأولى الناس بالناس. فقال له: سل عما بدا لك يا يهودي. قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الأرض؟ وأول شجرة غرست على وجه الأرض؟ وأول عين نبعت على وجه الأرض؟ فأخبره أمير المؤمنين _ عليه السلام _، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه في الجنة؟ فقال له أمير المؤمنين _ عليه السلام _: إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها، وهم مني، وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن، وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته، وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد، غيبة الطوسي: 97 - 98 - كما في رواية الكافي الثانية بتفاوت يسير، بسنده إلى الكليني ثم بسنده الثاني، إثبات الهداة: 1 / 458 - آخره - عن رواية الكافي الثانية، وقال: ورواه الشيخ في كتاب الغيبة، النعماني: 97 - 99 - أخبرنا أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الأشعري من كتابه، قال: حدثنا إبراهيم بن مهزم، قال: حدثنا خاقان بن سليمان الخزاز، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وعن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال: قالا: - كما في رواية الكافي الثانية بتفاوت، إعلام الورى: 367 - عن رواية الكافي الثانية، وفي: 367 - 369 - عن رواية الكافي الأولى، وفي سنده: حيان بدل حنان، كمال الدين:

5 - وبإسناده (أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، ومحمد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس الموصلي، عن رجالهم) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: (وأخبرنا به من غير هذه الطرق، هارون ابن محمد قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني

ص: 123

أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك - شيخ لنا كوفي ثقة - عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: قال علي بن أبي طالب _ عليه السلام _: مررت يوما برجل - سماه لي - فقال: ما مثل محمد إلا كمثل نخلة نبتت في كباة (1) فأتيت رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فذكرت ذلك له، فغضب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وخرج مغضبا وأتى المنبر ففرغت الأنصار إلى السلاح (2) لما رأوا من غضب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، قال: فما بال أقوام يعيروني بقرابتي وقد سمعوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل الله تعالى إياهم وما اختصهم به من إذهاب الرجس عنهم وتطهير الله إياهم؟ وقد سمعوا ما قلته في فضل أهل بيتي ووصيي وما أكرمه الله به وخصه وفضله من سبقه إلى الاسلام، وبلائه فيه، وقرابته مني، وأنه مني بمنزلة هارون من موسى، ثم يمر به فزعم أن مثلي في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في أصل حش؟ (3) ألا إن الله خلق خلقه وفرقهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين، وفرق الفرقة ثلاث شعب فجعلني في خيرها شعبا وخيرها قبيلة، ثم جعلهم بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا حتى خلصت في أهل بيتي وعترتي وبني أبي (4) أنا وأخي علي بن أبي طالب، نظر الله [سبحانه] إلى أهل الأرض نظرة واختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار عليا أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن بعدي، من والاه فقد والى الله، ومن عاداه فقد عادى الله (5) ومن أحبه أحبه الله، ومن أبغضه أبغضه الله، لا يحبه تتمة

ص: 124


1- (1) الكباة: المزبلة والكناسة والتراب الذي يكنس من البيت، قال الزمخشري في فائقه: الكبا - الكناسة وجمعه أكباء، وساق الكلام إلى أن قال: ومنه الحديث: إن أناسا من الأنصار قالوا له: إنا نسمع من قومك: إنما مثل محمد كمثل نخلة نبتت في كبا - وهي بالكسر والقصر -: الكناسة.
2- (2) فرغ إليه: إذا عمد وقصد، ويمكن أن يكون - بالزاي المعجمة والعين - كما في بعض النسخ وهو أنسب، وفزع إليه: أي استغاث واستنصر به وألجأ إليه.
3- (3) الحش - بالتثليث -: البستان، وقيل: النخل، ويكنى به عن المخرج لما كان من عادتهم أن يقضوا حاجتهم في البساتين.
4- (4) يعني به جده عبد المطلب.
5- (5) في بعض النسخ: من والاه والاه الله، ومن عاداه عاداه الله. تتمة

إلا كل مؤمن ولا يبغضه إلا كل كافر، هو زر الأرض بعد وسكها (1) وهو كلمة التقوى، وعروة الله الوثقى، " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره " يريد أعداء الله أن يطفئوا نور أخي ويأبى الله إلا أن يتم نوره، أيها الناس ليبلغ مقالتي شاهدكم غائبكم، اللهم اشهد عليهم، ثم إن الله نظر نظرة ثالثة فاختار أهل بيتي من بعدي وهم خيار أمتي: أحد عشر إماما بعد أخي واحدا بعد واحد، كلما هلك واحد قام واحد، مثلهم في أمتي (2) كمثل نجوم السماء، كلما غاب نجم طلع نجم، إنهم أئمة هداة مهديون، لا يضرهم كيد من كادهم، ولا خذلان من خذلهم، بل يضر الله بذلك من كادهم وخذلهم، هم حجج الله في أرضه، وشهداؤه على خلقه(3) من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله، هم مع القرآن، والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا علي حوضي، وأول الأئمة أخي علي خيرهم ثم ابني حسن، ثم ابني حسين، ثم تسعة من ولد الحسين - وذكر الحديث بطوله (4) 6 - أبان عن سليم، قال: قلت: يا أمير المؤمنين إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن، ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن

ص: 125


1- (1) قال في النهاية: في حديث أبي ذر يصف عليا: وإنه لعالم الأرض وزرها الذي تسكن إليه - أي قوامها، وأصله من زر القلب وهو عظيم صغير يكون قوام القلب به، وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان - انتهى. وزر الأرض - بتقديم المعجمة المكسورة على المهملة المشددة - والعالم - بكسر اللام - فاعل من العلم، وفي خبر آخر عن أبي جعفر _ عليه السلام _ رواه الشيخ - رحمه الله - في الغيبة: يا علي! أنت رز الأرض - بتقديم المهملة على المعجمة، وقال _ عليه السلام _: أعني أوتادها وجبالها ولعل النسخة مصحفة والأصل: زر الأرض كما هنا، والسك: أن تشدد الباب بالحديد.
2- (2) في بعض النسخ، وفي البحار: في أهل بيتي.
3- (3) في بعض النسخ: وهم حجج الله على خلقه في أرضه وشهداؤه عليهم.
4- (4) غيبة النعماني: 83 - 84، البحار: 46 / 278.

النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ تخالف الذي سمعته منكم وأنتم تزعمون أن ذلك باطل، أفترى يكذبون على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ معتدين ويفسرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل علي _ عليه السلام _، فقال لي:

يا سليم قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده حين توفي رحمة الله على نبي الرحمة وصلى الله عليه وآله.

وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس: (رجل) منافق مظهر للايمان متصنع بالاسلام، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله متعمدا، فلو علم المسلمون أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا صاحب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ رآه وسمع منه وهو لا يكذب ولا يستحل الكذب على رسول الله، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال (الله) عز وجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم " ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الاعمال وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك (و) الدنيا إلا من عصم الله، فهذا أول الأربعة. ورجل سمع من رسول الله فلم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يعتمد كذبا، وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا، ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئا أمر به، ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه، ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسول الله، بغضا للكذب وتخوفا من الله وتعظيما لرسوله عليه السلام ولم يوهم، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه ولم يزد فيه ولم ينقص، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ. وإن أمر رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وعام وخاص ومحكم

ص: 126

ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ الكلام له وجهان، كلام خاص وكلام عام مثل القرآن يسمعه من لا يعرف ما عنى الله وما عنى به رسول الله.

وليس كل أصحاب رسول الله كان يسأله فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم، حتى أن كانوا يحبون أن يجئ الطارئ والاعرابي فيسأل رسول الله حتى يسمعوا منه، وكنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، وربما كان ذلك في منزلي فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابني، إذا أسأله أجابني، وإذا سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي، ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني، فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها، وعلمني تأويلها فحفظته وأملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام، أو أمر ونهي أو طاعة ومعصية كان أو يكون إلى يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته، ولم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملا قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى، فقلت له ذات يوم: يا نبي الله إنك منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا مما علمتني، فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته، أتتخوف علي النسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيك، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، قلت يا نبي الله ومن شركائي؟ قال الذين قرنهم الله بنفسه وبي معه، الذين قال في حقهم: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " قلت: يا نبي الله ومن هم (هنا سقط) الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم، فقلت: يا رسول الله سمهم لي، فقال: ابني هذا ووضع

ص: 127

يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابن ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له على اسمي اسمه محمد، باقر علمي وخازن وحي الله، وسيولد علي في حياتك يا أخي فأقرأه مني السلام، ثم أقبل على الحسين فقال سيولد لك محمد بن علي في حياتك فاقرأه مني السلام، ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك يا أخي. فقلت يا نبي سمهم لي، فسماهم لي رجلا رجلا منهم والله - يا أخا بني هلال - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم(1)

ص: 128


1- (1) سليم بن قيس: 103 - 108، (قال سليم): ثم لقيت الحسن والحسين - صلوات الله عليهما - بالمدينة بعد ما قتل أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما فقالا: صدقت قد حدثك أبونا علي بهذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم كما حدثك أبونا سواء لم يزد ولم ينقص. (قال سليم): ثم لقيت علي بن الحسين _ عليه السلام _ وعنده ابنه محمد بن علي - عليهما السلام - فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي فقال علي بن الحسين: قد أقرأني أمير المؤمنين عن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهو مريض وأنا صبي، ثم قال محمد: وقد أقرأني جدي الحسين من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهو مريض السلام (قال أبان) فحدثت علي بن الحسين بهذا كله عن سليم فقال صدق سليم، وقد جاء جابر بن عبد الله الأنصاري إلى ابني وهو غلام يختلف إلى الكتاب فقبله وأقرأه من رسول الله السلام (قال أبان) حججت فلقيت أبا جعفر محمد بن علي فحدثته بهذا الحديث كله لم أترك منه حرفا فاغرورقت عيناه ثم قال: صدق سليم قد أتاني بعد قتل جدي الحسين _ عليه السلام _ وأنا قاعد عند أبي فحدثني بهذا الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت قد حدثك أبي بهذا الحديث عن أمير المؤمنين ونحن شهود، ثم حدثاه ما هما سمعا من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، البحار:

7 - وأسند علي بن محمد القمي، إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال:

دخلت على

ص: 129

رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وقد نزلت آية التطهير، فقال: يا علي هذه نزلت فيك وفي سبطيك والأئمة من ولدك، فقلت: فكم الأئمة بعدك؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: أنت يا علي ثم ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسى ابنه، وبعد موسى علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن، هكذا وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله عنهم، قال: هم الأئمة بعدك مطهرون معصومون، وأعداؤهم ملعونون (1).

8 - وأخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا حميد بن زياد من كتابه وقرأته عليه، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل المنقري(2) عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن إسماعيل بن علي البصري (3) عن أبي أيوب المؤدب، عن أبيه - وكان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد _ عليهما السلام _ - [قال: ج قال: لما توفي (4) رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ دخل المدينة رجل من ولد داود على دين اليهودية، فرأى السكك خالية فقال لبعض أهل المدينة: ما حالكم؟ فقيل: توفي رسول الله، فقال الداودي: أما إنه توفي [في] اليوم الذي هو في كتابنا ثم قال: فأين الناس؟ فقيل له: في المسجد، فأتى المسجد فإذا أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمان بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح والناس، قد غص المسجد بهم، فقال: أوسعوا حتى أدخل وأرشدوني إلى الذي خلفه نبيكم، فأرشدوه إلى أبي بكر، فقال له: إنني من ولد داود على دين اليهودية، وقد جئت لأسأل عن أربعة أحرف فإن خبرت بها أسلمت، فقالوا له: انتظر قليلا، وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه

ص: 130


1- (1) البحار: 36 / 336 ح 199 عن كفاية الأثر: 155. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
2- (2) عنونه العلامة في القسم الثاني من الخلاصة - بعنوان جعفر بن إسماعيل المقرى وقال: كوفي، وعنونه النجاشي وقال: له كتاب النوادر، وذكر طريقه إليه، وفيه: المنقري.
3- (3) لعله أبو علي أو أبو عبد الله البصري المعنون في جامع الرواة، وفي بعض النسخ: علي بن إسماعيل، فالظاهر هو أبو الحسن الميثمي الذي له كتب في الإمامة، وهو أول من تكلم في الإمامة على مذهب الإمامية.
4- (4) هذا الخبر مقطوع لم يسنده إلى المعصوم _ عليه السلام _.

السلام - من بعض أبواب المسجد، فقالوا له: عليك بالفتى، فقام إليه، فلما دنا منه قال له: أنت علي بن أبي طالب؟ فقال له علي: أنت فلان بن فلان بن داود؟ قال: نعم، فأخذ علي يده وجاء به إلى أبي بكر، فقال له اليهودي: إني سألت هؤلاء عن أربعة أحرف فأرشدوني إليك لأسألك، قال: اسأل.

قال: ما أول حرف كلم الله به نبيكم لما أسري به ورجع من عند ربه؟ وخبرني عن الملك الذي زحم نبيكم (1) ولم يسلم عليه، وخبرني عن الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار وكلموا نبيكم؟ وخبرني عن منبر نبيكم أي موضع هو من الجنة؟ قال علي _ عليه السلام _: أول ما كلم الله به نبينا _ عليه السلام _ قول الله تعالى: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه " (2) قال: ليس هذا أردت، قال: فقول رسول الله:

والمؤمنون كل آمن بالله قال: ليس هذا أردت، قال: اترك الامر مستورا. قال: لتخبرني أولست أنت هو، فقال:

أما إذ أبيت فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما رجع من عند ربه والحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل ناداه ملك: يا أحمد، قال: إن الله يقرى عليك السلام ويقول لك: أقرى على السيد الولي منا السلام، فقال رسول الله: من السيد الولي؟ فقال الملك: علي بن أبي طالب، قال اليهودي:

صدقت والله إني لأجد ذلك في كتاب أبي.

فقال علي _ عليه السلام _: أما الملك الذي زحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فملك الموت جاء به من عند جبار من أهل الدنيا قد تكلم بكلام عظيم فغضب الله، فزحم رسول الله ولم يعرفه، فقال جبرئيل:

يا ملك الموت هذا رسول الله أحمد حبيب الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، فرجع إليه فلصق به واعتذر، وقال:

يا رسول الله إني أتيت ملكا جبارا قد تكلم بكلام عظيم فغضبت ولم أعرفك، فعذره.

وأما الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بمالك

ص: 131


1- (1) زحمه زحما وزحاما: ضايقه ودافعه.
2- (2) البقرة: 285.

ولم يضحك منذ خلق قط، فقال له جبرئيل: يا مالك هذا نبي الرحمة محمد فتبسم في وجهه ولم يتبسم لاحد غيره، فقال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: مره أن يكشف طبقا من النار، فكشف فإذا قابيل ونمرود وفرعون وهامان، فقالوا: يا محمد اسأل ربك أن يردنا إلى دار الدنيا حتى نعمل صالحا، فغضب جبرئيل فقال بريشة(1) ع من ريش جناحه فرد عليهم طبق النار.

وأما منبر رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فإن مسكن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ جنة عدن هي جنة خلقها الله بيده ومعه فيها اثنا عشر وصيا، وفوقها قبة يقال لها: قبة الرضوان، وفوق قبة الرضوان منزل يقال له الوسيلة، وليس في الجنة منزل يشبهه وهو منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال اليهودي: صدقت والله إنه لفي كتاب أبي داود يتوارثونه واحد بعد واحد حتى صار إلي ثم أخرج كتابا فيه ما ذكره مسطورا بخط داود، ثم قال: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنه الذي بشر به موسى - عليه السلام - وأشهد أنك عالم هذه الأمة ووصي رسول الله (2) قال: فعلمه أمير المؤمنين شرائع الدين.

ص: 132


1- (1) أي أشار، وفي معنى القول توسع.
2- (2) غيبة النعماني: 99 - 102، وفيه: فتأملوا يا معشر الشيعة - رحمكم الله - ما نطق به كتاب الله عز وجل وما جاء عن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وعن أمير المؤمنين والأئمة - عليهم السلام - واحد بعد واحد في ذكر الأئمة الاثني عشر وفضلهم وعدتهم من طرق رجال الشيعة الموثقين عند الأئمة. فانظروا إلى اتصال ذلك ووروده متواترا، فإن تأمل ذلك يجلو القلوب من العمى وينفي الشك ويزيل الارتياب عمن أراد الله به الخير ووفقه لسلوك طريق الحق، ولم يجعل لإبليس على نفسه سبيلا بالاصغاء إلى زخارف المموهين وفتنة المفتونين. وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة _ عليهم السلام _ خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم من حملة حديث أهل البيت _ عليهم السلام _ وأقدمها لان جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين _ عليه السلام _ والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأمير المؤمنين _ عليه السلام _ وسمع منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويعول عليها، وإنما أوردنا بعض ما اشتمل عليه الكتاب وغيره من وصف رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ الأئمة الاثني عشر ودلالته عليهم وتكريره ذكر عدتهم، وقوله إن الأئمة من ولد الحسين تسعة تاسعهم قائمهم ظاهرهم باطنهم وهو أفضلهم، وفي ذلك قطع لكل عذر، وزوال لكل شبهة، ودفع لدعوى كل مبطل، وزخرف كل مبتدع، وضلالة كل مموه، ودليل واضح على صحة أمر هذه العدة من الأئمة لا يتهيأ لاحد من أهل الدعاوي الباطلة - المنتمين إلى الشيعة وهم منهم براء - أن يأتوا على صحة دعاويهم وآرائهم بمثله، ولا يجدونه في شئ من كتب الأصول التي ترجع إليها الشيعة ولا في الروايات الصحيحة، والحمد لله رب العالمين. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.

9 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي - رضي الله عنه - قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن نصر (1) عن الحسن ابن موسى الخشاب، قال: حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري(2) عن إسماعيل بن همام، عن عمران بن قرة، عن أبي محمد المدني، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش قال: حدثنا سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليا - عليه السلام - يقول: ما نزلت على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها، ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله عز وجل لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله عز وجل من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي، وما كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله عز وجل أن يملا قلبي علما وفهما وحكمة ونورا، لم أنس من ذلك شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه، فقلت: يا رسول الله أتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال _ صلى الله عليه وآله وسلم _: لست أتخوف عليك نسيانا ولا جهلا، وقد أخبرني ربي جل جلاله أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عز وجل بنفسه وبي، فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " الآية، فقلت: يا

ص: 133


1- (1) في بعض النسخ: محمد بن نصير.
2- (2) في بعض النسخ: الحسن بن بهلول ولم نظفر به على كلا العنوانين.

رسول الله ومن هم؟ قال: الأوصياء مني إلى أن يردوا علي الحوض كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أمتي وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم البلاء ويستجاب دعاؤهم. قلت: يا رسول الله: سمهم لي، فقال: ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين _ عليه السلام _ - ثم ابن له يقال له علي وسيولد في حياتك فأقرأه مني السلام، ثم تكمله اثني عشر، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمهم لي [رجلا فرجلا] فسماهم رجلا رجلا، فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمتي محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم (1).

10 - أسند علي بن محمد بن علي برجاله، إلى الأصبغ بن نباتة، إلى علي - عليه السلام -، قال: كنت عند النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في بيت - أم سلمة - فدخل سلمان وأبو ذر والمقداد وابن عوف وجماعة، فقال سلمان: يا رسول الله إن لكل نبي وصيا، وسبطين، فمن وصيك وسبطاك؟ فأطرق، ثم قال: إن الله تعالى بعث أربعة آلاف نبي وكان لهم أربعة آلاف وصي وثمانية آلاف سبط، والذي نفسي بيده لأنا خير الأنبياء، ووصيي خير الأوصياء، وسبطاي خير الأسباط.

إن آدم أوصى إلى ابنه شيت، وشيت إلى سنان، وسنان إلى مجلث، ومجلث إلى محوق، إلى عثميثا، إلى اخنوخ، إلى ياخور، إلى نوح، إلى سام، إلى عتامر، إلى برعيثاشا، إلى يافث، إلى بره، إلى حفيسة، إلى عمران، إلى إبراهيم، إلى إسماعيل، إلى إسحاق، إلى يعقوب، إلى يوسف، إلى ريثا، إلى شعيب، إلى موسى، إلى يوشع، إلى داود، إلى سليمان، إلى آصف، إلى زكريا، إلى عيسى، إلى شمعون، إلى يحيى، إلى منذر، إلى سلمه، إلى برده، ودفعها برده إلي، وأنا أدفعها إليك يا علي، وأنت تدفعها إلى الحسن، والحسن إلى الحسين، والحسين إلى ابنه علي، وعلي إلى ابنه محمد، ومحمد إلى ابنه جعفر، وجعفر إلى ابنه موسى،

ص: 134


1- (1) كمال الدين: 1 / 284 - 285، منتخب الأثر: 34. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.

وموسى إلى ابنه علي، وعلي إلى ابنه محمد، ومحمد إلى ابنه علي، وعلي إلى ابنه الحسن، والحسن إلى ابنه القائم، ثم يغيب عنهم إمامهم ما شاء الله.

ثم رفع صوته وقال: الحذر الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي، ثم يخرج من - اليمن - من قرية يقال لها: كرعة، ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه (1) 11 - وأسند الحاجب برجاله، إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _: قول النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _: رأيت ليلة الأسرى في السماء قصورا من ياقوت، ثم وصفها بما فيها من الفرش والثمار، فسألت جبرائيل، لمن هي؟ فقال: لشيعة علي أخيك وخليفتك على أمتك، وهم قوم يدعون في آخر الزمان باسم يراد به عيبهم يسمون الرافضة وإنما هو زين لهم، لأنهم رفضوا الباطل، وتمسكوا بالحق، ولشيعة ابنه الحسن من بعده، ولشيعة أخيه الحسين من بعده، ولشيعة علي بن الحسين من بعده، ولشيعة محمد بن علي من بعده، ولشيعة ابنه جعفر بن محمد من بعده، ولشيعة موسى بن جعفر من بعده، ولشيعة علي ابنه من بعده، ولشيعة ابنه محمد بن علي من بعده، ولشيعة ابنه علي بن محمد من بعده، ولشيعة ابنه الحسن بن علي من بعده، ولشيعة ابنه محمد المهدي من بعده.

يا محمد هؤلاء الأئمة من بعدك أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وشيعتهم ومحبيهم شيعة الحق، وموالي الله ورسوله، الذين رفضوا الباطل واجتنبوه، وقصدوا الحق واتبعوه، يتولونهم في حياتهم، ويزورونهم بعد وفاتهم، متناصرون متعاضدون، على محبيهم رحمة الله عليهم، رحمة الله عليهم، إنه غفور رحيم (2).

12 - أسند الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه، إلى ابن نباتة، قال: خرج علينا علي _ عليه السلام _ وفي يده يد ولده الحسن _ عليه السلام _ وقال: هكذا خرج النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ويده في

ص: 135


1- (1) الصراط المستقيم: 2 / 153 - 154. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
2- (2) المصدر نفسه: 150 - 151. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.

يدي، وقال: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام كل مسلم ومولى كل مؤمن، وأنا أقول في ابني هذا مثل قوله، ألا إنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وخير الخلق بعده الحسين الشهيد - عليه السلام -، ومن بعده تسعة من صلبه، خلفاء الله في أرضه، وحججه على عباده، تاسعهم القائم لقد نزل بذلك الوحي.

وسئل النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ عنهم وأنا عنده، فقال: " والسماء ذات البروج " (1) ثم إنهم كعدد البروج، أولهم هذا، ووضع يده على رأسي، وآخرهم المهدي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، وهم خلفائي وأئمة المسلمين بعدي (2) 13 - وأسند الحاجب إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من سره أن يلقى الله وهو عنه راض فليتولك يا علي، ومن أحب أن يلقى الله مقبلا عليه فليتول ابنك الحسن، ومن أحب أن يلقى الله لا خوف عليه فليتول ابنك الحسين، ومن أحب أن يلقاه وقد محص عنه ذنوبه فليتول علي بن الحسين، ومن أحب أن يلقاه وقد رفعت درجاته وبدلت بالحسنات سيئاته فليتول محمد بن علي، ومن أحب أن يلقى الله وهو قرير العين فليتول جعفر بن محمد، ومن أحب أن يلقى الله وهو مطهر فليتول ابنه موسى، ومن أحب أن يلقى الله وهو ضاحك فليتول ابنه عليا الرضا، ومن أحب أن يلقاه فيعطيه كتابه بيمينه فليتول ابنه محمدا، ومن أحب أن يلقاه فيحاسبه حسابا يسيرا ويدخل الجنة فليتول ابنه عليا، ومن أحب أن يلقاه وهو من الفائزين فليتول ابنه الحسن، ومن أحب أن يلقاه وقد كمل إيمانه فليتول ابنه محمدا المنتظر.

فهؤلاء مصابيح الدجى وأئمة الهدى، من تولاهم كنت ضامنا له على الله الجنة (3).

ص: 136


1- (1) البروج / 1.
2- (2) كمال الدين: 150، عنه الصراط المستقيم: 2 / 123 - 124.
3- (3) الصراط المستقيم: 2 / 148. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.

14 - وأسند أخطب خوارزم برجاله إلى علي بن أبي طالب _ عليه السلام _:

قول النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _: أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر، وعلي بن الحسين الفارس، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين، وقامع المنافقين، وعلي بن موسى معين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور العين، والحسن بن علي سراج أهل الجنة، والمهدي شفيعهم يوم القيامة (1) 15 - وعنه، عن محمد بن الحسين الكوفي، عن إسماعيل بن موسى، عن محمد بن سليمان، عن محمد بن جرير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن القيس، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في حديث طويل قال: إنه لعهد عهده إلي رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن هذا الامر يملكه اثنا عشر إماما، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبي صلى الله عليه و آله وسلم: لما أسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته به، ورأيت اثني عشر نورا فقلت: يا رب أنوار من هذه؟ فنوديت يا محمد، هذه أنوار الأئمة من ذريتك، قلت: يا رسول الله إلا تسميهم لي؟ قال: نعم، أنت الامام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالباقر، وبعد محمد جعفر ابنه يدعى بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي، وبعد محمد ابنه علي يدعى بالنقي، وبعد علي ابنه الحسن يدعى بالأمين، والقائم من ولد الحسن سميي وأشبه الناس بي، يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (2)

ص: 137


1- (1) الصراط المستقيم: 2 / 150، وقال: ورواه أيضا الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن شاذان مسندا إلى علي _ عليه السلام _. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
2- (2) اثبات الهداة: 3 / 554.

16 - علي بن الحسن (الحسين نخ) بن مندة، عن محمد بن الحسين (الحسن نخ) الكوفي المعروف - بأبي الحكم - عن إسماعيل بن موسى بن إبراهيم، عن (محمد بن نخ) سليمان بن حبيب، عن شريك، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة ابن قيس، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في الخطبة المعروفة - باللؤلؤة - أنه قال بعد ما قال عامر بن كثير: يا أمير المؤمنين! لقد أخبرتنا عن أئمة الكفر، وخلفاء الباطل، فأخبرنا عن أئمة الحق، وألسنة الصدق بعدك.

قال _ عليه السلام _: نعم، إنه لعهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا الامر يملكه اثنا عشر إماما، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _: لما عرج بي إلى السماء، نظرت إلى ساق العرش، فإذا مكتوب عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته بعلي، ورأيت اثني عشر نورا.

فقلت: يا رب أنوار من هذه؟ فنوديت: يا محمد! هذه الأنوار الأئمة من ذريتك.

قلت: يا رسول الله أفلا تسميهم لي؟ قال: نعم، أنت الامام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك - الحسن والحسين - وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين، وبعد علي ابنه محمد يدعى - بالباقر - وبعد محمد ابنه جعفر يدعى - بالصادق - وبعد جعفر ابنه موسى يدعى - بالكاظم - وبعد موسى ابنه علي يدعى - بالرضا - وبعد علي ابنه محمد يدعى - بالزكي - وبعد محمد ابنه علي يدعى - بالنقي - وبعد علي ابنه الحسن يدعى - بالأمين (بالعسكري نخ) - وبعده القائم من ولد الحسن سميي، وأشبه الناس بي، يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (1) الحديث.

17 - (قال سليم): فلما قتل محمد بن أبي بكر - بمصر -، وعزينا أمير المؤمنين _ عليه السلام _، فحدثته بما حدثني به محمد، وخبرته: بما خبرني به عبد الرحمان بن غنم.

قال _ عليه السلام _: صدق محمد - رحمه الله - أما إنه شهيد حي يرزق، (يا سليم)!

ص: 138


1- (1) كفاية الأثر:

إن أوصيائي أحد عشر رجلا من ولدي أئمة كلهم محدثون.

قلت: يا أمير المؤمنين من هم؟ قال _ عليه السلام _: ابني هذا الحسن، ثم ابني هذا الحسين، ثم ابني هذا وأخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين وهو رضيع ثم ثمانية من ولده واحدا بعد واحد، هم الذين أقسم الله بهم، فقال: " ووالد وما ولد " فالوالد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا وما ولد، يعني - هؤلاء الأحد عشر أوصياء.

قلت: يا أمير المؤمنين! فيجتمع إمامان.

قال _ عليه السلام _: نعم، إلا أن واحدا صامت، لا ينطق حتى يهلك الأول (1).

18 - وبهذا الاسناد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لعلي _ عليه السلام _: إني سمعت من سلمان ومن المقداد ومن أبي ذر أشياء من تفسير القرآن ومن الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [غير ما في أيدي الناس] ثم سمعت منك تصديقا لما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة في تفسير القرآن ومن الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخالفونهم فيها ويزعمون أن ذلك (2) كان كله باطلا، أفترى أنهم يكذبون على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي _ عليه السلام _ وقال: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما (3) وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد

ص: 139


1- (1) سليم بن قيس: 327.
2- (2) في بعض النسخ ومن الأحاديث عن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك وفي خصال الصدوق هكذا أيضا.
3- (3) قوله حقا وباطلا وصدقا وكذبا ذكر الصدق والكذب بعد الحق والباطل من قبيل ذكر الخاص بعد العام، لان الصدق والكذب من خواص الخبر، والحق والباطل يصدقان على الأفعال أيضا، وقيل: الحق والباطل هنا من خواص الرأي والاعتقاد، والصدق والكذب من خواص النقل والرواية. وقوله: محكما ومتشابها المحكم في اللغة هو المضبوط المتقن، ويطلق في الاصطلاح على ما اتضح معناه، وعلى ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص أو منهما معا، وعلى ما كان نظمه مستقيما خاليا عن الخلل، وما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا، ويقابله بكل من هذه المعاني المتشابه. وقوله وهما بفتح الهاء - مصدر قولك: وهمت - بالكسر - أي غلطت وسهوت، وقد روى وهما بالتسكين - مصدر وهمت - بالفتح - إذا ذهب وهمك إلى شئ وأنت تريد غيره، والمعنى متقارب - كما قاله في البحار.

كثرت علي الكذابة (1) فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (2) ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للايمان، متصنع للاسلام باللسان، لا يتأثم(3) ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ متعمدا، فلو علم الناس (4) أنه منافق كاذب ما قبلوا منه، ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد رآه وسمع منه [وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله] (5) وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك (6) ووصفهم بما وصفهم، فقال عز وجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم " (7) ثم بقوا بعد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم

ص: 140


1- (1) بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثر علي كذبة الكذابين.
2- (2) قوله: فليتبوأ بصيغة الامر ومعناه الخبر كقوله تعالى: (من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا).
3- (3) متصنع بالاسلام أي متكلف له ومتدلس به غير متصف به في نفس الامر. وقوله: لا يتأثم أي لا يكف نفسه عن موجب الاثم، أو لا يعد نفسه آثما بالكذب عليه صلوات الله عليه، وكذا قوله: لا يتحرج من الحرج بمعنى الضيق أي لا يتجنب الاثم.
4- (4) في بعض النسخ: فلو علم المسلمون والمتن موافق للكافي والخصال.
5- (5) ما بين القوسين كان في بعض النسخ دون بعض ولكنه موجود في الخصال والكافي، وقوله: وهم لا يعرفون حاله ذلك لكون ظاهره ظاهرا حسنا، وكلامه كلاما مزيفا وذلك يوجب اغترار الناس به وتصديقهم له فيما أخبر به أو نقل عن غيره.
6- (6) كذا في نهج البلاغة أيضا، وفي الخصال والكافي وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره.
7- (7) المنافقين: 3. ويرشد _ عليه السلام _ بذلك إلى أنه سبحانه خاطب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) لصباحتهم وحسن منظرهم، (وإن يقولوا تسمع لقولهم) أي تصغي إليهم لذلاقة ألسنتهم.

وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان حتى ولوهم الاعمال وحملوهم على رقاب الناس (1) وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله عز وجل، فهذا أحد الأربعة.

ص: 141


1- (1) أي أن أئمة الضلال بسبب وضع الاخبار أعطوا هؤلاء المفترين الوضاعين الولايات وسلطوهم على رقاب الناس، وقصد المنافقون بجعلهم الاخبار التقرب إلى الأمراء لينالوا من دنياهم، وقد افتعل في أيام خلافة بني أمية لا سيما زمان معاوية بن أبي سفيان حديث كثير على هذا الوجه جدا جلها في المناقب، أعني: مناقب الخلفاء وولائجهم، وبعضها في الطعن على أهل الحق الذين تحزبوا عن أهل الباطل ولجأوا إلى الحصن الحصين أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _. ومن مفتعلاتهم ما رواه أبو هريرة الدوسي أو رووا عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر، أيد الله عمر بملكين يوفقانه ويسددانه، فإذا أخطأ صرفاه حتى يكون صوابا وذكره السيوطي في الموضوعات. وعنه أيضا قال: خرج النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ متكئا على علي بن أبي طالب فاستقبله أبو بكر وعمر فقال _ صلى الله عليه وآله وسلم _: يا علي أتحب هذين الشيخين؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: حبهما تدخل الجنة رواه الخطيب في تاريخه وعده السيوطي من الموضوعات، ونقل أبو نعيم في الحلية مسندا عن أبي هريرة مرفوعا عن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ما من مولود إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته [فإذا دنا أجله قبضه الله من التربة التي منها خلق وفيها يدفن] وخلقت أنا وأبو بكر وعمر من طينة واحدة وندفن فيها في بقعة واحدة قال: أبو عاصم ما نجد فضيلة لابي بكر وعمر مثل هذه لان طينتهما من طينة رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ومعه دفنا وذكره السيوطي أيضا في الموضوعات. ونص الطبري في تاريخه وغيره أن عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة على البحرين واليمامة. ثم عزله بعد عامين لخيانته، واستنقذ منه ما اختلسه من أموال المسلمين وقال له: إني استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار، وضربه بالدرة حتى أدماه. فرجع إلى حاله الأول وبقي إلى زمان خلافة عثمان فانضم إليه وأخذ يفتعل الأحاديث في فضله لينال من دنياه فقال قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: إن لكل نبي رفيقا في الجنة ورفيقي فيها عثمان ذكره الترمذي في صحيحه وقال الذهبي في ميزانه ببطلانه. وقال أيضا قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: لكل نبي خليل في أمته وإن خليلي عثمان بن عفان ذكره السيوطي في الجامع الصغير. وقال الذهبي في الميزان ببطلانه. إلى غير ذلك من أمثاله. ومن ذلك ما رواه أبو العباس الزورقي في كتاب شجرة العقل عن عبد الله بن الحضرمي - عامل عثمان بن عفان على مكة - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمر: لو لم أبعث لبعثت وقد ذكره السيوطي في الموضوعات. وروى أن سمرة بن جندب أعطاه معاوية بن أبي سفيان من بيت المال أربعمائة ألف درهم على أن يخطب في أهل الشام بأن قوله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) الآية، أنها نزلت في علي بن أبي طالب [_ عليه السلام _ ج وأن قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) نزل في ابن ملجم أشقى مراد، فقيل: فعل ذلك. واستخلفه زياد على البصرة فقتل فيها ثمانية آلاف من الناس، كما نص عليه الطبري وغيره. وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه الذي كان من أعلام المحدثين في تاريخه نحو ما تقدم ثم

ورجل سمع من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ شيئا ولم يحفظه على وجهه فوهم فيه ولم يتعمد كذبا فهو في يديه ويقول به ويعمل به ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ شيئا أمر به، ثم نهى عنه، وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شئ، ثم أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم الناس إذا سمعوا منه أنه منسوخ لرفضوه (1) ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضا للكذب وخوفا من الله عز وجل، وتعظيما لرسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ولم يسه(2) بل حفظ الحديث على وجهه، فجاء به كما

ص: 142


1- (1) المنسوخ ما رفع حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه وإنما النسخ يكون في الأحاديث الواردة عن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فحسب دون أوصيائه إذ لا معنى لنسخ حكم من الاحكام بعده _ عليه السلام _.
2- (2) في بعض ولم يتوهم.

سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ والمنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وإن أمر رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ (1) وعام وخاص، ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص (2) لا مثل القرآن [قال الله عز وجل في كتابه " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا "] (3) يسمعه من لا يعرف [ولم يدر] (4) ما عنى الله عز وجل، ولا ما عنى به رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وليس كل أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم حتى أنهم كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي أو الطاري (5) فيسأل رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ حتى يسمعوا، وقد كنت أنا أدخل على رسول الله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة (6) فيخليني فيها [خلوة أدور معه حيث دار] وقد علم أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، [فربما كان ذلك في بيتي، يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه في بعض منازله أخلاني، وأقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من ابني وكنت إذا ابتدأت أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ودعا الله أن يحفظني ويفهمني، فما نسيت شيئا قط مذ دعا لي، وإني قلت لرسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : يا نبي الله إنك منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس مما علمتني شيئا وما تمليه

ص: 143


1- (1) خبر ثان لان، أو بدل من مثل وحينئذ جرهما على البدلية من القرآن ممكن وقيام البدل مقام المبدل منه غير لازم عند كثير من المحققين كما ذكره شيخنا البهائي - قدس سره -.
2- (2) في بعض النسخ وجهان عام وخاص وقوله: قد كان يكون اسم كان ضمير الشأن ويكون تامة وهي مع اسمها الخبر، وله وجهان نعت للكلام لأنه في حكم النكرة أو حال منه.
3- (3) الحشر: 7.
4- (4) كذا وفي الخصال والكافي فيشتبه على من لا يعرف ولم يدر.
5- (5) الطارئ هو الغريب الذي أتاه عن قريب من غير انس به وبكلامه، وإنما كانوا يحبون قدومهما أما لاستفهامهم وعدم استعظامهم إياه أو لأنه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كان يتكلم على وفق عقولهم فيوضحه حتى يفهم غيرهم (قاله العلامة المجلسي - رحمه الله -).
6- (6) الدخلة: المرة من الدخول، وأخلاه وبه ومعه: اجتمع معه في خلوة.

علي فلم تأمرني بكتبه أتتخوف علي النسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوف عليك (1) النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني الله عز وجل أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، وإنما تكتبه لهم، قلت: يا رسول الله ومن شركائي؟ قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي، فقال: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " فإن خفتم تنازعا في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الامر منكم (2) فقلت: يا نبي الله ومن هم؟ قال: الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم خذلان من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم تنصر أمتي ويمطرون، ويدفع عنهم بعظائم دعواتهم (3) قلت: يا رسول الله سمهم لي، فقال: ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين - ثم ابن له على اسمك يا علي، ثم ابن له محمد بن علي، ثم أقبل على الحسين وقال: سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكمله اثني عشر إماما، قلت: يا نبي الله سمهم لي، فسماهم رجلا رجلا.

منهم والله يا أخا بني هلال مهدي هذه الأمة (4) الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

19 - حدثني علي بن الحسن بن مندة قال: حدثنا محمد بن الحسين المعروف الكوفي المعروف بأبي الحكم قال: حدثنا إسماعيل بن موسى بن إبراهيم قال:

حدثني سليمان بن حبيب قال: حدثني شريك، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن علقمة ابن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها:

ص: 144


1- (1) في الخصال والكافي لست أخاف عليك.
2- (2) كذا، وهذا مضمون مأخوذ من الآية لا لفظها.
3- (3) في بعض النسخ بمستجابات دعواتهم.
4- (4) في بعض النسخ مهدي أمة محمد.

ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية وإماتة ما أحياه الله وإحياء ما أماته الله، واتخذوا صوامعكم بيوتكم، وعضوا على مثل جمر الغضا، فاذكروا الله ذكرا كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون.

ثم قال: وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيلة والفرات، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد المستسقا والمرمر والرخام وأبواب العاج والأبنوس والخيم والقباب والشارات وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر والخشب وشيدت بالقصور وتوالت عليها ملك (ملوك) بني الشيصبان أربعة وعشرون ملكا على عدد سني الملك الكديد، فيهم السفاح والمقلاص والجموع والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعشار والمصطلم والمستصعب والعلام والرهباني والخليع والسيار والمسرف والكديد والأكتب والمترف والأكلب والوشيم والظلام والعيوق، وتعمل القبة الغبراء ذات القلاة الحمراء في عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب الدرية، ألا وإن لخروجه علامات عشرا: أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ويقارب من الحاوي ويقع فيه هرج ومرج وشغب وتلك علامات الخصب، ومن العلامة إلى العلامة عجب، فإذا انقضت العلامات العشر إذ ذاك يظهر بنا القمر الأزهر وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد... نعم إنه لعهد عهده إلي رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن الامر يملكه اثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين ولقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ورأيت اثني عشر نورا فقلت: يا رب أنوار من هذه؟ فنوديت يا محمد هذه الأنوار الأئمة من ذريتك، قلت: يا رسول الله أفلا تسميهم لي؟ قال: نعم أنت الامام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين وبعد علي ابنه محمد يدعى الباقر، وبعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق، وبعد جعفر موسى يدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي، وبعد (*)

ص: 145

محمد ابنه علي يدعى بالنقي، وبعده ابنه الحسن يدعى بالأمين، والقائم من ولد الحسن سميي وأشبه الناس بي، يملوها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (1) 20 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن حنان بن السراج، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل قال: شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي - عليه السلام - جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل [الوجه] بهي، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياك أعني وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم

ص: 146


1- (1) كفاية الأثر: 213 - 219، مشارق البرسي: 164 - 166، وقال: ومن ذلك ما ورد عنه في خطبة الافتخار، رواها الأصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فقال في خطبته: وفي آخرها... وإني ظاعن عن قريب، فارتقبوا... والدولة الكسروية ثم تقبل دولة بني العباس بالفرح والبأس، وتبنى... الزوراء... ملعون من سكنها، منها تخرج طينة الجبارين تعلى فيها القصور، وتسبل الستور، ويتعلون بالمكر والفجور، فيتداولها بنو العباس 42 ملكا على عدد سني الملك، ثم الفتنة الغبراء، والقلادة الحمراء في عنقها قائم الحق، ثم أسفر عن وجهي بين أجنحة الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب، ألا وإن لخروجي... أولها تحريف الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحاج، وخسف وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب واقتران النجوم، وهرج ومرج وقتل ونهب، فتلك علامات عشر، ومن العلامة... فإذا تمت العلامات قام قائمنا، قائم الحق، البحار:

ذاك؟ قال: إني جئتك مرتادا لنفسي، شاكا في ديني، فقال: دونك هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، فأقبل اليهودي على علي _ عليه السلام _ فقال:

أكذاك أنت؟ قال: نعم، قال: إني أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة، قال: فتبسم أمير المؤمنين _ عليه السلام _ من غير تبسم وقال: يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا؟ قال:

أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم، قال علي _ عليه السلام _: فإني أسألك بالإله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني؟ قال: ما جئت إلا لذاك، قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت على وجه الأرض، أي عين هي؟ وأول شئ اهتز على وجه الأرض أي شئ هو؟ فأجابه أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فقال له: أخبرني عن الثلاث الاخر، أخبرني عن محمد كم له من إمام عدل؟ وفي أي جنة يكون؟ ومن ساكنه (مساكنه) معه في جنته؟ فقال: يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم في الدين أرسب (أرسى) من الجبال الرواسي في الأرض، ومسكن محمد في جنته معه أولئك الاثنا عشر الامام العدل، فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده، وإملاء موسى عمي _ عليهما السلام _ (1)

ص: 147


1- (1) الكافي: 1 / 529 - 530، وفي: 1 / 531 - 532 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن مسعدة ابن زياد، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيى المدائني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه، حتى رفع إلى عمر فقال له: يا عمر إني جئتك أريد الاسلام، فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما أريد أن أسأل عنه، قال: فقال له عمر: إني لست هناك لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - فأومأ إلى علي - عليه السلام - قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة، فقال له علي _ عليه السلام _: يا يهودي ولم لم تقل: أخبرني عن سبع، فقال له اليهودي: إنك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الأرض وأفضلهم وأولى الناس بالناس، فقال له: سل عما بدا لك يا يهودي قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الأرض؟ وأول شجرة غرست على وجه الأرض؟ وأول عين نبعت على وجه الأرض؟ فأخبره أمير المؤمنين - عليه السلام -، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه في الجنة؟ فقال له أمير المؤمنين - عليه السلام -: إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها، وهم مني، وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن، وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته، وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد. غيبة النعماني: 97 - 99 - أخبرنا أبو العبا س أحمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدثنا محمد ابن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الأشعري من كتابه قال: حدثنا إبراهيم بن مهزم قال: حدثنا خاقان بن سليمان الخزاز، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر ابن أبي سلمة - ربيب رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وعن أبي الطفيل عامر بن وائلة، قال: قالا: - كما في رواية الكافي الثانية - بتفاوت -، البحار: 36 / 374 - 381، الاحتجاج: 1 / 226 - 227، الخصال: 2 / 476 - 477، إثبات الهداة: 1 / 458 - آخره - عن رواية الكافي الثانية، وقال: ورواه الشيخ في كتاب الغيبة، منتخب الأثر: 62، كمال الدين: 1 / 294 - 296، و 297 - 299، و 299 - 300 - كما في رواية الكافي الأولى، بسند آخر عن أبي الطفيل، و 300 مختصرا، و 300 - 302، إعلام الورى:

....................................

..

ص: 148

الباب الرابع

الفصل الأول: المهدي في القرآن

ص: 149

ص: 150

- 11 - المهدي في القرآن

" ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا " (الأحزاب: 61 - 62).

1 - قال ابن أبي الحديد: وهذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير، وهي متداولة منقولة مستفيضة، خطب بها علي _ عليه السلام _ بعد انقضاء أمر النهروان، وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي (رحمه الله)... منها: - فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فأنصروهم، فليفرجن الله الفتنة برجل منا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا، موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر، حتى تقول قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني أمية حتى يجعلهم حطاما ورفاتا، " ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا " (1)

ص: 151


1- (1) شرح النهج الحديدي: 7 / 58، منتخب الأثر: 238، البحار: 8 / 641، كلاهما عن شرح النهج الحديدي، ينابيع المودة: 498 - عن شرح نهج البلاغة. فإن قيل: ومن هذا الرجل الموعود به الذي قال _ عليه السلام _ عنه: بأبي ابن خيرة الإماء؟ قيل: أما الامامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر، وأنه ابن أمة اسمها نرجس، وأما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان، لام ولد، وليس بموجود الآن. فإن قيل: فمن يكون من بني أمية في ذلك الوقت موجودا، حتى يقول _ عليه السلام _ في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم، حتى يودوا لو أن عليا _ عليه السلام _، كان المتولي لأمرهم عوضا عنه؟ قيل: أما الامامية فيقولون بالرجعة، ويزعمون أنه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية وغيرهم، إذا ظهر إمامهم المنتظر، وأنه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم، ويسمل عيون بعضهم، ويصلب قوما آخرين، وينتقم من أعداء آل محمد _ عليه السلام _ المتقدمين والمتأخرين. وأما أصحابنا فيزعمون أنه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلا من ولد فاطمة _ عليها السلام _ ليس موجودا الآن، وأنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، وينتقم من الظالمين وينكل بهم أشد النكال، وأنه لام ولد، كما قد ورد في هذا الأثر وفي غيره من الآثار، وأن اسمه محمد كاسم رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأنه إنما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الاسلام ملك من أعقاب بني أمية، وهو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح، من ولد أبي سفيان بن حرب بن أمية، وأن الامام الفاطمي يقتله ويقتل أشياعه من بني أمية وغيرهم، وحينئذ ينزل المسيح _ عليه السلام _ من السماء، وتبدو أشراط الساعة، وتظهر دابة الأرض، ويبطل التكليف، ويتحقق قيام الأجساد عند نفخ الصور، كما نطق به الكتاب العزيز. فإن قيل: فإنكم قلتم فيما تقدم: إن الوعد إنما هو بالسفاح وبعمة عبد الله بن علي، والمسودة، وما قلتموه الآن مخالف لذلك! قيل: إن ذلك التفسير هو تفسير ما ذكره الرضي (رحمه الله تعالى) من كلام أمير المؤمنين - عليه السلام - في نهج البلاغة وهذا التفسير هو تفسير الزيادة التي لم يذكرها الرضي، وهي قوله بأبي ابن خيرة الإماء وقوله: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا فلا مناقضة بين التفسيرين.

2 - أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن خالد، عن الحسن بن المبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الهمداني، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أنه قال:

المهدي أقبل، جعد، بخده خال، يكون مبدؤه من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه.

ويأتي المدينة بجيش جرار، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله عز وجل في كتابه: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " (1).

ص: 152


1- (1) غيبة النعماني: 304، البحار: 52 / 252 - عن غيبة النعماني، منتخب الأثر: 454 - عن المحجة وينابيع المودة، البرهان: 3 / 354 - عن غيبة النعماني بتفاوت يسير، وفي سنده: عبد الله بن موسى بدل عبيد الله بن موسى، ينابيع المودة: 427 - مختصرا، عن المحجة، المحجة: 177 - عن غيبة النعماني بتفاوت يسير في سنده ومتنه.

3 - وفيما خبر عن علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه - في ذكر الفتن بالشام قال:

... فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد على أثره ليستولي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي.

وقد قال بعض الناس إن هذا قد مضى وذلك خروج زياد بن عبد الله بن خالد ابن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بحلب وبيضوا ثيابهم وأعلامهم وادعوا الخلافة فبعث أبو العباس عبد الله (بن محمد) بن علي بن عبد الله بن عباس أبا جعفر إليهم فاصطلموهم عن آخرهم.

ويزعم آخرون أن لهذا الموعود شابا وصفه لم يوجد لزياد بن عبد الله، ثم ذكروا أنه من ولد يزيد بن معاوية عليهما اللعنة بوجهه آثار الجدري، وبعينه نكتة بياض، يخرج من ناحية دمشق ويثيب خيله وسراياه في البر والبحر فيبقرون بطون الحبالى وينشرون الناس بالمناشير ويطبخونهم في القدور، ويبعث جيشا له إلى المدينة فيقتلون ويأسرون ويحرقون ثم ينبشون عن (قبر) النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبر فاطمة _ عليها السلام _، ثم يقتلون كل من اسمه محمد وفاطمة ويصلبونهم على باب المسجد فعند ذلك يشتد غضب الله عليهم فيخسف بهم الأرض، وذلك قوله تعالى: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " أيمن تحت أقدامهم، وفي خبر آخر أنهم يخربون المدينة حتى لا يبقى رائح ولا سارح (1) " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن

ص: 153


1- (1) البدء والتاريخ: 2 / 177.

ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم " (محمد - 4).

4 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن موسى الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وعلي بن عبد الله الوراق - رضي الله عنهم - قالوا:

حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله ابن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول: قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _: لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _، أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم، قلت: يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن، فقال - عليه السلام -:

... وأما الثالثة والخمسون، فإن الله تبارك وتعالى لن يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم، يقتل مبغضينا ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والأصنام، وتضع الحرب أوزارها، ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسوية ويعدل في الرعية (1).

" والمؤتفكة أهوى " (النجم - 53).

5 - وقوله: " والمؤتفكة أهوى " قال: المؤتفكة البصرة، والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين _ عليه السلام _:

يا أهل البصرة، ويا أهل المؤتفكة، يا جند المرأة وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم، ماؤكم زعاق، وأحلامكم رقاق، وفيكم ختم النفاق، ولعنتم على لسان سبعين نبيا.

إن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أخبرني أن جبرئيل - عليه السلام - أخبره أنه طوي له الأرض فرأى

ص: 154


1- (1) الخصال: 2 / 572 - 579، إثبات الهداة: 3 / 496 - عن الخصال.

البصرة أقرب الأرضين من الماء، وأبعدها من السماء وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال، المقيم فيها مذنب، والخارج منها (متدارك) برحمة، وقد ائتفكت بأهلها مرتين، وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة (1) " يا أيها المدثر * قم فأنذر " (المدثر / 1 - 2).

6 - وبهذا الاسناد (محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مسروق، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد) عن أبي جعفر - عليه السلام - أن أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - كان يقول:

إن المدثر هو كائن عند الرجعة، فقال له رجل:

يا أمير المؤمنين أحياة قبل القيامة ثم موت؟ فقال له عند ذلك: نعم والله لكفرة من الكفر بعد الرجعة أشد من كفرات قبلها (2) " وجاء ربك والملك صفا صفا " (الفجر - 22).

7 - ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _ فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد _ عليه السلام _ وبعض ما فيه، عن غيرهما ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ تسمى المخزون ثم ذكر الخطبة بطولها وجاء فيها:

ص: 155


1- (1) القمي: 2 / 339، البرهان: 4 / 256، الايقاظ من الهجعة: 260 - آخره، كلاهما عن القمي.
2- (2) مختصر بصائر الدرجات: 26، البحار: 53 / 42، الايقاظ من الهجعة: 358 - بتفاوت يسير، كلاهما عن مختصر بصائر الدرجات.

وتخرج لهم الأرض كنوزها ويقول القائم _ عليه السلام _ كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام فيومئذ تأويل هذه الآية " وجاء ربك والملك صفا صفا " (1) " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون " (البقرة - 3).

8 - ما رواه عمار، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في كتاب الواحدة في حديث طويل قد بين فيه مناقب نفسه القدسية، وجاء فيه قوله: " الذين يؤمنون بالغيب "، قال: الغيب: يوم الرجعة، ويوم القيامة، ويوم القائم، وهي أيام آل محمد _ عليهم السلام _... وإليها الإشارة بقوله: وذكرهم بأيام الله، فالرجعة لهم، ويوم القيامة لهم، وحكمه إليهم، ومعول المؤمنين فيه عليهم (2) " ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم " (البقرة - 115).

9 - جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _ وقال له:

... لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم، فقال له - عليه السلام - في حديث طويل ذكر فيه الأئمة أولي الامر _ عليهم السلام _، فقال السائل: ما ذاك الامر؟ قال علي _ عليه السلام _: الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، من خلق، ورزق، وأجل، وعمل، وعمر، وحياة، وموت، وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه، وهم وجه الله الذي قال: " فأينما تولوا فثم وجه الله "، هم بقية الله، يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا (3).

ص: 156


1- (1) مختصر بصائر الدرجات: 201.
2- (2) مشارق أنوار اليقين: 159.
3- (3) الاحتجاج: 1 / 240 - 252، نور الثقلين: 1 / 118 - بعضه - و 4 / 626، البحار: 93 / 118، كلاهما عن الاحتجاج.

" ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير " (البقرة - 148).

10 - عنه (الفضل بن شاذان)، عن محمد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ يقول: كان أمير المؤمنين - عليه السلام - يقول: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال (الله) فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيبعث الله قوما من أطرافها، يجيئون قزعا كقزع الخريف، والله إني لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقائلهم واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم الله كيف شاء، من القبيلة الرجل والرجلين - حتى بلغ تسعة - فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر، وهو قول الله: " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير " حتى أن الرجل ليحتبي فلا يحل حبوته حتى يبلغه الله ذلك (1) " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون " (الانعام - 158).

11 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في ذكر أشراط الساعة، قال: ألا وتكون الناس بعد طلوع الشمس من مغربها كيومهم هذا، يطلبون النسل والولد، يلقى الرجل الرجل فيقول: متى ولدت؟ فيقول: من طلوع الشمس من المغرب، وترفع

ص: 157


1- (1) غيبة النعماني: 284، منتخب الأثر: 476، البحار: 52 / 334، كلاهما عن غيبة الطوسي، وقال المجلسي: بيان: - قال الجزري: اليعسوب السيد والرئيس والمقدم أصله فحل النحل، ومنه حديث علي _ عليه السلام _ إنه ذكر فتنة فقال: إذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه أي فارق أهل الفتنة، وضرب في الأرض ذاهبا في أهل دينه وأتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الأذناب، وقال الزمخشري: الضرب بالذنب ههنا مثل للإقامة والثبات، يعني أنه يثبت هو ومن تبعه على الدين.

التوبة فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، هو التوبة (1).

" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (التوبة - 33).

12 - ما رواه أيضا (محمد بن العباس) عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي، أنه سمع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول:

هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، أظهر بعد ذلك؟.

قالوا: نعم.

قال: كلا، فوالذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بكرة وعشيا (2) " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه " (هود - 8).

13 - أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن الحكم، عن سيف، عن حسان، عن هشام بن عمار، عن أبيه، وكان من أصحاب علي _ عليه السلام _، عن علي _ عليه السلام _ في قوله تعالى: " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه " قال: الأمة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر (3)

ص: 158


1- (1) عقد الدرر: 326.
2- (2) تأويل الآيات: 2 / 689، البحار: 51 / 60، المحجة: 86، الصافي: 2 / 338، حلية الأبرار: 2 / 649 - كلهم عن تأويل الآيات، مجمع البيان: 5 / 280 - روى العياشي بالاسناد، عن عمران ابن ميثم، عن عباية أنه سمع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: وليس فيه: وأن محمدا رسول الله ينابيع المودة: 423.
3- (3) القمي: 1 / 323، البرهان: 2 / 208، الصافي: 2 / 433، نور الثقلين: 2 / 342، المحجة: 102، البحار: 51 / 44 - كلهم عن القمي، وفي سندي البحار، ونور الثقلين: سيف بن حسان بدل سيف، عن حسان.

" مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد " (هود - 83).

14 - ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته:

هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _، فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة، وقد روى بعض ما فيه، عن أبي روح فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد _ عليهما السلام _، وبعض ما فيه، عن غيرهما، ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ تسمى المخزون ثم ذكر الخطبة بطولها، جاء فيها:

... ثم يخرج عن الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق حتى يضربوا دمشق لا يصدهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد، وتقبل رايات (من) شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يوم تطير بالمشرق... - إلى أن قال: - ويأتيهم يومئذ الخسف والقذف والمسخ، فيومئذ تأويل هذه الآية: " وما هي من الظالمين ببعيد " (1) " حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين " (يوسف - 110).

15 - قال أبو علي النهاوندي: حدثنا القاشاني قال: حدثنا محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن سيف، قال: حدثني أبي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال:

جاء رجل إلى أمير المؤمنين فشكا إليه طول دولة الجور، فقال له أمير المؤمنين: والله، ما تأملون حتى يهلك المبطلون، ويضمحل الجاهلون، ويأمن المتقون، وقليل ما يكون حتى يكون لأحدكم موضع قدمه، وحتى يكونوا على الناس أهون من

ص: 159


1- (1) مختصر بصائر الدرجات: 200.

الميت (الميتة) عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر الله والفتح، وهو قوله عز وجل فيكاتبه: " حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " (1).

" إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم " (الحجر / 75 - 76).

16 - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في قوله تعالى: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم ": فكان رسول الله المتوسم، والأئمة من ذريتي المتوسمون إلى يوم القيامة " وإنها لبسبيل مقيم " فذلك السبيل المقيم هو الوصي بعد النبي (2).

" الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم " (النور - 35).

17 - قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني في كتابه في تفسير القرآن: [حدثنا] أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق _ عليه السلام _ يقول، - في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة، روى فيه الإمام الصادق _ عليه السلام _، مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن آيات

ص: 160


1- (1) دلائل الإمامة: 251، عنه المحجة: 107، عن محمد بن جرير القمي، وفيه: والله، (لا يكون) ما تأملون... حتى لا يكون لأحدكم، بدل يكون، منتخب الأثر: 314، ينابيع المودة: 424 - بعضه - وفيه:... وذلك عند قيام قائمنا المهدي _ عليه السلام _.
2- (2) مناقب ابن شهرآشوب: 4 / 284، عنه البحار: 24 / 127.

القرآن وأحكامه، جاء فيها. وسألوه صلوات الله عليه، عن أقسام النور في القرآن، فقال: - النور: القرآن، والنور اسم من أسماء الله تعالى، والنور النورية، والنور ضوء القمر، والنور ضوء المؤمن وهو الموالات التي يلبس لها نورا يوم القيامة والنور في مواضع من التوراة والإنجيل والقرآن حجة الله على عباده، وهو المعصوم... فقال تعالى:

" واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " فالنور في هذا الموضع هو القرآن، ومثله في سورة التغابن قوله تعالى: " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " يعني سبحانه القرآن وجميع الأوصياء المعصومين، من حملة كتاب الله تعالى، وخزانه، وتراجمته الذين نعتهم الله في كتابه فقال: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " فهم المنعوتون الذين أنار الله بهم البلاد، وهدى بهم العباد، قال الله تعالى في سورة النور: " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري... " إلى آخر الآية، فالمشكاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمصباح الوصي، والأوصياء _ عليهم السلام _ والزجاجة فاطمة، والشجرة المباركة رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ والكوكب الدري القائم المنتظر _ عليه السلام _ الذي يملأ الأرض عدلا (1) " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين " (آل عمران - 81).

18 - (قال:) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه في تفسير القرآن: (حدثنا) أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة،

ص: 161


1- (1) المحكم والمتشابه: 4 و 25، عنه البحار: 93 / 3 و 20 بتفاوت يسير.

عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام - يقول... في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روى فيه الإمام الصادق _ عليه السلام _ مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين - عليه السلام -، عن آيات القرآن وأحكامه وجوابه عليها، جاء فيها:

وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " أي إلى الدنيا وأما معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا، وقوله سبحانه:

" وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " في الرجعة فأما في القيامة، فإنهم يرجعون، ومثل قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " وهذا لا يكون إلا في الرجعة.

ومثله ما خاطب الله تعالى به الأئمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات - إلى قوله - لا يشركون بي شيئا " وهذا إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثله قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " وقوله سبحانه: " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " أي رجعة الدنيا.

ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " وقوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (1)

ص: 162


1- (1) المحكم والمتشابه: 3 / 112 - 113، نقلا عن تفسير النعماني.

" ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون " (البقرة - 243).

19 - قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه في تفسير القرآن: [حدثنا] أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق _ عليه السلام _ يقول: في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روى فيه عن الإمام الصادق _ عليه السلام _ مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيه:

وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " أي إلى الدنيا، وأما معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ".

وقوله سبحانه: " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " في الرجعة فأما في القيامة، فهم يرجعون.

ومثل قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " وهذا لا يكون إلا في الرجعة ومثله ما خاطب الله به الأئمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " وهذا إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثل قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " وقوله سبحانه: " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " أي رجعة الدنيا.

ص: 163

ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " وقوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا وشربوا ونكحوا ومثله خبر العزير (1) " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (التوبة - 33).

20 - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ - من حديث طويل - قال فيه:

... كل ذلك لتتم النظرة التي أوحاها الله تعالى لعدوه إبليس، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق القول على الكافرين ويقترب الوعد الحق، الذي بينه في كتابه، بقوله: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " وذلك إذا لم يبق من الاسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه، وغاب صاحب الامر بإيضاح الغدر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، ويظهر دين نبيه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على يديه على الدين كله ولو كره المشركون (2) " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين " (الأعراف - 155).

21 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه في تفسير القرآن:

ص: 164


1- (1) المحكم والمتشابه: 3 و 57، البحار: 53 / 118، 93 / 3 و 86 وفيه: جعفر بدل حفص، الايقاظ من الهجعة: 377.
2- (2) الاحتجاج: 1 / 256، نور الثقلين: 2 / 212، البحار: 93 / 125، الصافي: 2 / 338، كلهم عن الاحتجاج، والأخير بتفاوت يسير.

[حدثنا] أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام - يقول: - في حديث طويل - عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روى فيه الإمام الصادق _ عليه السلام _ مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين - عليه السلام - عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيها:

وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل:

" ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون "، أي إلى الدنيا، وأما معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل:

" وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " وقوله سبحانه: " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " في الرجعة فأما في القيامة فهم يرجعون.

ومثل قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " وهذا لا يكون إلا في الرجعة. ومثله ما خاطب الله به الأئمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات - إلى قوله - لا يشركون بي شيئا " وهذا إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثل قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " وقوله سبحانه: " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " أي رجعة الدنيا، ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم "، وقوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (1) " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما

ص: 165


1- (1) المحكم والمتشابه: 3 و 112 - 113، نقلا عن تفسير النعماني.

استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " (النور - 55).

22 - قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه في تفسير القرآن: أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق _ عليه السلام _ يقول:... في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روى فيه الإمام الصادق _ عليه السلام _ مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _، عن آيات القرآن وأحكامه جاء فيها:

وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " أي إلى الدنيا، وأما معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " وقوله سبحانه: " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " في الرجعة فأما في القيامة فإنهم يرجعون، ومثل قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه "، وهذا لا يكون إلا في الرجعة.

ومثله ما خاطب الله به الأئمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات - إلى قوله - لا يشركون بي شيئا " وهذا إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثله قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " وقوله سبحانه: " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " أي رجعة الدنيا.

ص: 166

ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " وقوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (1) 23 - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _: - من حديث طويل - قال فيه:

... كل ذلك لتتم النظرة التي أوحاها الله تعالى لعدوه إبليس، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق القول على الكافرين ويقترب الوعد الحق، الذي بينه في كتابه بقوله: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " وذلك إذا لم يبق من الاسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه، وغاب صاحب الامر بإيضاح الغدر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، ويظهر دين نبيه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على يديه " على الدين كله ولو كره المشركون " (2) " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " (الشعراء - 4).

24 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى، عن داود الدجاجي، عن أبي جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - قال: سئل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن قوله تعالى: " فاختلف الأحزاب من بينهم " فقال:

انتظروا الفرج من ثلاث فقيل: يا أمير المؤمنين وما هن؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان.

ص: 167


1- (1) المحكم والمتشابه: 3 و 112 - 113، نقلا عن تفسير النعماني.
2- (2) الاحتجاج: 1 / 256.

فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أو ما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن: " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان (1) " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " (النمل - 83).

25 - قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه في تفسير القرآن: (حدثنا) أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام _ يقول: - في حديث طويل - عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة، روى فيه الإمام الصادق _ عليه السلام _ مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _، عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيها:

وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " أي إلى الدنيا، وأما معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " وقوله سبحانه: " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " في الرجعة فأما في القيامة فإنهم يرجعون.

ومثل قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه "، وهذا لا يكون إلا في الرجعة.

ص: 168


1- (1) غيبة النعماني: 251، عنه البحار: 52 / 229 و 285، حلية الأبرار: 2 / 611 و 613، عقد الدرر: 104 مرسلا، وفيه: انظروا... قلنا: يا أمير المؤمنين وما هي؟... وهي آية، المحجة: 160، البرهان: 3 / 179 و 180، تأويل الآيات: 1 / 387، وقال أيضا (محمد بن العباس): حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: - كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير.

ومثله ما خاطب الله به الأئمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " وهذا إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثل قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " وقوله سبحانه: " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " أي رجعة الدنيا.

ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " وقوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (1) " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " (القصص - 5).

26 - عنه (محمد بن علي) عن الحسين بن محمد القطعي، عن علي بن حاتم، عن محمد بن مروان، عن عبيد بن يحيى الثوري، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي _ عليه السلام _ في قوله " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " قال:

هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم (2)

ص: 169


1- (1) المحكم والمتشابه: 3 و 112 - 113.
2- (2) غيبة الطوسي: 113، منتخب الأثر: 171 و 295، البحار: 51 / 54 و 63، نور الثقلين: 4 / 110، إثبات الهداة: 3 / 503 و 568، منتخب الأنوار المضيئة: 17 - مما صح لي روايته عن محمد بن أحمد الأيادي - رحمه الله -، يرفعه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال: المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الذين يجعلهم الله أئمة نحن أهل البيت، يبعث الله مهديهم فيعزهم ويذل عدوهم.

27 - وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق _ عليهما السلام _: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها، عطف الضروس على ولدها، ثم قرأ:

" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " (1) " أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون * ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين * قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون * فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون " (السجدة / 27 - 30).

ص: 170


1- (1) خصائص الأئمة: 70، عنه البرهان: 3 / 218 و 219، مجمع البيان: 4 / 239، تأويل الآيات: 1 / 413 - عن محمد بن العباس - رحمه الله -، عن علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمر بن عبد الغفار بإسناده، عن ربيعة بن ناجد قال: سمعت عليا _ عليه السلام _ يقول:... وفيه: لتعطفن هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف، وفي 1 / 414 - عن محمد بن العباس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن صالح الجزيري بإسناده، عن أبي صالح، عن علي _ عليه السلام _:... وفيه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن علينا هذه الدنيا شواهد التنزيل: 1 / 431 - أخبرنا عبد الرحمان بن الحسن (أخبرنا) محمد بن إبراهيم بن سلمة (أخبرنا) محمد بن عبد الله بن سليمان (أخبرنا) يحيى بن عبد الحميد الحماني (أخبرنا) شريك، عن عثمان، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ قال: - أوله -، وفي 1 / 432 - أبو النضر العياشي في تفسيره (عن) علي بن جعفر بن العباس الخزاعي، ومحمد ابن علي بن خلف العطار، عن عمرو بن عبد الغفار، (عن) شريك، عن عثمان بن أبي ربيعة (زرعه ل)، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ قال: سمعت عليا يقول: وتلا هذه الآية - أوله -، وفيه:... ليعطفن هذه الآية على بني هاشم عطف الناب، منتخب الأثر: 149، حلية الأبرار: 2 / 597، نهج البلاغة: 506 حكمة (209) عن أمير المؤمنين مرسلا، شرح ابن أبي الحديد: 19 / 29 حكمة (205) مرسلا، شرح ابن ميثم البحراني:

28 - ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _ فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة، وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد _ عليه السلام _ وبعض ما فيه عن غيرهما، ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ تسمى المخزون، ثم ذكر الخطبة بطولها جاء فيها:

... وتخرج لهم الأرض كنوزها ويقول القائم _ عليه السلام _ كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام فيومئذ تأويل هذه الآية " وجاء ربك والملك صفا صفا " فلا يقبل الله يومئذ إلا دينه الحق ألا لله الدين الخالص، فيومئذ تأويل هذه الآية: " أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون * ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين * قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون * فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون " (1).

" فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " (الأنبياء - 15).

29 - ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _ فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة، وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد _ عليه السلام _ وبعض ما فيه عن غيرهما ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ تسمى المخزون.

ص: 171


1- (1) مختصر بصائر الدرجات: 195 و 201.

... ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق وموضع مريم وعيسى _ عليهما السلام _ بالقادسية ويسير منهم ثمانون ألفا حتى ينزلوا الكوفة، موضع قبر هود _ عليه السلام _ بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر فيخرج من مدينة يقال لها الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ويقتل على جسرها سبعين ألفا حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجسام ويسبي من الكوفة أبكارا لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن الثوية وهي الغريين ثم يخرج عن الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق حتى يضربوا دمشق لا يصدهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد وتقبل رايات شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر يسوقها رجل من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسير الرعب أمامها شهرا ويخلف أبناء سعد السقاء بالكوفة طالبين بدماء آبائهم وهم أبناء الفسقة حتى تهجم عليهم خيل الحسين - عليه السلام - يستبقان كأنهما فرسا رهان شعث غبر أصحاب بواكي وفوارح إذ يضرب أحدهم برجله باكية يقول لا خير في مجلس بعد يومنا هذا اللهم فإنا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون فهم الابدال الذين وصفهم الله عز وجل: " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " والمطهرون نظراؤهم من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ويخرج رجل من أهل نجران راهب مستجيب للامام فيكون أول النصارى إجابة ويهدم صومعته ويدق صليبها ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى فيكون مجتمع الناس جميعا من الأرض كلها بالفاروق وهي محجة أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وهي ما بين البرس والفرات فيقتل يومئذ فيما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية: " فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " بالسيف وتحت ظل السيف... (1)

ص: 172


1- (1) مختصر بصائر الدرجات: 199 - 200.

" فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون " (الأنبياء / 12 - 13).

30 - ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته: هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _ فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة، وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد _ عليه السلام _ تسمى المخزون، ثم ذكر الخطبة بطولها جاء فيها:

... ثم يخرج عن الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق حتى يضربوا دمشق لا يصدهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد وتقبل رايات شرق الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر يسوقها رجل من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسير الرعب أمامها شهرا ويخلف أبناء سعد السقاء بالكوفة طالبين بدماء آبائهم وهم أبناء الفسقة حتى تهجم عليهم خيل الحسين - عليه السلام -... إلى أن قال: ويخلف من بني الأشهب الزاجر اللحظ في أناس من غير أبيه هرابا حتى يأتوا سبطرى عوذا بالشجر فيومئذ تأويل هذه الآية: " فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون " ومساكنهم الكنوز التي غلبوا عليها من أموال المسلمين (1)

ص: 173


1- (1) مختصر بصائر الدرجات: 195 و 200، عنه البحار: 53 / 83 - 84، وفيه: ... بني أشهب... غنموا من.

" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " (القصص - 5).

31 - قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حفص النعماني في كتابه في تفسير القرآن: [حدثنا] أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق _ عليه السلام _ يقول - في حديث طويل -: عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو (128) صفحة، روى فيه الإمام الصادق _ عليه السلام _ مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _، عن آيات القرآن وأحكامه، جاء فيها:

وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " أي إلى الدنيا وأما معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " وقوله سبحانه: " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " في الرجعة فأما القيامة فإنهم يرجعون.

ومثل قوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه "، وهذا لا يكون إلا في الرجعة.

ومثله ما خاطب الله تعالى به الأئمة، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات إلى قوله: - لا يشركون بي شيئا " وهذا إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

ومثل قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " وقوله سبحانه: " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " أي رجعة الدنيا.

ص: 174

ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " وقوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا (1) " فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم " (مريم - 37).

32 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى، عن داود الدجاجي، عن أبي جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - قال: سئل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن قوله تعالى: " فاختلف الأحزاب من بينهم " فقال:

انتظروا الفرج من ثلاث فقيل: يا أمير المؤمنين وما هن؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان. فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أو ما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان (2)

ص: 175


1- (1) المحكم والمتشابه: 3 و 112 - 113، نقلا عن تفسير النعماني.
2- (2) غيبة النعماني: 251، عنه البحار: 52 / 229، وفيه: فقلت: يا أمير المؤمنين وما هن؟ ورواه أيضا في 52 / 285، إثبات الهداة: 3 / 734، وفي سنده: محمد بن الفضل بدل المفضل، عقد الدرر: 104 مرسلا، عن أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _، وفيه: قلنا بدل فقيل، حلية الأبرار 2 / 611، ورواه أيضا في 2 / 613، البرهان: 3 / 179 وفي سنده: محمد بن الفضل بدل المفضل، ورواه أيضا في 3 / 180، تأويل الآيات: 1 / 387 - حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ - كما في المتن بتفاوت يسير، وفيه: يستيقظ بدل توقظ.

" ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " (الاسراء - 6).

33 - ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _ فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد _ عليه السلام _ وبعض ما فيه عن غيرهما، ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ تسمى المخزون، ثم ذكر الخطبة بطولها جاء فيها:

... ألا يا أيها الناس، سلوني قبل أن تشرع برجلها فتنة شرقية وتطأ في خطامها بعد موت وحياة أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ورافعة ذيلها تدعو يا ويلها بذحلة أو مثلها، فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك بأي واد سلك، فيومئذ تأويل هذه الآية " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " ولذلك آيات وعلامات أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق وتحريق الزوايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى، القاتل والمقتول في النار، وقتل كثير، وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الأسبع المظفر صبرا في بيعة الأصنام، مع كثير من شياطين الانس وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب أميرها رجل من كلب واثني عشر ألف عنان من خيل يحمل السفياني متوجها إلى مكة والمدينة أميرها أحد من بني أمية يقال له: خزيمة أطمس العين الشمال، على عينه طرفة تميل بالدنيا فلا ترد له راية حتى ينزل المدينة فيجمع رجالا ونساء من آل محمد صلى الله عليه وآله و سلم فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها: دار أبي الحسن الأموي ... (1).

ص: 176


1- (1) مختصر بصائر الدرجات: 199.

الباب الرابع

الفصل الثاني: المهدي في نهج البلاغة

ص: 177

ص: 178

- 12 -المهدي في نهج البلاغة

1 - الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وبأوليته وجب أن لا أول له، وبآخريته وجب أن لا آخر له، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة يوافق فيها السر الاعلان، والقلب اللسان.

أيها الناس، لا يجرمنكم شقاقي، ولا يستهوينكم عصياني، ولا تتراموا بالابصار عندما تسمعونه مني، فوالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إن الذي أنبئكم به عن النبي الأمي _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ما كذب المبلغ، ولا جهل السامع، لكأني أنظر إلى ضليل قد نعق بالشام، وفحص براياته في ضواحي كوفان، فإذا فغرت فاغرته، واشتدت شكيمته، وثقلت في الأرض وطأته، عضت الفتنة أبناءها بأنيابها، وماجت الحرب بأمواجها، وبدا من الأيام كلوحها، ومن الليالي كدوحها، فإذا أينع زرعه، وقام على ينعه، وهدرت شقاشقه، وبرقت بوارقه، عقدت رايات الفتن المعضلة، وأقبلن كالليل المظلم، والبحر الملتطم، هذا، وكم يخرق الكوفة من قاصف ويمر عليها من عاصف! وعن قليل تلتف القرون بالقرون، ويحصد القائم، ويحطم المحصود (1) 2 - الحمد لله الناشر في الخلق فضله، والباسط (فيها) بالجود يده، نحمده في

ص: 179


1- (1) شرح ابن أبي الحديد: 7 / 96 - 100، نهج البلاغة: 146 - 147، خطبة (101)، شرح ابن ميثم: 3 / 9 و 12.

جميع أموره، ونستعينه على رعاية حقوقه، ونشهد أن لا إله غيره، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بأمره صادعا وبذكره ناطقا، فأدى أمينا ومضى رشيدا، وخلف فينا راية الحق من تقدمها مرق ومن تخلف عنها زهق ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام بطئ القيام سريع إذا قام، فإذا أنتم ألنتم له رقابكم، وأشرتم إليه بأصابعكم جاءه الموت فذهب به، فلبثتم بعده ما شاء الله حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضم نشركم، فلا تطمعوا في غير مقبل ولا تيأسوا من مدبر، فإن المدبر عسى أن تزل به إحدى قائمتيه وتثبت الأخرى، فترجعا حتى تثبتا جميعا.

ألا إن مثل آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كمثل نجوم السماء إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون (1).

ص: 180


1- (1) البحار: 51 / 120، منهاج البراعة: 7 / 156، شرح ابن ميثم: 3 / 6 خطبة (97)، وقال: وهذا الفصل يشتمل على إعلامهم بما يكون بعده من أمر الأئمة وتعليمهم ما ينبغي أن يفعل الناس معهم، ويمنيهم بظهور إمام من آل محمد عقيب آخر، ووعدهم بتكامل صنايع الله فيهم بما يأملونه من ظهور إمام منتظر ... إشارة إلى منة الله عليهم بظهور الامام المنتظر وإصلاح أحوالهم بوجوده، ووجدت له _ عليه السلام _ في أثناء بعض خطبه في اقتصاص ما يكون بعده فصلا يجري مجرى الشرح لهذا الوعد، وهو أن قال: يا قوم اعلموا علما يقينا أن الذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليتكم ليس بدون ما استقبل الرسول من أمر جاهليتكم، وذلك أن الأمة كلها يومئذ جاهلية إلا من رحم الله، فلا تعجلوا فيعجل الخرق بكم، واعلموا أن الرفق يمن، وفي الأناة بقاء وراحة والامام أعلم بما ينكر، ولعمري لينزعن عنكم قضاة السوء، وليقبضن عنكم المراضين (كذا) وليعزلن عنكم أمراء الجور، وليطهرن الأرض من كل غاش، وليعملن فيكم بالعدل، وليقومن فيكم بالقسطاس المستقيم، وليتمنأن (كذا) أحياؤكم لأمواتكم رجعة الكرة عما قليل فيعيشوا إذن فإن ذلك كائن، شرح ابن أبي الحديد: 7 / 84، وفي: 7 / 94:... ثم يطلع الله لهم من يجمعهم ويضمهم، يعني من أهل البيت _ عليه السلام _، وهذا إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الوقت، وعند أصحابنا أنه غير موجود الآن وسيوجد، وعند الإمامية أنه موجود الآن، قوله - عليه السلام -: فلا تطمعوا في غير مقبل، ولا تيأسوا من مدبر، ظاهر هذا الكلام متناقض، وتأويله أنه نهاهم عن أن يطمعوا في صلاح أمورهم على يد رئيس غير مستأنف الرياسة، وهو معنى مقبل أي قادم، تقول: سوف أفعل كذا في الشهر المقبل وفي السنة المقبلة، أي القادمة، يقول: كل الرئاسات التي تشاهدونها فلا تطمعوا في صلاح أموركم بشئ منها، وإنما تنصلح أموركم على يد رئيس يقدم عليكم، مستأنف الرئاسة خامل الذكر، ليس أبوه بخليفة، ولا كان هو ولا أبوه مشهورين بينكم برئاسة، بل يتبع ويعلو أمره، ولم يكن قبل معروفا هو ولا أهله الأدنون، وهذه صفة المهدي الموعود به. ومعنى قوله: ولا تيأسوا من مدبر، أي وإذا مات هذا المهدي وخلفه بنوه بعده، فاضطرب أمر أحدهم فلا تيأسوا وتشككوا، وتقولوا لعلنا أخطأنا في اتباع هؤلاء، فإن المضطرب الامر منا تستثبت دعائمه، وتنتظم أموره، وإذا زلت إحدى رجليه ثبتت الأخرى فثبتت الأولى أيضا. ويروى: فلا تطعنوا في عين مقبل أي لا تحاربوا أحدا منا ولا تيأسوا من إقبال من يدبر أمره منا، ثم ذكر _ عليه السلام _ أنهم كنجوم السماء، كلما خوى نجم طلع نجم. خوى: مال للمغيب. ثم وعدهم بقرب الفرج فقال: أن تكامل صنائع الله عندكم، وروية ما تأملونه أمر قد قرب وقته، وكأنكم به وقد حضر وكان، وهذا على نمط المواعيد الإلهية بقيام الساعة فإن الكتب المنزلة كلها صرحت بقربها، وإن كانت بعيدة عندنا، لان البعيد في معلوم الله قريب، وقد قال سبحانه: (إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا). وأنت - أيها القارى الكريم - حكم وجدانك فيما يقوله ابن أبي الحديد فرارا عن المعنى الواضح، فأمير المؤمنين _ عليه السلام _ تحدث عن مرحلة الانحراف في الأمة، وظهور العدل بقيام القائم، لا عن موت القائم وملك أولاده بعده وانحرافهم.

3 - يعطف الهوى على الهدى، إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي... حتى تقوم الحرب بكم على ساق، باديا نواجذها، مملوءة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوئ أعمالها، وتخرج له الأرض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة (1)

ص: 181


1- (1) ابن أبي الحديد: 9 / 40 - 41، منتخب الأثر: 297 - عن نهج البلاغة، ينابيع المودة: 437 - عن نهج البلاغة، وفيه: المهدي يعطف، غرر الحكم: 363 - أوله - مرسلا، شرح ابن ميثم البحراني: 3 / 168 - عن نهج البلاغة، وقال: الإشارة في هذا الفصل إلى وصف الامام المنتظر في آخر الزمان الموعود به الخبر والأثر، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 195 - 196 خطبة (138)، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 2 / 21.

4 - أين تذهب بكم المذاهب، وتتيه بكم الغياهب وتخدعكم الكواذب؟ ومن أين تؤتون، وأنى تؤفكون؟ فلكل أجل كتاب، ولكل غيبة إياب، فاستمعوا من ربانيكم وأحضروه قلوبكم، واستيقظوا إن هتف بكم، وليصدق رائد أهله، وليجمع شمله، وليحضر ذهنه، فلقد فلق لكم الامر فلق الخرزة وقرفه قرف الصمغة، فعند ذلك أخذ الباطل مأخذه، وركب الجهل مراكبه وعظمت الطاغية، وقلت الداعية، وصال الدهر صيال السبع العقور، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم، وتواخى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابوا على الكذب، وتباغضوا على الصدق، فإذا كان ذلك كان الولد غيظا، والمطر قيظا، وتفيض اللئام فيضا، وتغيض الكرام غيضا، وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكالا، وفقراؤه أمواتا، وغار الصدق، وفاض الكذب واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب، وصار الفسوق نسبا، والعفاف عجبا، ولبس الاسلام لبس الفرو مقلوبا (1) 5 - قال علي _ عليه السلام _: فتن كقطع الليل المظلم، لا تقوم لها قائمة (2) ولا ترد لها راية (3) تأتيكم مزمومة مرحولة (4) يحفزها (5) قائدها، ويجهدها راكبها.

أهلها قوم شديد كلبهم، قليل سلبهم (6) يجاهدهم في سبيل الله قوم أذلة عند المتكبرين، في الأرض مجهولون، وفي السماء معروفون.

ص: 182


1- (1) منتخب الأثر: 436 - عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 157 خطبة (108)، ابن أبي الحديد: 7 / 189 - عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 1 / 208 خطبة (104)، شرح ابن ميثم البحراني: 3 / 41.
2- (2) لا تقوم لها قائمة - أي لا تنهض بحربها فئة ناهضة، أو قائمة من قوائم الخيل - أي لا سبيل إلى قتال أهلها، أو قلعة أو بنية قائمة تنهدم.
3- (3) ولا ترد لها راية - أي لا تنهزم أصحاب راية من رايات تلك الفئة.
4- (4) قوله _ عليه السلام _: مزمومة مرحولة - أي عليها زمام ورحل، أي تامة الأدوات.
5- (5) يحفزها - أي يدفعها قائدها.
6- (6) قليل سلبهم - أي نقمتهم القتل، لا السلب.

فويل لك يا بصرة عند ذلك، من جيش من نقم الله، لا رهج له ولا حس، وسيبتلى أهلك بالموت الأحمر، والجوع الأغبر (1) 6 - ومن خطبة له _ عليه السلام _: ألا بأبي وأمي، هم من عدة أسماؤهم في السماء معروفة، وفي الأرض مجهولة، ألا فتوقعوا ما يكون من إدبار أموركم، وانقطاع وصلكم، واستعمال صغاركم، ذاك حيث تكون ضربة السيف على المؤمن أهون من الدرهم من حله.

ذاك حيث يكون المعطى أعظم أجرا من المعطي، ذاك حيث تسكرون من غير شراب، بل من النعمة والنعيم، وتحلفون من غير اضطرار، وتكذبون من غير إحراج.

ذاك إذا عضكم البلاء، كما يعض القتب غارب البعير، ما أطول هذا العناء، وأبعد هذا الرجاء (2) 7 - وأخذوا يمينا وشمالا، ضعنا في مسالك الغي، وتركا لمذاهب الرشد، فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد (3) وتستبطئوا ما يجي به الغد.

فكم من مستعجل بما إن أدركه، ود أنه لم يدركه، وما أقرب اليوم من تباشير غد (4).

ص: 183


1- (1) البحار: 41 / 331 - 332، ح (52)، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 148 خطبة (102)، ينابيع المودة: 437، شرح النهج الحديدي: 7 / 102 خطبة (101) وفيه: ... يجاهدهم في الله...، وقال: وهذا إنذار بملحمة تجري في آخر الزمان، وقد أخبر النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ بنحو ذلك، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 196 خطبة (98) وفيه:... يجدها راكبها....
2- (2) شرح النهج الحديدي: 13 / 95، منتخب الأثر: 314، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 2 / 126، ينابيع المودة: 437، شرح ابن ميثم البحراني: 4 / 182، منهاج البراعة: 11 / 141 - 142، في ظلال نهج البلاغة: 3 / 79 - 80، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 277 خطبة (187).
3- (3) مرصد - أي مترقب ما يجيئ به الغد من الفتن والوقائع.
4- (4) من تباشير غد - أي أوائله أو من البشرى به.

يا قوم! هذا إبان (1) ورود كل موعود، ودنو من طلعة ما لا تعرفون.

ألا إن من أدركها منا، يسري (2) فيها بسراج منير، ويحذو فيها على مثال الصالحين، ليحل فيها ربقا، ويعتق فيها ربقا (3) ويصدع شعبا، ويشعب صدعا، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف (4) أثره ولو تابع نظره (5) ثم ليشحذن (6) فيها قوم شحذ القين النصل (7) تجلى بالتنزيل (8) أبصارهم، ويرمى بالتفسير في مسامعهم، ويغبقون (9) كأس الحكمة بعد الصبوح (10).

8 - قال _ عليه السلام _ في بعض خطبه: قد لبس للحكمة جنتها، وأخذها بجميع أدبها، من الاقبال عليها، والمعرفة بها، والتفرغ لها، فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها.

فهو مغترب إذا اغترب الاسلام، وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الأرض

ص: 184


1- (1) والإبان - الوقت والزمان.
2- (2) يسري - من السري، السير بالليل.
3- (3) والربق - الخيط.
4- (4) والقائف - الذي يتتبع الآثار.
5- (5) ولو تابع نظره - أي ولو استقصى في الطلب، وتابع النظر والتأمل.
6- (6) وشحذت السكين حددته، أي ليحرضن في هذه الملاحم قوم عل الحرب، ويشحذ عزائمهم في قتل أهل الضلال، كما يشحذ الحداد.
7- (7) النصل - كالسيف وغيره.
8- (8) قوله _ عليه السلام _: يجلي بالتنزيل - أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن، وإلهامهم تفسيره، ومعرفة أسراره.
9- (9) والغبوق - الشرب بالعشي مقابل الصبوح.
10- (10) البحار: 51 / 117، وفيه طعنا بدل ضعنا، منتخب الأثر: 270، ينابيع المودة: 437، وفيه: منا المهدي يسري في الدنيا، كلهم عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 208 خطبة (150).

بجرانه، بقية من بقايا حجته، خليفة من خلائف أنبيائه (1) 9 - قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، وتلك عقيب ذلك: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (2) ".

ص: 185


1- (1) البحار: 51 / 114، شرح النهج الحديدي: 10 / 95، وقال: هذا الكلام فسره كل طائفة على حسب اعتقادها، فالشيعة الامامية تزعم أن المراد به المهدي المنتظر عندهم... وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في آخر الوقت، منتخب الأثر: 150، ينابيع المودة: 437، وقال: وبقوله فهو أي المهدي مغترب، شرح ابن ميثم البحراني: 3 / 391، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 263 خطبة (182). بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الامامية: إن المراد به القائم _ عليه السلام _ المنتظر، والصوفية يزعمون: أنه ولي الله، وعندهم: أن الدنيا لا تخلو عن الابدال وهم أربعون، وعن الأوتاد وهم سبعة، وعن القطب وهو واحد. والفلاسفة يزعمون: أن المراد به العارف، وعند أهل السنة: هو المهدي الذي سيخلق. وقد وقع اتفاق الفرق من المسلمين: على أن الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا على المهدي. قوله _ عليه السلام _: فهو مغترب - أي هذا الشخص يخفى نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، واغترب الاسلام - باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدل على ما ذهبت إليه الامامية، والعسيب - عظم الذنب أو منبت الشعر منه، و إلصاق الأرض بجرانه - كناية عن ضعفه وقلة نفعه، فإن البعير أقل ما يكون نفعه حال بروكه.
2- (2) بيان: عطفت عليه: أي شفقت، وشمس الفرس شماسا: أي منع ظهره، ورجل شموس: صعب الخلق، وناقة ضروس: سيئة الخلق يعض حالبها ليبقى لبنها لولدها.

ص: 186

الباب الرابع

الفصل الثالث: المهدي في شعر أمير المؤمنين عليه السلام

ص: 187

ص: 188

- 13 - المهدي في شعر أمير المؤمنين _ عليه السلام _

1 - وجد كتاب بخط الكمال العلوي النيشابوري في خزانة أمير المؤمنين - عليه السلام - فيه وصية لابنه محمد بن الحنفية:

بني إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهدي يقوم فيعدل وذكر ملوك الظلم من آل هاشم * وبويع منهم من يلد ويهزل صبي من الصبيان لا رأي عنده * ولا هو ذو جد ولا هو يعقل فثم يقوم القائم الحق فيكم * وبالحق يأتيكم وبالحق يفعل سمي نبي الله نفسي فداوه * فلا تخذلوه يا بني وعجلوا (1)

ص: 189


1- (1) اللؤلؤة البيضاء في فضائل فاطمة الزهراء: تأليف السيد طالب الخرسان: 181. أقول: في ديوان أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - المنسوب إليه: بني إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهدي يقوم فيعدل وذل ملوك الأرض من آل هاشم * وبويع منهم من يلذ ويهزل صبي من الصبيان لا رأي عنده * ولا عنده جد ولا هو يعقل فثم يقوم القائم الحق منكم * وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل سمي نبي الله نفسي فداوه * فلا تخذلوه يا بني وعجلوا البحار: 51 / 131 - 132، اثبات الهداة: 7 / 267 - 268، الصراط المستقيم: 2 / 264، أئمتنا: 2 / 409.

2 - وأما كلامه - كرم الله وجهه -:

حسين إذا كنت في بلدة * غريبا فعاشر بآدابها كأني بنفس وأعقابها * وبالكربلاء ومحرابها فتخضب منا اللحى بالدماء * خضاب العروس بأثوابها أراها ولم يك رأي العيان * وأوتيت مفتاح أبوبها سقى الله قائمنا صاحب ال * قيامة والناس في دأبها هو المدرك الثأر لي يا حسين * بل لك فاصبر لاتعابها لكل دم ألف ألف وما * يقصر في قتل أحزابها هنالك لا ينفع الظالمين * قول بعذر وأعقابها أنا الدين لا شك للمؤمنين * بآيات وحي بإيجابها لنا سمة الفخر في حكمها * بآيات وحي بإيجابها فصل على جدك المصطفى * فصلت علينا بأعرابها بآيات وحي بإيجابها * وسلم عليه لمطلابها (1) 3 - وقال في منظومته من غير ديوانه:

إني علي من سلالة هاشم * ترى ذكرنا كتبها في الملاحم وإني قلعت الباب بغزوة خيبر * وجاز جميع الجيش فوق المعاصم أصول على الابطال صولة قادر * وأتركهم رزق النثور الحوائم وفي يوم بدر قد نصرنا على العداء * وأردينا وسط القليب بصارم قتلنا أبا جهل اللعين وعتبة * نصرنا بدين الله والحق قائم وفي يوم أحد جاء جبرئيل قاصدا * بذات فقار للجماجم قاصم قتلنا إيابا والليام ومن بغى * وصلنا على أعرابها والأعاجم ويوم حنين قد تفرق جمعنا * وصالت علينا كفرتها بالصوارم

ص: 190


1- (1) ينابيع المودة: 438.

رددت جميع القوام ولم أزال * أرد جيوش المشركين اللوائم وأسقيتهم كأسا من الموت مزعجا * وما طعمه إلا كطعم العلاقم وفي يوم الأحزاب عمرا قتلته * وقد بات الأحزاب بقتلى عازم وصلت عليهم صولة هاشمية * وقسمتهم قسمين من حد صارم كسرنا جيوش المشركين بهمة * وأحزابهم ولوا كشبه الأغانم نصرنا على أعدائنا بمحمد * نبي الهدى المبعوث من نسل هاشم وما قلت إلا الحق والصدق شيمتي * وما جرت يوما كنت فيه بحاكم رفعت منار الشرع في الحكم والقضاء * وأثبت حكما للملوك القوادم فلله دره من إمام صميدع * يذل جيوش المشركين بصارم ويظهر هذا الدين في كل بقعة * ويرغم أنف المشركين الغواشم فيا ويل أهل الشرك من سطوة القنا * ويا ويل كل الويل لمن كان ظالم ينقي بساط الأرض من كل آفة * ويرغم فيها كل من كان غاشم ويأمر بمعروف وينهى عن منكر * ويطلع نجم الحق بالحق قائم وينشر بساط العدل شرقا ومغربا * وينصر لدين الله والحق عالم وما قلت هذا القول فخرا وإنما * قد أخبرني المختار من آل هاشم (1) قال الشيخ صلاح الدين صفوي - قدس سره - نظرت في تفاسير كتب الحروف للإمام علي - كرم الله وجهه - فرأيت فيها لكل قرن حوادث تختص هي به كليات وجزئيات عدلت عنها لكثرتها.

ص: 191


1- (1) ينابيع المودة: 439.

ص: 192

الباب الخامس

الفصل الأول: أنصار المهدي عليه السلام

ص: 193

ص: 194

- 14 - أنصار المهدي

1 - أخبرنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الصيرفي، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن عمرو ابن أبي المقدام، عن عمران (بن ضبيان) عن أبي يحيى حكيم بن سعد، قال: سمعت عليا _ عليه السلام _ يقول:

إن أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وأقل الزاد الملح (1)

ص: 195


1- (1) غيبة النعماني: 315، غيبة الطوسي: 284، عن الفضل بن شاذان، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن عمران بن ضبيان، عن حكيم بن سعد، عن أمير المؤمنين - عليه السلام - (قال): - كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، وفيه: أصحاب المهدي، ملاحم ابن طاووس: 144 - 145 (الباب السابع والسبعون) فيما ذكره أبو صالح السليلي في صفة أصحاب المهدي، فقال: حدثنا ابن أبي الثلج، قال: أخبرنا عيسى بن عبد الرحمان قال: أخبرنا عبد الرحمان ابن موسى الجوفي قال: أخبرنا عبد الله بن أبي المقدام، عن عمران بن ظبيان، عن أبي يحيى الحكيم ابن سعيد قال: سمعت عليا _ عليه السلام _ يقول: أصحاب المهدي شباب لا كهل فيهم، البحار: 52 / 333 - 334، عن غيبة الطوسي، وأشار إلى مثله عن غيبة النعماني، إثبات الهداة: 7 / 37، منتخب الأثر: 484.

2 - وروى ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح، عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه قال:

ويحا للطالقان فإن لله عز وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، وهم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان (1).

3 - وعن علي (رضي الله عنه) قال: إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب، فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأما الابدال فمن أهل الشام (2)

ص: 196


1- (1) الفتوح: 2 / 78 - 81، مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، البحار: 51 / 87، الباب الخامس - في ذكر نصرة أهل المشرق للمهدي _ عليه السلام _، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: 150 وفيه: وأخرج أبو غنم ... في كتاب الفتن... عن علي بن أبي طالب قال: ولم ير د فيه: مؤمنون... أيضا، اثبات الهداة: 7 / 197، وفيه: بذهب، ولم يرد فيه: أيضا، عقد الدرر: 122، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الكوفي في كتاب الفتوح، كشف الغمة: 3 / 268، ينابيع المودة: 2 / 449، وفيه: أخرج محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، عن علي (كرم الله وجهه) قال: بخ بخ للطالقان فإن لله تعالى كنوزا ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال معرفون عرفوا الله حق معرفته، وهم أيضا أنصار المهدي _ عليه السلام _ في آخر الزمان، بيان الشافعي: 491، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 82 - 83 وقال: وأخرج أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن، جمع الجوامع: 2 / 104، عن أبي غنم الكوفي في كتاب الفتن، المغربي: 580 - 581، وقال: رواه أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن، غاية المرام: 701، حلية الأبرار: 2 / 709، منتخب الأثر: 484، كنز العمال: 14 / 591 ح (39677)، منتخب كنز العمال (هامش مسند أحمد): 6 / 34.
2- (2) ينابيع المودة: 2 / 433 - 434 (الباب الثالث والسبعون)، عن جواهر العقدين وقال: أخرجه ابن عساكر، الصواعق المحرقة: 165، عن ابن عساكر، وليس فيه: فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف فضائل الخمسة: 3 / 343، عن صواعق ابن حجر، المغربي: 572، عن ابن عساكر، وقال: صح رواه ابن عساكر، مختصر تاريخ دمشق: 1 / 114، مرسلا عن علي _ عليه السلام _، تهذيب ابن عساكر 1 / 63، مرسلا عنه _ عليه السلام _.

4 - حدثنا محمد بن همام، ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور جميعا، عن الحسن ابن محمد بن جمهور، عن أبيه، عن سماعة بن مهران، عن أبي الجارود، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن الحارث الأعور الهمداني، قال:

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ على المنبر:

إذا هلك الخاطب، وزاغ صاحب العصر، وبقيت قلوب تتقلب (ف) من مخصب ومجدب، هلك المتمنون، واضمحل المضمحلون، وبقي المؤمنون، وقليل ما يكونون، ثلاثمائة أو يزيدون، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ - يوم بدر - لم تقتل ولم تمت (1)

ص: 197


1- (1) غيبة النعماني: 195 - 196، وقال: معنى قول أمير المؤمنين _ عليه السلام _: وزاغ صاحب العصر - أراد صاحب هذا الزمان، الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق، لتدبير الله الواقع. ثم قال: وبقيت قلوب تتقلب فمن مخصب ومجدب - وهي قلوب الشيعة المتقلبة عند هذه الغيبة، والمحيرة. فمن ثابت منها على الحق مخصب، ومن عادل منها (عنها) إلى الضلال، وزخرف المقال (المحال) مجدب. ثم قال: هلك المتمنون - ذما لهم، وهم الذين يستعجلون أمر الله، ولا يسلمون له، ويستطيلون الأمد، فيهلكون قبل أن يروا فرجا، ويبقي [الله] من يشاء أن يبقيه [منج أهل الصبر والتسليم، حتى يلحقه بمرتبته. وهم المؤمنون، وهم المخلصون القليلون الذين ذكر _ عليه السلام _: أنهم - ثلاثمائة - أو يزيدون، ممن يؤهله الله بقوة (لقوة) إيمانه، وصحة يقينه، لنصرة وليه _ عليه السلام _، وجهاد عدوه، وهم كما جاءت الرواية: عماله وحكامه في الأرض، عند استقرار الدار به، ووضع الحرب أوزارها. ثم قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم - بدر - لم تقتل ولم تمت - يريد أن الله عز وجل يؤيد أصحاب القائم - عليه السلام - هؤلاء - الثلاثمائة - والنيف الخلص بملائكة - بدر - وهم أعدادهم، جعلنا الله ممن يؤهله لنصرة دينه، مع وليه _ عليه السلام _، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله. البحار: 52 / 137 - 138 وفيه: بيان: لعل المراد بالخاطب - الطالب للخلافة، أو الخطيب الذي يقوم بغير الحق، أو - بالحاء المهملة - أي جالب الحطب لجهنم، ويحتمل أن يكون المراد من مر ذكره، فإن في بالي: أني رأيت هذه الخطبة بطولها، وفيها الاخبار عن كثير من الكائنات، والشرح للنعماني.

5 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، ثنا يونس بن أبي إسحاق، أخبرني عمار الدهني، عن أبي الطفيل، عن محمد بن الحنفية قال: كنا عند علي (رضي الله عنه)، فسأله رجل عن المهدي.

فقال علي (رضي الله عنه): هيهات - ثم عقد بيده سبعا - فقال: ذاك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل: الله الله قتل، فيجمع الله تعالى له قوما قزع كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم، على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر (1)

ص: 198


1- (1) مستدرك الحاكم: 4 / 554، وقال: قال أبو الطفيل: قال ابن الحنفية: أتريده؟ قلت: نعم، إنه يخرج من بين هذين الخشبتين، قلت: لا جرم والله لا أريمهما حتى أموت،. فمات بها - يعني مكة حرسها الله تعالى. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. برهان المتقي: 144، وفيه: هيهات هيهات... تسعا... ذلك يخرج... إذا قيل للرجل: الله الله قيل... قزعا... على أحد. عقد الدرر: 59، عن الحاكم وفيه:... هاتين، وفي: 131 عنه أيضا، وفيه: دخل... على. منتخب الأثر: 166، كشف النوري: 164، مقدمة ابن خلدون: 252 - 253، عن الحاكم بتفاوت يسير، وفيه:... من بين هذين الأخشبين وذكر: أنه صحيح على شرط مسلم. عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر: 30، عن الحاكم، الإذاعة: 128، عن الحاكم. المغربي: 538، عن مقدمة ابن خلدون. ولا يخفى أن قوله _ عليه السلام _: ذلك يخرج في آخر الزمان - يدل على أنه _ عليه السلام _ عقد بيده - تسعا - عدد الأسماء التسعة من ولد الحسين _ عليه السلام _. فلما بلغ إلى الحجة بن الحسن _ عليهما السلام _، قال: ذلك يخرج في آخر الزمان، وهو نص منه - عليه السلام - على أن المهدي _ عليه السلام _ - التاسع - من ولد الحسين _ عليه السلام _ فليتذكر.

6 - وحدثنا صباح المزني، عن الحرث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة، قال:

خرجنا مع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وهو يطوف في السوق يوفي الكيل والميزان، حتى إذا انتصف النهار مر برجل جالس، فقام إليه فقال: يا أمير المؤمنين! سر معي إلى أن تدخل بيتي وتتغدى عندي، وتدعو الله لي، وما أحسبك اليوم تغديت.

قال علي _ عليه السلام _: علي أن أشرط عليك.

قال: لك شرطك.

قال _ عليه السلام _: علي أن لا تدخر ما في بيتك، ولا تتكلف ما وراء بابك.

قال: لك شرطك، فدخل ودخلناه، وأكلنا خلا وزيتا وتمرا، ثم خرج يمشي حتى انتهى إلى باب - قصر الامارة - بالكوفة، فركض رجله فتزلزلت الأرض.

ثم قال: أما والله، لقد علمت ما ههنا، أما والله، لو قد قام قائمنا لأخرج من هذا الموضع اثني عشر ألف درع، واثني عشر ألف بيضة لها وجهان، ثم ألبسها اثني عشر رجلا من ولد العجم، ثم ليتأمر بهم ليقتلن كل من كان على خلاف ما هم عليه، وإني أعلم ذلك وأراه كما أعلم هذا اليوم (1) 7 - عن علي _ عليه السلام _: الابدال بالشام، والنجباء بمصر، والعصائب بالعراق (2).

ص: 199


1- (1) الهداية للحضيني: 31، ارشاد القلوب: 284، عن الأصبغ بن نباتة مرفوعا، وفيه: كنا... بالسوق... فيأمرهم بوفاء... انتصف... فمر... وقال... فادخل... وتغد... وادع... فإنك ما تغديت اليوم... فقال... شرط أشرطه... تدخلن في بيتك... وراءه وليس فيه: قال: لك شرطك...، ثم دخل ودخلنا معه... فأكلنا... فوكز... لو علمتم... رجل... ليأمرهم ليقتلوا... وفيه: وأراه، وكأن هذا من دلائله.
2- (2) الفائق: 1 / 87 - مرسلا، تهذيب ابن عساكر: 1 / 62 - مرسلا، ونصه: قبة الاسلام بالكوفة، والهجرة بالمدينة، والنجباء بمصر، والابدال بالشام، وهم قليل، وفي 1 / 63 - مرسلا أيضا، ونصه: الابدال من الشام، والنجباء من أهل مصر، والأخيار من أهل العراق، وفيه: عن أبي الطفيل قال: خطبنا علي (رضي الله عنه) فذكر الخوارج، فقام رجل فلعن أهل الشام، فقال له: ويحك، لا تعم، إن كنت لاعنا ففلانا وأشياعه، فإن منهم الابدال، ومنهم النجباء، الصراط المستقيم: 2 / 244 مرسلا، وفيه: يجتمعون فيكون بينهم حرب.

8 - فيما رأيت من عدة أصحاب القائم _ عليه السلام _ وتعيين مواضعهم من كتاب يعقوب بن نعيم قرقارة الكاتب لابي يوسف.

قال النجاشي - الذي زكاه محمد بن النجار -: إن يعقوب بن نعيم المذكور روى عن الرضا _ عليه السلام _ وكان جليلا في أصحابنا ثقة، ورأينا ما ننقله في نسخة عتيقة لعلها كتبت في حياته وعليه خط السعيد فضل الله الراوندي - قدس الله روحه -.

فقال ما هذا لفظه: حدثني أحمد بن محمد الأسدي، عن سعيد بن جناح، عن مسعدة: أن أبا بصير قال: لجعفر بن محمد _ عليه السلام _: هل كان أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يعلم مواضيع أصحاب القائم _ عليه السلام _ كما كان يعلم عدتهم؟ فقال جعفر بن محمد _ عليه السلام _: أي والله يعرفهم بأسمائهم وأسماء آبائهم رجلا فرجلا ومواضع منازلهم.

فقال: جعلت فداك فكلما عرفه أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عرفه الحسن _ عليه السلام _ وكلما عرفه الحسن فقد صار علمه إلى الحسين، وكلما عرفه الحسين فقد صار علمه إليكم فأخبرني جعلت فداك؟ فقال جعفر _ عليه السلام _:

إذا كان يوم الجمعة بعد الصلاة فأتني فأتيته فقال: أين صاحبك الذي يكتب لك؟ فقلت: شغله شاغل وكرهت أن أتأخر عن وقت حاجتي.

فقال _ عليه السلام _ لرجل: اكتب له: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أملاه رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وأودعه إياه من تسمية أصحاب القائم _ عليه السلام _ وعدة من يوافيه من المفقودين عن فرشهم والسائرين إلى مكة في ليلة واحدة وذلك عند استماع الصوت في السنة التي يظهر فيها أمر الله عز وجل وهم النجباء والفقهاء والحكام على الناس. المرابط السياح من طواس الشرقي رجل، ومن أهل الشام رجلان، ومن فرغانة رجل، ومن مرو الروذ رجلان، ومن الترمذ رجلان، ومن الصامغان رجلان، ومن النيزبان أربعة رجال، ومن أفنون تسعة رجال، ومن طوس خمسة رجال، ومن فاراب رجلان، ومن الطالقان أربعة وعشرون رجلا، ومن مرو اثنا عشر رجلا، ومن جبال الغور ثمانية رجال، ومن نيسابور سبعة عشر رجلا، ومن سجستان ثلاثة رجال، ومن بوشنج

ص: 200

أربعة رجال، ومن الري سبعة رجال، ومن هراة اثنا عشر رجلا، ومن طبرستان أربعة رجال، ومن تل مورن رجلان، ومن الرها رجل واحد، ومن قم ثمانية عشر رجلا، ومن قوميس رجلان، ومن جرجان اثنا عشر رجلا، ومن فلسطين رجلا، ومن ... ثلاثة رجال ومن الطبرية رجل، ومن همدان أربعة رجال، ومن بابل رجل واحد، ومن كيدر رجلان، ومن سبزوار ثلاثة رجال، ومن كشمير رجل، ومن سنجار أربعة رجال، ومن قالي قلا رجل، ومن شمشاط رجل، ومن حران رجل، ومن الرقة ثلاثة رجال، ومن الرافقة رجلان، ومن حلب أربعة رجال، ومن قبرص رجلان، ومن بتليس رجل، ومن دمياط رجل، ومن أسوان رجل، ومن سلمية خمسة رجال، ومن دمشق ثلاثة رجال، ومن بعلبك رجل، ومن تل شيزر رجل، ومن الفسطاط أربعة رجال، ومن القلزم رجلان، ومن تستر رجل، ومن برذغة رجل، ومن فارس رجل، ومن تفليس رجل، ومن صنعاء رجلان، ومن مأزن رجل، ومن طرابلس رجل، ومن القيروان رجلان، ومن إيلة رجل، ومن وادي القرى رجل، ومن خيبر رجل، ومن بدر رجل، ومن الحان رجل، ومن أهل المدينة رجل، ومن الربذة رجل، ومن الكوفة أربعة عشر رجلا، ومن الحيرة رجل، ومن كوثي رجل، ومن طي رجل، ومن زبيدة رجل، ومن برقة رجلان، ومن الأهواز رجلان، ومن إصطخر رجلان، ومن ببداميل رجل، ومن الليان رجل، ومن ... رجل، ومن واسط رجل، ومن حلوان رجلان، ومن البصرة ثلاثة رجال، ومن أصحاب الكهف سبعة رجال، والتاجران الخارجان من عانة إلى أنطاكية، والمستأمنة إلى الروم وهم أحد عشر رجلا، والنازلون بسرانديب، ومن السمندر أربعة رجال، والمفقود من مركبه بسلاهط رجل، ومن هرب من الشعب إلى سندانية رجلان، والمتخلي بسقلية والطواف لطلب الحق من يخشب رجل، والهارب من عشيرته من بلخ رجل، والمحتج بالكتاب من سرخس على النصاب، فهؤلاء ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، يجمعهم الله عز وجل بمكة في ليلة واحدة، وهي ليلة الجمعة فيصبحون بمكة في بيت الله الحرام لا يتخلف منهم رجل واحد فينتشرون بمكة في أزقتها ويطلبون منازل يسكنونها، فينكرهم أهل مكة، وذلك لم يعلموا بقافلة قد دخلت من

ص: 201

بلدة من البلدان لحج ولا لعمرة ولا تجارة، فيقول من يقول من أهل مكة بعضهم لبعض، ما ترون قوما من الغرباء في يومنا هذا لم يكونوا قبل هذا ليس هم من أهل بلدة واحدة ولا هم من قبيلة واحدة ولا معهم أهل ولا دواب، فبينا هم كذلك إذ أقبل رجل من بني مخزوم فيتخطى رقاب الناس ويقول: رأيت في ليلتي هذه رويا عجيبة وأنا لها خائف وقلبي منها وجل، فيقولون سر بنا إلى فلان الثقفي فاقصص عليه رؤياك، فيأتون الثقفي فيقول المخزومي: رأيت سحابة انقضت من عنان السماء فلم تزل حتى انقضت على الكعبة ما شاء الله، وإذا فيها جراد ذو أجنحة خضر، ثم تطايرت يمينا وشمالا لا تمر ببلد إلا أحرقته ولا بحصن إلا حطمته، فيقول الثقفي لقد طرقكم في هذه الليلة جند من جنود الله جل وعز لا قوة لكم به، فيقولون أما والله لقد رأينا عجبا ويحدثونه بأمر القوم، ثم ينهضون من عنده فيهتمون بالوثوب بالقوم وقد ملا الله قلوبهم رعبا وخوفا، فيقول بعضهم لبعض وهم يأتمرون بذلك، يا قوم لا تعجلوا على القوم، ولم يأتوكم بمنكر ولا شهروا السلاح ولا أظهروا الخلاف ولعله أن يكون في القوم رجل من قبيلتكم فإن بدا لكم من القوم أمر تنكرونه فأخرجوهم، أما القوم فمتمسكون سيماهم حسنة وهم في حرم الله جل وعز الذي لا يفزع من دخله حتى يحدثوا فيه حادثة ولم يحدث القوم ما يجب محاربتهم، فيقول المخزومي وهو عميد القوم: أنا لا آمن أن يكون وراهم مادة وأن أتت إليهم انكشف أمرهم وعظم شأنهم فأحصوهم وهم في قلة من العدد وعزة بالبلد قبل أن تأتيهم المادة، فإن هؤلاء لم يأتوكم إلا وسيكون لهم شأن، وما أحسب تأويل رويا صاحبكم إلا حقا، فيقول بعض لبعض: إن كان من يأتيكم مثلهم فإنه لا خوف عليكم منهم لأنه لا سلاح معهم ولا حصن يلجأون إليه، وإن أتاكم جيش نهضتم بهولاء فيكونون كشربة ظمآن، فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتى يحجز الليل بين الناس فيضرب على آذانهم بالنوم فلا يجتمعون بعد إنصرافهم أن يقوم القائم فيلقى أصحاب القائم _ عليه السلام _ بعضهم بعضا كبني أب وأم افترقوا غدوة واجتمعوا عشية.

فقال أبو بصير: جعلت فداك ليس على ظهرها مؤمن غير هؤلاء قال: بلى ولكن

ص: 202

هذه العدة التي يخرج فيها القائم _ عليه السلام _ وهم النجباء والفقهاء وهم الحكام وهم القضاة الذين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشكل عليكم حكم (1) 9 - وخطب علي بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفا من الملاحم وقال: ذلك أمر الله، وهو كائن وقتا مريحا، فيا بن خيرة الإماء، متى تنتظر، أبشر بنصر قريب من رب رحيم، فبأبي وأمي من عدة قليلة، أسماؤهم في الأرض مجهولة، قد دان حينئذ ظهورهم، يا عجبا كل العجب، بين جمادى ورجب، من جمع شتات، وحصد نبات، ومن أصوات بعد أصوات.

ثم قال: سبق القضاء سبق (2) 10 - روى أبو العلاء الهمداني من أفضل علماء الجمهور، وقد أثنى عليه الحافظ محمد بن النجار في تذييله على تاريخ الخطيب، حتى قال: تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة، ذكر في كتاب أخبار المهدي أحاديث في ذلك، منها:

عن أبي رومان، قال علي _ عليه السلام _:

يخرج من مكة بعد الخسف في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، ويلتقي هو وصاحب جيش السفياني، وأصحاب المهدي يومئذ جننهم البراذع يعني تراسهم، ويسمع صوت مناد من السماء: ألا إن أولياء الله أصحاب فلان يعني المهدي، وتكون الدائرة على أصحاب السفياني (3)

ص: 203


1- (1) ملاحم ابن طاووس: 201 - 205. هذا الحديث ليس علوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
2- (2) ينابيع المودة: 512، وقال: قال رجل من أهل البصرة إلى رجل من أهل الكوفة في جنبه: أشهد أنه كاذب. قال الكوفي: والله، ما نزل علي من المنبر حتى فلج الرجل فمات من ليلته.
3- (3) الصراط المستقيم: 2 / 260، عنه إثبات الهداة: 3 / 615، - بعضه - بتفاوت يسير.

11 - محمد بن همام، عن حميد بن زياد، عن محمد بن علي بن غالب عن يحيى بن عليم، عن أبي جميلة، عن جابر قال: حدثني من رأى المسيب بن نجبة قال:

جاء رجل إلى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ ومعه رجل يقال له ابن السوداء، فقال له: يا أمير المؤمنين! إن هذا يكذب على الله وعلى رسوله ويستشهدك.

فقال أمير المؤمنين: لقد أعرض وأطول (1) يقول ماذا؟ قال: يذكر جيش الغضب.

فقال: خل سبيل الرجل! أولئك قوم يأتون في آخر الزمان قزع كقزع الخريف الرجل والرجلان والثلاثة، في كل قبيلة حتى يبلغ تسعة، أما والله إني لأعرف أميرهم واسمه ومناخ ركابهم، ثم نهض وهو يقول:

[باقرا] باقرا باقرا ثم قال: ذلك رجل من ذريتي يبقر الحديث بقرا (2) 12 - عنه، عن محمد بن الحسن بن شمون البصري، عن عبد الله بن عمرو بن الأشعث، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عيينة قال: لما قتل أمير المؤمنين - عليه السلام - الخوارج يوم النهروان قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف وقتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أناس لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد. فقال الرجل: وكيف شهدنا قوم لم يخلقوا؟ قال: بلى، قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه وهم يسلمون لنا، فأولئك شركاؤنا فيما كنا فيه حقا حقا(3)

ص: 204


1- (1) بيان: لقد أعرض وأطول: أي قال. لك قولا عريضا طويلا تنسبه إلى الكذب فيه ويحتمل أن يكون المعنى ان السائل أعرض وأطول في السؤال.
2- (2) البحار: 52 / 247، غيبة النعماني: 311 - 312.
3- (3) البحار: 52 / 131 ح 32 الباب 22، عن المحاسن: 262 ح 322 الباب 33.

13 - أخبرنا علي بن الحسين المسعودي قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار بقم قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمن ابن أبي حماد، عن يعقوب بن عبد الله الأشعري (1) عن عتيبة بن سعد [ان] بن يزيد، عن الأحنف بن قيس، قال: دخلت على علي _ عليه السلام _ في حاجة لي فجاء ابن الكواء وشبث بن ربعي فاستأذنا عليه، فقال لي علي - عليه السلام -: إن شئت فأذن لهما فإنك أنت بدأت بالحاجة، قال:

قلت: يا أمير المؤمنين فاذن لهما. فلما دخلا، قال: ما حملكما على أن خرجتما علي بحروراء؟ قالا: أحببنا أن نكون من [جيش] الغضب (2) قال:

ويحكما وهل في ولايتي غضب؟ أو يكون الغضب حتى يكون من البلاء كذا وكذا؟ ثم يجتمعون قزعا كقزع الخريف (3) من القبائل ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة.

ص: 205


1- (1) عبد الرحمان بن أبي حماد كوفي انتقل إلى قم وسكنها، وهو صاحب دار أحمد بن محمد بن خالد البرقي وكان ضعيفا في حديثه وله كتاب، ويعقوب بن عبد الله بن سعد بن مالك بن هاني بن عامر بن أبي عامر الأشعري أبو الحسن القمي ثقة عند الطبراني وابن حبان، وقال أبو نعيم الأصبهاني: كان جرير بن عبد الحميد إذا رآه قال: هذا مؤمن آل فرعون (راجع تهذيب التهذيب) ولم أعثر على عنوان عتيبة بن سعد أو سعدان، وفي بعض النسخ عيينة ولم أظفر به أيضا.
2- (2) كذا في النسخ، وفي البحار أحببنا أن تكون من الغضب بصيغة الخطاب، وفي بعض النسخ بزيادة جيش قبل الغضب.
3- (3) تقدم معناه مع توضيح.

ص: 206

الباب الخامس

الفصل الثاني: الرايات السود

ص: 207

ص: 208

- 15 - الرايات السود

1 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ أنه قال:

فإن كانت قد بعدت عنك خراسان فإن لله عز وجل مدينة بخراسان يقال لها مرو، أسسها ذو القرنين وصلى بها عزير، أرضها فياحة، وأنهارها سياحة على كل باب من أبوابها ملك شاهر سيفه يدفع عنها الآفات إلى يوم القيامة، لا توخذ عنوة أبدا ولا يفتحها إلا القائم من آل محمد، وإن لله عز وجل مدينة بخراسان يقال لها خوارزم، النازل بها كالضارب بسيفه في سبيل الله عز وجل، فطوبى لكل راكع وساجد بها، وإن لله عز وجل مدينة بخراسان يقال لها بخارا، وأنى برجال بخارا سيعركون عرك الأديم، ويحا لك يا سمرقند! غير أنه سيغلب عليهم في آخر الزمان الترك فمن قبلهم هلاكها، وإن لله عز وجل مصالح بالشاش وفرغانة، فطوبى للمصلي بهما ركعتين، وإن لله عز وجل مدينة بخراسان يقال لها أبيجاب، فطوبى لمن مات بها، فإنه عند الله شهيد. وأما مدينة بلخ فقد خربت مرة، ولئن خربت ثانية لم تعمر أبدا، فليت بيننا وبينها جبل قاف وجبل صاد، ويحا لك يا طالقان، فإن لله عز وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، وهم أنصار المهدي في آخر الزمان (أما مدينة هرات فتمطر عليهم السماء مطر) حيات لها أجنحة فتقتلهم عن آخرهم، وأما مدينة الترمذ فإنهم يموتون بالطاعون الجارف فلا يبقى منهم أحد، وأما مدينة واشجردة فإنهم يقتلون عن آخرهم قتلا ذريعا من عدو، يغلب عليهم أعداؤهم فلا يزالون يقتلون

ص: 209

أهلها ويخربونها حتى يجعلوها جوف حمار ميت. وأما سرخس فيكون بها رجفة شديدة وهدة عظيمة، ويهلك عامتهم بالفزع والخوف والرعب، وإما سجستان فإنه يكون قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من دين الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، ثم يغلب عليها في آخر الزمان الرمل فيطمها على جميع من فيها، بؤسا لك ياسوج! ليخرجن منها ثلاثون دجالا كل دجال منهم لو لقي الله بدماء العباد جميعا لم يبال، وأما نيسابور فإنها تهلك بالرعود والبروق والظلمة والصواعق حتى تعود خرابا يبابا بعد عمرانها وكثرة سكانها، وأما جرجان وأي قوم بجرجان لو كانوا يعملون لله عز وجل، ولكن قست قلوبهم وكثر فساقهم، ويحا لك يا قومس! فكم فيك من عبد صالح، ولا تخلوا أرضك من قوم صالحين، وأما مدينة الدامغان فإنها تخرب إذا كثر خيلها ورجلها، وكذلك سمنان لا يزالون في ضنك وجهد حتى يبعث الله هاديا مهديا فيكون فرجهم على يديه، وأما طبرستان فإنها بلدة قل مؤمنوها وكثر فاسقوها، قرب بحرها ينفع سهلها وجبلها، وأما الري فإنها مدينة افتتنت بأهلها، وبها الفتنة الصماء مقيمة، ولا يكون خرابها إلا على يد الديلم في آخر الزمان، وليقتلن بالري على باب الجبل في آخر الزمان خلق كثير لا يحصيهم إلا من خلقهم، وليصيبن على باب الجبل ثمانية من كبراء بني هاشم كل يدعي الخلافة، وليحاصرن بالري رجل عظيم اسمه على اسم نبي، فيبقى في الحصار أربعين يوما ثم يؤخذ بعد ذلك فيقتل، وليصيبن أهل الري في ولاية السفياني قحط وجهد وبلاء عظيم، ثم سكت علي _ عليه السلام _ فلم ينطق بشئ، فقال عمر - رضي الله عنه -: يا أبا الحسن لقد رغبتني في فتح خراسان، قال علي _ عليه السلام _: قد ذكرت لك ما علمت منها مما لا شك فيه فاله عنها وعليك بغيرها، فإن أول فتحها لبني أمية وآخر أمرها لبني هاشم، وما لم أذكر منها لك هو أكثر مما ذكرته والسلام (1)

ص: 210


1- (1) الفتوح: 2 / 78 - 81، وذكر في هامشه: أنه يوجد بعد قوله: وهم أنصار المهدي في آخر الزمان سقط، وفي بعض النسخ: أما مدينة هرات فتمطر عليهم السماء مطر حيات يكون هلاكهم به، البحار: 51 / 87، و 60 / 229، إثبات الهداة: 3 / 599، كنز العمال: 14 / 591 حديث (39677)، منتخب الكنز بهامش مسند أحمد: 6 / 34، برهان المتقي: 150، عقد الدرر: 222، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الكوفي في كتاب الفتوح، كشف الغمة: 3 / 268، غاية المرام: 701، منتخب الأثر: 484، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 82 - 83 وقال: وأخرج أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن، ينابيع المودة: 449، وفيه: بخ بخ للطالقان، وأورده في: 491، عن غاية المرام، حلية الأبرار: 2 / 709، جمع الجوامع: 2 / 104، بيان الشافعي: 491، من قوله: ويحا للطالقان... وهم أنصار المهدي _ عليه السلام _ في آخر الزمان.

2 - عن أبي الطفيل أن عليا قال له: يا عامر! إذا سمعت الرايات السود مقبلة، فاكسر ذلك القفل وذلك الصندوق، حتى تقتل تحتها، فإن لم تسطع فتدحرج حتى تقتل تحتها (1) 3 - حدثنا العباس بن محمد قال: نبأ سبابة بن سوار قال: أنبأ الحريس بن طلحة أبو قدامة قال: حدثني أبو الحيرة سجة بن عبد الله قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول:

والذي نفسي بيده لا يذهب الليل والنهار حتى تجئ الرايات السود من قبل خراسان حتى يوثقوا خيولهم بنخلات نيسان والفرات (2) 4 - حدثنا رشدين، عن أبي حفص الحجري، عن المقدام الحجري، أو أبي المقدام، عن ابن عباس، قال: قلت لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه): متى دولتنا يا أبا حسن؟ قال: إذا رأيت فتيان أهل خراسان، أصبتم أنتم إثمها، وأصبنا نحن برها (3).

ص: 211


1- (1) جمع الجوامع: 2 / 212، ثم قال: أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي، في جزء من حديثه، عنه كنز العمال: 11 / 278 حديث (31514)، وفيه:... مقبلة من خراسان، فكنت في صندوق مقفل عليك.
2- (2) ملاحم ابن المنادي: 66.
3- (3) فتن ابن حماد: 52، عنه كنز العمال: 11 / 282 حديث (31528).

5 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي قال:

يظهر السفياني على الشام، ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسيا حتى تشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم، ثم يفتق عليهم فتق من خلفهم فتقبل طائفة منهم حتى يدخلوا أرض خراسان، وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان فيقتلون شيعة آل محمد بالكوفة، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي (1) 6 - حدثنا الوليد بن مسلم، ورشدين بن سعد، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال:

إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة، بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود، على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر، فتكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود، وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه (2)

ص: 212


1- (1) ابن حماد: 82، كنز العمال: 11 / 284 حديث (31537) - عن ابن حماد، وفيه:... وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان في طلب المهدي، عقد الدرر: 87 - عن مستدرك الصحيحين بتفاوت يسير، مستدرك الصحيحين: 4 / 501 - 502 - كما في ابن حماد بتفاوت يسير، بسنده إليه - وأخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا الوليد ورشدين (قالا): ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: وفيه:... ثم ينفتق.
2- (2) ابن حماد: 86، وفي: 88 - أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن بريدة، أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، أنا أبو زيد عبد الرحمان بن حاتم المرادي بمصر سنة ثمانين ومائتين، ثنا نعيم بن حماد، ثم بقية سنده، وفيه: يلتقي السفياني والرايات السود، فيهم شاب من بني هاشم في كفه اليسرى خال، وعلى مقدمته رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح، بباب إصطخر، فتكون بينهم ملحمة، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 69 - عن رواية ابن حماد الأولى، وفيه: فيلتقي هو والسفياني، جمع الجوامع: 2 / 103 - عن رواية ابن حماد الأولى، كنز العمال: 14 / 588 حديث (39667) - عن رواية ابن حماد الأولى، برهان المتقي: 152 - عن عرف السيوطي، الحاوي، عقد الدرر: 127 - عن رواية ابن حماد الثانية، وفيه:... يلتقي السفياني ذا الرايات السود، الفتاوى الحديثية: 29 - كما في رواية ابن حماد الثانية مرسلا، وفيه:... مقتلة عظيمة.

7 - عن علي قال:

إذا خرجت الرايات السود من السفياني، التي فيها شعيب بن صالح تمنى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيصلي ركعتين بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البلايا، فإذا فرغ من صلاته انصرف فقال: يا أيها الناس ألح البلاء بأمة محمد وبأهل بيته خاصة، فهو باغ بغى علينا (1) 8 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي قال:

إذا اختلفت الرايات السود خسف بقرية من قرى إرم، وسقط جانب مسجدها الغربي، ثم تخرج بالشام ثلاث رايات: الأصهب، والأبقع، والسفياني، فيخرج السفياني من الشام، والأبقع من مصر، فيظهر السفياني عليهم (2) 9 - عن علي قال: يقتل في آخر الزمان كل علي وأبي علي، وكل حسن وأبي

ص: 213


1- (1) ابن حماد: 94، ملاحم ابن طاووس: 63 - عن ابن حماد بتفاوت يسير، وفيه:... إذا هزت، عرف السيوطي الحاوي: 2 / 77 - عن ابن حماد، في رواية عن علي قال: -، كنز العمال: 14 / 590 - عن ابن حماد، وفيه: إذا هزمت الرايات السود خيل السفياني، برهان المتقي: 144 - عن عرف السيوطي، جمع الجوامع: 2 / 104 - عن نعيم بتفاوت، وفيه:... قهرنا وبغي.
2- (2) فتن ابن حماد: 77، وفيها: قال ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي قال: تخرج بالشام ثلاث رايات: الأصهب، والأبقع من مصر، فيظهر السفياني عليهم، كنز العمال: 11 / 284 حديث (31536) كما في المتن بتفاوت يسير.

حسن، وذلك إذا أفرطوا في كما أفرطت النصارى في عيسى بن مريم، فانثالوا على ولدي فأطاعوهم طلبا للدنيا (1) 10 - عن محمد ابن الحنفية أن علي بن أبي طالب قال يوما في مجلسه:

والله لقد علمت لتقتلنني ولتخلفني ولتكفون إكفاء الاناء بما فيه، ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه - يعني لحيته - بدم من فود هذه - يعني هامته -، فوالله إن ذلك لفي عهد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إلي، وليدالن عليكم هؤلاء القوم باجتماعهم على أهل باطلهم وتفرقكم على أهل حقكم حتى يملكوا الزمان الطويل فيستحلوا الدم الحرام، والفرج الحرام، والخمر الحرام، والمال الحرام، فلا يبقى بيت من بيوت المسلمين إلا دخلت عليهم مظلمتهم، فيا ويح بني أمية من ابن أمتهم! يقتل زنديقهم، ويسير خليفتهم في الأسواق، فإذا كان كذلك ضرب الله بعضهم ببعض، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يزال ملك بني أمية ثابتا لهم حتى يملك زنديقهم، فإذا قتلوه وملك ابن أمتهم خمسة أشهر ألقى الله بأسهم بينهم، فيخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، وتعطل الثغور، وتهراق الدماء، وتقع الشحناء في العالم والهرج سبعة أشهر، فإذا قتل زنديقهم فالويل ثم الويل للناس في ذلك الزمان! يسلط بعض بني هاشم على بعض حتى من الغيرة تغير خمسة نفر على الملك كما يتغاير الفتيان على المرأة الحسناء، فمنهم الهارب والمشؤوم، ومنهم السناط (2) الخليع يبايعه جل أهل الشام، ثم يسير إليه حماز الجزيرة من مدينة الأوثان، فيقاتله الخليع ويغلب على الخزائن، فيقاتله من دمشق إلى حران، ويعمل عمل الجبابرة الأولى، فيغضب الله من السماء لكل عمله، فيبعث عليه فتى من قبل المشرق يدعو إلى أهل بيت النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ هم أصحاب الرايات السود المستضعفون، فيعزهم الله وينزل عليهم النصر، فلا يقاتلهم أحد إلا هزموه، ويسير الجيش القحطاني حتى يستخرجوا الخليفة وهو كاره خائف، فيسير معه تسعة آلاف من الملائكة، معه راية النصر، وفتى اليمن في نحر حماز

ص: 214


1- (1) كنز العمال: 14 / 323.
2- (2) السناط: الذي لا لحية له أصلا. النهاية: 2 / 409. ب.

الجزيرة على شاطئ نهر، فيلتقي هو وسفاح بني هاشم فيهزمون الحماز ويهزمون جيشه ويغرقونهم في النهر، فيسير الحماز حتى يبلغ حران فيتبعونه فينهزم منهم، فيأخذ على المدائن التي في الشام على شاطئ البحر حتى ينتهي البحرين، ويسير السفاح وفتى اليمن حتى ينزلوا دمشق فيفتحونها أسرع من التماع البرق ويهدمون سورها، ثم يبنى ويعمر ويساعدهم عليها رجل من بني هاشم اسمه اسم نبي، فيفتحونها من الباب الشرقي قبل أن يمضي من اليوم الثاني أربع ساعات، فيدخلها سبعون ألف سيف مسلول بأيدي أصحاب الرايات السود، شعارهم أمت أمت أكثر قتلاها فيما يلي المشرق، والفتى في طلب الحماز فيدركانه فيقتلانه من وراء البحرين من المعرتين واليمن، ويكمل الله للخليفة سلطانه، ثم يثور سميان أحدهما بالشام والآخر بمكة، فهلك صاحب المسجد الحرام ويقبل حتى يلقى جموعه جموع صاحب الشام فيهزمونه (1)

ص: 215


1- (1) كنز العمال: 14 / 595 - 598، ح (39680)، عن ملاحم ابن المنادي.

ص: 216

الباب السادس

الفصل الأول: السفياني

ص: 217

ص: 218

- 1 - 6 - السفياني

1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: قال أبو عبد الله _ عليه السلام _:

قال أبي _ عليه السلام _: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش (1) الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان، وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان، حتى يأتي أرضا ذات قرار (2) ومعين فيستوي على منبرها (3)

ص: 219


1- (1) وحش الوجه - أي يستوحش من يراه، ولا يستأنس به أحد -، أو بالخاء المعجمة - وهو الردي من كل شئ.
2- (2) الأرض ذات القرار: الكوفة أو النجف، كما فسرت به في الاخبار.
3- (3) كمال الدين: 2 / 651، إثبات الهداة: 3 / 721، وفيه:... وخشن الوجه، ضخم الهامة... وأبو عيينة، وفي 3 / 732، وفيه:... وهو رجل مربعة وخشن الوجه، البحار: 52 / 205، إعلام الورى: 428، مرسلا عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الصادق، عن أبيه، عن أمير المؤمنين - عليهم السلام -، وفيه:... وهو رجل قبيح الوجه ... وأبوه عيينة وليس فيه:... ربعة...، الخرائج: 3 / 1150، كلهم عن كمال الدين.

2 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي (رضي الله عنه) قال:

إذا ظهر أمر السفياني، لم ينج من ذلك البلاء إلا من صبر على الحصار (1).

3 - حدثنا عبد القدوس وغيره، عن ابن عياش، عمن حدثه، عن محمد بن جعفر، عن علي قال:

السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه آثار جدري، وبعينه نكتة بياض.

يخرج من ناحية مدينة - دمشق - في واد، يقال له: وادي اليابس، يخرج في سبعة نفر، مع رجل منهم لواء معقود، يعرفون في لوائه النصر، يسير (الرعب) بين يديه على ثلاثين ميلا، لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلا انهزم (2) 4 - أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمد بن موسى قال:

أخبرني أحمد بن أبي أحمد المعروف بأبي جعفر الوراق، عن إسماعيل بن عياش، عن مهاجر بن حكيم، عن المغيرة بن سعيد، عن أبي جعفر الباقر - عليه السلام - أنه قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _:

إذا اختلف الرمحان بالشام، لم تنجل إلا عن آية من آيات الله. قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشام، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين.

فإذا كان ذلك، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب

ص: 220


1- (1) ابن حماد: 65، عنه كنز العمال: 11 / 283 حديث (31533).
2- (2) ابن حماد: 75، عقد الدرر: 72 - 73 - عن ابن حماد، كنز العمال: 11 / 284 حديث (31535) - عن ابن حماد، وفيه:... بيضاء، منتخب الأثر: 458 - عن برهان المتقي، ضمن حديث آخر للنبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أيضا، برهان المتقي: 112 - 113 - عن عقد الدرر، إلى قوله: ناحية مدينة دمشق.

المحذوفة، والرايات الصفر، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر. فإذا كان ذلك، فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا. فإذا كان ذلك، خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، توي على منبر دمشق. فإذا كان ذلك، فانتظروا خروج المهدي _ عليه السلام _ (1) 5 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال:

تختلف ثلاث رايات، راية بالمغرب، ويل لمصر وما يحل بها منهم، وراية بالجزيرة، وراية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة.

ثم يخرج رجل من ولد العباس بالشام، حتى تكون منهم مسيرة ليلتين، فيقول أهل المغرب: قد جاءكم قوم حفاة أصحاب أهواء مختلفة، فتضطرب الشام وفلسطين،

ص: 221


1- (1) غيبة النعماني: 305 - 306، غيبة الطوسي: 277 - (أخبرنا جماعة) عن أبي المفضل الشيباني، عن أبي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة العمري، عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم عمرو قرقارة الكاتب، عن أحمد بن محمد الأسدي، عن محمد بن أحمد، عن إسماعيل بن عباس، عن مهاجر بن حكيم، عن معاوية بن سعيد، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: قال علي بن أبي طالب - عليه السلام -: وفيه... رمحان... فهو آية قيل ثم مه؟ قال ثم رجفة... مائة ألف يجعله الشهب والرايات... حتى تحل بالشام، فإذا كان ذلك فانتظروا خسفا بقرية من قرى الشام، خرسنا، وإذا كان ذلك فانتظروا ابن آكلة الأكباد بوادي اليابس، إثبات الهداة: 3 / 730 - عن غيبة الطوسي بتفاوت في السند، البحار: 52 / 216 - عن غيبة الطوسي بتفاوت يسير، وفي: 253 - عن غيبة النعماني، بشارة الاسلام: 53 - عن غيبة الطوسي، العدد القوية: 76 - كما في غيبة الطوسي بتفاوت يسير، مرسلا عن علي _ عليه السلام _ وفيه:... فانتظروا ابن آكلة الأكباد بالوادي اليابس، ثم تظلكم فتنة مظلمة عمياء منكشفة، لا يغبو (لا ينجو) منها إلا النومة، قيل: وما النومة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه، البدء والتاريخ: 2 / 177 - قال: وفيما خبر عن علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه - في ذكر الفتن بالشام قال: فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد على أثره، ليستولي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي، الخرائج: 3 - 1151 - كما في غيبة الطوسي بتفاوت يسير مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وفيه:... بالوادي اليابس، منتخب الأنوار المضيئة: 29 - عن الخرائج.

فتجتمع رؤساء الشام وفلسطين فيقولون اطلبوا ملك الأول فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق، بموضع يقال لها حرستا، فإذا أحس بهم هرب إلى أخواله كلب، وذلك دهاء منه.

ويكون بالوادي اليابس عدة عديدة فيقولون له يا هذا، ما يحل لك أن تضيع الاسلام أما ترى ما الناس فيه من الهوان والفتن؟ فاتق الله واخرج أما تنصر دينك؟ فيقول لست بصاحبكم، فيقولون: ألست من قريش، من أهل بيت الملك القديم، أما تغضب لأهل بيتك وما نزل بهم من الذل والهوان؟ ويخرج راغبا في الأموال والعيش الرغد، فيقول اذهبوا إلى حلفائكم الذين كنتم تدينون لهم هذه المدة، ثم يجيئهم فيخرج في يوم جمعة فيصعد منبر دمشق وهو أول منبر يصعده، فيخطب ويأمرهم بالجهاد، ويبايعهم على أنهم لا يخالفون له أمرا، رضوه أم كرهوه. فقام رجل فقال:

ما اسمه يا أمير المؤمنين؟ فقال: هو حرب بن عنبسة بن مرة بن كلب بن سلمة بن يزيد بن عثمان بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، ملعون في السماء، ملعون في الأرض، أشر خلق لله عز وجل أبا، وألعن خلق الله جدا، وأكثر خلق الله ظلما.

قال: ثم يخرج إلى الغوطة، فما يبرح حتى يجتمع الناس إليه، وتتلاحق به أهل الضغائن، فيكون في خمسين ألفا، ثم يبعث إلى كلب فيأتيه منهم مثل السيل، ويكون في ذلك الوقت رجال البربر يقاتلون رجال الملك من ولد العباس، فيفاجئهم السفياني في عصائب أهل الشام، فتختلف الثلاث رايات رجال ولد العباس هم الترك والعجم، وراياتهم سوداء، وراية البربر صفراء وراية السفياني حمراء، فيقتتلون ببطن الأردن قتالا شديدا، فيقتل فيما بينهم ستون ألفا، فيغلب السفياني، وإنه ليعدل فيهم حتى يقول القائل: والله ما كان يقال فيه إلا كذب، والله إنهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمة محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ منه ما قالوا ذلك، فلا يزال يعدل حتى يسير ويعبر الفرات، وينزع الله من قلبه الرحمة، ثم يسير إلى الموضع المعروف بقرقيسيا، فيكون له بها وقعة عظيمة، ولا يبقى بلد

ص: 222

إلا بلغه خبره، فيداخلهم من ذلك الجزع. ثم يرجع إلى دمشق، وقد دان له الخلق، فيجيش جيشين جيش إلى المدينة، وجيش إلى المشرق، فأما جيش المشرق - فيقتلون بالزوراء سبعين ألفا، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقا. وأما جيش المدينة إذا توسطوا البيداء صاح بهم صائح، وهو جبريل _ عليه السلام _، فلا يبقى منهم أحد إلا خسف الله به، ويكون في أثر الجيش رجلان يقال لهما بشير ونذير، فإذا أتيا الجيش لم يريا إلا رؤوسا خارجة على الأرض، فيسألان جبريل _ عليه السلام _: ما أصاب الجيش؟ فيقول: أنتما منهم؟ فيقولان: نعم. فيصيح بهما، فتتحول وجوههما القهقري، ويمضي أحدهما إلى المدينة وهو بشير، فيبشرهم بما سلمهم الله عز وجل منه، والآخر نذير فيرجع إلى السفياني، فيخبره بما نال الجيش عند ذلك.

قال: وعند جهينة الخبر اليقين، لأنهما من جهينة. ثم يهرب قوم من ولد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إلى بلد الروم، فيبعث السفياني إلى ملك الروم: رد إلي عبيدي، فيردهم إليه، فيضرب أعناقهم على الدرج شرقي مسجد دمشق فلا ينكر ذلك عليه. ثم يسير في سبعين ألفا نحو العراق، والكوفة، والبصرة. ثم يدور الأمصار والأقطار، ويحل عرى الاسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم ويحرق المصاحف ويخرب المساجد ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزاهر في الأسواق، والشرب على قوارع الطرق، ويحلل لهم الفواحش، ويحرم عليهم كل ما افترضه الله عز وجل عليهم من الفرائض، ولا يرتدع عن الظلم والفجور بل يزداد تمردا وعتوا وطغيانا، ويقتل من كان اسمه محمدا، وأحمد، وعليا، وجعفرا، وحمزة، وحسنا، وحسينا، وفاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وخديجة، وعاتكة، حنقا وبغضا (لبيت آل) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم يبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم، فيقولون إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما ذنبنا؟ فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسنا وحسينا (كذا) فيصلبهما، ثم يسير إلى الكوفة، فيفعل بهم كما فعله بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين أسماؤهما حسن وحسين، فتغلي دماؤهما كما غلى دم يحيى بن زكريا - عليهما السلام -، فإذا رأى ذلك

ص: 223

أيقن بالهلاك والبلاء، فيخرج هاربا منها، متوجها إلى الشام فلا يرى في طريقه أحدا يخالفه، فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك.

ويخرج السفياني وبيده حربة فيأخذ امرأة حاملا فيدفعها إلى بعض أصحابه ويقول: افجر بها في وسط الطريق. فيفعل ذلك، ويبقر بطنها، فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك، فتضطرب الملائكة في السماء فيأمر الله عز وجل جبريل _ عليه السلام _ فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الفرج، وهو المهدي _ عليه السلام _ خارج من مكة فأجيبوه. ثم قال _ عليه السلام _: ألا أصفه لكم، ألا وإن الدهر (فينا قسمت) حدوده (ولنا أخذت) عهوده، وإلينا ترد شهوده، ألا وإن أهل حرم الله عز وجل سيطلبون لنا بالفضل، من عرف عودتنا فهو مشاهدنا، ألا فهو أشبه خلق الله عز وجل برسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ واسمه على اسمه، واسم أبيه على اسم أبيه، من ولد فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، من ولد الحسين. ألا فمن توالى غيره لعنه الله.

ثم قال _ عليه السلام _: فيجمع الله عز وجل أصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، كأنهم ليوث خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو هموا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها، الزي واحد، واللباس واحد، كأنما آباؤهم أب واحد.

ثم قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: وإني لأعرفهم وأعرف أسماءهم، ثم سماهم، وقال: ثم يجمعهم الله عز وجل من مطلع الشمس إلى مغربها، في أقل من نصف ليلة، فيأتون مكة فيشرف عليهم أهل مكة فلا يعرفونهم فيقولون كبسنا أصحاب السفياني.

فإذا تجلى لهم الصبح يرونهم طائعين مصلين فينكرونهم، فعند ذلك يقيض الله لهم من يعرفهم المهدي _ عليه السلام _ وهو مختف، فيجتمعون إليه فيقولون له أنت المهدي؟ فيقول أنا أنصاري، والله ما كذب، وذلك أنه ناصر الدين، ويتغيب عنهم، فيخبرونهم أنه قد لحق بقبر جده - عليهما السلام - ، فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحس بهم رجع إلى مكة (فلا يزالون

ص: 224

به إلى أن يجيبهم) فيقول لهم: إني لست قاطعا أمرا حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم لا تغيرون منها شيئا، ولكم علي ثمان خصال، قالوا: قد فعلنا ذلك، فاذكر ما أنت ذاكر يا ابن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _. فيخرجون معه إلى الصفا فيقول: أنا معكم على أن لا تولوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا ولا تقتلوا محرما، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحدا إلا بحقه، ولا تكنزوا ذهبا ولا فضة ولا تبرا ولا شعيرا، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بغير ما تعلمون، ولا تخربوا مسجدا، ولا تقبحوا مسلما، ولا تلعنوا مواجرا إلا بحقه، ولا تشربوا مسكرا، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تبيعوها ربا، ولا تسفكوا دما حراما، ولا تغدروا بمستأمن، ولا تبقوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حق جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر. فإذا فعلتم ذلك فعلي أن لا أتخذ حاجبا ولا ألبس إلا كما تلبسون، ولا أركب إلا كما تركبون، وأرضى بالقليل، وأملا الأرض عدلا كما ملئت جورا، وأعبد الله عز وجل حق عبادته، وأفي لكم وتفوا لي. قالوا: رضينا واتبعناك على هذا. فيصافحهم رجلا رجلا.

ويفتح الله عز وجل له خراسان، وتطيعه أهل اليمن، وتقبل الجيوش أمامه، ويكون همدان وزراءه، وخولان جيوشه، وحمير أعوانه، ومضر قواده، ويكثر الله عز وجل جمعه بتميم، ويشد ظهره بقيس، ويسير ورايته أمامه، وعلى مقدمته عقيل، وعلى ساقته الحارث، وتخالفه ثقيف وعداف، وتسير الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوء ورفق، ويلحقه هناك ابن عمه الحسني في اثني عشر ألف فارس فيقول:

يا ابن عم، أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن وأنا المهدي، فيقول المهدي _ عليه السلام _: بل أنا المهدى. فيقول الحسني:

هل لك من آية فنبايعك؟ فيومئ المهدي _ عليه السلام _ إلى الطير فتسقط على يده، ويغرس قضيبا في بقعة من الأرض فيخضر ويورق، فيقول له الحسني: يا ابن عم هي لك. ويسلم إليه جيشه ويكون على مقدمته، واسمه على اسمه. وتقع الضجة بالشام ألا إن أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم، فيجتمعون إلى السفياني

ص: 225

بدمشق، فيقولون: أعراب الحجاز قد جمعوا علينا، فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل، ونحن أصحاب العدة والسلاح أخرج بنا إليهم، فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتى يخرجوه، فيخرج بخيله ورجاله وجيشه، في مائتي ألف وستين ألفا، حتى ينزلوا ببحيرة طبرية، فيسير المهدي _ عليه السلام _ بمن معه لا يحدث في بلد حادثة إلا الامن والأمان والبشرى، وعن يمينه جبريل، وعن شماله ميكائيل - عليهما السلام -، والناس يلحقونه من الآفاق، حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية. ويغضب الله عز وجل على السفياني، وجيشه، ويغضب سائر خلقه عليهم حتى الطير في السماء فترميهم بأجنحتها، وإن الجبال لترميهم بصخورها، فتكون وقعة يهلك الله فيها جيش السفياني، ويمضي هاربا، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح فيأتي به إلى المهدي _ عليه السلام _ وهو يصلي العشاء الآخرة فيبشره، فيخفف في الصلاة ويخرج ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه وسحب، فيوقفه (بين يديه) فيقول السفياني للمهدي: يا ابن عمي من علي بالحياة أكون (كذا) سيفا بين يديك، وأجاهد أعداءك والمهدي جالس بين أصحابه وهو أحيى من عذراء، فيقول:

خلوه، فيقول أصحاب المهدي: يا ابن بنت رسول الله، تمن عليه بالحياة، وقد قتل أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! ما نصبر على ذلك. فيقول: شأنكم وإياه اصنعوا به ما شئتم. وقد كان خلاه وأفلته، فيلحقه صباح في جماعة إلى عند السدرة فيضجعه ويذبحه ويأخذ رأسه، ويأتي به المهدي، فينظر شيعته إلى الرأس فيكبرون ويهللون، ويحمدون الله تعالى على ذلك ثم يأمر المهدي بدفنه. ثم يسير في عساكره فينزل دمشق، وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه، فيقيم في دمشق مدة ويأمر بعمارة جامعها.

وإن دمشق فسطاط المسلمين يومئذ، وهي خير مدينة على وجه الأرض في ذلك الوقت، ألا وفيها آثار النبيين، وبقايا الصالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها. فمن وجد السبيل إلى أن يتخذ بها موضعا ولو مربط شاة فإن ذلك خير من

ص: 226

عشرة حيطان بالمدينة، تنتقل أخيار العراق إليها، ثم إن المهدي يبعث جيشا إلى أحياء كلب، والخائب من خاب من سبي كلب(1) 6 - حدثنا عبد القدوس عن ابن عياش، قال حدثني بعض أهل العلم، عن محمد بن جعفر، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال:

يكتب السفياني إلى الذي دخل الكوفة بخيله، بعد ما يعركها عرك الأديم، يأمره بالسير إلى الحجاز، فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش، فيقتل منهم ومن الأنصار أربعمائة رجل، ويبقر البطون ويقتل الولدان، ويقتل أخوين من قريش، رجل وأخته يقال لهما محمد وفاطمة، ويصلبهما على باب المسجد بالمدينة (2).

ص: 227


1- (1) عقد الدرر: 90 - 99، مرسلا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال: -، وفي: 137 - 138، بعضه مرسلا، وفي: 139، بعضه مرسلا، الشيعة والرجعة: 1 / 158 - عن إلزام الناصب، برهان المتقي: 76 - 77 بعضه، عن عقد الدرر ظاهرا، كشف النوري: 178 - 183، عن عقد الدرر بتفاوت يسير، إلزام الناصب: 2 / 178 - 213 - النسخة الأولى في نسخة: حدثنا محمد بن أحمد الأنباري قال: حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني قاضي الري، قال: حدثنا طوق بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن مسعود، رفعه إلى علي بن أبي طالب _ عليه السلام _... (خطبة البيان) وفيها:... ثم يسير بالجيوش، حتى يصير إلى العراق، والناس خلفه وأمامه، على مقدمته رجل اسمه عقيل، وعلى ساقته رجل اسمه الحارث، فيلحقه رجل من أولاد الحسن في اثني عشر ألف فارس، ويقول: يا ابن العم، أنا أحق منك بهذا الامر، لأني من ولد الحسن، وهو أكبر من الحسين، فيقول المهدي: إني أنا المهدي. فيقول له: هل عندك آية أو معجزة أو علامة، فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومى إليه، فيسقط في كفه، فينطق بقدرة الله تعالى، ويشهد له بالإمامة، ثم يغرس قضيبا يابسا في بقعة من الأرض ليس فيها ماء فيخضر ويورق، ويأخذ جلمودا كان في الأرض من الصخر، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع، فيقول الحسني: الامر لك، فيسلم وتسلم جنوده....
2- (2) ابن حماد: 88، عنه ملاحم ابن طاووس: 56، وفيه:... يأمروه بالمسير... رجلا وأخته.

7 - حدثنا أبو المغيرة، عن ابن عياش، عمن حدثه، عن محمد بن جعفر قال: قال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه):

يبعث السفياني على جيش العراق رجلا من بني حارثة له غديرتان، يقال له نمر (أو قمر) بن عباد، رجلا جسيما على مقدمته رجل من قومه قصير أصلع عريض المنكبين، فيقاتله من بالشام من أهل المشرق، وفي موضع يقال له البنية (الثنية) وأهل حمص في حرب المشرق وأنصارهم، وبها يومئذ منهم جند عظيم تقاتلهم فيما يلي دمشق، كل ذلك يهزمهم. ثم ينحاز من دمشق وحمص مع السفياني، ويلتقون وأهل المشرق في موضع يقال له المدين مما يلي شرق حمص، فيقتل بها نيف وسبعون ألفا، ثلاثة أرباعهم من أهل المشرق. ثم تكون الدبرة عليهم، ويسير الجيش الذي بعث إلى المشرق حتى ينزلوا الكوفة، فكم من دم مهراق وبطن مبقور، ووليد مقتول، ومال منهوب، ودم مستحل، ثم يكتب إليه السفياني أن يسير إلى الحجاز، بعد أن يعركها عرك الأديم (1) 8 - حدثنا الوليد، عن ليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عمن حدثه، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه قال:

يهرب ناس من المدينة إلى مكة حين يبلغهم جيش السفياني منهم ثلاثة نفر من قريش منظور إليهم (2)

ص: 228


1- (1) ابن حماد: 81 - 82.
2- (2) ابن حماد: 88، وفي: 95 - بسنده الأول عنه _ عليه السلام _، وفيه: يخرج ثلاثة نفر من قريش إلى مكة، من جيش السفياني، منظور إليهم، فإذا بلغهم الخسف اجتمعوا بمكة لأولئك النفر الثلاثة من البلاد فيبايع أحدهم كرها، عقد الدرر: 66 - عن رواية ابن حماد الأولى، بشارة الاسلام: 77 - عن عقد الدرر، وفيه:... حتى يبلغهم خبر السفياني، منتخب الأثر: 457 - عن بشارة الاسلام.

9 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي قال:

يبعث بجيش إلى المدينة، فيأخذون من قدروا عليه من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويقتل من بني هاشم رجال ونساء، فعند ذلك يهرب المهدي والمبيض من المدينة إلى مكة، فيبعث في طلبهما، وقد لحقا بحرم الله وأمنه (1).

ص: 229


1- (1) ابن حماد: 88، ملاحم ابن طاووس: 57 - عن ابن حماد، وفيه: يبعث السفياني بجيش إلى... والمستنصر، جمع الجوامع: 2 / 103 - عن ابن حماد، كنز العمال: 14 / 588 حديث (39668) - عن ابن حماد، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 70 - عن ابن حماد، برهان المتقي: 122 - عن عرف السيوطي، الحاوي.

ص: 230

الباب السادس

الفصل الثاني: الدجال

ص: 231

ص: 232

- 17 - الدجال

1 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصة الدجال، قال:

ألا وإن أكثر أتباعه أولاد الزنا، لابسو التيجان ألا وهم اليهود، عليهم لعنة الله، يأكل ويشرب، له حمار أحمر، طوله ستون خطوة مد بصره، أعور اليمين، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، صمد لا يطعم، فيشمل البلاد البلاء، ويقيم الدجال أربعين يوما، أول يوم كسنة، والثاني كأقل، فلا تزال تصغر وتقصر حتى تكون آخر أيامه كليلة يوم من أيامكم هذه، يطأ الأرض كلها إلا مكة والمدينة وبيت المقدس.

ويدخل المهدي _ عليه السلام _، بيت المقدس، ويصلي بالناس إماما، فإذا كان يوم الجمعة، وقد أقيمت الصلاة، نزل عيسى بن مريم _ عليه السلام _ بثوبين مشرقين حمر كأنما يقطر من رأسه الدهن، رجل الشعر، صبيح الوجه، أشبه خلق الله عز وجل بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن _ عليه السلام _، فيلتفت المهدي، فينظر عيسى _ عليه السلام _، فيقول لعيسى: يا ابن البتول صل بالناس. فيقول: لك أقيمت الصلاة، فيتقدم المهدي _ عليه السلام _، فيصلي بالناس، ويصلي عيسى _ عليه السلام _ خلفه، ويبايعه.

ويخرج عيسى _ عليه السلام _ فيلتقي الدجال، فيطعنه، فيذوب كما يذوب الرصاص، ولا تقبل الأرض منهم أحدا، لا يزال الحجر والشجر يقول، يا مؤمن! تحتي

ص: 233

كافر اقتله.

ثم إن عيسى _ عليه السلام _، يتزوج امرأة من غسان، ويولد له منها مولود، ويخرج حاجا، فيقبض الله تعالى روحه في طريقه قبل وصوله إلى مكة (1) 2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي الله عنه - قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى الجلودي بالبصرة قال: حدثنا الحسين بن معاذ قال:

حدثنا قيس بن حفص قال: حدثنا يونس بن أرقم، عن أبي سيار الشيباني، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال ابن سبرة قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على محمد وآله، ثم قال: سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني - ثلاثا - فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال؟ فقال له علي _ عليه السلام _:

اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل، وإن شئت أنبأتك بها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين.

فقال _ عليه السلام _: احفظ فإن علامة ذلك، إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة واستحلوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء واستخفوا بالدماء، وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا، وكانت الأمراء فجرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة، والقراء فسقة، وظهرت شهادة الزور، واستعلن الفجور، وقول البهتان، والاثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنارات، وأكرمت الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا، وعلت أصوات الفساق واستمع

ص: 234


1- (1) عقد الدرر: 274 - 275.

منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتقي الفاجر مخافة شره، وصدق الكاذب، وائتمن الخائن. واتخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق، عرفه وتفقه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب وقلوبهم أنتن من الجيف وأمر من الصبر، فعند ذلك، الوحا الوحا، ثم العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس، وليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه.

فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين من الدجال؟ فقال: ألا إن الدجال صائد بن الصيد، فالشقي من صدقه، والسعيد من كذبه، يخرج من بلدة يقال لها أصفهان، من قرية تعرف باليهودية، عينه اليمنى ممسوحة، والعين الأخرى في جبهته تضئ كأنها كوكب الصبح، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب كافر، يقروه كل كاتب وأمي، يخوض البحار وتسير معه الشمس، بين يديه جبل من دخان، وخلفه جبل أبيض يري الناس أنه طعام، يخرج حين يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر، خطوة حماره ميل، تطوى له الأرض منهلا منهلا، لا يمر بماء إلا غار إلى يوم القيامة، ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن والإنس والشياطين يقول: إلي أوليائي أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى، أنا ربكم الأعلى وكذب عدو الله، إنه أعور يطعم الطعام ويمشي في الأسواق، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

ألا وإن أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله عز وجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلي المسيح عيسى بن مريم _ عليه السلام _ خلفه ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى.

قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة (من) الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان بن داود، وعصى موسى _ عليهم السلام _، يضع الخاتم على وجه كل

ص: 235

مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا، ويضعه على وجه كل كافر فينكتب هذا كافر حقا، حتى أن المؤمن لينادي: الويل لك يا كافر، وأن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن، وددت أني اليوم كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما.

ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جل جلاله وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة، فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع و " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ".

ثم قال _ عليه السلام _: لا تسألوني عما يكون بعد هذا فإنه عهد عهده إلي حبيبي رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن لا أخبر به غير عترتي.

قال النزال بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صوحان: يا صعصعة ما عنى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بهذا؟ فقال صعصعة:

يا ابن سبرة إن الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم _ عليه السلام _ هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي _ عليه السلام _، وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر عند الركن والمقام فيطهر الأرض ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا.

فأخبر أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين (1)

ص: 236


1- (1) كمال الدين: 2 / 525 - 528، ورواه أيضا بسند آخر عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عقد الدرر: 291 - بعضه، وقال: أخرجه الإمام أبو عمر الداني في سننه، ورواه الإمام أبو الحسين أحمد بن المنادي في كتاب الملاحم، الخرائج: 3 / 1133 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير وتقديم وتأخير، بسنده إلى الصدوق، ثم بسنده، وفيه:... المنارة... وكان رئيس... واتخذت القينات... صائد ابن الصائد... فينطبع، نور الثقلين: 1 / 781 - بعضه، عن كمال الدين، وفي: 4 / 97 - عنه أيضا، وفي: 5 / 506 بعضه عنه أيضا، مختصر بصائر الدرجات: 30 - 32 - كما في كمال الدين بتفاوت، بسنده إلى الصدوق، وفي سنده: الحسن بن معاذ، بدل الحسين بن معاذ، وفيه: ... وإمارات وهنات... وكان العلم ضعيفا... وتشبه النساء بالرجال... والأخرى في جهته، البحار: 52 / 192 - 195 - عن كمال الدين، إثبات الهداة: 3 / 522 - عن مختصر بصائر الدرجات، ملخصا، الداني: 135 - 136 - أخبرنا عبد الله بن موهب المكتب قال: حدثنا عتاب ابن هارون، قال: حدثنا عبيد الله بن الفضل قال: حدثنا محمد بن الفضل الهمداني، قال: حدثنا أبو نعيم محمد بن يحيى الطوسي قال: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء الرازي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا عيسى بن الأشعث، عن جويبر، عن النزال بن سبرة قال: خطبنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: بعضه، كما في كمال الدين بتفاوت، مستدرك النوري: 12 / 326 - 327 - عن مختصر بصائر الدرجات، ملاحم ابن المنادي: 64 - حدثني الحسين بن ا الحباب بن مخلد، قال: نبأ أبو هشام محمد بن زيد الرفاعي، ثم حدثني أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة قال: نبأ علي بن المنذر الطريقي قال: نبأ محمد بن الفضل قال: نبأ عمارة بن القعقاع يقولها ثلاث مرات، فقام إليه صعصعة بن صوحان العبدي فقال: يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال؟ فقال: - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، الايقاظ من الهجعة: 322 - بعضه، عن كمال الدين، وفيه:... يقتله الله بالشام على يدي من يصلي... إلى قوله: فعند ذلك ترفع التوبة، وقال: ورواه الراوندي في العلامات الدالة على صاحب الزمان - عليه السلام - عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين مثله، بشارة الاسلام: 41 - 43 - عن كمال الدين، منتخب الأثر: 427 - عن الخرائج، كنز العمال: 14 / 612 - 614 حديث (39709).

3 - عن علي _ عليه السلام _:

يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله تمام الرابعة يا جند المرأة وأعوان البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم أخلاقكم دقاق وماؤكم زعاق، بلادكم أنتن بلاد الله تربة وأبعد من السماء بها تسعة أعشار الشر، المحتبس فيها بذنبه، والخارج منها بعفو الله كأني أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد، كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر.

فقام إليه الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟ قال: يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزمان وإن بينك وبينه لقرونا ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت أخصاصها دورا وآجامها قصورا، فالهرب الهرب فإنه لا بصيرة لكم يومئذ ثم التفت عن

ص: 237

يمينه فقال: كم بينكم وبين الأبلة. فقال له المنذر بن الجارود: فداك أبي وأمي أربعة فراسخ. قال له: صدقت فوالذي بعث محمدا وأكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال: يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ وقد يكون في التي تسمى الأبلة موضع أصحاب العشور يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفا شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر. فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي؟ قال: يقتلهم إخوان الجن وهم أجيل كأنهم الشياطين سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد كلبهم، قليل سلبهم، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها - ثم هملت عيناه بالبكاء، ثم قال: - ويحك يا بصرة ويلك يا بصرة من جيش لا رهج له ولا حس. قال له المنذر: يا أمير المؤمنين! وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت، وما الويح، وما الويل؟ فقال: هما بابان فالويح باب الرحمة، والويل باب العذاب يا ابن الجارود نعم ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضا، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحا يا ويل أمرهن حديث عجب منها أن يستحل بها الدجال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والأخرى كأنها ممزوجة بالدم لكأنها في الحمرة علقة تأتي الحدقة كهيئة حبة العنب الطافية على الماء فيتبعه من أهلها عدة من قتل بالأبلة من الشهداء أناجيلهم في صدورهم يقتل من يقتل ويهرب من يهرب ثم رجف ثم قذف ثم خسف ثم مسخ ثم الجوع الأغبر ثم الموت الأحمر وهو الغرق. يا منذر إن للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأول لا يعلمها إلا العلماء منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفكة يا منذر والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة ومتى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة، وإن عندي من ذلك علما جما وإن تسألوني تجدوني به عالما لا

ص: 238

أخطئ منه علما ولا وافيا، ولقد استودعت علم القرون الأولى وما كائن إلى يوم القيامة. قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة ومن أهل السنة ومن أهل البدعة؟ فقال:

ويحك إذا سألتني فافهم عني ولا عليك أن لا تسأل أحدا بعدي: أما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله، وأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ولمن اتبعني وإن كثروا، وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله ورسوله لا العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا (1)

ص: 239


1- (1) شرح نهج البلاغة: للبحراني: 1 / 289 - 290، مرسلا عن علي _ عليه السلام _ من خطبة خطبها - عليه السلام - بالبصرة بعد ما فتحها روي أنه لما فرغ من حرب أهل الجمل أمر مناديا ينادي في أهل البصرة أن الصلاة الجامعة لثلاثة أيام من غد إن شاء الله ولا عذر لمن تخلف إلا من حجة أو علة فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فلما كان في اليوم الذي اجتمعوا فيه خرج فصلى في الناس الغداة في المسجد الجامع، فلما قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلى فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ثم قال:... إلى جؤجؤ طير في لجة بحر، وتتمتها في: 3 / 15 - 16، البحار: 32 / 253 - 258، عن شرح نهج البلاغة للبحراني.

ص: 240

الباب السابع

الفصل الأول: غيبة المهدي عليه السلام

ص: 241

ص: 242

- 18 - غيبة المهدي

1 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد - ابن عقدة الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري، قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفي، عن عميرة بنت أوس، قالت: حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمان (1) عن أبيه، عن جده عمرو بن سعد.

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ أنه قال يوما لحذيفة بن اليمان: يا حذيفة! لا تحدث الناس بما لا يعلمون، فيطغوا ويكفروا، إن من العلم صعبا شديدا، محمله، لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا - أهل البيت - سينكر ويبطل وتقتل رواته ويساء (2) إلى من يتلوه بغيا وحسدا، لما فضل الله به عترة الوصي وصي النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _.

يا ابن اليمان! إن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ تفل في فمي، وأمر يده على صدري، وقال: اللهم أعط خليفتي ووصيي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي وأمانتي، ووليي(3) وناصري على عدوك وعدوي، ومفرج الكرب عن وجهي ما أعطيت آدم من العلم، وما أعطيت نوحا

ص: 243


1- (1) كذا، وفي بعض النسخ: عن غمرة بنت أوس قالت: حدثني جدي الحصين، عن عبد الرحمان، عن أبيه،... الخ، ولم نعرفها غمرة كانت أو عميرة، والظاهر أن جدها حصين بن عبد الرحمان بن عمرو بن سعد بن معاذ الأشهلي المعنون في التقريب والتهذيب.
2- (2) بصيغة المجهول، وفي بعض النسخ: ويوشى من وشي يشي به إلى الملك - أي نم عليه وسعى به.
3- (3) في بعض النسخ: منجز وعدي وأبا بني وولي حوضي.

من الحلم، وإبراهيم من العترة الطيبة والسماحة، وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء، وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة الاقران، وما أعطيت سليمان من الفهم.

اللهم لا تخف عن علي _ عليه السلام _ شيئا من الدنيا حتى تجعلها كلها بين عينيه مثل المائدة الصغيرة بين يديه، اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى _ عليه السلام _، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذريته [الطيبة ج المطهرة التي أذهبت عنها الرجس [والنجس]، وصرفت عنها ملامسة الشياطين، اللهم إن بغت قريش عليه، وقدمت غيره عليه، فاجعله بمنزلة - هارون من موسى، إذ غاب [عنه موسى].

ثم قال لي: يا علي! كم في ولدك [من ولد] فاضل يقتل والناس قيام ينظرون لا يغيرون؟! فقبحت أمة ترى أولاد نبيها يقتلون ظلما وهم لا يغيرون (1) إن القاتل والآمر والشاهد الذي لا يغير كلهم في الاثم واللعان سواء مشتركون.

يا ابن اليمان! إن قريشا لا تنشرح صدورها، ولا ترضى قلوبها، ولا تجري ألسنتها - ببيعة علي وموالاته - إلا على الكره [والعمى] والصغار.

يا ابن اليمان! ستبايع قريش عليا، ثم تنكث عليه وتحاربه وتناضله وترميه بالعظائم، وبعد علي يلي الحسن وسينكث عليه، ثم يلي الحسين فتقتله أمة جده، فلعنت أمة تقتل ابن بنت نبيها _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ولا تعز من أمة، ولعن القائد لها والمرتب لفاسقها.

فوالذي نفس علي بيده لا تزال هذه الأمة بعد قتل الحسين ابني في ضلال وظلم وعسف وجور، واختلاف في الدين، وتغيير وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البدع، وإبطال السنن، واختلال وقياس مشتبهات (2) وترك محكمات، حتى تنسلخ من الاسلام وتدخل في العمى والتلدد والتكسع (3)

ص: 244


1- (1) في بعض النسخ: لا ينصرون.
2- (2) في بعض النسخ: احتيال وقياس مشتبه.
3- (3) التلدد: التحير، والتكسع: الضلالة، وفي نسخة: التسكع: بمعنى عدم الاهتداء وهو أنسب.

مالك يا بني أمية! لا هديت يا بني أمية، ومالك يا بني العباس! لك الاتعاس، فما في بني أمية إلا ظالم، ولا في بني العباس إلا معتد متمرد على الله بالمعاصي، قتال لولدي، هتاك لستر [ي وج حرمتي، فلا تزال هذه الأمة جبارين، يتكالبون على حرام الدنيا، منغمسين في بحار الهلكات، وفي أودية الدماء.

حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس، وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته، أطلعت الفتنة، ونزلت البلية، والتحمت العصبية (1) وغلا الناس في دينهم، وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة، والإمامة باطلة، ويحج حجيج الناس في تلك السنة من - شيعة علي ونواصبه (2) للتحسس، والتجسس عن خلف الخلف (3)، فلا يرى له أثر، ولا يعرف له خبر ولا خلف.

فعند ذلك سبت شيعة علي، سبها أعداؤها، وظهرت عليها(4) الأشرار والفساق باحتجاجها، حتى إذا بقيت الأمة حيارى، وتدلهت (5) وأكثرت في قولها: إن الحجة هالكة، والإمامة باطلة.

فورب علي إن حجتها عليها قائمة، ماشية في طرقها (6) داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق هذه الأرض وغربها، تسمع الكلام، وتسلم على الجماعة، ترى ولا ترى إلى الوقت والوعد، ونداء المنادي من السماء: ألا ذلك يوم [فيه] سرور ولد علي وشيعته (7)

ص: 245


1- (1) قوله: ماج الناس - أي اختلفوا، فبعض يقول: فقد، وبعض يقول: قتل، وبعض يقول: مات، وقوله: التحمت - أي تلاءمت بعد أن كان متفرقا، والتحمت الحرب: اشتبكت، والثاني أنسب.
2- (2) في بعض النسخ: ونواصيهم التجسس والتحسس من الوصية، والتحسس بمعنى التجسس.
3- (3) في بعض النسخ: عن خلف الخلفاء.
4- (4) في بعض النسخ: سبت الشيعة سبها أعداؤها، وقوله: ظهرت - أي غلبت.
5- (5) أي تحيرت ودهشت، وقوله: وأكثرت في قولها - أي قالته كثيرا.
6- (6) في بعض النسخ: طرقاتها.
7- (7) غيبة النعماني: 143 ب 1 ح 3، البحار: 28 / 70 ب 2 ح 31، عن غيبة الطوسي بتفاوت يسير.

وفي هذا الحديث عجائب وشواهد على حقية ما تعتقده - الامامية - وتدين به والحمد لله.

فمن ذلك قول أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس.

أليس هذا موجبا لهذه الغيبة (1) وشاهدا على صحة قول من يعترف بهذا، ويدين بإمامة صاحبها؟ ثم قوله _ عليه السلام _: وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته... وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة والإمامة باطلة.

أليس هذا موافقا لما عليه كافة الناس الآن من تكذيب [قول] الامامية في وجود صاحب الغيبة؟ وهي محققة في وجوده وإن لم تره.

وقوله _ عليه السلام _: ويحج حجيج الناس في تلك السنة للتجسس.

وقد فعلوا ذلك ولم يروا له أثرا.

وقوله _ عليه السلام _: فعند ذلك سبت شيعة علي، سبها أعداؤها، وظهرت عليها الأشرار والفساق باحتجاجها.

يعني: باحتجاجها عليها في الظاهر، وقولها: فأين إمامكم؟ دلونا عليه، وسبهم لهم، ونسبتهم إياهم إلى النقص والعجز والجهل، لقولهم:

بالمفقود العين، وإحالتهم على الغائب الشخص وهو السب، فهم في الظاهر عند أهل الغفلة والعمى محجوجون (2) وهذا القول من أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في هذا الموضع شاهد لهم (3) بالصدق، وعلى مخالفيهم بالجهل والعناد للحق.

ص: 246


1- (1) كذا، ويمكن أن يكون تصحيفا وصوابه: أليس هذا موميا إلى هذه الغيبة.
2- (2) المحجوج: هو المغلوب في الاحتجاج.
3- (3) في بعض النسخ: وهذا القول يدل على أن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ شاهد لهم.

ثم حلفه _ عليه السلام _ مع ذلك بربه عز وجل، بقوله:

فورب علي إن حجتها عليها قائمة، ماشية في طرقها، داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق هذه الأرض وغربها، تسمع الكلام، وتسلم على الجماعة، وترى ولا ترى.

أليس ذلك مزيلا للشك في أمره _ عليه السلام _؟ وموجبا لوجوده ولصحة ما ثبت في الحديث الذي هو قبل هذا الحديث، من قوله: إن الأرض لا تخلو من حجة لله، ولكن الله سيعمي خلقه عنها، بظلمهم وجورهم، وإسرافهم على أنفسهم ثم ضرب لهم المثل في يوسف _ عليه السلام _.

إن الامام _ عليه السلام _ موجود العين والشخص، إلا أنه في وقته هذا يرى ولا يرى، كما قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: إلى يوم الوقت والوعد ونداء المنادي من السماء.

اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التي لا تحصى، وعلى أياديك التي لا تجازى، ونسألك الثبات على ما منحتنا من الهدى برحمتك.

2 - ما روي من كلام أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _ لكميل بن زياد النخعي المشهور حيث قال: أخذ أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - بيدي وأخرجني إلى الجبان (1) فلما أصحر تنفس الصعداء (2) ثم قال - وذكر الكلام بطوله حتى انتهى إلى قوله -: اللهم بلى ولا تخلو الأرض من حجة قائم لله بحجته، إما ظاهر معلوم، وإما خائف مغمور (3) لئلا تبطل حجج الله وبيناته - في تمام الكلام (4).

ص: 247


1- (1) الجبان كالجبانة - بفتح الجيم وشد الباء الموحدة -: المقبرة.
2- (2) أصحر - أي صار في الصحراء، وتنفس الصعداء - بضم الصاد المهملة، وفتح العين المهملة ممدودا - أي تنفس تنفسا طويلا.
3- (3) المغمور من الغمر - أي غمره الظلم حتى غطاه، أو المقهور المستور المجهول الخامل الذكر.
4- (4) غيبة النعماني: 136 - الباب الثامن: ما روي في أن الله لا يخلي أرضه بغير حجة وعلق على هذا الحديث بقوله: أليس في كلام أمير المؤمنين _ عليه السلام _: ظاهر معلوم بيان أنه يريد المعلوم الشخص والموضع؟ وقوله: وإما خائف مغمور أنه الغائب الشخص، المجهول الموضع؟ والله المستعان، الإمامة والتبصرة: 26 - 27، وعنه، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: حدثني الثقة من أصحابنا: أنه سمع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: اللهم، لا تخل الأرض من حجة لك على خلقك، ظاهر أو خاف مغمور، لئلا تبطل حجتك وبيناتك، ورواه في علل الشرائع: 195 - عن أبيه مثله، وفي كمال الدين: 1 / 302 - عن أبيه، وابن الوليد معا، عن سعد بن عيسى، وابن أبي الخطاب، والهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، وأورده في البحار: 23 / 20 - عن العلل، و 23 / 49 - عن كمال الدين، ورواه في كمال الدين: 289 - عن أبيه، وابن الوليد، وما جيلويه جميعا عن محمد ابن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الكوفي القرشي، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمر بن سعيد، عن فضيل بن خديج، عن كميل بن زياد، عن علي - عليه السلام - نحوه متنا، وفي: 293 - عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد الله بن الفضل بن عيسى، عن عبد الله النوفلي، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن هشام الكلبي، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن عبد الرحمان بن جندب، عن كميل، مثله، ونقلهما في البحار: 23 / 48 و 49، وأورده الطوسي في الأمالي: 1 / 19، عن الصدوق، عن أبيه، بسنده عن فضيل، وروى الصدوق في كمال الدين: 302، عن أبيه، عن سعد عن هارون بن مسلم (عن سعدان) - هكذا في كمال الدين، عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ عن آبائه، عن علي - عليه السلام - بمعناه، ولهذه الرواية أكثر من عشرين طريقا تنتهي إلى الإمام علي _ عليه السلام _ برواية كميل عنه، وفي بعض الطرق برواية من يوثق به من أصحابه، أو ثقة من أصحابنا، ويمكن أن يستأنس من ملاحظة جميع الطرق أن المراد به هو كميل، فلاحظ بعض الطرق في الكافي: 1 / 339 و 178، وأمالي المفيد: 154، وكمال الدين: 289 و 294، والخصال: 186، وبصائر الدرجات: 486.

3 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا محمد بن المفضل، وسعدان بن إسحاق، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك، ومحمد بن أحمد القطواني قالوا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت من يوثق به من أصحاب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في خطبة خطبها بالكوفة طويلة ذكرها:

اللهم [ف] لابد لك من حجج في أرضك حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك لكي لا يتفرق أتباع أوليائك (1) ظاهر غير مطاع، أو

ص: 248


1- (1) في بعض النسخ: لئلا - الخ وفي بعضها: أتباع أولئك.

مكتتم خائف يترقب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم في دولة الباطل فلن يغيب عنهم مبثوث علمهم وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، وهم بها عاملون، يأنسون بما يستوحش منه المكذبون، ويأباه المسرفون.

بالله كلام يكال بلا ثمن (1) لو كان من يسمعه بعقله فيعرفه ويؤمن به ويتبعه، وينهج نهجه فيفلح به (2) ثم يقول: فمن هذا؟ ولهذا يأرز العلم إذ لم يوجد حملة يحفظونه ويؤدونه كما يسمعونه من العالم (3) ثم قال بعد كلام طويل في هذه الخطبة:

اللهم! وإني لأعلم أن العلم لا يأرز كله، ولا ينقطع مواده فإنك لا تخلي أرضك من حجة على خلقك إما ظاهر يطاع (4) أو خائف مغمور ليس بمطاع لكي لا تبطل حجتك ويضل أولياؤك بعد إذ هديتهم - ثم تمام الخطبة (5)

ص: 249


1- (1) يعني أنا أكيل لكم العلم كيلا وأعطيكم ولا أطلب منكم ثمنا.
2- (2) في بعض النسخ: فيصلح به.
3- (3) قال في النهاية: في الحديث: إن الاسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها - أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها.
4- (4) كذا.
5- (5) غيبة النعماني: 136 - 137، وفيه: وحدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد، عن سهل بن زياد، قال: وحدثنا محمد بن يحيى، وغيره، عن أحمد بن محمد، قال: وحدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ ممن يوثق به، قال: إن أمير المؤمنين - صلوات الله عليهم تكلم بهذا الكلام، وحفظه عنه حين خطب به على منبر الكوفة: اللهم - وذكر مثله، ورواه الكليني في قسم الأصول: 1 / 178 مختصرا، و 335، 339، مفصلا.

4 - حدثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال: وحدثني أبو زكريا يحيى بن صالح الحريري قال: حدثني الثقة، عن كميل بن زياد قال:

أخذ أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بيدي وأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء وقال:

يا كميل! إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، إحفظ عني ما أقول: الناس ثلاثة - عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.

يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكو على الانفاق والمال تنقصه النفقة.

يا كميل! محبة العلم دين يدان به، تكسبه الطاعة في الحياة، وجميل الأحدوثة بعد الموت، ومنفعة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه.

يا كميل! مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن ههنا لعلما (جما) - وأومأ إلى صدره بيده لم أصب له حملة، بلى أصيب لقنا غير مأمون (عليه) يستعمل آلة الدين في الدنيا، يستظهر بحجج الله على أوليائه، وبنعم الله على معاصيه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة (ألا) لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار، ليسا من رعاة الدين (في شئ ولا من ذوي البصائر واليقين) أقرب شئ شبها بهما الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.

اللهم! بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟ أولئك والله الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، بهم يحفظ الله حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على

ص: 250

حقيقة الامر فباشروا روح اليقين، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى.

أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، أستغفر الله لي ولك، انصرف إذا شئت (1)

ص: 251


1- (1) الغارات: 1 / 147 - 154، حلية الأولياء: 10 / 108 - 109 - بعضه، وقال: كما روي عن علي بن أبي طالب في حديث كميل بن زياد، بصائر الدرجات: 486 - حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي إسحاق الهمداني قال: حدثني الثقة من أصحابنا، أنه سمع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: اللهم إنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك، ظاهر أو خاف لئلا تبطل حججك وبيناتك، العقد الفريد: 2 / 81 - حدثنا أيوب بن سليمان قال: حدثنا عامر بن معاوية، عن أحمد بن عمران الأخنس، عن الوليد بن صالح الهاشمي، عن عبد الله بن عبد الرحمان الكوفي، عن أبي مخنف، عن كميل النخعي - كما في الغارات بتفاوت يسير، تذكرة الخواص: 141 - بسند آخر عن كميل، بروايتين، الخصال: 1 / 186 - كما في الغارات بتفاوت يسير، بسند آخر عن كميل، وقال: قد رويت هذا الخبر من طرق كثيرة، قد أخرجتها في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة، كشف اليقين: 68 - 69 - كما في الغارات بتفاوت يسير مرسلا عنه _ عليه السلام _، عيون الاخبار لابن قتيبة: 2 / 383، آخره - من قوله: هجم بهم العلم مرسلا، التفسير الكبير للفخر الرازي: 2 / 192، مرسلا عن كميل إلى قوله: والمال محكوم عليه، منتخب الأثر: 270 - بعضه - عن نهج البلاغة، تحف العقول: 169 - 171 - كما في الغارات بتفاوت يسير، مرسلا، الإمامة والتبصرة: 26 - بسند آخر عن أبي إسحاق الهمداني قال: حدثني الثقة من أصحابنا أنه سمع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: - كما في تفسير القمي بتفاوت يسير، وفيه: اللهم! لا تخل... أو خاف... وبيناتك، مناقب ابن شهرآشوب: 1 / 245 - مرسلا، ونصه: لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله، إما ظاهر مشهور، وإما خائف مغمور وقال: وفي رواية: لا يزال في ولدي مأمور مغمور، مختصر ابن عبد البر: 29 - على ما في المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة ولم نجده فيه، ابن أبي الحديد: 18 / 346 - وقال في 351:... ثم استدرك فقال: اللهم! بلى، لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله تعالى كيلا يخلو الزمان ممن هو مهيمن لله تعالى على عباده ومسيطر عليهم، وهذا يكاد يكون تصريحا بمذهب الإمامية، إلا أن أصحابنا يحملونه على أن المراد به الابدال الذين وردت الاخبار النبوية عنهم: أنهم في الأرض سائحون، فمنهم من يعرف ومنهم من لا يعرف، وأنهم لا يموتون حتى يودعوا السر وهو العرفان عند قوم آخرين يقومون مقامهم، وقد فات ابن أبي الحديد أن تعبير قائم بحجة الله تعالى أو قائم لله بحجة يعني أنه صاحب مذهب ومشروع وهو أمر لا ينطبق على الابدال، صفة الصفوة: 1 / 329 - مرسلا عن كميل بن زياد - كما في الغارات بتفاوت يسير، تاريخ اليعقوبي: 2 / 205 - كما في الغارات بتفاوت يسير، مرسلا، تاريخ بغداد: 6 / 379 - كما في العقد الفريد، إلى قوله: يستعمل آلة الدين للدنيا، قال: أخبرني محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا عبيد بن الهيثم، حدثنا إسحاق بن محمد بن أحمد أبو يعقوب النخعي، حدثنا عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن أبي الهياج بن محمد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب أبو منذر الكلبي، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن فضيل بن خديج، عن كميل بن زياد قال: -، جمع الجوامع: 2 / 93 - عن ابن الأنباري في المصاحف، والمرهبي في العلم، ونصر في الحجة، وحلية أبي نعيم، وابن عساكر، إعلام الورى: 400 - عن كمال الدين، غيبة الطوسي: 132 - كما في البصائر بتفاوت يسير، مرسلا، أمالي الطوسي: 1 / 19 - عن المفيد، كما في أماليه، المحاسن والمساوى للبيهقي: 40 -

5 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي لله عنه) قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد خالد البرقي، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أنه قال:

إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة: أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئا من طاعته، فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم، وأخفى إجابته في دعائه فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم، وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عباده فربما(1) يكون وليه وأنت لا تعلم (2).

ص: 252


1- (1) في بعض النسخ: من عبيد الله فربما - الخ.
2- (2) كمال الدين: 1 / 296 - 297، وفي هامشه: في مناسبة هذا الحديث لعنوان الباب تأمل، لان المراد بالولي المحب لا الحجة.

الباب السابع

الفصل الثاني: محن الشيعة عند الغيبة

ص: 253

ص: 254

- 19 - محن الشيعة عند الغيبة

1 - وبه (حدثنا به علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن عبد الله الشاعر - يعني ابن عقبة - قال: سمعت عليا - عليه السلام - يقول: كأني بكم تجولون جولات الإبل تبتغون مرعى ولا تجدونها يا معشر الشيعة (1)

ص: 255


1- (1) غيبة النعماني: 192، كمال الدين: 1 / 302 - 303 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن ابن حماد، عن أبي الجارود، عن يزيد الضخم قال: سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: - كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، وفيه:... النعم بدل الإبل... تطلبون المرعى فلا تجدونه، وفي: 1 / 303 - حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، عن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب _ عليهم السلام _ عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين _ عليهم السلام _ قال: للقائم منا غيبة أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة، ثم قال _ عليه السلام _: إن القائم منا إذا قام لم يكن لاحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه، ثم قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي، عن عبد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمد بن علي الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين _ عليهم السلام _: بهذا الحديث مثلا سواء، وفي: 1 / 304 - حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زياد المكفوف، عن عبد الله بن أبي عقبة الشاعر قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ يقول: - كما في غيبة النعماني، وفي: 1 / 304 أيضا - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد ابن المنذر، عن عبد الله بن أبي عقبة الشاعر قال: سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: - كما في غيبة النعماني، البحار: 51 / 109 - عن رواية كمال الدين الثانية، وفي:

2 - جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الرحمان بن سيابة، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي الأسدي (قال:) سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: (كيف) أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى، ولا علم يرى، يبرأ بعضكم من بعض (1) 3 - حدثنا به علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال:

حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن مزاحم العبدي، عن عكرمة بن صعصعة، عن أبيه قال:

كان علي - عليه السلام - يقول:

لا تنفك هذه الشيعة حتى تكون بمنزلة المعز لا يدري الخابس (2) على أيها

ص: 256


1- (1) غيبة الطوسي: 207، البحار: 51 / 111 - عن غيبة الطوسي، وفيه: كيف أنتم، إثبات الهداة: 3 / 510 - عن غيبة الطوسي، وفيه: كيف أنتم.
2- (2) في القاموس: خبس الشئ بكفه - أخذه، وفلانا حقه - ظلمه وغشمه، والخبوس الظلوم، واختبسه، أخذه مغالبة، وماله - ذهب به، والمختبس الأسد كالخابس، وفي بعض النسخ هنا وفيما يأتي الجاس وهو من جسه بيده أي مسه.

يضع يده (1) فليس لهم شرف يشرفونه، ولا سناد يستندون إليه في أمورهم (2). (3) 4 - حدثنا ابن اليمان، عن شيخ من بني فزارة، عمن حدثه، عن علي قال:

لا يخرج المهدي حتى يبصق بعضكم في وجه بعض (4) 5 - أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة بن أبي هراسة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين - عليه السلام -.

أنه قال: كونوا كالنحل في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها، ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك (5) خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم (6) فوالذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين، وحتى لا يبقى منكم - أو قال من شيعتهم إلا كالكحل في العين، والملح

ص: 257


1- (1) يعني حتى يكونوا في الذلة والصغار كالمعز، لا يدري الظالم أيهم يظلم، كقصاب يتعرض لقطيع غنم لا يدري أيها يأخذ للذبح، أو كالذئب يتعرض لقطيع المعز لا يدري أيها يفترس.
2- (2) الشرف: المكان العالي - أي ليس لهم مأوى ومعقل يشرفونه، ويلتجئون إليه للاحتراز عن سيول الفتن والحوادث، أو الشرف بمعنى العلو بين الناس، فالمعنى ليس لهم شرف يتشرفون بسببه فيدفع عنهم الأذى والقتل، وفي بعض نسخ الحديث: ليس لهم شرف ترقونه فهو بالمعنى الأول أنسب. والسناد - بالكسر -: ما يستند إليه في الأمور، والجملتين الأخيرتين كالتفسير لوجه التشبيه.
3- (3) غيبة النعماني: 191 - 192، البحار: 51 / 114 - عن النعماني، وفي سنده: محمد بن الحسن الرازي بدل محمد بن حسان الرازي.
4- (4) ابن حماد: 91، كنز العمال: 14 / 587 حديث (39663) - عن ابن حماد، وفيه: بعضهم، جمع الجوامع: 2 / 103 - عن ابن حماد، المغربي: 578 - عن ابن حماد، وفيه: بعضهم، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 68 - عن ابن حماد.
5- (5) أي لم تفعل بها ما تفعل من عدم التعرض لها.
6- (6) زايلوهم: أي انفصلوا عنهم وتميزوا - هذا معنى قولهم: كن في الناس ولا تكن مع الناس.

في الطعام (1) وسأضرب لكم مثلا وهو مثل رجل كان له طعام فنقاه وطيبه، ثم أدخله بيتا وتركه فيه ما شاء الله، ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس (2) فأخرجه ونقاه وطيبه، ثم أعاده إلى البيت فتركه ما شاء الله، ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابته طائفة من السوس فأخرجه ونقاه وطيبه وأعاده.

ولم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر (3) لا يضره السوس شيئا، وكذلك أنتم تميزون حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا تضرها الفتنة (4) شيئا (5).

ص: 258


1- (1) التشبيه من حيث القلة: فكما أن الملح في الطعام بالنسبة إلى مواده الاخر أقل، كذلك أنتم بالنسبة إلى باقي الناس.
2- (2) السوس: العث وهو دود يقع في الصوف والخشب والثياب والبر ونحوها فيفسدها.
3- (3) الأندر - بضم الهمزة وفتح الدال -: الكدس أو الكومة من القمح خاصة.
4- (4) الظاهر أن المراد بالفتنة - الغيبة وطول مدتها - مع تظاهر الزمان على معتقديها.
5- (5) غيبة النعماني: 209 - 210، وروى مثله بتفاوت يسير في مقدمة الكتاب: 25 - 26 قال: وهو ما أخبرنا به أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، وهذا الرجل ممن لا يطعن عليه في الثقة ولا في العلم بالحديث والرجال الناقلين له قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي - من يتم الله قال: حدثني أخواي أحمد ومحمد ابنا الحسن بن علي فضال، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي كهمس، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة قال: وأشار إليه في ص

6 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي قال: حدثنا محمد وأحمد ابنا الحسن (1) عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي كهمس، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة قال:

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: يا مالك بن ضمرة! كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا؟ - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض.

فقلت: يا أمير المؤمنين! ما عند ذلك من خير؟ قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد (2) 7 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي أسامة، عن هشام، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق قال: حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أنهم سمعوا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول في خطبة له:

اللهم وإني لأعلم أن العلم لا يأرز كله، ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور، كيلا تبطل حججك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم، بل أين هم وكم؟ أولئك الأقلون عددا، والأعظمون عند الله جل ذكره قدرا، المتبعون لقادة الدين: الأئمة الهادين، الذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الايمان، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما

ص: 259


1- (1) محمد وأحمد، هما ابنا الحسن بن علي بن فضال يروي عنهما أخوهما علي بن الحسن.
2- (2) غيبة النعماني: 206، بشارة الاسلام: 48 - عن النعماني، إثبات الهداة: 3 / 537 - عن النعماني بتفاوت يسير، إلى قوله: يقوم قائمنا وقال: ورواه بإسناد آخر، البحار: 52 / 115 - عن النعماني، وسقط منه راويان من أول السند.

استوعر على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون، وأباه المسرفون، أولئك أتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم، فأرواحهم معلقة بالمحل الأعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحق وسيحق الله الحق بكلماته ويمحق الباطل، ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم، وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم (1) 8 - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أنه قال:

ألزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم، وهوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم.

فإنه من مات منكم على فراشه، وهو على معرفة ربه، وحق رسوله وأهل بيته، مات شهيدا أوقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلائه بسيفه، فإن لكل شئ مدة وأجلا (2) 9 - عن علي قال: إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض ولا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم! ثم يظهر قوم ضعفاء لا يوبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد، هم أصحاب الدولة، لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكنى ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء حتى يختلفوا فيما بينهم ثم يؤتي الله الحق من يشاء (3)

ص: 260


1- (1) أصول الكافي: 1 / 335.
2- (2) البحار: 52 / 144، ح (63)، ينابيع المودة: 436، فيض الاسلام: 754.
3- (3) كنز العمال: 11 / 383 حديث (31530)، عن ابن حماد.

10 - ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أخويه: أحمد ومحمد: عن أبيهما، عن ثعلبة، عن أبي كهمش، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة، قال:

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ لشيعته: كونوا في الناس كالنحل في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم ما في أجوافها لم يفعل بها ما يفعل. خالطوا الناس بأبدانكم، وزائلوهم بقلوبكم وأعمالكم، فإن لكل امرى ما اكتسب من الاثم، وهو يوم القيامة مع من أحب أما أنكم لن تروا ما تحبون وما تأملون يا معشر الشيعة حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين، وحتى لا يبقى منكم على هذا الامر إلا كالكحل في العين، والملح في الزاد، وهو أقل الزاد (1) 11 - أن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها يقول فيها: ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سباقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، والله ما كتمت وسمه ولا كذبت كذبه ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم (2).

ص: 261


1- (1) كمال الدين: 2 / 79، عن غيبة النعماني.
2- (2) أصول الكافي: 1 / 369.

ص: 262

الباب السابع

الفصل الثالث: فضيلة انتظار الفرج

ص: 263

ص: 264

- 20 - فضيلة انتظار الفرج

1 - حدثنا أبي - رضي الله عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:

حدثني محمد ابن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائي _ عليهم السلام _: علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، قال _ عليه السلام _:... انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فإن أحب الاعمال إلى الله عز وجل انتظار الفرج، ما دام عليه العبد المؤمن... والمنتظر لأمرنا كالمشحط بدمه في سبيل الله (1).

2 - عن علي قال: من أدرك ذلك الزمان فلا يطعن برمح، ولا يضرب بسيف، ولا يرم بحجر، واصبروا! فإن العاقبة للمتقين (2)

ص: 265


1- (1) الخصال: 2 / 610 و 616 و 625، البحار: 52 / 123 - عن الخصال، تحف العقول: 106 و 115 - كما في الخصال مرسلا، وفيه:... فإن أحب الأمور... وما داوم عليه المؤمن، كمال الدين: 2 / 645 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنه - قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين _ عليهم السلام _ قال: - آخره، منتخب الأثر: 496 و 498، كشف اليقين: 67 - مرسلا عنه _ عليه السلام _، وفيه: أفضل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج.
2- (2) كنز العمال: 11 / 259 حديث (31453).

3 - قال _ عليه السلام _: انتظار الفرج من أعظم الفرج (1) 4 - قال _ عليه السلام _: انتظار الفرج من الفرج (2) 5 - أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله (3) 6 - قال زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين!... فأي الاعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال _ عليه السلام _: انتظار الفرج (4) 7 - ابن الوليد، عن الصفار، عن الرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر _ عليه السلام _، قال: قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: قوام الدين بأربعة: بعالم ناطق مستعمل له، وبغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم.

فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغني بماله، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلى ورائها القهقري، فلا تغرنكم كثرة المساجد، وأجساد قوم مختلفة.

قيل: يا أمير المؤمنين! كيف العيش في ذلك الزمان؟ فقال _ عليه السلام _: خالطوهم بالبرانية - يعني في الظاهر -، وخالفوهم في الباطن.

المرء ما اكتسب، وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل (5).

ص: 266


1- (1) البحار: 53 / 123.
2- (2) المصدر نفسه: 53 / 131.
3- (3) الكافي: 5 / 291، ب (47)، ح (440).
4- (4) مواعظ الصدوق: 61، البحار: 52 / 122.
5- (5) البحار: 2 / 67، ح (9).

8 - أبي، عن محمد بن عيسى، عن خلف بن حماد، عن علي بن عثمان بن رزين، عمن رواه، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال: ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله وعن يمينه: إن الله يحب المرء المسلم الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، ويناصحه الولاية، ويعرف فضلي، ويطأ عقبي، وينتظر عاقبتي (1).

9 - وروى لي محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثني الحسن بن القاسم قراءة، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن المعلى، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه _ عليهم السلام _.

قال: بينا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم للحرب، إذ أتاه شيخ عليه شحبة (2) السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟ فقيل:

هو ذا هو فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين! إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي، وإني أظنك ستغتال، فعلمني مما علمك الله.

قال _ عليه السلام _: نعم، يا شيخ! من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فهو محروم، ومن لم يبال بما رزي من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له.

يا شيخ! إرض للناس ما ترضى لنفسك، وأت إلى الناس ما تحب أن يوتى إليك.

ص: 267


1- (1) البحار: 27 / 89 - 90، ح (41). بيان: لعل المراد - بالعاقبة - دولته ودولة ولده _ عليهما السلام _ في الرجعة أو في القيامة، كما قال تعالى: (والعاقبة للمتقين) (القصص - 73). ويحتمل أن يكون المراد - بالعاقبة - هنا: الولد أو آخر الأولاد، فإن العاقبة تكون بمعنى الولد. وآخر كل شئ كما ذكره الفيروزآبادي: انتظار الفرج بظهور القائم _ عليه السلام _.
2- (2) الشحبة: صفة الشاحب وهو المتغير اللون لعرض أو مرض أو سفر أو سهر ونحو ذلك.

ثم أقبل على أصحابه، فقال: أيها الناس! أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى، فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى إثر الماضي يصير الباقي.

فقال له زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال _ عليه السلام _: الهوى، قال: فأي ذل أذل؟ قال _ عليه السلام _:

الحرص على الدنيا، قال: فأي فقر أشد؟ قال _ عليه السلام _: الكفر بعد الايمان، قال: فأي دعوة أضل؟ قال _ عليه السلام _: الداعي بما لا يكون.

قال: فأي عمل أفضل؟ قال _ عليه السلام _: التقوى، قال: فأي عمل أنجح؟ قال _ عليه السلام _: طلب ما عند الله عز وجل، قال: فأي صاحب لك شر؟ قال - عليه السلام -: المزين لك معصية الله عز وجل، قال: فأي الخلق أشقى؟ قال - عليه السلام -: من باع دينه بدنيا غيره، قال: فأي الخلق أقوى؟ قال _ عليه السلام _: الحليم، قال: فأي الخلق أشح؟ قال _ عليه السلام _: من أخذ المال من غير حله، فجعله في غير حقه.

قال: فأي الناس أكيس؟ قال _ عليه السلام _: من أبصر رشده من غيه، فمال إلى رشده، قال: فمن أحلم الناس؟ قال _ عليه السلام _: الذي لا يغضب، قال: فأي الناس أثبت رأيا؟ قال _ عليه السلام _: من لم يغره الناس من نفسه، ولم تغره الدنيا بتشوقها، قال: فأي الناس أحمق؟ قال _ عليه السلام _: المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها، قال: فأي الناس أشد حسرة؟ قال _ عليه السلام _: الذي حرم الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، قال: فأي الخلق أعمى؟ قال - عليه السلام - الذي عمل لغير الله، يطلب بعمله الثواب من عند الله عز وجل، قال: فأي القنوع أفضل؟ قال _ عليه السلام _: القانع بما أعطاه الله عز وجل، قال: فأي المصائب أشد؟ قال _ عليه السلام _: المصيبة بالدين.

قال: فأي الاعمال أحب إلى الله عز وجل، قال _ عليه السلام _:

انتظار الفرج، قال: فأي الناس خير عند الله؟ قال _ عليه السلام _:

أخوفهم لله وأعملهم بالتقوى وأزهدهم

ص: 268

في الدنيا، قال: فأي الكلام أفضل عند الله عز وجل؟ قال _ عليه السلام _: كثرة ذكره والتضرع إليه بالدعاء، قال: فأي القول أصدق؟ قال _ عليه السلام _: شهادة أن لا إله إلا الله.

قال: فأي الاعمال أعظم عند الله عز وجل؟ قال _ عليه السلام _:

التسليم والورع، قال: فأي الناس أصدق؟ قال _ عليه السلام _: من صدق في المواطن.

ثم أقبل _ عليه السلام _ على الشيخ، فقال: يا شيخ! إن الله عز وجل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم، نظرا لهم فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم إليها، وصبروا على ضيق المعيشة وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله عز وجل من الكرامة، فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله.

وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة، فلقوا الله عز وجل وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على البلوى، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله عز وجل، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة، والسلام.

قال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين، جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك؟ فأعطاه أمير المؤمنين _ عليه السلام _ سلاحا وحمله، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يضرب قدما وأمير المؤمنين _ عليه السلام _ يعجب مما يصنع.

فلما اشتد الحرب أقدم فرسه حتى قتل - رحمة الله عليه -، واتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فوجده صريعا ووجد دابته ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بدابته وسلاحه، وصلى عليه أمير المؤمنين _ عليه السلام _، وقال:

هذا والله السعيد حقا فترحموا على أخيكم (1)

ص: 269


1- (1) من لا يحضره الفقيه: 4 / 273.

10 - عن عبيد بن كثير - معنعنا -، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - قال: أنا ورسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على الحوض، ومعنا عترتنا، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا، وليعمل بأعمالنا.

فإنا أهل البيت لنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فانا نذود عنه أعداءنا، وسنقي منه أولياؤنا، ومن شرب منه لم يظمأ أبدا، وحوضنا مترع فيه - مثعبان - ينصبان من الجنة، أحدهما - تسنيم، والآخر - معين، على حافتيه الزعفران، وحصباه الدر والياقوت.

وإن الأمور إلى الله وليست إلى العباد، ولو كانت إلى العباد ما اختاروا علينا أحدا، ولكنه يختص برحمته من يشاء من عباده، فأحمد الله على ما اختصكم به من النعم، وعلى طيب المولد.

فإن ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك والأسقام ووسواس الريب، وإن حبنا رضى الرب، والآخذ بأمرنا وطريقتنا معنا غدا في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله، ومن سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله على منخريه في النار.

نحن الباب إذا بعثوا فضاقت بهم المذاهب، نحن باب حطة وهو باب الاسلام من دخله نجا، ومن تخلف عنه هوى.

بنا فتح الله وبنا يختم، وبنا يمحو الله ما يشاء ويثبت، وبنا ينزل الغيث، فلا يغرنكم بالله الغرور لو تعلمون ما لكم في الغناء بين أعدائكم، وصبركم على الأذى لقرت أعينكم، ولو فقدتموني لرأيتم أمورا يتمنى أحدكم الموت مما يرى من الجور والعدوان والإثرة والاستخفاف بحق الله والخوف، فإذا كان كذلك فاعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وعليكم بالصبر والصلاة والتقية.

واعلموا أن الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلون، فلا تزولوا عن الحق، وولاية أهل الحق، فإنه من استبدل بنا هلك، ومن اتبع أثرنا لحق، ومن سلك غير طريقنا غرق.

ص: 270

وإن لمحبينا أفواجا من رحمة الله، وإن لمبغضينا أفواجا من عذاب الله، طريقنا القصد، وفي أمرنا الرشد، أهل الجنة ينظرون إلى منازل شيعتنا كما يرى الكوكب الدري في السماء، لا يضل من اتبعنا، ولا يهتدي من أنكرنا، ولا ينجو من أعان علينا [عدونا]، ولا يعان من أسلمنا، فلا تخلفوا عنا لطمع دنيا بحطام زائل عنكم، [وأنتم] تزولون عنه، فإنه من آثر الدنيا علينا عظمت حسرته، وقال الله تعالى: " يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله " (الزمر - 56).

سراج المؤمن معرفة حقنا، وأشد العمى من عمي من فضلنا وناصبنا العداوة بلا ذنب إلا أن دعوناه إلى الحق، ودعاه غيرنا إلى الفتنة فآثرها، لنا راية من استظل بها كنته، ومن سبق إليها فاز، ومن تخلف عنها هلك، ومن تمسك بها نجا.

أنتم عمار الأرض [الذين] استخلفكم فيها، لينظر كيف تعملون، فراقبوا الله فيما يرى منكم، وعليكم بالمحجة العظمى فاسلكوها، لا يستبدل بكم غيركم " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " (الحديد - 21).

فاعلموا أنكم لن تنالوها إلا بالتقوى، ومن ترك الاخذ عمن أمر الله بطاعته، قيض الله له شيطانا فهو له قرين، ما بالكم قد ركنتم إلى الدنيا، ورضيتم بالضيم، وفرطتم فيما فيه عزكم وسعادتكم وقوتكم على من بغي عليكم، لا من ربكم تستحيون ولا لأنفسكم تنظرون.

وأنتم في كل يوم تضامون، ولا تنتبهون من رقدتكم، ولا تنقضي فترتكم، أما ترون [إلى] دينكم يبلى، وأنتم في غفلة الدنيا، قال الله عز ذكره:

" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون " (هود - 113) (1).

ص: 271


1- (1) البحار: 68 / 61، ح (113)، تفسير فرات: 137 - 139. توضيح: اترع - كافتعل - امتلأ، قاله الفيروزآبادي، وقال: مثاعب المدينة - مسايل مائها، وقال: الواعية - الصراخ والصوت، لا الصارخة، ووهم الجوهري، وقال: كنه - ستره، وقال: قيض الله فلانا لفلان - جاء به وأتاحه له، وقيضنا لهم قرناء: سببنا لهم من حيث لا تحبونه، وقال: الضيم الظلم.

ص: 272

الباب الثامن

الفصل الأول: الفتن قبل المهدي عليه السلام

ص: 273

ص: 274

- 21 - الفتن قبل المهدي

1 - حدثنا علي بن أحمد البندينجي، عن عبيد الله بن موسى العلوي، قال: حدثنا محمد بن موسى، عن أحمد بن أبي أحمد الوراق الجرجاني، عن محمد بن علي، عن علي بن الحكم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي الطفيل، قال: سأل ابن الكواء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ عن الغضب.

فقال: هيهات الغضب، هيهات موتات بينهن موتات، وراكب الذعلبة (1) وما راكب الذعلبة، مختلط جوفها بوضينها (2) يخبرهم بخبر فيقتلونه، ثم الغضب عند ذلك (3).

2 - عن أمير المؤمنين علي _ عليه السلام _ قال:

وينادي منادي الجرحى على القتلى ودفن الرجال، وغلبة الهند على السند،

ص: 275


1- (1) الذعلبة - بالكسر -: الناقة السريعة.
2- (2) الوضين: بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير كالحزام على السرج، وقال في النهاية: منه الحديث: إليك تغدو قلقا وضينها - أراد أنها هزلت ودقت للسير عليها، وقال العلامة المجلسي - رحمه الله - بعد نقل ذلك عن الجزري: يحتمل أن يكون ما في الخبر كناية عن السمن أو الهزال أو كثرة سير الراكب عليها واسراعه.
3- (3) غيبة النعماني: 267 - 268.

وغلبة القفص على السعير، وغلبة القبط على أطراف مصر، وغلبة أندلس على أطراف أفريقية. وغلبة الحبشة على اليمن. وغلبة الترك على خراسان.

وغلبة الروم على الشام. وغلبة أهل أرمينية.

وصرخ الصارخ بالعراق: هتك الحجاب وافتضت العذراء، وظهر علم اللعين الدجال. ثم ذكر خروج القائم _ عليه السلام _ (1).

3 - أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن طارق، عن منذر الثوري، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال:

جعلت في هذه الأمة خمس فتن: فتنة عامة ثم فتنة خاصة، ثم فتنة عامة، ثم فتنة خاصة، ثم تأتي الفتنة العمياء الصماء المطبقة التي يصير الناس فيها كالانعام (2).

4 - أخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي، قال:

حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، قال: حدثنا إبراهيم بن عبيد الله بن

ص: 276


1- (1) مناقب ابن شهرآشوب: 2 / 274 - مرسلا عن علي _ عليه السلام _، البحار: 41 / 319 - عن مناقب ابن شهرآشوب، وفيه:... وغلبة أهل أرمينية على أرمينية.
2- (2) عبد الرزاق: 11 / 356 - 357، جمع الجوامع: 2 / 30 - كما في ابن أبي شيبة بتفاوت يسير، وقال ابن أبي شيبة، ونعيم، وابن راهويه، وابن المنادي، مستدرك الصحيحين: 4 / 437 - كما في عبد الرزاق بسنده إليه، وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، وفي: 4 / 504 - 505 - كما في عبد الرزاق بتفاوت بسند آخر، عن علي _ عليه السلام _: - وفيه: تكون في... ثم تكون فتنة سوداء مظلمة يكون الناس فيها كالبهائم وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، ابن أبي شيبة: 15 / 24، حدثنا أبو أسامة، عن منذر، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: كما في عبد الرزاق بتفاوت يسير - وفيه: وضع الله في هذه الأمة... ثم فتنة تموج كموج البحر يصبح الناس فيها كالبهائم، المطالب العالية: 4 / 277 - كما في عبد الرزاق بتفاوت يسير، عن ابن راهويه، وقال: وأقر به أبو أسامة فقال: نعم، وفيه: جعل الله... ثم تجئ فتنة سوداء مظلمة... كالبهائم ملاحم ابن المنادي: 75 - بسند آخر، عن أبي القاسم محمد بن علي بن الحنفية بن أبي طالب - عليه السلام - أنه قال: يكون خمس فتن: فتنة عامة، وفتنة خاصة، وفتنة سوداء مظلمة يكون الناس فيها كالبهائم ما ذكر الرابعة ولا الخامسة.

العلاء (1)، قال: حدثني أبي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد أمير المؤمنين _ عليه السلام _ حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم، فقال الحسين: يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الأرض من الظالمين؟ فقال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام - ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ثم قال: إذا قام القائم بخراسان، وغلب على أرض كوفان وملتان، وجاز جزيرة بني كاوان (2) وقام منا قائم بجيلان وأجابته الآبر والديلم [- ان] (3) وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات (4) وكانوا بين هنات وهنات (5) إذا خربت البصرة، وقام أمير الامرة بمصر - فحكى _ عليه السلام _ حكاية طويلة - ثم قال: إذا جهزت الألوف، وصفت الصفوف، وقتل الكبش الخروف(6) هناك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر، ثم يقوم القائم المأمول، والامام المجهول، له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين، لا ابن مثله(7) يظهر بين الركنين، في

ص: 277


1- (1) في بعض النسخ: إبراهيم بن عبد الله بن العلاء، وظني أن كليهما تصحيف، والصواب إبراهيم بن عبد الحميد بن أبي العلاء، والله أعلم.
2- (2) كوفان اسم للكوفة، وفي بعض النسخ كرمان. وملتان بضم الميم -: مدينة من الهند قرب غزنة، قال في المراصد: أهلها مسلمون منذ قديم، وفي المراصد أيضا: جزيرة كاوان ويقال: جزيرة بني كاوان، جزيرة عظيمة يقال لها: جزيرة لافت في بحر فارس بين عمان والبحرين، كان بها قرى ومزارع، وهي الآن خراب - ا ه.
3- (3) الإبر: قرية قرب الاسترآباد. وفي جل النسخ الديلم والديلمان جمع الديلم بلغة الفرس من قرى أصبهان بناحية جرجان، كما في المراصد.
4- (4) في بعض النسخ: والحرمات.
5- (5) هنات وهنوات جمع هنيئة بمعنى ساعة يسيرة، أو من قولهم: في فلان هنات أي خصلات شر.
6- (6) الخروف - كصبور -: الذكر من أولاد الضأن.
7- (7) في بعض النسخ: لا، أين مثله؟.

دريسين باليين (1) يظهر على الثقلين، ولا يترك في الأرض دمين (2) طوبى لمن أدرك زمانه، ولحق أوانه، وشهد أيامه (3) 5 - حدثنا أبو معاوية، وأبو أسامة، ويحيى بن اليمان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي - رضي الله عنه - قال: ينقض الدين حتى لا يقول أحد لا إله إلا الله - وقال بعضهم حتى لا يقال: الله الله، ثم يضرب يعسوب الدين بذنبه، ثم يبعث الله قوما قزع (كذا) كقزع الخريف، إني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم (4)

ص: 278


1- (1) الدريس: البالي من الثياب، والبالي: الخلقان من الثياب.
2- (2) كذا في جل النسخ وفي بعضها الاذنين كما في البحار، وفي نسخة لا يترك في الأرض شرا وكأن الكلمة في الأصل غير مقروءة فكتبها كل على حسب اجتهاده، مع تصرف، ويحتمل كونه ولا يترك في الأرض دينين أو لا يترك في الأرض المين بفتح الميم بمعنى الكذب، والأصوب عندي أن الجملة في الأصل كانت ولا يترك الأرض بلامين فصحفت، يعني لا يترك الأرض بلا حرب ولا زراعة، ففي اللغة: مان الأرض مينا، شقها وحرثها للزراعة. وهو مؤيد بروايات أخر لا مجال لنا هنا لذكرها.
3- (3) غيبة النعماني: 274 - 276، عنه البحار: 52 / 235 - 237.
4- (4) ابن حماد: 108، غيبة الطوسي: 284 عنه (الفضل بن شاذان)، عن محمد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ (يقول): كان أمير المؤمنين - عليه السلام - يقول: - وفيه: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال (الله) فإذا كان ذلك ضرب... فيبعث الله قوما من أطرافها يجيئون قزعا... لأعرفهم أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم الله كيف شاء من القبيلة الرجل والرجلين حتى بلغ تسعة فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر، وهو قول الله

6 - أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي بن محمد أبي الفهم التنوخي بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر بن العطار البزار قراءة عليه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسيني الخثعمي قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: أخبرنا عمر بن شبيب المسلي، عن محمد بن سلمة، عن كهيل، عن أبيه، عن أبي إدريس، عن مسبب بن خيثمة عن علي _ عليه السلام _ قال في حديث:

... والله ليظهرن عليكم هؤلاء باجتماعهم على باطلهم، وتخاذلكم عن حقكم، حتى يستعبدونكم (كذا) كما يستعبد الرجل عبدا، إذا شهد جزمه، وإذا غاب سبه، حتى يقوم الباكيان، الباكي لدينه والباكي لدنياه، وأيم الله لو فرقوكم تحت كل حجر لجمعكم لشر يوم لهم، والذي خلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يملك الأرض رجل مني يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، فإذا كان ذلك لم تظنوا (تطعنوا) فيه برمح ولم تضربوا فيه بسيف ولم ترموا فيه بسهم ولم ترموا فيه بحجر، فاحمدوا الله، فإذا كان ذلك ورأيتم الرجل من بني أمية غرق في البحر فطأوه على رأسه فوالذي خلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق منهم إلا رجل واحد لبغى لدين الله عز وجل شرا (1).

ص: 279


1- (1) آمالي الشجري: 2 / 84.

7 - عن علي قال: تملا الأرض ظلما وجورا حتى يدخل كل بيت خوف وحزن، يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه فيكون قتال بقتال ويسار بيسار حتى يحيط الله بهم في مصره، ثم تملا الأرض عدلا وقسطا (1) 8 - حدثنا وكيع ويزيد بن هارون قالا: أخبرنا عمران بن حدير، عن رفيع أبي كبيرة قالا: سمعت أبا الحسن عليا يقول:

تمتلئ الأرض ظلما وجورا حتى يدخل كل بيت خوف وحرب، يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه فيكون تقتال بتقتال، وتسيار بتسيار حتى يحيط الله بهم في قصره، ثم تملا الأرض عدلا وقسطا (2) 9 - أخبرنا علي بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن يحيى، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن علي بن محمد بن الأعلم الأزدي (3) عن أبيه عن جده.

قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض، وجراد في حينه، وجراد في غير حينه، أحمر كالدم، فأما الموت الأحمر فبالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون (4)

ص: 280


1- (1) كنز العمال: 14 / 586 حديث (39659).
2- (2) ابن أبي شيبة: 15 / 89، وقال: قال وكيع: حتى يحيط الله بهم في قصره، كنز العمال: 14 / 586 حديث (39659) - عن ابن أبي شيبة، وفيه:... في مصره، المغربي: 578 - كما في كنز العمال، عن ابن أبي شيبة، وفيه: ... يسألون الحق، جمع الجوامع: 2 / 170 - عن ابن أبي شيبة، وفيه: ... تملا... خوف وحزن... قتال بقتال ويسار بيسار... في قصرهم.
3- (3) الأعلم الأزدي كان من أولياء أمير المؤمنين _ عليه السلام _ كما في رجال البرقي، وضبطه في اختصاص المفيد العلم الأزدي.
4- (4) غيبة النعماني: 277 - 278، عقد الدرر: 65 - كما في الارشاد بتفاوت يسير، مرسلا عن علي بن محمد الأودي، عن أبيه، عن جده، وفيه: بين يدي المهدي، منتخب الأنوار المضيئة: 30 - عن الخرائج، منتخب الأثر: 441 - عن الارشاد، البحار: 52 / 211 - عن غيبة الطوسي، والنعماني، والارشاد، مستجاد الحلي: 548 - 549 - عن الارشاد، إعلام الورى: 427 - كما في غيبة الطوسي بسند الارشاد، إثباة الهداة: 7 / 406 - عن غيبة الطوسي بتقديم وتأخير، وفي: 3 / 738 - عن غيبة النعماني بتفاوت يسير، وفي سنده أحمد بن أنس بدل محمد بن حسان الرازي، وفيه:... كألوان الدم، كشف النوري: 175 - عن عقد الدرر، وفيه: بين يدي المهدي، الارشاد: 359 - كما في غيبة النعماني بتفاوت يسير، مرسلا عن محمد بن أبي البلاد، عن علي بن محمد الأزدي، عن أبيه، عن جده قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: وفيه... كألوان الدم... فالسيف، كشف الغمة: 3 / 248 - عن الارشاد بتفاوت يسير، غيبة الطوسي: 267 - كما في الارشاد بتفاوت يسير، عن الفضل بن شاذان ، وقال: (روي) الفضل، عن علي بن أسباط، عن محمد بن أبي البلاد، عن علي بن محمد الأودي، عن أبيه، عن جده (قال): قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _:، الخرائج: 3 / 1152 - كما في غيبة النعماني، مرسلا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _، الفصول المهمة: 301 - عن الارشاد ظاهرا بتفاوت يسير، وفيه: علي بن يزيد الأزدي، بشارة الاسلام: 48 - عن غيبة النعماني، وغيبة الطوسي، وفيه: محمد بن الحسن الرازي... بين يدي المهدي، الصراط المستقيم: 2 / 242 - عن الارشاد (مختصرا).

10 - وجدت بخط المحدث الاخباري محمد بن المشهدي بإسناده عن محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن مشايخه، عن سليمان الأعمش، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أنس بن مالك، وكان خادم رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال:

لما رجع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ من قتال أهل النهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته وكان اسمه الحباب، فلما سمع الراهب الصيحة والعسكر أشرف من قلايته إلى الأرض فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فاستفظع ذلك ونزل مبادرا قال: من هذا، ومن رئيس هذا العسكر؟ فقيل له: هذا أمير المؤمنين وقد رجع من قتال أهل النهروان. فجاء الحباب مبادرا يتخطى الناس حتى وقف على أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين حقا حقا، فقال له: وما أعلمك بأني أمير المؤمنين حقا حقا؟ قال له: بذلك أخبرنا علماؤنا وأحبارنا. فقال له: يا حباب فقال له الراهب: وما علمك باسمي؟! فقال: أعلمني بذلك حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له حباب:

مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك علي بن أبي طالب وصيه، فقال له أمير المؤمنين _ عليه السلام _: وأين تأوي؟ فقال: أكون في قلاية لي ها هنا، فقال له أمير المؤمنين - عليه السلام -:

بعد يومك

ص: 281

هذا لا تسكن فيها، ولكن ابن هاهنا مسجدا وسمه باسم بانيه فبناه رجل اسمه براثا فسمى المسجد ببراثا باسم الباني له ثم قال: ومن أين تشرب يا حباب؟ فقال: يا أمير المؤمنين من دجلة ها هنا. قال:

فلم لا تحفر ها هنا عينا أو بئرا؟ فقال له: يا أمير المؤمنين كلما حفرنا بئرا وجدناها مالحة غير عذبة. فقال له أمير المؤمنين _ عليه السلام _:

احفر ها هنا بئرا فحفر، فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فانقلعت عن عين أحلى من الشهد، وألذ من الزبد، فقال له: يا حباب! ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة وتكثر الجبابرة فيها، ويعظم البلاء، حتى أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم سدوا على مسجدك بفطوة ثم (وابنه بنين ثم وابنه لا يهدمه إلا كافر ثم بيتا) فإذا فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين، واحترقت خضرهم وسلط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلا أهلكه وأهلك أهله. ثم ليعد عليهم مرة أخرى، ثم يأخذهم القحط والغلا ثلاث سنين حتى يبلغ بهم الجهد، ثم يعود عليهم ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلا سخطها وأهلكها وأهلك أهلها، وذلك إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع، فعند ذلك يكون هلاك أهل البصرة، ثم يدخل مدينة بناها الحجاج يقال لها واسط، فيفعل مثل ذلك، ثم يتوجه (نحو بغداد) فيدخلها عفوا، ثم يلتجئ الناس إلى الكوفة، ولا يكون بلد من الكوفة إلا تشوش له الامر، ثم يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه فيلقاهما السفياني فيهزمهما ثم يقتلهما، ويتوجه جيش نحو الكوفة فيستعبد بعض أهلها، ويجئ رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور فمن لجأ إليها أمن، ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحدا إلا قتلوه، وإن الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها، ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله.

فعند ذلك يا حباب يتوقع بعدها هيهات هيهات أمور عظام، وفتن كقطع الليل المظلم. فاحفظ عني ما أقول لك يا حباب (1)

ص: 282


1- (1) البحار: 52 / 217، عن اليقين، اليقين: 156 - 157.

11 - أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن الحسني البطحائي - بقراءتي عليه بالكوفة - قال: أخبرنا محمد بن جعفر التميمي - قراءة عليه - قال: أخبرنا محمد بن محمد بن سعيد قال: أخبرني الحسن بن علي بريع قال:

حدثنا القاسم بن عبد الله العبدي قال: حدثنا أبي قال: سمعت عبد الرحيم بن نصر البارقي قال: سمعت الامام أبا الحسين زيد بن علي _ عليهما السلام _ يقول: قال علي بن أبي طالب _ عليه السلام _:

إذا كان زعيم القوم فاسقهم، وأكرم الرجل اتقاء شره، وعظم أرباب الدنيا، واستخف بحملة كتاب الله، وكانت تجارتهم الربا، ومأكلهم أموال اليتامى، وعطلت المساجد، وأكرم الرجل صديقه وعق أباه، وتواصلوا على الباطل، وعطلوا الأرحام، واتخذوا كتاب الله مزامير، وتفقه لغير الدين، وأكل الرجل أمانته، وأتمن الخائن، وخون الامناء، واستعملت كلمة السفهاء، وزخرفت المساجد، وزخرفت الكنائس، ورفعت الأصوات في المساجد، واتخذت طاعة الله بضاعة، وكثر القراء، وقل الفقهاء، واشتد سب الأتقياء، فعند ذلك توقعوا ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وقذفا وزلازل وأمورا عظاما (1) 12 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصيقل، عن أبي شعيب المحاملي، عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ (قال):

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: ليأتين على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ويقرب فيه الماجن، ويضعف فيه المنصف.

قال: فقيل له: متى ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا اتخذت الأمانة مغنما، والزكاة مغرما، والعبادة استطالة، والصلة منا.

قال: فقيل: متى ذلك يا أمير المؤمنين؟

ص: 283


1- (1) أمالي الشجري: 2 / 260، وقال: وكان علي بن الحسين _ عليهما السلام _ إذا ذكر هذا الحديث بكى بكاء شديدا، ويقول: قد رأيت أسباب ذلك والله المستعان.

فقال: إذا تسلطن النساء، وسلطن الإماء، وأمر الصبيان (1) 13 - عن علي _ عليه السلام _ قال: يأتي على الناس زمان همتهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، أولئك شرار الخلق، لا خلاق لهم عند الله (2) 14 - عن علي _ عليه السلام _ قال:

يأتي على الناس زمان لا يتبع فيه العالم، ولا يستحيى فيه من الحليم، ولا يوقر فيه الكبير، ولا يرحم فيه الصغير، يقتل بعضهم بعضا على الدنيا.

قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا.

يمشي الصالح فيهم مستخفيا، أولئك شرار خلق الله، لا ينظر الله إليهم يوم القيامة (3).

ص: 284


1- (1) الكافي: 8 / 69، عنه البحار: 41 / 331 و 52 / 265، تاريخ اليعقوبي: 2 / 209 - مرسلا عن أمير المؤمنين، منتخب الأثر: 437، محاضرات الراغب: 1 / 89، الكامل للمبرد: 1 / 177، وفيه: يأتي على الناس زمان، لا يعز فيه إلا الماحل، ولا يستظرف إلا الفاجر، ولا يضعف إلا المنصف، يتخذون الفئ مغنما، والصدقة مغرما، والعبادة استطالة على الناس، وصلة الرحم منا، والعلم متجرا، فعند ذلك يكون سلطان النساء، ومشورة الإماء، وإمارة الصبيان، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 485. خطبة (102) - مرسلا، وفيه: لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف... يعدون الصدقة فيه غرما، وصلة الرحم منا، والعبادة استطالة على الناس... فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء، وإمارة الصبيان، وتدبير الخصيان مطالب السؤل: 1 / 150 - مرسلا، وفيه:... لا يعرف فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يؤتمن فيه إلا الخائن، ولا يخون إلا المؤمن... وصلة الرحم منا، والعبادة استطالة على الناس وتعديا، وذلك يكون، شرح ابن ميثم البحراني: 5 / 291.
2- (2) كنز العمال: 11 / 192، عن السلمي.
3- (3) المصدر نفسه: 11 / 192، عن ارشاد القلوب للديلمي.

15 - حدثني محمد بن علي ماجيلويه - رحمه الله -، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن سفيان الجريري، عن علي بن الحزور عن الأصبغ بن نباتة قال: لما أقبل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ من البصرة تلقاه أشراف الناس فهنؤوه وقالوا: إنا نرجو أن يكون هذا الامر فيكم ولا ينازعكم فيه أحد بدا فقال: هيهات - في كلام له - أنى ذلك ولما ترمون بالصلعاء قالوا: يا أمير المؤمنين وما الصلعاء؟ قال: توخذ أموالكم قسرا فلا تمنعون (1) 16 - حدثني محمد بن علي ماجيلويه - رحمه الله عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن الحسين بن سفيان الجريري، عن سلام بن أبي عمرة الأزدي، عن معروف بن خربوز، عن أبي الطفيل أنه سمع أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: إن بعدي فتنا مظلمة عمياء مشككة لا يبقى فيها، إلا النومة قيل: وما النومة يا أمير المؤمنين؟ قال:

الذي لا يدري الناس ما في نفسه (2).

17 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات، متبرجات من الدين، داخلات في الفتن، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلات للمحرمات، في جهنم خالدات (3) 18 - عن علي قال: ستليكم أئمة شر أئمة! فإذا افترقوا على ثلاث رايات فاعلموا أنه هلاكهم (4)

ص: 285


1- (1) معاني الاخبار: 168.
2- (2) معاني الاخبار: 166.
3- (3) من لا يحضره الفقيه: 3 / 247.
4- (4) كنز العمال: 11 / 282 حديث (31532) عن ابن حماد.

19 - بهذا الاسناد، عن الحسين، عن ابن سيابة، عن عمران بن ميثم، عن عباية ابن ربعي قال: دخلت على أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وأنا خامس خمسة وأصغر القوم سنا فسمعته يقول: حدثني أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إني خاتم ألف نبي وإنك خاتم ألف وصي، وكلفت ما لم يكلفوا.

فقلت: ما أنصفك القوم [يا أمير المؤمنين] فقال: ليس حيث تذهب يا ابن أخ، والله [إني] لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإنهم ليقرؤون منها آية في كتاب الله عز وجل وهي " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " (النمل - 82) وما يتدبرونها حق تدبرها.

ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة قلنا: هل قبل هذا من شئ أو بعده؟ فقال: صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقظان، وتوقظ النائم، وتخرج الفتاة من خدرها (1).

20 - روى مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد - عليهما السلام -، يقول: خطب الناس أمير المؤمنين _ عليه السلام _ - بالكوفة - فحمد الله وأثنى عليه.

ثم قال: أنا سيد الشيب، وفي سنة من أيوب، وسيجمع الله لي أهلي، كما جمع ليعقوب شمله، وذلك إذا استدار الفلك، وقلتم: ضل أو هلك.

ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبوؤوا إلى الله بالذنب، فقد نبذتم قدسكم، وأطفأتم مصابيحكم، وقلدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه ولا لكم سمعا ولا بصرا.

ضعف والله الطالب والمطلوب هذا، ولو لم تتواكلوا أمركم، ولم تتخاذلوا عن نصرة الحق بينكم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة، وإزوائها عن أهلها فيكم.

ص: 286


1- (1) البحار: 52 / 234، غيبة النعماني: 258.

تهتم كما تاهت - بنو إسرائيل - على عهد موسى -، وبحق أقول: ليضعفن عليكم التيه من بعدي، باضطهادكم ولدي، ضعف ما تاهت - بنو إسرائيل.

فلو قد استكملتم نهلا، وامتلأتم عللا، عن سلطان (الشجرة الملعونة في القرآن).

لقد اجتمعتم على ناعق ضلال، ولأجبتم الباطل ركضا، ثم لغادرتم داعي الحق، وقطعتم الأدنى من أهل - بدر -، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب.

ألا ولو ذاب ما في أيديهم، لقد دنى التمحيص للجزاء، وكشف الغطاء، وانقضت المدة، وأزف الوعد، وبدا لكم النجم من قبل المشرق، وأشرق لكم قمركم، كمل شهره وكليلة تم.

فإذا استبان ذلك، فراجعوا التوبة، وخالعوا الحوبة.

واعلموا أنكم إن أطعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتداريتم من الصمم، واستشفيتم من البكم، وكفيتم مؤنة التعسف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق.

فلا يبعد الله إلا من أبى الرحمة، وفارق العصمة، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (1)

ص: 287


1- (1) البحار: 51 / 111 - 112 وفيه: بيان: الشيب - بالكسر وبضمتين - جمع الأشيب، وهو من ابيض شعره، و استدارة الفلك - كناية عن طول مرور الازمان، أو تغير أحوال الزمان، وسيأتي خبر في - باب أشراط الساعة - يؤيد الثاني. قوله: هذا - فصل بين الكلامين - أي خذوا هذا. والنهل - محركة - أول الشرب، والعلل - محركة - الشربة الثانية، والشرب بعد الشرب تباعا. قوله _ عليه السلام _: كمل شهره - أي كما يملا في شهره في الليلة الرابع عشر، فيكون ما بعده تأكيدا، أو كما إذا فرض أنه يكون ناميا متزايدا إلى آخر الشهر. وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من الكافي، وهي كالشرح لهذه، ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلة بالمعنى.

21 - علي بن أحمد المعروف ب - ابن الحمامي -، عن محمد بن جعفر القاري، عن محمد بن إسماعيل بن يوسف، عن سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر بن كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي _ عليه السلام _ أنه قال: لتملان الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد: الله إلا مستخفيا، ثم يأتي الله بقوم صالحين يملأونها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا (1) 22 - عن أبي وائل قال: خطب علي الناس بالكوفة فسمعته يقول في خطبته:

أيها الناس! إنه من يتفقر افتقر، ومن يعمر يبتلى، ومن لا يستعد للبلاء إذا ابتلي لا يصير، ومن ملك استأثر، ومن لا يستشير يندم! وكان يقول من وراء هذا الكلام: يوشك أن لا يبقى من الاسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه. وكان يقول: ألا! لا يستحي الرجل أن يتعلم، ومن يسأل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، مساجدكم يومئذ عامرة، وقلوبكم وأبدانكم خربة من الهدى، شر من تحت ظل السماء فقهاؤكم، منهم تبدو الفتنة وفيهم تعود فقام رجل فقال: ففيم يا أمير المؤمنين؟! قال: إذا كان الفقه في رذالكم، والفاحشة في خياركم، والملك في صغاركم، فعند ذلك تقوم الساعة (2) 23 - عن كتاب عبد الله بن بشار رضيع الحسين _ عليه السلام _:

إذا أراد الله أن يظهر آل محمد، بدأ الحرب من صفر إلى صفر، وذلك أوان خروج المهدي _ عليه السلام _.

قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين! ما أقرب الحوادث الدالة على ظهوره؟ فدمعت عيناه وقال: إذا فتق بثق في الفرات، فبلغ أزقة الكوفة، فليتهيأ شيعتنا للقاء القائم (3)

ص: 288


1- (1) البحار: 51 / 117، أمالي الطوسي: 1 / 391، منتخب الأثر: 484، بشارة الاسلام: 39.
2- (2) كنز العمال: 11 / 378 حديث (44217).
3- (3) الصراط المستقيم: 2 / 258، عنه اثبات الهداة: 3 / 578.

24 - حدثنا يحيى بن اليمان، عن كيسان الرواشي القصار - وكان ثقة - قال:

حدثني مولاي قال: سمعت عليا (رضي الله عنه) يقول: لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث، ويموت ثلث، ويبقى ثلث(1) 25 - أحمد بن محمد الكوفي، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أبي روح فرج ابن قرة، عن جعفر بن عبد الله، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: خطب أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد فإن الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم [من] الأمم إلا بعد أزل وبلاء.

أيها الناس! في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وما كل ذي قلب بلبيب، ولا كل ذي سمع بسميع، ولا كل ذي ناظر عين ببصير، عباد الله! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه، ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والامر والنهي ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ولله عاقبة الأمور.

فيا عجبا ومالي لا أعجب من خطاء هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون أثر نبي، ولا يعتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكل امرى منهم إمام نفسه آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطاء، لا

ص: 289


1- (1) برهان المتقي: 111، كنز العمال: 14 / 587 حديث (39663)، منتخب الأثر: 453، ملاحم ابن طاووس: 58، وفي سنده: الرقاشي القصاب، وفيه: ثلاثا بدل ثلث، جمع الجوامع: 2 / 103، عقد الدرر: 63، وقال: أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في سننه، ورواه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن، بشارة الاسلام: 77 وفيه:... ثلاث ويموت ويبقى ثلاث، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 68، كشف النوري: 175.

ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل، أنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض، كل ذلك وحشة مما ورث النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض.

أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات، وضلالة وريبة، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.

ووا أسفا من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودتها اليوم، كيف يستذل بعدي بعضها بعضا، وكيف يقتل بعضها بعضا؟ المتشتة غدا عن الأصل، النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته كل حزب منهم آخذ منه بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله وله الحمد سيجمع هؤلاء لشر يوم - لبني أمية - كما يجمع قزع الخريف. يؤلف الله بينهم، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة، ولم يرد سننه رص طود، يذعذهم الله في بطون أودية، ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكن بهم قوما في ديار قوم، تشريدا - لبني أمية - ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع الله بهم ركنا، وينقض بهم طي الجنادل من إرم، ويملا منهم بطنان الزيتون.

فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك، وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم، وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الالية على النار، من مات منهم مات ضالا وإلى الله عز وجل يفضي منهم من درج، ويتوب الله عز وجل على من تاب، ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء، وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة، بل لله الخيرة والامر جميعا.

أيها الناس! إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على

ص: 290

عهد موسى _ عليه السلام _.

ولعمري، ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان - بني أمية - لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة، وأحييتم الباطل وأخلفتم الحق وراء ظهوركم، وقطعتم الأدنى من - أهل بدر - ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ولعمري، أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد وانقضت المدة، وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق، ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة.

واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتداويتم من العمى والصمم والبكم، وكفيتم مؤنة الطلب والتعسف، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (1)

ص: 291


1- (1) راجع: روضة الكافي: 8 / 63، البحار: 51 / 122 - 130، عن روضة الكافي، وفيه: بيان: الأزل الضيق والشدة، والخطب الشأن والامر ويحتمل أن يكون المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من استيلاء الكفرة أولا وغلبة الحق وأهله ثانيا وبما استقبلوه ما ورد عليهم بعد الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من أشباهها ونظائرها من استيلاء المنافقين على أمير المؤمنين _ عليه السلام _ ثم رجوع الدولة إليه بعد ذلك فإن الحالتين متطابقتان، ويحتمل أن يكون المراد بهما شيئا واحدا وإنما يستقبل قبل وروده يستدبر بعد مضيه والمقصود التفكر في انقلاب أحوال الدنيا وسرعة زوالها وكثرة الفتن فيها فتدعو إلى تركها والزهد فيها، ويحتمل على بعد أن يكون المراد بما يستقبلونه ما هو أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة وعذاب الآخرة وبما استدبروه ما مضى من أيام عمرهم وما ظهر لهم مما هو محل للعبرة فيها. بلبيب أي عاقل بسميع أي يفهم الحق ويؤثر فيه ببصير أي يبصر الحق ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد فيما يعنيكم أي يهمكم وينفعكم وفي بعض النسخ يغنيكم ج والنظر فيهج الظاهر أنه بدل اشتمال لقوله فيما يعنيكم ويحتمل أن يكون فاعلا لقوله يعنيكم بتقدير النظر قبل الظرف أيضا. من قد أقاده الله يقال: أقاده خيلا أي أعطاه ليقودها ولعل المعنى من مكنه الله من الملك بأن خلى بينه وبين اختياره ولم يمسك يده عما أراده بعلمه أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعات، ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ويؤيده أن في بعض النسخ بعمله فالضمير راجع إلى الموصول على سنة أي طريقة وحالة مشبهة ومأخوذة من آل فرعون من الظلم والكفر والطغيان أو من الرفاهية والنعمة كما قال أهل جنات فعلى الأول حال وعلى الثاني بدل من قوله على سنة أو عطف بيان له بما ختم الله الباء بمعنى في أو إلى أو زائدة والنضرة الحسن والرونق. وقوله _ عليه السلام _: مخلدون خبر لمبتدأ محذوف والجملة مبينة ومؤكدة للسابقة أي هم والله مخلدون في الجنان ولله عاقبة الأمور أي مرجعها إلى حكمه كما قيل أو عاقبة الملك والدولة والعز لله ولمن طلب رضاه كما هو الأنسب بالمقام فيا عجبا بغير تنوين وأصله يا عجبي ثم قلبوا الياء ألفا فإن وقفت قلت: يا عجباه أي يا عجبي أقبل هذا أوانك أو بالتنوين أي يا قوم اعجبوا عجبا أو أعجب عجبا والأول أشهر وأظهر. في دينها الظرف متعلق بالاختلاف أو بالخطأ أو بهما على التنازع. بغيب أي بأمر غائب عن الحس مما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الجنة والنار وغيرهما. ولا يعفون بكسر العين وتشديد الفاء من العفة والكف أو بسكون العين وتخفيف الفاء من العفو أي عن عيوب الناس.

26 - وبه عن الحصين بن عبد الرحمان عن أبيه، عن جده عمرو بن سعد، قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: لا تقوم القيامة حتى تفقأ عين الدنيا، وتظهر الحمرة في

ص: 292

السماء، وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض حتى يظهر فيهم عصابة لا خلاق

ص: 293

لهم يدعون لولدي وهم برآء من ولدي، تلك عصابة رديئة لا خلاق لهم، على الأشرار

ص: 294

مسلطة، وللجبابرة مفتنة، وللملوك مبيرة، تظهر في سواد الكوفة، يقدمهم رجل أسود

ص: 295

اللون والقلب، رث الدين، لا خلاق له مهجن زنيم عتل، تداولته أيدي العواهر من الأمهات، من شر نسل لا سقاها الله المطر في سنة إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء، والعلم الأخضر أي يوم للمخيبين، بين الأنبار وهيت، ذلك يوم فيه صيلم الأكراد والشراة، وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة، ومأوى الولاة الظلمة، وأم البلاد وأخت العاد، تلك ورب علي يا عمرو بن سعد بغداد، ألا لعنة الله على العصاة من بني أمية وبني العباس الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي ولا يراقبون فيهم ذمتي، ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي، إن لبني العباس يوما كيوم الطموح ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى، الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التي سنح بين نهاوند والدينور، تلك حرب صعاليك شيعة علي، يقدمهم رجل من همدان اسمه [على] اسم النبي صلى الله عليه وآله و سلم.

ص: 296

منعوت موصوف باعتدال الخلق، وحسن الخلق، ونضارة اللون، له في صوته ضجاج، وفي أشفاره وطف، وفي عنقه سطع، [أ] فرق الشعر، مفلج الثنايا، على فرسه كبدر تمام إذا تجلى عند الظلام، يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت لله بدين تلك الابطال من العرب الذين يلحقون حرب الكريهة والدبرة، يومئذ على الأعداء، إن للعدو يوم ذاك الصيلم والاستئصال (1) 27 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي قال: حدثني علي بن الصباح المعروف بابن الضحاك، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الحضرمي، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي _ عليه السلام _ أنه قال: يأتيكم بعد الخمسين والمائة أمراء كفرة، وأمناء خونة، وعرفاء فسقة، فتكثر التجار وتقل الأرباح، ويفشو الربا، وتكثر أولاد الزنا، وتغمر السفاح (2) وتتناكر المعارف، وتعظم الأهلة (3) وتكتفي النساء بالنساء، والرجال بالرجال.

فحدث رجل عن علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ أنه قام إليه رجل حين تحدث بهذا الحديث فقال له: يا أمير المؤمنين وكيف نصنع في ذلك الزمان؟ فقال: الهرب الهرب فإنه لا يزال عدل الله مبسوطا على هذه الأمة ما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم وما لم يزل

ص: 297


1- (1) غيبة النعماني: 93 - 94 وفيه: وفي هذين الحديثين من ذكر الغيبة وصاحبها ما فيه كفاية وشفاء للطالب المرتاد، وحجة على أهل [الجحد و] العناد، وفي الحديث الثاني إشارة إلى ذكر عصابة لم تكن تعرف فيما تقدم، وإنما يبعث في سنة ستين ومائتين ونحوها وهي كما قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ سنة إظهار غيبة المتغيب وهي كما وصفها ونعتها ونعت الظاهر برايتها، وإذا تأمل اللبيب الذي له قلب - كما قال الله تعالى: (أو ألقى السمع وهو شهيد) - هذا التلويح اكتفى به عن التصريح، نسأل الله الرحيم توفيقا للصواب برحمته.
2- (2) تغمر أي تكثر، والسفاح: مراودة الرجل المرأة بدون نكاح، والزنا، أو إراقة الدم، وفي الحديث أوله سفاح وآخره نكاح أراد به أن المرأة تسافح الرجل مدة ثم يتزوجها.
3- (3) كذا، ولعله جمع هلال بمعنى الغلام الجميل، ويمكن أن يكون الأصل تغطى الأهلة أي ستر عن الناس هلال كل شهر، والأول بالسياق أنسب.

أبرارهم ينهى فجارهم، فإن لم يفعلوا (1) ثم استنفروا فقالوا: لا إله إلا الله، قال الله في عرشه: كذبتم لستم بها صادقين (2) 28 - حدثنا محمد بن همام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة قال: حدثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين، قال:

حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبيه (3) عن أبي صادق، عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه قال: ملك بني العباس يسر لا عسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند والبربر والطيلسان (4) لن يزيلوه، ولا يزالون في غضارة من ملكهم حتى يشذ عنهم مواليهم وأصحاب دولتهم (5) ويسلط الله عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع له راية إلا هدها، ولا نعمة إلا أزالها، الويل لمن ناواه (6) فلا يزال كذلك حتى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي، يقول [ب] الحق ويعمل به (7)

ص: 298


1- (1) قوله: فإن لم يفعلوا أي فإن مال أهل العلم - والقراء كناية عنهم - إلى الأمراء، وترك الأبرار النهي عن المنكرات ثم أظهروا النفرة وتباعدوا عن أهل المعاصي واستظهروا بكلمة لا إله إلا الله يعني أظهروا التوحيد، فقال الله تعالى: كذبتم ما كنتم بأهله، أعني، لم يقبل الله منهم.
2- (2) غيبة النعماني: 248 - 249.
3- (3) إبراهيم بن مرثد - أو مزيد - الجريري الأزدي من أصحاب أبي جعفر الباقر _ عليه السلام _ كوفي، يروي عن أخيه عبد خير المكنى بأبي الصادق الأزدي وهو من أصحاب أمير المؤمنين - عليه السلام -.
4- (4) الطيلسان - بفتح أوله وسكون ثانيه ولام مفتوحة وسين مهملة وآخره نون -: إقليم واسع كثير البلدان والسكان من نواحي الديلم والخزر، والخزر بلاد الترك خلف باب الأبواب وهم صنف من الترك.
5- (5) في بعض النسخ أصحاب ألويتهم جمع لواء.
6- (6) ناواه مناواة ومناوأة ونواء أي عارضه وعاداه.
7- (7) غيبة النعماني: 249 - 250 - الباب الرابع عشر، وفيه: قال أبو علي [يعني محمد بن همام بن سهيل]: يقول أهل اللغة: العلج: الكافر، والعلج: الجافي في الخلقة، والعلج: اللئيم. والعلج: الجلد الشديد في أمره، وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ لرجلين كانا عنده: إنكما تعالجان عن دينكما وكانا من العرب. قال ذلك لكون العلج - بكسر العين - قد يطلق في لسان أهل اللغة على الكفار من العجم دون العرب. وسيأتي الكلام في المراد بالعلج في ذيل الحديث الثامن عشر من الباب إن شاء الله تعالى.

29 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى، عن داود الدجاجي (1) عن أبي جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - قال: سئل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن قوله تعالى: " فاختلف الأحزاب من بينهم " (2) فقال: انتظروا الفرج من ثلاث. فقيل:

يا أمير المؤمنين وما هن؟ فقال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان. فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: أوما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن: " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " (3) هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتو؟؟(4).

30 - ومن خطبة له _ عليه السلام _ تسمى التطنجية، ظاهرها أنيق، وباطنها عميق، فليحذر قارئها من سوء ظنه، فإن فيها من تنزيه الخالق ما لا يطيقه أحد من الخلائق، خطبها أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بين الكوفة والمدينة، فقال:

... يا جابر إذا صاح الناقوس، وكبس الكابوس، وتكلم الجاموس، فعند ذلك عجائب وأي عجائب إذا أنارت النار ببصرى، وظهرت الراية العثمانية بوادي سوداء، واضطربت البصرة وغلب بعضهم بعضا، وصبا كل قوم إلى قوم، وتحركت عساكر خراسان، ونبع شعيب بن صالح التميمي من بطن الطالقان، وبويع لسعيد السوسي بخوزستان، وعقدت الراية لعماليق كردان، وتغلبت العرب على بلاد الأرمن

ص: 299


1- (1) هو داود بن أبي داود الدجاجي المعنون في منهج المقال لميرزا محمد الاسترآبادي كان من أصحاب أبي جعفر الباقر _ عليه السلام _ يروي عنه معمر بن يحيى العجلي الكوفي وهو ثقة عند أبي داود والعلامة والنجاشي.
2- (2) مريم: 37.
3- (3) الشعراء: 4.
4- (4) غيبة النعماني: 251 - 252، الباب الرابع عشر.

والسقلاب، وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان، فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور، فيظهر هذا ظاهر مكشوف، ومعاين موصوف... ثم بكى صلوات الله عليه وقال: واها للأمم، إما شاهدت رايات بني عتبة مع بني كنام السائرين أثلاثا، المرتكبين جبلا جبلا مع خوف شديد وبؤس عتيد، ألا وهو الوقت الذي وعدتم به، لأحملنهم على نجائب، تحفهم مراكب الأفلاك، كأني بالمنافقين يقولون نص علي على نفسه بالربانية، ألا فاشهدوا شهادة أسألكم بها عند الحاجة إليها، أن عليا نور مخلوق وعبد مرزوق، ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين، ثم نزل وهو يقول: تحصنت بذي الملك والملكوت، واعتصمت بذي العزة والجبروت، وامتنعت بذي القدرة والملكوت، من كل ما أخاف وأحذر، أيها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند نازلة أو شدة إلا وأزاحها الله عنه (1)

ص: 300


1- (1) مشارق البرسي: 166 - 170 - مرسلا عنه _ عليه السلام _، عنه الايقاظ من الهجعة: 375 - بعضها -.

الباب الثامن

الفصل الثاني: علائم الظهور

ص: 301

ص: 302

- 22 - علائم الظهور

1 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي (رضي الله عنه) قال:

بعد الخسف، ينادي مناد من السماء: إن الحق في آل محمد في أول النهار، ثم ينادي مناد في آخر النهار:

إن الحق في ولد عيسى، وذلك نخوة من الشيطان (1).

2 - حدثنا عبد الله بن مروان، عن سعيد بن يزيد التنوخي، عن الزهري قال:

إذا التقى السفياني والمهدي للقتال، يومئذ يسمع صوت من السماء، ألا إن أولياء الله أصحاب فلان يعني المهدي (2)

ص: 303


1- (1) ابن حماد: 93، ملاحم ابن طاووس: 61 - 62، إثبات الهداة: 3 / 615، الصراط المستقيم: 2 / 259، عن أخبار المهدي، وفيه:... وفي آخر النهار الحق في ولد عيسى، وذلك ونحوه من الشيطان، ويظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبه.
2- (2) فتن ابن حماد: 93، وقال: قال الزهري: وقالت أسماء بنت عميس: إن إمارة ذلك اليوم أن كفا من السماء مدلاة ينظر إليها الناس، الصراط المستقيم: 2 / 259 - عن أخبار المهدي لابي العلاء الهمداني، مرسلا عن أبي رومان، قال علي _ عليه السلام _: إذا التقى فلان المهدي، يسمع صوت من السماء، إثبات الهداة: 3 / 615، وفيه:... والمهدي، عقد الدرر: 106.

3 - حدثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي (رضي الله عنه) قال:

إذا نادى مناد من السماء: إن الحق في آل محمد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره (1) 4 - عن عجائب البلدان مرسلا، عن الصادق، عن آبائه _ عليهم السلام _:

أن عليا _ عليه السلام _ قال: إذا وقعت النار في حجازكم، وجرى الماء بنجفكم، فتوقعوا ظهور قائمكم (2) 5 - أخرج أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري المتوفى في حياة أبي محمد العسكري - والد الحجة - _ عليه السلام _ في كتابه في الغيبة: حدثنا الحسن بن رباب، قال: حدثنا أبو عبد الله _ عليه السلام _ حديثا طويلا، عن أمير المؤمنين عليه السلام - أنه قال في آخره:

ثم يقع التدابر في (و) الاختلاف بين أمراء العرب والعجم، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الامر إلى رجل من ولد أبي سفيان - إلى أن قال - عليه السلام -: - ثم يظهر أمير

ص: 304


1- (1) ابن حماد: 92، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 68، منتخب الأثر: 163 و 443، ملاحم ابن طاووس: 59، وفيه:... يسرون، عقد الدرر: 52، وقال: أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي في كتاب الملاحم، وأخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن انتهى حديثه عند قوله: فتلك إمارة خروج السفياني، وأخرجه الإمام أبو عمرو الداني في سننه في حديث عمار بن ياسر بمعناه، وفيه:... ويشربون ذكره، وفي: 106 - مرسلا عنه - عليه السلام - إلى قوله: يظهر المهدي وفي: 136 - إلى قوله: يظهر المهدي أيضا، وقال: أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني في مناقب المهدي، ورواه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن، كشف النوري: 174، برهان المتقي: 73، بشارة الاسلام: 76، بيان الشافعي: 512، قال: أخبرنا الحافظ يوسف بن خليل - بحلب، أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا سليمان بن أحمد، أخبرنا عبد الرحمان، أخبرنا نعيم، ثم بقية سند ابن حماد، إلى قوله: يظهر المهدي، وقال: قلت: رواه الحافظ الطبراني في المعجم وأخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي - عليه السلام -، جمع الجوامع: 2 / 103.
2- (2) الصراط المستقيم: 2 / 258، عنه إثبات الهداة: 3 / 578.

الامرة وقاتل الكفرة السلطان المأمول، الذي تحير في غيبته العقول، وهو التاسع من ولدك يا حسين، يظهر بين الركنين، يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض الأدنين (دمين)، طوبى للمؤمنين الذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه، وشهدوا أيامه، ولاقوا أقوامه (1) 6 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي من كتابه في رجب سنة سبع وسبعين ومائتين قال: حدثنا محمد بن عمر بن يزيد بياع السابري ومحمد بن الوليد بن خالد الخزاز جميعا قالا: حدثنا حماد بن عثمان، عن عبد الله بن سنان، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت عليا _ عليه السلام _ يقول:

إن بين يدي القائم سنين خداعة، يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويقرب فيها الماحل - وفي حديث: وينطق فيها الرويبضة.

فقلت: وما الرويبضة وما الماحل؟ (2) قال: أو ما تقرؤون القرآن قوله: " وهو شديد المحال " (3) قال: يريد المكر.

فقلت: وما الماحل؟ قال: يريد المكار (4)

ص: 305


1- (1) كشف النوري: 221 - 222، منتخب الأثر: 466 - عن كشف النوري، وفيه: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رباب.
2- (2) في الخبر هنا سقط، سقط جوابه _ عليه السلام _ عن معنى الرويبضة، وفي نهاية الجزري: في حديث أشراط الساعة وأن ينطق الرويبضة في أمر العامة، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ فقال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة الرويبضة تصغير الرابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها، والتاء فيه للمبالغة. والتافه: الخسيس الحقير.
3- (3) الرعد: 13، والمحال - بكسر الميم -: الكيد، والنكال، والمكر، والماحل: الذي يرفع عن الانسان قولا أو فعلا إلى الحاكم فيوقع الانسان في مكروه.
4- (4) غيبة النعماني: 278، البحار: 52 / 245 - عن غيبة النعماني، اثبات الهداة: 3 / 738 - عن غيبة النعماني بتفاوت، وفيه: إن قبل قيام القائم ....

7 - حدثنا عمر بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن غالب، قال: حدثنا الخليل بن سالم البزاز، قال: حدثني عمي العلاء بن رشيد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زيد، عن الحسن، عمن أخبره: أن علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال لابن عباس:

يا ابن عباس قد سمعت أشياء مختلفة، ولكن حدث أنت رضي الله عنك، قال: نعم، قال: أول فتنة من المائتين إمارة الصبيان، وتجارات كثيرة وربح قليل، ثم موت العلماء والصالحين، ثم قحط شديد، ثم الجور وقتل أهل بيتي الظماء بالزوراء، الشقاق ونفاق الملوك وملك العجم، فإذا ملكتكم الترك فعليكم بأطراف البلاد وسواحل البحار، والهرب الهرب، ثم تكون في سنة خمسين ومائتين وخمس وثلاث فتن البلاد فتنة بمصر، الويل لمصر، والثانية بالكوفة، والثالثة بالبصرة، وهلاك البصرة من رجل ينتدب لها لا أصل له ولا فرع، فيصير الناس فرقتين، فرقة معه وفرقة عليه، فيمكث فيدوم عليهم سنين، ثم يولى عليكم خليفة فظ غليظ، يسمى في السماء القتال، وفي الأرض الجبار، فيسفك الدماء ثم يمزج الدماء بالماء، فلا يقدر على شربه، ويهجم عليهم الاعراب، وعند هجوم الاعراب يقتل الخليفة، فيفشو الجور والفجور بين الناس، وتجيئكم رايات متتابعات كأنهن نظام منظومات انقطعن فتتابعن، فإذا قتل الخليفة الذي عليكم فتوقعوا خروج آل أبي سفيان، وإمارته عند هلال مصر، وعند هلال مصر خسف بالبصرة، خسف بكلاها وبأرجاها، وخسفان آخران بسوقها ومسجدها معها، ثم بعد ذلك طوفان الماء، فمن نجا من السيف لم ينج من الماء، إلا من سكن ضواحيها وترك باطنها.

وبمصر ثلاثة خسوف، وست زلازل وقذف من السماء، ثم بعد ذلك الكوفة، ويكون السفياني بالشام، فإذا صار جيشه بالكوفة، توقع لخير آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ تحت الكعبة، فيتمنى الاحياء عند ذلك أن أمواتهم في الحياة، يملوها عدلا كما ملئت جورا (1)

ص: 306


1- (1) ملاحم ابن طاووس: 124، عن فتن السليلي بإسناده.

8 - وقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن طاووس ما صورته: هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق _ عليه السلام _ فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه _ عليه السلام _ انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة وقد (روي بعض ما فيه عن أبي روح فرج ابن فروة عن مسعدة بن صدقة)، عن جعفر بن محمد وبعض ما فيه عن غيرهما ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لأمير المؤمنين _ عليه السلام _ تسمى المخزون وهي:

الحمد لله الأحد المحمود الذي توحد بملكه، وعلا بقدرته، أحمده على ما عرف من سبيله، وألهم من طاعته، وعلم من مكنون حكمته، فإنه محمود بكل ما يولي مشكور بكل ما يبلي، وأشهد أن قوله عدل، وحكمه فصل، ولم ينطق فيه ناطق بكان إلا كان قبل كان.

وأشهد أن محمدا عبد الله وسيد عباده، خير من أهل أولا وخير من أهل آخرا، فكلما نسج الله الخلق فريقين جعله في خير الفريقين، لم يسهم فيه عائر ولا نكاح جاهلية.

ثم إن الله قد بعث إليكم رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فاتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون، فإن الله جعل للخير أهلا، وللحق دعائم، وللطاعة عصما يعصم بهم، ويقيم من حقه فيهم، على ارتضاء من ذلك، وجعل لها رعاة وحفظة يحفظونها بقوة ويعينون عليها، أولياء ذلك بما ولوا من حق الله فيها.

أما بعد، فإن روح البصر روح الحياة الذي لا ينفع إيمان إلا به، مع كلمة الله والتصديق بها، فالكلمة من الروح والروح من النور، والنور نور السماوات فبأيديكم سبب وصل إليكم منه إيثار واختيار، نعمة الله لا تبلغوا شكرها، خصصكم بها، واختصكم لها، وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون.

فأبشروا بنصر من الله عاجل، وفتح يسير يقر الله به أعينكم، ويذهب بحزنكم كفوا ما تناهى الناس عنكم، فإن ذلك لا يخفى عليكم، إن لكم عند كل طاعة عونا من

ص: 307

الله، يقول على الألسن، ويثبت على الأفئدة، وذلك عون الله لأوليائه يظهر في خفي نعمته لطيفا، وقد أثمرت لأهل التقوى أغصان شجرة الحياة، وإن فرقانا من الله بين أوليائه وأعدائه، فيه شفاء للصدور وظهور للنور، يعز الله به أهل طاعته، ويذل به أهل معصيته.

فليعد امرى لذلك عدته، ولا عدة له إلا بسبب بصيرة وصدق نية وتسليم سلامة أهل الخفة في الطاعة، ثقل الميزان، والميزان بالحكمة، والحكمة فضاء للبصر، والشك والمعصية في النار، وليسا منا ولا لنا ولا إلينا، قلوب المؤمنين مطوية على الايمان إذا أراد الله إظهار ما فيها فتحها بالوحي، وزرع فيها الحكمة، وإن لكل شئ إني يبلغه لا يعجل الله بشئ حتى يبلغ إناه ومنتهاه.

فاستبشروا ببشرى ما بشرتم، واعترفوا بقربان ما قرب لكم، وتنجزوا ما وعدكم، إن منا دعوة خالصة يظهر الله بها حجته البالغة، ويتم بها نعمه السابغة ويعطي بها الكرامة الفاضلة، من استمسك بها أخذ بحكمة، منها آتاكم الله رحمته ومن رحمته نور القلوب، ووضع عنكم أوزار الذنوب، وعجل شفاء صدوركم وصلاح أموركم، وسلام منا دائما عليكم، تعلمون به في دول الأيام، وقرار الأرحام، فإن الله اختار لدينه أقواما انتخبهم للقيام عليه، والنصرة له، بهم ظهرت كلمة الاسلام، وأرجاء مفترض القرآن، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها.

ثم إن الله خصصكم بالاسلام، واستخلصكم له، لأنه اسم سلامة، وجماع كرامة اصطفاه الله فنهجه، وبين حججه، وأرف أرفه وحده ووصفه وجعله رضى كما وصفه، ووصف أخلاقه وبين أطباقه، ووكد ميثاقه، من ظهر وبطن ذي حلاوة وأمن، فمن ظفر بظاهره، رأى عجائب مناظره في موارده ومصادره، ومن فطن بما بطن، رأى مكنون الفطن، وعجائب الأمثال والسنن.

فظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه، فيه ينابيع النعم، ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تنكشف الظلم إلا بمصابيحه، فيه

ص: 308

تفصيل وتوصيل، وبيان الاسمين الأعلين اللذين جمعا فاجتمعا لا يصلحان إلا معا يسميان فيعرفان ويوصفان فيجتمعان قيامهما في تمام أحدهما في منازلهما، جرى بهما ولهما نجوم، وعلى نجومهما نجوم سواهما، تحمى حماه وترعى مراعيه وفي القرآن بيانه وحدوده وأركانه ومواضع تقادير ما خزن بخزائنه ووزن بميزانه ميزان العدل، وحكم الفصل.

إن رعاة الدين فرقوا بين الشك واليقين، وجاؤوا بالحق المبين، قد بينوا الاسلام تبيانا وأسسوا له أساسا وأركانا، وجاؤوا على ذلك شهودا وبرهانا، من علامات وأمارات، فيها كفاء لمكتف، وشفاء لمشتف، يحمون حماه، ويرعون مرعاه، ويصونون مصونه، ويهجرون مهجوره، ويحبون محبوبه، بحكم الله وبره، وبعظيم أمره، وذكره بما يجب أن يذكر به، يتواصلون بالولاية، ويتلاقون بحسن اللهجة ويتساقون بكأس الروية، ويتراعون بحسن الرعاية، بصدور برية، وأخلاق سنية... وبسلام رضية لا يشرب فيه الدنية، ولا تشرع فيه الغيبة.

فمن استبطن من ذلك شيئا استبطن خلقا سنيا وقطع أصله واستبدل منزله بنقصه مبرما، واستحلاله مجرما، من عهد معهود إليه، وعقد معقود عليه، بالبر والتقوى، وإيثار سبيل الهدى، على ذلك عقد خلقهم، وآخا ألفتهم، فعليه يتحابون وبه يتواصلون، فكانوا كالزرع، وتفاضله يبقى، فيؤخذ منه ويفنى، وبيعته التخصيص، ويبلغ منه التخليص، فانتظر أمره في قصر أيامه، وقلة مقامه في منزله حتى يستبدل منزلا ليضع منحوله، ومعارف منقلبه.

فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه، وتجنب ما يرديه، فيدخل مدخل الكرامة فأصاب سبيل السلامة سيبصر ببصره، وأطاع هادي أمره، دل أفضل الدلالة وكشف غطاء الجهالة المضلة الملهية، فمن أراد تفكرا أو تذكرا فليذكر رأيه وليبرز بالهدى، ما لم تغلق أبوابه وتفتح أسبابه، وقبل نصيحة من نصح بخضوع وحسن خشوع، بسلامة الاسلام ودعاء التمام، وسلام بسلام، تحية دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالايمان، ويتعارف عدل الميزان، فليقبل أمره وإكرامه بقبول وليحذر قارعة قبل حلولها.

ص: 309

إن أمرنا صعب مستعصب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، لا يعي حديثنا إلا حصون حصينة، أو صدور أمينة أو أحلام رزينة، يا عجبا كل العجب بين جمادي ورجب.

فقال رجل من شرطة الخميس: ما هذا العجب يا أمير المؤمنين؟ قال: ومالي لا أعجب وسبق القضاء فيكم وما تفقهون الحديث، ألا صوتات بينهن موتات، حصد نبات ونشر أموات، واعجبا كل العجب بين جمادي ورجب.

قال أيضا رجل يا أمير المؤمنين: ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه قال: ثكلت الآخر أمه وأي عجب يكون أعجب منه أموات يضربون هام الاحياء قال: أنى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، كأني أنظر قد تخللوا سكك الكوفة وقد شهروا سيوفهم على مناكبهم، يضربون كل عدو لله ولرسوله وللمؤمنين وذلك قول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور " (1) ألا يا أيها الناس! سلوني قبل أن تفقدوني إني بطرق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض، أنا يعسوب الدين وغاية السابقين ولسان المتقين، وخاتم الوصيين، ووارث النبيين، وخليفة رب العالمين، أنا قسيم النار، وخازن الجنان، وصاحب الحوض، وصاحب الأعراف، وليس منا أهل البيت إمام إلا عارف بجميع أهل ولايته، وذلك قول الله تبارك وتعالى: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " (2) ألا يا أيها الناس سلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقية تطأ في خطامها بعد موت وحياة أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض، رافعة ذيلها تدعو يا ويلها بذحلة أو مثلها.

ص: 310


1- (1) الممتحنة / 13.
2- (2) الرعد / 8.

فإذا استدار الفلك، قلت: مات أو هلك بأي واد سلك، فيومئذ تأويل هذه الآية: " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " (1).

ولذلك آيات وعلامات، أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق، وتخريق الزوايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة، وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر، يشبهن بالهدى، القاتل والمقتول في النار، وقتل كثير وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين، والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الأسبغ المظفر صبرا في بيعة الأصنام، مع كثير من شياطين الانس.

وخروج السفياني براية خضراء، وصليب من ذهب، أميرها رجل من كلب واثني عشر ألف عنان من يحمل السفياني متوجها إلى مكة والمدينة، أميرها أحد من بني أمية يقال له: خزيمة أطمس العين الشمال على عينه طرفة يميل بالدنيا فلا ترد له راية حتى ينزل المدينة فيجمع رجالا ونساء من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها: دار أبي الحسن الأموي.

ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قد اجتمع عليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان، حتى إذا توسطوا الصفائح الأبيض بالبيداء، يخسف بهم، فلا ينجو منهم أحد إلا رجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم، وليكون آية لمن خلفه، فيومئذ تأويل هذه الآية: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " (2) ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق، وموضع مريم وعيسى _ عليهما السلام _ بالقادسية، ويسير منهم ثمانون ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود _ عليه السلام _ بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له: الكاهن الساحر فيخرج من مدينة يقال لها:

الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة، ويقتل على جسرها سبعين ألفا حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام

ص: 311


1- (1) الاسراء / 6.
2- (2) سبأ / 51.

من الدماء ونتن الأجساد، ويسبي من الكوفة أبكارا لا يكشف عنها كف ولا قناع، حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن الثوية وهي الغريين.

ثم يخرج من الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق، حتى يضربون دمشق لا يصدهم عنها صاد، وهي إرم ذات العماد، وتقبل رايات شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير، مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب، كالمسك الأذفر، يسير الرعب أمامها شهرا.

ويخلف أبناء سعد السقاء بالكوفة طالبين بدماء آبائهم، وهم أبناء الفسقة حتى يهجم عليهم خيل الحسين _ عليه السلام _ يستبقان كأنهما فرسا رهان، شعث غبر أصحاب بواكي وقوارح إذ يضرب أحدهم برجله باكية، يقول: لا خير في مجلس بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون، فهم الابدال الذين وصفهم الله عز وجل: " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " (1) والمطهرون نظراؤهم من آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _.

ويخرج رجل من أهل نجران راهب يستجيب الامام، فيكون أول النصارى إجابة، ويهدم صومعته ويدق صليبها، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى، فيكون مجمع الناس جميعا من الأرض كلها بالفاروق وهي محجة أمير المؤمنين وهي ما بين البرس والفرات، فيقتل يومئذ فيما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى، فيقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية " فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " (2) بالسيف وتحت ظل السيف.

ويخلف من بني أشهب الزاجر اللحظ في أناس من غير أبيه هرابا حتى يأتون سبطرى عوذا بالشجر فيومئذ تأويل هذه الآية " فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها

ص: 312


1- (1) البقرة / 222.
2- (2) الأنبياء / 15.

يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون " (1) ومساكنهم الكنوز التي غنموا من أموال المسلمين ويأتيهم يومئذ الخسف والقذف والمسح، فيومئذ تأويل هذه الآية " ما هي من الظالمين ببعيد " (2) وينادي مناد في [شهر] رمضان من ناحية المشرق، عند طلوع الشمس: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي من ناحية المغرب بعد ما تغيب الشمس: يا أهل الهدى اجتمعوا، ومن الغد عند الظهر بعد تكور الشمس، فتكون سوداء مظلمة، واليوم الثالث يفرق بين الحق والباطل، بخروج دابة الأرض وتقبل الروم إلى قرية بساحل البحر، عند كهف الفتية، ويبعث الله الفتية من كهفهم إليهم، [منهم] رجل يقال له: مليخا والآخر كمسلمينا وهما الشاهدان والمسلمان للقائم.

فيبعث أحد الفتية إلى الروم، فيرجع بغير حاجة، ويبعث بالآخر، فيرجع بالفتح فيومئذ تأويل هذه الآية " وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها " (3).

ثم يبعث الله من كل أمة فوجا ليريهم ما كانوا يوعدون فيومئذ تأويل هذه الآية " ويوم نبعث من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون "(4) والوزع خفقان أفئدتهم.

ويسير الصديق الأكبر براية الهدى، والسيف ذي الفقار، والمخصرة حتى ينزل أرض الهجرة مرتين وهي الكوفة، فيهدم مسجدها ويبنيه على بنائه الأول: ويهدم ما دونه من دور الجبابرة، ويسير إلى البصرة حتى يشرف على بحرها، ومعه التابوت، وعصى موسى، فيعزم عليه فيزفر في البصرة زفرة فتصير بحرا لجيا لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ السفينة على ظهر الماء.

ص: 313


1- (1) الأنبياء / 11.
2- (2) هود / 81.
3- (3) آل عمران / 83.
4- (4) النمل / 83.

ثم يسير إلى حرورا حتى يحرقها ويسير من باب بني أسد حتى يزفر زفرة في ثقيف، وهم زرع فرعون، ثم يسير إلى مصر فيصعد منبره، فيخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء قطرها، والشجر ثمرها، والأرض نباتها، وتتزين لأهلها، وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرق الأرض كأنعامهم، ويقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم، فيومئذ تأويل هذه الآية: " يغني الله كلا من سعته " (1) وتخرج لهم الأرض كنوزها، ويقول القائم: كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين، أذن لهم في الكلام فيومئذ تأويل هذه الآية " وجاء ربك والملك صفا صفا " (2) فلا يقبل الله يومئذ إلا دينه الحق ألا لله الدين الخالص، فيومئذ تأويل هذه الآية " أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون * ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين * قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينصرون * فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون " (3) فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته ثلاثمائة سنة ونيف، وعدة أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر منهم تسعة من بني إسرائيل وسبعون من الجن ومائتان وأربعة وثلاثون منهم سبعون الذين غضبوا للنبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إذ هجمته مشركوا قريش فطلبوا إلى نبي الله أن يأذن لهم في إجابتهم فأذن لهم حيث نزلت هذه الآية " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (4) وعشرون من أهل اليمن منهم المقداد بن الأسود ومائتان وأربعة عشر الذين كانوا

ص: 314


1- (1) النساء / 119.
2- (2) الفجر / 21.
3- (3) السجدة / 27 - 30.
4- (4) الشعراء / 117.

بساحل البحر مما يلي عدن، فبعث إليهم نبي الله برسالة فأتوا مسلمين.

ومن أفناء الناس ألفان وثمانمائة وسبعة عشر ومن الملائكة أربعون ألفا، من ذلك من المسومين ثلاثة آلاف، ومن المردفين خمسة آلاف.

فجميع أصحابه _ عليه السلام _ سبعة وأربعون ألفا ومائة وثلاثون من ذلك تسعة رؤوس مع كل رأس من الملائكة أربعة آلاف من الجن والإنس، عدة يوم بدر، فبهم يقاتل وإياهم ينصر الله، وبهم ينتصر وبهم يقدم النصر ومنهم نضرة الأرض.

كتبتها كما وجدتها وفيها نقص حروف (1)

ص: 315


1- (1) البحار: 53 / 78 - 88. وفيه بيان: لم ينطق فيه ناطق بكان أي كلما عبر عنه بكان فهو لضرورة العبارة إذ كان يدل على الزمان، وهو معرى عنه. موجود قبل حدوثه. قوله _ عليه السلام _: من أهل أي جعله أهلا للنبوة والخلافة، قوله _ عليه السلام _: كلما نسج الله أي جمعهم مجازا، قوله _ عليه السلام _ : لم يسهم أي لم يشرك فيه، والعائر من السهام الذي لا يدري راميه، كناية عن الزنا واختلاط النسب، ويحتمل أن يكون مأخوذا من العار وكأنه تصحيف عاهر. قوله _ عليه السلام _: فإن روح البصر لعل خبر إن مع كلمة الله وروح الحياة بدل من روح البصر أي روح الايمان الذي يكون مع المؤمن، وبه يكون بصيرا وحيا حقيقة، لا يكون إلا مع كلمة الله، أي إمام الهدى، فالكلمة من الروح: أي معه أو هو أيضا آخذ من الروح - أي روح القدس - والروح يأخذ من النور والنور هو الله تعالى كما قال: (الله نور السماوات والأرض) فبأيديكم سبب من كلمة الله وصل إليكم من الله ذلك السبب آثركم واختاركم وخصصكم به وهو نعمة من الله خصصكم بها لا يمكنكم أن تودوا شكرها. قوله _ عليه السلام _: يظهر أي العون أو هو تعالى، قوله _ عليه السلام _: وإن فرقانا خبر إن إما محذوف أي بين ظاهر، أو هو قوله: يعز الله أو قوله: فليعد بتأويل مقول في حقه، والمراد بالفرقان القرآن، وقوله: سلامة مبتدأ وثقل الميزان خبره، أي سلامة من يخف في الطاعة ولا يكسل فيها، إنما يظهر عند ثقل الميزان في القيامة أو هو سبب لثقله، ويحتمل أن يكون التسليم مضافا إلى السلامة أي التسليم الموجب للسلامة وأهل مبتدأ وثقل بالتشديد على صيغة الجمع خبره. قوله: والميزان بالحكمة أي ثقل الميزان بالعمل إنما يكون إذا كان مقرونا بالحكمة فإن عمل الجاهل لا وزن له، فتقديره: الميزان يثقل بالحكمة. والحكمة فضاء للبصر، أي بصر القلب يجول فيها، قوله: إني بالكسر والقصر أي وقتا، قوله: واعترفوا بقربان ما قرب لكم أي اعترفوا وصدقوا بقرب ما أخبركم أنه قريب منكم، قوله _ عليه السلام _: وأرف أرفه الأرف كصرد جمع الآرفة وهي الحد أي حدد حدوده وبينها، ثم الظاهر أنه قد سقط كلام مشتمل على ذكر القرآن قبل قوله: من ظهر وبطن فإنما ذكر بعده أوصاف القرآن وما ذكر قبله أوصاف الاسلام، وإن أمكن أن يستفاد ذكر القرآن من الوصف والتبيين والتحديد المذكورة في وصف الاسلام لكن الظاهر على هذا السياق أن يكون جميع ذلك أوصاف الاسلام. والمراد بالاسمين الأعلين محمد وعلي - صلوات الله عليهما - ولهما نجوم أي سائر أئمة الهدى، وعلى نجومهما نجوم أي على كل من تلك النجوم دلائل وبراهين من الكتاب والسنة والمعجزات الدالة على حقيتهم، ويحتمل أن يكون المراد بالاسمين الكتاب والعترة. قوله: تحمى على بناء المعلوم، والفاعل النجوم، أو على المجهول، وعلى التقديرين الضمير في حماه ومراعيه راجع إلى الاسلام، وكذا الضمائر بعدهما وكان في الأصل بعد قوله وأخلاق سنية بياض. والطرفة - بالفتح -: نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة ونحوها. أقول: هكذا وجدتها في الأصل سقيمة محرفة، وقد صححت بعض أجزائها من بعض مؤلفات بعض أصحابنا، ومن الاخبار الاخر، وقد اعترف صاحب الكتاب بسقمها، ومع ذلك يمكن تصحيحها بها، وقد سبق كثير من فقراتها في باب علامات ظهوره _ عليه السلام _.

8 - وبإسناده، عن إسحاق، يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول للناس:

سلوني قبل أن تفقدوني، لأني بطرق السماء أعلم من العلماء، وبطرق الأرض أعلم من العالم.

أنا يعسوب الدين، أنا يعسوب المؤمنين، وإمام المتقين، وديان الناس يوم الدين، أنا قاسم النار، وخازن الجنان، وصاحب الحوض والميزان، وصاحب الأعراف.

فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته، وذلك قوله عز وجل:

" إنما

ص: 316

أنت منذر ولكل قوم هاد " (1) ألا أيها الناس! سلوني قبل أن تفقدوني [فإن بين جوانحي علما جما، فسلوني قبل أن] (2) تشغر برجلها - فتنة شرقية -، وتطأ في خطامها بعد موتها وحياتها، وتشب نار بالحطب الجزل من غربي الأرض، رافعة ذيلها، تدعو: يا ويلها لرحله.

ومثلها، فإذا استدار الفلك، قلتم: مات أو هلك، بأي واد سلك، فيومئذ تأويل هذه الآية: " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " (3) ولذلك آيات وعلامات: أولهن - إحصار الكوفة بالرصد والخندق، وتخريق الروايا في سكك الكوفة، وتعطيل المساجد أربعين ليلة، وكشف الهيكل، وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز، القاتل والمقتول في النار، وقتل سريع، وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين، والمذبوح بين الركن والمقام، وقتل الأسقع صبرا في بيعة الأصنام.

وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من - بني كلب - واثني عشر ألف عنان من خيل السفياني، يتوجه إلى مكة والمدينة أميرها رجل من - بني أمية -، يقال له: خزيمة، أطمس العين الشمال، على عينه ظفرة غليظة (4) يتمثل بالرجال، لا ترد له راية، حتى ينزل المدينة في دار، يقال لها:

دار أبي الحسن الأموي.

ص: 317


1- (1) الرعد / 7.
2- (2) ما بين العلامتين ساقط من الأصل المطبوع، راجع: 51 / 57 ما نقله المصنف عن تفسير العياشي.
3- (3) الاسراء / 5.
4- (4) الطمس: ذهاب ضوء العين، والظفرة: جليدة تغشى العين نابتة من الجانب الذي يلي الانف على بياض العين إلى سوادها، حتى تمنع الابصار، هي كالظفر صلابة وبياضا، وقد روى شبه ذلك مسلم في - حديث الدجال - أنه ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة. راجع: مشكاة المصابيح: 473.

ويبعث خيلا في طلب رجل من - آل محمد - وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة يعود إلى مكة أميرها رجل من - غطفان، إذا توسط القاع الأبيض خسف بهم، فلا ينجو إلا رجل يحول الله وجهه إلى قفاه لينذرهم، ويكون آية لمن خلفهم، ويومئذ تأويل هذه الآية: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " (1).

ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة، وينزلون الروحاء والفارق، فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة - موضع قبر هود _ عليه السلام _ بالنخيلة - فيهجمون إليهم يوم الزينة، وأمير الناس جبار عنيد، يقال له:

الكاهن الساحر فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة، ويقتل على جسرها سبعين ألفا، حتى تحمى الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد، ويسبى من الكوفة سبعون ألف بكر، لا يكشف عنها كف ولا قناع، حتى يوضعن في المحامل، ويذهب بهن إلى - الثوية - وهي الغري.

ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق، حتى يقدموا دمشق لا يصدهم عنها صاد، وهي إرم ذات العماد، وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير.

مختوم في رأس القناة بخاتم - السيد الأكبر - يسوقها رجل من - آل محمد - تظهر بالمشرق، وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر، يسير الرعب أمامها بشهر، حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم.

فبينما هم على ذلك، إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان كأنهما فرسي رهان، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح.

إذا نظرت أحدهم برجله باطنه (2) فيقول: لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فانا التائبون، وهم الابدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز: " إن الله يحب

ص: 318


1- (1) سبأ / 51.
2- (2) فيه تصحيف ولم يتيسر لنا أصل نصححه عليه.

التوابين ويحب المتطهرين " (1) ونظراؤهم من آل محمد.

ويخرج رجل من أهل - نجران - يستجيب للامام، فيكون أول النصارى إجابة، فيهدم بيعته، ويدق صليبه، فيخرج بالموالي وضعفاء الناس، فيسيرون إلى - النخيلة - بأعلام هدى، فيكون مجمع الناس جميعا في الأرض كلها - بالفاروق - فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف، يقتل بعضهم بعضا، فيومئذ تأويل هذه الآية: " فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " (2) بالسيف.

وينادي مناد في - شهر رمضان - من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى اجتمعوا! وينادي مناد من قبل المغرب بعد ما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا!.

ومن الغد عند الظهر تتلون الشمس وتصفر فتصير سوداء مظلمة، ويوم الثالث يفرق الله بين الحق والباطل، وتخرج دابة الأرض، وتقبل الروم إلى ساحل البحر، عند كهف الفتية.

فيبعث الله الفتية من كهفهم مع كلبهم، منهم رجل، يقال له: مليخا وآخر خملاها وهما الشاهدان المسلمان للقائم _ عليه السلام _ (3) 11 - عن علي قال: ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن، فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم، فإن فيهم الابدال، وسيرسل الله سيبا من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم، ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول في اثني عشر ألفا إن قلوا، وخمسة عشر ألفا إن كثروا، أمارتهم أي علامتهم: أمت أمت على ثلاث رايات تقاتلهم أهل سبع رايات، ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك، فيقتلون ويهزمون، ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلى الناس ألفتهم ونعمتهم، فيكون حتى يخرج الدجال (4)

ص: 319


1- (1) البقرة / 222.
2- (2) الأنبياء / 15.
3- (3) البحار: 52 / 372 - 375.
4- (4) كنز العمال: 5 / 98 حديث (39681)، عن ابن حماد.

12 - وعن علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال: يهرب ناس من المدينة إلى مكة حين يبلغهم جيش السفياني منهم ثلاثة نفر من قريش منظور إليهم (1) 13 - قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين! ما أقرب الحوادث الدالة على ظهوره؟ فدمعت عيناه وقال: إذا فتق بثق في الفرات، فبلغ أزقة الكوفة فليتهيأ شيعتنا للقاء القائم (2).

14 - وأسند الصادق إلى آبائه _ عليهم السلام _ أن عليا _ عليه السلام _ قال: إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم، فتوقعوا ظهور قائمكم(3) 15 - عن علي قال: يأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على يده (4).

16 - قال أبو قتيل: قال أبو رومان: قال علي بن أبي طالب: إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمد فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس يشربون ذكره فلا يكون لهم ذكر غيره (5) 17 - قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: ألا وإن لخروجه علامات عشر، أولها: تخريق الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحاج، وخسف، وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب، واقتران النجوم، وهرج ومرج، وقتل ونهب، فتلك علامات عشر، ومن العلامة إلى العلامة عجب، فإذا تمت العلامات قام قائمنا (6)

ص: 320


1- (1) عقد الدرر: 66.
2- (2) الصراط المستقيم: 2 / 255.
3- (3) المصدر نفسه: 258.
4- (4) كنز العمال: 11 / 192.
5- (5) عقد الدرر: 36، وقال: أخرجه الإمام أبو الحسن أحمد بن جعفر المناوي في كتاب الملاحم وأخرجه الامام الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن.
6- (6) أئمتنا لدخيل: 10.

18 - عن علي قال: إذا نادى مناد من السماء إن الحق في آل محمد فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويشربون حبه فلا يكون لهم ذكر غيره(1) 19 - وفي كتاب الشفا عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: عشرة قبل الساعة لابد منها:

السفياني، والدجال، والدخان، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى، وخسف بالمشرق وخسف بالمغرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر (2) 20 - روى أبو العلاء الهمداني - من أفضل علماء الجمهور - وقد أثنى عليه الحافظ محمد بن النجار في تذييله على تاريخ الخطيب، حتى قال: تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة، ذكر في كتاب أخبار المهدي أحاديث في ذلك، عن أبي رومان: قال علي _ عليه السلام _: بعد الخسف ينادي مناد من السماء أول النهار: إن الحق في آل محمد، وفي آخر النهار: الحق في ولد عيسى، وذلك ونحوه من الشيطان، ويظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبه (3) 21 - عن علي قال: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم! فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة (4) 22 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طلب _ عليه السلام _ في ذكر أشراط الساعة، قال: ألا وتكون الناس بعد طلوع الشمس من مغربها كيومهم هذا، يطلبون النسل والولد، يلقى الرجل الرجل فيقول:

متى ولدت. فيقول: من طلوع الشمس من المغرب. وترفع

ص: 321


1- (1) كنز العمال 13 / 588، ح (39665)، عن ابن حماد وابن المنادي في الملاحم.
2- (2) الصراط المستقيم: 2 /.
3- (3) كنز العمال: 7 / 260، الصراط المستقيم: 2 /.
4- (4) المصدر نفسه: 11 / 140 حديث (30949).

التوبة، فلا تنفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، هو التوبة (1).

23 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصة الدجال، ونزول عيسى بن مريم _ عليه السلام _ قال: ويأجوج ومأجوج في وقت عيسى ابن مريم _ عليه السلام _.

قالوا: يا أمير المؤمنين، صف لنا يأجوج ومأجوج.

قال: هم أمم، كل أمة منهم أربعمائة ألف ألف نفس، لا يموت الرجل منهم حتى يرى من ظهره ألف عين تطرف، صنف منهم كشجر الأرز الطوال مائة ذراع بلا غلظ، والصنف الثاني طوله مائة ذراع، وعرضه خمسون ذراعا والصنف الثالث منهم، وهم أكثر عددا، قصار يلتحف أحدهم بإحدى أذنيه، ويفترش الأخرى مقدمتهم بالشام، وآخرهم وساقتهم بخراسان، لا يشرفون على ماء إلا نشف يلحسونه، وإن بحيرة ضبرية يشربونها حتى لا يكون فيها وزن درهم ماء (2) 24 - فيما نذكره من خطبة مولانا علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ المعروفة باللؤلؤة. ذكر السليلي أنه خطب بها قبل خروجه من البصرة بخمسة عشر يوما يذكر فيها ملوك بني العباس وما بعدهم نقتصر منها على بعدهم وفيه ذكر المهدي، فقال فيها بعد تسمية ملوك بني العباس: وتمت الفتنة الغبراء والقلادة الحمراء، وفي عنقها قائم الحق ثم يسفر عن وجه بين أصبحت الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب الدراري، ألا وإن لخروجه علامات عشر، فأولهن: طلوع الكوكب المذنب ويقارب من المجاري وأي قرب ويتبع به هرج وشغب فتلك أول علامات المغيب، ومن العلامة إلى العلامة عجب فإذا انقضت العلامات العشر فيها القمر الأزهر وتمت كلمة الاخلاص بالله رب العالمين هذا آخر ما ذكره منها (3)

ص: 322


1- (1) عقد الدرر: 326.
2- (2) المصدر نفسه: 310.
3- (3) ملاحم ابن طاووس: 136، القسم الثاني، الباب الثامن والخمسون.

25 - (مسند علي) عن زيد بن واقد، عن مكحول، عن علي، قال: قال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: من اقتراب الساعة إذا رأيتم الناس أضاعوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلوا الكبائر وأكلوا الربا، وأخذوا الرشى، وشيدوا البناء، واتبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، واتخذوا القرآن مزامير، واتخذوا جلود السباع صفافا، والمساجد طرقا، والحرير لباسا، وكثر الجور، وفشا الزنا، وتهاونوا بالطلاق، وأتمن الخائن، وخون الأمين، وصار المطر قيظا، والولد غيظا، وأمراء فجرة، ووزراء كذبة، وأمناء خونة، وعرفاء ظلمة، وقلت العلماء، وكثرت القراء، وقلت الفقهاء وحليت المصاحف وزخرفت المساجد، وطولت المنابر، وفسدت القلوب، واتخذوا القينات، واستحلت المعازف، وشربت الخمور، وعطلت الحدود، ونقصت الشهور، ونقضت المواثيق، وشاركت المرأة زوجها في التجارة، وركب النساء البراذين، وتشبهت النساء بالرجال والرجال بالنساء، ويحلف بغير الله، ويشهد الرجل من غير أن يستشهد، وكانت الزكاة مغرما، والأمانة مغنما، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه وأقصى أباه، وصارت الامارات مواريث، وسب آخر هذه الأمة أولها، وأكرم الرجل اتقاء شره، وكثرت الشرط، وصعدت الجهال المنابر، ولبس الرجال التيجان، وضيقت الطرقات، وشيد البناء واستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وكثر خطباء منابركم، وركن علماؤكم إلى ولاتكم، فأحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال، وأفتوهم بما يشتهون، وتعلم علماؤكم العلم ليجلبوا به دنانيركم ودراهمكم واتخذتم القرآن تجارة، وضيعتم حق الله في أموالكم، وصارت أموالكم عند شراركم، وقطعتم أرحامكم، وشربتم الخمور في ناديكم، ولعبتم بالميسر وضربتم بالكبر (1) والمعزفة والمزامير، ومنعتم محاويجكم زكاتكم ورأيتموها مغرما. وقتل البرئ ليغيظ العامة بقتله، واختلفت أهواؤكم، وصار العطاء في العبيد والسقاط، وطفف المكائيل والموازين، ووليت أموركم السفهاء (2)

ص: 323


1- (1) بالكبر: الكبر - بفتحتين -: الطبل ذو الرأسين، وقيل: الطبل الذي له وجه واحد. النهاية: 4 / 14.
2- (2) كنز العمال: 14 / 573 - 574 حديث (39639)، وفيه: أبو الشيخ في الفتن وعويس في جزئه والديلمي.

ص: 324

الباب الثامن

الفصل الثالث: علائم بعد الظهور

ص: 325

ص: 326

- 23 - علائم بعد الظهور

1 - حدثنا علي بن حسان، قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلوائي، عن أبي جعفر _ عليه السلام _، من حديث في فضل أمير المؤمنين عنه _ عليه السلام _:

أنا قسيم الجنة والنار لا يدخلها داخل إلا على أحد قسمين، وأنا الفاروق الأكبر وأنا الامام لمن بعدي، والمؤدي عمن كان قبلي، ولا يتقدمني أحد إلا أحمد صلى الله عليه وآله، وإني وإياه لعلى سبيل واحد إلا أنه هو المدعو باسمه، ولقد أعطيت الست: علم المنايا والبلايا والوصايا والأنصاب وفصل الخطاب، وإني لصاحب الكرات ودولة الدول، وإني لصاحب العصا، والميسم، والدابة التي تكلم الناس (1).

ص: 327


1- (1) بصائر الدرجات: 199، مختصر بصائر الدرجات: 41 - آخره، كما في بصائر الدرجات بسنده إلى الصفار ثم بسنده، الكافي: 1 / 197 - 198 - محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا، عن محمد بن الحسن، عن علي بن حسان، قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني، عن أبي جعفر _ عليه السلام _، من حديث في فضل أمير المؤمنين عنه _ عليه السلام _: أنا قسيم الله بين الجنة... على حد قسمي، البحار: 25 / 354 - 355 - عن بصائر الدرجات، وأشار إلى مثله عن الكافي، وفي: 53 / 101 - عن الكافي، آخره وأشار إلى مثله عن بصائر الدرجات.

2 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصة المهدي، قال: ويتوجه إلى الآفاق، فلا تبقى مدينة وطئها ذو القرنين إلا دخلها وأصلحها، ولا يبقى جبار إلا هلك على يديه، ويشف الله عز وجل قلوب أهل الاسلام، ويحمل حلي بيت المقدس في مائة مركب تحط على غزة وعكا، ويحمل إلى بيت المقدس، ويأتي مدينة فيها ألف سوق، في كل سوق مائة دكان فيفتحها، ثم يأتي مدينة يقال لها القاطع، وهي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا، ليس خلفه إلا أمر الله عز وجل، طول المدينة ألف ميل، وعرضها خمس مائة ميل، فيكبرون الله عز وجل ثلاث تكبيرات، فتسقط حيطانها، فيقتلون بها ألف ألف مقاتل، ويقيمون فيها سبع سنين، يبلغ الرجل منهم تلك المدينة مثل ما صح معه من سائر بلد الروم، ويولد لهم الأولاد ويعبدون الله حق عبادته، ويبعث المهدي _ عليه السلام _ إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب، لا تضرهم بشئ، ويذهب الشر، ويبقى الخير، ويزرع الانسان مدا يخرج سبعمائة مد، كما قال الله تعالى: " كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء " ويذهب الربا والزنا وشرب الخمر والريا، وتقبل الناس على العبادة والمشروع والديانة، والصلاة في الجماعات، وتطول الأعمار، وتؤدى الأمانة، وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات، وتهلك الأشرار، وتبقى الأخيار، ولا يبقى من يبغض أهل البيت _ عليهم السلام _.

ثم يتوجه المهدي من مدينة القاطع إلى القدس الشريف، بألف مركب، فينزلون شام فلسطين بين عكا وصور وغزة وعسقلان، فيخرجون ما معهم من الأموال، وينزل المهدي بالقدس الشريف، ويقيم بها إلى أن يخرج الدجال، وينزل عيسى بن مريم _ عليه السلام _ فيقتل الدجال (1)

ص: 328


1- (1) عقد الدرر: 199.

3 - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في قصة المهدي _ عليه السلام _ قال:

فيبعث المهدي إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب ولا تضرهم بشئ، و يذهب الشر، ويبقى الخير ويزرع الانسان مدا وتخرج له سبعة أمداد كما قال الله تعالى، ويذهب الزنا وشرب الخمر ويذهب الربا، ويقبل الناس على العبادات والشرع والديانة، والصلاة في الجماعات، وتطول الأعمار، وتؤدى الأمانات، وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات، وتهلك الأشرار، وتبقى الأخيار، ولا يبقى من يبغض أهل البيت _ عليهم السلام _ (1) 4 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصة المهدي وفتوحاته ورجوعه إلى دمشق، قال: ثم يأمر المهدي _ عليه السلام _ بإنشاء مراكب فينشئ أربعمائة سفينة في ساحل عكا، وتخرج الروم في مائة صليب، تحت كل صليب عشرة آلاف فيقيمون على طرسوس، ويفتحونها بأسنة الرماح، ويوافيهم المهدي _ عليه السلام _ فيقتل من الروم حتى يتغير ماء الفرات بالدم، وتنتن حافتاه بالجيف، وينهزم من في الروم، فيلحقون بأنطاكية.

وينزل المهدي على قبة العباس حذو كفر طورا، فيبعث ملك الروم يطلب الهدنة من المهدي، ويطلب المهدي منه الجزية، فيجيبه إلى ذلك، غير أنه لا يخرج من بلد الروم أحد ولا يبقى في بلد الروم أسير إلا خرج.

ويقيم المهدي بأنطاكية سنته تلك، ثم يسير بعد ذلك ومن تبعه من المسلمين لا يمرون على حصن من بلد الروم، إلا قالوا عليه: لا إله إلا الله، فتتساقط حيطانه، وتقتل مقاتلته، حتى ينزل على القسطنطينية، فيكبرون عليها تكبيرات، فينشف خليجها ويسقط سورها، فيقتلون فيها ثلاثمائة ألف مقاتل، ويستخرج منها ثلاث كنوز، كنز جوهر، وكنز ذهب وفضة، وكنز أبكار، فيفتضون ما بدا لهم، بدار البلاط سبعون ألف بكر، ويقتسمون الأموال بالغرابيل.

ص: 329


1- (1) المهدي: 18، عن عقد الدرر: 239.

فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصائح: ألا إن الدجال قد خلفكم في أهليكم، فيكشف الخبر، فإذا هو باطل.

ثم يسير المهدي _ عليه السلام _ إلى رومية، ويكون قد أمر بتجهيز أربعمائة مركب من عكا، يقيض الله تعالى لهم الريح فلا يكون إلا يومين وليلتين حتى يحطوا على بابها، ويعلقون رحالهم على شجرة على بابها، مما يلي غربيها، فإذا رآهم أهل رومية أحدروا إليهم راهبا كبيرا، عنده علم من كتبهم، فيقولون له: انظر ما يريد.

فإذا أشرف الراهب على المهدي _ عليه السلام _ فيقول: إن صفتك التي هي عندي، وأنت صاحب رومية.

قال: فيسأله الراهب مسائل فيجيبه عنها، فيقول المهدي _ عليه السلام _: ارجع.

فيقول: لا أرجع، أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.

فيكبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فتكون كالرملة على نشز، فيدخلونها، فيقتلون بها خمس مائة ألف مقاتل، ويقتسمون الأموال، حتى يكون الناس في الفئ شيئا واحدا، لكل انسان مهم مائة ألف دينار، ومائة رأس ما بين جارية وغلام (1).

5 - محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مسروق، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر _ عليه السلام _:

أن أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - كان يقول: إن المدثر هو كاين عند الرجعة، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين! أحياة قبل القيامة، ثم موت؟ فقال له عند ذلك: نعم، والله، لكفرة من الكفر بعد الرجعة أشد من كفرات قبلها (2)

ص: 330


1- (1) عقد الدرر: 190، عنه إلزام الناصب: 2 / 390.
2- (2) مختصر بصائر الدرجات: 26، عنه الايقاظ من الهجعة: 358.

الباب الثامن

الفصل الرابع: دابة الأرض

ص: 331

ص: 332

- 24 - دابة الأرض

1 - وأخرج ابن أبي حاتم، عن النزال بن سبرة قال: قيل لعلي بن أبي طالب:

إن ناسا يزعمون أنك دابة الأرض، فقال:

والله إن لدابة الأرض ريشا وزغبا، ومالي ريش ولا زغب، وإن لها لحافرا، ومالي من حافر، وإنها لتخرج، حضر الفرس الجواد ثلاثا، وما خرج ثلثاها (1) 2 - حدثنا علي بن أحمد بن حاتم، حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا عبد الكريم بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ فقال:

ألا أحدثك ثلاثا، قبل أن يدخل علي وعليك داخل، أنا عبد الله، أنا دابة الأرض، صدقها وعدلها، وأخو نبيها، أنا عبد الله، ألا أخبرك بأنف المهدي وعينه؟ قال: قلت: نعم، فضرب بيده إلى صدره فقال: أنا (2)

ص: 333


1- (1) الدر المنثور: 5 / 117.
2- (2) مختصر بصائر الدرجات: 206 - 207، وفي: 207 - حدثنا محمد بن الحسن بن الصباح، حدثنا الحسين بن الحسن القاشي، حدثنا علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمان بن سيابة، عن أبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على علي _ عليه السلام _ فقال: أحدثك بسبعة أحاديث: إلا أن يدخل علينا داخل قال: قلت: إفعل جعلت فداك، قال: أتعرف أنف المهدي وعينه؟ قال: قلت: أنت يا أمير المؤمنين...، فقال: الدابة وما الدابة، عدلها وصدقها وموقع بعثها، والله مهلك من ظلمها وذكر الحديث، البحار: 39 / 243، 53 / 110، تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 404، الايقاظ من الهجعة: 283 - بعضه -، رجال الكشي: 39.

3 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في ذكر - الدابة - قال:

ألا وينشر الصفا، وتخرج منه الدابة أول رأسها، ذات وبر وريش فيها من كل الألوان، معها عصا موسى _ عليه السلام _ وخاتم سليمان _ عليه السلام _، تسم المؤمن مؤمنا، وتسم الكافر كافرا تنكت (وجه المؤمن) بالعصا فتتركه أبيض وتنكت وجه الكافر بالخاتم، فتتركه أسود، فلا يبقى أحد في سوق ولا برية إلا وسمت وجهه (1) 4 - حدثنا محمد بن [العباس، عن] جعفر بن محمد بن الحسن، عن عبد الله ابن محمد الزيات، عن محمد - يعني ابن الجنيد، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي _ عليه السلام _ يوما:

فقال: أنا دابة الأرض (2)(3) البحار: 53 / 100، ح (120)، 39 / 243، 52 / 193، وفيه: قد سبق في باب علامات ظهوره - عليه السلام - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أنه قال بعد ذكر قتل الدجال: ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى قلنا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة [منج الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان، وعصا موسى، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا ويضعه على وجه كل كافر، فيكتب فيه: هذا كافر حقا إلى آخر ما مر.

منتخب الأنوار المضيئة: 88، الايقاظ من الهجعة: 381، ح 149.(3).

5 - محمد بن العباس، عن جعفر بن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن محمد بن عبد الحميد، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ يوما، فقال: أنا دابة الأرض (3)

ص: 334


1- (1) عقد الدرر: 317.
2- (2) البحار: 53 / 110، ح
3- ، منتخب الأنوار المضيئة: 88.

6 - حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد ابن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن عبيد بن كرب، قال: سمعت عليا _ عليه السلام _ يقول: إن لنا أهل البيت دابة، من تقدمها مرق، ومن تأخر عنها محق، ومن تبعها لحق (1) 7 - حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الفقيه، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين _ عليه السلام _ وهو يأكل خبزا وخلا وزيتا، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز وجل: " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " (النمل - 82)، فما هذه الدابة؟ قال: هي دابة تأكل خبزا وخلا وزيتا (2) 8 - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن السلمي، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية، قال: أتى رجل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ فقال: حدثني عن الدابة؟ قال: وما تريد منها؟ قال: أحببت أن أعلم علمها. قال: هي دابة مؤمنة تقرأ القرآن، وتؤمن بالرحمن، وتأكل الطعام، وتمشي في الأسواق (3) 9 - حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير القرشي، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، أن عباية حدثه: أنه كان عند أمير المؤمنين _ عليه السلام _ [وهو] يقول: حدثني أخي: أنه ختم ألف نبي، وإني ختمت ألف وصي، وإني كلفت ما لم يكلفوا، وإني لأعلم ألف كلمة ما يعلمها غيري وغير محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ما

ص: 335


1- (1) كمال الدين: 654، ح (23).
2- (2) البحار: 53 / 112، ح (11)، الايقاظ من الهجعة: 384، ح (156).
3- (3) البحار: 53 / 110 - 111، ح (6)، مختصر بصائر الدرجات: 207.

منها كلمة إلا مفتاح ألف باب بعد ما تعلمون منها كلمة واحدة، غير أنكم تقرأون منها آية واحدة في القرآن: " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " (النمل - 82)، وما تدرونها من (1) 10 - الحسن بن سليمان بن خالد القمي أيضا في رسالته نقلا من كتاب الواحدة، عن محمد بن الحسن بن عبد لله، عن جعفر بن محمد البجلي، عن أحمد بن خالد البرقي، عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر _ عليه السلام _ قال:

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: إن الله واحد أحد - إلى أن قال : - وأخذ الله ميثاق الأنبياء بالايمان والنصرة لنا، وذلك قول الله عز وجل: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " يعني: لتؤمنن بمحمد ووصيه ولتنصرنه: جميعا، وأن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد بالنصرة لبعض، فقد نصرت محمدا، وجاهدت بين يديه عدوه، ووفيت بما أخذ علي من العهد والنصرة لمحمد، ولم ينصرني أحد من أولياء الله ورسله، وذلك لما قبضهم الله إليه، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها، وسيبعثهم الله أحياء من لدن آدم إلى محمد يضربون بالسيف هام الأموات والاحياء جميعا.

فيا عجبا من أموات يبعثهم الله أحياء، زمرة بعد زمرة، قد شهروا سيوفهم، يضربون بها هام الجبابرة وأتباعهم، حتى لهم ما وعدهم في قوله: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات لنستخلفنهم في الأرض " الآية، وأن لي الكرة بعد الكرة، والرجعة بعد الرجعة، وأنا صاحب الكرات والرجعات، وصاحب الصولات والنقمات، والدولات العجيبات، وأنا دابة الأرض، وأنا صاحب العصا والميسم (2) الحديث

ص: 336


1- (1) البحار: 53 / 111، ح (8)، مختصر بصائر الدرجات: 207.
2- (2) الايقاظ من الهجعة: 365 - 366، ح (120).

11 - في حديث علي _ عليه السلام _ أنه ذكر آخر الزمان والفتن، ثم قال:

خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة (1) 12 - قرقارة، عن أبي حاتم، عن محمد بن يزيد الآدمي - بغدادي عابد -، عن يحيى بن سليم الطائي، عن سميل بن عباد، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ يقول: أظلكم فتنة مظلمة عمياء مكتنفة لا ينجو منها إلا النومة.

قيل: يا أبا الحسن وما النومة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه (2)

ص: 337


1- (1) البحار: 69 / 273.
2- (2) البحار: 2 / 73، عن غيبة الطوسي، وفيه بيان: قال الجزري: في حديث علي _ عليه السلام _، وذكر آخر الزمان والفتن، ثم قال: خير ذلك الزمان كل مؤمن نومة. النومة: بوزن الهمزة - الخامل الذكر الذي لا يوبه له، وقيل: الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله، وقيل: النومة - بالتحريك -: الكثير النوم، فأما الخامل الذي لا يوبه له، فهو - بالتسكين، ومن الأول: حديث ابن عباس أنه قال لعلي _ عليه السلام _: ما النومة؟ قال: الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شئ.

ص: 338

الباب الثامن

الفصل الخامس: يأجوج ومأجوج

ص: 339

ص: 340

- 25 - يأجوج ومأجوج

1 - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: سئل أمير المؤمنين _ عليه السلام _ عن الخلق.

فقال: خلق الله ألفا ومائتين في البر، وألفا ومائتين في البحر، وأجناس بني آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم، ما خلا يأجوج ومأجوج (1) 2 - وأخرج ابن المنذر، عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك؟ فقال:

هم سيارة ليس لهم أصل، هم من يأجوج ومأجوج، لكنهم خرجوا يغيرون على الناس، فجاء ذو القرنين فسد بينهم وبين قومهم، فذهبوا سيارة في الأرض (2).

ص: 341


1- (1) الكافي: 8 / 220، عنه نور الثقلين: 3 / 307، والبرهان: 2 / 488، وليس في سنده: العباس بن العلاء.
2- (2) الدر المنثور: 4 / 250.

3 - عن ابن أبي حاتم، عن السدي، قال علي بن أبي طالب:

إن يأجوج ومأجوج خلف السد، لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه، وهم يغدون كل يوم على السد، فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض فيقولون نرجع غدا ونفتحه، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس، فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم، فإذا غدوا يلحسون قال لهم قولوا: بسم الله، فإذا قالوا بسم الله، فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون نرجع غدا فنفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه، فيقول: قولوا إن شاء الله فيقولون: إن شاء الله فيصبحون وهو مثل قشر البيض، فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من يخرج منهم سبعون ألفا عليهم التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا، فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات -، فيشربونه حتى لا يبقى منه شئ، ثم يجئ الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون لقد كان ها هنا ماء مرة وذلك قول الله: " فإذا جاء وعد ربي جعله دكا " والدك التراب، وكان وعد ربي حقا (1).

ص: 342


1- (1) الدر المنثور: 4 / 251 - 252، عنه جمع الجوامع: 2 / 117 - بتفاوت يسير.

الباب التاسع

الفصل الأول: فضل مسجد الكوفة

ص: 343

ص: 344

- 2 - 6 - فضل مسجد الكوفة

1 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا الحسن ومحمد - ابنا علي بن يوسف -، عن سعدان بن مسلم، عن صباح المزني (1)، عن الحارث بن حصيرة (2) عن حبة العرني (3) قال:

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: كأني أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة، قد ضربوا الفساطيط، يعلمون الناس القرآن كما أنزل (4) أما إن قائمنا إذا قام كسره وسوى

ص: 345


1- (1) هو صباح بن يحيى المزني يكنى أبا محمد، كوفي ثقة عند النجاشي، وضعيف عند أستاذه ابن الغضائري، كما في الجامع.
2- (2) الحارث بن حصيرة معنون في أصحاب الصادق _ عليه السلام _ وقال العلامة المامقاني: إمامي مجهول.
3- (3) حبة بن جوين العرني من أصحاب أمير المؤمنين والحسن بن علي _ عليهما السلام _، وقال العلامة المامقاني: حسن.
4- (4) الظاهر أنه يقصد _ عليه السلام _ أنهم يعلمونهم القرآن على حدوده كاملة، وقد ورد أن القرآن الذي بخط علي ويتوارثه الأئمة _ عليهم السلام _ يتفاوت مع القرآن في ترتيب سوره وربما آياته، لا في الزيادة والنقصان، كما جاء في رواية أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) أنه قال: لما توفي رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ جمع علي _ عليه السلام _ القرآن، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد أوصاه بذلك رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _... فلما استخلف عمر، سأل عليا أن يدفع إليهم القرآن... فقال: يا أبا الحسن! إن جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه. فقال _ عليه السلام _: هيهات ليس إلى ذلك سبيل، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا: ما جئتنا به. إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي. قال عمر: فهل لاظهار وقت معلوم. فقال: نعم، إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه، فتجري السنة به، صلوات الله عليه. راجع: احتجاج الطبرسي: 1 / 155، نور الثقلين: 5 / 226، البحار: 92 / 42.

قبلته (1) 2 - عنه (الفضل بن شاذان)، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن سعد بن ظريف، عن الأصبغ بن نباتة (قال):

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ - في حديث له حتى انتهى إلى مسجد الكوفة، وكان مبنيا بخزف ودنان وطين - (2) فقال: ويل لمن هدمك، وويل لمن سهل هدمك، وويل لبانيك بالمطبوخ المغير قبلة نوح، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي، أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة (3) 3 - حدثنا محمد بن علي بن فضل الكوفي قال: حدثنا محمد بن جعفر المعروف - بابن التبان - قال: حدثنا إبراهيم بن خالد المقري الكسائي قال:

حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في مسجد الكوفة إذ قال:

ص: 346


1- (1) النعماني: 317 - 318، عنه البحار: 52 / 364.
2- (2) قال في الأقرب: الدن - بالفتح - الراقود العظيم، لا يقعد إلا أن يحفر له، والجمع دنان - والمراد بناء حيطانه من الخزف وكسرات الدنان بدلا من الآجر المطبوخ.
3- (3) غيبة الطوسي: 283، البحار: 52 / 332 - 333، وفي سنده: طريف بدل ظريف، إثبات الهداة: 7 / 35، وفي سنده: طريف بدل ظريف، وليس فيه:... وكان مبنيا بخزف ودنان وطين... ويل لمن هدمك، ويل لمن سهل هدمك، وويل لبانيك بالمطبوخ المغير قبلة نوح.

يا أهل الكوفة! لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب به أحدا، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر ومصلاي.

وإن مسجدكم هذا أحد الأربعة المساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم يشفع لأهله ولمن صلى فيه فلا ترد شفاعته، ولا تذهب الأيام حتى ينصب فيه الحجر الأسود، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي، ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه.

فلا تهجروه وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لاتوه من أقطار الأرض، ولو حبوا على الثلج (1)

ص: 347


1- (1) أمالي الصدوق: 189، مجلس (40)، إثبات الهداة: 3 / 452، - بعضه عن الفقيه، وأمالي الصدوق، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 10 / 13 - 14، قال: ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيها الملاحم، وهو يشير إلى القرامطة: ينتحلون لنا الحب والهوى ويضمرون لنا البغض والقلى، وآية ذلك قتلهم وراثنا وهجرهم أحداثنا، وصح ما أخبر به لان القرامطة قتلت من آل أبي طالب _ عليه السلام _ كثيرا... وفي هذه الخطبة قال وهو يشير إلى السارية التي كان يسند إليها في مسجد الكوفة: كأني بالحجر الأسود منصوبا هاهنا، ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه وأسه، يمكث هاهنا برهة ثم هاهنا برهة - وأشار إلى البحرين - ثم يعود إلى مأواه، وأم مثواه ووقع الامر في الحجر الأسود بموجب ما أخبر به - عليه السلام - ، الفقيه: 1 / 231 - كما في أمالي الصدوق - بتفاوت يسير وقال: وروي عن الأصبغ بن نباتة (طريقه إلى الأصبغ كما في مشيخة الفقيه: 4 / 445 - عن محمد بن علي ماجيلويه - رضي الله عنه، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الهيثم بن عبد الله النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة) أنه قال: وفيه: من فضل، مصلاكم بيت آدم... قد أتي به يوم القيامة، البحار: 100 / 389 - عن أمالي الصدوق، روضة الواعظين: 2 / 337 - كما في أمالي الصدوق بتفاوت يسير، مرسلا عن الأصبغ. وسائل الشيعة: 3 / 526 عن الفقيه، وأمالي الصدوق.

4 - عنه (محمد بن أحمد بن يحيى) عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن حبة العرني، قال:

خرج أمير المؤمنين _ عليه السلام _ إلى الحيرة فقال:

لتصلن هذه بهذه - وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة - حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير، وليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله تعالى فرجه، لان مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه اثنا عشر إماما عدلا، قلت: يا أمير المؤمنين، ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ؟ قال: تبنى له أربع مساجد مسجد الكوفة أصغرها وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب - وأومأ بيده نحو البصريين والغريين (1) 5 - أحمد بن محمد، عن يعقوب بن عبد الله، عن إسماعيل بن زيد - مولى الكاهلي عنه، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال:

قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _ في وصف مسجد الكوفة: في وسطه عين من دهن، وعين من لبن، وعين من ماء، شراب للمؤمنين، وعين من ماء طهور للمؤمنين (2).

ص: 348


1- (1) التهذيب: 3 / 253 - 254، ملاذ الأخيار: 5 / 478 - 479، عن التهذيب.
2- (2) البحار: 52 / 374، راجع التهذيب: 1 / 325 - باب فضل المساجد.

الباب التاسع

الفصل الثاني: خروج رجل من أهل بيته عليه السلام

ص: 349

ص: 350

- 27 - خروج رجل من أهل بيته

1 - حدثنا عبد الله بن مروان، عن الهيثم بن عبد الرحمان قال: حدثني من سمع عليا (رضي الله عنه) يقول:

إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشا فخسف بهم بالبيداء وبلغ ذلك أهل الشام، قالوا لخليفتهم: قد خرج المهدي فبايعه وادخل في طاعته وإلا قتلناك.

فيرسل إليه بالبيعة، ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس، وتنقل إليه الخزائن، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال، حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها.

ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل المشرق، يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر، يقتل ويمثل، ويتوجه إلى بيت المقدس، فلا يبلغه حتى يموت (1)

ص: 351


1- (1) فتن ابن حماد: 96، وفي: 88 - آخره - بنفس السند، وفيه:... من أهل بيته بالمشرق، كنز العمال: 14 / 589 حديث (39669)، برهان المتقي: 103 و 124، عقد الدرر: 129، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 70 و 73، جمع الجوامع: 2 / 103، وفيه:... قال طليعتهم.

2 - عن علي _ عليه السلام _، قال: يفرج الله الفتن برجل منا، يسومهم خسفا، لا يعطيهم إلا السيف، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا، حتى يقولوا: والله، ما هذا من - ولد فاطمة - ولو كان من ولد فاطمة لرحمنا.

يغزيه الله - ببني العباس وبني أمية (1)

ص: 352


1- (1) كنز العمال: 14 / 589، عن ابن حماد.

الباب التاسع

الفصل الثالث: حكم الأرض عند ظهور القائم عليه السلام

ص: 353

ص: 354

- 28 - حكم الأرض عند ظهور القائم

المقدمة

كان أبو سيار مسمع بن عبد الملك قد حمل إلى أبي عبد الله _ عليه السلام _ مالا في تلك السنة فرده عليه، فقيل له: لم رد عليك أبو عبد الله _ عليه السلام _ المال الذي حملته إليه؟ فقال: إني قلت له حين حملت إليه المال: إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك أو أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله تعالى لك في أموالنا، فقال: وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس!! يا أبا سيار! الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا.

قال: قلت له: أنا أحمل إليك المال كله؟ فقال: يا أبا سيار! قد طيبناه لك، وأحللناك منه فضم إليك مالك، وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا فيجيبهم طسق ما كان في أيديهم، ويترك الأرض في أيديهم، وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا، فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صغرة (1)

ص: 355


1- (1) قوله _ عليه السلام _: فما لنا - استفهام انكاري، وكون الأرض كلها لهم لا ينافي حلها لشيعتهم بتحليلهم لهم، وأما لغير شيعتهم فهي حرام عليهم، ويمكن أن يكون المعنى أنهم أولى بالنفس والمال، ويجوز لهم أخذ كل ما في يد غيرهم، إذا عرفوا المصلحة في ذلك، وعلى المشهور حملوه على الأنفال. الصاغر الراضي بالذل، والجمع صغرة ككتبة. القاموس: 2 / 70.

1 - محمد بن علي بن محبوب (قال في المشيخة: 10 / 72 - وما ذكرته في هذا الكتاب، عن محمد بن علي بن محبوب، فقد أخبرني به الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه محمد بن يحيى، عن محمد بن علي بن محبوب)، عن محمد ابن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد الله _ عليه السلام _ عن رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها فعمرها وأكرى أنهارها وبنى فيها بيوتا وغرس فيها نخلا وشجرا، قال:

فقال أبو عبد الله _ عليه السلام _: كان أمير المؤمنين _ عليه السلام _ يقول: من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له، وعليه طسقها (1) يؤديه إلى الامام في حال الهدنة (2)، فإذا ظهر القائم _ عليه السلام _ فليوطن نفسه على أن توخذ منه (3) 2 - وبإسناده عن أبي خالد الكابلي قال: قال أبو جعفر _ عليه السلام _: وجدنا في كتاب علي _ عليه السلام _ أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، فمن أخذ أرضا من المسلمين فعمرها فليود خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم _ عليه السلام _ [من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويخرجهم عنها كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم (4).

ص: 356


1- (1) الطسق: خراج الأرض، فارسي معرب - صحاح اللغة: 4 / 1517.
2- (2) الهدنة - بالضم السكون - والهدنة: الصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل المتحاربين، نهاية ابن الأثير: 5 / 252.
3- (3) التهذيب: 4 / 145، ملاذ الأخيار: 6 / 420 - 421، إثبات الهداة: 3 / 453 ملخصا، كلاهما عن التهذيب.
4- (4) البحار: 52 / 390.

الباب التاسع

الفصل الرابع: حكومة الامام المهدي عليه السلام

ص: 357

ص: 358

- 29 - حكومة الامام المهدي _ عليه السلام _

1 - حدثنا عبد الله بن مروان، عن الهيثم بن عبد الرحمان، عمن حدثه عن علي قال: يلي المهدي أمر الناس ثلاثين أو أربعين سنة (1) 2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى قال: حدثنا إبراهيم بن فهد، عن محمد بن عقبة، عن حسين بن الحسن، عن إسماعيل بن عمر، عن عمر بن موسى الوجيهي، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث قال: قلت لعلي _ عليه السلام _ يا أمير المؤمنين! خبرني بما يكون من الاحداث بعد قائمكم؟

ص: 359


1- (1) ابن حماد: 104، بيان الشافعي: 495، أخبرنا الحافظ يوسف، أخبرنا محمد، أخبرتنا فاطمة، أخبرنا ابن ريدة، أخبرنا الطبراني، حدثنا عبد الرحمان، حدثنا نعيم، حدثنا عبد الله بن مروان، حدثنا الهيثم بن عبد الرحمان، عن علي _ عليه السلام _ قال: يلي المهدي _ عليه السلام _ الناس أربعين سنة وقال: رواه الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي _ عليه السلام _، عن الطبراني وجمع طرقه. عقد الدرر: 240، عن ابن حماد، كنز العمال: 14 / 591 حديث (39676) عن ابن حماد، برهان المتقي: 163، الفتاوى الحديثية: 31 - كما في ابن حماد - بتفاوت يسير، مرسلا ملخصا، المغربي: 581، عن ابن حماد، عرف السيوطي، الحاوي: 2 / 79، عن ابن حماد، جمع الجوامع: 2 / 104، عن نعيم، منتخب الأثر: 487، عن بيان الشافعي.

قال: يا ابن الحارث! ذلك شئ ذكره موكول إليه، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلي أن لا أخبر (به) إلا الحسن والحسين (1) 3 - قال فضل بن شاذان: حدثنا محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى قالا:

حدثنا جميل بن دراج، عن الصادق _ عليه السلام _، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أنه قال: الاسلام والسلطان العادل أخوان، لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه، الاسلام أس، والسلطان العادل حارس، وما لا أس له فمنهدم، وما لا حارس له فضايع، فلذلك إذا رحل قائمنا، لم يبق أثر من الاسلام، وإذا لم يبق أثر من الاسلام، لم يبق أثر من الدنيا (2) 4 - وعن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ أن قال - في ذكر أحوال المهدي - عليه السلام - -: ويفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم، فيمكث على ذلك سبع سنين، مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم، ثم يفعل ما يشاء (3) 5 - عن أمير المؤمنين _ عليه السلام _:

لا تبقى مدينة دخلها ذو القرنين إلا دخلها المهدي، ويأتي إلى مدينة فيها ألف سوق في كل سوق مائة دكان فيفتحها ويأتي مدينة، يقال لها: القاطع على البحر المحيط،

ص: 360


1- (1) كمال الدين: 1 / 77، البحار: 6 / 311 - 312، عن كمال الدين، إثبات الهداة: 3 / 459، عن كمال الدين، وفيه: أمره موكول.
2- (2) أربعون الخاتون آبادي: 203، عنه منتخب الأثر: 273.
3- (3) إثبات الهداة: 7 / 248 - 249 حديث (210)، قال: وروى بعض أصحابنا المعاصرين من العامة: أنهم رووا الاخبار بمدة ملك المهدي واختلفوا فيها... وعن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ الترديد بين الثلاثين والأربعين، والعلم عند الله انتهى. أقول: قد تقدم في أحاديثنا الوجه في هذا الاختلاف. عقد الدرر: 224، وفي: 238 - 239 مرسلا، وفيه: ولا يترك بدعة إلا أزالها، ولا سنة إلا أقامها.

طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل، فيكبرون الله ثلاثا فتسقط حيطانها، فيخرج منها ألف ألف مقاتل، ثم يتوجه إلى القدس الشريف بألف مركب، فينزل شام فلسطين بين مكة وصورة وغزة وعسقلان (1) 6 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصة المهدي وفتوحاته قال:

ثم يسير ومن معه من المسلمين، لا يمرون على حصن ببلد الروم إلا قالوا عليه: لا إله إلا الله، فتساقط حيطانه ثم ينزل من القسطنطينية، فيكبرون تكبيرات تكبيرة فينشف خليجها، ويسقط سورها، ثم يسير إلى رومية، فإذا نزل عليه عليها كبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فتكون كالرملة على نشز.

قال السليمي: وذكر باقي الحديث (2) 7 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ في قصة المهدي وفتوحاته ورجوعه إلى دمشق، قال:

فيكبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فتكون كالرملة على نشز، فيدخلونها، فيقتلون بها خمس مائة ألف مقاتل، ويقتسمون الأموال، حتى يكون الناس في الفئ شيئا واحدا، لكل انسان منهم مائة ألف دينار، ومائة رأس، ما بين جارية وغلام (3).

ص: 361


1- (1) عقد الدرر: 199، الصراط المستقيم: 2 / 257 - بعضه - عن عقد الدرر.
2- (2) عقد الدرر: 139.
3- (3) عقد الدرر: 189 - 191.

ص: 362

الباب التاسع

الفصل الخامس: ختم الدين

ص: 363

ص: 364

- 30 - ختم الدين

1 - أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري - بقراءتي عليه في المحرم سنة ست عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال:

حدثنا أبو طالب محمد بن الحسين بن عتبة، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن وهبان الدبيلي، قال: حدثنا علي بن أحمد بن كثير العسكري، قال: حدثني أحمد بن المفضل أبو سلمة الأصفهاني، قال: أخبرني راشد بن علي بن وائل القرشي، قال: حدثني عبد الله بن حفص المدني، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، قال: لقيت كميل بن زياد، وسألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب _ عليه السلام _.

فقال: ألا أخبرك بوصية أوصاني بها يوما، هي خير لك من الدنيا بما فيها، فقلت: بلى.

قال لي علي - من كلام طويل له - _ عليه السلام _، وفيه:... يا كميل! ما من علم إلا وأنا أفتحه، وما من سر إلا والقائم _ عليه السلام _ يختمه... يا كميل! لابد لماضيكم من

ص: 365

أوبة، ولابد لنا فيكم من غلبة... يا كميل! وأنتم ممتعون بأعدائكم... فإذا كان والله يومكم وظهر صاحبكم لم يأكلوا والله معكم، ولم يردوا مواردكم، ولم يقرعوا أبوابكم، ولم ينالوا نعمتكم، أذلة خاسئين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا (1) 2 - فيما ذكره نعيم من أن المهدي وأئمة الهدى من أهل بيت النبوة وبهم يختم.

حدثنا الوليد عن علي بن حوشب سمع مكحولا يحدث عن علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ قال: قلت: يا رسول الله! المهدي منا أئمة الهدى أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا يختم الدين، كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة، كما ألف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك (2)

ص: 366


1- (1) بشارة المصطفى: 24 - 31، تحف العقول: 171 - 176، مرسلا عنه _ عليه السلام _ في وصيته - عليه السلام - لكميل بن زياد، مستدرك الوسائل: 15 / 166 - 167 - بعضه بتفاوت يسير - عن بشارة المصطفى، وفيه: ما من شئ إلا والقائم إثبات الهداة: 7 / 59 - بعضه بتفاوت يسير - عن بشارة المصطفى، البحار: 77 / 266 - عن بشارة المصطفى بتفاوت يسير، وفي سنده: أحمد بن أحمد بن الفضل.
2- (2) ملاحم بن طاووس: 84 - 85 (الباب الحادي والتسعون والمائة)، البحار: 51 / 92 - 93 (الباب الحادي عشر في الرد على من زعم أن المهدي هو المسيح بن مريم) باختلاف يسير وتقديم وتأخير: أمنا آل محمد المهدي؟ فقال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _... لا بل... منا يختم الله به الدين، كما فتح بنا... ينقذون من الفتنة... انقذوا من الشرك... قلوبهم في الدين... ألف بين قلوبهم ودينهم وفيه: وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا، كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم. قال: هذا حديث حسن عال، رواه الحفاظ في كتبهم، فأما الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط، وأما أبو نعيم فرواه في حلية الأولياء، وأما عبد الرحمان بن حماد فقد ساقه في عواليه. إثبات الهداة: 7 / 191، كما في البحار بتفاوت يسير، البيان في أخبار صاحب الزمان: 125، منتخب الأثر: 180، الايقاظ من الهجعة: 321، كمال الدين:

3 - حدثنا أبي (رض) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله _ عليه السلام _ قال: عن أبي جعفر - عليه السلام - قال:

حدثني أبي، عن آبائه: إن أمير المؤمنين _ عليه السلام _ علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه - والحديث طويل مشتمل على كثير من الآداب والاخلاق الحسنة وفوائد عظيمة من أرادها فليطلبها من الخصال قال _ عليه السلام _: بنا يفتح الله، وبنا يختم الله، وبنا يمحو الله ما يشاء، وبنا يثبت، وبنا يدفع الله الزمان الكلب، وبنا ينزل الغيث، فلا يغرنكم، بالله الغرور، ما أنزلت السماء من قطرة من ماء منذ حبس الله عز وجل.

ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، وأخرجت الأرض نباتها، وليذهب الشحناء من قلوب العباد، وأصلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة من العراق إلى الشام، لا تضع قدمها إلا على النبات، وعلى رأسها زينتها، لا يهيجها سبع ولا تخافه، لو تعلمون مالكم في مقامكم بين عدوكم، وصبركم على ما تسمعون من الأذى لقرت أعينكم (1)

ص: 367


1- (1) خصال الصدوق: 2 / 418 - 419، عنه منتخب الأثر: 474، وفيه: يمحو ما يشاء... قطرة... حبسه... ولا خرجت... ولذهبت... واصطلحت... بين العراق ... قدمها، البحار: 52 / 306 و 59 / 378 - 379 و 10 / 104، تحف العقول: 100 وما بعدها، منتخب الأنوار المضيئة: 203.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.