سرشناسه:مقدسی شافعی سلمی، یوسف بن یحیی، قرن، 7ق، .
عنوان و نام پديدآور:عقد الدرر فی اخبار المنتظر (عج)/ یوسف بن یحیی بن علی بن عبدالعزیز المقدسی الشافعی السلمی؛ تحقیق عبدالفتاح محمد الحلو؛ تعلیق علی نظری منفرد.
مشخصات نشر:[قم]: نصایح، 1416ق.= 1376.
مشخصات ظاهری:431ص.
شابک:10000 ریال
يادداشت:عربی.
یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.
موضوع:محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق. - -- احادیث
موضوع:مهدویت-- انتظار-- احادیث
موضوع:احادیث شیعه -- قرن 7ق.
موضوع:فتن و ملاحم -- احادیث
شناسه افزوده:حلو، عبدالفتاح محمد
شناسه افزوده:نظری منفرد، علی، 1326 -
رده بندی کنگره:BP51/م7ع7 1371
رده بندی دیویی:297/959
شماره کتابشناسی ملی:3863829
ص :1
عقد الدرر فی اخبار المنتظر (عج)
یوسف بن یحیی بن علی بن عبدالعزیز المقدسی الشافعی السلمی
تحقیق عبدالفتاح محمد الحلو
تعلیق علی نظری منفرد
الناشر: انتشارات نصایح
المطبعه: اسوه
الطبعه: الاول
سنة الطبع: 1416 ه
عدد المطبوع: 3000 نسخة
ثمن النسخة: 1000 تومان
ص :2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :3
ص :4
ص :5
ص :6
بسم اللّه الرحمن الرحيم انّ الاسلام هو أكمل الأديان و أتمها كما صرح بذلك القرآن العزيز اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)و الاسلام هو خاتم الأديان و هو الدين المقبول عند اللّه عزّ و جل لقوله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ (2)و بعد أن أرسل اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و اله و سلّم بدين الاسلام أصبحت الأديان السابقة مرفوضة بدليل قوله تعالى وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (3).
و النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و اله و سلّم هو خاتم الأنبياء و آخر الرسل أدّى الأمانة و بلّغ رسالة السماء حق التبليغ عملا بأمر اللّه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ
ص:7
تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ(1) فتحمّل الرسول الكريم صلّى اللّه عليه و اله و سلّم ما تحمّل في سبيل تبليغ كل ما انزل اليه من القوانين و الأحكام و القصص و أخبار الأمم و ما وعد اللّه تعالى نبيّه و المسلمين من النصر و الفتح و ما أخبره من الحوادث و الوقائع و الأخبار الغيبية.
و من جملة ما أخبر عنه القرآن الكريم اظهار دين الاسلام على الأديان كلها فقال عزّ من قائل هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (2)، و أخبر كذلك بأن الصالحين هم الذين سيرثون الأرض فقال وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (3)، و أخبر باستخلاف المؤمنين في الأرض حيث قال وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (4).
و ما من أدنى شك أو ريب في صدق ما أخبر اللّه به نبيّه و وعده به لأن اللّه عزّ و جل لا يخلف ما وعد رسله فقد قال فَلا تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ (5)و كذلك قال إِنَّ اللّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (6)و كل ما أخبر به القرآن فهو كائن لا
ص:8
محالة وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً (1).
و هذه النصوص القرآنية الصريحة التي تنبىء بتحقق هذه الوعود تغني عن غيرها من السنّة و الأخبار، على انّ الأخبار و الأحاديث الواردة في هذا الموضوع كثيرة و صريحة غاية الصراحة.
لكن الذي يهمنا و ينبغي توضيحه هو الكشف عمّن سيّحقق هذا الوعد الالهي، و من هو المتكفّل بانجازه؟ و متى ستتحقق هذه البشارة القرآنية؟ و هل لها من علامة أو علامات تدل على اقتراب هذا الأمر؟
و على الرغم من صراحة القرآن المجيد و الوحي الالهي في حتمية وقوع هذا الأمر و تحقق هذا الوعد، لكن بقي سؤالان مهمّان لم يصرّح بجوابهما القرآن هما:
1-من المحقّق لهذا الوعد الالهي؟
2-هل لتحقق هذا الوعد وقت معين؟ و هل هناك علامات تسبق وقوعه؟
من هنا كان اختيارنا لهذا الكتاب لكي نقدّمه للقراء الأعزاء فقد حاول مؤلفه الاجابة عن هذين السؤالين من خلال ايراد النصوص و الأخبار المختلفة المجيبة عنهما.
فقد أشارت الأحاديث التي أوردها المؤلف الى انّ المحقّق لهذا الوعد القرآني هو رجل من بيت النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و اله و سلّم يسمّى المهدي (2)، و هو الذي يصلّي خلفه المسيح (3)، و هو من أولاد أمير المؤمنين الامام علي عليه السّلام و فاطمة الزهراء عليها السّلام، و هو
ص:9
الذي يملأ اللّه به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا (1).
أما بالنسبة للمسألة الثانية فبناء على حديث «كذب الوقّاتون» لا يستطيع أحد تعيين وقت ثابت لتحقق هذا الأمر، و لكن ذكر مؤلف الكتاب الأخبار الدالة على علامات الظهور و أمارات تحقق الوعد و اقتراب الأمر.
***
و بما ان الكتاب كان قد حقّق من قبل، فقد ابقينا تحقيقه على ما كان عليه في الطبعة السابقة رعاية للأمانة العلمية و ليستفيد منه القرّاء، و كانت لنا تعليقات على بعض الموارد توضيحا لما قد يرد من اشكال أو ابهام و راعينا في تعليقاتنا الاختصار تجنبا لتشتت المواضيع و أوردنا هذه التعليقات في الهامش و أشرنا إليها في المتن بمعقوفتين.
على نظرى منفرد
ص:10
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به ثقتي
الفتن و الملاحم و أشراط السّاعة، من الأبواب التي اهتمّ بها المحدّثون، لما للإخبار بالمغيّبات من أهمية خاصة، فالدنيا دار حرث، و الآخرة دار الجزاء، و هذه الأبواب تشتمل على الأحاديث الواردة فيما يعرض للأمّة من فتن، و ما يحدث في آخر الزمان إلى قيام السّاعة، و قد حفلت كتب السنّة النبويّة برواية هذه الأحاديث:
فالإمام أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (241 ه) رواها في «مسنده» .
و الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل البخاري (256 ه) رواها في «صحيحه» (1).
ص:11
و الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري (261 ه) رواها في «صحيحه»(1).
و أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد، ابن ماجه، القزويني (273 ه) رواها في «سننه» (2).
و أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275 ه) رواها في «سننه» (3).
و أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (279 ه) رواها في «جامعه» (4).
و أبو القاسم سليمان بن أحمد الطّبراني (360 ه) رواها في «معجميه، الصغير و الكبير» .
و أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوري (405 ه) رواها في «مستدركه على الصحيحين» (5).
و أبو محمّد الحسين بن مسعود البغويّ (516 ه) أوردها في كتابه «مصابيح السنّة» (6).
و أبو السعادات المبارك بن محمّد، ابن الأثير الجزري (606 ه)
ص:12
أوردها في كتابه «جامع الاصول من أحاديث الرسول صلى اللّه عليه و اله و سلّم» (1).
و قد صنّفت كتب برأسها في الموضوع، منها:
لأبي عبد اللّه نعيم بن حمّاد المروزي (228 ه) كتاب «الفتن» .
و لأبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمّد البغدادي، ابن المنادي (336 ه) كتاب «الملاحم» .
و لأبي عمرو عثمان بن سعيد الدّاني (444 ه) كتاب «الفتن» .
و لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (774 ه) كتاب «الفتن و الملاحم» و هو كتاب «النهاية» ، تتمّة موسوعته في التاريخ «البداية و النهاية» .
و كتاب «عقد الدرر في أخبار المنتظر» من الكتب المؤلّفة في هذا الباب، فإنه إلى عنايته بإيراد ما ورد في المهدي يحفل بأبواب كثيرة من أبواب الفتن و الملاحم؛ مثل أخبار الدّجّال، و نزول عيسى بن مريم عليه السّلام، و الملاحم بين المسلمين و الرّوم و الترك، و النّار التي تسوق النّاس، و خروج الدابّة، إلى غير ذلك من الأهوال التي تسبق قيام السّاعة.
و مصنّفه هو: يوسف بن يحيى بن علي بن عبد العزيز المقدسي الشافعي السّلميّ. هكذا جاء اسمه في صدر مخطوطات الكتاب، و قد
ص:13
ظنّه بروكلمان بهاء الدّين أبا الفضل يوسف بن يحيى بن محمّد بن زكيّ الدّين علي القرشي الدمشقي، المتوفى سنة خمس و ثمانين و ستمائة.
و ذكر في ترجمة ابن الزكيّ هذا كتاب «عقد الدرر» ، ثمّ عاد إلى ذكره في «الملحق» لينبّه على نسخة منه في مشهد (1).
و استدرك الاستاد خير الدين الزّركليّ هذا في ترجمة ابن الزكيّ، فقال:
«قلت: لم يذكر له مترجموه تصنيفا، و يظهر أن التشابه بين اسمه و اسم يوسف بن يحيى بن علي بن عبد العزيز الشافعي المقدسي السّلمي، مؤلف عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، و قد أتمّ تأليفه سنة (658 ه) ، أدّى إلى الظن بأنّهما شخص واحد، و لم أجد للثاني ترجمة مستقلة» (2).
أمّا الاستاذ عمر رضا كحالة، فقد ترجمة نقلا عن بروكلمان، و فهرست المخطوطات المصورة في معهد المخطوطات العربيّة (2/184) و جعل وفاته سنة (685 ه) (3).
و ليس بين أيدينا ما تنجلي به حياة مؤلف الكتاب، كما أنّا لا نعرف تاريخ وفاته، و غاية ما وصل إلينا أنّه انتهى من تأليف كتابه في سلخ ربيع الآخر، من سنة ثمان و خمسين و ستمائة، و هو من كلام المؤلف في آخر كتابه.
و رغم أن المصادر لا تسعف في ترجمته، فإنّ الاستفادة بكتابه جليّة
ص:14
لمن تتبّع المؤلفات بعده في الكلام على المهدي، فكتابه أبسط كتاب في الموضوع، و أكثرها مادة، و أدقها في تقسيم الأبواب و تتابعها، و الكتب التالية مختصرات له، أو إعادة لمادته على منهاج مختلف، و بعضها يتضمّن مناقشات لبعض مروياته، و توثيق أو توهين بعض الآثار الواردة في الباب.
و إنك لتلمس أثر هذا الكتاب عند جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكر السيوطي (911 ه) في: «العرف الوردي في أخبار المهدي» ، و «الكشف في مجاوزة هذه الأمّة الألف» ، و «تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة» .
و عند شهاب الدّين أحمد بن محمّد، ابن حجر الهيتميّ الشافعي (974 ه) ، في كتابه: «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» .
و عند علي بن حسام الدّين بن عبد الملك، المتّقي الهندي (975 ه) ، في كتابه: «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان» ، و «تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان» ، و قد صرح في مقدمة الكتابين بالنقل عن «عقد الدرر» ، و أعلم على ما نقله منه بحرف العين هكذا «ع» .
و عند علي بن سلطان محمّد الهروي القاري الحنفي (1014 ه) في كتابه «المشرب الوردي في مذهب المهدي» .
و عند مرعي بن يوسف الحنبلي (1033 ه) في كتابه «فرائد فوائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر» .
ص:15
و قد بيّن المؤلف في مقدمة كتابه ما دعاه إلى تأليفه، من فساد الزمان، و ما يراه من يأس معاصريه من صلاح الأحوال، و رجا أن يكون ذلك عند خروج الإمام المهدي، ثمّ ردّ على من ينكر أمر المهدي، و ردّ أيضا على من يزعم أن لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم، و بيّن أن ما يروى في هذا منكر و لا يرتقي إلى درجة الصحيح، و نقل هذا عن النسائي، و ابن الجوزيّ في نقله عن البيهقي عن شيخه الحاكم النيسابوري، و ذكر أنّه على فرض صحته فإن له تأويلا.
و نصّ المؤلف على منهجه، و هو جمع ما تيسّر و حضر، من الأحاديث الواردة في حقّ الإمام المهدي، مما نقلته الأئمّة برواياتهم المسندة، محذوفة الأسانيد، طلبا للاختصار.
و قد ساعده في الجمع تلميذ له هو محمّد بن يوسف، و حين تمّ جمع مادة الكتاب جعلها في اثني عشر بابا، و قد تضمّنت بعض هذه الأبواب فصولا، مثل الباب الرابع، و الباب التاسع، و الباب الثاني عشر.
و يسوق المؤلف في كل باب من هذه الأبواب: الأحاديث، و الآثار، و الأخبار، و الأقوال.
و يبدأ بذكر ما يجده من الأحاديث في: «صحيح البخاري» ، و «صحيح مسلم» ، ثمّ بما في «المستدرك» للحاكم النيسابوري، ثمّ «مسند الإمام أحمد» ، ثمّ يورد ما في سنن: أبي داود، و ابن ماجة، و النسائي، و الترمذي.
ص:16
و ما نقله المؤلف عن الإمام البخاري قليل، و أكثر نقله عن «صحيح مسلم» ، و ربّما ذكر أن الحديث في «الصحيحين» ، و قد تفرّد به مسلم (1).
و ربّما ذكر أن الحديث في «صحيح مسلم» ، و لم أجده بلفظه فيه (2).
و قد أكثر من النقل عن «المستدرك» ، للحاكم، و عن «سنن ابن ماجه» ، و لم أجد في «المجتبى» من السنن، للنسائي، ما نقله من الأحاديث عن النسائي.
و قد عمد المؤلف إلى كتاب «الفتن» لأبي عبد اللّه نعيم بن حمّاد المروزي، و إلى كتاب «السنن» لأبي عمرو الدّانيّ المقري، و إلى كتاب «الملاحم» لأبي الحسين ابن المنادي، و إلى كتب أبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصفهاني (430 ه) في: مناقب المهدي، و حلية الأولياء، و صفة المهدي، و فوائد أبو نعيم، و عواليه، و إلى كتاب أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ (458 ه) «البعث و النّشور» ، فنقل كثيرا ممّا فيها إلى هذا الكتاب.
و نقل أيضا عن: أبي القاسم الطبرانيّ، في «معجميه» الصغير و الكبير، و عن أبي محمّد البغويّ في «مصابيح السنّة» ، و عن أبي شجاع شيرويه ابن شهردار الدّيلميّ، في «الفردوس» .
و كانت مصادره من كتب التفسير: تفسير أبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ (310 ه) ، و تفسير أبي بكر محمّد بن الحسن النّقّاش (351 ه) ،
ص:17
و تفسير أبي إسحاق أحمد بن محمّد الثّعلبيّ (427 ه) .
و اعتمد في قصص الأنبياء على كتابي: أبي الحسن محمّد بن عبيد الكسائيّ، و أبي إسحاق الثّعلبيّ.
و نقل عن «المسالك و الممالك» لأبي القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن خرداذبه (280 ه) و عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن عبد اللّه السّهيليّ (581 ه) في كتابه «الروض الأنف» . و عن أبي محمّد عبد اللّه بن مسلم، ابن قتيبة الدّينوريّ (276 ه) (1)، و عن أبي العباس أحمد بن يحيى، ثعلب (921 ه) في شرحه لكلمة «الدّجّال» .
و الآثار و الأخبار التي نقلها أكثرها عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي رضي اللّه عنهما، و عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر رضي اللّه عنه، و عن كعب بن ماتع الحميريّ، المنعوت بالأخبار (32 ه) .
و قد اكتفى المؤلف برواية الأحاديث و الآثار و الأخبار و الأقوال في كل باب، دون أن يعرض للتصحيح أو التضعيف، و لكنه خالف منهجه هذا في الفصل الرابع من الباب الرابع، و في مقدمة الباب الثاني عشر، و الأول في زبدة أحاديث مرضيّة و بيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكيّة، و الثاني في تصرّم الأيّام المهديّة، و قد ساقهما المؤلف بطريقة السرد القصصي.
ص:18
و قد اعتمدت في تحقيق الكتاب على النسخ التالية:
1-نسخة كتبت بقلم نسخي جيد، سنة عشر و تسعمائة، كتبها زين العابدين سليمان بن عبد العزيز بن ناصر الدّين العباسي الأزهري، و تقع في 180 ورقة، و مسطرتها 13 سطرا، و عليها مقابلة و تصحيح، و هي محفوظة بمكتبة برلين برقم 2723. و هي النسخة (الأصل) .
2-نسخة كتبت بقلم نسخي، سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة، و كتبت العناوين بالحمرة، و تقع في 54 ورقة، و مسطرتها 23 سطرا، و عليها مقابلة و تصحيح، و هي محفوظة بالمكتبة الرضويّة بمشهد (إيران) برقم 1751.
و هي النسخة (ق) .
3-نسخة كتبت بقلم نسخي، سنة اثنتين و تسعين و تسعمائة، كتبها من نسخة الأصل التي هي بخط المؤلف، منصور بن علي بن محمّد بن أحمد المنياوي الجرجاوي الحنفي، و عليها تصحيح، و تقع في 92 ورقة، و مسطرتها 21 سطرا، و هي مصورة من مكتبة سوهاج، و مصورتها في معهد المخطوطات العربية، برقم 335 تاريخ. و هي النسخة (س) .
4-نسخة كتبت بقلم نسخي جيد، سنة ست و مائة و ألف، كتبها محمّد الشهير بابن الوكيل الملوي، و كتبت العناوين الفرعية بالحمرة، و رؤوس الأبواب بقلم الثلث، و تقع في 77 ورقة، و مسطرتها 22 سطرا، و هي مصورة من مكتبة البلدية بالإسكندرية، و مصورتها في معهد المخطوطات
ص:19
العربيّة، برقم 165 توحيد. و هي النسخة (ب) .
و بين نسخة الأصل و النسخة (س) تشابه كبير، غير أن النسخة (س) مضطربة الأوراق، و قد سقط منها نحو خمس ورقات في أثناء الفصل الثاني من الباب الرابع، و نحو أربعين ورقة، و يبدأ هذا السقط الكبير قبل نهاية الفصل الأول من الباب التاسع، و ينتهي أثناء الفصل الثاني من الباب الثاني عشر.
كما أن التشابه كبير بين النسختين (ب) و (ق) حيث تتّفقان في فروق بعض الألفاظ، و يسقط منهما لفظة، أو جملة، أو سطر، أو بضعة سطور، و قد سقط منهما نحو ورقة في أثناء الفصل الخامس من الباب الثاني عشر، و سقط من (ب) وحدها نحو ورقتين قرب آخر الفصل الثامن من الباب الثاني عشر، غير أن السقط في (ب) أكثر منه في (ق) .
و قد تكفلت حواشي التحقيق ببيان كل ذلك في مواضعه.
***
أما بعد، فإن هذا الكتاب يجمع بين دفّتيه الأحاديث و الآثار و الأخبار و الأقوال عن المهدي، مبوّبة مفصّلة، و أرجو أن أكون قد وفّقت في تحقيقه على النحو الذي ييسّر للباحثين الرجوع إليه، و يتيح لهم دراسة النصوص التي تضمنّها، مستعينين بما ورثناه عن أسلافنا من سلامة المنهج، و التجرد للعلم، و الإخلاص للّه ربّ العالمين، و هو حسبنا و نعم الوكيل.
الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو
القاهرة في يوم الجمعة:19 من شهر ربيع الأول سنة 1399 ه
16 من فبراير/شباط سنة 1979 م
ص:20
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به التوفيق و الإعانة الحمد للّه الواحد العليّ، الواجد الغنيّ، الطّاهر عن كلّ عيب، الظّاهر له كلّ غيب، الذي صفت بدائع آلائه و راقت، و ضفت سوابغ نعمائه و فاقت، حمدا يوافي نعمه العظام التي لا تحصى كثرتها (1)عددا، و يكافىء مننه الجسام التي لو كان البحر لها مدادا (2)لم تنفد و لو جيء بمثله مددا.
و الصّلاة و السّلام الأتمّان على نبيّه المنقذ من الضّلالة، المستقلّ بأعباء الرّسالة، المبعوث من أكرم الأعراق و أحسبها، المنعوت بمكارم الأخلاق و أحسنها و على آله الأحبار المنتخبين، و على أصحابه الأخيار المنتجبين (3)، و على أزواجه الطاهرات (4)أمّهات
ص:21
المؤمنين، و على النّبيّين و آلهم أجمعين، و على كلّ عبد صالح إلى يوم الدّين، آمين آمين آمين (1).
أما بعد؛ فإنّه جرت مذاكرة بحضرة بعض الإخوان، في أنّه قد قلّ الموالي (2)من النّاس و كثر الخوّان، و ارتفعت الأسعار و قلّت البركات، و توالت الأكدار و كثرت الآفات، و تقطّبت وجوه الآمال و قد كانت مستنيرة مستبشرة، و اكفهرّت ثغور الأيّام و طال ما كانت ضاحكة مسفرة، و تكدّرت مشارع الآلاء و قد كانت صافية، و تقلّصت سوابغ النّعماء بعد ما كانت ضافية، و تظاهر بالمنكرات الفاجر و البرّ، و ظهر الفساد في البرّ و البحر، و فقد من يقصد إليه في الحوائج إذا جلّت، و عدم من يعوّل عليه في الجوائح إذا حلّت، و قلّ من يعوذ (3)به كلّ هارب و راهب 3، و عزّ من يلوذ به (4)كلّ طالب و راغب 4، و كثرت الشّحناء بين الأقارب و الأجانب، و دارت رحى الحرب الزّبون (5)من كلّ جانب، و عمّت الأنام الحيرة و الذّلّة عموم المطر، و أحاط بهم الرّعب
ص:22
و الخذلان إحاطة الهالة بالقمر، و عمّ عدوان المارقين و انتشر شرّهم، و عيل صبر المتّقين و عال ضرّهم (1)، و تقطّعت السّبل و انسدّت المسالك، و ترادفت الفتن و كثرت المهالك، فجمحت (2)النّفوس إلى كشف هذه الغمّة عن (3)الأمّة، و جنحت (4)القلوب إلى شعب صدع هذه الصّدمة، و قلنا: كيف السّبيل إلى الخلاص، و لات حين مناص.
فزعم بعضهم أنّ نار الحرب لا تزداد إلاّ تضرّما و استعارا، و لا يزداد الأمر إلاّ شدّة و لا الدّنيا إلاّ إدبارا، و أصرّ على عدم مفارقة هذا المعنى، و تشبّث بأذيال الأحاديث (5)الواردة في هذا المعنى، فقلت له: نحن نسلّم صحّة هذه الأحاديث 5و نتلقّاها بالسّمع و الطّاعة، لكن ليس فيها ما يدلّ على استمرار هذا الأمر إلى أن تقوم السّاعة، و لعلّ زواله يكون عند خروج الإمام المهديّ (6)، و اضمحلاله منوط بظهور سرّه المخفيّ، فقد بشّرت بظهوره أحاديث جمّة، دوّنتها في كتبهم علماء
ص:23
هذه الأمّة، و إنّ اللّه تعالى يبعث من يمهّد لولايته تمهيدا يتهدّم له شوامخ الأطواد، و يجمع على موالاته الحاضر و الباد، فيملك الأرض حزنا و سهلا، و يملأها قسطا و عدلا، و تكشف له كنوزها عن الغطا، فيوقع فيها الفناء بالعطا، و يسلّط جوده على الموجود، و يبطل الوزن و العدد في الموزون و المعدود، إلى أن يبلغ من نصر الإيمان و أهله قاصية البغية، و يلوي على أصابعه من قهر الطّغيان و حزبه ناصية المنية، و يهزّ الدّين الحنيف عطفيه طربا، و يخمد نار الشّرك و يولّي حزبه هربا.
به لمحاسن الشّرع انتظام به لمفاسد الشّرك انصرام
و منه لمن يحالفه احترام و منه لمن يخالفه اخترام (1)
تحلّى من أياديه النّوادى و يجلى من محاسنه الظّلام
فما لسناء غرّته انقضاء و لا لبناء عزّته انهدام
عليه مجدّدا في كلّ يوم من اللّه التّحيّة و السّلام
و لعلّ ظهوره في هذه السّنين قد يقع، فكلّ أمر إذا ضاق اتّسع.
فقال: إنّ من النّاس من ينكر هذا كلّه بالكلّيّة، و منهم من يزعم أن «لا مهديّ إلاّ عيسى بن مريم» (2)الطّاهرة الزّكيّة.
ص:24
فقلت له (1): أمّا من ينكر هذا كلّه (2)بالكلّيّة فلا التفات إليه، إذ لا يعلم له في ذلك مستند يرجع إليه.
و أمّا من زعم أن «لا مهديّ إلاّ عيسى بن مريم» ، و أصرّ على صحّة هذا الحديث و صمّم، فربّما أوقعه في ذلك الحمية (3)و الالتباس، و كثرة تداول (4)5هذا الحديث 5على ألسنة النّاس.
و كيف يرتقي إلى درجة الصّحيح و هو حديث منكر، أم كيف يحتجّ بمثله من أمعن النّظر في إسناده و أفكر.
فقد صرّح بكونه منكرا أبو عبد الرّحمن النّسائيّ 6، و إنّه لجدير بذلك إذ مداره على محمّد بن خالد الجنديّ.
و في كتاب «العلل المتناهية» للإمام أبي الفرج بن الجوزيّ، ما نقله
ص:25
في توهين هذا الحديث من كلام الحافظ أبي بكر البيهقيّ (1)، قال: فرجع الحديث إلى الجنديّ و هو مجهول (2)، عن أبان بن أبي عيّاش و هو متروك غير مقبول، عن الحسن عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم و هو منقطع غير موصول.
و حكى البيهقيّ عن شيخه الحاكم النّيسابوريّ، و ناهيك به معرفة بعلم الحديث و على أحوال رواته مطّلع، أنه قال: الجنديّ مجهول (و ابن أبي عيّاش متروك (3)) و هذا الحديث بهذا الإسناد منقطع (4).
ص:26
و قد نقل علماء الحديث في حقّ الإمام المهديّ من الأحاديث ما لا يحصى كثرة، و كلّها معرّضة بذكره و مصرّحة، و في ذلك أدلّ (1)دليل على ترجيحها على هذا الحديث المنكر عند من كان له بهذا الفنّ خبرة و بعضها لبعض مصحّحة.
و قد ذكر الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في كتابه «المستدرك على الصّحيحين» (2)من ذلك ما فيه غنية، و نبّه على ترجيح رواته الجمّ الغفير من كان له في ذلك بغية.
و لمّا انتهى في كتابه إلى ذكر هذه الرّواية، بيّن حالها لمن له فهم و دراية، فقال: قد ذكرت ما انتهى إليّ من علم هذا الحديث تعجّبا لا محتجّا به. و هذا غاية التّوهين (3).
ثمّ قال: فإنّ أولى من هذا الحديث حديث سفيان الثّوريّ و شعبة و زائدة و غيرهم من أئمّة المسلمين، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيش، عن ابن مسعود، عن النبيّ الصادق الأمين، أنّه قال: «لا تذهب الأيّام و اللّيالي حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي» (4). و هذا تصريح باسمه و تعيين.
ص:27
و قد قال بعض العلماء الأماثل: إنّ معنى قوله: «يواطىء» يشبه و يماثل.
فقد اتّضح لمن أنصف من جملة هذا الكلام، أنّ المهديّ من ولد الزّهراء فاطمة (1)لا ابن مريم عليه السّلام.
على أنّا نقول: و لئن سلّمنا صحّة هذا الحديث فإنّه يحمل على تأويل، إذ لا نجد (2)لإلغاء ما يعارضه من الأحاديث الصّحيحة سبيل (3)، و لعلّ تأويله كتأويل: «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» (4)إذ ألفاظ (5)الحديثين يقرب بعضها (6)من بعض و لا يبعد، و في الحديث من هذا النّوع كثير، و ليس ذلك بمحمول (7)على نفي المنفيّ بل على التّرجيح و التّوفير (8)، أو لعلّ له تأويلا غير ذلك، فوجوه العلم متّسعة المسالك.
ص:28
(قال الشيخ الإمام الحافظ العلاّمة شهاب الدّين أبو محمّد عبد الرّحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعيّ (1)، رضى اللّه عنه:
و لقوله صلى اللّه عليه و سلم: «لا مهديّ إلاّ عيسى بن مريم» وجه آخر من التّأويل، و هو أن يكون على حذف مضاف، أي إلاّ مهديّ عيسى. أي الذي يجيء في زمن عيسى عليه السّلام، فهو احتراز ممّن يسمّى بالمهديّ قبل ذلك من الملوك و غيرهم، أو يكون التقدير، إلاّ زمن عيسى. أي: الذي يجيء في ذلك الزمن، لا في غيره. و اللّه أعلم (2)) . (3)
فلمّا تبيّن للخصم ترجيح هذا الدّليل، و انقطع القال و القيل، سألني حينئذ الولد الأنجب ناصر الدّين أبو عبد اللّه محمّد (بن الشيخ الإمام
ص:29
العالم (1)مجد الدّين يوسف الأكمل الأمجد (2)) ، أن أجمع ما بلغني من الأحاديث الواردة في هذا الباب، لتكون تذكرة لأولي الألباب، فاستمنحت منه الإعفاء مرارا فلم يمنح، و التمست منه أن يجنح إلى الإقالة فلم يجنح، و حثّني (3)على جمعه و تأليفه، و حرّضني على تنضيده (4)و تصنيفه، و شاركني في جمع (5)الكتب لجمعه، و ساعدني على (6)ترصيعه (7)و وضعه، و بذل جهده في (8)جمع الكتب 7، و سهّل علىّ بذلك ما صعب.
فاستخرت اللّه تعالى و جمعت ما تيسّر و حضر، من الأحاديث الواردة في حقّ الإمام المهديّ المنتظر، منبئة باسمه و كنيته و حليته و سيرته، مبيّنة أنّ عيسى ابن مريم عليه السّلام يصلّي خلفه و يتابعه و ينزل في نصرته، منصحة بما خصّه اللّه تعالى (9)من أنواع الكرامة و الفضل، موضّحة لما يمحو اللّه تعالى به (من الظّلم (10)) و الجور، و يظهر
ص:30
به من البركة و العدل، ممّا نقلت (1)الأمّة بروايتهم (2)المسندة، و أودعته الأئمّة في كتبهم المعتمدة، محذوفة أسانيد أحاديثه و إن كانت قد قرّرت و قبلت، معزيّة متونها في الغالب إلى كلّ أصل خرّجت منه و نقلت، و ذلك مع عدم العجز عن الوصول إلى الرّواية (3)في هذه 3الأصول، لكن طلبا للإيجاز و التّخفيف، و عدولا عن طريق التّثقيل، و التّكليف.
و سمّيته: عقد الدّرر في أخبار المنتظر.
و جعلته مشتملا على اثني عشر بابا، مستعينا بمن أحاط بكلّ شيء علما و أحصى كلّ شيء كتابا، و إليه سبحانه الرّغبة في تتميم ما سنح، و إصلاح ما فسد و تقبّل ما صلح، و الهداية إلى سواء السّبيل، (4)فهو حسبنا و نعم الوكيل.
الباب الأوّل: في بيان أنّه من ذرّيّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عترته.
الباب الثاني: في اسمه و خلقه و كنيته.
الباب الثالث: في عدله و حليته.
الباب الرابع: فيما يظهر من الفتن الدّالّة على ولايته (5)و فيه أربعة فصول .
ص:31
الباب الخامس: في أنّ اللّه تعالى يبعث من يوطّيء له قبل إمارته.
الباب السادس: فيما يظهر له (1)من الكرامات في أيّام خلافته.
الباب السابع: في شرفه و عظيم منزلته.
الباب الثامن: في كرمه و فتوّته.
الباب التاسع: في فتوحاته و سيرته، (2)و فيه ثلاثة فصول .
الباب العاشر: في أن عيسى بن مريم عليه السّلام يصلّي خلفه و يبايعه و ينزل في نصرته.
الباب الحادي عشر: في اختلاف الرّوايات في مدّة إقامته (3).
الباب الثاني عشر: فيما يجري من الفتن في أيّامه و بعد انقضاء مدّته، (4)و فيه مقدمة و ثمانية فصول و خاتمة 4.
ص:32
ص:33
ص:34
الباب الأول في بيان أنّه من ذرّيّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عترته
عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها، قالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول:
«المهديّ من عترتي، من ولد فاطمة» رضي اللّه عنها.
أخرجه الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستانيّ (1)في «سننه» ، و الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» (2)، و الإمام الحافظ أبو بكر البيهقيّ، و الإمام أبو عمرو الدّانيّ (3)رضي اللّه عنهم.
ص:35
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى تملأ (1)الأرض ظلما و عدوانا، (ثمّ يخرج من عترتي، أو من أهل بيتي، من يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و عدوانا 2») .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» 3.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «تملأ الأرض ظلما و جورا، فيقوم رجل من عترتي، فيملأها قسطا و عدلا، يملك سبعا أو تسعا» 4.
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» هكذا.
و أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ، و قال: «من عترتي، يملك تسعا أو
ص:36
سبعا، فيملأها قسطا و عدلا» .
و عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف، عن أبيه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ليبعثنّ اللّه من عترتي رجلا أفرق الثّنايا أجلى الجبهة (1)(2)، يملأ الأرض عدلا، و يفيض المال فيضا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «عواليه» ، و في «صفة المهديّ» .
و عن عائشة رضي اللّه عنها، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «هو رجل من عترتي، يقاتل على سنّتي كما قاتلت أنا على الوحي» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يصيب النّاس بلاء شديد، حتّى لا يجد الرّجل ملجأ، فيبعث اللّه من عترتي أهل بيتي رجلا (4)، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت
ص:37
(1)جورا و ظلما، يحبّه ساكن السّماء و ساكن الأرض، و ترسل السّماء قطرها، و تخرج الأرض نباتها لا تمسك منه شيئا، يعيش في ذلك سبع (2)سنين» .
أخرجه الإمام (3)أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» .
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يلتفت المهديّ، و قد نزل عيسى بن مريم، كأنّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهديّ: تقدّم صلّ بالنّاس. فيقول عيسى: أما أقيمت الصّلاة لك.
فيصلّي خلف رجل من ولدي» و ذكر باقي الحديث.
أخرجه (4)الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطّبرانيّ في «معجمه» ، و أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» .
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «المهديّ رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدّرّيّ» .
أخرجه أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى يخرج المهديّ من ولدي، و لا يخرج المهديّ حتّى
ص:38
يخرج ستّون كذّابا كلّهم يقول: أنا نبيّ» .
و عن (1)أمير المؤمنين 1عليّ عليه السّلام، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لو لم يبق من الدّهر إلاّ يوم لبعث اللّه رجلا من أهل بيتي، يملأها عدلا كما ملئت جورا» .
أخرجه الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستانيّ في «سننه» (2).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي» .
أخرجه (3)الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن قيس بن جابر الصّدفيّ، عن أبيه، عن جدّه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «سيكون بعدي خلفاء، و من بعد الخلفاء أمراء، و من بعد الأمراء ملوك جبابرة، ثمّ يخرج المهديّ من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثمّ يؤمّر القحطانيّ، فو الّذي بعثني بالحقّ (4)ما هو دونه» .
رواه الحافظ أبو نعيم في «فوائده» ، و أخرجه الطّبرانيّ في «معجمه» .
ص:39
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لتملأنّ الأرض عدوانا، ثمّ ليخرجنّ رجل من أهل بيتي يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت (1)ظلما و عدوانا » .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يفتح القسطنطينيّة و جبل الدّيلم» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم.
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ملك الأرض أربعة: مؤمنان و كافران؛ فالمؤمنان ذو القرنين و سليمان، و الكافران نمرود و بخت نصّر، و سيملكها خامس من أهل بيتي» .
أخرجه أبو الفرج ابن الجوزيّ في «تاريخه» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال و هو قاعد في أصل منبر النبيّ صلى اللّه عليه و سلم و له حنين، قلت: ما يبكيك؟
قال: تذكّرت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم و مقعده على هذا المنبر، و قوله: «إنّ من أهل بيتي فتى يلي الأرض و قد ملئت ظلما و جورا، فيملأها قسطا و عدلا، يعيش هكذا» و أومأ بيده سبعا أو تسعا.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (2).
ص:40
(1)و عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرج رجل من أهل بيتي، و يعمل بسنّتي، و ينزل اللّه له البركة من السّماء، و تخرج له الأرض بركتها، و تملأ به عدلا، كما ملئت ظلما و جورا، و يعمل على هذه الأمّة سبع سنين، و ينزل بيت المقدس» .
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» .
و أخرجه (2)الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي» .
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» (3).
و عن عليّ عليه السّلام، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم لبعث اللّه فيه (4)رجلا من أهل بيتي، يملأها عدلا كما ملئت جورا» .
أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ (5).
و عن أبي سعيد الخدريّ، رضي اللّه عنه، (عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، أنّه قال:
ص:41
«المهديّ منّا أهل البيت» .
أخرجه أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن سعيد بن المسيّب رضي اللّه عنه (1)، قال: كنت (2)عند أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فتذاكرنا المهديّ، فقالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «المهديّ من ولد فاطمة» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (3).
و رواه (4)الإمام أبو عمرو المقري، في «سننه» .
و عن عليّ بن الحسين، عن أبيه عليهما السّلام، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لفاطمة عليها السّلام: «المهديّ من ولدك» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهديّ حقّ؟
قال: حقّ.
قلت: ممّن؟
قال: من كنانة.
قلت: ثمّ ممّن؟
ص:42
قال: من قريش. قدّم أحدهما على الآخر.
قلت: ثمّ ممّن؟
قال: من بني هاشم.
قلت: ثمّ ممّن؟
قال: من ولد فاطمة.
أخرجه الإمام أبو عمرو (1)عثمان بن سعيد المقري 1في «سننه» .
و عن أمّ سلمة، زوج النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال (2): ذكرت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المهديّ، فقال: نعم، هو حقّ، و هو من ولد فاطمة (3)، أو قال: «من بني فاطمة» رضي اللّه عنها.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر (4)المعروف بابن 4المنادي في كتاب «الملاحم» .
ص:43
و عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيّب (1): أحقّ المهديّ؟
قال: نعم، هو حقّ.
قلت: ممّن هو؟
قال: من قريش.
قلت: من (2)أيّ قريش؟
قال: من بني هاشم.
قلت: من أيّ بني هاشم؟
قال: (من ولد (3)) عبد المطّلب.
قلت: من أيّ ولد عبد المطّلب؟
قال: (من أولاد (4)) فاطمة.
قلت: من أيّ ولد فاطمة (5)؟
قال: حسبك الآن.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي.
و أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (6).
ص:44
و عن الأعمش (1)، عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسن 1عليهما السّلام، فقال: إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، سيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا.
و عن أبي إسحاق، قال: قال عليّ عليه السّلام، و نظر إلى ابنه الحسن، فقال: إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و سيخرج (من صلبه (2)رجل (3)) يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق (4)، يملأ الأرض عدلا.
أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» (5).
و الإمام أبو عيسى التّرمذيّ، في «جامعه» (6).
و الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ، في «سننه» 5.
و عن حذيفة، رضي اللّه عنه، قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فذكّرنا
ص:45
(1)رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 1بما هو كائن، ثمّ قال: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه عزّ و جل ذلك (2)اليوم، حتّى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي» .
فقام سلمان الفارسيّ، رضي اللّه عنه، فقال: يا رسول اللّه، من أيّ ولدك؟
قال: «هو من ولدي هذا» ، و ضرب بيده على الحسين (3)عليه السّلام.
أخرجه الحافظ أبو نعيم، في «صفة المهديّ» .
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قلت يا رسول اللّه، أمنّا المهديّ، أو من غيرنا؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «بل منّا، يختم اللّه به الدّين، كما فتحه بنا» ، و ذكر باقي الحديث.
أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم؛ منهم أبو القاسم الطّبرانيّ، و أبو نعيم الأصبهانيّ، و عبد الرّحمن بن أبي حاتم، و أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (4)، و غيرهم.
و عن أبي أيّوب الأنصاريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
ص:46
لفاطمة: «نبيّنا خير الأنبياء و هو أبوك، و شهيدنا خير الشّهداء (1)و هو عمّ أبيك حمزة، و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث شاء 1و هو ابن عمّ أبيك جعفر، و منّا سبطا هذه الأمّة الحسن و الحسين، و هما ابناك، و منّا المهديّ» .
أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه الصّغير» (2).
و عن أبي سعيد الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«منّا الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم، في «مناقب المهديّ» .
و عن سالم الأشلّ، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام، يقول: نظر موسى عليه السّلام في السّفر إلى ما يعطى قائم آل محمّد صلى اللّه عليه و سلم، فقال موسى: ربّ إجعلني قائم آل محمّد. فقيل له:
إنّ ذلك من ذرّيّة أحمد.
فنظر في السّفر الثاني، فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثل ذلك، فقيل له مثل ذلك.
ثمّ نظر في السّفر الثالث، فرأى مثله، فقال مثله، فقيل له مثله.
ص:47
و عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: المهديّ منّا، يدفعها إلى عيسى ابن مريم عليه السّلام.
أخرجه (1)الإمام أبو عبد اللّه 1نعيم بن حمّاد (2).
ص:48
ص:49
ص:50
الباب الثاني في اسمه و خلقه و كنيته
عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تذهب الدّنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطيء اسمه اسمي» .
و في رواية: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم، لطوّل اللّه ذلك اليوم، حتّى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي، يواطيء اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي (1)، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا» .
أخرجه جماعة من أئمّة (2)الحديث في كتبهم؛ منهم الإمام أبو
ص:51
عيسى التّرمذيّ، في «جامعه» (1)، و الإمام أبو داود، في «سننه» (2)، و الحافظ أبو بكر البيهقيّ (3)، و الشيخ أبو عمرو الدّانيّ (4)، كلّهم هكذا.
و أخرجه الإمام أحمد بن حنبل الشّيبانيّ في «مسنده» (5)، و قال:
«رجلا منّي» ، و لم يذكر: «اسم أبيه اسم أبي» .
و عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تذهب الدّنيا حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطيء اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا و قسطا، كما ملئت جورا و ظلما» .
أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه الصّغير» هكذا (6).
و أخرجه الإمام أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (7)، و قال: «حتّى يملك العرب رجل» ، و قال: حديث حسن صحيح.
ص:52
و أخرجه أبو داود في «سننه» (1)، كما أخرجه التّرمذيّ.
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم، لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يلي رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي» (2).
أخرجه الحافظ أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (3).
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى يلي (4)رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي» .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (5).
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تذهب الدّنيا حتّى يبعث اللّه رجلا من أهل (6)بيتي، يواطىء اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي، يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت (7)جورا و ظلما» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
ص:53
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تنقضي الأيّام، (1)و لا يذهب الدّهر 1، حتّى يملك [العرب] (2)رجل من أهل بيتي، اسمه يواطىء اسمي» .
أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (3).
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، أنّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا تقوم السّاعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا و قسطا، كما ملئت ظلما و جورا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم، لبعث اللّه فيه رجلا من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي» .
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ (4).
و عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لن تذهب الدّنيا حتّى يملك الدّنيا (5)رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي» .
ص:54
قلت: يا أبا عبد الرّحمن، ما «يواطىء» ؟
قال: يشبه.
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» (1).
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى يلي الأرض رجل من أهل بيتي، اسمه كاسمي» .
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقىّ (2).
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يملأ الأرض قسطا و عدلا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» هكذا.
و أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» (3)، و زاد في آخره:
«كما ملئت ظلما و جورا» .
و عن أبي إسحاق، قال: قال عليّ عليه السّلام، و نظر إلى ابنه الحسن:
فقال: إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، سيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يشبهه في الخلق. و لا يشبهه في الخلق.
رواه البيهقيّ في «البعث و النّشور» .
ص:55
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد، لبعث اللّه فيه رجلا اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنى أبا عبد اللّه» .
أخرجه (1)الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و روي من حديث أبي الحسن الرّبعيّ المالكيّ أتمّ من هذا، عن حذيفة أيضا، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أنّه قال: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد، لبعث اللّه فيه رجلا اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنى أبا عبد اللّه 1، يبايع له النّاس بين الرّكن و المقام، يردّ اللّه به الدّين، و يفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلاّ من يقول: لا إله إلاّ اللّه» .
فقام سلمان، فقال: يا رسول اللّه، من أيّ ولدك؟
قال: «من ولد ابني هذا» ، و ضرب بيده على الحسين.
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج في آخر الزّمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، و كنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا» .
ص:56
ص:57
ص:58
الباب الثالث في عدله و حليته
عن (1)أبي سعيد الخدريّ 1رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«المهديّ منّي؛ أجلى الجبهة، أقنى (2)الأنف يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت (3)ظلما و 3جورا، يملك سبع (4)سنين» .
أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» (5).
و الحافظ (6)أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» 6.
ص:59
و الحافظ أبو بكر البيهقيّ في «البعث و النّشور» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم، أنّه (1)قال:
«المهديّ منّا أهل البيت، رجل من أمّتي، أشمّ (2)الأنف، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن إبراهيم بن ميسرة، قال: قلت لطاووس: عمر بن عبد العزيز المهديّ هو؟
قال: لا، إنّه لم يستكمل العدل كلّه.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن حذيفة (4)بن اليمان 4رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«المهديّ رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدّرّيّ؛ اللّون عربيّ، و الجسم جسم إسرائيليّ، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا، يرضي في خلافته أهل الأرض و أهل السّماء، و الطّير في الجوّ، يملك عشرين سنة» .
(5)أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» 5.
ص:60
و أخرجه الحافظ (1)أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و عن أبي سلمة (2)بن عبد الرّحمن بن عوف، عن أبيه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ليبعثنّ اللّه (3)رجلا من عترتي 3، أفرق الثّنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلا، و يفيض المال فيضا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «عواليه» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتى يملك رجل (4)من أهل بيتي 4، أجلى، أقنى، يملأ الأرض (5)عدلا كما ملئت من (6)قبله ظلما، يكون سبع سنين» .
أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (7).
و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» (8).
و عن حذيفة بن اليمان، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة السّفيانيّ، و ما يفعله من الفجور و القتل، فقال: «فعند ذلك ينادي مناد
ص:61
من السّماء: يا أيّها النّاس، إنّ اللّه عزّ و جلّ قد قطع عنكم مدّة الجبّارين و المنافقين و أشياعهم. و ولاّكم خير أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم، فالحقوا به بمكّة، فإنّه المهديّ، و اسمه أحمد بن عبد اللّه» .
قال حذيفة: فقام عمران بن الحصين الخزاعيّ، فقال: يا رسول اللّه، كيف لنا بهذا، حتّى نعرفه؟
قال: «هو رجل من ولدي، كأنّه من رجال بني إسرائيل، عليه عباءتان قطوانيّتان (1)، كأنّ وجهه الكوكب الدّرّيّ في اللّون، في خدّه الأيمن خال أسود، ابن أربعين سنة» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» .
و عن أبي أمامة الباهليّ (2)رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«سيكون بينكم و بين الرّوم أربع هدن، يوم الرّابعة على يد رجل من آل هرقل، يدوم سبع سنين» .
فقال له رجل من عبد القيس، يقال له: المستورد بن جيلان (3): يا رسول اللّه، من إمام النّاس يومئذ؟
قال: «المهديّ من ولدي، ابن أربعين سنة، كأنّ وجهه كوكب درّيّ،
ص:62
في خدّه الأيمن خال أسود، عليه عباءتان قطوانيّتان، كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز، و يفتح مدائن الشّرك» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن جعفر بن يسار الشّاميّ، قال: يبلغ [من] (1)ردّ المهديّ المظالم حتّى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتّى يردّه.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن (2)» .
و عن أبي سعيد الخدريّ (3)رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا تقوم السّاعة حتّى تملأ (4)الأرض ظلما و عدوانا، ثمّ يخرج من عترتي، أو من أهل بيتي، من يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و عدوانا» .
أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (5).
و عن السّقر بن رستم، عن أبيه، قال: المهديّ رجل أزجّ (6)أبلج (7)
ص:63
أعين (1)، يجيء من الحجاز، حتّى يستوى على منبر دمشق (2).
أخرجه أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: المهديّ مولده بالمدينة، من أهل بيت النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم، و اسمه اسم نبيّ (4)، و مهاجره (5)بيت المقدس، كثّ اللّحية، أكحل العينين، برّاق الثّنايا، في وجهه خال، أقنى، أجلى، في كتفه علامة النّبيّ، يخرج براية النبيّ صلى اللّه عليه و سلم من مرط (6)مخملة (7)سوداء مربّعة فيها حجر (8)، لم تنشر منذ توفّي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لا تنشر حتّى يخرج المهديّ، يمدّه اللّه بثلاثة آلاف من الملائكة، يضربون وجوه من خالفه (9)و أدبارهم، يبعث و هو ما بين الثّلاثين إلى الأربعين.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (10).
ص:64
و عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسن عليهما السّلام، فقال: إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، سيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يخرج على حين غفلة من النّاس، و إماتة الحقّ و إظهار الجور، و يفرح بخروجه أهل السّماء و سكّانها، و هو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أذبل الفخذين، بفخذه الأيمن شامة، أفلج الثّنايا، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت ظلما و جورا.
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: المهديّ خاشع للّه كخشوع النّسر جناحه.
رواه الإمام (1)أبو محمّد الحسين بن مسعود 1في كتاب «المصابيح» .
و أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (2).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يقوم في آخر الزّمان رجل من عترتي، شابّ حسن الوجه، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا، و يملك كذا و كذا سبع سنين» .
ص:65
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (1).
و عن أبي معبد (2)، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: إنّي لأرجو أن لا تذهب الأيّام و اللّيالي، حتّى يبعث اللّه منّا أهل البيت غلاما شابّا حدثا، لم تلبسه الفتن، و لم يلبسها، يقيم أمر هذه الأمّة، كما فتح اللّه هذا الأمر بنا، فأرجو أن يختمه اللّه بنا.
قال أبو معبد: فقلت لابن عبّاس، أعجزت عنه شيوخكم حتّى ترجوه شبابكم؟ .
قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يفعل ما يشاء.
أخرجه الإمام أبو عمر الدّانيّ في «سننه» (3).
و أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ بمعناه (4)في «البعث و النّشور» 4.
و عن جابر (5)بن عبد اللّه رضي اللّه عنه 5، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام، فقال له: اقبض منّي هذه الخمسمائة درهم؛ فإنّها زكاة مالي.
فقال له أبو جعفر عليه السّلام: خذها أنت فضعها في جيرانك من
ص:66
أهل الإسلام، و المساكين من إخوانك المسلمين.
ثمّ قال: إذا قام مهديّنا أهل البيت قسم بالسّويّة، و عدل في الرّعيّة، فمن أطاعه فقد أطاع اللّه، و من عصاه فقد عصى اللّه.
و إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدى إلى أمر خفي.
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدى إلى أمر خفي، و يستخرج التّوراة و الإنجيل من أرض يقال لها أنطاكية (1).
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» من وجوه (2).
و في بعض رواياته عن كعب، قال: إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدى (3)إلى أسفار من أسفار التّوراة، فيستخرجها من جبال الشّام، يدعو إليها اليهود، فيسلم على تلك الكتب جماعة كبيرة. ثمّ ذكر نحوا من ثلاثين ألفا.
و ذكر الإمام أبو عمرو الدّانيّ، في «سننه» ، قال: قال ابن شوذب (4).
ص:67
إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدى إلى جبل من جبال الشّام، يستخرج منه أسفار التّوراة يحاجّ بها اليهود، فيسلم على يديه جماعة من اليهود.
و عن كعب الأحبار، رضي اللّه عنه، قال: إنّي لأجد (1)المهديّ مكتوبا في أسفار الأنبياء، (ما في حكمه ظلم و لا عنت (2)) .
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري، في «سننه» .
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (4)عليهما السّلام، قال: سئل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، عن صفة المهديّ، فقال: هو شابّ مربوع، حسن الوجه، يسيل شعره على منكبيه، يعلو نور وجهه سواد شعره و لحيته و رأسه (5).
ص:68
و عن الحارث بن المغيرة النّضريّ (1)، قال: قلت لأبي عبد اللّه الحسين ابن عليّ عليه السّلام: بأيّ شيء يعرف الإمام المهديّ؟
قال: بالسّكينة و الوقار.
قلت: و بأيّ شيء؟
قال: بمعرفة (2)الحلال و الحرام، و بحاجة النّاس إليه، و لا يحتاج إلى أحد.
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: لو قام المهديّ لأنكره النّاس؛ لأنّه يرجع إليهم (3)شابّا موفّقا، و إنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم 3شابّا، و هم يحسبونه شيخا كبيرا.
و عن أبي جعفر الباقر (4)، عليه السّلام، أنّه قال: يكون هذا (5)الأمر في أصغرنا سنّا، و أجملنا ذكرا، و يورثه اللّه علما، و لا يكله إلى نفسه.
ص:69
ص:70
في ما يظهر من الفتن الدّالّة على ولايته
و فيه أربعة فصول:
ص:71
ص:72
عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ينزل بأمّتي في آخر الزّمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع ببلاء (1)أشدّ منه، حتّى تضيق عليهم (2)الأرض الرّحبة، حتّى تملأ الأرض جورا و ظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجيء إليه من الظّلم، فيبعث اللّه عزّ و جلّ رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت (3)جورا و ظلما 3، يرضى عنه ساكن السّماء و ساكن الأرض، لا تدّخر الأرض (4)من بذرها شيئا 4إلاّ أخرجته، و لا السّماء من قطرها شيئا إلاّ صبّه اللّه عليهم مدرارا، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع يتمنّى الأحياء الأموات ممّا صنع اللّه عزّ و جلّ بأهل الأرض من خيره» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5)على
ص:73
البخاري و مسلم رضي اللّه عنهما.
و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: ستكون فتنة يحصّل النّاس منها كما يحصّل (1)الذهب في المعدن، فلا تسبّوا أهل الشّام، و سبّوا ظلمتهم؛ فإن فيهم الأبدال (2)، و سيرسل اللّه تعالى إليهم سيبا من السّماء فيغرقهم، حتّى لو قاتلهم (3)الثعالب غلبتهم، ثمّ يبعث اللّه عزّ و جلّ عند ذلك رجلا من عترة الرّسول صلى اللّه عليه و سلم (4)، فيردّ اللّه تعالى إلى النّاس ألفتهم و نعمتهم (5).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6).
و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
ص:74
و عن سعيد بن المسيّب رضي اللّه عنه، أنّه قال: يكون بالشّام فتنة، أوّلها كلعب الصّبيان، كلّما سكنت من جانب طمت من جانب آخر، فلا تتناهى، حتّى ينادي مناد من السّماء: ألا إن الأمير فلان.
ثمّ قال ابن المسيّب: فذلكم الأمير، فذلكم الأمير، فذلكم الأمير. قال ذلك ثلاث مرّات، كنى عن اسمه فلم يذكره، و هو المهديّ.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، ابن المنادي، في كتاب «الملاحم» .
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» (1).
و من حديث أبي الحسن الرّبعيّ المالكيّ، بسنده إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «إذا وقعت الملاحم بعث اللّه من دمشق بعثا من الموالي أكرم العرب (2)فرسا، و أسوده 2سلاحا، يؤيّد اللّه بهم الدّين، فإذا قتل الخليفة بالعراق خرج عليهم رجل مربوع القامة، كثّ اللّحية، أسود الشّعر، برّاق الثّنايا، فويل لأهل العراق (3)من تباعة المرّاق 3، ثمّ يخرج المهديّ منّا أهل البيت، فيملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا» .
و قد أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» من حديث سليمان بن حبيب بمعناه مختصرا.
ص:75
و عن عمّار بن ياسر رضي اللّه عنه، قال: إذا انسابت عليكم التّرك، و جهّزت الجيوش إليكم، و مات خليفتكم الّذي يجمع الأموال، و يستخلف من بعده رجلا ضعيفا، فيخلع بعد سنتين، و تخالف الرّوم و التّرك، و تظهر الحروب في الأرض، و ينادي مناد على سور دمشق:
ويل للعرب من شرّ قد اقترب. و يخسف بغرب مسجدها، حتّى يخرّ حائطها، و يخرج ثلاثة نفر بالشّام كلّهم يطلب الملك؛ رجل أبقع (1)و رجل أصهب (2)، و رجل من أهل بيت أبي سفيان، يخرج و معه (3)كلب، و يحصر النّاس بدمشق، و يخرج أهل المغرب، و ينحدرون إلى مصر، فإذا دخلوا فتلك أمارة السّفيانيّ، و يخرج قبل ذلك من يدعو لال محمّد، و ينزل التّرك الجزيرة، و ينزل (4)الرّوم فلسطين، و يقبل صاحب المغرب، فيقتل الرّجال و يسبي النّساء، ثمّ يسير حتّى ينزل الجزيرة (5)إلى السّفيانيّ.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (6).
ص:76
و عن سفيان الكلبيّ (1)، قال: في سنة سبع البلا، و في سنة ثمان الضّنى (2)، و في سنة تسع الجوع.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: ملك بني العبّاس يسر لا عسر فيه، لو اجتمع عليهم التّرك و الدّيلم و السّند و الهند لم يزيلوه، و لا يزالون يتمتعون في ملكهم، حتّى يشذّ عنهم مواليهم و أصحاب دولتهم، و سيسلّط (4)اللّه تعالى عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، و لا ترفع إليه راية إلاّ مزّقها، و لا نعمة إلاّ أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتّى يظفر، و يدفع ظفره إلى رجل من عترتي يقوم بالحقّ، و يعمل به.
قال بعض أهل العلم: يقول أهل اللّغة، العلج: الكافر، و العلج:
الجافي في (5)الخلقة (6)، و العلج: اللّئيم، و العلج: الجلد (7)الشّديد في أمره.
ص:77
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام لرجلين كانا عنده: إنّكما علجان فعالجا عن دينكما (1).
و عن أبي قبيل (2)، قال: لا يزال النّاس في رخاء ما لم ينتقض ملك بني العبّاس، فإذا انتقض ملكهم لم يزالوا في فتن حتّى يقوم (3)المهديّ.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» .
و رأيت بخطّ بعض أهل العلم بالحديث، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«قال اللّه تعالى إذا هتكوا (4)عبادي حرمتي، و استحلّوا محارمي، و خالفوا أمري، سلّطت عليهم جيشا من المشرق يقال لهم التّرك، هم فرساني أنتقم بهم ممّن عصاني، نزعت الرّحمة من قلوبهم، لا يرحمون من بكى، و لا يجيبون من شكا، يقتلون الآباء و الأمّهات، و البنين و البنات، يهلكون (5)بلاد العجم، و يأتون العراق فيفترق جيش العراق ثلاث فرق، فرقة يلحقون بأذناب، الإبل، و فرقة يتركون عيالهم وراء
ص:78
ظهورهم، و فرقة يقاتلون فيقتلون، أولئك هم الشّهداء تغبطهم الملائكة، فإذا رأيتم ذلك فاستعدّوا للقيامة» .
قالوا: يا رسول اللّه إذا أدركنا ذلك الزّمان أين تأمرنا نسكن؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «عليكم بالغوطة (1)بالشّام، إلى جانب بلد يقال لها دمشق، خير بلاد الشّام، طوبى لمن كان له فيها مسكن و لو مربط شاة، فإنّ اللّه تعالى تكفّل بالشّام و أهله» .
و عن جابر الجعفيّ (2)، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: الزم الأرض، و لا تحرّك يدا و لا رجلا، حتّى ترى علامات أذكرها لك، و ما أراك تدرك ذلك؛ اختلاف بني العبّاس، و مناد ينادي من السّماء، و خسف قرية من قرى الشّام، و نزول التّرك الجزيرة، و نزول الرّوم الرّملة (3)، و اختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشّام، و يكون سبب خرابه ثلاث رايات، منها راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السّفيانيّ.
ص:79
و عن محمّد بن الصّامت، قال: قلت لأبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام: أما من علامة بين يدي هذا الأمر؟ يعني ظهور المهديّ عليه السّلام.
فقال: بلى.
قلت: و ما هي؟
قال: هلاك بني العبّاس، و خروج السّفيانيّ، و الخسف بالبيداء.
قلت: جعلت فداك، أخاف أن يطول هنا الأمر؟
قال: إنّما هو كنظام الخرز، يتبع بعضه بعضا.
و عن أبي سعيد الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ستكون بعدي فتن؛ منها فتن الأحلاس (1)يكون فيها هرب و حرب (2)، ثمّ من بعدها فتن أشدّ منها، كلّما قيل (3)انقطعت تمادت، حتّى لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته، و لا مسلم إلاّ وصلته، حتّى يخرج رجل من عترتي» .
أخرجه الحافظ أبو محمّد الحسين في كتاب «المصابيح» (4)، هكذا.
ص:80
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1)بمعناه.
و له شاهد في «صحيح البخاريّ» ، و هو عن عوف بن مالك، قال:
أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، (2)و هو في خيمة من أديم 2، (3)فتوضّأ وضوءا مكينا 3، فقال: «يا عوف، اعدد ستّا بين يدي السّاعة» .
قلت: و ما هي، يا رسول اللّه؟
قال: «موتي» .
(4)فوجمت، فقال: «قل إحدى» ، فقلت: إحدى 4.
«و الثّانية فتح بيت المقدس، و الثّالثة موتان (5)فيكم كقعاص (6)الغنم، و الرّابعة إفاضة المال حتّى يعطي الرّجل مائة دينار فيظلّ يتسخّطها (7)، و فتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته، و هدنة تكون بينكم و بين بني الأصفر، ثمّ يغدرون فيأتونكم تحت ثمانين (8)راية. كلّ راية 8اثنا عشر ألفا» .
ص:81
أخرجه البخاريّ، في «صحيحه» من حديث عوف بن مالك (1).
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، قال: إذا هدم حائط مسجد الكوفة، ممّا يلي دار عبد اللّه (2)بن مسعود، فعند ذلك زوال ملك القوم، و عند زواله خروج المهديّ.
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال: لا يظهر المهديّ حتّى يشمل النّاس بالشّام فتنة، يطلبون المخرج منها فلا يجدونه، و يكون قتل بين الكوفة و الحيرة.
و عن كعب الأحبار (3)رضي اللّه عنه 3، قال: علامة خروج المهديّ ألوية تقبل من قبل المغرب، عليها رجل من كندة أعرج، فإذا ظهر أهل المغرب على مصر فبطن الأرض يومئذ خير لأهل الشّام.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (4).
و أخرجه أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (5)، و انتهى حديثه عند قوله «من كندة» .
و عن الأوزاعيّ، قال: إذا دخل أصحاب الرّايات الصّفر مصر-يعني المغاربة-فليحفر أهل الشّام أسرابا تحت الأرض.
ص:82
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» (1).
و عن كعب، قال: تكون فتن ثلاث كأمسكم الذّاهب؛ فتنة تكون بالشّام، ثمّ الشّرقيّة هلاك الملوك، ثمّ تتبعها الغربيّة، و ذكر الرّايات الصّفر، قال: و الغربيّة: هي العمياء.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (2)في كتاب «الفتن» 2.
و عن عمّار بن ياسر، رضي اللّه عنه، قال: علامة خروج المهديّ انسياب التّرك عليكم، و أن يموت خليفتكم الذي يجمع الأموال، و يستخلف من بعده رجلا ضعيفا، فيخلع بعد سنتين، و يخسف بغربيّ مسجد دمشق، و خروج ثلاثة نفر بالشّام، و خروج أهل المغرب إلى مصر، و تلك أمارة خروج السّفيانيّ.
قال أبو قبيل: قال أبو رومان، قال عليّ بن أبي طالب: إذا نادى مناد من السّماء، إنّ الحقّ في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهديّ على أفواه النّاس، و يشربون ذكره (3)، فلا يكون لهم ذكر غيره.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، ابن المنادي، في كتاب «الملاحم» .
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن»
ص:83
و انتهى حديثه عند قوله: «فتلك أمارة خروج السّفيانيّ» (1).
و أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (2)في حديث عمّار بن ياسر بمعناه.
و عن محمّد بن الحنفيّة، قال: يدخل أوائل أهل المغرب مسجد دمشق، فبينما هم كذلك ينظرون في أعاجيبه إذ رجفت الأرض، فانقعر غربيّ مسجدها، و يخسف بقرية يقال لها حرستا (3)، ثمّ يخرج بعد ذلك السّفيانيّ، فيقتلهم (4)حتّى يرحّلهم 4، ثمّ يرجع فيقاتل أهل المشرق حتّى يردّهم إلى العراق.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (5).
و عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: إذا اختلف رمحان بالشّام لم تنجل إلاّ عن آية من آيات اللّه عزّ و جلّ.
قيل: و ما هي يا أمير المؤمنين؟
قال: رجفة تكون بالشّام، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها اللّه تعالى رحمة للمؤمنين، و عذابا على الكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا
ص:84
إلى أصحاب البراذين الشّهب المخذرفة (1)، و الرّايات الصّفر تقبل من المغرب حتّى تحلّ بالشّام، و ذلك عند الجوع الأكبر و الموت الأحمر، فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من قرى دمشق، يقال لها حرستا، فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، حتّى يستوي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانظروا خروج المهديّ.
و عن كعب، قال: إذا خرج البربر (2)من حمص إلى فامية (3)أرحلهم [اللّه] (4)، و بعث على دوابّهم [داء] 4فلا يبقى منها شيء إلاّ نفق، ثمّ رماهم بالموتان و البطن (5)، فيهربون إلى مشارق (6)الجبل الأسود ليختفوا فيه، (7)فيتبعهم المسلمون فيقتلون منهم مقتلة عظيمة 7، حتّى
ص:85
إنّ الرجل الواحد (1)ليقتل منهم سبعين فما دون ذلك، فلا (2)يفلت منهم إلاّ القليل (3).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: سيكون خليفة من بني هاشم بالمدينة، فيخرج ناس منهم إلى مكّة، فإذا قدموها أرسل إليهم صاحب مكّة: ما جاء بكم، أعندنا (5)تظنّون أن تجدوا الفرج؟ !
فيراجعه رجل من بني هاشم، فيغلظ (6)عليه، فيغضب صاحب مكّة، فيؤمر به فيقتل.
فإذا كان من الغد جاءه (7)رجل منهم، قد اشتمل بثوبه على سيفه، فيقول: من حملك على قتل صاحبنا؟
فيقول: أغضبني.
فيقول: اشهدوا يا معاشر المسلمين أنّه قتله لأنّه أغضبه.
فيخترط سيفه فيضربه، ثمّ يخرج إلى الطائف.
ص:86
فيقول أهل مكّة: و اللّه لئن تركنا هؤلاء حتّى يبلغ خبرهم الخليفة ليهلكنّا.
قال: فيسيرون إليهم، فيناشدهم الهاشميّون: اللّه اللّه في دمائنا و دمائكم (1)، قد علمتم أنّه قتل صاحبنا ظلما.
فلا يرجعون عنهم حتى تقاتلونهم، فيهزمونهم، و يستولون على مكّة.
و يبلغ صاحب المدينة أمرهم، فيقول: و اللّه لئن تركناهم لنلقينّ من الخليفة بلاء.
فيبعث إليهم (2)صاحب المدينة جيشا فيهزمونهم، فإذا بعث الخليفة إليهم 2بعثا فهم الذين يناوئهم (3).
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن أبي قبيل، قال: يملك رجل من بني هاشم، فيقتل بني أميّة، فلا يبقى منهم إلاّ اليسير، لا يقتل غيرهم، ثمّ يخرج رجل من بني أميّة، فيقتل بكلّ رجل رجلين، حتّى لا يبقى إلاّ النّساء، ثمّ يخرج المهديّ.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، ابن المنادي، في كتاب «الملاحم» .
ص:87
و أخرجه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن عبد السّلام بن مسلمة، قال: سمعت أبا قبيل، يقول: يبعث السّفيانيّ جيشا إلى المدينة، فيأمر بقتل كلّ من كان (2)فيها من بني هاشم حتّى الحبالى؛ و ذلك لما صنع الهاشميّ الذي يخرج على أصحابه من الشّرق. يقول: ما هذا البلاء كلّه! ! و قتل أصحابي إلاّ من قتلهم (3). فيأمر بقتلهم فيقتلون، حتّى لا يعرف منهم بالمدينة أحد، و يفترقوا منها هاربين إلى البوادي و الجبال و إلى مكّة، حتّى نساؤهم يضع جيشه فيهم السّيف أيّاما، ثمّ يكفّ عنهم، فلا يظهر منهم إلاّ خائف، حتّى يظهر أمر المهديّ بمكّة، فإذا ظهر بمكّة اجتمع كلّ من شذّ منهم إليه بمكّة.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: يكون بالمدينة وقعة تغرق فيها أحجار الزّيت (5)، ما الحرّة عندها إلاّ كضربة (6)سوط، فينتحى عن
ص:88
المدينة قدر بريد (1)، ثمّ يبايع، (2)إلى المهديّ 2.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن ثوبان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلّهم ابن خليفة (4)، ثمّ لا يصير إلى واحد منهم، ثمّ تطلع الرّايات السّود من قبل المشرق، فيقاتلونهم (5)قتالا لم يقاتله قوم» . ثمّ ذكر شيئا، فقال: «إذا رأيتموه فبايعوه و لو حبوا على الثّلج؛ فإنّه خليفة اللّه المهديّ» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6)و قال:
هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و أخرجه الحافظ أبو نعيم بمعناه و قال، موضع قوله «ثمّ ذكر شيئا» :
«ثمّ يجيء خليفة اللّه المهديّ» .
و عن عليّ عليه السّلام، قال: الفتن أربع، فتنة السّرّاء و فتنة الضّرّاء، و فتنة كذا-فذكر معدن الذّهب-ثمّ يخرج رجل من عترة النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم
ص:89
يصلح اللّه على يديه أمرهم.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن كعب الأحبار، قال: يكون بناحية الفرات، في فتنة الشّام أو بعدها بقليل، مجتمع عظيم، فيقتتلون على الأموال، فيقتل من كلّ تسعة سبعة، و ذلك بعد الهدّة و الواهية، من شهر رمضان، و بعد افتراق ثلاث رايات، يطلب كلّ واحد منهم الملك لنفسه، فيهم رجل اسمه عبد اللّه.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن ثوبان (3)رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (4): «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة، لا (5)يصير إلى واحد منهم، ثمّ تجيء (6)الرّايات السّود من قبل المشرق فيقتلونهم قتالا (7)لم يقتله قوم، (8)ثمّ يجيء خليفة اللّه المهديّ 8فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه (9)؛ فإنّه
ص:90
خليفة اللّه المهديّ» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» هكذا.
و أخرجه الإمامان أبو عبد اللّه، ابن ماجه؛ و أبو عمرو الدّانيّ في «سننهما» (1)، بمعناه.
و عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الفتنة الرّابعة ثمانية عشر عاما، ثمّ تنجلي حين تنجلي و قد حسر الفرات على جبل من ذهب، تكبّ عليه الأمّة، فيقتل عليه من كلّ تسعة سبعة» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن محمّد بن الحنفيّة رضي اللّه عنه، قال: كنّا عند عليّ عليه السّلام، فسأله رجل عن المهديّ، فقال عليه السّلام: هيهات. عقد بيده سبعا، فقال: ذاك (3)، يخرج في آخر الزّمان، إذا قال الرّجل: اللّه اللّه قتل (4)، فيجمع اللّه تعالى له قوما قزع كقزع السّحاب (5)، يؤلّف اللّه بين قلوبهم، فلا (6)يستوحشون إلى أحد، و لا يفرحون بأحد دخل فيهم،
ص:91
على عدّة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأوّلون، و لا يدركهم الآخرون، (1)على عدّة 1أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النّهر.
قال أبو الطّفيل: قال ابن الحنفيّة: أ تريده؟
قلت: نعم.
قال: فإنّه يخرج من بين هاتين (2)الخشبتين.
قلت: لا جرم، و اللّه لا أريمهما حتّى أموت.
فمات بها، يعنى مكّة، حرسها اللّه تعالى.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (3)، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بلاء يصيب هذه الأمّة، حتّى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظّلم، فيبعث اللّه رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، يرضى عنه ساكن السّماء، و ساكن الأرض، لا تدع السّماء من قطرها شيئا إلاّ صبّته مدرارا، و لا تدع الأرض، من نباتها شيئا إلاّ أخرجته، حتّى يتمنّى الأحياء الأموات، يعيش في ذلك سبع سنين، أو ثمان سنين.
ص:92
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» (1).
و أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» 1.
و رواه الإمام أبو محمّد الحسين، و في كتاب «المصابيح» (2).
و عن الحكم بن عتبة (3)، عن محمّد بن عليّ (4)، قال: قلت سمعنا أنّه سيخرج منكم رجل يعدل [في]هذه الأمّة.
قال: إنّا نرجو ما يرجو النّاس، و إنّا نرجو لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد سيطول (5)ذلك اليوم حتّى يكون ما ترجو هذه الأمّة، و قبل ذلك فتنة شرّ فتنة، يمسي الرجل مؤمنا و يصبح كافرا، و يصبح مؤمنا و يمسي كافرا، فمن أدرك ذلك منكم فليتّق اللّه تعالى، و ليكن من أحلاس بيته (6).
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» .
و عن (7)ابن سيرين، عن أبي الخلد 7، قال: تكون فتنة بعدها الأخرى،
ص:93
فما الأولى في الآخرة إلاّ (1)كمثل السّوط تتبعه 1ذباب السّيف، ثمّ تكون فتنة تستحلّ فيها المحارم كلّها، ثمّ تجتمع الأمّة على خيرها ثانية هنيّا و هو قاعد في بيته.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يكون عند انقطاع من الزّمان، و ظهور من الفتن، رجل يقال له المهديّ، عطاؤه هنيّا.
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «عواليه» ، و في «صفة المهديّ» .
و عن سلمة بن زفر، قال: قيل يوما عند حذيفة: قد خرج.
فقال: لقد أفلحتم إن خرج و أصحاب محمّد بينكم، إنّه لا يخرج حتّى لا يكون غائب أحبّ إلى النّاس منه، ممّا يلقون من الشّرّ.
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» .
و عن أبي سعيد الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص:94
«أبشّركم بالمهديّ، يبعث في أمّتي على اختلاف من النّاس و زلزال (1)، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (2)، و قال: «و زلازل (3)، يملأ الأرض قسطا» .
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول:
«ويح هذه الأمّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون و يخيفون المطيعين إلاّ من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التّقيّ يصانعهم بلسانه، و يفرّ منهم (4)بقلبه، فإذا أراد اللّه عزّ و جلّ أن يعيد الإسلام عزيزا، قصم كلّ جبّار، و هو القادر على ما يشاء أن يصلح أمّة بعد فسادها» .
فقال عليه الصّلاة و السّلام: «يا حذيفة، لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم على يديه، و يظهر الإسلام، لا يخلف وعده، و هو سريع الحساب» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
ص:95
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: لا يخرج المهديّ حتّى يقتل ثلث، و يموت ثلث، و يبقى ثلث.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (1).
و رواه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» (2).
و عن قتادة قال: يجاء إلى المهديّ في بيته، و النّاس في فتنة تهراق فيها الدّماء، يقال له (3): قم علينا. فيأبى حتّى يخوّف بالقتل، فإذا خوّف بالقتل قام عليهم، فلا يهراق بسببه محجمة دم.
أخرجه الإمام أبو عمر الدّانيّ في «سننه» (4).
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليه السّلام، قال: لا يكون الأمر الذي ينتظرون (5)-يعني ظهور المهديّ عليه السّلام-حتّى يتبرّأ بعضكم من بعض، و يشهد بعضكم على بعض بالكفر، و يلعن بعضكم بعضا.
فقلت: ما في ذلك الزّمان من خير.
فقال عليه السّلام: الخير كلّه (6)في ذلك الزّمان 6، يخرج
ص:96
المهديّ، فيرفع ذلك كلّه.
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال: لا يظهر المهديّ إلاّ على خوف شديد من النّاس، و زلزال، و فتنة، و بلاء يصيب النّاس، و طاعون قبل ذلك، و سيف قاطع بين العرب، و اختلاف شديد في النّاس، و تشتّت في دينهم، و تغيّر في حالهم، حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحا و مساءا، من عظم ما يرى من كلب النّاس، و أكل بعضهم بعضا، فخروجه عليه السّلام إذا خرج يكون عند اليأس و القنوط من أن نرى (1)فرجا، فياطوبى لمن أدركه، و كان من أنصاره، و الويل كلّ الويل لمن خالفه، و خالف أمره.
و عن عبد اللّه بن عمر، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى يخرج المهديّ من ولدي، و لا يخرج (2)حتّى يخرج ستّون كذّابا، كلّهم يقول: أنا نبيّ» .
و لهذا الحديث شاهد صحيح، عن أبي هريرة، (3)عن أنس 3، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا تقوم السّاعة حتّى يبعث دجّالون كذّابون، قريبا (4)من ثلاثين كلّهم يزعم أنّه رسول اللّه» .
ص:97
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» هكذا (1)، و أخرجه البخاريّ بمعناه (2).
و عن عليّ بن محمّد الأوديّ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال (3)أمير المؤمنين، عليه السّلام 3: بين يدي المهديّ موت أحمر، و موت أبيض، و جراد في حينه، و جراد في غير حينه، كألوان الدّم، فأمّا الموت الأحمر فالسّيف، و أمّا الموت الأبيض فالطّاعون.
و عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: يظهر المهديّ في يوم عاشوراء، و هو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، و كأنّي به يوم السّبت العاشر من المحرّم، قائم بين الرّكن و المقام، و جبريل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، و تصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تطوى لهم طيّا، حتّى يبايعوه، فيملأ بهم الأرض عدلا، كما ملئت جورا و ظلما.
و عن يزيد بن الخليل الأسديّ، قال: كنت عند أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، فذكر آيتان يكونان قبل المهديّ عليه السّلام، لم يكونا منذ أهبط اللّه تعالى آدم عليه السّلام، و ذلك أن الشّمس تنكسف في النّصف من شهر رمضان، و القمر في آخره.
ص:98
فقال له رجل: يا ابن رسول اللّه! لا، بل الشمس في آخر الشّهر، و القمر في النّصف.
فقال أبو جعفر: أعلم الذي تقول، إنّهما آيتان لم يكونا (1)منذ هبط 1آدم عليه السّلام.
و عن عمّار بن ياسر، قال: إذا قتل النّفس الزّكيّة و أخوه يقتل بمكّة ضيعة نادى مناد من السّماء: إنّ أميركم فلان. و ذلك المهديّ الذي يملأ الأرض حقّا و عدلا.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن أبي جعفر، قال: يبلغ أهل المدينة خروج الجيش، فيهرب منها من كان من أهل محمّد صلى اللّه عليه و سلم، إلى مكّة، يحمل الشّديد الضّعيف، و الكبير الصغير، فيدركون نفسا من آل محمّد صلى اللّه عليه و سلم، فيذبحونه عند أحجار الزّيت.
أخرجه نعيم بن حمّاد (3).
و عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: يهرب ناس من المدينة إلى مكّة، (4)حين يبلغهم 4جيش السّفيانيّ، منهم ثلاثة نفر من قريش،
ص:99
منظور إليهم.
و عن كعب، قال: تستباح المدينة حينئذ، و تقتل النّفس الزّكيّة (1).
أخرجهما نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
ص:100
*الفصل الثاني: في الخسف بالبيداء و حديث السّفياني (1)
عن عبد اللّه بن الزّبير رضي اللّه عنهما (2)أنّ عائشة رضي اللّه عنها، قالت: عبث (3)رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في منامه، فقلنا: يا رسول اللّه، صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله؟
فقال: «العجب إنّ ناسا (4)من أمّتي يؤمّون بالبيت برجل من قريش، قد لجأ بالبيت، حتّى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم» .
قلنا: يا رسول اللّه، إنّ الطريق قد تجمع النّاس.
فقال: «نعم، فيهم المستبصر و المجبور (5)و ابن السّبيل، يهلكون
ص:101
مهلكا واحدا، و يصدرون مصادر شتّى (1)، يبعثهم اللّه تعالى على نيّاتهم» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (2).
و عن عبد اللّه بن صفوان، قال: أخبرتني حفصة، أنّها سمعت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم يقول: «ليؤمّنّ هذا البيت جيش يغزونه، حتّى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف (3)بأوسطهم، و ينادي أوّلهم آخرهم، ثمّ يخسف بهم، فلا يبقى إلاّ الشّريد الّذي يخبر عنهم» .
فقال له (4)رجل: أشهد أنّك لم تكذب على حفصة، و أشهد على حفصة أنّها لم تكذب على النبيّ صلى اللّه عليه و سلم.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (5).
و عن عبيد اللّه بن القبطيّة (6)، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة، و عبد اللّه بن صفوان، و أنا معهما، على أمّ سلمة أمّ المؤمنين، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به (7)، و كان ذلك في أيّام ابن الزّبير، فقالت:
ص:102
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه (1)بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم» .
فقلت: يا رسول اللّه، كيف (2)بمن كان كارها (3)؟
قال: «يخسف به معهم، و لكن (4)يبعث يوم القيامة على نيّته» .
فقال أبو جعفر: هي بيداء المدينة.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (5).
و في رواية فيه، قال: فلقيت أبا جعفر، فقلت: إنّها إنّما قالت ببيداء من الأرض!
قال أبو جعفر: كلاّ و اللّه، إنّها لبيداء المدينة.
و عن أمّ سلمة زوج النبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكّة، فيخرجونه و هو كاره، فيبايعونه بين الرّكن و المقام، و يبعث إليه بعث من الشّام، فيخسف بهم بالبيداء، بين مكّة و المدينة، فإذا رأى النّاس ذلك
ص:103
أتاه أبدال (1)الشّام، و عصائب (2)أهل العراق، فيبايعونه، ثمّ ينشأ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثا، فيظهرون عليهم، و ذلك بعث كلب، و الخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، و يعمل في النّاس بسنّة نبيّهم صلى اللّه عليه و سلم، و يلقى الإسلام بجرانه (3)إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثمّ يتوفّى، و يصلّي عليه المسلمون» .
أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم؛ منهم الإمام أبو داود السّجستانيّ في «سننه» (4).
و الإمام أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (5).
و الإمام ابن حنبل في «مسنده» (6).
و الحافظ (7)الإمام أبو عبد اللّه بن ماجه القزوينيّ في «سننه» 5.
و الحافظ 7أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» 5.
و الحافظ أبو بكر البيهقيّ في «البعث و النّشور» .
رضي اللّه عنهم أجمعين.
ص:104
و في رواية لأبي داود، بدل «سبع سنين» : «تسع» .
و عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يبايع لرجل من أمّتي، بين الرّكن و المقام، كعدة أهل بدر، فتأتيه عصب العراق، و أبدال الشّام، فيأتيهم جيش من الشّام، حتّى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، ثمّ يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب، فيهزمهم اللّه تعالى» .
قال: «و كان يقال إنّ الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1).
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: يبعث صاحب المدينة إلى الهاشميّين جيشا فيهزمونهم، فيسمع بذلك الخليفة بالشّام، فيبعث إليهم جيشا فيه ستّمائة عريف (2)، فإذا أتو البيداء فنزلوها في ليلة مقمرة، أقبل راع ينظر إليهم و يعجب، و يقول: يا ويح أهل مكّة ممّا جاءهم. فينصرف إلى غنمه، ثمّ يرجع فلا يرى أحدا، فإذا هم قد خسف بهم، فيقول: سبحان اللّه، ارتحلوا في ساعة واحدة.
فيأتي منزلهم فيجد قطيفة قد خسف ببعضها، و بعضها على ظهر
ص:105
الأرض، فيعالجها فلا يطيقها، فيعرف أنّه قد خسف بهم، فينطلق إلى صاحب مكّة فيبشّره، فيقول صاحب مكّة: الحمد للّه، هذه العلامة التي كنتم تخبرون (1). فيسيرون إلى الشّام.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن علقمة، قال: قال ابن مسعود: قال لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أحذّركم سبع فتن تكون بعدي؛ فتنة تقبل من المدينة، و فتنة بمكّة، و فتنة تقبل من اليمن، و فتنة تقبل من الشّام، و فتنة تقبل من المشرق، و فتنة تقبل من المغرب، و فتنة من بطن الشّام، و هي (3)السّفيانيّ» .
قال: فقال ابن مسعود: منكم من يدرك أوّلها، و من هذه الأمّة من يدرك آخرها.
قال الوليد بن عيّاش: فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة و الزّبير، و فتنة مكّة (4)من قبل 4عبد اللّه بن الزّبير، و فتنة الشّام من قبل بني أميّة، و فتنة المشرق من قبل هؤلاء.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
ص:106
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن خالد بن معدان، قال: يخرج السّفيانيّ، و بيده ثلاث قصبات، لا يقرع بهنّ أحدا إلاّ مات.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد أيضا (2).
و عن أبي مريم، عن أشياخه، قال: يؤتى السّفيانيّ في منامه، فيقال له:
قم فاخرج. فيقوم فلا يجد أحدا، ثمّ يؤتى الثانية، فيقال له مثل ذلك، ثمّ يقال له في الثالثة: قم فاخرج فانظر من (3)على باب دارك. فينحدر في الثالثة إلى باب داره، فإذا هو بسبعة نفر، أو تسعة، و معهم لواء، فيقولون:
نحن أصحابك. فيخرج فيهم، و يتّبعهم ناس من قريّات (4)الوادي اليابس، فيخرج إليه صاحب دمشق ليلقاه (5)و يقاتله، فإذا نظر إلى رايته انهزم.
أخرجه أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (6).
و عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: السّفيانيّ من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه آثار (7)جدريّ، بعينه
ص:107
نكته بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق (1)في واد يقال له الوادي اليابس، يخرج في سبعة (2)نفر، مع رجل منهم لواء معقود، يعرفون به (3)في النّصر، يسير بين يديه على ثلاثين ميلا، لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلاّ انهزم.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرج رجل يقال له السّفيانيّ في عمق دمشق، و عامّة من يتّبعه من كلب فيقتل حتّى يبقر بطون النّساء، و يقتل الصّبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها، حتى لا يمنع ذنب تلعة (5)، و يخرج رجل من أهل بيتي في الحرم (6)، فيبلغ السّفيانيّ، فيبعث إليه جندا من جنده (7)فيهزمهم، فيسير إليه السّفيانيّ بمن معه، حتى إذا جاز (8)ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا
ص:108
ينجو منهم إلاّ المخبر عنهم» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و عن المهاجر بن القبطيّة، قال: سمعت أمّ سلمة زوج النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، تقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ليخسفنّ بقوم يغزون هذا البيت ببيداء من الأرض» .
فقالت أم سلمة: يا رسول اللّه، أ رأيت إن كان فيهم الكاره؟
قال: «يبعث كلّ رجل على نيّته» .
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (2).
و عن أمّ سلمة زوج النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قالت: (3)ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 3الجيش الذي يخسف بهم (4).
فقالت أمّ سلمة: يا رسول اللّه، لعلّ فيهم المكره (5)؟ .
قال: «إنّهم يبعثون على نيّاتهم» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (6).
ص:109
و ذكر الإمام أبو إسحاق الثّعلبيّ (1)، في «تفسيره» ، في معنى قوله عزّ و جلّ في سورة سبأ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (2)فذكر سنده إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثمّ قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
و ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق و المغرب: فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السّفيانيّ، من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق، فيبعث جيشين؛ جيشا إلى المشرق، و جيشا إلى المدينة، حتى إذا نزلوا بأرض بابل، في المدينة الملعونة، و البقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، و يبقرون بها أكثر من مائة امرأة، و يقتلون بها ثلاثمائة كبش (3)من بني العبّاس.
ثمّ ينحدرون إلى الكوفة، فيخرّبون ما حولها.
ثمّ يخرجون متوجّهين إلى الشّام، فتخرج راية هدى من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش، منها على مسيرة ليلتين، فيقتلونهم، لا يفلت منهم مخبر، و يستنقذون ما في أيديهم من السّبي و الغنائم.
ص:110
و يحلّ جيشه الثّاني بالمدينة، فينهبونها ثلاثة أيّام و لياليها (1).
ثمّ يخرجون متوجّهين إلى مكّة، حتّى إذا كانوا بالبيداء، بعث اللّه عزّ و جلّ جبريل، فيقول: يا جبريل! اذهب فأبدهم، فيضربها برجله ضربة يخسف اللّه بهم، و ذلك قوله عزّ و جلّ في سورة سبأ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ، و لا يفلت منهم إلاّ رجلان؛ أحدهما بشير، و الآخر نذير، و هما من جهينة. فلذلك جاء القول (2):
و عند جهينة الخبر اليقين (3)
و ذكر هذه القصّة أيضا في «تفسيره» الإمام أبو جعفر
ص:111
الطّبريّ (1)، عن حذيفة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
و ذكر الإمام أبو بكر محمّد بن الحسن (2)النّقّاش المقري في «تفسيره» ، قال: نزلت-يعني هذه الآية-في السّفيانيّ، و ذلك (3)أنّه يخرج من الوادي اليابس في أخواله، و أخواله من كلب، يخطبون على منابر الشّام، فإذا بلغوا عين التّمر (4)محا اللّه تعالى الإيمان من قلوبهم، فتجوز (5)حتّى ينتهوا إلى جبل الذّهب، فيقاتلون قتالا شديدا فيقتل السّفيانيّ سبعين ألف رجل، عليهم السّيوف المحلاّة، و المناطق (6)المفضّضة.
ثمّ يدخل الكوفة، فيصير أهلها ثلاث فرق؛ فرقة تلحق به (7)، و هم
ص:112
أشرّ (1)خلق اللّه تعالى، و فرقة تقاتله (2)، و هم عند اللّه تعالى شهداء، و فرقة تلحق الأعراب، و هم العصاة.
ثمّ يغلب على الكوفة فيفتضّ أصحابه ثلاثين ألف عذراء، فإذا أصبحوا كشفوا شعورهنّ، و أقاموهنّ في السّوق يبيعونهنّ، فعند ذلك كم من لاطمة خدّها، كاشفة شعرها، بدجلة أو على شاطىء الفرات.
فيبلغ الخبر أهل البصرة، فيركبون إليهم في البرّ و البحر، فيستنقذون أولئك النّساء من أيديهم.
فيصيرون-أصحاب السّفيانيّ-ثلاث فرق، فرقة تسير نحو الرّيّ، و فرقة تبقى في الكوفة، (3)و فرقة تأتي المدينة 3، و عليهم رجل من بني زهرة، فيحاصرون أهل المدينة، فيقبلون (4)جميعا. فيقتل بالمدينة مقتلة عظيمة حتّى يبلغ الدّم الرّأس المقطوع، و يقتل رجل من أهل بيت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، و امرأة، و اسم الرجل محمّد، و يقال اسمه عليّ، و المرأة فاطمة، فيصلبونهما عراة.
فعند ذلك يشتدّ غضب اللّه تعالى عليهم، و يبلغ الخبر إلى وليّ اللّه تعالى، فيخرج من قرية من قرى جرش (5)، في ثلاثين رجلا، فيبلغ
ص:113
المؤمنين خروجه. فيأتونه من كلّ أرض، يحنّون إليه كما تحنّ النّاقة إلى فصيلها، فيجيء فيدخل مكّة، و تقام الصلاة، فيقولون: تقدّم يا وليّ اللّه.
فيقول: لا أفعل، أنتم الذين نكثتم و غدرتم.
فيصلّي بهم (1)رجل، ثمّ يتداعون عليه بالبيعة تداعي (2)الإبل الهيم يوم ورودها حياضها، فيبايعونه.
فإذا فرغ من البيعة تبعه النّاس، ثمّ يبعث خيلا إلى المدينة، عليهم رجل من أهل بيته ليقاتل (3)الزّهريّ، فيقتل من كلا الفريقين مقتلة عظيمة، ثمّ يرزق اللّه تعالى وليّه الظّفر فيقتل الزّهريّ، و يقتل أصحابه، فالخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب و لو بعقال.
فإذا بلغ الخبر السّفيانيّ خرج من الكوفة في سبعين ألفا، حتّى إذا بلغ البيداء عسكر بها، و هو يريد قتال وليّ اللّه، و خراب بيت اللّه، فبينما هم كذلك بالبيداء (4)إذ نفر فرس لرجل من العسكر، فخرج الرجل في طلبه، و بعث اللّه إليه جبريل فضرب الأرض برجله ضربة، فيخسف اللّه تعالى بالسّفيانيّ و أصحابه.
ص:114
و يرجع الرجل يقود فرسه، فيستقبله جبريل عليه السّلام، فيقول: ما هذه الضّجّة في العسكر؟ فيضربه جبريل عليه السّلام بجناحه، فيحوّل وجهه مكان القفا، ثمّ يمشي القهقرى.
فهذه الآية نزلت فيهم: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ فلا يفوتون وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يقول: من تحت أقدامهم.
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: لا يعبر السّفّيانيّ الفرات إلاّ و هو كافر.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدانيّ في «سننه» (1).
و ذكر الإمام أبو الحسن محمّد بن عبيد الكسائيّ (2)في «قصص الأنبياء» عليهم السّلام، عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، أنّه قال: لا بدّ من نزول عيسى عليه السّلام إلى الأرض، و لا بدّ أن يظهر بين يديه علامات و فتن، فأوّل ما يخرج و يغلب على البلاد الأصهب، يخرج من بلاد الجزيرة، ثمّ يخرج من بعده الجرهميّ من الشّام، و يخرج القحطانيّ من بلاد اليمن.
قال كعب الأحبار: بينما هؤلاء الثّلاثة قد تغلّبوا على مواضعهم بالظّلم، و إذ قد خرج السّفيانيّ، من دمشق، و قيل: إنه يخرج من واد
ص:115
بأرض الشّام، و معه أخواله (1)من بني كلب 1، و اسمه معاوية بن عتبة، و هو ربعة (2)من الرّجال، دقيق الوجه، جهوريّ الصّوت (3)، طويل الأنف، عينه اليمنى يحسبه من يراه يقول أعور، و يظهر الزّهد، فإذا اشتدّت شوكته محا اللّه الإيمان من قلبه، و سفك (4)الدّماء، و يعطّل الجمعة و الجماعة، و يكثر في زمانه الكفر و الفسق (5)في كلّ البلاد، حتّى يفجر الفسّاق، و يكثر القتل في الدنيا.
فعند ذلك يجتمعون (6)أهل مكّة إلى السّفيانيّ، يخوّفونه عقوبة اللّه عزّ و جلّ، فيأمر بقتلهم، و قتل العلماء و الزّهّاد في جميع الآفاق.
فعند ذلك يجتمعون إلى رجل من قريش، له اتّصال برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لهلاك السّفيانيّ، و يتّصل بمكّة، و يكونون على عدد أهل بدر، ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، ثمّ تجتمع إليه المؤمنون، و ينكسف القمر ثلاث ليالي متواليات.
ثمّ يظهر المهديّ بمكّة (7)، فيبلغ خبره إلى السّفيانيّ، فيجيّش (8)إليه
ص:116
ثلاثين ألفا، و ينزلون بالبيداء، فإذا استقرّوا خسف اللّه بهم، و تأخذهم الأرض إلى أعناقهم (1)، حتّى لا يفلت منهم إلاّ رجلان يمرّان (2)، فيخبر السّفيانيّ، فإذا وصلوا إلى عسكره أصابهما كما أصابهم، ثمّ يخسف بأحد الرّجلين، و الآخر حوّل (3)اللّه وجهه إلى قفاه، فيغنم المهديّ أموالهم، فذلك قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ .
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «تكون وقعة بالزّوراء» .
قالوا: يا رسول اللّه، و ما الزّوراء؟
قال: «مدينة بالمشرق، بين أنهار، يسكنها شرار خلق اللّه، و جبابرة من أمّتي، تقذف (4)بأربعة أصناف من العذاب؛ بالسّيف، (5)و الخسف، و القذف، و المسخ 5.
و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إذا خرجت السّودان طلبت (6)العرب،
ص:117
ينكشفون حتّى يلحقوا ببطن الأرض» ، أو قال: «ببطن الأردنّ (1)» ، «فبينما هم كذلك إذ خرج السّفيانيّ في ستّين و ثلاثمائة راكب، حتّى يأتي دمشق، فلا يأتي عليهم شهر حتّى يبايعه من كلب ثلاثون ألفا.
فيبعث جيشا إلى العراق، فيقتل بالزّوراء مائة ألف.
و يخرجون إلى الكوفة فينهبونها.
فعند ذلك تخرج راية من المشرق، و يقودها رجل من تميم، يقال له:
شعيب ابن صالح، فيستنقذ ما في أيديهم من سبي أهل الكوفة و يقتلهم.
و يخرج جيش آخر من جيوش السّفيانيّ إلى المدينة، فينهبونها ثلاثة أيّام.
ثمّ يسيرون إلى مكّة، حتّى إذا كانوا بالبيداء بعث اللّه تعالى جبريل عليه السّلام، فيقول: يا جبريل! عذّبهم. فيضربهم برجله ضربة يخسف اللّه عزّ و جلّ بهم، فلا يبقى منهم إلاّ رجلان، فيقدمان على السّفيانيّ فيخبرانه بخسف الجيش، فلا يهوله.
ثمّ إنّ رجالا من قريش يهربون إلى قسطنطينيّة، فيبعث السّفيانيّ إلى عظيم الرّوم: أن ابعث بهم في المجامع (2).
ص:118
قال: فيبعث بهم إليه، فيضرب أعناقهم على باب المدينة بدمشق» .
قال حذيفة: «حتّى إنّه يطاف بالمرأة في مسجد (1)دمشق (2)في الثّوب 2على مجلس مجلس، حتّى تأتي فخذ السّفيانيّ فتجلس عليه، و هو في المحراب قاعدا، فيقوم رجل مسلم من المسلمين، فيقول:
و يحكم، أكفرتم بعد إيمانكم! إنّ هذا لا يحلّ.
فيقوم فيضرب عنقه في مسجد دمشق، و يقتل كلّ من شايعه على ذلك.
فعند ذلك ينادي مناد من السّماء: يا أيّها النّاس، إنّ اللّه عزّ و جلّ قد قطع عنكم (3)مدّة الجبّارين و المنافقين و أشياعهم، و ولاّكم خير أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم، فالحقوا به بمكّة، فإنّه المهديّ، و اسمه أحمد بن عبد اللّه» .
قال حذيفة: فقام عمران بن الحصين، فقال: يا رسول اللّه، كيف لنا حتّى نعرفه؟
قال: «هو رجل من ولدي، كأنّه من رجال بني إسرائيل، عليه عباءتان قطوانيّتان (4)، كأنّ وجهه الكوكب الدّرّيّ في اللّون، في خدّه الأيمن خال أسود، ابن أربعين سنة.
ص:119
فيخرج الأبدال (1)من الشّام و أشباههم، و تخرج إليه النّجباء من مصر، و عصائب أهل الشّرق و أشباههم، حتّى يأتوا مكّة، فيبايع له بين الرّكن و المقام.
ثم يخرج متوجّها إلى الشّام، و جبريل على مقدّمته، و ميكائيل على ساقته، فيفرح به أهل السّماء و أهل الأرض و الطّير و الوحوش، و الحيتان في البحر، و تزيد المياه في دولته، و تمدّ الأنهار، و تضعف الأرض أكلها، و تستخرج الكنوز كلّها (2)، فيقدم الشّام، فيذبح السّفيانيّ تحت الشّجرة الّتي أغصانها إلى بحيرة طبريّة، و يقتل كلبا» .
قال حذيفة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «فالخائب من خاب يوم كلب، و لو بعقال» .
قال حذيفة: يا رسول اللّه، كيف يحلّ قتالهم و هم موحّدون؟ !
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يا حذيفة، هم يومئذ على ردّة، يزعمون أنّ الخمر حلال، و لا يصلّون» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (3).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «المحروم من حرم غنيمة كلب، و لو عقالا، و الّذي نفسي بيده لتباعنّ نساؤهم على
ص:120
درج دمشق، حتى تردّ المرأة من كسر يوجد بساقها» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن محمّد بن علي، عليهما السّلام، قال: إذا سمع العايد بمكّة بالخسف، خرج في اثني عشر ألفا، فيهم الأبدال، حتّى يأتي (2)إيليا (3)، فيقول الذي بعث الجيش حين يبلغه الخبر بإيليا: لعمر اللّه، لقد جعل اللّه في هذا الرجل عبرة، بعثت إليه ما هيّأت (4)فساخوا في الأرض، إنّ في هذا لعبرة و بصيرة.
فيؤدّي إليه السّفيانيّ الطّاعة، ثمّ يخرج حتّى يلقى كلبا، و هم أخواله، فيعيّرونه، و يقولون: كساك اللّه قميصا فخلعته.
فيقول: ما ترون، أستقيله البيعة؟
فيقولون: نعم.
فيأتيه إلى (5)إيليا، فيقول: أقلني.
فيقول: إنّي غير فاعل.
فيقول: بلى.
ص:121
فيقول له: أتحبّ أن أقيلك؟
فيقول: نعم.
فيقيله، ثمّ يقول: هذا رجل قد خلع طاعتي.
فيأمر به عند ذلك فيذبح على بلاطة إيليا.
ثمّ يسير إلى كلب فينهبهم، فالخائب من خاب يوم نهب كلب.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1)، من طرق كثيرة.
و في بعضها قال: يسبقه (2)حتّى يترك إيليا، و يتابعه الآخر فرقا منه، ثمّ يندم فيستقيله، ثمّ يأمر بقتله، و قتل من أمره بالغدر.
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: إذا خسف بجيش السّفيانيّ قال صاحب مكّة: هذه العلامة التي كنتم تخبرون بها.
فيسيرون إلى الشّام، فيبلغ صاحب دمشق، فيرسل إليهم ببيعته و يبايعه، ثمّ تأتيه كلب بعد ذلك، فيقول: ما صنعت؟ انطلقت إلى بيعتنا فخلعتها، و جعلتها له.
فيقول: ما أصنع؟ أسلمني النّاس.
فيقولون: فإنّا معك، فاستقل بيعتك.
فيرسل إلى الهاشميّ، فيستقيله البيعة.
ص:122
ثمّ يقاتلونه، فيهزمهم الهاشميّ، فيكون يومئذ من ركز رمحه على حيّ من كلب كانوا له، فالخائب من خاب (1)من غنيمة كلب 1.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: إذا استولى السّفيانيّ على الكور الخمس، فعدّوا له تسعة أشهر. يعني ثمّ يظهر المهديّ عليه السّلام.
و زعم هشام أنّ الكور الخمس: دمشق، و فلسطين، و الأردنّ، و حمص، و حلب.
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: السّفيانيّ و المهديّ في سنة واحدة.
و عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: يظهر السّفيانيّ على الشّام، ثمّ يكون بينهم وقعة بقرقيسيا (3)، حتّى تشبع طير السّماء و سباع الأرض من جيفهم، ثمّ ينفتق عليهم فتق من خلفهم، فتقبل طائفة منهم حتّى يدخلوا أرض خراسان، و تقبل خيل السّفيانيّ في طلب أهل خراسان، و يقتلون شيعة آل محمد صلى اللّه عليه و سلم (4)ثمّ يخرج أهل خراسان في طلب المهديّ.
ص:123
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1).
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: إنّ للّه مائدة. و في رواية (2): مأدبة بقرقيسيا، يطّلع مطّلع من السّماء، فينادي:
يا طير السّماء، و يا سباع الأرض، هلمّوا إلى الشّبع من لحوم الجبّارين.
و عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا جابر، الزم الأرض و لا تحرّك يدا و لا رجلا، حتّى ترى علامات أذكرها لك، إن أدركتها؛ أوّلها اختلاف بني العبّاس، و ما أراك تدرك ذلك، و لكن حدّث به بعدي، و ينادي مناد من السّماء: و يحكم (3). الصّوت من ناحية دمشق، و يخسف بقرية من قرى الشّام تسمّى الجابية (4)، و تسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، و مارقة تمرق من ناحية التّرك، و يعقبها هرج الرّوم، و تنزل التّرك الجزيرة، و تنزل الرّوم الرّملة، فتلك السّنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كلّ أرض.
و يختلف في أرض الشّام ثلاث رايات؛ راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السّفيانيّ، فيلقى الأبقع فيقتتلون، فيقتله السّفيانيّ و من معه، ثمّ
ص:124
يقتل الأصهب.
ثمّ لا يكون لهم همّ إلاّ الإقبال نحو العراق (1)و تمرّ جيوشه 1بقرقيسيا، فيقتتلون بها، فيقتل من الجبّارين مائة ألف.
و يبعث السّفيانيّ جيشا إلى الكوفة، و عدّتهم (2)سبعون ألفا، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا.
فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات (3)من ناحية خراسان، تطوي المنازل طيّا حثيثا، و هم نفر من أصحاب المهديّ عليه السّلام، فيخرج رجل من موالي أهل الكوفة، في ضعفتها، فيقتله أمير جيش السّفيانيّ بين الكوفة و الحيرة.
(4)و يبعث السّفيانيّ بعثا إلى المدينة، فينفر (5)المهديّ منها إلى مكّة 4، فيبلغ أمير جيش السّفيانيّ أنّ المهديّ قد خرج إلى مكّة، فيبعث جيشا على أثره، فلا يدركه حتّى يدخل مكّة خائفا يترقّب، على سنّة موسى بن عمران عليهما السّلام.
و ينزل أمير (6)جيش السّفيانيّ بالبيداء، فينادي مناد من السّماء: يا
ص:125
بيداء أبيدي القوم. فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر، يحوّل اللّه تعالى وجوههم إلى أقفيتهم، و هم من كلب.
قال: فيجمع اللّه تعالى للمهديّ أصحابه، ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، يجمعهم اللّه تعالى على (1)غير ميعاد، و قزع (2)كقزع الخريف، فيبايعونه بين الرّكن و المقام.
قال: و المهديّ، يا جابر، رجل من ولد الحسين، يصلح اللّه له أمره في ليلة واحدة (3).
ولنختم هذا الفصل بشيء من كلام الإمام عليّ بن أبي طالب، هازم الأطلاب (4)، فيما تضمّنه من الأهوال الشّديدة، و الأمور الصّعاب، و خروج الإمام المهديّ، مفرّج الكرب (5)، و مفرّق الأحزاب، و في ذلك أدلّ دليل على فضله و كراماته، بلّغه اللّه تعالى أفضل سلامه و تحيّاته.
عن (6)أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: تختلف ثلاث رايات؛ راية بالمغرب، ويل لمصر و ما يحلّ بها منهم، و راية
ص:126
بالجزيرة، و راية بالشّام، تدوم الفتنة بينهم سنة.
ثمّ يخرج رجل من ولد العبّاس بالشّام، حتّى تكون منهم مسيرة ليلتين، فيقول أهل المغرب: قد جاءكم قوم حفاة، أصحاب أهواء مختلفة، فتضطرب الشّام و فلسطين (1)، فتجتمع رؤساء الشّام و فلسطين، فيقولون: اطلبوا ملك الأوّل: فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق، بموضع يقال لها حرستا، فإذا أحسّ بهم هرب إلى أخواله كلب، و ذلك دهاء منه.
و يكون بالوادي اليابس عدّة عديدة، فيقولون له: يا هذا، ما يحلّ لك أن تضيع الإسلام، أما ترى ما النّاس فيه من الهوان و الفتن؟ فاتّق اللّه و اخرج، أما تنصر دينك؟
فيقول: لست بصاحبكم.
فيقولون: ألست من قريش، من أهل بيت الملك القديم، أما تغضب لأهل بيتك، و ما نزل بهم من الذّلّ و الهوان؟ !
و يخرج راغبا في الأموال و العيش الرّغد، فيقول: اذهبوا إلى حلفائكم الذين كنتم تدينون لهم هذه المدّة (2).
ثمّ يجيئهم، فيخرج في يوم جمعة، فيصعد منبر دمشق، و هو أوّل منبر يصعده، فيخطب و يأمرهم بالجهاد، و يبايعهم على أنّهم لا
ص:127
يخالفون له أمرا، رضوه أم كرهوه.
فقام رجل فقال: ما اسمه يا أمير المؤمنين؟
فقال: هو حرب بن عنبسة بن مرّة بن كلب بن سلمة بن يزيد بن عثمان ابن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس، ملعون في السّماء، ملعون في الأرض، أشرّ خلق اللّه عزّ و جلّ أبا، و ألعن خلق اللّه جدّا، و أكثر خلق اللّه ظلما.
قال: ثمّ يخرج إلى الغوطة، فما يبرح حتّى يجتمع النّاس إليه، و تتلاحق به أهل الضّغائن، فيكون في خمسين ألفا، ثمّ يبعث إلى كلب، فيأتيه منهم مثل السّيل، و يكون في ذلك الوقت رجال البربر يقاتلون رجال الملك من ولد العبّاس، فيفاجئهم (1)السّفيانيّ في عصائب أهل الشّام، فتختلف الثّلاث رايات، رجال (2)ولد العبّاس هم التّرك و العجم، و راياتهم سوداء، و راية البربر صفراء، و راية السّفيانىّ حمراء، فيقتتلون ببطن الأردن قتالا شديدا، فيقتل فيما بينهم ستّون ألفا، فيغلب السّفيانيّ، و إنّه ليعدل فيهم حتّى يقول القائل: و اللّه ما كان يقال فيه إلاّ كذب.
و اللّه إنّهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم منه ما قالوا ذلك.
ص:128
فلا يزال يعدل حتّى يسير، و يعبر الفرات، و ينزع اللّه من قلبه الرّحمة.
ثمّ يسير إلى الموضع المعروف بقرقيسيا، فيكون له بها وقعة عظيمة، و لا يبقى بلد إلاّ بلغه خبره، فيداخلهم من ذلك الجزع.
ثمّ يرجع إلى دمشق، و قد دان له الخلق، فيجيّش جيشين؛ جيش إلى المدينة، و جيش إلى المشرق، فأمّا جيش المشرق فيقتلون بالزّوراء سبعين ألفا، و يبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، و يخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقا.
و أمّا جيش المدينة إذا توسّطوا البيداء صاح بهم صائح، و هو جبريل عليه السّلام، فلا يبقى منهم أحد إلاّ خسف اللّه به.
و يكون في أثر الجيش رجلان، يقال لهما بشير و نذير، فإذا أتيا الجيش لم يريا إلاّ رءوسا خارجة على الأرض، فيسألان جبريل عليه السّلام: ما أصاب الجيش؟
فيقول: أنتما منهم؟
فيقولان: نعم.
فيصيح بهما، فتتحوّل وجوههما القهقرى.
و يمضي أحدهما إلى المدينة و هو بشير، فيبشّرهم بما سلّمهم اللّه عزّ و جلّ منه، و الآخر نذير، فيرجع إلى السّفيانيّ، فيخبره بما نال الجيش عند ذلك.
ص:129
قال: «و عند جهينة الخبر اليقين» لأنّهما من جهينة.
ثمّ يهرب قوم من ولد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى بلد الرّوم، فيبعث السّفيانيّ إلى ملك الرّوم: ردّ إليّ عبيدي. فيردّهم إليه، فيضرب أعناقهم على (1)الدّرج، شرقيّ 1مسجد دمشق، فلا ينكر ذلك عليه.
ثمّ يسير في سبعين ألفا (2)نحو العراق، و الكوفة 2، و البصرة.
ثمّ يدور الأمصار و الأقطار، و يحلّ عرى الإسلام عروة بعد عروة، و يقتل أهل العلم، و يحرق المصاحف، و يخرّب المساجد، و يستبيح الحرام، و يأمر بضرب الملاهي و المزاهر في الأسواق، و الشّرب على قوارع الطّرق (3)، و يحلّل لهم الفواحش، و يحرّم عليهم كلّ ما افترضه اللّه عزّ و جلّ عليهم من الفرائض، و لا (4)يرتدع عن الظّلم و الفجور، بل يزداد تمرّدا و عتوّا و طغيانا، و يقتل من كان اسمه محمّدا، و أحمد، و عليّا، و جعفر، و حمزة، و حسنا، و حسينا، و فاطمة، و زينب، و رقيّة، و أمّ كلثوم، و خديجة، و عاتكة، حنقا و بغضا (5)لبيت آل 5رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
ثمّ يبعث فيجمع الأطفال، و يغلي الزّيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا
ص:130
عصوك فنحن ما ذنبنا؟
فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسنا و حسينا، فيصلبهما.
ثمّ يسير إلى الكوفة، فيفعل بهم كما فعله بالأطفال، و يصلب على باب مسجدها طفلين أسماؤهما حسن و حسين، (1)فتغلى دماؤهما 1كما غلى دم يحيى بن زكريّا عليهما السّلام، فإذا رأى ذلك، أيقن بالهلاك و البلاء، فيخرج هاربا منها (2)، متوجّها إلى الشّام، فلا يرى في طريقه أحدا يخالفه.
فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر و المعاصي، و يأمر أصحابه بذلك.
و يخرج السّفيانيّ، و بيده حربة، فيأخد امرأة حاملا، فيدفعها إلى بعض أصحابه، و يقول: افجر بها في وسط الطريق.
فيفعل ذلك، و يبقر بطنها، فيسقط الجنين من بطن أمّه، فلا يقدر أحد أن يغيّر ذلك.
فتضطرب الملائكة في السّماء، فيأمر اللّه عزّ و جلّ جبريل عليه السّلام، فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمّة محمّد، قد جاءكم الغوث يا أمّة محمّد، قد جاءكم الفرج، و هو المهديّ عليه السّلام، خارج من مكّة، فأجيبوه.
ص:131
ثمّ قال عليه السّلام: ألا أصفه لكم، ألا و إنّ الدهر (1)فينا قسمت 1حدوده، (2)و لنا أخذت 2عهوده، و إلينا تردّ شهوده، ألا و إنّ أهل حرم اللّه عزّ و جلّ سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهدنا، ألا فهو أشبه خلق اللّه عزّ و جلّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و اسمه على اسمه، و اسم أبيه على اسم أبيه، من ولد فاطمة ابنة محمّد صلى اللّه عليه و سلم، من ولد الحسين، ألا فمن توالى غيره لعنه اللّه.
ثمّ قال عليه السّلام: فيجمع اللّه عزّ و جلّ أصحابه على عدد أهل بدر، و على عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، كأنّهم ليوث خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها (3)، الزّيّ واحد، و اللّباس واحد، كأنّما آباؤهم أب واحد.
ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّي لأعرفهم، و أعرف أسماءهم.
ثمّ سمّاهم، و قال: ثمّ يجمعهم اللّه عزّ و جلّ، من مطلع الشمس إلى مغربها، في أقلّ من نصف ليلة، فيأتون مكّة، فيشرف عليهم أهل مكّة فلا يعرفونهم، فيقولون: كبسنا أصحاب السّفيانيّ.
ص:132
فإذا تجلّى لهم الصبح يرونهم طائعين مصلّين، فينكرونهم، فعند ذلك يقيّض اللّه لهم من يعرّفهم المهديّ عليه السّلام، و هو مختف، فيجتمعون إليه، فيقولون له: أنت المهديّ؟
فيقول: أنا أنصاريّ.
و اللّه ما كذب؛ و ذلك أنّه ناصر الدّين.
و يتغيّب عنهم، فيخبرونهم أنّه قد لحق بقبر جدّه عليهما السّلام، فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحسّ بهم رجع إلى مكّة، (1)فلا يزالون به إلى أن يجيبهم 1، فيقول لهم: إنّي لست قاطعا أمرا حتّى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم، لا تغيّرون منها شيئا، و لكم عليّ ثمان خصال.
قالوا: قد فعلنا ذلك، فاذكر ما أنت ذاكر يا ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
فيخرجون معه إلى الصّفا، فيقول: أنا معكم على أن لا تولّوا، و لا تسرقوا، و لا تزنوا، و لا تقتلوا محرما، و لا تأتوا فاحشة، و لا تضربوا أحدا إلاّ بحقّه، و لا تكنزوا ذهبا و لا فضّة، و لا تبرا و لا شعيرا، و لا تأكلوا مال اليتيم، و لا تشهدوا بغير ما تعلمون، و لا تخربوا مسجدا، و لا تقبحوا مسلما، و لا تلعنوا مؤاجرا إلاّ بحقّه، و لا تشربوا مسكرا، و لا تلبسوا الذّهب (2)و لا الحرير و لا الدّيباج (3)، و لا تبيعوها ربا، و لا تسفكوا
ص:133
دما حراما، و لا تغدروا بمستأمن، و لا تبقوا (1)على كافر و لا منافق، و تلبسون الخشن من الثّياب، و تتوسّدون التّراب على الخدود، و تجاهدون في اللّه حقّ جهاده (2)، و لا تشتمون، و تكرهون النّجاسة، و تأمرون بالمعروف، و تنهون عن المنكر.
فإذا فعلتم ذلك فعليّ أن لا أتّخذ حاجبا، و لا ألبس إلاّ كما تلبسون، و لا أركب إلاّ كما تركبون، و أرضى بالقليل، و أملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (3)و أعبد اللّه عزّ و جلّ حقّ عبادته، و أفي لكم و تفوا لي.
قالوا: رضينا و اتّبعناك على هذا (4). فيصافحهم رجلا رجلا.
و يفتح اللّه عزّ و جلّ له خراسان، و تطيعه أهل اليمن، و تقبل الجيوش أمامه (5)، و يكون همدان وزراءه، و خولان جيوشه، و حمير أعوانه، و مضر قوّاده، و يكثر اللّه عزّ و جلّ جمعه بتميم، و يشدّ ظهره بقيس، و يسير و رايته أمامه، و على مقدّمته عقيل، و على ساقته الحارث، و تحالفه ثقيف و غداف، و تسير الجيوش حتّى تصير بوادي القرى في هدوء و رفق، و يلحقه هناك ابن عمّه الحسنيّ، في اثني عشر
ص:134
ألف فارس، فيقول (1): يا ابن عمّ، أنا أحقّ بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن، و أنا المهديّ.
فيقول المهديّ عليه السّلام: بل أنا المهدي.
فيقول الحسنيّ: هل لك (2)من آية فنبايعك (3)؟
فيوميء المهديّ عليه السّلام إلى الطّير، فتسقط على يده، و يغرس قضيبا في بقعة من الأرض، فيخضرّ و يورق.
فيقول له الحسنيّ: يا ابن عمّ هي لك. و يسلّم إليه جيشه، و يكون على مقدّمته، و اسمه على اسمه.
و تقع الضّجّة بالشّام: ألا إنّ أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم.
(4)فيجتمعون إلى السّفيانيّ بدمشق، فيقولون: أعراب الحجاز قد جمعوا علينا 4.
فيقول السّفيانيّ لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟
فيقولون: هم أصحاب نبل و إبل، و نحن أصحاب العدّة و السّلاح اخرج بنا إليهم.
فيرونه قد جبن، و هو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتّى يخرجوه،
ص:135
فيخرج بخيله و رجاله و جيشه، في مائتي ألف و ستين ألفا، حتّى ينزلوا ببحيرة طبريّة، فيسير المهديّ عليه السّلام، بمن معه، لا (1)يحدث في بلد حادثة إلاّ الأمن و الأمان و البشرى، و عن يمينه جبريل، و عن شماله (2)ميكائيل عليهما السّلام، و النّاس يلحقونه (3)من الآفاق، حتّى يلحقوا السّفيانيّ على بحيرة طبريّة.
و يغضب اللّه عزّ و جلّ على السّفيانيّ و جيشه، و يغضب سائر خلقه عليهم، حتّى الطّير في السماء فترميهم بأجنحتها، و إنّ الجبال لترميهم بصخورها (4)، فتكون وقعة يهلك اللّه فيها جيش السّفيانيّ، و يمضي هاربا، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح، فيأتي به إلى (5)المهديّ عليه السّلام، و هو يصلّي العشاء الآخرة (6)، فيبشّره، فيخفّف في الصلاة و يخرج.
و يكون السّفيانيّ قد جعلت عمامته في عنقه و سحب، فيوقفه (7)بين يديه 7، فيقول السّفيانيّ للمهديّ: يا ابن عمّي، منّ عليّ بالحياة أكون سيفا بين يديك، و أجاهد أعداءك.
ص:136
و المهديّ جالس بين أصحابه، و هو أحيى من عذراء، فيقول: خلّوه.
فيقول أصحاب المهديّ: يا ابن بنت رسول اللّه، تمنّ عليه بالحياة، و قد قتل أولاد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم! ما نصبر على ذلك.
فيقول: شأنكم و إيّاه (1)، اصنعوا به ما شئتم. و قد كان خّلاه و أفلته.
فيلحقه صباح في جماعة، إلى عند السّدرة، فيضجعه و يذبحه، و يأخد رأسه، و يأتي به المهديّ، فينظر شيعته إلى الرّأس، فيكبّرون و يهلّلون، و يحمدون اللّه تعالى على ذلك.
ثمّ يأمر المهديّ بدفنه، ثمّ يسير في عساكره، فينزل دمشق، و قد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها و أخربوه (2)، فيقيم في دمشق مدّة، و يأمر بعمارة جامعها.
و إنّ دمشق فسطاط المسلمين يومئذ، و هي خير مدينة على وجه الأرض في ذلك الوقت (3)، ألا و فيها آثار النّبيّين، و بقايا الصّالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها، فمن وجد السّبيل إلى أن يتّخذ بها موضعا و لو مربط شاة فإن ذلك خير من عشر حيطان بالمدينة، تنتقل أخيار العراق إليها، ثمّ إنّ المهديّ يبعث جيشا إلى أحياء كلب، و الخائب من خاب من سبي كلب.
ص:137
ص:138
ذكر الإمام أبو إسحاق أحمد [بن محمّد] (1)بن إبراهيم الثّعلبيّ في «تفسيره» ، في قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (2)أي ذليلين.
قال: قال أبو حمزة الثّماليّ (3).(4)في هذه الآية: بلغنا، و اللّه أعلم، أنّها صوت يسمع من السّماء، في النّصف من شهر رمضان، تخرج له العواتق من البيوت.
و عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يكون في رمضان صوت» .
ص:139
قالوا: يا رسول اللّه، في أوّله أو وسطه أو في آخره؟
قال (1): «بل في النّصف من شهر رمضان، إذا كانت ليلة النّصف ليلة الجمعة، يكون صوت من السّماء، يصعق له سبعون ألفا، و يخرس فيه سبعون ألفا، و تفتق فيه سبعون ألف عذراء» .
قالو: فمن السّالم يا رسول اللّه؟
قال: «من لزم بيته، و تعوّذ بالسّجود، و جهر بالتّكبير» .
قال: «و يتبعه صوت آخر، فالصّوت الأوّل صوت جبريل، و الصّوت الثّاني صوت الشّيطان، فالصّوت في رمضان، و المعمعة في شوّال، و تميّز القبائل في ذي القعدة و يغار على الحاجّ في ذي الحجّة و المحرّم.
و أمّا المحرّم أوّله بلاء، و آخره فرج على أمّتي.
راحلة في ذلك الزّمان ينجو عليها المؤمن خير من دسكرة (2)تغلّ (3)مائة ألف» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (4)هكذا.
و أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، ابن المنادي، من
ص:140
حديث ابن الدّيلميّ، و زاد فيه بعد قوله: «يصعق له سبعون ألفا» ، قال:
«و يعمى سبعون ألفا، و يتيه (1)سبعون ألفا» ، ثمّ ذكر الباقي بمعناه.
و عن شهر بن حوشب (2)، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «في المحرّم ينادي مناد من السّماء، ألا إنّ صفوة اللّه من خلقه فلانا، فاسمعوا له و أطيعوا، في سنة الصّوت و المعمعة» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن عبد اللّه بن مسعود (4)رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «إذا كانت صيحة في رمضان، فإنّه يكون معمعة في شوّال، و تميّز القبائل في ذي القعدة، و تسفك الدّماء في ذي الحجّة و المحرّم، و ما (5)المحرّم؟» يقولها ثلاثا «هيهات، هيهات، يقتل النّاس فيها هرجا، هرجا» .
قال: قلنا، و ما الصّيحة يا رسول اللّه؟
قال: هدّة في النّصف من رمضان، ليلة جمعة، و تكون هدّة توقظ النّائم، و تقعد القائم، و تخرج العواتق من خدورهنّ، في ليلة جمعة من
ص:141
سنة كثيرة الزّلازل، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة، فادخلوا بيوتكم، و أغلقوا أبوابكم، و سدّوا كواكم (1)، و دثّروا (2)أنفسكم، و سدّوا آذانكم، فاذا أحسستم بالصّيحة فخرّوا للّه تعالى سجّدا و قولوا: سبحان القدّوس، سبحان القدّوس (3)فانّه من فعل ذلك نجا، و من لم يفعل ذلك هلك» .
أخرجه (4)الإمام أبو عبد اللّه 4نعيم بن حمّاد (5)في كتاب «الفتن» 5.
و عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «سيكون في رمضان صوت، و في شوّال معمعة، و في ذي القعدة تحارب (6)القبائل، و علامته ينهب (7)الحاجّ، و تكون ملحمة بمنى، يكثر فيها القتلى، و تسيل فيها الدّماء حتّى تسيل دماؤهم على الجمرة، حتى يهرب صاحبهم، فيؤتى بين الرّكن و المقام، فيبايع و هو كاره، و يقال له: إن أبيت ضربنا عنقك. يرضى به (8)ساكن السّماء و ساكن الأرض» .
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (9).
ص:142
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أحسبه رفعه، قال: «يسمع في شهر رمضان صوت من السّماء، و في شوّال همهمة، و في ذي القعدة تحزّب (1)القبائل، و في ذي الحجّة يسلب الحاجّ، و في المحرّم الفرج» .
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي (2)في كتاب «الملاحم» 2.
و عن أمير المؤمنين، عليّ عليه السّلام، قال: انظروا الفرج في ثلاث.
قلنا: يا أمير المؤمنين، و ما هي؟
قال: اختلاف أهل الشّام بينهم، و الرّايات السّود من خراسان، و الفزعة في شهر رمضان.
فقيل: و ما الفزعة في شهر رمضان؟
قال: أو ما سمعتم قول اللّه عزّ و جلّ في القرآن: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، و هي آية تخرج الفتاة من خدرها، و توقظ النّائم، و تفزع اليقظان.
و عن شهر بن حوشب، قال: كان يقال: في شهر رمضان صوت، و في شوّال همهمة، و في ذي القعدة تميّز القبائل، و في ذي الحجّة تسفك الدّماء، و ينهب الحاجّ في المحرّم.
قيل له: و ما الصّوت؟
ص:143
قال: هادّ من السّماء يوقظ النّائم، و يفزع اليقظان، و يخرج الفتاة من خدرها، و يسمع النّاس كلّهم، فلا يجيء رجل من أفق من الآفاق إلاّ حدّث أنّه سمعه.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي (1)في كتاب «الملاحم» 1.
و عن محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال: الصّوت في شهر رمضان، في ليلة جمعة، فاسمعوا و أطيعوا، و في آخر النهار صوت الملعون إبليس، ينادي: ألا إنّ فلانا قد قتل مظلوما. يشكّك النّاس و يفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكّ متحيّرا، فإذا سمعتم الصّوت في رمضان- يعني الأوّل-فلا تشكّوا أنّه صوت جبريل، و علامة ذلك أنّه ينادي باسم المهديّ و اسم أبيه.
و عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: إذا نادى مناد من السّماء:
إنّ الحقّ في آل محمّد. فعند ذلك يظهر المهديّ.
و عن الزّهري، قال: إذا التقى السّفيانيّ و المهديّ للقتال يومئذ يسمع صوت من السّماء: ألا إنّ أولياء اللّه أصحاب فلان. يعني المهديّ.
قال الزّهريّ: و قالت أسماء بنت عميس: إن أمارة ذلك اليوم، أنّ كفّا (2)من السّماء مدلاّة، ينظر إليها النّاس.
ص:144
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: لا يخرج المهديّ حتّى (2)تطلع مع الشّمس آية 2.
أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ، و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، قال: إذا رأيتم علامة في (4)السّماء، نار عظيمة من قبل المشرق، تطلع ليالي، فعندها فرج النّاس، و هي قدّام (5)المهديّ عليه السّلام.
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: إذا رأيتم نارا من المشرق، ثلاثة أيّام أو سبعة، فتوقّعوا فرج آل محمّد، إن شاء اللّه تعالى.
ثمّ قال: ينادي مناد من السّماء باسم المهديّ، فيسمع من بالمشرق و من بالمغرب، حتّى لا يبقى راقد إلاّ استيقظ، و لا قائم إلاّ قعد، و لا قاعد إلاّ قام على رجليه، فزعا من ذلك، فرحم اللّه عبدا سمع ذلك الصّوت فأجاب؛ فإنّ الصّوت الأوّل هو صوت جبريل الرّوح الأمين عليه السّلام.
ص:145
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «تكون هدّة في شهر رمضان، توقظ النّائم، و تفزع اليقظان، ثمّ تظهر عصابة (1)في شوّال، ثمّ معمعة في ذي الحجّة، ثمّ تهتك (2)المحارم في المحرّم، ثمّ يكون موت في صفر، ثمّ تنازع القبائل في ربيع (3)، ثمّ العجب كلّ العجب بين جمادى و رجب، ثمّ ناقة مقتبة (4)خير من دسكرة تغلّ (5)مائة ألف» .
أخرجه الحافظ الإمام أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: تكون في رمضان هدّة، توقظ النائم، و تفزع اليقظان، و في شوّال مهمهة (7)، و في ذي القعدة المعمعة، و في ذي الحجّة يسلب الحاجّ، و العجب كلّ العجب، بين جمادى و رجب.
ص:146
قيل: و ما هو؟
قال: خروج أهل المغرب على البراذين الشّهب، يسبون بأسيافهم حتّى ينتهوا إلى اللّجّون (1)، و خروج السّفيانيّ يكون له وقعة بقرقيسيا، و وقعة بعاقرقوف (2)، تسبى فيها الولدان، يقتل فيها مائة ألف، كلّهم أمير و صاحب سيف محلّى.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (3).
و عن عمرو بن شعيب (4)، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«في ذي القعدة تحارب (5)القبائل، (6)و علامته ينهب 6الحاجّ، فتكون ملحمة بمنى، يكثر فيها القتلى، و تسيل فيها الدّماء حتى تسيل دماؤهم على عقبة الجمرة، و حتّى يهرب صاحبهم، فيؤتى (7)بين الرّكن و المقام، فيبايع و هو كاره، يقال له: إن أبيت ضربنا عنقك، يبايعه مثل عدّة أهل
ص:147
بدر، و يرضى (1)عنه ساكن السّماء و ساكن الأرض» .
قال أبو يوسف: فحدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: يحجّ النّاس معا، و يعرّفون (2)معا، على غير إمام، فبينما هم نزول بمنى إذ أخذهم كالكلب (3)، فثارت القبائل بعضها (4)على بعض، فاقتتلوا 4حتّى تسيل العقبة دما، فيفزعون إلى خيرهم، فيأتونه و هو ملصق وجهه إلى الكعبة يبكي، كأنّي أنظر إلى دموعه، فيقولون: هلمّ فلنبايعك.
فيقول: و يحكم كم عهد قد نقضتموه، و كم دم قد سفكتموه!
فيبايع كرها، فإذا أدركتموه فبايعوه، فإنه المهديّ في الأرض، و المهديّ في السّماء.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5)
و أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (6).
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال: إذا بلغ العبّاسيّ
ص:148
خراسان، طلع بالمشرق القرن (1)ذو السّنين 1، و كان أوّل ما طلع بهلاك قوم نوح حين أغرقهم اللّه تعالى، و طلع في زمان إبراهيم حيث ألقوه في النّار، و حين أهلك اللّه تعالى فرعون و من معه، و حين قتل يحيى بن زكريّا، فإذا رأيتم ذلك فاستعيذوا باللّه (2)من شرّ (3)الفتن، و يكون طلوعه بعد انكساف الشّمس و القمر، ثمّ لا يلبثون حتّى يظهر الأبقع بمصر.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن كثير بن مرّة الحضرميّ، قال: آية الحوادث في رمضان علامة في السّماء، بعدها اختلاف في النّاس، فإذا أدركتها فأكثر من الطّعام ما استطعت.
أخرجه نعيم بن حمّاد (5).
و عن سيف بن عمير، قال: كنت عند أبي جعفر المنصور، فقال لي ابتداء: يا سيف بن عمير، لا بدّ من مناد ينادي من السّماء باسم رجل من ولد أبي طالب.
فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين، تروي هذا؟
ص:149
قال: إي و الذي نفسي بيده لسماع أذناي (1)له.
فقلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا.
فقال: يا سيف إنّه الحقّ، و إذا كان (2)فنحن أولى من يجيبه، أما إنّ النّداء إلى رجل من بني عمّنا.
فقلت: رجل من ولد فاطمة؟
قال: نعم يا سيف، لو لا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن عليّ و حدّثني به أهل الأرض كلّهم ما قبلته (3)، و لكنّه محمّد بن عليّ عليهما السّلام.
و عن كعب، قال: إنّه يطلع نجم من المشرق، قبل خروج المهديّ، له ذنب يضيء (4).
(5)أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» 5.
و عن شريك، أنّه قال: بلغني أنّه قبل خروج المهديّ، تنكسف الشّمس (6)في شهر رمضان مرّتين.
ص:150
أخرجه نعيم بن حمّاد (1)في كتاب «الفتن» 1.
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: للمهديّ خمس علامات؛ السّفيانيّ، و اليمانيّ، و الصّيحة من السّماء، و الخسف بالبيداء، و قتل النّفس الزّكيّة.
ص:151
ص:152
قد وردت الآثار بتبيين ما يكون لظهور الإمام المهديّ عليه السّلام من العلامات، و تواترت الأخبار بتعيين ما يتقدّم أمامه من الفتن و الحوادث و الدّلالات.
و قد تضمّن هذا الباب جملة جميلة، و شحنت فصوله من أصول أصيلة.
ثمّ ذكر (1)في هذا الفصل الأخير منها زبدها صبرة (2)، ليكتفي بها المطّلع عليه خبره (3).
فمن ذلك أحوال كريهة المنظر صعبة المراس، و أهوال أليمة المخبر و فتن الأحلاس (4)، و خروج علج من جهة المشرق يزيل ملك بني العبّاس، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، و لا يتوجّه إلى جهة إلاّ منحها،
ص:153
و لا ترفع إليه (1)راية إلاّ مزّقها، و لا يستولي على قرية حصينة إلاّ أخربها و أحرقها، و لا يحكم على نعمة (2)إلاّ أزالها، و قلّ ما يروم من الأمور شيئا إلاّ نالها، و قد نزع اللّه الرّحمة من قلبه و قلب من حالفه، و سلّطهم نقمة (3)على من عصاه و خالفه، و لا يرحمون من بكى، و لا يجيبون من شكا، يقتلون الآباء و الأمّهات، و البنين و البنات، يهلكون بلاد العجم، و العراق، و يذيقون الأمّة من بأسهم أمرّ مذاق.
و في ضمن ذلك حرب و هرب و إدبار، و فتن شداد و كرب و بوار، و كلّما قيل انقطعت تمادت و امتدّت، و متى قيل تولّت توالت (4)و اشتدّت، حتّى لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته، و لا مسلم إلاّ وصلته.
و من ذلك سيف قاطع و اختلاف شديد و بلاء عامّ حتّى تغبط الرّمم البوالي، و ظهور نار عظيمة من قبل المشرق تظهر في السّماء ثلاث ليالي، و خروج ستّين كذّابا كلّ منهم يدّعي أنّه مرسل من عند اللّه الواحد المعبود، و خسف قرية من قرى الشّام و هدم حائط مسجد الكوفة ممّا يلي دار عبد اللّه بن مسعود، و طلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّى يلتقي طرفاه أو يكاد، و حمرة تظهر
ص:154
في السّماء و تنتشر في أفقها و ليست كحمرة الشّفق المعتاد، و عقد الجسر ممّا يلي الكرخ لمدينة (1)السّلام، و ارتفاع ريح سوداء بها و خسف يهلك فيه كثير من الأنام، و بثق (2)في الفرات حتّى يدخل الماء على أهل الكوفة فيخرب كوفتهم، و نداء من السّماء يعمّ أهل الأرض، و يسمع كلّ أهل لغة بلغتهم. و مسخ قوم من أهل البدع و خروج العبيد عن (3)طاعة ساداتهم، و صوت في ليلة النّصف من رمضان، يوقظ النّائم و يفزع اليقظان، و معمعة في شوّال، و في ذي القعدة حرب و قتال، و نهب الحاجّ في ذي الحجّة، و يكثر القتل حتّى يسيل الدم على المحجّة (4)، و تهتك المحارم في الحرم، و ترتكب العظائم عند البيت المعظّم، ثمّ العجب كلّ العجب، بين جمادى و رجب، و يكثر الهرج و يطول فيه اللّبث، و يقتل ثلث و يموت الثّلث، و يكون ولاة الأمر (5)كلّ منهم جائرا، و يمسي الرجل مؤمنا و يصبح كافرا، و لعلّ هذا الكفر مثل كفر العشير، فإنّه في بعض الرّوايات إلى نحو ذلك يشير، و انسياب التّرك و نزولهم جزيرة العرب، و تجهيز الجيوش و يقتل الخليفة و تشتدّ الكرب، و ينادي مناد على سور دمشق: ويل للعرب من شرّ قد اقترب.
ص:155
و من ذلك رجل من كندة أعرج، يخرج من جهة المغرب، مقرون بألويته النّصر، فلا (1)يزال سائرا بجيشه و قوّة جأشه (2)حتّى يظهر على مصر.
و من ذلك خراب معظم البلاد حتى تعود حصيدا كأن لم تغن بالأمس، و استيلاء السّفيانيّ و جنده على الكور الخمس، و ذبح رجل هاشميّ بين الرّكن و المقام، و ركود الشّمس و كسوفها (3)في النّصف من شهر الصّيام، و خسوف القمر آخره عبرة للأنام، و تلك آيتان لم يكونا منذ أهبط اللّه آدم عليه السّلام، و فتن و أهوال كثيرة، و قتل ذريع بين الكوفة و الحيرة.
و من ذلك خروج السّفيانيّ ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، و عتوّه و تجنيده الأجناد ذوي القلوب القاسية و الوجوه العوابس، و ظهور أمره و تغلّبه على البلاد، و تخريبه المدارس و المساجد و إظهاره للظّلم و الفجور و الفساد، و تعذيبه كلّ راكع و ساجد، و قتله العلماء و الفضلاء و الزّهّاد، مستبيحا سفك الدّماء المحرّمة، و معاندته لآل محمّد أشدّ العناد متجرّيا على إهانة النّفوس المكرّمة، و الخسف بجيشه بالبيداء و من معهم من حاضر و باد جزاء بما عملوا، و يغادرهم غدرهم مثلة (4)
ص:156
للعباد و لم يبلغوا ما أمّلوا.
و آخر الفتن و العلامات قتل النّفس الزّكيّة، فعند ذلك يخرج الإمام المهديّ (1)ذو السّيرة 1المرضيّة، فيشمّر عن ساق جدّه في نصرة هذه الأمّة، حاسرا عن ساعد زنده (2)لكشف هذه الغمّة، متحرّكا لتسكين ثائرة الفتن عند التهابها، متقرّبا لتبعيد دائرة المحن بعد اقترابها، صارفا أعنّة العناية لتدارك هذا الأمر، مباشرا بنفسه الكريمة إطفاء هذا الجمر، مخلصا في تخليص البلاد من أيدي الفسقة الفجرة، كافّا عن صلحاء العباد أكفّ المرقة الكفرة، و جبريل على مقدّمته، و ميكائيل على ساقته، و الظّفر مقرون ببنوده، و النصر معقود بألويته، و قد فرح أهل السّماء و أهل الأرض و الطّير و الوحش بولايته.
فيسير إلى الشّام في طلب السّفيانيّ (3)بجأش قويّة 3و همّة سنيّة، و جيوش نصرة (4)قد طبّقت البرّيّة، (5)و نفحات نشره قد طيّبت البريّة 5، فيهزم جيش السّفيانيّ و يذبحه عند بحيرة طبريّة، فتندرس آثار الظلم (6)و تنكشف حنادس الظّلمة، و تعود المحنة منحة و الّلأواء نعمة.
ص:157
و يخرج إليه من دمشق من مواليه عدد من المئين، هو أكرم العرب فرسا و أجودهم سلاحا يؤيّد اللّه بهم الدّين.
و تقبل الرّايات السّود من قبل المشرق كأنّ قلوبهم زبر الحديد، يعيد اللّه تعالى بهم من الإسلام كلّ خلق (1)جديد (2).
ثمّ يسير إلى دمشق في جيشه العرمرم، و يقيم بها مدّة مؤيّدا منصورا و مكرّم، و يأمر بعمارة جامعها و ترميم ما و هى منها و تهدّم، و تنعم الأمّة في أيّامه نعمة لم ينعمها قبلها أحد من الأمم، فيا طوبى لمن أدرك تلك الأيّام الغرّ و تملّى بالنّظر إلى تلك الغرّة الغرّاء و لتربة تقبّل أقدامه لثم.
و لنختم هذا الفصل بأبيات من قصيدة طويلة سنيّة، يرثي قائلها فيها آل محمّد و يذكر في آخرها قتل النّفس الزّكيّة، و هي مأثورة عن علاّمة (3)الأدب، عبد اللّه بن بشّار (4)بن عقب (5)، فمنها:
أعينيّ فيضا عبرة بعد عبرة فقد حان إشفاقي و ما كنت أحذر
ص:158
أعينيّ إلاّ تدمعا لمصيبتي فغيركما عنّي أغضّ و أصبر
أعينيّ هذا الرّكن وردا تتابعوا و هم بالسّبايا دارعين و حسّر
من الأكرمين البيض من آل هاشم لهم نجم في ذروة المجد تزهر (1)
بهم فجعتنا و الفجائع كاسمها تميم و بكر و السّكون و حمير (2)
ففي كلّ حيّ بضعة من دمائنا لها زمن يعلو سناه و يشهر (3)
كأنّ بني بيت النبيّ و رهطه هدايا بدون حول بيت تعقّر (4)
غداة التقى أهل العراق عليهم جلابيب بيض فوقهنّ السّنوّر (5)
رشوا المال فينا فارتشوا في دمائنا قليلا و لو أعطوا القليل تصبّروا
لعمرك ما آووا و لا نصروا الهدى و لا اتّبعوا الحقّ المنير فينظروا
لهم كلّ عام راكب و صحيفة بتطريدنا في الأرض تطوى و تنشر
دعتنا إليها عصبة لنجيبها إلى نفي جور ناره تتسعّر
فلمّا بلغنا علم ذي الموت للّتي دعونا إليها أحجموا و تحيّروا (6)
و هزّوا القنا و المشرقيّة و اتّقوا بنا حرّها عند اللّقاء و دخّروا (7)
ص:159
صبرنا و كان الصبر منّا حميّة بنو هاشم إنّا بذلك أجدر
و إنّا متى نفخر عليهم يكن لنا بأحمد مجد لا يرام و مفخر
و حمزة منّا رأس كلّ شهادة تعدّ و منّا ذو الجناحين جعفر
و منّا عليّ سيّد النّاس كلّهم و قائدهم بعد النبيّ مبشّر
و أنّا خصصنا بالمودّة دونهم و إنّ لنا الفضل الذي ليس ينكر
فللّه قتلانا و سفك دمائنا و ذمّتنا إذ تستباح و تخفر
و يقتل من أشياع آل محمّد و يصلب منهم من يسمّى و يذكر
و للجيش بالبيداء في الخسف عبرة فيرجع منها مقبل القلب مدبر
و في قتل نفس بعد ذاك زكيّة أمارات حقّ عند من يتذكّر
(1)عن عامر، قال: سألت عبد اللّه بن بشّار، عن النّفس الزّكيّة، قال: هو من أهل البيت، و عند قتلها ظهور المهديّ عليه السّلام 1.
و آخر عند البيت يقتل ضيعة يقوم فيدعو للإمام فينحر
و تدخل نار جوف كوفة ضحوة تسيل بها سيلا فتحرق أدور
و يبعث أهل الشّام بعثا عليهم بناحية البيداء خسف مقدّر
و خيل تعادى بالكماة كأنّها هي الرّيح إذ تحت العجاجة تصبر
يقود نواصيها شعيب بن صالح إلى سيّد من آل هاشم يزهر
على شقّه شقّ اليمين علامة لدى الخدّ عند الصّدغ خال منوّر
ص:160
ص:161
ص:162
الباب الخامس في أنّ اللّه تعالى يبعث من يوطىء له قبل إمارته
عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون عن الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة» .
أخرجه الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجّاج في «صحيحه» (1).
و عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين على من ناوأهم، حتّى يقاتل آخرهم المسيح الدّجّال» .
قال معاذ بن جبل: و هم بالشّام.
ص:163
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (1).
و في رواية: «لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أبواب دمشق و ما حولها، و على أبواب بيت المقدس و ما حولها، لا يضرّهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحقّ إلى أن تقوم السّاعة» .
و في رواية: «على أبواب الطّالقان (2)، حتّى يخرج اللّه كنزه من الطّالقان، فيجيء به كما كتب (3)من قبل» .
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، أنّه قال: ويحا (4)للطّالقان، فإنّ للّه عزّ و جلّ بها كنوزا ليست من ذهب و لا فضّة و لكن بها رجال عرفوا اللّه حقّ معرفته، و هم أنصار المهديّ آخر الزّمان.
أخرجه الحافظ أبو نعيم (5)الكوفيّ «في كتاب الفتوح» .
ص:164
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول:
«إذا وقعت الملاحم خرج بعث من الموالي من دمشق، هم أكرم العرب فرسا (1)، و أجوده (2)سلاحا، يؤيّد اللّه بهم الدّين» .
أخرجه أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (3)، و قال: حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (4).
و الإمام أبو الحسن الرّبعيّ المالكيّ (5).
و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» كلّهم بمعناه.
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: يبعث اللّه المهديّ بعد إياس، و حتّى تقول النّاس: لا مهديّ، و أنصاره من أهل الشّام،
ص:165
عدّتهم (1)ثلاثمائة و خمسة عشر رجلا، عدّة أصحاب بدر، يسيرون إليه من الشّام حتّى يستخرجوه من بطن مكّة، من دار عند الصّفا، فيبايعونه كرها، فيصلّي بهم ركعتين صلاة المسافر عند المقام، [ثمّ] (2)، يصعد المنبر.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن علقمة بن قيس، و عبيدة السّلمانيّ، عن عبد اللّه بن مسعود، قال:
أتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فخرج إلينا مستبشرا، يعرف السّرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلاّ أخبرنا به، و لا سكتنا إلاّ ابتدأنا، حتّى مرّت فئة من بني هاشم، فيهم الحسن و الحسين، فلمّا رآهم (4)خبّر بممرّهم 4، و انهملت عيناه، فقلنا: يا رسول اللّه، ما نزال نرى في وجهك شيئا تكرهه (5).
فقال: «إنّا أهل البيت (6)اختار اللّه لنا الآخرة على الدّنيا، و إنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا و تشريدا في البلاد، حتّى ترفع رايات سود من المشرق، فيسالون الحقّ فلا يعطونه، ثمّ يسالونه فلا يعطونه (7)،
ص:166
فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم و من (1)أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي، و لو حبوا على الثّلج؛ فإنّها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» هكذا (2).
(3)و رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ 3.
(4)و الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه (5).
و الحافظ أبو عبد اللّه 4نعيم بن حمّاد (6)كلّهم بمعناه.
و عن عبد اللّه بن الحارث بن جزء الزّبيديّ، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج أناس (7)من المشرق، فيوطّئون للمهديّ» يعني سلطانه.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (8).
و الحافظ أبو بكر البيهقيّ رحمه اللّه تعالى.
ص:167
و عن ثوبان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إذا رأيتم الرّايات السّود قد أقبلت من خراسان، فأتوها و لو حبوا على الثّلج؛ فإنّ فيها خليفة اللّه المهديّ» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» هكذا.
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)بمعناه، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و رواه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (2).
و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» (3). كلاهما بمعناه.
و لعلّ معنى (4)قوله عليه الصّلاة و السّلام: «فإنّ فيها خليفة اللّه المهديّ» ، أي (5)فيها توطئة و تمهيدا لسلطانه، كما سبق في حديث عبد اللّه بن الحارث آنفا.
و عن سعيد بن المسيّب رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج من المشرق رايات سود لبني العبّاس، ثمّ يكون ما شاء اللّه، ثمّ تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من آل أبي سفيان، و أصحابه من المشرق يؤدّون الطّاعة للمهديّ» .
ص:168
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (1).
و عن محمّد بن الحنفيّة، قال: تخرج راية من خراسان، ثمّ تخرج أخرى، ثيابهم بيض، على مقدّمتهم رجل من بني تميم، يوطّيء للمهديّ سلطانه، بين خروجه و بين أن يسلّم النّاس للمهديّ سلطانه اثنان و سبعون شهرا.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ، في «سننه» (2).
و عن ثوبان رضي اللّه عنه، قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة، ثمّ لا يصير إلى واحد منهم، ثمّ تطلع الرّايات السّود من قبل المشرق. فيقاتلونهم قتالا لم يقاتله قوم» . ثمّ ذكر شيئا.
فقال: «إذا رأيتموه فبايعوه: و لو حبوا على الثّلج؛ فإنّه خليفة اللّه المهديّ» (3).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» ، و قال: هذا حديث صحيح، على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و أخرجه جماعة من أئمّة الحديث بمعناه؛ منهم: أبو عبد اللّه بن ماجه القزوينيّ، و أبو عمرو الدّانيّ (4)، و أبو نعيم الأصبهانيّ.
ص:169
و قالوا موضع قوله «ثمّ ذكر شيئا فقال» : «ثمّ يجيء خليفة اللّه المهديّ» .
و عن أبي قبيل، عن (1)أبي رومان، عن عليّ عليه السّلام، قال: يلتقي السّفيانيّ ذا (2)الرّايات السّود، فيهم شابّ من بني هاشم، في كفّه اليسرى خال، و على مقدّمته رجل من بني تميم، يقال له شعيب بن صالح، بباب إصطخر (3)، فتكون بينهم ملحمة عظيمة، و تظهر الرّايات السّود، و تهرب خيل السّفيانيّ، فعند ذلك يتمنّى النّاس المهديّ و يطلبونه.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: يخرج رجل من ولد الحسين، من قبل المشرق، و لو (5)استقبلته الجبال هدمها، و اتّخذ فيها طرقا.
أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ.
و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» .
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال: يخرج شاب من
ص:170
بني هاشم، بكفّه اليمنى خال، من خراسان، برايات سود، بين يديه شعيب بن صالح، يقاتل أصحاب السّفيانيّ فيهزمهم.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (1).
و عن شريح بن عبيد، و راشد بن سعد، و ضمرة (2)بن حبيب، عن مشايخهم، قالوا: يبعث السّفيانيّ خيله و جنوده، فتبلغ عامّة المشرق من أرض خراسان و أهل فارس، فيثور بهم أهل المشرق فيقاتلونهم، و تكون بينهم وقعات في غير موضع، فإذا طال عليهم قتالهم إيّاه بايعوا رجلا من بني هاشم، و هم (3)يومئذ في آخر الشّرق، فيخرج بأهل خراسان، على مقدّمته رجل من بني تميم، (4)مولى لهم 4، أصفر قليل اللّحية، يخرج (5)إليه في (6)خمسة آلاف إذا بلغه خروجه، فيبايعه فيصير على مقدّمته، لو استقبلته الجبال الرّواسي لهدمها، فيلتقي هو و خيل السّفيانيّ، فيهزمهم و يقتل منهم مقتلة عظيمة، فلا يزال يخرجهم من بلدة إلى بلدة، حتّى يهزمهم إلى العراق، ثمّ تكون بينهم
ص:171
و بين خيل السّفيانيّ وقعات، ثمّ تكون الغلبة للسّفيانيّ، و يهرب الهاشميّ، و يخرج شعيب بن صالح مختفيا إلى بيت المقدس، يوطّىء للمهديّ منزله، إذا بلغه خروجه إلى الشّام.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في (كتاب «الفتن» (1)) .
و عن بعض أهل العلم، قال: بلغني أنّ هذا الهاشميّ أخو المهديّ لأمّه (2)(3).
و قال بعضهم: هو ابن عمّه؛ لأنّه لا يموت، و لكن بعد الهزيمة يخرج إلى مكّة، فإذا ظهر المهديّ خرج معه.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد أيضا (في كتاب «الفتن» (4)) .
و عن عليّ بن أبي طالب، عليه السّلام قال: يخرج رجل قبل المهديّ، من أهل بيته بالمشرق (5)، يحمل السّيف على عاتقه ثمانية
ص:172
أشهر، يقتل و يمثّل و يتوجّه إلى بيت المقدس فلا يبلغه (1)حتّى يموت.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال: تنزل الرّايات السّود التي تقبل من خراسان الكوفة، فإذا ظهر المهديّ بمكّة بعث بالبيعة إلى المهديّ.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و عن ثوبان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «تجيء الرّايات السّود من قبل المشرق، كأنّ قلوبهم زبر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم فيبايعهم، و لو حبوا على الثّلج» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن الحسن، أن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم ذكر بلاء يلقاه أهل بيته، حتّى يبعث اللّه راية من (4)المشرق 4سوداء، من نصرها نصره اللّه، و من خذلها خذله اللّه، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي، فيولّونه أمرهم، فيؤيّده اللّه و ينصره.
ص:173
أخرجه نعيم بن حمّاد (1).
و عن عليّ عليه السّلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرج رجل من وراء النّهر، يقال له الحارث بن حرّاث، على مقدّمته رجل يقال له منصور، يوطّىء أو يمكّن لآل محمّد، كما مكّنت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قريش، وجب على كلّ مؤمن نصره» (2)، أو قال: «إجابته» .
أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» (3).
و الحافظ أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» (4).
و الإمام الحافظ أبو بكر البيهقيّ.
و رواه الشيخ أبو محمّد الحسين في كتاب «المصابيح» (5).
و عن الحسن، قال: يخرج بالرّيّ رجل ربعة أشمّ (6)، مولى لبني تميم، كوسج (7)، يقال له: شعيب بن صالح، في أربعة آلاف، ثيابهم بيض، و راياتهم سود، يكون (8)على مقدّمة المهديّ، لا يلقاه أحد إلاّ فلّه (9).
ص:174
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن محمّد بن الحنفيّة، قال: كنّا عند عليّ عليه السّلام، فسأله رجل عن المهديّ، فقال: هيهات، ثمّ عقد بيده سبعا، فقال: ذاك يخرج في آخر الزّمان، إذا قال الرجل: اللّه اللّه قتل، فيجمع اللّه تعالى له قوما، قزع كقزع السّحاب، يؤلّف اللّه بين قلوبهم، لا يستوحشون، إلى أحد، و لا يفرحون بأحد دخل فيهم على عدّة أصحاب (2)بدر، لم يسبقهم الأوّلون، و لا يدركهم الآخرون، على عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النّهر.
قال أبو الطّفيل: قال ابن الحنفيّة: أ تريده؟
قلت (3): نعم.
قال: فإنّه يخرج من بين هذين الخشبتين.
قلت: لا جرم، و اللّه لا أريمهما حتّى أموت.
فمات بها، يعني مكّة حرسها اللّه تعالى.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (4)، و قال هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
ص:175
و عن عبد اللّه بن مسعود، رضي اللّه عنه قال: إذا انقطعت التّجارات للطّرق، و كثرت الفتن، خرج سبعة علماء (1)من آفاق (2)شتّى على غير ميعاد، يبايع لكلّ رجل منهم ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا، حتّى يجتمعوا بمكّة، فيقول بعضهم لبعض: ما جاء بكم؟
فيقولون: جئنا في طلب هذا الرّجل الذي ينبغي أن تهدا على يديه هذه الفتن، و تفتح له القسطنطينيّة، قد عرفناه باسمه و اسم أبيه و أمّه و حليته.
فتتّفق السّبعة على ذلك، فيطلبونه، فيصيبونه (3)بمكّة، فيقولون له:
أنت فلان (4)ابن فلان 4؟
فيقول: لا، أنا رجل من الأنصار. حتّى يفلت منهم.
فيصفونه لأهل الخبرة و المعرفة، فيقال: هو صاحبكم الذي تطلبونه، و قد لحق بالمدينة.
(5)و يطلبونه بالمدينة 5، فيخالفهم إلى مكّة، فيطلبونه بمكّة فيصيبونه، فيقولون له: أنت فلان ابن فلان، و أمك فلانة بنت فلانة، و فيك آية كذا
ص:176
و كذا، فقد (1)أفلتّ (2)منّا مرّة، فمدّ يدك نبايعك.
فيقول: لست بصاحبكم، أنا فلان ابن فلان الأنصاريّ، مرّوا بنا أدلّكم على صاحبكم. حتّى يفلت منهم.
فيطلبونه بالمدينة (3)، فيصيبونه (4)بمكّة عند الرّكن، فيقولون: إثمنا عليك، و دماؤنا (5)في عنقك 5، إن لم تمدّ يدك نبايعك.
هذا عسكر السّفيانيّ، قد توجّه في طلبنا، عليهم رجل من جرم (6).
فيجلس بين الرّكن و المقام، فيمدّ يده، فيبايع له.
و يلقي اللّه محبّته في صدور النّاس، فيسير مع قوم أسد بالنّهار، و رهبان باللّيل.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (7).
و عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرج رجل من أهل بيتي، في تسع رايات» يعني بمكّة.
ص:177
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (1)في كتاب «الفتن» 1.
و عن (2)أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام 2، قال: يكون لصاحب هذا الأمر-يعني المهديّ عليه السّلام-غيبة في بعض هذه الشّعاب، و أوما بيده إلى ناحية ذي طوى (3)، حتّى إذا كان قبل خروجه، انتهى المولى الذي يكون معه (4)حتّى يلقى بعض أصحابه 4، فيقول: كم أنتم ههنا؟
فيقولون: نحو من أربعين رجلا (5).
فيقول: كيف أنتم (6)لو رأيتم صاحبكم؟
فيقولون: و اللّه لو ناوى الجبال لنناوينّها معه.
ثمّ يأتيهم من القابلة، فيقول: استبرئوا من رؤساكم أو خياركم عشرة، فيستبرئون له، فينطلق بهم، حتّى يلقوا (7)صاحبهم، و يعدهم الليلة التي تليها.
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: لصاحب
ص:178
هذا الأمر-يعني المهديّ عليه السّلام-غيبتان؛ إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات. و بعضهم: قتل. و بعضهم: ذهب. و لا يطّلع على موضعه أحد من وليّ و لا غيره، إلاّ المولى الذي يلي أمره.
ص:179
ص:180
ص:181
ص:182
الباب السادس في ما يظهر له من الكرامات في مدّة خلافته
عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج المهديّ على رأسه عمامة، فيها ملك ينادي: هذا المهديّ خليفة اللّه فاتّبعوه» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «مناقب المهديّ» .
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«المهديّ منّا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة واحدة» .
أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم؛ منهم: الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (1).
ص:183
و الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (1).
و الحافظ أبو بكر البيهقيّ.
و الإمام أبو عمرو الدّانيّ (2).
و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3).
و الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ.
و الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ (4)رضي اللّه عنهم.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: إذا نادى مناد من السّماء: إنّ الحقّ في آل محمّد فعند ذلك يظهر المهديّ.
أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «مناقب المهديّ» .
(5)و رواه الحافظ 5أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (6).
ص:184
و عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، في قصة المهديّ عليه السّلام، و مبايعته بين الرّكن و المقام، و خروجه متوجّها إلى الشّام، قال: «و جبريل على مقدّمته، و ميكائيل على ساقته، يفرح به أهل السّماء و أهل الأرض، و الطير، و الوحوش (1)و الحيتان في البحر» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (2).
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، في قصّة المهديّ عليه السّلام، قال: أمّا المهديّ الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، و تأمن البهائم السّباع، و تلقي الأرض أفلاذ كبدها.
قلت: و ما أفلاذ كبدها؟
قال: أمثال الأسطوانة من الذّهب و الفضّة.
أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه في «مستدركه» (3)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال (4): ينادي مناد من السّماء باسم المهديّ، فيسمع من بالمشرق و من بالمغرب، حتّى لا يبقى راقد إلاّ استيقظ.
ص:185
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال (1): تختلف ثلاث رايات، راية بالمغرب، و راية بالجزيرة، و راية بالشّام، تدوم الفتنة بينهم سنة.
ثمّ ذكر خروج (2)السّفيانيّ، و ما يفعله من الظّلم و الفجور.
ثمّ ذكر خروج المهديّ، و مبايعة النّاس له بين الرّكن و المقام.
ثمّ يسير بالجيوش حتّى يصير بوادي القرى (3)، في هدوء و رفق، و يلحقه هنالك ابن عمّه الحسنيّ، في اثنا عشر ألف فارس، فيقول له: يا ابن عمّ أنا أحقّ بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن، و أنا المهديّ.
(4)فيقول له المهديّ عليه السّلام: بل أنا المهديّ 4.
فيقول له الحسنيّ: هل لك من آية فأبايعك؟
فيومىء المهديّ عليه السّلام إلى الطّير فيسقط على يده، و يغرس قضيبا في بقعة من الأرض، فيخضرّ و يورق.
فيقول له الحسنيّ: يا ابن عمّ هي لك.
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، في قصّة فتح القسطنطينيّة،
ص:186
قال: فيركز لواءه-يعني المهديّ عليه السّلام-و يأتي الماء ليتوضّأ لصلاة الصّبح.
قال: فيتباعد (1)منه (2)، فإذا رأى ذلك أخذ لواءه، فاتّبع الماء حتّى يجوز من تلك الناحية، ثمّ يركزه، ثمّ ينادي: أيّها النّاس، اعبروا (3)، فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد فرق (4)لكم البحر، كما فرقه (5)لبني إسرائيل.
قال: فيجوز النّاس، فيستقبل القسطنطينيّة، فيكبّرون، فيهتزّ حائطها، (6)ثمّ يكبّرون فيهتزّ 6، ثمّ (7)يكبّرون 7فيسقط منها ما بين اثني عشر برجا. و ذكر باقي الحديث.
أخرجه الإمام أبو عمرو (8)عثمان بن سعد المقري 8في «سننه» .
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة المهديّ و فتوحاته قال: ثمّ يسيرو من معه من المسلمين؛ لا يمرّون على حصن من بلد الرّوم إلاّ قالوا عليه: لا إله إلاّ اللّه. فتتساقط حيطانه، ثمّ
ص:187
ينزل من القسطنطينيّة، فيكبّرون تكبيرات (1)، فينشف خليجها، و يسقط سورها، ثمّ يسير إلى روميّة، فإذا نزل عليه (2)كبّر المسلمون ثلاث تكبيرات، فتكون كالرّملة على نشز (3). و ذكر باقي الحديث.
و عن أبي جعفر (4)محمّد بن عليّ 4عليه السّلام، أنّه قال: يكون هذا الأمر في أصغرنا سنّا، و أجملنا ذكرا، و يورثه اللّه تعالى علما، و لا يكله إلى نفسه (5).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: يومىء المهديّ عليه السّلام إلى الطّير فيسقط على يده، و يغرس قضيبا في بقعة من الأرض، فيخضرّ و يورق.
ص:188
ص:189
ص:190
الباب السابع في شرفه و عظيم منزلته
عن أبي سعيد الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ينزل بأمّتي في آخر الزّمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشدّ منه، حتّى تضيق بهم (1)الأرض الرّحبة، و حتّى تملأ الأرض جورا و ظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجىء إليه (2)من الظّلم 2، فيبعث اللّه عزّ و جلّ رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا، يرضى عنه ساكن السّماء و ساكن الأرض، لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا إلاّ أخرجته، و لا السّماء من قطرها شيئا (3)إلاّ صبّه اللّه 3عليهم مدرارا،
ص:191
يعيش فيهم سبع سنين، أو ثمان (1)أو تسع 1، يتمنّى الأحياء الأموات، ممّا صنع اللّه عزّ و جلّ بأهل الأرض من خيره» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (2)، و قال:
هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و ذكر الإمام أبو إسحاق الثّعلبيّ في «تفسير القرآن العزيز» ، في قصّة أصحاب الكهف، قال: و أخذوا مضاجعهم، فصاروا إلى رقدتهم، إلى آخر الزمان، عند خروج المهديّ عليه السّلام، يقال: إنّ المهديّ يسلّم عليهم، فيحييهم اللّه عزّ و جلّ، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم، فلا يقومون إلى يوم القيامة.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قلت: يا رسول اللّه، (3)أمنّا آل محمّد المهديّ، أو 3من غيرنا؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «بل منّا، يختم اللّه به الدّين، كما فتحه بنا، و بنا ينقذون من الفتن، كما أنقذوا من الشّرك (4)، و بنا يؤلّف اللّه بين قلوبهم (5)بعد عداوة الفتنة إخوانا، كما ألّف بين قلوبهم 5بعد عداوة الشّرك، و بنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا، كما أصبحوا بعد عداوة الشّرك
ص:192
إخوانا في دينهم» .
أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم؛ منهم أبو نعيم الأصبهانيّ (1)، و أبو القاسم الطّبرانيّ (2)، و عبد الرّحمن بن [أبي] (3)حاتم، و الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (4)في كتاب «الفتن» 4.
و ذكر الإمام أبو إسحاق الثّعلبيّ في تفسير قوله تعالى: حم* عسق (5)، قال: قال بكر بن عبد اللّه (6)المزنيّ: ح: حرب يكون بين قريش و الموالي، فتكون الغلبة لقريش على الموالي، م: ملك بني أميّة، ع: علوّ ولد العبّاس، س: سنا المهديّ، ق: قوّة عيسى حين ينزل، فيقتل النّصارى، و يخرّب البيع (7).
و عن طاووس، قال: وددت لو أنّي لا أموت حتّى أدرك زمان
ص:193
المهديّ، يزاد المحسن في إحسانه، و يتاب على المسيء من إساءته، و هو يبذل المال، و يشتدّ على العمّال، و يرحم المساكين.
أخرجه (1)الإمام أبو عبد اللّه 1نعيم بن حمّاد 1في كتاب «الفتن» 1.
و عن كعب الأحبار (2)، قال: ينزل رجل من بني هاشم بيت المقدس، حرسه اثنا عشر ألفا.
و في رواية عنه أيضا قال: حرسه ستّة و ثلاثون ألفا، على كلّ طريق لبيت المقدس اثنا عشر ألفا.
أخرجهما الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«يخرج في آخر أمّتي المهديّ، يسقيه اللّه الغيث، و تخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحا، و تكثر الماشية، و تعظم الأمّة، يعيش سبعا أو ثمانيا» ، يعني حججا.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم، في «مستدركه» (3)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «نحن
ص:194
سبعة بنو عبد المطّلب، سادات أهل الجنّة، أنا، و أخي عليّ، و عمّي حمزة، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و المهديّ» .
أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم؛ منهم:
الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (1).
و أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ. و غيرهم (2)رضي اللّه عنهم.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «تنعم أمّتي في زمن المهديّ نعمة لم يتنعّموا مثلها قطّ، ترسل السّماء عليهم مدرارا، و لا تدع الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته» .
رواه الحافظ أبو نعيم، في «صفة المهديّ» .
و الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمعه» .
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «المهديّ منّا، يختم الدّين بنا، كما فتح بنا» .
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ.
و عن (3)جابر، عن 3، أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال:
ص:195
يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء، و معه راية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قميصه، و سيفه، و علامات، و نور، و بيان، فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته، يقول: أذكّركم اللّه أيّها النّاس، و مقامكم بين يدي ربّكم، فقد اتّخذ الحجّة، و بعث الأنبياء، و أنزل الكتاب، و أمركم أن لا تشركوا به شيئا، و أن تحافظوا على طاعته و طاعة رسوله، و أن تحيوا ما أحيى القرآن، و تميتوا ما أمات (1)، و تكونوا أعوانا على الهدى، و وزرا (2)على التّقوى؛ فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها و زوالها، و أذنت بالوداع، و إنّي أدعوكم إلى اللّه و إلى (3)رسوله، و العمل بكتابه، و إماتة الباطل، و إحياء سنّته (4).
فيظهر في ثلاثمائة و ثلاثة عشر، عدّة أهل بدر، على غير ميعاد، و قزعا كقزع (5)الخريف، و رهبان باللّيل أسد بالنّهار.
فيفتح اللّه تعالى للمهديّ أرض الحجاز، و يستخرج من كان (6)في السّجن 6من بني هاشم.
و تنزل الرّايات السّود الكوفة، فتبعث بالبيعة إلى المهديّ.
و يبعث المهديّ جنوده في الآفاق، و يميت الجور و أهله، و يستقيم
ص:196
له البلدان. و يفتح اللّه على يديه القسطنطينيّة.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لن تهلك أمّة أنا في أوّلها، و عيسى بن مريم في آخرها، و المهديّ في وسطها» (2).
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل (في «مسنده» (3)) .
و رواه الحافظ أبو نعيم في «عواليه» .
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «أبشروا أبشروا، إنّما أمّتي كالغيث، لا يدرى آخره خير أم أوّله، أو كحديقة أطعم منها فوج عاما، لعلّ آخرها فوجا يكون أعرضها عرضا، و أعمقها عمقا، و أحسنها حسنا، كيف تهلك أمّة أنا أوّلها، و المهديّ أوسطها، و المسيح آخرها، و لكن بين ذلك ثبج (4)أعوج، ليس منّي، و لا أنا منهم» .
ص:197
أخرجه الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» .
و عن الأوزاعيّ، عن يحيى، أو عن عروة بن رويم (1)، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «خيار أمّتي أوّلها و آخرها، و بين ذلك ثبج أعوج، ليس منّي، و لست منه» .
أخرجه الإمام أبو محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدّينوريّ في «غريب الحديث» (2)، و قال: الثّبج: الوسط.
قال أبو زيد: يقال ضرب بالسّيف ثبج الرّجل، أي وسطه، و الجمع:
أثباج.
و عن سليمان بن عيسى، قال: بلغني أنّه على يدي المهديّ يظهر تابوت السّكينة من بحيرة طبريّة، حتّى يحمل، فيوضع بين يديه ببيت المقدس، فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلاّ قليلا منهم.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه. قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لن تهلك أمّة أنا أوّلها، و مهديّها وسطها، و المسيح بن مريم آخرها» .
ص:198
أخرجه الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» (1).
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«المهديّ طاووس أهل الجنّة» .
أخرجه الدّيلميّ (2)، في كتاب «الفردوس» .
و عن عوف بن محمّد (3)، قال: كنّا نتحدّث أنّه يكون في هذه الأمّة خليفة لا يفضّل عليه أبو بكر و عمر رضي اللّه عنهما.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (4).
و عن محمّد بن سيرين، قيل له: المهديّ خير، أو أبو بكر و عمر؟
قال: هو خير (5)منهما، و يعدل نبيّا (6).
و في رواية عنه، أنّه ذكر فتنا (7)، تكون، فقال: إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم، حتّى تسمعوا على النّاس بخير من أبي بكر و عمر.
قيل: يا أبا بكر، خير من أبي بكر و عمر!
قال: قد كان يفضّل على بعض الأنبياء عليهم السّلام.
ص:199
أخرجهما الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة المهديّ عليه السّلام، و ظهور أمره، قال: «فتخرج (2)الأبدال من الشّام و أشباههم، و يخرج إليه 2النّجباء من مصر، و عصائب أهل الشّرق و أشباههم، حتّى يأتوا مكّة، فيبايع له بين زمزم و المقام، ثمّ يخرج متوجّها إلى الشّام، و جبريل على مقدّمته، و ميكائيل على ساقته، يفرح به أهل السّماء و أهل الأرض، و الطّير، و الوحوش (3)، و الحيتان في البحر، و تزيد المياه في دولته، و تمدّ الأنهار، و تضعف الأرض أكلها، و تستخرج الكنوز» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (4).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: المنصور المهديّ يصلّي عليه أهل الأرض، و طير السّماء، يبتلى بقتل الرّوم و الملاحم عشرين سنة، ثمّ يقتل شهيدا هو و ألفان معه، كلّهم أمير صاحب راية، فلم (5)تصب المسلمين 5مصيبة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أعظم منها.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (6)في كتاب «الفتن» 6.
ص:200
و عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، عن أبيه، عن مجاهد، قال: قال لي عبد اللّه بن عبّاس: لو لم أر (1)أنّك مثل (2)أهل البيت، ما حدّثتك بهذا الحديث.
قال: فقال مجاهد، فإنّه في ستر (3)، لا أذكره لمن تكره.
قال: فقال ابن عباس: منّا أهل البيت أربعة؛ منّا السّفّاح، و منّا المنذر، و منّا المنصور، و منّا المهديّ.
فقال له مجاهد: (4)فبيّن لي هؤلاء الأربعة.
فذكر له حال السّفّاح، و المنذر، و المنصور، ثمّ قال: و أمّا (5)المهديّ 4الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، و تأمن البهائم السّباع، و تلقي الأرض أفلاذ كبدها.
قال: قلت: و ما أفلاذ كبدها؟
قال: أمثال الأسطوانة من الذّهب و الفضّة.
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6)، و قال:
هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
ص:201
و عن كعب الأحبار (1)، قال: قال قتادة: المهديّ خير النّاس، أهل نصرته و بيعته [من أهل كوفان (2)و اليمن و أبدال الشّام] (3)، مقدّمته جبريل، و ساقته ميكائيل، محبوب في الخلائق، يطفيء اللّه تعالى به الفتنة العمياء، و تأمن الأرض حتّى إنّ المرأة لتحجّ في خمس نسوة ما معهنّ رجل، لا يتّقي شيئا إلاّ اللّه عزّ و جلّ، تعطي الأرض بركاتها (4)(5)و السّماء بركاتها 5.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (6).
و عن الحكم بن عتيبة (7)، قال: قلت لمحمّد بن عليّ عليهما السّلام:
سمعنا أنّه سيخرج منكم رجل يعدل هذه الأمّة.
قال: إنّا نرجوا ما يرجوا النّاس، و إنّا نرجوا لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد، سيطول (8)ذلك اليوم، حتّى يكون ما ترجو هذه الأمّة. و ذكر باقي الحديث.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (9).
ص:202
و عن عليّ بن عليّ الهلاليّ، (1)عن أبيه 1، قال: دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو في الحالة التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتّى ارتفع صوتها، فرفع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طرفه (2)إليها، فقال: «حبيبتي فاطمة، ما الّذي يبكيك؟» .
قالت: أخشى الضّيعة من بعدك.
فقال: «يا حبيبتي، أما علمت (3)أنّ اللّه اطّلع على أهل الأرض اطّلاعة، فاختار منها أباك، فبعثه برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة، فاختار منها (4)بعلك، و أوحى إلىّ أن أنكحك إيّاه، يا فاطمة، و نحن أهل بيت قد أعطانا اللّه عزّ و جلّ سبع خصال، لم تعط أحدا قبلنا و لا تعطى أحدا بعدنا؛ أنا خاتم النّبيّين، و أكرم النّبيّين على اللّه عزّ و جلّ، و أحبّ المخلوقين إلى اللّه عزّ و جلّ، و أنا أبوك و وصيّي خير الأوصياء و أحبّهم إلى اللّه عزّ و جلّ، و هو بعلك، و شهيدنا خير الشّهداء، و هو حمزة بن عبد المطّلب، عمّ أبيك، و عمّ بعلك، و منّا من له جناحان أخضران، يطير بهما في الجنّة مع الملائكة حيث شاء، و هو ابن عمّ أبيك، و أخو بعلك، و منّا سبطا هذه الأمّة، و هما ابناك الحسن
ص:203
و الحسين، و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، و أبوهما-و الّذي بعثني بالحقّ-خير منهما.
يا فاطمة، و الّذي بعثني بالحقّ، إنّ منهما مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدّنيا هرجا و مرجا، و تظاهرت الفتن، و تقطّعت السّبل، و أغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، و لا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث اللّه عزّ و جلّ عند ذلك منهما من يفتح حصون الضّلالة، و قلوبا غلفا، يقوم بالدّين في آخر الزّمان، كما قمت به في أوّل الزّمان، و يملأ الدّنيا عدلا، كما ملئت جورا.
يا فاطمة، لا تحزني و لا تبكي، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أرحم بك و أرأف منّي، و ذلك لمكانك منّي، و موقعك من قلبي، قد زوّجك اللّه زوجك، و هو أعظم حسبا، و أكرم منصبا، و أرحم بالرّعية، و أعدلهم بالسّويّة، و أبصرهم بالقضيّة، و قد سألت ربّي عزّ و جلّ أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي» .
قال عليّ عليه السّلام: فلمّا قبض النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، لم تبق فاطمة إلاّ خمسة و سبعين يوما، حتّى ألحقها اللّه تعالى به، عليهما السّلام.
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و ذكر الحافظ أبو القاسم عبد الرّحمن النّخعيّ 1السّهيليّ، في كتاب
ص:204
«شرح سيرة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم» 1، في تفضيل فاطمة عليها السّلام على نساء العالمين، فذكر قوله صلى اللّه عليه و سلم: «إنّما فاطمة بضعة منّي» ، و قوله عليه السّلام: «هي خير بناتي» ، و شبه ذلك، ثمّ ذكر سؤددها، و تفضيلها على غيرها، فذكر أسبابا كثيرة؛ منها أنّه قال: و من سؤددها أنّ المهديّ المبشّر به في آخر الزّمان من ذرّيّتها، فهي مخصوصة بهذه الفضيلة دون غيرها عليها السّلام.
و عن 2إسحاق بن يحيى بن 3طلحة، عن طاووس، قال: ودّع عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه البيت، ثمّ قال: و اللّه ما أراني 4أدع خزائن البيت، و ما فيه من السّلاح و المال 5، لم أقسّمه في سبيل اللّه.
فقال له علي بن أبي طالب: امض يا أمير المؤمنين، فلست بصاحبه، إنّما صاحبه فتى 6شابّ من قريش، يقسّمه في سبيل اللّه تعالى في آخر الزّمان.
ص:205
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن أبي معبد مولى ابن عبّاس، قال: سمعت ابن عباس، يقول: إنّي لأرجو أن لا يذهب اللّيل و النّهار، حتّى يبعث اللّه منّا أهل البيت من يقيم لهذه الأمّة أمرها، فتى شابّا، لم تلبسه الفتن، و لم يلبس الفتن، يأمر بالمعروف، و ينهى عن المنكر كما فتح اللّه بنا هذا الأمر، أرجو بنا يختمه.
أخرجه الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ في (2)«البعث و النّشور» 2.
و رواه الإمام أبو عمرو المقري (3)بمعناه، و زاد في آخره: قال أبو معبد: فقلت لابن عباس: أعجزت عنه شيوخكم ترجوه لشبّانكم (4).
قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يفعل ما يشاء.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«يخرج المهديّ في أمّتي، يبعثه اللّه غياثا للنّاس، تنعم الأمّة، و تعيش الماشية، و تخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ في «صفة المهديّ» .
ص:206
و عن كعب الأحبار، قال: إنّي لأجد المهديّ مكتوبا في أسفار الأنبياء، ما في حكمه ظلم و لا عيب (1).
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (2).
و عن ابن حمير (3)، أنّه قال: يفتح القسطنطينيّة أمير كريم ذو دين، ليس بغالّ، و لا سارق، و لا غاشّ، و لا ذي تخليط.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي (4)في كتاب «الملاحم» 4.
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: يبايع للمهديّ بين الرّكن و المقام، لا يوقظ نائما، و لا يريق دما.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (5).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أبشّركم بالمهديّ، يبعث في أمّتي على اختلاف بين النّاس و زلازل، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، يرضى عنه ساكن السّماء، و ساكن الأرض» .
ص:207
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (1).
و رواه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «في المحرّم ينادي مناد من السّماء: ألا إنّ صفوة اللّه من خلقه فلانا (2)-يعني المهديّ-فاسمعوا له و أطيعوا» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (3)في كتاب «الفتن» 3.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج رجل من أهل بيتي، و يعمل بسنّتي، و ينزّل له اللّه (4)البركة من السّماء، و تخرج له الأرض بركتها، و تملأ به عدلا، كما ملئت ظلما و جورا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«منّا (5)الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» .
ص:208
و عن أبي أمامة الباهليّ رضي اللّه عنه، قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و ذكر الدّجّال، و قال (1): «إنّ المدينة لتنفي خبثها، كما ينفي الكير خبث الحديد، و يدعى ذلك اليوم يوم الخلاص» .
فقالت أمّ شريك: فأين العرب يا رسول اللّه يومئذ؟
قال: «هم يومئذ قليل، و جلّهم ببيت (2)المقدس، و إمامهم مهديّ رجل صالح» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب «الحلية» .
و عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من كذّب بالدّجّال فقد كفر، و من كذّب بالمهديّ فقد كفر» .
أخرجه الإمام أبو بكر الإسكاف في «فوائد الأخبار» ، (3)كذا رواه أبو القاسم السّهيليّ رحمه اللّه تعالى في «شرح السّيرة» له 3.
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: المهديّ خاشع للّه خشوع النّسر (4)جناحه.
ص:209
رواه الحافظ أبو محمّد الحسين في كتاب «المصابيح» (1).
و عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه اللّه في ليلة واحدة» .
أخرجه جماعة من أئمّة الحديث (2)؛ منهم الإمام أحمد بن حنبل (3).
و الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه (4).
و الشيخ (5)أبو (6)عمرو الدّانيّ (7).
و أبو نعيم الأصبهانيّ 6.
و أبو القاسم الطّبرانيّ (8).
و عن شعيب (9)بن أبي حمزة، قال: دخلت على أبي عبد اللّه الحسين ابن عليّ عليهما السّلام، فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟
قال: لا.
ص:210
فقلت: فولدك؟
قال: لا.
فقلت: فولد ولدك؟
قال: لا.
فقلت: فمن هو؟
قال: الذي يملأها عدلا، كما ملئت جورا، على فترة من الأئمّة تأتي، كما أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعث على فترة من الرّسل.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، عليه السّلام، في قصّة المهديّ، و فتحه لمدينة القاطع، قال: فيبعث المهديّ عليه السّلام إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين النّاس، و ترعى الشّاة و الذّئب في مكان واحد، و تلعب الصّبيان بالحيّات و العقارب، لا يضرّهم شيء؛ و يذهب الشّرّ، و يبقى الخير، و يزرع الإنسان مدّا يخرج له سبعمائة مدّ، كما قال اللّه تعالى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (1)، و يذهب الرّبا و الزّنا، و شرب الخمر و الرّياء، و تقبل النّاس على العبادة و المشروع و الدّيانة و الصلاة في الجماعات، و تطول الأعمار، و تؤدّى الأمانة، و تحمل الأشجار، و تتضاعف البركات، و تهلك الأشرار، و يبقى
ص:211
الأخيار، و لا يبقى من يبغض أهل البيت عليهم السّلام.
و عن سالم الأشلّ، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ، يقول: نظر موسى في السّفر الأوّل إلى ما يعطى قائم آل محمّد، فقال موسى: ربّ اجعلني قائم آل محمّد، فقيل له: إنّ ذلك من ذرّيّة أحمد.
فنظر في السّفر الثاني، فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثل ذلك، فقيل له مثل ذلك.
ثمّ نظر في السّفر الثالث، فرأى مثله، فقال مثله، (1)فقيل له مثله 1.
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه سئل: هل ولد المهديّ عليه السّلام؟
قال لا، و لو أدركته لخدمته (2)أيّام حياتي.
و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: يكون هذا الأمر في أصغرنا سنّا، و أجملنا ذكرا، و يورثه اللّه تعالى علما، و لا يكله إلى نفسه.
ص:212
ص:213
ص:214
الباب الثامن في كرمه و فتوّته
عن أبي نضرة، [عن أبي سعيد] (1)رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا (2)، و لا يعدّه عدّا» .
أخرجه الإمام الحافظ (3)أبو الحسين 3مسلم بن الحجّاج القشيريّ في «صحيحه» (4).
(5)و عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ؛ و جابر بن عبد اللّه رضي
ص:215
اللّه عنهم (1)قالا (2): قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يكون (3)في آخر الزّمان خليفة يقسم المال، و لا يعدّه» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (4).
و عن الجريريّ، عن أبي نضرة، قال: كنّا عند جابر بن عبد اللّه، فقال:
يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم درهم و لا قفيز (5).
قالوا: 5ممّ ذاك 5، (6)يا أبا عبد اللّه 6؟
قال: من قبل العجم، يمنعون ذلك.
ثمّ سكت هنيّة (7)، ثمّ قال: يوشك أهل الشّام أن لا يجبى إليهم دينار، و لا مدي (8).
قالوا: (9)ممّ ذاك 9؟
ص:216
قال: من قبل الرّوم، (1)يمنعون ذلك 1.
ثمّ سكت هنيّة، ثمّ قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يكون في أمّتي خليفة يحثو المال حثيا، و لا يعدّه عدّا» (2).
قال الجريريّ: فقلت لأبي نضرة، و أبي العلاء: أتريان أنّه عمر بن عبد العزيز؟
قالا: لا.
أخرجه الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجّاج في «صحيحه» (3)من حديث جابر بن عبد اللّه هكذا.
و أخرجه أيضا من حديث أبي موسى (4)، و زاد فيه (5)بعد قوله: «يعدّه عدّا» ، ثمّ قال: «و الّذي نفسي بيده ليعودنّ الأمر كما بدأ، ليعودنّ كلّ إيمان إلى المدينة، كما (6)بدأ بها (7)، حتّى يكون كلّ إيمان بالمدينة» (8).
ثمّ قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها،
ص:217
إلاّ أبدلها اللّه خيرا منه، و ليسمعنّ ناس برخص و ريف (1)فيتّبعونه، و المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» .
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «منعت العراق درهمها و قفيزها، و منعت الشّام مديها (2)و دينارها، (3)و منعت مصر إردبّها (4)و دينارها 3، و عدتم من حيث بدأتم، (5)و عدتم من حيث بدأتم، و عدتم من حيث بدأتم» 5.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (6).
و قال الإمام أبو عبد اللّه (7)الهرويّ: في تفسير المنع و جهان؛ أحدهما: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم علم أنّهم سيسلمون (8)و يسقط عنهم ما وظّف عليهم بإسلامهم، (فصاروا مانعين بإسلامهم ما وظّف عليهم، و الدّليل
ص:218
على ذلك قوله في الحديث: «و عدتم من حيث بدأتم» لأنّ بدأهم في علم اللّه تعالى، و فيما قدّر، و فيما قضى، أنّهم سيسلمون (1)) ، فعادوا من حيث بدأوا.
و الوجه الثاني: أنّهم يرجعون عن الطاعة.
و الوجه الأوّل أحسن.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أبشّركم بالمهديّ، يبعث في أمّتي على اختلاف من النّاس، و زلزال (2)، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، يرضى عنه ساكن السّماء، و ساكن الأرض، يقسم المال صحاحا» .
فقال له رجل: ما صحاحا؟
قال: بالسّويّة بين النّاس.
قال: «و يملأ اللّه قلوب أمّة محمّد غنى، و يسعهم عدله، حتّى يأمر مناديا فينادي، فيقول: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من النّاس إلاّ رجل واحد، فيقول: أنا، فيقال له: إيت السّادن-يعني (3)الخازن-فقل (4)له: إنّ المهديّ يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له: احث. فيحثي، حتّى إذا
ص:219
جعله في حجره (1)(2)و أبرزه في حجره 2ندم، فيقول: كنت أجشع أمّة محمّد نفسا، أو (3)عجز عنّي ما وسعهم. فيردّه فلا يقبل منه، فيقال له:
إنّا لا نأخذ شيئا أعطيناه. فيكون كذلك (4)سبع سنين (5)أو ثمان سنين 5أو تسع سنين (6)، ثمّ لا خير في العيش بعده» ، أو قال: « (7)لا خير 7في الحياة بعده» .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (8).
و الحافظ أبو بكر البيهقيّ في «البعث و النّشور» .
و رواه (9)الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» ، و انتهى حديثه عند قوله: «بالسّويّة بين النّاس» .
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول:
«لا تقوم السّاعة حتّى يكثر فيكم المال، فيفيض حتّى يهمّ ربّ المال من
ص:220
يقبله منه صدقة، و حتّى (1)يعرضه فيقول الّذي يعرض 1له: لا أرب لي فيه» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (2).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج المهديّ حكما عدلا، فيكسر الصّليب، و يقتل الخنزير، و يطاف بالمال في أهل الحواء (3)، فلا يوجد أحد يقبله» .
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ (4)في «البعث و النّشور» 4.
و عن كعب (5)الأحبار رضي اللّه عنه 5، قال: لا تنقضي الأيّام حتّى ينزل خليفة من قريش ببيت المقدس، يجمع فيها جميع قومه من قريش، ينزلهم (6)و قوّادهم، فيغلون (7)في أمرهم، و يترفون في ملكهم، حتّى يتّخذوا أسكفّات (8)البيوت من ذهب و فضّة، و تدين لهم الأمم، و يدرّ لهم الخراج، و تضع الحرب أوزارها.
ص:221
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه (1)نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يكون عند انقطاع (2)الزّمان، و ظهور من الفتن، رجل يقال له: المهديّ، عطاؤه هنيّا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ (3)في «صفة المهديّ» .
و عن طاووس، قال: علامة المهديّ أن يكون شديدا على العمّال، جوادا بالمال، رحيما بالمساكين (4).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (5).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«يخرج المهديّ من أمّتي، يبعثه اللّه غياثا للنّاس، فتنعم الأمّة، و تعيش الماشية، و تخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ليبعثنّ اللّه في هذه الأمّة خليفة، يحثي المال حثيا، و لا يعدّه عدّا» .
ص:222
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (1).
و رواه (2)الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» .
و عن مطر (3)، أنّه قيل له: عمر بن عبد العزيز مهديّ؟
قال مطر (4): بلغنا عن المهديّ شيء لم يبلغه عمر (5). قال: يكثر المال في زمان (6)المهديّ، فيأتيه رجل، فيسأله، فيقول له: ادخل فخذ.
فيأخذ، ثمّ يخرج فيرى النّاس شباعا.
قال: فيندم، (7)فيقول: أنا بين النّاس 7، فيرجع إليه، فيسأله أن يأخذ ما أعطاه، فيأبى فيقول: إنّا نعطي و لا نأخذ.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (8).
و رواه (9)الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (10).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، أنّه قال:
ص:223
«تنعم أمّتي في زمن (1)المهديّ نعمة لم ينعموا مثلها قطّ، ترسل عليهم السّماء مدرارا، و لا تدع الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ ليلة (2)، لطوّل اللّه تلك اللّيلة حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، و اسم أبيه اسم أبي، يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا، و يقسم المال بالسّويّة، و يجعل اللّه الغنى في قلوب هذه الأمّة، فيمكث سبعا، أو تسعا، ثمّ لا خير في عيش الحياة بعد المهديّ» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، في قصّة المهديّ عليه السّلام، قال: فيجيء رجل فيقول: يا مهديّ أعطني، (3)يا مهديّ 3أعطني.
قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
أخرجه الإمام أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (4)، و قال: حديث حسن.
ص:224
و رواه الحافظ أبو محمّد الحسين بن مسعود في كتاب «المصابيح» (1).
و عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف، عن أبيه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ليبعثنّ اللّه من عترتي رجلا أفرق الثّنايا، أجلى الجبهة، يملأ (2)الأرض عدلا، و يفيض المال فيضا» .
أخرجه الإمام (3)أبو نعيم (4)في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: « (5)تنعم أمّتي 5في زمن المهديّ نعمة لم ينعموا مثلها قطّ، يرسل السّماء عليهم مدرارا، و لا تدع الأرض (6)شيئا من نباتها 6إلاّ أخرجته، و المال يومئذ (7)كدوس (8)، يقوم الرّجل فيقول: يا مهديّ أعطني، فيقول: خذ» .
أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (9).
ص:225
و عن أرطاة، قال: أوّل لواء يعقده المهديّ يبعث إلى التّرك فيهزمهم، و يأخذ ما معهم من السّبي، و الأموال، ثمّ يسير إلى الشّام فيفتحها، ثمّ يعتق كلّ مملوك، و يعطي أصحابهم قيمتهم.
روراه الشيخ أبو محمّد الحسين بن مسعود في كتاب «المصابيح» (1).
و عن الحسين (2)بن عليّ عليهما السّلام، (3)أنّه قال 3: تواصلوا و تبارّوا (4)، فو الذي فلق الحبّة، و برأ النّسمة، ليأتينّ عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره و لا لدرهمه (5)موضعا.
يعني لا يجد عند ظهور المهديّ موضعا يصرفه فيه (6)؛ لاستغناء النّاس جميعا بفضل اللّه تعالى، و فضل وليّه المهديّ عليه السّلام.
ص:226
في فتوحاته و سيرته
و فيه ثلاثة فصول:
ص:227
ص:228
منهما من غنيمة و خير كثير
إنّما سمّيت القسطنطينيّة لأنّها نسبت إلى منشئها، و هو (1)قسطنطين الملك، و هو أوّل من أظهر دين النّصرانيّة.
و لها سبعة أسوار، عرض السّور (2)السابع منها 2المحيط بالسّتّة أحد و عشرون ذراعا، و فيه مائة باب، و عرض السّور الأخير الذي يلي البلد عشرة أذرع.
و هي على خليج يصبّ في البحر الرّوميّ، و هي متّصلة ببلاد روميّة و الأندلس.
و أمّا روميّة فهي أمّ بلاد الرّوم، و كلّ من ملكها منهم (3)يقال له الباب، و هو الحاكم على دين النّصرانيّة، بمنزلة الخليفة في المسلمين، و ليس
ص:229
في بلاد (1)الرّوم مثلها، كثيرة العجائب، محكمة البناء.
ذكر ابن خرداذبه (2)في كتاب «المسالك و الممالك» (3)أنّ عليها سورين من حجارة، عرض الأوّل اثنان و سبعون ذراعا، و عرض الثاني اثنان و أربعون ذراعا (4)، و مسافة ما بين السّورين من الفضاء ستون ذراعا.
و لها (5)ألف باب من النّحاس الأصفر، سوى العود، و الصّنوبر، و الخشب، و الآبنوس المنقوش الذي لا يدرى ما قيمته، و مسافة ما بين الباب الغربيّ منها إلى الباب الشرقيّ مائة و عشرون ميلا (6).
و بين السّورين نهر مغطّى ببلاط من نحاس، طول كلّ بلاطة سبعة (7)و أربعون ذراعا.
و هذا النهر الّذي بين السّورين متّصل بالبحر الكبير، تدخل فيه المراكب
ص:230
بقلوعها الى داخل البلد، فتصفّ على جانب البحر، فتبيع و تشتري.
و فيها ألف و مائتا كنيسة، و أربعون ألف حمّام، (1)و فيها طلّسمات للحيّات و العقارب، تمنعهم من الدخول إليها.
و طلّسم يمنع الغريب من الدّخول إليها 1، و في وسطها سوق يباع فيه الطّير، مقدار فرسخ.
و من جملة ما في داخلها من الكنائس، كنيسة بنيت على اسم بولص و بطرس الحواريّين، و هما بها في جرن (2)من الرّخام مدفونين، و طول هذه الكنيسة ثلاثة آلاف ذراع، و عرضها ثلاثمائة ذراع، و قيل: ألف ذراع (3)، و هي مبنيّة على قناطر من صفر و نحاس، و كذلك أركانها و سقوفها و حيطانها، و هي من العجائب.
و فيها كنيسة أخرى على عرض بيت المقدس و طوله، مرصّعة باليواقيت و الجواهر و الزّمرّد، و طول مذبحها عشرون ذراعا من الزّمرّد الأخضر، و عرضه ستة أذرع، يحمله (4)اثنا عشر تمثالا من الذّهب الإبريز (5)، طول كلّ تمثال ذراعان و نصف، و لكلّ تمثال عينان من
ص:231
الياقوت الأحمر، يضيء المكان منهما، و لها ثمانية و عشرون بابا من الذهب الأحمر.
و روي عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنه أنّه سئل عن روميّة، فقال: مدينة كثيرة العجائب، و من عجائبها أنّ في وسطها كنيسة عظيمة، و في وسط الكنيسة عمود (1)من الحديد الصّينيّ، عليه تابوت من نحاس، و فيه سودانيّة، و هي زرزورة (2)، و في منقارها زيتونة، و في مخلبها زيتونتان من نحاس، فإذا كان أيّام الزّيتون لم تبق سودانية في الدنيا على وجه الأرض إلاّ حملت في منقارها زيتونة، و في مخلبيها زيتونتين، فتأتي (3)بهم فتلقيهم 3في ذلك التّابوت، فمنه يأكلون و يأتدمون (4)و يوقدون من السّنة إلى السّنة من زيته.
و فيها من العجائب ما يطول ذكره في هذا المكان، فلنشرع فيما قصد شرحه في الفصل من البيان، على أننا (5)لم نذكر هذه النّبذة من أمرهما (6)على سبيل الاهتمام بقدرهما (7)و الاحتفال (8)، و لكن تنبيها
ص:232
على تعظيم قدر من يفتحها (1)اللّه تعالى على يديه بغير سلاح و لا قتال.
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «هل سمعتم بمدينة، جانب منها في البرّ، و جانب منها في البحر؟» .
قالوا: نعم، يا رسول اللّه.
قال: «لا تقوم السّاعة حتىّ يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا عليها (2)فلم يقاتلوا بسلاح، و لم يرموا (3)بسهم، قالوا (4):
لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر. فيسقط جانبها (5)الّذي في البحر، ثمّ يقولون (6)الثّانية: لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر. فيسقط جانبها الآخر، ثمّ يقولون (7)الثّالثة: لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر. فيفرّج (8)لهم فيدخلوها (9)، فيغنمون، فبينما هم يقتسمون (10)المغانم (11)إذ جاءهم الصّريخ، فقال: إنّ الدّجّال
ص:233
قد خرج، فيتركون كلّ شيء و يرجعون» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّي لأعلم مدينة، جانب منها إلى (2)البحر، و جانب منها على (3)البرّ، فيأتيها المسلمون، (4)فيقولون: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له. فيسقط جانبها الّذي إلى البرّ، فيفتحها المسلمون 4بالتّسبيح و التّكبير» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (5).
و عن كثير بن عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه، أنّه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (6)، يقول: «لا تذهب الدّنيا يا عليّ بن أبي طالب» .
فقال عليّ: لبّيك يا رسول اللّه.
قال: «اعلم أنّكم ستقاتلون بني الأصفر، و يقاتلهم (7)من بعدكم من
ص:234
المؤمنين، و تخرج إليهم روقة (1)المؤمنين، أهل الحجاز الّذين يجاهدون (2)في سبيل اللّه، و لا تأخذهم (3)في اللّه لومة لائم، حتّى يفتح اللّه عزّ و جلّ عليهم قسطنطينيّة (4)، فيصيبون نيلا عظيما، لم يصيبوا مثله قطّ، حتّى إنّهم يقتسمون (5)بالتّرس (6)، ثمّ يصرخ صارخ: يا أهل الإسلام، قد خرج المسيح الدّجّال في بلادكم و ذراريكم. فينفضّ النّاس عن المال، فمنهم الآخذ منهم و التّارك، فالآخذ نادم، و التّارك نادم، يقولون: من هذا الصّائح؟ فلا يعلمون من هو، فيقولون: ابعثوا طليعة إلى لدّ (7)، فإن يكن المسيح قد خرج، فيأتونكم بعلمه. فيأتون فينظرون فلا يرون شيئا، و يرون النّاس ساكنين (8)فيقولون: ما صرخ الصّارخ إلاّ لنبأ، فاعتزموا (9)ثمّ ارشدوا، فيعتزمون أن نخرج بأجمعنا إلى لدّ، فإن يكن بها المسيح الدّجّال نقاتله، حتّى يحكم اللّه بيننا
ص:235
و بينه (1)و هو خير الحاكمين، و إن تكن الأخرى فإنّها بلادكم و عشائركم (2)، رجعتم إليها» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه على الصحيح» (3).
و عن عمرو بن العاص، قال: «تغزون (4)القسطنطينيّة ثلاث غزوات، فأمّا (5)غزوة فتكون (6)بلاء و شدّة (7)، (8)و الغزوة الثانية يكون بينكم و بينهم صلح 8حتّى يبني فيها المسلمون المساجد (9)و تغزون معهم (10)من وراء القسطنطينيّة، ثمّ ترجعون إليها (11)، (12)و الغزوة الثالثة يفتحها 12اللّه لكم (13)بالتّكبير، (14)فتكون على ثلاثة أثلاث؛ يخرب ثلثها 14
ص:236
و يحرق ثلثها، و يقسمون (1)الثّلث الباقي كيلا» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و ذكر الإمام أبو الحسن محمّد بن عبيد الكسائيّ في «قصص الأنبياء» ، قال: قال كعب الأحبار: يخرج المهديّ إلى بلاد الرّوم، و جيشه مائة ألف، فيدعو ملك الرّوم إلى الإيمان فيأبى، فيقتتلان شهرين، فينصر اللّه تعالى المهديّ، و يقتل من أصحابه خلقا كثيرا، (3)و ينهزم، و يدخل إلى القسطنطينيّة، فينزل المهديّ على بابها، و لها يومئذ سبعة أسوار، فيكبّر المهديّ سبع تكبيرات، فيخرّ كلّ سور منها، فعند ذلك يأخذها المهديّ، و يقتل من الرّوم خلقا كثيرا 3، و يسلم على يديه خلق كثير.
و عن ابن حمير (4)، قال: «ليكوننّ لكم من عدوّكم بهذه الرّملة رملة أفريقيّة يوم يقبل الرّوم في ثمان مائة سفينة، فيقاتلونكم بهذه الرّملة، ثمّ يهزمهم اللّه تعالى، فتأخذون سفنهم، فتركبونها إلى روميّة، فإذا أتيتموها كبّرتم ثلاث تكبيرات، و يرتجّ (5)الحصن من تكبيرتكم (6)
ص:237
فينهار في الثالثة قدر ميل، فتدخلونها، فيرسل اللّه عليهم غمامة تغشاهم فلا تنهنهكم (1)حتّى تدخلوها (2)، فلا تنجلي تلك الغبرة حتّى تكونوا على فرشهم» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، في قصّة (4)المهديّ عليه السّلام، قال: أخبرنا أنّه ليس أحد منكم من ولد آدم إلاّ و قد ألمّ بذنب، إلاّ يحيى بن زكريا، فإنه لم يخط.
قال: فقال إنّ اللّه عزّ و جلّ منّ عليكم بتوبة تطهّركم من الذّنوب، كما يطهّر الثّوب النّقيّ من الدّنس، لا يمرّون بحصن (5)من أرض الرّوم، فيكبّرون عليه إلاّ خرّ حائطه، فيقتلون مقاتلته حتّى يدخلون مدينة الكفر القسطنطينيّة، فيكبّرون عليها أربع تكبيرات، فيسقط حائطها.
قال حذيفة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّ اللّه عزّ و جلّ يهلك قسطنطينيّة و روميّة، و تدخلونها، فتقتلون بها أربع مائة ألف، و تستخرجون منها كنوزا كثيرة؛ ذهبا، و كنوز جوهر، تقيمون في دار البلاط» قال: «دار الملك» .
ثمّ تقيمون بها سنة تبنون المساجد، ثمّ ترحلون منها، حتّى تأتوا
ص:238
مدينة يقال لها مرد قاريه (1)، فبينما أنتم فيها تقسمون (2)كنوزها، إذ سمعتم مناديا ينادي: ألا إنّ الدّجّال قد خلفكم في أهليكم بالشّام.
فترجعون فإذا الأمر باطل، فعند ذلك تأخذون في اقتناء سفن، خشبها من جبل لبنان، و حبالها من نخل (3)بيسان، فتركبون من مدينة يقال لها عكّا، في ألف مركب، من ساحل الأردنّ بالشّام، و أنتم يومئذ أربعة أجناد، أهل المشرق، و أهل المغرب، و أهل الشّام، و أهل الحجاز؛ كأنّكم (4)ولد رجل واحد، قد أذهب اللّه عزّ و جلّ الشّحناء و التّباغض من قلوبكم (5)، فتسيرون من عكّا إلى روميّة، فبينما أنتم تحتها معسكرين، إذ خرج إليكم راهب من روميّة، عالم من علمائهم (6)صاحب كتب، حتّى يدخل عسكركم، فيقول: أين إمامكم؟
فيقال: هذا.
فيقعد إليه، فيسأله عن صفة الجبّار تبارك و تعالى، و صفة الملائكة، و صفة الجنّة و النّار، و صفة آدم، و صفة الأنبياء عليهم السّلام، حتّى
ص:239
يبلغ إلى موسى عليه السّلام، فيقول: أشهدكم أنّ دينكم دين اللّه، و دين أنبيائه، و لم يرض دينا غيره.
و يسأل: هل يأكل أهل الجنّة و يشربون؟
فيقول: نعم.
فيخرّ الرّاهب ساجدا ساعة، ثمّ يقول: ما ديني غيره، و هذا دين موسى، و اللّه عزّ و جلّ أنزله على موسى عليه السّلام، و إنّ صفة نبيّكم عندنا (1)في الإنجيل 1البرقليط (2)صاحب الجمل الأحمر، و أنتم أصحاب هذه المدينة، فدعوني أدخل إليهم (3)فأدعوهم؛ فإنّ العذاب قد أظلّ (4)عليهم.
فيدخل، فيتوسّط المدينة، فيصيح: يا أهل روميّة، جاءكم ولد إسماعيل ابن إبراهيم، الأمّة (5)الّذين تجدونهم 5في التّوراة و الإنجيل، نبيّهم صاحب الجمل الأحمر، فأجيبوهم و أطيعوا (6).
فيثبون إليه فيقتلونه، فيبعث اللّه عزّ و جلّ إليهم (7)نارا من
ص:240
السّماء، كأنّها عمود، حتىّ تتوسّط المدينة، فيقوم إمام المسلمين، فيقول: يا أيّها النّاس، إنّ الرّاهب قد استشهد» .
قال حذيفة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يبعث ذلك الرّاهب أمّة وحده، ثمّ يكبّرون عليها أربع تكبيرات، فيسقط حائطها؛ و إنّما سمّيت روميّة لأنّها كرمّانة، من كثرة الخلق (1)فيها، فيقتلون بها ستّمائة ألف» . و ذكر باقي الحديث.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (2).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الملحمة، فسمّى الملحمة من عدد القوم، و أنا أفسّرها لكم:
إنّه يحضرها اثنا عشر ملكا من الرّوم، أصغرهم و أقلّهم مقاتلة صاحب الرّوم، و لكنهم كانوا هم (3)الدّعاة، و هم دعوا تلك الأمم، و استمدّوا بهم، و حرام على أحد يرى عليه حقّا للإسلام أن لا ينصر الإسلام يومئذ، و ليبلغنّ مدد المسلمين (4)يومئذ صنعاء (5)الجند،
ص:241
و حرام على أحد يرى عليه حقّا للنّصرانية أن لا ينصرها يومئذ، (1)و لتمدّنّهم يومئذ الجزيرة 1بثلاثين ألف نصرانيّ، يترك الرّجل فدّائه، يقول: أذهب أنصر النّصرانيّة، و يسلّط الحديد بعضه على بعض، فما يضرّ رجلا يومئذ (2)كان معه سيف لا (3)يجدع الأنف ألاّ يكون مكانه الصّمصامة (4)، لا يضع سيفه يومئذ على درع و لا غيره إلاّ قطعه، و حرام على جيش أن يترك النّصر، يلقي (5)اللّه تعالى الصّبر (6)على هؤلاء، و على هؤلاء، و يسلّط الحديد بعضه على بعض ليشتدّ البلاء، فيقتل يومئذ من المسلمين ثلث، و يفرّ ثلث، فيقعون في مهيل من الأرض، يعني هؤلاء، لا يرون الجنّة، و لا يرون أهلهم (7)أبدا، و يصبر ثلث، فيحرسونهم ثلاثة أيّام، لا يفرّون كما فرّ أصحابهم.
فإذا كان يوم الثّالث، قال رجل منهم: يا أهل الإسلام، ما تنتظرون، قوموا فادخلوا الجنّة كما دخلها إخوانكم.
فيومئذ ينزّل اللّه تعالى نصره، و يغضب اللّه لدينه، و يضرب بسيفه،
ص:242
و يطعن برمحه، و يرمي بسهمه، لا يحلّ لنصرانيّ يحمل بعد ذلك اليوم سلاحا حتّى تقوم السّاعة، و يضرب المسلمون أقفاءهم مدبرين، لا يمرّون بحصن إلاّ فتح، و لا مدينة إلاّ فتحت، حتّى يردوا القسطنطينيّة، فيكبّرون اللّه تعالى و يقدّسونه و يحمدونه، فيهدم اللّه ما بين اثني عشر برجا، و يدخلها المسلمون، فيومئذ تقتل مقاتلتها، و تفتضّ عذارها، و يأمرها اللّه فتظهر كنوزها، فآخذ و تارك، فيندم الآخذ، و يندم التّارك.
فقالوا: و كيف تجتمع (1)ندامتهما؟
قال: يندم الآخذ أن لا يكون ازداد، و يندم التّارك أن لا يكون أخذ.
قالوا: إنّك لترغّبنا في الدّنيا في آخر الزّمان.
قال: إنّه يكون ما أصابوا منها عونا لهم (2)على سنين شداد، و سنين الدّجّال.
قال: و يأتيهم آت و هم فيها، فيقول: خرج الدّجّال في بلادكم.
قال: فينصرفون حيارى، فلا يجدونه خرج.
قال: فلا يلبث إلاّ قليلا، (حتّى يخرج (3)) (4).
ص:243
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى تكون أدنى مسالح (2)المسلمين ببولاء (3)» .
ثمّ قال: «يا عليّ، يا عليّ، يا عليّ» .
قال: بأبي و أمّي!
قال: «إنّكم ستقاتلون بني الأصفر، و يقاتلونهم (4)الّذين من بعدكم، حتّى تخرج إليهم روقة الإسلام، من (5)أهل الحجاز، الّذين لا يخافون في اللّه لومة لائم، فيفتحون (6)القسطنطينيّة بالتّسبيح و التّكبير، فيصيبون غنائم لم يصيبوا مثلها، حتّى يقتسموا بالأترسة، و يأتي آت فيقول: إنّ المسيح قد خرج في بلادكم. ألا و هي كذبة، فالآخذ نادم، و التّارك نادم» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (7).
ص:244
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: أنصار اللّه الذين ينصر (1)يوم الملحمة الكبرى أهل إيمان (2)، و لا غشّ فيهم، يفتحها اللّه عزّ و جلّ عليهم.
ثمّ يسيرون فيدخلون أرض الرّوم، فلا يمرّون بحصن إلاّ استنزلوه، و لا بأرض إلاّ دانت لهم، حتّى ينتهوا إلى الخليج.
فييبّسه اللّه عزّ و جلّ لهم، حتّى تجوز الخيل.
ثمّ يسيرون حتّى ينزلوا على (3)القسطنطينيّة، فيقاتلونهم، فيقعدون عليهم يوما، حتّى يروا حائطها، فيكبّرون تكبيرة، فيضع اللّه عزّ و جلّ لهم (4)ما بين برجين، حتّى ينهضوا إليها، و لا يدخلوها حتّى يعودوا إليها في اليوم الثاني، فيفعلون (5)مثل ذلك اليوم 5الأوّل، ثمّ يعودون في اليوم الثالث، حتّى ينتهوا إلى حائطها، فيكبّرون تكبيرة يضع (6)اللّه تعالى لهم ما بين برجين، ثمّ ينهضون إليها، فيفتحها اللّه تعالى عليهم.
فبينا هم على ذلك، فيأتيهم آت من الشّام، فيخبرهم أنّ الدّجّال قد
ص:245
خرج، فلا (1)يفزعنّكم ذلك، فإنّه لا يخرج لسبع سنين بعد فتحها، فخذوا و احتملوا (2)من غنيمتها.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري، في «سننه» (3).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة المهديّ و فتوحاته، و رجوعه إلى دمشق، قال (4): ثمّ يأمر المهديّ عليه السّلام بإنشاء مراكب (5)، فينشيء أربعمائة سفينة في ساحل عكّا، و تخرج الرّوم في مائة صليب، تحت كلّ صليب عشرة آلاف فيقيمون على طرسوس، و يفتحونها بأسنّة الرّماح، و يوافيهم المهديّ عليه السّلام فيقتل من الرّوم حتّى يتغيّر ماء الفرات بالدّم، و تنتن حافّتاه بالجيف، و ينهزم (6)(7)من في 7الرّوم، فيلحقون بأنطاكية.
و ينزل المهديّ على قبّة العبّاس (8)حذو كفرطورا 8، فيبعث ملك الرّوم يطلب الهدنة من المهديّ، و يطلب المهديّ منه الجزية، فيجيبه
ص:246
إلى ذلك، غير أنّه لا يخرج من بلد الرّوم أحد (1)و لا يبقى في بلد الرّوم أسير إلاّ خرج.
و يقيم المهديّ بأنطاكية سنته تلك، ثمّ يسير بعد ذلك و من تبعه (2)من المسلمين، لا يمرّون على حصن من بلد الرّوم، إلاّ قالوا عليه: لا إله إلاّ اللّه. فتتساقط (3)حيطانه، و تقتل مقاتلته، حتّى ينزل على القسطنطينيّة، فيكبّرون عليها (4)تكبيرات، فينشف خليجها و يسقط سورها، فيقتلون فيها (5)ثلاثمائة ألف مقاتل، و يستخرج منها ثلاث كنوز، كنز جوهر، و كنز ذهب و فضّة، و كنز أبكار، فيفتضّون ما بدا لهم، بدار البلاط سبعون ألف بكر، و يقتسمون الأموال (6)بالغرابيل.
فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصائح: ألا إنّ الدّجّال قد خلفكم في أهليكم، فيكشف الخبر، فإذا هو باطل.
ثمّ يسير المهديّ عليه السّلام إلى روميّة، و يكون قد أمر بتجهيز أربعمائة مركب من عكّا، يقيّض اللّه تعالى لهم الرّيح (7)، فلا يكون إلاّ
ص:247
يومين و ليلتين حتّى يحطّوا على بابها، و يعلّقون رحالهم على شجرة على بابها، ممّا يلي غربيّها، فإذا رآهم أهل روميّة أحدروا (1)إليهم راهبا كبيرا، عنده علم من كتبهم، فيقولون له: انظر ما يريد.
فإذا أشرف الرّاهب على المهديّ عليه السّلام، فيقول: إنّ صفتك التي هي عندي، و أنت صاحب روميّة.
قال: فيسأله الرّاهب مسائل (2)، فيجيبه عنها، فيقول المهديّ عليه السّلام: ارجع.
فيقول: لا أرجع، أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا رسول اللّه.
فيكبّر المسلمون ثلاث تكبيرات، فتكون كالرّملة على نشز (3)، فيدخلونها، فيقتلون بها خمس مائة ألف مقاتل، و يقتسمون الأموال، حتّى يكون النّاس في الفيء شيئا واحدا، لكلّ إنسان منهم مائة ألف دينار، و مائة رأس، ما بين جارية و غلام.
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «تكون بين الرّوم و بين المسلمين هدنة و صلح» .
فذكر الحديث، و في آخره: «و يحيط المسلمون بمدينة الكفر ليلة
ص:248
الجمعة بالتّحميد و التّكبير و التّهليل إلى الصّباح، (1)و لا يرى 1فيهم نائم و لا جالس.
فإذا طلع الفجر كبّر المسلمون تكبيرة واحدة، فيسقط ما بين البرجين، فيقول الرّوم: إنّما كنّا نقاتل العرب، و الآن (2)نقاتل ربّنا، و قد هدم لهم مدينتنا (3)، فيمكّنون بأيديهم، و يكيلون (4)الذّهب بالأترسة، و يقتسمون الذّراري (5)، و يتمتّعون بما في أيديهم ما شاء اللّه، ثمّ يخرج الدّجّال حقّا، و يفتح اللّه (6)القسطنطينيّة على أيدي أقوام هم أولياء اللّه تعالى، يرفع اللّه (7)عنهم الموت و المرض و السّقم، حتّى ينزل (8)عيسى بن مريم عليه السّلام، فيقاتلون معه الدّجّال» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (9).
ص:249
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: إنّ أمّة تدعى النّصرانيّة في بعض جزائر البحر، تجهّز ألف مركب في كلّ عام، فيقولون: اركبوا إن شاء اللّه، و إن لم يشأ (1). فإذا وقعوا في البحر، بعث اللّه عليهم ريحا عاصفة كسرت سفنهم.
قال: فيصنعون ذلك مرارا، فإذا أراد اللّه تعالى اتّخذت سفنا لم يوضع على (2)البحر مثلها.
قال: ثمّ يقولون، اركبوا إن شاء اللّه. فيركبون، فيمرّون بالقسطنطينيّة.
قال: فيفزعون لهم، فيقولون: ما (3)أنتم؟
فيقولون: نحن أمّة تدعى النّصرانيّة، نريد هذه الأمّة التي أخرجتنا من بلادنا و بلاد آبائنا. فيمدّونهم سفنا.
قال: فينتهون إلى عكّا، فيخرجون سفنهم و يحرقونها، و يقولون: بلادنا و بلاد آبائنا.
قال: و أمير المسلمين يومئذ ببيت (4)المقدس، فيبعث إلى مصر فيستمدّهم، و يبعث إلى أهل اليمن فيستمدّهم، و يبعث إلى العراق فيستمدّهم.
ص:250
قال: فيجيئه رسولهم (1)من قبل أهل مصر فيقولون (2): إنّا بحضرة بحر، و البحر حمّال (3). فلا يمدّونه.
قال: فيمرّ الرّسول بحمص، و قد أغلقها أهلها من العجم على من فيها من المسلمين.
قال: و يمدّه أهل اليمن على قلّتهم.
قال: و يكتم الخبر، و يقول: أيّ شيء تنتظرون؟ الآن يغلق أهل (4)كلّ مدينة على من فيها من المسلمين.
و يأخذ ثلث بأذناب الإبل، و يلحقون بالبرّيّة، يهلكون في مهيل من الأرض، فلا (5)إلى أهليهم يرجعون، و لا إلى الجنّة يرونها.
قال: و يفتح الثّلث فيتّبعونهم في جبل لبنان، حتّى ينتهي أمير المسلمين إلى الخليج، و يصير الأمر إلى ما كان النّاس عليه، الوالي (6)يحمل لواءه (7).
ص:251
قال: فيركز لواءه، و يأتي الماء ليتوضّأ منه لصلاة الصّبح (1)فيتباعد الماء منه.
قال: فيتبعه فيتباعد منه، فإذا رأى ذلك (2)أخذ لواءه فاتّبع الماء حتّى يجوز من تلك الناحية، ثمّ يركزه، ثمّ ينادي: أيّها النّاس، اعبروا (3)فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد فرق لكم البحر، كما فرقه لبني إسرائيل.
قال: فتجوز النّاس، فيستقبل القسطنطينيّة.
قال: فيكبّرون، فيهتزّ (4)حائطها، ثمّ يكبّرون فيهتزّ، ثمّ يكبّرون فيسقط منها ما بين اثني عشر برجا (5)، فيدخلونها فيجدون فيها كنوزا من ذهب و فضة، و كنوزا من نحاس، فيقتسمون غنائمهم على التّرسة.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (6).
و عن أبي قبيل، أنّه سمع عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما يقول: تذاكرنا فتح القسطنطينيّة و روميّة (7)، (8)أيّهما يفتح قبل 8، فدعا عبد اللّه بن عمرو ابن العاص بصندوق ففتحه، فقال: كنّا عند
ص:252
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نكتب، فقال (1): «أيّ المدينتين تفتح قبل» ؟
قيل: يا رسول اللّه، اللّه أعلم.
فقال: «مدينة هرقل» .
يريد مدينة القسطنطينيّة.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم، في «مستدركه» (2).
و قال: هذا حديث صحيح (3)على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (4)بمعناه.
ص:253
عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة المهدي عليه السّلام، و فتحه لروميّة، قال: «ثمّ يكبّرون عليها أربع تكبيرات، فيسقط حائطها، و إنّما سمّيت روميّة، لأنّها (1)كرمّانة من كثرة الخلق 1، فيقتلون بها ستّمائة ألف، و يستخرجون منها حلي بيت المقدس، و التّابوت الّذي فيه السّكينة، و مائدة بني إسرائيل، و رضاضة (2)الألواح، و عصا موسى، و منبر سليمان، و قفيزين من المنّ الّذي أنزل اللّه على بني إسرائيل، أشدّ بياضا من اللّبن» .
قال حذيفة، قلت: يا رسول اللّه، كيف وصلوا إلى هذا؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّ بني إسرائيل لمّا اعتدوا و قتلوا الأنبياء بعث اللّه (3)بخت نصّر (4)فقتل بها سبعين ألفا، ثمّ إنّ اللّه تعالى رحمهم،
ص:254
فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى ملك من ملوك فارس، أن سر إلى عبادي بني إسرائيل، فاستنقذهم (1)من بخت نصّر، و ردّهم إلى بيت المقدس، مطيعين له أربعين سنة، ثمّ يعودون، فذلك قوله عزّ و جلّ في القرآن:
وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا (2)إن عدتم في المعاصي عدنا عليكم بشرّ من العذاب، فعادوا، فسلّط عليهم طياليس ملك روميّة، فسباهم، و استخرج حلي بيت المقدس و التّابوت و غيره، فيستخرجونه و يردّونه إلى بيت المقدس، ثمّ يسيرون حتّى يأتوا مدينة يقال لها (3)طاجنة، فيفتحونها، ثمّ يسيرون حتّى يأتوا مدينة يقال لها 3القاطع، و هي على البحر الّذي لا يحمل جارية-يعني السّفن-فيه» .
قيل: يا رسول اللّه، و لم لا يحمل جارية؟
قال: «لأنّه ليس له قعر، و إنّ ما ترون (4)من خلجان ذلك البحر، جعله اللّه عزّ و جلّ منافع لبني آدم، لها قعور فهي تحمل السّفن» .
قال: حذيفة فقال عبد اللّه بن سلام: و الذي بعثك بالحقّ، إنّ صفة هذه
ص:255
المدينة في التّوراة، طولها ألف ميل، و عرضها خمسمائة ميل.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لها ستّون و ثلاثمائة باب، يخرج من كلّ باب مائة ألف مقاتل (1)، فيكبّرون عليها أربع تكبيرات، فيسقط حائطها، فيغنمون ما فيها، ثمّ يقيمون فيها سبع سنين، ثمّ يقفلون منها إلى بيت المقدس؛ فيبلغهم (2)أنّ الدّجّال قد خرج في يهوديّة أصبهان» .
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري (3)في «سننه» .
(4)و عن زياد بن ربيعة الفارسيّ 4، قال: يسير منكم جيش إلى روميّة فيفتحونها (5)، و يأخذون حلية (6)بيت المقدس، و تابوت السّكينة، و المائدة، و العصا، و حلّة آدم، فيؤمّر على ذلك غلام شاب، فيردّها، إلى بيت المقدس.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (7).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة
ص:256
المهديّ، قال (1): و يتوجّه إلى الآفاق، فلا تبقى مدينة وطئها (2)ذو القرنين إلاّ دخلها و أصلحها، و لا يبقى جبّار إلاّ هلك على يديه، و يشفّ اللّه عزّ و جلّ قلوب (3)أهل الإسلام 3، و يحمل حلي بيت المقدس (4)في مائة مركب تحطّ على غزّة و عكّا، و يحمل إلى بيت المقدس 4، و يأتي مدينة فيها ألف سوق، في كلّ سوق مائة (5)دكّان، فيفتحها، ثمّ يأتي مدينة يقال لها القاطع، و هي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا، ليس خلفه إلاّ أمر اللّه عزّ و جلّ، طول المدينة ألف ميل، و عرضها خمس مائة (6)ميل، فيكبّرون اللّه عزّ و جلّ ثلاث تكبيرات، فتسقط حيطانها، فيقتلون بها ألف ألف مقاتل، و يقيمون فيها (7)سبع سنين، يبلغ الرّجل منهم تلك المدينة مثل ما صحّ معه من سائر بلد (8)الرّوم، و يولد لهم الأولاد، و يعبدون اللّه حقّ عبادته، و يبعث المهديّ عليه السّلام إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين النّاس، و ترعى الشّاة و الذّئب في مكان واحد، و تلعب الصّبيان بالحيّات و العقارب، لا تضرّهم بشيء،
ص:257
و يذهب الشرّ، و يبقى الخير، و يزرع الإنسان مدّا يخرج (1)سبعمائة مدّ، كما قال اللّه تعالى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (2)، و يذهب الرّبا و الزّنا و شرب الخمر و الرّيا، و تقبل النّاس على العبادة و المشروع و الدّيانة، و الصلاة في الجماعات، و تطول الأعمار، و تؤدّى الأمانة، و تحمل الأشجار، و تتضاعف البركات، و تهلك الأشرار، و تبقى الأخيار، و لا يبقى من يبغض أهل البيت عليهم السّلام.
ثمّ يتوجّه المهديّ من مدينة القاطع إلى القدس الشريف، بألف مركب، فينزلون شام فلسطين بين عكّا و صور و غزّة و عسقلان (3)، فيخرجون (4)ما معهم من الأموال، و ينزل المهديّ بالقدس الشريف، و يقيم بها إلى أن يخرج الدّجّال، و ينزل عيسى بن مريم عليه السّلام، فيقتل الدّجّال.
و عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «غزا طاهر بن أسماء بني إسرائيل، فسباهم و سبا حلي بيت المقدس، و أحرقها بالنّيران، و حمل منها في البحر ألفا و تسعمائة سفينة حلي،
ص:258
حتّى أوردها رويّة» .
قال حذيفة: سمعت (1)رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «ليستخرجنّ (2)المهديّ ذلك حتّى يردّه إلى بيت المقدس، (3)ثمّ يسير و من معه حتى يأتوا 3خلف روميّة، مدينة فيها مائة سوق، في كلّ سوق مائة ألف سوقيّ، فيفتحونها، ثمّ يسيرون حتى يأتوا مدينة يقال لها القاطع، على البحر الأخضر المحدق بالدّنيا، ليس خلفه إلاّ أمر اللّه تعالى، طول (4)المدينة ألف ميل، و عرضها خمسمائة ميل، لها ثلاثة آلاف باب، و ذلك البحر لا يحمل (5)جارية السّفينة 5؛ لأنّه ليس له قعر، و كلّ شيء ترونه (6)من البحار إنّما هو خلجان من ذلك (7)البحر، جعله (8)اللّه تعالى منافع لابن آدم» .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «فالدّنيا مسيرة خمسمائة عام» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» .
ص:259
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتى ينزل الرّوم بالأعماق (1)أو بدابق (2)، فيخرج إليهم جيش من المدينة، خيار (3)أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافّوا قالت الرّوم: خلّوا بيننا و بين الّذين سبوا منّا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا و اللّه، لا نخلّي بينكم و بين إخواننا. فيقاتلونهم فينهزم (4)ثلث لا يتوب اللّه عليهم أبدا، و يقتل ثلث (5)أفضل الشّهداء عند اللّه تعالى، و يفتتح الثّلث، لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينيّة، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علّقوا سيوفهم بالزّيتون، إذ صاح فيهم الشّيطان: إنّ المسيح قد خلفكم
ص:260
في أهليكم. فيخرجون، و ذلك باطل، فإذا جاءوا الشّام خرج، فبينما هم يعدّون للقتال، يسوّون الصّفوف، إذ أقيمت الصّلاة، فينزل عليه عيسى بن مريم صلى اللّه عليه و سلم فأمّهم، فإذا رآه (1)عدوّ اللّه ذاب كما يذوب الملح (2)في الماء، فلو تركه لانذاب حتّى يهلك، و لكن يقتله اللّه بيده، فيريهم دمه في حربته» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم في «صحيحه» (3).
و أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (4)، و انتهى حديثه عند قوله: «فيفتتحون قسطنطينيّة» .
و عن ذي مخبر (5)، رجل من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، و هو ابن أخي النّجاشيّ (6)، أنّه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «تصالحون الرّوم صلحا
ص:261
(1)آمنا، حتّى تغزون 1أنتم و هم عدوّا من ورائهم، فتنصرون و تغنمون و تنصرفون، حتى تنزلوا بمرج (2)ذي تلول، فيقول قائل من الرّوم:
غلب الصّليب، و يقول قائل من المسلمين: بل اللّه غالب (3). فيتداولانها بينهم فيثور المسلم إلى صليبهم، (4)و هو منهم غير بعيد، فيدقّه (5)، و يثور الرّوميّ إلى الّذي كسر (6)صليبهم 4فيقتلونه، و يثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم اللّه عزّ و جلّ تلك العصابة من المسلمين بالشّهادة، فتقول الرّوم لصاحب الرّوم: كفيناك حدّ (7)العرب، فيغدرون، و يجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفا» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم (8)في «مستدركه» (9)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
ص:262
و أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» (1).
و أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ في «البعث و النّشور» .
و رواه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2). كلّهم بمعناه مختصرا.
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «تكون بين الرّوم و بين المسلمين هدنة و صلح، [حتّى] (3)يقاتلوا (4)معهم عدوّا لهم، فيقاسمونهم غنائمهم.
ثم إنّ الرّوم يغزون مع المسلمين فارس، فيقتلون مقاتلتهم، و يسبون ذراريهم، فيقول الرّوم: قاسمونا الغنائم كما قاسمناكم. فيقاسمونهم الأموال و ذراري الشّرك، فيقول: قاسمونا (5)ما أصبتم 5من ذراريكم.
فيقولون: لا نقاسمكم ذراري المسلمين أبدا. فيقولون: غدرتم بنا (6).
فيرجع الرّوم إلى صاحبهم بالقسطنطينيّة، فيقولون: إنّ العرب غدرت بنا، و نحن أكثر منهم عددا، و أتمّ منهم عدّة، و أشدّ منهم قوّة،
ص:263
فأمرنا (1)نقاتلهم.
فيقول: ما كنت لأغدر بهم، قد كان لهم الغلبة في طول الدّهر علينا.
فيأتون صاحب روميّة، فيخبرونه بذلك، فيوجّهون ثمانين غاية، تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفا، في البحر، و يقول لهم (2): إذا أرسيتم (3)بسواحل الشّام فاحرقوا المراكب لتقاتلوا على أنفسكم.
فيفعلون ذلك، و يأخذون أرض الشّام كلّها، برّها و بحرها، ما خلا مدينة دمشق و المعتق، و يخرّبون بيت المقدس» .
قال: فقال ابن مسعود: و كم (4)تسع دمشق من المسلمين؟
قال: فقال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم: «و الّذي نفسي بيده (5)لتتّسعنّ على من يأتيها 5(6)من المسلمين 6، كما يتّسع الرّحم على الولد» .
قال: قلت: و ما المعتق يا نبيّ اللّه؟
قال: «جبل بأرض الشّام من حمص، على (7)نهر يقال له الأرنط (8)،
ص:264
فيكون ذراري المسلمين في أعلا المعتق، و المسلمون على نهر الأرنط، و المشركون خلف نهر الأرنط، يقاتلونهم صباحا و مساء.
فإذا نظر (1)ذلك (2)صاحب القسطنطينيّة وجّه في (3)البرّ إلى قنّسرين (4)ثلاثمائة (5)ألف، حتّى تجيئهم مادّة اليمن سبعون (6)ألفا، ألّف اللّه قلوبهم بالإيمان، معهم أربعون ألفا من حمير، حتّى يأتوا بيت المقدس، فيهزمونهم (7)من جند إلى جند، حتى يأتوا قنّسرين، و تجيئهم مادّة الموالي» .
قال: قلت، و ما مادّة الموالي يا رسول اللّه؟
قال: «هم عتقاؤكم (8)، و هم منكم، قوم يجيئون من (9)فارس، فيقولون: تعصّبتم يا معاشر العرب، لا نكون مع أحد من الفريقين أو
ص:265
تجتمع كلمتكم (1)، فتقاتل نزار يوما، و اليمن يوما، و الموالي يوما، فيخرجون الرّوم إلى العمق (2)، فيقاتلونهم، فيرفع اللّه نصره عن العسكرين، و ينزل صبره عليهما، حتى يقتل من المسلمين الثّلث، و يفرّ الثّلث، و يبقى الثّلث.
فأمّا الثّلث الّذين يقتلون (3)فشهداؤهم كشهداء 3عشرة من شهداء بدر، يشفع الواحد من شهداء بدر لسبعين، و شهيد الملاحم يشفع (4)في سبعمائة 4.
و أمّا الثّلث الّذين يفرّون، فإنّهم يتفرّقون ثلاثة أثلاث؛ ثلث يلحقون بالرّوم، و يقولون: لو كان للّه بهذا الدّين من حاجة لنصرهم، و هم مسلمة العرب (5).
و ثلث يقولون: منازل آبائنا و أجدادنا، حيث (6)لا ينازلنا الرّوم أبدا، مرّوا بنا إلى البدو، و هم الأعراب.
و ثلث يقولون: إنّ كلّ شيء كاسمه، و أرض الشّام كاسمها الشّؤم،
ص:266
فسيروا بنا إلى العراق و اليمن و الحجاز، حيث لا نخاف الرّوم.
و أمّا الثلث الباقي فيمشي بعضهم إلى بعض، فيقولون: اللّه اللّه، دعوا عنكم العصبيّة، و لتجتمع (1)كلمتكم، و قاتلوا (2)عدوّكم، فإنّكم تنصرون (3)ما تعصّبتم. فيجتمعون جميعا، و يتبايعون على أن يقاتلوا حتّى يلحقوا بإخوانهم الّذين قتلوا.
فإذا نظر الرّوم إلى من قد تحرّك إليهم و من قتل، و رأو قلّة المسلمين قام روميّ بين الصّفّين معه بند، في أعلاه صليب، فينادي: غلب الصّليب (4).
فيقوم رجل من المسلمين بين الصّفّين، و معه بند، فينادي: بل غلب أنصار اللّه و أولياؤه.
فيغضب اللّه على الّذين كفروا من قولهم: غلب الصّليب. فيقول: يا جبريل، أغث عبادي. فينزل جبريل في مائة ألف من الملائكة.
و يقول: يا ميكائيل، أغث عبادي. فينحدر ميكائيل في مائتي ألف من الملائكة.
و يقول: يا إسرافيل، أغث عبادي. فينحدر إسرافيل في (5)ثلاث مائة 5ألف من الملائكة.
ص:267
و ينزل اللّه نصره على المؤمنين، و ينزل بأسه على الكافرين، فيقتلون و يهزمون.
و يسير المسلمون في أرض الرّوم، حتّى يأتوا عمّوريّة (1)، و على سورها خلق كثير، يقولون: ما رأينا شيئا أكثر من الرّوم، كم قتلنا و هزمنا (2)، و ما أكثرهم في هذه المدينة.
فيقولون: أمّنونا على أن نؤدّي إليكم الجزية.
فيأخذون الأمان لهم، و لجميع الرّوم، على أداء الجزية.
و يجتمع (3)إليهم أطرافهم فيقولون: يا معاشر (4)العرب، إنّ الدّجّال قد خالفكم (5)في (6)ذراريكم 6-و الخبر باطل-فمن كان فيهم منكم فلا يلقينّ (7)شيئا ممّا معه، فإنّه قوام (8)لكم على ما بقي، [فيخرجون] (9)
ص:268
فيجدون (1)الخبر باطلا.
و يثب الرّوم على ما بقي في بلادهم من العرب، فيقتلونهم حتّى لا يبقى بأرض الرّوم عربيّ و لا عربيّة و لا ولد عربيّ إلاّ قتل، فيبلغ ذلك المسلمين فيرجعون غضبا (2)للّه تعالى 2، فيقتلون مقاتلتهم، و يسبون الذّراري، و يجمعون الأموال، لا ينزلون على حصن و لا مدينة فوق ثلاثة أيّام حتّى يفتح لهم.
و ينزلون على الخليج، و يمدّ الخليج (3)، فيصيح أهل القسطنطينيّة، يقولون: الصّليب (4)يمدّ لنا 4بحرنا، و المسيح ناصرنا.
فيصيحون، و الخليج يابس، فتضرب فيه الأخبية، و يحسر (5)البحر عن القسطنطينيّة، و يحيط المسلمون بمدينة الكفر ليلة الجمعة، بالتّحميد (6)و التّكبير و التّهليل إلى الصّباح، (7)لا يرى فيهم نائم 7، و لا جالس، فإذا طلع الفجر كبّر المسلمون تكبيرة واحدة، فيسقط ما بين البرجين، فتقول الرّوم: إنّا (8)كنّا نقاتل العرب، و الآن نقاتل ربّنا، و قد
ص:269
هدم لهم مدينتا (1)، فيمكّنون بأيديهم، و يكيلون الذّهب بالأترسة، و يقتسمون الذّراري (2)، و يتمتّعون بما في أيديهم ما شاء اللّه.
ثمّ يخرج الدّجّال حقّا، و يفتح اللّه القسطنطينيّة على أيدي (3)أقوام هم أولياء اللّه، يدفع (4)اللّه عنهم الموت و المرض و السّقم، حتّى ينزل عيسى بن مريم، فيقاتلون معه الدّجّال» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (5).
و عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «الملحمة العظمى، و فتح القسطنطينيّة، و خروج الدّجّال، في سبعة أشهر» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6).
و أخرجه جماعة من أئمّة (7)الحديث؛ منهم: الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ (8).
ص:270
و أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ (1).
و الحافظ أبو بكر البيهقيّ.
و الإمام أبو داود السّجستانيّ (2).
و الإمام أبو عيسى التّرمذيّ (3)، و قال (4)بدل «العظمى» : «الكبرى» .
و عن عبد اللّه بن بسر (5)، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «بين الملحمة و فتح القسطنطينيّة (6)ستّ سنين، و يخرج (7)الدّجّال في السّابعة» .
أخرجه (8)الإمام أبو داود في «سننه» (9)، و قال: هذا أصحّ (10)، يعني: من الأوّل 8.
و أخرجه الإمام أبو بكر البيهقيّ، و قال بدل «القسطنطينيّة» :
«المدينة» ، ثمّ قال: المدينة يريد بها (11)القسطنطينيّة.
ص:271
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: تغزون القسطنطينيّة ثلاث غزوات؛ الأولى يصيبكم فيها بلاء، و الثّانية يكون (1)بينكم و بينهم صلح 1حتّى تبنوا في مدينتهم مسجدا، و تغزون أنتم و هم عدوّا من فناء (2)القسطنطينيّة، ثمّ ترجعون، ثمّ (3)تغزونها الثالثة، فيفتحها اللّه تعالى عليكم.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن جابر بن سمرة، عن نافع بن عتبة، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «تقاتلون جزيرة العرب، فيفتحهم اللّه، ثمّ تقاتلون فارس فيفتحهم اللّه، ثمّ تقاتلون الدّجّال فيفتحه اللّه» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5).
هكذا، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط مسلم، و لم يخرجه.
و أخرجه الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه في «سننه» (6)
ص:272
و لم يذكر قتال فارس (1)، و زاد آخره: قال جابر: فما يخرج الدّجّال (2)حتّى تفتح الرّوم.
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: يحضر الملحمة الكبرى اثنا عشر ملكا من ملوك الأعاجم، أصغرهم ملكا، و أقلّهم جنودا، صاحب الرّوم، و للّه في اليمن كنزان، جاء بأحدهما يوم اليرموك، كانت الأزد يومئذ ثلث النّاس، و يجيء بالآخر يوم الملحمة العظمى، سبعون ألفا، حمائل سيوفهم المسد (3).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» (4).
و عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه، أنّه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول:
«يوم الملحمة الكبرى قسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة، فيها مدينة يقال لها دمشق، خير منازل المسلمين يومئذ» .
أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ في «مستدركه» (5)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» (6)بمعناه.
ص:273
و أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ، كما أخرجه الحاكم (1).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يفتح القسطنطينيّة و جبل الدّيلم، (2)و لو لم يبق إلاّ يوم 2لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يفتحها.
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ، (3)في «البعث و النّشور» 3.
و الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ.
(4)و عن أبي إسحاق، عن نوف 4، قال: راية المهديّ فيها مكتوب:
البيعة للّه.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (5).
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (6).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال (7)في فتح روميّة: يخرج
ص:274
جيش من المغرب (1)بريح (2)شرقيّة، لا ينكسر لهم مقذاف، و لا ينقطع لهم حبل، و لا ينخرق لهم قلع (3)، و لا تنتقض (4)لهم قربة، حتّى يرسوا بروميّة، فيفتحونها.
قال كعب: إنّ فيها لشجرة هي في كتاب اللّه، مجلس ثلاثة آلاف، فمن علّق فيها سلاحه، أو ربط فيها فرسه، فهو عند اللّه من (5)أفضل الشّهداء.
قال كعب: يفتح عمّوريّة قبل نيقية (6)، و نيقية قبل القسطنطينيّة، و القسطنطينيّة قبل روميّة.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (7).
و عن عليّ بن عليّ الهلاليّ، عن أبيه، قال: دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو في الحالة التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه.
و ذكر الحديث بطوله، و في آخره أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يا فاطمة، و الّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما-يعني الحسن و الحسين عليهما
ص:275
السّلام-مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدّنيا هرجا و مرجا (1)، و تظاهرت الفتن، و تقطّعت (2)السّبل، و أغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، و لا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث اللّه عزّ و جلّ عند ذلك منهما من يفتح حصون الضّلالة، و قلوبا غلفا، يقوم بالدّين في آخر الزّمان، كما قمت به في أوّل الزّمان، و يملأ الدّنيا عدلا، كما ملئت جورا» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه قال: لا تفتح القسطنطينّية حتّى تفتح كليتها.
قيل: و ما كليتها.
قال: عمّوريّة.
و في رواية عنه، بدل «كليتها» : «بابها» (3).
قيل: و ما بابها 3؟
قال: عمّوريّة.
أخرجهما الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن تميم الدّاريّ رضي اللّه عنه، قال: قلت: يا رسول اللّه، مررت
ص:276
بمدينة صفتها كيت و كيت، قريبة من ساحل البحر.
فقال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم: «تلك أنطاكية، أما إنّ غارا من غيرانها فيه (1)رضاض (2)من ألواح موسى: ما من سحابة شرقيّة و لا غربيّة تمرّ بها، إلاّ ألقت عليها من بركاتها (3)، و لن (4)تذهب الأيّام و اللّيالي حتّى يسكنها رجل من أهل بيتي، يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما» .
أخرجه الإمام أبو إسحاق الثّعلبيّ في كتاب «العرائس» (5).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: يبعث ملك بيت المقدس- يعني المهديّ عليه السّلام-جيشا إلى الهند، فيفتحها و يأخذ كنوزها، فتجعل (6)حلية لبيت (7)المقدس، و يقدم عليه (8)بملوك (9)الهند مغلغلين، (يقيم (10)ذلك الجيش 11في الهند إلى خروج الدّجّال.
ص:277
أخرجه أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (في كتاب «الفتن» (1)) . و في رواية له عن كعب أيضا، بعد قوله، يقدم عليه بملوك الهند مغلغلين (2)) : و يفتح له ما بين المشرق و المغرب.
و عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ملك الأرض أربعة، مؤمنان و كافران، فالمؤمنان ذو القرنين و سليمان، و الكافران نمرود و بخت نصّر، و سيملكها خامس من أهل بيتي» .
أخرجه ابن الجوزيّ في «تاريخه» .
و عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص (3)، قال: يكون على الرّوم رجل لا يعصونه شيئا، فيسير و يسير المسلمون حتّى ينزلوا أرضا-قد سمّاها، فنسيتها-فيستمدّ المسلمون بعضهم بعضا، حتّى إنّه (4)ليمدّهم أهل عدن على قلائصهم، فيلتقون فيقتتلون عشرة أيّام، لا يحجز بينهم إلاّ اللّيل، و لا تكلّ سيوفهم، و لا نشابهم، و أنتم مثل ذلك، فيأمر بالسّفن
ص:278
فتحرق، ثمّ يقول (1): قاتلوا الآن. فيقاتلون أشدّ قتال، فيقتلون قتلى كثيرة لم ير مثلها، حتّى إنّ الطّائر (2)ليأتيهم فما يجاوزهم حتّى يخرّ ميّتا من جيفتهم، للشّهيد يومئذ كفلان على من مضى قبلهم، (3)و للمؤمن الحيّ (4)كفلان على 3من قبلهم، (5)الأبدال لا يفتنون أبدا 5، و أمّا بقيّتكم (6)فإنّهم يقاتلون الدّجّال.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي في كتاب «الملاحم» .
و عن بشر (7)بن عبد اللّه بن يسار، قال: أخذ عبد اللّه بن بسر (8)المازنيّ، صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأدني، فقال: يا ابن أخي، لعلك تدرك فتح قسطنطينيّة، فإيّاك إن أدركت فتحها أن تترك غنيمتك منها، فإنّ (9)بين
ص:279
فتحها (1)و بين خروج 1الدّجّال سبع (2)[سنين] (3).
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن أرطاة، قال: أوّل لواء يعقده المهديّ إلى التّرك فيهزمهم، و يأخذ ما معهم من السّبي و الأموال، ثمّ يسير إلى الشّام فيفتحها.
أخرجه (5)الإمام أبو محمّد في كتاب «المصابيح» (6).
و أخرجه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (7).
و عن أبي قبيل، قال: إذا فتحتم روميّة فادخلوا كنيستها العظمى الشرقيّة، من بابها الشّرقيّ، فاعقدوا (8)سبع بلاطات، ثمّ اقتلعوا (9)الثامنة، فإن تحتها عصى موسى و الإنجيل طريّا، و حلي بيت المقدس.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» .
و عن أبي أمامة الباهليّ رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة
ص:280
المهديّ عليه السّلام: «كأنّه من رجال بني إسرائيل، فيستخرج (1)الكنوز، و يفتح مدائن الشّرك» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و من حديث أبي الحسن الرّبعيّ المالكيّ (2)، عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة المهديّ عليه السّلام:
«يبايع له النّاس بين الرّكن و المقام، يردّ اللّه به الدّين، و يفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلاّ من يقول: لا إله إلاّ اللّه» .
و عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال: تجيّش الرّوم، فيخرجون أهل الشّام من منازلهم، حتّى يستغتيثونكم فتغيثونهم (3)، و لا يتخلّف عنهم مؤمن، فيقتتلون، فيكون بينهم قتلى كثيرة، ثمّ يهزمونهم إلى أسطوانة إنّي لأعلم (4)مكانها، فيغنمون غنيمة عظيمة، حتّى يكيلوا الدّنانير بالتّراس (5)، فبينما هم كذلك، إذ جاءهم بريد، أنّ الدّجّال قد خرج، و أنّه يحوش (6)ذراريكم (7).
ص:281
قال: فيلقون ما في أيديهم، ثمّ يأتونه.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، المعروف بابن المنادي، في كتاب «الملاحم» .
و عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنه قال: يخرج المهديّ من ولد الحسين، من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها، و اتّخذ (1)فيها طرقا.
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (2).
و الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ (في «معجمه» (3)) .
و عن حذيفة بن اليمان (4)رضي اللّه عنه، أنّه قال: لا يفتح بلنجر (5)، و لا جبل الدّيلم، إلاّ على يدي رجل من آل محمّد صلى اللّه عليه و سلم.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد (6)بن جعفر ابن (7)
ص:282
المنادي، (1)في كتاب «الملاحم» 1.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة المهديّ، قال: و لا يترك بدعة إلاّ أزالها، و لا سنّة إلاّ أقامها، و يفتح قسطنطينيّة و الصّين و جبال الدّيلم، فيمكث على ذلك سبع سنين، مقدار كلّ سنة (2)عشر سنين من سنيكم 2هذه، ثمّ يفعل اللّه ما شاء (3).
و عن الفرج بن محمّد، عن بعض أشياخ قومه، قال: كنّا عند سفيان بن عوف الغامديّ (4)، حتّى أتينا باب القسطنطينيّة، باب الذهب، في ثلاثة آلاف فارس من ناحية البحر، حتّى جزنا النّهر و الخليج.
قال: ففزعوا و ضربوا نواقيسهم، ثمّ قالوا: ما شأنكم يا معاشر (5)العرب؟
قلنا: جئنا إلى هذه القرية الظّالم أهلها، ليخربها اللّه تعالى على أيدينا.
فقالوا: و اللّه ما ندري، أكذب الكتاب أم أخطأ الحساب، أم استعجلتم
ص:283
القدر، و اللّه إنّا لنعلم أنّها ستفتح يوما، و لكن لا ندري أنّ هذا زمانها.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: سمعت (2)القسطنطينيّة بخراب بيت المقدس فتجبّرت (3)، فدعيت المستكبرة، و قالت: يكون عرش ربّي (4)على الماء، و قد بنيت على الماء. فوعدها اللّه تعالى العذاب قبل يوم القيامة، فقال: لأنزعنّ حليك، و لتفترعنّ فيها جوار ما يكدن يرين الشمس من حسنهنّ. فلا يعجزنّ من يبلغ (5)منكم ذلك أن يمشي إلى بيت بلاط [ملكهم] (6)فإنّكم ستجدون فيه كنز اثني عشر ملكا من ملوكهم، كلّهم (7)يزيد فيه و لا ينقص منه، على تماثيل بقر و خيل من نحاس، يجري على رؤوسها الماء، فلتقتسمنّ (8)كنوزها كيلا بالأترسة (9)، و قطعا بالفؤوس (10).
ص:284
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، في كتاب «الفتن» (1).
و عن عبد اللّه بن عطاء، قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام: أخبرني عن (2)القائم.
قال: و اللّه ما هو أنا، و لا الذي تمدّون إليه أعناقكم، و لا يعرف، و لا يؤبه له (3).
قلت: بما يسير؟
قال: بما سار به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
و عن زرارة (4)، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: قلت له، رجل صالح (5)من الصّالحين، سمّه لي. أريد (6)المهديّ.
قال: اسمه اسمي.
قلت: أيسير بسيرة محمّد صلى اللّه عليه و سلم؟
ص:285
قال: إنّه يسير بالقتل، و لا يستنيب (1)أحدا، ويل لمن ناواه.
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: يبايع المهديّ بين الرّكن و المقام، لا يوقظ نائما، و لا يهريق دما.
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (2).
و عن الحسن بن هارون بيّاع الأنماط (3)، قال: كنت عند أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ، عليهما السّلام (4)، (جالسا، فسأله المعلّى بن خنيس: أيسير المهديّ، عليه السّلام (5)) ، إذا خرج بخلاف سيرة عليّ عليه السّلام؟
قال: نعم، و ذلك أنّ عليّا عليه السّلام، سار باللّين و الكفّ؛ لأنّه علم أنّ شيعته سيظهر عليهم من بعده، و أنّ المهديّ إذا خرج سار فيهم بالبسط و السّبي، و ذلك أنّه يعلم أنّ شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدا.
ص:286
و عن أبي رؤبة، قال: المهديّ كأنّما يلعق المساكين الزّبد.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن عبد اللّه بن عطاء، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر (2)عليهما السّلام، فقلت: إذا خرج المهديّ بأيّ سيرة يسير؟
قال: يهدم ما قبله، كما صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و يستأنف الإسلام جديدا.
و عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام، يقول: لو يعلم النّاس ما يصنع المهديّ إذا خرج، لأحبّ أكثرهم (3)أن لا يروه (4)، ممّا يقتل من النّاس، أما إنّه لا يبدأ إلاّ بقريش، فلا يأخذ منها إلاّ السّيف، و لا يعطيها إلاّ السّيف، حتّى يقول كثير من النّاس: ما هذا من آل محمّد، لو كان من آل محمّد صلى اللّه عليه و سلم لرحم.
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: إذا خرج المهديّ عليه السّلام، لم يكن بينه و بين العرب و قريش إلاّ السّيف، و ما يستعجلون بخروج المهديّ! و اللّه ما لباسه إلاّ الغليظ، و لا طعامه إلاّ الشّعير، و ما هو إلاّ السّيف، و الموت (5)تحت (6)ظلّ السّيف.
ص:287
ص:288
ص:289
ص:290
الباب العاشر في أنّ عيسى بن مريم عليه السّلام يصلّي خلفه و يبايعه و ينزل في نصرته
عن ابي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، و إمامكم منكم» .
أخرجه الإمامان؛ أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل البخاريّ، و أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيريّ، في «صحيحيهما» (1).
و عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول (2): «لا يزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة» .
ص:291
قال: «فينزل عيسى بن مريم صلى اللّه عليه و سلم، فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا.
فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه تعال لهذه الأمّة» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (2):
«يلتفت المهديّ، و قد نزل عيسى بن مريم كأنّما 2يقطر من شعره الماء، فيقول المهديّ: تقدّم، و صلّ بالنّاس.
فيقول عيسى بن مريم: إنّما أقيمت الصّلاة لك.
فيصلّى عيسى خلف رجل من ولدي، فإذا صلّيت قام عيسى حتّى جلس في المقام، فيبايعة» ، و ذكر باقي الحديث.
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» .
و أخرجه أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«منّا الّذي يصلّي بن مريم خلفه» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» .
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: المهديّ الذي ينزل عليه (3)عيسى بن
ص:292
مريم، و يصلّي خلفه عيسى.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تزال طائفة من أمّتي تقاتل على الحقّ، حتّى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر، ببيت المقدس، ينزل على المهديّ، فيقال: تقدّم يا نبيّ اللّه، فصلّ بنا.
فيقول: (2)هذه الأمّة أمّر بعضهم على بعض» 2.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (3).
و عن هشام بن محمّد، قال: المهديّ من (4)هذه الأمّة، و هو الذي يؤمّ عيسى ابن مريم.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (5).
و عن أبي أمامة الباهليّ (6)رضي اللّه عنه، قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و ذكر الدّجّال، و قال فيه: «إنّ المدينة لتنفي خبثها، كما ينفي الكير
ص:293
خبث الحديد، و يدعى ذلك اليوم يوم الخلاص» .
قالت أمّ شريك: فأين العرب، يا رسول اللّه يومئذ؟
قال: «هم يومئذ قليل، و جلّهم ببيت المقدس، و إمامهم مهديّ رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدّم يصلّي بهم الصّبح، إذ نزل عيسى بن مريم، حين كبّر للصّبح، فرجع ذلك الإمام ينكص، ليتقدّم عيسى يصلّي بالنّاس، فيضع عيسى يده بين كتفيه فيقول: تقدّم فصلّها، فإنّها لك أقيمت. فيصلّى بهم إمامهم» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب «الحلية» .
(1)و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه في «سننه» ؛ أتمّ من هذا 1.
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، (2)في كتاب «الفتن» 2بمعناه.
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة الدّجّال، قال: «فإذا كان يوم الجمعة من صلاة الغداة، و قد أقيمت الصّلاة، فالتفت المهديّ، فإذا هو (3)عيسى بن مريم، و قد نزل من السّماء في
ص:294
ثوبين، كأنّما يقطر من رأسه الماء» .
فقال أبو هريرة: إنّ خرجته هذه ليست كخرجته الأولى، تلقى عليه مهابة كمهابة الموت.
«فيقول له الإمام: تقدّم فصلّ بالنّاس. فيقول له عيسى: إنّما أقيمت الصّلاة لك. فيصلّي عيسى خلفه» .
قال حذيفة: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «قد أفلحت أمّة أنا أوّلها و عيسى آخرها» .
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (1).
و عن جابر بن عبد اللّه (2)الأنصاريّ رضي اللّه عنه 2، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرج الدّجّال في خفقة (3)من الدّين» ، و ذكر الدّجّال، ثمّ قال:
«ثمّ (4)ينزل عيسى، فينادي من السّحر، فيقول: يا أيّها النّاس، ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذّاب الخبيث؟
فيقولون: هذا رجل جنّيّ.
فينطلقون، فإذا هم بعيسى بن مريم عليه السّلام، فتقام الصّلاة، فيقال له: تقدّم يا روح اللّه.
ص:295
فيقول: ليتقدّم إمامكم فليصلّ بكم (1). فإذا صلّوا (2)صلاة الصّبح خرجوا إليه.
قال: فحين يراه الكذّاب ينماث (3)كما ينماث الملح في الماء» .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (4).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: يحاصر الدّجّال المؤمنين (5)ببيت المقدس، فيصيبهم جوع شديد، حتّى يأكلوا أوتار قسيّهم من الجوع، فبينما هم على ذلك، إذ سمعوا صوتا في الغلس، فيقولون: إن هذا لصوت رجل شبعان.
قال: فينظرون، فإذا عيسى بن مريم.
قال: و تقام الصّلاة فيرجع إمام المسلمين المهديّ، فيقول عيسى:
تقدّم فلك أقيمت الصلاة. فيصلّي بهم ذلك الرجل تلك الصّلاة، ثمّ يكون عيسى إماما (6)بعد.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (7).
ص:296
و روي عن السّدّيّ، أنّه قال: يجتمع المهديّ، و عيسى بن مريم في وقت الصّلاة، فيقول المهديّ لعيسى: تقدّم. فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة. فيصلّي عيسى وراءه مأموما.
ص:297
ص:298
ص:299
ص:300
الباب الحادي عشر في اختلاف الرّوايات في مدّة إقامته (1)
عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«المهديّ منّي» ، و ذكر حليته و عدله، ثمّ قال: «يملك سبع سنين» .
أخرجه الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستانيّ، في «سننه» (2).
و الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في «سننه» (3).
و عن أمّ سلمة، زوج النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، (عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم (4)) ، في قصّة المهديّ
ص:301
عليه السّلام، قال: «فيقسم المال، و يعمل في النّاس بسنّة نبيّهم صلى اللّه عليه و سلم، و يلقي الإسلام بجرانه إلى (1)الأرض، فيلبث سبع سنين، ثمّ يتوفّى، و يصلّي عليه المسلمون» .
أخرجه الإمام أبو داود، في «سننه» (2)و في رواية فيه: «تسع سنين» .
(3)و أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» ، و قال: «سبع سنين» 3حسب.
و عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج رجل من أهل بيتي» فذكر الحديث، و في آخره: «و يعمل على هذه الأمّة سبع سنين، و ينزل بيت المقدس» .
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» (4).
و أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تنقضي السّاعة حتّى يملك الأرض (5)رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت قبله جورا، يملك سبع سنين» .
ص:302
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ (1)في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، أقنى أجلى، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت قبله ظلما، يكون سبع سنين» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بلاء يصيب هذه الأمّة، ثمّ ذكر خروج المهديّ عليه السّلام، و ما يظهر اللّه تعالى (2)على يديه 2من البركة، ثمّ قال: «يعيش (3)في ذلك سبع سنين أو ثمان سنين» .
(4)أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهديّ» 4.
و رواه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: «إنّ في أمّتي المهديّ، يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا» (5).
قلنا: و ما ذاك؟
قال: «سنين» .
ص:303
أخرجه الإمام أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (1)، و قال: هذا حديث حسن.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أبشّركم بالمهديّ» فذكر الحديث، و في آخره «فيمكث سبع سنين، أو ثمان سنين، أو تسع سنين» ، ثمّ قال: «لا خير في العيش بعده» . أو قال: «لا خير في الحياة بعده» .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (2).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«يكون في أمّتي المهديّ، (3)إن قصر عمره فسبع سنين، و إلاّ فثمان، و إلاّ فتسع» 3.
(4)أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» 4.
و رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «صفة المهديّ» .
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ ليلة، لطوّل اللّه تلك اللّيلة، حتّى يملك رجل من أهل بيتي» .
ص:304
و قال في آخر (1)الحديث: «فيمكث سبعا، أو تسعا، ثمّ لا خير في عيش الحياة بعد المهديّ» .
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» .
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«المهديّ يعيش (2)بعد ما يملك سبع سنين، أو ثمان، أو تسع» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة المهديّ، قال: و لا يترك بدعة إلاّ أزالها، و لا سنّة إلاّ أقامها، و يفتح قسطنطينيّة و الصّين و جبال الدّيلم، فيمكث على ذلك سبع سنين، مقدار كلّ سنة عشر سنين، من سنيكم هذه، ثمّ يفعل اللّه تعالى ما يشاء.
و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، قال: يملك المهديّ عليه السّلام، تسعة عشر سنة و أشهرا.
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «المهديّ رجل من ولدي» و ذكر الحديث، و قال في آخره: «يملك (4)عشرين سنة» .
ص:305
أخرجه (1)الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ في «مناقب المهديّ» .
و رواه 1الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في «معجمه» .
و عن دينار بن دينار، قال: بقاء المهديّ أربعة و عشرون سنة (2).
أخرجه (3)الحافظ أبو عبد اللّه 3نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن ضمرة بن حبيب (5)، قال: حياة المهديّ ثلاثون سنة.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (6)في كتاب «الفتن» 6.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، قال: يلي المهديّ أمر النّاس ثلاثين، أو أربعين سنة.
أخرجه أيضا نعيم بن حمّاد (7)في كتاب «الفتن» 7.
ص:306
و عن أرطاة، قال: يبقى المهديّ أربعين عاما.
أخرجه أيضا نعيم بن حمّاد، (1)في كتاب «الفتن» 1.
و عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يلتفت المهديّ، و قد نزل عيسى بن مريم» فذكر الحديث، و في آخره: «فيمكث أربعين سنة» ، يعني المهديّ.
أخرجه الحافظ (2)أبو نعيم الأصفهانيّ 2في «مناقب المهديّ» .
(3)و أبو القاسم الطّبرانيّ 3في «معجمه» .
و عن أرطاة، قال: بلغني أنّ المهديّ يعيش أربعين عاما (4)، ثمّ يموت على فراشه.
أخرجه نعيم بن حمّاد (5)في كتاب «الفتن» 5.
(6)و عن دينار بن دينار، قال: بقاء المهديّ أربعون سنة.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» 6.
و عن محمّد بن الحنفيّة، قال: ينزل خليفة (7)من بني هاشم بيت
ص:307
المقدس، فيملأ (1)الأرض عدلا (2)، يبني بيت المقدس بناء لم يبن مثله (3)، يملك أربعين سنة، تكون هدنة الرّوم على يديه، في (4)تسع سنين بقين (5)من خلافته.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» .
ص:308
في ما يجري من الفتن في أيّامه و بعد انقضاء مدّته
ص:309
ص:310
الباب الثاني عشر في ما يجري من الفتن في أيّامه و بعد انقضاء مدّته
و فيه مقدمة، و ثمانية فصول و خاتمة، مؤذنة بانقراض الأيّام و اللّيالي و لمحاسنهما حاسمة.
أمّا المقدمة؛ ففي ذكر تصرّم الأيّام المهديّة و ذهابها، و تضرّم نار الفتن و التهابها.
و الفصل الأول: في فاتحة الفتن، و هي خراب يثرب، على ساكنها أفضل الصّلاة و السّلام، و تركها مذلّلة لعافية الطّير و السّباع و الهوامّ.
و الفصل الثّاني: فيما جاء من الآثار الدّالّة على خروج الدّجّال، و ما يكون في ضمن (1)ذلك من قحط و فتن و أوجال.
و الفصل الثالث: فيما يستدلّ به على أنّ الدّجّال هو ابن صيّاد، و ذكر
ص:311
ما ظهر عليه من آثار البغي و العناد.
و الفصل الرّابع: فيمن ذهب إلى أنّ الدّجّال غير ابن صيّاد، و إن كان من وصفه غير عاري (1)، مستدلا على ذلك بما صحّ من حديث تميم الدّاري.
و الفصل الخامس: في خروج يأجوج و مأجوج، و كيفيّة فتحهم للسّدّ، في أصناف (2)خرجت عن الحصر و أنواع أربت على العدّ.
و الفصل السّادس: في خروج الدّابّة من الأرض، مؤذنة بقرب يوم العرض.
و الفصل السّابع: في طلوع الشمس من مغربها، و حسم طريق التّوبة و سدّ مذهبها.
و الفصل الثامن: في أحاديث متفرّقة، و حوادث مفرّقة، و آثار مقلقة، و مآثر موبقة.
و خاتمة الفتن و الكتاب؛ هدم الحبشة للكعبة و هلكة الأعراب.
ص:312
في ذكر تصرّم الايّام المهديّة و ذهابها و تضرّم نار الفتن
و التهابها
قد علم (1)ما يمنّ 1اللّه تعالى به على الأنام، في الأيّام المكرّمة المهديّة من عموم البركة و الخير، و فهم ما يدرأ به عن الأمّة (2)في الدّولة المقدّسة الإماميّة من الضّرر و الضّير، و كلّ ذلك تنبيه على شرف من بنهضته بالقيام (3)بها أقعد كلّ قائم، و تنويه بذكر من بيقظته و يمن حركته سكن و اطمأنّ كلّ نائم (4)، و إشارة إلى أنّ اللّه تعالى يختم به الدّين كما بدأه بجدّه، (5)و يشفي بشفار صوارمه صدور قوم مؤمنين و يبيد أعداهم بحدّه 5.
ص:313
و من كان أبوه الوصيّ، و جدّه النبيّ، فلا غرو أن يملك من السيادة أعلى راياتها، و من كان اللّه تعالى له وليّا و به حفيّا فلا عجب أن يدرك من السعادة أقصى غاياتها، و معلوم أنّ كلّ نعيم في دار الزّوال زائل، و كلّ حال في فناء الفناء حائل، فلا رادّ لما (1)للّه تعالى فيه مراد، و لا صادّ لحكمه جلّ ذكره (2)في العباد و البلاد 2.
فله سبحانه سرّ لا يشارك في علم مكنونه، و أمر نافذ لا يغالب في حكم مضمونه، فله الحمد على السّرّاء و الضّرّاء، و الشّدّة و الرّخاء.
بينما الملّة الحنفيّة المعظّمة ممدودة الرّواق، شامخة الأطواد، مشتدّة السّواعد، و الدّولة الإماميّة المكرّمة مشدودة النّطاق، راسخة الأوتاد، مشيّدة القواعد، و الأمور منتظمة الأمور آمنة المهالك، و الثّغور مبتسمة الثّغور ساكنة المسالك، و الإيمان قد كثر رجاله و اتّسع لهم المجال، و الكفر قد دنت آجاله (3)و أحاط بأهله الأوجال؛ إذ ظهر من قبل المشرق عدوّ اللّه اللّعين (4)الدّجّال، بجحافل متلاطمة الأمواج كالجبال، فتكدّر (5)بظهوره المناهل و المشارب، و ينجم (6)بنجومه
ص:314
(1)الكواهل و الغوارب 1، و تمسك السّماء قطرها، و الأرض نباتها، و تعدم كلّ نفس صبرها و ثباتها (2)، و يشتدّ الجهد و الغلاء، و يمتدّ الضّرّ و البلاء، فتقوى (3)الدّيار، و تخرب المرابع، و تقفر الآثار، و تمحل (4)المراتع، و يهلك الخفّ و الحافر، و يودي الصّائح و الظّافر، حتّى لا يسمع صياح راغية (5)، و لا يطمع في رواح ثاغية (6)، و يعيش المؤمنون في ذلك الزمان بالتّسبيح و التّكبير و التّهليل، و يجري ذلك عليهم مجرى الطّعام إلاّ القليل، و تخرج أهل طيبة منها و هي أطيب ما تكون بالنّسبة إلى غيرها و أينع، و يفارقونها فرقا (7)من الدّجّال و ليس له فيها مطمع، و ترجف بمن فيها رجفات فتنفي الخبث عن تلك البقاع، و تبقى مذلّلة لعافية الطّير و السّباع، و هذه فاتحة كلّ حادثة لنار الفتن مؤرّثة، و سابقة كلّ كارثة للأسى و الوهن مورّثة.
ثمّ يسير و معه نهر من ماء و جبل من ثريد، و يوهم أنّه ربّ معبود و هو من أخسّ العبيد، فيحتوي على معظم البلاد و النّوادي (8)،
ص:315
و يكون أكثر من يؤمن به (1)أهل البوادي، و ذلك لما (2)يخيّل لهم (3)من قدرته، و يطمعون فيه من حسن عشرته.
فإذا وصل المدينة، على ساكنها أفضل الصّلاة و السّلام، صدّ عنها (4)و صرف وجهه إلى الشّام، فيرجع بإياس مولّد للحسرات، و همّ مصعّد للزّفرات، و يتوجّه إلى الشّام بأنواع من الكفرة متتابعة الأفواج، و أتباع من الفجرة متدافعة الأمواج.
و يسير إلى الأرض المقدّسة بخيله و رجله، (و يحلّ بمحلّ هلاكه تقلّه رجله (5)) ، و هي يومئذ مقرّ الإمام المهديّ و محلّ مسيرته، و مجتمع أنصاره و أعوانه و أسرته، و هي حينئذ (6)كالأمّ و غيرها من البقاع كالأطفال، و كاللّيث و غيرها من القلاع كالأشبال، فيخرج إليه الإمام بجيش مستمسكين بعروة التّوحيد، و أناس (7)متنزّهين عن عار التّقليد، يدّرعون الصّدق و التّقى، و يتّبعون الحقّ و الهدى، ما منهم إلاّ فارس لا
ص:316
يفلّ سيفه و لا يخشى عثاره، و شجاع لا يثني عطفه و لا يدرك غباره، فيخوضون في (1)غمرات الحرب، و يضرمون نار الطّعن و الضّرب 1، و يلتفّ السّاق بالسّاق، و تلعب السيوف بالأعناق، و تخضب الدّماء الخناجر، و تبلغ القلوب الحناجر، فيمنّ اللّه تعالى على عبده، و يؤيّده بنصر من عنده، و يقتل من (2)أصحاب اللّعين (3)ثلاثين ألفا 3أو يزيدون، و ينعكس عليهم كلّ ما كانوا به (4)يكيدون، فلا ترى إلاّ أشلاء طريحة، و موتى بلا لحود، و أعضاء جريحة، و أسرى بلا قيود، و يحيق به مكره، و يحصّ (5)جناحه، و يضيق (6)ذرعه، و تركد رياحه، و يفلّ حدّه، و تخمد ناره، و يعفّر خدّه، و تنهتك أستاره، و يقلّ عدده، و ينهدم (7)عرشه، و ينقطع مدده، و ينهزم جيشه.
و ينزل روح اللّه عليه السّلام، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرّصاص، و يولّي الشيطان حينئذ و له حصاص (8)، فيقتله نبيّ اللّه عيسى عليه
ص:317
السّلام (1)من غير ممانعة و لا مدافعة، و ذلك بعد ما يصلّي خلف الإمام المهديّ و يبايعه و يتابعه، و ينقسم ما بقي من جموعه بين مولّي الدّبر و مقطوع الدّابر، و يستوعب الذّلّ و الصّغار الأصاغر منهم و الأكابر، و ينطق اللّه تعالى كلّ ما يتوارون به بالتّنبيه (2)على قتلهم، إلاّ العرقدة (3)فإنّها من شجرهم.
فهذا طرف من قصّة الدّجّال اللّعين (4)، و مدّة أيّامه في الأرض أربعين، و ما من نبيّ إلاّ حذّر أمّته منها، و لا وصيّ إلاّ خبّر شيعته عنها، و ليس بين يدي السّاعة أمر أكبر من فتنتها، و لا شرّ أكثر من محنتها، و إن كانت مدّتها قصيرة، فوطأتها أليمة ثقيلة، و إن كانت عدّتها يسيرة، فخطّتها و خيمة و بيلة.
و هي أدلّ (5)دليل على انقضاء الأيّام المهديّة، سقى اللّه عهدها (6)، ثمّ لا خير في عيش الحياة (7)بعدها، و ليس بينها و بين النّفخة الأولى مدّة
ص:318
طويلة و لا نعمة طائلة، بل تترى (1)فيما بين ذلك أمور معضلات (2)و أهوال هائلة، و تضرب الفتن بكلّ خطّة فسطاطها، و تؤجّج نارها، و تنصب المحن (3)بكلّ بقعة سراطها (4)و ترهج (5)غبارها.
و يخرج يأجوج و مأجوج في عدد لا يحصيه، غير الذي خلقهم، مختلفة أحوالهم و أشكالهم، و ينتشرون في السّهل و الوعر، و ينشفون (6)المياه، و يرعون الشّجر، و لا تمنعهم الجبال السّامية (7)، و لا تدفعهم البحار الطّامية، يعدّون الفراسخ و إن امتدّت خطوة، و الأيّام و إن طالت هفوة (8)، و يحصرون نبيّ اللّه عيسى و من معه من المسلمين، و يرمون بنشّابهم إلى السّماء مقاتلين، فيهلكهم (9)في ليلة واحدة ذو القوّة المتين، و يستوقد المسلمون من جعابهم و قسيّهم سبع سنين، و يرسل اللّه تعالى عليهم طيرا فتحمل رممهم إلى حيث شاء، و يطهّر
ص:319
الأرض من جيفهم مطر السّماء، ثمّ تنزل (1)السّماء بركتها، و تخرج الأرض ثمرتها، فتعمّ البركة و الخير الأداني من النّاس و الأقاصي، و يندفع الضّرّ و الضّير عن الأطراف منهم و النّواصي.
ثمّ يبعث اللّه تعالى ريحا طيّبة، فتقبض كلّ روح طيّبة زكيّة، و يبقى شرار النّاس يتهارجون تهارج الحمر الإنسيّة.
و تخرج الدّابّة، فتسم كلّ باد و حاضر، و تميّز بين كلّ مؤمن و كافر، و ينقطع سبل الحاجّ و تخرب يثرب و يغلق باب التّوبة، و تطلع الشّمس من (2)المغرب، و يرتفع القرآن الكريم (3)من المصاحف و الصّدور، و يمتد البلاء و تشتدّ الأمور، و تعبد الأصنام و الأوثان، و تقلّ الرّجال و يكثر النّسوان، و لا يشتغل أحد بسنّة و لا فرض، و لا تمطر السّماء و لا تنبت الأرض، و ينقطع الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، و يشتدّ البأس و لا يبقى على (4)الأرض من للّه فيه حاجة، و تكلّم السّباع النّاس، و يندرس الإسلام و تنتقض عراه، و لا يبقى من يعرف صياما و لا
ص:320
نسكا (1)، و لا صلاة، و تحلّ محن (2)أفواجها كالقلل 2تشيب (3)الوليد، و تظل فتن أمواجها كالظّلل تذيب الحديد، حتّى لا ترى إلاّ نكبة بعد نكبة، و تهدم الحبشة الكعبة، و تلك خاتمة الأمور، و قاصمة الظّهور، و لا مطمع بعدها في الحياة لراغب، و لا عاصم من أمر اللّه تعالى لهارب.
فيالها من رزايا عمّت مشارق الدنيا و مغاربها، و جبّت كواهل العلياء و غواربها، و غادرت (4)القلوب مرضوضة ملتهبة، و الدموع مفضوضة منسكبة.
و سيأتي بيان ذلك في هذه الفصول على ما تقدّم مفصّلا، و شرح ما يجري من الفتن على ما نقل أوّلا فأوّلا، و إلى اللّه تعالى الرّغبة من العصمة من الفتن و الخطل، و عموم التّوفيق في القول و العمل.
ص:321
ص:322
و هي خراب يثرب على ساكنها أفضل الصّلاة و السّلام و تركها مذلّله لعافية الطّير و السّباع و الهوامّ عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، و خراب يثرب خروج الملحمة، و خروج الملحمة فتح القسطنطينيّة، و فتح القسطنطينيّة خروج الدّجّال» (1).
ثمّ ضرب يده على فخذه الذي حذاه (2)أو منكبه، ثمّ قال: «إنّ هذا لحقّ، كما أنّك ها هنا، أو كما أنّك قاعد» يعني معاذا.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (3).
و أخرجه الإمام أبو داود السّجستانيّ في «سننه» (4)، من حديث معاذ هكذا مسندا، و انتهى حديثه عند قوله: «و فتح القسطنطينيّة خروج
ص:323
الدّجّال» (1).
و أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه النّيسابوريّ في «مستدركه» (2). من وجه آخر موقوفا على معاذ، و قال بعد ذكر خروج الدّجّال: ثمّ ضرب معاذ على منكب عمر بن الخطّاب، فقال: و اللّه إنّ ذلك لحق كما أنّك جالس.
ثمّ قال الحاكم: هذا الحديث و إن كان موقوفا فإنّ إسناده صحيح على شرط الرّجال، و هو الّلائق بالمسند الذي تقدّمه.
و عن عوف بن مالك الأشجعيّ، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خرج عليهم، و أقناء (3)معلّقة، و قنو منها حشف، و معه عصا، فطعن بالعصا في القنو، قال: «لو شاء رب هذه (4)الصّدقة، فتصدّق (5)بأطيب منها، إنّ صاحب هذه الصّدقة 4يأكل الحشف يوم القيامة» .
ثمّ أقبل علينا، فقال: «أما و اللّه يا أهل المدينة لتدعنّها مذلّلة أربعين عاما للعوافي» (6). قلنا: اللّه و رسوله أعلم. ثمّ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أتدرون ما العوافي؟» . قالوا: لا.
ص:324
قال: «الطّير و السّباع» .
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)، و قال:
هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لتتركنّ المدينة على (2)خير ما كانت للعوافي، (3)تأكلها الطّير و السّباع» 3.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (4).
و قال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، و لم يخرجه.
و قد صحّ عن حذيفة بن اليمان، صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أنّه كان يقول: كان النّاس يسألون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الخير، و كنت أسأله عن الشّرّ مخافة أن أقع فيه، و قد يخفى على (5)الأعلم بجنس (6)من العلم (7)الباحث عنه علّة بعض ذلك الجنس 7، و قد خفي عن (8)حذيفة رضي اللّه عنه، السّبب (9)الذي يخرج أهل المدينة من المدينة، و علمه غيره.
ص:325
و قد (1)اتّفق البخاريّ و مسلم (2)، رضي اللّه عنهما، على حديث شعبة عن عديّ بن ثابت، عن عبد اللّه بن يزيد، عن حذيفة، أنّه قال:
أخبرني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، بما هو كائن إلى (3)يوم القيامة 3، فما منه شيء إلاّ و قد سألته عنه، إلاّ انّي لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة.
و قد روى الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ في «مستدركه على الصّحيح» عن محجن (4)بن الأدرع، قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لحاجة، ثمّ عارضني في بعض طرق المدينة، ثمّ صعد على أحد و صعدت معه، فأقبل بوجهه نحو المدينة، فقال لها قولا، ثمّ قال: «ويل أمّك» أو «ويح أمّها قرية يدعها أهلها أينع (5)ما تكون، تأكلها 5عافية الطّير و السّباع، تأكل ثمرها، و لا يدخلها الدّجّال إن شاء اللّه تعالى، كلّما أراد دخولها يلقاه (6)بكلّ نقب من نقابها ملك مصلت (7)يمنعه عنها» ،
ص:326
أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه في «مستدركه» (1)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
ص:327
ص:328
عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى (1)ثعلب، قال: إنّما سمّي الدّجّال دجّالا لتمويهه (2). تقول: دجلت السّيف، إذا موّهته، و دجلت البعير، إذا طليته بالقطران.
عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما من نبيّ إلاّ أنذر أمّته الدّجّال الأعور الكذّاب، ألا إنّه أعور و إنّ ربّكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل البخاريّ في «صحيحه» (3)هكذا (4).
ص:329
و أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1)، و زاد بعد قوله «كافر» : ثمّ تهجّاها ك ف ر. «يقرأه كلّ مسلم» .
و عن حذيفة بن اليمان، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لأنا أعلم بما مع الدّجّال منه، معه نهران يجريان؛ أحدهما، رأي العين، ماء أبيض، و الآخر، رأي العين، نار تأجّج، (2)فإمّا أدركنّ 2أحد فليأت النّهر الّذي يراه نارا، و ليغمّض، ثمّ ليطأطىء رأسه فيشرب منه، فإنّه ماء بارد، و إنّ الدّجّال ممسوح العين، عليها ظفرة (3)غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كلّ مؤمن كاتب و غير كاتب» .
أخرجه الإمام أبو الحسين مسلم في «صحيحه» (4).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما بين خلق آدم إلى قيام السّاعة أمر (5)أكبر (6)من الدّجّال» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (7).
و عن النّوّاس بن سمعان رضي اللّه عنه، قال: ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
ص:330
الدّجّال ذات غداة، فخفّض فيه و رفّع، حتّى ظننّاه في طائفة النّخل، فلمّا رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: «ما شأنكم؟» .
قلنا: يا رسول اللّه، ذكرت الدّجّال غداة، فخفّضت (1)و رفّعت، حتّى ظننّاه في طائفة النّخل.
فقال: «غير الدّجّال أخوفني عليكم، إن يخرج، و أنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم (2)، و إن يخرج، و لست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، و اللّه خليفتي على كلّ مسلم، إنّه شابّ قطط، عينه طافية، كأنّي أشبّهه بعبد العزّى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنّه (3)خارج من حلّة 3بين الشّأم و العراق، (4)فعاث يمينا، و عاث 4شمالا، يا عباد اللّه فاثبتوا» .
قلنا: يا رسول اللّه، و ما لبثه في الأرض؟
قال: «أربعون يوما؛ يوم كسنة، و يوم كشهر، و يوم كجمعة، و سائر أيّامه كأيّامكم» .
قلنا: يا رسول اللّه، فذلك الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟
قال: «لا، اقدرواله قدره» .
ص:331
قلنا: يا رسول اللّه، و ما إسراعه في الأرض؟
قال: «كالغيث استدبرته الرّيح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، و يستجيبون له، فيأمر السّماء فتمطر، و الأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذرا (1)، و أسمنه (2)ضروعا، و أمدّه خواصر، ثمّ يأتي القوم فيدعوهم، فيردّون عليه قوله (3)، فيصبحون ممحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، و يمرّ بالخربة، فيقول لها (4):
أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النّحل، ثمّ يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسّيف فيقطعه جزلتين، رمية الغرض، ثمّ يدعوه فيقبل و يتهلّل وجهه و يضحك (5)فبينما هو كذلك، إذ بعث اللّه تعالى المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء، شرقيّ دمشق، بين مهرودتين (6)، واضعا كفّيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه (7)قطر، و إذا رفعه (8)تحدّر منه جمان كاللّؤلؤ، فلا يحلّ لكافر يجد ريح
ص:332
نفسه إلاّ مات، و نفسه ينتهي حيث ينتهي بصره (1)، فيطلبه حتّى يدركه بباب لدّ، فيقتله، ثمّ يأتي عيسى قوم قد عصمهم اللّه عزّ و جلّ (2)، فيمسح عن وجوههم، و يحدّثهم بدرجاتهم (3)في الجنّة» ، و ذكر باقي الحديث.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (4).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج الدّجّال، فيتوجّه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح (5)، مسالح الدّجّال، فيقولون له: أين تعمد؟
فيقول: أعمد إلى هذا الرّجل الّذي خرج.
قال (6): فيقولون له: أو ما تؤمن بربّنا؟
فيقول: ما بربّنا خفاء.
فيقولون: اقتلوه.
فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربّكم أن تقتلوا أحدا دونه؟
ص:333
قال: فينطلقون به إلى الدّجّال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيّها النّاس، هذا الدّجّال الّذي ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
قال: فيأمر الدّجّال به فيشجّ (1).
فيقول: خذوه و شجّوه. فيوجع (2)ظهره و بطنه ضربا.
قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟
قال: فيقول أنت المسيح الكذّاب.
قال: فيؤمر به، (3)فينشر بالمنشار 3من مفرقه حتّى يفرّق بين رجليه.
قال (4): ثمّ يمشي الدّجّال بين القطعتين، ثمّ يقول له: قم، فيستوي قائما.
ثمّ يقول له: أتؤمن بي.
فيقول: ما ازددت فيك إلاّ بصيرة.
قال 4: ثمّ يقول: يا أيّها النّاس، إنّه لا يفعل هذا بعدي بأحد.
قال: فيأخذه الدّجّال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاس، فلا يستطيع إليه سبيلا.
قال: فيأخذ بيديه و رجليه، فيقذف به، فيحسب النّاس أنّما قذفه إلى
ص:334
النّار، و إنّما ألقي في الجنّة» .
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «هذا أعظم النّاس شهادة عند ربّ العالمين» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه، قال: ما سأل النبيّ صلى اللّه عليه و سلم أحد عن الدّجّال أكثر ممّا سألته، فقال: «و ما سؤالك؟» .
و في رواية: «و ما ينصبك (2)منه، إنّه لا يضرّك» .
قال: قلت: يا رسول اللّه، إنّهم يقولون إنّ (3)معه جبال من خبز و لحم، و نهر من ماء.
قال: «هو أهون على اللّه من ذلك» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (4).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق، و همّته المدينة، حتّى ينزل دبر (5)أحد، ثمّ تصرف الملائكة وجهه قبل الشّام، و هنالك يهلك» .
ص:335
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن أسماء بنت يزيد (2)بن السّكن 2، قالت: كان النبيّ صلى اللّه عليه و سلم في بيتي، فذكر الدّجّال؛ فقال: «إنّ بين يديه ثلاث سنين، سنة تمسك السّماء فيها ثلث قطرها، (3)و الأرض ثلث نباتها و الثّانية تمسك ثلثي قطرها 3، و الأرض ثلثي نباتها، و الثّالثة تمسك السّماء قطرها كلّه، و الأرض نباتها كلّه، فلا يبقى ذات ظلف، و لا ذات خفّ من البهائم إلاّ هلكت، و إنّ من أشرّ (4)فتنته أنّه يأتي الأعرابيّ، فيقول: أرأيت إن أحييت لك ابلك، ألست تعلم أنّي ربّك؟
فيقول: بلى.
فيتمثّل له (5)نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعا، و أعظمه، و أسمنه.
قال: و يأتي الرّجل قد مات أخوه، و مات أبوه، فيقول: أرأيت إن أحييت لك أخاك و أباك، ألست تعلم أنّي ربّك؟
فيقول: بلى.
فيتمثّل له الشّيطان نحو أبيه و أخيه» .
ص:336
قالت: ثمّ خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لحاجة (1)، ثمّ رجع و القوم في اهتمام و غمّ ممّا حدّثهم.
قالت: فأخذ بنا حيتي الباب، فقال: «مهيم؟» .
فقالت أسماء: يا رسول اللّه، لقد حشيت أفئدتنا بذكر الدّجّال.
قال: «إن يخرج و أنا حيّ فأنا حجيجه، و إلاّ فإنّ ربّي خليفتي على كلّ مؤمن» .
فقلت: يا رسول اللّه، إنا لنعجن عجينا فما نخبزه حتّى نجوع، فكيف بالمؤمنين يومئذ.
قال: «يجزئهم ما يجزيء أهل السّماء من التّسبيح و التّقديس.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (2).
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرج الدّجّال في أمّتي، فيمكث أربعين» -لا أدري أربعين يوما، أو أربعين شهرا، أو أربعين عاما- «فيبعث اللّه عيسى بن مريم كأنّه عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثمّ يمكث النّاس سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة» ، و ذكر باقي الحديث.
ص:337
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يتبع الدّجّال من يهود أصبهان سبعون ألفا، عليهم الطّيالسة» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (2).
و عن أبي بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّ الدّجّال يخرج من أرض بالمشرق، يقال لها خراسان، يتبعه أقوام (3)كأنّ وجوههم المجانّ المطرقة» (4).
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه في «سننه» (5).
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في قصّة فتح القسطنطينيّة و غيرها (6): «ثمّ تقفلون (7)منها-يعني مدينة القاطع-إلى
ص:338
بيت المقدس، فيبلغكم (1)أن الدّجّال قد خرج (2)في يهود 2أصبهان، إحدى عينيه ممزوجة بالدّم، و الأخرى كأنّها لم تخلق، يتناول الطّير من الهواء، له ثلاث صيحات. يسمعهنّ أهل المشرق و أهل المغرب، يركب حمارا أبتر، بين أذنيه أربعون ذراعا، يستظلّ تحت أذنيه سبعون ألفا من اليهود عليهم التّيجان، فإذا كان يوم الجمعة من صلاة الغداة، و قد أقيمت الصّلاة، فالتفت المهديّ، فإذا هو بعيسى بن مريم، قد نزل من السّماء في ثوبين، كأنّما يقطر من رأسه الماء» -فقال أبو هريرة: إنّ خرجته هذه ليست كخرجته الأولى، تلقى عليه مهابة كمهابة الموت- «فيقول له الإمام: تقدّم فصلّ بالنّاس، فيقول له عيسى: إنّما أقيمت الصّلاة لك، فيصلّي عيسى خلفه» .
قال حذيفة: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «قد أفلحت أمّة أنا أوّلها، و عيسى آخرها» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (3).
و عن إسماعيل بن رافع (4)أبي رافع 4، عن (أبي زرعة الشّيبانيّ يحيى
ص:339
ابن أبي عمرو (1)) ، عن أبي أمامة الباهليّ، قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فكان أكثر حديثا حدّثناه عن الدّجّال، و حذّرنا، فكان من قوله أن قال: «إنّه لم تكن فتنة في الأرض، منذ ذرأ اللّه تعالى ذرّيّة آدم عليه السّلام، أعظم من فتنة الدّجّال، و إنّ اللّه تعالى لم يبعث نبيّا إلاّ حذّر أمّته الدّجّال، و أنا آخر الأنبياء، و أنتم آخر الأمم، و هو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج و أنا بين ظهرانيكم فأنا حجيجه، و إن يخرج (2)بعدي فكلّ حجيج نفسه، و اللّه خليفتي على كلّ مسلم، و إنّه يخرج من خلّة بين الشّام و العراق، فيعيث يمينا، و يعيث شمالا، يا عباد اللّه (3)أيّها النّاس 2فاثبتوا، فإنّي سأصفه لكم صفة، لم يصفها إيّاه نبيّ قبلي؛ إنّه يبدأ فيقول:
أنا نبيّ. لا نبيّ بعدي، ثمّ يثنّي فيقول: أنا ربّكم. و لا ترون ربّكم حتّى تموتوا، و إنّه أعور، و إنّ ربّكم ليس بأعور، و إنّه مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كلّ مؤمن؛ كاتب، و غير كاتب، و إنّ من فتنته، أنّ معه جنّة و نارا، فناره جنّة، و جنّته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث باللّه، و ليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه بردا و سلاما، كما كانت النّار على إبراهيم، و إنّ من فتنته يقول لأعرابيّ: أ رأيت إن أبعث (4)لك أباك و أمّك، أتشهد أنّي ربّك؟ فيقول: نعم.
ص:340
فيتمثّل له شيطانان (1)في صورة أبيه و أمّه، فيقولان، يا بنيّ اتّبعه، فإنّه ربّك.
و إنّ من فتنته أن يسلّط على نفس واحدة (2)فيقتلها، و ينشرها 2بالمنشار حتّى تلقى شقّتين، ثمّ يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإنّي أبعثه الآن، ثمّ يزعم أنّ له ربّا غيري.
فيبعثه اللّه تعالى، فيقول له الخبيث: من ربّك؟
فيقول: ربّي اللّه، و أنت عدوّ اللّه، أنت الدّجّال، و اللّه ما كنت بعد أشدّ بصيرة بك منّي اليوم» .
قال أبو الحسن الطّنافسيّ: فحدّثنا المحاربيّ (3)، قال: حدّثنا عبيد اللّه (4)بن الوليد الوصّافيّ، عن عطيّة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ذلك الرّجل (5)أرفع أمّتي درجة في الجنّة» .
قال: قال أبو سعيد: و اللّه ما كنّا نرى ذلك الرجل إلاّ عمر بن الخطّاب، حتّى مضى لسبيله.
قال المحاربيّ: ثمّ رجعنا إلى حديث أبي رافع، قال: «و إنّ من فتنته أن يأمر السّماء أن تمطر فتمطر، و يأمر الأرض أن تنبت فتنبت.
ص:341
(1)و إنّ من فتنته أن يمرّ بالحيّ فيكذّبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلاّ هلكت 1.
(2)و إنّ من فتنته أن يمرّ بالحيّ فيصدّقونه، فيأمر السّماء أن تمطر فتمطر، و يأمر الأرض أن تنبت فتنبت 2، حتّى تروح، مواشيهم من يومهم ذلك أسمن (3)ما كانت و أعظمه، و أمدّه خواصر و أدرّه ضروعا.
و إنّه لا يبقى شيء من الأرض إلاّ وطئه و ظهر عليه، إلاّ مكّة و المدينة؛ فإنّه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلاّ لقيته الملائكة بالسّيوف صلتة، حتّى ينزل عند الظّريب (4)الأحمر، عند منقطع السّبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث (5)رجفات (6)، فتنفي الخبث منها، كما ينفي الكير خبث الحديد، و يدعى ذلك اليوم يوم الخلاص» .
فقالت أمّ شريك بنت أبي العكر: يا رسول اللّه، فأين العرب يومئذ؟
قال: «هم يومئذ قليل، و جلّهم ببيت المقدس، و إمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدّم يصلّي (7)الصّبح، إذ نزل عيسى بن مريم
ص:342
للصّبح (1)، فيرجع ذلك الإمام ينكص، يمشي القهقرى، ليتقدّم عيسى ابن مريم ليصلّي (2)بالنّاس، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثمّ يقول (3): تقدّم فصلّ؛ فإنّها لك أقيمت، فيصلّي بهم إمامهم.
فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب. فيفتح و وراءه الدّجّال، معه سبعون ألف يهوديّ، كلّهم ذو سيف محلّى و ساج (4)، فإذا نظر إليه الدّجّال ذاب كما يذوب الملح في الماء، و انطلق (5)هاربا.
فيقول عيسى: إنّ لي فيك ضربة لن تسبقني بها. فيدركه عند باب لدّ الشّرقيّ فيقتله. و يهزم اللّه اليهود، فلا يبقى شيء ممّا خلق اللّه يتوارى به يهوديّ إلاّ أنطق اللّه ذلك الشّيء، و لا حجر، و لا شجر، و لا حائط (6)-إلاّ الغرقدة (7)؛ فإنّها من شجرهم لا تنطق-إلاّ قال: يا عبد اللّه المسلم (8)، هذا يهوديّ، فتعال اقتله» .
ص:343
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و إنّ أيّامه أربعون سنة، السّنة (1)كنصف السّنة، و السّنة كالشّهر، و الشّهر كالجمعة، و آخر أيّامه كالشّررة، يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتّى يمسي» .
فقيل له: يا رسول اللّه، كيف يصلّى في تلك الأيّام القصار؟
قال: «تقدرون فيها الصّلاة، كما تقدرونها في هذه الأيّام الطّوال، ثمّ صلّوا» .
قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «فيكون عيسى بن مريم في أمّتي حكما عدلا، و إماما مقسطا، يدقّ الصّليب، و يذبح (2)الخنزير، و يضع الجزية، و يترك الصّدقة فلا يسعى على شاة و لا بعير، و ترفع الشّحناء و التّباغض، و تنزع حمة (3)كلّ ذات حمة، حتّى يدخل الوليد يده في فم (4)الحيّة فلا تضرّه، و تنفّر (5)الوليدة الأسد فلا يضرّها، و يكون الذّئب في الغنم كأنّه كلبها، و تملأ الأرض من السّلم كما يملأ الإناء من الماء، و تكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلاّ اللّه عزّ و جلّ، و تضع الحرب أوزارها، و تسلب قريش ملكها، و تكون الأرض كفاثور (6)الفضّة، تنبت
ص:344
نباتها بعهد آدم، حتّى يجتمع النّفر على القطف من العنب، فيشبعهم (1)، و يكون الثّور بكذا و كذا من المال، و يكون الفرس بدريهمات» .
(2)قيل: يا رسول اللّه، و ما يرخص الفرس؟
قال: «لا تركب لحرب أبدا» 2.
قيل: يا رسول اللّه، و ما يغلى الثّور؟
قال: «تحرث الأرض كلّها» .
«و إنّ قبل خروج الدّجّال ثلاث سنوات شداد، يصيب النّاس فيها (3)جوع شديد 3، يأمر اللّه تعالى السّماء (4)السّنة الأولى [أن] (5)تحبس ثلث مطرها، و يأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثمّ يأمر اللّه تعالى السّماء في الثّانية فتحبس ثلثي مطرها، و يأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثمّ يأمر اللّه تعالى السّماء في السّنة الثّالثة فتحبس مطرها كلّه فلا تقطر قطرة، و يأمر الأرض (6)أن تحبس 6نباتها كلّه (7)فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلاّ هلكت إلاّ ما شاء اللّه تعالى» .
ص:345
فقيل: و ما يعيش النّاس في ذلك الزّمان؟
قال: «التّهليل و التّكبير و التّسبيح و التّحميد، و يجرى ذلك عليهم (1)مجرى الطّعام» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (2).
و قال: في آخره: سمعت أبا الحسن الطّنافسيّ يقول: سمعت عبد الرّحمن المحاربيّ يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدّب حتّى يعلّمه الصّبيان في الكتّاب.
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، سئل عن طعام المؤمنين في زمن الدّجّال، قال: «طعام الملائكة» .
قالوا (3): و ما طعام الملائكة؟
قال: «طعامهم منطقهم بالتّسبيح و التّقديس، فمن كان منطقه يومئذ التّسبيح و التّقديس، أذهب اللّه عنه الجوع، فلا يحسّ (4)جوعا» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5)، و قال: هذا
ص:346
حديث صحيح الإسناد، على شرط مسلم، و لم يخرجه.
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة الدّجّال، قال: ألا و إنّ أكثر أتباعه أولاد الزّنا، لابسو (1)التّيجان، و هم اليهود، عليهم لعنة اللّه، يأكل و يشرب، له حمار أحمر (2)، طوله ستون خطوة مدّ بصره، أعور اليمين (3)، و إنّ ربّكم عزّ و جلّ ليس بأعور، صمد لا يطعم، فيشمل البلاد البلاء (4)، و يقيم الدّجّال أربعين يوما، أوّل يوم كسنة، و الثاني كأقلّ، فلا تزال تصغر و تقصر حتّى تكون آخر أيّامه كليلة يوم من أيّامكم هذه، يطأ الأرض كلّها إلاّ مكة و المدينة و بيت المقدس.
و يدخل المهديّ عليه السّلام بيت المقدس و يصلّي بالنّاس إماما، فإذا كان يوم الجمعة، و قد أقيمت الصّلاة، نزل عيسى بن مريم عليه السّلام بثوبين (5)مشرقين حمر 5، كأنّما يقطر من رأسه الدّهن، رجل الشّعر (6)، صبيح الوجه، أشبه خلق اللّه عزّ و جلّ بأبيكم إبراهيم خليل الرّحمن عليه السّلام، فيلتفت المهديّ، فينظر عيسى (7)
ص:347
عليه السّلام، فيقول لعيسى: يا ابن البتول، صلّ بالنّاس. فيقول: لك أقيمت الصّلاة. فيتقدّم المهديّ عليه السّلام، فيصلّي بالنّاس، و يصلّي عيسى عليه السّلام خلفه و يبايعه.
و يخرج عيسى عليه السّلام فيلتقي (1)الدّجّال، فيطعنه، فيذوب كما يذوب الرّصاص، و لا تقبل الأرض منهم أحدا، لا يزال الحجر و الشجر يقول: يا مؤمن، تحتي كافر اقتله.
ثمّ إنّ عيسى عليه السّلام يتزوّج امرأة من غسّان، و يولد له منها مولود، و يخرج حاجّا، فيقبض اللّه تعالى روحه في طريقه قبل وصوله إلى مكّة.
و ذكر الإمام أبو الحسن محمّد بن عبيد اللّه الكسائيّ، في «قصص الأنبياء» ، قال: قال كعب الأحبار: يخرج المهديّ إلى بلاد الرّوم. فذكر قصّة فتح الرّوم و القسطنطينيّة، و قال: ثمّ يأتيه (2)الخبر بخروج الأعور (3)الدّجّال، و هو رجل عريض (4)، عينه اليمنى مطموسة، و أمّا اليسرى فكأنّها كوكب، مكتوب بين عينيه كافر باللّه و برسوله، يخرج يدّعي أنّه الرّبّ، و لا يسمعه أحد إلاّ تبعه إلاّ من عصمه (5)اللّه تعالى،
ص:348
و يكون له جنّة و نار، فيقول: هذه جنّة لمن سجد لي، و من أبى أدخلته النّار.
قال: قال وهب بن منبّه: عند خروج الأعور الدّجّال، تهبّ (1)ريح (2)قوم عاد، و سماع صيحة كصيحة قوم صالح، و يكون مسخ كمسخ أصحاب الرّسّ (3)، و ذلك عند ترك النّاس الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، و يسفكون الدّماء، و يستحلّون الرّبا (4)، و يعظم البلاء، و تشرب الخمر، و يكتفي الرّجال بالرّجال و النّساء بالنّساء، فعند ذلك يخرج الدّجّال من ناحية المشرق، من قرية يقال لها درادس، يخرج على حمار (5)مطموس العين، مكسور الطّرف، يخرج منه الحيّات، محدودب الظّهر، قد صوّر كلّ السّلاح في يديه، حتّى الرّمح و القوس، يخوض البحار إلى كعبه، و تكون أجناده أولاد الزّنا، و تجيء إليه السّحرة، و إذا أتى ببلد يقول: أنا ربّكم.
قال: يطوف الأرض جميعا، حتّى يدخل أرض بابل، يلقاه الخضر فقال (6): أنا ربّكم.
ص:349
فقال (1)الخضر: كذبت يا دجّال، إنّ (2)ربّ العالمين ربّ السّموات و الأرض.
فيقتله الدّجّال، و يقول: قل لربّ العالمين يحييك.
فيحيي اللّه تعالى الخضر عليه السّلام، فيقوم. و يقول: ها أنا يا دجّال.
فيقول لأصحاب الدّجّال: يا ويلكم، لا تعبدوا هذا (3)الكافر الملعون.
فيقتله ثلاث مرّات، فيحييه اللّه تعالى.
ثمّ يخرج الدّجّال نحو مكّة، فينظر إلى الملائكة محدقين (4)بالبيت الحرام.
ثمّ يسير إلى المدينة، (5)فيجدها كذلك، يطوف (6)البلاد إلاّ أربع مدن؛ مكّة، و المدينة 5، و بيت المقدس، و طرسوس.
و أمّا المؤمنون فإنّهم يصومون و يصلّون، غير أنّهم تركوا المساجد، و لزموا بيوتهم، و الشّمس تطلع عليهم مرّة بيضاء و مرّة حمراء، و مرّة سوداء، و الأرض تزلزل، و المسلمون يصبرون، حتّى
ص:350
يسمعوا بمسير (1)المهديّ إلى الدّجّال فيفرحون بذلك.
و يقال: إنّ المهديّ يسير إلى قتال الدّجّال، و على رأسه عمامة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، عمامة بيضاء، فيلتقون، و يقتتلون قتالا شديدا، فيقتل من أصحاب الدّجّال ثلاثين ألفا، و ينهزم الدّجّال و من معه نحو بيت المقدس، فيأمر اللّه تعالى الأرض بإمساك خيولهم، ثمّ يرسل اللّه تعالى عليهم ريحا حمراء، فيهلك منهم أربعون ألفا.
ثمّ يسير المهديّ في طلبه، فيجد من عسكره نحوا من خمسين ألفا، فيريهم الآيات و المعجزات، و يدعوهم إلى الإيمان، فلا يؤمنون، فيمسخهم اللّه تعالى قردة و خنازير.
ثمّ يأمر اللّه عزّ و جلّ جبريل أن يهبط بعيسى عليهما السّلام، إلى الأرض، و هو في السّماء الثّانية، فيأتيه، فيقول: يا روح اللّه و كلمته، ربّك يأمرك بالنّزول إلى الأرض. فينزل و معه سبعون ألفا من الملائكة، و هو بعمامة خضراء، متقلّد (2)بسيف على فرس، بيده حربة، فإذا نزل (3)الأرض نادى مناد: يا معشر المسلمين، جاء الحقّ و زهق الباطل (4). فأوّل من يسمع بذلك المهديّ، فيصير إليه، و يذكر الدّجّال،
ص:351
فيسير إليه، فإذا نظر الدّجّال إليه يرتعد كأنّه العصفور في يوم ريح عاصف، فيتقدّم إليه عيسى، فإذا رآه الدّجّال يذوب، كما يذوب الرّصاص، فيقول عيسى: ألست زعمت أنّك إله تعبد، فلم لا تدفع عن نفسك القتل؟
ثمّ يطعنه بحربة (1)، فيموت.
ثمّ يضع المهديّ سيفه، و أصحابه في أصحاب الدّجّال، فيقتلونهم فيملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا، حتّى ترعى الوحوش و السّباع، و تلعب بهم (2)الصّبيان، و تأمن النّساء في (3)أنفسهنّ، حتّى لو أنّ امرأة في العراء (4)لم تخف على نفسها، و يظهر اللّه تعالى كنوز الأرض للمؤمنين (5)، و يستغني كلّ فقير، بقدرة اللّه تعالى.
قال وهب بن منبّه، و كعب الأحبار رضي اللّه عنهما: فعند ذلك يتزوّج بامرأة من العرب، فيمكث ما شاء اللّه، ثمّ يخرج يأجوج و مأجوج.
ص:352
عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، أنّ عمر بن الخطّاب انطلق مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في رهط من أصحابه قبل ابن صيّاد، حتّى وجده يلعب مع الصّبيان، عند أطم بني مغالة (1)و قد قارب ابن صيّاد الحلم (2)، فلم يشعر حتّى ضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (3)ظهره بيده، ثمّ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 3لابن صيّاد: «أتشهد أنّي رسول اللّه؟» .
فنظر إليه ابن صيّاد، فقال: أشهد أنّك رسول الأمّيّين.
ثمّ قال ابن صيّاد لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أتشهد أنّي رسول [اللّه] (4)؟ .
فرفضه (5)رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثمّ قال: «آمنت باللّه و برسله» .
ص:353
ثمّ قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ماذا ترى؟» .
قال ابن صيّاد: يأتيني صادق و كاذب.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خلط عليك الأمر» .
ثمّ قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّي قد خبأت لك خبيئا» .
فقال ابن صيّاد: هو الدّخّ (1).
فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إخسأ، فلن تعدو قدرك» .
فقال عمر بن الخطّاب: ذرني يا رسول اللّه أضرب عنقه.
فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن يكنه فلن تسلّط عليه، و إن لم يكنه فلا خير لك في قتله» .
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (2).
و عن سالم بن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهم، قال: سمعت عبد اللّه ابن عمر، يقول: انطلق بعد ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أبيّ بن كعب، إلى النّخل التي فيها ابن صيّاد، حتّى إذا دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى النّخل،
ص:354
طفق يتّقي بجذوع النخل، و هو يختل (1)أن يسمع من ابن صيّاد شيئا، قبل أن يراه ابن صيّاد فرآه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو مضطجع على فراش في قطيفة، له فيها زمزمة (2)، فرأت أمّ ابن صيّاد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو يتّقي بجذع النخل، فقالت لابن صيّاد: يا صاف-هو اسم ابن صيّاد-هذا محمّد.
فثار ابن صيّاد، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو تركته بيّن» .
قال أبيّ (3): يعني في قوله «لو تركته بيّن» . قال: لو تركته أمّه بيّن أمره.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (4).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: لقيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أبو بكر، و عمر (5)، في بعض طرق المدينة، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أتشهد أنّي رسول اللّه؟» .
ص:355
فقال هو: أتشهد أنّي رسول اللّه؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «آمنت باللّه و ملائكته و كتبه، ما ترى؟» .
قال: أرى عرشا على الماء.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «[ترى] (1)عرش إبليس على البحر، و ما ترى؟» .
قال: أرى صادقين و كاذبا، أو كاذبين و صادقا.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «دعوه» (2).
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (3).
و عن نافع، قال: لقي ابن عمر ابن صيّاد (4)، في بعض طرق المدينة، فقال له قولا أغضبه، فانتفخ حتّى ملأ السّكّة، فدخل ابن عمر على حفصة، و قد بلغها، فقالت له: رحمك (5)اللّه، ما أردت من ابن صيّاد (6)؟ أما علمت أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «إنّما يخرج الدّجّال من غضبة يغضبها» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (7).
ص:356
و عن أبي بكرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يمكث أبو الدّجّال (1)ثلاثين عاما، لا يولد له (2)ولد، ثمّ يولد له غلام أعور، أضرّ شيء و أقلّه منفعة، تنام عينه و لا ينام قلبه» .
ثمّ نعت لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبويه (3)، فقال: أبوه (4)طوال، ضرب اللّحم (5)، كأنّ أنفه منقار، و أمّه امرأة فرضاخيّة (6)، طويلة اليدين» .
فقال أبو بكرة: سمعنا بمولود في اليهود في المدينة، فذهبت أنا و الزّبير بن العوّام، حتّى دخلنا على أبويه، فإذا نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيهما، فقلنا: هل لكما ولد؟
فقالا: مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا ولد، ثمّ ولد لنا غلام أعور، أضرّ شيء و أقلّه منفعة، تنام عينه، و لا ينام قلبه.
قال: فخرجنا من عندهما، فإذا هو منجدل في الشّمس، في قطيفة، و له همهمة، فتكشّف (7)عن رأسه فقال: ما قلتما؟
فقلنا: و هل سمعت ما قلنا؟
ص:357
قال: نعم، تنام عيناي، و لا ينام قلبي.
أخرجه الإمام أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (1)، و قال: هذا حديث حسن (2).
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: خرجنا حجّاجا أو عمّارا (3)، و معنا ابن صائد (4).
قال: فنزلنا منزلا، فتفرّق النّاس، و بقيت أنا و هو، فاستوحشت منه وحشة شديدة، ممّا يقال عليه.
قال (5): و جاء بمتاعه فوضعه مع متاعي، فقلت: إنّ الحرّ شديد، فلو وضعته تحت تلك الشّجرة.
قال: ففعل، فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعسّ (6)، فقال: اشرب أبا سعيد.
فقلت: إنّ الحرّ شديد، و اللّبن حارّ. ما بي إلاّ أنّي أكره أن أشرب على يده، أو قال: آخذه عن يده.
فقال: أبا سعيد، لقد هممت أن آخذ حبلا. فأعلّقه بشجرة، ثمّ أختنق ممّا يقول لي النّاس؛ يا أبا سعيد، من خفي عليه حديث رسول
ص:358
اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم النّاس بحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ أليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «هو كافر» و أنا مسلم، أو ليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «هو عقيم لا يولد له» ، و قد تركت ولدي بالمدينة، أو ليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يدخل المدينة و لا مكّة» و قد أقبلت من المدينة، و أنا أريد مكّة؟
قال أبو سعيد: حتّى كدت أن أعذره.
ثمّ قال: أما و اللّه إنّي لأعرفه، و أعرف مولده. و أين هو الآن.
قال: قلت تبّا لك (1)سائر اليوم.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (2).
و في بعض (3)روايات هذا الحديث، في مسلم، في آخره، قال:
فلبسني (4).
و في بعضها فيه، قال: و قيل له: أيسرّك أنّك ذلك الرّجل؟
قال: فقال، لو عرض عليّ ما كرهت.
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال (5): لقيته مرّتين، يعني ابن
ص:359
صيّاد، قال: فلقيته، فقلت لبعضهم: هل تحدّثون أنّه هو؟
قال: لا و اللّه.
قال: قلت كذبتني و اللّه، لقد أخبرني بعضكم (1)أنه لن يموت حتّى يكون أكثرهم (2)مالا و ولدا.
فقال: فكذلك (3)هو زعموا (4)اليوم.
قال: فتحدّثنا، ثمّ فارقته.
قال: فلقيته لقية (5)أخرى، و قد نفرت (6)عينه.
قال: فقلت، متى فعلت عينك ما أرى؟
قال: لا أدري.
قلت: لا تدري و هي في رأسك؟
قال: إن شاء اللّه خلقها في عصاك هذه.
قال: فنخر (7)كأشدّ نخير حمار سمعت.
قال: فزعم بعض أصحابي أنّي ضربته بعصا كانت معي حتّى
ص:360
تكسّرت، (1)و أنا و اللّه فما شعرت 1.
قال: و جاء حتّى دخل على أمّ المؤمنين، فحدّثها، فقالت: ما تريد إليه؟ ألم تعلم أنّه قد قال: «إنّ أوّل ما يبعثه على النّاس غضب يغضبه» .
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2).
و عن محمّد بن المنكدر رضي اللّه عنه، قال: رأيت جابر عبد اللّه يحلف باللّه (3)أنّ ابن صيّاد (4)الدّجّال.
قال: فقلت: تحلف باللّه؟
قال: إنّي سمعت عمر يحلف على ذلك عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فلم ينكره النبيّ صلى اللّه عليه و سلم.
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (5).
و عن نافع، قال: كان ابن عمر، يقول: و اللّه ما أشكّ أنّ المسيح الدّجّال ابن صيّاد.
أخرجه أبو داود في «سننه» (6).
ص:361
و عن شبل بن عروة (1)، عن أبيه، قال: قال، لمّا فتحنا أصبهان كان بين عسكرنا و بين اليهود فرسخ، فدخلت أقضي حوائج لي فأمسيت، و خشيت (2)أن أقتطع دون 2العسكر، فقلت لصديق لي من اليهود: أبيت عندك اللّيله؟
قال: نعم.
فبتّ على سطح له، فسمعت اليهود في تلك الليلة يضربون بالدّفوف و يزفنون (3)، فقلت لصديقي: كأنّكم تريدون أن تنتزعوا (4)يدا من (5)طاعة.
قال: لا، و لكن ملكنا الذي يستفتح به على (6)العرب يدخل غدا.
قال: فصلّيت الصبح، و قعدت على السّطح حتّى طلعت الشّمس، و أقبل رهج (7)من قبل عسركنا، فإذا أنا برجل في قبّة ريحان، و إذا اليهود حوله، يضربون بالدّفوف و يزفنون (8)، فإذا هو ابن صيّاد.
ص:362
قال: فدخل، فلم ير إلى هذه الغاية (1).
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر (2)المنادي في كتاب «الملاحم» .
(3)و عن جابر بن عبد اللّه، قال: فقد ابن صيّاد يوم الحرّة (4).
أخرجه أيضا ابن المنادي 3.
و عن النّزّال بن سبرة (5)، قال: خطبنا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، (6)على المنبر 6، ثمّ قال: أيّها النّاس، سلوني قبل أن تفقدوني. قالها ثلاث مرّات، فقام إليه الأصبغ بن نباتة، فقال: من الدّجّال، يا أمير المؤمنين؟
قال: يا أصبغ، الدّجّال الصّافي (7)ابن الصّيّاد (8)، الشّقيّ من صدّقه،
ص:363
و السعيد من كذّبه.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (1).
و رواه الإمام أبو الحسين أحمد بن المنادي (2)في كتاب «الملاحم» 2.
ص:364
عن عامر بن شراحيل الشّعبيّ، شعب همدان، أنّه سأل فاطمة بنت قيس، أخت الضّحّاك بن قيس، و كانت من المهاجرات الأول، فقال:
حدّثيني حديثا سمعتيه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لا تسنديه إلى أحد غيره.
فقالت: لئن شئت لأفعلنّ.
فقال لها: أجل، حدّثيني.
فقالت: نكحت ابن المغيرة، و هو من خيار شباب قريش يومئذ، فأصيب في أوّل الجهاد (1)مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. فلمّا تأيّمت (2)خطبني عبد الرّحمن بن عوف، في نفر من أصحاب محمّد صلى اللّه عليه و سلم، [و خطبني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم] (3)على مولاه أسامة بن زيد، و كنت قد حدّثت أنّ
ص:365
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «من أحبّني فليحبّ أسامة» ، فلمّا كلّمني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قلت: أمري بيدك، فأنكحني من شئت.
فقال: «انتقلي إلى أمّ شريك» .
و أمّ شريك (1)امرأة غنيّة من الأنصار، عظيمة النّفقة في سبيل اللّه، ينزل عليها الضّيفان.
قلت: سأفعل.
قال: «لا تفعلي، إنّ أمّ شريك امرأة كثيرة الضّيفان، فإنّي أكره أن يسقط عنك خمارك، و ينكشف (2)الثّوب عن ساقيك، فيرى القوم منك (3)بعض ما تكرهين، و لكن انتقلي إلى ابن عمّك عبد اللّه بن عمرو ابن أمّ مكتوم» .
و هو رجل من بني فهر قريش، و هو من البطن الذي هي منه.
فانتقلت إليه، فلمّا انقضت عدّتي، سمعت نداء المنادي (4)، منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (5): الصّلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد فصلّيت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فكنت في النّساء التي تلي ظهور القوم، فلمّا قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلاته جلس على المنبر، و هو يضحك، فقال: «ليلزم
ص:366
كلّ إنسان مصلاّه» .
ثمّ قال: «أتدرون لما (1)جمعتكم؟» .
قالوا: اللّه و رسوله أعلم.
قال: «إنّي و اللّه ما جمعتكم لرغبة، و لا لرهبة، و لكن جمعتكم لأنّ تميما الدّاريّ كان رجلا نصرانيا، فجاء فبايع، و أسلم، فحدّثني حديثا وافق الّذي كنت أحدّثكم عن المسيح (2)الدّجّال، حدّثني أنّه ركب في سفينة بحريّة، مع ثلاثين رجلا من لخم و جذام، فلعب بهم الموج شهرا، ثمّ أرفأوا (3)إلى جزيرة في البحر، حتّى مغرب الشّمس، فجلسوا في أقرب (4)السّفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابّة أهلب (5)كثير الشّعر، (6)لا يدرون ما قبله من دبره 6.
فقالوا: ويلك ما أنت؟
قالت: أنا الجسّاسة (7).
ص:367
قالوا: و ما الجسّاسة؟
قالت: أيّها القوم، انطلقوا إلى هذا الرّجل في الدّير، فإنّه إلى خبركم بالأشواق.
قال: لمّا سمّت لنا رجلا، فرقنا منها (1)أن تكون شيطانة.
قال: فانطلقنا سراعا، حتّى دخلنا الدّير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قطّ (2)خلقا، و أشدّه وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد.
قلنا: ويلك، ما أنت؟
قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟
قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحريّة، فصادفنا البحر حين اغتلم (3)، فلعب بنا الموج شهرا، ثمّ أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا (4)دابّة أهلب كثير الشّعر، (5)لا ندري ما قبله من دبره من كثرة الشّعر 5، فقلنا: ويلك ما أنت. قالت:
أنا الجسّاسة. قلنا: و ما الجسّاسة؟ قالت: اعمدوا (6)إلى هذا الرّجل في
ص:368
الدّير، فإنّه إلى خبركم (1)بالأشواق. فأقبلنا إليك سراعا، و فزعنا منها، و لم نأمن أن تكون شيطانة.
فقال: أخبروني عن نخل بيسان (2).
قلنا: عن أيّ شأنها تستخبر؟
قال: أسألكم عن نخلها، هل يثمر؟
قلنا له: نعم.
قال: إنّها (3)توشك أن لا تثمر.
قال: أخبروني عن بحيرة الطّبريّة (4).
قلنا: عن أيّ شأنها تستخبر؟
قال: هل (5)فيها ماء؟
قالوا: هي كثيرة الماء.
قال: أما إنّ ماءها يوشك أن يذهب.
ص:369
قال: أخبروني عن عين زعر (1).
قالوا: عن أيّ شأنها تستخبر؟
قال: هل في العين ماء؟ و هل يزرع أهلها بماء العين؟
قلنا له: نعم، كثيرة الماء، (2)و أهلها يزرعون 2من مائها.
قال: أخبروني عن نبيّ الأمّيّين، ما فعل؟
قالوا: قد خرج من مكّة، و نزل يثرب.
قال: أقاتله العرب؟
قلنا: نعم.
قال: كيف صنع بهم؟
فأخبرناه أنّه قد ظهر على من يليه من العرب، و أطاعوه.
قال لهم: قد كان ذلك؟
قلنا: نعم.
قال: أما إنّ ذلك خير لهم أن يطيعوه، و إنّي مخبركم عنّي، أنا (3)المسيح (4)، و إنّي أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في
ص:370
الأرض، فلا أدع قرية إلاّ هبطتها في أربعين (1)ليلة، غير مكّة و طيبة، هما (2)محرّمتان علىّ كلتاهما، كلّما أردت أن أدخل واحدة (3)أو واحدا 3منهما، استقبلني ملك بيده السّيف صلتا (4)يصدّني عنها، و إنّ على كلّ نقب منها ملائكة يحرسونها» .
قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و طعن بمخصرته في المنبر: «هذه طيبة، هذه طيّبة» يعني المدينة «ألا هل كنت حدّثتكم ذلك؟» .
فقال النّاس: نعم.
قال (5): «فإنّه أعجبني حديث تميم أنّه وافق الّذي كنت أحدّثكم عنه، و عن المدينة و مكّة، ألا إنّه في بحر الشّام، أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق، ما هو من قبل المشرق (6)ما هو» . (7)و أومأ بيده إلى المشرق 7.
قالت: فحفظت هذا من رسول صلى اللّه عليه و سلم.
ص:371
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
قال الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر (2)أحمد بن الحسين 2البيهقيّ رحمه اللّه، بعد ذكره لأحاديث ابن صيّاد: و من ذهب إلى أنّ الدّجّال غيره، يعني ابن صيّاد، احتجّ بحديث تميم الدّاريّ، و إسناده أصحّ، مع جواز موافقة صفته صفة الدّجّال، غيره، كما جاء في الخبر (3)، أنّه أشبه النّاس (4)بعبد العزّى بن قطن، و ليس به، و أمر (5)ابن صيّاد، على ما حكي عنه، كانت فتنة ابتلى اللّه بها عباده، كما كان أمر العجل في زمن موسى، عليه السّلام، فتنة ابتلاهم اللّه بها، إلاّ أنّ اللّه عزّ و جلّ عصم منها أمّة محمّد عليه الصّلاة و السّلام، و وقاهم شرّها، و ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، على (6)قول عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، و يحتمل أنّه عليه السّلام كان كالمتوقّف في بابه (7)،
ص:372
حتّى جاء التّثبيت من اللّه عزّ و جلّ، أنّه غيره، فقال في حديث تميم الدّاريّ ما قال (1)، و اللّه أعلم.
ص:373
ص:374
قال اللّه تعالى: حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (1).
و عن النّوّاس بن سمعان رضي اللّه عنه، قال: ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الدّجّال ذات غداة. فذكر (2)قصّته و نزول عيسى بن مريم عليه السّلام، و قتله الدّجّال (3).
ثمّ قال: «فبينما هو كذلك، إذ أوحى اللّه تعالى إلى عيسى عليه السّلام: إنّي قد أخرجت عبادا لي (4)، لا يدان لأحد بقتالهم (5)، فحرّز (6)عبادي إلى الطور.
و يبعث اللّه تعالى يأجوج و مأجوج، و هم من كلّ حدب ينسلون
ص:375
فيمرّ أوائلهم (1)على بحيرة طبريّة، فيشربون ما فيها، و يمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة (2)ماء» .
و في رواية أخرى (3): « (4)ثمّ يسيرون حتّى ينتهوا 4إلى جبل الخمر (5)، و هو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض فهلمّ فلنقتل من في السّماء، (6)فيرمون بنشّابهم إلى السّماء 6فيردّ اللّه عليهم نشّابهم مخضّبة (7)دما.
و يحصر نبيّ اللّه عيسى صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه، حتّى يكون رأس الثّور لأحدهم خير من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبيّ اللّه عيسى صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه، فيرسل اللّه عليهم النّغف (8)في رقابهم، فيصبحون فرسى (9)(10)كموت نفس 10واحدة.
ثمّ يهبط نبيّ اللّه عيسى عليه السّلام و أصحابه إلى الأرض، فلا
ص:376
يجدون في الأرض موضع شبر إلاّ ملأه رممهم (1)و نتنهم، فيرغب نبيّ اللّه عيسى عليه السّلام و أصحابه [إلى اللّه] (2)، فيرسل اللّه عزّ و جلّ طيرا كأعناق البخت (3)، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللّه تعالى، (4)و يستوقد المسلمون من قسيّهم و جعابهم (5)سبع سنين 4.
ثمّ يرسل اللّه تعالى مطرا، لا يكنّ (6)منه بيت مدر، و لا وبر، فيغسل (7)الأرض حتّى يتركها كالزّلقة (8).
ثمّ يقال للأرض: أنبتي ثمرتك (9)، و ردّي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرّمّانة، و يستظلّون بقحفها (10)، و يبارك في الرّسل (11)حتّى إنّ
ص:377
اللّقحة (1)من الإبل لتكفي الفئام (2)من النّاس، (3)و اللّقحة من البقر لتكفي القبيلة من النّاس 3، و اللّقحة من الغنم لتكفي الفخذ (4)من النّاس.
فبينما هم كذلك، إذ بعث اللّه ريحا طيّبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كلّ مؤمن، و كلّ مسلم، و يبقى شرار النّاس، يتهارجون فيها تهارج الحمر (5)، فعليهم تقوم السّاعة» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (6).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم، في السّدّ، قال:
«يحفرونه كلّ يوم، حتّى إذا كادوا يخرقونه، قال الّذي عليه: ارجعوا، فستخرقونه (7)غدا» .
قال: «فيعيده اللّه (8)عزّ و جلّ كأشدّ ما كان (9)، حتّى إذا بلغوا مدّتهم،
ص:378
و أراد اللّه تعالى قال الّذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه (1)غدا إن شاء اللّه. و استثنى.
قال (2): فيرجعون و هو كهيئته حين تركوه، فيخرقونه (3)، و يخرجون على النّاس، فيستقون (4)المياه، و يفرّ النّاس منهم، فيرمون سهامهم في السّماء، فترجع مخضّبّة (5)بالدّماء، فيقولون:
قهرنا أهل الأرض، و غلبنا من في السّماء، قسوة (6)و علوّا.
قال (7): فيبعث اللّه عليهم نغفا في أقفائهم (8)، فيهلكهم» .
قال: «فو الّذي (9)نفس محمّد بيده، إنّ دوابّ الأرض لتسمن و تبطر، و تشكر شكرا (10)، من لحومهم» (11).
ص:379
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1). و قال:
هذا حديث صحيح الإسناد (2)، على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و أخرجه الحافظ (3)أبو بكر البيهقي في «البعث و النّشور» هكذا.
و أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه ابن ماجه القزويني في «سننه» (4)بمعناه.
و أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (5)، و انتهى حديثه عند قوله فيها (6): «فيهلكهم» .
و قوله: «تشكر» (7)بالشّين المعجمة 7، أي تمتليء.
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، في قصّة الدّجّال، فذكرها، و ذكر قتل عيسى عليه السّلام له، ثمّ قال: «فعند ذلك خروج يأجوج و مأجوج» .
ص:380
قال: فيوحي اللّه عزّ و جلّ إلى عيسى: «أحرز عبادي بالطّور.
طور سينين» (1).
قال حذيفة (2)، فقلت: يا رسول اللّه، و ما يأجوج و مأجوج؟
قال: «يأجوج أمّة، و مأجوج أمّة، كلّ أمّة أربعمائة ألف أمّة (3)لا يموت الرّجل منهم حتّى ينظر إلى ألف عين تطرف بين يديه من صلبه» .
قال: قلت: يا رسول اللّه، صف لنا يأجوج و مأجوج.
قال: «هم ثلاثة أصناف، صنف منهم أمثال الأرز (4)الطّوال، و صنف منهم (5)آخر عرضه و طوله سواء، عشرون و مائة ذراع في مائة و عشرين ذراعا، و هم الّذين لا يقوم لهم الحديد، و صنف يفترش إحدى أذنيه، و يلتحف بالأخرى» .
قال حذيفة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يكون جمع (6)منهم بالشّام، و ساقتهم بخراسان، فيشربون أنهار المشرق حتّى تيبس، فيحلّون بيت المقدس، و عيسى و المسلمون بالطّور، فيبعث عيسى طليعة، فيشرفون
ص:381
على بيت المقدس، فيرجعون إليه، فيخبرونه أنّه ليس ترى الأرض من كثرتهم (1).
قال (2): «ثمّ إنّ عيسى يرفع يديه إلى السّماء، فيرفع المؤمنون معه، فيدعو اللّه عزّ و جلّ، و يؤمّن المؤمنون، فيبعث اللّه تعالى عليهم (3)دودا، يقال له: النّغف، فيدخل في مناخرهم، حتّى يدخل في الدّماغ، فيصبحون أمواتا» .
قال (4): «فيبعث اللّه عزّ و جلّ عليهم مطرا وابلا أربعين صباحا، فيغرقهم في البحر، و يرجع عيسى إلى بيت المقدس، و المؤمنون معه» .
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (5).
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، لمّا كان ليلة أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لقي إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السّلام، فتذاكروا السّاعة متى هي؟ فبدأوا (6)بإبراهيم، فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علم، فسألوا موسى، فلم يكن عنده منها علم، فردّوا الحديث إلى عيسى،
ص:382
فقال: عهد اللّه إليّ فيما دون وجبتها (1)، (2)فأمّا وجبتها 2فلا يعلمها إلاّ اللّه عزّ و جلّ. فذكر خروج الدّجّال، فأهبط فأقتله، ثمّ يرجع النّاس إلى بلادهم، فيستقبلهم يأجوج و مأجوج، و هم من كلّ حدب ينسلون، لا يمرّون بماء إلاّ شربوه، و لا بشيء إلاّ أفسدوه، فيجأرون إليّ، فأدعو (3)اللّه فيميتهم 3، (4)فتجوى الأرض من ريحهم، فيجأرون إليّ، فأدعوا 4اللّه فيرسل (5)السّماء بالماء، فيحملهم فيقذف بأجسامهم (6)في البحر، ثمّ تنسف الجبال، و تمدّ الأرض مدّ الأديم، فعهد اللّه عزّ و جلّ إليّ، أنّه إذا كان ذلك، أنّ السّاعة من النّاس كالحامل المتمّ، لا يدري أهلها متى تفجاهم بولادتها، ليلا أو نهارا.
قال العوّام (7): فوجدت تصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ، ثمّ قرأ (8): حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ
ص:383
يَنْسِلُونَ* وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ (1).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (2)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: يأجوج و مأجوج يمرّ أوّلهم بنهر مثل دجلة، و يمرّ آخرهم، فيقول: قد كان في هذا النهر مرّة ماء، فلا يموت رجل إلاّ ترك ألفا من ذرّيّته فصاعدا، و من ثلاث أمم؛ تاديس (3)، و تاويل، و ناسك (4)، أو قال: منسك، شكّ شعبة.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5)، و قال: هذا حديث صحيح (6)على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه.
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: إنّ اللّه تعالى (7)جزّأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء الملائكة، و جزءا سائر الخلق، و جزّأ الملائكة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء يسبّحون اللّيل و النّهار لا يفترون، و جزءا لرسالته، و جزّأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل تسعة
ص:384
أجزاء يأجوج و مأجوج، و جزءا سائر الخلق، و السّماء ذات الحبك، قال: السّماء السّابعة، و الحرم بحيالة (1)العرش.
أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (2)، و قال:
هذا صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن وهب بن جابر، قال (3): دخلت بيت المقدس، فإذا فيه عبد اللّه بن عمرو، في حلقة يحدّثهم (4).
قال: سمعته يقول: إن يأجوج و مأجوج لا يموت الرجل منهم حتّى يولد له من صلبه ألف فصاعدا، و إنّ من ورائهم ثلاث أمم، ما يعلم عدّتهم إلاّ اللّه عزّ و جلّ، منسك، و تاويل، و تاديس.
أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ.
و عن الأوزاعيّ، قال: قال ابن عبّاس: الأرض ستة أجزاء، فخمسة أجزاء منها يأجوج و مأجوج، و جزء فيه سائر الخلق.
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في «سننه» (5).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في قصّة
ص:385
الدّجّال، و نزول عيسى بن مريم عليه السّلام، قال: و يأجوج و مأجوج في وقت عيسى ابن مريم عليه السّلام.
قالوا: يا أمير المؤمنين، صف لنا يأجوج و مأجوج.
قال: هم أمم، كلّ أمّة منهم أربعمائة ألف ألف نفس، لا يموت الرجل (1)منهم حتّى يرى من ظهره ألف عين تطرف، صنف منهم (2)كشجر الأرز 2الطّوال مائة ذراع بلا غلظ، و الصّنف الثاني طوله مائة ذراع، (3)و عرضه خمسون 3ذراعا، و الصّنف الثالث منهم، و هم (4)أكثر عددا، قصار يلتحف أحدهم بإحدى أذنيه، و يفترش الأخرى مقدّمتهم بالشّام، و آخرهم و ساقتهم بخراسان، لا يشرفون على ماء إلاّ نشف يلحسونه، و إنّ بحيرة طبريّة يشربونها، حتّى لا يكون فيها وزن درهم ماء. و ذكر باقي الحديث.
و ذكر الإمام أبو الحسن (5)محمّد بن عبيد الكسائيّ في «قصص الأنبياء» عليهم السّلام، قال: قال وهب منبّه، و كعب الأحبار رضي اللّه عنهما: فعند ذلك، أي عند قتل عيسى بن مريم عليه السّلام، للدّجّال، يتزوّج بامرأة من العرب، فيمكث ما شاء اللّه تعالى، ثمّ يخرج يأجوج
ص:386
و مأجوج، و هم من كلّ حدب ينسلون، فتمتلىء الأرض منهم، حتّى لا يكون للطّير موضع (1)تقرّ فيه، و لا ينزلون بلدا إلاّ أبادوا أهله، ثمّ يسيرون إلى بيت المقدس لقتال عيسى بن مريم عليهما السّلام، (2)و إذا هم 2قد أتوا إلى (3)البيت المقدّس، و رموا المدينة بالسّهام، حتّى تسدّ السّهام عين الشّمس، و يقتلون خلقا كثيرا، فيدعو عيسى عليهم (4)، فيرسل اللّه تعالى عليهم عفاريت الجنّ، فيقتلونهم عن آخرهم، فيفرح المسلمون (5)، حتّى يتمّ لعيسى في أرض الدنيا أربعون سنة، و أمر اللّه تعالى ملك الموت أن ينزل إليه، فيوقفه على موضع قبره، ثمّ يقبضه و يدفنه صلى اللّه عليه و سلم.
ص:387
ص:388
قال اللّه تعالى: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (1).
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: « (2)أوّل الآيات 2طلوع الشّمس من مغربها، و خروج الدّابّة على النّاس ضحى، و أيّتهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها، قريبا منها» .
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (3).
و عن أبي سريحة الأنصاريّ، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يكون للدّابّة ثلاث خرجات من الدّهر، تخرج أوّل خرجة بأقصى اليمن، فيفشو
ص:389
ذكرها بالبادية، و لا يدخل ذكرها القرية-يعني مكّة (1)-ثمّ بينما النّاس يوما في أعظم المساجد حرمة، و أحبّها إلى اللّه، (2)و أكرمها على اللّه تعالى 2-يعني (3)المسجد الحرام-لم يرعهم إلاّ و هي في ناحية المسجد، تدنو و تربو (4)بين الرّكن الأسود و بين باب بني مخزوم، عن يمين الخارج في وسط من ذلك، فيرفضّ النّاس عنها (5)شتّى و معا، و يثبت لها عصابة من المسلمين، عرفوا أنّهم لن يعجزوا اللّه، فخرجت عليهم تنفض عن رأسها التّراب، فبدت بهم، فجلت عن وجوههم، حتّى تركتها كأنّها الكواكب الدّرّيّة، ثمّ ولّت في الأرض لا يدركها طالب، و لا يعجزها هارب، حتّى إنّ الرّجل ليتعوّذ منها بالصّلاة، فتأتيه من خلفه، فتقول: أي فلان، آلآن تصلّي! ؟ فيلتفت إليها، فتسمه في وجهه.
ثمّ تذهب، فيتجاور (6)النّاس في ديارهم، و يصطحبون في أسفارهم، و يشتركون في الأموال، يعرف المؤمن الكافر، حتّى إنّ الكافر
ص:390
يقول: يا مؤمن اقضني حقّي (1). و يقول المؤمن: (2)يا كافر اقضني حقّي 2» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (3)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد (4)، و هو أبين حديث ذكر في دابّة الأرض، و لم يخرجاه.
و أخرجه الإمام أبو بكر البيهقيّ، بمعناه.
و عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال في دابّة الأرض: إنّ فيها من كلّ [أمّة سيماء، و إنّ سيماءها من هذه] (5)الأمّة أنّها تتكلّم بلسان عربيّ مبين.
أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في «سننه» (6).
و عن أبي الطّفيل، أنّه سئل من أين تخرج الدّابّة؟
قال: من الصّفا، أو من المروة.
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ في «البعث و النّشور» .
و عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما، أنّه كان يقول: هي دابّة ذات زغب
ص:391
و ريش، لها أربع قوائم، (1)تخرج من مكّة 1.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (2).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «بئس الشّعب جياد» (3)مرّتين أو ثلاثا.
قالوا: و لم ذاك يا رسول اللّه؟ .
قال: «تخرج منه الدّابّة فتصرخ ثلاث صرخات، فيسمعها من بين الخافقين» .
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ، (4)في «البعث و النّشور» 4.
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في خروج الدّابّة، قال: فقلت: يا رسول اللّه، و ما الدّابّة؟
قال: «ذات وبر و ريش، عظمها ستّون ميلا، ليس يدركها طالب، و لا يفوتها هارب، تسم النّاس مؤمنا و كافرا، (5)فأمّا المؤمن 5فتترك في (6)وجهه كالكوكب الدّرّيّ، و تكتب بين عينيه: مؤمن. و أمّا الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء، و تكتب بين عينيه: كافر» .
ص:392
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (1).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «تخرج دابّة الأرض من جياد، فيبلغ صدرها الرّكن و لم يخرج ذنبها بعد» .
قال: «و هي دابّة ذات وبر و قوائم» .
أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ.
و عن أبي هريرة عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «تخرج الدّابة و معها عصى موسى، و خاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن، و تخطم (2)أنف (3)الكافر بالخاتم (4)، حتّى إنّ أهل الخوان يجتمعون، (5)فيقولون لهذا: يا مؤمن. و لهذا 5: يا كافر» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6).
و أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقيّ، بمعناه.
و عن عبد اللّه بن بريدة، (7)عن أبيه 7، قال: ذهب بي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى موضع بالبادية، قريب من مكّة، فإذا أرض يابسة، حولها رمل، فقال
ص:393
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «تخرج الدّابة من هذا الموضع» ، فإذا (1)فتر في شبر.
قال ابن بريدة: فحججت بعد ذلك بسنين، فأرانا عصا له، فإذا هو بعصاي هذه، كذا و كذا (2).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (3).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في ذكر الدّابّة، قال: ألا و ينشر (4)الصّفا، و تخرج منه الدّابّة أوّل رأسها، ذات وبر (5)و ريش، فيها من (6)كلّ الألوان، معها (7)عصا موسى عليه السّلام، و خاتم سليمان عليه السّلام، تسم المؤمن مؤمنا، و تسم الكافر كافرا، تنكت (8)وجه المؤمن 8بالعصا فتتركه أبيض، و تنكت وجه الكافر بالخاتم، فتتركه أسود، فلا يبقى أحد في سوق و لا برّيّة إلاّ وسمت وجهه. و ذكر باقي الحديث.
ص:394
قال اللّه تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ، أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً، قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (1).
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقوم السّاعة حتّى تطلع الشّمس من مغربها، فإذا طلعت (2)ورآها النّاس 2آمنوا جميعا (3)، (4)و ذلك حين 4لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا» .
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (5).
ص:395
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «من تاب قبل أن تطلع الشّمس من مغربها تاب اللّه عليه» .
أخرجه الإمام مسلم (1)في «صحيحه» .
و عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه، قال: دخلت المسجد، فإذا النبي صلى اللّه عليه و سلم جالس، فلمّا غابت الشمس، قال: «يا أبا ذر، هل (2)تدري أين تذهب؟» .
قلت: اللّه و رسوله أعلم.
قال: «فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود، فيؤذن لها (3)» .
قال: «فكأنّها (4)قد قيل لها: اطلعي (5)من حيث جئت، فتطلع من مغربها» .
قال: ثمّ قرأ (6)في قراءة عبد اللّه بن مسعود 6: و ذلك مستقرّ لها (7).
ص:396
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (1).
و عن عمرو بن جرير، قال: جلس إلى مروان ثلاثة نفر بالمدينة، فسمعوه يحدّث عن الآيات، أنّ (2)أوّلها خروج الدّجّال.
فقام القوم (3)من عند مروان، فجلسوا إلى عبد اللّه بن عمرو، فحدّثوه بما قال مروان، فقال عبد اللّه: لم يقل مروان شيئا، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «إنّ أوّل الآيات خروجا طلوع الشّمس من مغربها، و الدّابّة، أيّها كانت فالأخرى على أثرها قريبا» .
ثمّ أنشأ (4)يحدّث، قال: و ذلك أنّ الشّمس إذا غربت، أتت تحت العرش فسجدت، و استأذنت في الرّجوع، (5)فيوذن لها، حتّى إذا أراد اللّه أن تطلع من مغربها أتت تحت العرش فسجدت، و استأذنت في الرّجوع 5، فلم يردّ عليها، و علمت أن لو أذن لها لم تدرك المشرق،
ص:397
فقالت: يا ربّ، ما أبعد المشرق، من لي بالنّاس، حتّى إذا كان اللّيل فاستأذنت فقال لها: اطلعي من مكانك.
قال: و كان (1)عبد اللّه يقرأ الكتب، فقرأ و ذلك يوم لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً .
(2)أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (3)، و قال: هذا حديث صحيح، على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرّجاه.
و في قبالته في الحاشية، بخطّ البيهقيّ: أخرجه مسلم 2.
و عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت (4)من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا 4؛ طلوع الشّمس من مغربها، و الدّجّال، (5)و دابّة الأرض 5.
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (6).
و عن وهب بن جابر، قال: دخلت بيت المقدس، فإذا فيه عبد اللّه بن عمرو في حلقة يحدّثهم، فسمعته يقول: إنّ يأجوج و مأجوج ما (7)
ص:398
يموت الرجل منهم حتّى يولد له من صلبه ألف فصاعدا، و إنّ (1)من ورائهم ثلاث أمم، ما يعلم عدّتهم إلاّ اللّه عزّ و جلّ، منسك، و تاويل، و تاديس (2)، و إنّ الشّمس إذا غربت خرّت ساجدة، فتسلّم و تستأذن (3)، فلا يؤذن لها، (4)ثمّ تستأذن فلا يؤذن لها 4، حتّى إذا كان قدر ليلتين أو ثلاث، قيل لها: اطلعي من حيث غربت. فتطلع من المغرب (5)، فيؤمن أهل الأرض كلّهم، و هي فيما بلغنا أوّل الآيات، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل. فيذهب النّاس فيتصدّقون بالذّهب و الفضّة، فلا يؤخذ منهم، و يقال: لو كان بالأمس!
أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ.
و عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه، قال: كنت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في المسجد، عند غروب الشّمس، فقال: «يا أبا ذرّ، أتدري أين تغرب» ؟
قال (6): قلت: اللّه و رسوله أعلم.
قال: «فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش عند ربّها، فتستأذن
ص:399
فلا يؤذن لها، حتّى (1)تستشفع و تطلب، فإذا طال عليها، قيل لها:
اطلعي من مكانك، فذلك قوله: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ » (2).
أخرجه الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الدّانيّ في «سننه» (3).
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أوّل الآيات خروجا طلوع الشّمس من مغربها، و خروج الدّابّة على النّاس ضحى» .
قال عبد اللّه بن عمرو: فأيّتهما ما خرجت قبل الأخرى، فالأخرى منها قريب. قال عبد اللّه: و لا أظنّها إلاّ (4)طلوع الشّمس من مغربها.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد (5)بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (6).
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في ذكر أشراط السّاعة، قال: «و طلوع (7)الشّمس من مغربها، يكون طول اللّيلة ثلاث ليال، لا يعرفها إلاّ الموحّدون أهل القرآن، يقوم أحدهم فيقرأ
ص:400
حزبه (1)، فيقول: قد عجّلت اللّيلة. فيرجع فيرقد رقدة، ثمّ يهبّ من نومه فيسير بعضهم إلى بعض، فيقول: هل أنكرتم ما أنكرنا؟ فيقول بعضهم لبعض: غدا تطلع الشّمس من مغربها. فإذا طلعت من مغربها، فعند ذلك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» .
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (2).
و عن صفوان بن عسّال رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّ من قبل (3)مغرب الشّمس 3باب مفتوح، عرضه سبعون سنة، فلا يزال ذلك الباب مفتوحا للتّوبة (4)، حتّى تطلع الشّمس (5)من نحوه 5، فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» .
أخرجه الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في «سننه» (6).
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: إنّ الشّمس تطلع (7)من حيث يطلع الفجر، فإذا أرادت أن تطلع 7تقاعست حتّى تضرب بالعمد، و تقول: يا
ص:401
ربّ، إذا طلعت عبدت من دونك. فتطلع على ولد آدم فتجري حتّى تأتي المغرب فتسلّم، فيردّ عليها، و تسجد فينظر إليها، ثمّ تستأذن فيؤذن لها، فتجري إلى المشرق، و القمر كذلك، حتّى يأتي عليها يوم تغرب فيه (1)، فتسلّم فلا يردّ عليها، و تسجد فلا ينظر إليها، و تستأذن فلا يؤذن لها، فتجلس (2)حتّى يجيء القمر، فيسلّم فلا يردّ عليه، و يسجد فلا ينظر إليه، ثمّ يستأذن فلا يؤذن له، ثمّ يقال لهما: ارجعا من حيث جئتما. فيطلعان من المغرب كالبعيرين المقترنين، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ الآية.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (3).
و عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، في ذكر أشراط السّاعة، قال: ألا و تكون النّاس بعد طلوع الشّمس من مغربها كيومهم هذا، يطلبون (4)النّسل و الولد، يلقى الرجل الرجل فيقول: متى ولدت.
فيقول (5): من طلوع الشّمس من المغرب. و ترفع التّوبة، فلا تنفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا. هو التوبة (6).
ص:402
عن حذيفة بن أسيد الغفاريّ رضي اللّه عنه، قال: طلع النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، و نحن نتذاكر، فقال: «ما تذاكرون؟» .
قالوا: نذكر السّاعة.
قال: «إنّها لن تقوم السّاعة حتّى يرى (1)قبلها عشر آيات، فذكر الدّخان، و الدّجّال، و الدّابّة، و طلوع الشّمس من مغربها، و نزول عيسى ابن مريم، و يأجوج و مأجوج، و ثلاثة خسوف، خسف بالمغرب، و خسف بالمشرق، و خسف بجزيرة العرب، و آخر ذلك كلّه (2)نار تخرج من اليمن، تطرد النّاس إلى محشرهم» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (3).
و عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «تبعث نار
ص:403
على أهل المشرق، فتحشرهم إلى المغرب، تبيت معهم حيث باتوا، و تقيل معهم حيث قالوا، تكون لها ما سقط منهم و تخلّف، تسوقهم سوق الجمل الكسير» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ستخرج نار من حضر موت (2)قبل يوم القيامة، تحشر النّاس» .
قلنا: يا رسول اللّه، فما تأمرنا؟
قال: «عليكم بالشّام» .
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده» (3).
و رواه الحافظ أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (4).
و عن حذيفة (5)بن اليمان 5رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يلتفت المهديّ، و قد نزل عيسى بن مريم» .
فذكر الحديث، و في آخره الآيات في زمانه؛ أوّل الآيات الدّجّال،
ص:404
ثمّ نزول عيسى، ثمّ نار تخرج من بحر عدن، تسوق النّاس إلى المحشر.
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ في «مناقب المهديّ» .
و عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يخرج الدّجّال في أمّتي، فيمكث أربعين» - (1)لا أدري أربعين 1يوما، أو أربعين شهرا، أو أربعين عاما- «فيبعث اللّه عيسى بن مريم، كأنّه عروة ابن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثمّ يمكث النّاس سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة.
ثمّ يرسل اللّه ريحا باردة، من قبل الشّام، فلا يبقى على وجه الأرض (2)أحد في قلبه مثقال ذرّة من خير أو إيمان إلاّ قبضته، حتّى لو أنّ أحدكم دخل في كبد جبل (3)لدخلت عليه حتّى تقبضه» .
قال: سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
قال: «فيبقى شرار النّاس، في خفّة الطّير، و أحلام السّباع (4)، لا يعرفون معروفا، و لا ينكرون منكرا، فيتمثّل لهم الشّيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟
فيقولون: فما تأمرنا؟
ص:405
فيأمرهم بعبادة الأوثان، و هم في ذلك دارّ رزقهم (1)، حسن عيشهم.
ثمّ ينفخ في الصّور، فلا يسمعه أحد إلاّ أصغى ليتا (2)، و رفع ليتا» .
قال: «فأوّل من يسمعه رجل يلوط (3)حوض إبله» .
قال: «فيصعق، و يصعق النّاس، ثمّ يرسل اللّه (4)تعالى» أو قال: «ينزل اللّه 4مطرا، كأنّه الطّلّ، فتنبت منه أجساد النّاس، ثمّ ينفخ فيه (5)أخرى، فإذا هم قيام ينظرون.
ثمّ يقال: يا أيّها النّاس، هلمّ إلى ربّكم وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (6).
ثمّ يقال: أخرجوا بعث النّار، فيقال: من كم؟ فيقال: من كلّ تسعمائة و تسعة و تسعين.
قال: فذلك يوم يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (7)و ذلك يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ (8).
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (9).
ص:406
(1)و عن جابر بن عبد اللّه 1رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة إلاّ على شرار (2)النّاس» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (3).
(4)و عن خارجة بن الصّلت 4البرجميّ، قال: دخلت مع عبد اللّه يوما المسجد (5)، فإذا القوم ركوع، فمرّ رجل فسلّم عليه، فقال: صدق اللّه و رسوله، [صدق اللّه و رسوله] (6)! !
فسألته عن ذلك، فقال: «إنّه لا تقوم السّاعة حتّى تتّخذ المساجد طرقا، و حتّى يسلّم الرجل على الرجل بالمعرفة، و حتّى تتّجر المرأة و زوجها، و حتّى تغلو الخيل و النّساء، ثمّ ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (7)و قال: هذا حديث صحيح الإسناد (8)، و لم يخرجاه.
ص:407
و عن عبد اللّه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «لا تقوم السّاعة حتّى لا يقال في الأرض: اللّه اللّه» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه (2).
و عن أنس رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و الّذي نفسي بيده، لا تقوم السّاعة على رجل يقول: لا إله إلاّ اللّه، و يأمر بالمعروف، و ينهى عن المنكر» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» ، و قال: حديث صحيح الإسناد (3)على شرط مسلم، و لم يخرجه (4).
و عن أنس رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: (5)«لا تقوم السّاعة 5حتّى لا يقال في الأرض: اللّه اللّه (6)، و حتّى إنّ المرأة لتمرّ بالنّعل فترفعها (7)و تقول: قد كانت هذه لرجل، و حتّى يكون في خمسين امرأة القيّم الواحد، و حتّى تمطر السّماء و لا تنبت الأرض» .
ص:408
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (1)، و قال: هذا حديث صحيح (2)على شرط مسلم، و لم يخرجه (3).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتّى لا يبقى على وجه الأرض أحد للّه فيه حاجة، و حتّى تؤخذ (4)المرأة نهارا جهارا في (5)وسط الطّريق، لا ينكر ذلك أحد، و لا يغيّره، فيكون أمثلهم يومئذ الّذي يقول: لو نحّيتها (6)عن الطّريق قليلا، فذاك فيهم مثل أبي بكر و عمر فيكم» (7).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (8)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن أبي إدريس الخولانيّ، عن حذيفة (9)بن اليمان 9رضي اللّه عنهما، قال: هذه فتن قد أظلّت كجباه البقر، يهلك فيها أكثر النّاس، إلاّ
ص:409
من كان يعرفها قبل ذلك.
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (1).
و عن عبد اللّه بن أبي جعفر قال: لمّا قصّ اللّه على موسى عليه السّلام، شأن هذه الأمّة، تمنّى أن يكون رجلا منهم، فقال اللّه عزّ و جلّ:
يا موسى، إنّه يصيب آخرها بلاء و شدّة (2)من الفتن.
فقال موسى: يا ربّ، و من يصبر على هذا؟
قال اللّه عزّ و جلّ: إنّي أعطيهم من الصبر و الإيمان ما يهوّن عليهم البلاء.
أخرجه أيضا نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: يأتي على النّاس زمان يتمنّى الرجل ذو الشّرف و المال و الولد الموت، ممّا يرى من البلاء من ولاتهم.
أخرجه أيضا نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (4).
و عن عبد اللّه بن عمرو، قال: ليأتينّ على النّاس زمان يتمنّى فيه المؤمن لو أنّه في فلك مشحون هو و أهله، يموج في البحر من شدّة ما في الأرض من البلاء.
أخرجه أيضا نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» 4.
ص:410
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ* وَ رَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّهِ أَفْواجاً (1)فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوا فيه أفواجا» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (2)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.
و عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتّى تكلّم السّباع الإنس (3)، و حتّى تكلّم الرّجل عذبة سوطه و شراك نعله، و تخبره (4)فخذه بما أحدث (5)أهله بعده» (6).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (7).
و الإمام أبو داود في «سننه» (8).
و أبو عيسى التّرمذيّ في «جامعه» (9).
ص:411
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتّى يحسر الفرات (1)عن جبل من ذهب، يقتتل النّاس، عليه فيقتل من كلّ مائة تسعة و تسعون، و يقول كلّ رجل منهم: لعلّي أكون أنا الّذي أنجو» .
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (2).
و عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل، قال: كنت واقفا مع أبيّ بن كعب، فقال: لا يزال النّاس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا!
قلت: أجل.
قال: إنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «يوشك الفرات [أن] (3)يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به النّاس، ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا النّاس يأخذون منه ليذهبنّ به (4)كلّه» .
قال: «فيقتتلون عليه، فيقتل منهم (5)من كلّ مائة تسعة و تسعون» .
ص:412
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا» .
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (2).
و عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و الّذي نفسي بيده، لا تذهب الدّنيا حتّى يمرّ الرّجل على القبر، فيتمرّغ عليه، و يقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، و ليس به الدّين، إلاّ البلاء» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (3).
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: «أوّل ما تفقدون (4)من دينكم الخشوع، و آخر ما تفقدون 4من دينكم الصّلاة، و لتنقضنّ عرى الإسلام عروة عروة، و ليصلّينّ النّساء و هنّ حيّض، و لتسلكنّ طريق من
ص:413
كان قبلكم حذو القذّة (1)بالقذّة، و حذو النّعل بالنّعل، لا يخطئون طريقهم و لا يخطئنّكم، حتّى (2)يبقى فريقان 2من فرق كثيرة، تقول إحداهما: ما بال الصّلوات الخمس، لقد ضلّ (3)من كان قبلنا، إنّما قال اللّه تبارك و تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ (4)، لا تصلّوا إلاّ ثلاثا، (5)و تقول الأخرى 5: (6)إنّا مؤمنون 6باللّه كإيمان الملائكة، ما فينا كافر و لا منافق. حقّا على اللّه أن يحشرهما مع الدّجّال» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (7).
و عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يدرس الإسلام كما يدرس وشي (8)الثّوب، حتّى لا يدرى ما صيام، و لا صدقة، و لا نسك، و يسرى على كتاب اللّه في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، و تبقى طوائف من النّاس؛ الشّيخ الكبير، و العجوز
ص:414
الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلاّ اللّه. (1)فنحن نقولها» .
قال صلة بن زفر لحذيفة: فما تغني عنهم لا إله إلاّ اللّه 1، و هم لا يدرون ما صيام، و لا صدقة، و لا نسك؟
فأعرض عنه حذيفة، فردّدها عليه ثلاثا، كلّ ذلك يعرض عنه حذيفة، ثمّ أقبل عليه في الثّالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النّار، تنجيهم من النّار (2).
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (3)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط (4)مسلم و لم يخرجاه (5).
و عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال لمّا كان ليلة أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لقي إبراهيم و موسى و عيسى عليهما السّلام، فتذاكروا السّاعة متى هي؟ ، فبدأوا بإبراهيم، فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علم، فسألوا موسى، فلم يكن عنده منها علم، فردّوا الحديث إلى عيسى، فقال: عهد اللّه إليّ فيما دون وجبتها، فأمّا وجبتها فلا يعلمها
ص:415
إلاّ اللّه عزّ و جلّ، فذكر خروج الدّجّال و قتله، و خروج يأجوج و مأجوج، و هلاكهم، ثمّ تنسف الجبال، و تمدّ الأرض مدّ الأديم، فعهد اللّه إليّ أنّه إذا كان ذلك، أنّ الساعة من النّاس كالحامل المتمّ، لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها، ليلا أو نهارا.
قال العوّام: فوجدت تصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ، ثمّ قرأ:
حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ، وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ (1).
أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
و عن الضّحّاك، قال: بينما النّاس في أسواقهم، إذ انشقّت السّماء، فهبط من فيها، فأحاطوا بأهل الأرض، فيفرّ النّاس و الوحوش و الجنّ في أقطار الأرض، فليس من وجه يذهبون فيه إلاّ وجدوا الملائكة قد أحاطوا بهم.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (3).
و عن عقبة بن عامر الجهنيّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«تطلع عليكم قبل السّاعة سحابة سوداء من قبل المغرب، مثل التّرس،
ص:416
فما تزال ترتفع في السّماء حتّى تملأ السّماء (1)، ثمّ ينادي مناد: يا أيّها النّاس! فيقبل النّاس بعضهم على بعض: هل سمعتم؟ فمنهم من يقول:
نعم، و منهم من يشكّ.
ثمّ ينادي الثّانية: يا أيّها النّاس، فيقول النّاس: هل سمعتم؟
فيقولون: نعم.
ثمّ ينادي: أيّها النّاس أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (2).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و الّذي نفسي بيده، إنّ الرّجلين لينشران الثّوب فما يطويانه، أو يتبايعانه أبدا، و إنّ الرّجل ليمدر (3)حوضه فما يسقي فيه شيئا، و إنّ الرّجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدا، و يشغل (4)النّاس» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (5)، و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، و لم يخرجاه.
و عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، في ذكر أشراط السّاعة، قال: «فعند ذلك يظهر الدّخان» (6)يعني عند هلاك يأجوج
ص:417
و مأجوج، و رجوع عيسى إلى بيت المقدس.
قال حذيفة: قلت: يا رسول اللّه، و ما آية الدّخان (1)؟
قال: «تسمع له ثلاث صيحات، و دخان يملأ ما بين المشرق و المغرب، فأمّا المؤمن فتصيبه زكمة، و أمّا الكافر فيصيبه مثل السّكران، يدخل في منخره و أذنه و فيه و دبره، و خسف بالمشرق، و خسف بالمغرب، و خسف بجزيرة العرب، و خروج الدّابّة» .
و ذكر قصّتها، و قصة طلوع الشّمس من مغربها، و قال: «ثمّ يبعث اللّه عزّ و جلّ من قبل مكّة ريحا (2)ساكنة تقبض روح ابن مريم، و أرواح المؤمنين معه، و تبقي سائر الخلق، (3)لا يعرفون معروفا، و لا ينكرون منكرا 3، فيمكثون ما شاء اللّه، فتقوم عليهم السّاعة، و هم شرار الخلق» .
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (4).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، في حديث يأجوج و مأجوج، فذكر قصّة خروجهم و هلاكهم.
ثمّ قال: يرسل اللّه تعالى مطرا (5)فتطهّر الأرض، و تخرج زهرتها
ص:418
و بركتها، و تراجع (1)النّاس، حتّى إن الرّمّانة، لتشبع السّكن (2).
قيل: و ما السّكن؟
قال: أهل البيت.
و تكون سلوة من عيش (3)، فبينما النّاس كذلك، إذ جاءهم خبر أنّ ذا السّويقتين صاحب الجيش قد غزا البيت، فيبعث المسلمون جيشا فلا يصل إليهم، و لا يرجعون إلى أصحابهم، حتّى يبعث اللّه ريحا يمانية، من تحت العرش، فتقبض (4)روح كلّ مؤمن.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (5).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، قال: يمكث النّاس (6)بعد يأجوج و مأجوج، في الرّخاء و الخصب و الدّعة، عشر سنين، حتّى إنّ الرجلين ليحملان الرّمّانة الواحدة، و يحملان بينها العنقود الواحد من العنب، فيمكثون على ذلك (7)عشر سنين 7.
ص:419
ثمّ يبعث اللّه تعالى ريحا طيّبة، فلا تذر مؤمنا (1)إلاّ قبضت روحه، ثمّ تبقي النّاس بعد ذلك يتهارجون تهارج الحمر في المروج، فيأتيهم أمر اللّه و السّاعة و هم (2)على ذلك.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (3).
و عن الحسن (4)قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «بين النّفختين أربعون، الأولى (5)يميت اللّه بها كلّ حيّ، و الأخرى 5يحيى اللّه بها كلّ ميّت.
أخرجه الإمام أبو عمرو (6)عثمان بن سعيد 6المقري في «سننه» (7).
ص:420
هدم الحبشة للكعبة و هلكة الأعراب
ص:421
ص:422
خاتمة الفتن و الكتاب هدم الحبشة للكعبة و هلكة الأعراب
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يخرج كنز الكعبة ذو السّويقتين (1)من الحبشة» .
أخرجه البخاريّ و مسلم في «صحيحيهما» (2).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يخرّب الكعبة ذو السّويقتين من الحبشة» .
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (3).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «ذو السّويقتين من الحبشة يخرّب بيت اللّه» .
ص:423
أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (1).
و عن سعيد بن سمعان، قال: سمعت أبا هريرة، يحدّث أبا قتادة، أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يبايع رجل بين الرّكن و المقام، و لن (2)يستحلّ هذا البيت إلاّ أهله، فإذا استحلّوه فلا تسأل عن هلكة (3)العرب، ثمّ تجيء الحبشة فتخربه خرابا لا يعمّر بعده أبدا، و هم الّذين يستخرجون كنزه» .
أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ في «مستدركه» (4)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه (5).
و عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه، في قصّة يأجوج و مأجوج، و هلاكهم، و ما تخرج الأرض من زهرتها و بركتها، بعد ذلك قال: و تكون سلوة من عيش.
قال (6): فبينما النّاس كذلك، إذ جاءهم خبر، أن ذا السّويقتين صاحب الجيش قد غزا البيت، فيبعث المسلمون جيشا، فلا يصل
ص:424
إليهم، و لا يرجعون إلى أصحابهم، حتّى يبعث اللّه ريحا يمانية، من تحت العرش، فتقبض روح كلّ مؤمن.
أخرجه الإمام أبو عمرو الدّانيّ في «سننه» (1).
و عن أبي سعيد الخدّريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا تقوم السّاعة حتّى لا يحجّ البيت» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (2)، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ و مسلم، و لم يخرجاه (3).
و قد (4)صحّ و ثبت أنّ البيت يحجّ و يعتمر (5)بعد خروج يأجوج و مأجوج، بما صحّ عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «ليحجّنّ البيت و ليعتمرنّ بعد خروج يأجوج و مأجوج» .
أخرجه الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (6)، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجاه.
ص:425
ثمّ قال الحاكم رحمه اللّه (1): و إذا جمعنا بين الحديثين- (2)يعني هذا و الذي تقدّمه 2-قلنا: لا تقوم السّاعة حتّى لا يحجّ البيت، أي بعد خروج يأجوج و مأجوج، فإنّه يمكن أن يحجّ و يعتمر بعد ذلك، ثمّ ينقطع الحجّ بمرّة، و اللّه أعلم.
قال الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر البيهقيّ رحمه اللّه، بعد (3)ذكر أشراط 3السّاعة: ذكر عن (4)الحليميّ (5)، في ترتيب خروج هذه الآيات شيء لا يوافق ما رويناه من الآثار؛ زعم أنّ أوّل هذه الآيات ظهور الدّجّال، ثمّ نزول عيسى، ثمّ خروج يأجوج و مأجوج، ثمّ خروج الدّابّة، ثمّ طلوع الشّمس من مغربها.
و استدلّ عليه بأنّ الكفّار يسلمون في زمان عيسى عليه السّلام، حتّى تكون الدّعوة واحدة، و لو كانت الشّمس طلعت من مغربها قبل خروج الدّجّال و نزول عيسى عليه السّلام، (6)لم ينفع الكفّار إيمانهم أيّام عيسى ابن مريم 6، و لو لم ينفعهم لما صار الدّين واحدا، بإسلام من يسلم منهم.
ص:426
و هذا كلام صحيح، لو لم يخالفه الحديث الصّحيح: «أوّل الآيات خروجا طلوع الشّمس من مغربها، أو خروج الدّابّة على النّاس ضحى، فأيّتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها، قريبا منها» .
و روي عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، ما يدلّ على أنّ آخرها خروج يأجوج و مأجوج، و ثبت أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل؛ طلوع الشّمس من مغربها، (1)و الدّجّال، و الدّابّة» فلم يخصّ بذلك طلوع الشّمس من مغربها 1.
و قد يحتمل إن (2)كان في علم اللّه عزّ و جلّ، أن يكون طلوع الشّمس من مغربها قبل خروج الدّجّال، و نزول عيسى بن مريم عليه السّلام، أن يكون المراد بقوله: «لا ينفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» أنفس (3)القرن (4)الذين شاهدوا تلك الآية العظيمة، فإذا مضى ذلك القرن، و تطاول الزّمان، و عاد النّاس إلى ما كانوا عليه من الأديان، عاد تكليف الإيمان بالغيب، و كذلك من آمن في وقت عيسى، ممّن شاهد الدّجّال، لا ينفعه، و من آمن ممّن لم يشاهده (5)نفعه، و عدم انتفاع من شاهده بإيمانه لا يمنع من أن تكون الدّعوة في
ص:427
زمانه واحدة، فإنّه إذا ترك ملّته لم يدع إليها.
و إن كان في علم اللّه تعالى أن يكون طلوع الشّمس من مغربها بعد نزول عيسى، فقد يحتمل أن يكون المراد بقوله: «أوّل الآيات خروجا» الحديث، آيات سوى خروج الدّجّال، (1)فتكون تلك الآيات قبل طلوع الشّمس من مغربها، إذ ليس في نصّ الخبر أنّ ذلك يكون قبل خروج الدّجّال 1، و إنّما النّصّ فيه عن عبد اللّه بن عمرو، و ما روي عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم يحتمل ما ذكرناه، و اللّه أعلم، غير أنّ رواية أبي هريرة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاث إذا خرجن» يمنع من تخصيص طلوع الشّمس بذلك فالحمل على ما ذكرنا أولى.
فأمّا ظهور الآيات على الدّجّال و غيره ممّن يدّعي الرّبوبيّة باطلا، (2)و عدم ظهورها على من يدّعي النّبوّة كاذبا، فإنّ مدّعي الرّبوبيّة باطلا 2غير منفكّ في نفسه من دلائل الحدث، و أمارات الخلق، فلا يؤدّي ظهور الآيات عليه إلى التباس حاله.
و أمّا مدّعي النّبوّة، فإنّه يدّعي أمرا ممكنا؛ إلاّ أنّه مفتر (3)ليس له شاهد في نفسه على أنّه محق أو مبطل فيه، فلو أمدّ بالمعجزة، و هو
ص:428
كاذب، كما يمدّ (1)الصادق، لما أمكن الفرق بينهما، فلم (2)يجز ظهور الآيات إلاّ على من يدّعيها [و هو] (3)صادق، و اللّه أعلم.
و لأنّ من أبصر الدّجّال و هو ناقص بالعور، علم أنّه لو كان ربّا لأزال النّقص عن نفسه، و ما يظهر عليه من الآيات امتحان من اللّه سبحانه و تعالى للمكلّفين من عباده؛ لينظر كيف يعملون في الاستدلال بما معه من سمات الحدث (4)، و دلالات النّقص، على كذبه في دعواه. (5)و باللّه التّوفيق، و هو حسبنا و نعم الوكيل 5.
(6)قال المؤلف رحمه اللّه تعالى 6:
قد منّ اللّه تعالى بالعون على تلبية الدّاعي بالسّمع و الطّاعة، و جمع ما التمس جمعه على حسب الاستطاعة (7)، و إيداع هذا المجموع من الآثار في المعنى المقصود ما فيه كفاية و مقنع، و جمع أصول لجمعه (8)و بذل جهد ليس في المزيد عليه مطمع، (9)على أنّي في ذلك 9مغترف
ص:429
(1)من حياض لست في اغترافي منها بخبير، و معترف 1في كلّ فنّ بالعجز و التّقصير، متصدّيا لإظهار عواري، متّصف (2)بوصف أنا منه عاري، غير أنّي كسهم إن أصاب حمد مسدّده، و سيف إن قطع شكر (3)مجرّده، فما وجد فى ذلك من خطأ فليصلحه بفضله من علم وجه الصّواب فيه ورام، و ما كان فيه من صواب فربّ رمية من غير رام.
و هذا آخره، نحمد (4)من ليس له آخر.
و وقع ذلك (5)في سلخ ربيع الآخر، الذي من سنة ثمان و خمسين و ستّمائة، أحسن اللّه تعالى تقضّيها، و كفّ أكفّ من سلّطهم على انتهاك حرمة من تكفّل بها و بأهليها، و منحنا ما لا ينقص من ملكه شيئا، و هو العفو عن موجبات هذه الضّرّا، و سلك بنا سبل رضاه، فإنّا لا نملك لأنفسنا نفعا و لا ضرّا (6)، على يدي المعتني بجمعه و كتبه، المعنّى
ص:430
بأعباء وزره و ذنبه، الرّاجي ممّن لا تضرّه الذّنوب و لا تنفعه المغفرة، العفو و العافية في الدّنيا و الآخرة، يوسف بن يحيى بن عليّ المقدسيّ الشّافعيّ السّلميّ، بمدينة دمشق، حرسها اللّه تعالى، و سائر بلاد الإسلام و أهله، و أعزّ منار الدّين الحنيف و قصم من أهانه و أذلّه.
و الحمد للّه ربّ العالمين، أوّلا و آخرا، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم (1)، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله و صحبه و سلّم تسليما كثيرا طيّبا مباركا (2).
ص:431