الامام المهدی فی القرآن و السنه

اشارة

سرشناسه : ابومعاش، سعید

عنوان و نام پدیدآور : الامام المهدی فی القرآن و السنه/ سعید ابومعاش

مشخصات نشر : قم : مجمع البحوث الاسلامیه ، 1425 = 1383.

مشخصات ظاهری : ص 603

شابک : 964-444-775-135000 ریال :

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

یادداشت : عربی

یادداشت : چاپ قبلی: مشهد: مجمع البحوث الاسلامیه، 1380

یادداشت : چاپ دوم

موضوع : محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق. - -- جنبه های قرآنی

موضوع : محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق. - -- احادیث

موضوع : مهدویت -- جنبه های قرآنی

شناسه افزوده : بنیاد پژوهشهای اسلامی

رده بندی کنگره : BP104/م86 الف2 1383

رده بندی دیویی : 297/159

شماره کتابشناسی ملی : م 84-45650

ص: 1

اشارة

ص: 2

الامام المهدی فی القرآن و السنه

سعید ابومعاش

مجمع البحوث الاسلامیه

ص: 3

ص: 4

الإهداء

إلى ثأر اللّه الأعظم..

و المنتقم لدماء الشهداء و المظلومين..

و أمل المستضعفين في الأرض..

و منجي البشريّة من الظلم و الجور..

الإمام المهديّ صاحب الزمان..

تقبّل جهدي المتواضع بقبولك الحسن الجميل..

عجّل اللّه فرجك الشريف.

و أنار بظهورك ديجور الظلمات..

و بسط العدل في الشرق و الغرب..

و أظهر دين الحقّ على الأديان كلّها و لو كره المشركون.

ص: 5

شكر و تقدير

يدرك الكتّاب و القرّاء جيّدا مدى الجهد الذي يبذله الإخصّائيّون في إخراج كتاب و تنقيحه،فيقدّمون خدمة ثقافيّة جليلة.

و الكتاب الذي بين يديك-عزيزي القارئ-راجعه و دققه فنّيّا السيّد رضا ارغياني و شارك في تنظيم صفحاته و تنضيدها السيّدان علي برهاني و حسين الطائي،و قد فوّض عرض الآيات القرآنية و ضبطها إلى السيد علاء البصري،قابله السيّد رضا سيادت و تولى تنفيذ الغلاف السيد ابراهيم البصري.

و لذا نشكر هؤلاء السادة و نثمّن جهودهم،راجين اللّه تعالى أن يرزقهم ثواب العاملين في حقل نشر الثقافة الإسلامية و ترويجها.

مجمع البحوث الإسلامية

ص: 6

المقدّمة

اشارة

الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام

يمثّل الاعتقاد بالمهديّ المنتظر أحد الأمور الّتي آمن بها المسلمون على اختلاف مذاهبهم و فرقهم،وفقا للبشارة الّتي تناقلتها أجيالهم الواحد تلو الآخر عن نبيّهم الكريم صلّى اللّه عليه و آله بمجيء رجل من ولد فاطمة عليها السّلام،اسمه اسم رسول اللّه،و كنيته ككنيته صلّى اللّه عليه و آله،يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا؛و بنزول عيسى عليه السّلام و صلاته خلف المهديّ عليه السّلام و مساعدته إيّاه في تنفيذ رسالته في قتل الدجّال و إرساء أسس العدل.و قد نقل علماء العامّة و الخاصّة و منذ بداية القرن الثالث الهجريّ،أحاديث المهديّ في مؤلّفاتهم و موسوعاتهم الحديثيّة،و تعدّى البعض ذلك إلى تأليف مؤلّفات خاصّة في المهديّ المنتظر،و صرّح كثير منهم بوجوب قتل من أنكر ظهور المهديّ، استنادا إلى ما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من كفر من أنكر المهديّ،و كفر من كذّب به (1).

و يشترك المسيحيّون مع المسلمين في الإيمان بفكرة المهديّ المنتظر من خلال اعتقادهم بنزول عيسى عليه السّلام،و هو أمر متسالم بينهم،لا يختلف فيه اثنان منهم.بل يشترك مع المسلمين في الإيمان بظهور مصلح عالميّ أهل الأديان و الشعوب الأخرى على اختلاف أفكارهم و آرائهم،و إن اختلفوا معهم في مصداق ذلكم المصلح العالميّ.

القرآن الكريم و الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام

و يمكن لمن يستقرئ القرآن الكريم أن يعثر على مجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة

ص: 7


1- -عقد الدرر 209،9؛العرف الورديّ للسيوطيّ 2:83؛فرائد السمطين 2:334،ح 585.و قد نقل الفريقان أحاديث الإمام المهديّ عليه السّلام،فوردت أحاديثه في الموسوعات الحديثيّة للعامّة،و تناقلتها من العامّة كتب الصحاح و المصنّفات الحديثيّة الضخمة،بل أفرد لها بعض علمائهم مؤلّفات مستقلّة،أو عقدوا له أبوابا ضمن مؤلّفاتهم،ابتداء من عبد الرزّاق الصنعانيّ(ت 235 ه)في مصنّفه،و مرورا بابن سعد(ت 230 ه)في طبقاته،و ابن أبي شيبة(ت 235 ه)في مصنّفه، و أحمد بن حنبل(ت 241 ه)في مسنده،و البخاريّ(ت 256 ه)في صحيحه و تاريخه الكبير،و مسلم(ت 261 ه) في صحيحه،و ابن ماجة(ت 273 ه)في سننه،و أبي داود(ت 275 ه)في سننه،و الترمذي(ت 279 ه)في سننه،و نعيم بن حمّاد(ت 328 ه)في الفتن،و الطبرانيّ(ت 360 ه)في معاجمه الثلاثة،و الحاكم النيسابوريّ(ت 405 ه) في مستدركه،و أبي نعيم الأصفهانيّ(ت 430 ه)في تاريخ اصفهان و الأربعون حديثا في المهديّ و أبي عمرو الداني(ت 444 ه)في سنته،و الديلميّ(ت 509 ه)في الفردوس...و كثيرين غيرهم ممّا لا يتّسع المجال لذكرهم.

الكريمة تبشّر بغلبة هذا الدين الحنيف و ظهوره التامّ على سواه من الأديان،و بأنّ اللّه عزّ اسمه سيحفظ هذا الدين برغم كيد الكائدين؛و أن يعثر أيضا على مجموعة كبيرة من الآيات المفسّرة بالمهديّ،و تذكر خروجه و نزول عيسى عليه السّلام،كما تذكر أشراط الظهور.

السّنّة و الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام

أمّا السنّة الشريفة،فقد وردت فيها أحاديث كثيرة متواترة قطعيّة الصدور في البشارة بظهور المهديّ المنتظر،و في تعيين اسمه و سماته و سيرته،و في علامات ظهوره.يدعم هذا الحشد الضخم من الروايات المتسالم عليها بين الفريقين حشد آخر في أنّ من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة،و روايات في أنّ الارض لا تخلو من حجّة؛و أنّ الدين لا يزال قائما حتّى تقوم الساعة أو يكون اثنا عشر خليفة،كلّهم من قريش.

بيد أنّ مصداق المهديّ المنتظر بقي لدى البعض يكتنفه شيء من الغموض،أمّا البعض الآخر-و منهم الشيعة الإماميّة-فقد كان لديهم ذلك المصداق واضحا جليّا لا يساورهم فيه أدنى ريب،و تناقلوا أحاديث تبيّن المقصود بالخلفاء الاثني عشر من قريش،و تذكر نصّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليهم بأسمائهم،الواحد تلو الآخر،أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و آخرهم المهديّ:محمّد بن الحسن العسكريّ عليهما السّلام.

و نقل الشيعة أحاديث كثيرة متواترة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عن أئمّتهم الهدى عليهم السّلام في النصّ على المهديّ عليه السّلام،و نقلت تفاصيل ولادته و أسماء من شاهده،و ذكرت نوّابه الخاصّين و التواقيع الّتي كانت ترد منه عليه السّلام إلى النّاس،و تضمّنت علامات ظهوره و سيرته.

شبهات حول المهديّ عليه السّلام

و من الطبيعيّ أن تتعرّض مسألة المهديّ المنتظر-لأهمّيتها و حيويّتها-لتشكيك الأعداء و المعاندين،شأنها في ذلك شأن عقائد المسلمين الأخرى؛فقد سعى أعداء الأمّة الإسلاميّة الّذين شكّكوا في قرآنها الكريم،و طعنوا في نبيّها المرسل صلّى اللّه عليه و آله،و الّذين هزءوا دوما بإيمان المسلمين بالغيب،و استبعدوا حقيقة ظهور المعجزات على يدي النّبيّ الكريم؛سعوا إلى التشكيك في مسألة المهديّ،و عدّوا انتظاره ممّا لا طائل بعده،و تجاوزوا ذلك إلى اعتبار أمره من الأساطير!مع أنّ علماءهم قد اعترفوا قبل ذلك-على مضض-بسموّ الحضارة الإسلاميّة بين حضارات العالم،و بكونها الحضارة الوحيدة المرشّحة لاحتلال دور رياديّ في عالمنا المعاصر،و أقرّ أحدهم بأنّ الفكر الإسلاميّ الشيعيّ حيّ تبعا للإيمان بفكرة الإمام الحيّ،يعني

ص: 8

المهديّ عليه السّلام (1).و قد سعى البعض الآخر من أعداء الأمّة إلى تكرار شبهات أثارها البعض في مراحل متقدّمة حول مسألة المهديّ،مع أنّ علماء الفريقين قد ناقشوا تلك الشبهات و بيّنوا بطلانها.من أمثال أنّ المهديّ هو عيسى عليه السّلام (2)؛و أنّه من ولد الحسن عليه السّلام (3)؛و أنّ اسم أبيه كاسم أب النّبيّ عليه السّلام (4).و تساءل بعضهم-في تشكيك-عن عمره الطويل،و عن الحكمة في غيبته؛بل أنكر بعضهم ولادته أصلا،و قال:إنّ مسألة المهديّ لا تعدو أن تكون أمرا تواطأ عليه علماء الشيعة في القرن الرابع الهجريّ لحفظ كيان الشّيعة و صونهم عن التفرّق و التمزّق!... (5)إلى سواها من التخرّصات الّتي لا تستند إلى حجّة و لا يعضدها دليل.

و هذا الأثر الذي يقدّمه مجمع البحوث الإسلاميّة إلى القرّاء الأعزّاء اليوم إنّما هو مساهمة في ترسيخ هذا المعتقد الأصيل من المعتقدات الإسلاميّة،كما نطق به القرآن الكريم و الأحاديث التفسيريّة و الأحاديث المبشّرة بظهور الإمام المهديّ عليه السّلام و بقيام دولته العالميّة المرتقبة:نسأل اللّه عزّ و جلّ أن نفع به،و أن يوفّق المؤلّف الفاضل لما يحبّه و يرضاه.م.

ص: 9


1- -الفيلسوف هنري كاربن:«الشمس الساطعة»ص 70 و محاورته مع العلاّمة الطباطبائيّ صاحب تفسير الميزان.
2- -اعتمادا على حديث رواه ابن ماجة بإسناده عن محمّد بن خالد الجنديّ،عن أبان بن أبي صالح،عن الحسن،عن أنس عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و قد ذكر الحاكم في«المستدرك على الصحيحين»(4:440)نقلا عن صامت بن معاذ أنّه طلب الحديث فوجده عن محمّد بن خالد الجنديّ،عن أبان بن أبي عيّاش(المعروف بوضع الحديث)و ليس عن أبان بن أبي صالح.ثمّ قال الحاكم:فذكرت ما انتهى إليّ من علّة هذا الحديث تعجّبا،لا محتجّا به في«المستدرك على الشيخين».
3- -بناء على رواية يرويها أبو إسحاق السبيعيّ المدلّس عامل بني أميّة،عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،على الرغم من انقطاعها،و على الرغم من أنّ أبا إسحاق لم ير أمير المؤمنين عليه السّلام،فقد كان عمره حين استشهد عليه السّلام لا يزيد على السنتين.انظر ترجمته في«التهذيب»8:63-67،و غيره و قد روّج لهذه الرواية مؤيّد و مهدويّة محمّد بن عبد اللّه بن الحسن المثنّى.
4- -مستندين في ذلك إلى رواية مختلقة روّج لها العبّاسيون في بداية أمرهم لدعم مهدويّة المهديّ العبّاسيّ فأخذوا بها على الرغم من أنّ مروّج هذه النّظريّة:المنصور العبّاسيّ قد اعترف حين توطّد ملكه بأنّ ابنه محمّد بن عبد اللّه ليس هو المهديّ الّذي جاءت بذكره الروايات،و أنّه إنّما سمّاه المهديّ تيمّنا.انظر«مقاتل الطّالبيّين»ص 166.
5- -سيأتي الكلام في هذا الكتاب عن عمر الإمام المهديّ عليه السّلام و الحكمة في غيبته،و عن ولادته و النّصّ عليه من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و من أئمّة أهل البيت عليهم السّلام.

ص: 10

تمهيد

اشارة

اصل الإمامة في الإسلام يعتقد الشيعة-تبعا لعقيدتهم في عدل اللّه تعالى و حكمته و لطفه بعباده-أنّه قد نصب أولياء معصومين يمثّلون امتدادا طبيعيّا لخطّ الرسالة،و يكونون أمناء على وحي اللّه سبحانه،و قدوة لعباده،و أنّ الباري عزّ و جلّ لا يترك دونها حجّة.و أنّ هؤلاء الأئمّة هم عباد اللّه المخلصون الّذين لم يشركوا باللّه تعالى طرفة عين.ذلك أنّ الشرك ظلم بنصّ القرآن الكريم (1)،و اللّه عزّ و جلّ لا ينال عهده ظالما (2).و أنّ الأئمّة في مرتبة من العلم و الفضل لا يرقى إليها أحد،فهم أصفياء اللّه و خالصته من خلقه.و أنّ الباري أوجب على العباد الرجوع إلى هؤلاء الأئمّة و الاستنارة بنور هديهم عليهم السّلام،و هو أمر تحتّمه ضرره رجوع الجاهل إلى العالم:

أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 3 .

أ لا ترى كيف احتجّ إبراهيم عليه السّلام على أبيه: يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (3)؟

كما يعتقدون-بنصّ القرآن الكريم في آية التطهير-أنّ اللّه قد أذهب الرجس عن أهل البيت و طهّرهم عن كلّ دنس و شين،فأضحوا معصومين بعصمة من اللّه عزّ و جلّ.

لا تخلو الأرض من حجّة

و قد روى المسلمون من طرق عدّة حديث:«إنّ الأرض لا تخلو من قائم للّه بحجّة» (4)، و روي عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام«ما زالت الأرض إلاّ و للّه فيها الحجّة،يعرّف الحلال و الحرام،و يدعو النّاس إلى سبيل اللّه» (5)،و«إنّ الحجّة لا تقوم للّه عزّ و جلّ على خلقه إلاّ بإمام حتّى يعرف» (6)،بل رووا عنهم عليهم السّلام:«لو لم يبق في الأرض إلاّ اثنان،لكان أحدهما الحجّة» .

ص: 11


1- -قال تعالى: «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» لقمان:13.
2- -يونس:35؛ «لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ» .
3- -مريم:43.
4- -نقل من العامّة:ابن قتيبة في«عيون الأخبار»:7؛و ابن عبد ربّه في العقد الفريد 1:265؛و البيهقيّ في«المحاسن و المساوئ»:40؛و الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد 6:479،ترجمة إسحاق النخعيّ؛و الخوارزميّ في «المناقب»:13؛و الرّازيّ في«مفاتيح الغيب»2:192(نقلا عن«المهديّ المنتظر في الفكر الإسلاميّ»:79).
5- -اصول الكافي 1:136،ح 3 باب«أنّ الأرض لا تخلو من حجّة».
6- -نفس المصدر 1:135 ح 1 و 2،باب«أنّ الحجّة لا تقوم للّه على خلقه إلاّ بإمام»

و قد روى الفريقان أحاديث متسالما عليها في أنّ من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة (1).و رووا عن النّبيّ الكريم صلّى اللّه عليه و آله أحاديث متواترة من عدّة طرق أحاديث توصي الأمّة بالتمسّك بأهل البيت عليهم السّلام و تصفهم بأنّهم الثقلان اللذان خلّفهما النّبيّ في أمّته؛و بأنّهم كسفينة نوح:من ركبها نجا،و من تخلّف عنها غرق؛و أنّهم مثل حطّة من دخله كان آمنا؛ثمّ رووا أنّه صلّى اللّه عليه و آله نصّ على خلفائه بأسمائهم،و أنّه أوصى إليهم الواحد تلو الآخر.

الإمام المهديّ عليه السّلام خاتم الأئمّة عليهم السّلام

و يمثّل الإمام المهديّ عليه السّلام الحلقة الأخيرة من سلسلة الإمامة،و على الرغم من أنّ البرهان العقليّ في مسألة اللطف الإلهيّ،و أنّ الأرض لا تخلو من حجّة،كاف في التدليل على أمره، الأمر الّذي أدركه حتّى أتباع المذاهب الأخرى،بل الواقفون في صفّ أعداء شيعة أهل البيت عليهم السّلام (2)؛فإنّ البرهان النقلي قائم على وجوده من خلال الأحاديث المتعاضدة الّتي بلغت حدّ التواتر في البشارة به على لسان النّبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله؛ناهيك عن الأخبار الواردة في ولادته و فيمن و رآه و كلّمه،و في معجزاته و توقيعاته و نوّابه.و نجد أنّ الإمامين العسكريّين عليهما السّلام بعامّة، و الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام بخاصّة،قد بذلا جهودا كبيرة في إعداد القواعد الشّيعيّة لغيبة الإمام المهديّ حتّى قبل تحقّق ولادته،فنلحظ-على سبيل المثال-أنّهما يختاران وكلاءهما و يوثّقانهم بمختلف ألفاظ التوثيق،عالمين بأنّهم سيكونون من النّواب الخاصّين للإمام المهديّ عليه السّلام.كما نلحظ أنّ العسكريّين عليهما السّلام يتّخذان-و بالتّدريج-أسلوب الاحتجاب عن الشيعة،و يتعاملون مع قواعدهم الشيعيّة من خلال الوكلاء،كما نرى الروايات الكثيرة الّتي تحدّثت عن غيبة الإمام،و عن فضل الانتظار الّذي يعدّ فيه الفرد المسلم نفسه ليكون مؤهّلا لنصرة الإمام عند ظهوره في تحقيق رسالته التّاريخيّة.

-نفس المصدر 1:137،ح 1،باب«أنّه لو لم يبق في الأرض إلاّ رجلان،لكن أحدهما الحجّة».

ص: 12


1- -وردت هذه الأحاديث بعبارات مختلفة ذات مضمون واحد.انظر:مسند أحمد 4:96؛طبقات ابن سعد 5:144؛ المعجم الأوسط للطبرانيّ 1:175،ح 227؛التاريخ الكبير للبخاريّ 6:445،رقم 2943؛شرح النهج لابن أبي الحديد 9:147؛المعجم الكبير للطبرانيّ 10:ح 10687.
2- -قال ابن أبي الحديد في شرح عبارة«إنّ الأرض لا تخلو من حجّة»:كيلا يخلو الزمان ممّن هو مهيمن للّه تعالى على عباده و مسيطر عليهم.(شرح نهج البلاغة 18:351)،و قد فهم ابن حجر العسقلاني منه أنّه إشارة إلى مهديّ أهل البيت عليهم السّلام،فقال ما نصّه:«و في صلاة عيسى عليه السّلام خلف رجل من هذه الأمّة مع كونه في آخر الزمان و قرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال:أنّ الأرض لا تخلو من قائم للّه بحجّة»(فتح الباري شرح صحيح البخاري 6: 385).(نقلا عن«المهديّ المنتظر في الفكر الإسلاميّ»79 و 80).

مقدّمة المؤلّف

الحمد للّه حقّ حمده الّذي وجب،و صلّى اللّه على محمّد عبده المنتجب،و نبيّه المنعوت بالخلق العظيم،و المبعوث الى الثقلين بكتابه الكريم،و على إمام الأولياء أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب،صلوات اللّه عليه و على أولاده الأئمّة الأصفياء،الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

و الحمد للّه الّذي ختم النبوّة و الرسالة بمحمّد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله،و شرّفنا بولاية وصيّه عليّ المرتضى،و أبنائه الطاهرين،ثمّ ختم الوصاية و الولاية بنجله الصالح الإمام الثاني عشر المهديّ، الحجّة القائم بالحقّ،عجّل اللّه تعالى فرجه،و سهّل مخرجه،و أهلك أعداءه،و جعلنا من شيعته و أنصاره و اللائذين تحت لوائه و المستشهدين بين يديه،إله الحقّ آمين.

و بعد،فهذا كتابي يضمّ دررا من الأحاديث المتلألئة الأنوار،من معدن الوحي و التنزيل مستخرجة،و في سلك الإمامة و الولاية منظومة،حيث استفاضت في البشارة بظهور إمامنا الغائب المنتظر،و إشراق الدنيا بنوره،و سعادة العالمين في أيّامه الميمونة.

و قد رتّبتها حسب الآيات القرآنية و دلالاتها عليه نصّا أو إشارة أو تأويلا،مبتهلا إلى اللّه سبحانه و تعالى،راجيا من كرمه أن لا يحرمني جزيل ثوابه،و أن يجعل سعيي في نظمي هذه الدرر و جمعي هذه الغرر،خالصا لوجهه الكريم،و يثبّت ببركته لساني بالقول الثابت في الحياة الدنيا،و قدمي على الصراط يوم تزلّ الأقدام.

عبد آل محمّد

ص: 13

ص: 14

سورة البقرة

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (1).

1-الشّيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم،قال:سألت الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فقال:المتّقون شيعة عليّ عليه السّلام،و الغيب فهو الحجّة الغائب،و شاهد ذلك قوله تعالى:

وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ 2 3 .

2-و روى الشّيخ الصدوق عن غير واحد من أصحابنا،عن داود بن كثير الرقيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال:من آمن اقرّ بقيام القائم أنّه حقّ (2).

3-و روى الشّيخ الصدوق أيضا بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حديث يذكر فيه الأئمّة الاثني عشر و منهم القائم عليه السّلام قال:قال رسول

ص: 15


1- -البقرة:1-3.
2- -نفس المصدر.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله:طوبى للصابرين في غيبته،طوبى للمقيمين على محبّتهم،اولئك من وصفهم اللّه في كتابه فقال: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ثمّ قال: أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (1).(2).

4-و قال أيضا:حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى؛قال:بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم قال:سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فقال:المتّقون شيعة عليّ عليه السّلام و الغيب فهو الحجّة الغائب،و شاهد ذلك قول اللّه عزّ و جلّ وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (3)فأخبر عزّ و جلّ أنّ الآية هي الغيب، و الغيب هو الحجّة،و تصديق ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً (4)يعني حجّة (5).

5-و قال:حدّثنا أبي؛قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه بإسناده عن عليّ ابن رباب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:في قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ (6)فقال:الآيات هم الأئمّة،و الآية المنتظرة هو القائم عليه السّلام، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف،و إن آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهم السّلام (7).

6-و روى الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار،عن أمير المؤمنين عليه السّلام في كتاب الواحدة،في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه القدسيّة،و جاء فيه قوله: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال:الغيب:هو الرجعة و يوم القيامة و يوم القائم،و هي أيّام آل محمّد، و إليها الاشارة بقوله: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ فالرجعة لهم،و يوم القيامة لهم،و يوم القائم لهم، و حكمه إليهم،و معوّل للمؤمنين فيه عليهم (8).9.

ص: 16


1- -المجادلة:22.
2- -المحجّة فيما نزل في القائم(ع)17،نقلا عن الشيخ الصدوق.
3- -يونس:20.
4- -المؤمنون:50.
5- -كمال الدّين و تمام النعمة 17/1 و 18.
6- -الأنعام:53.
7- -كمال الدّين 18/1.
8- -مشارق أنوار اليقين للحافظ البرسي 159.

كلام الشيخ الصدوق في الغيبة

قال الشيخ الصدوق في المراد من الغيبة قال:و لقد كلّمني رجل بمدينة السلام فقال لي:إنّ الغيبة قد طالت،و الحيرة قد اشتدّت،و قد رجع كثير عن القول بالإمامة لطول الأمد،فكيف هذا؟فقلت له:إنّ سنّة الأوّلين في هذه الامّة جارية حذو النعل بالنعل،كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غير خبر،و أنّ موسى عليه السّلام ذهب إلى ميقات ربّه على أن يرجع إلى قومه بعد ثلاثين ليلة فأتمّها اللّه عزّ و جلّ بعشرة،فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة،و لتأخّره عنهم فضل عشرة أيّام على ما واعدهم،استطالوا المدّة القصيرة و قست قلوبهم و فسقوا عن أمر ربهم عزّ و جلّ و عن أمر موسى عليه السّلام،و عصوا خليفته هارون و استضعفوه و كادوا يقتلونه،و عبدوا عجلا جسدا له خوار من دون اللّه عزّ و جلّ،و قال السامريّ لهم: هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى (1)و هارون يعظهم و ينهاهم عن عبادة العجل و يقول: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي* قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (2)وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ (3).

و القصّة في ذلك مشهورة،فليس بعجيب أن يستطيل الجهّال من هذه الامّة مدّة غيبة صاحب زماننا عليه السّلام،و يرجع كثير منهم عمّا دخلوا فيه بغير أصل و بصيرة،ثمّ لا يعتبرون بقول اللّه تعالى ذكره حيث يقول: أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (4).فقال[الرجل]:و ما أنزل اللّه عزّ و جلّ في كتابه في هذا المعنى؟قلت:قوله عزّ و جلّ: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يعني بالقائم عليه السّلام و غيبته...

و قد كلّمني بعض المخالفين في هذه الآية فقال:معنى قوله عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أي بالبعث و النشور و أحوال القيامة؛فقلت له:لقد جهلت في تأويلك و ضللت

ص: 17


1- -طه:88.
2- -طه:90 و 91.
3- -الأعراف:150.
4- -الحديد:16.

في قولك،فإنّ اليهود و النصارى و كثيرا من فرق المشركين و المخالفين لدين الإسلام يؤمنون بالبعث و النشور و الحساب و الثواب و العقاب،فلم يكن اللّه تبارك و تعالى ليمدح المؤمنين بمدحة قد شركهم فيها فرق الكفر و الجحود،بل وصفهم اللّه عزّ و جلّ و مدحهم بما هو لهم خاصّة،لم يشركهم فيه أحد غيرهم.

وجوب معرفة المهديّ عليه السّلام

و لا يكون الإيمان صحيحا من مؤمن إلاّ من بعد علمه بحال من يؤمن به،كما قال اللّه تبارك و تعالى إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (1)فلم يوجب لهم صحّة ما يشهدون به إلاّ من بعد علمهم،ثمّ كذلك لن ينفع إيمان من آمن بالمهديّ القائم عليه السّلام حتّى يكون عارفا بشأنه في حال غيبته،و ذلك انّ الائمة:قد أخبروا بغيبته،و وصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم و استحفظ في الصحف،و دوّن في الكتب المؤلّفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر،فليس أحد من أتباع الائمّة عليهم السّلام إلاّ و قد ذكر ذلك في كثير من كتبه و رواياته، و دوّنه في مصنفاته.و هي الكتب الّتي تعرف بالأصول مدوّنة عند شيعة آل محمّد عليهم السّلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين،و قد أخرجت ما حضرني من الأخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها،فلا يخلو حال هؤلاء الأتباع المؤلّفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغيبة،فألّفوا ذلك في كتبهم و دوّنوه في مصنّفاتهم من قبل كونها،و هذا محال عند أهل اللبّ و التحصيل،أو أن يكونوا قد أسّسوا في كتبهم الكذب، فاتّفق الأمر لهم كما ذكروا،و تحقّق كما وضعوا من كذبه بهم على بعد ديارهم و اختلاف آرائهم و تباين أقطارهم و محالهم،و هذا أيضا محال كسبيل الوجه الأول،فلم يبق في ذلك إلاّ أنّهم حفظوا عن أئمّتهم المستحفظين للوصيّة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من ذكر الغيبة و صفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات ما دوّنوه في كتبهم و ألّفوه في أصولهم، و بذلك و شبهه فلج الحقّ و زهق الباطل،إنّ الباطل كان زهوقا.

و إنّ خصومنا و مخالفينا من أهل الأهواء المضلّة قصدوا لدفع الحقّ و عناده بما وقع

ص: 18


1- -الزخرف:86.

من غيبة صاحب زماننا القائم عليه السّلام و احتجابه عن أبصار المشاهدين،ليلبسوا بذلك على من لم تكن معرفته متقنة،و لا بصيرته مستحكمة.

إثبات الغيبة و الحكمة فيها

و أضاف الشيخ الصدوق قائلا:إنّ الغيبة الّتي وقعت لصاحب زماننا عليه السّلام قد لزمت حكمتها،و بان حقّها،و فلجت حكمتها،للذي شاهدناه و عرفناه من آثار حكمة اللّه عزّ و جلّ و استقامة تدبيره في حججه المتقدّمة في الأعصار السالفة،مع أئمّة الضلال و تظاهر الطواغيت،و استعلاء الفراعنة في الحقب الخالية،و ما نحن بسبيله في زماننا هذا من تظاهر أئمّة الكفر بمعونة أهل الافك و العدوان و البهتان.

و ذلك أنّ خصومنا طالبونا بوجود صاحب زماننا عليه السّلام كوجود من تقدّمه من الأئمّة، فقالوا:إنّه قد مضى على قولكم من عصر وفاة نبيّنا أحد عشر إماما،كلّ منهم كان موجودا معروفا باسمه و شخصه بين الخاصّ و العامّ،فإن لم يوجد كذلك،فقد فسد عليكم أمر من تقدّم من أئمّتكم كفساد أمر صاحب زمانكم هذا في عدمه و تعذّر وجوده.

فأقول-و باللّه التوفيق-:

إنّ خصومنا قد جهلوا آثار حكمة اللّه تعالى،و أغفلوا مواقع الحقّ و مناهج السبيل في مقامات حجج اللّه تعالى مع أئمّة الضلال في دول الباطل في كل عصر و زمان،إذ قد ثبت أنّ ظهور حجج اللّه تعالى في مقاماتهم في دول الباطل على سبيل الإمكان و التدبير لأهل الزمان،فإن كانت الحال ممكنة في استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجّة بين الخاصّ و العامّ،كان ظهور الحجّة كذلك،و إن كانت الحال غير ممكنة من استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجّة بين الخاصّ و العامّ،و كان استتاره ممّا توجبه الحكمة و يقتضيه التدبير، حجبه اللّه و ستره إلى وقت بلوغ الكتاب أجله،كما قد وجدنا من ذلك في حجج اللّه المتقدّمة من عصر وفاة آدم عليه السّلام إلى حين زماننا هذا،منهم المستخفون و منهم المستعلنون، بذلك جاءت الآثار و نطق الكتاب (1).

ص: 19


1- -كمال الدّين و تمام النعمة 16/1-21.

7-روى الصدوق بالإسناد عن سدير الصيرفي قال:دخلت أنا و المفضّل بن عمر و أبو بصير و أبان بن تغلب،على مولانا أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام،فرأيناه جالسا على التراب و عليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب،مقصر الكمّين،و هو يبكي بكاء الواله الثكلى،ذات الكبد الحرى،قد نال الحزن من وجنتيه ،و شاع التغيّر في عارضيه،و أبلى الدموع محجريه،و هو يقول:سيّدي،غيبتك نفت رقادي،و ضيّقت عليّ مهادي،و أسرت منّي راحة فؤادي،سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد،و فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع و العدد،فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني،و أنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا و سوالف البلايا،إلاّ مثّل لعيني عن غوابر أعمّها و أفظعها،و بواقي أشدّها و أنكرها، و نوائب مخلوطة بغضبك،و نوازل معجونة بسخطك.

قال سدير:فاستطارت عقولنا ولها،و تصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل و الحادث الغائل،و ظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة.

فقلنا:لا أبكى اللّه-يا ابن خير الورى-عينيك.من أيّ حادثة تستنزف دمعتك، و تستمطر عيونك؟و أيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟

قال:فزفر الصادق عليه السّلام زفرة انتفخ منها جوفه،و اشتدّ منها خوفه،و قال:ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم؛و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا و الرزايا،و علم ما كان و ما يكون الى يوم القيامة،الّذي خصّ اللّه تقدّس اسمه به محمّدا و الأئمّة من بعده عليه و عليهم السلام،و تأمّلت فيه مولد قائمنا و غيبته و إبطاءه و طول عمره،و بلوى المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان،و تولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته و ارتداد أكثرهم عن دينهم،و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم،الّتي قال اللّه تقدّس ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (1)يعني الولاية،فأخذتني الرّقة،و استولت عليّ الاحزان.

فقلنا:يا ابن رسول اللّه،كرّمنا و شرّفنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.3.

ص: 20


1- -الإسراء:13.

قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل:قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه السّلام،و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السّلام،و قدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليه السّلام،و جعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح،أعني الخضر دليلا على عمره.

فقلت:اكشف لنا يا ابن رسول اللّه عن وجوه هذه المعاني.

قال:أمّا مولد موسى،فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده،أمر باحضار الكهنة،فدلّوه على نسبه،و أنّه يكون من بني اسرائيل،و لم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا و عشرين ألف مولود، و تعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ اللّه تبارك و تعالى ايّاه.

كذلك بنو أميّة و بنو العباس،لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم و الأمراء و الجبابرة منهم على يد القائم منّا،ناصبونا العداوة،و وضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إبادة نسله،طمعا منهم في الوصول الى قتل القائم عليه السّلام،و يأبى اللّه أن يكشف أمره لواحد من الظلمة الى أن يتم نوره و لو كره المشركون.

و أمّا غيبة عيسى عليه السّلام،فإنّ اليهود و النصارى اتّفقت على أنّه قتل،و كذّبهم اللّه عزّ و جلّ بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (1)كذلك غيبة القائم عليه السّلام فإنّ الامّة تنكرها لطولها،فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد،و قائل يقول:إنّه ولد و مات،و قائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان عقيما،و قائل يمرق بقوله:إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا،و قائل يعصي اللّه عزّ و جلّ بقوله:إنّ روح القائم عليه السّلام ينطق في هيكل غيره.

و أمّا إبطاء نوح عليه السّلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء،بعث اللّه عزّ و جلّ جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال:يا نبيّ اللّه،إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول لك:إنّ هؤلاء خلائقي و عبادي،و لست أبيدهم بصاعقة من الصواعق الاّ بعد تأكيد الدعوة و إلزام الحجّة،فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك،فأنّي مثيبك عليه،و اغرس هذا النوى،فإنّ لك في نباتها و بلوغها و ادراكها اذا أثمرت الفرج و الخلاص،فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.7.

ص: 21


1- -النساء:157.

فلمّا نبتت الاشجار و تأزّرت و تسوّقت و تغصّنت و أثمرت،و زها الثمر عليها بعد زمن طويل،استنجز من اللّه سبحانه و تعالى العدّة،فأمره اللّه تبارك و تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار و يعاود الصبر و الاجتهاد،و يؤكّد الحجّة على قومه،فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به،فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل،و قالوا:لو كان ما يدعيه نوح حقّا، لما وقع في وعد ربه خلف.

ثمّ إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارة بعد أخرى،إلى أن غرسها سبع مرّات،فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة،إلى أن عاد إلى نيّف و سبعين رجلا.فأوحى اللّه عزّ و جلّ عند ذلك إليه و قال:يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرّح الحق عن محضه،وصفى الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة.

فلو أنّي أهلكت الكفّار،و أبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لما كنت صدّقت و عدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك،و اعتصموا بحبل نبوّتك،بأن أستخلفهم في الأرض و أمكّن لهم دينهم،و أبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشكّ من قلوبهم.

و كيف يكون الاستخلاف و التمكين و بدل الخوف بالأمن منّي لهم،مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا،و خبث طينتهم،و سوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق و سنوح الضلالة،فلو أنّهم تسنّموا منّي من الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا أهلكت أعداءهم،لنشقوا روائح صفاته،و لاستحكمت سرائر نفاقهم،و تأبّد حبال ضلالة قلوبهم،و كاشفوا إخوانهم بالعداوة،و حاربوهم على طلب الرئاسة و التفرّد بالأمر و النهي،و كيف يكون التمكين في الدّين و انتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن و ايقاع الحروب كلاّ:(فاصنع الفلك بأعيننا و وحينا) (1).

قال الصادق عليه السّلام:و كذلك القائم عليه السّلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه، و ليصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة،من الشيعة الّذين يخشى .

ص: 22


1- -اقتباس من الآية 37 من سورة هود: وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا .

عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف و التمكين و الأمن المنتشر في عهد القائم عليه السّلام.

قال المفضل:فقلت:يا ابن رسول اللّه،إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ.

قال:لا يهدي اللّه قلوب الناصبة،متى كان الدّين الّذي ارتضاه اللّه و رسوله متمكّنا بانتشار الأمن في الأمّة،و ذهاب الخوف من قلوبها،و ارتفاع الشكّ من صدورها في عهد أحد من هؤلاء و في عهد عليّ عليه السّلام،مع ارتداد المسلمين و الفتن الّتي كانت تثور في أيامهم، و الحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار و بينهم،ثمّ تلا الصادق عليه السّلام: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (1).

و أمّا العبد الصالح الخضر عليه السّلام:فإنّ اللّه تبارك و تعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له،و لا لكتاب ينزّله عليه،و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء،و لا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها،و لا لطاعة يفرضها له.بلى،إنّ اللّه تبارك و تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السّلام في أيّام غيبته ما يقدّر،و علم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول،طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك،إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السّلام،و ليقطع بذلك حجّة المعاندين،لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة (2).

تحقيق للعلاّمة الكراجكيّ في الغيبة و سببها

قال العلاّمة أبو الفتح الشيخ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ الطرابلسيّ:إن قال قائل:ما السبب الموجب لغيبة صاحب الزمان عليه و على آبائه أفضل السلام؟

قيل له:لا يسأل عن هذا السؤال إلاّ من قد أعطي صحّة وجود الإمام،و سلّم ما ذكره من غيبته من الأنام.لأنّ النظر في سبب الغيبة فرع عن كونها،فلا يجوز أن يسأل عن سببها من يقول أنّها لم تكن،و كذلك الغيبة نفسها فرع عن صحّة الوجود،إذ كان لا يصحّ غيبة من ليس بموجود.فمن جحد وجود الامام فلا يصحّ كلامه فيما بعد ذلك من هذه

ص: 23


1- -يوسف:110.
2- -كمال الدّين 353/2؛بحار الأنوار 219/51.

الأحوال.فقد بان أنّه لا بدّ من تسليم الوجود و الإمامة و الغيبة،إمّا تسليم دين و اعتقاد، ليكشف السائل عن السبب الموجب للاستتار،و امّا تسليم نظر و احتجاج،لينظر السائل عن السبب،إن كان كلامنا في الفرع ملائما للأصل،و أنّه مستمرّ عليه من غير أن يضادّه و ينافيه.

فان قال السائل:أنا اسلّم لك ما ذكرتموه من الأصل لا عن نظر،إن كان ينتظم معه جوابكم عن الفرع،فما السبب الآن في غيبة الإمام عليه السّلام؟

فقيل له:أوّل ما نقوله في هذا أنّه ليس يلزمنا معرفة هذا السبب،و لا يتعيّن علينا الكشف عنه،و لا يضرّنا عدم العلم به.

و الواجب علينا اللازم لنا،هو أن نعتقد أنّ الإمام الوافر المعصوم الكامل العلوم، لا يفعل إلاّ ما هو موافق للصواب،و إن لم نعلم الأغراض في أفعاله و الأسباب.فسواء ظهر أو استتر،قام أو قعد،كلّ ذلك يلزمه فرضه دوننا،و يتعيّن عليه فعل الواجب فيه سوانا، و ليس يلزمنا علم جميع ما علم،كما لا يلزمنا فعل جميع ما فعل.و تمسّكنا بالأصل من تصويبه في كلّ فعل،يغنينا في المعتقد عن العلم بأسباب ما فعل.فإن عرفنا أسباب أفعاله،كان حسنا،و إن لم نعلمها لم يقدح ذلك في مذهبنا،كما أنّه قد ثبت عندنا و عند مخالفينا إصابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في جميع أقواله و أفعاله،و التسليم له و الرضا بما يأتي منه، و إن لم نعرف سببه.

و لو قيل لنا:لم قاتل المشركين على كثرتهم يوم بدر،و هو في ثلاثمائة من أصحابه و ثلاثة عشر،أكثرهم رجالة،و منهم من لا سلاح معه،و رجع عام الحديبية عن إتمام العمرة،و هو في العدّة القوية،و من معه من المسلمين ثلاثة آلاف و ستمائة،و أعطى سهيل بن عمر جميع مناه،و دخل تحت حكمه و رضاه،من محو بسم اللّه الرحمن الرحيم من الكتاب،و محو اسمه من النبوّة،و إجابته إلى أن يدفع عن المشركين ثلث ثمار المدينة، و أن يردّ من أتاه ليسلم على يده منهم،مع ما في هذا من المشقّة العظيمة و المخالفة في الظاهر للشريعة،لما ألزمنا الجواب عن ذلك أكثر من أنّه أعرف بالمصلحة من الأمّة،و أنّه لا يفعل هذا إلاّ لضرورة يختصّ بعلمها ملجئه،أو مصلحة تقتضيه،تكون له معلومة،و هو

ص: 24

الوافر الكامل الّذي لا يفرّط فيما أمر به.

و ليس عدم علمنا بأسباب فعله ضارّا لنا،و لا قادحا فيما نحن عليه من اعتقادنا و أصلنا.فكذلك قولنا في سبب غيبة إمامنا و صاحب عصرنا و زماننا.

و يشبه هذا أيضا من أصول الشريعة عن السبب في ايلام الاطفال،و خلق الهوام و المسمومات من الحشائش و الأحجار،و نحو ذلك مما لا يحيط أحد بمعرفة معناه،و لا يعلم السبب الّذي اقتضاه،فانّ الواجب أن نردّ ذلك إلى أصله،و نقول انّ جميعه فعل من ثبت الدليل على حكمته و عدله و تنزّهه عن العيب في شيء من فعله.

و ليس عدم علمنا بأسباب هذه الأفعال مع اعتقادنا في الجملة أنّها مطابقة للحكمة و الصلاح؛بضارّ لنا،و لا قادح في صحّة أصولنا،لأنّا لم نكلّف أكثر من العلم بالأصل،و في هذا كفاية لمن كان له عقل.

و هكذا أيضا يجري الأمر في الجواب إن توجّه إلينا السؤال عن سبب قعود أمير المؤمنين عليه السّلام عن محاربة أبي بكر و عمر و عثمان،و لم يقعد عن محاربة من بعدهم من الفرق الثلاث.و الأصل في هذا كلّه واحد،و ما ذكرناه فيه كاف للمسترشد.

فإن قال السائل لنا:جميع ما ذكرته،من أفعال اللّه عزّ و جلّ فلا شبهة في أنّه أعرف بالمصالح فيها،و أنّ الخلق يعلمون جميع منافعهم و لا يهتدون إليها.

و أمّا النبيّ عليه السّلام و ما جرى من أمره عام الحديبية فإنّه علم المصلحة في ذلك بالوحي من اللّه سبحانه.

فمن أين لإمامكم علم المصلحة في ذلك و هو لا يوحى إليه؟

قيل له:إن كان إمامنا عليه السّلام إماما،فهو معهود إليه،قد نصّ له على جميع ما يجب تعويله عليه،و أخذ ذلك و أمثاله عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و لنا مذهب في الإمام،و عندنا أنّ الإمام عليه السّلام يصحّ أن يلهم من المصالح و الأحكام ما يكون هو المخصوص به دون الأنام.

ثمّ نتبرّع بعد ما ذكرناه بذكر السبب الّذي تقدّم فيه السؤال،و إن كان غير لازم لنا في الجواب.

ص: 25

فنقول:إنّ السبب في غيبة الإمام عليه السّلام إخافة الظالمين له،و طلبهم بسفك دمه،و إعلام اللّه أنّه متى أبدى شخصه لهم قتلوه،و متى قدروا عليه أهلكوه،فحصل ممنوعا من التصرّف فيما جعل إليه من شرع الإسلام،و هذه الأمور الّتي هي مردودة إليه و معوّل في تدبيرها عليه،فإنّما يلزمه القيام بها بشرط وجود التمكّن و القدرة،و عدم المنع و الحيلولة، و ازالة المخافة على النفس و المهجة،فمتى لم يكن ذلك فالتقيّة واجبة،و الغيبة عند الأسباب الملجئة إليها لازمة،لأنّ التحرّز من المضارّ واجب عقلا و سمعا.و قد استتر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غار حراء،و لم يكن لذلك سبب غير المخافة من الأعداء.

فإن قال السائل:إنّ استتار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان مقدارا يسيرا لم يمتدّ به الزمان،و غيبة صاحبكم قد تطاولت بها الأعوام.

قيل له:ليس القصر و الطول في الزمان يفرق في هذا المكان،لأنّ الغيبتين جميعا سببهما واحد،و هي المخافة من الأعداء،فهما في الحكم سواء،و إنّما قصر زمان إحداهما لقصر مدة المخافة فيها،و طول زمان الأخرى لطول زمان المخافة.و لو ضادّت إحداهما الحكمة و أبطلت الاحتجاج،لكانت كذلك الأخرى.

فان قال:فالأظهر إبداء شخصه،و اقام الحجّة على مخالفيه و إن ادّى إلى قتله.

قيل لهم:إنّ الحجّة في تثبيت إمامته قائمة في الأمّة،و الدلالة على إمامته موجودة ممكنة،و النصوص من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من الأئمّة على غيبته مأثورة متّصلة،فلم يبق بعد ذلك أكثر من مطالبة الخصم لنا بظهوره ليقتل.فهذا غير جائز،و قد قال اللّه سبحانه: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1).

و قال موسى عليه السّلام: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ (2).

فإن قال السائل:إنّ في ظهوره تأكيدا لإقامة الحجّة،و كشفا لما يعترض أكثر الناس في أمره من الشبهة،فالأوجب ظهوره،و إن قتل لهذه العلّة.

قيل له:قد قلنا في النهي عن التغرير بالنفس بما فيه الكفاية،و نحن نأتي بعد ذلك بزيادة فنقول:إنّه ليس كلّما نرى فيه تأكيدا لإقامة الحجّة فإنّ فعله واجب،ما لم يكن فيه1.

ص: 26


1- -البقرة:165.
2- -الشعراء:21.

لطف و مصلحة.أ لا ترى إن قائلا قال:لم لم يعاجل اللّه تعالى العصاة بالعقاب و النقمة، و يظهر آياته للناس في كلّ يوم و ليلة،حتّى يكون ذلك آكد في اقامته عليهم الحجّة، أ ليس كان جوابنا له مثل ما أجبنا في ظهور صاحب الغيبة،من أنّ ذلك لا يلزم ما لم يفارق وجها معلوما من المصلحة.

و عندنا أنّ اللّه سبحانه لم يمنعه من الظهور و إن قتل إلاّ و قد علم أنّ مصلحة المكلّفين مقصورة على كونه إماما لهم بعينه،و أن لا يقوم غيره فيها مقامه،فكذلك أمره بالاستتار في المدّة الّتي علم أنّه متى ظهر فيها قتله الفجّار.

فإن قال الخصم:هلاّ أظهره اللّه تعالى،و أرسل معه ملائكة تبيد كلّ من أراده بسوء، و تهلك من قصده بمكروه؟

قيل له:قد سألت الملحدة من مثل هذا السؤال في إرسال الأنبياء عليهم السّلام،فقالوا:لم لم يبعث اللّه تعالى معهم من الأملاك من يصدّ عنهم كلّ سوء يقصدهم به العباد؟فكان الجواب لهم:إنّ المصالح ليست واقعة بحسب تقدير الخلائق...،و إنّما هي بحسب المعلوم عند اللّه عزّ و جلّ،و بعد فانّ اصطلام اللّه تعالى للعاصين،و معاجلته باهلاك ساير الظالمين،قاطع لنظام التكليف،و ربّما اقتضى ذلك عموم الجماعة بالهلاك،كما كان في الأمم السابقة في الزمان.

و هو أيضا مانع للقادرين من النظر في زمان الغيبة المؤدّي إلى المعرفة و الاجابة،فقد يصحّ أن يكون فيهم و منهم في هذه المدّة من ينظر فيعرف الحق و يعتقده،أو يكون فيهم معاندون مقرّون،قد علم اللّه سبحانه أنّهم إن بقوا كان من نسلهم ذريّة صالحة،فلا يجوز أن يحرمها الوجود بإعدامهم في مقتضى الحكمة،و ليس العاصون في كلّ زمان هذا حكمهم،و ربّما علم ضدّ ذلك منهم،فاقتضت الحكمة إهلاكهم كما كان في زمن نوح عليه السّلام، حيث قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً (1).

فان قال السائل:إنّ آباءه عليهم السّلام قد كانوا أيضا في زمان مخافة و أوقات صعبة،فلم لم7.

ص: 27


1- -نوح:26 و 27.

يستتروا؟و ما الفرق بينهم و بينه في هذا الأمر؟

قيل له:إنّ خوف إمامنا عليه السّلام أعظم من خوف آبائه و أكثر.و السبب في ذلك،انّه لم يرو عن أحد من آبائه عليهم السّلام أنّه يقوم بالسيف و يكسر تيجان الملوك،و لا يبقى لأحد دولة سواه،و يجعل الدّين كلّه للّه.فكان الخوف المتوجّه إليه بحسب ما يعتقد من ذلك فيه، و تطلّعت نفوس الأعداء إليه،و تتبّعت الملوك أخباره الدالة عليه،و لم ينسب إلى أحد من آبائه شيء في هذه الأحوال.فهذا فرق واضح بين المخافتين.

ثمّ نقول بعد ذلك:إنّ من اطّلع في الأخبار و سبر السير و الآثار،علم أنّ مخافة صاحبنا عليه السّلام كانت منذ وقت مخافة أبيه عليه السّلام،بل كان الخوف عليه قبل ذلك في حال حمله و ولادته،و من ذا الّذي خفي عليه من أهل العلم ما فعله سلطان ذلك الزمان مع أبيه و تتبعه لأخباره و طرحه العيون عليه،انتظارا لما يكون من أمره،و خوفا ممّا روت الشيعة أنّه يكون من نسله،الى أن أخفى اللّه تعالى الحمل بالإمام عليه السّلام،و ستر أبوه عليه السّلام ولادته إلاّ عمّن اختصّه من الناس،ثمّ كان بعد موت أبيه،و خروجه للصلاة و مضيّ عمّه جعفر ساعيا إلى المعتمد ما كان،حتّى هجم على داره،و أخذ ما كان بها من أثاثه و رحله،و اعتقل جميع نسائه و أهله،و سأل أمه عنه فلم تعترف به،و أودعها عند قاضي الوقت المعروف بابن أبي الشوارب،و لم يزل الميراث معزولا سنتين،ثمّ كان بعد ذلك من الأمور المشهورة الّتي يعرفها من اطّلع في الأخبار المأثورة (1).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (2).

كلام الشيخ الصدوق في الآية

الخليفة قبل الخليقة

قال الشيخ الصدوق رحمه اللّه في مقدمة كتابه:أمّا بعد فان اللّه تبارك و تعالى يقول في

ص: 28


1- -كنز الفوائد 368/1-274.
2- -البقرة:30.

محكم كتابه: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فبدأ عزّ و جلّ بالخليفة قبل الخليقة،فدلّ ذلك على أنّ الحكمة في الخليفة أبلغ من الحكمة في الخليقة،فلذلك ابتدأ به لأنّه سبحانه حكيم،و الحكيم من يبدأ بالأهمّ دون الأعمّ،و ذلك تصديق قول الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام حيث يقول:«الحجّة قبل الخلق و مع الخلق،و بعد الخلق» و لو خلق اللّه عزّ و جلّ الخليقة خلوا من الخليفة،لكان قد عرّضهم للتلف،و لم يردع السفيه عن سفهه بالنوع الّذي توجب حكمته من إقامة الحدود و تقويم المفسد،و اللحظة الواحدة لا تسوّغ الحكمة ضرب صفح عنها،إنّ الحكمة تعمّ كما انّ الطاعة تعمّ،و من زعم أنّ الدنيا تخلو ساعة من إمام،لزمه أن يصحّح مذهب البراهمة في إبطالهم الرسالة،و لو لا أنّ القرآن نزل بأنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله خاتم الأنبياء،لوجب كون رسول في كل وقت،فلمّا صح ذلك لارتفع معنى كون الرسول بعده،و بقيت الصورة المستدعية للخليفة في العقل،و ذلك أنّ اللّه تقدس ذكره لا يدعو إلى سبب إلاّ بعد أن يصوّر في العقول حقائقه،و اذا لم يصوّر ذلك،لم تنسق الدعوة و لم تثبت الحجّة،و ذلك أنّ الأشياء تألف أشكالها،و تنبو عن أضدادها.فلو كان في العقل إنكار الرسل،لما بعث اللّه عزّ و جلّ نبيّا قطّ.

مثال ذلك الطبيب يعالج المريض بما يوافق طباعه،و لو عالجه بدواء يخالف طباعه أدّى ذلك إلى تلفه،فثبت أنّ اللّه أحكم الحاكمين لا يدعو إلى سبب إلاّ و له في العقول صورة ثابتة،و بالخليفة يستدلّ على المستخلف كما جرت به العادة في العامّة و الخاصّة، و في المتعارف متى استخلف ملك ظالما،استدلّ بظلم خليفته على ظلم مستخلفه،و إذا كان عادلا استدلّ بعدله على عدل مستخلفه،فثبت أنّ خلافة اللّه توجب العصمة،و لا يكون الخليفة إلاّ معصوما.

وجوب طاعة الخليفة

و لمّا استخلف اللّه عزّ و جلّ آدم في الأرض،أوجب على أهل السماوات الطاعة؛له فكيف الظنّ بأهل الأرض؟و لمّا أوجب اللّه عزّ و جلّ على الخلق الإيمان بملائكة اللّه، و أوجب على الملائكة السجود لخليفة اللّه،ثمّ لمّا امتنع ممتنع من الجنّ عن السجود له،

ص: 29

أحلّ اللّه به الذلّ و الصغار و الدمار،و أخزاه و لعنه إلى يوم القيامة،علمنا بذلك رتبة الإمام و فضله،و أنّ اللّه تبارك و تعالى لمّا أعلم الملائكة أنّه جاعل في الأرض خليفة.أشهدهم على ذلك لأنّ العلم شهادة،فلزم من ادّعى أنّ الخلق يختار الخليفة أن تشهد ملائكة اللّه كلهم عن آخرهم عليه،و الشهادة العظيمة تدل على الخطب العظيم كما جرت به العادة في الشاهد،فكيف و أنّى ينجو صاحب الاختيار من عذاب اللّه و قد شهدت عليه ملائكة اللّه أوّلهم و آخرهم،و كيف و أنّى يعذّب صاحب النصّ و قد شهدت له ملائكة اللّه كلّهم.

و له وجه آخر،و هو أنّ القضيّة في الخليفة باقية إلى يوم القيامة،و من زعم أنّ الخليفة أراد به النبوة،فقد أخطأ من وجه،

و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ وعد أن يستخلف من هذه الأمّة الفاضلة خلفاء راشدين كما قال جلّ و تقدّس: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (1)و لو كانت قضيّة الخلافة قضيّة النبوّة،أوجب حكم الآية أن يبعث اللّه عزّ و جلّ نبيّا بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و ما صحّ قوله: وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ (2)فثبت أنّ الوعد من اللّه عزّ و جلّ ثابت من غير النبوّة،و ثبت أنّ الخلافة تخالف النبوّة بوجه،و قد يكون الخليفة غير نبيّ،و لا يكون النبيّ إلاّ خليفة.

و آخر:و هو أنّه عزّ و جلّ أراد أن يظهر استعباده الخلق بالسجود لآدم عليه السّلام نفاق المنافق و إخلاص المخلص،كما كشفت الأيّام و الخبر عن قناعيهما،أعني ملائكة اللّه و الشيطان،و لو وكّل ذلك المعنى-من اختيار الإمام-إلى من أضمر سوءا،لما كشفت الأيّام عنه بالتعرّض،و ذلك أنّه يختار المنافق من سمحت نفسه بطاعته و السجود له، فكيف و أنّى يوصل إلى ما في الضمائر من النفاق و الإخلاص و الحسد و الداء الدفين.

و وجه آخر:و هو أنّ الكلمة تتفاضل على أقدار المخاطب و المخاطب،فخطاب الرجل عبده يخالف خطاب سيّده،و المخاطب كان اللّه عزّ و جلّ،و المخاطبون ملائكة اللّه أوّلهم و آخرهم،و الكلمة العموم لها مصلحة عموم،كما أنّ الكلمة الخصوص لها مصلحة0.

ص: 30


1- -النور:55.
2- -الأحزاب:40.

خصوص،و المثوبة في العموم أجلّ من المثوبة في الخصوص،كالتوحيد الّذي هو عموم على عامّة خلق اللّه يخالف الحجّ و الزكاة و سائر أبواب الشرع الّذي هو خصوص،فقوله عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً دلّ على أنّ فيه معنى من معاني التوحيد لما أخرجه مخرج العموم،و الكلمة إذا جاورت الكلمة في معنى،لزمها ما لزم أختها إذا جمعهما معنى واحد،و وجه ذلك أنّ اللّه سبحانه علم أنّ من خلقه من يوحّده و يأتمر بأمره،و أنّ لهم أعداء يعيبونهم و يستبيحوا حريمهم،و لو أنّه عزّ و جلّ قصر الأيدي عنهم جبرا و قهرا،لبطلت الحكمة و ثبت الاجبار رأسا،و بطل الثواب و العقاب و العبادات.

و لمّا استحال ذلك،وجب أن يدفع عن أوليائه بضرب من الضروب لا تبطل به و معه العبادات و المثوبات،فكان الوجه في ذلك إقامة الحدود كالقطع و الصلب و القتل و الحبس و تحصيل الحقوق،كما قيل:«ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن»و قد نطق بمثله قوله عزّ و جلّ: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللّهِ (1)فوجب أن ينصب عزّ و جلّ خليفة يقصر من أيدي أعدائه عن أوليائه ما تصحّ به و معه الولاية،لأنّه لا ولاية مع من أغفل الحقوق و ضيّع الواجبات و وجب خلعه في العقول.جلّ اللّه تعالى عن ذلك.

و الخليفة اسم مشترك،لأنّه لو أنّ رجلا بنى مسجدا و لم يؤذّن فيه و نصب فيه مؤذّنا، كان مؤذنه،فأمّا إذا أذّن فيه أيّاما ثمّ نصب فيه مؤذّنا،كان خليفته،و كذلك الصورة في العقول و المعارف،متى قال البندار:هذا خليفتي،كان خليفته على البندرة لا على البريد و المظالم،فكذلك القول في صاحبي البريد و المظالم،فثبت أنّ الخليفة من الأسماء المشتركة،فكان من صفة اللّه تعالى ذكره الانتصاف لأوليائه من أعدائه،فوكّل من ذلك معنى إلى خليفته.فلهذا الشأن استحقّ معنى الخليفة دون معنى أن يتّخذ شريكا معبودا مع اللّه سبحانه،و لهذا من الشأن قال اللّه تبارك و تعالى لابليس: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ ثمّ قال عزّ و جلّ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ (2)و ذلك أنّه يقطع العذر و لا يوهم أنّه خليفة شارك اللّه في وحدته،فقال:بعد ما عرفت أنّه خلق اللّه،ما منعك تسجد،ثمّ قال:

بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ و اليد في اللغة قد تكون بمعنى النعمة،و قد كان للّه عزّ و جلّ عليه5.

ص: 31


1- -الحشر:13.
2- -ص:75.

نعمتان حوتا نعما،كقوله عزّ و جلّ: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً (1)و هما نعمتان حوتا نعما لا تحصى.

ثمّ غلّظ عليه القول بقوله عزّ و جلّ: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ كقول القائل:بسيفي تقاتلني، و برمحي تطاعنني،و هذا أبلغ في القبح و أشنع.

فقوله عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً كانت كلمة متشابهة،أحد وجوهها أنّه يتصوّر عند الجاهل أنّ اللّه عزّ و جلّ يستشير خلقه في معنى التبس عليه،و يتصوّر عند المستدلّ إذا استدلّ على اللّه عزّ و جلّ بأفعاله المحكمة و جلالته الجليلة أنّه جلّ عن أن يلتبس عليه معنى أو يستعجم عليه حال،فإنّه لا يعجزه شيء في السماوات و الأرض،و السبيل في هذه الآية المتشابهة كالسبيل في أخواتها من الآيات المتشابهات،أنّها ترد إلى المحكمات ممّا يقطع به و معه العذر للمتطرّق إلى السفه و الإلحاد.

فقوله: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً يدلّ على معنى هدايتهم لطاعة جليلة مقترنة بالتوحيد،نافية عن اللّه عزّ و جلّ الخلع و الظلم و تضييع الحقوق و ما تصحّ به و معه الولاية،فتكمل معه الحجّة،و لا يبقى لأحد عذر في إغفال حقّ.

و أخرى أنّه عزّ و جلّ إذا علم استقلال أحد من عباده لمعنى من معاني الطاعات ندبه له حتّى تحصل له به عبادة و يستحقّ معها مثوبة على قدرها ما لو أغفل ذلك،جاز أن يغفل جميع معاني حقوق خلقه أوّلهم و آخرهم،جلّ اللّه عن ذلك.فللقوّام بحقوق اللّه و حقوق خلقه مثوبة جليلة متى فكّر فيها مفكّر عرف أجزاءها،إذ لا وصول إلى كلّها لجلالتها و عظم قدرها.واحد معانيها و هو جزء من أجزائها أنّه يسعد بالإمام العادل النملة و البعوضة و الحيوان أوّلهم و آخرهم بدلالة قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (2).

و يدلّ على صحّة ذلك قوله عزّ و جلّ في قصة نوح عليه السّلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (3)،ثمّ من المدرار ما ينتفع به الإنسان و سائر الحيوان،1.

ص: 32


1- -لقمان:20.
2- -الأنبياء:107.
3- -نوح:10 و 11.

و سبب ذلك الدّعاة إلى دين اللّه و الهداة إلى حق اللّه،فمثوبته على أقداره،و عقوبته على من عانده بحسابه.و لهذا نقول:إنّ الإمام يحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه.

ليس لأحد ان يختار الخليفة إلاّ اللّه عزّ و جلّ

و قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً : جاعِلٌ منوّن:صفة اللّه الّتي وصف بها نفسه،و ميزانه قوله: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (1)فنوّنه و وصف به نفسه،فمن ادّعى أنّه يختار الإمام،وجب أن يخلق بشرا من طين،فلمّا بطل هذا المعنى،بطل الآخر،إذ هما في حيّز واحد.

و وجه آخر:و هو أنّ الملائكة في فضلهم و عصمتهم لم يصلحوا لاختيار الإمام،حتّى تولى اللّه ذلك بنفسه دونهم و احتجّ به على عامّة خلقه أنّه لا سبيل لهم إلى اختياره لمّا لم يكن للملائكة سبيل إليه مع صفائهم و وفائهم و عصمتهم،و مدح اللّه إيّاهم في آيات كثيرة،مثل قوله سبحانه: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (2)، و كقوله عزّ و جلّ: لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (3).

ثمّ إنّ الإنسان بما فيه من السفه و الجهل كيف و أنّى يستتبّ له ذلك،فهذا و الأحكام دون الإمامة مثل الصلاة و الزكاة و الحجّ و غير ذلك لم يكل اللّه عزّ و جلّ شيئا من ذلك إلى خلقه،فكيف وكّل اليهم الأهمّ الجامع للأحكام كلّها و الحقائق بأسرها؟

وجوب وحدة الخليفة في كلّ عصر

و في قوله عزّ و جلّ خَلِيفَةً إشارة إلى خليفة واحدة ثبت به و معه إبطال قول من زعم أنّه يجوز أن تكون في وقت واحد أئمّة كثيرة،و قد اقتصر اللّه عزّ و جلّ على الواحد، و لو كانت الحكمة ما قالوه و عبّروا عنه،لم يقتصر اللّه عزّ و جلّ على الواحد،و دعوانا محاذ لدعواهم،ثمّ إنّ القرآن يرجّح قولنا دون قولهم،و الكلمتان إذا تقابلتا ثمّ رجح إحداهما

ص: 33


1- -ص:71.
2- -الأنبياء:26 و 27.
3- -التحريم:6.

على الأخرى بالقرآن،كان الرجحان أولى.

لزوم وجود الخليفة

و لقوله عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ -الآية في الخطاب الّذي خاطب اللّه عزّ و جلّ به نبيّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا قال: رَبُّكَ من أصحّ الدليل على أنّه سبحانه يستعمل هذا المعنى في أمّته إلى يوم القيامة،فإنّ الأرض لا تخلو من حجّة له عليهم،و لو لا ذلك لما كان لقوله: رَبُّكَ حكمة،و كان يجب أن يقول:«ربّهم».و حكمة اللّه في السلف كحكمته في الخلف لا يختلف في مرّ الأيام و كرّ الأعوام،و ذلك أنّه عزّ و جلّ عدل حكيم لا يجمعه أحدا من خلقه نسب،جلّ اللّه عن ذلك.

وجوب عصمة الإمام

و لقوله عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً -الآية معنى، و هو أنّه عزّ و جلّ لا يستخلف إلاّ من له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة،لأنّه لو اختار من لا نقاء له في السريرة،كان قد خان خلقه،لأنّه لو أنّ دلاّلا قدم حمّالا خائنا إلى تاجر، فحمل له حملا فخان فيه،كان الدلال خائنا،فكيف تجوز الخيانة على اللّه عزّ و جلّ و هو يقول-قوله الحق-: أَنَّ اللّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (1)و ادّب محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بقوله عزّ و جلّ:

وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً 2 فكيف و أنّى يجوز ان يأتي ما ينهى عنه،و قد عيّر اليهود بسمة النفاق،و قال: أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (2).

و في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً حجّة قويّة في غيبة الإمام عليه السّلام،و ذلك أنّه عزّ و جلّ لمّا قال:«إنّي جاعل في الأرض خليفة» أوجب بهذا اللفظ معنى،و هو أن يعتقدوا طاعته،فاعتقد عدوّ اللّه ابليس بهذه الكلمة نفاقا

ص: 34


1- -يوسف:52.
2- -البقرة:44.

و أضمره حتّى صار به منافقا،و ذلك أنّه أضمر أنّه يخالفه متى استعبد بالطاعة له،فكان نفاقه أنكر النفاق،لأنّه نفاق بظهر الغيب،و لهذا من الشأن صار أخزى المنافقين كلهم، و لما عرّف اللّه عزّ و جلّ ملائكته ذلك أضمروا الطاعة له و اشتاقوا إليه،فأضمروا نقيض ما أضمره الشيطان،فصار لهم من الرتبة عشرة أضعاف ما استحقّ عدوّ اللّه من الخزي و الخسار،فالطاعة و الموالاة بظهر الغيب أبلغ في الثواب و المدح،لأنّه أبعد من الشبهة و المغالطة،و لهذا روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من دعا لأخيه بظهر الغيب ناداه ملك من السماء:و لك مثلاه».

و انّ اللّه تبارك و تعالى أكّد دينه بالإيمان بالغيب فقال: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (1)فالايمان بالغيب أعظم مثوبة لصاحبه،لأنه خلو من كل عيب و ريب،لأنّ بيعة الخليفة وقت المشاهدة قد يتوهّم على المبايع أنّه إنّما يطيع رغبة في خير أو مال،أو رهبة من قتل أو غير ذلك ممّا هو عادات أبناء الدنيا في طاعة ملوكهم،و إيمان الغيب مأمون من ذلك كلّه،و محروس من معايبه بأصله،يدلّ على ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا (2)و لمّا حصل للمتعبد ما حصل من الإيمان بالغيب،لم يحرم اللّه عزّ و جلّ ذلك ملائكته،فقد جاء في الخبر أنّ اللّه سبحانه قال هذه المقالة للملائكة قبل خلق آدم بسبعمائة عام.و كان يحصل في هذه المدّة الطاعة للملائكة على قدرها.و لو انكر منكر هذا الخبر و الوقت و الأعوام،لم يجد بدّا من القول بالغيبة و لو ساعة واحدة،و الساعة الواحدة لا تتعرّى من حكمة ما،و ما حصل من الحكمة في الساعة حصل في الساعتين حكمتان و في الساعات حكم،و ما زاد في الوقت إلاّ زاد في المثوبة،و ما زاد في المثوبة إلاّ كشف عن الرحمة،و دل على الجلالة،فصحّ الخبر أنّ فيه تأييد الحكمة و تبليغ الحجّة.

و في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً حجّة في غيبة الإمام عليه السّلام من أوجه كثيرة:

أحدها أنّ الغيبة قبل الوجود أبلغ الغيبات كلّها،و ذلك أنّ الملائكة ما شاهدوا قبل5.

ص: 35


1- -البقرة:2.
2- -المؤمن:85.

ذلك خليفة قط،و أمّا نحن فقد شاهدنا خلفاء كثيرين غير واحد قد نطق به القرآن و تواترت به الأخبار حتّى صارت كالمشاهدة،و الملائكة لم يشهدوا واحدا منهم،فكانت تلك الغيبة أبلغ.

و آخر:أنّها كانت غيبة من اللّه عزّ و جلّ،و هذه الغيبة الّتي للإمام عليه السّلام هي من قبل أعداء اللّه تعالى،فإذا كان في الغيبة الّتي هي من اللّه عزّ و جلّ عبادة لملائكته،فما الظنّ بالغيبة الّتي هي من أعداء اللّه.

و في غيبة الإمام عبادة مخلصة لم تكن في تلك الغيبة،و ذلك أنّ الإمام الغائب عليه السّلام مقموع مقهور مزاحم في حقه،قد غلب قهرا و جرى على شيعته قسرا من أعداء اللّه ما جرى،من سفك الدماء و نهب الأموال و إبطال الأحكام و الجور على الأيتام و تبديل الصدقات و غير ذلك ممّا لا خفاء به،و من اعتقد موالاته،شاركه في أجره و جهاده،و تبرّأ من أعدائه،و كان له في براءة مواليه من أعدائه أجر،و في ولاية أوليائه أجر يربو على أجر ملائكة اللّه عزّ و جلّ على الإيمان بالإمام المغيّب في العدم،و إنّما قصّ اللّه عزّ و جلّ نبأه قبل وجوده توقيرا و تعظيما له،ليستعبد له الملائكة و يتشمّروا لطاعته.

و إنّما مثال ذلك تقديم الملك فيما بيننا بكتاب أو رسول إلى أوليائه أنّه قادم عليهم، حتّى يتهيّئوا لاستقباله و ارتياد الهدايا له ما يقطع به و معه عذرهم في تقصير إن قصّروا في خدمته،كذلك بدأ اللّه عزّ و جلّ بذكر نبئه إبانة عن جلالته و رتبته،و كذلك قضيّته في السلف و الخلف،فما قبض خليفة إلاّ عرّف خلقه الخليفة الّذي يتلوه،و تصديق ذلك قوله عزّ و جلّ: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ -الآية (1)و الّذي على بيّنة من ربّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و الشاهد الّذي يتلوه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام،دلالته قوله عزّ و جلّ: وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً (2)و الكلمة-من كتاب موسى المحاذية لهذا المعنى حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة-قوله: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ7.

ص: 36


1- -هود:17.
2- -هود:17.

اَلْمُفْسِدِينَ(1).(2) .

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ (3).

8-قال الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه في مقدّمة كتابه،تحت عنوان:«السرّ في أمره تعالى الملائكة بالسجود لآدم عليه السّلام»:

و استعبد اللّه عزّ و جلّ الملائكة بالسجود لآدم تعظيما له لما غيّبه عن أبصارهم،و ذلك أنّه عزّ و جلّ إنّما أمرهم بالسجود لآدم لما أودع صلبه من أرواح حجج اللّه تعالى ذكره، فكان ذلك السجود للّه عزّ و جلّ عبوديّة،و لآدم طاعة،و لما في صلبه تعظيما،فأبى ابليس أن يسجد لآدم حسدا له،إذ جعل صلبه مستودع أرواح حجج اللّه دون صلبه،فكفر بحسده و تأبّيه،و فسق عن أمر ربّه،و طرد عن جواره،و لعن و سمّي رجيما لأجل إنكاره للغيبة،لأنّه احتجّ في امتناعه من السجود لآدم بأن قال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (4)،فجحد ما غيّب عن بصره و لم يوقع التصديق به،و احتجّ بالظاهر الّذي شاهده و هو جسد آدم عليه السّلام،و أنكر أن يكون يعلم لما في صلبه وجودا،و لم يؤمن بأنّ آدم إنّما جعل قبلة للملائكة و أمروا بالسجود له لتعظيم ما في صلبه.

فمثل من آمن بالقائم عليه السّلام في غيبته مثل الملائكة الّذين أطاعوا اللّه عزّ و جلّ في السجود لآدم،و مثل من أنكر القائم عليه السّلام في غيبته مثل إبليس في امتناعه من السجود لآدم.

9-روي بسند متّصل بأيمن بن محرز،عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّ اللّه تبارك و تعالى علّم آدم عليه السّلام أسماء حجج اللّه كلّها،ثمّ عرضهم،-و هم أرواح-على الملائكة،فقال:أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنّكم أحقّ بالخلافة في الأرض لتسبيحكم و تقديسكم من آدم عليه السّلام: قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قال اللّه تبارك و تعالى: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ وقفوا على2.

ص: 37


1- -الأعراف:142.
2- -كمال الدّين 4/1-13.
3- -البقرة:34.
4- -الأعراف:12.

عظيم منزلتهم عند اللّه تعالى ذكره،فعلموا أنّهم أحقّ بأن يكونوا خلفاء اللّه في أرضه و حججه على بريته،ثمّ غيّبهم عن أبصارهم و استعبدهم بولايتهم و محبّتهم و قال لهم:

أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ .و حدّثنا بذلك أحمد بن الحسن القطّان بإسناد يرفعه عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام.

و هذا استعباد اللّه عزّ و جلّ للملائكة بالغيبة،و الآية أوّلها في قصّة الخليفة،و إذا كان آخرها مثلها،كان للكلام نظم،و في النظم حجّة،و منه يؤخذ وجه الإجماع لأمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله أوّلهم و آخرهم،و ذلك أنّه سبحانه و تعالى إذا علّم آدم الاسماء كلّها على ما قاله المخالفون،فلا محالة أنّ أسماء الأئمّة عليهم السّلام داخلة في تلك الجملة،فصار ما قلناه في ذلك بإجماع الامّة،و من أصحّ الدليل عليه أنّه لا محالة لما دلّ الملائكة على السجود لآدم،فأنّه حصل لهم عبادة،فلمّا حصل لهم عبادة،أوجب باب الحكمة أن يحصل لهم ما هو في حيّزه،سواء كان في وقت أو في غير وقت،فإنّ الاوقات ما تغيّر الحكمة و لا تبدّل الحجّة،أوّلها كآخرها و آخرها كأوّلها،و لا يجوز في حكمة اللّه أن يحرمهم معنى من معاني المثوبة،و لا أن يبخل بفضل من فضائل الأئمّة،لأنّهم كلّهم شرع واحد،دليل ذلك أنّ الرسل متى آمن مؤمن بواحد منهم أو بجماعة،و أنكروا واحدا منهم،لم يقبل منه إيمانه،كذلك القضية في الأئمّة عليهم السّلام أوّلهم و آخرهم واحد.

و قد قال الصادق عليه السّلام:«المنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا»و قال عليه السّلام:«من أنكر واحدا من الأحياء فقد أنكر الأموات»؛و سأخرج ذلك في الكتاب مسندا في موضعه إن شاء اللّه.

فصحّ أنّ قوله عزّ و جلّ: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها أراد به أسماء الأئمّة عليهم السّلام.و للأسماء معان كثيرة،و ليس أحد معانيها بأولى من الآخر،و للأسماء أوصاف،و ليس أحد الأوصاف بأولى من الآخر،فمعنى الأسماء أنّه سبحانه علّم آدم عليه السّلام أوصاف الأئمّة كلّها، أوّلها و آخرها،و من أوصافهم العلم و الحلم و التقوى و الشجاعة و العصمة و السخاء و الوفاء.

و قد نطق بمثله كتاب اللّه عزّ و جلّ في أسماء الأنبياء:كقوله عزّ و جلّ: وَ اذْكُرْ فِي

الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا 1 ، وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا* وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (2).

ص: 38

الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا(1) ، وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا* وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (2).

و كقوله عزّ و جلّ: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَ نادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا* وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (3).

فوصف الرسل عليهم السّلام و حمدهم بما كان فيهم من الشيم المرضيّة و الأخلاق الزكيّة،و كان ذلك أوصافهم و أسماءهم،كذلك علّم اللّه عزّ و جلّ آدم الأسماء كلّها.

و الحكمة في ذلك أيضا:أنّه لا وصول إلى الأسماء و وجوه الاستعبادات إلاّ من طريق السماع،و العقل غير متوجّه إلى ذلك،لأنّه لو أبصر عاقل شخصا من بعيد أو قريب، لما توصّل إلى استخراج اسمه،و لا سبيل إليه إلاّ من طريق السماع،فجعل اللّه عزّ و جلّ العمدة في باب الخليفة السماع،و لمّا كان كذلك أبطل به باب الاختيار،إذ الاختيار من طريق الآراء،و قضية الخليفة موضوعة على الأسماء،و الأسماء موضوعة على السماع، فصحّ به و معه مذهبنا في الإمام أنّه يصح بالنصّ و الإشارة،فأمّا باب الإشارة فمضمر في قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فباب العرض مبنيّ على الشخص و الإشارة و باب الاسم مبنيّ على السمع،فصحّ معنى الإشارة و النص جميعا.

و للعرض الّذي قاله اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ معنيان:

أحدهما:عرض أشخاصهم و هيئاتهم،كما رويناه في باب أخبار أخذ الميثاق و الذرّ.

و الوجه الآخر:أن يكون عزّ و جلّ عرضهم على الملائكة من طريق الصفة و النسبة كما يقوله قوم من مخالفينا،فمن كلا المعنيين يحصل استعباد اللّه عزّ و جلّ الملائكة بالإيمان بالغيبة.

و في قوله عزّ و جلّ: أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ حكم كثيرة:أحدها أنّ اللّه عزّ و جلّ أهّل آدم عليه السّلام لتعليم الملائكة أسماء الأئمّة عن اللّه تعالى ذكره،و أهّل الملائكة3.

ص: 39


1- -مريم:41.
2- -مريم:54-57.
3- -مريم:51-53.

لتعلّم أسمائهم عن آدم عليه السّلام،فاللّه عزّ و جلّ علّم آدم،و آدم علّم الملائكة،فكان آدم في حيّز المعلّم و كانوا في حيّز المتعلّمين،هذا ما نصّ عليه القرآن.

و قول الملائكة: سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ فيه أصحّ دليل و أبين حجّة لنا أنّه لا يجوز لأحد أن يقول في اسماء الأئمّة و أوصافهم عليهم السّلام إلاّ عن تعليم اللّه جلّ جلاله،و لو جاز لأحد ذلك،كان للملائكة أجوز،و لمّا سبحوا اللّه،دلّ تسبيحهم على أنّ الشرع فيه ممّا ينافي التوحيد،و ذلك أنّ التسبيح تنزيه اللّه عزّ و جلّ، و باب التنزيه لا يوجد في القرآن إلاّ عند قول جاحد أو ملحد أو متعرّض لإبطال التوحيد و القدح فيه،فلم يستنكفوا إذ لم يعلموا أن يقولوا: لا عِلْمَ لَنا فمن تكلّف علم ما لا يعلم، احتجّ اللّه عليه بملائكته،و كانوا شهداء اللّه في الدنيا و الآخرة،و إنّما أهّل اللّه الملائكة لا علامهم على لسان آدم عند اعترافهم بالعجز،و أنّهم لا يعلمون،فقال عزّ و جلّ: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (2).

المهديّ عليه السّلام كلمة من كلمات اللّه عزّ و جلّ

10-روى الشّيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن المفضل بن عمر،عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ما هذه الكلمات؟قال عليه السّلام:هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب اللّه عليه، و هو أنّه قال:أسألك بحق محمد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ،فتاب اللّه عليه إنّه هو التواب الرحيم.فقلت له:يا ابن رسول اللّه،فما يعني عزّ و جلّ بقوله:

فَأَتَمَّهُنَّ ؟قال:يعني فأتمّهنّ إلى القائم اثنى عشر إماما،تسعة من ولد الحسين عليه السّلام.قال المفضل:فقلت:يا ابن رسول اللّه،فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (3)؟قال:يعني بذلك الامامة جعلها اللّه تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة.قال:

ص: 40


1- -كمال الدّين 13/1-16.
2- -البقرة:37.
3- -الزخرف:28.

فقلت له:يا ابن رسول اللّه،فكيف صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السّلام و هما جميعا ولدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سبطاه و سيّدا شباب أهل الجنة؟فقال عليه السّلام:إنّ موسى و هارون كانا نبيّين مرسلين و أخوين،فجعل اللّه عزّ و جلّ النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى عليهما السّلام،و لم يكن لأحد أن يقول لم فعل اللّه ذلك؟و إنّ الإمامة خلافة اللّه عزّ و جلّ في أرضه،و ليس لأحد أن يقول لم جعله(جعلها)اللّه في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السّلام،لأن اللّه تبارك و تعالى هو الحكيم في أفعاله،لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون (1).

الآية الخامسة قوله تعالى: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (2).

11-قال عليّ بن ابراهيم:قوله تعالى: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً الآية،فهم السبعون الّذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام اللّه،فلمّا سمعوا الكلام قالوا:لن نؤمن لك يا موسى حتّى نرى اللّه جهرة،فبعث اللّه عليهم صاعقة فاحترقوا،ثمّ أحياهم اللّه بعد ذلك و بعثهم أنبياء،فهذا دليل على الرجعة في أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه قال صلّى اللّه عليه و آله:لم يكن في بني اسرائيل شيء،إلاّ و في أمّتي مثله (3).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (4).

مع المهديّ عليه السّلام حجر موسى عليه السّلام

12-روى الثقة الصفّار بإسناده عن أبي سعيد الخراساني،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قال أبو جعفر عليه السّلام:إذا قام القائم بمكّة و أراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه:ألا لا يحمل

ص: 41


1- -كمال الدّين 358/2 ح 57؛معاني الأخبار 126 ح 1؛بحار الأنوار 177/11؛و 177/24.
2- -البقرة:55.
3- -تفسير القمّي 47/1.
4- -البقرة:60.

أحد منكم طعاما و لا شرابا،و يحمل حجر موسى بن عمران و هو و قر بعير،و لا ينزل منزلا إلاّ انبعث عين منه،فمن كان جائعا شبع،و من كان ظمآن روى،فهو زادهم حتّى نزلوا النجف من ظهر الكوفة (1).

الآية السابعة قوله تعالى: لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (2).

الخزي لأعداء اللّه في عهد المهديّ عليه السّلام

13-روى الطبريّ بإسناده عن السدّي في قوله تعالى: لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ أمّا خزيهم في الدنيا إذا قام المهديّ و فتحت القسطنطينية قتلهم،فذلك الخزي (3).

الآية الثامنة قوله تعالى: وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ*إِنَّ اللّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (4).

تأويل وجه اللّه تعالى بالمهديّ عليه السّلام

14-روى العلاّمة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ مرسلا،قال:جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام و قال له:...لو لا ما في القرآن من الاختلاف و التناقض لدخلت في دينكم.فأجابه عليه السّلام في حديث طويل ذكر فيه الأئمّة اولي الأمر عليهم السّلام،فقال له السائل:ما ذاك الأمر؟قال عليّ عليه السّلام:الّذي تنزّل فيه الملائكة في الليلة الّتي يفرق فيها كل أمر حكيم:من خلق،و رزق،و أجل،و عمل،و عمر،و حياة و موت،و علم غيب السماوات و الأرض،و المعجزات الّتي لا تنبغي إلاّ للّه و أصفيائه و السفرة بينه و بين خلقه، و هم وجه اللّه الّذي قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ هم بقية اللّه،يعني المهديّ يأتي عند انقضاء هذه النظرة،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا (5).

الآية التاسعة قال تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ

ص: 42


1- -بصائر الدرجات 188 ب 4 ح 54؛الكافي 231/1 ح 3.
2- -البقرة:114.
3- -تفسير الطبري 399/1؛مجمع البيان 190/1.
4- -البقرة:115.
5- -الاحتجاج 240/1-252؛بحار الأنوار 118/93.

إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ 1 .

15-روى الشّيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر،عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ما هذه الكلمات؟

قال عليه السّلام:هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب اللّه عليه.الخ الحديث الّذي ذكرناه مفصّلا في الآية 37 من سورة البقرة فراجع.

الآية العاشرة قوله تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (1).

16-روى العيّاشي بإسناده عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن تفسير هذه الآية من قول اللّه: إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ. ..إِلهاً واحِداً قال:جرت في القائم عليه السّلام (2).

الآية الحادية عشرة قوله تعالى: وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3).

17-عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره،بإسناده عن أبي خالد الكابليّ قال:قال أبو جعفر عليه السّلام و اللّه لكأنّي انظر القائم عليه السّلام و قد أسند ظهره إلى الحجر،ثمّ ينشد اللّه حقّه.ثم يقول:أيّها الناس من يحاجّني في اللّه فأنا أولى باللّه،أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم،أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح،أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم،أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى بموسى،أيّها الناس من يحاجّني في عيسى فأنا أولى بعيسى،أيّها الناس من يحاجّني في رسول اللّه (محمّد)فأنا أولى برسول اللّه(بمحمّد)صلّى اللّه عليه و آله،أيّها الناس من يحاجّني في كتاب اللّه فأنا أولى بكتاب اللّه،ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين و ينشد اللّه حقّه.

ثم قال أبو جعفر عليه السّلام:هو و اللّه المضطرّ في كتاب اللّه في قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ8.

ص: 43


1- -البقرة:133.
2- -تفسير العيّاشي 61/1 ح 102.
3- -البقرة:148.

اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ 1 فيكون أوّل من يبايعه جبرئيل، ثمّ الثلاثمائة و الثلاثة عشر رجلا،فمن كان ابتلي بالمسير وافاه،و من لم يبتل بالمسير فقد من فراشه،و هو قول أمير المؤمنين عليه السّلام:هم المفقودون عن فرشهم،و ذلك قول اللّه:

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً قال:الخيرات:الولاية (1).

18-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن أبي خالد،عن أبي عبد اللّه(و عن أبي جعفر عليهما السّلام)في قول اللّه عزّ و جلّ: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ قال:الولاية،و قوله تبارك و تعالى:

أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً يعني أصحاب القائم عليه السّلام الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا، قال:و هم و اللّه الأمّة المعدودة،قال:يجتمعون و اللّه في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف (2).

19-و روى محمّد بن إبراهيم المعروف بابن أبي زينب النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن أبي خالد الكابليّ،عن عليّ بن الحسين،و محمّد بن عليّ عليهما السّلام أنّه قال:الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكة،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً و هم أصحاب القائم (3).

20-و عن النعمانيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا أوذن الإمام،دعا اللّه عزّ و جلّ باسمه العبرانيّ فأتيحت له أصحابه الثلاثمائة و الثلاثة عشر،قزع كقزع الخريف،فهم أصحاب الألوية،منهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح بمكّة،و منهم يرى يسير في السحاب نهارا،يعرف باسمه و اسم أبيه و حليته و نسبه.

قلت:جعلت فداك أيّهما أعظم ايمانا؟

قال:الّذي يسير في السحاب نهارا،و هم المفقودون،و فيهم نزلت هذه الآية: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (4).

21-و عن النعمانيّ أيضا بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:8.

ص: 44


1- -تفسير القمّي 205/2.
2- -روضة الكافي 313.
3- -الغيبة للنعمانيّ 168؛بحار الأنوار 368/52.
4- -الغيبة للنعمانيّ 168.

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً قال:نزلت في القائم عليه السّلام و أصحابه، يجتمعون على غير ميعاد (1).

22-و روى النعمانيّ بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام في حديث يذكر فيه علامات القائم عليه السّلام إلى أن قال:فيجمع اللّه له أصحابه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،و يجمعهم اللّه له على غير ميعاد قزع كقزع الخريف،و هم يا جابر الآية الّتي ذكرها اللّه في كتابه: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيبايعونه بين الركن و المقام،و معه عهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد توارثوه الأبناء عن الآباء (2).

23-و روى الشّيخ الصدوق بإسناده عن ضريس،عن أبي خالد الكابليّ،عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال:المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، عدّة أهل بدر،فيصبحون بمكّة،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً و هم أصحاب القائم عليه السّلام (3).

24-و عن الشّيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن المفضّل بن عمر قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

لقد نزلت هذه الآية في المفقودين من أصحاب القائم عليه السّلام،قوله عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً انّهم المفقودون عن فرشهم ليلا فيصبحون بمكّة،و بعضهم يسير في السحاب نهارا،يعرف باسمه و اسم ابيه و حليته و نسبه،قال:فقلت:جعلت فداك أيّهم أعظم ايمانا؟قال:الّذي يسير في السحاب نهارا (4).

25-روى العيّاشي رحمه اللّه بإسناده عن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام يقول:الزم الأرض،لا تحركنّ يدك و لا رجلك أبدا حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة،و ترى مناديا ينادي بدمشق،و خسف بقرية من قراها،و تسقط طائفة من مسجدها...(حتّى يصل إلى قوله:)فيقوم القائم بين الركن و المقام فيصلّي و ينصرف و معه وزيره،فيقول:يا أيّها الناس،إنّا نستنصر اللّه على من ظلمنا و سلب حقنا،من يحاجّنا في اللّه فأنا أولى باللّه، و من يحاجّنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم،و من حاجّنا في نوح فأنا أولى الناس بنوح،4.

ص: 45


1- -نفس المصدر 241:بحار الأنوار 58/51.
2- -الغيبة للنعماني 150.
3- -كمال الدّين 46/54 ح 21.
4- -نفس المصدر 672/2 ح 24.

و من حاجّنا في ابراهيم فأنا أولى الناس بابراهيم،و من حاجّنا بمحمد فأنا أولى الناس بمحمد صلّى اللّه عليه و آله،و من حاجّنا في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين،و من حاجّنا في كتاب اللّه فنحن أولى الناس بكتاب اللّه،إنّا نشهد و كل مسلم اليوم أنّا قد ظلمنا و طردنا و بغي علينا و أخرجنا من ديارنا و أموالنا و أهالينا و قهرنا،ألا إنّا نستنصر اللّه اليوم و كلّ مسلم.

و يجيء و اللّه ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا،فيهم خمسون امرأة،يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف،يتبع بعضهم بعضا،و هي الآية الّتي قال اللّه تعالى: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)-الحديث (2).

26-و عن العيّاشي،بإسناده عن أبي سمينة،عن مولى لأبي الحسن،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قوله: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً قال:و ذلك و اللّه أن لو قد قام قائمنا يجمع اللّه إليه شيعتنا من جميع البلدان (3).

27-الطبرسيّ بإسناده عن عبد العظيم الحسنيّ رضى عنه اللّه عنه قال:قلت لمحمّد بن عليّ بن موسى عليهما السّلام:يا مولاي إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،فقال عليه السّلام:ما منا إلاّ قائم بأمر اللّه و هاد إلى دين اللّه،و لكنّ القائم الّذي يطهّر اللّه به الأرض من الكفر و الجحود و يملأها قسطا و عدلا، هو الّذي يخفى على الناس ولادته،و يغيب عنهم شخصه و يحرم عليهم تسميته،و هو سميّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كنيّه،و هو الّذي تطوى له الأرض،و تذلّ له كلّ صعب،يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر،ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الأرض أظهر اللّه أمره،فإذا كمل له العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج بإذن اللّه،فلا يزال يقتل أعداء اللّه حتّى يرضى اللّه عزّ و جلّ.

قال عبد العظيم:فقلت له:يا سيّدي و كيف يعلم أن اللّه قد رضي؟).

ص: 46


1- -البقرة:148.
2- -تفسير العيّاشي 65/1 ح 117.
3- -نفس المصدر 66/1 ح 117.(هكذا في تفسير العيّاشي،و قد وقع خطأ في ترقيم الحديث).

قال:يلقي في قلبه الرحمة،فإذا دخل المدينة أخرج اللاّت و العزّى فأحرقهما (1).

28-و روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ:في مسند فاطمة عليها السّلام،بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت جعلت فداك،هل كان أمير المؤمنين عليه السّلام يعلم أصحاب القائم عليه السّلام كما كان يعلم عدّتهم؟قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:حدّثني أبي قال:و اللّه لقد كان يعرفهم بأسمائهم و أسماء قبائلهم و حلائلهم رجلا فرجلا،و مواضع منازلهم و مراتبهم،و كلّما عرفه أمير المؤمنين عليه السّلام،فقد عرفه الحسن عليه السّلام،و كلّما عرفه الحسن فقد عرفه الحسين عليه السّلام،و كلّما عرفه الحسين فقد علمه عليّ بن الحسين عليه السّلام،و كلّما علمه عليّ بن الحسين فقد صار علمه إلى محمّد بن عليّ عليه السّلام،و كلّما قد علمه محمّد بن عليّ عليه السّلام،فقد علمه و عرفه صاحبكم-يعني نفسه صلوات اللّه عليه-.

قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام مكتوب في كتاب محفوظ في القلب،مثبت في الذكر لا ينسى،قال.قلت:جعلت فداك:أخبرني بعددهم و بلدانهم و مواضعهم،قال:فقال:اذا كان يوم الجمعة بعد الصلاة فأتني....

-إلى أن قال-:و إنّ أصحاب القائم عليه السّلام يلقي بعضهم بعضا كأنّهم بنو أب و أمّ و إن افترقوا،افترقوا عشيّا و التقوا غدوة،و ذلك تأويل هذه الآية: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً .

قال ابو بصير:قلت جعلت فداك،ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟

قال:بلى،و لكنّ هذه الّتي يخرج اللّه فيها القائم عليه السّلام،و هم النجباء و القضاة و الحكام و الفقهاء في الدّين،يمسح اللّه بطونهم و ظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم (2).

29-روى الفضل بن شاذان بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:«لا يزال الناس ينقصون حتّى لا يقال(اللّه)فإذا كان ذلك،ضرب يعسوب الدّين بذنبه،فيبعث اللّه قوما من أطرافها يجيئون قزعا كقزع الخريف،و اللّه إنّي لأعرفهم و أعرف أسماءهم و قبائلهم و اسم أميرهم،و هم قوم يحملهم اللّه كيف شاء من القبيلة الرجل و الرجلين،حتّى بلغ تسعة،فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة و ثلاثة عشر7.

ص: 47


1- -الاحتجاج 249/2؛بحار الأنوار 157/51.
2- -دلائل الإمامة 307.

رجلا،عدّة أهل بدر،و هو قول اللّه: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ حتّى إنّ الرجل ليحبّني فلا يحل حبوته حتى يبلّغه اللّه ذلك (1).

30-روى الفضل بن شاذان رحمه اللّه بإسناده:عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،عدّة أهل بدر،فيصبحون بمكّة، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً و هم أصحاب القائم عليه السّلام (2).

31-روى الطوسيّ رحمه اللّه بإسناده عن طريق العامّة عن الكلبيّ،عن أبي صالح،عن عبد اللّه بن العبّاس في قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (3).

قال:قيام القائم عليه السّلام،و مثله: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً قال:أصحاب القائم عليه السّلام يجمعهم اللّه في يوم واحد...الخ الحديث الّذي ذكرناه سابقا (4).

32-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن المفضّل بن عمر قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

لقد نزلت هذه الآية في المفتقدين من أصحاب القائم عليه السّلام،قوله عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إنّهم ليفتقدون عن فرشهم ليلا فيصبحون بمكّة،و بعضهم يسير في السحاب يعرف باسمه و اسم أبيه و حليته و نسبه.

قال:قلت:جعلت فداك أيّهم اعظم ايمانا؟

قال:الّذي يسير في السحاب نهارا (5).

33-روى العيّاشي عن عبد الأعلى الجبليّ(الحلبيّ)قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب،ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى-حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الّذي يكون بين يديه حتّى يلقى بعض أصحابه، فيقول:كم أنتم هاهنا؟فيقولون نحو من أربعين رجلا،فيقول:كيف انتم لو قد رأيتم صاحبكم؟فيقولون:و اللّه لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه.4.

ص: 48


1- -الأصول الستة عشر 64؛بحار الأنوار 334/52.
2- -كشف الحقّ(أربعون الخاتون آبادي)158؛كشف الأستار 222.
3- -الذاريات:22-23.
4- -الغيبة للطوسي 110؛بحار الأنوار 53/51.
5- -كمال الدّين 672/2 ح 24.

ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول لهم:أشيروا إلى ذوي أسنانكم و أخياركم عشيرة، فيشيرون له إليهم،فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم،و يعدهم إلى الليلة الّتي تليها.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:و اللّه لكأنّي انظر إليه و قد أسند ظهره إلى الحجر،ثمّ ينشد اللّه حقّه ثمّ يقول:يا أيّها الناس من يحاجّني في اللّه فأنا أولى الناس باللّه و من يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم.

يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا اولى الناس بنوح.

يا أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم.

يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى.

يا أيّها الناس من يحاجّني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى.

يا أيّها الناس من يحاجّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله.

يا أيّها الناس من يحاجّني في كتاب اللّه فأنا أولى الناس بكتاب اللّه،ثمّ ينتهى إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين،ثمّ ينشد اللّه حقّه.

قال أبو جعفر عليه السّلام:هو و اللّه المضطرّ في كتاب اللّه،و هو قول اللّه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ (1)و جبرئيل على الميزاب في صورة طاير أبيض،فيكون أوّل خلق اللّه يبايعه جبرئيل،و يبايعه الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا.

قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة،و من لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه،ثمّ قال:هو و اللّه قول عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:المفقودون عن فرشهم،و هو قول اللّه: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً أصحاب القائم الثلاثمائة و بضعة عشر رجلا.

قال:هم و اللّه الأمّة المعدودة الّتي قال اللّه في كتابه: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ (2)قال:يجمعون في ساعة واحد قزعا كقزع الخريف،فيدعو الناس إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله،فيجيبه نفر يسير،و يستعمل على مكّة،ثمّ يسير فيبلغه إن قد قتل عامله،8.

ص: 49


1- -النمل:62.
2- -هود:8.

فيرجع اليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد على ذلك شيئا-يعني السبي..الحديث (1).

الآية الثانية عشرة قوله عزّ و جلّ: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (2).

34-روى ثقة الإسلام الكليني قدّس سرّه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قال أبي لجابر بن عبد اللّه الأنصاريّ:إنّ لي إليك حاجة،فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها،فقال له جابر:أيّ الأوقات أحببت،فخلا به في بعض الأيام فقال له:يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يد أمّي فاطمة عليها السّلام بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ما أخبرتك به أمي أنّه في ذلك اللوح مكتوب؟فقال جابر:أشهد باللّه أنّي دخلت على أمّك فاطمة في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهنّيتها بولادة الحسين،و رأيت في يدها لوحا أخضر،ظننت أنّه من زمرّد،و رأيت فيه كتابا ابيض،شبه لون الشمس،فقلت لها:بأبي و أمي يا بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما هذا اللوح؟

فقالت:هذا لوح أهداه اللّه إلى رسوله صلّى اللّه عليه و آله فيه اسم أبي و اسم بعلي و اسم ابنيّ و اسم الأوصياء من ولدي،و أعطانيه أبي ليبشّرني بذلك.

قال:جابر:فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السّلام فقرأته و استنسخته.

فقال له أبي:فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟

قال:نعم،فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رقّ،فقال:يا جابر انظر في كتابك لأقرأ أنا عليك،فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا،فقال جابر:فأشهد باللّه أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوبا:

هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم لمحمّد نبيّه و نوره و سفيره و حجابه و دليله،نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين،عظّم يا محمّد أسمائي و اشكر نعمائي و لا تجحد آلائي،إنّي أنا اللّه لا إله إلا أنا قاصم الجبارين و مديل المظلومين و ديّان الدّين،إنّي أنا اللّه لا إله إلا أنا،فمن رجا غير فضلي،أو خاف غير فضلي،أو خاف غير عدلي،عذّبته عذابا7.

ص: 50


1- -تفسير العيّاشي 56/2 ح 49؛بحار الأنوار 288/52.
2- -البقرة:157.

لا أعذّب به أحدا من العالمين،فإيّاي فاعبد،و عليّ فتوكّل،إنّي لم أبعث نبيّا فأكملت أيّامه و انقضت مدّته إلاّ جعلت له وصيّا،و إنّي فضّلتك على الأنبياء،و فضّلت وصيّك على الأوصياء،و أكرمته بشبليك و سبطيك حسن و حسين،فجعلت حسنا معدن علمي،بعد انقضاء مدّة أبيه و جعلت حسينا خازن و حيي،و أكرمته بالشهادة،و ختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد،و أرفع الشهداء درجة،جعلت كلمتي التامّة معه،و حجّتي البالغة عنده،بعترته اثيب و أعاقب،أوّلهم عليّ سيّد العابدين و زين أوليائي الماضين،و ابنه شبه جدّه المحمود محمّد الباقر علمي و المعدن لحكمتي،سيهلك المرتابون في جعفر،الرادّ عليه كالرادّ عليّ،حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر،و لأسرّنه في أشياعه و أنصاره و أوليائه،و انتجبت بعده موسى و اتيحت بعده فتنة عمياء حندس،لأنّ خيط فرضي لا ينقطع،و حجّتي لا تخفى،و إنّ أوليائي يسقون بالكأس الأوفى،من جحد واحدا منهم، فقد جحد نعمتي،و من غيّر آية من كتابي،فقد افترى عليّ،ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة موسى عبدي و حبيبي و خيرتي في عليّ وليي و ناصري،و من أضع عليه أعباء النبوّة و امتحنه بالاضطلاع بها،يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلقي،حقّ القول منّي لأسرّنه بمحمّد ابنه و خليفته من بعده و وراث علمه،فهو معدن علمي و موضع سرّي و حجّتي على خلقي،لا يؤمن عبد به إلاّ جعلت الجنّة مثواه،و شفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار،و اختم بالسعادة لابنه عليّ وليّي و ناصري و الشاهد في خلقي،و أميني على وحيي،أخرج منه الداعي إلى سبيلي و الخازن لعلمي الحسن،و أكمل ذلك بابنه«م ح م د»رحمة للعالمين،عليه كمال موسى و بهاء عيسى و صبر أيّوب،فيذل أوليائي في زمانه و تتهادى رءوسهم كما تتهادى رءوس الترك و الديلم،فيقتلون و يحرقون و يكونون خائفين،مرعوبين،وجلين،تصبغ الأرض بدمائهم و يفشو الويل و الرنّة في نسائهم،اولئك أوليائي حقّا،بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس،و بهم اكشف الزلازل،و أدفع الآصار و الأغلال، أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ .

ص: 51

قال أبو بصير:لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك،فصنه إلاّ عن أهله (1).

انتهى

الآية الرابعة عشرة قوله سبحانه: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ (2).

35-روى العيّاشي عن جابر قال:قال أبو جعفر عليه السّلام في قول اللّه تعالى: فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ قال:ينزل في سبع قباب من نور،لا يعلم أيّها هو حين ينزل في ظهر الكوفة،فهذا حين ينزل (3).

الآية الرابعة عشرة قوله عزّ و جلّ: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ (4).

36-و بالإسناد عن محمّد بن سنان،عن خالد العاقوليّ في حديث له،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:فما تمدّون أعينكم؟فما تستعجلون؟أ لستم آمنين؟أ ليس الرجل منكم يخرج من بيته فيقضي حوائجه ثمّ يرجع لم يختطف؟إن كان من قبلكم على ما أنتم عليه ليؤخذ الرجل منهم فتقطع يداه و رجلاه،و يصلب على جذوع النخل،و ينشر بالمنشار ثمّ يعدو ذنب نفسه،ثمّ تلا هذه الآية: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (5).

الآية الخامسة عشرة قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ (6).

37-روى النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر،قال:سمعت جعفر بن محمّد3.

ص: 52


1- -الكافي للكليني 527/1 ح 3؛بحار الأنوار 143/52.
2- -البقرة:210.
3- -تفسير العيّاشي 103/1 ح 301؛تفسير البرهان 209/1 ح 6.
4- -البقرة:214.
5- -تفسير العيّاشي 105/1 ح 310؛بحار الأنوار 130/52.
6- -البقرة:243.

الصادق عليه السّلام يقول(في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن روى فيه عن الإمام الصادق عليه السّلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السّلام عن آيات القرآن و احكامه،جاء فيه):و أمّا الردّ على من أنكر الرجعة،فقول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (1)أي إلى الدنيا،و إنّ معنى حشر الآخرة فقوله عزّ و جلّ: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (2)،و قوله تعالى: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (3)في الرجعة،فأمّا في القيامة،فهم يرجعون.

و مثل قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ (4)و هذا لا يكون إلا في الرجعة.

و مثله ما خاطب اللّه به الأئمّة،و وعدهم من النصر و الانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (5)و هذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

و مثل قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (6)و قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (7)أي رجعة الدنيا.

و مثله قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ و قوله عزّ و جلّ: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (8)فردّهم اللّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا و شربوا و نكحوا،و مثل خبر العزيز (9).

الآية السادسة عشرة قوله تعالى: وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ3.

ص: 53


1- -النحل:83.
2- -الكهف:47.
3- -الأنبياء:95.
4- -البقرة:81.
5- -النور:55.
6- -القصص:15.
7- -القصص:85.
8- -الأعراف:155.
9- -المحكم و المتشابه:3 و 57؛بحار الأنوار 118/53.

عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ 1 .

38-أسند الشّيخ الصدوق إلى الريّان بن الصلت قال:قلت للرضا عليه السّلام:أنت صاحب هذا الأمر؟قال:نعم،و لكنّي لست بالّذي أملأها عدلا كما ملئت جورا،و كيف يكون ذلك على ما يرى من ضعف بدني،و إنّ القائم قويّ في بدنه،لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على الأرض لقلعها،و لو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها،ذلك الرابع من ولدي يغيّبه اللّه ثمّ يظهره (1).

الآية السابعة عشرة قوله تعالى: وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (2).

المهديّ عليه السّلام يستخرج تابوت السّكينة

39-روى ابن حماد بإسناده عن سليمان بن عيسى،قال:بلغني أنّه على يدي المهديّ يظهر تابوت السكينة من بحيرة الطبريّة،حتّى تحمل فتوضع بين يديه ببيت المقدس،فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلاّ قليلا منهم (3).

40-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه عن نعيم بإسناده عن كعب،قال:المهديّ يبعث بعثا لقتال الروم،يعطى فقه عشرة،يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية،فيها التوراة الّتي أنزل اللّه على موسى،و الإنجيل الّذي أنزل اللّه على عيسى،يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الانجيل بانجيلهم (4).

41-و روى أيضا عن كعب قال:إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدي لأمر قد خفي، و يستخرج التوراة و الانجيل من أرض يقال لها أنطاكية (5).

42-قال السيّد ابن طاوس رحمه اللّه:روى نعيم في حديث آخر:إنّ التوراة يخرجها

ص: 54


1- -الصراط المستقيم 229/2.
2- -البقرة:248.
3- -الفتن لابن عمّاد لمروزي 99-100؛عقد الدرر 147 ب 7.
4- -التشريف بالمنن 142 ب 138.
5- -التشريف بالمنن 142 ب 139.

غضّة-يعني طريّة-من أنطاكية (1).

43-قال:و روى نعيم بسنده عن كعب أيضا:قال:إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدي إلى أسفار من أسفار التوراة يستخرجها من جبال الشام،يدعو إليها اليهود،فيسلم على تلك الكتب جماعة كثيرة.ثمّ ذكر نحوا من ثلاثين ألفا (2).

الآية الثانية عشرة قوله تعالى: فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ... (3).

44-روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ رحمه اللّه في كتاب الغيبة بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الّذي قال اللّه تعالى: مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ و إنّ أصحاب القائم عليه السّلام يبتلون بمثل ذلك (4).

الآية التاسعة عشرة قوله تعالى: فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ آتاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (5).

تشبيه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبة داود عليه السّلام

45-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن محمّد بن عمارة،قال:قلت للصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام:أخبرني بوفاة موسى بن عمران عليه السّلام.فقال:إنّه لمّا أتاه أجله و استوفى مدته و انقطع أكله،أتاه ملك الموت عليه السّلام فقال له:السلام عليك يا كليم اللّه،فقال موسى:و عليك السلام من أنت؟فقال:أنا ملك الموت-إلى أن قال:-فقبض ملك الموت روحه مكانه، و دفنه في القبر و سوّى عليه التراب،و كان الّذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدميّ، و كان ذلك في التيه،فصاح صائح من السماء:مات موسى كليم اللّه،و أيّ نفس لا تموت،

ص: 55


1- -التشريف بالمنن 142 ب 139.
2- -نفس المصدر 145 ب 145.
3- -البقرة:249.
4- -الغيبة للنعمانيّ 316 ح 13؛المحجّة 262.
5- -البقرة:251.

فحدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عليهما السّلام إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل عن قبر موسى أين هو؟فقال:

هو عند الطريق الأعظم عند الكثب الأحمر.

ثمّ إنّ يوشع بن نون عليه السّلام قام بالأمر بعد موسى عليه السّلام صابرا من الطواغيت على اللأواء و الضرّاء و الجهد و البلاء،حتّى مضى منهم ثلاث طواغيت،فقوي بعدهم أمره،فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى عليه السّلام بصفراء بنت شعيب امرأة موسى عليه السّلام في مائة ألف رجل، فقاتلوا يوشع بن نون عليه السّلام،فقتلهم و قتل منهم مقتلة عظيمة و هزم الباقين بإذن اللّه تعالى ذكره،و أسر صفراء بنت شعيب،و قال لها:قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن ألقى نبيّ اللّه موسى عليه السّلام فأشكو إليه ما لقيت منك و من قومك.

فقالت صفراء:وا ويلاه،و اللّه لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أرى فيها رسول اللّه و قد هتكت حجابه،و خرجت على وصيّه بعده،فاستتر الائمة بعد يوشع بن نون إلى زمان داود عليه السّلام أربعمائة سنة و كانوا أحد عشر،و كان قوم كلّ واحد منهم يختلفون إليه في وقته و يأخذون عنه معالم دينهم،حتّى انتهى الأمر إلى آخرهم،فغاب عنهم،ثمّ ظهر لهم فبشّر بداود عليه السّلام و أخبرهم أنّ داود عليه السّلام هو الّذي يطهّر الأرض من جالوت و جنوده،و يكون فرجهم في ظهوره،فكانوا ينتظرونه.

فلمّا كان زمان داود عليه السّلام كان له أربعة إخوة و لهم أب شيخ كبير،و كان داود عليه السّلام من بينهم خامل الذكر،و كان أصغر إخوته لا يعلمون أنّه داود النبيّ المنتظر الّذي يطهّر الأرض من جالوت و جنوده،و كانت الشيعة يعلمون أنّه قد ولد و بلغ أشدّه،و كانوا يرونه و يشاهدونه و لا يعلمون أنّه هو.

فخرج داود عليه السّلام و اخوته و أبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود،و تخلف عنهم داود، و قال:ما يصنع بي في هذا الوجه،فاستهان به إخوته و أبوه،و أقام في غنم أبيه يرعاها، فاشتدّ الحرب و اصاب الناس جهد،فرجع أبوه و قال لداود:احمل إلى إخوتك طعاما يتقوّون به على العدو،و كان عليه السّلام رجلا قصيرا قليل الشعر طاهر القلب،أخلاقه نقيّة، فخرج و القوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع كلّ واحد منهم إلى مركزه.

فمرّ داود عليه السّلام على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع:يا داود خذني فاقتل بي جالوت،

ص: 56

فإنّي إنّما خلقت لقتله،فأخذه و وضعه في مخلاته الّتي كانت تكون فيها حجارته الّتي كان يرمي بها غنمه،فلمّا دخل العسكر سمعهم يعظّمون أمر جالوت،فقال لهم:ما تعظّمون من أمره،فو اللّه لئن عاينته لأقتلنّه.

فتحدّثوا بأمره حتّى ادخل على طالوت فقال له:يا فتى ما عندك من القوة و ما جرّبت من نفسك؟قال:قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فأدركه فآخذ برأسه و أفكّ لحييه عنها فآخذها من فيه،و كان اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلاّ من لبس درعك فملأها،فدعا بدرعه فلبسها داود عليه السّلام فاستوت عليه،فراع طالوت و من حضره من بني اسرائيل،فقال:عسى اللّه أن يقتل به جالوت.

فلمّا اصبحوا و التقى الناس،قال داود عليه السّلام:أروني جالوت،فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه به فصكّ به بين عينيه فدمغه و تنكّس عن دابّته،فقال الناس:قتل داود جالوت،و ملّكه الناس حتّى لم يكن يسمع لطالوت ذكر،و اجتمعت عليه بنو إسرائيل،و أنزل اللّه تبارك و تعالى عليه الزبور،و علّمه صنعة الحديد فليّنه له،و أمر الجبال و الطير أن تسبّح معه، و أعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا،و أعطاه قوّة في العبادة،و أقام في بني اسرائيل نبيّا.

و هكذا يكون سبيل القائم عليه السّلام له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه،و أنطقه اللّه عزّ و جلّ فناداه:أخرج يا وليّ اللّه فاقتل أعداء اللّه،و له سيف مغمد إذا كان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده و أنطقه اللّه عزّ و جلّ،فناداه السيف:اخرج يا ولي اللّه فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه،فيخرج عليه السّلام و يقتل أعداء اللّه حيث ثقفهم، و يقيم حدود اللّه،و يحكم بحكم اللّه عزّ و جلّ (1).

الآية العشرون قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ... (2).

46-روي عن الأصبغ بن نباتة،قال:كنّا مع عليّ بالبصرة،و هو على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد اجتمع هو و أصحاب محمّد،فقال:«أ لا أخبرنّكم بأفضل خلق اللّه يوم يجمع الرسل؟قلنا:بلى يا أمير المؤمنين،قال:أفضل الرسل محمّد،و إنّ أفضل الخلق بعدهم3.

ص: 57


1- -كمال الدّين 153/1-157.
2- -البقرة:253.

الأوصياء،و أفضل الأوصياء أنا،و أفضل الناس بعد الرسل و الأوصياء الأسباط،و إنّ خير الأسباط سبطا نبيّكم،يعني الحسن و الحسين،و إنّ أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، و إنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطّلب،قال ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين،مخضّبان،بكرامة خصّ اللّه عزّ و جلّ بها نبيّكم،و المهديّ منّا في آخر الزمان،لم يكن في أمة من الأمم مهدي ينتظر غيره» (1).

47-و روى عبد اللّه بن ميمون القداح،عن أبي جعفر،عن أبيه عليه السّلام قال:قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:منّا سبعة خلقهم اللّه عزّ و جلّ لم يخلق في الأرض مثلهم:منّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،سيّد الأوّلين و الآخرين و خاتم النبيّين،و وصيّه خير الوصيين،و سبطاه خير الأسباط حسنا و حسينا،و سيّد الشهداء حمزة عمّه،و من قد طاف مع الملائكة جعفر، و القائم عليه السّلام (2).

48-روى العلامة محبّ الدّين الطبريّ في«ذخائر العقبى»بإسناده عن عليّ بن الهلالي،عن أبيه قال:

دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الحالة الّتي قبض فيها،فإذا فاطمة عند رأسه،فبكت حتّى ارتفع صوتها،فرفع صلّى اللّه عليه و آله طرفه إليها فقال:حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟فقالت:

أخشى الضيعة بعدك،فقال:يا حبيبتي أ ما علمت أنّ اللّه اطّلع على أهل الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك،و أوحى إليّ أن أنكحك إيّاه،يا فاطمة و نحن أهل بيت قد أعطانا اللّه سبع خصال لم تعط أحدا قبلنا و لا تعطى أحدا بعدنا،و أنا خاتم النبيّين و أكرمهم على اللّه عزّ و جلّ،و أحب المخلوقين إلى اللّه عزّ و جلّ،و أنا أبوك؛و وصيّي خير الأوصياء و أحبهم إلى اللّه عزّ و جلّ و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و أحبّهم إلى اللّه عزّ و جلّ و هو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك و عمّ بعلك،و منّا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائكة و هو ابن عمّ أبيك و أخو بعلك،و منّا سبطا هذه الامة و هما ابناك الحسن و الحسين،و هما سيّدا شباب أهل الجنة،و أبوهما-و الّذي بعثني بالحقّ-خير منهما،يا فاطمة و الّذي بعثني2.

ص: 58


1- -دلائل الإمامة 256؛إثبات الهداة 574/3.
2- -قرب الإسناد 13-14؛بحار الأنوار 375/22.

بالحقّ إنّ منهما مهديّ هذه الامة،إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا و تظاهرت الفتن و تقطّعت السبل و أغار بعضهم على بعض،فلا كبير يرحم صغيرا،و لا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث اللّه عزّ و جلّ عند ذلك من يفتح حصون الضلالة،و قلوبا غلفا،يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان،و يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا-أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمدانيّ في أربعين حديثا في المهديّ (1).

49-روى ابن عديّ في الكامل بإسناده عن ابن سيرين،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:-كما في ابن أبي شيبة-:يكون في آخر الزمان خليفة،لا يفضل عليه أبو بكر و لا عمر،أو:يكون في هذه الامّة (2).

50-عن محمّد بن سيرين:أنّه ذكر فتنة فقال:إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتّى تسمعوا على الناس بخير من أبي بكر و عمر،قيل:يا أبا بكر،خير من أبي بكر و عمر؟قال:قد كان يفضل على بعض الأنبياء (3).

51-عن ابن سيرين قيل له:المهديّ خير أو أبو بكر و عمر رضي اللّه عنهما؟قال:هو خير منهما و يعدل بنبيّ (4).

الآية الحادية و العشرون قوله سبحانه: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (5).

مثل المهديّ عليه السّلام مثل العزير عليه السّلام

52-روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

ص: 59


1- -ذخائر العقبى 135.
2- -الكامل لابن عدي 2433/6؛المصنّف لابن أبي شيبة 198/15 ح 19496.
3- -الفتن لابن حمّاد 99؛عقد الدرر 148-149 ب 7.
4- -الفتن لابن حمّاد 98؛عقد الدرر 148 ب 7.
5- -البقرة:259.

مثل أمرنا في كتاب اللّه مثل صاحب الحمار أماته اللّه مائة عام ثمّ بعثه (1).

53-و روى الطوسيّ بإسناده عن عليّ بن خطاب،عن مؤذّن مسجد الأحمر قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:هل في كتاب اللّه مثل للقائم عليه السّلام،فقال:نعم،آية صاحب الحمار، أماته اللّه مائة عام ثمّ بعثه (2).

الآية الثانية و العشرون قوله تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ (3).

الحكمة هي معرفة القائم عليه السّلام

54-روي أنّ أبا بصير سأل الإمام الباقر عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ما عنى بذلك؟

فقال:معرفة الإمام و اجتناب الكبائر،و من مات و ليس في رقبته بيعة لإمام،مات ميتة جاهليّة،و لا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم،فمن مات و هو عارف بالإمامة،لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر،فكان كمن هو مع القائم في فسطاطه،قال:ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال:لا بل كمن قاتل معه،ثمّ قال:لا بل-و اللّه-كمن استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

الآية الثالثة و العشرون قال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ (5).

المهديّ عليه السّلام في ضحضاح من نور عن يمين العرش

55-روى العلاّمة الحموينيّ بإسناده عن أبي سلمى راعي إبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: آمَنَ

ص: 60


1- -الغيبة للطوسي 260.
2- -نفس المصدر.
3- -البقرة:269.
4- -إعلام الدّين 459؛بحار الأنوار 126/27.
5- -البقرة:285.

اَلرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قلت: وَ الْمُؤْمِنُونَ قال:صدقت يا محمّد،من خلّفت في أمّتك؟قلت:خيرها،قال:عليّ بن أبي طالب؟قلت:نعم يا ربّ.

قال:يا محمّد إنّي اطّلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها،فشققت لك اسما من أسمائي،فلا أذكر إلاّ ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمّد،ثمّ اطّلعت الثانية فاخترت منها عليّا و شققت له اسما من أسمائي،فأنا الأعلى و هو عليّ.

يا محمّد،إنّي خلقتك و خلقت عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة من ولده من شبح نوري،و عرضت ولايتكم على أهل السماوات و أهل الأرض،فمن قبلها كان عندي من المؤمنين،و من جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمّد لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ،البالي ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم،ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أ تحبّ أن تراهم؟قلت:نعم يا ربّ.

فقال لي:التفت عن يمين العرش،فالتفتّ فإذا أنا بعليّ،و فاطمة،و الحسن، و الحسين،و عليّ بن الحسين،و محمّد بن عليّ،و جعفر بن محمّد،و موسى بن جعفر، و عليّ بن موسى،و محمّد بن عليّ،و عليّ بن محمّد،و الحسن بن عليّ،و المهديّ في ضحضاح من نور قياما يصلّون،و هو في وسطهم-يعني المهديّ-كأنّه كوكب درّيّ.

و قال:يا محمّد هؤلاء الحجج،و هو الثائر من عترتك،و عزّتي و جلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي،و المنتقم من أعدائي (1).1.

ص: 61


1- -فرائد السمطين 319/2 ح 571.

سورة آل عمران

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ (1).

فضل التقيّة في عصر الغيبة

56-المظفر العلويّ:بإسناده عن عمّار الساباطيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل،أم العبادة في ظهور الحق و دولته مع الإمام الظاهر منكم؟فقال:يا عمّار الصدقة في السرّ-و اللّه-أفضل من الصدقة في العلانية،و كذلك عبادتكم في السّر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل،لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل و حال الهدنة،ممّن يعبد اللّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحق،و ليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.

اعلموا أنّ من صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها، فأتمها،كتب اللّه عزّ و جلّ له بها خمسة و عشرين صلاة فريضة وحدانيّة،و من صلّى منكم

ص: 62


1- -آل عمران:28.

صلاة نافلة في وقتها فأتمها،كتب اللّه عزّ و جلّ له بها عشر صلوات نوافل،و من عمل منكم حسنة،كتب اللّه بها عشرين حسنة،و يضاعف اللّه تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله،و دان اللّه بالتقيّة على دينه،و على إمامه و على نفسه،و أمسك من لسانه،أضعافا مضاعفة كثيرة،إنّ اللّه عزّ و جلّ كريم.قال:قلت:جعلت فداك قد رغّبتني في العمل، و حثثتني عليه،و لكنّي أحبّ أن أعلم:كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ،و نحن و هم على دين واحد،و هو دين اللّه عزّ و جلّ؟ فقال:انّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللّه و إلى الصلاة و الصوم و الحجّ و إلى كلّ فقه و خير،و إلى عبادة اللّه سرّا من عدوّكم مع الإمام المستتر،مطيعون له،صابرون معه، منتظرون لدولة الحق،خائفون على إمامكم و على أنفسكم من الملوك،تنظرون إلى حقّ إمامكم و حقّكم في أيدي الظلمة،و قد منعوكم ذلك و اضطرّوكم إلى جذب الدنيا و طلب المعاش،مع الصبر على دينكم،و عبادتكم و طاعة ربكم و الخوف من عدوّكم،فبذلك ضاعف اللّه أعمالكم،فهنيئا لكم هنيئا.قال:فقلت:جعلت فداك،فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليه السّلام في ظهور الحق؟و نحن اليوم في إمامتك و طاعتك أفضل أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحق؟

فقال:سبحان اللّه،أ ما تحبّون أن يظهر اللّه عزّ و جلّ الحقّ و العدل في البلاد،و يحسن حال عامّة الناس،و يجمع اللّه الكلمة،و يؤلّف بين القلوب المختلفة،و لا يعصى اللّه في أرضه،و يقام حدود اللّه في خلقه،و يردّ الحقّ إلى أهله،فيظهره حتّى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق؟

أما و اللّه يا عمّار،لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها،إلاّ كان أفضل عند اللّه عزّ و جلّ من كثير ممّن شهد بدرا و أحدا فأبشروا (1).

57-روي المفيد في الاختصاص بإسناده عن الحسن بن أحمد،عن أحمد بن هلال،عن امية ابن عليّ،عن رجل قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ايّما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليه السّلام؟قال:فقال لي:أنتم أفضل من أصحاب القائم،و ذلك أنّكم تمسون2.

ص: 63


1- -الكافي 334/1؛بحار الأنوار 127/52.

و تصبحون خائفين على إمامكم و على أنفسكم من أئمّة الجور،إن صليتم فصلاتكم في تقيّة،و إن صمتم فصيامكم في تقيّة،و إن حججتم فحجّكم في تقيّة،و إن شهدتم لم تقبل شهادتكم،و عدّد أشياء من نحو هذا مثل هذه،فقلت:فما تتمنّى القائم عليه السّلام إذا كان على هذا؟قال:فقال لي:سبحان اللّه،أ ما تحبّ أن يظهر العدل و يأمن السبل و ينصف المظلوم؟! (1).

الآية الثانية قوله تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَ أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَ كَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (2).

انّ الجفنة الّتي أنزلت على فاطمة عليها السّلام من مواريث المهديّ عليه السّلام

58-روى العيّاشيّ بإسناده عن نجم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:إنّ فاطمة عليها السّلام ضمنت لعليّ عليه السّلام عمل البيت و العجين و الخبز و قمّ البيت،و ضمن لها عليّ عليه السّلام ما كان خلف الباب،من نقل الحطب،و أن يجيء بالطعام،فقال لها يوما:يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت:لا و الّذي عظّم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيّام شيء نقريك به،قال:أ فلا أخبرتيني؟قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهاني أن اسألك شيئا،فقال:لا تسألي ابن عمك شيئا،إن جاءك بشيء عفوا و إلاّ فلا تسأليه،قال:فخرج الامام عليه السّلام فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا،ثمّ أقبل به و قد أمسى فلقي مقداد بن الأسود،فقال للمقداد،ما أخرجك في هذه الساعة؟قال:الجوع،و الّذي عظّم حقك يا أمير المؤمنين.قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيّ؟قال:و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيّ،قال:فهو أخرجني فقد استقرضت دينارا و سأوثرك به،فدفعه إليه.فأقبل فوجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالسا و فاطمة تصلّي و بينهما شيء مغطّى،فلمّا فرغت أحضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز و لحم،قال:يا فاطمة أنّى لك هذا؟قالت: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ .

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أ لا أحدّثك بمثلك و مثلها؟قال:بلى.قال:مثل زكريّا إذا دخل

ص: 64


1- -الاختصاص 20؛بحار الأنوار 144/52.
2- -آل عمران:37.

على مريم المحراب فوجد عندها رزقا،قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند اللّه،إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب،فأكلوا منها شهرا،و هي الجفنة الّتي يأكل منها القائم عليه السّلام، و هي عندنا (1).

الآية الثالثة قوله سبحانه: وَ يُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَ كَهْلاً وَ مِنَ الصّالِحِينَ (2).

المهديّ عليه السّلام يكلّم الناس في المهد

59-روى الطبريّ في تفسيره عن ابن زيد يقول في قوله: وَ يُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَ كَهْلاً وَ مِنَ الصّالِحِينَ قال:قد كلّمهم عيسى في المهد،و سيكلّمهم إذا قتل الدجّال و هو يومئذ كهل (3).

60-روى العلاّمة البيّاضي رحمه اللّه قال:قالت حكيمة:قرأت على أمّه نرجس وقت ولادته التوحيد،و القدر،و آية الكرسي،فأجابني من بطنها بقراءتي،ثمّ وضعته ساجدا إلى القبلة فأخذه أبوه و قال:انطق بإذن اللّه،فتعوّذ و سمّى و قرأ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (4)الآيتين،و صلّى على محمّد و عليّ و فاطمة و الأئمّة واحدا واحدا باسمه إلى آخرهم،و كان مكتوبا على ذراعه الأيمن: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً قالت حكيمة:دخلت بعد ولادته بأربعين يوما فإذا هو يمشي،فلم أر أفصح من لغته (5).

61-نسيم و مارية قالتا:لمّا سقط من بطن أمّه،سقط جاثيا رافعا سبّابته إلى السماء قائلا كلّما يعطس:الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله،زعم الظالمون أنّ حجّة اللّه داحضة (6).

62-قال طريف عن نضر الخادم:دخل على الإمام و هو في المهد فقال:أنا خاتم

ص: 65


1- -تفسير العيّاشيّ 119/1 ح 41؛بحار الأنوار 197/14.
2- -آل عمران:46.
3- -تفسير الطبريّ 188/3.
4- -القصص:5 و 6.
5- -الصراط المستقيم 209/2-210.
6- -الصراط المستقيم 210/2.

الأوصياء،و بي يدفع اللّه البلاء عن أهلي و شيعتي (1).

63-حمل أحمد بن اسحاق إلى العسكريّ عليه السّلام جرابا فيه صرر،فالتفت عليه السّلام إلى ابنه و قال:هذه هدايا موالينا،فقال الغلام:لا تصلح،لأنّ فيها حلالا و حراما،فأخرجت، ففرّق بينها و أعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها (2).

64-أسند العلاّمة البيّاضي رحمه اللّه إلى أحمد بن اسحاق قال:دخلت على العسكريّ عليه السّلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده،فابتدأني:إنّ اللّه لا يخلي الأرض منذ خلق آدم عليه السّلام و لا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه،قلت:و من الخليفة بعدك؟فأسرع و دخل البيت و خرج و على عاتقه غلام،و قال:لو لا كرامتك على اللّه و على حججه ما عرضت عليك ابني هذا،إنّه سميّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كنيّه،مثله في هذه الامّة كالخضر و ذي القرنين،ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من ثبّته اللّه على القول بإمامته،و وفّقه للدعاء بتعجيل فرجه،و يرجع من هذا الأمر أكثر القائلين به،هذا سرّ اللّه فخذ و اكتمه و كن من الشاكرين،تكن معنا في علّيين.فقلت:هل من علامة؟فنطق الغلام فقال:أنا بقيّة اللّه في أرضه،و المنتقم من أعدائه (3).

65-و قال إسماعيل بن عليّ:دخلت على العسكريّ في المرض الّذي مات فيه، فقال لخادمه:ادخل البيت فإنّك ترى صبيّا ساجدا فائتني به،فدخلت فوجدته ساجدا رافعا سبّابته إلى السماء،فسلّمت فأوجز في صلاته،فقلت:سيّدي يأمرك بالخروج، فجاءت أمّه فأخرجته إليه،فقال:أبشر أنت صاحب الزمان المهديّ،حجّة اللّه في أرضه، و أنت وصيّي،و أنت(م ح م د)و عدّ آباءه إلى عليّ عليه السّلام ثمّ قال:أنت خاتم الأئمّة الطاهرين (4).

66-و ذكر الشيخ البيّاضيّ قال:و أسند الشيخ أبو جعفر إلى محمّد بن عليّ،إلى محمّد بن عبد اللّه المطهريّ قال:قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت:لمّا حضرت نرجس الولادة،قال الحسن العسكريّ عليه السّلام:اقرئي عليها: إِنّا أَنْزَلْناهُ فقرأت،فجاوبني الجنين2.

ص: 66


1- -الصراط المستقيم 210/2.
2- -نفس المصدر 213/2.
3- -نفس المصدر 231/2-232.
4- -الصراط المستقيم 322/2.

بمثل قراءتي،و سلّم عليّ ففزعت،فقال أبو محمّد عليه السّلام:لا تعجبين من أمر اللّه،إنّه منطقنا بالحكمة صغارا،و يجعلنا حجّة في الأرض كبارا.(الحديث) (1)

الآية الرابعة قوله تعالى: إِذْ قالَ اللّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (2).

عيسى عليه السّلام يصلّي خلف المهديّ عليه السّلام

67-روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:ينزل عيسى بن مريم عليه السّلام عند انفجار الصبح ما بين مهرودين،و هما ثوبان أصفران من الزعفران،أبيض الجسم،أصهب الرأس،أفرق الشعر،كأنّ رأسه يقطر دهنا،بيده حربة،يكسر الصليب،و يقتل الخنزير،و يهلك الدجال،و يقبض أموال القائم عليه السّلام،و يمشي خلفه أهل الكهف،و هو الوزير الأيمن للقائم عليه السّلام و حاجبه و نائبه،و يبسط في المغرب و المشرق الأمن من كرامة الحجّة بن الحسن صلوات اللّه عليهما،حتّى يرتع الأسد مع الغنم،و النمر مع البقر،و الذئب و الغنم، و تلعب الصبيان بالحيّات...الحديث (3).

68-المهديّ الّذي ينزل عليه عيسى ابن مريم و يصلّي خلفه عيسى عليه السّلام (4).

69-روي عن أبي سعيد الخدريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:منّا الّذي يصلّي عيسى ابن مريم خلفه (5).

70-روى الشافعيّ قال:أخبرنا نقيب النقباء فخر آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبو الحسن عليّ بن محمّد بن ابراهيم الحسنيّ،و بإسناده عن حذيفة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فيلتفت المهديّ و قد نزل عيسى عليه السّلام كأنما يقطر من شعره الماء،فيقول المهديّ:تقدّم صلّ بالناس،فيقول عيسى:إنّما أقيمت الصلاة لك،فيصلّي عيسى خلف رجل من ولدي،فإذا

ص: 67


1- -نفس المصدر 234/2.
2- -آل عمران:55.
3- -حلية الأبرار 620/2 ب 34؛غاية المرام 697 ب 141 ح 380.
4- -الفتن لابن حمّاد 103؛عقد الدرر 230 ب 10؛تفسير البرهان 160 ح 7 و 8.
5- -البيان للشافعيّ 500 ب 7؛عقد الدرر 25 ب 1.

صلّيت قام عيسى حتّى جلس في المقام فيبايعه،فيمكث أربعين سنة (1).

71-أتى يهوديّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقام بين يديه يحدّ النظر إليه،فقال:يا يهوديّ ما حاجتك؟قال:أنت أفضل من موسى بن عمران النبيّ الّذي كلّمه اللّه و أنزل عليه التوراة و العصا،و فلق له البحر،و أظلّه بالغمام؟فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه، و لكنّي أقول إنّ آدم عليه السّلام،لمّا أصاب الخطيئة،كانت توبته أن قال:اللّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا غفرت لي،فغفرها اللّه له،و إنّ نوحا لمّا ركب في السفينة و خاف الغرق قال:اللّهمّ إنّي أسألك بحق محمّد و آل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق،فنجّاه اللّه عنه، و إنّ إبراهيم عليه السّلام لمّا ألقي في النار قال:اللّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أنجيتني منها،فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما،و إنّ موسى عليه السّلام لمّا ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال:اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا آمنتني،فقال اللّه جل جلاله:لا تخف إنّك أنت الأعلى،يا يهودي،إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي و بنبوّتي،ما نفعه إيمانه شيئا، و لا نفعته النبوّة،يا يهوديّ و من ذرّيتي المهديّ،إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته فقدّمه و صلّى خلفه (2).

72-النعمانيّ بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال في حديث طويل:«و من نسل عليّ القائم المهديّ الّذي يبدّل الأرض غير الأرض،و به يحتجّ عيسى ابن مريم على نصارى الروم و الصين،إنّ القائم المهديّ من نسل عليّ أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقا و خلقا و سمتا و هيبة،يعطيه اللّه جلّ و عزّ ما أعطى الأنبياء و يزيده و يفضّله،إنّ القائم من ولد عليّ عليه السّلام له غيبة كغيبة يوسف،و رجعة كرجعة عيسى ابن مريم،ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر،و خراب الزوراء و هي الريّ،و خسف المزوّرة و هي بغداد،و خروج السفياني،و حرب ولد العباس مع فتيان أرمينية و آذربيجان،تلك حرب يقتل فيها الوف و ألوف،كلّ يقبض على سيف محلّى تخفق عليه رايات سود،تلك حرب يشوبها الموت4.

ص: 68


1- -البيان 497 ب 7؛عقد الدرر 17 ب 1.
2- -أمالي الصدوق 181 المجلس 39 ح 4؛بحار الأنوار 349/14.

الأحمر و الطاعون الأغبر (1).

73-روى ابن حماد بإسناده عن المشايخ،عن كعب قال:-و لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله -لمّا رأى عيسى بن مريم قلّة من معه،شكى إلى اللّه تعالى،فقال اللّه إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ و ليس من رفعت عندي يموت،و إنّي باعثك على الأعور الدجّال فتقتله،ثمّ تعيش بعد ذلك أربعة و عشرين سنة،ثمّ اتوفّاك ميتة الحقّ (2).

74-روي من طريق العامّة في كتاب الرائق من أزهار الحدائق،بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ،عن جابر بن عبد اللّه الانصاري،عن أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له طويلة جدا فيها علامات آخر الزمان،و إخبار بمغيّبات كثيرة.منها دولة بني أميّة و بني العباس و أحوال الدجّال و السفيانيّ،إلى أن قال:المهديّ من ذرّيّتي،يظهر بين الركن و المقام، و عليه قميص إبراهيم،و حلّة اسماعيل،و في رجله نعل شيث،و الدليل عليه قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:عيسى ابن مريم ينزل من السماء،و يكون مع المهديّ من ذريّتي،فإذا ظهر فاعرفوه،فإنّه مربوع القامة،حلك سواد الشعر،ينظر من عين ملك الموت،يقف على باب الحرم فيصيح بأصحابه صيحة،فيجمع اللّه تعالى عسكره في ليلة واحدة،و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض،ثمّ ذكر تفصيلهم و أماكنهم و بلادهم،إلى أن قال:فيتقدّم المهديّ من ذرّيّتي،فيصلّي إلى قبلة جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يسيرون جميعا إلى أن يأتوا بيت المقدس،ثمّ ذكر الحرب بينه و بين الدجّال،و ذكر أنّهم يقتلون عسكر الدجال من أوّله إلى آخره،و تبقى الدنيا عامرة،و يقوم بالقسط و العدل،إلى أن قال:ثمّ يموت عيسى،و يبقى المنتظر المهديّ من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فيسير في الدنيا و سيفه على عاتقه،و يقتل اليهود و النصارى و أهل البدع (3).

75-روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام-مرسلا-في قصة الدجّال قال:

ألا و إنّ أكثر أتباعه أولاد الزنا،لابسو التيجان،ألا و هم اليهود عليهم لعنة اللّه،يأكل و يشرب،له حمار أحمر،طوله ستّون خطوة مدّ بصره،أعور اليمين،و إنّ ربّكم عزّ و جلّ4.

ص: 69


1- -الغيبة للنعمانيّ 146؛بحار الأنوار 225/52.
2- -الفتن لابن حمّاد 163.
3- -المجموع الرائق؛و عنه:إثبات الهداة 3:857 ح 804.

ليس بأعور،صمد لا يطعم،فيشمل البلاد البلاء،و يقيم الدجّال أربعين يوما.أوّل يوم كسنة،و الثاني كأقلّ،فلا تزال تصغر و تقصر،حتّى تكون آخر أيامه كليلة يوم من أيّامكم هذه،يطأ الأرض كلّها إلاّ مكّة و المدينة و بيت المقدس.و يدخل المهديّ عليه السّلام بيت المقدس،و يصلّي بالناس إماما،فإذا كان يوم الجمعة و قد أقيمت الصلاة،نزل عيسى ابن مريم عليه السّلام،بثوبين مشرقين حمر،كأنّما يقطر رأسه الدهن،رجل الشعر،صبيح الوجه، أشبه خلق اللّه عزّ و جلّ بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام،فيلتفت المهديّ،فينظر عيسى عليه السّلام،فيقول لعيسى:يا ابن البتول،صلّ بالناس،فيقول:لك اقيمت الصلاة،فيتقدّم المهديّ عليه السّلام فيصلّي بالناس،و يصلّي عيسى عليه السّلام خلفه و يبايعه (1).

76-روى أبان،عن سليم بن قيس قال:أقبلنا من صفّين مع أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه،فنزل العسكر قريبا من دير نصرانيّ،إذ خرج علينا من الدير شيخ كبير جميل حسن الوجه،حسن الهيئة و السمت،و معه كتاب في يده،حتّى أتى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه،فسلّم عليه بالخلافة،فقال له عليّ عليه السّلام:مرحبا يا أخي شمعون بن حمون،كيف حالك رحمك اللّه،فقال:بخير يا أمير المؤمنين و سيّد المسلمين و وصيّ رسول ربّ العالمين،إنّي من نسل حواري أخيك عيسى ابن مريم عليه السّلام،و في رواية أخرى:

أنا من نسل حواري أخيك عيسى ابن مريم صلوات اللّه عليه-من نسل شمعون بن يوحنا، و كان أفضل حواري عيسى ابن مريم الاثني عشر و أحبّهم إليه و آثرهم عنده،و إليه أوصى عيسى،و إليه دفع كتبه و علمه و حكمته،فلم يزل أهل بيته على دينه متمسّكين بملّته لم يكفروا و لم يبدّلوا و لم يغيّروا،و تلك الكتب عندي إملاء عيسى ابن مريم،و خط أبينا بيده،و فيه كلّ شيء يفعل الناس من بعده،ملك ملك و ما يملك،و ما يكون في زمان كلّ ملك منهم،حتّى يبعث اللّه رجلا من العرب و من ولد اسماعيل بن إبراهيم خليل اللّه من أرض تدعى تهامة،من قرية يقال لها مكّة،يقال له أحمد الأنجل العينين المقرون الحاجبين،صاحب الناقة و الحمار و القضيب و التاج-يعني العمامة-له اثنا عشر اسما،ثمّ ذكر مبعثه و مولده و هجرته،و من يقاتله و من ينصره و من يعاديه و كم يعيش،و ما تلقى2.

ص: 70


1- -عقد الدرر 274 و 275 ب 12 ف 2.

أمّته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء،فذكر في الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل اللّه صلّى اللّه عليهم،هم خير من خلق اللّه،و أحبّ من خلق اللّه إلى اللّه،و انّ اللّه وليّ من والاهم،و عدوّ من عاداهم،من أطاعهم اهتدى.و من عصاهم ضلّ،طاعتهم للّه طاعة،و معصيتهم للّه معصية،مكتوبة فيه أسماؤهم و أنسابهم و نعتهم،و كم يعيش كل رجل منهم،واحدا بعد واحد،و كم رجل منهم يستتر بدينه و يكتمه من قومه،و من يظهر حتّى ينزل اللّه عيسى صلى اللّه عليه على آخرهم،فيصلّي عيسى خلفه و يقول:إنّكم أئمّة لا ينبغي لأحد أن يتقدّمكم،فيتقدّم فيصلّي بالناس و عيسى خلفه إلى الصفّ الأوّل،أوّلهم و افضلهم و خيرهم،له مثل أجورهم و أجور من أطاعهم و اهتدى بهداهم.

و في النسخة الأولى:و تسعة من ولد أصغرهما و هو الحسين واحدا بعد واحد، آخرهم الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه،فيه تسمية كلّ من يملك منهم،و من يستتر بدينه و من يظهر،فأوّل من يظهر منهم يملأ جميع بلاد اللّه قسطا و عدلا،و يملك ما بين المشرق و المغرب حتّى يظهره اللّه على الأديان كلّها (1).

77-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي سعيد عقيصا،قال:لمّا صالح الحسن بن عليّ عليهما السّلام معاوية بن أبي سفيان،دخل عليه الناس،فلامه بعضهم على بيعته،فقال عليه السّلام:

ويحكم ما تدرون ما عملت،و اللّه الّذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت،أ لا تعلمون أنّني إمامكم مفترض الطاعة عليكم،و أحد سيديّ شباب أهل الجنة بنصّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ؟قالوا:بلى.

قال:أ ما علمتم أنّ الخضر عليه السّلام لمّا خرق السفينة و أقام الجدار و قتل الغلام،كان ذلك سخطا لموسى بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك،و كان ذلك عند اللّه تعالى ذكره حكمة و صوابا؟أ ما علمتم إنّه ما منّا أحد إلاّ و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلاّ القائم الّذي يصلّي روح اللّه عيسى ابن مريم خلفه؟فإنّ اللّه عزّ و جلّ يخفي ولادته، و يغيّب شخصه لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج،ذلك التاسع من ولد أخي الحسين9.

ص: 71


1- -سليم بن قيس 152-154؛الغيبة للنعمانيّ 74 ب 4 ح 9.

ابن سيّدة الاماء،يطيل اللّه عمره في غيبته،ثمّ يظهره بقدرته في صورة شابّ دون أربعين سنة،و ذلك ليعلم أنّ اللّه على كلّ شيء قدير (1).

78-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ سنن الأنبياء عليهم السّلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت،حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة،قال أبو بصير:يا ابن رسول اللّه،و من القائم منكم أهل البيت؟ فقال:يا أبا بصير،هو الخامس من ولد ابني موسى،ذلك ابن سيّدة الإماء،يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون،ثمّ يظهره اللّه عزّ و جلّ،فيفتح اللّه على يده مشارق الأرض و مغاربها،و ينزل روح اللّه عيسى ابن مريم عليه السّلام فيصلّي خلفه،و تشرق الأرض بنور ربّها، و لا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير اللّه عزّ و جلّ إلا عبد اللّه فيها،و يكون الدّين كلّه للّه و لو كره المشركون (2).

79-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي أيّوب المخزوميّ،قال:ذكر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام سير الخلفاء الاثني عشر الراشدين(صلوات اللّه عليهم)،فلمّا بلغ آخرهم قال:الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى ابن مريم عليه السّلام خلفه،عليك بسنّته و القرآن الكريم (3).

80-روى فرات الكوفي معنعنا عن أبي جعفر عليه السّلام،قال-في حديث له:-يا خيثمة سيأتي على الناس زمان،لا يعرفون اللّه ما هو التوحيد،حتّى يكون خروج الدجال، و حتّى ينزل عيسى ابن مريم من السماء،و يقتل اللّه الدجّال على يده،و يصلّي بهم رجل منّا أهل البيت،أ لا ترى أنّ عيسى يصلي خلفنا و هو نبيّ ألا و نحن أفضل منه (4).

الآية الخامسة قوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (5).

81-روى العيّاشيّ عن عبد الأعلى الجبليّ(الحلبيّ-خ)قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:-8.

ص: 72


1- -كمال الدّين 315/1 ح 2.
2- -كمال الدّين 345/2 ح 31.
3- -نفس المصدر 331/1 ح 17.
4- -تفسير فرات 44؛بحار الأنوار 348/14.
5- -آل عمران:68.

في حديث له-:و اللّه لكأنّي انظر إليه و قد أسند ظهره إلى الحجر،ثمّ ينشد اللّه حقّه ثمّ يقول:يا أيّها الناس من يحاجّني في اللّه،فأنا أولى الناس باللّه،و من يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم،يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح،فأنا أولى الناس بنوح،يا أيّها الناس من يحاجّني في ابراهيم،فأنا أولى الناس بإبراهيم (1).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ (2).

الرجعة في زمن المهديّ عليه السّلام

82-روى النعمانيّ بإسناده عن اسماعيل بن جابر قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام يقول:(في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روى فيه مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السّلام عن آيات القرآن و أحكامه و جوابه عليها،جاء فيها).

و أمّا الردّ على من أنكر الرجعة،فيقول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ أي إلى الدنيا و أمّا حشر الآخرة فقوله عزّ و جلّ: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً و قوله سبحانه: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ و مثل قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ و هذا لا يكون إلا في الرجعة.

و مثله ما خاطب اللّه تعالى به الأئمّة و وعدهم من النصر و الانتقام من أعدائهم،فقال سبحانه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ -إلى قوله- لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً و هذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

و مثل قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ و قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أي رجعة

ص: 73


1- -تفسير العيّاشيّ 56/2 ح 49.
2- -آل عمران:81.

الدنيا.

و مثله قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ .

و قوله عزّ و جلّ: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فردّهم اللّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا (1).

الآية السابعة قوله تعالى: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (2).

الإسلام يعمّ الأرض في زمان المهديّ عليه السّلام

83-روى العيّاشيّ رحمه اللّه بإسناده عن رفاعة بن موسى،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً قال:إذا قام القائم عليه السّلام لا تبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

84-و روى العيّاشيّ أيضا بإسناده عن ابن بكير قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قوله:

وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً قال:أنزلت في القائم عليه السّلام،إذا خرج باليهود و النصارى و الصابئين و الزنادقة و أهل الردّة و الكفار في شرق الأرض و غربها فعرض عليهم الإسلام،فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة و الزكاة و ما يؤمر به المسلم و يجب للّه عليه،و من لم يسلم ضرب عنقه،حتّى لا يبقى في المشارق و المغرب أحد إلاّ وحّد اللّه،قلت:جعلت فداك إنّ الخلق أكثر من ذلك،فقال:إنّ اللّه إذا أراد أمرا قلّل الكثير و كثّر القليل (4).

85-و عنه بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام(في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليه السّلام إذا خرج)،قال:و لا تبقى(أرض)في الأرض قرية إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا رسول اللّه و هو قوله تعالى: وَ لَهُ

ص: 74


1- -المحكم و المتشابه 3.
2- -آل عمران:83.
3- -تفسير العيّاشيّ 183/1 ح 81؛المحجّة 50.
4- -تفسير العيّاشيّ 183/1 ح 82؛بحار الأنوار 340/52.

أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ و لا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو قول اللّه: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ .الحديث (1).

86-روى عليّ بن عقبة،عن أبيه قال:(مرسلا):إذا قام القائم عليه السّلام حكم بالعدل، و ارتفع في أيّامه الجور،و أمنت به السبل،و أخرجت الأرض بركاتها،و ردّ كلّ حقّ إلى أهله،و لم يبق أهل دين حتّى يظهروا الإسلام و يعترفوا بالايمان.

أ ما سمعت اللّه سبحانه يقول: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ،و حكم بين الناس بحكم داود،و حكم محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فحينئذ تظهر الأرض كنوزها،و تبدي بركاتها،و لا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته و لبرّه،لشمول الغنى جميع المؤمنين.

ثمّ قال:إنّ دولتنا آخر الدول و لم يبق أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا،لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا:إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء،و هو قول اللّه تعالى: وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (2).

الآية الثامنة قوله تعالى: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (3)

ولاية المهديّ عليه السّلام هي الحرم الآمن

87-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس،عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث عن محاجته عليه السّلام أبا حنيفة،جاء فيه:فقال أبو بكر الحضرميّ:جعلت فداك الجواب في المسألتين الأوّلتين؟فقال عليه السّلام:يا أبا بكر:سيروا فيها ليالي و أياما آمنين،فقال:مع قائمنا أهل البيت،و أما قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فمن بايعه و دخل معه و مسح على يده و دخل في عقد اصحابه كان آمنا.(الحديث) (4).

الآية التاسعة قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ

ص: 75


1- -تفسير العيّاشيّ 56/2-60 ح 49.
2- -الإرشاد 364؛روضة الواعظين 265/2.
3- -آل عمران:97.
4- -علل الشرائع 89 ب 81؛بحار الأنوار 292/2.

لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 1 .

يؤلّف اللّه بين القلوب بالمهديّ عليه السّلام

88-روى عليّ بن حوشب،قال:سمع مكحولا يحدّث عن عليّ بن أبي طالب رضى اللّه عنه قال:قلت يا رسول اللّه،المهديّ منّا أئمّة الهدى أم من غيرنا؟قال:بل منّا،بنا يختم الدّين كما بنا فتح،و بنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك،و بنا يؤلّف اللّه بين قلوبهم في الدّين بعد عداوة الفتنة،كما ألّف اللّه بين قلوبهم و دينهم بعد عداوة الشرك (1).

قوله تعالى: وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (2).

أصحاب المهديّ عليه السّلام بعدد أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ببدر

89-روى النعمانيّ بإسناده عن الحارث الأعور الهمدانيّ،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر:إذا هلك الخاطب،و زاغ صاحب العصر،و بقيت قلوب تتقلّب فمن مخصب و مجدب،و قليل ما يكونون،ثلاثمائة أو يزيدون،تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر لم تقتل و لم تمت (3).

90-روى الحاكم بإسناده من طريق العامّة عن أبي الطفيل،عن محمّد بن الحنفيّة، قال:كنّا عند عليّ رضى اللّه عنه،فسأله رجل عن المهديّ،فقال عليّ رضى اللّه عنه:هيهات،ثمّ عقد بيده سبعا-فقال:ذاك يخرج في آخر الزمان،إذا قال الرجل اللّه اللّه قتل،فيجمع اللّه تعالى له قوما قزع كقزع السحاب،يؤلّف اللّه بين قلوبهم،لا يستوحشون إلى أحد،و لا يفرحون بأحد يدخل فيهم،على عدّة أصحاب بدر،لم يسبقهم الأولون و لا يدركهم الآخرون، و على عدد أصحاب طالوت الّذين جاوزوا معه النهر (4).

ص: 76


1- -الفتن لابن حمّاد 102؛المعجم الأوسط للطبرانيّ 136/1 ح 157 باختلاف يسير.
2- -آل عمران:123.
3- -الغيبة للنعمانيّ 195 ب 11؛بحار الأنوار 137/52.
4- -المستدرك على الصحيحين 554/4؛البرهان للمتّقي 144 ب 6 ح 8.

91-روي في عقد الدرر مرسلا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:

تختلف ثلاث رايات،راية بالمغرب،ويل لمصر و ما يحلّ بها منهم،و راية بالجزيرة، و راية بالشام،تدوم الفتنة بينهم سنة.

إلى أن قال عليه السّلام:فيجمع اللّه عزّ و جلّ أصحابه على عدد أهل بدر،و على عدد أصحاب طالوت،ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،كأنّهم ليوث خرجوا من غابة،قلوبهم مثل زبر الحديد،لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها،الزيّ واحد،و اللباس واحد،كأنما آباؤهم أب واحد (1).

92-روى الطوسيّ بإسناده عن أبي الجارود قال:عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته متى يقوم قائمكم؟قال:يا أبا الجارود لا تدركون،فقلت:أهل زمانه.فقال:و لن تدرك أهل زمانه،يقوم قائمنا بالحقّ بعد اياس من الشيعة،يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه احد،فإذا كان يوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة،فقال:يا ربّ انصرني،و دعوته لا تسقط،فيقول تبارك و تعالى للملائكة الّذين نصروا رسول اللّه يوم بدر و لم يحطّوا سروجهم و لم يضعوا أسلحتهم فيبايعونه،ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضى اللّه عزّ و جلّ،فيقتل الفا و خمسمائة قرشيّ ليس فيهم إلاّ فرخ زنية.ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض،ثمّ يخرج الأزرق و زريق لعنهما اللّه غضّين طريّين يكلمهما فيجيبانه،فيرتاب عند ذلك المبطلون، فيقولون:يكلّم الموتى،فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد،ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به عليا و فاطمة و الحسن و الحسين،و ذلك الحطب عندنا نتوارثه،و يهدم قصر المدينة،و يسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفا من البتريّة شاكّين في السلاح،قرّاء القرآن،فقهاء في الدّين،قد قرّحوا جباههم و سمروا ساماتهم و عمّهم النفاق،و كلّهم يقولون:يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك،فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء،فيقتلهم أسرع من جزر جزور،فلا يفوت منهم رجل،و لا يصاب من اصحابه أحد،دماؤهم قربان إلى اللّه.2.

ص: 77


1- -عقد الدرر 90 ب 4 ف 2.

ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى اللّه.قال:فلم أعقل المعنى،فمكثت قليلا ثمّ قلت:جعلت فداك و ما يدريه-جعلت فداك-متى يرضى اللّه عزّ و جل؟قال:يا أبا الجارود،إنّ اللّه أوحى إلى أمّ موسى،و هو خير من أم موسى،و أوحى اللّه إلى النحل، و هو خير من النحل،فعقلت المذهب،فقال لي:أعقلت المذهب؟قلت:نعم،فقال:إنّ القائم ليملك ثلاثمائة و تسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم،يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،و يفتح اللّه عليه شرق الأرض و غربها،يقتل الناس حتّى لا يرى إلاّ دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله،يسير بسيرة سليمان بن داود،يدعو الشمس و القمر فيجيبانه، و تطوى له الأرض،فيوحى اللّه إليه فيعمل بأمر اللّه (1).

93-روى الطوسي؛بإسناده عن جابر الجعفيّ قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:يبايع القائم بين الركن و المقام ثلاثمائة و نيّف،عدّة أهل بدر،فيهم النجباء من أهل مصر،و الأبدال من أهل الشام،و الأخيار من أهل العراق،فيقيم ما شاء اللّه أن يقيم (2).

94-روى العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه بإسناد يرفعه إلى أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

إنّ القائم ينتظر من يوم ذي طوى في عدّة أهل بدر،ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،حتّى يسند ظهره إلى الحجر،و يهزّ الراية المغلبة (3).

95-روى ابن حماد-من طريق العامة-بسنده عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:ثمّ يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء،و معه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قميصه و سيفه،و علامات، و نور،و بيان،فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول:أذكّركم اللّه أيّها الناس، و مقامكم بين يدي ربّكم،فقد اتّخذ الحجّة،و بعث الانبياء،و أنزل الكتاب،و أمركم أن لا تشركوا به شيئا،و أن تحافظوا على طاعته و طاعة رسوله،و أن تحيوا ما أحيا القرآن، و تميتوا ما أمات،و تكونوا أعوانا على الهدى،و وزرا على التقوى،فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها و زوالها،و آذنت بالوداع،فإنّي أدعوكم إلى اللّه و رسوله،و العمل بكتابه،و إماتة الباطل،و إحياء سنّته.2.

ص: 78


1- -الغيبة للطوسيّ 283؛بحار الأنوار 291/52.
2- -الغيبة للطوسيّ 284؛بحار الأنوار 334/52.
3- -بحار الأنوار 306/52.

فيظهر في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر،على غير ميعاد،قزعا كقزع الخريف،رهبان بالليل،اسد بالنهار،فيفتح اللّه للمهديّ أرض الحجاز،و يستخرج من كان في السجن من بني هاشم،و تنزل الرايات السود الكوفة،فتبعث بالبيعة للمهديّ، فيبعث المهديّ جنوده إلى الآفاق،و يميت الجور و أهله،و تستقيم له البلدان،و يفتح اللّه على يده القسطنطينيّة (1).

الآية العاشرة قوله تعالى: بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (2).

ملائكة بدر ينصرون المهديّ عليه السّلام

96-روى العيّاشيّ بإسناده عن ضريس بن عبد الملك،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إنّ الملائكة الّذين نصروا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر في الأرض،ما صعدوا بعد،و لا يصعدون حتّى ينصروا صاحب هذا الامر،و هم خمسة آلاف (3).

97-روى النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:ليس منّا أهل البيت أحد يدفع ضيما و لا يدعو إلى حق إلاّ صرعته البليّة،حتّى تقوم عصابة شهدت بدرا،و لا يوارى قتيلها و لا يداوى جريحها،قلت:من عنى(أبو جعفر عليه السّلام) بذلك؟قال:الملائكة (4).

98-روى النعمانيّ بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ،قال:قال لي أبو جعفر عليه السّلام:يا ثابت كأنّي بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا-و أومأ بيده إلى ناحية الكوفة-فإذا أشرف على نجفكم،نشر راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر.

قلت:و ما راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قال:عمودها من عمد عرش اللّه و رحمته،و سايرها من نصر اللّه،لا يهوي بها إلى شيء إلاّ أهلكه اللّه.قلت:فمخبوءة عندكم حتّى يقوم القائم عليه السّلام

ص: 79


1- -الفتن لابن حمّاد 90؛عقد الدرر 145 ب 7؛البرهان 141 ح 3.
2- -آل عمران:125.
3- -تفسير العيّاشيّ 197/1 ح 138؛بحار الأنوار 284/19.
4- -الغيبة للنعمانيّ 195 ح 3.

أم يؤتى بها؟قال:لا بل يؤتى بها،قلت:من يأتيه بها؟قال:جبرئيل عليه السّلام (1).

99-روى الشيخ المفيد بإسناده عن أبي بكر الحضرمي،عن أبي جعفر عليه السّلام:كأنّي بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكّة في خمسة آلاف من الملائكة،جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله،و المؤمنون بين يديه،و هو يفرّق الجنود في البلاد (2).

الآية الحادية عشرة قوله تعالى: وَ تِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ (3).

دولة القائم عليه السّلام دولة اللّه عزّ و جلّ

100-العيّاشيّ:عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ تِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ قال:ما زال منذ خلق اللّه آدم دولة للّه و دولة لابليس،فأين دولة اللّه،إنّما هو قائم واحد (4).

الآية الثانية عشرة قوله عزّ و جلّ: وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ (5).

101-روي عن سعيد بن جبير رحمه اللّه عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إمام أمّتي و خليفتي عليهم بعدي،و من ولده القائم المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما،و الّذي بعثني بالحقّ بشيرا،إنّ الثابتين على القول في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.

فقام إليه جابر بن عبد اللّه الانصاريّ فقال:يا رسول اللّه و للقائم من ولدك غيبة؟ فقال:اي و ربّي: وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ يا جابر إنّ هذا الامر من أمر اللّه و سرّ من سر اللّه،مطويّ عن عباده،فإيّاك و الشكّ في أمر اللّه فهو كفر (6).

102-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه قال:حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال:كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللّه روحه،فحضرته قبل وفاته بأيّام،فأخرج إلى

ص: 80


1- -نفس المصدر 308 ح 3؛بحار الأنوار 326/52.
2- -الإرشاد 362؛بحار الأنوار 336/52-337.
3- -آل عمران:140.
4- -تفسير العيّاشيّ 199/1 ح 145؛بحار الأنوار 54/51.
5- -آل عمران:141.
6- -فرائد السمطين 335/2 ح 559؛بحار الأنوار 73/51.

الناس توقيعا نسخته:

يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم اللّه أجر إخوانك فيك،فإنك ميّت ما بينك و بين ستة ايام،فاجمع أمرك و لا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك،فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلاّ بعد إذن اللّه تعالى ذكره،و ذلك بعد طول الأمد و قسوة القلوب،و امتلاء الأرض جورا،و سيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة،ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني فهو كذّاب مفتر،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم.

قال:فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده،فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه،فقيل له:من وصيّك من بعدك؟فقال:للّه أمر هو بالغه،و قضى،فهذا آخر كلام سمع منه رضي اللّه عنه و أرضاه (1).

103-روى الطوسيّ مرسلا عن جابر الجعفيّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:متى يكون فرجكم؟فقال:هيهات هيهات يكون فرجنا حتّى تغربلوا ثمّ تغربلوا ثمّ تغربلوا،يقولها ثلاثا،حتّى يذهب اللّه تعالى الكدر و يبقي الصفو (2).

104-روى النعمانيّ بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام يقول:و اللّه لتميّزن،و اللّه لتمحصنّ،و اللّه لتغربلنّ كما يغربل الزوان من القمح (3).

105-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن منصور الصيقل،عن أبيه قال:

كنت أنا و الحارث بن المغيرة و جماعة من أصحابنا جلوسا و أبو عبد اللّه عليه السّلام يسمع كلامنا، فقال لنا:في أيّ شيء أنتم؟هيهات هيهات،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه اعينكم حتّى تمحّصوا،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا،لا و اللّه ما يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلاّ بعد إياس،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى و يسعد من يسعد (4).

الآية الثالثة عشرة قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ2.

ص: 81


1- -بحار الأنوار 361/51.
2- -الغيبة للطوسيّ 206؛بحار الأنوار 113/52.
3- -الغيبة للنعمانيّ 205 ح 8؛بحار الأنوار 114/52.
4- -الكافي 370/1 ب 141 ح 6؛بحار الأنوار 111/52.

جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصّابِرِينَ 1 .

106-الحميريّ،عن الرضا عليه السّلام قال:و كان جعفر عليه السّلام يقول:و اللّه لا يكون الّذي تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزوا و تمحّصوا،ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء،و لا يبقى منكم إلاّ الأندر،ثمّ تلا هذه الآية: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصّابِرِينَ (1).

الآية الرابعة عشرة قوله تعالى: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ (2).

107-روى العيّاشيّ عن زرارة قال:كرهت أن اسأل أبا جعفر عليه السّلام في الرجعة،فأقبلت مسألة لطيفة أبلغ منها حاجتي،فقلت:جعلت فداك أخبرني عمّن قتل مات؟فقال عليه السّلام:

لا،الموت موت و القتل قتل.قال:فقلت له:ما أحد يقتل إلاّ مات.قال فقال:يا زرارة قول اللّه أصدق من قولك،قد فرّق بينهما في القرآن: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ و قال: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللّهِ تُحْشَرُونَ ليس كما قلت يا زرارة،الموت موت،و القتل قتل،و قد قال اللّه:

إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ الآية.قال:فقلت له:إنّ اللّه يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ أ فرأيت من قتل لم يمت؟قال:فقال:ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه،إنّ من قتل لا بد أن يرجع إلى الدنيا حتّى يذوق الموت (3).

الآية الخامسة عشرة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (4).

المرابطة في انتظار الإمام المهديّ عليه السّلام

108-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة،بإسناده عن بريد بن معاوية

ص: 82


1- -قرب الإسناد 162؛بحار الأنوار 113/52.
2- -آل عمران:144.
3- -تفسير العيّاشيّ 112/2 ح 139؛بحار الأنوار 65/53.
4- -آل عمران:200.

العجليّ،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا فقال:اصبروا على أداء الفرائض،و صابروا عدوّكم،و رابطوا إمامكم المنتظر (1).

109-روى العيّاشيّ عن يعقوب السّراج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟قال:فقال لي:إذا لا يعبد اللّه يا أبا يوسف،لا تخلو الأرض من عالم منّا ظاهر يفزع الناس في حلالهم و حرامهم،و إنّ ذلك لمبيّن في كتاب اللّه،قال اللّه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا -على دينكم- وَ صابِرُوا -عدوّكم فمن يخالفكم- وَ رابِطُوا -إمامكم- وَ اتَّقُوا اللّهَ -فيما أمركم به و افترض عليكم (2).4.

ص: 83


1- -الغيبة للنعمانيّ 199 ح 13؛بحار الأنوار 219/44.
2- -تفسير العيّاشيّ 212/1 ح 181؛بحار الأنوار 217/24.

سورة النساء

اشارة

الآية السادسة عشرة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَ كانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً (1).

110-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة،بإسناده عن الحسن بن محبوب،عن عمرو بن أبي المقدام و جابر بن يزيد الجعفيّ،قال:قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام:

يا جابر الزم الأرض فلا تحرّك يدا و لا رجلا حتّى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها:

أوّلها اختلاف ولد فلان(بني العباس)و ما أراك تدرك ذلك،و لكن حدّث به بعدي،و مناد ينادي من السماء،و يجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح،و تخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية،و تسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن،و مارقة تمرق من ناحيه الترك،فيعقبها هرج الروم،و يستقبل اخوان الترك حتّى ينزلوا الجزيرة،و تستقبل مارقة الروم حتّى ينزلوا الرملة،فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كلّ أرض من ناحية المغرب،فأوّل ارض تخرب أرض الشام،ثمّ يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات:راية الأصهب،و راية الأبقع،و راية السفيانيّ،فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون،فيقتله

ص: 84


1- -النساء:47.

السفياني و من معه،ثمّ يقتل الأصهب،ثمّ لا يكون له همّة إلاّ الإقبال نحو العراق،و يمرّ جيشه بقرقيسا فيقتتلون بها،فيقتل من الجبارين مائة ألف،و يبعث السفياني جيشا إلى الكوفة و عدّتهم سبعون ألفا،فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا،فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيّا حثيثا و معهم نفر من أصحاب القائم عليه السّلام،و يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في صنعاء،فيقتله أمير جيش السفيانيّ بين الحيرة و الكوفة،و يبعث السفيانيّ بعثا إلى المدينة،فينفر المهديّ عليه السّلام منها إلى مكّة، فيبلغ أمير جيش السفياني بأنّ المهديّ عليه السّلام،قد خرج إلى مكّة،فيبعث جيشا على اثره فلا يدرك حتّى يدخل مكّة خائفا يترقّب على سنّة موسى بن عمران عليه السّلام.

قال:و ينزل أمير جيش السفيانيّ البيداء،فينادي مناد من السماء:يا بيداء أبيدي القوم،فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر يحوّل اللّه وجوههم إلى أقفيتهم و هم من كلب،و فيهم نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ..الآية،قال:و القائم عليه السّلام يومئذ بمكّة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به فينادي:

يا أيّها الناس إنّا نستنصر اللّه،فمن اجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد،و نحن أولى الناس باللّه و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله،فمن حاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم عليه السّلام،و من حاجّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح عليه السّلام،و من حاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم عليه السّلام،و من حاجّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله،و من حاجّني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين...الحديث (1).

الآية السابعة عشرة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً (2).

111-الشّيخ الصدوق،بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ،قال:سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ يقول:لمّا أنزل اللّه عزّ و جلّ على نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا9.

ص: 85


1- -الغيبة للنعمانيّ 149؛الاختصاص 255.
2- -النساء:59.

أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت:يا رسول اللّه عرفنا اللّه و رسوله،فمن أولو الأمر الّذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟فقال عليه الصلاة و السلام:هم خلفائي يا جابر و أئمّة المسلمين من بعدي،أوّلهم عليّ بن أبي طالب،ثمّ الحسن،ثمّ الحسين،ثمّ عليّ بن الحسين،ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر،ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام،ثمّ الصادق جعفر بن محمّد،ثمّ موسى بن جعفر،ثمّ عليّ بن موسى،ثمّ محمّد بن عليّ،ثمّ عليّ بن محمّد،ثمّ الحسن بن عليّ،ثمّ سميّي و كنيّي حجّة اللّه في أرضه و بقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ،ذاك الّذي يفتح اللّه تعالى ذكره(به) مشارق الأرض و مغاربها على يديه،ذاك الّذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للايمان.قال جابر:فقلت له:يا رسول اللّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟فقال عليه الصلاة و السلام:أي و الّذي بعثني بالنبوة،إنّهم يستضيئون بنوره،و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و إن يجللها سحاب،يا جابر،هذا من مكنون سر اللّه و مخزون علمه،فاكتمه إلاّ من أهله (1).

112-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي خالد الكابليّ،قال:دخلت على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السّلام فقلت له:يا ابن رسول اللّه أخبرني بالّذين فرض اللّه عزّ و جلّ طاعتهم و مودّتهم،و أوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقال لي:يا كابليّ إنّ أولي الامر الّذين جعلهم اللّه عزّ و جلّ أئمّة الناس و أوجب عليهم طاعتهم؛أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثمّ الحسن عمّي،ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهى الأمر إلينا،ثمّ سكت.فقلت له:يا سيّدي روي لنا عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ الأرض لا تخلو من حجّة للّه تعالى على عباده،فمن الحجّة و الإمام بعدك؟قال:ابني محمّد،و اسمه في صحف الأولين باقر،يبقر العلم بقرا،هو الحجّة و الإمام بعدي،و من بعد محمّد ابنه جعفر،و اسمه عند أهل السماء الصادق.قلت:يا سيدي فكيف صار اسمه الصادق و كلهم صادقون؟قال:حدّثني أبي،عن أبيه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب،فسمّوه الصادق،فإنّ الخامس3.

ص: 86


1- -كمال الدّين 253/1 ح 3؛بحار الأنوار 289/23.

من ولده الّذي اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراء على اللّه و كذبا عليه،فهو عند اللّه«جعفر الكذّاب»المفتري على اللّه تعالى،و المدّعي لما ليس له بأهل،المخالف لأبيه و الحاسد لاخيه،و ذلك الّذي يروم كشف ستر اللّه عزّ و جلّ عند غيبة وليّ اللّه،ثمّ بكى عليّ بن الحسين عليه السّلام بكاء شديدا،ثمّ قال:كأنّي بجعفر الكذّاب و قد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ اللّه،و المغيّب في حفظ اللّه.و التوكيل بحرم ابيه جهلا منه برتبته،و حرصا منه على قتله ان ظفر به،و طمعا في ميراث أخيه حتّى يأخذه بغير حقّ.فقال أبو خالد:

فقلت:يا ابن رسول اللّه و إنّ ذلك لكائن؟فقال:اي و ربّي إنّ ذلك مكتوب عندنا في الصحيفة الّتي فيها ذكر المحن الّتي تجري علينا بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.فقال أبو خالد:فقلت:

يا ابن رسول اللّه ثمّ يكون ما ذا؟قال:تمتدّ الغيبة بوليّ اللّه الثاني عشر من أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الائمّة بعده،يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته و المنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان،فإنّ اللّه تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة،و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالسيف،اولئك المخلصون حقّا و شيعتنا صدقا،و الدعاة إلى دين اللّه عزّ و جل سرّا و جهرا.و قال عليه السّلام:انتظار الفرج من أعظم الفرج (1).

113-روى أبان عن سليم بن قيس،قال:قلت:يا أمير المؤمنين،إنّي سمعت من سلمان و المقداد و أبي ذر شيئا من تفسير القرآن و من الرواية عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم،و رأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و من الأحاديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تخالف الّذي سمعته منكم،و انتم تزعمون أنّ ذلك باطل،أ فترى يكذبون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّدين و يفسّرون القرآن برأيهم؟قال:فأقبل عليّ عليه السّلام فقال لي:يا سليم قد سألت فافهم الجواب،إنّ في أيدي الناس حقّا و باطلا،و صدقا و كذبا، و ناسخا و منسوخا،و خاصّا و عامّا،و محكما و متشابها،و حفظا و وهما،و قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده حتّى قام خطيبا فقال:أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابة،فمن كذب عليّ متعمدا،فليتبوّأ مقعده من النار،ثمّ كذب عليه من بعده حين توفّي،رحمة اللّه6.

ص: 87


1- -كمال الدّين 319/1 ج 2؛بحار الأنوار 286/36.

على نبيّ الرحمة،و صلى اللّه عليه و آله..الحديث(حتّى يصل إلى قوله)فقلت له ذات يوم:

يا نبيّ اللّه إنّك منذ يوم دعوت اللّه لي بما دعوت،لم أنس شيئا ممّا علّمتني،فلم تمليه عليّ و تأمرني بكتابته،أ تتخوّف عليّ النسيان؟

فقال:يا أخي لست أتخوّف عليك النّسيان و لا الجهل،و قد أخبرني اللّه أنّه قد استجاب لي فيك،و في شركائك الّذين يكونون من بعدك.قلت:يا نبي اللّه و من شركائي؟ قال:الّذين قرنهم اللّه بنفسه و بي معه،الّذين قال في حقّهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ .

قلت:يا نبيّ اللّه و من هم؟قال:الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ حوضي،كلّهم هاد مهتد،لا يضرّهم كيد من كادهم،و لا خذلان من خذلهم،هم مع القرآن،و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم،بهم ينصر اللّه أمّتي،و بهم يمطرون و يدفع عنهم بمستجاب دعوتهم.

فقلت:يا رسول اللّه سمّهم لي.فقال:ابني هذا-و وضع يده على رأس الحسن-ثمّ ابني هذا-و وضع يده على رأس الحسين،ثمّ ابن ابني هذا-و وضع يده على رأس الحسين-ثمّ ابن له على اسمي اسمه محمّد،باقر علمي و خازن وحي اللّه،و سيولد عليّ في حياتك يا أخي،فاقرأه منّي السلام،ثمّ أقبل على الحسين فقال:سيولد لك محمّد بن عليّ في حياتك،فاقرأه منّي السلام،ثمّ تكملة الاثني عشر إماما من ولدك يا أخي.

فقلت:يا نبي اللّه سمّهم لي.

فسمّاهم لي رجلا رجلا،منهم و اللّه-يا أخا بني هلال-مهديّ هذه الامة الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.و اللّه إنّي لأعرف جميع من يبايعه بين الركن و المقام،و أعرف أسماء الجميع و قبائلهم. (1).

114-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قال:الائمّة من ولد عليّ و فاطمة عليهما السّلام إلى أن تقوم الساعة (2).8.

ص: 88


1- -سليم بن قيس 103-108؛بحار الأنوار 273/36.
2- -كمال الدّين 222/1 ح 8.

115-روى العيّاشيّ بإسناده عن أبان،أنّه دخل عليّ أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

فسألته عن قول اللّه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال:

ذلك عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ثمّ سكت،قال:فلمّا طال سكوته قلت:ثمّ من؟قال:ثمّ الحسن،ثمّ سكت،فلمّا طال سكوته،قلت:ثمّ من؟قال:الحسين،قلت:ثمّ من؟قال:

ثمّ عليّ بن الحسين و سكت،فلم يزل يسكت عند كلّ واحد،حتّى أعيد المسألة،فيقول حتّى سمّاهم إلى آخرهم عليهم السّلام (1).

116-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ،قال:قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام:لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ و الإمام؟فقال عليه السّلام:لبقاء العالم على صلاحه،و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام،قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:النجوم أمان لأهل السماء،و أهل بيتي أمان لأهل الأرض،فإذا ذهبت النجوم،أتى أهل السماء ما يكرهون،و إذا ذهب أهل بيتي،أتى أهل الأرض ما يكرهون،يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن اللّه عزّ و جلّ طاعتهم بطاعته فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ .

و هم المعصومون المطهّرون الّذين لا يذنبون و لا يعصون،و هم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون،بهم يرزق اللّه عباده،و بهم يعمر بلاده،و بهم ينزل القطر من السماء،و بهم يخرج بركات الأرض،و بهم يمهل أهل المعاصي و لا يعجل عليهم بالعقوبة و العذاب، لا يفارقهم روح القدس و لا يفارقونه،و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم،صلوات اللّه عليهم أجمعين (2).

117-روى العيّاشيّ بإسناده عن بريد بن معاوية قال:كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فسألته عن قول اللّه: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان جوابه أن قال عليه السّلام: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطّاغُوتِ -فلان و فلان- وَ يَقُولُونَ3.

ص: 89


1- -تفسير العيّاشيّ 251/1 ح 171؛بحار الأنوار 292/23.
2- -علل الشرائع 123 ح 1؛بحار الأنوار 19/23.

لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (و يقول)الائمّة الضالّة و الدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمّد و أوليائهم سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً* أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ -يعني الامامة و الخلافة- فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِيراً نحن الناس الّذي عنى اللّه،و النقير النقطة الّتي رأيت في وسط النواة.

أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فنحن المحسودون على ما آتانا اللّه من الإمامة دون خلق اللّه جميعا فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول:فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمّة،فكيف يقرّون بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله؟ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً -إلى قوله- وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً .

قال:قلت:قوله في آل إبراهيم: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ما الملك العظيم؟

قال:أن جعل منهم أئمّة،من اطاعهم اطاع اللّه،و من عصاهم عصى اللّه،فهو الملك العظيم.قال:ثمّ قال: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ،إلى: سَمِيعاً بَصِيراً ، قال:إيّانا عنى،أن يؤدّي الأول منا إلى الإمام الّذي بعده الكتب و العلم و السلاح. وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ،الّذي في أيديكم،ثمّ قال للناس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ،فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، إيّانا عنى خاصة-الحديث (1).

118-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن عيسى بن السري،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:حدّثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام،إذا أنا اخذت بها زكى عملي و لم يضرّني جهل ما جهلت بعده.فقال عليه السّلام:شهادة أن لا إله إلا اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الإقرار بما جاء به من عند اللّه،و حقّ في الأموال من الزكاة،و الولاية الّتي أمر اللّه عزّ و جلّ بها ولاية آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:من مات و لا يعرف إمامه،مات ميتة جاهلية،قال اللّه عزّ و جلّ: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان عليّ عليه السّلام،ثمّ صار من بعده حسن،ثمّ من بعده حسين،ثمّ من بعده عليّ بن الحسين،ثمّ3.

ص: 90


1- -تفسير العيّاشيّ 246/1 ح 153؛بحار الأنوار 289/23.

من بعده محمّد بن عليّ،ثمّ هكذا يكون الأمر،إنّ الأرض لا تصلح إلا بإمام،و من مات لا يعرف إمامه،مات ميتة جاهلية،و أحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا -قال:و أهوى بيده إلى صدره-يقول حينئذ:لقد كنت على أمر حسن (1).

119-روى العلاّمة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمريّ قدّس سرّه قال:تشاجر القزوينيّ و جماعة من الشيعة في الخلف،فذكر ابن أبي غانم،أنّ أبا محمّد عليه السّلام مضى و لا خلف له،ثمّ أنّهم كتبوا في ذلك كتابا و أنفذوه إلى الناحية، و أعلموه بما تشاجروا فيه.فورد جواب كتابهم بخطّه صلى اللّه عليه و على آبائه:

عافانا اللّه و إيّاكم من الفتن،و وهب لنا و لكم روح اليقين،و أجارنا و إيّاكم من سوء المنقلب،انّه أنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدّين،و ما دخلهم من الشكّ و الحيرة في ولاة أمرهم،فغمّنا ذلك لكم لا لنا،و ساءنا فيكم لا فينا،لأنّ اللّه معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، و الحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنا،و نحن صنائع ربّنا و الخلق بعد صنائعنا.

يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون،و في الحيرة تتمسّكون،أو ما سمعتم اللّه يقول:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ أو ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون و يحدث في أئمّتكم،على الماضين و الباقين منهم السلام؟

أو ما رأيتم كيف جعل اللّه لكم معاقل تأوون إليها،و أعلاما تهتدون بها،من لدن آدم عليه السّلام إلى أن ظهر الماضي عليه السّلام،كلّما غاب علم بدا علم،و إذا أفل نجم طلع نجم،فلمّا قبضه اللّه إليه ظننتم أنّ اللّه أبطل دينه،و قطع السبب بينه و بين خلقه،كلاّ ما كان ذلك و لا يكون،حتّى تقوم الساعة و يظهر أمر اللّه و هم كارهون،و إنّ الماضي عليه السّلام مضى سعيدا فقيدا على منهاج آبائه عليهم السّلام(حذو النعل بالنعل)و فينا وصيّته و علمه،و منه خلفه و من يسدّ مسدّه،و لا ينازعنا موضعه إلاّ ظالم آثم،و لا يدّعيه دوننا إلاّ كافر جاحد،و لو لا أنّ أمر اللّه لا يغلب،و سرّه لا يظهر و لا يعلن،لظهر لكم من حقّنا ما تبتز منه عقولكم،و يزيل شكوككم،و لكنّه ما شاء اللّه كان،و لكلّ أجل كتاب،فاتّقوا اللّه و سلّموا لنا و ردّوا الأمر إلينا،فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد،و لا تحاولوا كشف ما غطّي عنكم،و لا تميلوا3.

ص: 91


1- -الكافي 21/2 ح 9؛بحار الأنوار 289/23.

عن اليمين و تعدلوا إلى اليسار،و اجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السنّة الواضحة؟فقد نصحت لكم،و اللّه شاهد عليّ و عليكم،و لو لا ما عندنا من محبّة صاحبكم و رحمتكم، و الاشفاق عليكم،لكنّا عن مخاطبتكم في شغل ممّا قد امتحنّا به من منازعة الظالم العتلّ،الضالّ المتتابع في غيّه،المضادّ لربّه،المدّعي ما ليس له،الجاحد حقّ من افترض اللّه طاعته،الظالم الغاصب،و في ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و عليها إليّ اسوة حسنة،و سيتردّى الجاهل رداء عمله،و سيعلم الكافر لمن عقبى الدار.

عصمنا اللّه و إيّاكم من المهالك و الأسواء،و الآفات و العاهات كلّها برحمته،إنّه ولي ذلك و القادر على ما يشاء،و كان لنا و لكم وليّا و حافظا،و السلام على جميع الأوصياء و الأولياء و المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته،و صلّى اللّه على النبيّ محمّد و آله و سلّم تسليما (1).

120-و روى الطبرسيّ رحمه اللّه بإسناده عن الشيخ الصدوق،عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ قدّس سرّه:أنّه جاء بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن عليّ كتب إليه كتابا يعرّفه نفسه، و يعلمه أنّه القيم بعد اخيه،و أنّ عنده من علم الحلال و الحرام ما يحتاج إليه،و غير ذلك من العلوم كلّها.

قال أحمد بن اسحاق:فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السّلام و صيّرت كتاب جعفر في درجه،فخرج إليّ الجواب في ذلك:

أتاني كتابك أبقاك اللّه و الكتاب الّذي أنفذت درجه،و أحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه،على اختلاف ألفاظه و تكرر الخطأ فيه،و لو تدبّرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه،و الحمد للّه رب العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا و فضله علينا،أبى اللّه عزّ و جلّ للحقّ إلا إتماما،و للباطل إلاّ زهوقا،و هو شاهد عليّ بما أذكره،ولي عليكم بما أقوله،إذا اجتمعنا اليوم الّذي لا ريب فيه،و يسألنا عمّا نحن فيه مختلفون.

و إنّه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه،و لا عليك و لا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة،و لا طاعة و لا ذمّة،و سأبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء0.

ص: 92


1- -الاحتجاج للطبرسيّ 278/2-280.

اللّه.

يا هذا يرحمك اللّه،إنّ اللّه تعالى لم يخلق الخلق عبثا،و لا أهملهم سدى،بل خلقهم بقدرته،و جعل لهم أسماعا و أبصارا و قلوبا و البا،ثمّ بعث النبيّين عليهم السّلام مبشّرين و منذرين، يأمرونهم بطاعته،و ينهونهم عن معصيته،و يعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم و دينهم، و أنزل عليهم كتابا،و بعث اليهم ملائكة،و باين بينهم و بين من بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم،و ما آتاهم اللّه من الدلائل الظاهرة و البراهين الباهرة،و الآيات الغالبة، فمنهم:من جعل النار عليه بردا و سلاما و اتّخذه خليلا،و منهم:من كلّمه تكليما و جعل عصاه ثعبانا مبينا،و منهم:من أحيا الموتى بإذن اللّه و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و منهم:من علّمه منطق الطير و اوتي من كلّ شيء.

ثمّ بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله رحمة للعالمين و تمم به نعمته،و ختم به أنبياءه،و أرسله إلى الناس كافّة،و أظهر من صدقه ما أظهر،و بيّن من آياته و علاماته ما بيّن،ثمّ قبضه صلّى اللّه عليه و آله حميدا فقيدا سعيدا،و جعل الأمر من بعده إلى أخيه و ابن عمّه و وصيّه و وارثه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحدا بعد واحد،أحيا بهم دينه،و أتمّ بهم نوره، و جعل بينهم و بين اخوتهم و بني عمّهم و الأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بيّنا، تعرف به الحجّة من المحجوج،و الإمام من المأموم،بأن عصمهم من الذنوب،و برّأهم من العيوب،و طهّرهم من الدنس،و نزّههم من اللبس،و جعلهم خزّان علمه،و مستودع حكمته،و موضع سرّه،أيّدهم بالدلائل و لو لا ذلك لكان الناس على سواه،و لادّعى أمر اللّه عزّ و جلّ كلّ أحد،و لما عرف الحق من الباطل،و لا العلم من الجهل.

و قد ادّعى هذا المبطل المدّعي على اللّه الكذب بما ادّعاه،فلا أدري بأيّة حالة هي له،رجا أن يتمّ دعواه،بفقه في دين اللّه؟!فو اللّه ما يعرف حلالا من حرام،و لا يفرّق بين خطأ و صواب.أم بعلم؟!فما يعلم حقّا من باطل،و لا محكما من متشابه،و لا يعرف حدّ الصلاة و وقتها.أم بورع؟!فاللّه شهيد على تركه الصلاة الفرض(أربعين يوما)يزعم ذلك لطلب الشعوذة،و لعلّ خبره تأدّى اليكم،و هاتيك ظروف مسكره منصوبة،و آثار عصيانه للّه عزّ و جلّ مشهورة قائمة.

ص: 93

أم بآية؟!فليأت بها.أم بحجّة؟!فليقمها.أم بدلالة؟!فليذكرها.

قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ* قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَ إِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (1).

فالتمس-تولّى اللّه توفيقك-من هذا الظالم ما ذكرت لك،و امتحنه و اسأله عن آية من كتاب اللّه يفسّرها،أو صلاة يبيّن حدودها و ما يجب فيها،لتعلم حاله و مقداره، و يظهر لك عواره و نقصانه و اللّه حسيبه.

حفظ اللّه الحقّ على أهله،و أقرّه في مستقره،و أبى اللّه عزّ و جلّ أن تكون الإمامة في الأخوين إلاّ في الحسن و الحسين،و إذا أذن اللّه لنا في القول ظهر الحق و اضمحلّ الباطل، و انحسر عنكم،و إلى اللّه أرغب في الكفاية،و جميل الصنع و الولاية،و حسبنا اللّه و نعم الوكيل،و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد (2).

121-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن ابن بهلول،قال:حدّثني عبد اللّه ابن أبي الهذيل-و سألته عن الامامة فيمن تجب و ما علامة من تجب له الامامة؟-فقال:إنّ الدليل على ذلك و الحجّة على المؤمنين و القائم بامور المسلمين و الناطق بالقرآن و العالم بالأحكام أخو نبيّ اللّه،و خليفته على أمّته،و وصيّه عليهم،و وليّه الّذي كان منه بمنزلة هارون من موسى،المفروض الطاعة بقول اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الموصوف بقوله عزّ و جلّ: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (3)المدعو إليه بالولاية، المثبت له الإمامة يوم غدير خمّ بقول الرسول صلّى اللّه عليه و آله عن اللّه عزّ و جلّ:أ لست أولى بكم منكم5.

ص: 94


1- -الأحقاف:1-6.
2- -الاحتجاج 279/2-281.
3- -المائدة:55.

بأنفسكم؟قالوا:بلى،قال:فمن كنت مولاه فعلي مولاه،اللّهم وال من والاه،و عاد من عاداه،و انصر من نصره،و اخذل من خذله،و أعن من أعانه،و أعزّ من أطاعه،ذلك،عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أمير المؤمنين و إمام المتقين،و قائد الغرّ المحجلين،و أفضل الوصيّين، و خير الخلق أجمعين بعد رسول اللّه عليه السّلام.

و بعده الحسن بن عليّ،ثمّ الحسين عليهما السّلام سبطا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ابنا خيرة النسوان أجمعين،ثمّ عليّ بن الحسين،ثمّ محمّد بن عليّ،ثمّ جعفر بن محمّد،ثمّ موسى بن جعفر،ثمّ عليّ بن موسى،ثمّ محمّد بن عليّ،ثمّ عليّ بن محمّد،ثمّ الحسن بن عليّ،ثمّ محمّد بن الحسن عليهم السّلام إلى يومنا هذا،واحدا بعد واحد،و هم عترة الرسول صلّى اللّه عليه و آله المعروفون بالوصية و الإمامة،لا تخلو الأرض من حجّة منهم في كلّ عصر و زمان،و في كلّ وقت و أوان،و إنّهم العروة الوثقى و أئمّة الهدى،و الحجّة على أهل الدنيا،إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها،و كلّ من خالفهم ضالّ مضلّ،تارك للحق و الهدى،و هم المعبّرون عن القرآن، و الناطقون عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله،من مات و لا يعرفهم،مات ميتة الجاهلية،و دينهم الورع و العفّة و الصدق و الصلاح و الاجتهاد،و أداء الامانة إلى البرّ و الفاجر،و طول السجود، و قيام الليل،و اجتناب المحارم،و انتظار الفرج بالصبر،و حسن الصحبة،و حسن الجوار.

ثمّ قال تميم بن بهلول:حدّثنى أبو معاوية،عن الأعمش،عن جعفر بن محمّد عليه السّلام في الإمامة مثله سواء (1).

122-روى عن ابن أبي عمير،عن هشام بن سالم،قال:كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام إذ دخل عليه معاوية بن عمار و عبد الملك بن أعين،و ذكر حديثا للامام الصادق عليه السّلام حول الرؤية،ثمّ قال:عليه السّلام:إنّ أفضل الفرائض و أوجبها على الانسان معرفة الربّ و الإقرار له بالعبوديّة،و حدّ المعرفة أن يعرف أنّه لا إله غيره و لا شبيه له و لا نظير له، و أن يعرف أنّه قديم مثبت،موجود غير فقيد،موصوف من غير شبيه،و لا مثيل له،ليس كمثله شيء و هو السميع البصير.

و بعده معرفة الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و الشهادة له بالنبوّة،و أدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوّته،6.

ص: 95


1- -كمال الدّين 193/2-194؛بحار الأنوار 396/36.

و أنّ ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من اللّه عزّ و جلّ.

و بعده معرفة الإمام الّذي يأتمّ بنعته و صفته و اسمه في حال العسر و اليسر،و أدنى معرفة الإمام أنّه عدل النبيّ-إلاّ درجة النبوّة-و وارثه،و أنّ طاعته طاعة اللّه و طاعة رسول اللّه،و التسليم له في كلّ أمر،و الرّد إليه،و الأخذ بقوله،و يعلم أنّ الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ بن أبي طالب،و بعده الحسن،ثمّ الحسين،ثمّ عليّ بن الحسين،ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنا،ثمّ بعدي موسى ابني،و بعده عليّ ابنه،و بعد عليّ محمّد ابنه،و بعد محمّد عليّ ابنه، و بعد عليّ الحسن ابنه،و الحجّة من ولد الحسن.ثمّ قال:يا معاوية جعلت لك أصلا في هذا،فاعمل عليه...الحديث (1).

الآية الثامنة عشرة قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .

123-روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب للصادق عليه السّلام قال:قال:النبيّين:

رسول اللّه،و الصدّيقين:عليّ عليه السّلام،و الشهداء:الحسن و الحسين عليهما السّلام،و الصالحين:الأئمّة و حسن اولئك رفيقا:القائم من آل محمّد عليهم الصلاة و السلام (2).

124-روى الحافظ الحاكم الحسكانيّ أيضا،قال أخبرنا أبو العباس الفرغانيّ بإسناده عن سعد بن حذيفة،عن أبيه حذيفة بن اليمان قال:دخلت على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و قد نزلت عليه هذه الآية: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فأقرأنيها صلّى اللّه عليه و آله فقلت:يا نبيّ اللّه فداك أبي و أمي،من هؤلاء إنّي أجد اللّه بهم حفيّا،قال:يا حذيفة أنا من النبيّين الّذين أنعم اللّه عليهم،أنا أوّلهم في النبوّة،و آخرهم في البعث،و من الصدّيقين عليّ بن أبي طالب،و لمّا بعثني اللّه عزّ و جلّ برسالته،كان أوّل من صدّق بي،ثمّ من الشهداء حمزة و جعفر،و من الصالحين الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة،و حسن أولئك رفيقا:المهديّ في زمانه (3).

125-روى الحافظ الحاكم الحسكانيّ أيضا قال:أخبرنا أبو سعد محمّد بن عليّ9.

ص: 96


1- -كفاية الأثر 35؛بحار الأنوار 406/36-408.
2- -تفسير القمّيّ 142/1.
3- -شواهد التنزيل 198/1 ح 209.

الحبريّ و أبو بكر محمّد بن عبد العزيز الجوديّ،قالا:بإسنادهما عن أبي أحمد داود بن سليمان قال:حدّثني عليّ بن موسى الرضا،قال:أخبرني أبي،عن أبيه جعفر،عن أبيه محمّد،عن أبيه عليّ،عن أبيه الحسين،عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هذه الآية: أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قال:من النبيّين محمّد و من الصدّيقين عليّ بن أبي طالب و من الشهداء حمزة و من الصالحين الحسن و الحسين وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قال:القائم من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم (1).

126-روى الحافظ الحاكم الحسكانيّ،قال:بإسناده عن أبي صالح،عن عبد اللّه بن عبّاس،في قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ يعني في فرائضه،و من اَلصّالِحِينَ الحسن و الحسين وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فهو المهديّ في زمانه (2).

127-روي في كفاية الأثر بالإسناد عن أمّ سلمة،قالت:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه سبحانه: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .قال صلّى اللّه عليه و آله: اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ :أنا، وَ الصِّدِّيقِينَ عليّ بن أبي طالب، وَ الشُّهَداءِ :الحسن و الحسين و حمزة، وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً :

الأئمّة الاثني عشر بعدي (3).

128-روى فرات الكوفي،عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:إنّي اريد أن أذكر حديثا،فقال عمار بن ياسر فذكره،قال:

إنّي اريد أن أذكر حديثا،قال أبو أيوب الأنصاريّ:فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تذكره؟فقال:ما قلت هذا إلاّ و أنا اريد أن أذكره،ثمّ قال:

إذا جمع اللّه الأوّلين و الآخرين،كان أفضلهم سبعة منّا بني عبد المطلب،الأنبياء أكرم الخلق على اللّه،و نبيّنا أكرم الأنبياء،ثمّ الأوصياء أفضل الامم بعد الأنبياء،و وصيّه أفضل الأوصياء،ثمّ الشهداء أفضل الأمم بعد الأنبياء و الأوصياء،و حمزة سيد الشهداء،و جعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة لم ينحله شهيد قطّ قبله،و إنّما ذلك شيء أكرم اللّه به وجه3.

ص: 97


1- -نفس المصدر 197/1 ج 207.
2- -نفس المصدر 198/1 ح 208.
3- -كفاية الأثر 182؛بحار الأنوار 336/23.

محمّد صلّى اللّه عليه و آله.ثمّ قال: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً* ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ عَلِيماً .و السبطان حسن و حسين،و المهديّ عليهم السّلام جعله اللّه ممّن يشاء من أهل البيت (1).

قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَ لا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (2).

129-روى ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه اللّه بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:و اللّه للذي صنعه الحسن بن عليّ عليهما السّلام كان خيرا لهذه الامة ممّا طلعت عليه الشمس، فو اللّه لقد نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنّما هي طاعة الإمام،و طلبوا القتال فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين عليه السّلام قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السّلام (3).

130-و روى العيّاشيّ رحمه اللّه بإسناده عن ادريس مولى لعبد اللّه بن جعفر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في تفسير هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ مع الحسن وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى خروج القائم عليه السّلام،فإنّ معهم النصر و الظفر،قال اللّه:

قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى. ..الآية (4).

131-روى العيّاشيّ أيضا بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:و اللّه للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليهما السّلام كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس،و اللّه لفيه نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنّما هي طاعة الامام،فطلبوا القتال: فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ4.

ص: 98


1- -تفسير فرات 35؛بحار الأنوار 32/24 و 273/32.
2- -النساء:77.
3- -روضة الكافي 330؛بحار الأنوار 25/44.
4- -تفسير العيّاشيّ 257/1 ح 195؛بحار الأنوار 217/44.

عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ و قوله: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السّلام (1).

الآية التاسعة عشرة قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ وَ مَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (2).

132-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن هشام بن سالم،عن الصادق جعفر بن محمّد،عن أبيه،عن جدّه عليهم السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:القائم من ولدي اسمه اسمي،و كنيته كنيتي،و شمائله شمائلي،و سنّته سنّتي،يقيم الناس على ملّتي و شريعتي،و يدعوهم إلى كتاب ربّي عزّ و جلّ،من أطاعه فقد اطاعني،و من عصاه فقد عصاني،و من أنكره في غيبته فقد انكرني،و من كذّبه فقد كذّبني،و من صدّقه فقد صدّقني،إلى اللّه أشكو المكذّبين لي في أمره،و الجاحدين لقولي في شأنه،و المضلّين لأمّتي عن طريقته، و سيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون (3).

الآية العشرون قوله سبحانه: وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَ كانَ اللّهُ واسِعاً حَكِيماً (4).

133-و من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون جاء فيها:و يسير الصدّيق الأكبر براية الهدى و السيف ذي الفقار و المخصرة حتّى ينزل أرض الهجرة مرّتين و هي الكوفة،فيهدم مسجدها و يبنيه على بنائه الأوّل،و يهدم ما دونه من دور الجبابرة،و يسير إلى البصرة حتّى يشرف على بحرها و معه التابوت و عصا موسى،فيعزم عليه،فيزفر زفرة بالبصرة،فتصير بحرا لجّيا،فيغرقها لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ سفينة على ظهر الماء،ثمّ يسير إلى حروراء ثمّ يحرقها،و يسير من باب بني أسد حتّى يزفر زفرة في ثقيف و هم زرع فرعون،ثمّ يسير إلى مصر،فيعلو منبره و يخطب الناس،فتستبشر الأرض بالعدل،و تعطي السماء قطرها،و الشجر ثمرها،و الأرض نباتها،و تتزيّن لأهلها،و تأمن الوحوش حتّى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم،و يقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا0.

ص: 99


1- -تفسير العيّاشيّ 258/1 ح 196؛بحار الأنوار 132/52.
2- -النساء:80.
3- -كمال الدّين 411/2 ح 6؛بحار الأنوار 73/51.
4- -النساء:130.

يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم،فيومئذ تأويل هذه الآية: يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ .(الحديث) (1).

الآية الحادية و العشرون قوله تعالى: وَ قَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً* بَلْ رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (2).

تشبيه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبات عيسى عليه السّلام

134-روى العلاّمة البيّاضي رحمه اللّه قال:أسند الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ،إلى سدير الصيرفيّ،قال:دخلت أنا و المفضل بن عمرو أبان بن تغلب على الصادق عليه السّلام فقال:إنّ اللّه تعالى إذا آن لقائمنا،قدّر ثلاثة لثلاثة:قدّر مولده بمولد موسى،و غيبته بغيبة عيسى، و إبطاءه بإبطاء نوح،و جعل له بعد ذلك عمر العبد الصالح-يعني الخضر-دليلا على عمره.ثمّ قال بعد ذلك:و أمّا غيبة عيسى،فإنّ الكتابيين اتّفقوا على قتله،فكذّبهم اللّه بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ و غيبة القائم تنكرها الأمّة لطولها،فمن قائل لم يولد،و قائل ولد و مات،و قائل إنّ حادي عشرنا كان عقيما،و قائل يتعدّى الأمر عن اثنى عشر،و قائل:إنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره (3).

135-و روى الصدوق بإسناده عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان بين عيسى و بين محمّد صلّى اللّه عليه و آله خمسمائة عام منها مائتان و خمسون عاما ليس فيها نبيّ و لا عالم ظاهر،قلت:فما كانوا؟قال:كانوا متمسّكين بدين عيسى عليه السّلام،قلت:فما كانوا؟ قال:كانوا مؤمنين،ثمّ قال عليه السّلام:و لا يكون الأرض إلاّ و فيها عالم.

و كان ممّن ضرب في الأرض لطلب الحجّة سلمان الفارسيّ رضى اللّه عنه فلم يزل ينتقل من عالم إلى عالم،و من فقيه إلى فقيه،و يبحث عن الأسرار و يستدلّ بالاخبار منتظرا لقيام القائم سيّد الأوّلين و الآخرين محمّد صلّى اللّه عليه و آله أربعمائة سنة حتّى بشّر بولادته،فلمّا أيقن

ص: 100


1- -مختصر بصائر الدرجات 519.
2- -النساء:157 و 158.
3- -الصراط المستقيم 227/2.

بالفرج،خرج يريد تهامة فسبي (1).

الآية الثانية و العشرون قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (2).

136-عليّ بن إبراهيم القميّ رحمه اللّه بإسناده عن شهر بن حوشب قال:قال لي الحجّاج:يا شهر آية في كتاب اللّه قد أعيتني،فقلت:أيّها الأمير أيّة آية هي؟فقال:قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ و اللّه إنّي لأمرّ باليهوديّ و النصرانيّ،فيضرب عنقه،ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد،فقلت:أصلح اللّه الأمير ليس على ما تأوّلت،قال:كيف هي؟قلت:إنّ عيسى ينزل قيل يوم القيامة إلى الدنيا،فلا يبقى أهل ملّة يهوديّ و لا غيره(نصرانيّ)إلاّ آمن به قبل موته،و يصلّي خلف المهديّ.قال:

ويحك...أنّى لك هذا و من أين جئت به؟فقلت:حدّثني به محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.فقال:جئت بها-و اللّه-من عين صافية (3).

137-روى الطبريّ بإسناده عن ابن وهب قال:قال ابن زيد في قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قال:إذا نزل عيسى ابن مريم فقتل الدجّال،لم يبق يهوديّ في الأرض إلاّ آمن به.قال:و ذلك حين لا ينفعهم الإيمان (4).

قال العلاّمة البيّاضيّ رحمه اللّه في رجعة عيسى عليه السّلام في زمان المهديّ عليه السّلام:ثمّ نرجع و نقول:

عيسى أيضا حيّ إلى الآن،قال الضحّاك و جماعة أيضا من مفسّري المخالف في قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ (5)أي بعد إنزالك من السماء،و قال الكلبيّ و الحسن و ابن جريح:رافعك من الدنيا إليّ من غير موت.

و يؤكّد ذلك ما رواه الفرّاء في كتابه«شرح السنّة»و أخرجه البخاريّ و مسلم في صحيحهما،عن أبي هريرة،قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم؟5.

ص: 101


1- -كمال الدّين 161/1.
2- -النساء:159.
3- -تفسير القمّيّ 158/1؛بحار الأنوار 349/14.
4- -تفسير الطبريّ 14/6.
5- -آل عمران:55.

و في تفسير: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قال ابن المرتضى:قال قوم:الهاء في«موته»كناية عن عيسى،أي قبل موت عيسى عند نزوله من السماء في آخر الزمان،فلا يبقى أحد إلاّ آمن به،حتّى يكون به الملّة واحدة ملة الإسلام،و يقع الأمنة في الناس،حتّى ترتع الأسود مع الإبل،و النمور مع البقر،و الذئاب مع الغنم،و تلعب الصبيان مع الحيّات (1).

الآية الثالثة و العشرون قوله عزّ و جلّ: وَ رُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً (2).

138-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد الحميد بن ابي الديلم قال:قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام:يا عبد الحميد إنّ اللّه رسلا مستعلنين و رسلا مستخفين،فإذا سألته بحقّ المستعلنين فسله بحقّ المستخفين.

و تصديق ذلك من الكتاب قوله: وَ رُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً فكانت رسل اللّه تعالى كذلك من وقت وفاة آدم عليه السّلام إلى وقت ظهور إبراهيم عليه السّلام أوصياء مستعلنين و مستخفين،فلمّا كان وقت كون إبراهيم،عليه السّلام،ستر اللّه شخصه و أخفى ولادته،لأنّ الامكان في ظهور الحجّة كان متعذّرا في زمانه،و كان إبراهيم عليه السّلام في سلطان نمرود مستترا لأمره،و كان غير مظهر نفسه، و نمرود يقتل أولاد رعيّته و أهل مملكته في طلبه،إلى أن دلّهم إبراهيم عليه السّلام على نفسه، و أظهر لهم أمره بعد أن بلغت الغيبة أمدها،و وجب إظهار ما أظهره للذي أراده اللّه في إثبات حجّته و اكمال دينه،فلمّا كان وقت وفاة إبراهيم عليه السّلام،كان له أوصياء حججا للّه عزّ و جلّ في أرضه يتوارثون الوصيّة،كذلك مستعلنين و مستخفين إلى وقت كون موسى عليه السّلام،فكان فرعون يقتل أولاد بني اسرائيل في طلب موسى عليه السّلام الّذي قد شاع من ذكره و خبر كونه، فستر اللّه ولادته،ثمّ قذفت به أمّه في اليمّ كما أخبر اللّه عزّ و جلّ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ (3)و كان موسى عليه السّلام في حجر فرعون يربّيه و هو لا يعرفه،و فرعون يقتل أولاد بني اسرائيل7.

ص: 102


1- -الصراط المستقيم 222/2.
2- -النساء:164.
3- -القصص:7.

في طلبه،ثمّ كان من أمره بعد أن أظهر دعوته و دلّهم على نفسه ما قد قصّه اللّه عزّ و جلّ في كتابه،فلمّا كان وقت وفاة موسى عليه السّلام كان له أوصياء حججا للّه كذلك مستعلنين و مستخفين إلى وقت ظهور عيسى عليه السّلام.

فظهر عيسى عليه السّلام في ولادته،معلنا لدلالته،مظهرا لشخصه،شاهرا لبراهينه غير مخف لنفسه،لأنّ زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجّة كذلك.

ثمّ كان له من بعده أوصياء حججا للّه عزّ و جلّ كذلك مستعلنين و مستخفين إلى وقت ظهور نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله،فقال اللّه عزّ و جلّ له في الكتاب: ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ (1)ثمّ قال عزّ و جلّ: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا (2)،فكان ممّا قيل له و لزم من سنته على ايجاب سنن من تقدّمه من الرسل،اقامة الاوصياء له كإقامة من تقدّمه لاوصيائهم،فأقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أوصياء كذلك،و أخبر بكون المهديّ خاتم الائمة عليهم السّلام، و أنّه يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا،و نقلت الامة ذلك بأجمعها عنه.

و أنّ عيسى عليه السّلام ينزل في وقت ظهوره فيصلّي خلفه،فحفظت ولادات الأوصياء و مقاماتهم في مقام بعد مقام،إلى وقت ولادة صاحب زماننا عليه السّلام المنتظر للقسط و العدل، كما أوجبت الحكمة باستقامة التدبير غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدّمة بالوجود.

و ذلك أنّ المعروف المتسالم بين الخاصّ و العامّ من أهل هذه الملّة أنّ الحسن بن عليّ والد صاحب زماننا عليهم السّلام قد كان وكّل به طاغية زمانه الى وقت وفاته،فلمّا توفي عليه السّلام وكّل بحاشيته و أهله،و حبست جواريه و طلب مولوده هذا أشدّ الطلب،و كان احد المتولّين عليه عمّه جعفر أخو الحسن بن عليّ بما ادّعاه لنفسه من الإمامة،و رجا أن يتمّ له ذلك بوجود ابن اخيه صاحب الزمان عليه السّلام،فجرت السنّة في غيبته بما جرى من سنن غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدمة،و لزم من حكمة غيبته عليه السّلام ما لزم من حكمة غيبتهم (3).1.

ص: 103


1- -فصّلت:43.
2- -الإسراء:77.
3- -كمال الدّين 21/1.

سورة المائدة

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1).

139-روى العيّاشيّ عن عمرو بن شمر،عن جابر قال:قال أبو جعفر عليه السّلام في هذه الآية: اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ يوم يقوم القائم عليه السّلام يئس بنو أميّة،فهم الّذين كفروا يئسوا من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً (3).

140-روى جابر بن يزيد الجعفيّ،عن محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام،عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السّلام،قال:قال الحسن بن عليّ عليهم السّلام:«الأئمّة عدد نقباء بني اسرائيل،و منّا مهديّ هذه الأمّة» (4).

141-روي عن عبد الغفار بن قاسم قال:دخلت على مولاي الباقر عليه السّلام و عنده اناس من أصحابه فجرى ذكر الإسلام،فقلت:يا سيدي فأيّ الإسلام أفضل؟قال:من سلم

ص: 104


1- -المائدة:3.
2- -تفسير العيّاشيّ 292/1 ح 19؛بحار الأنوار 55/51.
3- -المائدة:12.
4- -كفاية الأثر 224؛بحار الأنوار 383/36.

المؤمنون من لسانه و يده،قلت:فما أفضل الاخلاق؟قال:الصبر و السماحة،قلت:فأيّ المؤمنين أكمل ايمانا؟قال:أحسنهم خلقا،قلت:فأيّ الجهاد أفضل؟قال:من عقر جواده و أهريق دمه،قلت:فأيّ الصلاة أفضل؟قال:طول القنوت،قلت:فأيّ الصدقة أفضل؟قال:أن تهجر ما حرّم اللّه عزّ و جلّ عليك،قلت:يا سيّدي فما تقول في الدخول على السلطان؟قال:لا أرى لك ذلك،قلت:فإنّي ربّما سافرت إلى الشام فأدخل على إبراهيم بن الوليد،قال:يا عبد الغفّار،إنّ دخولك على السلطان يدعو إلى ثلاثة اشياء، محبة الدنيا،و نسيان الموت،و قلّة الرضا بما قسم اللّه،قلت:يا ابن رسول اللّه فإنّي ذو عيلة و أتّجر إلى ذلك المكان لجرّ المنفعة،فما ترى في ذلك؟قال:يا عبد اللّه إنّي لست آمرك بترك الدنيا،بل آمرك بترك الذنوب،فترك الدنيا فضيلة،و ترك الذنوب فريضة،و أنت إلى إقامة الفريضة أحوج إليك منك إلى اكتساب الفضيلة.قال:فقبّلت يده و رجله و قلت:

بأبي أنت و أمّي يا ابن رسول اللّه فما نجد العلم الصحيح إلاّ عندكم،و إنّي قد كبرت سني و دقّ عظمي و لا أرى فيكم ما أسرّه،أراكم مقتّلين مشرّدين خائفين،و إنّي أقمت على قائمكم منذ حين أقول:يخرج اليوم أو غدا.قال:يا عبد الغفار،إنّ قائمنا عليه السّلام هو السابع من ولدي،و ليس هو أوان ظهوره،و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ الائمّة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل،تسعة من صلب الحسين، و التاسع قائمهم،يخرج في آخر الزمان فيملؤها عدلا كما ملئت جورا و ظلما.قلت:فإن كان هذا كائن يا ابن رسول اللّه،فإلى من بعدك؟قال:إلى جعفر و هو سيّد أولادي و أبو الائمّة،صادق في قوله و فعله،و لقد سألت عظيما يا عبد الغفار،و إنّك لأهل للاجابة،ثمّ قال عليه السّلام:ألا إنّ مفاتيح العلم السؤال و انشأ يقول:

شفاء العمى طول السؤال و إنّما تمام العمى طول السكوت على الجهل (1)

142-روى عن يحيى بن يعمر قال:كنت عند الحسين عليه السّلام إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّما أسمر شديد السمرة،فسلّم فردّ الحسين عليه السّلام فقال:يا ابن رسول اللّه مسألة، قال:هات،قال:كم بين الإيمان و اليقين؟قال:أربع أصابع،قال:كيف؟قال:الإيمان ما0.

ص: 105


1- -كفاية الأثر 250.

سمعناه،و اليقين ما رأيناه،و بين السمع و البصر أربع أصابع،قال:فكم بين السماء و الأرض؟قال:دعوة مستجابة،قال:فكم بين المشرق و المغرب؟قال:مسيرة يوم للشمس قال:فما عزّ المرء؟قال:استغناؤه عن الناس،قال:فما أقبح شيء؟قال:الفسق في الشيخ قبيح،و الحدّة في السلطان قبيحة،و الكذب في ذي الحسب قبيح،و البخل في ذي الغنى،و الحرص في العالم.قال:صدقت يا ابن رسول اللّه،فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟قال:اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل.قال:فسمّهم لي.قال:فأطرق الحسين عليه السّلام مليّا ثمّ رفع رأسه فقال:نعم أخبرك يا أخا العرب،إنّ الإمام و الخليفة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام،و الحسن،و أنا و تسعة من ولدي منهم عليّ ابني، و بعده محمّد ابنه،و بعده جعفر ابنه،و بعده موسى ابنه،و بعده عليّ ابنه،و بعده محمّد ابنه، و بعده عليّ ابنه و بعده الحسن ابنه،و بعده الخلف المهديّ هو التاسع من ولدي،يقوم الدّين في آخر الزمان.قال:فقام الاعرابي و هو يقول:

مسح النبيّ جبينه فله بريق في الخدود

أبواه من أعلى قريش و جدّه خير الجدود (1)

143-روى ابن شاذان بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة،عن ابن عبّاس،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:معاشر الناس اعلموا أنّ اللّه تعالى جعل لكم بابا من دخله أمن من النار و من الفزع الأكبر.فقام إليه أبو سعيد الخدريّ فقال:يا رسول اللّه اهدنا إلى هذا الباب حتّى نعرفه.قال:هو عليّ بن أبي طالب،سيّد الوصيّين،و أمير المؤمنين،و أخو رسول ربّ العالمين،و خليفة اللّه على الناس أجمعين.

معاشر الناس من أحبّ أن يتمسّك بالعروة الوثقى الّتي لا انفصام لها،فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب،فإنّ ولايته ولايتي،و طاعته طاعتي.

معاشر الناس من أحبّ أن يعرف الحجّة بعدي،فليعرف عليّ بن أبي طالب.

معاشر الناس من أراد أن يتولى اللّه و رسوله،فليقتد بعليّ بن أبي طالب بعدي و الأئمّة من ذرّيتي،فإنّهم خزّان علمي.6.

ص: 106


1- -كفاية الأثر 232؛بحار الأنوار 384/36.

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ فقال:يا رسول اللّه و ما عدّة الأئمّة؟فقال:يا جابر سألتني رحمك اللّه عن الإسلام بأجمعه،عدّتهم عدّة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات و الأرض،و عدّتهم عدّة العيون الّتي انفجرت لموسى بن عمران عليه السّلام حين ضرب بعصاه الحجر،فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا،و عدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل،قال اللّه تعالى: وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً فالائمّة يا جابر اثنا عشر إماما، أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و آخرهم القائم المهديّ صلوات اللّه عليهم (1).

144-روي بالإسناد عن سلمان،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ اللّه تعالى لم يبعث نبيّا و لا رسولا،إلاّ جعل له اثنى عشر نقيبا.فقلت:يا رسول اللّه لقد عرفت هذا من أهل الكتابين،فقال:هل علمت من نقبائي الاثني عشر الّذين اختارهم للامّة من بعدي؟ فقلت:اللّه و رسوله أعلم،فقال:يا سلمان،خلقني اللّه من صفوة نوره و دعاني فأطعته، و خلق من نوري عليّا و دعاه فأطاعه،و خلق من نور عليّ فاطمة و دعاها فأطاعته، و خلق مني و من عليّ و فاطمة الحسن و دعاه فأطاعه،و خلق منّي و من عليّ و فاطمة الحسين و دعاه فأطاعه،ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه،فاللّه المحمود و أنا محمّد، و اللّه العليّ و هذا عليّ،و اللّه الفاطر و هذه فاطمة،و اللّه ذو الاحسان و هذا الحسن،و اللّه المحسن و هذا الحسين.

ثمّ خلق منا و من نور الحسين تسعة أئمّة و دعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماء مبنيّة و أرضا مدحيّة و لا ملكا و لا بشرا،و كنّا نورا نسبّح اللّه ثمّ نسمع له و نطيع.فقلت:يا رسول اللّه بأبي أنت و امي،فلمن عرف هؤلاء؟فقال:من عرفهم حقّ معرفتهم و اقتدى بهم و و إلى وليّهم و عادى عدوّهم،فهو و اللّه منا يرد حيث نرد،و يسكن حيث نسكن.فقلت:يا رسول اللّه و هل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم و أنسابهم؟فقال:لا.فقلت:يا رسول اللّه فأنّى لي بهم،و قد عرفت إلى الحسين؟قال:ثمّ سيّد العابدين عليّ بن الحسين، ثمّ ابنه محمّد الباقر علم الأوّلين و الآخرين من النبيّين و المرسلين،ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان اللّه الصادق،ثمّ ابنه موسى بن جعفر الكاظم الغيظ صبرا في اللّه،ثمّ ابنه عليّ بن6.

ص: 107


1- -مائة منقبة لأمير المؤمنين عليه السّلام لابن شاذان 71 المنقبة 41؛بحار الأنوار 263/36.

موسى الرضا لأمر اللّه،ثمّ ابنه محمّد بن عليّ المختار لأمر اللّه،ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلى اللّه،ثمّ ابنه الحسن بن عليّ الصامت الأمين لسرّ اللّه،ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهديّ القائم بأمر اللّه.ثمّ قال:يا سلمان إنّك تدركه،و من كان مثلك،و من تولاّه هذه المعرفة،فشكرت اللّه و قلت:و إنّي مؤجّل إلى عهده؟فقرأ قوله تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً .قال سلمان:فاشتدّ بكائي و شوقي،و قلت:يا رسول اللّه أ بعهد منك؟فقال:اي و اللّه الّذي أرسلني بالحقّ،منّي و من عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و التسعة و كلّ من هو منا و معنا و مضام فينا،اي و اللّه ليحضرنّ إبليس له و جنوده،و كلّ من محض الإيمان محضا،و محض الكفر محضا،حتّى يؤخذ له بالقصاص و الأوتار و لا يظلم ربّك احدا،و ذلك تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ .قال:فقمت من بين يديه،و ما ابالي لقيت الموت أو لقيني (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (2).

145-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن أبي ربيع الشاميّ.قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:لا تشتر من السودان احدا،فان كان فلا بدّ،فمن النوبة،فإنّهم من الّذين قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ أما إنّهم سيذكرون ذلك الحظّ،و سيخرج مع القائم عليه السّلام منّا عصابة منهم...الحديث (3).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ1.

ص: 108


1- -دلائل الإمامة 237؛بحار الأنوار 6/25،و 142/53.
2- -المائدة:14.
3- -الكافي 352/5 ح 2 تفسير البرهان 544/1.

فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ 1 .

146-و بالإسناد عن محمّد بن سليمان الديلميّ،عن أبيه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً فقال:الأنبياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إبراهيم و إسماعيل و ذرّيته،و الملوك الأئمّة عليهم السّلام،قال:فقلت:و أيّ ملك أعطيتم؟فقال:

ملك الجنة،و ملك الكرّة (1).

الآية الخامسة قوله تعالى: قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (2).

تيه المسلمين في غيبة المهديّ عليه السّلام كتيه بني إسرائيل

147-روى مسعدة بن صدقة قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:خطب الناس أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة،فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال:أنا سيد الشيب و فيّ سنّة من أيّوب،و سيجمع اللّه لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله،و ذلك إذا استدار الفلك و قلتم ضلّ أو هلك،ألا فاستشعروا قبلها بالصبر،و بوءوا إلى اللّه بالذنب،فقد نبذتم قدسكم، و أطفأتم مصابيحكم،و قلّدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه و لا لكم سمعا و لا بصرا،ضعف و اللّه الطالب و المطلوب.

هذا،و لم تتواكلوا أمركم،و لم تتخاذلوا عن نصرة الحق بينكم،و لم تهنوا عن توهين الباطل،لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم،و لم يقومن قوي عليكم،و على هضم الطاعة و ازوائها عن أهلها فيكم.

تهتم كما تاهت بنو اسرائيل على عهد موسى،و بحقّ أقول ليضعّفنّ عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو اسرائيل،فلو قد استكملتم نهلا،و امتلأتم عللا عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن،لقد اجتمعتم على ناعق ضلال و لأجبتم الباطل ركضا ثمّ لغادرتم داعي الحق،و قطعتم الأدنى من أهل بدر،و وصلتم الأبعد من

ص: 109


1- -مختصر بصائر الدرجات 28؛بحار الأنوار 45/53.
2- -المائدة:26.

أبناء الحرب،ألا و لو ذاب ما في أيديهم،لقد دنى التمحيص للجزاء،و كشف الغطاء، و انقضت المدّة،و أزف الوعد،و بدا لكم النجم من قبل المشرق،و أشرق لكم قمركم كملء شهره و كليلة تمّ،فإذا استبان ذلك،فراجعوا التوبة و خالعوا الحوبة و اعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق،سلك بكم منهاج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فتداويتم من الصمم،و استشفيتم من البكم،و كفيتم مئونة التعسّف و الطلب،و نبذتم الثقل الفادح عن الأعناق،فلا يبعد اللّه إلاّ من أبى الرحمة و فارق العصمة،و سيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون (1).

148-و بالإسناد عن عليّ بن الحسن بن فضال،عن أبيه،عن الرضا عليه السّلام أنّه قال:كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه،قلت له:و لم ذلك يا ابن رسول اللّه؟قال:لأنّ إمامهم يغيب عنهم،فقلت:و لم؟قال:لئلاّ يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف (2).

149-النعمانيّ بإسناده عن عبد اللّه الشاعر،يعني ابن أبي عقب،قال:سمعت عليّا عليه السّلام يقول:كأنّي بكم تجولون جولان الإبل تبتغون مرعى و لا تجدونها معشر الشيعة (3).

150-ابن ادريس:بإسناده عن يزيد الضخم،قال:سمعت أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول:كأنّي بكم تجولون جولان النعم تطلبون المرعى فلا تجدونه (4).

151-ابن الوليد بإسناده عن ابن نباتة،عن أمير المؤمنين عليه السّلام،أنّه ذكر القائم عليه السّلام فقال:

أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل:ما للّه في آل محمّد حاجة (5).

152-الشيبانيّ بإسناده عن عبد العظيم الحسنيّ،عن أبي جعفر الثاني،عن آبائه،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:للقائم منّا غيبة امدها طويل،كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه،ألا فمن ثبت منهم على دينه لم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه،فهو معي في درجتي يوم القيامة.ثمّ قال عليه السّلام:إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة،فلذلك تخفى ولادته و يغيب شخصه (6).1.

ص: 110


1- -بحار الأنوار 112/51.
2- -نفس المصدر 152/51.
3- -نفس المصدر 114/51.
4- -نفس المصدر 119/51.
5- -نفس المصدر 119/51.
6- -بحار الأنوار 109/51.

153-و بالاسناد عن الحسين بن خالد،عن الرضا عليه السّلام،عن آبائه،عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال للحسين عليه السّلام:التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين الباسط للعدل،قال الحسين عليه السّلام:فقلت:يا أمير المؤمنين و إنّ ذلك لكائن؟ فقال عليه السّلام:اي و الّذي بعث محمّدا بالنبوّة،و اصطفاه على جميع البريّة،و لكن بعد غيبة و حيرة لا تثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين،الّذين أخذ اللّه ميثاقهم بولايتنا،و كتب في قلوبهم الأيمان،و أيّدهم بروح منه (1).

154-و عن عباية الأسديّ،قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى و لا علم يرى،يبرأ بعضكم من بعض (2).

155-أحمد بن محمّد الكوفيّ بإسناده عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

خطب أمير المؤمنين عليه السّلام،فحمد اللّه و اثنى عليه،و صلّى على النبيّ و آله ثمّ قال:أمّا بعد فإنّ اللّه تبارك و تعالى لم يقصم جباري دهر إلاّ من بعد تمهيل و رخاء،و لم يجبر كسر عظم من الأمم إلاّ بعد أزل و بلاء.أيّها الناس في دون ما استقبلتم من عطب و استدبرتم من خطب معتبر،و ما كلّ ذي قلب بلبيب،و لا كلّ ذي سمع بسميع،و لا كلّ ذي ناظر عين ببصير.

عباد اللّه أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه،ثمّ انظروا إلى عرصات من قد أقاده اللّه بعلمه، كانوا على سنّة من آل فرعون،أهل جنات و عيون،و زروع و مقام كريم،ثمّ انظروا بما ختم اللّه لهم بعد النضرة و السرور،و الأمر و النهي،و لمن صبر منكم العاقبة في الجنان و اللّه مخلّدون،و للّه عاقبة الامور.

فيا عجبا و ما لي لا أعجب من خطاء هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتفون أثر نبي،و لا يعتدّون بعمل وصيّ،و لا يؤمنون بغيب،و لا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا،و المنكر عندهم ما أنكروا،و كلّ امرئ منهم إمام نفسه،آخذ منها فيما يرى،بعرى وثيقات و أسباب محكمات،فلا يزالون بجور،و لن يزدادوا إلاّ خطأ،لا ينالون تقرّبا،و لن يزدادوا إلاّ بعدا من اللّه عزّ و جلّ،أنس بعضهم ببعض، و تصديق بعضهم لبعض،كلّ ذلك وحشة ممّا ورّث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و نفورا مما أدّى إليهم من1.

ص: 111


1- -نفس المصدر 110/51.
2- -نفس المصدر 111/51.

أخبار فاطر السموات و الأرض.

أهل حسرات،و كهوف شبهات،و أهل عشوات،و ضلالة و ريبة،من و كلّه اللّه إلى نفسه و رأيه،فهو مأمون عند من يجهله،غير المتهم عند من لا يعرفه،فما اشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.

و وا أسفا من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودّتها اليوم،كيف يستذلّ بعدي بعضها بعضا،و كيف يقتل بعضها بعضا؟المتشتتة غدا عن الاصل،النازلة بالفرع،المؤمّلة الفتح من غير جهته،كلّ حزب منهم آخذ منه بغصن،أينما مال الغصن مال معه،مع أنّ اللّه و له الحمد سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني أميّة،كما يجمع قزع الخريف،يؤلّف اللّه بينهم،ثمّ يجعلهم ركاما كركام السحاب،ثمّ يفتح لهم أبوابا،يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة،و لم يردّ سننه رصّ طود،يذعذهم في بطون أودية،ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض،يأخذ بهم من قوم حقوق قوم،و يمكّن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني أمّية،و لكي لا يغتصبوا ما غصبوا،يضعضع اللّه بهم ركنا، و ينقض بهم طيّ الجنادل من ارم،و يملأ منهم بطنان الزيتون.

فو الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة ليكوننّ ذلك،و كأنّي أسمع صهيل خيلهم و طمطمة رجالهم،و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التمكين في البلاد كما تذوب الألية على النار،من مات منهم مات ضالاّ،و إلى اللّه عزّ و جلّ يفضي منهم من درج،و يتوب اللّه عزّ و جلّ على من تاب،و لعلّ اللّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء،و ليس لأحد على اللّه عزّ ذكره الخيرة،بل للّه الخيرة و الأمر جميعا.

أيّها الناس،إنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير،و لو لم تتخاذلوا عن مرّ الحقّ، و لم تهنوا عن توهين الباطل،لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم،و لم يقومن قوي عليكم،و على هضم الطاعة و إزوائها عن اهلها،لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليه السّلام.

و لعمري ليضاعفنّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل،و لعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني أميّة،لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى

ص: 112

الضلالة،و أحييتم الباطل،و أخلفتم الحق وراء ظهوركم،و قطعتم الأدنى من أهل بدر، و وصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و لعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم،لدنا التمحيص للجزاء،و قرب الوعد،و انقضت المدّة،و بدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق،و لاح لكم القمر المنير،فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة،و اعلموا أنّكم إن اتّبعتم طالع المشرق،سلك بكم منهاج الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فتداويتم من العمى و الصمم و البكم،و كفيتم مئونة الطلب و التعسّف،و نبذتم الثقل الفادح عن الأعناق،و لا يبعد اللّه إلاّ من أبى و ظلم و اعتسف،و أخذ ما ليس له وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (1).

156-و بالإسناد عن الحارث الاعور الهمدانيّ،قال أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر:إذا هلك الخاطب،و زاغ صاحب العصر،و بقيت قلوب تتقلّب من مخصب و مجدب،هلك المتمنون،و اضمحلّ المضمحلّون،و بقي المؤمنون،و قليل ما يكونون،ثلاث مائة أو يزيدون،تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر،لم تقتل و لم تمت (2).

بيان:قول أمير المؤمنين عليه السّلام:«و زاغ صاحب العصر»أراد صاحب هذا الزمان الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير اللّه الواقع.ثمّ قال:

«و بقيت قلوب تتقلب فمن مخصب و مجدب»و هي قلوب الشيعة المتقلّبة عند هذه الغيبة و الحيرة،فمن ثابت منها على الحق مخصب،و من عادل عنها إلى الضلال،و زخرف المحال مجدب.

ثمّ قال:

«هللك المتمنّون»ذمّا لهم،و هم الّذين يستعجلون أمر اللّه،و لا يسلّمون له، و يستطيلون الأمد،فيهلكون قبل أن يروا فرجا،و يبقي اللّه من يشاء أن يبقيه من أهل الصبر و التسليم حتّى يلحقه بمرتبته،و هم المؤمنون و هم المخلصون القليلون،الّذين ذكر أنّهم ثلاثمائة أو يزيدون ممّن يؤهله اللّه لقوّة إيمانه،و صحّة يقينه،لنصرة وليّه،و جهاد عدوّه،و هم-كما جاءت الرواية-عمّاله و حكّامه في الأرض،عند استقرار الدار،و وضع2.

ص: 113


1- -روضة الكافي 63؛بحار الأنوار 122/51-124.
2- -بحار الأنوار 137/52.

الحرب اوزارها.ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«يجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر،لم تقتل و لم تمت»يريد أنّ اللّه عزّ و جلّ يؤيّد أصحاب القائم عليه السّلام هؤلاء الثلاثمائة و النّيف الخلّص بملائكة بدر و هم أعدادهم،جعلنا اللّه ممّن يؤهّله لنصرة دينه مع وليّه عليه السّلام،و فعل بنا في ذلك ما هو أهله (1).

الآية السادسة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَ مَنْ يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (2).

خزي الكفّار على يد المهديّ عليه السّلام

157-روى الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه،عن السدّيّ في قوله تعالى: لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ قال:خزيهم في الدنيا أنّه إذا قام المهديّ و فتحت قسطنطينية، قتلهم (3).

الآية السابعة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (4).

158-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن سليمان بن هارون العجليّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ صاحب هذا الامر محفوظ له اصحابه،و لو ذهب الناس جميعا،أتى اللّه باصحابه،و هم الّذين قال عزّ و جلّ: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (5)و هم الّذين قال اللّه عزّ و جلّ: فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى

ص: 114


1- -بحار الأنوار 137/52.
2- -المائدة:41.
3- -تفسير التبيان للطوسيّ 420/1.
4- -المائدة:54.
5- -الأنعام:89.

اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ 1 .

159-روى العيّاشيّ بإسناده عن سليمان بن هارون،قال:قلت له:إنّ بعض هؤلاء العجليّة يقول:إنّ سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند عبد اللّه بن الحسن!فقال:و اللّه ما رآه و لا أبوه بواحدة من عينيه،إلاّ أن يكون رآه أبوه عند الحسين عليه السّلام،و إنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له،فلا تذهبنّ يمينا و لا شمالا،فإنّ الأمر و اللّه واضح،و اللّه لو أنّ أهل السماء أو الأرض اجتمعوا على أن يحوّلوا هذا الأمر من موضعه الّذي وضعه اللّه فيه ما استطاعوا.و لو أنّ الناس كفروا جميعا حتّى لا يبقى احد،لجاء اللّه لهذا الامر بأهل يكونون من أهله،ثمّ قال:

أ ما تسمع اللّه يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ حتّى فرغ من الآية،و قال في آية اخرى:

فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ 2 ثمّ قال:إنّ أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية (1).

الآية الثامنة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَ إِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْها وَ اللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (2).

160-الكلينيّ عن اسحاق بن يعقوب،أنّه ورد عليه من الناحية المقدسة على يد محمّد بن عثمان،«و أمّا علّة ما وقع من الغيبة،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ إنّه لم يكن أحد من آبائي إلاّ وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه،و إنّي أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي.و أمّا وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب،و إنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء،فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم،و لا تتكلّفوا على ما قد كفيتم،و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج،فإنّ ذلك فرجكم،و السلام عليك يا اسحاق بن يعقوب،و على من اتّبع الهدى» (3).2.

ص: 115


1- -تفسير العيّاشيّ 326/1 ح 135.
2- -المائدة:101.
3- -بحار الأنوار 92/52.

الآية التاسعة قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1).

رجوع النصارى للتوحيد عند ظهور المهديّ عليه السّلام

161-روى العلاّمة الحافظ السيوطيّ،قال:و أخرج أبو الشيخ،عن ابن عبّاس في قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ يقول:عبيدك قد استوجبوا العذاب بمقالتهم،«و إن تغفر لهم»:أي من تركت منهم،و مدّ في عمره حتّى أهبط من السماء إلى الأرض بقتل الدجّال،فنزلوا عن مقالتهم،و وحّدوك و أقرّوا إنّا عبيد،«و إن تغفر لهم»حيث رجعوا عن مقالتهم،«فإنّك أنت العزيز الحكيم» (2).

ص: 116


1- -المائدة:118.
2- -تفسير الدرّ المنثور 350/2.

سورة الأنعام

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (1).

خروج السفياني من المحتوم

162-روى النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام في قوله تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ قال عليه السّلام:

إنّهما اجلان:أجل محتوم،و أجل موقوف،فقال له حمران:ما المحتوم؟قال:الّذي لا يكون غيره.قال:و ما الموقوف؟قال:هو الّذي للّه فيه المشيئة،قال حمران:

إنّي لأرجو أن يكون أجل السفيانيّ من الموقوف،قال أبو جعفر عليه السّلام:لا و اللّه إنّه لمن المحتوم (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (3).

ص: 117


1- -الأنعام:2.
2- -الغيبة للنعمانيّ 301 ح 4-6؛بحار الأنوار 249/52.
3- -الأنعام:37.

آية طلوع الشمس من مغربها عند ظهور المهديّ عليه السّلام

163-روى القمّيّ في رواية أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً و سيريكم في آخر الزمان آيات:منها دابّة الأرض،و الدّجّال،و نزول عيسى ابن مريم عليه السّلام،و طلوع الشمس من مغربها (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2).

164-روى عليّ بن إبراهيم القمّيّ بإسناده عن أبي حمزة،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ قال:أمّا قوله:

فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ أمير المؤمنين عليه السّلام،و قد امروا بها فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ يعني دولتهم في الدنيا و ما بسط لهم فيها،و أمّا قوله: حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني بذلك قيام القائم،حتّى كأنّهم لم يكن لهم سلطان قط،فذلك قوله: بَغْتَةً فنزل آخر هذه الآية على محمّد صلّى اللّه عليه و آله: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (3).

165-و روى محمّد بن الحسن الصفّار رحمه اللّه بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:أمّا قوله: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ عليه السّلام و قد امروا بها،فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء،يعني مع دولتهم في الدنيا و ما بسط لهم فيها،و أمّا قوله: حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني قيام القائم عليه السّلام (4).

166-و بالإسناد عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه قال:نزلت في بني فلان ثلاث آيات،قوله عزّ و جلّ: حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً يعني القائم بالسيف، فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ

ص: 118


1- -تفسير القمّيّ 198/1؛تفسير الصافي 118/2.
2- -الأنعام:44 و 45.
3- -تفسير القمّيّ 200/1.
4- -بصائر الدرجات للصفّار 78 ح 5؛بحار الأنوار 371/35.

بِالْأَمْسِ 1 و قوله عزّ و جلّ: فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:السيف،و قوله عزّ و جلّ: فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (1)يعني القائم،يسأل بني فلان كنوز بني أميّة (2).

الآية الرابعة قوله سبحانه: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (3).

وقوع الفتن قبل ظهور المهديّ عليه السّلام

167-روى عليّ بن إبراهيم قال:و في رواية أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله:

هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قال:هو الدخان و الصيحة، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ و هو الخسف أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً و هو اختلاف في الدّين و طعن بعضكم على بعض،و هو أن يقتل بعضكم بعضا،و كلّ هذا في أهل القبلة (4).

قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (5).

سبق ذكر هذه الآية ضمن تفسير الآية 54 من سورة المائدة،و هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ الآية،فراجع.

الآية الخامسة قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (6).

ص: 119


1- -الأنبياء:12 و 13.
2- -دلائل الإمامة 250؛المحجّة 98.
3- -الأنعام:65.
4- -تفسير القمّيّ 204/2؛بحار الأنوار 181/25.
5- -الأنعام:89.
6- -الأنعام:158.

آيات قبل ظهور المهديّ عليه السّلام

القسم الأول من الآية: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً .

168-روى الشّيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عليّ بن رئاب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:في قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ قال:الآيات هم الأئمّة،و الآية المنتظرة القائم عليه السّلام،فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف،و ان آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهم السّلام (1).

169-روى الشّيخ الصدوق أيضا بإسناده عن أبي بصير،قال:قال جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً يعني خروج القائم عليه السّلام المنتظر منا،ثمّ قال:يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته،و المطيعين له في ظهوره،اولئك أولياء اللّه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (2).

170-روى بالإسناد عن أبي هريرة،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ثلاث إذا خرجن لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ :طلوع الشمس من مغربها و الدجّال،و الدابّة (3).

171-روى ابن حمّاد بإسناده عن زيد بن أبي عتاب،سمع أبا هريرة يقول:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:خمسا لا أدري أيتهنّ أوّل الآيات،و أيتهنّ إذا جاءت لم يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً :طلوع الشمس من مغربها،و الدجال، و يأجوج و مأجوج،و الدخان،و الدابّة (4).

172-روى فرات الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ،معنعنا عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي

ص: 120


1- -كمال الدّين 336/2؛نور الثقلين للحويزيّ 781/1 ح 356.
2- -كمال الدّين 357/2؛بحار الأنوار 149/52.
3- -سنن الترمذيّ 264/5 ح 3072؛مصابيح السنّة للبغويّ 496/3 ح 4221.
4- -الفتن لابن حمّاد 183؛المستدرك على الصحيحين 545/4.

إِيمانِها خَيْراً قال:يعني صفوتنا و نصرتنا،قلت،إنّما قدر اللّه عنه باللسان و اليدين و القلب.قال:يا خيثمة أ لم تكن نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف،و نصرتنا باليدين أفضل و القيام فيها.يا خيثمة إنّ القرآن نزل أثلاثا،فثلث فينا،و ثلث في عدوّنا،و ثلث فرائض و أحكام،و لو أنّ آية نزلت في قوم،ثمّ ماتوا اولئك،ماتت الآية،إذا ما بقي من القرآن شيء.إنّ القرآن عربيّ من أوّله إلى آخره،و آخره إلى أوّله،ما قامت السماوات و الأرض،فلكلّ قوم آية يتلونها.يا خيثمة إنّ الإسلام بدأ غريبا،و سيعود غريبا فطوبى للغرباء،و هذا في أيدي الناس فكلّ على هذا.يا خيثمة سيأتي على الناس زمان لا يعرفون اللّه و ما هو التوحيد،حتّى يكون خروج الدجال،و حتّى ينزل عيسى ابن مريم من السماء،و يقتل اللّه الدجّال على يده،و يصلّي بهم رجل منّا أهل البيت،أ لا ترى أنّ عيسى يصلّي خلفنا و هو نبيّ،ألا و نحن أفضل منه (1).

173-روى القمّيّ بإسناده عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام و كان السائل من محبّينا،فقال أبو جعفر عليه السّلام:بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف،ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها،و لن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها،فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم،فيومئذ: لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً و سيف منها ملفوف،و سيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا و حكمه إلينا... (2)

174-روى العيّاشيّ بإسناده عن زرارة و حمران و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام في قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها قال:طلوع الشمس من المغرب،و خروج الدابّة و الدجّال،و الرجل يكون مصرّا و لم يعمل على الإيمان ثمّ تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه (3).

175-روى البرقي بإسناده عن عبد اللّه بن سليمان العامريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

ما زالت الأرض و للّه فيها حجّة يعرف الحلال و الحرام،و يدعو إلى سبيل اللّه،و لا ينقطع2.

ص: 121


1- -تفسير فرات 139 ح 166؛بحار الأنوار 328/24.
2- -تفسير القمّيّ 320/2؛بحار الأنوار 166/78.
3- -تفسير العيّاشيّ 384/1 ح 128؛تفسير الصافي 173/2.

الحجّة من الأرض إلاّ أربعين يوما قبل يوم القيامة،فإذا رفعت الحجّة اغلق باب التوبة و لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجّة،و اولئك شرار من خلق اللّه،و هم الّذين تقوم عليهم القيامة (1).

انتظار الفرج عبادة

القسم الثاني من الآية:قوله عزّ و جلّ: قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (2).

176-النعمانيّ بالإسناد عن البزنطيّ،قال:قلت للرضا عليه السّلام:جعلت فداك إنّ أصحابنا رووا عن شهاب،عن جدّك عليه السّلام أنّه قال:أبي اللّه تبارك و تعالى أن يملّك أحدا ما ملّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و عشرين سنة،قال:إن كان أبو عبد اللّه عليه السّلام قاله،جاء كما قال.فقلت له:جعلت فداك فأيّ شيء تقول أنت؟فقال:ما أحسن الصبر و انتظار الفرج،أ ما سمعت قول العبد الصالح وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (3)و فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (4)

فعليكم بالصبر،فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس،و قد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم.

و قد قال أبو جعفر عليه السّلام:هي و اللّه السنن القذّة بالقذّة،و مشكاة بمشكاة،و لا بدّ أن يكون فيكم ما كان في الّذين من قبلكم،و لو كنتم على أمر واحد،كنتم على غير سنة الّذين من قبلكم،و لو أنّ العلماء وجدوا من يحدّثونهم و يكتم سرّهم،لحدّثوا و لبثّوا الحكمة،و لكن قد ابتلاهم اللّه عزّ و جلّ بالإذاعة،و أنتم قوم تحبّونا بقلوبكم و يخالف ذلك فعلكم،و اللّه ما يستوي اختلاف أصحابك،و لهذا أسر على صاحبكم ليقال مختلفين.

ما لكم لا تملكون أنفسكم و تصبرون حتّى يجيء اللّه تبارك و تعالى بالذي تريدون؟ إنّ هذا الامر ليس يجيء على ما تريد الناس،إنّما هو أمر اللّه تبارك و تعالى و قضاؤه بالصبر،و إنّما يعجل من يخاف الفوت..الحديث (5).

177-المظفر العلويّ،بإسناده عن محمّد الواسطيّ،عن أبي الحسن،عن آبائه عليهم السّلام،

ص: 122


1- -المحاسن للبرقيّ 236 ح 202؛بحار الأنوار 41/23.
2- -الانعام:158.
3- -هود:93.
4- -الأعراف:71؛يونس:20؛يونس:102.
5- -بحار الأنوار 110/52.

أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من اللّه عزّ و جلّ (1).

178-و بالإسناد عن محمّد بن الفضيل،عن الرضا عليه السّلام قال:سألته عن شيء من الفرج،فقال:أ ليس انتظار الفرج من الفرج؟إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (2).

179-و عن العيّاشيّ،بإسناده عن البزنطيّ،قال:قال الرضا عليه السّلام:ما أحسن الصبر و انتظار الفرج،أ ما سمعت قول اللّه تعالى: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ و قوله عزّ و جلّ:

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فعليكم بالصبر فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم (3).

180-ابن عقدة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،أنّه قال ذات يوم:أ لا أخبركم بما لا يقبل اللّه عزّ و جلّ من العباد عملا إلاّ به؟فقلت:بلى،فقال:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،و الإقرار بما أمر اللّه،و الولاية لنا،و البراءة من أعدائنا،يعني أئمّة خاصّة و التسليم لهم،و الورع و الاجتهاد،و الطمأنينة و الانتظار للقائم،ثمّ قال:إنّ لنا دولة يجيء اللّه بها إذا شاء.

ثمّ قال:من سرّه أن يكون من أصحاب القائم،فلينتظر و ليعمل بالورع و محاسن الاخلاق و هو منتظر،فإن مات و قام القائم بعده،كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا و انتظروا هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة (4).

181-الكلينيّ:بإسناده عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك متى الفرج؟فقال:يا أبا بصير أنت ممّن يريد الدنيا؟من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره (5).

182-و بالاسناد عن ابن أسباط،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:كفّوا ألسنتكم و الزموا بيوتكم،فإنّه يصيبكم أمر تخصّون به أبدا،و لا يصيب العامّة،و لا تزال2.

ص: 123


1- -نفس المصدر 128/52.
2- -تفسير العيّاشيّ 159/2 ح 62؛بحار الأنوار 128/52.
3- -تفسير العيّاشيّ 20/2 ح 52؛بحار الأنوار 129/52.
4- -بحار الأنوار 140/52.
5- -نفس المصدر،142.

الزيديّة وقاء لكم (1).

183-ابن عقدة بإسناده عن أبي المرهف،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:هلكت المحاضير،قلت:و ما المحاضير؟قال:المستعجلون،و نجا المقرّبون،و ثبت الحصن على أوتادها،كونوا أحلاس بيوتكم،فإنّ الفتنة على من أثارها،و إنّهم لا يريدونكم بحاجة إلاّ أتاهم اللّه بشاغل لأمر يعرض لهم (2).

184-ابن عقدة،بإسناده عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:أوصني فقال:أوصيك بتقوى اللّه و ان تلزم بيتك،و تقعد في دهماء هؤلاء الناس،و إيّاك و الخوارج منّا،فإنّهم ليسوا على شيء و لا إلى شيء.

و اعلم أنّ لبني أميّة ملكا لا يستطيع الناس أن تردعه،و أنّ لأهل الحق دولة إذا جاءت،ولاّها اللّه لمن يشاء منّا أهل البيت،من أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى، و إن قبضه اللّه قبل ذلك خار له.

و اعلم أنّه لا تقوم عصابة تدفع ضيما أو تعزّ دينا،إلاّ صرعتهم البليّة،حتّى تقوم عصابة شهدوا بدرا مع رسول اللّه،لا يوارى قتيلهم،و لا يرفع صريعهم،و لا يداوى جريحهم،قلت:من هم؟قال:الملائكة (3).

185-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال في حديث له:و اللّه لا ترون الّذي تنتظرون حتّى لا تدعون اللّه إلاّ اشارة بأيديكم،و إيماضا بحواجبكم،و حتّى لا تملكون من الأرض إلاّ مواضع أقدامكم،و حتّى لا يكون موضع سلاحكم على ظهوركم،فيومئذ لا ينصرني إلاّ اللّه بملائكته،و من كتب على قلبه الإيمان.

و الّذي نفس عليّ بيده،لا تقوم عصابة تطلب لي أو لغيري حقا،أو تدفع عنّا ضيما إلاّ صرعتهم البليّة،حتّى تقوم عصابة شهدت مع محمّد صلّى اللّه عليه و آله بدرا،لا يؤدّى قتيلهم،و لا يداوى جريحهم،و لا ينعش صريعهم (4).

186-ابن عقدة،بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:قال لي أبي عليه السّلام:2.

ص: 124


1- -نفس المصدر 139.
2- -نفس المصدر 138.
3- -بحار الأنوار 136/52.
4- -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 133/2.

لا بدّلنا من آذربيجان لا يقوم لها شيء،و إذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم،و البدوا ما لبدنا،فإذا تحرّك متحرّكنا فاسعوا إليه و لو حبوا،و اللّه لكأنّي انظر إليه بين الركن و المقام يبايع الناس على كتاب جديد،على العرب شديد،و قال:ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب (1).

187-محمّد بن همام،بإسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:

يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة،يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها، فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم نجم،قلت:فما السبطة؟قال:الفترة،قلت:فكيف نصنع فيما بين ذلك؟قال:كونوا على ما أنتم عليه،حتّى يطلع اللّه لكم نجمكم (2).

188-النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سمعه يقول:لا تزالون تنتظرون حتّى تكونوا كالمعز المهزولة الّتي لا يبالي الجازر أين يضع يده منها،ليس لكم شرف تشرفونه،و لا سند تسندون إليه اموركم (3).

189-الكلينيّ بإسناده عن إبراهيم بن مهزم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ذكرنا عنده ملوك بني فلان،فقال:إنّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر،إنّ اللّه لا يعجل لعجلة العباد،إنّ لهذا الأمر غاية ينتهي إليها،فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة و لم يستأخروا (4).

190-دعوات الراونديّ:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:انتظار الفرج و الصبر عبادة (5).

191-في خبر الأعمش،قال الصادق عليه السّلام:من دين الائمّة الورع و العفّة و الصلاح-إلى قوله:و انتظار الفرج بالصبر (6).

192-بالأسانيد الثلاثة،عن الرضا،عن آبائه عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أفضل أعمال أمّتي انتظار فرج اللّه عزّ و جلّ (7).

193-و بالإسناد عن سعيد بن مسلم،عن عليّ بن الحسين،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من رضي عن اللّه بالقليل من الرزق،رضي اللّه عنه بالقليل منر.

ص: 125


1- -الغيبة للنعمانيّ 102؛بحار الأنوار 135/52.
2- -الغيبة للنعمانيّ 80-83؛الكافي 340/1.
3- -الغيبة للنعمانيّ 101؛بحار الأنوار 110/52.
4- -الكافي 369/1؛بحار الأنوار 118/53.
5- -بحار الأنوار 145/52.
6- -بحار الأنوار 122/52.
7- -نفس المصدر.

العمل،و انتظار الفرج عبادة (1).

194-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي خالد الكابليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال:

تمتدّ الغيبة بوليّ اللّه،الثاني عشر من أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة بعده،يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته،القائلون بإمامته،المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان،لأنّ اللّه تعالى ذكره أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة،ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالسيف،اولئك المخلصون حقّا،و شيعتنا صدقا،و الدعاة إلى دين اللّه سرّا و جهرا.و قال عليه السّلام:انتظار الفرج من أعظم الفرج (2).

195-المفيد،بإسناده عن جابر قال:دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام و نحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه،و قلنا له:أوصنا يا ابن رسول اللّه.فقال:ليعن قويّكم ضعيفكم،و ليعطف غنيّكم على فقيركم،و لينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه،و اكتموا أسرارنا،و لا تحملوا الناس على أعناقنا.

و انظروا أمرنا و ما جاءكم عنا،فان وجدتموه في القرآن موافقا فخذوا به،و إن لم تجدوه موافقا فردّوه،و ان اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده،و ردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا،فإذا كنتم كما أوصيناكم و لم تعدوا إلى غيره،فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا،كان شهيدا،و من أدرك قائمنا فقتل معه،كان له أجر شهيدين،و من قتل بين يديه عدوّا لنا،كان له أجر عشرين شهيدا.

196-و بالإسناد عن صالح بن عقبة،عن أبيه،عن الباقر،عن آبائه عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أفضل العبادة انتظار الفرج.

197-الأربعمائة:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:انتظروا الفرج و لا تيأسوا من روح اللّه،فإنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ انتظار الفرج (3).

و قال عليه السّلام:مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجل،و استعينوا باللّه و اصبروا،1.

ص: 126


1- -نفس المصدر.
2- -كمال الدّين 319/1 ح 2.
3- -بحار الأنوار 152/52 ح 11.

إنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتّقين،لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا،و لا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم (1).

و قال عليه السّلام:الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس،و المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه (2).

198-و بالإسناد عن حمّاد بن عمرو،عن الصادق،عن آبائه عليهم السّلام قال:يا عليّ،و اعلم أنّ أعظم الناس يقينا قوم يكونون في آخر الزمان،لم يلحقوا النبيّ و حجب عنهم الحجّة، فآمنوا بسواد في بياض (3).

199-الهمدانيّ،بإسناده عن عمرو بن ثابت قال:قال سيّد العابدين عليه السّلام:من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا،أعطاه اللّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر و احد.

دعوات الراونديّ:مثله،و فيه:من مات على موالاتنا (4).

200-بالإسناد عن السنديّ،عن جدّه قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظرا له؟قال:هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه،ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال:هو كمن كان مع رسول اللّه عليه السّلام (5).

201-المحاسن:بإسناده عن علاء بن سيابة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من مات منكم على هذا الأمر منتظرا له،كان كمن كان في فسطاط القائم عليه السّلام (6).

202-و بالإسناد عن أبي الجارود،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و عنده جماعة من أصحابه:«اللّهم لقّني إخواني»مرّتين،فقال من حوله من أصحابه:أما نحن إخوانك يا رسول اللّه؟فقال:لا،إنّكم أصحابي،و إخواني قوم في آخر الزمان آمنوا و لم يروني،لقد عرّفنيهم اللّه بأسمائهم و أسماء آبائهم،من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم و أرحام أمّهاتهم،لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء،أو كالقابض على جمر الغضا،اولئك مصابيح الدجى،ينجيهم اللّه من2.

ص: 127


1- -الخصال للصدوق 616/2-622 ح 10.
2- -بحار الأنوار 123/52.
3- -الكافي 405/1.
4- -بحار الأنوار 125/52.
5- -المحاسن للبرقي 172-174؛بحار الأنوار 125/52.
6- -بحار الأنوار 125/52.

كل فتنة غبراء مظلمة (1).

203-المحاسن:بالإسناد عن عبد الحميد الواسطيّ،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

أصلحك اللّه،و اللّه لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر،حتّى أوشك الرجل منا يسأل في يديه.فقال:يا عبد الحميد،أ ترى من حبس نفسه على اللّه لا يجعل اللّه له مخرجا،بلى و اللّه ليجعلنّ اللّه له مخرجا،رحم اللّه عبدا حبس نفسه علينا،رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا.

قال:قلت:فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟فقال:القائل منكم:إن ادركت القائم من آل محمّد نصرته،كالمقارع معه بسيفه،و الشهيد معه له شهادتان (2).

204-المحاسن:بإسناده عن مالك بن أعين،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّ الميّت على هذا الأمر بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه (3).

205-المحاسن:بإسناده عن الفيض بن المختار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من مات منكم و هو منتظر لهذا الأمر،كمن هو مع القائم في فسطاطه،قال:ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال:لا بل كمن قارع معه بسيفه،ثمّ قال:لا و اللّه إلاّ كمن استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

206-و بالإسناد عن الحسين بن أبي العلا،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

لمّا دخل سلمان رضى اللّه عنه الكوفة،و نظر إليها،ذكر ما يكون من بلائها،حتّى ذكر ملك بني أميّة و الّذين من بعدهم،ثمّ قال:فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر بن الطاهر المطهّر ذو الغيبة الشريد الطريد (5).

207-الفضل،بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم،قالوا:يا رسول اللّه نحن كنا معك ببدر و احد و حنين و نزل فينا القرآن،فقال:إنّكم لو تحمّلوا لما حمّلوا،لم تصبروا صبرهم (6).

208-المحاسن:بإسناده عن الحكم بن عيينة قال:لمّا قتل أمير المؤمنين عليه السّلام الخوارج يوم النهروان،قام إليه رجل فقال:يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف،2.

ص: 128


1- -بحار الأنوار 123/52.
2- -نفس المصدر 126/52.
3- -نفس المصدر 126/52.
4- -نفس المصدر 126/52.
5- -نفس المصدر 126/52.
6- -نفس المصدر 130/52.

و قتلنا معك هؤلاء الخوارج،فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:و الّذي فلق الحبة و برء النسمة،لقد شهدنا في هذا الموقف اناس لم يخلق اللّه آباءهم و لا أجدادهم بعد،فقال الرجل:و كيف يشهدنا قوم لم يخلقوا؟قال:بلى،قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه، و يسلّمون لنا،فاولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا (1).

209-المحاسن:عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه،عن آبائه،عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم قال:أفضل عبادة المؤمن انتظار الفرج (2).

210-ابن عقدة،بإسناده عن الحارث بن المغيرة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يكون فترة لا يعرف المسلمون امامهم فيها؟فقال:يقال ذلك،قلت:فكيف نصنع؟قال:إذا كان ذلك،فتمسّكوا بالأمر الأوّل حتّى يتبيّن لكم الآخر (3).

211-و بهذا الاسناد عن منصور الصيقل،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا أصبحت و أمسيت يوما لا ترى فيه اماما من آل محمّد،فأحبّ من كنت تحبّ و أبغض من كنت تبغض،و وال من كنت توالي،و انتظر الفرج صباحا و مساء (4).

212-النعمانيّ،بإسناده في كتاب القرآن قال أمير المؤمنين عليه السّلام:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا أبا الحسن حقيق على اللّه أن يدخل أهل الضلال الجنّة،و إنّما عنى بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان،المستور عن الأعيان،فهم بإمامته مقرّون،و بعروته مستمسكون،و لخروجه منتظرون،موقنون غير شاكّين، صابرون مسلّمون، و إنّما ضلّوا عن مكان إمامهم و عن معرفة شخصه،يدلّ على ذلك أنّ اللّه تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلا على أوقات الصلاة،فموسّع عليهم تأخير الموقّت ليتبين لهم الوقت بظهورها،و يستيقنوا أنّها قد زالت،فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه السّلام،المتمسّك بإمامته موسّع عليه جميع فرائض اللّه الواجبة عليه، مقبولة منه بحدودها،غير خارج عن معنى ما فرض عليه،فهو صابر محتسب لا تضرّه غيبة إمامة (5).4.

ص: 129


1- -المحاسن للبرقي 262؛بحار الأنوار 131/52.
2- -بحار الأنوار 131/52.
3- -نفس المصدر.
4- -الكافي 342/1؛بحار الأنوار 132/52.
5- -بحار الأنوار 143/52-144.

سورة الأعراف

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (1).

213-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه،بإسناده عن عبد السلام صالح الهرويّ،عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ عليهم السّلام قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

و الّذي بعثني بالحقّ بشيرا،ليغيبن القائم من ولدي،بعهد معهود إليه منّي،حتّى يقول أكثر الناس:ما للّه في آل محمّد حاجة،و يشكّ آخرون في ولادته،فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه،و لا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكّه،فيزيله عن ملّتي،و يخرجه عن ديني،فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل،و إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا

ص: 130


1- -الأعراف:27.
2- -كمال الدّين 51/1؛منتخب الأثر 262 ف 2 ب 27 ح 17.

يَسْتَقْدِمُونَ 1 .

214-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن حمران،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام و ذكر هؤلاء عنده و سوء حال الشيعة عندهم فقال:إنّي سرت مع أبي جعفر المنصور و هو في موكبه و هو على فرس،و بين يديه خيل،و من خلفه خيل،و أنا على حمار إلى جانبه، فقال لي:

يا أبا عبد اللّه قد كان ينبغي لك ان تفرح بما أعطانا اللّه من القوّة و فتح لنا من العز،و لا تخبر الناس أنّك أحقّ بهذا الأمر منّا و أهل بيتك،فتغرينا بك و بهم،قال:فقلت:و من رفع هذا إليك عنّي فقد كذب.فقال لي:أ تحلف على ما تقول؟قال:فقلت:إنّ الناس سحرة، يعني يحبّون أن يفسدوا قلبك عليّ،فلا تمكّنهم من سمعك،فإنّا إليك أحوج منك إلينا.

فقال لي:تذكر يوم سألتك هل لنا ملك؟فقلت:نعم،طويل عريض شديد،فلا تزالون في مهلة من أمركم و فسحة من دنياكم،حتّى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام،فعرفت أنّه قد حفظ الحديث،فقلت:لعلّ اللّه عزّ و جلّ أن يكفيك فإنّي لم أخصّك بهذا،و إنّما هو حديث رويته،ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك يتولّى ذلك،فسكت عني،فلمّا رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال:جعلت فداك،و اللّه لقد رأيتك في موكب أبي جعفر و أنت على حمار و هو على فرس،و قد أشرف عليك يكلّمك كأنّك تحته،فقلت بيني و بين نفسي:هذا حجّة اللّه على الخلق و صاحب هذا الأمر الّذي يقتدى به،و هذا الآخر يعمل بالجور و يقتل أولاد الأنبياء و يسفك الدماء في الأرض بما لا يحبّ اللّه،و هو في موكبه و أنت على حمار،فدخلني من ذلك شكّ حتّى خفت على ديني و نفسي.قال فقلت:لو رأيت من كان حولي و بين يديّ و من خلفي و عن يميني و عن شمالي من الملائكة،لاحتقرته و احتقرت ما هو فيه،فقال:الآن سكن قلبي.ثمّ قال:إلى متى هؤلاء يملكون،أو متى الراحة منهم؟فقلت:أ ليس تعلم أنّ لكلّ شيء مدّة؟قال:بلى.فقلت:

هل ينفعك علمك أنّ هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟إنّك لو تعلم حالهم عند اللّه عزّ و جلّ و كيف هي،كنت لهم أشد بغضا،و لو جهدت أو جهد أهل الأرض أن4.

ص: 131

يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الإثم لم يقدروا،فلا يستفزنّك الشيطان فإنّ العزّة للّه و لرسوله و للمؤمنين،و لكنّ المنافقين لا يعلمون،أ لا تعلم أنّ من انتظر أمرنا و صبر على ما يرى من الأذى و الخوف،هو غدا في زمرتنا؟فإذا رأيت الحق قد مات و ذهب أهله، و رأيت الجور قد شمل البلاد،و رأيت القرآن قد خلق و أحدث فيه ما ليس فيه و وجّه على الأهواء،و رأيت الدّين قد انكفأ كما ينكفئ الماء،و رأيت أهل الباطل قد استعملوا على أهل الحقّ،و رأيت الشرّ ظاهرا لا ينهى عنه و يعذر أصحابه،و رأيت الفسق قد ظهر، و اكتفى الرجال بالرجال،و النساء بالنساء،و رأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله،و رأيت الفاسق يكذب و لا يردّ عليه كذبه و فريته،و رأيت الصغير يستحقر(ب)الكبير،و رأيت الأرحام قد تقطّعت،و رأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه و لا يردّ عليه قوله،و رأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة،و رأيت النساء يتزوجن النساء،و رأيت الغناء قد كثر، و رأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة اللّه فلا ينهى و لا يؤخذ على يديه،و رأيت الناظر يتعوّذ باللّه مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد،و رأيت الجار يؤذي جاره و ليس له مانع، و رأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن،مرحا لما يرى في الأرض من الفساد،و رأيت الخمور تشرب علانية و يجتمع عليها من لا يخاف اللّه عزّ و جلّ،و رأيت الآمر بالمعروف ذليلا،و رأيت الفاسق فيما لا يحبّ اللّه قويّا محمودا،و رأيت أصحاب الآيات يحتقرون و يحتقر من يحبّهم،و رأيت سبيل الخير منقطعا و سبيل الشر مسلوكا،و رأيت بيت اللّه قد عطّل و يؤمر بتركه،و رأيت الرجل يقول ما لا يفعله،و رأيت الرجال يتسمّنون للرجال، و النساء للنساء،و رأيت الرجل معيشته من دبره،و معيشة المرأة من فرجها،و رأيت النساء يتّخذن المجالس كما يتّخذها الرجال،و رأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، و أظهروا الخضاب و امتشطوا كما تتمشط المرأة لزوجها،و أعطوا الرجال الأموال على فروجهم،و تنوفس في الرجل و تغاير عليه الرجال،و كان صاحب المال أعزّ من المؤمن، و كان الربا ظاهرا لا يغيّر،و كان الزنا تمتدح به النساء،و رأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال،و رأيت اكثر الناس و خير بيت من يساعد النساء على فسقهن،و رأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا،و رأيت البدع و الزنا قد ظهر،و رأيت الناس يعتدّون بشاهد

ص: 132

الزور،و رأيت الحرام يحلّل،و رأيت الحلال يحرّم،و رأيت الدّين بالرأي،و عطّل الكتاب و أحكامه،و رأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على اللّه،و رأيت المؤمن لا يستطيع أن يذكر إلاّ بقلبه،و رأيت العظيم من المال ينفق في سخط اللّه عزّ و جلّ،و رأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر و يباعدون أهل الخير،و رأيت الولاة يرتشون في الحكم،و رأيت الولاية قبالة لمن زاد،و رأيت ذوات الأرحام ينكحن و يكتفى بهنّ،و رأيت الرجل يقتل على التهمة و على الظنّة،و يتغاير على الرجل الذّكر فيبذل له نفسه و ماله،و رأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء،و رأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك و يقيم عليه،و رأيت المرأة تقهر زوجها و تعمل ما لا يشتهي و تنفق على زوجها،و رأيت الرجل يكري امرأته و جاريته و يرضى بالدنيّ من الطعام و الشراب،و رأيت الأيمان باللّه عزّ و جلّ كثيرة على الزور،و رأيت القمار قد ظهر،و رأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع، و رأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر،و رأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا يمنعها أحد أحدا و لا يجترئ أحد على منعها،و رأيت الشريف يستذلّه الّذي يخاف سلطانه، و رأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت،و رأيت من يحبّنا يزوّر و لا تقبل شهادته،و رأيت الزور من القول يتنافس فيه،و رأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه و خفّ على الناس استماع الباطل،و رأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه، و رأيت الحدود قد عطّلت و عمل فيها بالأهواء،و رأيت المساجد قد زخرفت،و رأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب،و رأيت الشرّ قد ظهر و السعي بالنميمة،و رأيت البغي قد فشا،و رأيت الغيبة تستملح و يبشّر بها الناس بعضهم بعضا،و رأيت طلب الحجّ و الجهاد لغير اللّه،و رأيت السلطان يذلّ للكافر المؤمن،و رأيت الخراب قد اديل من العمران،و رأيت الرجل معيشته من بخس المكيال و الميزان،و رأيت سفك الدماء يستخفّ بها،و رأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا و يشهر نفسه بخبث اللسان ليتّقى و تسند إليه الأمور،و رأيت الصلاة قد استخفّ بها،و رأيت الرجل عنده المال الكثير ثمّ لم يزكّه منذ ملكه،و رأيت الميت ينبش من قبره و يؤذى و تباع أكفانه،و رأيت الهرج قد كثر، و رأيت الرجل يمسى نشوان و يصبح سكران لا يهتمّ بما الناس فيه،و رأيت البهائم تنكح،

ص: 133

و رأيت البهائم يفرس بعضها بعضا،و رأيت الرجل يخرج إلى مصلاّه و يرجع و ليس عليه شيء من ثيابه،و رأيت قلوب الناس قد قست و جمدت أعينهم و ثقل الذكر عليهم، و رأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه،و رأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس،و رأيت الفقيه يتفقّه لغير الدّين،يطلب الدنيا و الرئاسة،و رأيت الناس مع من غلب،و رأيت طالب الحلال يذمّ و يعيّر،و طالب الحرام يمدح و يعظّم،و رأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ اللّه،لا يمنعهم مانع و لا يحول بينهم و بين العمل القبيح أحد،و رأيت المعازف ظاهرة في الحرمين،و رأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحقّ و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه،فيقول هذا عنك موضوع،و رأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض و يقتدون بأهل الشرور،و رأيت مسلك الخير و طريقه خاليا لا يسلكه احد،و رأيت الميّت يهزأ به فلا يفزع له أحد،و رأيت كلّ عام يحدث فيه من الشرّ و البدعة أكثر مما كان، و رأيت الخلق و المجالس لا يتابعون إلاّ الأغنياء،و رأيت المحتاج يعطى على الضحك به و يرحم لغير وجه اللّه،و رأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد،و رأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكرا تخوّفا من الناس،و رأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة اللّه و يمنع اليسير في طاعة اللّه،و رأيت العقوق قد ظهر،و استخف بالوالدين و كانا من أسوإ الناس حالا عند الولد و يفرح بأن يفتري عليهما،و رأيت النساء و قد غلبن على الملك و غلبن على كلّ أمر يؤتى إلاّ مالهن فيه هوى،و رأيت ابن الرجل يفتري على أبيه و يدعو على والديه و يفرح بموتهما،و رأيت الرجل إذا مر به يوم و لم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره،و رأيت السلطان يحتكر الطعام،و رأيت أموال ذوي القربى تقسّم في الزور و يتقامر بها و تشرب بها الخمور، و رأيت الخمر يتداوى بها و توصف للمريض و يستشفى بها،و رأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ترك التديّن به،و رأيت رياح المنافقين و أهل النفاق قائمة،و رياح أهل الحق لا تحرّك،و رأيت الأذان بالأجر و الصلاة بالأجر،و رأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف اللّه،مجتمعون فيها للغيبة و أكل لحوم أهل الحقّ،

ص: 134

و يتواصفون فيها شراب المسكر،و رأيت السكران يصلّي بالناس و هو لا يعقل و لا يشان بالسكر،و إذا سكر أكرم و اتّقي و خيف و ترك لا يعاقب و يعذر بسكره،و رأيت من اكل اموال اليتامى يحمد بصلاحه،و رأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر اللّه،و رأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع،و رأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق و الجرأة على اللّه يأخذون منهم و يخلّونهم و ما يشتهون،و رأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى و لا يعمل القائل بما يأمر،و رأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها،و رأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه اللّه و تعطى لطلب الناس،و رأيت الناس همّهم بطونهم و فروجهم،لا يبالون بما أكلوا و ما نكحوا،و رأيت الدنيا مقبلة عليهم،و رأيت أعلام الحقّ قد درست،فكن على حذر و اطلب الى اللّه عزّ و جلّ النجاة،و اعلم أنّ الناس في سخط اللّه عزّ و جلّ و إنّما يمهلهم لأمر يراد بهم،فكن مترقّبا و اجتهد ليراك اللّه عزّ و جلّ في خلاف ما هم عليه،فإن نزل بهم العذاب و كنت فيهم عجّلت إلى رحمة اللّه،و إن أخرت ابتلوا و كنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على اللّه عزّ و جلّ،و اعلم أنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين،و أنّ رحمة اللّه قريب من المحسنين (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (2).

215-روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام قال:فهو من الآيات الّتي تأويلها بعد تنزيلها،قال:ذلك يوم القائم عليه السّلام و يوم القيامة يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ أي تركوه: قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا قال:قال هذا يوم القيامة أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ أي بطل عنهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ (3).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ1.

ص: 135


1- -الكافي 37/8 ح 7؛بشارة الإسلام 125-130 ب 7.
2- -الأعراف:53.
3- -تفسير القمّيّ 233/1-234؛تفسير العيّاشيّ 235/1.

غَيْرُهُ.. 1 .

وجه الشبه بين غيبة صالح عليه السّلام و غيبة المهديّ عليه السّلام

216-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن زيد الشحام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:إنّ صالحا عليه السّلام غاب عن قومه زمانا،و كان يوم غاب عنهم كهلا مبدوح البطن حسن الجسم، وافر اللحية،خميص البطن،خفيف العارضين مجتمعا،ربعة من الرجال،فلمّا رجع الى قومه لم يعرفوه بصورته،فرجع اليهم و هم على ثلاث طبقات:طبقة جاحدة لا ترجع أبدا، و أخرى شاكّة فيه،و اخرى على يقين.

فبدأ عليه السّلام حين رجع بالطبقة الشاكّة فقال لهم:أنا صالح،فكذّبوه و شتموه و زجروه، و قالوا:برىء اللّه منك،إنّ صالحا كان في غير صورتك،قال:فأتى الجحّاد فلم يسمعوا منه القول و نفروا منه أشدّ النفور،ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة و هم أهل اليقين فقال لهم:أنا صالح:فقالوا أخبرنا خبرا لا نشكّ فيك معه أنّك صالح،فإنّا لا نمتري أنّ اللّه تبارك و تعالى الخالق،ينقل و يحوّل في أيّ صورة شاء،و قد أخبرنا و تدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء،و إنّما يصحّ عندنا إذا أتى الخبر من السماء.

فقال لهم صالح:أنا صالح الّذي أتيتكم بالنّاقة،قالوا:صدقت و هي الّتي نتدارس، فما علامتها؟فقال:لها شرب و لكم شرب يوم معلوم،قالوا:آمنّا باللّه و بما جئتنا به،فعند ذلك قال اللّه تبارك و تعالى: أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ فقال أهل اليقين: إِنّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ* قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا «و هم الشكّاك و الجحّاد» إِنّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (1).قلت:

هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟قال:اللّه أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدلّ على اللّه عزّ و جلّ،و لقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لا يعرفون اماما،غير أنّهم على ما في ايديهم من دين اللّه عزّ و جلّ كلمتهم واحدة،فلمّا ظهر صالح عليه السّلام اجتمعوا عليه،و إنّما مثل القائم عليه السّلام مثل صالح (2).

ص: 136


1- -الأعراف:75 و 76.
2- -كمال الدّين 136/1.

الآية الخامسة قوله تعالى: قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1).

217-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن أبي خالد الكابليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:وجدنا في كتاب عليّ صلوات اللّه عليه في قوله تعالى: إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الّذين أورثنا اللّه الأرض،و نحن المتّقون و الأرض كلّها لنا،فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها،و ليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي،و له ما أكل منها،فإن تركها أو أخربها و أخذها رجل من المسلمين من بعده، فعمرها و أحياها،فهو أحقّ بها من الّذي تركها،يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما يأكل منها حتّى يظهر القائم عليه السّلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها منهم و يخرجهم كما حواها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و منعها،إلاّ ما كان في أيدي شيعتنا،يقاطعهم على ما في أيديهم،و يترك الأرض في أيديهم (2).

الآية السادسة قوله تعالى: فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (3).

عصا موسى عليه السّلام من مواريث المهديّ عليه السّلام

218-روى النعمانيّ بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

عصا موسى قضيب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرئيل عليه السّلام لمّا توجه تلقاء مدين،و هي و تابوت آدم في بحيرة طبرية،و لن يبليا و لن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم عليه السّلام إذا قام (4).

219-روى الصفّار بإسناده عن محمّد بن الفيض،عن محمّد بن عليّ عليه السّلام قال:كانت عصى موسى لآدم،فصارت إلى شعيب،ثمّ صارت إلى موسى بن عمران،و إنّها لعندنا، و إنّ عهدي بها آنفا،و هي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها،و إنّها لتنطق إذا استنطقت،اعدّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها،إنّها لتروع و تلقف.قال:إنّ

ص: 137


1- -الأعراف:128.
2- -الكافي 407/1 ح 1؛تأويل الآيات الظاهرة 177/1 ح 15.
3- -الأعراف:107.
4- -الغيبة للنعمانيّ 238 ح 27؛بحار الأنوار 351/52.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أراد أن يقبضه أورث عليا علمه و سلاحه و ما هناك،ثمّ صار إلى الحسن و الحسين،ثمّ حين قتل الحسين استودعه أمّ سلمة،ثمّ قبض بعد ذلك منها.قال:فقلت:ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين(ثمّ صار إلى أبيك)ثمّ انتهى إليك؟ قال:نعم (1).

220-و بالإسناد عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال:قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام:ما من معجزة من معجزات الأنبياء و الأوصياء إلاّ و يظهر اللّه تبارك و تعالى مثلها في يد قائمنا،لإتمام الحجّة على الأعداء (2).

إنّ دولة آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله آخر الدول

221-روى الطوسيّ رحمه اللّه بإسناده عن أبي صادق،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:دولتنا آخر الدول،و لم يبق أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا،لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا:إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء،و هو قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (3).

222-روى العيّاشيّ،بإسناده عن عمّار الساباطيّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قال:فما كان للّه فهو لرسوله،و ما كان لرسول اللّه فهو للإمام بعد رسول اللّه عليهما السّلام (4).

الآية السابعة قوله تعالى وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (5).

ص: 138


1- -بصائر الدرجات 183 ب 4 ح 36؛بحار الأنوار 318/52.
2- -إثبات الهداة 700/3 ح 137؛أربعين الخاتون آبادي 67 ح 13.
3- -الغيبة للطوسيّ 282؛بحار الأنوار 332/52.
4- -تفسير العيّاشيّ 25/2 ح 65؛بحار الأنوار 58/100.
5- -الأعراف:142.

الشبه بين غيبة المهديّ عليه السّلام و غيبة موسى عليه السّلام

223-الكليني:بإسناده عن الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:إنّ لهذا الأمر وقتا؟فقال:كذب الوقّاتون،إنّ موسى عليه السّلام لمّا خرج وافدا إلى ربّه و واعدهم ثلاثين يوما،فلمّا زاده اللّه تعالى الثلاثين عشرا،قال له قومه:قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، قال:فإذا حدّثناكم بحديث فجاء على ما حدّثناكم به فقولوا:صدق اللّه،و إذا حدّثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدّثناكم به،فقولوا:صدق اللّه،تؤجروا مرتين (1).

224-الفضل بن شاذان،عن محمّد بن الحنفيّة،في حديث اختصرنا منه موضع الحاجّة أنّه قال:إنّ لبني فلان ملكا مؤجّلا،حتّى إذا أمنوا و اطمأنّوا،و ظنّوا أنّ ملكهم لا يزول،صيح فيهم صيحة،فلم يبق لهم راع يجمعهم و لا داع يسمعهم،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .قلت:

جعلت فداك،هل لذلك وقت؟قال:لا،لأنّ علم اللّه غلب علم المؤقّتين،إنّ اللّه وعد موسى ثلاثين ليلة و أتمّها بعشر لم يعلمها موسى،و لم يعلمها بنو إسرائيل،فلمّا جاز الوقت قالوا:غرّنا موسى،فعبدوا العجل،و لكن إذا كثرت الحاجة و الفاقة،و أنكر في الناس بعضهم بعضا،فعند ذلك توقّعوا أمر اللّه صباحا و مساء (2).

الآية الثامنة قوله تعالى: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (3).

دلالة الآية على الرجعة

225-روى أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن حفص النعمانيّ في كتابه في تفسير القرآن،بإسناده عن إسماعيل بن جابر قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام

ص: 139


1- -الكافي 369/1؛بحار الأنوار 118/52.
2- -الغيبة للنعمانيّ 156 و 278؛بحار الأنوار 104/52.
3- -الأعراف:155.

يقول(في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن،روى فيه الإمام الصادق عليه السّلام مجموعة أسئلة يجيب عنها أمير المؤمنين عليه السّلام عن آيات القرآن و أحكامه،جاء فيها):و أمّا الردّ على من أنكر الرجعة،فقول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (1)أي إلى الدنيا،و أمّا معنى حشر الآخرة،فقوله عزّ و جلّ: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (2).

و قوله سبحانه: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (3)في الرجعة،فأمّا في القيامة فهم يرجعون.

و مثل قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ (4)و هذا لا يكون إلاّ في الرجعة.

و مثله ما خاطب اللّه به الأئمة،و وعدهم من النصر و الانتقام من أعدائهم،فقال سبحانه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ -إلى قوله- لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (5)و هذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

و مثل قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (6).

و قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (7)أي رجعة الدنيا.

و مثل قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (8).

و قوله عزّ و جلّ: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فردّهم اللّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا (9).

الآية التاسعة قوله تعالى: اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً3.

ص: 140


1- -النمل:83.
2- -الكهف:47.
3- -الأنبياء:95.
4- -آل عمران:81.
5- -النور:55.
6- -القصص:5.
7- -القصص:85.
8- -البقرة:243.
9- -المحكم و المتشابه 3،و المتن في ص 112 و 113.

عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 1 .

المهديّ عليه السّلام يضع الأغلال و الآصار عن المؤمنين

226-روى ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه اللّه،بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الاستطاعة و قول الناس،قال:و تلا هذه الآية: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ (1)يا أبا عبيدة،الناس مختلفون في إصابة القول،و كلّهم هالك.

قال:قلت:قوله: إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قال عليه السّلام:هم شيعتنا،و لرحمته خلقهم و هو قوله:

وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول عزّ و جلّ لطاعة الإمام الرحمة الّتي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ يقول:علم الامام و وسع علمه الّذي هو من علمه: كُلَّ شَيْءٍ هو شيعتنا،ثمّ قال:

فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ يعني ولاية الامام و طاعته،ثمّ قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الوصيّ،و القائم عليهما السّلام: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إذا قام و يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ و المنكر من أنكر فضل الإمام و جحده، وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ و الخبائث قول من خالف، وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ و الأغلال ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام،فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم،و الإصر:الذنب و هي الآصار.

ثمّ نسبهم فقال: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني بالامام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يعني الّذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبدوها،و الجبت و الطاغوت:فلان و فلان،و العبادة:طاعة الناس لهم،ثمّ قال:و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل،ثمّ جزاهم،فقال: لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ و الامام يبشّرهم بقيام القائم عليه السّلام و بظهوره و بقتل اعدائهم و بالنجاة في الآخرة و الورود على محمّد صلّى اللّه عليه و آله

ص: 141


1- -هود:118 و 119.

و الصادقين على الحوض (1).

الآية العاشرة قوله تعالى: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (2).

227-روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في كتابه،بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا ظهر القائم عليه السّلام من ظهر هذا البيت،بعث اللّه معه سبعة و عشرين رجلا،منهم أربعة عشر رجلا من قوم موسى،و هم الّذين قال اللّه تعالى: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و أصحاب الكهف سبعة،و المقداد،و جابر الانصاري، و مؤمن آل فرعون،و يوشع بن نون وصيّ موسى (3).

228-و روى ابن الفارسيّ في كتابه:قال:قال الصادق عليه السّلام:يخرج للقائم عليه السّلام من ظهر الكعبة سبعة و عشرون رجلا،خمسة عشر من قوم موسى الّذين كانوا يهدون بالحقّ و به يعدلون،و سبعة من أصحاب الكهف،و يوشع بن نون،و سلمان،و أبو دجانة الأنصاريّ، و المقداد بن الأسود،و مالك الأشتر،فيكونون بين يديه أنصارا و حكّاما (4).

229-و الّذي رواه العيّاشيّ في تفسيره:بإسناده عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا قام قائم آل محمّد عليه السّلام استخرج من ظهر الكعبة سبعة و عشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الّذين يقضون بالحقّ و به يعدلون،و سبعة من أصحاب الكهف،و يوشع وصيّ موسى،و مؤمن آل فرعون،و سلمان الفارسيّ،و أبا دجانة الأنصاريّ،و مالك الأشتر (5).

الآية الحادية عشر قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (6).

230-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن بكير بن أعين،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:لأيّ علّة وضع الحجر في الركن الّذي هو فيه و لم يوضع في غيره،و لايّ2.

ص: 142


1- -الكافي 429/1 ح 83؛وسائل الشيعة 45/18 ب 7 ح 16.
2- -الأعراف:159.
3- -دلائل الإمامة 247؛المحجّة 20،76 و 77.
4- -روضة الواعظين 228.
5- -تفسير العيّاشيّ 32/2 خ 90؛إعلام الورى 433.
6- -الأعراف:172.

علّة يقبّل،و لأيّ علّة أخرج من الجنّة؟و لأيّ علّة وضع الميثاق و العهد فيه و لم يوضع في غيره؟و كيف السبب في ذلك؟تخبرني جعلني اللّه فداك،فإنّ تفكري فيه لعجب.قال:

فقال:سألت و أعضلت في المسألة و استقصيت فافهم الجواب،و فرّغ قلبك و أصغ سمعك، أخبرك إن شاء اللّه.

إنّ اللّه تبارك و تعالى وضع الحجر الاسود،و هي جوهرة أخرجت من الجنّة إلى آدم عليه السّلام،فوضعت في ذلك الركن لعلّة الميثاق،و ذلك انّه لمّا أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم حين أخذ اللّه عليهم الميثاق في ذلك المكان،و في ذلك المكان تراءى لهم،و من ذلك المكان يهبط الطير على القائم عليه السّلام،فأوّل من يبايعه ذلك الطائر،و هو و اللّه جبرئيل عليه السّلام،و إلى ذلك المقام يسند القائم ظهره،و هو الحجّة و الدليل على القائم،و هو الشاهد لمن وافاه في ذلك المكان،و الشاهد على من أدّى الميثاق و العهد الّذي أخذ اللّه عزّ و جلّ على العباد (1).

الآية الثانية عشرة قوله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (2).

المهديّ عليه السّلام هو الهادي إلى الحقّ و الشاهد على الناس

231-روى ابن شهرآشوب عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ قال:هم الأئمّة،و إنّ اللّه تعالى جعل على عهدة الأمّة شهداء قال:و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم،و قال في النبيّ: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ،و في عليّ عليه السّلام: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ،و في الأئمّة:و تكونوا شهداء،آل محمد يكونون شهداء على الناس بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

الآية الثالثة عشرة قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ

ص: 143


1- -الكافي 184/4 ح 3؛علل الشرائع 492 ب 164 ح 1.
2- -الأعراف:181.
3- -مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 400/4.

عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ 1 .

مثل القائم عليه السّلام كمثل الساعة

232-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ، قال:سمعت دعبل بن عليّ الخزاعيّ يقول:أنشدت مولاي الرضا عليّ بن موسى عليهما السّلام قصيدتي الّتي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم اللّه بالبركات

يميّز فينا كلّ حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات

بكى الرضا عليه السّلام بكاء شديدا،ثمّ رفع رأسه إليّ فقال ليّ:يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين،فهل تدري من هذا الإمام و متى يقوم؟...(إلى أن قال):و أمّا متى فإخبار عن الوقت،فقد حدّثني أبي،عن آبائه عليهم السّلام،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له:يا رسول اللّه، متى يخرج القائم من ذريتك؟فقال صلّى اللّه عليه و آله:مثله مثل الساعة الّتي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً (1).

233-روى أبو المفضل الشيبانيّ،بإسناده عن الكميت بن أبي المستهلّ،قال:دخلت على سيّدي أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام فقلت:يا ابن رسول اللّه،إنّي قد قلت فيكم ابياتا،أ فتأذن لي في انشادها؟فقال:إنّها أيّام البيض،قلت:فهو فيكم خاصّة،قال:هات، فأنشأت اقول:

أضحكني الدهر و أبكاني و الدهر ذو صرف و ألوان

لتسعة بالطفّ قد غودروا صاروا جميعا رهن أكفان

فبكى عليه السّلام و بكى أبو عبد اللّه عليه السّلام،و سمعت جارية تبكي من وراء الخباء،فلمّا بلغت

ص: 144


1- -عيون أخبار الرضا 265/2 ح 35؛كمال الدّين 372/2 ح 6.

إلى قولي:

و ستّة لا يتجازى بهم بنو عقيل خير فرسان

ثمّ عليّ الخير مولاهم ذكرهم هيّج أحزاني

فبكى ثمّ قال عليه السّلام:ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء و لو مثل جناح البعوضة،إلاّ بنى اللّه له بيتا في الجنة،و جعل ذلك الدمع حجابا بينه و بين النار،فلمّا بلغت إلى قولي:

من كان مسرورا بما مسّكم أو شامتا يوما من الآن؟

فقد ذللتم بعد عزّ فما أدفع ضيما حين يغشاني

أخذ بيدي ثمّ قال:اللّهم اغفر للكميت ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر،فلمّا بلغت إلى قولي:

متى يقوم الحقّ فيكم متى يقوم مهديّكم الثاني؟

قال:سريعا إن شاء اللّه سريعا،ثمّ قال:يا أبا المستهلّ إنّ قائمنا هو التاسع من ولد الحسين عليه السّلام لأنّ الأئمّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اثنا عشر،الثاني عشر هو القائم عليه السّلام.قلت:يا سيّدي فمن هؤلاء الاثنا عشر؟قال:أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و بعده الحسن و الحسين عليهما السّلام،و بعد الحسين عليّ بن الحسين عليه السّلام و أنا،ثمّ بعدي هذا-و وضع يده على كتف جعفر...قلت:فمن بعد هذا؟قال:ابنه موسى،و بعد موسى ابنه عليّ،و بعد عليّ ابنه محمّد،و بعد محمّد ابنه عليّ،و بعد عليّ ابنه الحسن،و هو أبو القائم الّذي يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،و يشفي صدور شيعتنا.قلت:فمتى يخرج يا ابن رسول اللّه؟قال:لقد سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك،فقال:إنّما مثله كمثل الساعة لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً (1).

234-روى بالإسناد عن أحمد بن محمّد بن المنذر بن الجيفر،قال:قال الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليهما:سألت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الأئمّة بعده،فقال صلّى اللّه عليه و آله الائمّة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل:اثنا عشر،أعطاهم اللّه علمي و فهمي،و أنت منهم يا حسن.0.

ص: 145


1- -كفاية الأثر 248-250.

قلت:يا رسول اللّه فمتى يخرج قائمنا أهل البيت؟قال:إنّما مثله كمثل الساعة ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً (1).

النهي عن التوقيت

235-روى النعمانيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا محمّد، من أخبرك عنا توقيتا فلا تهابنّ أن تكذّبه،فإنّا لا نوقّت لأحد وقتا (2).

236-روى الفضل بن شاذان بإسناده عن منذر الجوّاز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

كذب الموقّتون،ما وقّتنا فيما مضى،و لا نوقّت فيما يستقبل (3).

237-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن القائم عليه السّلام فقال:كذب الوقّاتون،إنّا أهل بيت لا نوقّت (4).

238-و روى ثقة الإسلام بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،إذ دخل عليه مهزم فقال له:جعلت فداك،أخبرني عن هذا الأمر الّذي ننتظر، متى هذا؟فقال:يا مهزم كذب الوقّاتون،و هلك المستعجلون،و نجا المسلّمون (5).

ص: 146


1- -كفاية الأثر 22 و 23؛بحار الأنوار 341/36.
2- -الغيبة للنعمانيّ 289 ح 3.
3- -بشارة الإسلام 282؛بحار الأنوار 103/52.
4- -الكافي 368/1 ح 3؛بحار الأنوار 117/52.
5- -الكافي 368/1 ح 2؛الإمامة و التبصرة 95 ب 23 ح 87.

سورة الأنفال

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (1).

239-العيّاشيّ:عن جابر قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن تفسير هذه الآية في قول اللّه عزّ و جلّ وَ يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ :قال أبو جعفر عليه السّلام تفسيرها في الباطن يريد اللّه،فإنّه شيء يريده و لم يفعله بعد،و أمّا قوله: يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ فإنّه يعني يحقّ حقّ آل محمّد،و أمّا قوله: بِكَلِماتِهِ قال:كلماته في الباطن، عليّ هو كلمة اللّه في الباطن،و أمّا قوله: وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ فهم بنو أميّة،هم الكافرون يقطع اللّه دابرهم،و أمّا قوله: لِيُحِقَّ الْحَقَّ فإنّه يعني ليحقّ حقّ آل محمّد عليهم السّلام حين يقوم القائم عليه السّلام،و أمّا قوله: وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ يعني القائم عليه السّلام،فإذا قام يبطل باطل بني أميّة،و ذلك قوله: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (2).

الآية الثانية قوله تعالى وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (3).

ص: 147


1- -الأنفال:7.
2- -تفسير العيّاشيّ 50/2 ح 24؛نور الثقلين 136/2 ح 28.
3- -الأنفال:33.

المهديّ عليه السّلام أمان لاهل الأرض و السماء

240-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ،قال:قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهم السّلام لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ و الإمام؟فقال عليه السّلام:لبقاء العالم على صلاحه،و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ .و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:النجوم أمان لأهل السموات،و أهل بيتي أمان لأهل الأرض،فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون،و إذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون.يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن اللّه عزّ و جلّ طاعتهم بطاعته فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1).

و هم المعصومون المطهّرون الّذين لا يذنبون و لا يعصون،و هم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون،بهم يرزق اللّه عباده،و بهم تعمر بلاده،و بهم ينزل القطر من السماء،و بهم يخرج بركات الأرض،و بهم يمهل أهل المعاصي و لا تعجل عليهم بالعقوبة و العذاب، لا يفارقهم روح القدس و لا يفارقونه،و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم،صلوات اللّه عليهم أجمعين (2).

كلام للشيخ الصدوق

قال الشيخ الصدوق رضى اللّه عنه:و تصديق قولنا إنّ الإمام يحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه أنّه ما عذب اللّه عزّ و جلّ أمّة إلاّ و أمر نبيّها بالخروج من بين أظهرهم،كما قال اللّه عزّ و جلّ في قصة نوح عليه السّلام: حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ (3).

و أمره اللّه عزّ و جلّ أن يعتزل عنهم مع أهل الإيمان به و لا يبقى مختلطا بهم،و قال عزّ و جلّ: وَ لا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (4).

ص: 148


1- -النساء:59.
2- -علل الشرائع 123 ب 103 ح 1؛بحار الأنوار 19/23.
3- -هود:40.
4- -هود:37.

و كذلك قال عزّ و جلّ في قصّة لوط عليه السّلام: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ (1).

فأمره اللّه عزّ و جلّ بالخروج من بين أظهرهم قبل أن ينزل العذاب بهم،لأنّه لم يكن جلّ و عزّ لينزل عليهم و نبيّه لوط عليه السّلام بين أظهرهم،و هكذا أمر اللّه عزّ و جلّ كلّ نبيّ أراد هلاك أمّته أن يعتزلها،كما قال إبراهيم عليه السّلام مخوّفا بذلك قومه: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا* فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ (2).

أهلك اللّه عزّ و جلّ الّذين كانوا آذوه و عنتوه و ألقوه في الجحيم،و جعلهم الأسفلين، و نجّاه و لوطا كما قال اللّه تعالى: وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (3).

و وهب اللّه جلّت عظمته لابراهيم إسحاق و يعقوب،كما قال عزّ و جلّ: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (4)و قال اللّه عزّ و جلّ لنبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ (5).

و في حديث هشام مع عمرو بن عبيد حجّة في الانتفاع بالحجة الغائب عليه السّلام،و ذلك انّ القلب غائب عن سائر الجوارح لا يرى بالعين و لا يشم بالأنف و لا يذاق بالفم و لا يلمس باليد،و هو مدبّر لهذه الجوارح مع غيبته عنها و بقاؤها على صلاحها،و لو لم يكن القلب لا نفسد تدبير الجوارح و لم تستقم أمورها فاحتيج إلى القلب لبقاء الجوارح على صلاحها كما احتيج إلى الإمام لبقاء العالم على صلاحه،و لا قوّة إلاّ باللّه.و كما يعلم مكان القلب من الجسد بالخبر،فكذلك يعلم مكان الحجّة الغائب عليه السّلام بالخبر،و هو ما ورد عن الأئمّة عليهم السّلام من الاخبار في كونه بمكّة و خروجه منها في وقت ظهوره،و لسنا نعني بالقلب المضغة الّتي من اللحم،لأنّ بها لا يقع الانتفاع للجوارح،و إنّما نعني بالقلب اللطيفة الّتي جعلها اللّه عزّ و جلّ في هذه المضغة لا تدرك بالبصر و ان كشف عن تلك المضغة،و لا تلمس و لا تذاق و لا توجد إلاّ بالعلم بها لحصول التمييز و استقامة التدبير من الجوارح،3.

ص: 149


1- -هود:84.
2- -مريم:48 و 49.
3- -الأنبياء:72.
4- -الأنبياء:72.
5- -الأنفال:33.

و الحجّة بتلك اللطيفة على الجوارح قائمة ما وجدت،و التكليف لها لازم ما بقيت،فإذا عدمت تلك اللطيفة انفسد تدبير الجوارح.فكما يجوز أن يحتجّ اللّه عزّ و جلّ بهذه اللطيفة الغائبة عن الحواس،على الجوارح،فكذلك جائز أن يحتجّ عزّ و جلّ على جميع الخلق بحجّة غائب عنهم،و به يدفع عنهم،و به يرزقهم،و به ينزل عليهم الغيث،و لا قوة إلاّ باللّه (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2).

241-قال المفضّل(في حديث طويل له عن الامام الصادق عليه السّلام:)يا مولاي فما تأويل قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (3)؟

قال عليه السّلام هو قوله تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ ،فو اللّه يا مفضل ليرفع عن الملل و الاديان الاختلاف،و يكون الدّين كلّه واحدا كما قال جلّ ذكره:

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ 4 .

و قال اللّه: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (4).

و في الحديث نفسه:

قال المفضل:يا مولاي فقوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظهر على الدّين كلّه؟قال:يا مفضل لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظهر على الدّين كلّه،ما كانت مجوسيّة و لا يهوديّة و لا صابئيّة و لا نصرانيّة،و لا فرقة و لا خلاف و لا شكّ و لا شرك و لا عبدة أصنام،و لا أوثان،و لا اللاّت و العزّى،و لا عبدة الشمس و القمر،و لا النجوم،و لا النار و لا الحجارة،و إنّما قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ في هذا اليوم و هذا المهديّ و هذه الرجعة،و هو قوله: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ .

فقال المفضل:أشهد أنّكم من علم اللّه علمتم،و بسلطانه و بقدرته قدرتم،و بحكمه5.

ص: 150


1- -كمال الدّين 209/1-210.
2- -الأنفال:39.
3- -التوبة:33؛الصفّ:9.
4- -آل عمران:35.

نطقتم،و بأمره تعلمون...الحديث (1).

242-روى الشيخ هاشم بن سليمان في كتاب«المحجّة»قال:روى محمّد بن مسلم قال:قلت للباقر صلّى اللّه عليه و آله:تأويل قوله تعالى في الأنفال: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ .قال:لم يجيء تأويل هذه الآية،فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتّى يوحّدوا اللّه عزّ و جلّ،و حتّى لا يكون شرك،و ذلك في قيام قائمنا (2).

243-محمّد بن يعقوب:عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:قوله اللّه عزّ و جلّ: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ فقال:لم يجئ تأويل هذه الآية بعد،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رخّص لهم لحاجته و حاجة أصحابه،فلو جاء تأويلها لم يقبل منهم،و لكنّهم يقتلون حتّى يوحّدوا اللّه عزّ و جلّ،و حتّى لا يكون شرك (3).

244-العيّاشيّ بإسناده عن زرارة:قال:قال أبو جعفر عليه السّلام سئل عن قوله تعالى:

وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً 4 ، حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ فقال:إنّه لم يجئ تأويل هذه الآية،و لو قدم قام قائمنا عليه السّلام بعد،سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية،و ليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل،حتّى لا يكونن شرك على ظهر الأرض كما قال اللّه (4).

245-الطبرسيّ في مجمع البيان في قوله تعالى وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ قال:روى زرارة و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:لم يجئ تأويل هذه الآية،و لو قد قام قائمنا بعد،سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية،ليبلغنّ دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله ما بلغ الليل حتّى لا يكون مشرك على وجه الأرض (5).

246-العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ،قال:قال:أبو جعفر عليه السّلام:يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب،ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى،حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الّذي يكون بين يديه حتّى يلقى بعض أصحابه،ة.

ص: 151


1- -الهداية الكبرى 74-82؛مختصر بصائر الدرجات 178-179.
2- -المحجّة 78.
3- -روضة الكافي 201؛المحجّة 78.
4- -تفسير العيّاشيّ 56/2 ح 48؛بحار الأنوار 55/51.
5- -تفسير مجمع البيان 543/4،ذيل الآية.

فيقول:كم أنتم هاهنا؟فيقولون:نحو من أربعين رجلا،فيقول:كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟فيقولون:و اللّه لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه،ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول لهم:أشيروا إلى ذوي أسنانكم و أخياركم عشرة،فيشيرون له إليهم،فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم،و يعدهم إلى الليلة الّتي تليها.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:و اللّه لكأنّي انظر إليه و قد أسند ظهره إلى الحجر،ثمّ ينشد اللّه حقّه،ثمّ يقول:يا أيّها الناس من يحاجّني في اللّه فأنا أولى الناس باللّه،و من يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم عليه السّلام،يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح،فأنا أولى الناس بنوح عليه السّلام،يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى عليه السّلام،يا أيّها الناس من يحاجّني في عيسى،فأنا أولى الناس بعيسى عليه السّلام،يا أيّها الناس من يحاجّني في محمّد،فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله،يا أيّها الناس من يحاجّني في كتاب اللّه فأنا أولى الناس بكتاب اللّه.

ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين ثمّ ينشد اللّه حقّه.

قال أبو جعفر عليه السّلام:هو و اللّه المضطرّ في كتاب اللّه،و هو قول اللّه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ (1)و جبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض،فيكون أوّل خلق اللّه يبايعه جبرئيل،و يبايعه الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا...(الحديث و في نهايته):ثمّ يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلّها،فيمسح بين أكتافهم و على صدورهم فلا يتعايون في قضاء،و لا تبقى في الأرض قرية إلاّ نودي فيها شهادة أن لا إلا إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو قوله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ و لا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو قول اللّه: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ .

قال أبو جعفر عليه السّلام:يقاتلون و اللّه حتّى يوحّد اللّه و لا يشرك به شيئا،و حتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب و لا ينهاها أحد،و يخرج اللّه من الأرض بذرها، و ينزل من السماء قطرها،و يخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهديّ عليه السّلام،و يوسّع2.

ص: 152


1- -النمل:62.

اللّه على شيعتنا،و لو لا ما ينجز لهم من السعادة لبغوا فتنة،فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام،يتكلّم ببعض السنن،إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه،فيقول لأصحابه انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين،فيأتون بهم أسرى ليأمر بهم فيذبحون،و هو آخر خارجة تخرج على قائم آل محمّد عليه السّلام (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (2).

المهديّ عليه السّلام أولى في كتاب اللّه

247-روى محمّد بن عبد اللّه بن المطّلب الشيبانيّ بإسناده عن اسماعيل بن عبد اللّه قال:قال الحسين بن عليّ عليه السّلام:لمّا أنزل اللّه تبارك و تعالى هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تأويلها،فقال:و اللّه ما عني بها غيركم،و أنتم اولو الأرحام،فإذا متّ فأبوك عليّ أولى بي و بمكاني،فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به،فإذا مضى الحسن فأنت أولى به.قلت:يا رسول اللّه فمن بعدي أولى بي؟فقال:ابنك عليّ أولى بك من بعدك،فإذا مضى،فابنه محمّد أولى به من بعده، فإذا مضى محمّد،فابنه جعفر أولى به بمكانه من بعده،فإذا مضى جعفر،فابنه موسى أولى به من بعده،فإذا مضى موسى،فابنه عليّ أولى به من بعده،فإذا مضى عليّ،فابنه محمّد أولى به من بعده،فإذا مضى محمّد،فابنه عليّ أولى به من بعده،فإذا مضى عليّ،فابنه الحسن أولى به من بعده،فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك،فهذه الأئمّة التسعة من صلبك،أعطاهم اللّه علمي و فهمي،طينتهم من طينتي،ما لقوم يؤذونني فيهم؟ لا أنالهم اللّه شفاعتي (3).

ص: 153


1- -تفسير العيّاشيّ 56/2-61 ح 49؛الغيبة للنعمانيّ 181 ح 30.
2- -الأنفال:75.
3- -كفاية الأثر 23 و 24.

سورة التوبة

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (1).

248-العيّاشيّ عن جابر،عن جعفر بن محمّد و أبي جعفر عليهم السّلام في قوله عزّ و جلّ:

وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قال:خروج القائم عليه السّلام،و«أذان»دعوته إلى نفسه (2).

الآية الثانية قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (3).

حتميّة التمحيص

249-محمّد الحميريّ بإسناده عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:لتمخضنّ يا معشر الشيعة شيعة آل محمّد كمخيض الكحل في العين،

ص: 154


1- -التوبة:3.
2- -تفسير العيّاشيّ 76/2 ح 15؛بحار الأنوار 55/51.
3- -التوبة:16.

لأنّ صاحب الكحل يعلم متى يقع في العين،و لا يعلم متى يذهب،فيصبح أحدكم و هو يرى أنّه على شريعة من أمرنا،فيمسي و قد خرج منها،و يمسي و هو على شريعة من أمرنا،فيصبح و قد خرج منها (1).

250-محمّد الحميريّ بإسناده عن الربيع بن محمّد المسلّي،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:و اللّه لتكسرنّ كسر الزجاج و إنّ الزجاج يعاد فيعود كما كان،و اللّه لتكسرنّ كسر الفخّار،و إنّ الفخّار لا يعود كما كان،و اللّه لتمحصنّ،و اللّه لتغربلنّ كما يغربل الزؤان من القمح (2).

251-عن محمّد بن الفضيل،عن أبيه،عن منصور،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا منصور إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلاّ بعد إياس،لا و اللّه حتّى تميّزوا،لا و اللّه حتّى تمحّصوا، لا و اللّه حتّى يشقى من يشقى،و يسعد من يسعد (3).

252-عن عبد الرحمن بن سيابة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى و لا علم،يبرأ بعضكم من بعض،فعند ذلك تميّزون و تمحّصون و تغربلون،و عند ذلك اختلاف السنين و أمارة من أوّل النهار،و قتل و قطع في آخر النهار (4).

253-عن محمّد بن منصور،عن أبيه قال:كنّا عند أبي عبد اللّه جماعة نتحدّث، فالتفت إلينا فقال:في أيّ شيء أنتم؟أيهات أيهات،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا،و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلاّ بعد إياس،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من شقي، و يسعد من سعد.

و روي عن محمّد بن منصور الصيقل عن أبيه،عن الباقر عليه السّلام مثله (5).

254-و عن ابن شاذان،عن البزنطيّ،قال:قال أبو الحسن عليه السّلام:أما و اللّه لا يكون الّذي تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا و تمحّصوا،و حتّى لا يبقى منكم إلا الأندر ثمّ تلا: أَمْ1.

ص: 155


1- -الغيبة للطوسيّ 221؛الغيبة للنعمانيّ 110.
2- -بحار الأنوار 101/52.
3- -نفس المصدر 111/52.
4- -نفس المصدر 112/52.
5- -الغيبة للطوسيّ 218؛الغيبة للنعمانيّ 111.

حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا .

و في رواية ابن عيسى،عن البزنطي مثله و زاد فيه:و تمحّصوا ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء و لا يبقى (1).

255-سعد بن عبد اللّه،بإسناده عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

إذا فقد الخامس من ولد السابع،فاللّه اللّه في أديانكم،لا يزلّنّكم عنها شيء،يا بني إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة،حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به،إنّما هي محنة من اللّه امتحن اللّه بها خلقه (2).

256-روي عن جابر الجعفيّ،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:متى يكون فرجكم؟فقال:

هيهات هيهات،لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا ثمّ تغربلوا ثمّ تغربلوا،قالها ثلاثا،حتّى يذهب الكدر و يبقى الصفو (3).

257-و بالإسناد عن إبراهيم بن هليل قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك،مات أبي على هذا الأمر،و قد بلغت من السنين ما قد ترى أموت و لا تخبرني بشيء؟!فقال:يا أبا اسحاق أنت تعجل!فقلت:إي و اللّه أعجل،و ما لي لا أعجل و قد بلغت من السنّ ما ترى؟فقال:أما و اللّه يا أبا اسحاق ما يكون ذلك حتّى تميزوا و تمحّصوا،و حتّى لا يبقى منكم إلاّ الأقلّ،ثمّ صعّر كفه (4).معنى صعّر كفه:أي أمالها تهاونا بالناس.

258-و بالإسناد عن صفوان بن يحيى قال:قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام:و اللّه ما يكون ما تمدّون أعينكم إليه حتّى تمحّصوا و تميّزوا،و حتّى لا يبقى منكم إلاّ الأندر فالأندر (5).

259-و عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سمعه يقول:ويل لطغاة العرب،من شرّ قد اقترب،قلت:جعلت فداك،كم مع القائم من العرب؟قال:شيء يسير،فقلت:و اللّه إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير.فقال:لا بدّ للناس من أن يمحّصوا و يميّزوا،و يغربلوا و يخرج في الغربال خلق كثير (6).2.

ص: 156


1- -بحار الأنوار 25/52.
2- -نفس المصدر 113/52.
3- -نفس المصدر 113/52.
4- -نفس المصدر 113/52.
5- -نفس المصدر 114/52.
6- -نفس المصدر 114/52.

260-و عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام يقول:و اللّه لتميّزنّ، و اللّه لتمحّصنّ،و اللّه لتغربلنّ،كما يغربل الزؤان من القمح (1).

261-ابن عقدة بإسناده عن عميرة بنت نفيل،قالت:سمعت الحسن بن عليّ عليه السّلام يقول:لا يكون الأمر الّذي تنتظرون حتّى يبرأ بعضكم من بعض،و يتفل بعضكم في وجوه بعض،و حتّى يلعن بعضكم بعضا،و حتّى يسمّي بعضكم بعضا كذّابين (2).

الآية الثالثة قوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (3).

النواصب يعطون الجزية في زمان المهديّ عليه السّلام

262-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن سلام بن المستنير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يحدّث:إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب،فإن دخل فيه بحقيقة و إلاّ ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة،و يشدّ على وسطه الهميان، و يخرجهم من الأمصار إلى السواد (4).

الآية الرابعة قوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (5).

المهديّ عليه السّلام نور اللّه في الأرض

263-روى العلاّمة أحمد بن عليّ بن أبى طالب الطبرسيّ رحمه اللّه بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام أنّه قال:حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة...(في حديث طويل في خطبة الغدير قال فيها):معاشر الناس،النور من اللّه

ص: 157


1- -نفس المصدر 114/52.
2- -نفس المصدر 114/52.
3- -التوبة:29.
4- -الكافي 227/8 ح 288؛بحار الأنوار 375/52.
5- -التوبة:32.

عزّ و جلّ فيّ مسلوك،ثمّ في عليّ،ثمّ في النسل منه إلى القائم المهديّ الّذي يأخذ بحقّ اللّه و بكلّ حقّ هو لنا،لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد جعلنا حجّة على المقصّرين و المعاندين و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظالمين من جميع العالمين،ألا إنّ خاتم الائمّة منّا القائم المهديّ،ألا إنّه الظاهر على الدّين.ألا إنّه المنتقم من الظالمين.ألا إنّه فاتح الحصون و هادمها.ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك.ألا إنّه مدرك بكلّ ثار لأولياء اللّه.ألا إنّه الناصر لدين اللّه.ألا إنّه الغرّاف في بحر عميق.ألا إنّه يسمّ كلّ ذي فضل بفضله،و كلّ ذي جهل بجهله.ألا إنّه خيرة اللّه و مختاره.ألا إنّه وارث كلّ علم و المحيط به.ألا إنّه المخبر عن ربّه عزّ و جلّ و المنبّه بأمر إيمانه.ألا إنّه الرشيد السديد.ألا إنّه المفوّض إليه.ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه.ألا إنّه الباقي حجّة و لا حجّة بعده،و لا حقّ إلاّ معه،و لا نور إلاّ عنده.ألا إنّه لا غالب له و لا منصور عليه.ألا و إنّه وليّ اللّه في أرضه،و حكمه في خلقه، و أمينه في سرّه و علانيته.ألا إنّ الحلال و الحرام أكثر من أن أحصيها و أعرفهما،فآمر بالحلال و أنهى عن الحرام في مقام واحد،فأمرت أن آخذ البيعة منكم و الصفقة لكم بقبول ما جئت به عن اللّه عزّ و جلّ في عليّ أمير المؤمنين و الأئمّة من بعده،الّذين هم منّي و منه، أئمّة قائمة منهم المهديّ إلى يوم القيامة الّذي يقضي بالحقّ (1).

الآية الخامسة قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (2).

ظهور الإسلام على الأديان كلّها في زمن المهديّ عليه السّلام

264-الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:في قوله اللّه عزّ و جلّ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فقال:و اللّه ما نزل تأويلها بعد،و لا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم عليه السّلام،فإذا خرج القائم عليه السّلام لم يبق كافر باللّه العظيم و لا مشرك بالإمامة إلاّ كره خروجه،حتّى لو أنّ

ص: 158


1- -الاحتجاج 61/1؛الصراط المستقيم 302/1 ب 9.
2- -التوبة:33.

كافرا أو مشركا كان في بطن صخرة،لقالت:يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني و اقتله (1).

265-العيّاشيّ:بإسناده عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال:إذا خرج القائم عليه السّلام لم يبق مشرك باللّه العظيم و لا كافر إلاّ كره خروجه (2).

266-محمّد بن العباس عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ،فقال:و اللّه ما نزل تأويلها بعد،قلت:جعلت فداك،و متى ينزل تأويلها؟ قال:حتّى يقوم القائم عليه السّلام،ان شاء اللّه تعالى،فإذا خرج القائم عليه السّلام لم يبق كافر و لا مشرك إلاّ كره خروجه،حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة،لقالت الصخرة:يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله،فيجيئه فيقتله (3).

267-محمّد بن العباس بإسناده عن عباية بن ربعي:أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أظهر ذلك بعد؟كلاّ و الّذي نفسي بيده،حتّى لا تبقى قرية إلاّ و نودي فيها بشهادة أن لا إله الاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكرة و عشيّا (4).

268-عنه،بإسناده عن مجاهد،عن ابن عبّاس في قوله عزّ و جلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال:لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهوديّ و لا نصرانيّ و لا صاحب ملّة إلاّ صار إلى الإسلام،حتّى تأمن الشاة و الذئب و البقرة و الأسد و الإنسان و الحيّة، و حتّى لا تقرض الفأرة جرابا،و حتّى توضع الجزية و يكسر الصليب و يقتل الخنزير،و هو قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و ذلك يكون عند قيام القائم عليه السّلام (5).

269-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام، قلت:: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ قال:هو أمر اللّه و رسوله بالولاية1.

ص: 159


1- -كمال الدّين 670/2؛بحار الأنوار 4/53.
2- -تفسير العيّاشيّ 87/2 ح 52؛بحار الأنوار 324/52.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 668/2 ح 7؛بحار الأنوار 58/51.
4- -تأويل الآيات 689/2 ح 8؛بحار الأنوار 60/51.
5- -تأويل الآيات 689/2 ح 9؛بحار الأنوار 61/51.

لوصيّه،و الولاية هي دين الحقّ،قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ؟قال:يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السّلام (1).

270-أبو عليّ الطبرسيّ:قال أبو جعفر عليه السّلام:إنّ ذلك يكون عند خروج المهديّ من آل محمّد صلوات اللّه عليه،فلا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله (2).

271-روى الثقة الصدوق الفضل بن شاذان في كتاب إثبات الرجعة،بإسناده عن محمّد بن حمران،عن الصادق عليه السّلام قال:إنّ القائم منّا منصور بالرعب،مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض،و تظهر له الكنوز كلّها،و يظهر اللّه به دينه على الدّين كلّه و لو كره المشركون،ثمّ ذكر جملة من علاماته ثمّ قال:-فعند ذلك خروج قائمنا (3).

272-عليّ بن إبراهيم في تفسيره في الآية:إنّها نزلت في القائم من آل محمّد عليه السّلام، و هو الّذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله،و هو الإمام الّذي يظهره اللّه على الدّين كلّه،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (4).

273-العيّاشيّ بإسناده عن أبي المقدام،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله اللّه: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ :يكون أن لا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله (5).

274-و يؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب،بإسناده عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:سألته عن هذه الآية،قلت: وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ قال: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ :ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ (6)الإمامة،لقوله عزّ و جلّ: فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا (7).

و النور هو الامام.

قلت له: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ قال:هو الّذي أمر اللّه رسوله بالولاية لوصيّه،و الولاية هي دين الحقّ.

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال:على جميع الأديان عند قيام القائم،لقول اللّه0.

ص: 160


1- -الكافي 432/1.
2- -تفسير مجمع البيان 25/3،ذيل الآية.
3- -إثبات الهداة 570/3 ح 646؛كشف الأستار 222.
4- -تفسير القمّيّ 289/1؛بحار الأنوار 50/51.
5- -تفسير العيّاشيّ 87/2 ح 50.
6- -الصفّ:8.
7- -التغابن:10.

تعالى: وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ بولاية القائم عليه السّلام، وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بولاية عليّ عليه السّلام (1).

275-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمه اللّه عن احتجاجه عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل قال فيه:كلّ ذلك لتتمّ النظرة الّتي أوحاها اللّه تعالى لعدوّه إبليس،إلى أن يبلغ الكتاب أجله،و يحقّ القول على الكافرين،و يقترب الوعد الحق،الّذي بيّنه في كتابه بقوله: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ و ذلك إذا لم يبق من الإسلام إلاّ اسمه،و من القرآن ألاّ رسمه،و غاب صاحب الأمر بايضاح الغدر له في ذلك،لاشتمال الفتنة على القلوب،حتّى يكون أقرب الناس إليه أشدّهم عداوة له،و عند ذلك يؤيّده اللّه بجنود لم تروها،و يظهر دين نبيّه صلّى اللّه عليه و آله على يديه عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (2).

276-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط قال:قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:منّا اثنا عشر مهديّا،أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، و آخرهم التاسع من ولدي،و هو الإمام القائم بالحقّ،يحيي اللّه به الأرض بعد موتها، و يظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون.

له غيبة يرتدّ فيها أقوام و يثبت فيها على الدّين آخرون،فيؤذون و يقال لهم:متى هذا الوعد ان كنتم صادقين،أما إنّ الصابرين في غيبته على الأذى و التكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

277-عن المفضّل بن عمر،قال:سألت سيّدي أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام -في ضمن حديث طويل-إلى إن قال:قلت:قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظهر على الدّين؟قال:يا مفضل لو كان ظهر على الدّين كلّه ما كان مجوسيّة و لا نصرانيّة و لا يهوديّة و لا صابئة و لا فرقة و لا خلاف و لا شكّ و لا شرك و لا عبدة أصنام و لا أوثان و لا اللاّت و لا العزّى و لا عبدة الشمس و لا القمر و لا النجوم و لا النار و لا الحجارة، و إنّما قوله لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ في هذا اليوم و هذا المهديّ و هذه الرجعة،و هو قوله:3.

ص: 161


1- -الكافي 432/1 ح 91؛ينابيع المودّة 423 ب 71.
2- -كمال الدّين 317/1 ح 3.
3- -كمال الدّين 317/1 ح 3.

وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ 1 2 .

278-روى الحافظ السيوطيّ قال:و أخرج عبد بن حميد و أبو الشيخ،عن أبي هريرة في قوله لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال:حين خروج عيسى ابن مريم (1).

279-روى البيهقيّ بإسناده عن مجاهد،في قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال:إذا نزل عيسى ابن مريم،لم يكن في الأرض إلاّ الإسلام،ليظهره على الدّين كلّه (2).

280-قال عليّ بن إبراهيم رحمه اللّه في قوله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ :فإنّها نزلت في القائم من آل محمّد،و هو الّذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله (3).

281-عن سعيد بن جبير مرسلا،في تفسير قوله عزّ و جلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أنّه قال:هو المهديّ من عترة فاطمة عليها السّلام،و قال الشافعي:و أمّا من قال أنّه عيسى عليه السّلام،فلا تنافي بين القولين،إذ هو مساعد للإمام كما تقدّم (4).

282-روي عن أبي هريرة أنّه قال:هذا وعد من اللّه بأنّه تعالى يجعل الإسلام عاليا على جميع الأديان.ثمّ قال الراوي:و تمام هذا إنّما يحصل عند خروج عيسى.

و قال السدّي:ذلك عند خروج المهديّ،لا يبقى أحد إلاّ دخل في الإسلام،أو أدّى الخراج (5).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (6).

استخراج كنوز الأرض في زمان المهديّ عليه السّلام

283-محمّد بن يعقوب بإسناده عن معاذ بن كثير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

ص: 162


1- -الدرّ المنثور 241/3.
2- -السنن الكبرى للبيهقي 18/9.
3- -تفسير القمّيّ 289/1؛بحار الأنوار 50/51.
4- -البيان للشافعي 528 ب 25.
5- -التفسير الكبير للفخر الرازي 40/16.
6- -التوبة:34.

موسّع على شيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف،فإذا قام قائمنا عليه السّلام حرّم على كلّ ذي كنز كنزه حتّى يأتيه به فيستعين به على عدوّه،و هو قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه:

وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ 1 .

284-العيّاشيّ في تفسيره،بإسناده عن معاذ بن كثير صاحب الأكيسة،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:موسّع على شيعتنا-و ذكر الحديث إلى آخره (1).

285-عنه،بإسناده عن الحسين بن علوان،عن من ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إنّ المؤمن إذا كان عنده من ذلك شيء ينفقه على عياله ما شاء،ثمّ إذا قام القائم عليه السّلام فيحمل إليه ما عنده ممّا بقي من ذلك يستعين به على أمره،فقد أدّى ما يجب عليه (2).

الآية السابعة قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (3).

286-النعمانيّ بإسناده عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه،قال:أتى جبرئيل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا محمّد إنّ اللّه عزّ و جلّ يأمرك أن تزوّج فاطمة من عليّ أخيك،فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام فقال له:«يا عليّ إنّي مزوّجك فاطمة ابنتي سيّدة نساء العالمين،و أحبّهن إليّ بعدك،و كائن منكما سيّدا شباب أهل الجنة،و الشهداء المضرّجون المقهورون في الأرض من بعدي،و النجباء الزهر الّذين يطفي اللّه بهم الظلم،و يحيي بهم الحقّ،و يميت بهم الباطل،عدّتهم عدّة أشهر السنة،آخرهم يصلّي عيسى ابن مريم عليه السّلام خلفه» (4).

287-كتاب مقتضب الأثر في النصّ على الاثني عشر،بإسناده عن وهب بن منبّه قال:إنّ موسى عليه السّلام نظر ليلة الخطاب إلى كلّ شجرة في الطور،و كلّ حجر و نبات تنطق بذكر محمّد و اثنى عشر وصيّا له من بعده.6.

ص: 163


1- -تفسير العيّاشيّ 87/2 ح 54.
2- -نفس المصدر.
3- -التوبة:36.
4- -الغيبة للنعمانيّ 57 ح 1؛بحار الأنوار 272/36.

فقال موسى:إلهي لا أرى شيئا خلقته إلاّ و هو ناطق بذكر محمّد و أوصيائه الاثني عشر،فما منزلة هؤلاء عندك؟

قال:يا ابن عمران!إنّي خلقتهم قبل خلق الأنوار،و جعلتهم في خزانة قدسي يرتعون في رياض مشيتي،و يتنسّمون من روح جبروتي،و يشاهدون أقطار ملكوتي، حتّى إذا شئت مشيتي أنفذت قضائي و قدري.

يا ابن عمران،إنّي سبقت بهم استباقي،حتّى أزخرف بهم جناني.

يا ابن عمران:تمسّك بذكرهم فإنّهم خزنة علمي و عيبة حكمتي،و معدن نوري.

قال حسين بن علوان:فذكرت ذلك لجعفر بن محمّد عليه السّلام فقال:حقّ ذلك،هم اثنا عشر من آل محمّد عليهم السّلام عليّ و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و من شاء اللّه.

قلت:جعلت فداك إنّما أسالك لتفتيني بالحقّ.

قال:أنا و ابني هذا،و أومأ إلى ابنه موسى،و الخامس من ولده يغيب شخصه و لا يحلّ ذكره (1).

288-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة،بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ قال:كنت عند أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام ذات يوم،فلمّا تفرّق من كان عنده قال لي:يا أبا حمزة،من المحتوم الّذي لا تبديل له عند اللّه قيام قائمنا عليه السّلام،فمن شكّ فيما أقول لقي اللّه و هو به كافر و هو له جاحد،ثمّ قال:بأبي أنت و أمّي المسمّى باسمي،و المكنّى بكنيتي، السابع من بعدي،بأبي من يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،ثمّ قال:يا أبا حمزة.من أدركه فلم يسلّم له ما سلّم لمحمّد و عليّ صلوات اللّه عليهما،فقد حرّم اللّه عليه الجنة،و مأواه النار و بئس مثوى الظالمين،و أوضح من هذا بحمد اللّه و أنور و أبين و أزهر(أظهر)لمن هداه اللّه و أحسن إليه،قوله عزّ و جلّ في محكم كتابه: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ،مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .ر.

ص: 164


1- -بحار الأنوار 149/51،عن مقتضب الأثر.

و معرفة الشهور:المحرّم و صفر و ربيع و ما بعده،و الحرم منها رجب و ذو القعدة و ذو الحجّة و المحرّم،و ذلك لا يكون دينا قيما لأنّ اليهود و النصارى و المجوس و ساير الملل و الناس جميعا من الموافقين و المخالفين يعرفون هذه الشهور و يعدّونها بأسمائها، و إنّما هم الأئمّة و القوّامون بدين اللّه عزّ و جلّ،و المحرّم منها أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام،الّذي اشتقّ اللّه تعالى له اسما من اسمه العليّ،كما اشتقّ لرسوله صلّى اللّه عليه و آله اسما من اسمه المحمود، و ثلاثة من ولده أسماؤهم عليّ بن الحسن و عليّ بن موسى و عليّ بن محمّد،فصار لهذا الاسم المشتقّ من اسم اللّه جلّ و عزّ حرمة به(يعني أمير المؤمنين عليه السّلام)و صلوات اللّه على محمّد و آله المكرّمين المحترمين (1).

289-عنه،بإسناده عن داود بن كثير الرّقي،قال:دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام بالمدينة،فقال لي:ما الّذي أبطأ بك عنّا يا داود؟

فقلت:حاجة عرضت بالكوفة،فقال:من خلّفت بها؟فقلت:جعلت فداك خلّفت بها عمّك زيدا،تركته راكبا على فرس متقلّدا سيفا ينادي بأعلى صوته:سلوني قبل أن تفقدوني،فبين جوانحي علم جمّ،قد عرفت الناسخ من المنسوخ،و المثاني و القرآن العظيم،و إنّي العلم بين اللّه و بينكم!فقال عليه السّلام لي:يا داود لقد ذهبت بك المذاهب،ثمّ نادى:يا سماعة بن مهران،ايتني بسلّة الرطب،فتناول منها رطبة فأكلها و استخرج النواة من فيه،فغرسها في الأرض،ففلقت و أنبتت و أطلعت و أعذقت،فضرب بيده إلى بسرة من عذق فشقّها و استخرج منها رقّا أبيض،ففضّه و دفعه إليّ و قال:اقرأه.

فقرأته،فإذا فيه سطران:

الاول:لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و الثاني: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ،مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أمير المؤمنين عليّ بن طالب،الحسن بن عليّ، و الحسين بن عليّ،محمّد بن عليّ،جعفر بن محمّد،موسى بن جعفر،عليّ بن موسى، محمّد بن عليّ،عليّ بن محمّد،الحسن بن عليّ،الخلف الحجّة.1.

ص: 165


1- -الغيبة للنعمانيّ 41؛بحار الأنوار 139/51.

ثمّ قال:يا داود،أ تدري متى كتب هذا في هذا؟

قلت:اللّه أعلم و رسوله و أنتم.

قال:قبل أن يخلق اللّه آدم بألفي عام (1).

290-و عنه بإسناده عن زياد القندي قال:سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليه السّلام يقول:إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق بيتا من نور و جعل قوائمه أربعة أركان،[عليها]أربعة أسماء:

سبحان اللّه و الحمد للّه،ثمّ خلق من الأربعة أربعة،و من الأربعة:تبارك و سبحان و الحمد للّه،ثمّ خلق أربعة من أربعة،و من أربعة أربعة،ثمّ قال عزّ و جلّ: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (2).

291-روى الشيخ الطوسيّ في الغيبة:بحذف الإسناد عن جابر الجعفيّ،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن تأويل قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ،مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .

فقال:فتنفّس سيّدي الصعداء ثمّ قال:يا جابر:أمّا السنة فهو جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و شهورها اثنا عشر شهرا،فهو أمير المؤمنين عليه السّلام،إليّ و إلى ابني جعفر و ابنه موسى و ابنه عليّ و ابنه محمّد و ابنه عليّ و إلى ابنه الحسن و إلى ابنه محمّد الهادي المهديّ عليه السّلام،اثنا عشر إماما حجج اللّه على خلقه،و أمناؤه على وحيه و علمه،و الأربعة الحرم الّذين هم الدّين القيّم،أربعة منهم يخرجون باسم واحد،عليّ أمير المؤمنين،و أبي عليّ بن الحسين،و عليّ بن موسى،و عليّ بن محمّد عليهم السّلام،فالإقرار بهؤلاء هو الدّين القيّم فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ أي قولوا بهنّ جميعا تهتدوا (3).

292-الشيخ شرف الدّين النجفيّ في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة:عن المقلّد بن غالب الحسنيّ قدّس سرّه عن رجاله،بإسناد متّصل إلى عبد اللّه بن سنان الأسديّ،عن جعفر بن محمّد عليه السّلام قال:

قال أبي-يعني محمّدا الباقر عليه السّلام-لجابر بن عبد اللّه:لي اليك حاجة أخلو فيها،فلمّا4.

ص: 166


1- -الغيبة للنعمانيّ 42؛تأويل الآيات 203/1-204 ح 12.
2- -الغيبة للنعمانيّ 96.
3- -الغيبة للنعمانيّ 96؛بحار الأنوار 240/24.

خلا به قال:يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته عند أمّي فاطمة الزهراء عليها السّلام.

فقال جابر:أشهد باللّه لقد دخلت على سيّدتي فاطمة الزهراء لأهنيها بولدها الحسين عليه السّلام،فإذا بيدها لوح أخضر من زمرّدة خضراء فيه كتابة أنور من الشمس و أطيب رائحة من المسك الاذفر،فقلت:ما هذا اللوح يا بنت رسول اللّه؟

فقال:هذا لوح أنزله اللّه تعالى على أبي و قال لي احفظيه،ففعلت،فإذا فيه اسم أبي و بعلي و اسم ابني و الأوصياء من بعد ولدي الحسين،فسألتها أن تدفعه إليّ لأنسخه، ففعلت.

فقال له أبي عليه السّلام:ما فعلت بنسخك.

فقال:هي عندي،فقال:فهل لك أن تعارضني عليها؟

قال:فمضى جابر إلى منزله فأتاه بقطعة جلد أحمر،فقال له:انظر في صحيفتك حتّى أقرأها عليك،فكان في صحيفته:

هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم(العليم)أنزله الروح الامين على محمّد خاتم النبيين يا محمّد إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .

يا محمّد عظّم أسمائي و اشكر نعمائي،و لا تجحد آلائي،و لا ترج سواي،و لا تخش غيري،فإنّه من يرجو سوائي و يخشى غيري أعذّبه عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين،يا محمّد إنّي اصطفيتك على الأنبياء،و اصطفيت وصيّك(عليّا)على الأوصياء،و جعلت الحسن عيبة علمي بعد انقضاء مدّة أبيه،و الحسين خير أولاد الأوّلين و الآخرين فيه تثبت الإمامة،و منه العقب،و عليّ بن الحسين زين العابدين،و الباقر العلم الداعي إلى سبيلي على منهاج الحقّ،و جعفر الصادق في القول و العمل،تلبس من بعده فتنة صمّاء، فالويل كلّ الويل لمن كذّب عترة نبيّي و خيرة خلقي،و موسى الكاظم الغيظ،و عليّ الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلق اللّه، و محمّد الهادي شبيه جدّه الميمون،و عليّ الهادي(الداعي)إلى سبيلي و الذابّ عن حرمي،و القائم في رعيتي،و الحسن الأغرّ يخرج منه ذو الاسمين خلف محمّد،يخرج

ص: 167

في آخر الزمان و على رأسه غمامة بيضاء تظلّه عن الشمس،و ينادي مناد بلسان فصيح يسمعه الثقلان و من بين الخافقين:«هذا المهديّ من آل محمّد»فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (1).

قوله تعالى: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (2).

293-العيّاشيّ بإسناده عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام: قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ؛ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (3).

فقال:لا لم يجيء تأويل هذه الآية،و لو قد قام قائمنا بعد،سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية،و ليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل،حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال اللّه (4).

الآية الثامنة قوله تعالى: كَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيا (5).

294-روى العلاّمة البيّاضي قدّس سرّه قال:أخرج أبو نعيم في كتاب الفتن قول أبي جعفر عليه السّلام:

و يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء و معه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قميصه،و سيفه،و علامات، و نور،و بيان،و ينادى من السماء:إنّ الحقّ في آل محمّد،و آخر من الأرض:إنّ الحقّ في آل عيسى.

قال أبو عبد اللّه:إذا سمعتم ذلك فاعلموا أنّ كلمة اللّه هي العليا،و كلمة الشيطان هي السفلى.

قال:فهذه كتبهم تشهد بأنّ قول من يقول:المهديّ هو المسيح قول الشيطان (6).

الآية التاسعة قوله تعالى: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (7).

295-روى ثقة الإسلام الكلينيّ رضى اللّه عنه بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

قلت له:إنّ بعض أصحابنا يفترون و يقذفون من خالفهم،فقال:الكفّ عنهم أجمل،ثمّ2.

ص: 168


1- -تأويل الآيات الظاهرة 204/1-206 ح 13.
2- -التوبة:36.
3- -الأنفال:39.
4- -تفسير العيّاشيّ 56/2 ح 48؛بحار الأنوار 55/51.
5- -التوبة:40.
6- -الصراط المستقيم 225/2.
7- -التوبة:52.

قال:و اللّه يا أبا حمزة إنّ الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا،قلت:كيف لي بالمخرج من هذا؟

فقال لي:يا أبا حمزة كتاب اللّه المنزل يدلّ عليه،إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفيء،ثمّ قال عزّ و جلّ: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ (1).

فنحن أصحاب الخمس و الفيء،و قد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.و اللّه يا أبا حمزة ما من أرض تفتح و لا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلاّ كان حراما على من يصيبه فرجا كان أو مالا،و لو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد،حتّى إنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله و يطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك،و لقد أخرجونا و شيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر و لا حقّ و لا حجّة.

قلت:قوله عزّ و جلّ: هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ؟

قال:أمّا موت في طاعة اللّه،أو إدراك ظهور إمام،و نحن نتربّص بهم مع ما نحن فيه من الشدّة أن يصيبهم اللّه بعذاب من عنده،قال:هو المسخ،أو بأيدينا و هو القتل،قال اللّه عزّ و جلّ لنبيه صلّى اللّه عليه و آله: فَتَرَبَّصُوا إِنّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ و التربّص:انتظار وقوع البلاء بأعدائهم (2).

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (3).

المهديّ عليه السّلام من الصادقين

296-روى سليم بن قيس الهلاليّ في حديث المناشدة،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

فأنشدتكم اللّه أ تعلمون أنّ اللّه أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ ، فقال سلمان:يا رسول اللّه أ عامّة هي أم خاصّة؟قال:المأمورون فالعامّة من المؤمنين أمروا بذلك و أمّا«الصادقين»فخاصّة لأخي عليّ و الأوصياء من بعده إلى يوم القيامة، قالوا:اللّهم نعم (4).

ص: 169


1- -الأنفال:41.
2- -روضة الكافي 285 و 287؛بحار الأنوار 311/24.
3- -التوبة:119.
4- -سليم بن قيس 189؛تفسير البرهان 170/2 ح 7.

سورة يونس

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ*فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (1).

297-ابن بابويه عن يحيى بن أبي القاسم،قال:سألت الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (2)،فقال:

المتّقون شيعة عليّ عليه السّلام،و الغيب فهو الحجّة القائم الغائب؛و شاهد ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ 3 .

298-الشّيخ الصدوق،بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي النصر،قال:قال الرضا عليه السّلام:

ما أحسن الصبر و انتظار الفرج،أ ما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (3)فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فعليكم الصبر،فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس،فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم (4).

299-و عنه،بإسناده عن محمّد بن الفضل،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،قال:سألته

ص: 170


1- -يونس:20.
2- -البقرة:1 و 2.
3- -هود:93.
4- -تفسير البرهان 181/2 ح 2.

عن الفرج قال:إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (1).

300-و بالإسناد عن عبد العظيم الحسنيّ،قال:دخلت على سيّدي محمّد بن عليّ عليهما السّلام و أنا أريد أن أسأله عن القائم،أ هو المهديّ أو غيره؟فابتدأني فقال:يا أبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهديّ الّذي يجب أن ينتظر في غيبته،و يطاع في ظهوره،و هو الثالث من ولدي،و الّذي بعث محمّدا بالنبوّة و خصّنا بالإمامة،إنّه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و إنّ اللّه تبارك و تعالى يصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السّلام،[ذهب]ليقتبس لأهله نارا فرجع و هو رسول نبيّ،ثمّ قال عليه السّلام:أفضل اعمال شيعتنا انتظار الفرج (2).

301-عن الصقر بن أبي دلف،قال:سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليه السّلام يقول:

الإمام بعدي ابني عليّ،أمره أمري،و قوله قولي،و طاعته طاعتي،و الامام بعده ابنه الحسن،أمره أمر أبيه،و قوله قول أبيه،و طاعته طاعة أبيه،ثمّ سكت،فقال له:يا ابن رسول اللّه فمن الامام بعد الحسن؟فبكى عليه السّلام بكاء شديدا ثمّ قال:ان من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر،فقلت له:يا ابن رسول اللّه و لم سمّي القائم؟قال:لأنّه يقوم بعد موت ذكره و ارتداد أكثر القائلين بإمامته،فقلت له:و لم سمّي المنتظر؟قال:إنّ له غيبة يكثر أيّامها و يطول أمدها،فينتظر خروجه المخلصون،و ينكره المرتابون،و يستهزئ به الجاحدون، و يكذّب فيها الوقّاتون،و يهلك فيها المستعجلون،و ينجو فيها المسلّمون (3).

302-و بالإسناد عن ابن أبي عمير،عمّن سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

لكلّ أناس دولة يرقبونها و دولتنا في آخر الدهر تظهر (4)

303-روى الترمذيّ بإسناده عن أبي الأحوص،عن عبد اللّه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:سلوا اللّه من فضله،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ أن يسأل،و أفضل العبادة انتظار الفرج (5).1.

ص: 171


1- -تفسير البرهان 181/2 ح 3.
2- -بحار الأنوار 156/51.
3- -نفس المصدر 158/51.
4- -نفس المصدر 142/51.
5- -سنن الترمذيّ 565/5 ح 3571.

304-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عليّ بن هاشم،عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:ما ضرّ من مات منتظرا لأمرنا ألاّ يموت في وسط فسطاط المهديّ و عسكره (1).

305-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد اللّه بن بكير،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:دخلنا عليه جماعة فقلنا:يا ابن رسول اللّه إنّا نريد العراق فأوصنا.فقال أبو جعفر عليه السّلام:ليقوّ شديدكم ضعيفكم،و ليعد غنيكم على فقيركم،و لا تبثّوا سرّنا،و لا تذيعوا أمرنا،و إذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب اللّه فخذوا به، و إلاّ فقفوا عنده ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم،و اعلموا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم،و من أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا،كان له مثل أجر عشرين شهيدا، و من قتل مع قائمنا،كان له مثل أجر خمسة و عشرين شهيدا (2).

306-روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن يحيى بن العلاء،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كلّ مؤمن شهيد،و إن مات على فراشه فهو شهيد،و هو كمن مات في عسكر القائم،قال أ يحبس نفسه على اللّه ثمّ لا يدخله الجنة (3)؟

307-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إنّ أقرب الناس إلى اللّه عزّ و جلّ و أعلمهم به و أرأفهم بالناس،محمّد صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام، فادخلوا أين دخلوا،و فارقوا من فارقوا-أعني بذلك حسينا و ولده عليهم السّلام-فإنّ الحقّ فيهم، و هم الاوصياء،و منهم الائمّة،فأينما رأيتموهم فاتبعوهم،فان أصبحتم يوما لا ترون منهم أحدا،فاستعينوا باللّه عزّ و جلّ،و انظروا السنّة الّتي كنتم عليها و اتبعوها،و أحبّوا من كنتم تحبون،و أبغضوا من كنتم تبغضون،فما أسرع ما يأتيكم الفرج (4).

308-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي الجارود،قال:قلت:لأبي جعفر عليه السّلام يا ابن رسول اللّه هل تعرف مودّتي لكم و انقطاعي إليكم و موالاتي إيّاكم؟قال:فقال:نعم، قال:فقلت:فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها،فإنّي مكفوف البصر قليل المشي و لا أستطيع8.

ص: 172


1- -الكافي 372/1 ح 6.
2- -الكافي 222/2 ح 4؛بحار الأنوار 122/52.
3- -أمالي الطوسيّ 288/2؛بحار الأنوار 144/52.
4- -كمال الدّين 328/2؛بحار الأنوار 136/51 ح 8.

زيارتكم كلّ حين،قال:هات حاجتك،قلت:أخبرني بدينك الّذي تدين اللّه عزّ و جلّ به أنت و أهل بيتك لأدين اللّه عزّ و جلّ به.قال عليه السّلام:إن كنت أقصرت الخطبة،فقد أعظمت المسألة،و اللّه لأعطينّك ديني و دين آبائي الّذي ندين اللّه عزّ و جلّ به،شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الإقرار بما جاء من عند اللّه،و الولاية لوليّنا،و البراءة من عدونا،و التسليم لأمرنا،و انتظار قائمنا،و الاجتهاد و الورع (1).

309-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن الحكيم بن عتيبة،قال:بينا أنا مع أبي جعفر عليه السّلام و البيت غاصّ بأهله،إذ أقبل شيخ يتوكّأ على عنزة له حتّى وقف على باب البيت،فقال:السلام عليك يا ابن رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته،ثمّ سكت،فقال أبو جعفر عليه السّلام:و عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته،ثمّ أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت و قال:السلام عليكم،ثمّ سكت حتّى أجابه القوم جميعا و ردّوا عليه السّلام،ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السّلام،ثمّ قال:يا ابن رسول اللّه أدنيني منك جعلني اللّه فداك،فو اللّه إنّي ما أحبّكم و أحبّ من يحبّكم لطمع في دنيا،و اللّه إنّي لأبغض عدوّكم و أبرأ منه،و و اللّه ما أبغضه و أبرأ منه لوتر كان بيني و بينه،و اللّه إنّي لأحلّ حلالكم و أحرّم حرامكم و أنتظر أمركم،فهل ترجو لي جعلني اللّه فداك؟فقال أبو جعفر:إليّ إليّ،حتّى أقعده إلى جنبه،ثمّ قال:

أيّها الشيخ،إنّ أبي عليّ بن الحسين عليه السّلام أتاه رجل فسأله عن مثل الّذي سألتني عنه، فقال له أبي عليه السّلام:إن تمت،ترد على رسول اللّه عليه السّلام و على عليّ و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين،و يثلج قلبك و يبرد فؤادك و تقرّ عينك و تستقبل بالروح و الريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسك هاهنا-و أهوى بيده إلى حلقه-و إن تعش،تر ما يقرّ اللّه به عينك،و تكون معنا في السنام الأعلى.

فقال الشيخ:كيف قلت يا أبا جعفر عليه السّلام؟فأعاد عليه الكلام.

فقال الشيخ:اللّه أكبر يا أبا جعفر،إن أنا متّ أرد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و على عليّ و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين عليهم السّلام و تقرّ عيني و يثلج قلبي و يبرد فؤادي و أستقبل9.

ص: 173


1- -الكافي 21/2 ح 10؛بحار الأنوار 13/69.

بالرّوح و الريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى هاهنا،و إن أعش أر ما يقرّ اللّه به عيني فأكون معكم في السنام الاعلى؟!

ثمّ أقبل الشيخ ينتحب،ينشج ها ها ها حتّى لصق بالأرض،و أقبل أهل البيت ينتحبون و ينشجون لما يرون من حال الشيخ.

و أقبل أبو جعفر عليه السّلام يمسح بأصبعه الدموع من حماليق عينيه و ينفضها،ثمّ رفع الشيخ رأسه،فقال لأبي جعفر عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه ناولني يدك جعلني اللّه فداك،فناوله يده فقبّلها و وضعها على عينيه و خدّه،ثمّ حسر عن بطنه و صدره،فوضع يده على بطنه و صدره،ثمّ قام فقال:السلام عليكم،و أقبل أبو جعفر عليه السّلام ينظر في قفاه و هو مدبر،ثمّ أقبل بوجهه على القوم فقال:من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة،فلينظر إلى هذا.فقال الحكم بن عتيبة:لم أر مأتما قطّ يشبه ذلك المجلس (1).

310-روى الكافي رحمه اللّه بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

أصلحك اللّه و لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه فقال:يا عبد الحميد أ ترى من حبس نفسه على اللّه لا يجعل اللّه له مخرجا؟بلى و اللّه ليجعلنّ اللّه له مخرجا،رحم اللّه عبدا حبس نفسه علينا،رحم اللّه عبدا أحيا امرنا،قال:

فقلت:فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟فقال:القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمد نصرته،كالمقارع معه بسيفه،و الشهيد معه له شهادتان (2).

311-و روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن اسماعيل الجعفيّ،قال:دخل رجل على أبي جعفر عليه السّلام و معه صحيفة،فقال له أبو جعفر عليه السّلام:هذه صحيفة مخاصم يسأل عن الدّين الّذي يقبل فيه العمل.فقال:رحمك اللّه هذا الّذي أريد.فقال أبو جعفر عليه السّلام:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله،و تقرّ بما جاء من عند اللّه،و الولاية لنا أهل البيت،و البراءة من عدوّنا،و الورع و التواضع،و انتظار قائمنا،فإنّ لنا دولة إذا شاء اللّه جاء بها (3).9.

ص: 174


1- -الكافي 76/8 ح 30؛بحار الأنوار 361/46-362.
2- -الكافي 80/8 ح 37؛بحار الأنوار 126/52.
3- -الكافي 23/2 ح 13؛بحار الأنوار 2/69.

الآية الثانية قوله تعالى: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (1).

312-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه حديثا طويلا لابن مهزيار في من شاهد القائم عليه السّلام جاء فيه:فما كان إلاّ هنيئة،فخرج إليّ و هو يقول:طوبى لك قد أعطيت سؤالك،قال:فدخلت عليه صلوات اللّه عليه و هو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متّكئ على مسورة أديم،فسلّمت عليه و ردّ عليّ السلام،و لمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر،لا بالخرق و لا بالبزق،و لا بالطويل الشامخ،و لا بالقصير اللاصق،ممدود القامة،صلت الجبين،أزجّ الحاجبين،أدعج العينين،أقنى الأنف،سهل الخدّين،على خدّه الأيمن خال.

فلمّا أن بصرت به،حار عقلي في نعته و صفته،فقال لي:يا ابن مهزيار كيف خلّفت إخوانك في العراق؟

قلت:في ضنك عيش و هناة،قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان،فقال:

قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون،كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم و أخذهم أمر ربّهم ليلا و نهارا.

فقلت:متى يكون ذلك يا ابن رسول اللّه؟

قال:إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم و اللّه و رسوله منهم براء، و ظهرت الحمرة في السماء ثلاثا فيها اعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا،و يخرج الشروسيّ من أرمينية و آذربيجان يريد وراء الريّ الجبل الاسود المتلاحم بالجبل الأحمر،لزيق جبل طالقان،فيكون بينه و بين المروزيّ وقعة صيلمانيّة،يشيب فيها الصغير،و يهرم منها الكبير،و يظهر القتل بينهما،فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء،فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات،ثمّ يوافي واسط العراق،فيقيم بها سنة أو دونها،ثمّ يخرج إلى كوفان،فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ،وقعة شديدة تذهل منها العقول،فعندها يكون بوار الفئتين،و على اللّه حصاد الباقين.4.

ص: 175


1- -يونس:24.

ثمّ تلا قوله تعالى: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ فقلت:سيدي يا ابن رسول اللّه ما الأمر؟

قال:نحن أمر اللّه و جنوده.

قلت:سيّدي يا ابن رسول اللّه حان الوقت؟

قال: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ 1 (1).

313-الفضل بن شاذان بإسناده عن محمّد بن الحنفيّة،(في حديث اختصرنا منه موضع الحاجة)،أنّه قال:إنّ لبني فلان ملكا مؤجّلا حتّى إذا أمنوا و اطمأنّوا،و ظنّوا أنّ ملكهم لا يزول،صيح فيهم صيحة،فلم يبق لهم راع يجمعهم،و لا داع يسمعهم،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .

قلت:جعلت فداك:هل لذلك وقت؟

قال:لا،لأنّ علم اللّه غلب علم الموقّتين،إنّ اللّه وعد موسى ثلاثين ليلة و أتمّها بعشر لم يعلمها موسى،و لم يعلمها بنو اسرائيل،فلمّا جاز الوقت قالوا:غرّنا موسى فعبدوا العجل،و لكن إذا كثرت الحاجة و الفاقة،و أنكر في الناس بعضهم بعضا،فعند ذلك توقّعوا أمر اللّه صباحا و مساء (2).

314-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ،بإسناده عن المفضل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

نزلت في بني فلان ثلاث آيات:قوله عزّ و جلّ: حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً يعني القائم بالسيف فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ .

و قوله عزّ و جلّ: فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً2.

ص: 176


1- -بحار الأنوار 45/52؛تفسير نور الثقلين 299/2 ح 41.
2- -بحار الأنوار 104/52.

فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 1 قال أبو عبد اللّه عليه السّلام بالسيف.

و قوله تعالى: فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ يعني القائم عليه السّلام،يسأل بني فلان عن كنوز بني أمّية (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (2).

315-محمّد بن يعقوب:بإسناده عن عبد الرحمن بن مسلمة الحريريّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يوبّخونا و يكذبونا أنّا نقول:إنّ صيحتين تكونان،يقولون من أين تعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟قال:فما ذا تردّون عليهم؟قلت:ما نردّ عليهم شيئا.قال:

قولوا:يصدّق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل،ان اللّه عزّ و جلّ يقول: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (3).

316-محمّد بن يعقوب:بإسناده عن داود بن فرقد،قال:سمع رجل من العجليّة هذا الحديث:قوله«ينادي مناد ألا إنّ فلان بن فلان و شيعته هم الفائزون أوّل النهار،و ينادي مناد آخر النهار ألا إنّ عثمان و شيعته هم الفائزون»،فقال الرجل:فما يدرينا أيّما الصادق من الكاذب؟فقال:يصدق عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 5 .

317-الشّيخ الصدوق،بإسناده عن ميمون البان،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام(أبي جعفر عليه السّلام)في فسطاطه،فرفع جانب الفسطاط فقال:إنّ أمرنا-لو قد كان-لكان أبين من هذه الشمس المضيئة،ثمّ قال:ينادي مناد من السماء:فلان بن فلان هو الإمام باسمه، و ينادي إبليس لعنه اللّه من الأرض كما نادى برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليلة العقبة (4).

318-عنه،بإسناده عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ينادي مناد من السماء باسم2.

ص: 177


1- -دلائل الإمامة 250؛المحجّة 98.
2- -يونس:35.
3- -روضة الكافي 208؛بحار الأنوار 296/52.
4- -كمال الدّين 650/2.

القائم عليه السّلام،قلت:خاصّ أو عامّ؟قال:عامّ يسمع كلّ قوم بلسانهم،قلت:فمن يخالف القائم عليه السّلام و قد نودي باسمه؟قال:لا يدعهم إبليس حتّى ينادي في آخر الليل و يشكّك الناس (1).

319-و عنه،بإسناده عن المعلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:صوت جبرئيل من السماء،و صوت إبليس من الأرض،فاتّبعوا الصوت الأوّل،و إيّاكم و الأخير أن تفتتنوا به (2).

320-و روى القمّي في تفسيره عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ فأمّا من يهدي إلى الحقّ،فهم محمّد و آل محمّد من بعده،و أمّا من لا يهدي إلاّ أن يهدى،فهو من خالف من قريش و غيرهم أهل بيته من بعده (3).

321-روى الطبريّ في«دلائل الإمامة»بالإسناد عن أنس بن مالك،قال:خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم فرأى عليّا،فوضع يده بين كتفيه ثمّ قال:يا عليّ،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد،لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال له المهديّ، يهدي إلى اللّه عزّ و جلّ و يهتدي به العرب،كما هديت أنت الكفار و المشركين من الضلالة، ثمّ قال:و مكتوب على راحتيه،بايعوه فإنّ البيعة للّه عزّ و جلّ (4).

322-و روي عن محمّد بن عليّ السلميّ،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ:قال:«إنّما سمّي المهديّ مهديّا لأنّه يهدي لأمر خفيّ،يهدي ما في صدور الناس،و يبعث إلى الرجل فيقتله لا يدري في أيّ شيء قتله،و يبعث ثلاثة راكب-قال هي بلغة غطفان راكبان-أمّا راكب فيأخذ ما في أيدي أهل الذمّة من رقيق المسلمين فيعتقهم،و أمّا راكب فيظهر البراءة منهما،من يغوث و يعوق في أرض العرب،و راكب يخرج التوراة من مغارة بأنطاكية، و يعطى حكم سليمان» (5).8.

ص: 178


1- -نفس المصدر 652/2.
2- -نفس المصدر 652/2.
3- -تفسير القمّيّ 312/1.
4- -دلائل الإمامة 250؛إثبات الهداة 574/3 ح 716.
5- -دلائل الإمامة 249؛الخرائج 836/2 ح 78.

323-و روى النعمانيّ بإسناده عن عمرو بن شمر،عن جابر قال:دخل رجل على أبي جعفر الباقر عليه السّلام فقال له:عافاك اللّه،اقبض منّي هذه الخمسمائة درهم،فإنّها زكاة مالي،فقال له أبو جعفر عليه السّلام:خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام و المساكين من إخوانك المؤمنين،ثمّ قال:إذا قام قائم أهل البيت،قسّم بالسوية و عدل في الرعيّة، فمن أطاعه فقد أطاع اللّه،و من عصاه فقد عصى اللّه،و إنّما سمّي المهديّ مهديا لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ،و يستخرج التوراة و سائر كتب اللّه عزّ و جلّ من غار بأنطاكية،و يحكم بين أهل التوراة بالتوراة،و بين أهل الإنجيل بالإنجيل،و بين أهل الزبور بالزبور،و بين أهل القرآن بالقرآن،و تجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض و ظهرها،فيقول للناس:تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام و سفكتم فيه الدماء الحرام،و ركبتم فيه ما حرّم اللّه عزّ و جلّ، فيعطي شيئا لم يعطه أحد كان قبله،و يملأ الأرض عدلا و قسطا و نورا كما ملئت ظلما و جورا و شرّا (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ (2).

324-بالإسناد عن زرارة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الأمور العظام من الرجعة و أشباهها؟فقال:إنّ هذا الّذي تسألون عنه لم يجيء أوانه،و قد قال اللّه عزّ و جلّ:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ 3 .

325-و قال عليّ بن إبراهيم في قوله: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ أي لم يأتهم تأويله كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال:نزلت في الرجعة،كذّبوا بها،أي أنّها لا تكون،ثمّ قال: وَ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ .

و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ مِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ فهم أعداء محمّد و آل محمّد من بعده وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ و الفساد المعصية للّه و لرسوله (3).0.

ص: 179


1- -الغيبة للنعمانيّ 237 ح 26؛حلية الأبرار 556/2 ب 14.
2- -يونس:39.
3- -تفسير القمّيّ 312/1؛تفسير العيّاشيّ 122/2 ح 20.

الآية الخامسة قوله تعالى: وَ إِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ* وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ* وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَ لا نَفْعاً إِلاّ ما شاءَ اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ* قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ* أَ ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَ قَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (1).

326-قال عليّ بن إبراهيم في قوله: وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ -إلى قوله - ما كانُوا مُهْتَدِينَ فإنّه محكم.

ثمّ قال: وَ إِمّا نُرِيَنَّكَ يا محمّد بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من الرجعة و قيام القائم أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ذلك فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ .

و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً يعني ليلا أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة يجحدون نزول العذاب عليهم (2).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (3).

المهديّ عليه السّلام هو الوعد الحق

327-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط،قال:

قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:منّا اثنا عشر مهديّا،أوّلهم أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب،و آخرهم التاسع من ولدي،و هو الإمام القائم بالحقّ،يحيي اللّه به الأرض بعد موتها،و يظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون.

له غيبة يرتدّ فيها أقوام،و يثبت فيها على الدّين آخرون،فيؤذون و يقال لهم: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أما إنّ الصابر في غيبته على الاذى و التكذيب،بمنزلة

ص: 180


1- -يونس:46-51.
2- -تفسير القمّيّ 312/1؛تفسير الصافي 405/2.
3- -يونس:48.

المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

الآية السابعة قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (2).

328-روى الشيخ الصدوق،بإسناده عن أبي بصير،قال:

قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام:يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته،و المطيعين له في ظهوره،اولئك أولياء اللّه الّذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (3).

الآية الثامنة قوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (4).

329-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء،قال:سألت ابا جعفر عليه السّلام،عن الاستطاعة و قول الناس،فقال:و تلا هذه الآية: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ (5).

يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول،و كلهم هالك،قال:قلت:قوله: إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قال:هم شيعتنا،و لرحمته خلقهم،و هو قوله: وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول:لطاعة الامام الرحمة الّتي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ يقول:علم الإمام،و وسع علمه الّذي هو من علمه كلّ شيء،هم شيعتنا،ثمّ قال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ يعني ولاية غير الإمام و طاعته،ثمّ قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الوصيّ و القائم يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إذا قام وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ و المنكر من أنكر فضل الإمام و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أخذ العلم من أهله: وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ و الخبائث قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ و الأغلال:ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام،فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم،و الإصر الذنب،و هي8.

ص: 181


1- -كمال الدين 317/2 ح 3؛إعلام الورى 384.
2- -يونس:62.
3- -كمال الدّين 357/2 ح 54؛المحجّة 69.
4- -يونس:63 و 64.
5- -هود:117 و 118.

الآصار،ثمّ نسبهم فقال: فَالَّذِينَ آمَنُوا يعني بالامام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (1)يعني الّذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبدوها، و الجبت و الطاغوت فلان و فلان و فلان،و العبادة:طاعة الناس لهم،ثمّ قال: أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ (2)ثمّ جزاهم فقال: لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ و الإمام يبشّرهم بقيام القائم و بظهوره،و بقتل اعدائهم و بالنجاة في الآخرة،و الورود على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و آله الصادقين على الحوض (3).

الآية التاسعة قوله تعالى: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (4).

المسخ الأعداء اللّه قبل ظهور المهديّ عليه السّلام

330-روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قول اللّه عزّ و جلّ: عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا و في الآخرة،ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال عليه السّلام:و أيّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته و حجاله و على إخوانه وسط عياله،إذ شق أهله الجيوب عليه و صرخوا،فيقول الناس ما هذا؟فقال:مسخ فلان الساعة،فقلت:قبل قيام القائم عليه السّلام أو بعده؟قال:لا بل قبله (5).

ص: 182


1- -الأعراف:156 و 157.(فقرات من الآيتين).
2- -الزمر:54.
3- -الكافي 429/1-430 ح 83؛بحار الأنوار 353/24.
4- -يونس:98.
5- -الغيبة للنعمانيّ 269 ح 41؛بحار الأنوار 241/52.

سورة هود

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (1).

331-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ،قال:بإسناده عن إسحاق بن عبد العزيز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:العذاب خروج القائم عليه السّلام (2)،و الأمّة المعدودة عدّة أهل بدر و أصحابه (3).

332-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن أبي خالد،عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (4)قال:الخيرات الولاية،و قوله تبارك و تعالى: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً يعني أصحاب القائم عليه السّلام الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا،قال:و هم-و اللّه-الأمّة المعدودة،قال:يجتمعون و اللّه في ساعة واحدة،قزع كقزع الخريف (5).

ص: 183


1- -هود:8.
2- -العذاب في الآية هو العذاب النازل بأعداء اللّه تعالى،المكذّبين لنبيّه و أوليائه.و قد وردت أحاديث و آثار جمّة بأنّ خلق المهديّ عليه السلام أشبه بخلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أنّه رحيم بالمساكين،و أنّ الجميع راضون في ولايته و حكمه حتّى الطير في السماء.
3- -الغيبة للنعمانيّ 241 ح 36؛بحار الأنوار 58/51.
4- -البقرة:148.
5- -روضة الكافي 313.

333-عليّ بن إبراهيم،بإسناده عن هشام بن عمّار،عن أبيه،و كان من أصحاب عليّ عليه السّلام،عن عليّ صلوات اللّه عليه،في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ قال:الأمّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة و البضعة عشر (1).

334-عليّ بن إبراهيم،بإسناده عن أبي خالد الكابليّ،في قوله تعالى وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:

هم أصحاب القائم عليه السّلام يجتمعون و اللّه إليه في ساعة واحدة،فإذا جاء إلى البيداء، يخرج إليه جيش السفياني،فيأمر اللّه الأرض فتأخذ أقدامهم،و هو قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* وَ قالُوا آمَنّا بِهِ يعني بالقائم من آل محمّد عليهم السّلام وَ أَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ إلى قوله: وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ (2)يعني ألا يعذبوا كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ يعني من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا (3).

335-العيّاشيّ،بإسناده عن ابان بن مسافر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ يعني عدّة كعدّة بدر لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ قال:العذاب (4).

336-و عنه بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:أصحاب القائم عليه السّلام الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا هم و اللّه الأمّة المعدودة الّتي قال في كتابه: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:يجتمعون له في ساعة واحدة،قزعا كقزع الخريف (5).

337-و عنه بإسناده عن الحسين،عن الخزّاز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:هو القائم و أصحابه (6).

338-أبو عليّ الطبرسيّ في«مجمع البيان»:قيل أنّ الأمّة المعدودة هم أصحاب المهديّ في آخر الزمان،ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كعدّة أهل بدر،يجتمعون في ساعة1.

ص: 184


1- -عنه:تفسير الصافي 433/2؛المحجّة 102.
2- -سبأ:51-54.
3- -تفسير القمّي 205/2.
4- -تفسير العيّاشيّ 140/2 ح 7.
5- -تفسير العيّاشيّ 140/2 ح 8.
6- -تفسير العيّاشيّ 140/2 ح 9؛بحار الأنوار 55/51.

واحدة كما يجتمع قزع الخريف،قال:و هو المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام (1).

339-قال شرف الدّين النجفيّ:و يؤيّده ما رواه محمّد بن جمهور،عن حمّاد بن عيسى،عن حريز،قال:روى بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:العذاب هو القائم عليه السّلام،و هو عذاب على أعدائه، و الأمّة المعدودة هم الّذين يقومون معه بعدد أهل بدر (2).

340-عليّ بن إبراهيم:في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام،في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:قال إن متّعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليه السّلام،فنردّهم و نعذّبهم لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أن يقولوا:لم لا يقوم القائم عليه السّلام و لا يخرج،على حدّ الاستهزاء،فقال اللّه: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (3).

الآية الثانية قوله تعالى: أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ (4).

من علامات الظهور النداء من السماء

341-روى الحميريّ بإسناده عن الحسن بن محبوب،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

لا بدّ من فتنة صماء صيلم تظهر فيها كلّ بطانة و وليجة،و ذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي،يبكي عليه أهل السماء و أهل الأرض،ثمّ قال من بعد كلام طويل:كأنّي بهم شرّ ما كانوا و قد نودوا ثلاثة أصوات:الصوت الاول أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين،و الصوت الثاني: أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ ،و الثالث:بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول:إنّ اللّه قد بعث فلانا فاسمعوا و أطيعوا (5).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (6).

ص: 185


1- -تفسير مجمع البيان 144/5،ذيل الآية.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 223/1 ح 3؛بحار الأنوار 58/51.
3- -تفسير القمّي 332/1؛بحار الأنوار 44/51.
4- -هود:18.
5- -إثبات الوصيّة 227؛الغيبة للنعمانيّ 180 ح 28.
6- -هود:25.

شبه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبة نوح عليه السّلام

342-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه،بإسناده عن عبد اللّه بن الفضل الهاشميّ،قال:قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام:لمّا أظهر اللّه تبارك و تعالى نبوّة نوح عليه السّلام و أيقن الشيعة بالفرج،اشتدّت البلوى و عظمت الفرية إلى أن آل الأمر إلى شدّة شديدة نالت الشيعة و الوثوب على نوح بالضرب المبرّح،حتّى مكث عليه السّلام في بعض الأوقات مغشيّا عليه ثلاثة أيّام يجري الدم من أذنه ثمّ أفاق،و ذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه،و هو في خلال ذلك يدعوهم ليلا و نهارا فيهربون،و يدعوهم سرّا فلا يجيبون،و يدعوهم علانية فيولّون،فهمّ بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم،و جلس بعد صلاة الفجر للدعاء،فهبط إليه وفد من السماء السابعة،و هم ثلاثة أملاك فسلّموا عليه،ثمّ قالوا له:يا نبيّ اللّه لنا حاجة،قال:

و ما هي؟

قالوا:تؤخّر الدعاء على قومك،فإنّها أوّل سطوة للّه عزّ و جلّ في الأرض،قال:قد أخّرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخرى،و عاد إليهم فصنع ما كان يصنع،و يفعلون ما كانوا يفعلون،حتّى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى و يئس من إيمانهم،جلس في وقت ضحى النهار للدعاء فهبط عليه وفد من السماء السادسة و هم ثلاثة أملاك،فسلّموا عليه، و قالوا:نحن وفد من السماء السادسة،خرجنا بكرة و جئناك ضحوة،ثمّ سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة،فأجابهم إلى مثل ما أجاب اولئك إليه،و عاد عليه السّلام إلى قومه يدعوهم،فلا يزيدهم دعاؤه إلاّ فرارا،حتّى انقضت ثلاثمائة سنة تتمّة تسعمائة سنة، فصارت إليه الشيعة و شكوا ما ينالهم من العامة و الطواغيت و سألوه الدعاء بالفرج، فأجابهم إلى ذلك و صلّى و دعا،فهبط جبرئيل عليه السّلام فقال له:إنّ اللّه تبارك و تعالى أجاب دعوتك،فقل للشيعة:يأكلوا التمر و يغرسوا النوى و يراعوه حتّى يثمر،فإذا أثمر فرّجت عنهم،فحمد اللّه و أثنى عليه و عرّفهم ذلك،فاستبشروا به،فأكلوا التمر و غرسوا النوى و راعوه حتّى أثمر،ثمّ صاروا إلى نوح عليه السّلام بالتمر،و سألوه أن ينجز لهم الوعد،فسأل اللّه عزّ و جلّ في ذلك،فأوحى اللّه إليه:قل لهم:كلوا هذا التمر و اغرسوا النوى،فإذا أثمر فرّجت عنكم!فلمّا ظنّوا أن الخلف قد وقع عليهم،ارتدّ منهم الثلث و ثبت الثلثان،فأكلوا

ص: 186

التمر و غرسوا النوى،حتّى إذا أثمر أتوا به نوحا عليه السّلام فأخبروه و سألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل اللّه عزّ و جلّ في ذلك،فأوحى اللّه إليه:قل لهم:كلوا هذا التمر و اغرسوا النوى، فارتدّ الثلث الآخر و بقي الثلث،فأكلوا التمر و غرسوا النوى،فلمّا أثمر أتوا به نوحا عليه السّلام ثمّ قالوا له:لم يبق منّا إلاّ القليل و نحن نتخوّف على أنفسنا بتأخّر الفرج أن نهلك،فصلّى نوح عليه السّلام ثمّ قال:يا ربّ لم يبق من أصحابي إلاّ هذه العصابة،و إنّي أخاف عليهم الهلاك إن تأخّر عنهم الفرج،فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه:قد أجبت دعاءك فاصنع الفلك،و كان بين إجابة الدعاء و بين الطوفان خمسون سنة (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ .

343-العيّاشيّ،بإسناده عن صالح بن سعيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في قول اللّه: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (2)قال:قوة:القائم عليه السّلام،و الركن الشديد:الثلاثمائة و ثلاثة عشر أصحابه (3).

344-الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:ما كان قول لوط عليه السّلام لقومه: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ إلاّ تمنّيا لقوّة القائم عليه السّلام،و لا الركن ذكر إلاّ شدّة أصحابه،فإنّ الرجل منهم ليعطى قوّة أربعين رجلا،و إنّ قلبه لأشدّ من زبر الحديد،و لو مرّوا بجبال الحديد لتدكدكت،و لا يكفّون سيوفهم حتّى يرضى اللّه عزّ و جلّ (4).

345-عليّ بن إبراهيم،بإسناده عن صالح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:في قوله: قُوَّةً قال:القوّة القائم عليه السّلام،و الركن الشديد ثلاثمائة و ثلاثة عشر.

قال عليّ بن إبراهيم:

فقال جبرئيل،لو علم ما له من القوة؟!فقال:من أنتم؟فقال جبرئيل:

أنا جبرئيل،فقال لوط:بما ذا أمرت؟قال:بهلاكهم،فسأله:الساعة؟6.

ص: 187


1- -كمال الدّين 133/1 و 134 ح 2.
2- -هود:80.
3- -تفسير العيّاشيّ 256/2 ح 55؛بحار الأنوار 158/12.
4- -كمال الدّين 673/2 ح 26.

قال: مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فكسروا الباب و دخلوا البيت،فضرب جبرئيل بجناحه على وجوههم فطمسها،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ (1).

الآية الخامسة قول اللّه عزّ و جلّ: بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (2).

المهديّ عليه السّلام بقيّة اللّه في الأرض

346-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه،بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفيّ،قال:

سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام يقول:القائم منا منصور بالرعب،مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض،و تظهر له الكنوز،يبلغ سلطانه المشرق و المغرب،و يظهر اللّه عزّ و جلّ به دينه على الدّين كلّه و لو كره المشركون،فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ قد عمر،و ينزل روح اللّه عيسى ابن مريم عليه السّلام فيصلّي خلفه،قال:قلت:يا ابن رسول اللّه متى يخرج قائمكم؟

قال:إذا تشبّه الرجال بالنساء،و النساء بالرجال،و اكتفى الرجال بالرجال،و النساء بالنساء،و ركب ذوات الفروج السروج،و قبلت شهادات الزور،و ردّت شهادات العدول، و استخفّ الناس بالدماء و ارتكاب الزنا و أكل الربا،و اتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، و خروج السفيانيّ من الشام،و اليمانيّ من اليمن،و خسف بالبيداء،و قتل غلام من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله بين الركن و المقام،اسمه محمّد ابن الحسن النفس الزكيّة،و جاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه و في شيعته،فعند ذلك خروج قائمنا.

فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة،و اجتمع إليه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،و أوّل ما ينطق به هذه الآية: بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثمّ يقول:أنا بقيّة اللّه في أرضه، و خليفته و حجّته عليكم،فلا يسلّم عليه مسلّم إلاّ قال:السلام عليك يا بقيّة اللّه في أرضه.

فإذا اجتمع إليه العقد،و هو عشرة آلاف رجل،خرج،فلا يبقى في الأرض معبود دون اللّه عزّ و جلّ من صنم و وثن و غيره إلاّ وقعت فيه نار فاحترق،و ذلك بعد غيبة طويلة،

ص: 188


1- -تفسير القمّيّ 336/1.
2- -هود:86.

ليعلم اللّه من يطيعه بالغيب و يؤمن به (1).

347-روى فرات الكوفي معنعنا عن عمر بن ذاهب،قال:قال رجل لجعفر بن محمّد عليه السّلام:نسلّم على القائم بإمرة المؤمنين؟قال:لا،ذلك اسم سمّاه اللّه به أمير المؤمنين، لا يسمّى به أحد قبله و لا بعده إلاّ كافر،قال:كيف نسلّم عليه؟قال:تقول:السلام عليك يا بقيّة اللّه،قال:ثمّ قرأ جعفر: بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (2).

348-و روى الصدوق رحمه اللّه،بإسناده إلى أحمد بن اسحاق قال:دخلت على العسكري عليه السّلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده،فابتدأني:إنّ اللّه لا يخلي الأرض منذ خلق آدم عليه السّلام و لا يخلها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه.قلت:و من الخليفة بعدك؟فأسرع و دخل البيت،و خرج و على عاتقه غلام و قال:لو لا كرامتك على اللّه و على حججه ما عرضت عليك ابني هذا،إنّه سمّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كنيّه،مثله في هذه الأمّة كالخضر و ذي القرنين،ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من ثبّته اللّه على القول بإمامته،و وفّقه الدعاء بتعجيل فرجه،و يرجع من هذا الأمر أكثر القائلين به،هذا سرّ اللّه فخذ و اكتمه،و كن من الشاكرين،تكن معنا في علّيين.فقلت:هل من علامة؟فنطق الغلام فقال:أنا بقية اللّه في أرضه و المنتقم من أعدائه (3).

349-و روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن الصقر بن أبي دلف،قال:لمّا حمل المتوكل سيّدنا أبا الحسن عليه السّلام،جئت لأسأل عن خبره،قال:

فنظر إليّ حاجب المتوكل،فأمر أن أدخل إليه،فأدخلت إليه،فقال:

يا صقر ما شأنك؟قلت:خير أيّها الأستاذ،فقال:اقعد،قال صقر:فأخذني ما تقدّم و ما تأخّر،و قلت:أخطأت في المجيء،قال:فوحى الناس عنده ثمّ قال:ما شأنك و فيم جئت؟قلت:لخبر ما،قال:لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟فقلت له:و من مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين،فقال:اسكت،مولاك هو الحقّ،لا تحتشمني فإنّي على مذهبك، فقلت:الحمد للّه،فقال:أ تحبّ أن تراه؟فقلت:نعم،فقال:اجلس حتّى يخرج صاحب2.

ص: 189


1- -كمال الدّين 331/1 ح 16؛بحار الأنوار 191/52.
2- -تفسير فرات 63؛بحار الأنوار 211/24.
3- -الصراط المستقيم 231/2-232.

البريد،قال:فجلست،فلمّا خرج،قال لغلام له:خذ بيد الصقر،فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلويّ المحبوس و خلّ بينه و بينه.

قال:فأدخلني الحجرة و أومأ إلى بيت،فدخلت فإذا هو عليه السّلام جالس على صدر حصير و بحذاه قبر محفور،قال:فسلّمت،فرد عليّ السلام،ثمّ أمرني بالجلوس فجلست، ثمّ قال لي:يا صقر ما أتى بك؟قلت:يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك.قال:ثمّ نظرت إلى القبر و بكيت،فنظر إليّ و قال:يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء،فقلت:الحمد للّه،ثمّ قلت:يا سيّدي حديث يروى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا أعرف معناه قال:فما هو؟قلت:قوله صلّى اللّه عليه و آله:

لا تعادوا الأيّام فتعاديكم،ما معناه؟فقال:

نعم،الأيّام نحن،بنا قامت السموات و الأرض،فالسبت:اسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الأحد أمير المؤمنين،و الاثنين الحسن و الحسين،و الثلاثاء عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ الباقر و جعفر بن محمّد الصادق،و الأربعاء موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ و أنا،و الخميس ابني الحسن،و الجمعة ابن ابني،و إليه تجتمع عصابة الحقّ،و هو الّذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،فهذا معنى الأيّام.و لا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة،ثمّ قال عليه السّلام ودّع و اخرج فلا آمن عليك (1).

و في رواية-إثبات الوصية-و الجمعة ابنه،و عليه تجتمع هذه الأمّة،ثمّ قرأ:بسم اللّه الرحمن الرحيم بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثمّ قال:نحن بقيّة اللّه (2).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (3).

350-روى العيّاشيّ بإسناده عن البزنطيّ،قال:قال الرضا عليه السّلام:ما أحسن الصبر و انتظار الفرج،أ ما سمعت قول اللّه تعالى: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ و قوله عزّ و جلّ:

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ 4 فعليكم بالصبر،فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم (4).2.

ص: 190


1- -كمال الدّين 382/2 ح 9.
2- -إثبات الوصيّة 225.
3- -هود:93.
4- -تفسير العيّاشيّ 20/2 ح 52؛بحار الأنوار 129/52.

351-نهج البلاغة:من كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام:الزموا الأرض،و اصبروا على البلاء،و لا تحرّكوا بأيديكم و سيوفكم،و هوى ألسنتكم،و لا تستعجلوا بما لم يعجّله اللّه لكم،فإنّه من مات منكم على فراشه و هو على معرفة ربّه،و حقّ رسوله و أهل بيته،مات شهيدا أوقع أجره على اللّه و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله،و قامت النيّة مقام إصلاته بسيفه،فانّ لكلّ شيء مدّة و أجلا (1).

352-روى العيّاشيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل،عن الرضا عليه السّلام قال:سألته عن انتظار الفرج فقال:أو ليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ثمّ قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (2).

الآية السابعة قوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (3).

353-محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ قال:اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب، و سيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم عليه السّلام الّذي يأتيهم به،حتّى ينكره ناس كثير، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم (4).2.

ص: 191


1- -بحار الأنوار 144/52.
2- -تفسير العيّاشيّ 159/2 ح 62؛بحار الأنوار 379/12.
3- -هود:110.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 510/2 ح 13؛تفسير الصافي 474/2.

سورة يوسف

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (1).

فضل انتظار ظهور المهديّ عليه السّلام

354-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:حدّثني أبي،عن جدّي،عن آبائه عليهم السّلام أن أمير المؤمنين عليه السّلام علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه،جاء فيها:انتظروا الفرج و لا تيأسوا من روح اللّه،فإنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن،و المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه (2).

الآية الثانية قوله تعالى: قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (3).

ص: 192


1- -يوسف:87.
2- -كمال الدّين 645/2 ح 6؛بحار الأنوار 123/52.
3- -يوسف:89 و 90.

شبه غيبة المهديّ عليه السّلام بيوسف عليه السّلام

355-و بالإسناد عن سدير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ في القائم سنّة من يوسف،قلت:كأنّك تذكر حيرة أو غيبة.

قال لي:و ما تنكر من هذا هذه الأمّة أشباه الخنازير؟!

إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف و بايعوه و خاطبوه و هم أخوته و هو أخوهم،فلم يعرفوه حتّى قال لهم يوسف عليه السّلام:أنا يوسف،فما تنكر هذه الأمّة الملعونة أن يكون اللّه عزّ و جلّ في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجّته،لقد كان يوسف إليه ملك مصر،و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما،فلو أراد اللّه عزّ و جلّ أن يعرّف مكانه لقدر على ذلك،و اللّه لقد سار يعقوب و ولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر،و ما تنكر هذه الأمّة أن يكون اللّه يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم و يطأ بسطهم و هم لا يعرفونه حتّى يأذن اللّه عزّ و جلّ أن يعرّفهم نفسه، كما أذن ليوسف حين قال: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي (1).

356-و بالإسناد عن محمّد بن مسلم،قال:دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و أنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فقال لي مبتدئا:يا محمّد بن مسلم،إنّ في القائم من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله شبها من خمسة من الرسل:يونس بن متى،و يوسف بن يعقوب،و موسى، و عيسى،و محمّد صلوات اللّه عليهم.

فأمّا شبهه من يونس،فرجوعه من غيبته و هو شابّ بعد كبر السن.و أمّا شبهه من يوسف بن يعقوب،فالغيبة من خاصّته و عامّته و اختفاؤه من إخوته و إشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السّلام مع قرب المسافة بينه و بين أبيه و أهله و شيعته.

و أمّا شبهه من موسى،فدوام خوفه و طول غيبته و خفاء ولادته و تعب شيعته من بعده بما لقوا من الأذى و الهوان إلى أن أذن اللّه عزّ و جلّ في ظهوره و نصره،و أيّده على عدوّه.

و أمّا شبهه من عيسى فاختلاف من اختلف فيه،حتّى قالت طائفة منهم:ما ولد،

ص: 193


1- -كمال الدّين 144/1 ح 11؛بحار الأنوار 142/51.

و قالت طائفة:مات،و قالت طائفة:قتل و صلب.

و أمّا شبهه من جدّه المصطفى صلّى اللّه عليه و آله،فخروجه بالسيف و قتله أعداء اللّه و أعداء رسوله صلّى اللّه عليه و آله و الجبّارين و الطواغيت،و أنّه ينصر بالسيف و الرعب،و أنّه لا تردّ له راية،و أنّ من علامات خروجه خروج السفيانيّ من الشام،و خروج اليمانيّ،و صيحة من السماء في شهر رمضان،و مناد ينادي باسمه و اسم أبيه (1).

357-و بالإسناد عن أبي بصير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:في صاحب الأمر سنّة من موسى و سنّة من عيسى و سنّة من يوسف و سنّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله؛فأمّا من موسى فخائف يترقّب،و أمّا من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى،و أمّا من يوسف فالسجن و التقيّة،و أمّا من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فالقيام بسيرته و تبيين آثاره،ثمّ يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر،و لا يزال يقتل أعداء اللّه حتّى يرضى اللّه،قلت:و كيف يعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ قد رضي؟قال:يلقي اللّه عزّ و جلّ في قلبه الرحمة (2).

358-و بالإسناد عن ضريس الكناسيّ،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:إنّ صاحب هذا الأمر فيه سنّة من يوسف:ابن أمة سوداء،يصلح اللّه أمره في ليلة واحدة (3).

359-و عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:في القائم سنّة من موسى بن عمران عليه السّلام،فقلت:و ما سنّة موسى بن عمران؟قال:خفاء مولده و غيبته عن قومه،فقلت:كم غاب موسى عن أهله و قومه؟قال:ثماني و عشرين سنة (4).

360-و بالإسناد عن أبي بصير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء:سنّة من موسى،و سنّة من عيسى،و سنّة من يوسف،و سنّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

فأمّا من موسى فخائف يترقّب،و أمّا من يوسف فالسجن،و أمّا من عيسى فيقال:إنّه مات،و لم يمت،و أمّا من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فالسيف (5).4.

ص: 194


1- -بحار الأنوار 217/51.
2- -بحار الأنوار 218/51.
3- -بحار الأنوار 218/51.
4- -بحار الأنوار 216/51.
5- -الإمامة و التبصرة لعليّ بن بابويه 93-94 ب 23 ح 84.

361-و بالإسناد عن سعيد بن جبير،قال:سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول:في القائم منّا سنن من سنن الأنبياء عليهم السّلام:سنّة من آدم،و سنّة من نوح،و سنّة من إبراهيم،و سنّة من موسى،و سنّة من عيسى،و سنّة من أيّوب،و سنّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله؛فأمّا من آدم و من نوح فطول العمر،و أمّا من إبراهيم فخفاء الولادة و اعتزال الناس،و أمّا من موسى فالخوف و الغيبة،و أمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه،و أمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى،و أمّا من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فالخروج بالسيف (1).

362-أبو بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:في القائم شبه من يوسف،قلت و ما هو؟قال:

الحيرة و الغيبة (2).

363-النعمانيّ بإسناده عن يزيد الكناسيّ،قال:سمعت أبا جعفر الباقر عليه السّلام يقول:إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف،ابن أمة سوداء،يصلح اللّه له أمره في ليلة (3).

364-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

قدم أعرابيّ على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه،فلمّا فرغ قال له يوسف:أين منزلك؟ قال له:بموضع كذا و كذا،قال:فقال له:فإذا مررت بوادي كذا و كذا،فقف فناد:يا يعقوب! يا يعقوب!فإنّه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم،فقل له:لقيت رجلا بمصر و هو يقرئك السلام و يقول لك:إنّ وديعتك عند اللّه عزّ و جلّ لن تضيع،قال:فمضى الأعرابي حتّى انتهى إلى الموضع،فقال لغلمانه:احفظوا عليّ الإبل،ثمّ نادى:يا يعقوب يا يعقوب!فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتّقي الحائط بيده،حتّى أقبل فقال له الرجل:أنت يعقوب؟قال:نعم،فأبلغه ما قال له يوسف،قال:فسقط مغشيّا عليه،ثمّ أفاق فقال:يا أعرابي أ لك حاجة إلى اللّه عزّ و جلّ؟فقال له:نعم إنّي رجل كثير المال و لي ابنة عمّ ليس يولد لي منها،و احب أن تدعو اللّه أن يرزقني ولدا،قال:فتوضّأ يعقوب و صلّى ركعتين ثمّ دعا اللّه عزّ و جلّ،فرزق أربعة أبطن،أو قال:ستّة أبطن،في كلّ بطن اثنان.فكان يعقوب عليه السّلام يعلم أنّ يوسف عليه السّلام حيّ لم يمت،و أنّ اللّه تعالى ذكره سيظهره له1.

ص: 195


1- -بحار الأنوار 217/51.
2- -الغيبة للطوسيّ 103.
3- -الغيبة للنعمانيّ 163 ح 3؛بحار الأنوار 41/51.

بعد غيبته،و كان يقول لبنيه: إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ .و كان أهله و أقرباؤه يفنّدونه على ذكره ليوسف،حتّى أنّه لمّا وجد ريح يوسف قال: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ* قالُوا تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ* فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ (و هو يهودا ابنه و ألقى قميص يوسف) عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً*قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (1).

الآية الثالثة قوله عزّ و جلّ: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (2).

365-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:

أ تدري ما كان قميص يوسف عليه السّلام؟قال:قلت لا.قال:إنّ إبراهيم عليه السّلام لمّا أوقدت له النار،أتاه جبرئيل عليه السّلام بثوب من ثياب الجنّة فألبسه إيّاه،فلم يضرّه حرّ و لا برد،فلمّا حضر إبراهيم الموت،جعله في تميمة و علّقه على إسحاق،و علّقه إسحاق على يعقوب، فلمّا ولد يوسف علّقه عليه و كان في عضده حتّى كان من أمره ما كان،فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه السّلام ريحه،و هو قوله تعالى حكاية عنه: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ .فهو ذلك القميص الّذي أنزل من الجنّة.

قلت:جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص؟قال:إلى أهله،و هو مع قائمنا إذا خرج،ثمّ قال:كلّ نبيّ ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله (3).

366-ذكر العلاّمة البيّاضيّ في صفة المهديّ عليه السّلام قال:و في رواية المفضّل:يخرج و عليه قميص يوسف،فيشمّ المؤمنون رائحته شرقا و غربا،و هو الّذي شمّ رائحته يعقوب في قوله: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ (4).

الآية الرابعة قوله تعالى: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَ لا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (5).0.

ص: 196


1- -كمال الدّين 141/1-142.
2- -يوسف:94.
3- -كمال الدّين 142/1-143 ح 10.
4- -الصراط المستقيم 253/2.
5- -يوسف:110.

ظهور المهديّ عليه السّلام بعد اليأس

367-و بالإسناد عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:جاء رجل إلى أمير المؤمنين فشكا إليه طول دولة الجور،فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:و اللّه ما تأملون حتّى يهلك المبطلون،و يضمحلّ الجاهلون و يأمن المتّقون و قليل ما يكون حتّى يكون لأحدكم موضع قدمه،و حتّى يكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها.فبينا انتم كذلك،إذ جاء نصر اللّه و الفتح،و هو قوله عزّ و جلّ في كتابه: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (1).

ص: 197


1- -دلائل الإمامة 251؛المحجّة 107.

سورة الرعد

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (1).

368-روى العيّاشيّ بإسناده عن حنان بن سدير،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سمعته يقول في قول اللّه تبارك و تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فقال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أنا المنذر و عليّ الهادي،و كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيه (2).

369-روى الصفّار رحمه اللّه من كتاب لخطب أمير المؤمنين عليه السّلام،ثمّ ذكر الخطبة بطولها،جاء فيها:أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني،لأنا أعرف بطرق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض،أنا يعسوب المؤمنين و غاية السابقين و لسان المتّقين و خاتم الوصيّين و وارث النبيّين و خليفة ربّ العالمين،أنا قسيم النار و خازن الجنان صاحب الحوض و صاحب الأعراف،فليس منّا أهل البيت إمام إلاّ و هو عارف بجميع أهل ولايته،ذلك قول اللّه تبارك و تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (3).

370-روى القميّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال:المنذر رسول

ص: 198


1- -الرعد:7.
2- -تفسير العيّاشيّ 204/2 ح 7؛بحار الأنوار 3/23.
3- -مختصر بصائر الدرجات 198؛تفسير الصافي 59/3.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و الهادي أمير المؤمنين عليه السّلام،و بعده الأئمّة عليهم السّلام و هو قوله: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي في كلّ زمان إمام هاد مبين (1).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (2).

371-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة،بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:سمعت عليّا عليه السّلام يقول:إنّ بين يدي القائم عليه السّلام سنين خدّاعة،يكذب فيها الصادق،و يصدق فيها الكاذب،و يقرب فيها الماحل،و في حديث:و ينطق فيها الرويبضة،فقلت:و ما الرويبضة و ما الماحل؟قال:أو ما تقرءون القرآن قوله: وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ قال:يريد المكر،فقلت:و ما الماحل؟قال:يريد المكّار (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ (4).

طوبى للمؤمنين بالمهديّ عليه السّلام في غيبته

372-الشّيخ الصدوق،بإسناده عن أبي بصير،قال:قال الصادق عليه السّلام:طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا،فلم يزغ قلبه بعد الهداية،فقلت له:جعلت فداك،و ما طوبى؟قال:شجرة في الجنة،أصلها في دار عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و ليس من مؤمن إلاّ و في داره غصن من أغصانها،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ (5).

373-عن رفاعة ابن موسى،و معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي و هو مقتد به قبل قيامه،يتولّى وليه،و يتبرّأ من عدوّه،و يتولّى الأئمّة الهادية من قبله،اولئك رفقائي و ذوو ودّي و مودّتي،و أكرم أمّتي عليّ،قال رفاعة:و أكرم خلق اللّه عليّ (6).

374-و بالإسناد عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم،فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان،إنّ أدنى ما يكون لهم من

ص: 199


1- -تفسير القمّي 359/1 تفسير البرهان 281/2.
2- -الرعد:13.
3- -تفسير النعمانيّ 278 ح 62؛بحار الأنوار 245/52.
4- -الرعد:29.
5- -كمال الدّين 358/2 ح 55؛معاني الأخبار 112 ح 1.
6- -كمال الدّين 358/2 ح 55.

الثواب أن يناديهم الباري عزّ و جلّ:عبادي آمنتم بسرّي،و صدّقتم بغيبي،فأبشروا بحسن الثواب منّي،فأنتم عبادي و إمائي حقّا،منكم أتقبّل،و عنكم أعفو،و لكم أغفر،و بكم أسقي عبادي الغيث،و أدفع عنهم البلاء،و لولاكم لأنزلت عليهم عذابي،قال جابر:

فقلت:يا ابن رسول اللّه فما افضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟

قال:حفظ اللسان و لزوم البيت! (1)

375-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي و هو يأتمّ به في غيبته قبل قيامه،و يتولّى أولياءه و يعادي أعداءه،ذلك من رفقائي و ذوي مودّتي،و أكرم أمّتي عليّ يوم القيامة (2).

376-روى النعمانيّ بإسناده عن عبيد اللّه بن العلاء،عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام،أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام حدّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم،فقال الحسين عليه السّلام:يا امير المؤمنين متى يطهّر اللّه الأرض من الظالمين؟فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:

لا يطهّر اللّه الأرض من الظالمين حتّى يسفك الدم الحرام-ثمّ ذكر أمر بني أميّة و بني العباس في حديث طويل-ثمّ قال:إذا قام القائم بخراسان،و غلب على أرض كوفان و ملتان،و جاز جزيرة بني كوان،و قام منّا قائم بجيلان و أجابته الآبر و الديلمان،و ظهرت لولدي رايات الترك متفرّقات في الأقطار و الجنبات،و كانوا بين هنات و هنات،إذا خربت البصرة،و قام أمير الأمرة بمصر-فحكى عليه السّلام حكاية طويلة-ثمّ قال:إذا جهّزت الألوف و صفّت الصفوف و قتل الكبش الخروف،هناك يقوم الآخر،و يثور الثائر،و يهلك الكافر، ثمّ يقوم القائم المأمول،و الإمام المجهول،له الشرف و الفضل،و هو من ولدك يا حسين، لا ابن مثله يظهر بين الركنين،في دريسين باليين،يظهر على الثقلين،و لا يترك في الأرض دمين،طوبى لمن أدرك زمانه و لحق أوانه،و شهد أيّامه (3).

377-روى النوري قال:و أخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوريّ المتوفّى في حياة أبي محمّد العسكريّ والد الحجّة عليهما السّلام في كتابه في الغيبة،بإسناده عن الحسن بن2.

ص: 200


1- -نفس المصدر 330/1 ح 15؛بحار الأنوار 145/52.
2- -نفس المصدر 286/1 ح 2 و 3.
3- -الغيبة للنعمانيّ 274 ح 55؛بحار الأنوار 235/52.

رئاب،قال:حدّثنا أبو عبد اللّه عليه السّلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليه السّلام،قال في آخره:ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين أمراء العرب و العجم،فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان-إلى أن قال عليه السّلام-ثمّ يظهر أمير الأمرة و قاتل الكفرة، السلطان المأمول،الّذي تحير في غيبته العقول،و هو التاسع من ولدك يا حسين،يظهر بين الركنين،يظهر على الثقلين،و لا يترك في الأرض الأدنين،طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه و لحقوا أوانه،و شهدوا أيّامه،و لاقوا أقوامه (1).

378-روى الشيخ الطوسيّ،بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث له حتّى انتهى إلى مسجد الكوفة،و كان مبنيّا بخزف و دنان و طين،فقال:ويل لمن هدمك،و ويل لمن سهّل هدمك،و ويل لبانيك بالمطبوخ،المغيّر قبلة نوح،طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي،اولئك خيار الأمّة مع أبرار العترة (2).

379-روى الطوسي بإسناده عن الحسن بن زيد بن عليّ،قال:سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام عن سنّ جدّنا عليّ بن الحسين عليه السّلام فقال:أخبرني أبي،عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال:كنت امشي خلف عمّي الحسن و أبي الحسين عليهما السّلام في بعض طرقات المدينة في العامّ الّذي قبض فيه عمّي الحسن عليه السّلام،و أنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت،فلقيهما جابر بن عبد اللّه و أنس بن مالك الأنصاريّان في جماعة من قريش و الأنصار،فما تمالك جابر بن عبد اللّه حتّى أكبّ على أيديهما و أرجلهما يقبّلهما،فقال رجل من قريش كان نسيبا لمروان:أتصنع هذا يا أبا عبد اللّه و أنت في سنّك هذا و موضعك من صحبة رسول اللّه،و كان جابر قد شهد بدرا،فقال له:إليك عنّي،فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما و مكانهما ما أعلم لقبّلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثمّ أقبل جابر على أنس بن مالك فقال:يا أبا حمزة،أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيهما بأمر ما ظننته أنّه يكون في بشر،قال له أنس:و بما ذا أخبرك يا أبا عبد اللّه؟

قال عليّ بن الحسين:فانطلق الحسن و الحسين عليهم السّلام و وقفت أنا أسمع محاورة2.

ص: 201


1- -الغيبة لابن شاذان؛و عنه:كشف الأستار للنوري 221.
2- -الغيبة للطوسيّ 283؛بحار الأنوار 332/52.

القوم،فأنشأ جابر يحدّث،قال:بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم في المسجد و قد حفّ من حوله،إذ قال لي:يا جابر ادع لي حسنا و حسينا،و كان شديد الكلف بهما،فانطلقت فدعوتهما و أقبلت أحمل هذا مرّة و هذا أخرى حتّى جئته بهما،فقال لي و أنا اعرف السرور في وجهه لمّا رأى من محبّتي لهما و تكريمي إيّاهما:أ تحبّهما يا جابر؟

فقلت:و ما يمنعني من ذلك فداك أبي و أمّي و أنا أعرف مكانهما منك؟

قال:أ فلا أخبرك عن فضلهما؟

قلت:بلى بأبي أنت و أمّي.

قال:إنّ اللّه تعالى لمّا أحب أن يخلقني،خلقني نطفة بيضاء فأودعها صلب أبي آدم عليه السّلام،فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر،إلى نوح و إبراهيم عليهم السّلام،ثمّ كذلك إلى عبد المطّلب،فلم يصبني من دنس الجاهليّة،ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين إلى عبد اللّه و أبي طالب،فولدني أبي فختم اللّه بي النبوّة،(و ولد أبو طالب عليّا)فختمت به الوصيّة،ثمّ اجتمعت النطفتان منّي و من عليّ،فولدتا الجهر و الجهير الحسنان،فختم بهما أسباط النبوّة و جعل ذرّيّتي منهما،و أمرني بفتح مدينة-أو قال مدائن-الكفر.و من ذرّيّة هذا-و أشار إلى الحسين عليه السّلام-رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا،فهما طاهران مطهّران،و هما سيّدا شباب أهل الجنة،طوبى لمن أحبّهما و أباهما و أمّهما،و ويل لمن حاربهم و أبغضهم (1).

380-روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير،عن كامل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إنّ قائمنا إذا قام،دعا الناس إلى امر جديد،كما دعا إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و إنّ الإسلام بدأ غريبا،و سيعود غريبا كما بدأ،فطوبى للغرباء (2).

كلام للشيخ الصدوق في معنى الحديث

قال الشيخ الصدوق رحمه اللّه:حال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل النبوّة حال قائمنا و صاحب زماننا عليه السّلام في

ص: 202


1- -أمالي الطوسيّ 113/2-114؛بحار الأنوار 110/22-112.
2- -الغيبة للنعمانيّ 320 ح 1؛بحار الأنوار 366/52.

وقتنا هذا،و ذلك أنّه لم يعرف خبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ذلك الوقت إلاّ الأحبار و الرهبان و الّذين قد انتهى إليهم العلم به،فكان الإسلام غريبا فيهم،و كان الواحد منهم إذا سأل اللّه تبارك و تعالى بتعجيل فرج نبيّه و إظهار أمره،سخر منه أهل الجهل و الضلال و قالوا له:متى يخرج هذا النبيّ الّذي تزعمون أنّه نبيّ السيف،و أنّ دعوته تبلغ المشرق و المغرب،و أنّه ينقاد له ملوك الأرض كما يقول الجهّال في وقتنا هذا:متى يخرج هذا المهديّ الّذي تزعمون أنّه لا بدّ من خروجه و ظهوره،و ينكره قوم و يقرّ به آخرون،و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ الإسلام بدئ غريبا و سيعود غريبا كما بدئ،فطوبى للغرباء،فقد عاد الإسلام كما قال عليه السّلام غريبا في هذا الزمان كما بدأ و سيقوى بظهور وليّ اللّه و حجّته كما قوي بظهور نبي اللّه و رسوله،و تقرّ بذلك أعين المنتظرين له و القائلين بإمامته كما قرّت أعين المنتظرين لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و العارفين به بعد ظهوره،و ان اللّه عزّ و جلّ لينجز لأوليائه ما وعدهم،و يعلى كلمته و يتمّ نوره و لو كره المشركون (1).1.

ص: 203


1- -كمال الدّين 200/1.

سورة إبراهيم

اشارة

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ (1).

381-الشّيخ الصدوق بإسناده عن مثنّى الحنّاط،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:أيّام اللّه عزّ و جلّ ثلاثة:يوم يقوم القائم عليه السّلام،و يوم الكرّة،و يوم القيامة (2).

382-و عنه بإسناده عن مثنّى الحناط،عن جعفر بن محمّد،عن ابيه عليهما السّلام مثله.

سعد ابن عبد اللّه،بإسناده عن مثنّى الحناط،عن الصادق عليه السّلام أيضا مثله (3).

383-و روى الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار،عن أمير المؤمنين عليه السّلام في كتاب الواحدة،في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه القدسيّة،و جاء فيه قوله: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال:الغيب:هو الرجعة و يوم القيامة و يوم القائم و هي أيّام آل محمّد، و إليها الاشارة بقوله: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ فالرجعة لهم،و يوم القيامة لهم،و يوم القائم لهم، و حكمه اليهم،و معوّل للمؤمنين فيه عليهم (4).

ص: 204


1- -إبراهيم:5.
2- -معاني الأخبار 365؛الخصال 108.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 576/2 ح 3؛بحار الأنوار 63/53.
4- -مشارق أنوار اليقين 159.

384-روى القمّيّ في قوله: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ قال:أيّام اللّه ثلاثة:يوم القائم،يوم الموت،و يوم القيامة (1).

الآية الثانية قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللّهُ الظّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللّهُ ما يَشاءُ (2).

385-روي عن مسعدة قال:كنت عند الصادق عليه السّلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئا على عصاه،فسلّم،فرد أبو عبد اللّه عليه السّلام الجواب،ثمّ قال:يا ابن رسول اللّه ناولني يدك أقبّلها،فأعطاه يده،فقبّلها ثمّ بكى،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:و ما يبكيك يا شيخ؟قال:جعلت فداك أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر و هذه السنة،و قد كبر سنّي و دقّ عظمي و اقترب أجلي و لا أرى ما أحبّ،أراكم معتلّين مقتّلين مشرّدين،و أرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة،فكيف لا أبكي؟فدمعت عينا أبي عبد اللّه عليه السّلام،ثمّ قال:يا شيخ إن أبقاك اللّه حتّى ترى قائمنا،كنت معنا في السنام الاعلى،و إن حلّت بك المنيّة،جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و نحن ثقله،فقال عليه السّلام:إنّي مخلّف فيكم الثقلين،فتمسكوا بهما لن تضلوا:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي.

فقال الشيخ:لا أبالي بعد ما سمعت هذا الخبر.

قال:يا شيخ،إنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن[العسكريّ]،و الحسن يخرج من صلب عليّ،و عليّ يخرج من صلب محمّد،و محمّد يخرج من صلب عليّ،و عليّ يخرج من صلب ابني هذا-و أشار إلى موسى عليه السّلام-و هذا خرج من صلبي،نحن اثنا عشر كلنا معصومون،مطهّرون.

فقال الشيخ:يا سيّدي بعضكم أفضل من بعض؟قال:لا،نحن في الفضل سواء، و لكنّ بعضنا أعلم من بعض،ثمّ قال:يا شيخ،و اللّه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد،لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت.ألا و إنّ شيعتنا يقعون في فتنة و حيرة في غيبته،هناك يثبّت اللّه على هداه المخلصين،اللّهمّ أعنهم على ذلك (3).6.

ص: 205


1- -تفسير القمّيّ 367/1؛بحار الأنوار 63/53.
2- -إبراهيم:27.
3- -كفاية الأثر 160؛إرشاد القلوب 405؛بحار الأنوار 408/26.

386-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:أقرب ما يكون العبد من اللّه جلّ ذكره و أرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة اللّه جلّ و عزّ و لم يظهر لهم و لم يعلموا مكانه،و هم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة اللّه جلّ ذكره و لا ميثاقه،فعندها فتوقّعوا الفرج صباحا و مساء،فإنّ أشدّ ما يكون غضب اللّه على أعدائه إذا افتقدوا حجّته و لم يظهر لكم،و قد علم أنّ أولياءه لا يرتابون،و لو علم أنّهم يرتابون ما غيّب حجّته عنهم طرفة عين،و لا يكون ذلك إلاّ على رأس شرار الناس (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (2).

المهديّ عليه السّلام من نعم اللّه تعالى

387-روى ابن شهرآشوب عن الصادق و الباقر عليهما السّلام في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً :نعمة اللّه:رسوله إذ يخبر أمّته بمن يرشدهم من الأئمّة،فأحلّوهم دار البوار،ذلك معنى قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا ترجعنّ بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض (3).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ أَنْذِرِ النّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ (4).

388-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:و اللّه للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليه السّلام كان خيرا لهذه الأمّة مما طلعت عليه الشمس،فو اللّه لقد نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (5)إنّما هي طاعة الإمام،و طلبوا القتال،فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السّلام قالوا:ربّنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخّرتنا إلى أجل قريب نجب دعوتك و نتّبع الرّسل أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السّلام (6).

ص: 206


1- -الكافي 333/1 ح 1؛بحار الأنوار 94/52 و 95.
2- -إبراهيم:28.
3- -مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 284/4.
4- -إبراهيم:44.
5- -النساء:77.
6- -المحجّة 109.

الآية الخامسة قوله تعالى: وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (1).

389-العيّاشيّ:بإسناده عن سعد بن عمر،عن غير واحد ممّن حضر أبا عبد اللّه، و رجل يقول قد ثبت دار صالح و دار عيسى بن عليّ ذكر دور العباسيين،فقال رجل:

أراناها اللّه خرابا أو خرّبها بأيدينا،فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام:لا تقل هكذا،بل يكون مساكن القائم و أصحابه،اما سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (2).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (3).

390-العيّاشيّ،بإسناده عن جميل بن درّاج،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ و إنّ مكر بني العبّاس بالقائم عليه السّلام لتزول منه قلوب الرجال (4).

391-الشيخ في مجالسه،بإسناده عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

اتّقوا اللّه و عليكم بالطاعة لأئمّتكم،قولوا ما يقولون،و اصمتوا عمّا صمتوا،فإنّكم في سلطان من قال اللّه تعالى: وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ فاتّقوا اللّه فإنّكم في هدنة، صلّوا في عشائرهم و اشهدوا جنائزهم،و أدّوا الأمانة إليهم،و عليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه،فإنّ في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم،و أهوال يوم القيامة (5).4.

ص: 207


1- -إبراهيم:45.
2- -تفسير العيّاشيّ 235/2 ح 49؛بحار الأنوار 347/52.
3- -إبراهيم:46.
4- -تفسير العيّاشيّ 235/2 ح 50؛المحجّة 111.
5- -أمالي الطوسيّ 280/2؛تفسير البرهان 321/2 ح 4.

سورة الحجر

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَ زَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ* وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (1).

رجم الشيطان في عهد المهديّ عليه السّلام

392-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ،قال:سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهم السّلام يقول:معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن،مطرود من مواضع الخير،لا يذكره مؤمن إلاّ لعنه،و إنّ في علم اللّه السابق أنّه إذا خرج القائم عليه السّلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلاّ رجمه بالحجارة،كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن (2).

الآية الثانية قوله تعالى: قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (3).

الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليه السّلام

393-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ،بإسناده عن وهب بن جميع مولى اسحاق بن

ص: 208


1- -الحجر:16 و 17.
2- -معاني الأخبار 139 ح 1؛بحار الأنوار 242/63.
3- -الحجر:37 و 38.

عمار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ابليس،قوله: رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ أيّ يوم هو؟قال:يا وهب،أ تحسب أنّه يوم يبعث اللّه تعالى الناس؟لا،و لكنّ اللّه عزّ و جلّ أنظره إلى يوم يبعث اللّه عزّ و جلّ قائمنا، فإذا بعث اللّه عزّ و جلّ قائمنا،فيأخذ بناصيته و يضرب عنقه،فذلك يوم الوقت المعلوم (1).

394-و روى اسحاق بن عمار قال:سألته-يعني زين العابدين عليه السّلام-عن إنظار اللّه تعالى ابليس وقتا معلوما ذكره في كتابه،قال: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قال عليه السّلام:الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليه السّلام،فإذا بعثه اللّه كان في مسجد الكوفة و جاء إبليس حتّى يجثو على ركبتيه،فيقول:يا ويلاه من هذا اليوم،فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه،فذلك يوم الوقت المعلوم منتهى أجله (2).

395-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد قال:

قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام:لا دين لمن لا ورع له،و لا إيمان لمن لا تقيّة له،إنّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقيّة،فقيل له:يا ابن رسول اللّه إلى متى؟قال: إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ و هو يوم خروج قائمنا أهل البيت،فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا، فقيل له:يا ابن رسول اللّه،و من القائم منكم أهل البيت؟قال:الرابع من ولدي،ابن سيّدة الإماء،يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور،و يقدّسها من كلّ ظلم،و هو الّذي يشكّ الناس في ولادته،و هو صاحب الغيبة قبل خروجه،فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره،و وضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد احدا،و هو الّذي تطوى له الأرض و لا يكون له ظلّ،و هو الّذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول:ألا إنّ حجّة اللّه قد ظهر عند بيت اللّه فاتّبعوه،فإنّ الحقّ معه و فيه.و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ* وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (4).6.

ص: 209


1- -دلائل الإمامة 440؛بحار الأنوار 221/63.
2- -بحار الأنوار 376/52؛منتخب الأنوار المضيئة 203 ف 12.
3- -كمال الدّين 371/1 ح 5؛بحار الأنوار 321/52.
4- -الحجر:75 و 76.

المهديّ عليه السّلام من المتوسّمين

396-روى ابن شاذان،بإسناده من طريق العامّة عن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام:يا عليّ أنا نذير أمّتي،و أنت هاديها، و الحسن قائدها،و الحسين سائقها،و عليّ بن الحسين جامعها،و محمّد بن عليّ عارفها، و جعفر بن محمّد كاتبها،و موسى بن جعفر محصيها،و عليّ بن موسى معبّرها و منجيها و طارد مبغضيها و مدني مؤمنيها،و محمّد بن عليّ قائمها و سائقها،و عليّ بن محمّد سائرها و عالمها،و الحسن بن عليّ مناديها و معطيها،و القائم الخلف ساقيها و مناشدها:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ يا عبد اللّه (1).

397-روى جابر عن الباقر عليه السّلام قال:كأنّي انظر إلى القائم عليه السّلام و أصحابه في نجف الكوفة كأنّ على رءوسهم الطير،فنيت أزوادهم و خلقت ثيابهم(منتكبين قسيّهم)قد أثّر السجود بجباههم،ليوث بالنهار،و رهبان بالليل،كأنّ قلوبهم زبر الحديد،يعطى الرجل منهم قوّة أربعين رجلا،(و يعطيهم صاحبهم التوسّم)لا يقتل أحد منهم إلاّ كافرا أو منافقا، فقد وصفهم اللّه بالتوسّم في كتابه: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (2).

398-روى ابن شهرآشوب مرسلا،عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ :فذلك السبيل المقيم الوصيّ بعد النبيّ (3).

399-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إذا قام القائم،لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمن إلاّ عرفه صالح هو أم طالح،لأن فيه آية للمتوسّمين،و هي بسبيل مقيم (4).

400-روى الشيخ المفيد بإسناده عن عبد اللّه بن عجلان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:إذا قام قائم آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،حكم بين الناس بحكم داود عليه السّلام،لا يحتاج إلى بيّنة،يلهمه اللّه

ص: 210


1- -مائة منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام لابن شاذان 24 المنقبة 6؛بحار الأنوار 270/36.
2- -إثبات الهداة 585/3 ح 791؛بحار الأنوار 386/52.
3- -مناقب آل أبي طالب 284/4؛بحار الأنوار 127/24.
4- -كمال الدّين 671/2 ح 20؛بحار الأنوار 325/52.

تعالى فيحكم بعلمه،و يخبر كلّ قوم بما استبطنوه،و يعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم،قال اللّه سبحانه: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ* وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (1).3.

ص: 211


1- -الإرشاد للمفيد 365؛كشف الغمّة 256/3.

سورة النحل

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (1).

أمر اللّه هو ظهور المهديّ عليه السّلام

401-الشّيخ الصدوق،بإسناده عن أبان بن تغلب،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّ أوّل من يبايع القائم عليه السّلام جبرئيل عليه السّلام،ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه،ثمّ يضع رجلا على بيت اللّه الحرام و رجلا على بيت المقدس،ثمّ ينادي بصوت ذلق طلق يسمع الخلائق:

أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ 2 .

402-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة،بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ قال:هو أمرنا أمر اللّه عزّ و جلّ فلا يستعجل به،و يؤيّده بثلاثة أجناد:بالملائكة و بالمؤمنين و بالرعب،و خروجه كخروج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ذلك قوله عزّ و جلّ: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ 3 (2).

ص: 212


1- -النحل:1.
2- -الغيبة للنعمانيّ 198 ح 9؛حلية الأبرار 626/2.

403-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ،بإسناده عن أبان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إذا اراد اللّه قيام القائم عليه السّلام،بعث جبرئيل في صورة طاير أبيض،فيضع إحدى رجليه على الكعبة و الأخرى على بيت المقدس،ثمّ ينادي بأعلى صوته: أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ قال:فيحضر القائم عليه السّلام فيصلّي عند مقام إبراهيم عليه السّلام ركعتين،ثمّ ينصرف و حواليه أصحابه،و هم ثلاثمائة عشر رجلا،إنّ فيهم لمن يسري من فراشه ليلا،فيخرج و معه الحجر فيلقيه فتعشب الأرض (1).

404-عن عبد الرحمن بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ قال:هو أمرنا أمر اللّه يستعجل به،يؤيّده ثلاثة أجناد:الملائكة و المؤمنون و الرعب،و خروجه عليه السّلام كخروج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ذلك قوله تعالى: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ (2).

405-العيّاشيّ،بإسناده عن هشام بن سالم،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن قوله تعالى أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ حتّى يأتي ذلك الوقت،و قال:إنّ اللّه إذا أخبر أنّ شيئا كائن،فكأنّه قد كان (3).

406-و بالإسناد عن جابر،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام قال:مثل من خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم عليه السّلام،مثل فرخ طار و وقع في كوة فتلاعبت به الصبيان (4).

407-النعمانيّ،بالإسناد عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام أنّه قال:اسكنوا ما سكنت السماوات و الأرض،أي لا تخرجوا على أحد فإنّ أمركم ليس به خفاء،ألا إنّها آية من اللّه عزّ و جلّ ليست من الناس،ألا إنّها أضوأ من الشمس لا يخفى على برّ و لا فاجر،أ تعرفون الصبح؟فإنّه كالصبح ليس به خفاء (5).

408-و بالإسناد عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال ذات يوم:أ لا أخبركم بما لا يقبل اللّه عزّ و جلّ من العباد عملا إلاّ به؟2.

ص: 213


1- -دلائل الإمامة 252.
2- -بحار الأنوار 139/52.
3- -تفسير العيّاشيّ 254/2 ح 2.
4- -بحار الأنوار 139/52.
5- -الغيبة للنعمانيّ 200 ح 17؛بحار الأنوار 150/52.

فقلت:بلى،فقال:شهادة أن إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،و الإقرار بما أمر اللّه و الولاية لنا،و البراءة من أعدائنا يعني أئمّة خاصّة و التسليم لهم،و الورع و الاجتهاد، و الطمأنينة و الانتظار للقائم.

ثمّ قال:إنّ لنا دولة يجيء اللّه بها إذا شاء.

ثمّ قال:من سرّه أن يكون من أصحاب القائم،فلينتظر و ليعمل بالورع و محاسن الأخلاق و هو منتظر،فإن مات و قام القائم بعده،كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا و انتظروا،هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة (1).

409-الكلينيّ بإسناده عن زرارة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:اعرف امامك،فإنّك إذا عرفته،لم يضرّك تقدم هذا الأمر أو تأخّر (2).

410-ابن أبي الخطّاب،عن البزنطيّ،قال:سألت الرضا عليه السّلام عن مسألة للرؤيا، فأمسك ثمّ قال:إنّا لو أعطيناكم ما تريدون،لكان شرّا لكم،و أخذ برقبة صاحب هذا الأمر قال:و قال:و أنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة و ما أمهل لهم،فعليكم بتقوى اللّه و لا تغرّنّكم الدنيا،و لا تغترّوا بمن أمهل له فكأنّ الأمر قد وصل إليكم (3).

411-الكلينيّ،عن إسحاق بن يعقوب:أنّه خرج إليه على يد محمّد بن عثمان العمريّ:أمّا ظهور الفرج،فإنّه إلى اللّه،و كذب الوقّاتون (4).

412-روي الكلينيّ عن عليّ بن يقطين،قال:قال لي أبو الحسن عليه السّلام:يا عليّ إنّ الشيعة تربّى بالأماني منذ مائتي سنة.و قال يقطين لابنه عليّ:ما بالنا قيل لنا فكان،و قيل لكم فلم يكن،فقال له عليّ:إنّ الّذي قيل لكم و لنا من مخرج واحد،غير انّ أمركم حضركم فأعطيتم محضه،و كان كما قيل لكم،و انّ أمرنا لم يحضر،فعللنا بالأماني،و لو قيل لنا:إنّ هذا لا يكون إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة،لقست القلوب،و لرجعت عامة الناس عن الإسلام،و لكن قالوا،ما أسرعه و ما أقربه؟!تألّفا لقلوب الناس و تقريبا2.

ص: 214


1- -بحار الأنوار 140/52.
2- -نفس المصدر 141/52.
3- -نفس المصدر 110/52.
4- -نفس المصدر 111/52.

للفرج (1).

413-عن عبد الرحمن بن كثير،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ دخل عليه مهزم الأسديّ،فقال:أخبرني-جعلت فداك-متى هذا الأمر الّذي تنتظرونه فقد طال،فقال:يا مهزم كذّب الوقّاتون،و هلك المستعجلون و نجا المسلّمون،و إلينا يصيرون (2).

414-الكلينيّ،بإسناده عن الفضيل بن يسار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (3).

فقال:يا فضيل اعرف إمامك،فإنّك إذا عرفت إمامك،لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر،و من عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر،كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره،لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه،قال:و رواه بعض أصحابنا:بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

415-الكلينيّ،بإسناده عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك متى الفرج؟فقال:يا ابا بصير.أنت ممّن يريد الدنيا؟!من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره (5).

416-تفسير النعمانيّ:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا أبا الحسن حقيق على اللّه أن يدخل أهل الضلال الجنة،و إنّما عنى بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان،المستور عن الأعيان،فهم بإمامته مقرّون،و بعروته مستمسكون و لخروجه منتظرون،موقنون غير شاكّين،صابرون مسلّمون،و إنّما ضلّوا عن مكان إمامهم و عن معرفة شخصه.

يدّل على ذلك:أنّ اللّه تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلا على أوقات الصلاة،فموسّع عليهم تأخير المؤقّت ليتبيّن لهم الوقت بظهورها،و يستيقنوا أنّها قد زالت،فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه السّلام،المتمسّك بإمامته موسّع عليه جميع فرائضر.

ص: 215


1- -الكافي 369/1.
2- -بحار الأنوار 103/52.
3- -الإسراء:73.
4- -بحار الأنوار 142/52.
5- -نفس المصدر.

اللّه الواجبة عليه،مقبولة منه بحدودها،غير خارج عن معنى ما فرض عليه،فهو صابر محتسب لا تضرّه غيبة امامه (1).

417-نهج البلاغة:و من كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام قال:الزموا الأرض،و اصبروا على البلاء،و لا تحرّكوا بأيديكم و سيوفكم،و هوى ألسنتكم،و لا تستعجلوا بما لم يعجّله اللّه لكم،فإنّه من مات منكم على فراشه و هو على معرفة ربّه،و حقّ رسوله و أهل بيته، مات شهيدا أوقع أجره على اللّه،و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله،و قامت النيّة مقام إصلاته السيف،فانّ لكلّ شيء مدّة و أجلا (2).

418-و عن يحيى ابن العلاء،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كلّ مؤمن شهيد،و إن مات على فراشه فهو شهيد،و هو كمن مات في عسكر القائم عليه السّلام،ثمّ قال:أ يحبس نفسه على اللّه ثمّ لا يدخل الجنة؟! (3).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (4).

419-روى النعمانيّ بإسناده عن الخشّاب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن آبائه عليهم السّلام،قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء،كلّما غاب نجم طلع نجم،حتّى إذا طلع نجم منها،طلع فرمقتموه بالأعين و أشرتم إليه بالأصابع أتاه ملك الموت فذهب به، ثمّ لبثتم في ذلك سبتا من دهركم،و استوت بنو عبد المطلب و لم يدر أيّ من أيّ،فعند ذلك يبدو نجمكم،فاحمدوا اللّه و اقبلوه» (5).

420-الكلينيّ بإسناده عن معروف بن خرّبوذ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إنّما نجومكم كنجوم السماء،كلّما غاب نجم طلع نجم،حتّى إذا أشرتم بأصابعكم و ملتم بحواجبكم، غيّب اللّه عنكم نجمكم،و استوت بنو عبد المطّلب،فلم يعرف أيّ من أيّ،فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربّكم (6).

421-و عن معروف بن خرّبوذ،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أخبرني عنكم،قال:نحن2.

ص: 216


1- -بحار الأنوار 144/52.
2- -نفس المصدر.
3- -نفس المصدر.
4- -النحل:16.
5- -الغيبة للنعمانيّ 155 ح 15؛بحار الأنوار 22/51.
6- -الكافي 338/1 ح 8؛دلائل الإمامة 292.

بمنزلة النجوم إذا خفى نجم بدا نجم،مأمن و أمان،و سلم و إسلام،و فاتح و مفتاح،حتّى إذا استوى بنو عبد المطّلب فلم يدر أيّ من أيّ أظهر اللّه عزّ و جلّ صاحبكم،فاحمدوا اللّه عزّ و جلّ،و هو يخيّر الصعب على الذلول،فقلت:جعلت فداك فأيّهما يختار؟قال:يختار الصعب على الذلول (1).

422-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي الصباح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يدع الأرض إلاّ فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان،فإذا زاد المؤمنون شيئا ردّهم،و إذا نقصوا شيئا أكمله لهم،و لو لا ذلك لالتبست على المؤمنين أمورهم (2).

423-روي بالإسناد عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يدع الأرض بغير عالم،و لو لا ذلك لما عرف الحقّ من الباطل (3).

424-و روى بالإسناد عن عبد الأعلى بن أعين،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:ما ترك اللّه الأرض بغير عالم ينقص ما زادوا،و يزيد ما نقصوا،و لو لا ذلك لاختلط على الناس أمورهم (4).

425-روى النعمانيّ بإسناد يرفعه إلى أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:

يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم،قلت:فما السبطة؟قال:الفترة،قلت:فكيف نصنع فيما بين ذلك؟فقال:كونوا على ما أنتم عليه حتّى يطلع اللّه لكم نجمكم (5).

426-و من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال فيها:الحمد للّه الناشر في الخلق فضله،و الباسط(فيها)بالجود يده؛نحمده في جميع أموره،و نستعينه على رعاية حقوقه،و نشهد أن لا إله غيره،و أنّ محمّدا عبده و رسوله،أرسله بأمره صادعا،و بذكره ناطقا،فأدّى أمينا،و مضى رشيدا،و خلّف فينا راية الحقّ،من تقدّمها مرق،و من تخلّف عنها زهق،و من لزمها لحق،دليلها مكيث الكلام،بطيء القيام،سريع إذا1.

ص: 217


1- -كمال الدّين 329/1 ح 13.
2- -نفس المصدر 203/1.
3- -نفس المصدر 203/1.
4- -نفس المصدر 204/1.
5- -الغيبة للنعمانيّ 159 ح 6؛كمال الدّين 349/2 ح 41.

قام،فإذا أنتم ألنتم له رقابكم،و أشرتم إليه بأصابعكم،جاءه الموت فذهب به،فلبثتم بعده ما شاء اللّه حتّى يطلع اللّه لكم من يجمعكم و يضمّ نشركم،فلا تطمعوا في غير مقبل،و لا تيأسوا من مدبر،فإنّ المدبر عسى أن تزلّ به إحدى قائمتيه و تثبت الأخرى،فترجعا حتّى تثبتا جميعا.

ألا إنّ مثل آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله كمثل نجوم السماء،إذا خوى نجم طلع نجم،فكأنّكم قد تكاملت من اللّه فيكم الصنائع،و أراكم ما كنتم تأملون (1).

الآية الثالثة إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (2).

وجوب الإيمان بالرجعة

427-روى القمي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال:سمعت ابا جعفر عليه السّلام يقول في قوله تعالى: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قال:يعني أنّهم لا يؤمنون بالرجعة أنها حقّ (3).

الآية الرابعة قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ* فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (4).

خروج المهديّ عليه السّلام هو أمر اللّه

428-روى القمّيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام(بعد أن أورد تفسير عدّة آيات من سورة النحل)قال عليه السّلام:و قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ من العذاب و الموت و خروج القائم كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ و قوله: فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ

ص: 218


1- -نهج البلاغة(صبحي الصالح)145-146،الخطبة 100.
2- -النحل:22.
3- -تفسير القمّي 383/1؛بحار الأنوار 118/53.
4- -النحل:33 و 34.

يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب في الرجعة (1).

الآية الخامسة قوله تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (2).

في رجعة الشيعة مع المهديّ عليه السّلام

429-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قوله تبارك و تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ قال:فقال لي:يا أبا بصير،ما تقول في هذه الآية؟قال،قلت:إنّ المشركين يزعمون و يحلفون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ اللّه لا يبعث الموتى.قال:فقال:تبّا لمن قال هذا،سلهم هل كان المشركون يحلفون باللّه أم باللات و العزى؟قال:قلت:جعلت فداك فاوجدنيه.قال:فقال:يا أبا بصير،لو قد قام قائمنا بعث اللّه إليه قوما من شيعتنا قباع سيوفهم على عواتقهم،فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا،فيقولون بعث فلان و فلان من قبورهم و هم مع القائم عليه السّلام،فيبلغ ذلك قوما من عدوّنا،فيقولون:يا معشر الشيعة ما أكذبكم؟هذه دولتكم و أنتم تقولون فيها الكذب،لا و اللّه ما عاش هؤلاء و لا يعيشون إلى يوم القيامة،قال:فحكى اللّه قولهم فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ (3).

430-العيّاشيّ،بإسناده عن سيرين،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ قال:ما يقول الناس في هذه الآية: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ ؟قال:يقولون:

لا قيامة و لا بعث و لا نشور.فقال:كذبوا و اللّه إنّما ذلك إذا قام القائم عليه السّلام و كرّ معه المكرّون،فقال أهل خلافكم:قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة،و هذا من كذبكم تقولون رجع فلان و فلان و فلان،لا و اللّه لا يبعث اللّه من يموت،أ لا ترى أنّهم قالوا:

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ كان المشركون أشدّ تعظيما باللات و العزى من أن يقسموا

ص: 219


1- -تفسير القمّي 384/1؛تفسير الصافي 134/2.
2- -النحل:38.
3- -روضة الكافي 50 ح 14؛سعد السعود 116.

بغيرها،فقال اللّه عزّ و جلّ: بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ* لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ* إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (1).

431-روى عليّ بن إبراهيم عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:ما تقول الناس فيها؟قال:يقولون نزلت في الكفار،فقال:إنّ الكفار كانوا لا يحلفون باللّه،و إنّما نزلت في قوم من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة،فيحلفون أنّهم لا يرجعون،فردّ اللّه عليهم: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ يعني في الرجعة يردّهم فيقتلهم و يشفى صدور المؤمنين منهم (2).

الآية السادسة قوله تعالى: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (3).

432-العيّاشيّ،عن إبراهيم بن عمر،عمّن سمع أبا جعفر عليه السّلام يقول:إنّ عهد نبيّ اللّه صار عند عليّ بن الحسين عليه السّلام،ثمّ صار عند محمّد بن عليّ،ثمّ يفعل اللّه ما يشاء،فالزم هؤلاء فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل و معه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عامدا إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء فيقول:هذا مكان القوم الّذين خسف بهم،و هي الآية الّتي قال اللّه:

أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ 4 .

433-العيّاشيّ:عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،سئل عن قول اللّه: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ قال:هم أعداء اللّه،و هم يمسخون و يقذفون و يسيحون في الأرض (4).

434-عنه:بإسناده عن جابر الجعفي،عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث طويل،قال له:

و إيّاك و شذّاذا من آل محمّد عليهم السّلام فإنّ لآل محمّد على راية،و لغيرهم على راية،فالزم5.

ص: 220


1- -تفسير العيّاشيّ 259/2 ح 28؛بحار الأنوار 71/53.
2- -تفسير القمّيّ 385/1؛تفسير الصافي 135/3.
3- -النحل:45 و 46.
4- -تفسير العيّاشي 261/2 ح 35.

هؤلاء أبدا،و إيّاك و من ذكرت لك،فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا و معه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عامدا إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء،حتّى يقول هذا مكان القوم الّذين خسف بهم،و هي الآية الّتي قال اللّه عزّ و جلّ: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (1).

الآية السابعة قوله تعالى: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمّا يَعْرِشُونَ (2).

المهديّ عليه السّلام يوحى إليه كما أوحي إلى مريم

435-و عن أبي الجارود،قال:قلت لابي جعفر عليه السّلام:جعلت فداك أخبرني عن صاحب هذا الأمر قال:يمسي من اخوف الناس و يصبح من آمن الناس،يوحى إليه هذا الأمر ليله و نهاره،قال:قلت يوحى إليه يا أبا جعفر؟قال:يا أبا جارود،إنّه ليس وحي النبوّة،و لكنّه يوحى إليه كوحيه إلى مريم بنت عمران،و إلى أمّ موسى،و إلى النحل،يا ابا الجارود،إنّ قائم آل محمّد لأكرم عند اللّه من مريم بنت عمران و أمّ موسى و النحل! (3)

436-و عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته متى يقوم قائمكم؟قال:يا أبا الجارود لا تدركون،فقلت:أهل زمانه؟فقال:و لن تدرك أهل زمانه،يقوم قائمنا بالحقّ بعد أياس من الشيعة،يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد،فإذا كان اليوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة فقال:يا ربّ انصرني،و دعوته لا تسقط،فيقول تبارك و تعالى للملائكة الّذين نصروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر و لم يحطّوا سروجهم و لم يضعوا أسلحتهم،فيبايعونه،ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضى اللّه عزّ و جلّ،فيقتل الفا و خمسمائة قرشيّ ليس فيهم إلاّ فرخ زنية!ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض،ثمّ يخرج الأزرق و زريق لعنهما اللّه غضين

ص: 221


1- -تفسير العيّاشيّ 261/2 ح 34 باختلاف أوّله.
2- -النحل:68.
3- -إثبات الهداة 585/3 ح 798؛بحار الأنوار 389/52.

طريّين يكلّمهما فيجيبانه،فيرتاب عند ذلك المبطلون،فيقولون،يكلّم الموتى،فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد،ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين،و ذلك الحطب عندنا نتوارثه!و يهدم قصر المدينة، و يسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفا من البتريّة شاكين في السلاح،قرّاء القرآن، فقهاء في الدّين،قد قرحوا جباههم و سمّروا ساماتهم،و عمّهم النفاق،و كلّهم يقولون،يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك،فيضع السيف فيهم على ظهر عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء،فيقتلهم أسرع من جزر جزور فلا يفوت منهم رجل،و لا يصاب من أصحابه أحد،دماؤهم قربان إلى اللّه،ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى اللّه.

قال:فلم أعقل المعنى،فمكثت قليلا ثمّ قلت:جعلت فداك و ما يدريه-جعلت فداك-متى يرضى اللّه عزّ و جلّ؟قال:يا أبا الجارود،إنّ اللّه أوحى إلى أمّ موسى،و هو خير من أم موسى،و أوحى اللّه إلى النحل،و هو خير من النحل!فعقلت المذهب؟فقال لي:

أعقلت المذهب؟قلت:نعم.

فقال:إنّ القائم ليملك ثلاثمائة و تسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،و يفتح اللّه عليه شرق الأرض و غربها، يقتل الناس حتّى لا يرى إلاّ دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله،يسير بسيرة سليمان بن داود،يدعو الشمس و القمر فيجيبانه،و تطوى له الأرض،فيوحى اللّه إليه فيعمل بأمر اللّه (1).2.

ص: 222


1- -دلائل الإمامة 241؛بحار الأنوار 291/52.

سورة الإسراء

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1).

النصّ على المهديّ في إسراء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

437-روى العيّاشيّ بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من قرأ سورة بني اسرائيل في كلّ ليلة جمعة،لم يمت حتّى يدرك القائم و يكون من أصحابه (2).

438-روى هشام الدستوائيّ نقلا عن ابن شمر،عن جابر الجعفيّ،عن سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب،أنّه كان يحدّث أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام بمكّة عند الحجر، و يقول:سمعت أبي يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إليّ ليلة أسرى بي،قال:يا محمّد أ تحبّ أن ترى أسماء الأئمّة من أهل بيتك؟قلت:نعم،قال:

تقدّم أمامك،فتقدّمت فإذا:عليّ،و الحسن،و الحسين،و عليّ بن الحسين،و محمّد بن عليّ،و جعفر بن محمّد،و موسى بن جعفر،و عليّ بن موسى،و محمّد بن عليّ،و عليّ بن محمّد،و الحسن بن عليّ،و الحجّة القائم كأنّه كوكب درّيّ في وسطهم،فقلت:يا ربّ من

ص: 223


1- -الإسراء:1.
2- -تفسير العيّاشيّ 276/2 ح 1؛تفسير الصافي 229/3.

هؤلاء؟

فقال:هؤلاء الأئمّة...الحديث (1).

439-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ،عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمّد،عن أبيه محمّد بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ،عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما خلق اللّه خلقا أفضل منّي و لا أكرم عليه منّي.قال عليّ عليه السّلام:فقلت،يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرئيل؟فقال عليه السّلام يا عليّ إنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقرّبين،و فضّلني على جميع النبيّين و المرسلين،و الفضل بعدي لك يا عليّ و للائمّة من بعدك،فإنّ الملائكة لخدّامنا و خدّام محبّينا،يا عليّ الّذين يحملون العرش و من حوله يسبّحون بحمد ربّهم و يستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

يا عليّ لو لا نحن ما خلق اللّه آدم و لا حوّاء،و لا الجنّة و لا النار،و لا السماء و لا الأرض،و كيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى التوحيد و معرفة ربّنا عزّ و جلّ و تسبيحه و تقديسه و تهليله،لأنّ أوّل ما خلق اللّه عزّ و جلّ أرواحنا،فأنطقنا بتوحيده و تمجيده،ثمّ خلق الملائكة،فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا، فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون،و أنّه منزّه عن صفاتنا،فسبّحت الملائكة لتسبيحنا،و نزّهته عن صفاتنا.فلمّا شاهدوا عظم شأننا،هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّا عبيد و لسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه،فقالوا:لا إله إلاّ اللّه.فلمّا شاهدوا اكبر محلّنا كبّرنا اللّه لتعلم الملائكة أنّ اللّه أكبر من أن ينال،و أنّه عظيم المحل.فلمّا شاهدوا ما جعل اللّه لنا من العزّة و القوة،قلنا:لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العليّ العظيم،لتعلم الملائكة أن لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه،فقالت الملائكة:لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه.فلمّا شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض الطاعة،قلنا:الحمد للّه،لتعلم الملائكة ما يحقّ اللّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه،فقالت الملائكة:الحمد للّه،فبنا اهتدوا إلى معرفة8.

ص: 224


1- -الغيبة للنعمانيّ 108.

(توحيد)اللّه تعالى و تسبيحه و تهليله و تحميده.

ثمّ أنّ اللّه تعالى خلق آدم عليه السّلام و أودعنا صلبه،و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما،و كان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبوديّة و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه،فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.

و إنّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى،و أقام مثنى مثنى،ثمّ قال:تقدم يا محمّد،فقلت:يا جبرئيل أتقدّم عليك؟فقال:نعم،لأنّ اللّه تبارك و تعالى اسمه فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين،و فضّلك خاصّة،فتقدّمت و صلّيت بهم و لا فخر.

فلمّا انتهينا إلى حجب النور،قال لي جبرئيل عليه السّلام:تقدّم يا محمّد،و تخلّف عني، فقلت:يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟فقال:يا محمّد إنّ هذا انتهاء حدّي الّذي وضعه اللّه عزّ و جلّ لي في هذا المكان،فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله،فزخّ بي زخّة في النور حيث انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه عزّ و جلّ من ملكوته،فنوديت:يا محمّد،فقلت:لبّيك ربّي و سعديك،تباركت و تعاليت.

فنوديت:يا محمّد أنت عبدي و أنّا ربّك فايّاي فاعبد،و عليّ فتوكّل،فإنّك نوري في عبادي،و رسولي إلى خلقي،و حجّتي في بريّتي،لمن تبعك خلقت جنّتي،و لمن خالفك خلقت ناري،و لأوصيائك أوجبت كرامتي،و لشيعتك أوجبت ثوابي.

فقلت:يا ربّ و من أوصيائي؟

فنوديت:يا محمّد،إنّ اوصياءك المكتوبون على ساق العرش،فنظرت و أنا بين يدي ربّي إلى ساق العرش،فرأيت اثنى عشر نورا،في كلّ نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصيّ من أوصيائي،أوّلهم عليّ بن أبي طالب و آخرهم مهديّ أمّتي.

فقلت:يا ربّ أ هؤلاء أوصيائي من بعدي؟

فنوديت:يا محمّد،هؤلاء أوليائي و أحبّائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريّتي، و هم أوصياؤك و خلفاؤك و خير خلقي بعدك،و عزّتي و جلالي لأظهرنّ بهم ديني، و لأعلينّ بهم كلمتي،و لأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي،و لأملّكنه مشارق الأرض و مغاربها،و لأسخرنّ له الرياح،و لأذللنّ له الرقاب الصعاب،و لأرقينّه في الأسباب،

ص: 225

و لأنصرنّه بجندي،و لأمدّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي،و يجمع الخلق على توحيدي، ثمّ لأديمنّ ملكه،و لأداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة،و الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة على نبيّنا محمّد و آله الطيّبين الطاهرين و سلّم تسليما (1).

440-روى العلاّمة الحمويني-من علماء العامّة-بسنده عن أبي سلمى راعي إبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قلت:«و المؤمنون»قال:صدقت يا محمّد، من خلّفت في أمّتك؟

قلت:خيرها،قال:عليّ بن أبي طالب؟قلت:نعم يا ربّ.

قال:يا محمّد،إنّي اطّلعت على الأرض اطّلاعة فاخترتك منها،فشققت لك اسما من أسمائي،فلا أذكر إلاّ ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمّد،ثمّ اطّلعت الثانية، فاخترت منها عليّا و شققت له اسما من أسمائي،فأنا الأعلى و هو عليّ.

يا محمّد إنّي خلقتك و خلقت عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين و الائمّة من ولده من شبح نوري،و عرضت ولايتكم على أهل السموات و الأرض،فمن قبلها كان عندي من المؤمنين،و من جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمّد لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي،ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم،يا محمّد أ تحبّ أن تراهم؟

قلت:نعم،يا ربّ.

فقال لي:التفت عن يمين العرش،فالتفتّ فإذا أنا بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ و عليّ بن محمّد و الحسن بن عليّ و المهديّ في ضحضاح من نور قياما يصلّون،و هو في وسطهم يعني المهديّ،كأنّه كوكب درّيّ.

و قال:يا محمّد هؤلاء الحجج،و هو الثائر من عترتك،و عزّتي و جلالي،إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي،و المنتقم من أعدائي (2).1.

ص: 226


1- -كمال الدّين 254/1-256 ح 1.
2- -فرائد السمطين 77/2 ح 571.

441-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مكانه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،عن عبد اللّه بن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لمّا عرج بي إلى السماء السابعة،و منها إلى سدرة المنتهى،و من السدرة إلى حجب النور،ناداني ربّي جلّ جلاله:يا محمّد أنت عبدي و أنا ربّك،فلي فاخضع،و إيّاي فاعبد،و عليّ فتوكّل،و بي فثق،فإنّي قد رضيت بك عبدا و حبيبا و رسولا و نبيّا،و بأخيك عليّ خليفة و بابا،فهو حجّتي على عبادي،و إمام لخلقي، به يعرف أوليائي من أعدائي،و به يميّز حزب الشيطان من حزبي،و به يقام ديني و تحفظ حدودي و تنفّذ أحكامي،و بك و به و بالأئمّة من ولده أرحم عبادي و إمائي،و بالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي و تهليلي و تقديسي و تكبيري و تمجيدي،و به أطهّر الأرض من أعدائي و أورثها أوليائي،و به أجعل كلمة الّذين كفروا بي السفلى و كلمتي العليا،و به أحيي عبادي و بلادي بعلمي،و له(به)أظهر الكنوز و الذخائر بمشيئتي،و إيّاه أظهر على الأسرار و الضمائر بإرادتي،و أمدّه بملائكتي لنؤيده على إنفاذ أمري و إعلان ديني،ذلك وليّي حقا و مهديّ عبادي صدقا (1).

442-روى الشيخ المفيد بالإسناد عن علقمة ابن قيس قال:خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة،فقال فيما قال في آخرها:

نعم إنّه لعهد عهده إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماما،تسعة من صلب الحسين،و لقد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:لمّا عرج بي إلى السماء،نظرت إلى ساق العرض فإذا مكتوب عليه:

لا إله إلاّ اللّه،محمّد رسول اللّه،أيّدته بعليّ و نصرته بعليّ،و رأيت اثنى عشر نورا، فقلت:يا ربّ أنوار من هذه؟فنوديت:يا محمّد،هذه الأنوار الأئمّة من ذرّيتك،قلت:يا رسول اللّه أ فلا تسمّيهم لي؟قال:نعم،أنت الإمام و الخليفة بعدي،تقضي ديني و تنجز عداتي،و بعدك ابناك الحسن و الحسين،و بعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين،و بعد عليّ ابنه محمّد يدعى الباقر،و بعد محمّد ابنه جعفر يدعى بالصادق،و بعد جعفر موسى يدعى بالكاظم،و بعد موسى ابنه عليّ يدعى بالرضا،و بعد عليّ ابنه محمّد يدعى بالزكي،و بعد8.

ص: 227


1- -أمالي الصدوق 504؛بحار الأنوار 341/18.

محمّد ابنه عليّ يدعى بالنقيّ،و بعده ابنه الحسن يدعى بالأمين،و القائم من ولد الحسن سميّي و أشبه الناس بي،يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (1).

443-روى العيّاشيّ بإسناده عن أبي ثابت مولى أبي ذر،عن أم سلمة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لمّا أسري بي إلى السماء،نظرت فإذا مكتوب على العرش:لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه،أيّدته بعليّ و نصرته بعليّ،رأيت أنوار عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و أنوار عليّ بن الحسين،و محمّد بن عليّ،و جعفر بن محمّد،و موسى بن جعفر،و عليّ بن موسى،و محمّد بن عليّ،و عليّ بن محمّد،و الحسن بن عليّ،و رأيت نور الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّيّ.

فقلت:يا ربّ من هذا و من هؤلاء؟فنوديت:يا محمّد،هذا نور عليّ و فاطمة،و هذا نور سبطيك الحسن و الحسين،و هذه أنوار الأئمّة بعدك من ولد الحسين،مطهّرون معصومون،و هذا الحجّة الّذي يملأ الدنيا قسطا و عدلا (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً* فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً* إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (3).

العباد المبعوثون في زمان المهديّ عليه السّلام في الكرّة

444-العيّاشيّ بإسناده عن حمران،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:كان يقول: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ثمّ قال:هو القائم و أصحابه أولي بأس شديد (4).

445-أبو جعفر محمّد بن جعفر الطبريّ،في مسند فاطمة عليها السّلام،قال:روى أبو عبد اللّه محمّد بن سهل الجلوديّ،بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي،قال:خرجت

ص: 228


1- -كفاية الأثر 213-214؛بحار الأنوار 354/36.
2- -كفاية الأثر 25؛بحار الأنوار 217/36.
3- -الإسراء:4-7.
4- -تفسير العيّاشيّ 281/2 ح 21؛بحار الأنوار 56/51.

في بعض السنين حاجّا،إذ دخلت المدينة و أقمت بها أياما أسأل و استبحث عن صاحب الزمان عليه السّلام،فما عرفت له خبرا و لا وقعت لي عليه عين،فاغتممت غمّا شديدا و خشيت أن يفوتني ما أمّلته من طلب صاحب الزمان عليه السّلام،فخرجت حتّى أتيت مكّة،فقضيت حجّتي و أقمت بها أسبوعا،كل ذلك أطلب،فبينا أنا أفكّر إذ انكشف لي باب الكعبة،فإذا أنا بانسان كأنّه غصن بان متّزر ببردة متّشح بأخرى،قد كشف عطف بردته على عاتقه، فارتاح قلبي و بادرت لقصده،فانثنى عليّ و قال:من اين الرجل؟قلت:من العراق،قال:

من أيّ العراق؟قلت:من الأهواز،فقال:أ تعرف ابن الخصيب؟قلت:نعم،قال:رحمه اللّه، فما كان أطول ليلته و أكثر تبتّله و أغزر دمعته،قال:فأين المهزيار؟قلت:أنا هو،قال:

حيّاك اللّه بالسلام أبا الحسن،ثمّ صافحني و عانقني و قال:يا أبا الحسن،ما فعلت العلامة الّتي بينك و بين الماضي أبي محمّد نضّر اللّه وجهه؟قلت:معي،و أدخلت يدي إلى جيبي و أخرجت خاتما عليه محمّد و عليّ،فلمّا قرأه استعبر حتّى بلّ طمره الّذي كان على يده، و قال:يرحمك اللّه أبا محمّد إنّك زين الأمّة شرّفك اللّه بالإمامة و توّجك بتاج العلم و المعرفة،فإنّا اليكم صائرون،ثمّ صافحني و عانقني،ثمّ قال:ما الّذي تريد يا أبا الحسن؟ قلت:الإمام المحجوب عن العالم.

قال:و ما هو محجوب عنكم،و لكن حجبه سوء أعمالكم،قم صر إلى رحلك و كن على أهبة من لقائه،فإذا انحطّت الجوزاء و أزهرت نجوم السماء،فها أنا لك بين الركن و الصفا،فطابت نفسي و تيقّنت أنّ اللّه فضّلني.

فما زلت أرقب الوقت حتّى حان،و خرجت إلى مطيتي و استويت على ظهرها،فإذا أنا بصاحبي ينادي:إليّ يا أبا الحسن،فخرجت فلحقت به،فحيّاني بالسلام و قال:سر بنا يا أخ،فما زال يهبط واديا و يرقى في ذروة جبل،إلى أن علقنا على الطائف،فقال:يا أبا الحسن،انزل بنا نصلّي باقي صلاة الليل،فنزل فصلّى بنا الفجر ركعتين،قلت:فالركعتين الاوليين؟

قال:هما من صلاة الليل و اوتر فيهما و القنوت،و كلّ صلاة جائزة،و قال:سر بنا يا أخ.فلم يزل يهبط واديا و يرقى ذروة جبل،حتّى أشرفنا على واد عظيم مثل الكافور،

ص: 229

فامد عيني،فإذا بيت من الشّعر يتوقّد نورا.

قال:المح هل ترى شيئا؟

قلت:أرى بيتا من الشعر.

فقال:الأمل و الحظّ في الوادي،و اتبعت الأثر حتّى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته و خلاّها و نزلت من مطيّتي و قال لي دعها،قلت:فإن تاهت؟

فقال:إنّ هذا واد لا يدخله إلاّ مؤمن،و لا يخرج منه إلاّ مؤمن،ثمّ سبقني و دخل الخبا،و خرج إليّ مسرعا و قال:أبشر فقد أذن لك بالدخول.

فدخلت،فإذا البيت يسطع من جانبه النور،فسلّمت عليه بالامامة.

فقال:يا أبا الحسن كنّا نتوقّعك ليلا و نهارا،فما الّذي أبطأ بك علينا؟

قلت:يا سيّدي لم أجد من يدلّني إلى الآن.

قال لي:لم تجد أحدا يدلّك،ثمّ نكت باصبعه في الأرض ثمّ قال:لا و لكنّكم كثّرتم الأموال،و تجبّرتم على ضعفاء المؤمنين،و قطعتم الرحم الّذي بينكم،فأيّ عذر لكم الآن.

قلت:التوبة التوبة،الإقالة الإقالة.

ثمّ قال:يا ابن المهزيار،لو لا استغفار بعضكم لبعض،لهلك من عليها إلاّ خواصّ الشيعة الّتي تشبه أقوالهم أفعالهم،ثمّ قال:يا ابن المهزيار:و مدّ يده،أ لا أنبئك بالخبر،إنّه إذا قعد الصبيّ و تحرّك المغربيّ و سار العمانيّ و بويع السفيانيّ،يؤذن لوليّ اللّه،فأخرج بين الصفا و المروة في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا سواء،فأجئ إلى الكوفة و أهدم مسجدها و أبنيه على بنائه الأوّل،و أهدم ما حوله من بناء الجبابرة،و أحجّ بالناس حجّة الإسلام، و أجيء إلى يثرب،فاهدم الحجرة و أخرج من بها و هما طريّان،فآمر بهما تجاه البقيع، و آمر بخشبتين يصلبان عليهما فتورق من تحتهما،فيفتنن الناس بهما أشدّ من الفتنة الاولى،فينادي مناد من السماء،يا سماء أبيدي و يا أرض خذي،فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلاّ مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان.

قلت:يا سيّدي،ما يكون بعد ذلك؟

ص: 230

قال:الكرّة الكرّة،الرجعة الرجعة،ثمّ تلا هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (1).

446-روى عليّ بن إبراهيم رحمه اللّه في تفسيره قوله تعالى: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ أي أعلمناهم،ثمّ انقطعت مخاطبة بني اسرائيل،و خاطب أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ يعني فلانا و فلانا و أصحابهما و نقضهم العهد وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً يعني ما ادّعوه من الخلافة فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما يعني يوم الجمل بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ يعني أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و أصحابه فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ أي طلبوكم و قتلوكم وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً يعني يتمّ و يكون ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ يعني لبني أمّية على آل محمّد وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً من الحسين بن عليّ عليه السّلام و أصحابه و سبوا نساء آل محمّد إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعني القائم صلوات اللّه عليه و أصحابه لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ يعني تسودّ وجوهكم وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني رسول اللّه و أصحابه وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً أي يعلو عليكم فيقتلوكم،ثمّ عطف على آل محمّد عليه و عليهم السلام فقال: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ أي ينصركم على عدوّكم،ثمّ خاطب بني أميّة فقال: وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا يعني إن عدتم بالسفيانيّ،عدنا بالقائم من آل محمّد صلوات اللّه عليه (2).

447-العيّاشيّ:بإسناده عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر بن محمّد،عن ابيه،عن جدّه عليهم السّلام،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته:يا أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جوانحي علما جما،فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقيّة تطأ في خطامها، ملعون ناعقها و مولاها و قائدها و سائقها و المتحرّز فيها،فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دخله أو حولها لا مأوى يكنّها،و لا أحد يرحمها،فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك،و أيّ واد سلك،فعندها توقّعوا الفرج،و هو تأويل الآية: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ1.

ص: 231


1- -دلائل الإمامة 296؛المحجّة 123؛بحار الأنوار 12/52.
2- -تفسير القمّيّ 14/2؛بحار الأنوار 45/51.

وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً .

و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة،ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين،و لا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتّى يولد لصلبه ألف ذكر،آمنين من كلّ بدعة و آفة و التنزيل عاملين بكتاب اللّه و سنة رسوله قد اضمحلّت عنهم الآيات و الشبهات (1).

سلمان من أنصار المهديّ عليه السّلام في الكرّة

448-روى الطبريّ بإسناده من طريق العامّة عن زاذان،عن سلمان،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ اللّه تعالى لم يبعث نبيّا و لا رسولا إلاّ جعل له اثنى عشر نقيبا-إلى أن ذكر أسماء النقباء الاثني عشر-فقال:ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهديّ القائم بأمر اللّه.ثمّ قال:يا سلمان إنّك مدركه،و من كان مثلك و من تولاّه هذه المعرفة،فشكرت اللّه و قلت:

و إنّي مؤجّل إلى عهده؟فقرأ قوله تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً .قال سلمان:فاشتد بكائي و شوقي،و قلت:يا رسول اللّه أ بعهد منك؟فقال:اي و اللّه الّذي أرسلني بالحقّ،منّي و من عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و التسعة،و كلّ من هو منّا و معنا و مضام فينا،اي و اللّه و ليحضرنّ إبليس له و جنوده،و كلّ من محض الإيمان محضا،و محض الكفر محضا،حتّى يؤخذ له بالقصاص و الأوتار و لا يظلم ربّك أحدا،و ذلك تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (2).قال:فقمت من بين يديه و ما أبالي لقيت الموت أو لقيني (3).

449-روى القمّيّ في قوله تعالى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعني القائم صلوات اللّه عليه و أصحابه (4).

ص: 232


1- -تفسير العيّاشيّ 282/2 ح 22؛بحار الأنوار 57/51.
2- -القصص:5.
3- -دلائل الإمامة 237؛بحار الأنوار 6/25.
4- -تفسير القمّيّ 14/2.

450-عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام،قال: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ أي ينصركم على عدوّكم،ثمّ خاطب بني أميّة،فقال: وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا يعني عدتم(بالسفيانيّ،عدنا بالقائم من آل محمّد عليه السّلام: وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً أي حبسا يحصرون فيها (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (2).

451-و روى الصدوق بالإسناد عن سدير الصيرفي قال:دخلت أنا و المفضّل بن عمر و أبو بصير و أبان بن تغلب،على مولانا أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام،فرأيناه جالسا على التراب و عليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب،مقصر الكمّين،و هو يبكي بكاء الواله الثكلى،ذات الكبد الحرى،قد نال الحزن من وجنتيه ،و شاع التغيّر في عارضيه،و أبلى الدموع محجريه،و هو يقول:سيّدي،غيبتك نفت رقادي،و ضيقت عليّ مهادي،و أسرت منّي راحة فؤادي،سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد،و فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع و العدد،فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني،و أنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا و سوالف البلايا،إلاّ مثّل لعيني عن غوابر أعمّها و أفظعها،و بواقي أشدّها و أنكرها، و نوائب مخلوطة بغضبك،و نوازل معجونة بسخطك.

قال سدير:فاستطارت عقولنا ولها،و تصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل و الحادث الغائل،و ظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة.

فقلنا:لا أبكى اللّه-يا بن خير الورى-عينيك.من أيّ حادثة تستنزف دمعتك، و تستمطر عيونك؟و أيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟

قال:فزفر الصادق عليه السّلام زفرة انتفخ منها جوفه،و اشتدّ منها خوفه،و قال:ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم؛و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا و الرزايا،و علم ما كان و ما يكون الى يوم القيامة،الّذي خصّ اللّه تقدّس اسمه به محمّدا و الائمّة من بعده عليه و عليهم السلام،و تأمّلت فيه مولد قائمنا و غيبته و إبطاءه و طول3.

ص: 233


1- -تفسير القمّيّ 14/2؛المحجّة 126.
2- -الإسراء:13.

عمره،و بلوى المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان،و تولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته و ارتداد أكثرهم عن دينهم،و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم،الّتي قال اللّه تقدّس ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (1)يعني الولاية،فأخذتني الرّقة،و استولت عليّ الاحزان.

فقلنا:يا ابن رسول اللّه،كرّمنا و شرّفنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل:قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه السّلام،و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السّلام،و قدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليه السّلام،و جعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح،أعني الخضر دليلا على عمره.

فقلت:اكشف لنا يا ابن رسول اللّه عن وجوه هذا المعاني.

قال:أمّا مولد موسى،فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده،أمر باحضار الكهنة،فدلّوه على نسبه،و أنّه يكون من بني اسرائيل،و لم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا و عشرين ألف مولود، و تعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ اللّه تبارك و تعالى ايّاه.

كذلك بنو أميّة و بنو العباس،لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم و الأمراء و الجبابرة منهم على يد القائم منّا،ناصبونا العداوة،و وضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إبادة نسله،طمعا منهم في الوصول الى قتل القائم عليه السّلام،و يأبى اللّه أن يكشف أمره لواحد من الظلمة الى أن يتم نوره و لو كره المشركون.

و أمّا غيبة عيسى عليه السّلام،فإنّ اليهود و النصارى اتّفقت على أنّه قتل،و كذّبهم اللّه عزّ و جلّ بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (2)كذلك غيبة القائم عليه السّلام فإنّ الامّة تنكرها لطولها،فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد،و قائل يقول:إنّه ولد و مات،و قائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان عقيما،و قائل يمرق بقوله:إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا،و قائل يعصي اللّه عزّ و جلّ بقوله:إنّ روح القائم عليه السّلام ينطق في هيكل غيره.7.

ص: 234


1- -الإسراء:13.
2- -النساء:157.

و أمّا إبطاء نوح عليه السّلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء،بعث اللّه عزّ و جلّ جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال:يا نبيّ اللّه،إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول لك:إنّ هؤلاء خلائقي و عبادي،و لست أبيدهم بصاعقة من الصواعق الاّ بعد تأكيد الدعوة و إلزام الحجّة،فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك،فأنّي مثيبك عليه،و اغرس هذا النوى،فإنّ لك في نباتها و بلوغها و ادراكها اذا أثمرت الفرج و الخلاص،فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.

فلمّا نبتت الاشجار و تأزّرت و تسوّقت و تغصّنت و أثمرت،و زها الثمر عليها بعد زمن طويل،استنجز من اللّه سبحانه و تعالى العدّة،فأمره اللّه تبارك و تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار و يعاود الصبر و الاجتهاد،و يؤكّد الحجّة على قومه،فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به،فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل،و قالوا:لو كان ما يدعيه نوح حقّا، لما وقع في وعد ربه خلف.

ثمّ إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارة بعد أخرى،إلى أن غرسها سبع مرّات،فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة،إلى أن عاد إلى نيّف و سبعين رجلا.فأوحى اللّه عزّ و جلّ عند ذلك إليه و قال:يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرّح الحق عن محضه،وصفى الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة.

فلو أنّي أهلكت الكفار،و أبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لمّا كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك،و اعتصموا بحبل نبوّتك،بأن أستخلفهم في الأرض و أمكّن لهم دينهم،و أبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشكّ من قلوبهم.

و كيف يكون الاستخلاف و التمكين و بدل الخوف بالأمن منّي لهم،مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا،و خبث طينتهم،و سوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق و سنوح الضلالة،فلو أنّهم تسنّموا منّي من الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا أهلكت أعداءهم،لنشقوا روائح صفاته،و لاستحكمت سرائر نفاقهم،و تأبّد حبال

ص: 235

ضلالة قلوبهم،و كاشفوا إخوانهم بالعداوة،و حاربوهم على طلب الرئاسة و التفرّد بالأمر و النهي،و كيف يكون التمكين في الدّين و انتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن و ايقاع الحروب كلاّ: اِصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا (1).

قال الصادق عليه السّلام:و كذلك القائم عليه السّلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه، و ليصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة،من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف و التمكين و الأمن المنتشر في عهد القائم عليه السّلام.

قال المفضل:فقلت:يا ابن رسول اللّه،إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ.

قال:لا يهدي اللّه قلوب الناصبة،متى كان الدّين الّذي ارتضاه اللّه و رسوله متمكّنا بانتشار الأمن في الأمّة،و ذهاب الخوف من قلوبها،و ارتفاع الشكّ من صدورها في عهد أحد من هؤلاء و في عهد عليّ عليه السّلام،مع ارتداد المسلمين و الفتن الّتي كانت تثور في أيامهم، و الحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار و بينهم،ثمّ تلا الصادق عليه السّلام: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (2).

و أمّا العبد الصالح الخضر عليه السّلام:فإنّ اللّه تبارك و تعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له،و لا لكتاب ينزّله عليه،و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء،و لا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها،و لا لطاعة يفرضها له.بلى،إنّ اللّه تبارك و تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السّلام في أيّام غيبته ما يقدّر،و علم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول،طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك،إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السّلام،و ليقطع بذلك حجّة المعاندين،لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة (3).

الآية الرابعة قوله تعالى وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ1.

ص: 236


1- -اقتباس من الآية 37 من سورة هود: وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا .
2- -يوسف:110.
3- -كمال الدّين 353/2؛بحار الأنوار 219/51.

جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً 1 .

المهديّ عليه السّلام هو وليّ دم الحسين عليه السّلام المظلوم

452-أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات،بإسناده عن محمّد بن سنان،عن رجل،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً .

قال:ذلك قائم آل بيت محمّد صلّى اللّه عليه و آله،يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السّلام،فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا،و قوله: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ أي لم يكن ليصنع شيئا فيكون مسرفا،ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يقتل و اللّه ذراري قتلة الحسين عليه السّلام لفعال آبائهم (1).

453-الشّيخ الصدوق،بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ،قال:قلت لأبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه،ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:إذا قام القائم عليه السّلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائهم، فقال عليه السّلام:هو كذلك،فقلت:فقول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (2)فما معناه؟ قال:صدق اللّه في جميع أقواله،و لكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كان كمن أتاه،و لو أنّ رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب،لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل،فإنّما يقتلهم القائم عليه السّلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.قال:فقلت له:بأيّ شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟قال:يبدأ ببني شيبة،فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ (3).

454-العيّاشيّ،بإسناده عن سلام بن المستنير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً قال:هو الحسين بن عليّ عليهما السّلام،قتل مظلوما و نحن أولياؤه،و القائم عليه السّلام منّا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه السّلام،فيقتل حتّى يقال قد اسرف في القتل،قال:المقتول الحسين عليه السّلام،و وليّه القائم عليه السّلام و الاسراف في

ص: 237


1- -كامل الزيارات 63 ح 5؛بحار الأنوار 298/45.
2- -الأنعام:164.
3- -عيون أخبار الرضا 151/2.

القتل أن يقتل غير قاتليه: إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر رجل من آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (1).

455-و عنه،بإسناده عن حمران،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله زعم ولد الحسن عليه السّلام أنّ القائم منهم و أنّهم أصحاب الأمر،و يزعم ولد ابن الحنفيّة مثل ذلك،فقال،رحم اللّه عمّي الحسن عليه السّلام،لقد غمد أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين عليه السّلام،و أسلمها إلى معاوية،و محمّد بن عليّ سبعين ألف سيف قاتله،و لو خطر عليهم خطر،ما خرجوا منها حتّى يموتوا جميعا،و خرج الحسين صلوات اللّه فعرض نفسه على اللّه في سبعين رجلا،من أحقّ بدمه منّا،نحن و اللّه أصحاب الأمر،و فينا القائم عليه السّلام،و منّا السفّاح و المنصور،و قد قال اللّه: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً نحن أولياء الحسين بن عليّ عليهما السّلام و على دينه (2).

456-شرف الدّين النجفيّ،قال:روى بعض الثقات بإسناده عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً قال:نزلت في الحسين عليه السّلام،و لو قتل وليّه أهل الأرض به ما كان مسرفا،و وليّه القائم عليه السّلام (3).

457-روى فرات الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً قال:الحسين: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً قال:سمّى اللّه المهديّ المنصور كما سمّى أحمد محمّدا،و كما سمّى عيسى المسيح عليه السّلام (4).

458-و روى الطوسيّ بإسناده عن الفضيل بن الزبير،قال:سمعت زيد بن عليّ عليه السّلام يقول:هذا المنتظر من ولد الحسين بن عليّ في ذريّة الحسين و في عقب الحسين عليه السّلام، و هو المظلوم الّذي قال اللّه تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً قال:وليّه1.

ص: 238


1- -تفسير العيّاشيّ 290/2 ح 67؛بحار الأنوار 218/44.
2- -تفسير العيّاشيّ 291/2 ح 69.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 280/1 ح 10.
4- -تفسير فرات 122؛بحار الأنوار 30/51.

رجل من ذرّيّته من عقبه،ثمّ قرأ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (1).

سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ قال:سلطانه حجّته على جميع من خلق اللّه تعالى، حتّى يكون له الحجّة على الناس،و لا يكون لأحد عليه حجّة (2).

الآية الخامسة قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (3).

459-الكلينيّ،بإسناده عن الفضيل بن يسار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فقال:يا فضيل اعرف إمامك،فإنّك إذا عرفت إمامك لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر،و من عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر،كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره،لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه.

قال:رواه بعض أصحابنا:بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

460-الكلينيّ،بإسناده عن عمرو بن أبان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:اعرف العلامة،فإذا عرفت،لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أم تأخّر،إنّ اللّه تعالى يقول: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فمن عرف إمامه،كان كمن كان في فسطاط المنتظر (5).

461-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال:إمامهم الّذي بين أظهرهم،و هو قائم أهل زمانه.

462-الكلينيّ،بإسناده عن زرارة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:اعرف إمامك،فإنّك إذا عرفته،لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر (6).

463-الكلينيّ،بإسناده عن اسماعيل بن محمّد الخزاعيّ،قال:سأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع فقال:أ تراني أدرك القائم عليه السّلام؟فقال:يا أبا بصير لست تعرف إمامك؟ فقال:بلى و اللّه،و أنت هو،فتناول يده و قال:و اللّه ما تبالي يا أبا بصير أن لا تكون محتبيا2.

ص: 239


1- -الزخرف:28.
2- -الغيبة للطوسي 115؛بحار الأنوار 35/51.
3- -الإسراء:71.
4- -الكافي 371/1 ح 2؛بحار الأنوار 141/52.
5- -الكافي 372/1 ح 7.
6- -بحار الأنوار 141/52.

بسيفك في ظلّ رواق القائم عليه السّلام (1).

464-الكلينيّ،بإسناده عن الفضيل بن يسار،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:من مات و ليس له إمام،مات ميتة جاهليّة،و من مات و هو عارف لإمامه،لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر،و من مات و هو عارف لإمامه،كان كمن هو مع القائم في فسطاطه (2).

465-و روى النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله،و فيه:

اعرف إمامك و في آخره:كان في فسطاط القائم عليه السّلام (3).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (4).

466-محمّد بن يعقوب رحمه اللّه بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً قال:إذا قام القائم عليه السّلام ذهبت دولة الباطل (5).

467-و بهذا الإسناد عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ قال:هو أمير المؤمنين عليه السّلام وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (6)قال:عند خروج القائم عليه السّلام.

و في قوله عزّ و جلّ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ (7).

قال:اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب،و سيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به،حتّى ينكره ناس كثير،فيقدّمهم فيضرب أعناقهم.و أمّا قوله تعالى:

وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ 8 .

قال:لو لا ما تقدّم فيهم من اللّه عزّ ذكره،ما أبقى القائم منهم واحدا.

و في قوله عزّ و جلّ: وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (8).

قال:بخروج القائم،و قوله عزّ و جلّ: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (9).3.

ص: 240


1- -الكافي 371/1 ح 4؛بحار الأنوار 142/52.
2- -الكافي 371/1 ح 5؛بحار الأنوار 142/52.
3- -بحار الأنوار 142/52.
4- -الإسراء:81.
5- -روضة الكافي 287؛المحجّة 130.
6- -ص:86-88.
7- -هود:110.
8- -المعارج:26.
9- -الأنعام:23.

قال:يعنون بولاية عليّ عليه السّلام.

و قوله عزّ و جلّ: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ قال:إذا قام القائم عليه السّلام ذهبت دولة الباطل (1).

بيان للمجلسيّ:قوله تعالى: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ أي على القرآن،أو على تبليغ الوحي.

قوله تعالى: وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أي من المتصنّعين بما لست من أهله على ما عرفتم من حالي،فأنتحل النبوّة و أتقوّل القرآن و على تفسيره،فأقول في أمير المؤمنين عليه السّلام ما لم يوح إليّ: إِنْ هُوَ أي القرآن،و على ما فسّره عليه السّلام:أمير المؤمنين عليه السّلام،أو ما نزل من القرآن فيه صلوات اللّه عليه إِلاّ ذِكْرٌ أي مذكّر و موعظة لِلْعالَمِينَ أي للثقلين وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ أي نبأ القرآن،و هو ما فيه من الوعد و الوعيد،أو صدقه أو نبأ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و صدقه فيما أتى به،و على تفسيره عليه السّلام:نبأ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و صدقه و علوّ شأنه،أو نبأ القرآن و صدقه فيما أخبر به من فضله عليه السّلام و جلاله شأنه بَعْدَ حِينٍ أي بعد الموت أو يوم القيامة،أو عند ظهور الإسلام،و على تفسيره عليه السّلام عند خروج القائم صلوات اللّه عليه.

قوله تعالى: وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ قال البيضاوي:القضاء السابق بتأجيل الجزاء،أو العدّة بأنّ الفصل يكون يوم القيامة لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بين الكافرين و المؤمنين أو المشركين و شركائهم.

قوله عليه السّلام:لو لا ما تقدّم فيهم،أي بأنّه سيجزيهم يوم القيامة،أو يولد منهم أولاد مؤمنون،لقتلهم القائم عليه السّلام أجمعين.

و يحتمل أن يكون ما أبقى القائم عليه السّلام بيانا لما تقدّم فيهم،أي لو لا أن قدّر اللّه أن يكون قتلهم على يد القائم،لأهلكهم اللّه و عذّبهم قبل ذلك و لم يمهلهم،و لكن لا يخلو من بعد.

قوله عليه السّلام:بخروج القائم عليه السّلام،اعلم أنّ أكثر الآيات الواردة في القيامة الكبرى دالّة بباطنها على الرجعة الصغرى،و لمّا كان في زمن القائم عليه السّلام يردّ بعض المشركين و المخالفين و المنافقين و يجازون ببعض أعمالهم،فلذلك سمّي بيوم الدّين،و قد يطلق اليوم على4.

ص: 241


1- -روضة الكافي 287؛بحار الأنوار 313/24.

مقدار من الزمان و إن كانت أيّاما كثيرة،و يحتمل أن يكون المراد يوم رجعتهم.

قوله عليه السّلام:ذهبت دولة الباطل،فعلى تفسيره التعبير بصيغة الماضي لتأكيد وقوعه و بيان أنّه لا ريب فيه،فكأنّه قد وقع (1).4.

ص: 242


1- -بحار الأنوار 313/24.

سورة الكهف

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (1).

468-روى الحافظ السيوطيّ في تفسيره قال:و أخرج ابن مردويه،عن ابن عبّاس، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصحاب الكهف أعوان المهديّ (2).

469-روى الفقيه ابن المغازليّ الشافعيّ،قال:أخبرنا أبو طاهر محمّد بن عليّ البغداديّ قدم إلينا واسطا،بإسناده عن عبد الرزّاق بن همام الصنعانيّ،حدّثنا معمّر،عن أبان،عن أنس بن مالك قال:أهدي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بساط من بهندف،فقال لي:يا انس ابسطه فبسطته ثمّ قال:ادع العشرة،فدعوتهم،فلمّا دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط، ثمّ دعا عليّا فناجاه طويلا،ثمّ رجع عليّ فجلس على البساط ثمّ قال:يا ريح احملينا، فحملتنا الريح،قال:فإذا البساط يدفّ بنا دفّا،ثمّ قال:يا ريح ضعينا،ثمّ قال:تدرون في أيّ مكان أنتم؟

قلنا:لا،قال:هذا موضع أصحاب الكهف و الرقيم،قوموا فسلّموا على إخوانكم،

ص: 243


1- -الكهف:9.
2- -تفسير الدّر المنثور 215/4؛تفسير البرهان 150 ح 15.

قال:فقمنا رجلا رجلا فسلّمنا عليهم فلم يردّوا علينا،فقام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال:

السلام عليكم معاشر الصدّيقين و الشهداء!

قال:فقالوا:عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته.

قال:فقلت:ما بالهم ردّوا عليك و لم يردّوا علينا؟

فقال لهم عليّ عليه السّلام:ما بالكم لم تردّوا على إخواني؟

فقالوا:إنّا معاشر الصدّيقين و الشهداء لا نكلّم بعد الموت إلاّ نبيّا أو وصيّا.

ثمّ قال:يا ريح احملينا،فحملتنا تدفّ دفّا،ثمّ قال:يا ريح ضعينا،فوضعتهم فإذا نحن بالحرّة،قال:فقال عليّ:ندرك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في آخر ركعة،فطوينا و أتينا و إذا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في آخر ركعة: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (1).

الآية الثانية قوله تعالى: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ (2).

470-ذكر الثعلبيّ في تفسيره في قوله تعالى: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ قال:

و أخذوا مضاجعهم فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهديّ عليه السّلام،يقال أنّ المهديّ يسلّم عليهم فيحييهم اللّه عزّ و جلّ له،ثمّ يرجعون إلى رقدتهم،فلا يقومون إلى يوم القيامة (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً (4).

471-روي عن الباقر عليه السّلام،قال:يملك القائم ثلاثمائة سنة،و يزداد تسعا كما لبث أهل الكهف في كهفهم،يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،فيفتح اللّه له شرق الأرض و غربها،و يقتل الناس حتّى لا يبقى إلاّ دين محمّد،و يسير بسيرة سليمان بن داود...الحديث (5).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَ تَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (6).7.

ص: 244


1- -مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام لابن المغازليّ 232 ح 280.
2- -الكهف:10.
3- -بحار الأنوار 367/36،عن تفسير الثعلبيّ.
4- -الكهف:25.
5- -بحار الأنوار 390/52؛إثبات الهداة 584/3.
6- -الكهف:47.

دلالة الآية على الرجعة في زمن المهديّ عليه السّلام

472-روى النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر،قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام يقول(في حديث طويل له عن انواع آيات القرآن روى فيه الامام الصادق عليه السّلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السّلام عن آيات القرآن و أحكامه،جاء فيها):

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:و أمّا الردّ على من أنكر الرجعة،فقول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (1)أي إلى الدنيا،و أمّا معنى حشر الآخرة، فقوله عزّ و جلّ: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً و قوله تعالى: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (2)في الرجعة،فأمّا في القيامة فإنّهم يرجعون.

و مثل قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ (3)و هذا لا يكون إلاّ في الرجعة.

و مثله ما خاطب اللّه تعالى به الأئمّة،و وعدهم من النصر و الانتقام من أعدائهم،فقال سبحانه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (4)و هذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

و مثل قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5)و قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (6)أي رجعة الدنيا.

و مثل قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (7)و قوله عزّ و جلّ: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (8)فردّهم اللّه تعالى بعد الموت إلى الدنيا (9).

ص: 245


1- -النمل:83.
2- -الأنبياء:95.
3- -آل عمران:81.
4- -النور:55.
5- -القصص:5.
6- -القصص:85.
7- -البقرة:243.
8- -الأعراف:155.
9- -المحكم و المتشابه 3،و المتن في ص 57.

473-روى القمّيّ بإسناده عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:ما يقول الناس في هذه الآية: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (1)؟قلت:إنّها في القيامة.

قال:ليس كما يقولون،إنّ ذلك في الرجعة،أ يحشر اللّه في القيامة من كلّ أمّة فوجا و يدع الباقين،إنّما آية القيامة قوله: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (2).

الآية الخامسة قوله تعالى: فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً (3).

شبه غيبة المهديّ بغيبة الخضر عليهما السّلام

474-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد اللّه بن فضل الهاشميّ،قال:سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:إنّ لصاحب هذا الامر غيبة لا بدّ منها،يرتاب فيها كلّ مبطل، فقلت:و لم جعلت فداك؟

قال:لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم.

قلت:فما وجه الحكمة في غيبته؟

قال:وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج اللّه تعالى ذكره،إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره،كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما آتاه الخضر عليه السّلام من خرق السفينة،و قتل الغلام و إقامة الجدار لموسى عليه السّلام إلى وقت افتراقهما.

يا ابن الفضل،إنّ هذا الأمر أمر من أمر اللّه،و سرّ من سرّ اللّه،و غيب من غيب اللّه، و متى علمنا أنّه عزّ و جلّ حكيم،صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة،و إن كان وجهها غير منكشف (4).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (5).

ص: 246


1- -النمل:83.
2- -تفسير القمّيّ 24/1.
3- -الكهف:65.
4- -كمال الدّين 481/2؛بحار الأنوار 91/52.
5- -الكهف:83.

انّ المهديّ عليه السّلام مثل ذي القرنين يظهر بعد غيبة

475-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله اللّه عزّ و جلّ حجّة على عباده، فدعا قومه إلى اللّه و أمرهم بتقواه،فضربوه على قرنه،فغاب عنهم زمانا حتّى قيل،مات أو هلك بأيّ واد سلك؟ثمّ ظهر و رجع إلى قومه،فضربوه على قرنه الآخر،و فيكم من هو على سنّته،و إنّ اللّه عزّ و جلّ مكّن لذي القرنين في الأرض،و جعل له من كل شيء سببا، و بلغ المغرب و المشرق،و إنّ اللّه تبارك و تعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي،فيبلغه شرق الأرض و غربها،حتّى لا يبقى منهلا و لا موضعا و لا جبل وطئه ذو القرنين إلاّ وطئه، و يظهر اللّه عزّ و جلّ له كنوز الأرض و معادنها،و ينصره بالرعب،فيملأ الأرض به عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما (1).

476-روي عن الباقر عليه السّلام مرسلا:إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا ناصح اللّه سبحانه، فناصحه و سخّر له السحاب،و طويت له الأرض و بسط له في النور،فكان يبصر بالليل كما يبصر بالنهار،و إنّ أئمّة الحق كلّهم قد سخّر اللّه تعالى لهم السحاب،و كان يحملهم إلى المشرق و المغرب لصالح المسلمين،و لإصلاح ذات البين،و على هذا حال المهديّ عليه السّلام، و لذلك يسمّى:(صاحب المرئى و المسمع)فله نور يرى به الاشياء من بعيد كما يرى من قريب،و يسمع من بعيد كما يسمع من قريب،و إنّه يسيح في الدنيا كلّها على السحاب مرّة،و على الريح أخرى،و تطوى له الأرض مرّة،فيدفع البلايا عن العباد و البلاد شرقا و غربا (2).

الآية السابعة قوله تعالى: قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (3).

477-روى العيّاشيّ بإسناده عن المفضّل،قال:و سألته عن قوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ قال الإمام الصادق عليه السّلام:رفع التقيّة عند الكشف،فينتقم من أعداء اللّه (4).

ص: 247


1- -كمال الدّين 394/2.
2- -الخرائج و الجرائح للراوندي 930/2.
3- -الكهف:98.
4- -تفسير العيّاشيّ 351/2 ح 86؛بحار الأنوار 207/12.

سورة مريم

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (1).

دلالة الآية على إمامة الحجّة عليه السّلام و هو صبيّ

478-روى الصفّار؛بإسناده عن عليّ بن أسباط،قال:رأيت أبا جعفر عليه السّلام قد خرج عليّ،فأحددت النظر إليه و إلى رأسه و إلى رجله لأصف قامته لأصحابنا بمصر،فخرّ ساجدا و قال:إنّ اللّه احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ في النبوّة،قال اللّه تعالى: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا و قال اللّه: حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (2)فقد يجوز أن يؤتى الحكمة و هو صبيّ،و يجوز أن يؤتى و هو ابن أربعين سنة (3).

479-روى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن أسباط،عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام،قال:قلت:

جعلت فداك،إنّهم يقولون في الحداثة،قال:و أيّ شيء يقولون؟إنّ اللّه تعالى يقول: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي (4)،فو اللّه ما كان اتّبعه إلاّ عليّ عليه السّلام و هو

ص: 248


1- -مريم:12.
2- -الأحقاف:14.
3- -بصائر الدرجات 65؛الكافي 384/1؛بحار الأنوار 100/25.
4- -يوسف:108.

ابن سبع سنين،و مضى أبي و أنا ابن تسع سنين،فما عسى أن يقولوا،إنّ اللّه يقول: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ إلى قوله: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً 1 (1).

480-روى العيّاشيّ أيضا بإسناده عن عليّ بن أسباط،قال:قدمت المدينة و أنا اريد مصر،فدخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهما السّلام و هو إذ ذاك خماسيّ،فجعلت أتأمّله لأصفه لأصحابنا بمصر،فنظر إليّ و قال:يا عليّ،إنّ اللّه أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوّة،فقال سبحانه عن يوسف: وَ لَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً (2)و قال عن يحيى: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (3).

481-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن صفوان،قال:قلت للرضا عليه السّلام:قد كنّا نسألك قبل أن يهب اللّه لك أبا جعفر عليه السّلام،فكنت تقول:يهب اللّه لي غلاما،فقد وهب اللّه لك،فقرّ عيوننا فلا أرانا اللّه يومك،فإن كان كون فإلى من؟فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السّلام و هو قائم بين يديه.

فقلت:جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين!قال:و ما يضرّه من ذلك شيء،قد قام عيسى عليه السّلام بالحجّة و هو ابن ثلاث سنين (4).

482-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال أبو بصير:دخلت إليه و معي غلام خماسيّ لم يبلغ،فقال:كيف أنتم إذا احتجّ عليكم بمثل سنّه (5).

483-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عليّ بن مهزيار،عن ابن بزيع،قال:

سألته-يعني أبا جعفر عليه السّلام-عن شيء من أمر الإمام،فقلت:يكون الإمام ابن أقل من سبع سنين؟فقال:نعم،و أقلّ من خمس سنين (6).

الآية الثانية قوله تعالى: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قالَ إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتانِيَ الْكِتابَ (7).0.

ص: 249


1- -تفسير العيّاشيّ 200/2 ح 100؛بحار الأنوار 101/25.
2- -القصص:14.
3- -بحار الأنوار 102/25.
4- -الكافي 383/1؛بحار الأنوار 102/25.
5- -الكافي 383/1؛بحار الأنوار 103/25.
6- -الكافي 383/1 و 384؛بحار الأنوار 103/25.
7- -مريم:29 و 30.

ذكر من شاهد القائم عليه السّلام و رآه و كلّمه و هو طفل

484-روى الصدوق؛بإسناده عن الحسن بن المنذر،عن حمزة بن أبي الفتح،قال:

جاءني يوما فقال لي:البشارة،ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد عليه السّلام و أمر بكتمانه، قلت:و ما اسمه؟قال:سمّي بمحمّد و كنّي بأبي جعفر (1).

485-روى الصدوق؛بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر عليهما السّلام،عن السّياريّ قال:حدّثتني نسيم و مارية قالتا:

إنّه لمّا سقط صاحب الزمان عليه السّلام من بطن أمّه جاثيا على ركبتيه،رافعا سبّابتيه إلى السماء،ثمّ عطس فقال:الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله،زعمت الظلمة أنّ حجّة اللّه داحضة،لو اذن لنا في الكلام لزال الشكّ.

قال إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه:و حدّثتني نسيم خادم أبي محمّد عليه السّلام قالت:قال لي صاحب الزمان عليه السّلام و قد دخلت عليه بعد مولده بليلة،فعطست عنده فقال لي:يرحمك اللّه،قالت نسيم:ففرحت بذلك،فقال لي عليه السّلام:أ لا أبشّرك في العطاس؟فقلت:بلى يا مولاي، فقال:هو أمان من الموت ثلاثة أيّام (2).

486-و روى الصدوق؛بإسناده عن غياث بن اسيد،قال:شهدت محمّد بن عثمان العمريّ قدّس اللّه روحه يقول:لمّا ولد الخلف المهديّ عليه السّلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء،ثمّ سقط لوجهه ساجدا لربّه تعالى ذكره،ثمّ رفع رأسه و هو يقول: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ (3).

قال:و كان مولده يوم الجمعة (4).

487-و روى الصدوق؛بإسناده عن يعقوب بن منقوش،قال:دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام و هو جالس على دكّان في الدار و عن يمينه بيت و عليه ستر مسبل، فقلت له:يا سيّدي من صاحب هذا الأمر؟فقال:ارفع الستر،فرفعته فخرج إلينا غلام

ص: 250


1- -كمال الدّين 432/2 ح 11.
2- -نفس المصدر 433/2.
3- -آل عمران:18 و 19.
4- -كمال الدّين 433/2 ح 13.

خماسيّ له عشر أو ثمان أو نحو ذلك،واضح الجبين،أبيض الوجه،درّي المقلتين،شثن الكفّين،معطوف الركبتين،في خدّه الأيمن خال،و في رأسه ذؤابة،فجلس على فخذ أبي محمّد عليه السّلام،ثمّ قال لي:هذا هو صاحبكم،ثمّ وثب فقال له:يا بنيّ ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت و أنا انظر إليه،ثمّ قال لي:يا يعقوب انظر إلى من في البيت؟فدخلت فما رأيت أحدا (1).

488-و روى بالإسناد عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي،قال:لمّا ولد الخلف الصالح عليه السّلام،ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب،فإذا فيه مكتوب بخطّ يده عليه السّلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه،و فيه:«ولد لنا مولود،فليكن عندك مستورا و عن جميع الناس مكتوما،فإنّا لم نظهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته،و الوليّ لولايته،أحببنا إعلامك ليسرّك اللّه به مثل ما سرّنا به،و السلام» (2).

489-و روى بالإسناد عن أبي الفضل الحسن بن الحسين العلويّ،قال:دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام بسرّ من رأى فهنّأته بولادة ابنه القائم عليه السّلام (3).

490-روى الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الصدوق قدّس سرّه بإسناده عن أحمد بن مسرور،عن سعد بن عبد اللّه القمّي،قال:كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم و دقائقها،كلفا باستظهار ما يصحّ لي من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها و مغلقها،شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها و مشكلاتها،متعصّبا لمذهب الإماميّة،راغبا عن الأمن و السلامة في انتظار التنازع و التخاصم و التعدّي إلى التباغض و التشاتم،معيبا للفرق ذوي الخلاف،كاشفا عن مثالب أئمّتهم،هتّاكا لحجب قادتهم،إلى أن بليت بأشدّ النواصب منازعة،و أطولهم مخاصمة،و أكثرهم جدلا،و أشنعهم سؤالا،و أثبتهم على الباطل قدما.

فقال ذات يوم-و أنا اناظره-تبّا لك و لأصحابك يا سعد،إنّكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين و الأنصار بالطعن عليهما،و تجحدون من رسول اللّه ولايتهما1.

ص: 251


1- -نفس المصدر 437/2 ح 5.
2- -نفس المصدر 433/2 ح 16.
3- -نفس المصدر 434/2 ح 1.

و إمامتهما،هذا الصدّيق الّذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته،أ ما علمتم أنّ رسول اللّه ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلاّ علما منه أنّ الخلافة له من بعده،و أنّه هو المقلّد لأمر التأويل و الملقى إليه أزمة الامّة،و عليه المعوّل في شعب الصدع،و لمّ الشعث،و سدّ الخلل،و إقامة الحدود،و تسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك،و كما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته،إذ ليس من حكم الاستتار و التواري،أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة إلى مكان يستخفي فيه،و لمّا رأينا النبيّ متوجّها إلى الانجحار،و لم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد،استبان لنا قصد رسول اللّه بأبي بكر للغار للعلّة الّتي شرحناها،و إنّما أبات عليّا على فراشه لما لم يكن يكترث به،و لم يحفل به لاستثقاله! و لعلمه بأنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها.

قال سعد:فأوردت عليه أجوبة شتّى،فما زال يعقّب كلّ واحد منها بالنقض و الردّ عليّ،ثمّ قال:يا سعد و دونكها اخرى بمثلها تخطم انوف الروافض!!

أ لستم تزعمون أنّ الصدّيق المبرّأ من دنس الشكوك،و الفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسرّان النفاق،و استدللتم بليلة العقبة،أخبرني عن الصدّيق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟

قال سعد:فاحتلت لدفع هذه المسألة عنّي خوفا من الإلزام،و حذرا من أنّي إن أقررت له بطوعهما للإسلام،احتجّ بأنّ بدء النفاق و نشأه في القلب لا يكون إلاّ عند هبوب روائح القهر و الغلبة،و إظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه، نحو قول اللّه تعالى: فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا (1)،و إن قلت:أسلما كرها،كان يقصدني بالطعن،إذ لم تكن ثمّة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس.

قال سعد:فصدرت عنه مزوّرا قد انتفخت أحشائي من الغضب،و تقطّع كبدي من الكرب،و كنت قد اتّخذت طومارا و أثبت فيه نيّفا و أربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا،على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي5.

ص: 252


1- -غافر:85.

محمّد عليه السّلام،فارتحلت خلفه،و قد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرّ من رأى،فلحقته في بعض المنازل،فلمّا تصافحنا قال:بخير لحاقك بي،قلت:الشوق ثمّ العادة في الأسولة.

قال:قد تكافينا على هذه الخطّة الواحدة،فقد برح بي القرم(شدّة الشوق)إلى لقاء مولانا أبي محمّد عليه السّلام و أنا اريد أن أسأله عن معاضل في التأويل و مشاكل في التنزيل فدونكها الصحبة المباركة فانّها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه،و لا تفنى غرائبه،و هو إمامنا.

فوردنا«سرّ من رأى»فانتهينا منها إلى باب سيّدنا،فاستأذنّا،فخرج علينا الإذن بالدخول عليه،و كان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبريّ فيه مائة و ستّون صرّة من الدنانير و الدراهم،على كلّ صرّة منها ختم صاحبها.

قال سعد:فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّد عليه السّلام حين غشينا نور وجهه إلاّ ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر،و على فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة و المنظر،على رأسه فرق بين وفرتين كأنّه ألف بين واوين،و بين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها،قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة،و بيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرّمانة بين يديه و يشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد.

فسلّمنا عليه فألطف في الجواب و أومأ إلينا في الجلوس،فلمّا فرغ من كتبة البياض الّذي كان بيده،أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه،فنظر الهادي عليه السّلام إلى الغلام و قال له:يا بني فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك و مواليك.

فقال:يا مولاي،أ يجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلى هدايا نجسة و أموال رجسة قد شيب أحلّها بأحرمها؟

فقال مولاي:يا ابن إسحاق،استخرج ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال و الحرام منها.

فأوّل صرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام:«هذه لفلان بن فلان،من محلّة كذا بقمّ، يشتمل على اثنين و ستّين دينارا،فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها و كانت إرثا له عن

ص: 253

أبيه خمسة و أربعون دينارا،و من أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا،و فيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير».

فقال مولانا:صدقت يا بني،دلّ الرجل على الحرام منها.

فقال عليه السّلام:«فتّش عن دينار رازيّ السكّة،تاريخه سنة كذا،قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه،و قراضة آمليّة وزنها ربع دينار،و العلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منّا و ربع منّ،فأتت على ذلك مدّة،و في انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق،فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه و استردّ منه بدل ذلك منّا و نصف من غزلا أدقّ ممّا كان دفعه إليه،و اتّخذ من ذلك ثوبا،كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه،فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه و بمقدارها على حسب ما قال،و استخرج الدينار و القراضة بتلك العلامة.

ثمّ أخرج صرّة اخرى،فقال الغلام:«هذه لفلان بن فلان،من محلّة كذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحلّ لنا لمسها»قال:و كيف ذاك؟قال:«لأنّها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكّاره في المقاسمة،و ذلك أنّه قبض حصّته منها بكيل واف،و كان ما حصّ الأكّار بكيل بخس».

فقال مولانا:صدقت يا بنيّ.

ثمّ قال:يا أحمد بن إسحاق،احملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها على أربابها،فلا حاجة لنا في شيء منها،و أتنا بثوب العجوز،قال أحمد:و كان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته.

فلمّا انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب،نظر إليّ مولانا أبو محمّد عليه السّلام فقال:ما جاء بك يا سعد؟فقلت:شوّقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا،قال:و المسائل الّتي أردت أن تسأل عنها؟قلت:على حالها يا مولاي.

قال:فسل قرّة عيني-و أومأ إلى الغلام،فقال لي الغلام:سل عمّا بدا لك منها.

فقلت له:مولانا و ابن مولانا،إنّا روينا عنكم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السّلام حتّى أرسل يوم الجمل إلى عائشة:إنّك قد أرهجت على الإسلام و أهله

ص: 254

بفتنتك،و أوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك،فإن كففت عنّي غربك و إلاّ طلّقتك،و نساء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد كان طلاقهنّ وفاته،قال:ما الطلاق؟قلت:تخلية السبيل،قال:فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد خلّيت لهنّ السبيل،فلم لا يحلّ لهنّ الأزواج؟قلت:لأنّ اللّه تبارك و تعالى حرّم الأزواج عليهنّ،قال:كيف و قد خلّى الموت سبيلهنّ؟

قلت:فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الّذي فوّض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام؟

قال:إنّ اللّه تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فخصّهنّ بشرف الامّهات،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا أبا الحسن إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن للّه على الطاعة،فأيّتهنّ عصت اللّه بعدي بالخروج عليك،فأطلق لها في الأزواج،و أسقطها من شرف امومة المؤمنين.

قلت:فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة الّتي إذا أتت المرأة بها في عدّتها،حلّ للزوج أن يخرجها من بيته؟

قال:الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا،فإنّ المرأة إذا زنت و اقيم عليها الحدّ، ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ،و إذا سحقت وجب عليها الرجم،و الرجم خزي،و من قد أمر اللّه برجمه فقد أخزاه،و من أخزاه فقد أبعده،و من أبعده فليس لأحد أن يقربه.

قلت:فأخبرني يا ابن رسول اللّه عن أمر اللّه لنبيّه موسى عليه السّلام فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (1)فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة.

فقال عليه السّلام:من قال ذلك فقد افترى على موسى و استجهله في نبوّته،لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين:إمّا أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة،فإن كانت صلاته جائزة،جاز له لبسهما في تلك البقعة،و ان كانت مقدّسة مطهّرة،فليست بأقدس و أطهر من الصلاة،و ان كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنّه لم يعرف الحلال من الحرام،و ما علم ما تجوز فيه الصلاة و ما لم تجز،و هذا كفر.2.

ص: 255


1- -طه:12.

قلت:فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما.

قال:إنّ موسى ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال:يا ربّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي،و غسلت قلبي عمّا سواك-و كان شديد الحبّ لأهله-فقال اللّه تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة،و قلبك من الميل إلى من سواي مغسولا.

قلت:فأخبرني يا ابن رسول اللّه عن تأويل كهيعص (1).

قال:هذه الحروف من أنباء الغيب،أطلع اللّه عليها عبده زكريّا،ثمّ قصّها على محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و ذلك أنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة،فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إيّاها،فكان زكريا إذا ذكر محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين سرى عنه همّه، و انجلى كربه،و إذا ذكر الحسين خنقته العبرة،و وقعت عليه البهرة،فقال ذات يوم:يا إلهي، ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي،و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي؟فأنبأه اللّه تعالى عن قصّته.

و قال: كهيعص «فالكاف»اسم كربلاء و«الهاء»هلاك العترة،و«الياء»يزيد و هو ظالم الحسين عليه السّلام،و«العين»عطشه،و«الصاد»صبره.

فلمّا سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام و منع فيها الناس من الدخول عليه، و أقبل على البكاء و النحيب،و كانت ندبته:«إلهي أ تفجع خير خلقك بولده،إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه،إلهي أ تلبس عليّا و فاطمة ثياب هذه المصيبة،إلهي أ تحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟».

ثمّ كان يقول:«اللهمّ ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر،و اجعله وارثا وصيّا، و اجعل محلّه منّي محلّ الحسين،فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه،ثمّ فجّعني به كما تفجّع محمّدا حبيبك بولده»فرزقه اللّه يحيى و فجّعه به،و كان حمل يحيى ستّة أشهر و حمل الحسين عليه السّلام كذلك،و له قصّة طويلة.

قلت:فأخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم.1.

ص: 256


1- -مريم:1.

قال:مصلح أو مفسد؟قلت:مصلح.

قال:فهل يجوز أنّ تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟قلت:بلى،قال:فهي العلّة،و أوردها لك ببرهان ينقاد لها عقلك، أخبرني عن الرسل الّذين اصطفاهم اللّه تعالى و أنزل عليهم الكتاب و أيّدهم بالوحي و العصمة إذ هم أعلام الامم و أهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى و عيسى عليهما السّلام،هل يجوز -مع وفور عقلهما و كمال علمهما-إذا همّا بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق و هما يظنّان أنّه مؤمن؟قلت:لا.

فقال:هذا موسى كليم اللّه مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم و إخلاصهم،فوقعت خيرته على المنافقين،قال اللّه تعالى: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا 1 لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً 2 فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ (1)،فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه اللّه للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح و هو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد،علمنا أن لا اختيار إلاّ لمن يعلم ما تخفي الصدور و ما تكنّ الضمائر و تتصرّف عليه السرائر،و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصلاح.

ثمّ قال مولانا:يا سعد،و حين ادّعى خصمك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أخرج مع نفسه مختار هذه الامّة إلى الغار إلاّ علما منه أنّ الخلافة له من بعده،و أنّه هو المقلّد امور التأويل،و الملقى إليه أزمّة الامّة،و عليه المعوّل في لمّ الشعث و سدّ الخلل و إقامة الحدود، و تسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر،فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته،إذ لم يكن من حكم الاستتار و التواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه،و إنّما أبات عليّا على فراشه لما لم يكن يكترث له و لم يحفل به لاستثقاله إيّاه،و علمه أنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها.3.

ص: 257


1- -النساء:153.

فهلاّ نقضت عليه دعواه بقولك:أ ليس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الخلافة بعدي ثلاثون سنة؟ فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الّذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم،فكان لا يجد بدّا من قوله لك:بلى،قلت:فكيف تقول حينئذ:أ ليس كما علم رسول اللّه أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر،علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر و من بعد عمر لعثمان و من بعد عثمان لعليّ؟فكان أيضا لا يجد بدّا من قوله لك:نعم،ثمّ كنت تقول له:فكان الواجب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يخرجهم جميعا(على الترتيب)إلى الغار و يشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر،و لا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم و تخصيصه أبا بكر و إخراجه مع نفسه دونهم.

و لمّا قال:أخبرني عن الصدّيق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟لم لم تقل له:بل أسلما طمعا،و ذلك بأنّهما كانا يجالسان اليهود و يستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة و في سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و من عواقب أمره،فكانت اليهود تذكر أنّ محمّدا يسلّط على العرب كما كان بخت نصّر سلّط على بني إسرائيل،و لا بدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصّر ببني إسرائيل،غير أنّه كاذب في دعواه أنّه نبيّ،فأتيا محمّدا فساعداه على شهادة ألاّ إله إلاّ اللّه،و بايعاه طمعا في أن ينال كلّ واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت اموره،و استتبّت أحواله،فلمّا آيسا من ذلك تلثّما و صعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه،فدفع اللّه تعالى كيدهم و ردّهم بغيظهم لم ينالوا خيرا،كما أتى طلحة و الزبير عليّا عليه السّلام فبايعاه و طمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد،فلمّا آيسا نكثا بيعته و خرجا عليه، فضرع اللّه واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين.

قال سعد:ثمّ قام مولانا الحسن بن عليّ الهادي عليه السّلام للصلاة مع الغلام،فانصرفت عنهما،و طلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا،فقلت:ما أبطأك و أبكاك؟قال:قد فقدت الثوب الّذي سألني مولاي إحضاره،قلت:لا عليك فأخبره،فدخل عليه مسرعا و انصرف من عنده متبسّما و هو يصلّي على محمّد و آل محمّد،فقلت:ما الخبر؟قال:

وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلّي عليه.

ص: 258

قال سعد:فحمدنا اللّه تعالى على ذلك،و جعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيّاما،فلا نرى الغلام بين يديه،فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا و أحمد ابن إسحاق و كهلان من أهل بلدنا،و انتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما و قال:يا ابن رسول اللّه قد دنت الرحلة و اشتدّ المحنة،فنحن نسأل اللّه تعالى أن يصلّي على المصطفى جدّك،و على المرتضى أبيك،و على سيّدة النساء امّك،و على سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك و أبيك، و على الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك،و أن يصلّي عليك و على ولدك،و نرغب إلى اللّه أن يعلى كعبك و يكبت عدوّك،و لا جعل اللّه هذا آخر عهدنا من لقائك.

قال:فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتّى استهلّت دموعه و تقاطرت عبراته، ثمّ قال:يا ابن إسحاق،لا تكلّف في دعائك شططا،فإنّك ملاق اللّه تعالى في صدرك هذا.

فخرّ أحمد مغشيّا عليه،فلمّا أفاق قال:سألتك باللّه و بحرمة جدّك إلاّ شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا،فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال:خذها و لا تنفق على نفسك غيرها،فانّك لن تعدم ما سألت،و إنّ اللّه تبارك و تعالى لن يضيّع أجر من أحسن عملا.

قال سعد:فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ، حمّ أحمد بن إسحاق و ثارت به علّة صعبة أيس من حياته فيها،فلمّا وردنا حلوان و نزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها،ثمّ قال:تفرّقوا عنّي هذه الليلة و اتركوني وحدي.

فانصرفنا عنه و رجع كلّ واحد منّا إلى مرقده.قال سعد:فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة،ففتحت عيني،فإذا أنا بكافور الخادم(خادم مولانا أبي محمّد عليه السّلام)و هو يقول:أحسن اللّه بالخير عزاكم،و جبر بالمحبوب رزيّتكم،قد فرغنا من غسل صاحبكم و من تكفينه،فقوموا لدفنه،فانّه من أكرمكم محلا عند سيّدكم.ثمّ غاب عن أعيننا،فاجتمعنا على رأسه بالبكاء و العويل حتّى قضينا حقّه،و فرغنا من أمره رحمه اللّه.

(انتهى) (1).1.

ص: 259


1- -كمال الدّين 454/2-465،ح 21.

الآية الثالثة قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (1).

491-العيّاشي:بإسناده عن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام يقول:الزم الأرض لا تحرّك يدك و لا رجلك أبدا حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة،و ترى مناديا ينادي بدمشق،و خسف بقرية من قراها،و تسقط طائفة من مسجدها،فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة،و أقبلت الروم حتّى نزلت الرملة،و هي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب،و إنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات، الأصهب،و الأبقع،و السفيانيّ،مع بني ذنب الحمار مضر،و مع السفياني أخواله من كلب، فيظهر السفيانيّ و من معه على بني ذنب الحمار حتّى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قطّ، و يحضر رجل بدمشق فيقتل هو و من معه قتلا لم يقتله شيء قطّ،و هو من بني ذنب الحمار،و هي الآية الّتي يقول اللّه تبارك و تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ..الحديث (2).

492-روى النعماني؛بإسناده عن داود الدجاجيّ،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، قال:سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فقال:«انتظروا الفرج من ثلاث،فقيل يا أمير المؤمنين و ما هنّ؟فقال:اختلاف أهل الشام بينهم،و الرايات السود من خراسان،و الفزعة في شهر رمضان.فقيل:و ما الفزعة في شهر رمضان؟فقال:أو ما سمعتم قول اللّه عزّ و جلّ في القرآن: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (3)هي آية تخرج الفتاة من خدرها،و توقظ النائم،و تفزع اليقظان» (4).

493-روى العيّاشي رحمه اللّه بإسناده عن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال في حديث له:و إنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك عن ثلاث رايات:الأصهب،و الأبقع،و السفيانيّ مع بني ذنب الحمار،حتّى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قطّ.

و يحضر رجل بدمشق،فيقتل هو و من معه قتلا لم يقتله شيء قطّ.و هو من بني ذنب3.

ص: 260


1- -مريم:37.
2- -تفسير العيّاشيّ 64/1؛المحجة 131.
3- -الشعراء:4.
4- -الغيبة النعمانيّ 251 ح 8؛عقد الدرر 104 ب 14 ف 3.

الحمار،و هي الآيات الّتي يقول اللّه تبارك و تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ و يظهر السفياني و من معه.

-و قد تقدّم الحديث بكامله مع مصادره في البقرة-148.

الآية الرابعة قوله عزّ و جلّ: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا* فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا* وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (1).

شبه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبة إبراهيم عليه السّلام في اعتزاله

494-روى الصدوق بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان أبو إبراهيم عليه السّلام منجّما لنمرود بن كنعان،و كان نمرود لا يصدر إلاّ عن رأيه،فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال:لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا،فقال له نمرود:و ما هو؟فقال:

رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه فيكون هلاكنا على يديه،و لا يلبث إلاّ قليلا حتّى يحمل به،فعجب من ذلك نمرود و قال له:هل حملت به النساء؟فقال:لا،و كان فيما أوتي به من العلم أنّه سيحرق بالنار،و لم يكن اوتي أنّ اللّه تعالى سينجّيه.

قال:فحجب النساء عن الرجال،فلم يترك امرأة إلاّ جعلت بالمدينة حتّى لا يخلص إليهنّ الرجال،قال:و وقع أبو إبراهيم على امرأته فحملت به و ظنّ أنّه صاحبه،فأرسل إلى نساء من القوابل لا يكون في البطن شيء إلاّ علمن به،فنظرن إلى أمّ إبراهيم،فألزم اللّه تعالى ذكره ما في الرحم الظهر،فقلن:ما نرى شيئا في بطنها،فلمّا وضعت امّ إبراهيم به، أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود،فقالت له امرأته:لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله،دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتّى يأتي عليه أجله و لا يكون أنت تقتل ابنك، فقال لها:فاذهبي به،فذهبت به إلى غار،ثمّ أرضعته،ثمّ جعلت على باب الغار صخرة،ثمّ انصرفت عنه،فجعل اللّه عزّ و جلّ رزقه في إبهامه،فجعل يمصّها فيشرب لبنا،و جعل يشبّ في اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة و يشبّ في الجمعة،كما يشبّ غيره في الشهر،و يشبّ

ص: 261


1- -مريم:49-51.

في الشهر كما يشبّ غيره في السنة،فمكث ما شاء اللّه أن يمكث.

ثمّ إنّ امّه قالت لأبيه:لو أذنت لي حتّى أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلت،قال:

فافعلي،فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم عليه السّلام،و إذا عيناه تزهران كأنّهما سراجان،فأخذته و ضمّته إلى صدرها و أرضعته ثمّ انصرفت عنه،فسألها أبوه عن الصبي،فقالت له:قد واريته في التراب،فمكثت تعتلّ و تخرج في الحاجة و تذهب إلى إبراهيم عليه السّلام فتضمّه إليها و ترضعه ثمّ تنصرف،فلمّا تحرّك أتته امّه كما كانت تأتيه،و صنعت كما كانت تصنع،فلمّا أرادت الانصراف أخذ بثوبها فقالت له:ما لك؟فقال لها:اذهبي بي معك،فقالت له:حتّى أستأمر أباك (1).

كلام الشيخ الصدوق

قال الشيخ الصدوق:و أمّا غيبة إبراهيم خليل الرحمن صلوات اللّه عليه،فانّها تشبه غيبة قائمنا صلوات اللّه عليه،بل هي أعجب منها،لأنّ اللّه عزّ و جلّ غيّب أثر إبراهيم عليه السّلام و هو في بطن امّه،حتّى حوّله عزّ و جلّ بقدرته من بطنها إلى ظهرها،ثمّ أخفى أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله.

فلم يزل إبراهيم عليه السّلام في الغيبة مخفيا لشخصه،كاتما لأمره،حتّى ظهر فصدع بأمر اللّه تعالى ذكره و أظهر اللّه قدرته فيه.

ثمّ غاب عليه السّلام الغيبة الثانية،و ذلك حين نفاه الطاغوت عن مصر،فقال: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا قال اللّه عزّ و جلّ: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا* وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني به عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،لأنّ إبراهيم قد كان دعا اللّه عزّ و جلّ أن يجعل له لسان صدق في الآخرين،فجعل اللّه تبارك و تعالى له و لإسحاق و يعقوب لسان صدق عليّا،فأخبر عليّ عليه السّلام بأنّ القائم هو الحادي عشر من ولده و أنّه المهديّ الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و أنّه تكون له

ص: 262


1- -كمال الدّين 138/1-139.و تتمة الحديث في الكافي 558/8.

غيبة و حيرة يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون،و أنّ هذا كائن كما أنّه مخلوق.

و أخبر عليه السّلام في حديث كميل بن زياد النخعيّ:«إنّ الأرض لا تخلو من قائم بحجّة،امّا ظاهر مشهور أو خاف مغمور،لئلاّ تبطل حجج اللّه و بيّناته،و لإبراهيم عليه السّلام غيبة اخرى سار فيها في البلاد وحده للاعتبار. (1)

الآية الخامسة قوله تعالى: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ (2).

495-روى محمّد بن يعقوب؛بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا (3)قال:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا و أنكروا: فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا من قريش لِلَّذِينَ آمَنُوا و الّذين أقرّوا لأمير المؤمنين و لنا أهل البيت أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا تعييرا منهم.

فقال اللّه عزّ و جلّ ردّا عليهم: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ من الامم السالفة هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً (4).

قلت:قوله: مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا (5)قال:كلّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السّلام و لا بولايتنا،فكانوا ضالّين مضلّين،فيمدّ لهم في ضلالتهم و طغيانهم حتّى يموتوا،فيصيّرهم اللّه شرّا مكانا و أضعف جندا.

قلت:قوله: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ قال:فهو خروج القائم عليه السّلام،و هو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم و ما نزل بهم من اللّه على يدي وليّه،فذلك قوله: مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً يعني عند القائم- وَ أَضْعَفُ جُنْداً .

قلت:قوله: وَ يَزِيدُ اللّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ؟.

قال:يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتّباعهم القائم عليه السّلام حيث لا يجحدونه و لا5.

ص: 263


1- -كمال الدّين 139/1.
2- -مريم:75.
3- -مريم:73.
4- -مريم:74.
5- -مريم:75.

ينكرونه...الحديث (1).

496-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث له قال فيه،قلت:قوله: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً .

قال:امّا قوله: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فهو خروج القائم و هو الساعة،فسيعلمون ذلك اليوم و ما نزل بهم من اللّه على يدي القائم،فذلك قوله: مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً يعني عند القائم وَ أَضْعَفُ جُنْداً ..الحديث (2).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ يَزِيدُ اللّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً (3).

497-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث له،قال:قلت: وَ يَزِيدُ اللّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً قال:يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتّباعهم القائم حيث لا يجحدونه و لا ينكرونه..الحديث (4).

498-و روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:في حديث طويل جاء فيه:قلت: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (5)قال:يعني بذلك القائم و أنصاره (6).5.

ص: 264


1- -الكافي 431/1؛بحار الأنوار 332/24.
2- -الكافي 431/1؛تفسير البرهان 20/3.
3- -مريم:76.
4- -بحار الأنوار 333/24؛تفسير البرهان 21/3.
5- -الجنّ:24.
6- -الكافي 432/1 ح 91؛تفسير الصافي 238/5.

سورة طه

اشارة

قوله تعالى: إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى* أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَ عَدُوٌّ لَهُ وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (1).

شباهة مولد الحجّة بخفاء مولد موسى عليهما السّلام

499-روى الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسيّ المعروف بابن حمزة بإسناده عن حكيمة بنت محمّد عليه السّلام-في حديث طويل-قالت:دخلت على أبي محمّد صلوات اللّه عليه،فلمّا أردت الانصراف،قال:بيّتي الليلة عندنا،فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللّه عزّ و جلّ،الّذي يحيي اللّه عزّ و جلّ به الأرض بعد موتها،قلت:ممّن يا سيّدي،و لست أرى بنرجس شيئا من الحمل؟

قال:من نرجس،لا من غيرها.

قالت:فقمت إليها،فقلّبتها ظهرا و بطنا،فلم أر بها أثر حبل،فعدت إليه،فأخبرته بما فعلته،فتبسّم،ثمّ قال:إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل،لأنّ مثلها مثل امّ موسى لم يظهر بها الحبل،و لم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها،لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في

ص: 265


1- -طه:39.

طلب موسى،و هذا نظير موسى صلوات اللّه عليهما.

قالت حكيمة:فعدت إليها و أخبرتها،قالت:و سألتها عن حالها،فقالت:يا مولاتي،ما أرى بي شيئا من هذا.

قالت حكيمة:فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر،و هي نائمة بين يدي تتقلّب جنبا إلى جنب،حتّى إذا كان آخر الليل،وقت طلوع الفجر،و ثبت فزعة،فضممتها إلى صدري،و سميّت عليها،فقلت لها:ما حالك؟قالت:ظهر لي الأمر الّذي أخبرك مولاي.

فصاح أبو محمّد عليه السّلام:اقرئي عليها إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فأقبلت أقرأ عليها،كما أمرني،فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ،و سلّم عليّ.

قالت حكيمة:ففزعت لمّا سمعت،فصاح بي أبو محمّد صلوات اللّه عليه:لا تعجبي من أمر اللّه،إنّ اللّه ينطقنا بالحكمة صغارا،و يجعلنا حججا في أرضه كبارا،فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس،فلم أرها،كأنّما ضرب بيني و بينها حجاب،فعدوت نحو أبي محمّد صلوات اللّه عليه و أنا صارخة،فقال لي:ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.

قالت:فرجعت،فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني و بينها،و إذا أنا بها و عليها من أثر النور ما غشي بصري،و إذا بالصبي ساجد بوجهه،جاث على ركبتيه،رافع سبّابتيه نحو السماء و هو يقول:

«أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،وحده لا شريك له،و أشهد أنّ جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنّ أبي أمير المؤمنين»ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه،ثمّ صلّى عليهم،ثمّ قال صلوات اللّه عليه:«اللهمّ أنجز لي ما وعدتني،و تمّم لي أمري،و ثبّت وطأتي،و املأ الأرض بي عدلا و قسطا»فصاح بي:يا عمّة تناوليه و هاتيه،فتناولته و أتيت به نحوه،فلمّا مثلته بين يدي أبيه،و هو على يدي،سلّم على أبيه،فتناوله منّي و الطير يرفرف على رأسه (1).

-إلى هنا الرواية من الثاقب في المناقب و التكملة من كمال الدّين:-

و ناوله لسانه فشرب منه،ثمّ قال:امض به إلى امّه لترضعه و ردّيه إليّ،قالت:فتناولته8.

ص: 266


1- -الثاقب في المناقب 201-203 ح 178.

امّه فأرضعته،فرددته إلى أبي محمّد عليه السّلام و الطير ترفرف على رأسه،فصاح بطير منها فقال له:احمله و احفظه و ردّه إلينا في كلّ أربعين يوما،فتناوله الطير و طار به في جوّ السماء و اتّبعه سائر الطير،فسمعت أبا محمّد عليه السّلام يقول:«أستودعك اللّه الّذي أودعته امّ موسى موسى»فبكت نرجس فقال لها:اسكني،فإنّ الرضاع محرّم عليه إلاّ من ثديك،و سيعاد إليك كما ردّ موسى إلى أمّه،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ (1).

قالت حكيمة:فقلت:و ما هذا الطير؟

قالت:هذا روح القدس الموكّل بالأئمّة عليهم السّلام،يوفّقهم و يسدّدهم و يربّيهم بالعلم.

قالت حكيمة:فلمّا كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام و وجّه إليّ ابن أخي عليه السّلام فدعاني، فدخلت عليه،فإذا أنا بالصبي متحرّك يمشي بين يديه،فقلت:يا سيدي هذا ابن سنتين؟ فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال:إنّ أولاد الأنبياء و الأوصياء إذا كانوا أئمّة ينشئون بخلاف ما ينشأ غيرهم،و إنّ الصبي منّا إذا كان أتى عليه شهر،كان كمن أتى عليه سنة،و انّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن امّه و يقرأ القرآن و يعبد ربّه عزّ و جلّ،و عند الرضاع تطيعه الملائكة و تنزل عليه صباحا و مساء.

قالت حكيمة:فلم أزل أرى ذلك الصبي في كلّ أربعين يوما،إلى أن رأيته رجلا قبل مضي أبي محمّد عليه السّلام،بأيّام قلائل فلم أعرفه،فقلت لابن أخي عليه السّلام:من هذا الّذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟فقال لي:هذا ابن نرجس و هذا خليفتي من بعدي،و عن قليل تفقدوني فاسمعي له و أطيعي.

قالت حكيمة:فمضى أبو محمّد عليه السّلام بعد ذلك بأيّام قلائل،و افترق الناس كما ترى، و و اللّه إنّي لأراه صباحا و مساء،و إنّه لينبّئني عمّا تسألون عنه فاخبركم،و و اللّه إنّي لاريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به،و انّه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه من ساعته من غير مسألتي و قد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ و أمرني أن أخبرك بالحقّ.قال محمّد بن عبد اللّه:فو اللّه لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطّلع عليها أحد إلاّ اللّه عزّ و جلّ،فعلمت أنّ3.

ص: 267


1- -القصص:13.

ذلك صدق و عدل من اللّه عزّ و جلّ،لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه.

أقول:و للحديث مقدّمة طويلة تركها صاحب المناقب (1).

500-و عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:ما خرج موسى حتّى خرج قبله خمسون كذّابا من بني إسرائيل كلّهم يدّعي أنّه موسى بن عمران.

فبلغ فرعون أنّهم يرجفون به و يطلبون هذا الغلام،و قال له كهنته و سحرته:إنّ هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام الّذي يولد العامّ من بني إسرائيل.فوضع القوابل على النساء و قال:لا يولد العامّ ولد إلاّ ذبح،و وضع على امّ موسى قابلة،فلمّا رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا:إذا ذبح الغلمان و استحيى النساء هلكنا فلم نبق،فتعالوا لا نقرب النساء، فقال عمران أبو موسى عليه السّلام:بل باشروهنّ،فإنّ أمر اللّه واقع و لو كره المشركون،اللهمّ من حرّمه فإنّي لا احرّمه،و من تركه فإنّي لا أتركه،و وقع على امّ موسى فحملت،فوضع على امّ موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت،و إذا قعدت قعدت،فلمّا حملته امّه وقعت عليها المحبّة و كذلك حجج اللّه على خلقه،فقالت لها القابلة:ما لك يا بنيّة تصفرّين و تذوبين؟ قالت:لا تلوميني فإنّي إذا ولدت اخذ ولدي فذبح،قالت:لا تحزني فإنّي سوف أكتم عليك،فلم تصدّقها،فلمّا أن ولدت التفتت إليها و هي مقبلة،فقالت:ما شاء اللّه،فقالت لها:

أ لم أقل إنّي سوف أكتم عليك.

ثمّ حملته فأدخلته المخدع و أصلحت أمره،ثمّ خرجت إلى الحرس فقالت:انصرفوا -و كانوا على الباب-فإنّما خرج دم منقطع،فانصرفوا،فأرضعته فلمّا خافت عليه الصوت،أوحى اللّه إليها أن اعملي التابوت،ثمّ اجعليه فيه،ثمّ أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر؛فوضعته في التابوت،ثمّ دفعته في اليمّ،فجعل يرجع إليها و جعلت تدفعه في الغمر،و إنّ الريح ضربته فانطلقت به،فلمّا رأته قد ذهب به الماء،همّت أن تصيح فربط على قلبها.

قال:و كانت المرأة الصالحة امرأة فرعون و هي من بني إسرائيل،قالت لفرعون:إنّها0.

ص: 268


1- -كمال الدّين 426/2-428 ح 2؛الغيبة للطوسي 140.

أيّام الربيع فأخرجني و اضرب لي قبّة على شطّ النيل حتّى أتنزّه هذه الأيّام،فضربت لها قبّة على شطّ النيل،إذ أقبل التابوت يريدها،فقالت:هل ترون ما أرى على الماء؟قالوا:

إي و اللّه يا سيّدتنا إنّا لنرى شيئا،فلمّا دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها،و كاد الماء يغمرها حتّى تصايحوا عليها،فجذبته و أخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس و أسترهم،فوقعت عليها منه محبّة،فوضعته في حجرها و قالت:

هذا ابني،فقالوا:إي و اللّه يا سيّدتنا،و اللّه ما لك ولد و لا للملك.فاتّخذي هذا ولدا.

فقامت إلى فرعون و قالت:إنّي أصبت غلاما طيّبا حلوا نتّخذه ولدا فيكون قرّة عين لي و لك فلا تقتله،قال:و من أين هذا الغلام؟قالت:و اللّه ما أدري إلاّ أنّ الماء جاء به،فلم تزل به حتّى رضي،فلمّا سمع الناس أنّ الملك قد تبنّى ابنا لم يبق أحد من رءوس من كان مع فرعون إلاّ بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه،فأبى أن يأخذ من امرأة منهنّ ثديا،قالت امرأة فرعون:اطلبوا لابني ظئرا و لا تحقّروا أحدا،فجعل لا يقبل من امرأة منهنّ.

فقالت امّ موسى لاخته قصّيه:انظري أ ترين له أثرا،فانطلقت حتّى أتت باب الملك، فقالت:قد بلغني أنّكم تطلبون ظئرا،و هاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم و تكفله لكم، فقالت:أدخلوها،فلمّا دخلت قالت لها امرأة فرعون:ممّن أنت؟قالت:من بني إسرائيل، قالت:اذهبي يا بنيّة فليس لنا فيك حاجة،فقلن لها النساء:انظري-عافاك اللّه-يقبل أو لا يقبل،فقالت امرأة فرعون:أ رأيتم لو قبل،هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل و المرأة من بني إسرائيل-يعني الظئر-فلا يرضى،قلن:فانظري يقبل أو لا يقبل، قالت امرأة فرعون:فاذهبي فادعيها،فجاءت إلى امّها و قالت:إنّ امرأة الملك تدعوك، فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها،ثمّ ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه،فلمّا رأت امرأة فرعون أنّ ابنها قد قبل،قامت إلى فرعون فقالت:إنّي قد أصبت لابني ظئرا و قد قبل منها،فقال:ممّن هي؟قالت:من بني إسرائيل،قال فرعون:هذا ممّا لا يكون أبدا،الغلام من بني إسرائيل و الظئر من بني إسرائيل،فلم تزل تكلّمه فيه و تقول:ما تخاف من هذا الغلام؟إنّما هو ابنك ينشأ في حجرك حتّى قلبته عن رأيه و رضي.

ص: 269

فنشأ موسى عليه السّلام في آل فرعون،و كتمت امّه خبره و اخته و القابلة،حتّى هلكت امّه و القابلة الّتي قبلته،فنشأ عليه السّلام لا يعلم به بنو إسرائيل...(الحديث،و في نهايته:)

ثمّ أرسله اللّه عزّ و جلّ إلى فرعون و ملائه بآيتين:بيده و العصا.فروي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لبعض أصحابه:كن لما ترجو أرجى منك لما ترجو،فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام خرج ليقتبس لأهله نارا،فرجع إليهم و هو رسول نبيّ،فأصلح اللّه تبارك و تعالى أمر عبده و نبيّه موسى عليه السّلام في ليلة،و هكذا يفعل اللّه تبارك و تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السّلام،يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه السّلام،و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و الظهور (1).

501-و روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سمعته يقول:في القائم عليه السّلام سنّة من موسى بن عمران عليه السّلام،فقلت:و ما سنّته من موسى بن عمران؟قال:خفاء مولده،و غيبته عن قومه،فقلت:و كم غاب موسى عن أهله و قومه؟ فقال:ثماني و عشرين سنة (2).

502-و روى بالإسناد عن محمّد بن الحنفية،عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:المهديّ منّا أهل البيت،يصلح اللّه له أمره في ليلة.و في رواية اخرى:يصلحه اللّه في ليلة (3).

503-و روى بالإسناد عن أبي بصير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء:سنّة من موسى،و سنّة من عيسى،و سنّة من يوسف،و سنّة من محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين،فأمّا من موسى فخائف يترقّب،و أمّا من يوسف فالسجن،و أمّا من عيسى فيقال له:إنّه مات و لم يمت،و أمّا من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فالسيف (4).

الآية الثانية قوله تعالى: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (5).

504-عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام،قال،قال: ما بَيْنَ0.

ص: 270


1- -كمال الدّين 147/1-152 ح 13.
2- -نفس المصدر 152/1 ح 14.
3- -نفس المصدر 153/1 ح 15.
4- -نفس المصدر 153/1 ح 16.
5- -طه:110.

أَيْدِيهِمْ ما مضى من أخبار الأنبياء وَ ما خَلْفَهُمْ من أخبار القائم عليه السّلام (1).

قوله تعالى: وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَ صَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (2).

505-عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام:و أمّا قوله: أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً يعني ما يحدث من أمر القائم عليه السّلام و السفيانيّ (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (4).

أخذ ميثاق الأنبياء على الإقرار بالمهديّ عليه السّلام

506-و عنه بإسناده عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ،قال:عهدنا إليه في محمّد و الأئمّة من بعده:فترك و لم يكن له عزم أنّهم هكذا،و إنّما سمّي أولو العزم أولي العزم،لأنّه عهد إليهم في محمّد و الأوصياء من بعده عليهم السّلام،و المهديّ و سيرته،و أجمع عزمهم على ذلك كذلك و الإقرار به (5).

507-الشيخ المفيد بإسناده عن حمران بن أعين،عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:أخذ اللّه الميثاق على النبيّين و قال:أ لست بربّكم؟قالوا:بلى؛و أنّ هذا محمّدا رسولي و أنّ عليّا أمير المؤمنين و الأوصياء من بعده عليهم السّلام ولاة أمري و خزّان علمي،و أنّ المهديّ عليه السّلام أنتصر به لديني و اظهر به دولتي و أنتقم به من أعدائي و اعبد به طوعا و كرها، قالوا:أقررنا ربّنا و شهدنا،و لم يجحد آدم و لم يقرّ،فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ عليه السّلام،و لم يكن لآدم عزيمة على الإقرار،و هو قول اللّه تبارك و تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (6).

508-روى الثقة الصفّار رحمه اللّه بسنده عن حمران،عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث له قال فيه:ثمّ أخذ الميثاق على النبيّين،فقال:أ لست بربّكم؟ثمّ قال:و أنّ هذا محمّد رسول اللّه،

ص: 271


1- -تفسير القمّي 62/2؛المحجة 134.
2- -طه:113.
3- -تفسير القمّي 65/2؛بحار الأنوار 46/51.
4- -طه:115.
5- -تفسير القمّي 65/2؛الكافي 416/1.
6- -تأويل الآيات الظاهرة 319/1-320 ح 18.

و أنّ هذا عليّ أمير المؤمنين؟قالوا:بلى؛فثبتت بهم النبوّة،و أخذ الميثاق على أولي العزم، ألا إنّي ربّكم،و محمّد رسولي،و عليّ أمير المؤمنين و أوصياؤه من بعده ولاة أمري و خزّان علمي،و أنّ المهديّ أنتصر به لديني و اظهر به دولتي،و أنتقم به من أعدائي،و اعبد به طوعا و كرها.

قالوا:أقررنا و شهدنا يا ربّ؛و لم يجحد آدم و لم يقرّ،فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ،و لم يكن لآدم عزم على الإقرار به؛و هو قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قال:إنّما يعني فترك،ثمّ أمر نارا فاجّجت،فقال لأصحاب الشمال:ادخلوها،فها بوها.و قال لأصحاب اليمين:ادخلوها،فدخلوها فكانت عليهم بردا و سلاما،فقال أصحاب الشمال:يا ربّ أقلنا،فقال:قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها، فهابوها،فثمّ ثبتت الطاعة و المعصية و الولاية (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى (2).

509-روى المحدّث الثقة الصفّار؛عن أحمد بن محمّد السياريّ،عن عليّ بن عبد اللّه، قال:سأله رجل عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى قال عليه السّلام:من قال بالأئمّة و اتّبع أمرهم و لم يجز طاعتهم (3).

قوله سبحانه: وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (4).

خزي النّصّاب في الرجعة

510-روى عليّ بن إبراهيم القمّي؛بسنده عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال:هي و اللّه للنصّاب،قال:جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا.قال:ذلك-و اللّه-في الرجعة يأكلون العذرة (5).

ص: 272


1- -بصائر الدرجات 70 ب 7 ح 2؛و 71 ب 7 ح 3.
2- -طه:123.
3- -بصائر الدرجات 14 ح 2؛الكافي 414/1 ح 10؛تأويل الآيات الظاهرة 321/1 ح 20.
4- -طه:124.
5- -تفسير القمّي 65/2.

الآية السادسة قوله تعالى: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى (1).

511-محمّد بن العبّاس بن الماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السّلام،قال:

بإسناده عن عيسى بن داود النجّار،عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام،قال:سألت أبي عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى قال:الصراط السويّ هو القائم عليه السّلام،و الهدى من اهتدى إلى طاعته،و مثلها في كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:إلى ولايتنا (2).4.

ص: 273


1- -طه:135.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 323/1 ح 26؛بحار الأنوار 150/24.

سورة الأنبياء

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ* فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ* قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ* فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (1).

512-محمّد بن يعقوب،عن عليّ بن إبراهيم،بإسناده عن بدر بن خليل الأسدي، قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في قول اللّه عزّ و جلّ:

فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قال:إذا قام القائم عليه السّلام و بعث إلى بني اميّة بالشام،هربوا إلى الروم،فيقول لهم الروم لا ندخلنّكم حتّى تنتصروا،فيعلّقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم،فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم عليه السّلام،طلبوا الأمان و الصلح،فيقول أصحاب القائم:لا نفعل حتّى تدفعوا إلينا من قبلكم منّا،قال:فيدفعونهم إليهم،فذلك قوله:

لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قال:يسألونهم الكنوز و هم أعلم بها،قال:فيقولون:

ص: 274


1- -الأنبياء:11-15.

يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ* فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بالسيف (1).

513-محمّد بن العبّاس،قال:بإسناده عن جابر،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ قال:ذلك عند قيام القائم عليه السّلام (2).

514-عنه،بإسناده عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا قال:خروج القائم عليه السّلام، إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ قال:الكنوز الّتي كانوا يكنزون، قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ* فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً (بالسيف) خامِدِينَ لا يبقى منهم عين تطرف (3).

515-العيّاشي،بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام في حديث يذكر فيه خروج القائم عليه السّلام قال فيه:لكأنّي انظر إليهم-يعني القائم عليه السّلام و أصحابه- مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا،كأنّ في قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه،و ميكائيل عن يساره،يسير الرعب أمامه شهرا و خلفه شهرا،أمدّه اللّه بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين.

حتّى إذا صعد النجف قال لأصحابه:تعبّدوا ليلتكم هذه،فيبيتون بين راكع و ساجد يتضرّعون إلى اللّه،حتّى إذا أصبح قال:خذوا بنا طريق النّخيلة،و على الكوفة خندق مخندق(جند مجنّد).قلت:خندق مخندق(جند مجنّد)؟قال:اي و اللّه،حتّى ينتهي إلى مسجد إبراهيم عليه السّلام بالنخيلة فيصلّي ركعتين،فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها و غيرهم من جيش السفياني،فيقول لأصحابه:استطردوا لهم،ثمّ يقول:كرّوا عليهم.

قال أبو جعفر عليه السّلام:و لا يجوز-و اللّه-الخندق منهم مخبر،ثمّ يدخل الكوفة و لا يبقى مؤمن إلاّ كان فيها أو حنّ إليها،و هو قول أمير المؤمنين عليه السّلام،ثمّ يقول لأصحابه:سيروا إلى هذا الطاغية،فيدعوه إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه عليه الصلاة و السلام،فيعطيه السفياني من البيعة مسلما،فيقول له كلب و هم أخواله:ما هذا ما صنعت؟و اللّه ما نبايعك على هذا أبدا،9.

ص: 275


1- -روضة الكافي 51؛تفسير القمّي 68/2.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 326/1 ح 6؛المحجة 139.
3- -نفس المصدر 326/1 ح 7؛المحجة 139.

فيقول:ما أصنع؟فيقولون:استقبله،فيستقبله،ثمّ يقول له القائم عليه السّلام:خذ حذرك فإنّني أدّيت إليك و أنا مقاتلك،فيصبح فيقاتلهم،فيمنحه اللّه أكتافهم،و يأتي السفيانيّ أسيرا فينطلق به و يذبحه بيده.

ثمّ يرسل جريدة خيل إلى الروم،فيستحذرون بقيّة بني اميّة،فإذا انتهوا إلى الروم قالوا:أخرجوا إلينا أهل ملّتنا عندكم،فيأبون و يقولون:و اللّه لا نفعل،فتقول الجريدة:و اللّه لو أمرنا لقاتلناكم،ثمّ ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه،فيقول:انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم فإنّ هؤلاء قد أتوا بسلطان عظيم،و هو قول اللّه: فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قال:يعني الكنوز الّتي كنتم تكنزون قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ* فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ لا يبقى منهم مخبر (1).

516-عليّ بن إبراهيم:روى بإسناده عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ:

فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا يعني بني أميّة إذا أحسّوا بالقائم من آل محمّد عليهم السّلام إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ يعني الكنوز الّتي كنزوها.

قال عليه السّلام:فيدخل بنو أميّة إلى الروم إذا طلبهم القائم عليه السّلام،ثمّ يخرجهم من الروم و يطالبهم بالكنوز الّتي كنزوها.

517-روي عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال: فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ يعني القائم يسأل بني فلان كنوز بني اميّة (2).

518-روى الصفّار رحمه اللّه،قال:و وقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام و عليه خطّ السيّد رضي اللّه عليّ بن طاوس،و قد روى فيه بسنده عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد عليه السّلام،و فيه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون،ثمّ ذكر الخطبة بطولها جاء فيها:قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته:ثمّ يخرج عن الكوفة0.

ص: 276


1- -تفسير العيّاشي 56/2 ح 49.
2- -دلائل الإمامة 250.

مائة ألف مشرك و منافق حتّى يضربوا دمشق لا يصدّهم عنها صادّ،و هي إرم ذات العماد، و تقبل رايات شرق الأرض ليست بقطن و لا كتّان و لا حرير،مختّمة في رءوس القنا بخاتم السيّد الأكبر،يسوقها رجل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر،يسير الرعب أمامها شهرا.

إلى أن قال:و يخلف من بني الأشهب الزاجر اللحظ في اناس من غير أبيه هرّابا حتّى يأتوا سبطرى عوذا بالشجر،فيومئذ تأويل هذه الآية: فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ و مساكنهم الكنوز الّتي غلبوا عليها من أموال المسلمين (1).

الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (2).

519-روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن طريق العامّة عن عبد الرحمن بن سليط، قال:قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:منّا اثنا عشر مهديّا،أوّلهم أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب،و آخرهم التاسع من ولدي،و هو الإمام القائم بالحقّ،يحيي اللّه به الأرض بعد موتها،و يظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون،له غيبة يرتدّ فيها أقوام و يثبت فيها على الدّين آخرون،فيؤذون و يقال لهم: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى و التكذيب،بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

الآية الثالثة قوله عزّ و جلّ: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ . (4).

روى محمّد بن العباس بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا قال أبو جعفر عليه السّلام:يعني الأئمّة من ولد فاطمة عليها السّلام يوحى إليهم بالروح في صدورهم (5).4.

ص: 277


1- -مختصر بصائر الدرجات 195-200؛بحار الأنوار 83/53.
2- -الأنبياء:38.
3- -كمال الدّين 317/1 ح 3؛بحار الأنوار 133/51.
4- -الأنبياء:73.
5- -تأويل الآيات 328/1 ح 12؛بحار الأنوار 158/24.

520-روى الخزّاز بالإسناد عن زيد بن عليّ عليه السّلام،قال:كنت عند أبي عليّ بن الحسين عليه السّلام إذ دخل عليه جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،فبينما هو يحدّثه إذ خرج أخي محمّد من بعض الحجر،فأشخص جابر ببصره نحوه،ثمّ قام إليه فقال:يا غلام أقبل،فأقبل.

ثمّ قال:أدبر فأدبر،فقال:شمائل كشمائل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ما اسمك يا غلام؟قال:محمّد، قال:ابن من؟قال:ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب،قال:أنت-إذا-الباقر،قال:

فانكبّ عليه و قبّل رأسه و يديه ثمّ قال:يا محمّد،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرئك السلام،قال:

على رسول اللّه أفضل السلام و عليك يا جابر بما أبلغت السلام.ثمّ عاد إلى مصلاّه،فأقبل يحدّث أبي و يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لي يوما:

يا جابر إذا أدركت ولدي الباقر فاقرأه منّي السلام،فانّه سميّي و أشبه الناس بي،علمه علمي و حكمه حكمي،سبعة من ولده امناء معصومون أئمّة أبرار،و السابع مهديّهم الّذي يملأ الدنيا قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ (1).

521-ابن إدريس رحمه اللّه،بإسناده عن صفوان بن مهران،عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام، أنّه قال:من أقرّ بجميع الأئمّة عليهم السّلام و جحد المهديّ،كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء و جحد محمّدا صلّى اللّه عليه و آله نبوّته.فقيل له:يا ابن رسول اللّه،فمن المهديّ؟من ولدك؟قال:الخامس من ولد السابع،يغيب عنكم شخصه و لا يحلّ لكم تسميته (2).

522-روى قاضي القضاة،عن كافي الكفاة إسماعيل بن عبّاد رحمه اللّه بإسناد متّصل بعلي عليه السّلام،أنّه ذكر المهديّ و قال:إنّه من ولد الحسين عليه السّلام؛و ذكر حليته فقال:رجل أجلى الجبين،أقنى الأنف،ضخم البطن،أزيل الفخذين،أفلج الثنايا،بفخذه اليمنى شامة.و ذكر هذا الحديث بعينه عبد اللّه بن قتيبة في كتاب«غريب الحديث»انتهى.

أقول:في ديوان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه المنسوب إليه:

بنيّ إذا ما جاشت التّرك فانتظر ولاية مهديّ يقوم فيعدل1.

ص: 278


1- -كفاية الأثر 297؛بحار الأنوار 360/36.
2- -بحار الأنوار 143/51.

و ذلّ ملوك الأرض من آل هاشم و بويع منهم من يلذّ و يهزل

صبيّ من الصبيان لا رأي عنده و لا عنده جدّ و لا هو يعقل

فثمّ يقوم القائم الحقّ منكم و بالحقّ يأتيكم و بالحقّ يعمل

سميّ نبيّ اللّه نفسي فداؤه فلا تخذلوه يا بنيّ و عجّلوا (1)

523-و روى الكلينيّ بالإسناد عن ابن نباتة،قال:أتيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،فوجدته مفكّرا ينكت في الأرض،فقلت:يا أمير المؤمنين ما لي أراك مفكّرا تنكت في الأرض،أ رغبة فيها؟قال:لا و اللّه ما رغبت فيها و لا في الدنيا يوما قطّ، و لكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري،الحادي عشر من ولدي،هو المهديّ يملأها عدلا كما ملئت ظلما و جورا،تكون له حيرة و غيبة يضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون.

فقلت:يا أمير المؤمنين و إنّ هذا لكائن؟

فقال:نعم،كما إنّه مخلوق،و أنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ،أولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة.

قلت:و ما يكون بعد ذلك؟

قال:ثمّ يفعل اللّه ما يشاء،فإنّ له إرادات و غايات و نهايات (2).

524-و بالإسناد عن سليمان بن هلال،قال:حدّثنا جعفر بن محمّد،عن أبيه،عن جدّه،عن الحسين بن عليّ:قال:جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له:يا أمير المؤمنين نبّئنا بمهديّكم هذا؟

فقال:إذا درج الدارجون،و قلّ المؤمنون،و ذهب المجلبون،فهناك.فقال:يا أمير المؤمنين عليك السلام،فمن الرجل؟فقال:من بني هاشم،من ذروة طود العرب و بحر مغيضها إذا وردت،و مجفوّ أهلها إذا أتت،و معدن صفوتها إذا اكتدرت،لا يجبن إذا المنايا هلعت،و لا يحور إذا المؤمنون اكتنفت،و لا ينكل إذا الكماة اصطرعت،مشمّر مغلولب ظفر ضرغامة حصد مخدش ذكر،سيف من سيوف اللّه،رأس قثم نشق رأسه في باذخ2.

ص: 279


1- -بحار الأنوار 131/51.
2- -الكافي 338/1؛بحار الأنوار 118/52.

السؤدد،و غارز مجده في أكرم المحتد،فلا يصرفنّك عن تبعته صارف عارض،ينوص إلى الفتنة كلّ مناص،إن قال فشرّ قائل،و إن سكت فذو دعائر.

ثمّ رجع إلى صفة المهديّ عليه السّلام،فقال:أوسعكم كهفا،و أكثركم علما و أوصلكم رحما، اللهمّ فاجعل بيعته خروجا من الغمّة،و اجمع به شمل الامّة،فإن خار اللّه لك فاعزم،و لا تنثن عنه إن وفّقت له،و لا تجيزن عنه إن هديت إليه،هاه-و أومأ بيده إلى صدره-شوقا إلى رؤيته (1).

525-ابن إدريس،بإسناده عن الفضل،قال:قال الصادق عليه السّلام:إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام،فهي أرواحنا،فقيل له:يا ابن رسول اللّه و من الأربعة عشر؟فقال:محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة من ولد الحسين عليهم السّلام،آخرهم القائم الّذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجّال و يطهّر الأرض من كلّ جور و ظلم (2).

526-و بالإسناد عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:منّا اثنا عشر مهديّا،مضى ستة و بقي ستّة،يضع اللّه في السادس ما أحبّ (3).

527-و عن ابن أبي يعفور،قال:قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام:من أقرّ بالأئمّة من آبائي و ولدي و جحد المهديّ من ولدي،كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء عليهم السّلام و جحد محمّدا صلّى اللّه عليه و آله نبوّته،فقلت:سيّدي،و من المهديّ من ولدك؟قال:الخامس من ولد السابع،يغيب عنكم شخصه و لا يحلّ لكم تسميته (4).

528-و عن صفوان الجمّال،قال:قال الصادق عليه السّلام:أما و اللّه ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل منكم:ما للّه في آل محمّد حاجة،ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما (5).

529-عن السيّد بن محمّد الحميري في حديث طويل يقول فيه:قلت للصادق جعفر1.

ص: 280


1- -بحار الأنوار 115/51.
2- -نفس المصدر 145/51.
3- -نفس المصدر.
4- -نفس المصدر.
5- -بحار الأنوار 145/51.

بن محمّد عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه،قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السّلام في الغيبة و صحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟فقال عليه السّلام:ستقع بالسادس من ولدي،و الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و آخرهم القائم بالحقّ،بقيّة اللّه في أرضه،صاحب الزمان و خليفة الرحمن،و اللّه لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه،لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (1).

530-روى النعمانيّ بإسناده عن عبد خير،قال:سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه يقول:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يا عليّ،الأئمّة الراشدون المهتدون المعصومون من ولدك أحد عشر إماما،و أنت أوّلهم،و آخرهم اسمه اسمي،يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما،يأتيه الرجل و المال كدس،فيقول:يا مهديّ أعطني، فيقول:خذ» (2).

531-روى الصدوق؛بإسناده عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي،عن الصادق جعفر بن محمّد،عن أبيه محمّد بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ،عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أخبرني بعدد الأئمّة بعدك.فقال:يا عليّ هم اثنا عشر،أوّلهم أنت و آخرهم القائم (3).

532-روى محمّد بن سنان الزهريّ،عن سيّدنا أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد،عن أبيه، عن جدّه،عن أبيه الحسين،عن عمّه الحسن،عن أمير المؤمنين عليهم السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي،محمّد و عليّ و الحسن،فرابعها هو القائم المأمول المنتظر» (4).

533-روى الصدوق؛بإسناده عن ثابت بن دينار،عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن سيّد الشهداء الحسين بن عليّ،عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمّة بعدي اثنا عشر:أوّلهم أنت يا عليّ،و آخرهم6.

ص: 281


1- -نفس المصدر.
2- -الغيبة للنعمانيّ 92 ح 23؛بحار الأنوار 259/36.
3- -أمالي الصدوق 502 المجلس 91.
4- -دلائل الإمامة 336.

القائم الّذي يفتح اللّه عزّ و جلّ على يديه مشارق الأرض و مغاربها» (1).

534-روى الخزّاز في«كفاية الأثر»بسنده عن الأصبغ،قال:سمعت الحسن بن عليّ عليهما السّلام يقول:«الأئمّة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اثنا عشر،تسعة من صلب أخي الحسين، و منهم مهديّ هذه الامّة» (2).

535-و روي عن سعد بن عبد اللّه،بسنده عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في خطبة له،قال:

اللهمّ لا بدّ لأرضك من حجّة على خلقك،يهديهم إلى دينك،و يعلّمهم علمك،لئلاّ تبطل حجّتك،و لا يضلّ أتباع أوليائك،بعد إذ هديتهم،ظاهرا و ليس بالمطاع،أو مكتّما مترقّبا إن غاب عن الناس شخصه في حال هدنة،لم يغب عنهم،مثبوت علمه فآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة فهم به عاملون (3).

536-روى الثقة الصفّار رحمه اللّه بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:و اللّه ما ترك الأرض منذ قبض اللّه آدم إلاّ و فيها إمام يهتدى به إلى اللّه،و هو حجّة اللّه على عباده، و لا تبقى الأرض بغير إمام حجّة اللّه على عباده (4).

537-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن أبي بصير،عن أحمد بن عمر،قال:

قال أبو جعفر عليه السّلام و أتاه رجل فقال له:انّكم أهل بيت رحمة اختصّكم اللّه تبارك و تعالى بها،فقال له:كذلك نحن و الحمد للّه،لا ندخل أحدا في ضلالة،و لا نخرجه من هدى،إنّ الدنيا لا تذهب حتّى يبعث اللّه عزّ و جلّ رجلا منّا أهل البيت يعمل بكتاب اللّه،لا يرى فيكم منكرا إلاّ أنكره (5).

538-روى الشيخ الصدوق بسنده عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد العلويّ،قال:حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين،قال:كان يقول صلوات اللّه عليه:2.

ص: 282


1- -كمال الدّين 282/1 ح 35؛بحار الأنوار 226/36.
2- -كفاية الأثر 223؛بحار الأنوار 283/36.
3- -إثبات الوصيّة 225.
4- -بصائر الدرجات 485 ح 4؛بحار الأنوار 22/23.
5- -الكافي 396/8 ح 597؛بحار الأنوار 378/52.

ادعوا لي ابني الباقر،و قلت لابني الباقر،يا بني الباقر-يعني محمّدا-فقلت له:يا أبة و لم سمّيته الباقر؟قال:فتبسّم و ما رأيته يتبسّم قبل ذلك،ثمّ سجد للّه تعالى طويلا، فسمعته يقول في سجوده:اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمت به علينا أهل البيت،يعيد ذلك مرارا.

ثمّ قال:يا بني،إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا عليه السّلام فيملؤها قسطا و عدلا،و انّه الإمام أبو الأئمّة،معدن الحلم و موضع العلم يبقره بقرا،و اللّه لهو أشبه الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قلت:فكم الأئمّة بعده؟

قال:سبعة،و منهم المهديّ الّذي يقوم بالدين في آخر الزمان (1).

539-روى الشيخ الصدوق عن صالح بن عقبة،عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام،قال:أتى يهوديّ أمير المؤمنين عليه السّلام و سأله عن مسائل،فكان فيما سأله:أخبرني كم لهذه الامّة من إمام هدى لا يضرّهم من خذلهم؟قال:اثنا عشر إماما،قال:صدقت و اللّه،انّه لبخطّ هارون و إملاء موسى..الخبر (2).

540-روى الخزّاز،بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ،عن الصادق عليه السّلام،قال:

الأئمّة اثنا عشر،قلت:يا ابن رسول اللّه،فسمّهم لي.

قال عليه السّلام:من الماضين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ ثمّ أنا.

قلت:فمن بعدك يا ابن رسول اللّه؟

فقال:إنّي أوصيت إلى ولدي موسى و هو الإمام بعدي.

قلت:فمن بعد موسى؟

قال:عليّ ابنه يدعى الرضا،يدفن في أرض الغربة من خراسان،ثمّ بعد عليّ ابنه محمّد،و بعد محمّد عليّ ابنه،و بعد عليّ الحسن ابنه،و المهديّ من ولد الحسن عليه السّلام.

ثمّ قال:حدّثني أبي،عن أبيه،عن جدّه،عن عليّ عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:6.

ص: 283


1- -كفاية الأثر 337؛الإنصاف 254 ح 237.
2- -كمال الدّين 300/1 و 301 ح 8؛بحار الأنوار 374/36.

يا عليّ،إنّ قائمنا إذا خرج يجتمع إليه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا عدد رجال بدر، فإذا حان وقت خروجه يكون له سيف مغمود،ناداه السيف:قم يا وليّ اللّه فاقتل أعداء اللّه (1).

هل يمكن للأمّة اختيار الإمام المعصوم

541-روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن عبد العزيز بن مسلم،قال:كنّا في أيّام عليّ ابن موسى الرضا عليه السّلام بمرو،فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة من بدء مقدمنا،فأداروا أمر الإمام و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها،فدخلت على سيّدي عليه السّلام فأعلمته خوضان الناس،فتبسم عليه السّلام ثمّ قال:يا عبد العزيز بن مسلم،جهل القوم و خدعوا عن أديانهم،إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يقبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أكمل له الدّين و أنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلّ شيء، بيّن فيه الحلال و الحرام،و الحدود و الأحكام،و جميع ما يحتاج اليه الناس كملا، فقال عزّ و جلّ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (2)،و أنزل في حجّة الوداع و هي آخر عمره صلّى اللّه عليه و آله: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (3)، فأمر الإمامة من تمام الدّين،و لم يمض عليه السّلام حتى بيّن لامّته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم،و تركهم على قصد الحق،و أقام لهم عليّا عليه السّلام علما و إماما،و ما ترك شيئا تحتاج اليه الأمّة إلاّ بيّنه،فمن زعم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يكمل دينه،فقد ردّ كتاب اللّه العزيز،و من ردّ كتاب اللّه عزّ و جلّ فهو كافر،هل تعرفون قدر الإمامة و محلّها من الامّة فيجوز فيها اختيارهم؟!

إنّ الإمامة أجلّ قدرا،و أعظم شأنا،و أعلى مكانا،و أمنع جانبا،و أبعد غورا،من أن يبلغها الناس بعقولهم،أو ينالوها بآرائهم،أو يقيموا إماما باختيارهم،إنّ الإمامة خصّ اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيم الخليل عليه السّلام بعد النبوّة و الخلّة مرتبة ثالثة،و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره،فقال عزّ و جلّ: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً (4)فقال الخليل عليه السّلام سرورا بها وَ مِنْ

ص: 284


1- -كفاية الأثر 36؛بحار الأنوار 409/36.
2- -الأنعام:38.
3- -المائدة:5.
4- -البقرة 124.

ذُرِّيَّتِي ؟قال اللّه تبارك و تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ،فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة،و صارت في الصفوة،ثمّ أكرمها اللّه عزّ و جلّ بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة و الطهارة،فقال عزّ و جلّ وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ * وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ (1).

فلم يزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا،حتّى ورثها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (2)،فكانت له خاصّة،فقلّدها صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام بأمر اللّه عزّ و جل على رسم ما فرضها اللّه عزّ و جلّ،فصارت في ذرّيته الأصفياء الّذين آتاهم اللّه العلم و الإيمان لقوله عزّ و جلّ وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (3)فهي في ولد عليّ عليه السّلام خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبيّ بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟

إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الاوصياء.

إنّ الإمامة خلافة اللّه تعالى و خلافة الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و مقام أمير المؤمنين،و ميراث الحسن و الحسين عليهم السّلام.

إنّ الإمامة زمام الدّين،و نظام المسلمين،و صلاح الدنيا،و عزّ المؤمنين.

إنّ الإمامة أسّ الإسلام النامي،و فرعه السامي،بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحجّ و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات،و إمضاء الحدود و الأحكام،و منع الثغور و الأطراف.

الإمام:يحلّ حلال اللّه،و يحرّم حرام اللّه،و يقيم حدود اللّه،و يذبّ عن دين اللّه، و يدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجّة البالغة.

الإمام:كالشمس الطالعة للعالم و هي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار.6.

ص: 285


1- -الأنبياء:73 و 74.
2- -آل عمران:68.
3- -الروم:56.

الإمام:البدر المنير،و السراج الزاهر،و النور الساطع،و النجم الهادي في غياهب الدجى،و البلد القفار،و لجج البحار.

الإمام:الماء العذب على الظماء،و الدالّ على الهدى،و المنجي من الرّدى.

الإمام:النار على اليفاع،الحارّ لمن اصطلى به،و الدليل في المهالك،من فارقه فهالك.

الإمام:السحاب الماطر،و الغيث الهاطل،و الشمس المضيئة و السماء الظليلة، و الأرض البسيطة،و العين الغزيرة،و الغدير و الروضة.

الإمام:الأمين الرفيق،و الوالد الشقيق،و الأخ الشفيق،و مفزع العباد في الداهية.

الإمام:أمين اللّه عزّ و جلّ في خلقه،و حجّته على عباده،و خليفته في بلاده،و الداعي إلى اللّه عزّ و جلّ،و الذابّ عن حرم اللّه عزّ و جلّ.

الإمام:هو المطهّر من الذنوب،المبرّأ من العيوب،مخصوص بالعلم،موسوم بالحلم، نظام الدّين،و عزّ المسلمين،و غيظ المنافقين،و بوار الكافرين.

الإمام:واحد دهره،لا يدانيه أحد،و لا يعادله عالم،و لا يوجد منه بدل،و لا له مثل و لا نظير،مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه و لا اكتساب،بل اختصاص من المفضّل الوهّاب،فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟!

هيهات هيهات،ضلّت العقول،و تاهت الحلوم،و حارت الألباب،و حسرت العيون، و تصاغرت العظماء،و تحيّرت الحكماء،و حصرت الخطباء،و تقاصرت الحلماء،و جهلت الألبّاء،و كلّت الشعراء،و عجزت الأدباء،و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه،أو فضيلة من فضائله،فأقرّت بالعجز و التقصير،و كيف يوصف،أو ينعت بكنهه،أو يفهم شيء من أمره،أو يقوم أحد مقامه،أو يغني غناه،لا و كيف و أنّى و هو بحيث النجم من أيدي المتناولين،و وصف الواصفين.

فأين الاختيار من هذا؟و أين العقول عن هذا؟و أين يوجد مثل هذا؟

ظنّوا أنّ ذلك يوجد في غير آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله،كذّبتهم و اللّه أنفسهم و منّتهم الباطل، فارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزلّ عنه الى الحضيض أقدامهم،و راموا إقامة الإمام بعقول حائرة ناقصة و آراء مضلّة،فلم يزدادوا منه إلاّ بعدا،قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون.

ص: 286

لقد راموا صعبا،و قالوا إفكا،و ضلّوا ضلالا بعيدا،و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة،و زيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل و كانوا مستبصرين،رغبوا عن اختيار اللّه و اختيار رسوله الى اختيارهم،و القرآن يناديهم: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللّهِ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (1).و قال عزّ و جلّ: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (2).و قال عزّ و جلّ: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ* أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ* إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ* أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ* سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ* أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (3).و قال عزّ و جلّ: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (4)أم طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (5).أم قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ* إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ* وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ (6).أم قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا (7)بل هو بفضل اللّه يؤتيه من يشاء،و اللّه ذو الفضل العظيم.

فكيف لهم باختيار الإمام،و الإمام عالم لا يجهل،و راع لا ينكل،معدن القدس و الطهارة.و النسك و الزهادة،و العلم و العبادة،مخصوص بدعوة الرّسول،و هو نسل المطهّرة البتول،لا مغمز فيه في نسب،و لا يدانيه دنس،له المنزلة الأعلى لا يبلغها ذو حسب،في البيت من قريش،و الذروة من هاشم،و العترة من آل الرّسول،و الرّضى من اللّه عزّ و جلّ،شرف الأشراف،و الفرع من آل عبد مناف،نامي العلم،كامل الحلم،مضطلع بالإمامة،عالم بالسياسة،مفروض الطاعة،قائم بأمر اللّه،ناصح لعباد اللّه،حافظ لدين اللّه عزّ و جلّ.

إنّ الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام يوفّقهم اللّه و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمته ما لا يؤتيه غيرهم،فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله عزّ و جلّ: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ3.

ص: 287


1- -القصص:68.
2- -الأحزاب:36.
3- -القلم:37-42.
4- -محمّد:24.
5- -التوبة:93.
6- -الأنفال:21-23.
7- -البقرة:93.

أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 1 .و قوله عزّ و جلّ: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ (1).

و قوله عزّ و جلّ في طالوت: إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (2).

و قال لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله: وَ كانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (3).

و قال عزّ و جلّ في الأئمّة من أهل بيته و عترته و ذرّيته صلوات اللّه عليهم أجمعين أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً* فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (4).

إنّ العبد إذا اختاره اللّه تعالى لأمور عباده يشرح لذلك صدره،و أودع قلبه ينابيع الحكمة،و ألهمه العلم إلهاما،فلم يعي بعده بجواب،و لا يحير فيه عن الصواب،فهو معصوم مؤيد،موفّق،مسدّد،قد أمن الخطأ و الزلل و العثار،يخصّه اللّه تعالى بذلك ليكون حجّته البالغة على عباده،و شاهده على خلقه، ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (5).

فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه؟أو يكون خيارهم بهذه الصفة فيقدّموه؟

تعدّوا و بيت اللّه الحقّ،و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون،و في كتاب اللّه الهدى و الشفاء فنبذوه و اتّبعوا أهواءهم،فذمّهم اللّه و مقتهم و أتعسهم.فقال عزّ و جلّ:

وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ 7 .

و قال عزّ و جلّ: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (6).

و قال: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ (7).

الآية الرابعة قوله تعالى: فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ5.

ص: 288


1- -البقرة:269.
2- -البقرة:247.
3- -النساء:113.
4- -النساء:53 و 54.
5- -الحديد:21؛الجمعة:4.
6- -محمّد:8.
7- -غافر:35.

رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ ذِكْرى لِلْعابِدِينَ 1 .

في المهديّ عليه السّلام سنّة من أيّوب عليه السّلام

542-روى مسعدة بن صدقة،قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:

خطب الناس أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:«أنا سيّد الشيب و فيّ سنّة من أيّوب،و سيجمع اللّه لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله،و ذلك إذا استدار الفلك،و قلتم ضلّ أو هلك،ألا فاستشعروا قبلها بالصبر،و بوءوا إلى اللّه بالذنب،فقد نبذتم قدسكم،و أطفأتم مصابيحكم،و قلّدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه و لا لكم سمعا و لا بصرا،ضعف-و اللّه-الطالب و المطلوب،هذا،و لو لم تتواكلوا أمركم،و لم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ بينكم،و لم تهنوا عن توهين الباطل،لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم،و لم يقو من قوي عليكم،و على هضم الطاعة و إذوائها عن أهلها فيكم،تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى،و بحقّ أقول:ليضعفنّ عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو إسرائيل،فلو قد استكملتم نهلا،و امتلأتم عللا عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن،لقد اجتمعتم على ناعق ضلال،و لأجبتم الباطل ركضا،ثمّ لغادرتم داعي الحقّ،و قطعتم الأدنى من أهل بدر،و وصلتم الأبعد من أبناء الحرب،ألا و لو ذاب ما في أيديهم،لقد دنى التمحيص للجزاء و كشف الغطاء،و انقضت المدّة،و أزف الوعد،و بدا لكم النجم من قبل المشرق،و أشرق لكم قمركم كملء شهره و كليلة تمّ،فإذا استبان ذلك فراجعوا التوبة و خالعوا الحوبة،و أعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق،سلك بكم منهاج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فتداريتم من الصمم،و استشفيتم من البكم،و كفيتم مئونة التعسّف و الطلب، و نبذتم الثقل الفادح عن الأعناق،فلا يبعد اللّه إلاّ من أبى الرحمة و فارق العصمة،و سيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون (1).

الآية الخامسة قوله عزّ و جلّ: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (2).

ص: 289


1- -بحار الأنوار 111/51.
2- -الأنبياء:95.

إثبات الرجعة في عهد المهديّ عليه السّلام

543-روى النعمانيّ رحمه اللّه بالإسناد عن إسماعيل بن جابر،قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر ابن محمّد الصادق عليه السّلام(في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو 128 صفحة روى فيه الإمام الصادق عليه السّلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليه السّلام عن آيات القرآن و أحكامه،جاء فيه)قال أمير المؤمنين عليه السّلام:و أمّا الردّ على من أنكر الرجعة،فقول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ أي إلى الدنيا،و أمّا معنى حشر الآخرة،فقوله عزّ و جلّ: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً و قوله سبحانه:

وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ في الرجعة،فأمّا في القيامة فإنّهم يرجعون.

و مثله ما خاطب اللّه به الأئمّة،و وعدهم من النصر و الانتقام من أعدائهم،فقال سبحانه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (1)و هذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

و مثل قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (2)و قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (3)أي رجعة الدنيا.

و مثله قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (4)و قوله عزّ و جلّ: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (5)فردّهم اللّه بعد الموت إلى الدنيا (6).

الآية السادسة قوله تعالى: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (7).

ص: 290


1- -النور:55.
2- -القصص:5.
3- -القصص:85.
4- -البقرة:243.
5- -الأعراف:155.
6- -تفسير النعمانيّ(المحكم و المتشابه)3،و المتن في ص 112.
7- -الأنبياء:105.

المهديّ عليه السّلام و أصحابه يرثون الأرض

544-عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام في معنى الآية،قال،قال:

الكتب كلّها ذكر اللّه، أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ قال:القائم عليه السّلام و أصحابه (1).

545-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسين بن محمّد بن عبد اللّه بن الحسن، عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قوله عزّ و جلّ: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ هم أصحاب المهديّ عليه السّلام آخر الزمان (2).

546-روى عليّ بن إبراهيم القمّي؛في قوله: وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ -إلى قوله: اَلْمُبِينُ قال:

أعطى داود و سليمان ما لم يعط أحدا من أنبياء اللّه من الآيات،علّمهما منطق الطير،و ألان لهما الحديد و الصفر من غير نار،و جعلت الجبال يسبّحن مع داود،و أنزل اللّه عليه الزبور فيه توحيد و تمجيد و دعاء و أخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أمير المؤمنين عليه السّلام،و الأئمّة عليهم السّلام،من ذرّيتهما عليهما السّلام،و أخبار الرجعة،و القائم عليه السّلام لقوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (3).

ص: 291


1- -تفسير القمّي 77/2؛بحار الأنوار 47/51.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 332/1 ح 22.
3- -تفسير القمّي 126/2؛تفسير نور الثقلين 464/3 ح 190.

سورة الحجّ

اشارة

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (1).

547-و بالإسناد عن الحكم بن سالم،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:إنّا و آل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في اللّه،قلنا:صدق اللّه،و قالوا:كذب اللّه.قاتل أبو سفيان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و قاتل معاوية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و قاتل يزيد بن معاوية الحسين بن عليّ عليه السّلام،و السفيانيّ يقاتل القائم عليه السّلام (2).

الآية الثانية قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (3).

548-محمّد بن العبّاس،بإسناده عن عبد اللّه بن عجلان،عن أبي جعفر عليه السّلام،في قول اللّه عزّ و جلّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ قال:في القائم عليه السّلام و أصحابه (4).

549-عليّ بن إبراهيم،قال:حدّثني أبي،عن ابن أبي عمير،عن ابن مسكان،عن أبي

ص: 292


1- -الحجّ:19.
2- -بحار الأنوار 190/52.
3- -الحجّ:39.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 338/1 ح 16؛بحار الأنوار 58/51.

عبد اللّه عليه السّلام،في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ قال:إنّ العامّة يقولون:نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أخرجته قريش من مكّة،و إنّما هو القائم عليه السّلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السّلام،و هو قوله:نحن أولياؤكم في الدم و طلب الدية (1).

550-روى ابن شهرآشوب؛عن مقاتل،عن زين العابدين،عن أبيه عليهما السّلام،قال:إنّ امرأة ملك بني إسرائيل كبرت و أرادت أن تزوّج بنتها منه للملك،فاستشار الملك يحيى بن زكريّا فنهاه عن ذلك،فعرفت المرأة ذلك و زيّنت بنتها و بعثتها إلى الملك،فذهبت و لعبت بين يديه،فقال لها الملك:ما حاجتك؟قالت:رأس يحيى بن زكريا،فقال الملك:

يا بنيّة حاجة غير هذه،قالت:ما اريد غيره.و كان الملك إذا كذب فيهم عزل من ملكه، فخيّر بين ملكه و بين قتل يحيى فقتله،ثمّ بعث برأسه إليها في طشت من ذهب،فأمرت الأرض فأخذتها،و سلّط اللّه عليهم بخت نصّر فجعل يرمي عليهم بالمناجيق و لا تعمل شيئا،فخرجت عليه عجوز من المدينة،فقالت:أيّها الملك إنّ هذه مدينة الأنبياء لا تنفتح إلاّ بما أدلّك عليه،قال:لك ما سألت،قالت:ارمها بالخبث و العذرة،ففعل فتقطّعت فدخلها،فقال:عليّ بالعجوز،فقال لها:ما حاجتك؟قالت:في المدينة دم يغلي،فاقتل عليه حتّى يسكن،فقتل عليه سبعين ألفا حتّى سكن.

يا ولدي،يا عليّ،و اللّه لا يسكن دمي حتّى يبعث اللّه المهديّ،فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفا (2).

551-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثماليّ،قال:سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه لم سمّي عليّ أمير المؤمنين و هو اسم ما سمّي به أحد قبله و لا يحل لأحد بعده؟قال:لأنّه ميرة العلم يمتار منه و لا يمتار من أحد غيره،قال:فقلت:يا ابن رسول اللّه فلم سمّي سيفه ذا الفقار؟فقال عليه السّلام:لأنّه ما ضرب به أحدا من خلق اللّه إلاّ أفقره من هذه الدنيا من أهله و ولده،و أفقره في الآخرة من الجنّة.

قال:فقلت:يا ابن رسول اللّه،فلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟قال:بلى،قلت:فلم سمّي القائم قائما؟5.

ص: 293


1- -تفسير القمّي 84/2؛بحار الأنوار 47/51.
2- -مناقب آل أبي طالب 85/4؛بحار الأنوار 299/45.

قال:لمّا قتل جدّي الحسين عليه السّلام،ضجّت عليه الملائكة إلى اللّه تعالى بالبكاء و النحيب و قالوا:إلهنا و سيّدنا،أ تغفل عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك و خيرتك من خلقك؟فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليهم:قرّوا ملائكتي،فو عزّتي و جلالي لأنتقمنّ منهم و لو بعد حين.ثمّ كشف اللّه عزّ و جلّ عن الأئمّة من ولد الحسين عليه السّلام للملائكة،فسرّت الملائكة بذلك،فإذا أحدهم قائم يصلّي،فقال اللّه عزّ و جلّ:بذلك القائم أنتقم منهم (1).

552-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن رزين،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:لمّا ضرب الحسين بن عليّ عليهما السّلام،ثمّ ابتدر ليقطع رأسه،نادى مناد من بطنان العرش:ألا أيّتها الامّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها،لا وفّقكم اللّه لأضحى و لا لفطر.قال:ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فلا جرم-و اللّه-ما وفّقوا و لا يوفّقون حتّى يثأر ثائر الحسين عليه السّلام (2).

553-روي بالإسناد عن الحلبيّ،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:لمّا قتل الحسين عليه السّلام سمع أهلنا قائلا يقول بالمدينة:اليوم نزل البلاء على هذه الامّة،فلا ترون فرحا حتّى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم و يقتل عدوّكم و ينال بالوتر أوتارا (3).

554-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن محمّد بن حمران،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:لمّا كان من أمر الحسين عليه السّلام ما كان،ضجّت الملائكة إلى اللّه بالبكاء و قالت:

يفعل هذا بالحسين صفيّك و ابن نبيّك؟قال:فأقام اللّه لهم ظلّ القائم عليه السّلام و قال:بهذا أنتقم لهذا (4).

555-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ،عن كرام، قال:حلفت فيما بيني و بين نفسي ألاّ آكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام؛قال:فقلت له:رجل من شيعتكم جعل اللّه عليه ألاّ يأكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد،قال عليه السّلام:فصمّ-إذا-يا كرام و لا تصم العيدين و لا ثلاثة التشريق و لا إذا كنت مسافرا و لا مريضا،فإنّ الحسين عليه السّلام لمّا قتل عجّت السماوات و الأرض و من عليهما و الملائكة،فقالوا:يا ربّنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى2.

ص: 294


1- -علل الشرائع 160 ح 1؛بحار الأنوار 294/37.
2- -الكافي 170/4 ح 3؛بحار الأنوار 134/91.
3- -كامل الزيارات 336 ح 14؛بحار الأنوار 172/45.
4- -الكافي 465/1 ح 6؛أمالي الطوسي 33/2.

نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حرمتك و قتلوا صفوتك،فأوحى اللّه إليهم:يا ملائكتي و يا سماواتي و يا أرضي اسكنوا،ثمّ كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و اثنا عشر وصيّا له عليهم السّلام،و أخذ بيد فلان القائم من بينهم،فقال:يا ملائكتي و يا سماواتي و يا أرضي،بهذا أنتصر لهذا-قالها ثلاث مرّات- (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (2).

556-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ قال:هذه لآل محمّد،المهديّ عليه السّلام و أصحابه يملّكهم اللّه مشارق الأرض و مغاربها،و يظهر الدّين،و يميت اللّه عزّ و جلّ به و بأصحابه البدع و الباطل كما أمات السفهة الحقّ،حتّى لا يرى أثر من الظلم، وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ و للّه عاقبة الامور (3).

557-روى الحاكم الحسكانيّ في«شواهد التنزيل»بإسناده عن زيد بن عليّ،قال:

إذا قام القائم من آل محمّد،يقول:يا أيّها الناس نحن الّذين وعدكم اللّه في كتابه: اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ (4)الآية.

الآية الرابعة قوله عزّ و جلّ: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ (5).

558-روى عليّ بن إبراهيم القمّي؛في قوله تعالى: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ ،قال:

هو مثل لآل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،قوله:«بئر معطّلة»هي الّتي لا يستسقى منها،و هو الإمام الّذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم،«و القصر المشيد»هو المرتفع،و هو مثل لأمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمّة و فضائلهم المشرّفة على الدنيا،و هو قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ .

و قال الشاعر في ذلك:5.

ص: 295


1- -الكافي 534/1 ح 19؛بحار الأنوار 402/36.
2- -الحجّ:41.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 343/1 ح 25؛بحار الأنوار 165/24.
4- -شواهد التنزيل 400/1؛بحار الأنوار 373/52.
5- -الحجّ:45.

بئر معطّلة و قصر مشرف مثل لآل محمّد مستطرف

فالقصر مجدهم الّذي لا يرتقى و البئر علمهم الّذي لا ينزف (1)

الآية الخامسة قوله تعالى: ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ (2).

559-في تفسير عليّ بن إبراهيم رحمه اللّه في قوله تعالى: وَ مَنْ عاقَبَ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ يعني حين أرادوا أن يقتلوه، ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ بالقائم من ولده عليه السّلام (3).

560-قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره:فهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أخرجته قريش من مكّة و هرب منهم إلى الغار،و طلبوه ليقتلوه فعاقبهم اللّه يوم بدر فقتل عتبة و شيبة و الوليد و أبا جهل و حنظلة بن أبي سفيان و غيرهم،فلمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طلب بدمائهم،فقتل الحسين عليه السّلام و آل محمّد بغيا و عدوانا،و هو قول يزيد حين تمثّل بهذا الشعر:

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلّوا و استهلّوا فرحا ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل

لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل

قد قتلنا القرم من ساداتهم و عدلناه ببدر فاعتدل

و قال الشاعر في مثل ذلك:

و كذاك الشيخ أوصاني به فاتّبعت الشيخ فيما قد سأل

و قال يزيد أيضا:

يقول و الرأس مطروح يقلّبه: يا ليت أشياخنا الماضين بالحضر

حتّى يقيسوا قياسا لا يقاس به أيّام بدر لكان الوزن بالقدر (4)

الآية السادسة قوله تعالى: وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللّهَ بِالنّاسِ4.

ص: 296


1- -تفسير القمّي 85/2؛بحار الأنوار 101/24.
2- -الحجّ:60.
3- -تفسير القمّي 87/2؛تفسير الصافي 388/3.
4- -تفسير القمّي 87/2؛المحجّة 144.

لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ 1 .

المهديّ عليه السّلام أمان لأهل الأرض

561-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن سليمان بن مهران الأعمش،عن الصادق جعفر بن محمّد،عن أبيه محمّد بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السّلام،قال:نحن أئمّة المسلمين،و حجج اللّه على العالمين،و سادة المؤمنين،و قادة الغرّ المحجّلين،و موالي المؤمنين،و نحن أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء،و نحن الّذين بنا يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه،و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها،و بنا ينزل الغيث و تنشر الرحمة،و تخرج بركات الأرض،و لو لا في الأرض لساخت بأهلها.

ثمّ قال:و لم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجّة اللّه فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور،و لا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة اللّه فيها،و لو لا ذلك لم يعبد اللّه.

قال سليمان:فقلت للصادق عليه السّلام:فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟

قال:كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب (1).

ص: 297


1- -كمال الدّين 207/1 ح 22؛بحار الأنوار 5/23.

سورة المؤمنون

الآية الاولى قوله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (1).

562-روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن جهم بن أبي جهمة،قال:

سمعت أبا الحسن موسى عليه السّلام يقول:إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام،ثمّ خلق الأبدان بعد ذلك،فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض،و ما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض،فإذا قام القائم عليه السّلام ورّث الأخ في الدّين و لم يورّث الأخ في الولادة،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (2).

ص: 298


1- -المؤمنون:101.
2- -دلائل الإمامة 260؛تفسير البرهان 120/3 ح 6.

سورة النور

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (1).

563-روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،قال:دخلت إلى مسجد الكوفة و أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه يكتب باصبعه و يتبسّم،فقلت له:يا أمير المؤمنين ما الّذي يضحكك؟فقال:عجبت لمن يقرأ هذه الآية و لم يعرفها حقّ معرفتها.فقلت له:و أيّ آية يا أمير المؤمنين؟فقال:

قوله تعالى: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ المشكاة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فِيها مِصْباحٌ أنا المصباح، فِي زُجاجَةٍ الزجاجة الحسن و الحسين، كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ و هو عليّ بن الحسين، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمّد بن عليّ، زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمّد لا شَرْقِيَّةٍ موسى بن جعفر وَ لا غَرْبِيَّةٍ عليّ بن موسى الرضا يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ محمّد بن عليّ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ عليّ بن محمّد، نُورٌ عَلى نُورٍ الحسن بن عليّ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهديّ عليه السّلام، وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (2).

ص: 299


1- -النور:35.
2- -المحجّة 147.

564-الصدوق بإسناد متّصل إلى عيسى بن راشد،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في قوله كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ،قال:المشكاة نور العلم في صدر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ و الزجاجة صدر عليّ عليه السّلام،صار علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى صدر عليّ عليه السّلام،علّم النبيّ عليا صلوات اللّه عليهما علمه يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ قال:نور لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهوديّة و لا نصرانيّة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ،قال:يكاد العالم من آل محمّد يتكلّم بالعلم قبل أن يسأل نُورٌ عَلى نُورٍ يعني إماما مؤيّدا بنور العلم و الحكمة في إثر إمام من آل محمّد،و ذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة.فهؤلاء الأوصياء الّذين جعلهم اللّه خلفاءه في أرضه و حججه على خلقه،لا تخلو الأرض في كلّ عصر من واحد منهم (1).

565-روى النعمانيّ رحمه اللّه في كتابه في تفسير القرآن بإسناده عن إسماعيل بن جابر، قال:

سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام يقول في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن روى فيه عليه السّلام مجموعة أجوبة لأمير المؤمنين عليه السّلام عن آيات القرآن و أحكامه،و سألوه صلوات اللّه عليه عن أقسام النور في القرآن،فقال عليه السّلام:النور:القرآن، و النور اسم من أسماء اللّه تعالى،و النور التوراة،و النور ضوء القمر،و النور ضوء المؤمن و هو الموالاة الّتي يلبس بها نورا يوم القيامة،و النور في مواضع من التوراة و الإنجيل و القرآن حجّة اللّه على عباده،و هو المعصوم...فقال تعالى: وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2)فالنور في هذا الموضع هو القرآن،و مثله في سورة التغابن قوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا (3)يعني سبحانه[بالنور]القرآن و جميع الأوصياء المعصومين من حملة كتاب اللّه تعالى و خزّانه و تراجمته،الّذين نعتهم اللّه في كتابه فقال: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا (4)فهم المنعوتون الّذين أنار اللّه بهم البلاد،و هدى بهم العباد،قال اللّه تعالى في سورة النور: اَللّهُ7.

ص: 300


1- -التوحيد 158 ح 4؛تفسير نور الثّقلين 604/3 ح 174.
2- -الأعراف:157.
3- -التغابن:8.
4- -آل عمران:7.

نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ... إلى آخر الآية،فالمشكاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و المصباح الوصيّ و الأوصياء عليهم السّلام،و الزجاجة فاطمة،و الشجرة المباركة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و الكوكب الدرّيّ القائم المنتظر عليه السّلام الّذي يملأ الأرض عدلا (1).

الآية الثانية قوله سبحانه: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (2).

566-روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن عبد اللّه بن عجلان،قال:ذكرنا خروج القائم عليه السّلام عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،فقلت له:كيف لنا أن نعلم ذلك؟فقال عليه السّلام:يصبح أحدكم و تحت رأسه صحيفة عليها مكتوب:طاعة معروفة (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (4).

أئمّة أهل البيت عليهم السّلام هم المستضعفون في الأرض

567-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغيبة:بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، في معنى قوله: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً قال:نزلت في القائم و أصحابه (5).

568-محمّد بن العبّاس،بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال:نزلت في عليّ بن أبي طالب و الأئمّة من ولده عليهم السّلام،

ص: 301


1- -تفسير النعمانيّ(المحكم و المتشابه)4،و المتن في ص 20 و 21.
2- -النور:53.
3- -كمال الدّين 654/2 ح 22؛بحار الأنوار 305/52.
4- -النور:55.
5- -الغيبة للنعمانيّ 126؛بحار الأنوار 58/51.

وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ قال:عنى به ظهور القائم عليه السّلام (1).

569-عنه،بإسناده عن إسحاق بن عبد اللّه،عن عليّ بن الحسين عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ :قال:قوله: إِنَّهُ لَحَقٌّ قيام القائم عليه السّلام و فيه نزلت هذه الآية وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً قال:نزلت في المهديّ عليه السّلام (2).

570-الخزّاز القمّي،بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري،قال:دخل جندل بن جنادة بن جبير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أخبرني عمّا ليس للّه،و عمّا ليس عند اللّه،و عمّا لا يعلمه اللّه؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أمّا ما ليس للّه،فليس للّه شريك،و أمّا ما ليس عند اللّه،فليس عند اللّه ظلم للعباد،و أمّا ما لا يعلمه اللّه،فذلك قولكم يا معشر اليهود أنّ عزيز ابن اللّه،و اللّه لا يعلم له ولدا.فقال جندل:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك محمّد رسول اللّه حقّا،ثمّ قال:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران عليه السّلام،فقال لي:يا جندل أسلم على يد محمّد و استمسك بالأوصياء من بعده،فقلت:أسلمت،و رزقني اللّه ذلك،فأخبرني عن الأوصياء بعدك لأتمسّك بهم؟

فقال:يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل.

فقال:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إنّهم كانوا اثنى عشر،هكذا وجدناهم في التوراة.

قال:نعم،الأئمّة بعدي اثنا عشر.

فقال:يا رسول اللّه كلّهم في زمن واحد؟

قال:لا،و لكن خلف بعد خلف،و إنّك لن تدرك منهم إلاّ ثلاثة:أوّلهم سيّد الأوصياء بعدي أبو الأئمّة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثمّ ابناه الحسن و الحسين عليهما السّلام،فاستمسك بهم من بعدي و لا يغرنّك جهل الجاهلين،فإذا أوقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليه السّلام1.

ص: 302


1- -تأويل الآيات الظاهرة 369/1 ح 21.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 369/1 ح 22؛بحار الأنوار 54/51.

يقضي اللّه عليك و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.

فقال:يا رسول اللّه هكذا وجدت في التوراة:إليانقطوا (1)شبّرا و شبيرا،فلم أعرف أسماءهم،فكم بعد الحسين من الأوصياء،و ما أسماءهم؟

فقال:تسعة من صلب الحسين،و المهديّ منهم،فاذا انقضت مدّة الحسين عليه السّلام قام بالأمر من بعده عليّ ابنه،و يلقّب زين العابدين عليه السّلام،فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر من بعده محمّد ابنه يدعى بالباقر عليه السّلام،فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه جعفر يدعى بالصادق عليه السّلام،فإذا انقضت مدّة جعفر قام بالأمر ابنه موسى و يدعى بالكاظم عليه السّلام،ثمّ إذا انقضت مدّة موسى قام بالأمر من بعده عليّ ابنه يدعى بالرضا عليه السّلام،فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر بعده محمّد ابنه يدعى بالزكيّ عليه السّلام،فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه عليّ يدعى بالنقي عليه السّلام،فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر من بعده ابنه الحسن يدعى بالأمين عليه السّلام،ثمّ يغيب عنهم إمامهم.

قال:يا رسول اللّه هو الحسن يغيب عنهم؟

قال:لا،و لكن ابنه.

قال:يا رسول اللّه فما اسمه؟

قال:لا يسمّى حتّى يظهر.

فقال جندل:يا رسول اللّه وجدنا ذكرهم في التوراة،و قد بشّرنا موسى بن عمران عليه السّلام بك و بالأوصياء من ذرّيّتك.

ثمّ تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً .

فقال جندل:يا رسول اللّه فما خوفهم؟

قال:يا جندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه و يؤذيه،فإذا عجّل اللّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله:طوبى للصابرين).

ص: 303


1- -بقطو(خ ه).

في غيبته،طوبى للمقيمين على محبّتهم،أولئك من وصفهم اللّه في كتابه فقال: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ثمّ قال: أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

قال ابن الأصقع:

ثمّ عاش جندل إلى أيّام الحسين بن عليّ عليه السّلام ثمّ خرج إلى الطائف،فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال:دخلت عليه بالطائف و هو عليل،ثمّ دعا بشربة من لبن،فقال:هكذا عهد لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن،ثمّ مات و دفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورا رحمه اللّه (1).

571-أبو عليّ الطبرسيّ في تفسير الآية،قال:المرويّ عن أهل البيت عليهم السّلام أنّها في المهديّ من آل محمّد عليهم السّلام (2).

572-و روى العيّاشيّ بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام،أنّه قرأ الآية و قال:هم و اللّه شيعتنا أهل البيت،يفعل اللّه ذلك بهم على يدي رجل منّا،و هو مهدي هذه الامّة،و هو الّذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد،لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا (3).

و روي مثل ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام (4).

573-قال السيّد شرف الدّين:فعلى هذا يكون المراد ب«الّذين آمنوا و عملوا الصالحات»النبيّ و أهل بيته صلوات اللّه عليهم،و تضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف و التمكّن في البلاد و ارتفاع الخوف عنهم عند قيام القائم المهديّ عليه السّلام منهم،و يكون المراد بقوله تعالى: كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة،مثل آدم و إبراهيم و داود و سليمان و موسى و عيسى صلوات اللّه عليهم أجمعين،تبقى دائمة في كلّ آن و كلّ حين (5).

574-من كتاب الواحدة:روى عن محمّد بن الحسن بن عبد اللّه الأطروش،عن جعفر0.

ص: 304


1- -كفاية الأثر 56-61؛تفسير البرهان 146/3.
2- -تفسير مجمع البيان 152/7؛تفسير البرهان 146/3.
3- -تفسير العيّاشي 136/2.
4- -تفسير مجمع البيان 152/7.
5- -تأويل الآيات الظاهرة 369/1-370.

بن محمّد البجليّ،عن البرقيّ،عن ابن أبي نجران،عن عاصم بن حميد،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

إنّ اللّه تبارك و تعالى أحد واحد،تفرّد في وحدانيته،ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نورا،ثمّ خلق من ذلك النور محمّدا صلّى اللّه عليه و آله،و خلقني و ذرّيّتي،ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحا، فأسكنه اللّه في ذلك النور،و أسكنه في أبداننا،فنحن روح اللّه و كلماته،فبنا احتجّ على خلقه،فما زلنا في ظلّة خضراء،حيث لا شمس و لا قمر و لا ليل و لا نهار،و لا عين تطرف، نعبده و نقدّسه و نسبّحه،و ذلك قبل أن يخلق الخلق،و أخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان و النصرة لنا،و ذلك قوله عزّ و جلّ:

وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ 1 ،يعني لتؤمننّ بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و لتنصرنّ وصيّه و سينصرونه جميعا.

و إنّ اللّه أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنصرة بعضنا لبعض،فقد نصرت محمّدا و جاهدت بين يديه،و قتلت عدوّه،و وفيت للّه بما أخذ عليّ من الميثاق و العهد،و النصرة لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله....إلى أن يصل إلى قوله:أنا أمين اللّه و خازنه،و عيبة سرّه و حجابه و وجهه و صراطه و ميزانه،و أنا الحاشر إلى اللّه،و أنا كلمة اللّه الّتي يجمع بها المفترق و يفرّق بها المجتمع.

و أنا أسماء اللّه الحسنى،و أمثاله العليا،و آياته الكبرى،و أنا صاحب الجنّة و النار، اسكن أهل الجنّة الجنّة،و اسكن أهل النار النار،و إليّ تزويج أهل الجنّة،و إليّ عذاب أهل النار،و إليّ إياب الخلق،و أنا الإياب الّذي يئوب إليه كلّ شيء بعد القضاء،و إليّ حساب الخلق جميعا،و أنا صاحب الهبات،و أنا المؤذّن على الأعراف،و أنا بارز الشمس،أنا دابة الأرض،و أنا قسيم النار،و أنا خازن الجنان و صاحب الأعراف.

و أنا أمير المؤمنين،و يعسوب المتّقين،و آية السابقين،و لسان الناطقين،و خاتم الوصيين،و وارث النبيين،و خليفة ربّ العالمين،و صراط ربّي المستقيم،و فسطاطه1.

ص: 305

و الحجّة على أهل السماوات و الأرضين،و ما فيهما و ما بينهما،و أنا الّذي احتجّ اللّه به عليكم في ابتداء خلقكم،و أنا الشاهد يوم الدّين،و أنا الّذي علمت علم المنايا و البلايا و القضايا،و فصل الخطاب و الأنساب،و استحفظت آيات النبيين المستخفين المستحفظين.

و أنا صاحب العصا و الميسم،و أنا الّذي سخّرت لي السحاب و الرعد و البرق و الظلم و الأنوار،و الرياح و الجبال و البحار،و النجوم و الشمس و القمر،أنا القرن الحديد،و أنا فاروق الامّة،و أنا الهادي،و أنا الّذي أحصيت كلّ شيء عددا بعلم اللّه الّذي أودعنيه، و بسرّه الّذي أسرّه إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أسرّه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إليّ،و أنا الّذي أنحلني ربّي اسمه و كلمته و حكمته و علمه و فهمه.

يا معشر الناس،اسألوني قبل أن تفقدوني،اللهمّ إنّي اشهدك و أستعديك عليهم،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم،و الحمد للّه متّبعين أمره (1).

575-روى الحاكم الحسكانيّ في«شواهد التنزيل»بإسناده عن أبي صادق،عن حنش:أنّ عليا عليه السّلام قال:إنّي اقسم بالذي فلق الحبّة و برأ النسمة و أنزل الكتاب على محمّد صدقا و عدلا،ليعطفنّ عليكم هذه الآية: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ الآية. (2)

576-و روى فرات بن إبراهيم بإسناده عن السدّي،عن ابن عبّاس في قوله: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا إلى آخر الآية،قال:نزلت في آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله (3).

577-و روى فرات بإسناده عن القاسم بن عوف،قال:سمعت عبد اللّه بن محمّد يقول:

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ الآية:قال:هي لنا أهل البيت (4).

578-و روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه جلّ جلاله: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ1.

ص: 306


1- -تفسير البرهان 150/3 ح 9؛بحار الأنوار(و المتن منه)46/53.
2- -شواهد التنزيل 412/1.
3- -تفسير فرات 289 ح 390.
4- -نفس المصدر 289 ح 391.

لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال عليه السّلام:هم الأئمّة عليهم السّلام (1).

579-و عنه بإسناده عن سدير الصيرفي،قال:دخلت أنا و المفضّل بن عمر،و أبو بصير،و أبان بن تغلب،على مولانا أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام،فرأيناه جالسا على التراب و عليه مسح خيبري مطوّق بلا جيب،مقصّر الكمّين،و هو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرّاء،قد بان الحزن من وجنتيه ،و شاع التغيير في عارضيه،و أبلى الدموع محجريه و هو يقول:سيّدي غيبتك نفت رقادي،و ضيّقت عليّ مهادي،و ابتزّت منّي راحة فؤادي،سيّدي غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد،و فقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع و العدد،فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني،و أنين يفتر من صدري،من دوارج الرزايا، و سوالف البلايا،إلاّ ما لقيني عن غوائل أعظمها و أقطعها،و بواقي أشدّها و أنكرها،و نوائب مخلوطة بغضبك،و نوازل معجونة بسخطك.

قال سدير:فاستطارت عقولنا ولها،و تصدّعت قلوبنا جزعا،من الخطب الهائل، و الحادث الغائل،و ظننّا انّه أسمت لمكروهة قارعة،أو حلّت من الدهر بائقة،فقلنا:لا أبكى اللّه-يا ابن خير الورى-عينيك،من أيّ حادثة تسترقي دمعتك،و تستمطر عبرتك، و أيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟

قال:فزفر الصادق عليه السّلام زفرة انتفخ منها جوفه،و اشتدّ منها خوفه،و قال:ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم،و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا و علم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة،الّذي خصّ اللّه به محمّدا و الأئمّة من بعده عليهم السّلام،و تأمّلت فيه مولد غائبنا و غيبته،و ابطاءه و طول عمره،و بلوى المؤمنين في ذلك الزمان،و تولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته،و ارتداد أكثرهم عن دينهم،و خلعهم من ربقة الإسلام عن أعناقهم،الّذي قال اللّه جلّ ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (2)يعني الولاية، فأخذتني الرقة و استولت عليّ الأحزان.

فقلنا:يا ابن رسول اللّه كرّمنا و فضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.3.

ص: 307


1- -الكافي 193/1 ح 4؛تفسير الصافي 443/3.
2- -الإسراء:13.

قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل،قدّر مولده تقدير مولد موسى،و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسى،و قدّم إبطاءه بتقدير إبطاء نوح عليهم السّلام،و جعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر عليه السّلام دليلا على عمره.

فقلنا:اكشف لنا يا ابن رسول اللّه عن وجوه هذه المعاني.

قال عليه السّلام:أمّا مولد موسى عليه السّلام،فإنّ فرعون لمّا وقف على أن زوال ملكه على يده،أمر بإحضار الكهنة،فدلّوه على نسبه،و أنّه يكون من بني إسرائيل،و لم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل،حتّى قتل في طلبه نيّفا و عشرين ألفا مولودا، و تعذّر إليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ اللّه تبارك و تعالى إيّاه،كذلك بنو اميّة و بنو العبّاس،لمّا وقفوا على أنّ زوال ملك الامراء و الجبابرة منهم على يد القائم منّا،ناصبونا العداوة،و وضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و إبادة نسله طلبا(طمعا خ)منهم في الوصول إلى قتل القائم،و يأبى اللّه عزّ و جلّ أن يكشف أمره لواحد من الظلمة،إلاّ أن يتمّ نوره و لو كره المشركون.

و أمّا غيبة عيسى عليه السّلام،فإنّ اليهود و النصارى اتّفقت على أنّه قتل،فكذّبهم اللّه عزّ ذكره،يقول عزّ و جلّ: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (1)كذلك غيبة القائم عليه السّلام فإنّ الامّة ستنكرها لطولها،فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد،و قائل يقول انّه ولد و مات، و قائل يكفر بقوله أنّ حادي عشرنا كان عقيما،و قائل يمرق بقوله أنّه يتعدّى إلى ثالث عشر،و ما عدا،و قائل يعصي اللّه عزّ و جلّ بقوله أنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره.

و أمّا إبطاء نوح عليه السّلام،فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء،بعث اللّه تبارك و تعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع نوايات،فقال:يا نبيّ اللّه،إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول لك:إنّ هؤلاء خلائقي و عبادي،لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلاّ بعد تأكيد الدعوة و إلزام الحجّة،فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك،فإنّي مثيبك عليه،و اغرس هذا النوى، فإنّ لك في نباتها و بلوغها و إدراكها إذا أثمرت الفرج و الخلاص؛فبشّر بذلك من اتّبعك من المؤمنين.7.

ص: 308


1- -النساء:157.

فلمّا نبتت الأشجار و تأزّرت و تشرفّت(و تشوّقت خ)و اعتصبت،و زهر الثمر عليها بعد زمن طويل،استنجز من اللّه سبحانه و تعالى العدة،فأمره اللّه تبارك و تعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار و يعاود الصبر و الاجتهاد،و يؤكّد الحجّة على قومه،فأخبر بذلك الطوائف الّتي آمنت به،فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل،و قالوا:لو كان ما يدّعيه نوح حقّا،لما وقع في وعد ربّه خلف،ثمّ إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرّة بعد اخرى،إلى أن غرسها سبع مرّات،فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة بعد طائفة،إلى أن عاد إلى نيّف و سبعين رجلا،فأوحى اللّه تبارك و تعالى عند ذلك إليه،و قال:يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك،حين صرّح الحقّ عن محضه،وصفى من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة فلو أنّي أهلكت الكفّار و أبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك،لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك،و اعتصموا بحبل نبوّتك،فإنّي أستخلفهم في الأرض و أمكّن لهم دينهم،و ابدّل خوفهم بالأمن،لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم،و كيف يكون الاستخلاف و التمكين و بذل الأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا و خبث طينتهم و سوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق و شيوخ الضلالة،فلو أنّهم تنسّموا من الملك الّذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعدائهم،لنشقوا روائح صفاته،و لاستحكمت سرائر نفاقهم،و تأبّد خبالة ضلالة قلوبهم،و لكاشفوا اخوانهم بالعداوة،و حاربوهم على طلب الرئاسة،و التفرّد بالأمر و النهي،و كيف يمكن التمكين في الدّين و انتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن و إيقاع الحروب،كلاّ فاصنع الفلك بأعيننا و وحينا.قال الصادق عليه السّلام:و كذلك القائم عليه السّلام،فإنّه يمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه،و يصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف و التمكين و الأمر المنتشر في عهد القائم عليه السّلام.

قال المفضّل:فقلت:يا ابن رسول اللّه،فإنّ هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ عليه السّلام.

ص: 309

فقال:لا يهدي اللّه قلوب الناصبة،متى كان الدّين الّذي ارتضاه اللّه و رسوله متمكّنا بانتشار الأمر في الامّة و ذهاب الخوف من قلوبها،و ارتفاع الشكّ من صدورها في عهد واحد من هؤلاء و في عهد عليّ عليه السّلام مع ارتداد المسلمين و الفتن الّتي كانت من الكفّار.ثمّ تلا الصادق عليه السّلام: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (1).و أمّا العبد الصالح الخضر عليه السّلام،فإنّ اللّه تبارك و تعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له،و لا لكتاب ينزل عليه،و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء،و لا لأمّة يلزمهم عباده الاقتداء بها،و لا لطاعة يفرضها له،بلى إنّ اللّه تبارك و تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السّلام في أيّام غيبته ما يقدّر،علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول،طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك،إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السّلام،و لينقطع بذلك حجّة المعاندين،لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة (2).

580-روى الطبرسيّ في حديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام يذكر فيه من تقدّم عليه، فقال عليه السّلام:مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الامّة كلّ ذلك ليتمّ النظرة الّتي أوجبها اللّه تبارك و تعالى لعدوّه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله،و يحقّ القول على الكافرين، و يقترب الوعد الحقّ الّذي بينه اللّه في كتابه بقوله: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ و ذلك إذا لم يبق من الإسلام إلاّ اسمه،و من القرآن إلاّ رسمه،و غاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب،حتّى يكون أقرب الناس اليه أشدّ عداوة له،و عند ذلك يؤيّده اللّه بجنود لم يروها،و يظهر دين نبيّه صلّى اللّه عليه و آله على يديه على الدّين كلّه و لو كره المشركون (3).

581-روى العلاّمة المجلسيّ رضوان اللّه عليه،قال:روى الصفوانيّ في كتابه عن صفوان:أنّه لمّا طلب المنصور أبا عبد اللّه عليه السّلام،توضّأ و صلّى ركعتين ثمّ سجد سجدة الشكر و قال:اللهمّ إنّك وعدتنا على لسان نبيّك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و وعدك الحقّ،أنّك تبدلنا من بعد1.

ص: 310


1- -يوسف:110.
2- -تفسير البرهان 147/3-149 ح 8.
3- -الاحتجاج 382/1.

خوفنا أمنا،اللهمّ فأنجز لنا ما وعدتنا إنّك لا تخلف الميعاد.قال:قلت له:يا سيّدي فأين وعد اللّه لكم؟فقال عليه السّلام:قول اللّه عزّ و جلّ: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ الآية.

و روي أنّه تلي بحضرته عليه السّلام: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا (1)الآية،فهملتا عيناه عليه السّلام و قال:نحن و اللّه المستضعفون (2).

582-روى النعمانيّ؛عن يونس بن ظبيان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالى ملكا إلى السماء الدنيا،فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور،و نصب لمحمّد و عليّ و الحسن و الحسين:منابر من نور، فيصعدون عليها و تجمع لهم الملائكة و النبيّون و المؤمنون،و تفتح أبواب السماء،فإذا زالت الشمس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا ربّ ميعادك الّذي وعدت به في كتابك،و هو هذه الآية: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ثمّ يقول الملائكة و النبيّون مثل ذلك،ثمّ يخرّ محمّد و عليّ و الحسن و الحسين سجّدا،ثمّ يقولون:يا ربّ اغضب،فإنّه قد هتك حريمك،و قتل أصفياؤك،و اذلّ عبادك الصالحون، فيفعل اللّه ما يشاء،و ذلك يوم معلوم (3).

583-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمة اللّه عليه،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،أنّه قال:

لم يجئ تأويل هذه الآية،و لو قام قائمنا بعد،سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية،و ليبلغنّ دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله ما بلغ الليل،حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض،كما قال اللّه تعالى: يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (4).

584-روى الطوسيّ رحمه اللّه بإسناده عن إسحاق بن عبد اللّه بن عليّ بن الحسين،في هذه الآية: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (5)قال:قيام القائم عليه السّلام من آل3.

ص: 311


1- -القصص:5.
2- -بحار الأنوار 64/51.
3- -الغيبة للنعماني 276 ح 56؛بحار الأنوار 297/52.
4- -تفسير مجمع البيان 43/2.
5- -الذاريات:23.

محمّد صلّى اللّه عليه و آله؛قال:و فيه نزلت: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً قال:نزلت في المهديّ عليه السّلام (1).

585-روى عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره لهذه الآية،قال:نزلت في القائم من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله (2).3.

ص: 312


1- -الغيبة للطوسيّ 110؛بحار الأنوار 53/51.
2- -تفسير القمّي 14/1؛تفسير الصافي 444/3.

سورة الفرقان

الآية الاولى قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (1).

586-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ،في كتاب الغيبة بإسناده عن أبي الصامت،قال:

قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام:الليل اثنتا عشرة ساعة،و النهار اثنتا عشرة ساعة،و الشهور اثنا عشر شهرا،و الأئمّة اثنا عشر إماما،و النقباء اثنا عشر نقيبا،و انّ عليا عليه السّلام ساعة من اثنى عشرة ساعة،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (2).

587-عنه،بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما معنى قول اللّه عزّ و جلّ: بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (2).

فقال لي:

إنّ اللّه خلق السنة اثنى عشر شهرا،و جعل الليل اثنتى عشرة ساعة،و جعل النهار اثنى عشرة ساعة،و منّا اثنى عشر محدّثا،و كان أمير المؤمنين عليه السّلام ساعة من تلك الساعات (3).

ص: 313


1- -الفرقان:11.
2- -الغيبة للنعمانيّ 40؛المحجّة 153.
3- -الغيبة للنعماني 40.

588-عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي الصامت،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

إنّ الليل و النهار اثنتا عشرة ساعة،و انّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أشرف ساعة من اثنتى عشرة ساعة،و هو قول اللّه تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (1).

أقول:ينصّ الحديث الشريف على أنّ الإمام المهديّ عليه السّلام هو أحد الساعات،و أنّ المكذّب به سيصلى سعيرا حسب الوعد الإلهيّ الّذي لا يتخلّف.

الآية الثانية قوله تعالى: اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (2).

589-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن عليّ بن أسباط،قال:روى أصحابنا في قول اللّه عزّ و جلّ: اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ قال:إنّ الملك للرحمن اليوم و قبل اليوم و بعد اليوم،و لكن إذا قام القائم عليه السّلام،لم يعبد إلاّ اللّه عزّ و جلّ (3).

الآية الثالثة قوله سبحانه: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً (4).

590-روى ابن شهرآشوب؛عن ابن عبّاس،و ابن مسعود،و جابر و البراء،و أنس،و ام سلمة،و السدي،و ابن سيرين،في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً قالوا:قال الإمام الباقر عليه السّلام:هو محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام، وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً القائم في آخر الزمان،لأنّه لم يجتمع نسب و سبب في الصحابة و القرابة إلاّ له،فلأجل ذلك استحقّ الميراث بالنسب و السبب (5).

الآية الرابعة قوله سبحانه: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً* وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً* وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً* إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً (6).

591-روى فرات بن إبراهيم الكوفيّ،عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا،عن أبي6.

ص: 314


1- -تفسير القمّي 112/2.
2- -الفرقان:26.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 372/2،ح 4.
4- -الفرقان:54.
5- -مناقب آل أبي طالب 181/2.
6- -الفرقان:63-66.

عبد اللّه عليه السّلام في قوله تبارك و تعالى: اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً -إلى قوله:- حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً ثلاث عشرة آية،قال:

هم الأوصياء يمشون على الأرض هونا،فإذا قام القائم عرفوا كلّ نصب عليه،فإن أقرّ بالإسلام و هي الولاية،و إلاّ ضربت عنقه،أو أقرّ بالجزية فأدّاها كما يؤدّي أهل الذمّة (1).5.

ص: 315


1- -تفسير فرات 292-293 ح 395.

سورة الشعراء

اشارة

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (1).

بعض علامات الظهور

592-و أسند إلى أبي جعفر عليه السّلام:آيتان تكونان قبل القائم كسوف الشمس في نصف الشهر،و القمر في آخره،فتعجّب السامع،فقال:أنا أعلم بما قلت،إنّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السّلام (2).

593-روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره،بإسناده عن هشام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

تخضع رقابهم،يعني بني اميّة،و هي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر عليه السّلام (3).

594-روى النعمانيّ بإسناده عن داود الدّجاجيّ،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام قال:سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ (4)فقال:انتظروا الفرج من ثلاث،فقيل:يا أمير المؤمنين و ما هنّ؟فقال:اختلاف أهل الشام بينهم،و الرايات السود من خراسان،و الفزعة في شهر رمضان،فقيل:و ما الفزعة في شهر رمضان؟فقال:

أو ما سمعتم قول اللّه عزّ و جلّ في القرآن: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ

ص: 316


1- -الشعراء:4.
2- -الإرشاد 359 باختصار بعض ألفاظه.
3- -نفس المصدر.
4- -مريم:37.

لَها خاضِعِينَ هي آية تخرج الفتاة من خدرها،و توقظ النائم،و تفزع اليقظان (1).

595-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن عمر بن حنظلة،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

خمس علامات قبل قيام القائم عليه السّلام:الصيحة،و السفيانيّ،و الخسف،و قتل النفس الزكيّة، و اليمانيّ،فقلت:جعلت فداك،فإن خرج أحد أهل بيتك قبل هذه العلامات،أ نخرج معه؟ قال:لا،قال:فلمّا كان من الغد،تلوت هذه الآية: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ فقلت له:أ هي الصيحة؟فقال:أما لو كانت،خضعت أعناق أعداء اللّه عزّ و جلّ (2).

596-محمّد بن ابراهيم النعمانيّ بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،فسمعت رجلا من همدان يقول:إنّ العامّة يعيّرونا و يقولون لنا:انّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر،و كان متكيا فغضب و جلس،ثمّ قال:

لا ترووه عنّي و ارووه عن أبي و لا حرج عليكم في ذلك،أشهد أنّي قد سمعت أبي عليه السّلام يقول:و اللّه إنّ ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ لبيّن،حيث يقول: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ و لا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضع و ذلّت رقبته لها،فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء:ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب و شيعته،فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض،ثمّ ينادي:ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان و شيعته فإنّه قتل مظلوما،فاطلبوا بدمه،قال:

يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ 3 على الحقّ و هو النداء الأوّل،و يرتاب يومئذ الّذين في قلوبهم مرض،و المرض-و اللّه-عداوتنا،فعند ذلك يتبرّءون منّا و يتناولونا،فيقولون:

إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت،ثمّ تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (3).

و عنه بإسناده عن عبد الصمد بن بشير مثله سواء بلفظه (4).9.

ص: 317


1- -الغيبة للنعمانيّ 251 ح 8.
2- -روضة الكافي 310.
3- -القمر:2.
4- -الغيبة للنعمانيّ 260-261 ح 19.

597-و روى نعيم بإسناده عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:ينادي مناد من السماء:

ألا إنّ الحقّ في آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و ينادي مناد من الأرض:ألا إنّ الحقّ في آل عيسى-أو قال:العبّاس،أنا أشكّ فيه-و إنّما الصوت الأسفل من الشيطان يلبّس على الناس (1).

598-و روى النعمانيّ بإسناده عن فضيل بن محمّد مولى محمّد بن راشد الحلبي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:أما إنّ النداء من السماء باسم القائم في كتاب اللّه لبيّن،فقلت:و أين هو أصلحك اللّه؟فقال:في طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ قوله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ قال:إذا اصبحوا سمعوا الصوت أصبحوا و كأنّما على رءوسهم الطير (2).

599-و روى السيّد ابن طاوس عن نعيم بإسناده عن عليّ عليه السّلام قال:بعد الخسف ينادي مناد من السماء:إنّ الحقّ في آل محمّد،في أوّل النهار،ثمّ ينادي مناد في آخر النهار:إنّ الحقّ في ولد عيسى،و ذلك نخوة من الشيطان (3).

600-محمّد بن العبّاس بإسناده عن طريق العامة،عن الكلبيّ،عن أبي صالح،عن ابن عبّاس في قوله عزّ و جلّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ قال:هي نزلت فينا و في بني اميّة،يكون لنا دولة تذلّ أعناقهم لنا بعد صعوبة،و هوان بعد عزّ (4).

601-و عنه،بإسناده عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ قال:نزلت في قائم آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله ينادى باسمه من السماء (5).

602-و روي بالإسناد عن أبي الورد،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً قال:النداء من السماء باسم رجل و أبيه (6).

603-روى الشيخ المفيد؛بإسناده عن أبي بصير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في0.

ص: 318


1- -الفتن لابن حماد 92؛التشريف بالمنن 130 ب 117 ح 140.
2- -الغيبة للنعماني 263 ح 23.
3- -التشريف بالمنن 133 ب 123 ح 148.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 386/1 ح 1.
5- -تأويل الآيات الظاهرة 386/1 ح 2.
6- -المحجّة 160.

قوله تعالى شأنه: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ قال:

سيفعل اللّه ذلك لهم،قلت:و من هم؟قال:بنو اميّة و شيعتهم،قلت:و ما الآية؟قال:ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر،و خروج صدر الرجل و وجه في عين الشمس يعرف بحسبه و نسبه،و ذلك في زمان السفياني،و عندها يكون بواره و بوار قومه (1).

604-روى الطوسي؛بإسناده عن الحسن بن زياد الصيقل،قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول:إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء يسمع الفتاة في خدرها و يسمع أهل المشرق و المغرب،و فيه نزلت هذه الآية: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (2).

605-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد،قال:قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام:لا دين لمن لا ورع له،و لا إيمان لمن لا تقيّة له،إنّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقيّة،فقيل له:يا ابن رسول اللّه إلى متى؟قال:إلى يوم الوقت المعلوم،و هو يوم خروج قائمنا أهل البيت،فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا.

فقيل له:يا ابن رسول اللّه و من القائم منكم أهل البيت؟

قال:الرابع من ولدي،ابن سيّدة الإماء،يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور،و يقدّسها من كلّ ظلم.(و هو)الّذي يشكّ الناس في ولادته،و هو صاحب الغيبة قبل خروجه،فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره،و وضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا.و هو الّذي تطوى له الأرض،و لا يكون له ظلّ.و هو الّذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول:ألا إنّ حجّة اللّه قد ظهر عند بيت اللّه فاتّبعوه،فانّ الحقّ معه و فيه.و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (3).

606-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمه اللّه عن أبي حمزة الثمالي في هذه الآية:أنّها صوت يسمع5.

ص: 319


1- -الإرشاد 359؛إعلام الورى 428.
2- -الغيبة للطوسيّ 110؛بحار الأنوار 285/52.
3- -كمال الدّين 371 ح 5.

من السماء في النصف من شهر رمضان و تخرج له العوائق من البيوت (1).

607-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه عن ابن مسعود،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:إذا كانت صيحة في رمضان،فانّها تكون معمعة في شوّال،و تميّز القبائل في ذي القعدة،و تسفك الدماء في ذي الحجّة،و المحرّم و ما المحرّم؟يقولها ثلاثا،هيهات هيهات،يقتل الناس فيها هرجا هرجا.قلنا:و ما الصيحة يا رسول اللّه؟قال:هدّة في النصف من رمضان يوم جمعة ضحى،و ذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة،فتكون هدّة توقظ النائم،و تقعد القائم،و تخرج العواتق من خدورهنّ في ليلة جمعة،فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة، فادخلوا بيوتكم و أغلقوا أبوابكم،و سدّوا كواكم،و دثّروا أنفسكم،و سدّوا آذانكم،فإذا أحسستم بالصيحة،فخرّوا للّه سجّدا و قولوا:«سبحان القدّوس ربّنا القدّوس»فإنّه من فعل ذلك نجا و من لم يفعل هلك (2).

608-و روى السيّد ابن طاوس؛عن شهر بن حوشب،قال:بلغني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:يكون في رمضان صوت،و شوال مهمهة(معمعة)،و في ذي القعدة تتحارب القبائل، و في ذي الحجّة ينتهب الحاج،و في المحرّم ينادي مناد من السماء:ألا إنّ صفوة اللّه من خلقه فلان،فاسمعوا له و أطيعوا (3).

609-و روى السيّد عن نعيم في كتاب الفتن بسنده عن كثير بن مرّة الحضرمي،قال:

آية الحدثان في رمضان علامة في السماء يكون بعدها اختلاف الناس،فإن أدركتها فأكثر من الطعام ما استطعت (4).

610-و روى السيّد عن نعيم بسنده عن سعيد بن المسيّب،قال:تكون بالشام فتنة كلّما سكنت من جانب،طمّت من جانب،فلا تتناهى حتّى ينادي مناد من السماء:إنّ أميركم فلان (5).

611-و روى السيّد رحمه اللّه عن نعيم بسنده عن عليّ عليه السّلام،قال:إذا نادى مناد من السماء إنّ7.

ص: 320


1- -تفسير مجمع البيان 184/4؛عقد الدرر 101 ب 4 ف 3.
2- -الملاحم و الفتن 100 ب 60 ح 72.
3- -التشريف بالمنن 106 ب 68.
4- -التشريف بالمنن 106 ب 70.
5- -نفس المصدر 110،ب 77.

الحقّ في آل محمّد،فعند ذلك يظهر المهديّ على أفواه الناس،و يشربون حبّه،فلا يكون لهم ذكر غيره (1).

612-و روى السيّد ابن طاوس عن نعيم،بسنده عن سلمة بن أبي سلمة،عن شهر بن حوشب،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«في المحرم ينادي مناد من السماء:ألا إنّ صفوة اللّه من خلقه فلان فاسمعوا له و أطيعوا،في سنة الصوت و المعمعة» (2).

613-و روى بإسناده عن الزهري،قال:إذا التقى السفيانيّ و المهديّ للقتال يومئذ يسمع صوت من السماء:ألا إنّ أولياء اللّه أصحاب فلان،يعني:المهديّ.قال الزهري:

قالت أسماء بنت عميس:إنّ أمارة ذلك أنّ كفّا من السماء مدلاّة ينظر إليها الناس (3).

614-و روى بإسناده عن الزهريّ،قال:يخرج المهديّ من مكّة بعد الخسف في ثلاثمائة و أربعة عشر رجلا عدّة أهل بدر،فيلتقي هو و صاحب جيش السفيانيّ، و أصحاب المهديّ يومئذ جنّتهم البراذع،و قال:إنّه يسمع يومئذ صوت من السماء،مناديا ينادي:ألا إنّ أولياء اللّه أصحاب فلان-يعني المهديّ-فتكون الدبرة على أصحاب السفيانيّ فيقتلون،لا يبقى منهم إلاّ الشريد،فيهربون إلى السفيانيّ فيخبرونه،و يخرج المهديّ إلى الشام،و يتلقّى السفيانيّ المهديّ ببيعته،و يتسارع الناس إليه من كلّ وجه، و يملأ الأرض عدلا (4).

الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (5).

615-روى النعمانيّ بإسناده عن المفضّل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة يقول فيها: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (6).

الآية الثالثة قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ* ما2.

ص: 321


1- -نفس المصدر 129،ب 113.
2- -نفس المصدر 132 ب 120.
3- -نفس المصدر 133 ب 125.
4- -التشريف بالمنن 140 ب 136.
5- -الشعراء:21.
6- -الغيبة للنعمانيّ 174-175 ح 11 و 12.

أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ 1 .

616-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ قال:خروج القائم عليه السّلام، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ قال:هم بنو اميّة الّذين متّعوا في دنياهم (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2).

617-الشيخ الصدوق،بإسناده عن الحسين بن خالد،عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام، عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:من أحبّ أن يتمسّك بديني و يركب سفينة النجاة بعدي،فليقتدي بعليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و ليعاد عدوّه،و ليوال وليه،فإنّه (خليفتي)و وصيّي،و خليفتي على أمّتي في حياتي و بعد وفاتي،و هو أمير(إمام)كلّ مسلم،و أمير كلّ مؤمن بعدي،قوله قولي،و أمره أمري،و نهيه نهيي،و تابعه تابعي،و ناصره ناصري،و خاذله خاذلي.

ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم:من فارق عليّا بعدي،لم يرني و لم أره يوم القيامة،و من خالف عليّا حرّم اللّه عليه الجنّة و جعل مأواه النار و بئس المصير،و من خذل عليّا خذله اللّه يوم يعرض عليه،و من نصر عليّا نصره اللّه يوم يلقاه،و لقّنه حجته عند المنازلة(المسائلة).

ثمّ قال صلوات اللّه عليه و آله:و الحسن و الحسين إماما أمتي بعد أبيهما،و سيّدا شباب أهل الجنّة،و أمّهما سيّدة نساء العالمين،و أبوهما سيّد الوصيّين،و من ولد الحسين تسعة أئمّة،تاسعهم القائم عليه السّلام من ولدي،طاعتهم طاعتي،و معصيتهم معصيتي،إلى اللّه أشكو المنكرين لفضلهم،و المضيّعين لحقّهم(لحرمتهم)بعدي،و كفى باللّه وليّا،و كفى باللّه نصيرا(و ناصرا)لعترتي و أئمّة أمّتي،و منتقما من الجاحدين لحقّهم وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (3).

618-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم،عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه،عن جدّه عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:القائم من ولدي اسمه اسمي،و كنيته2.

ص: 322


1- -تأويل الآيات الظاهرة 392/1-393 ح 18.
2- -الشعراء:277.
3- -كمال الدّين 260/1؛المحجّة 162.

كنيتي،و شمائله شمائلي،و سنّته سنتي،يقيم الناس على ملّتي و شريعتي،و يدعوهم إلى كتاب ربّي عزّ و جلّ،من أطاعه فقد أطاعني،و من عصاه فقد عصاني،و من أنكره في غيبته فقد أنكرني،و من كذّبه فقد كذّبني،و من صدّقه فقد صدّقني،إلى اللّه أشكو المكذّبين لي في أمره،و الجاحدين لقولي في شأنه،و المضلّين لأمّتي عن طريقته، وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (1).6.

ص: 323


1- -نفس المصدر 411/2 ح 6.

سورة النمل

اشارة

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً وَ قالاَ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (1).

619-روى العلاّمة عليّ بن إبراهيم القمّي؛في الآية الكريمة،قال:

أعطي داود و سليمان ما لم يعط أحدا من انبياء اللّه من الآيات،علّمهما منطق الطير، و ألان لهما الحديد و الصفر من غير نار،و جعلت الجبال يسبّحن مع داود،و أنزل اللّه عليه الزبور فيه توحيد و تمجيد و دعاء و أخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أمير المؤمنين عليه السّلام، و الأئمّة عليهم السّلام،من ذرّيتهما عليهما السّلام،و أخبار الرجعة،و القائم عليه السّلام،لقوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ 2 (2).

الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللّهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ (3).

620-روى العلاّمة ابن شهرآشوب؛عن ابن عبّاس في قوله: اَلْحَمْدُ لِلّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى قال:هم أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:عليّ بن أبي طالب و فاطمة،

ص: 324


1- -النمل:59.
2- -تفسير القمّي 126/2.
3- -النمل:59.

و الحسن و الحسين عليهم السّلام و أولادهم إلى يوم القيامة،هم صفوة اللّه و خيرته من خلقه (1).

الآية الثالثة قوله عزّ و جلّ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (2).

621-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،في قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ،قال:نزلت في القائم عليه السّلام،و كان جبرئيل عليه السّلام على الميزاب في صورة طير أبيض،فيكون أوّل خلق اللّه مبايعة له-أعني جبرئيل-و يبايعه الناس الثلاثمائة و ثلاثة عشر،فمن كان ابتلي بالمسير،وافى تلك الساعة،و من(لم يبتل بالمسير)فقد من فراشه،و هو قول أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:«المفقودون من فرشهم»و هو قول اللّه عزّ و جلّ: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (3)قال:الخيرات الولاية لنا أهل البيت (4).

622-و روى محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم في كتاب«علل الأشياء»في قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ ،قال،قال الصادق عليه السّلام:هو و اللّه القائم إذا قام في الكعبة و صلّى ركعتين و دعا اللّه،فهذا ممّا لم يكن بعد،و سيكون إن شاء اللّه (5).

623-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:إنّ القائم إذا خرج،دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة و يجعل ظهره إلى المقام ثمّ يصلّي ركعتين،ثمّ يقوم فيقول:

يا أيّها الناس أنا أولى الناس بآدم،يا أيّها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم،يا أيّها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل،يا أيّها الناس أنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو و يتضرّع حتّى يقع على وجهه،و هو قوله عزّ و جلّ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (6).5.

ص: 325


1- -مناقب آل أبي طالب 380/3.
2- -النمل:62.
3- -البقرة:148.
4- -الغيبة للنعمانيّ 314 ح 6؛بحار الأنوار 369/52.
5- -إثبات الهداة 576/3 ح 730.
6- -تأويل الآيات الظاهرة 402/1-403 ح 5.

624-و بالإسناد عن ابن عبد الحميد،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ،قال:هذا نزلت في القائم عليه السّلام إذا خرج تعمّم و صلّى عند المقام و تضرّع إلى ربّه،فلا تردّ له راية أبدا (1).

625-و في تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ روى بإسناده عن صالح بن عقبة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:نزلت في القائم عليه السّلام،هو و اللّه المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين و دعا اللّه فأجابه،و يكشف السوء و يجعله خليفة في الأرض (2).

626-روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام،أنّه قال:يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب- و أومى بيده إلى ناحية ذي طوى-حتّى إذا كان قبل خروجه،انتهى المولى الّذي معه حتّى يلقى بعض أصحابه،فيقول:كم أنتم هاهنا ؟فيقولون:نحوا من أربعين رجلا،فيقول:كيف أنتم إذا رأيتم صاحبكم؟فيقولون:و اللّه لو ناوى الجبال لناويناها معه،ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول:أشيروا إلى رؤسائكم و أخياركم عشرة،فيشيرون له إليهم،فينطلق بهم حتّى يلقوا صاحبهم و يعدهم الليلة الّتي تليها.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:و اللّه لكأنّي انظر إليه و قد أسند ظهره إلى الحجر،فينشد اللّه حقّه، ثمّ يقول:يا أيّها الناس من يحاجّني في اللّه فأنا أولى الناس باللّه،أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم،أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح،أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم،أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى،أيّها الناس من يحاجّني بعيسى فأنا أولى الناس بعيسى، أيّها الناس من يحاجّني بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله،أيّها الناس من يحاجّني بكتاب اللّه فأنا أولى الناس بكتاب اللّه،ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين و ينشد اللّه حقّه.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:و هو و اللّه المضطرّ الّذي يقول: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ2.

ص: 326


1- -نفس المصدر 403/1 ح 6.
2- -تفسير القمّي 129/2.

وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ فيه نزلت (1).

627-روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن صالح بن عقبة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السّلام،هو و اللّه المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين و دعا اللّه فأجابه،و يكشف السوء و يجعله خليفة في الأرض (2).

628-عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي خالد الكابليّ،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:و اللّه لكأنّي انظر إلى القائم عليه السّلام و قد أسند ظهره الى الحجر،ثمّ ينشد اللّه حقّه،ثمّ يقول:يا أيّها الناس من يحاجّني في اللّه فأنا أولى باللّه،أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم عليه السّلام،يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح عليه السّلام،أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم عليه السّلام،يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى بموسى عليه السّلام،أيّها الناس من يحاجّني في عيسى فأنا أولى بعيسى عليه السّلام،أيّها الناس من يحاجّني في رسول اللّه(محمّد)فأنا أولى برسول اللّه(بمحمّد)صلّى اللّه عليه و آله و سلم،أيّها الناس من يحاجّني في كتاب اللّه فأنا أولى بكتاب اللّه.ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين و ينشد اللّه حقه.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:هو-و اللّه-المضطرّ في كتاب اللّه في قوله: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ فيكون أوّل من يبايعه جبريل،ثمّ الثلاثمائة و الثلاثة عشر رجلا،فمن كان ابتلي بالمسير وافى،و من لم يبتل بالمسير فقد من فراشه،و هو قول أمير المؤمنين عليه السّلام:«هم المفقودون من فرشهم»و ذلك قول اللّه: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (3)قال:الخيرات الولاية (4).

الآية الرابعة قوله عزّ و جلّ: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (5).2.

ص: 327


1- -الغيبة للنعمانيّ 95؛تفسير العيّاشي 56/2 ح 49.
2- -تفسير القمّي 129/2.
3- -البقرة:148.
4- -تفسير القمّي 129/2.
5- -النمل:82.

خروج دابّة الأرض في آخر الزمان

629-روى القمّيّ في تفسيره،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:قال رجل لعمّار بن ياسر:يا أبا اليقظان آية في كتاب اللّه قد أفسدت قلبي و شكّكتني،قال عمّار:و أيّ آية هي؟قال:قول اللّه: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ الآية،فأيّ دابّة هي؟قال عمّار:

و اللّه ما أجلس و لا آكل و لا أشرب حتّى اريكها،فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يأكل تمرا و زبدا،فقال له:يا أبا اليقظان هلمّ،فجلس عمّار و أقبل يأكل معه،فتعجّب الرجل منه،فلمّا قام عمّار قال له الرجل:سبحان اللّه يا أبا اليقظان، حلفت أنّك لا تأكل و لا تشرب و لا تجلس حتّى ترينيها؟قال عمّار:قد أريتكها إن كنت تعقل! (1).

630-عن تأويل ما نزل من القرآن في النبيّ و آله صلّى اللّه عليه و آله لمحمّد بن العبّاس،بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يأكل خبزا و خلاّ و زيتا،فقلت:

يا أمير المؤمنين،قال اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ فما هذه الدابّة؟قال:هي دابّة تأكل خبزا و خلاّ و زيتا (2).

631-روى عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره للآية،بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:انتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو نائم في المسجد،قد جمع رملا و وضع رأسه عليه،فحرّكه برجله ثمّ قال له:قم يا دابّة اللّه،فقال رجل من أصحابه:

يا رسول اللّه أ يسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟قال:لا و اللّه،ما هو إلاّ له خاصة،و هو الدابة الّتي ذكر اللّه في كتابه: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ .

ثمّ قال:يا عليّ،إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة،و معك ميسم تسم به أعداءك.فقال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ الناس يقولون هذه الدابّة إنّما تكلمهم؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:كلمهم اللّه في نار جهنّم،إنّما هو يكلّمهم من الكلام.

ص: 328


1- -تفسير القمّي 131/2.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 404/1 ح 9.

و الدليل على أنّ هذا في الرجعة قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1)قال:الآيات أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام.فقال الرجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ العامّة تزعم أنّ قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ،عنى يوم القيامة.فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أ فيحشر اللّه من كلّ امّة فوجا و يدع الباقين؟لا و لكنّه في الرجعة،و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً 2 (2).

632-روى الصفّار رحمه اللّه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال لي معاوية:يا معشر الشيعة،تزعمون أنّ عليا دابّة الأرض؟فقلت:نحن نقول اليهود تقوله،قال:فأرسل إلى رأس الجالوت،فقال: ويحك تجدون دابّة الأرض عندكم؟فقال:نعم،فقال:و ما هي؟ فقال:رجل،فقال:أ تدري ما اسمه؟قال:نعم،اسمه ايليا،قال:فالتفت إليّ فقال: ويحك يا أصبغ،ما أقرب ايليا من عليّا! (3).

633-روى السيّد ابن طاوس؛عن نعيم،بسنده عن عبد اللّه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

خروج الدابّة بعد طلوع الشمس،فإذا خرجت قتلت الدابّة إبليس و هو ساجد،و يتمتّع المؤمنون في الأرض بعد ذلك أربعين سنة،لا يتمنّون شيئا إلاّ أعطوه و وجدوه،فلا جور و لا ظلم،و قد أسلم الأشياء لربّ العالمين طوعا و كرها،و المؤمنون طوعا و الكفّار كرها، و السبع و الطير كرها،حتّى أنّ السبع لا يؤذي دابّة و لا طيرا،و يلد المؤمن فلا يموت حتّى يتمّ أربعين سنة بعد خروج دابة الأرض،ثمّ يعود فيهم الموت،فيمكثون بذلك ما شاء اللّه، ثمّ يسرع الموت في المؤمنين،فلا يبقى مؤمن،فيقول الكافر:قد كنّا مرعوبين من المؤمنين،فلم يبق منهم أحد،و ليس يقبل منّا توبة،فما لنا لا نتهارج،فيتهارجون في الطريق تهارج البهائم،ثمّ يقوم أحدهم بامّه و اخته و ابنته،فينكح في وسط الطريق،يقوم عنها واحد و ينزل عليها آخر لا ينكر و لا يغيّر،فأفضلهم يومئذ من يقول:لو تنحّيتم عن الطريق كان أحسن،فيكونون كذلك حتّى لا يبقى أحد من أولاد النكاح،و يكون جميع9.

ص: 329


1- -النمل:83 و 84.
2- -تفسير القمّيّ 130/2؛بحار الأنوار 243/39.
3- -مختصر بصائر الدرجات 208 و 209.

أهل الأرض أولاد السفاح،فيمكثون بذلك ما شاء اللّه،ثمّ يعقم اللّه أرحام النساء ثلاثين سنة فلا تلد امرأة،و لا يكون في الأرض طفل،يكونون كلّهم أولاد الزنا،شرار الناس، و عليهم تقوم الساعة (1).

634-و روى السيّد ابن طاوس؛عن نعيم في حديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:تخرج الدابّة معها عصا موسى و خاتم سليمان،فتجلو وجه المؤمن بالعصا،و تخطم أنف الكافر بالخاتم (2).

635-روى الثقة الصفّار بإسناده عن أبي الصامت الحلوانيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه:أنا قسيم الجنّة و النار،لا يدخلها داخل إلاّ على أحد قسمين،و لقد اعطيت الستّ:علم المنايا و البلايا،و الوصايا،و الأنساب،و فصل الخطاب،و انّي لصاحب الكرّات و دولة الدول،و انّي لصاحب العصا و الميسم،و الدابّة الّتي تكلّم الناس (3).

636-روى ابن حمّاد عن ابن شوذب،قال:قال عمر:لا تخرج الدابّة حتّى لا يبقى في الأرض مؤمن،و اقرءوا إن شئتم: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ... (4).

637-روى الحافظ الديلميّ بإسناده عن حلس بن المعتمر،عن سلمان مرفوعا:

«مثل امّتي و مثل الدابة الّتي تخرج كمثل حيّز بني و رفعت حيطانه و سدّت أبوابه،و طرح فيه من الوحوش كلّها،ثمّ جيء بالأسد فطرح وسطها،فانذعرت و أقبلت إلى النفق تلمسه من كلّ جانب،كذلك امّتي عند خروج الدابّة،لا يفرّ منها أحد إلاّ مثّلت بين عينيه،و لها سلطان من ربّنا عظيم» (5).

638-روى الحافظ الطيالسيّ بإسناده عن أبي سريحة،قال:ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الدابّة فقال:«لها ثلاث خرجات من الدهر،فتخرج في أقصى البادية،و لا يدخل ذكرها القرية يعني مكّة،ثمّ تكمن زمانا طويلا،ثمّ تخرج خرجة اخرى دون ذلك،فيعلو ذكرها أهل4.

ص: 330


1- -التشريف بالمنن 212 ب 212؛و أخرجه الحاكم في المستدرك 521/4-522.
2- -التشريف بالمنن 210 ب 209.
3- -بصائر الدرجات 199 ح 1.
4- -الفتن لابن حمّاد 187(نقلا عن معجم أحاديث المهديّ).
5- -الفردوس 130/4 ح 6404.

البادية،و يدخل ذكرها القرية يعني مكّة.قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ثمّ بينما الناس في أعظم المساجد على اللّه حرمة و خيرها و أكرمها المسجد الحرام،لم يرعهم إلاّ و هي و ترغو بين الركن و المقام تنفض عن رأسها التراب،فارفض الناس معها شتّى وقعا،و ثبت عصابة من المؤمنين و عرفوا أنّهم لن يعجزوا اللّه،فبدأت بهم فجلت وجوههم حتّى تجعلها كأنّها الكوكب الدرّيّ،و ولّت في الأرض لا يدركها طالب،و لا ينجو منها هارب،حتّى أنّ الرجل ليتعوّذ منها بالصلاة،فتأتيه من خلفه فتقول:يا فلان يا فلان الآن تصلّي؟فيقبل عليها فتسمه في وجهه ثمّ تنطلق.و يشترك الناس في الأموال،و يصطحبون في الأمصار، يعرف المؤمن من الكافر،حتّى أنّ المؤمن يقول:يا كافر اقضني حقّي،و حتّى أنّ الكافر يقول:يا مؤمن اقضني حقّي (1).

639-روى ابن أبي شيبة،عن أبي الطفيل،عن حذيفة،قال:تخرج الدابّة مرّتين قبل يوم القيامة،حتّى يضرب فيها رجال،ثمّ تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم،فتأتي القوم و هم مجتمعون عند رجل،فتقول ما يجمعكم عند عدوّ اللّه،فيبتدرون،فتسم الكافر،حتّى أنّ الرجلين ليتبايعان فيقول هذا:خذ يا مؤمن،و يقول هذا:خذ يا كافر (2).

640-روى الطيالسيّ بإسناده عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:تخرج الدابّة و معها خاتم سليمان عليه السّلام فتجلو وجه المؤمن بالعصا و تخطم أنف الكافر بالخاتم،حتّى أنّ أهل الخوان ليجتمعون،فيقول هذا:يا مؤمن و هذا:يا كافر (3).

641-و روى الداني عن عبد اللّه بن خالد بن معان،قال-و لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

لتخرجنّ الدابة حتّى تدخل على الناس في بيوتهم،فتخبرهم بأعمالهم،حتّى تقول أنت من أهل الجنّة و أنت من أهل النار،في وجوههم (4).

642-و روى الداني أيضا بإسناده عن ابن جريح قال:حدّثت عن أنس بن مالك قال في دابة الأرض-و لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ فيها من كلّ امّة سيماء،و إنّ سيماها من هذه).

ص: 331


1- -مسند الطيالسي 144 ح 1069.
2- -مصنّف ابن أبي شيبة 66/15 ح 19132.
3- -مسند الطيالسي 334 ح 2564.
4- -سنن الداني 145(نقلا عن معجم أحاديث المهديّ).

الامّة أنّها تتكلّم بلسان عربيّ مبين (1).

643-روى ابن حمّاد بإسناده عن ابن عمر-و لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله-قال:تخرج الدابّة ليلة جمع،يسيرون إلى جمع،فتخرج الدابّة فلا تدع منافقا إلاّ خطمته (2).

644-و روى أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي امامة،يرفعه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:تخرج الدابّة فتسم الناس على خراطيمهم،ثمّ يعمّرون فيكم حتّى يشتري الرجل البعير،فيقول ممّن اشتريته؟فيقول:اشتريته من أحد المخطمين (3).

645-و روى الداني بإسناده عن العلاء بن زياد،أنّ عبد اللّه بن عمرو قال-و لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله-لا تقوم الساعة حتّى يجتمع أهل البيت على الاناء الواحد،فيعرفوا مؤمنيهم من كافريهم،قالوا:كيف ذلك؟قال:إنّ الدابّة تخرج حين تخرج-و هي دابّة الأرض-فتمسح كلّ إنسان على مسجده،فأمّا المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو في وجهه حتّى يبيض لها وجهه،و أمّا الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشوا في وجهه حتّى يسودّ لها وجهه،حتّى أنّهم يتبايعون في أسواقهم،يقول هذا:كيف تبيع هذا يا مؤمن؟و يقول هذا:

كيف تأخذ هذا يا كافر؟فما يردّ بعضهم على بعض (4).

بيان:

يظهر من أحاديث الشيعة الواردة في تفسير قوله تعالى: أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أنّ ذلك يكون بعد المهديّ عليه السّلام في الرجعة،و تذكر بعض الروايات أنّ الدابة الموعودة بالآية هي عليّ عليه السّلام،و أنّه يخرج بأحسن صورة خلافا للروايات المتقدّمة من مصادر إخواننا السنّة،الّتي يصرّح بعضها بأنّ الدابّة تتكلّم بلسان عربيّ مبين،و بعضها ينفي أن يكون عليّا هو الدابّة الموعودة،و بعضها يقول أنّه عليه السّلام صاحب الدابّة و إليك نماذج منها:

646-روى العلاّمة عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:انتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو نائم في المسجد،قد جمع رملا5.

ص: 332


1- -نفس المصدر.
2- -الفتن لابن حمّاد 187.
3- -مسند أحمد بن حنبل 268/5.
4- -سنن الداني 145.

و وضع رأسه عليه،فحرّكه برجله،ثمّ قال:قم يا دابة الأرض،فقال رجل من أصحابه:

يا رسول اللّه،أ يسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟فقال:لا و اللّه ما هو إلاّ له خاصّة،و هو الدابّة الّتي ذكر اللّه في كتابه وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ .ثمّ قال:يا عليّ،إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة و معك ميسم تسم به أعداءك (1).

الآية الخامسة قوله عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (2).

647-روى عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:ما يقول الناس في هذه الآية: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ؟قلت:يقولون أنّها في القيامة،قال:

ليس كما يقولون،إنّ ذلك في الرجعة،أ يحشر اللّه في القيامة من كلّ امّة فوجا و يدع الباقين؟إنّما آية القيامة قوله: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (3).

648-و روى القمّي بإسناده عن المفضّل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً قال:ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ يرجع حتّى يموت،و لا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضا و من محض الكفر محضا (4).

649-روى سعد بإسناده عن محمّد بن الطيار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً فقال:ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ سيرجع حتّى يموت،و لا أحد من المؤمنين مات إلاّ سيرجع حتّى يقتل (5).

650-سعد،بإسناده عن أبي بصير،قال:قال لي أبي جعفر عليه السّلام:ينكر أهل العراق الرجعة؟قلت:نعم،قال:أ ما يقرءون القرآن: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (6).

الآية السادسة قوله عزّ و جلّ: وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ (7).3.

ص: 333


1- -تفسير القمّي 130/2.
2- -النمل:83.
3- -تفسير القمّيّ 24/1.
4- -تفسير القمّيّ 131/2.
5- -بحار الأنوار 40/53.
6- -نفس المصدر 40/53.
7- -النمل:93.

651-روى القمّي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً (1):و سيريكم في آخر الزمان آيات،منها دابّة في الأرض،و الدجّال و نزول عيسى بن مريم عليه السّلام و طلوع الشمس من مغربها (2).1.

ص: 334


1- -الأنعام:37.
2- -تفسير القمّيّ 198/1.

سورة القصص

اشارة

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (1).

652-روي من طريق العامة عن زاذان،عن سلمان قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ اللّه تعالى لم يبعث نبيّا و لا رسولا إلاّ جعل له اثني عشر نقيبا(ثمّ ذكر أسماء الأئمّة،إلى أن قال)ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهديّ القائم بأمر اللّه ثمّ قال:يا سلمان...و ذلك تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ قال:فقمت من بين يديه و ما ابالي لقيت الموت أو لقيني (2).

653-روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن الحسين،عن أبيه،عن جدّه،عن عليّ عليه السّلام في قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ قال:هم آل محمّد،يبعث اللّه مهديهم بعد جهدهم،

ص: 335


1- -القصص:5 و 6.
2- -دلائل الإمامة 237.

فيعزّهم و يذلّ عدوّهم (1).

654-روى السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب الأنوار المضيئة،بإسناده عن محمّد بن أحمد الأيادي،يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،قال:المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم اللّه أئمّة:نحن أهل البيت،يبعث اللّه مهديّهم فيعزّهم و يذلّ عدوّهم (2).

655-الشيباني:روى عن الباقر و الصادق عليهما السّلام أنّ فرعون و هامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش،يحييهما اللّه تعالى عند قيام القائم من آل محمّد عليه السّلام في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا (3).

656-عليّ بن إبراهيم بعد قوله: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً -إلى قوله - إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ قال:فأخبر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بما لقى موسى و أصحابه من فرعون من القتل و الظلم ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من امّته،ثمّ بشّره بعد تعزيته أنّه يتفضّل عليهم بعد ذلك و يجعلهم خلفاء في الأرض و أئمّة على امّته،و يردّهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتّى ينتصفوا منهم (4).

657-و روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظر إلى عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام فبكى و قال:أنتم المستضعفون بعدي،قال المفضّل:فقلت له:ما معنى ذلك يا ابن رسول اللّه؟قال:معناه أنّكم الأئمّة بعدي،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة (5).

658-محمّد بن العبّاس،بإسناده عن ربيعة بن ناجد،قال:سمعت عليّا في هذه الآية و قرأها،قوله عزّ و جلّ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ و قال:لتعطفنّ هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف الضروس على ولدها (6).1.

ص: 336


1- -بحار الأنوار 54/51.
2- -نفس المصدر 63/51.
3- -تفسير البرهان 220/3 ح 1.
4- -تفسير البرهان 220/3 ح 2.
5- -معاني الأخبار 79 ح 1؛بحار الأنوار 168/24.
6- -تأويل الآيات الظاهرة 413/1-414 ح 1.

659-و قال:بإسناده عن أبي صالح،عن عليّ عليه السّلام،كذا قال في قوله عزّ و جلّ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة،لتعطفنّ علينا هذه الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها.

و الضروس الناقة يموت ولدها أو يذبح و يحشى جلده،فتدنو منه فتعطف عليه (1).

660-الشيباني في كشف نهج البيان،روى في أخبارنا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام أنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الّذي يظهر في آخر الزمان و يبيد الجبابرة و الفراعنة،و يملك الأرض شرقا و غربا،فيملأها عدلا كما ملئت جورا (2).

661-روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة عليها السّلام بإسناده عن زادان، عن سلمان،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:إن اللّه تبارك و تعالى لم يبعث نبيّا و لا رسولا إلاّ جعل له اثنى عشر نقيبا،فقلت:يا رسول اللّه لقد عرفت هذا من أهل الكتابين،فقال:يا سلمان هل علمت من نقبائي و من الاثنا عشر الذين اختارهم اللّه للأمّة من بعدي؟فقلت:

اللّه و رسوله أعلم.

فقال:يا سلمان،خلقني اللّه من صفوة نوره و دعاني فأطعته،و خلق من نوري عليّا عليه السّلام و دعاه فأطاعه،و خلق منّي و من نور عليّ فاطمة عليها السّلام فدعاها فأطاعته،و خلق مني و من عليّ و فاطمة الحسن عليه السّلام فدعاه فأطاعه و خلق منّي و من عليّ و فاطمة الحسين عليه السّلام فدعاه فأطاعه.

ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه،فاللّه المحمود و أنا محمّد،و اللّه العليّ فهذا عليّ، و اللّه الفاطر فهذه فاطمة،و اللّه ذو الاحسان و هذا الحسن،و اللّه المحسن و هذا الحسين،ثمّ خلق منّا و من نور الحسين تسعة أئمّة،فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق اللّه سماء مبنيّة و لا أرضا مدحيّة و لا ملكا و لا بشرا دوننا نورا،و كنّا نسبّح اللّه و نسمع له و نطيع.

قال سلمان:فقلت:يا رسول اللّه بأبي أنت و أمّي،فما لمن عرف هؤلاء؟

فقال:يا سلمان،من عرفهم حق معرفتهم و اقتدى بهم و والى وليّهم و تبرّأ من عدوّهم، فهو و اللّه منّا،يرد حيث نرد و يسكن حيث نسكن.فقلت:يا رسول اللّه فهل يمكن إيمان8.

ص: 337


1- -تأويل الآيات الظاهرة 414/1 ح 2.
2- -تفسير البرهان 220/3 ح 12؛المحجّة 168.

بهم بغير معرفة بأسمائهم و انسابهم؟فقال:لا يا سلمان،فقلت:يا رسول اللّه فأنّى لي بهم و قد عرفت إلى الحسين عليه السّلام؟

قال:ثمّ سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام،ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليه السّلام باقر علم الأوّلين و الآخرين،من النبيّين و المرسلين،ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان اللّه الصادق عليه السّلام، ثمّ ابنه موسى بن جعفر عليه السّلام الكاظم غيظه في سبيل اللّه عزّ و جلّ،ثمّ ابنه عليّ بن موسى الرضا لأمر اللّه عليه السّلام،ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليه السّلام المختار من خلق اللّه،ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلى اللّه،ثمّ الحسن بن عليّ عليه السّلام الصامت الأمين لسرّ اللّه،ثمّ ابنه محمّد بن الحسن الهادي المهديّ عليه السّلام الناطق القائم بحقّ اللّه(بأمر اللّه).

ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم:يا سلمان إنّك مدركه و من كان مثلك و من تولاّه بحقيقة المعرفة.

قال سلمان:فشكرت اللّه كثيرا،ثمّ قلت:يا رسول اللّه و إني مؤجّل إلى عهده؟

قال:يا سلمان اقرأ،فقرأ قوله تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (1).

قال سلمان:فاشتدّ بكائي و شوقي،ثمّ قلت:يا رسول اللّه أ بعهد منك؟

فقال:اي و اللّه الّذي أرسل محمّدا بالحقّ منّي و من عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و التسعة،و كلّ من هو منا و معنا و مضام فينا،أي و اللّه يا سلمان،ليحضرنّ إبليس له و جنوده و كلّ من محض الإيمان محضا و محض الكفر محضا،حتى يؤخذ بالقصاص و الأوتار و لا يظلم ربّك أحدا،و يحقّ تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ .

قال سلمان:فقمت من بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ما يبالي سلمان متى لقي الموت أو الموت لقاه (2).7.

ص: 338


1- -الإسراء:5 و 6.
2- -دلائل الإمامة 237.

الإمام المهديّ عليه السّلام يقرأ الآية عند مولده الشريف

662-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قالت:بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام،فقال:يا عمّة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا،فإنّها ليلة النصف من شعبان،فإنّ اللّه تبارك و تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة،و هو حجّته في أرضه.

قالت:فقلت له:و من امّه؟

قال لي:نرجس،قلت له:جعلني اللّه فداك ما بها أثر!

فقال:هو ما أقول لك.

قالت:فجئت فلمّا سلّمت و جلست جاءت تنزع خفيّ و قالت لي:يا سيّدتي و سيّدة أهلي كيف أمسيت؟فقلت:بل أنت سيّدتي و سيّدة أهلي،قالت:فأنكرت قولي و قالت:ما هذا يا عمّة؟قالت:فقلت لها:يا بنيّة إنّ اللّه تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في الدنيا و الآخرة،قالت:فخجلت و استحيت.

فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة،أفطرت و أخذت مضجعي فرقدت،فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة،ففرغت من صلاتي و هي نائمة ليس بها حادث،ثمّ جلست معقّبة،ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة و هي راقدة،ثمّ قامت فصلّت و نامت.

قالت حكيمة:و خرجت أتفقّد الفجر،فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان،و هي نائمة،فدخلني الشكوك،فصاح بي أبو محمّد عليه السّلام من المجلس،فقال:لا تعجلي يا عمّة فهاك-الأمر قد قرب،قالت:فجلست و قرأت الم السجدة و يس،فبينما أنا كذلك،إذ انتبهت فزعة،فوثبت إليها فقلت:اسم اللّه عليك،ثمّ قلت لها:أ تحسّين شيئا؟قالت:نعم يا عمّة،فقلت لها:اجمعي نفسك و اجمعي قلبك فهو ما قلت لك،قالت:فأخذتني فترة و أخذتها فترة،فانتبهت بحسّ سيّدي،فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السّلام ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده،فضممته إليّ،فإذا أنا به نظيف متنظّف،فصاح بي أبو محمّد عليه السّلام:هلمّي إليّ ابني يا عمّة،فجئت به إليه،فوضع يديه تحت أليتيه و ظهره،و وضع قدمه على صدره، ثمّ أدلى بلسانه في فيه و أمرّ يده على عينيه و سمعه و مفاصله،ثمّ قال:تكلّم يا بنيّ.

ص: 339

فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ صلّى على أمير المؤمنين عليه السّلام و على الأئمّة عليهم السّلام إلى أن وقف على أبيه،ثمّ أحجم.

ثمّ قال أبو محمّد عليه السّلام:يا عمّة اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها و ائتني به،فذهبت به فسلّم عليها،و رددته فوضعته في المجلس،ثمّ قال:يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا.

قالت حكيمة:فلمّا أصبحت جئت لاسلّم على أبي محمّد عليه السّلام و كشفت الستر لأتفقّد سيّدي،فلم أره،فقلت:جعلت فداك ما فعل سيّدي؟فقال:يا عمّة استودعناه الّذي استودعته أمّ موسى،موسى عليه السّلام.

قالت حكيمة:فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت و جلست،فقال:هلمّي إليّ ابني،فجئت سيّدي عليه السّلام و هو في الخرقة ففعل به كفعلته الاولى،ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبنا أو عسلا،ثمّ قال:تكلّم يا بنيّ.

فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و ثنّى بالصلاة على محمّد و على أمير المؤمنين و على الأئمّة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين،حتّى وقف على أبيه عليه السّلام،ثمّ تلا هذه الآية:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ قال موسى-راوي الحديث-.

فسألت عقبة الخادم عن هذه،فقالت:صدقت حكيمة (1).

663-روى العلاّمة البيّاضي؛قال:قالت حكيمة:قرأت على امّه نرجس وقت ولادته التوحيد،و القدر،و آية الكرسي،فأجابني من بطنها بقراءتي،ثمّ وضعته ساجدا إلى القبلة، فأخذه أبوه و قال:انطق بإذن اللّه،فتعوّذ و سمّى و قرأ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ الآيتين،و صلّى على محمّد و عليّ و فاطمة و الأئمّة واحدا واحدا باسمه إلى آخرهم،و كان مكتوبا على ذراعه الأيمن: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (2)...الحديث (3).0.

ص: 340


1- -كمال الدّين 424/2-426 ح 1.
2- -الإسراء:81.
3- -الصراط المستقيم 209/2-210.

صورة ثانية لحديث المولد الشريف

664-روى المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب من علماء القرن الخامس قال:و قرأت في كتاب الوصايا و غيره بأنّ جماعة من الشيوخ العلماء،منهم:علال الكلابيّ و موسى بن أحمد الفزاريّ و أحمد بن جعفر و محمّد رووا بأسانيدهم،أنّ حكيمة بنت أبي جعفر عمّة أبي محمّد عليه السّلام قالت:و كنت أدعو اللّه له أن يرزقه ولدا فدعوت له كما كنت أدعو،فقال عليه السّلام:يا عمّة أما أنّه يولد في هذه الليلة-و كانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين-المولود الّذي كنّا نتوقّعه،فاجعلي إفطارك عندنا،و كانت ليلة الجمعة.

قالت حكيمة:ممّن يكون هذا المولود يا سيّدي؟

فقال عليه السّلام:من نرجس،قالت:و لم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها و لا أخفّ على قلبي،و كنت إذا دخلت الدار تتلقّاني و تقبّل يدي و تنزع خفيّ بيدها،فلمّا دخلت عليها فعلت بي ما كانت تفعل،فانكببت على يدها فقبّلتها و منعتها ممّا كانت تفعله،فخاطبتني بالسيادة،فخاطبتها بمثلها فأنكرت ذلك،فقلت لها:لا تنكري ما فعلت،فإنّ اللّه تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيّدا في الدنيا و الآخرة،فاستحيت.

قالت حكيمة:فتعجّبت و قلت لأبي محمّد عليه السّلام:لست أرى بها أثر الحمل،فتبسّم عليه السّلام و قال لي:إنّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون،و لكنّا نحمل في الجنوب،و في هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الكريم على اللّه إن شاء اللّه تعالى.

قالت حكيمة:و نمت بالقرب من الجارية،و بات أبو محمّد عليه السّلام في صفّ،فلمّا كان وقت الليل،قمت إلى الصلاة و الجارية نائمة ما بها أثر ولادة،و أخذت في صلاتي ثمّ أوترت و أنا في الوتر،فوقع في نفسي أنّ الفجر قد ظهر،و دخل في قلبي شيء،فصاح أبو محمّد عليه السّلام من الصف:لم يطلع الفجر يا عمّة،فأسرعت الصلاة،و تحرّكت الجارية فدنوت منها و ضممتها إليّ و سمّيت عليها،ثمّ قلت لها:هل تحسّين؟

قالت:نعم،فوقع عليّ سبات لم أتمالك معه أن نمت،و وقع على الجارية مثل ذلك فنامت و هي قاعدة،فلم تنتبه إلاّ و يحسّ مولاي و سيّدي تحتها،و إذا بصوت أبي

ص: 341

محمّد عليه السّلام و هو يقول:يا عمّتاه هاتي ابني إليّ،فكشفت عن مولاي عليه السّلام و إذا هو ساجد و على ذراعه الأيمن مكتوب: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً فضممته إليّ فوجدته مفروغا منه مطهّر الختانة،فحملته إلى أبي محمّد عليه السّلام فأقعده على راحته اليسرى،و جعل يده اليمنى على ظهره،ثمّ أدخل السبّابة في فيه،و أمرّ يده على عينيه و سمعه(صاهره)ثمّ قال:تكلّم يا بني.

فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،و أنّ أمير المؤمنين عليّا ولي اللّه،ثمّ لم يزل يعدّ السادة الأوصياء إلى أن بلغ إلى نفسه،و دعا لأوليائه على يديه بالفرج ثمّ صمت عليه السّلام،فقال أبو محمّد عليه السّلام:اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها و ردّيه إليّ،فمضيت به، و سلّم عليها و رددته،و وقع بيني و بينه شيء كالحجاب،فلم أر سيّدي و مولاي.فقلت لأبي محمّد عليه السّلام:يا سيّدي أين مولانا؟فقال:أخذه من هو أحقّ به منك و منّا،فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت و جلست.فقال أبو محمّد عليه السّلام:ائتني إليّ بابني،فجيء بسيّدي و هو في ثياب صفر،ففعل به كفعاله الاولى،ثمّ قال له:تكلّم يا بني.فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أثنى بالصلاة على محمّد و أمير المؤمنين و الأئمّة:و وقف عليه السّلام على أبيه،ثمّ قرأ: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ *وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ فخرجت من عندهم،ثمّ غدوت فافتقدته فلم أره،فقلت لأبي محمّد عليه السّلام:يا سيّدي ما فعلت بمولانا عليه السّلام؟فقال:يا عمّة استودعناه الّذي استودعته امّ موسى (1).

الآية الثانية قوله تعالى: فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ ؛ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ (2).

665-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان،قال:دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام و أنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى اللّه عليه و عليهم،فقال لي مبتدأ:يا محمّد بن مسلم،إنّ في القائم من1.

ص: 342


1- -عيون المعجزات 142-144؛و رواه المؤرّخ المسعودي في إثبات الوصيّة 219-220.
2- -القصص:18 و 21.

آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله شبها من خمسة من الرسل:يونس بن متّى و يوسف بن يعقوب و موسى و عيسى و محمّد صلوات اللّه عليهم.

فأمّا شبهه من يونس بن متّى،فرجوعه من غيبته و هو شاب بعد كبر السنّ.

و أمّا شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما السّلام،فالغيبة عن خاصّته و عامّته،و اختفاؤه من إخوته و إشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السّلام مع قرب المسافة بينه و بين أبيه و أهله و شيعته.

و أمّا شبهه من موسى عليه السّلام،فدوام خوفه،و طول غيبته،و خفاء ولادته و تعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى و الهوان،إلى أن أذن اللّه عزّ و جلّ في ظهوره و نصره و أيّده على عدوّه.

و أمّا شبهه من عيسى عليه السّلام،فاختلاف من اختلف فيه،حتّى قالت طائفة منهم:ما ولد، و قالت طائفة:مات،و قالت طائفة:قتل و صلب.

و أمّا شبهه من جدّه المصطفى صلّى اللّه عليه و آله،فخروجه بالسيف و قتله أعداء اللّه و أعداء رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و الجبّارين و الطواغيت،و أنّه ينصر بالسيف و الرعب،و أنّه لا تردّ له راية.

و إنّ من علامات خروجه:خروج السفيانيّ من الشام،و خروج اليمانيّ(من اليمن) و صيحة من السماء في شهر رمضان،و مناديا ينادي من السماء باسمه و اسم أبيه (1).

666-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،قال:سمعت أبا جعفر الباقر عليه السّلام يقول:

في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء:سنّة من موسى،و سنّة من عيسى،و سنّة من يوسف،و سنّة من محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين،فقلت:ما سنّة موسى؟قال:خائف يترقّب،قلت:و ما سنّة عيسى؟فقال:يقال فيه ما قيل في عيسى،قلت:فما سنّة يوسف؟ قال:السجن و الغيبة.قلت:و ما سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله؟قال:إذا قام،سار بسيرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ أنّه يبيّن آثار محمّد،و يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا هرجا،حتّى يرضى اللّه، قلت:فكيف يعلم رضا اللّه؟قال:يلقي اللّه في قلبه الرحمة (2).

667-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن سعيد بن جبير،قال:سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول:في القائم منّا سنن من الأنبياء،سنّة من أبينا آدم عليه السّلام،و سنّة5.

ص: 343


1- -كمال الدّين 327/1 ح 7؛بحار الأنوار 217/51.
2- -الغيبة للنعمانيّ 164 ح 5.

من نوح،و سنّة من إبراهيم و سنّة من موسى،و سنّة من عيسى،و سنّة من أيّوب،و سنّة من محمّد صلوات اللّه عليهم.فأمّا من آدم و نوح فطول العمر،و أمّا من إبراهيم فخفاء الولادة و اعتزال الناس،و أمّا من موسى فالخوف و الغيبة،و أمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه، و أمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى،و أمّا من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فالخروج بالسيف (1).

668-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن الصادق جعفر بن محمّد،عن أبيه محمّد بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال:قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام:في التاسع من ولدي سنّة عن يوسف و سنّة من موسى بن عمران عليهما السّلام،و هو قائمنا أهل البيت يصلح اللّه تبارك و تعالى أمره في ليلة واحدة (2).

669-روى السيّد عليّ بن عبد الحميد؛بسند يرفعه إلى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:كأنّي بالقائم بين ذي طوى قائما على رجليه خائفا يترقّب على سنّة موسى حتّى يأتي المقام فيدعو (3).

670-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سمعته يقول:في القائم عليه السّلام سنّة من موسى بن عمران عليه السّلام،فقلت:و ما سنّته من موسى بن عمران؟قال:خفاء مولده و غيبته عن قومه،فقلت:و كم غاب موسى عن أهله و قومه؟ فقال:ثماني و عشرين سنة (4).

671-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّ في صاحب هذا الأمر سننا من الأنبياء عليهم السّلام،سنّة من موسى بن عمران،و سنّة من عيسى، و سنّة من يوسف،و سنّة من محمّد صلوات اللّه عليهم،فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائف يترقّب و أمّا سنّة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى،و أمّا سنّة من يوسف فالستر،يجعل اللّه بينه و بين الخلق حجابا يرونه و لا يعرفونه،و أمّا سنّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فيهتدي بهداه و يسير بسيرته (5).6.

ص: 344


1- -كمال الدّين 321/1 ح 3-5؛كشف الغمّة 312/3.
2- -كمال الدّين 317/1 ح 1؛العدد القويّة 71 ح 112.
3- -منتخب الأنوار المضيئة 189؛بحار الأنوار 385/52.
4- -كمال الدّين 152/1 ح 14.
5- -كمال الدّين 350/2-351 ح 46.

672-و فيه مرسلا عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال:في القائم سنّة من موسى، و سنّة من يوسف،و سنّة من عيسى،و سنّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فأمّا سنّة موسى فخائف يترقّب، و أمّا سنّة يوسف فإنّ إخوانه كانوا يبايعونه و يخاطبونه و لا يعرفونه،و أمّا سنّة عيسى فالسياحة،و أمّا سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله فالسيف (1).

673-روى الطبريّ بإسناده عن أبي بصير،عن الصادق عليه السّلام قال:يكون في امّتي -يعني القائم-سنّة من أربعة أنبياء:سنّة من موسى خائف يترقّب،و سنّة من يوسف يعرفهم و هم له منكرون،و سنّة من عيسى و ما قتلوه و ما صلبوه،و سنّة من محمّد يقوم بالسيف (2).

674-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه مرسلا عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو،فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام خرج ليقتبس لأهله نارا،فرجع إليهم و هو رسول نبيّ،فأصلح اللّه تبارك و تعالى أمر عبده و نبيّه موسى عليه السّلام في ليلة،و هكذا يفعل اللّه تبارك و تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السّلام،يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه السّلام،و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و الظهور (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ (4).

كلام للمحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب

قال:عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه أخبر الامّة بخروج المهديّ خاتم الأئمّة عليه السّلام الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،و أنّ عيسى عليه السّلام ينزل عليه في وقت خروجه و ظهوره و يصلّي خلفه،و هذا خبر قد اتّفقت عليه الشيعة و العلماء و غير العلماء و السنّة و الخاصّ و العامّ و الشيوخ و الاطفال،لشهرة هذا الخبر،نعم و وجوب الحكمة من اللّه في

ص: 345


1- -نفس المصدر 28/2.
2- -دلائل الإقامة 251.
3- -كمال الدّين 151/1-152 ح 13؛بحار الأنوار 42/13.
4- -القصص:15.

غيبة صاحب الزمان كوجوب الحكمة من اللّه بوجوب الغيبة من الحجج المتقدمة و استتارهم،و ما هذا الجحود الظاهر منه إلاّ لقلّة تمييزهم و فهمهم و علمهم بالشرائع المتقدمة،و قد ألزمنا اللّه تعالى و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم الإقرار بالقائم المنتظر المهديّ عليه السّلام.

قال اللّه تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (1)إنّ اللّه سبحانه قد أخبر في قصّة موسى عليه السّلام أنّه قد كانت له شيعة بأمره عارفون،و بولايته متمسّكون،و لدعوته منتظرون،حيث يقول عزّ و جلّ: وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ .

و لمّا أخبر اللّه تعالى في كتابه أنّه قد كان لموسى عليه السّلام شيعة من قبل أن تظهر دعوته، و كانوا بأمره متمسّكين و إن لم يكونوا شاهدوا شخصه،علمنا أنّ الحكمة من اللّه سبحانه، و اتفقت السنّة أهل العلم أنّ موسى عليه السّلام أظهر دعوته بعد رجوعه من عند شعيب عليه السّلام حين سار بأهله من بعد السنين الّتي كان يرعى فيها أغنام شعيب عليه السّلام،و كان دخوله المدينة حين وجد فيها الرجلين يقتتلان قبل مصيره إلى شعيب،و كان القائل به و بنبوّته لم يكن يعرف شخصه،و كان يفترض على نفسه طاعته و انتظار دعوته،و لو لا أنّ الحجج الّذين تقدّموا شريعة موسى عليه السّلام أخبروا بما يكون من ظهور موسى عليه السّلام و قتله الفراعنة و الجبابرة، لما كان فرعون يقتل أولاد بني اسرائيل من طلب موسى عليه السّلام و هو في حجره يربّيه و لا يعرفه،و لو لم يكن في إخبارهم ما يكون من موسى عليه السّلام من الحكمة التامّة،لأمسكوا من ذلك حتّى يظهر عليه السّلام،و قد جاءت الروايات الكثيرة في حجج اللّه تعالى المتقدّمة في عصر آدم إلى زماننا هذا بأنّهم كان منهم المستخفون و منهم المستعلنون،و من قبل كانت قصة ابراهيم عليه السّلام مع النمرود كقصة موسى عليه السّلام،فإنّه بثّ أصحابه إلى طلبه ليقتله و هو كان في حال غيبته،و كان له عليه السّلام شيعة ينتظرون ظهوره،و إذا جاز في حكمة اللّه تعالى غيبة حجّة شهرا فقد جازت الغيبة سنة،و اذا جازت سنة واحدة،جازت سنين كثيرة على ما أوجبته حكمة اللّه تعالى و استقامة تدبيره.

و من المخالفين من يقولون بظهور المهديّ عليه السّلام،إلاّ انّهم يقولون إنّ الريب واقع عليهم4.

ص: 346


1- -محمّد:24.

لزعمهم بقاءه من وقت وفاة أبيه الحسن الأخير عليه السّلام إلى هذا الوقت،فإنّهم لم يشاهدوا من عمره أكثر من مائة سنة إلاّ و قد خرف و بطل و أشرف على الموت،و ما ذلك منهم الاّ لقلّة فهمهم و قلّة إيمانهم بقدرة اللّه تعالى،و جهلهم بما قصّه اللّه تعالى في محكم كتابه من قصة نوح عليه السّلام و أنّه لبث في قومه الف سنة إلاّ خمسين عاما،فكذلك جائز في حكمته و قدرته أن يعمّر الخلف الصالح الهادي المهديّ حجّته البالغة و كلمته التامّة و رايته الباقية عليه السّلام ما شاء و أراد على ما توجبه حكمته و استقامة أمره،إلى أن يظهر امره و يتمّ به ما وعده اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (2).

675-روي عن هارون بن مسعدة بإسناده عن العالم عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إن اللّه اختار من الأيّام يوم الجمعة،و من الليالي ليلة القدر،و من الشهور شهر رمضان، و اختارني و عليّا،و اختار من عليّ الحسن و الحسين،و اختار منهما تسعة،تاسعهم قائمهم،و هو ظاهرهم و هو باطنهم (3).

676-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن آبائه صلوات اللّه عليهم،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إن اللّه عزّ و جلّ اختار من الأيّام الجمعة،و من الشهور شهر رمضان،و من الليالي ليلة القدر،و اختارني على جميع الأنبياء،و اختار منّي عليّا و فضّله على جميع الأوصياء،و اختار من عليّ الحسن و الحسين،و اختار من الحسين الأوصياء من ولده،ينفون عن التنزيل و تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل المضلّين،تاسعهم قائمهم،و هو ظاهرهم و هو باطنهم (4).

677-روى أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق قدّس سرّه بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي،قال:سمعت سلمان الفارسي رضى اللّه عنه يقول:كنت جالسا بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضه الّتي قبض فيها،فدخلت فاطمة عليها السّلام،فلمّا رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتّى جرت دموعها على خدّيها،فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما يبكيك2.

ص: 347


1- -عيون المعجزات 141-143.
2- -القصص:68.
3- -إثبات الوصيّة 225.
4- -كمال الدّين 281/1 ح 32.

يا فاطمة؟

قالت:يا رسول اللّه أخشى على نفسي و ولدي الضيعة بعدك.

فاغرورقت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالبكاء،ثمّ قال:يا فاطمة أ ما علمت إنّا أهل بيت اختار اللّه عزّ و جلّ لنا الآخرة على الدنيا،و أنّه حتّم الفناء على جميع خلقه،و أنّ اللّه تبارك و تعالى أطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبيّا،ثمّ أطّلع إلى الأرض ثانية فاختار منها زوجك،و أوحى إليّ أن ازوّجك إيّاه و اتّخذه وليّا و وزيرا،و أن أجعله خليفتي في امّتي،فأبوك خير أنبياء اللّه و رسله،و بعلك خير الأوصياء،و أنت أوّل من يلحق بي من أهلي،ثمّ أطلع إلى الأرض اطّلاعة ثالثة فاختارك و ولديك،فأنت سيّدة نساء أهل الجنّة،و ابناك حسن و حسين سيّدا شباب أهل الجنّة،و أبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة،كلّهم هادون مهديّون،و أوّل الأوصياء بعدي أخي عليّ،ثمّ حسن،ثمّ حسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي،و ليس في الجنّة درجة أقرب إلى اللّه من درجتي و درجة أبي إبراهيم،أ ما تعلمين يا بنيّة أنّ من كرامة اللّه إيّاك أنّ زوجك خير امّتي،و خير أهل بيتي،أقدمهم سلما،و أعظمهم حلما و أكثرهم علما.

فاستبشرت فاطمة عليها السّلام و فرحت بما قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ثمّ قال:يا بنيّة،إنّ لبعلك مناقب:إيمانه باللّه و رسوله قبل كلّ أحد،فلم يسبقه إلى ذلك أحد من امّتي،و علمه بكتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّتي،و ليس أحد من امّتي يعلم جميع علمي غير عليّ عليه السّلام،و انّ اللّه عزّ و جلّ علّمني علما لا يعلمه غيري،و علّم ملائكته و رسله علما، فكلّ ما علّمه ملائكته و رسوله فأنا أعلمه،و أمرني اللّه أن اعلّمه إيّاه ففعلت،فليس أحد من امّتي يعلم جميع علمي و فهمي و حكمتي غيره،و إنّك يا بنيّة زوجته،و ابناه سبطاي حسن و حسين و هما سبطا امّتي،و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر،فإنّ اللّه جلّ و عزّ آتاه الحكمة و فصل الخطاب.

يا بنيّة،إنّا أهل بيت أعطانا اللّه عزّ و جلّ ستّ خصال لم يعطها أحدا من الأوّلين كان قبلكم،و لم يعطها أحدا من الآخرين غيرنا،نبيّنا سيّد الأنبياء و المرسلين و هو أبوك، و وصيّنا سيّد الأوصياء و هو بعلك،و شهيدنا سيّد الشهداء و هو حمزة بن عبد المطّلب عمّ

ص: 348

أبيك.

قالت:يا رسول اللّه هو سيّد الشهداء الّذين قتلوا معه؟

قال:لا بل سيّد شهداء الأوّلين و الآخرين ما خلا الأنبياء و الأوصياء،و جعفر ابن أبي طالب ذو الجناحين الطيّار في الجنّة مع الملائكة،و ابناك حسن و حسين سبطا امّتي و سيّدا شباب أهل الجنّة،و منّا و الّذي نفسي بيده مهديّ هذه الامّة الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

قالت:و أي هؤلاء الّذين سمّيتهم أفضل؟قال:عليّ بعدي أفضل امّتي،و حمزة و جعفر أفضل أهل بيتي بعد عليّ و بعدك و بعد ابنيّ و سبطيّ حسن و حسين،و بعد الأوصياء من ولد ابني هذا-و أشار إلى الحسين-منهم المهديّ؛إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا.

ثمّ نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إليها و إلى بعلها و إلى ابنيها،فقال:يا سلمان،أشهد اللّه أنّي سلم لمن سالمهم،و حرب لمن حاربهم،أما إنّهم معي في الجنّة.

ثمّ أقبل على عليّ عليه السّلام،فقال:يا أخي أنت ستبقى بعدي،و ستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك و ظلمهم لك،فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم و قاتل من خالفك بمن وافقك،و إن لم تجد أعوانا فاصبر،و كفّ يدك و لا تلق بها إلى التهلكة،فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى،و لك بهارون اسوة حسنة إذا استضعفه قومه و كادوا يقتلونه،فاصبر لظلم قريش إيّاك و تظاهرهم عليك،فإنّك بمنزلة هارون و من تبعه،و هم بمنزلة العجل و من تبعه.

يا عليّ إنّ اللّه تبارك و تعالى قد قضى الفرقة و الاختلاف على هذه الامّة،و لو شاء اللّه لجمعهم على الهدى حتّى لا يختلف اثنان من هذه الامّة و لا ينازع في شيء من أمره و لا يجحد المفضول لذي الفضل فضله،و لو شاء لعجّل النقمة و كان منه التغيير حتّى يكذّب الظالم و يعلم الحقّ أين مصيره،و لكنّه جعل الدنيا دار الأعمال و جعل الآخرة دار القرار لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى .

ص: 349

فقال عليّ عليه السّلام:الحمد للّه شكرا على نعمائه و صبرا على بلائه (1).

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2).

678-روى النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السّلام في حديث له يرويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام جاء فيه:و أمّا الردّ على من أنكر الرجعة،فقول اللّه عزّ و جلّ:

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أي رجعة الدنيا...الحديث (3).3.

ص: 350


1- -كمال الدّين 262/1 ح 10.
2- -القصص:85.
3- -تفسير النعمانيّ(المحكم و المتشابه)3،و المتن في 112-113.

سورة العنكبوت

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (1).

679-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن معمّر بن خلاّد،قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ ثمّ قال لي:ما الفتنة؟فقلت:جعلت فداك،الّذي عندنا أنّ الفتنة في الدّين،ثمّ قال:يفتنون كما يفتن الذهب،ثمّ قال:يخلصون كما يخلص الذهب (2).

680-و روى النعمانيّ بإسناده عن ابن نباتة،عن أمير المؤمنين عليه السّلام،أنّه قال:كونوا كالنحل في الطير،ليس شيء من الطير إلاّ و هو يستضعفها،و لو علمت الطير ما في أجوافها من البركة،لم يفعل بها ذلك،خالطوا الناس بألسنتكم و أبدانكم و زايلوهم بقلوبكم و أعمالكم،فو الّذي نفسي بيده ما ترون ما تحبّون حتّى يتفل بعضكم في وجوه بعض، و حتّى يسمّي بعضكم بعضا كذّابين،و حتّى لا يبقى منكم-أو قال:من شيعتي-كالكحل في العين و الملح في الطعام،و سأضرب لكم مثلا،و هو مثل رجل كان له طعام فنقّاه و طيّبه، ثمّ أدخله بيتا و تركه فيه ما شاء اللّه،ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس فأخرجه و نقّاه و طيّبه ثمّ أعاده إلى البيت فتركه ما شاء اللّه،ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصاب طائفة منه

ص: 351


1- -العنكبوت:1 و 2.
2- -بحار الأنوار 115/52.

السوس،فأخرجه و نقّاه و طيّبه و أعاده،و لم يزل كذلك حتّى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر لا يضرّه السوس شيئا،و كذلك أنتم تميّزون حتّى لا يبقى منكم إلاّ عصابة لا تضرّها الفتنة شيئا (1).

بيان للمجلسيّ

قوله عليه السّلام«كالنحل في الطير»أمر بالتقيّة،أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحقّ،كما أنّ النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور و إلاّ لأفنوها.و«الرّزمة»-بالكسر- ما شدّ في ثوب واحد،«و الأندر»البيدر (2).

681-روى الشيخ المفيد قدّس سرّه بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزا و تمحّصوا،فلا يبقى منكم إلاّ القليل،ثمّ قرأ: الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ ثمّ قال:إنّ من علامات الفرج حدثا بين المسجدين،و يقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب (3).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنّا كُنّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (4).

682-قال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ قال:إذا آذاه إنسان أو أصابه ضرّ أو فاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم،فرأى أنّ ما يفعلونه هو مثل عذاب اللّه الّذي لا ينقطع وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ يعني القائم لَيَقُولُنَّ إِنّا كُنّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ

5 .

ص: 352


1- -الغيبة للنعمانيّ 209 و 210 ح 17؛بحار الأنوار 115/52.
2- -بحار الأنوار 116/52.
3- -الإرشاد للمفيد 360.
4- -العنكبوت:10.

الآية الثالثة قوله سبحانه: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظّالِمُونَ (1).

683-روى محمّد بن العبّاس رحمة اللّه عليه بإسناده عن عليّ بن أسباط،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال:

نحن هم،فقال الرجل:جعلت فداك متى يقوم القائم؟فقال:كلّنا قائم بأمر اللّه واحد بعد واحد حتّى يجئ صاحب السيف،فإذا جاء كان الأمر غير هذا (2).

684-و روى العلاّمة شرف الدّين النجفي بإسناده عن عبد العزيز العبديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال:

هم الأئمّة من آل محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين باقية دائمة في كلّ حين (3).

685-عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام انه قرأ هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال:يا محمّد،و اللّه ما قال بين دفّتي المصحف،قلت:من هم جعلت فداك؟قال:من عسى أن يكونوا غيرنا (4).

686-و عن أبي الحسن الصيقل قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال:نحن و إيّانا عنى (5).

687-و عنه،بإسناده عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال:هم الأئمّة عليهم السّلام خاصّة،و ما يعقلها إلاّ العالمون،فزعم أنّ من عرف الامام و الآيات يعقل ذلك (6).

688-عليّ بن ابراهيم في قوله تعالى: وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا يعني ما يجحد بأمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام إِلاَّ الظّالِمُونَ (7).2.

ص: 353


1- -العنكبوت:49.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 432/1 ح 13؛بحار الأنوار 189/23.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 432/1 ح 14.
4- -تفسير البرهان 255/3 ح 7.
5- -نفس المصدر 255/3 ح 9.
6- -نفس المصدر 255/3 ح 12.
7- -تفسير القمّيّ 151/2.

سورة الروم

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (1).

689-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن عباية،عن عليّ عليه السّلام،قال:قوله عزّ و جلّ الم* غُلِبَتِ الرُّومُ هي فينا و في بني أميّة (2).

690-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة،بإسناده عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ قال:في قبورهم بقيام القائم عليه السّلام (3).

ص: 354


1- -الروم:1-5.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 434/1 ح 1.
3- -دلائل الإمامة 248.

سورة لقمان

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً (1).

الإمام الغائب هو نعمة اللّه الباطنة

691-روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزديّ،قال:

سألت سيّدي موسى بن جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً ،فقال عليه السّلام:النعمة الظاهرة الإمام الظاهر،و الباطنة الإمام الغائب.فقلت له:

و يكون في الأئمّة من يغيب؟قال:

نعم،يغيب عن أبصار الناس شخصه و لا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره،و هو الثاني عشر منّا،يسهّل اللّه له كلّ عسير،و يذلّل له كلّ صعب،و يظهر له كنوز الأرض،و يقرّب له كلّ بعيد،و يبير به كلّ جبّار عنيد،و يهلك على يده كلّ شيطان مريد.

ذلك ابن سيّدة الإماء،الّذي تخفى على الناس ولادته،و لا يحلّ لهم تسميته،حتّى يظهره اللّه عزّ و جلّ فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (2).

الآية الثانية قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما

ص: 355


1- -لقمان:20.
2- -كمال الدّين 368/2 ح 6؛بحار الأنوار 32/51.

تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 1 .

الإمام المهديّ عليه السّلام يخبر بالغيب

692-روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن أحمد الدلاّل القمّي،قال:

دخلت على أبي جعفر محمّد بن عثمان رضى اللّه عنه يوما لاسلّم عليه،فوجدته و بين يديه ساجة و نقّاش ينقش عليها و يكتب آيا من القرآن و أسماء الأئمّة عليهم السّلام على حواشيها،فقلت له:

يا سيّدي ما هذه الساجة؟فقال:هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها(أو قال:أسند إليها)و قد عرفت منه،و أنا في كلّ يوم أنزل فيه فأقرأ جزءا من القرآن فأصعد،و أظنّه قال:فأخذ بيدي و أرانيه-فإذا كان يوم كذا و كذا من شهر كذا و كذا من سنة كذا و كذا،صرت إلى اللّه عزّ و جلّ و دفنت فيه و هذه الساجة معي.

فلمّا خرجت من عنده أثبتّ ما ذكره،و لم أزل مترقّبا به ذلك،فما تأخّر الأمر حتّى اعتل أبو جعفر فمات في اليوم الّذي ذكره من الشهر الّذي قاله من السنة الّتي ذكرها و دفن فيه (1).

693-قال أبو نصر هبة اللّه:و قد سمعت هذا الحديث من غير أبي عليّ و حدّثتني به أيضا أمّ كلثوم بنت أبي جعفر رضي اللّه عنها،و أخبرني جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين،قال:حدّثني محمّد بن عليّ بن الأسود القمّيّ:أنّ أبا جعفر العمريّ قدّس اللّه روحه حفر لنفسه قبرا و سوّاه بالساج،فسألته عن ذلك فقال:للناس أسباب،ثمّ سألته عن ذلك،فقال:قد امرت أن أجمع أمري،فمات بعد ذلك بشهرين رضي اللّه عنه و أرضاه (2).

694-و روى محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه،قال:حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال:

كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللّه روحه،فحضرته قبل وفاته بأيّام،فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته:

ص: 356


1- -الغيبة للطوسيّ 222.
2- -نفس المصدر 222-223.

«بسم اللّه الرحمن الرحيم-يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم اللّه أجر اخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك و بين ستّة أيّام،فأجمع أمرك،و لا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك،فقد وقعت الغيبة التامّة فلا ظهور إلاّ بعد إذن اللّه تعالى ذكره،و ذلك بعد طول الأمد و قسوة القلوب و امتلاء الأرض جورا،و سيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة،ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ و الصيحة فهو كذّاب مفتر،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم».

قال:فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده،فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه،فقيل له:من وصيّك من بعدك؟فقال:للّه أمر هو بالغه،و قضى،فهذا آخر كلام سمع منه رضي اللّه عنه و أرضاه (1).

695-و كتب محمّد بن زياد الصيمريّ يسأل صاحب الزمان كفنا،فورد:«إنّه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدى و ثمانين»فمات رحمه اللّه في الوقت الّذي حدّه و بعث إليه بالكفن قبل موته بشهر (2).

696-روى المفيد و الغضائريّ،عن محمّد بن أحمد الصفوانيّ،قال:

رأيت القاسم بن العلاء و قد عمّر مائة سنة و سبع عشرة سنة،منها ثمانين سنة صحيح العينين،لقي مولانا أبا الحسن و أبا محمّد العسكريّين عليهما السّلام،و حجب بعد الثمانين و ردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام،و ذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض آذربيجان و كان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السّلام على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ و بعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس اللّه أرواحهما،فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق رحمه اللّه لذلك.

فبينا نحن عنده نأكل،إذ دخل البوّاب مستبشرا فقال له:فيج العراق-لا يسمّى بغيره-فاستبشر القاسم و حوّل وجهه إلى القبلة فسجد،و دخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه،و عليه جبّة مضرّبة،و في رجله نعل محامليّ،و على كتفه مخلاة.

فقام القاسم فعانقه و وضع المخلاة عن عنقه،و دعا بطست و ماء فغسّل يده و أجلسه6.

ص: 357


1- -كمال الدّين 516/2 ح 44.
2- -كمال الدّين 501/2 ح 26.

إلى جانبه،فأكلنا و غسّلنا أيدينا،فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من النصف المدرج فناوله القاسم،فأخذه و قبّله و دفعه إلى كاتب له يقال له:ابن أبي سلمة،فأخذه أبو عبد اللّه ففضّه و قرأه حتّى أحسّ القاسم بنكاية،فقال:يا با عبد اللّه خير،فقال:خير،فقال: ويحك خرج فيّ شيء؟فقال أبو عبد اللّه:ما تكره فلا،قال القاسم:فما هو؟قال:نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما و قد حمل إليه سبعة أثواب،فقال القاسم:في سلامة من ديني؟فقال:في سلامة من دينك،فضحك؛فقال:ما اؤمّل بعد هذا العمر؟

فقال الرجل الوارد،فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر و حبرة يمانية حمراء و عمامة و ثوبين و منديلا،فأخذه القاسم،و كان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه السّلام،و كان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمّد السنيزيّ،و كان شديد النصب،و كان بينه و بين القاسم نضّر اللّه وجهه مودّة في امور الدنيا شديدة،و كان القاسم يؤدّه،و قد كان عبد الرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ و بين ختنه ابن القاسم.

فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه،أحدهما يقال له:أبو حامد عمران بن المفلّس و الآخر أبو عليّ بن جحدر:أن اقرءا هذا الكتاب عبد الرحمن بن محمّد فإنّي احبّ هدايته،و أرجو أن يهديه اللّه بقراءة هذا الكتاب،فقالا له:اللّه اللّه اللّه فإنّ هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة،فكيف عبد الرحمن بن محمّد؟فقال:أنا أعلم أنّي مفش لسرّ لا يجوز لي إعلانه،لكن من محبّتي لعبد الرحمن بن محمّد و شهوتي أن يهديه اللّه عزّ و جلّ لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب.

فلمّا مرّ ذلك اليوم-و كان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب-دخل عبد الرحمن بن محمّد و سلّم عليه،فأخرج القاسم الكتاب فقال له:اقرأ هذا الكتاب و انظر لنفسك،فقرأ عبد الرحمن الكتاب،فلمّا بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده،و قال للقاسم:يا أبا محمّد،اتّق اللّه فإنّك رجل فاضل في دينك،متمكّن من عقلك،و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ (1)و قال: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (2).6.

ص: 358


1- -لقمان:34.
2- -الجنّ:26.

فضحك القاسم و قال له:اتمّ الآية: إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ و مولاي هو المرتضى من الرسول،و قال:قد علمت أنّك تقول هذا،و لكن أرّخ اليوم،فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرّخ في هذا الكتاب،فاعلم أنّي لست على شيء،و إن أنا متّ فانظر لنفسك!

فورّخ عبد الرحمن اليوم و افترقوا،و ختم القاسم يوم السابع من ورود الكتاب، و اشتدّت به في ذلك اليوم العلّة،و استند في فراشه إلى الحائط،و كان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر،و كان متزوّجا إلى أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ،و كان جالسا و رداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار و أبو حامد في ناحية،و أبو عليّ بن جحدر و أنا و جماعة من أهل البلد نبكي،إذا اتّكأ القاسم على يديه إلى خلف،و جعل يقول:يا محمّد يا عليّ يا حسن يا حسين يا مواليّ كونوا شفعائي إلى اللّه عزّ و جلّ،و قالها الثانية.و قالها الثالثة،فلمّا بلغ في الثالثة:يا موسى يا عليّ،تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان،و انتفخت حدقته،و جعل يمسح بكمّه عينيه،و خرج من عينيه شبيه بماء اللحم،ثمّ مدّ طرفه إلى ابنه فقال:يا حسن إليّ يا با حامد إليّ يا با عليّ،فاجتمعنا حوله و نظرنا إلى الحدقتين صحيحتين،فقال له أبو حامد:تراني،و جعل يده على كلّ واحد منّا.

و شاع الخبر في الناس و العامّة و أتاه الناس من العوام ينظرون إليه.

و ركب القاضي إليه،و هو أبو السائب عتبة بن عبيد اللّه المسعوديّ،و هو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه،فقال له:يا أبا محمّد ما هذا الّذي بيدي،و أراه خاتما فصّه فيروزج فقرّبه منه،فقال:عليه ثلاثة أسطر،فتناوله القاسم رحمه اللّه فلم يمكنه قراءته،فخرج الناس متعجّبين يتحدّثون بخبره.

إلى أن قال:فلمّا كان في يوم الأربعين و قد طلع الفجر،مات القاسم؛،فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافيا حاسرا و هو يصيح:وا سيّداه،فاستعظم الناس ذلك منه،و جعل الناس يقولون:ما الّذي تفعل بذلك؟فقال:اسكتوا،فقد رأيت ما لم تروه، و تشيّع و رجع عمّا كان عليه،و وقّف الكثير من ضياعه (1).6.

ص: 359


1- -بحار الأنوار 313/51-316.

سورة السجدة

الآية الاولى قوله سبحانه: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (1).

697-روى العلاّمة البحرانيّ رحمه اللّه عن محمّد بن الحسن الشيباني في«كشف البيان» قال:روي عن جعفر الصادق عليه السّلام في معنى الآية:إنّ الأدنى القحط و الجدب،و الأكبر:

خروج القائم المهديّ عليه السّلام بالسيف في آخر الزمان (2).

698-روى عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه اللّه في قوله تعالى: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ الآية،قال:العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف،و معنى قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يعذّبوا (3).

699-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن مفضّل بن عمر،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ قال:الأدنى غلاء السعر،و الأكبر المهديّ بالسيف (4).

الآية الثانية قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً

ص: 360


1- -السجدة:21.
2- -المحجّة 173؛تفسير البرهان 288/3.
3- -تفسير القمّيّ 170/2؛بحار الأنوار 56/53.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 444/2 ح 6.

تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا يُبْصِرُونَ 1 .

700-روى عليّ بن إبراهيم القمّيّ في قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ قال:الأرض الخراب،و هو مثل ضربه اللّه في الرجعة و القائم عليه السّلام،فلمّا أخبرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخبر الرجعة قالوا: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ 2 (1).

قوله سبحانه: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (2).

701-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن ابن درّاج،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ :يوم الفتح يوم تفتح الدنيا على القائم لا ينفع أحدا تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا و بهذا الفتح موقنا،فذلك الّذي ينفعه إيمانه،و يعظم عند اللّه قدره و شأنه،و تزخرف له يوم البعث جنانه،و تحجب عنه نيرانه،و هذا أجر الموالين لأمير المؤمنين و لذرّيته الطيّبين صلوات اللّه عليهم أجمعين (3).

702-روى الثقة الصفّار رحمه اللّه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون،جاء فيها:و تخرج لهم الأرض كنوزها،و يقول القائم عليه السّلام كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية،فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام،فيومئذ تأويل هذه الآية: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (4)فلا يقبل اللّه يومئذ إلاّ دينه الحقّ،ألا للّه الدّين الخالص،فيومئذ تأويل هذه الآية: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا يُبْصِرُونَ* وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ* فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (5).5.

ص: 361


1- -تفسير القمّيّ 171/2؛تفسير الصافي 160/4.
2- -السجدة:28 و 29.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 445/2 ح 9.
4- -الفجر:22.
5- -مختصر بصائر الدرجات 195.

سورة الأحزاب

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلاّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (1).

المهديّ عليه السّلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم

703-و بالإسناد عن الثماليّ،عن الكابليّ،عن عليّ بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ عليهم السّلام،قال:

دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو متفكّر مغموم،فقلت:يا رسول اللّه ما لي أراك متفكّرا!

فقال:يا بني إنّ الروح الأمين قد أتاني فقال:يا رسول اللّه،العليّ الأعلى يقرئك السلام و يقول لك:إنّك قد قضيت نبوّتك و استكملت أيّامك،فاجعل الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوّة عند عليّ بن أبي طالب،فإنّي لا أترك الأرض إلاّ و فيها عالم تعرف به طاعتي و تعرف به ولايتي،فإنّي لم أقطع علم النبوّة من الغيب من ذرّيّتك،كما لم أقطعها

ص: 362


1- -الأحزاب:6.

من ذرّيات الأنبياء الّذين كانوا بينك و بين أبيك آدم،قلت:يا رسول اللّه فمن يملك هذا الأمر بعدك؟قال:أبوك عليّ بن أبي طالب أخي و خليفتي،و يملك بعد عليّ الحسن،ثمّ تملكه أنت و تسعة من صلبك،يملكه اثنا عشر إماما،ثمّ يقوم قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،يشفي صدور قوم مؤمنين من شيعته (1).

704-روى بالإسناد عن سهل بن سعد الأنصاريّ،قال:سألت فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ عليه السّلام:يا عليّ أنت الإمام و الخليفة بعدي،و أنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى الحسن فالحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى الحسين فابنه عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى محمّد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى موسى فابنه عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى موسى فابنه عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى عليّ فابنه محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى محمّد فابنه عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم،فإذا مضى عليّ فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسن فالقائم المهديّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم،يفتح اللّه به مشارق الأرض و مغاربها،فهم أئمّة الحقّ و ألسنة الصدق،منصور من نصرهم،مخذول من خذلهم (2).

705-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن ثابت الثماليّ،عن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال:فينا نزلت هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ و فينا نزلت هذه الآية: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ و الإمامة في عقب الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام إلى يوم القيامة،و انّ للقائم منّا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى.أمّا الاولى فستّة أيّام،أو ستّة أشهر،أو ستّ سنين،و أمّا الاخرى فيطول أمدها حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به،فلا يثبت عليه إلاّ من قوي يقينه و صحت معرفته و لم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا،و سلّم لنا أهل البيت (3).8.

ص: 363


1- -كفاية الأثر 24.
2- -كفاية الأثر 26.
3- -كمال الدّين 323/1 ح 8.

الآية الثانية قوله تعالى: هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (1).

ابتلاء المؤمنين في غيبة المهديّ عليه السّلام

706-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمه اللّه قال:جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام و قال له:لو لا ما في القرآن من الاختلاف و التناقض لدخلت في دينكم،فقال له عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه:أما إنّه سيأتي على الناس زمان يكون الحقّ فيه مستورا،و الباطل ظاهرا مشهورا،و ذلك إذا كان أولى الناس بهم أعداهم له،و اقترب الوعد الحقّ،و عظم ظاهرا مشهورا،و ذلك إذا كان أولى الناس بهم أعداهم له،و اقترب الوعد الحقّ،و عظم الإلحاد و ظهر الفساد، هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ،و نحلهم الكفّار أسماء الأشرار،فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه،ثمّ يتيح الفرج لأوليائه،و يظهر صاحب الأمر على أعدائه (2).

قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3).

707-روى أبو القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز القمي الرازيّ من علماء القرن الرابع بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،قال:

كنت عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بيت أم سلمة،فأنزل اللّه هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فدعا النبيّ عليه السّلام بالحسن و الحسين و فاطمة و أجلسهم بين يديه،فدعا عليّا فأجلسه خلف ظهره و قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

فقالت أم سلمة:و أنا معهم يا رسول اللّه؟

فقال لها:إنّك الى خير.

فقلت:يا رسول اللّه لقد أكرم اللّه هذه العترة الطاهرة و الذرّية المباركة بذهاب الرجس عنهم.

قال:يا جابر لأنّهم عترتي من لحمي و دمي،فأخي سيّد الأوصياء،و ابنيّ خير

ص: 364


1- -الأحزاب:11.
2- -الاحتجاج 240/1.
3- -الأحزاب:33.

الاسباط،و ابنتي سيّدة النسوان،و منا المهديّ.

قلت:يا رسول اللّه و من المهديّ؟

قال:تسعة من صلب الحسين أئمّة أبرار،و التاسع قائمهم،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا،يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل (1).

المهديّ من أهل البيت

708-روى الحافظ أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلما و عدوانا،قال:ثمّ يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي،يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا (2).

709-و روى أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد اللّه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:لا تقوم الساعة حتّى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (3).

710-روى الشيخ الطوسيّ قدّس سرّه بإسناده عن عبد اللّه بن مسعود،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا تذهب الدنيا حتّى يلي امّتي رجل من أهل بيتي يقال له المهديّ (4).

711-روى أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي،أجلى أقنى،يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يكون سبع سنين (5).

712-روى الإمام أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:تملأ الأرض ظلما و جورا،ثمّ يخرج رجل من عترتي،يملك سبعا أو تسعا،فيملأ الأرض قسطا و عدلا (6).

713-روى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن أبي الصدّيق،عن أبي سعيد رضي اللّه تعالى عنه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لتملأنّ الأرض ظلما و عدوانا،ثمّ ليخرجنّ من أهل بيتي-

ص: 365


1- -كفاية الأثر 65-66.
2- -مسند أحمد بن حنبل 36/3؛المستدرك 557/4.
3- -مسند أحمد 376/1؛سنن الترمذي 505/4 ح 2231.
4- -الغيبة للطوسيّ 113.
5- -مسند أحمد 17/3.
6- -مسند أحمد 28/2؛المستدرك 558/4.

أو قال:من عترتي-من يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا (1).

714-روى العلاّمة سبط ابن الجوزي مرسلا عن عبد العزيز بن محمود بن البزّاز،عن ابن عمر،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي،اسمه كاسمي و كنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (2).

715-روى الداني بالإسناد عن أبي نضرة،عن أبي سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي شابّ حسن الوجه أجلى الجبين أقنا الأنف،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،و يملك-كذا-سبع سنين (3).

716-روى الشيخ الطوسيّ أعلى اللّه مقامه بإسناده من طريق العامّة عن عمارة بن جوين العبديّ،عن أبي سعيد الخدريّ،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول على المنبر:إنّ المهديّ من عترتي،من أهل بيتي،يخرج في آخر الزمان،ينزل اللّه له من السماء قطرها، و يخرج له من الأرض بذرها،فيملأ الأرض عدلا و قسطا،كما ملأها القوم ظلما و جورا (4).

717-روى الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه بإسناده من طريق العامة عن قتادة،عن أبي نضرة،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:المهديّ يخرج في آخر الزمان (5).

718-روى الإمام أحمد بن حنبل بإسناده عن زر بن حبيش،عن عبد اللّه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا تنقضي الأيّام و لا يذهب الدهر حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي، اسمه يواطئ اسمي (6).

719-روى ابن أبي شيبة بإسناده من طريق العامّة،عن أبي الطفيل،عن عليّ عليه السّلام،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم،لبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا (7).

720-روى ابن حبّان بإسناده عن أبي صالح،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لو لم يبق من الدنيا إلاّ ليلة،لملك فيها رجل من أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (8).2.

ص: 366


1- -حلية الأولياء 101/3.
2- -تذكرة الخواصّ 363.
3- -سنن الداني 94؛عقد الدرر 39 ب 3.
4- -الغيبة للطوسي 111؛بحار الأنوار 74/51.
5- -الغيبة للطوسي 111؛بحار الأنوار 73/51.
6- -مسند أحمد 376/1 و 377.
7- -مصنّف ابن أبي شيبة 198/15 خ 19494.
8- -صحيح ابن حبّان 576/7 ح 5922.

721-روى ابن حمّاد،بإسناده عن أبي الصدّيق،عن أبي سعيد،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

المهديّ منّي أجلى الجبهة،أقنى الأنف،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما يملك سبع سنين (1).

722-روى الديلميّ بإسناده عن حذيفة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:المهديّ رجل من ولدي، وجهه كالقمر الدرّي،اللون لون عربيّ،و الجسم جسم إسرائيليّ،يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،يرضى بخلافته أهل السماء و أهل الأرض و الطير في الهواء،يملك عشرين سنة (2).

723-روى الإمام أبو عمرو الداني في سننه بإسناده عن الحسن بن مرثد السعديّ، عن أبي سعيد الخدريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يخرج رجل من امّتي يعمل بسنّتي،ينزل اللّه له البركة من السماء،و تخرج له الأرض بركتها،يملأ الأرض عدلا،كما ملئت جورا، يعمل سبع سنين على هذه الامّة،و ينزل بيت المقدّس (3).

724-روى البخاريّ بإسناده عن امّ سلمة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:

المهديّ حقّ و هو من ولد فاطمة (4).

725-روى الحافظ أبو نعيم في صفة المهديّ عليه السّلام،قال:و عن حذيفة قال:خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فذكرنا رسول اللّه بما هو كائن،ثمّ قال:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل اللّه عزّ و جلّ ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي،فقام سلمان رضى اللّه عنه فقال:يا رسول اللّه من أيّ ولدك؟قال:من ولدي هذا،و ضرب بيده على الحسين عليه السّلام (5).

726-روى أبو الفرج الاصبهانيّ بإسناده عن الوليد بن محمّد الموقّريّ،قال:كنت مع الزهريّ بالرصافة،فسمع أصوات لعّابين فقال لي:يا وليد انظر ما هذا؟فأشرفت من كوّة في بيته فقلت:هذا رأس زيد بن عليّ،فاستوى جالسا ثمّ قال:أهلك أهل هذا البيت العجلة،فقلت:أو يملكون؟قال:حدّثني عليّ بن الحسين،عن أبيه،عن فاطمة،أنّ رسول1.

ص: 367


1- -الفتن لابن حمّاد 100 و 103.
2- -الفردوس 221/4 ح 6667.
3- -سنن الداني 100-101.
4- -التاريخ الكبير للبخاريّ 346/3.
5- -عقد الدرر 24 ب 1.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لها:المهديّ من ولدك (1).

727-روى ابن أبي شيبة باسناده عن عليّ عليه السّلام،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

المهديّ منّا أهل البيت،يصلحه اللّه في ليلة (2).

728-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه و بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة،عن أبيه محمّد،عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:المهديّ منّا أهل البيت،يصلح اللّه له أمره في ليلة.

و في رواية اخرى:«يصلحه اللّه في ليلة»،فروي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لبعض أصحابه:كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو،فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام خرج ليقتبس لأهله نارا،فرجع إليهم و هو رسول نبيّ،فأصلح اللّه تبارك و تعالى أمر عبده و نبيّه موسى عليه السّلام في ليلة،و هكذا يفعل اللّه تبارك و تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السّلام، يصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليه السّلام،و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و الظهور (3).

729-روى الحافظ ابن ماجة،بإسناده عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم،لطوّله اللّه عزّ و جلّ حتّى يملك رجل من أهل بيتي،يملك جبل الديلم و القسطنطينيّة (4).

730-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن أبان بن عثمان،قال:قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم في البقيع حتّى أقبل عليّ عليه السّلام فسأل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل إنّه بالبقيع،فأتاه عليّ عليه السّلام فسلّم عليه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:اجلس، فأجلسه عن يمينه،ثمّ جاء جعفر بن أبي طالب فسأل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقيل له هو بالبقيع،فأتاه فسلّم عليه،فأجلسه عن يساره،ثمّ جاء العبّاس فسأل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل له هو بالبقيع،فأتاه فسلّم عليه فأجلسه أمامه،ثمّ التفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام فقال:أ لا ابشّرك؟أ لا اخبرك يا عليّ؟فقال:بلى يا رسول اللّه.9.

ص: 368


1- -مقاتل الطالبيين 97/1.
2- -مصنف ابن أبي شيبة 197/15 ح 19490 و 19491.
3- -كمال الدّين 152/1 ح 15.
4- -سنن ابن ماجة 928/2 ح 2779.

فقال:كان جبرئيل عليه السّلام عندي آنفا،و أخبرني أنّ القائم الّذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا من ذرّيتك من ولد الحسين عليه السّلام.فقال عليّ عليه السّلام:يا رسول اللّه ما أصابنا خير قطّ من اللّه إلاّ على يديك.

ثمّ التفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى جعفر بن أبي طالب فقال:يا جعفر أ لا ابشّرك؟أ لا اخبرك؟ قال:بلى يا رسول اللّه.فقال:كان جبرئيل عندي آنفا،فأخبرني أنّ الّذي يدفعها إلى القائم من ذرّيتك،أ تدري من هو؟قال:لا،قال:ذاك الّذي وجهه كالدينار،و أسنانه كالمنشار، و سيفه كحريق النار،يدخل الجند ذليلا،و يخرج منه عزيزا،يكتنفه جبرئيل و ميكائيل.

ثمّ التفت إلى العبّاس فقال:يا عمّ النبيّ أ لا اخبرك بما أخبرني به جبرئيل عليه السّلام؟فقال:

بلى يا رسول اللّه،قال لي جبرئيل:ويل لذرّيتك من ولد العبّاس!فقال:يا رسول اللّه أ فلا أجتنب النساء؟فقال له:(قد)فرغ اللّه ممّا هو كائن (1).

731-روى يحيى بن عبد الحميد بإسناده عن أبي أيّوب الأنصاريّ،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لفاطمة عليها السّلام:إنّا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأوّلين قبلنا،و لا يدركها أحد من الآخرين غيرنا:نبيّنا خير الأنبياء،و هو أبوك،و وصيّنا خير الأوصياء و هو بعلك،و شهيدنا خير الشهداء و هو حمزة عمّك،و من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو جعفر بن أبي طالب ابن عمّك،و منّا سبطا هذه الامّة،و مهديّهم ولدك (2).

732-روى الحافظ ابن ماجة بإسناده عن أنس بن مالك،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة:أنا و حمزة و عليّ و جعفر و الحسن و الحسين و المهديّ (3).

733-روى ثقة الإسلام الكليني رحمه اللّه بإسناده عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و هو مستبشر يضحك سرورا،فقال له الناس:أضحك اللّه سنّك يا رسول اللّه و زادك سرورا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:انّه ليس من يوم و لا ليلة إلاّ و لي فيها تحفة من اللّه،ألا و إنّ ربّي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى،7.

ص: 369


1- -الغيبة للنعمانيّ 247 ح 1 و 2.
2- -المسترشد 150؛بحار الأنوار 48/37.
3- -سنن ابن ماجة 1368/2 ح 4087.

إنّ جبرئيل أتاني فأقرأني من ربّي السلام و قال:يا محمّد إنّ اللّه عزّ و جلّ اختار من بني هاشم سبعة،لم يخلق مثلهم فيمن مضى و لا يخلق مثلهم فيمن بقي،أنت يا رسول اللّه سيّد النبيّين،و عليّ بن أبي طالب وصيّك سيّد الوصيّين،و الحسن و الحسين سبطاك سيّدا الأسباط،و حمزة عمّك سيّد الشهداء،و جعفر ابن عمّك الطيّار في الجنّة يطير مع الملائكة حيث يشاء،و منكم القائم يصلّي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه اللّه إلى الأرض من ذرّية عليّ و فاطمة،من ولد الحسين (1).

734-روى الحافظ الطبرانيّ بإسناده عن سفيان بن عيينة،عن عليّ بن عليّ المكّيّ الهلاليّ،عن أبيه قال:قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في شكاته الّتي قبض فيها،فإذا فاطمة رضي اللّه عنها عند رأسه،قال:فبكت حتّى ارتفع صوتها،فرفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طرفه إليها فقال:حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟فقالت أخشى الضيعة من بعدك.

فقال:يا حبيبتي أ ما علمت أنّ اللّه عزّ و جلّ اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته،ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك و أوحى إليّ أن أنكحك إيّاه،يا فاطمة:

و نحن أهل بيت قد أعطانا اللّه سبع خصال لم يعط أحد قبلنا،و لا يعطى أحد بعدنا:أنا خاتم النبيّين و أكرم النبيّين على اللّه،و أحبّ المخلوقين إلى اللّه عزّ و جلّ و أنا أبوك،و وصيّي خير الأوصياء و أحبّهم إلى اللّه و هو بعلك،و شهيدنا خير الشهداء و أحبّهم إلى اللّه و هو عمّك حمزة بن عبد المطّلب،و هو عمّ أبيك و عمّ بعلك،و منّا من له جناحان أخضران يطير في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء،و هو ابن عمّ أبيك و أخو بعلك،و منّا سبطا هذه الامّة و هما ابناك الحسن و الحسين و هما سيّدا شباب أهل الجنّة،و أبوهما-و الّذي بعثني بالحقّ-خير منهما.

يا فاطمة،و الّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهديّ هذه الامّة،إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا،و تظاهرت الفتن،و تقطّعت السبل،و أغار بعضهم على بعض،فلا كبير يرحم صغيرا،و لا صغير يوقّر كبيرا،فيبعث اللّه عزّ و جلّ عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة و قلوبا غلفا،يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان،و يملأ الدنيا0.

ص: 370


1- -الكافي 49/8 ح 10.

عدلا كما ملئت جورا...الحديث (1).

735-روى ابن حمّاد بإسناده عن قتادة،قال:قلت لسعيد بن المسيّب:المهديّ حقّ هو؟قال:حقّ قال:قلت:ممّن هو؟قال:من قريش،قلت:من أيّ قريش؟قال:من بني هاشم،قلت:من أيّ بني هاشم؟قال:من بني عبد المطّلب،قلت:من أيّ عبد المطّلب؟قال:

من ولد فاطمة (2).

736-روى الطبريّ بإسناده عن محمّد بن سنان الزهريّ،عن سيّدنا أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد،عن أبيه،عن جدّه،عن أبيه الحسين،عن عمّه الحسن،عن أمير المؤمنين عليه السّلام، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي،محمّد و عليّ و الحسن،فرابعها هو القائم المأمول المنتظر (3).

737-روى مرسلا عن أبي هريرة مرفوعا:فلو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يأتيهم رجل من أهل بيتي،تكون الملائكة بين يديه و يظهر الإسلام (4).

738-روى الشيخ الصدوق؛بإسناده عن عبد اللّه بن عمر،قال:سمعت الحسين بن عليّ عليهما السّلام يقول:كذلك سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل اللّه عزّ و جلّ ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي،فيملؤها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما (5).

739-روى عبد الرزاق بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ،قال:عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

المهديّ منّا أهل البيت،أشمّ الأنف أقنى،أجلى،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،يعيش هكذا-و بسط يساره و اصبعين من يمينه:المسبّحة و الإبهام،و عقد ثلاثة (6).

740-روى أبو يعلى،بإسناده عن أبي هريرة،قال:حدّثني خليلي أبو القاسم صلّى اللّه عليه و آله قال:

لا تقوم الساعة حتّى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتّى يرجعوا إلى الحقّ،3.

ص: 371


1- -المعجم الكبير للطبرانيّ 52/3 ح 2675.
2- -الفتن لابن حماد 101؛عقد الدرر 23 ب 1.
3- -دلائل الإمامة 236.
4- -التذكرة للقرطبيّ 700.
5- -كمال الدّين 317/1 ح 4.
6- -مصنّف عبد الرازق 372/11 ح 20773.

قال قلت:و كم يكون؟قال:خمس و اثنين،قال قلت:ما خمس و اثنين؟قال:لا أدري (1).

741-روى ابن حبّان بإسناده عن عاصم بن أبي النجود،عن زر،عن عبد اللّه،قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:يخرج رجل من امّتي يواطئ اسمه اسمي و خلقه خلقي،فيملؤها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا (2).

742-روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرسلا،أنّه قال:المهديّ من ولدي ابن أربعين سنة،كأنّ وجهه كوكب درّي في خدّه الأيمن خال أسود،عليه عباءتان قطوانيتان،كأنّه من رجال بني إسرائيل،يستخرج الكنوز و يفتح مدائن الشرك (3).

743-روى الطبريّ بإسناده عن أبان،عن أنس بن مالك،قال:خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم فرأى عليّا عليه السّلام فوضع يده بين كتفيه،ثمّ قال:يا عليّ،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد،لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال له المهديّ، يهدي إلى اللّه عزّ و جلّ و يهتدي به العرب،كما هديت أنت الكفّار و المشركين من الضلالة، ثمّ قال:و مكتوب على راحتيه،بايعوه فإنّ البيعة للّه عزّ و جلّ (4).

744-روى ابن حمّاد بإسناده عن أبي معبد،عن ابن عبّاس،قال:المهديّ شابّ منّا أهل البيت (5).

745-و روى ابن حمّاد عن أبي سعيد الخدريّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:و هو رجل من عترتي-أو قال:من أهل بيتي (6).

746-روى ابن أبي شيبة بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:المهديّ منّا أهل البيت،يصلحه اللّه في ليلة (7).

747-روى ابن حمّاد بإسناده عن علقمة،عن عبد اللّه رضى اللّه عنه،قال:بينما نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إذ جاء فتية من بني هاشم،فتغيّر لونه،فقلنا:يا رسول اللّه نرى في وجهك شيئا نكرهه،فقال:إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا،و انّ أهل بيتي هؤلاء سيقتلون1.

ص: 372


1- -مسند أبي يعلى الموصليّ 19/12 ح 6665.
2- -صحيح ابن حبّان 291/8 ح 2786.
3- -القول المختصر 9 ب 1 ح 45؛البرهان للمتّقي الهنديّ 99 ب 3 ح 2.
4- -دلائل الإمامة 250.
5- -الفتن لابن حمّاد 102.
6- -نفس المصدر 102 و 103.
7- -مصنّف ابن أبي شيبة 197/15 ح 19490 و 19491.

(سيلقون)بعدي بلاء و تطريدا و تشريدا،حتّى يأتي قوم من هاهنا،من نحو المشرق، أصحاب رايات سود،يسألون الحقّ فلا يعطونه،مرّتين أو ثلاثا،فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلوه،حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي،فيملؤها عدلا كما ملئوها ظلما،فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم و لو حبوا على الثلج فإنّه المهديّ (1).

مولد الإمام المهديّ عليه السّلام طاهرا مطهّرا

748-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن محمّد بن عثمان العمريّ قدّس اللّه روحه،أنّه قال:ولد السيّد عليه السّلام مختونا،و سمعت حكيمة تقول:لم ير بامّه دم في نفاسها،و هكذا سبيل امّهات الأئمّة عليهم السّلام (2).

749-روى الصدوق رحمه اللّه عن محمّد بن الحسن الكرخيّ،قال:سمعت أبا هارون رجلا من أصحابنا يقول:رأيت صاحب الزمان عليه السّلام و وجهه يضيء كأنّه القمر ليلة البدر،و رأيت على سرّته شعرا يجري كالخطّ،و كشفت الثوب عنه فوجدته مختونا،فسألت أبا محمّد عليه السّلام عن ذلك فقال:هكذا ولد،و هكذا ولدنا،و لكنّا سنمرّ الموسى عليه لإصابة السنّة (3).

750-و روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن الحسن بن الحسين العلويّ،قال:دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام بسرّ من رأى فهنّأته بولادة ابنه القائم عليه السّلام (4).

751-و روى الصدوق؛بإسناده عن غياث بن أسيد،قال:شهدت محمّد بن عثمان العمري قدّس اللّه روحه يقول:لمّا ولد الخلف المهديّ عليه السّلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء،ثمّ سقط لوجهه ساجدا لربّه تعالى ذكره،ثمّ رفع رأسه و هو يقول: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ قال:و كان مولده يوم الجمعة (5).

ص: 373


1- -الفتن لابن حمّاد 84؛سنن ابن ماجة 1366/2 ح 4082.
2- -كمال الدّين 433/2 ح 14.
3- -كمال الدّين 435/2 ح 1.
4- -نفس المصدر 434/2 ح 1.
5- -نفس المصدر 433/2 ح 13.

752-و روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن حمزة بن أبي الفتح،قال:جاءني يوما فقال لي:

البشارة ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد عليه السّلام و أمر بكتمانه،قلت:و ما اسمه؟قال:

سمّي بمحمّد و كنّي بجعفر (1).

753-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّيّ،قال:لمّا ولد الخلف الصالح عليه السّلام ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب،فإذا فيه مكتوب بخطّ يده عليه السّلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه،و فيه:ولد لنا مولود،فليكن عندك مستورا و عن جميع الناس مكتوما،فإنّا لم نظهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته،و الوليّ لولايته،أحببنا إعلامك ليسرّك اللّه به مثل ما سرّنا به،و السلام (2).

754-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن نسيم و مارية،قالتا:انّه لمّا سقط صاحب الزمان عليه السّلام من بطن امّه جاثيا على ركبتيه،رافعا سبّابتيه إلى السماء،ثمّ عطس فقال:

الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله،زعمت الظلمة أنّ حجّة اللّه داحضة،لو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ.

قال إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر عليه السّلام-راوي الحديث-و حدّثتني نسيم خادم أبي محمّد عليه السّلام،قالت:قال لي صاحب الزمان عليه السّلام و قد دخلت عليه بعد مولده بليلة،فعطست عنده فقال لي:يرحمك اللّه،قالت:نسيم ففرحت بذلك،فقال لي عليه السّلام:أ لا ابشّرك في العطاس؟فقلت:بلى يا مولاي،فقال:هو أمان من الموت ثلاثة أيّام (3).

الآية الثالثة قوله سبحانه: مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً (4).

755-روى العلاّمة ابن أبي الحديد المعتزلي مرسلا،قال:و هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير و هي متداولة منقولة مستفيضة،خطب بها عليّ عليه السّلام بعد انقضاء أمر النهروان،و فيها ألفاظ لم يوردها الرضي؛،و منها:فانظروا أهل بيت نبيّكم،فإن لبدوا فالبدوا،و ان استنصروكم فانصروهم،فليفرّجنّ اللّه الفتنة برجل منّا أهل البيت،بأبي ابن2.

ص: 374


1- -نفس المصدر 432/2 ح 11.
2- -كمال الدّين 433/2 ح 13.
3- -نفس المصدر 430/2 ح 5.
4- -الأحزاب:61 و 62.

خيرة الإماء،لا يعطيهم إلاّ السيف هرجا هرجا،موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر،حتّى تقول قريش:لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا،يغريه اللّه ببني اميّة حتّى يجعلهم حطاما و رفاتا، مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (2).

756-في حديث للمفضّل بن عمر رحمه اللّه،قال:سألت الصادق عليه السّلام:هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه السّلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟فقال:حاش للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.قلت:يا سيّدي و لم ذاك؟

قال:لأنّه هو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (3)الآية،و هو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها (4)و قال: عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ (5)و لم يقل أنّها عند أحد،و قال: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (6)،و قال:

اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ 7 ،و قال: ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ، يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (7).

قلت:فما معنى يمارون؟

قال:يقولون متى ولد؟و من رأى؟و أين يكون؟و متى يظهر؟و كلّ ذلك استعجالا لأمر اللّه،و شكّا في قضائه،و دخولا في قدرته،اولئك الّذين خسروا الدنيا و إنّ للكافرين لشرّ مآب.

قلت:أ فلا يوقّت له وقت؟

فقال:يا مفضّل لا اوقّت له وقتا و لا يوقّت له وقت،إنّ من وقّت لمهديّنا وقتا فقد8.

ص: 375


1- -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 58/7.
2- -الأحزاب:63.
3- -الأعراف:187.
4- -النازعات:42.
5- -لقمان:34.
6- -سورة محمّد:18.
7- -الشورى:18.

شارك اللّه تعالى في علمه،و ادّعى أنّه ظهر على سرّه،و ما للّه من سرّ إلاّ و قد وقع إلى هذا الخلق المعكوس الضالّ عن اللّه الراغب عن أولياء اللّه،و ما للّه من خبر إلاّ و هم أخصّ به لسرّه،و هو عندهم و إنّما ألقى اللّه اليهم ليكون حجّة عليهم...الخ(الحديث طويل و قد أخذنا منه موضع الحاجة) (1).3.

ص: 376


1- -بحار الأنوار 2/53.

سورة سبأ

اشارة

الآية الاولى قوله سبحانه: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (1).

757-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ دخل عليه من كندة فاستفتاه في مسألة فأفتاه فيها،فعرفت الغلام و المسألة،فقدمت الكوفة،فدخلت على أبي حنيفة فإذا ذاك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها،فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد اللّه عليه السّلام،فقمت اليه فقلت:ويلك يا أبا حنيفة إنّي كنت العامّ حاجّا،فأتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام مسلّما عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها،فأفتاه بخلاف ما أفتيته!

فقال:و ما يعلم جعفر بن محمّد؟!أنا أعلم منه،أنا لقيت الرجال و سمعت من أفواههم، و جعفر بن محمّد صحفيّ أخذ العلم من الكتب!!

فقلت في نفسي:و اللّه لأحجّنّ و لو حبوا.قال:فكنت في طلب حجّة،فجاءتني حجّة فحججت.فأتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فحكيت له الكلام،فضحك ثمّ قال:أمّا في قوله أنّي

ص: 377


1- -سبأ:18.

رجل صحفيّ فقد صدق!قرأت صحف آبائي ابراهيم و موسى،فقلت:و من له بمثل تلك الصحف.

قال:فما لبثت أن طرق الباب طارق و كان عنده جماعة من أصحابه،فقال الغلام:انظر من ذا،فرجع الغلام فقال:أبو حنيفة،قال:أدخله،فدخل فسلّم على أبي عبد اللّه عليه السّلام فردّ عليه ثمّ قال:أصلحك اللّه،أ تأذن لي في القعود؟فأقبل عليه السّلام على أصحابه يحدّثهم و لم يلتفت اليه،ثمّ قال الثانية و الثالثة فلم يلتفت اليه،فجلس ابو حنيفة من غير اذنه،فلمّا علم أنّه قد جلس التفت اليه فقال:أين أبو حنيفة؟فقيل:هو ذا أصلحك اللّه.

فقال:أنت فقيه أهل العراق؟قال:نعم،قال:فبما تفتيهم؟قال:بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال:يا أبا حنيفة،تعرف كتاب اللّه حقّ معرفته و تعرف الناسخ و المنسوخ؟قال:نعم.

قال:يا أبا حنيفة لقد ادّعيت علما،ويلك ما جعل اللّه ذلك إلاّ عند أهل الكتاب الّذين أنزل عليهم،ويلك و لا هو إلاّ عند الخاصّ من ذرّية نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله ما ورّثك اللّه من كتابه حرفا،فإن كنت كما تقول-و لست كما تقول-فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ أين ذلك من الأرض؟

قال:أحسبه ما بين مكّة و المدينة.

فالتفت أبو عبد اللّه عليه السّلام إلى أصحابه فقال:تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة و مكّة فتؤخذ أموالهم و لا يؤمنون على أنفسهم و يقتلون؟قالوا:نعم.قال:فسكت أبو حنيفة.

فقال:يا أبا حنيفة أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1)أين ذلك من الأرض؟قال:الكعبة.

قال:أ فتعلم أنّ الحجّاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها؟قال:فسكت،ثمّ قال له:يا أبا حنيفة،إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب اللّه و لم تأت به الآثار و السنّة كيف تصنع؟فقال:أصلحك اللّه أقيس و أعلم فيه7.

ص: 378


1- -آل عمران:97.

برأيي،قال:يا أبا حنيفة،إن أوّل من قاس ابليس الملعون،قاس على ربّنا تبارك و تعالى فقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (1)فسكت أبو حنيفة.

فقال:يا أبا حنيفة،أيّما أرجس،البول أو الجنابة؟فقال:البول،فقال:فما بال الناس يغتسلون من الجنابة و لا يغتسلون من البول؟فسكت.

فقال:يا أبا حنيفة،أيّما أفضل الصلاة أم الصوم؟قال:الصلاة،قال:فما بال الحائض تقضي صومها و لا تقضي صلاتها؟فسكت.

فقال:يا أبا حنيفة،أخبرني عن رجل كانت له أمّ ولد و له منها ابنة،و كانت له حرّة لا تلد فزارت الصبيّة بنت أمّ الولد أباها،فقام الرجل بعد فراغه من صلاة الفجر،فواقع أهله الّتي لا تلد و خرج الى الحمّام فأرادت الحرّة أن تكيد أمّ الولد و ابنتها عند الرجل،فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت عليها و هي نائمة،فعالجتها كما يعالج الرجل المرأة، فعلقت،أيّ شيء عندك فيها؟قال:لا و اللّه ما عندي فيها شيء.

فقال:يا أبا حنيفة،أخبرني عن رجل كانت له جارية،فزوّجها من مملوك له و غاب المملوك،فولد له من أهله مولود،و ولد للمملوك مولد من أمّ ولد له،فسقط البيت على الجاريتين و مات المولى،من الوارث؟فقال:جعلت فداك،لا و اللّه ما عندي فيها شيء.

فقال أبو حنيفة:أصلحك اللّه أنّ عندنا قوما بالكوفة يزعمون أنّك تأمرهم بالبراءة من فلان و فلان و فلان!

فقال:ويلك يا أبا حنيفة لم يكن هذا،معاذ اللّه.

فقال:أصلحك اللّه إنّهم يعظمون الأمر فيهما،قال:فما تأمرني؟قال:تكتب اليهم،قال:

بما ذا؟قال:تسألهم الكفّ عنهما،قال:لا يطيعوني،قال:بلى أصلحك اللّه إذا كنت أنت الكاتب و أنا الرّسول أطاعوني.

قال:يا أبا حنيفة أبيت إلاّ جهلا،كم بيني و بين الكوفة من الفراسخ؟قال:أصلحك اللّه ما لا يحصى،فقال:كم بيني و بينك؟قال:لا شيء،قال:أنت دخلت عليّ في منزلي فاستأذنت في الجلوس ثلاث مرات فلم آذن لك،فجلست بغير إذني خلافا عليّ،كيف2.

ص: 379


1- -الأعراف:12.

يطيعوني أولئك و هم هناك و أنا هاهنا ؟!

قال:فقبّل رأسه و خرج و هو يقول:أعلم الناس و لم نره عند عالم.

فقال أبو بكر الحضرميّ:جعلت فداك الجواب في المسألتين الأوليّين.

فقال:يا أبا بكر سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ فقال:مع قائمنا أهل البيت،و أما قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1)فمن بايعه و دخل معه و مسح على يده و دخل في عقد أصحابه كان آمنا (2).

الآية الثانية قوله سبحانه: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (3).

758-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط،قال:قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

منّا اثنا عشر مهديّا،أوّلهم عليّ بن أبي طالب،و آخرهم التاسع من ولدي،و هو الإمام القائم بالحقّ،يحيي اللّه به الأرض بعد موتها،و يظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون.له غيبة يرتدّ فيها أقوام،و يثبت فيها على الدّين آخرون،فيؤذون و يقال لهم:

مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ،أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى و التكذيب،بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

الآية الثالثة قوله عزّ و جلّ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (5).

الخسف بجيش السفيانيّ

759-روى الطبريّ في تفسيره بإسناده عن ربعي بن حراش،قال:سمعت حذيفة بن اليمان يقول:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و ذكر فتنة بين أهل المشرق و المغرب-فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك،حتّى ينزل دمشق،فيبعث جيشين:جيشا إلى المشرق و جيشا إلى المدينة حتّى ينزلوا بأرض بابل في المدينة

ص: 380


1- -آل عمران:97.
2- -علل الشرائع 89-91 ح 5.
3- -سبأ:29.
4- -كمال الدّين 317/1 ح 30.
5- -سبأ:51.

الملعونة و البقعة الخبيثة،فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف و يبقرون بها أكثر من مائة امرأة، و يقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العبّاس.ثمّ ينحدرون إلى الكوفة،فيخربون ما حولها، ثمّ يخرجون متوجّهين إلى الشام،فتخرج راية هدى من الكوفة،فتلحق ذلك الجيش منها على الفئتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر،و يستنقذون ما في أيديهم من السبي و الغنائم.

و يخلى جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيّام و لياليها،ثمّ يخرجون متوجّهين إلى مكّة،حتّى إذا كانوا بالبيداء،بعث اللّه سبحانه جبرئيل فيقول يا جبرائيل اذهب فأبدهم، فيضربها برجله ضربة يخسف اللّه بهم،فذلك قوله عزّ و جلّ في سورة سبأ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ الآية،فلا ينفلت منهم إلاّ رجلان أحدهما بشير و الآخر نذير،و هما من جهينة،فلذلك جاء القول:فعند جهينة الخبر اليقين (1).

760-روى العلاّمة السيّد ابن طاوس رضوان اللّه عليه عن عليّ عليه السّلام قال:إذا نزل جيش في طلب الّذين خرجوا إلى مكّة،فنزلوا البيداء خسف بهم و يباد بهم،و هو قوله عزّ و جلّ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ من تحت أقدامهم،و يخرج رجل من الجيش في طلب ناقة له،ثمّ يرجع إلى الناس،فلا يجد منهم أحدا،و لا يحسّ بهم،و هو الّذي يحدّث الناس بخبرهم (2).

761-و روى الصفّار رحمه اللّه خطبة لمولانا أمير المؤمنين تسمّى المخزون جاء فيها:

و خروج السفيانيّ براية خضراء و صليب من ذهب،أميرها رجل من كلب و اثنى عشر ألف عنان من خيل يحمل السفياني متوجّها إلى مكّة،و المدينة أميرها أحد من بني اميّة يقال له خزيمة،أطمس العين الشمال،على عينه طرفة تميل بالدنيا فلا تردّ له راية حتّى ينزل المدينة،فيجمع رجالا و نساء من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار أبي الحسن الأمويّ،و يبعث خيلا في طلب رجل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكّة أميرهم رجل من غطفان،حتّى إذا توسّطوا الصفائح البيض بالبيداء يخسف بهم فلا ينجو منهم أحد إلاّ رجل واحد يحوّل اللّه وجهه في قفاه لينذرهم و ليكون5.

ص: 381


1- -تفسير الطبريّ 72/22؛تفسير مجمع البيان 398/4.
2- -الملاحم و الفتن 75 ب 165.

آية لمن خلفه فيومئذ تأويل هذه الآية: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (1).

762-روى سليم بن قيس الكوفيّ رحمه اللّه في كتابه في حديث طويل لأمير المؤمنين عليه السّلام جاء فيه:يا معاوية إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أخبرني أنّ بني اميّة سيخضبون لحيتي من دم رأسي،و أنّي مستشهد،و ستلي الامّة من بعدي!و أنّك ستقتل ابني الحسن غدرا بالسمّ! و أنّ ابنك يزيد سيقتل ابني الحسين!يلي ذلك منه ابن زانية.

و أنّ الامّة سيليها من بعدك سبعة من ولد أبي العاص و ولد مروان بن الحكم،و خمسة من ولده،تكملة اثنى عشر إماما،قد رآهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتواثبون على منبره تواثب القردة،يردّون امّته عن دين اللّه،على أدبارهم القهقرى،و أنّهم أشدّ الناس عذابا يوم القيامة،و أنّ اللّه سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشرق يذلّهم اللّه بهم،و يقتلهم تحت كلّ حجر.

و أنّ رجلا من ولدك مشوم ملعون،جلف جاف،منكوس القلب،فظّ غليظ،قد نزع اللّه من قلبه الرأفة و الرحمة،أخواله من كلب،كأنّي انظر إليه،و لو شئت لسمّيته و وصفته، و ابن كم هو،فيبعث جيشا إلى المدينة فيدخلونها،فيسرفون فيها في القتل و الفواحش، و يهرب منهم رجل من ولدي،زكيّ تقيّ،الّذي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،و إنّي لأعرف اسمه و ابن كم هو يومئذ و علامته،و هو من ولد ابني الحسين الّذي يقتله ابنك يزيد،و هو الثائر بدم أبيه فيهرب إلى مكّة.

و يقتل صاحب ذلك الجيش رجلا من ولدي زكيّا بريّا عند أحجار الزيت،ثمّ يسير ذلك الجيش إلى مكّة،و إنّي لأعلم اسم أميرهم و أسمائهم و سمات خيولهم،فإذا دخلوا البيداء و استوت بهم الأرض خسف اللّه بهم.

قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال:من تحت أقدامهم،فلا يبقى من ذلك الجيش أحد غير رجل واحد،يقلب اللّه وجهه من قبل قفاه.

و يبعث اللّه للمهدي أقواما يجمعون من الأرض قزعا كقزع الخريف،و اللّه انّي لأعرف9.

ص: 382


1- -مختصر بصائر الدرجات 199.

أسماءهم و اسم أميرهم و مناخ ركابهم،فيدخل المهديّ الكعبة و يبكي و يتضرّع...

الحديث (1).

763-و في خبر روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في ذكر الفتن في الشام،قال عليه السّلام:فإذا كان ذلك،خرج ابن آكلة الأكباد على أثره ليستولي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك،فانتظروا خروج المهديّ (2).

764-روى العلاّمة محمّد بن العبّاس رحمه اللّه بإسناده عن إسماعيل بن جابر،عن أبي خالد الكابليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

يخرج القائم عليه السّلام فيسير حتّى يمرّ بمرّ،فيبلغه أنّ عامله قد قتل،فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة،و لا يزيد على ذلك شيئا ثمّ ينطلق فيدعو الناس حتّى ينتهي إلى البيداء،فيخرج جيشان للسفيانيّ،فيأمر اللّه عزّ و جلّ الأرض أن تأخذ بأقدامهم،و هو قوله عزّ و جلّ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنّا بِهِ -يعني بقيام القائم- وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ -يعني بقيام قائم آل محمّد عليهم السّلام- وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ* وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (3).

765-روى العلاّمة الطبريّ بإسناده عن سعيد،في قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ - و لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:هم الجيش الّذي يخسف بهم بالبيداء،يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه (4).

766-روى النعمانيّ بإسناده عن الحارث الهمدانيّ،عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

المهديّ أقبل (5)،جعد،بخدّه خال،يكون مبدؤه من قبل المشرق،و إذا كان ذلك خرج السفيانيّ فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر،يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلاّ طوائف من المقيمين على الحقّ،يعصمهم اللّه من الخروج معه.و يأتي المدينة بجيش جرّار،حتّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف اللّه به و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ لَوْ تَرى إِذْف.

ص: 383


1- -سليم بن قيس 197.
2- -البدء و التاريخ 177/2.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 478/2 ح 12.
4- -تفسير الطبريّ 72/22؛تفسير الدرّ المنثور 241/5.
5- -القبل:إقبال سواد العين على الأنف.

فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ 1 .

767-روى العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:يكون لصاحب هذا الأمر غيبة،و ذكر حديثا طويلا يتضمّن غيبة صاحب الأمر عليه السّلام و ظهوره إلى أن قال عليه السّلام:فيدعو الناس إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه عليه و آله السلام و الولاية لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام و البراءة من عدوّه،و لا يسمّي أحدا حتّى ينتهي إلى البيداء،فيخرج إليه جيش السفيانيّ فيأمر اللّه الأرض فتأخذهم من تحت أقدامه،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنّا بِهِ يعني بقائم آل محمّد،إلى آخر السورة،فلا يبقى منهم إلاّ رجلان يقال لهما وتر و وتير من مراد،وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقهرى فيخبران الناس بما فعل بأصحابهما (1).2.

ص: 384


1- -تفسير العيّاشيّ 56/2.

سورة فاطر

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (1).

768-روى بالإسناد عن يونس بن ظبيان،قال:دخلت على الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام فقلت:يا ابن رسول اللّه انّي دخلت على مالك و أصحابه و عنده جماعة يتكلّمون في اللّه،فسمعت بعضهم يقول:إنّ للّه وجها كالوجوه،و بعضهم يقول:له يدان،و احتجّوا لذلك بقول اللّه تبارك و تعالى: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ (2)،بعضهم يقول:هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة!فما عندك في هذا يا ابن رسول اللّه؟

و كان متّكئا،فاستوى جالسا و قال:اللهمّ عفوك عفوك،ثمّ قال:يا يونس،من زعم أنّ للّه وجها كالوجوه فقد أشرك،و من زعم أنّ للّه جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر باللّه و لا تقبلوا شهادته و لا تأكلوا ذبيحته،تعالى اللّه عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخلوقين، فوجه اللّه أنبياؤه و أولياؤه.

و قوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ فاليد القدرة كقوله تعالى: وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ (3)فمن

ص: 385


1- -فاطر:32.
2- -ص:75.
3- -الأنفال:26.

زعم أنّ اللّه في شيء أو على شيء،أو يحول من شيء إلى شيء،أو يخلق منه شيء،أو يشغل به شيء،فقد وصفه بصفة المخلوقين،و اللّه خالق كلّ شيء،لا يقاس بالقياس،و لا يشبّه بالناس،لا يخلو منه مكان،و لا يشغل به مكان،قريب في بعده بعيد في قربه،ذلك ربّنا لا إله غيره،فمن أراد اللّه و أحبّه و وصفه بهذه الصفة،فهو من الموحّدين،و من أحبّه و وصفه بغير هذه الصفة فاللّه منه بريء و نحن منه براء.

ثمّ قال عليه السّلام:إنّ اولي الألباب،الّذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا منه حبّ اللّه،فإنّ حبّ اللّه إذا ورثه القلب و استضاء به أسرع إليه اللطف،فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد،فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة،فإذا تكلّم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة،فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة،فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكره بلطف و حكمة و بيان،فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبّته في خالقه،فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه و ورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء،و ورث العلم بغير ما ورثه العلماء،و ورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون،إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت،و إنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب،و إنّ الصدّيقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة،فمن أخذه بهذه السيرة إمّا أن يسفل و إمّا أن يرفع،و أكثرهم الّذي يسفل و لا يرفع،إذ لم يرع حقّ اللّه و لم يعمل بما أمر به،فهذه صفة من لم يعرف اللّه حقّ معرفته و لم يحبّه حقّ محبته،فلا يغرنّك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم،فانّهم حمر مستنفرة.

ثمّ قال:يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت،فإنّا ورثناه و أوتينا شرع الحكمة و فصل الخطاب.

فقلت:يا ابن رسول اللّه و كلّ من كان من أهل البيت ورث كما ورثتم من كان من ولد عليّ و فاطمة عليهما السّلام؟

فقال:ما ورثه إلاّ الأئمّة الاثنا عشر.

قلت:سمّهم لي يا ابن رسول اللّه.

قال:أوّلهم عليّ بن أبي طالب،و بعده الحسن و الحسين،و بعده عليّ بن الحسين،

ص: 386

و بعده محمّد بن عليّ الباقر،ثمّ أنا،و بعدي موسى ولدي،و بعد موسى عليّ ابنه،و بعد عليّ ابنه محمّد،و بعد محمّد عليّ ابنه،و بعد عليّ الحسن ابنه،و بعد الحسن الحجّة صلوات اللّه عليهم،اصطفانا اللّه و طهّرنا و اوتينا ما لم يؤت أحدا من العالمين...الحديث (1).

769-و عنه بإسناده عن ابراهيم،عن أبيه،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام،قال:قلت له:

جعلت فداك أخبرني عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ورث النبيّين كلّهم؟قال:نعم:قلت:من لدن آدم حتّى انتهى الى نفسه؟!قال:ما بعث اللّه نبيّا إلاّ و محمّد صلّى اللّه عليه و آله أعلم منه.

قال:قلت:و إنّ عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى بإذن اللّه تعالى؟

قال:صدقت،و سليمان بن داود كان يفهم منطق الطير،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقدر على هذه المنازل.قال:فقال:إنّ سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده و شكّ في أمره فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (2)حين فقده و غضب عليه فقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (3)و إنما غضب لأنّه كان يدلّه على الماء، فهذا و هو طائر قد أعطي ما لم يعط سليمان،و كانت الريح و النمل و الجن و الأنس و الشياطين و المردة له طائعين،و لم يكن يعرف الماء تحت الهواء و كان الطير يعرفه،و إنّ اللّه يقول في كتابه: وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى (4)و قد ورثنا نحن هذا القرآن الّذي فيه ما تسيّر به الجبال و تقطع به البلدان و يحيى به الموتى، و نحن نعرف الماء تحت الهواء،و إنّ في كتاب اللّه لآيات ما يراد بها أمر إلاّ أن يأذن اللّه به مع ما قد يأذن اللّه ممّا كتبه الماضون و جعله لنا في أمّ الكتاب،إنّ اللّه يقول: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (5)ثمّ قال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا (6)فنحن الّذين اصطفانا اللّه عزّ و جلّ ثمّ أورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شيء (7).

770-روى الثقة الصفّار؛بإسناده عن سورة بن كليب،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا إلى آخر الآية،قال:السابق6.

ص: 387


1- -تفسير البرهان 362-365 ح 4.
2- -النمل:20.
3- -النمل:21.
4- -الرعد:31.
5- -النمل:75.
6- -فاطر:32.
7- -تفسير البرهان 362/3-365 ح 6.

بالخيرات الإمام،فهي في ولد عليّ و فاطمة (1).

771-روى محمّد بن العباس؛بإسناده عن أبي اسحاق السبيعيّ،قال:خرجت حاجّا فلقيت محمّد بن عليّ عليه السّلام،فسألته عن هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقال:ما يقول فيها قومك يا أبا اسحاق يعني أهل الكوفة؟قال،قلت:يقولون إنّها لهم.قال:فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنّة؟قلت:فما تقول أنت جعلت فداك؟قال:هي لنا خاصّة يا أبا اسحاق،أما السابقون بالخيرات فعليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام و الإمام منّا، و المقتصد فصائم بالنهار و قائم بالليل،و الظالم لنفسه ففيه ما في الناس فهو مغفور له،يا أبا اسحاق بنا يفكّ اللّه رقابكم،و يحل اللّه رباق الذلّ من أعناقكم،و بنا يغفر اللّه ذنوبكم،و بنا يفتح و بنا يختم،و نحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف،و نحن سفينتكم كسفينة نوح، و نحن باب حطّتكم كباب حطّة بني اسرائيل (2).

الآية الثانية قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (3).

المهديّ عليه السّلام أمان لأهل السماء و الأرض

772-روى الشيخ الخزّاز بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة،عن الصادق جعفر بن محمّد،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:حدّثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال:من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي،و أنّ محمّدا عبدي و رسولي،و أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي،و أنّ الأئمّة من ولده حججي،أدخله الجنّة برحمتي،و نجّيته من النار بعفوي،و أبحت له جواري،و أوجبت له كرامتي،و أتممت عليه نعمتي،و جعلته من خاصّتي و خالصتي،إن ناداني لبّيته،و إن دعاني أجبته،و إن سألني أعطيته،و إن سكت ابتدأته،و إن أساء رحمته،و إن فرّ منّي دعوته،و إن رجع إليّ قبلته،و إن قرع بابي فتحته.

و من لم يشهد أن لا إله إلاّ أنا وحدي،أو شهد بذلك و لم يشهد أنّ محمّدا عبدي و رسولي،

ص: 388


1- -تفسير البرهان 362/3-365 ح 11.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 481/2 ح 7.
3- -فاطر:41.

أو شهد بذلك و لم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي،أو شهد بذلك و لم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حججي،فقد جحد نعمتي،و صغّر عظمتي،و كفر بآياتي و كتبي،إن قصدني حجبته،و إن سألني حرمته،و إن ناداني لم أسمع نداءه،و إن دعاني لم أستجب دعاءه،و إن رجاني خيّبته،و ذلك جزاؤه منّي و ما أنا بظلاّم للعبيد.

فقام جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ،فقال:يا رسول اللّه و من الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب؟قال:الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة،ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين،ثمّ الباقر محمّد بن عليّ و ستدركه يا جابر،فإذا أدركته فاقرئه منّي السلام،ثمّ الصادق جعفر بن محمّد،ثمّ الكاظم موسى بن جعفر،ثمّ الرضا عليّ بن موسى،ثمّ التقي محمّد بن عليّ،ثمّ النقي عليّ بن محمّد،ثمّ الزكيّ الحسن بن عليّ،ثمّ ابنه القائم بالحقّ مهدي امّتي الّذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،هؤلاء يا جابر خلفائي و أوصيائي و أولادي و عترتي،من أطاعهم فقد أطاعني،و من عصاهم فقد عصاني،و من أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني،بهم يمسك اللّه عزّ و جلّ السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه،و بهم يحفظ اللّه الأرض أن تميد بأهلها (1).

773-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:

قال الرضا عليه السّلام:نحن حجج اللّه في خلقه،و خلفاؤه في عباده و امناؤه على سرّه،و نحن كلمة التقوى،و العروة الوثقى،و نحن شهداء اللّه و أعلامه في بريّته،بنا يمسك اللّه السموات و الأرض أن تزولا،و بنا ينزّل الغيث و ينشر الرحمة،و لا تخلو الأرض من قائم منّا ظاهر أو خاف،و لو خلت يوما بغير حجّة،لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله (2).

774-روى الصدوق رضوان اللّه عليه بإسناده عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ذكر اللّه عزّ و جلّ عبادة،و ذكري عبادة،و ذكر عليّ عبادة،و ذكر الأئمّة من ولده عبادة،و الّذي بعثني بالنبوّة و جعلني خير البريّة إنّ وصيي لأفضل الأوصياء،و إنّه لحجّة اللّه على عباده و خليفته على خلقه،و من ولده الأئمّة الهداة بعدي،بهم يحبس اللّه العذاب عن أهل الأرض،و بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه،و بهم يمسك الجبال6.

ص: 389


1- -كفاية الأثر 19؛بحار الأنوار 251/36.
2- -كمال الدّين 202/1 ح 6.

أن تميد بهم،و بهم يسقي خلقه الغيث،و بهم يخرج النبات،أولئك أولياء اللّه حقّا و خلفائي صدقا،عدّتهم عدّة الشهور و هي اثنا عشر شهرا،و عدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران،ثمّ تلا صلّى اللّه عليه و آله هذه الآية: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1)ثمّ قال:أ تقدّر يا ابن عبّاس أنّ اللّه يقسم بالسماء ذات البروج و يعني به السماء و بروجها؟قلت:يا رسول اللّه فما ذاك؟قال:أمّا السماء فأنا،و أمّا البروج فالأئمّة بعدي،أوّلهم عليّ و آخرهم المهديّ،صلوات اللّه عليهم أجمعين (2).6.

ص: 390


1- -البروج:1.
2- -بحار الأنوار 34/36.

سورة يس

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (1).

775-روى النعمانيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:خبر تدريه خير من عشر ترويه؛إنّ لكلّ حقّ حقيقة،و لكلّ صواب نورا،ثمّ قال:إنّا و اللّه لا نعدّ الرجل من شيعتنا فقيها حتّى يلحن له فيعرف اللحن،إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال على منبر الكوفة:إنّ من ورائكم فتنا مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها إلاّ النّومة.قيل:يا أمير المؤمنين و ما النومة؟قال:الّذي يعرف الناس و لا يعرفونه.و اعلموا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة اللّه عزّ و جلّ،و لكنّ اللّه سيعمي خلقه عنها بظلمهم و جورهم و إسرافهم على أنفسهم، و لو خلت الأرض ساعة واحدة من حجّة اللّه لساخت بأهلها،و لكن الحجّة يعرف الناس و لا يعرفونه،كما كان يوسف يعرف الناس و هم له منكرون،ثمّ تلا: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (2).

الآية الثانية قوله سبحانه: وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ

ص: 391


1- -يس:30.
2- -الغيبة للنعمانيّ 141 ح 2.

يَأْكُلُونَ 1 .

776-روى السيّد عليّ بن عبد الحميد بإسناده عن الكابليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال:يقتل القائم عليه السّلام من أهل المدينة حتّى ينتهي إلى الأجفر و يصيبهم مجاعة شديدة، قال:فيضجّون و قد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها و يتزوّدون منها،و هو قوله تعالى شأنه:

وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ثمّ يسير حتّى ينتهي إلى القادسيّة و قد اجتمع الناس بالكوفة و بايعوا السفياني (1).3.

ص: 392


1- -إثبات الهداة 585/3 ح 793.

سورة الصافّات

الآية الاولى قوله تعالى: إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (1).

777-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن صفوان بن مهران الجمّال،قال:

قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام:أما و اللّه ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل منكم:ما للّه في آل محمّد حاجة،ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (3).

778-روى العلاّمة الشيخ محمّد بن العبّاس؛بإسناده عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم،قال:سأل جابر بن يزيد الجعفيّ جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام عن تفسير هذه الآية:

وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ فقال عليه السّلام:إنّ اللّه سبحانه لمّا خلق إبراهيم عليه السّلام كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش،فقال:إلهي،ما هذا النور؟فقيل له:هذا نور محمّد صفوتي من خلقي،و رأى نورا إلى جنبه،فقال:إلهي،و ما هذا النور؟فقيل له:هذا نور عليّ بن أبي طالب ناصر ديني.و رأى إلى جنبهم ثلاثة أنوار فقال:إلهي،ما هذه الأنوار؟فقيل له:

ص: 393


1- -الصافّات:10.
2- -كمال الدّين 341/2 ح 22.
3- -الصافّات:83.

هذا نور فاطمة فطمت محبّيها من النار،و نور ولديها الحسن و الحسين،و رأى تسعة أنوار قد حفّوا بهم،فقال:إلهي،و ما هذه الأنوار التسعة؟قيل:يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد عليّ و فاطمة.فقال إبراهيم:إلهي،بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني من التسعة؟قيل:

يا إبراهيم،أوّلهم عليّ بن الحسين و ابنه محمّد و ابنه جعفر و ابنه موسى و ابنه عليّ و ابنه محمّد و ابنه الحسن و الحجّة القائم ابنه.فقال إبراهيم:إلهي و سيّدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلاّ أنت،قيل:يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.فقال إبراهيم:و بم تعرف شيعته؟قال:بصلاة إحدى و خمسين،و الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم،و القنوت قبل الركوع،و التختّم في اليمين،فعند ذلك قال إبراهيم:اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين،قال:فأخبر اللّه في كتابه،فقال: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (1).6.

ص: 394


1- -تأويل الآيات الظاهرة 496/2 ح 9؛بحار الأنوار 151/36.

سورة ص

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ (1).

779-روي عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:فاصبر على ما يقولون يا محمّد من تكذيبهم إيّاك،فإنّي منتقم منهم برجل منك،و هو قائمي الّذي سلّطته على دماء الظلمة، و اذكر عبدنا داود...الحديث (2).

780-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن سلام بن المستنير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يحدّث:إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب،فإن دخل فيه بحقيقة و إلاّ ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة،و يشدّ على وسطه الهميان، و يخرجهم من الأمصار إلى السواد (3).

781-روى الطبريّ بإسناده عن الحسن بن بشير،عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:سألته متى يقوم قائمكم؟قال عليه السّلام:يا أبا الجارود لا تدركون.فقلت:أهل زمانه،فقال:

و لن تدرك أهل زمانه،يقوم قائمنا بالحقّ بعد أياس من الشيعة،يدعو الناس ثلاثا فلا

ص: 395


1- -ص:17.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 503/2 ح 1.
3- -الكافي 227/8 ح 288.

يجيبه أحد،فإذا كان يوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة،فقال:يا ربّ انصرني،و دعوته لا تسقط،فيقول تبارك و تعالى للملائكة الّذين نصروا رسول اللّه يوم بدر و لم يحطّوا سروجهم،و لم يضعوا أسلحتهم،فيبايعونه،ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضى اللّه عزّ و جلّ،فيقتل ألفا و خمسمائة قرشي ليس فيهم إلاّ فرخ زنية،ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض، ثمّ يخرج الأزرق و زريق لعنهما اللّه غضّين طريّين يكلّمهما فيجيبانه،و يرتاب عند ذلك المبطلون،فيقولون:يكلّم الموتى،فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه ليحرقا به عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين،و ذلك الحطب عندنا نتوارثه،و يهدم قصر المدينة،و يسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفا من البترية شاكّين في السلاح،قرّاء القرآن،فقهاء في الدّين،قد قرحوا جباههم و سمّروا ساماتهم،و عمّهم النفاق،و كلّهم يقولون:يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك!فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل،و لا يصاب من أصحابه أحد،دماؤهم قربان إلى اللّه.ثمّ يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى اللّه.

قال:فلم أعقل المعنى،فمكثت قليلا ثمّ قلت:جعلت فداك و ما يدريه متى يرضى اللّه؟

قال:يا أبا الجارود إنّ اللّه أوحى إلى امّ موسى و هو خير من امّ موسى،و أوحى اللّه إلى النحل و هو خير من النحل،فعقلت المذهب،فقال لي:أعقلت المذهب؟قلت:نعم.

فقال:إنّ القائم ليملك ثلاثمائة و تسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم،يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،و يفتح اللّه عليه شرق الأرض و غربها.يقتل الناس حتّى لا يرى إلاّ دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله،يسير بسيرة سليمان بن داود،يدعو الشمس و القمر فيجيبانه،و تطوى له الأرض،فيوحي اللّه إليه فيعمل بأمر اللّه (1).

782-روى النعمانيّ بإسناده عن بشير بن أبي أراكة النبّال-و لفظ الحديث على رواية2.

ص: 396


1- -دلائل الإمامة 241؛بحار الأنوار 291/52.

ابن عقدة-قال:لمّا قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر عليه السّلام،فإذا أنا ببغلته مسرجة بالباب،فجلست حيال الدار،فخرج فسلّمت عليه فنزل عن البغلة و أقبل نحوي فقال:ممّن الرجل؟فقلت:من أهل العراق،قال:من أيّها؟قلت:من أهل الكوفة،فقال:من صحبك في هذا الطريق؟قلت:قوم من المحدثة،فقال:و ما المحدثة؟قلت:المرجئة،فقال:

ويح هذه المرجئة،إلى من يلجئون غدا إذا قام قائمنا؟قلت:إنّهم يقولون:لو قد كان ذلك كنّا و أنتم في العدل سواء،فقال:من تاب تاب اللّه عليه،و من أسرّ نفاقا فلا يبعد اللّه غيره، و من أظهر شيئا أهرق اللّه دمه،ثمّ قال:يذبحهم و الّذي نفسي بيده كما يذبح القصّاب شاته -و أومأ بيده إلى حلقه-قلت:انّهم يقولون:إنّه إذا كان ذلك استقامت له الامور فلا يهريق محجمة دم،فقال:كلاّ و الّذي نفسي بيده حتّى نمسح و أنتم العرق و العلق-و أومأ بيده إلى جبهته (1).

783-روى العلاّمة النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن سدير الصيرفيّ،عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل على نفسه نذرا في جارية و جاء بها إلى مكّة،قال:فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها و جعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلاّ قال لي:جئني بها و قد و في اللّه نذرك.

فدخلني من ذلك وحشة شديدة،فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكّة، فقال لي:تأخذ عنّي؟فقلت:نعم،فقال:انظر الرجل الّذي يجلس بحذاء الحجر الأسود و حوله الناس و هو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السّلام،فأته فأخبره بهذا الأمر فانظر ما يقول لك فاعمل به،قال:فأتيته فقلت:رحمك اللّه إنّي رجل من أهل الجزيرة و معي جارية جعلتها عليّ نذرا لبيت اللّه يمين كانت عليّ،و قد أتيت بها و ذكرت ذلك للحجبة و أقبلت لا ألقى أحدا إلاّ قال جئني بها و قد و في اللّه نذرك،فدخلني من ذلك وحشة شديدة.

فقال:يا عبد اللّه إنّ البيت لا يأكل و لا يشرب،فبع جاريتك و استقص و انظر أهل بلادك ممّن حجّ هذا البيت،فمن عجز منهم عن نفقته فأعطه حتّى يقوى على العود إلى1.

ص: 397


1- -الغيبة للنعمانيّ 283 ح 1.

بلادهم.ففعلت ذلك ثمّ أقبلت لا ألقى أحدا من الحجبة إلاّ قال ما فعلت بالجارية؟ فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر عليه السّلام،فيقولون:هو كذّاب جاهل لا يدري ما يقول،فذكرت مقالتهم لأبي جعفر عليه السّلام،فقال:قد بلغتني فبلّغ عنّي؟فقلت:نعم.

فقال:قل لهم:قال لكم أبو جعفر:كيف بكم لو قد قطّعت أيديكم و أرجلكم و علّقت في الكعبة،ثمّ يقال لكم:نادوا نحن سرّاق الكعبة،فلمّا ذهبت لأقوم قال:إنّي لست أنا أفعل ذلك،و إنّما يفعله رجل منّي (1).

784-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:صالح من الصالحين سمّه لي اريد القائم عليه السّلام،فقال:اسمه اسمي،قلت:أ يسير بسيرة محمّد صلّى اللّه عليه و آله؟قال:

هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته.

قلت:جعلت فداك لم؟

قال:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سار في امّته بالمنّ،كان يتألّف الناس،و القائم يسير بالقتل، بذاك امر في الكتاب الّذي معه أن يسير بالقتل،و لا يستتيب أحدا،ويل لمن ناواه (2).

785-روى العلاّمة ابن شهرآشوب؛عن الحسن بن ظريف،قال:

اختلج في صدري أن أكتب إلى أبي محمّد عليه السّلام أنّ القائم إذا قام بم يقضي؟و أين مجلسه للقضاء؟و أن أسأله عن شيء لحمّى الربع،فأغفلت عنها،فجاء الجواب:

«سألت عن القائم إذا قام بالناس بم يقضي؟يقضي بعلمه كقضاء داود لا يسأل عن بيّنة،و أردت أن تسأل عن حمّى الربع،فاكتب في ورقة و علّقها على المحموم: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 3 (3).

الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (4).

786-و روى الشيخ الصدوق بإسناده عن وهب بن منبّه رفعه عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّه لمّا عرج بي ربّي جلّ جلاله،أتاني النداء:يا محمّد،قلت:لبّيك ربّ9.

ص: 398


1- -الغيبة للنعمانيّ 236 ح 25.
2- -نفس المصدر 231 ح 14.
3- -مناقب آل أبي طالب 431/4.
4- -ص:69.

العظمة لبّيك،فأوحى إليّ:يا محمّد،فيم اختصم الملأ الأعلى؟قلت:إلهي لا علم لي،فقال لي:يا محمّد هل اتّخذت من الآدميّين وزيرا و أخا و وصيّا من بعدك؟فقلت:إلهي و من اتّخذ؟تخيّر أنت لي يا إلهي.

فأوحى إليّ:يا محمّد،قد اخترت لك من الآدميين عليّ بن أبي طالب.

فقلت:إلهي،ابن عمّي؟

فأوحى إليّ:يا محمّد،إنّ عليّا وارثك و وارث العلم من بعدك،و صاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة،و صاحب حوضك،يسقي من ورد عليه من مؤمني أمّتي.ثمّ أوحى إليّ:

إنّي قد أقسمت على نفسي قسما حقّا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك و لأهل بيتك و ذرّيتك الطيّبين،حقّا حقّا أقول يا محمّد،لادخلّن الجنّة جميع امّتك إلاّ من أبى.

فقلت:إلهي و أحد يأبى دخول الجنّة؟فأوحى إليّ:بلى يأبى.قلت:و كيف يأبى؟ فأوحى إليّ:يا محمّد،قد اخترتك من خلقي و اخترت لك وصيّا من بعدك،و جعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدك،و ألقيت محبّته في قلبك،و جعلته أبا لولدك، فحقّه بعدك على امّتك،كحقّك عليهم في حياتك،فمن جحد حقّه جحد حقّك،و من أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنّة.

فخررت للّه عزّ و جلّ ساجدا شكرا لما أنعم عليّ،فإذا مناد ينادي:يا محمّد ارفع رأسك،سلني أعطك.

فقلت:إلهي اجمع امّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب،ليردوا عليّ حوضي يوم القيامة.

فأوحى إليّ:يا محمّد،إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم،و قضائي ماض فيهم، لاهلك به من أشاء،و أهدي به من أشاء،و قد آتيته علمك من بعدك،و جعلته وزيرك و خليفتك من بعدك على أهلك و امّتك،عزيمة منّي:لا يدخل الجنّة من أبغضه و عاداه و أنكر ولايته من بعدك،فمن أبغضه أبغضك،و من أبغضك أبغضني،و من عاداه فقد عاداك، و من عاداك فقد عاداني،و من أحبّه فقد أحبّك،و من أحبّك فقد أحبّني.

و قد جعلت له هذه الفضيلة،و أعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّا كلّهم من

ص: 399

ذرّيتك،من البكر البتول،آخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى ابن مريم،يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما،انجي به من الهلكة،و اهدي به من الضلالة،و ابرئ به الأعمى،و اشفي به المريض.

قلت:إلهي فمتى يكون ذلك؟

فأوحى إليّ عزّ و جلّ:يكون ذلك إذا رفع العلم،و ظهر الجهل،و كثر القرّاء،و قلّ العمل، و كثر الفتك،و قلّ الفقهاء الهادون،و كثر فقهاء الضلالة الخونة،و كثر الشعراء،و اتّخذ امّتك قبورهم مساجد،و حلّيت المصاحف،و زخرفت المساجد،و كثر الجور و الفساد،و ظهر المنكر،و أمر امّتك به،و نهوا عن المعروف،و اكتفى الرجال بالرجال،و النساء بالنساء، و صارت الامراء كفرة،و أولياؤهم فجرة،و أعوانهم ظلمة،و ذوو الرأي منهم فسقة.

و عند ذلك ثلاثة خسوف:خسف بالمشرق،و خسف بالمغرب،و خسف بجزيرة العرب،و خراب البصرة على يدي رجل من ذرّيتك يتبعه الزنوج،و خروج ولد من ولد الحسين بن عليّ عليهما السّلام و ظهور الدجّال يخرج بالمشرق من سجستان،و ظهور السفيانيّ.

فقلت:إلهي و ما يكون بعدي من الفتن؟

فأوحى إليّ و أخبرني ببلاء بني اميّة،و فتنة ولد عمّي،و ما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمّي حين هبطت إلى الأرض،و أدّيت الرسالة،فللّه الحمد على ذلك كما حمده النبيّون و كما حمده كلّ شيء قبلي و ما هو خالقه إلى يوم القيامة (1).

الآية الثالثة قوله عزّ و جلّ: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (2).

787-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ،قال:

سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهما السّلام يقول:معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن، مطرود من مواضع الخير،لا يذكره مؤمن إلاّ لعنه،و إنّ في علم اللّه السابق أنّه إذا خرج القائم عليه السّلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلاّ رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن (3).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (4).8.

ص: 400


1- -كمال الدّين 250/1-525 ح 1.
2- -ص:77.
3- -معاني الأخبار 139 ح 1.
4- -ص:88.

788-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ قال:

هو أمير المؤمنين عليه السّلام وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ قال:عند خروج القائم عليه السّلام (1).1.

ص: 401


1- -الكافي 287/8 ح 432؛ينابيع المودّة 427 ب 71.

سورة الزمر

الآية الاولى قوله تعالى: فَبَشِّرْ عِبادِ اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (1).

789-روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب قدّس سرّه بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء،قال:

سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الاستطاعة و قول الناس،فقال:و تلا هذه الآية: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ -يا با عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول و كلّهم هالك،قال:قلت: إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قال:هم شيعتنا و لرحمته خلقهم،و هو قوله:

وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول:لطاعة الإمام،و الرحمة الّتي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ هو شيعتنا،قال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ يعني ولاية غير الإمام،ثمّ قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ (2)يعني النبيّ و الوصي و القائم يأمرهم بالمعروف إذا قام و ينهاهم عن المنكر و المنكر،من أنكر فضل الإمام و جحده.

وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أخذ العلم من أهله، وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الّتي كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام وضع عنهم إصرهم،و الإصر الذنب و هي الآصار.

ص: 402


1- -الزمر:17.
2- -الأعراف:157.

ثمّ نسبهم فقال للذين آمنوا بالإمام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (1)يعني الّذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها،و الجبت و الطاغوت فلان و فلان و فلان،و العبادة طاعة الناس لهم،ثمّ قال: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ .

ثمّ جزاهم فقال: لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ و الإمام يبشّرهم بقيام القائم و ظهوره و قتل أعدائهم و بالنجاة في الآخرة،و الورود على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و آله الصادقين على الحوض (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (3).

790-عليّ بن إبراهيم رحمه اللّه بإسناده عن صباح المدائني،قال:حدّثنا المفضّل ابن عمر أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قوله: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها قال:ربّ الأرض يعني إمام الأرض،قلت:فإذا خرج يكون ما ذا؟قال:إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس و نور القمر و يجتزون بنور الإمام (4).

791-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن المفضّل بن عمر الجعفي،قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها و استغنى العباد عن ضوء الشمس و صار الليل و النهار واحدا،و ذهبت الظلمة،و عاش الرجل في زمانه ألف سنة،يولد له في كلّ سنة غلام لا يولد له جارية،يكسوه الثوب فيطول عليه كلّما طال، و يكون(يتلوّن)عليه أيّ لون شاء (5).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (6).

792-روى العلاّمة المجلسي بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:سألت سيّدي الصادق عليه السّلام:هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه السّلام من وقت مؤقّت يعلم الناس؟فقال:حاش4.

ص: 403


1- -الأعراف:157.
2- -الكافي 429/1 ح 83؛بحار الأنوار 353/24.
3- -الزمر:69.
4- -تفسير القمّيّ 253/2.
5- -دلائل الإمامة 241 و 260؛روضة الواعظين 264/2.
6- -الزمر:74.

للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا-و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة-إلى أن قال:قال المفضّل:يا سيّدي فمن أين يظهر و كيف يظهر؟قال:يا مفضّل يظهر وحده، و يأتي البيت وحده،و يلج الكعبة وحده،و يجنّ عليه الليل وحده،فإذا نامت العيون و غسق الليل،نزل إليه جبرئيل و ميكائيل عليهما السّلام،و الملائكة صفوفا،فيقول له جبرئيل:

يا سيّدي قولك مقبول،و أمرك جائز،فيمسح عليه السّلام يده على وجهه و يقول: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ .و يقف بين الركن و المقام...الخ الحديث (1).3.

ص: 404


1- -بحار الأنوار 7/53.

سورة غافر

الآية الاولى قوله تعالى: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (1).

793-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمه اللّه عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه اللّه،قال:حدّثني محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ،قال:كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضى اللّه عنه مع جماعة منهم عليّ بن عيسى القصريّ،فقام إليه رجل فقال له:اريد أن أسألك عن شيء،فقال له:سل عمّا بدا لك.

فقال الرجل:أخبرني عن الحسين بن عليّ عليه السّلام أ هو وليّ اللّه؟قال:نعم.

قال:أخبرني عن قاتله لعنه اللّه أ هو عدوّ اللّه؟قال:نعم.

قال الرجل:فهل يجوز أن يسلّط اللّه عزّ و جلّ عدوّه على وليّه؟!

فقال أبو القاسم قدّس اللّه روحه:افهم عنّي ما أقول لك،اعلم أنّ اللّه تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان،و لا يشافههم بالكلام،و لكنّه-جلّت عظمته-يبعث إليهم من أجناسهم و أصنافهم بشرا مثلهم،و لو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم و صورهم لنفروا عنهم،و لم يقبلوا منهم،فلمّا جاءوهم و كانوا من جنسهم يأكلون الطعام و يمشون في

ص: 405


1- -غافر:51.

الأسواق،قالوا لهم:أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتّى تأتونا بشيء نعجز من أن نأتي بمثله، فنعلم انّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه،فجعل اللّه عزّ و جلّ لهم المعجزات الّتي يعجز الخلق عنها.

فمنهم:من جاء بالطوفان بعد الإعذار و الإنذار،فغرق جميع من طغى و تمرّد.

و منهم:من القي في النار فكانت بردا و سلاما.

و منهم:من أخرج من الحجر الصلب الناقة،و أجرى من ضرعها لبنا.

و منهم:من فلق له البحر و فجّر له من العيون،و جعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون.

و منهم:من أبرأ الأكمه و الأبرص و أحيا الموتى بإذن اللّه،و أنبأهم بما يأكلون و ما يدّخرون في بيوتهم.

و منهم:من انشقّ له القمر و كلّمته البهائم،مثل البعير و الذئب و غير ذلك.

فلمّا أتوا بمثل ذلك و عجز الخلق من اممهم عن أن يأتوا بمثله،كان من تقدير اللّه جلّ جلاله و لطفه بعباده و حكمته،أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين و اخرى مغلوبين،و في حال قاهرين و اخرى مقهورين،و لو جعلهم اللّه في جميع أحوالهم غالبين و قاهرين،و لم يبتلهم و لم يمتحنهم،لاتّخذهم الناس آلهة من دون اللّه عزّ و جلّ،و لما عرف فضل صبرهم على البلاء و المحن و الاختبار،و لكنّه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم،ليكونوا في حال المحنة و البلوى صابرين،و في حال العافية و الظهور على الأعداء شاكرين،و يكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين و لا متجبّرين، و ليعلم العباد أنّ لهم عليهم السّلام إلها هو خالقهم و مدبّرهم فيعبدوه و يطيعوا رسله،و تكون حجّة اللّه ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم،و ادّعى لهم الربوبية،أو عاند و خالف،و عصى و جحد، بما أتت به الأنبياء و الرسل،و ليهلك من هلك عن بيّنة،و يحيى من حيّ عن بيّنة.

قال محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه اللّه:فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين ابن روح رحمه اللّه في الغد و أنا أقول في نفسي:أ تراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه؟فابتدأني و قال:يا محمّد بن إبراهيم لئن أخّر من السماء فتختطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان

ص: 406

سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين اللّه برأيي و من عند نفسي،بل ذلك عن الأصل، و مسموع من الحجّة صلوات اللّه عليه و سلامه (1).

794-روى عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:

قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ قال:

ذلك و اللّه في الرجعة،أ ما علمت أنّ أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا و قتلوا،و الأئمّة بعدهم قتلوا و لم ينصروا،ذلك في الرجعة (2).1.

ص: 407


1- -الاحتجاج للطبرسيّ 284/2-289.
2- -تفسير القمّيّ 258/2؛بحار الأنوار 27/11.

سورة فصّلت

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا (1).

795-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ رحمه اللّه في الغيبة بإسناده عن أبي بصير،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قول اللّه عزّ و جلّ: عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هو عذاب خزي الدنيا؟فقال:

و أيّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته و حجاله على اخوانه وسط عياله،أن شقّ أهله الجيوب عليه و صرخوا،فيقول الناس ما هذا؟فيقال مسخ فلان الساعة،فقلت:

قبل قيام القائم عليه السّلام أو بعده؟فقال:لا،بل قبله (2).

الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (3).

ص: 408


1- -فصّلت:16.
2- -الغيبة للنعمانيّ 143.
3- -فصّلت:30.

الشيعة الثابتون على القول بالامامة

796-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد،تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (1).

797-سعد بن عبد اللّه القمّيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا قال:هم الأئمّة عليهم السّلام تجري فيمن استقام من شيعتنا و سلّم لأمرنا و كتم حديثنا عند عدوّنا، و تستقبلهم الملائكة بالبشرى من اللّه بالجنّة،و قد-و اللّه-مضى أقوام على مثل ما أنتم عليه من الّذين استقاموا لأمرنا و كتموا حديثنا و لم يذيعوه عند عدوّنا و لم يشكّوا فيه كما شككتم،و استقبلهم الملائكة بالبشرى من اللّه بالجنّة (2).

798-محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا يقول:استكملوا طاعة اللّه و طاعة رسوله و ولاية آل محمّد عليهم السّلام ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ يوم القيامة أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فاولئك الّذين اذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون،فتلقتهم الملائكة و يقولون لهم:لا تخافوا و لا تحزنوا نحن كنّا معكم في الحياة الدنيا لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنة وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (3).

799-عنه،بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ الآية،قال:استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد (4).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (5).

ص: 409


1- -الكافي 420/1 ح 40.
2- -تفسير البرهان 110/4 ح 8.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 536/2-537 ح 8.
4- -نفس المصدر 537/2 ح 9.
5- -فصّلت:34.

800-روى محمّد بن العبّاس رحمه اللّه بإسناده عن سورة بن كليب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:امرت بالتقيّة،فسار بها عشرا حتّى امر أن يصدع بما أمر.

ثمّ أمر بها عليّ،فسار بها حتّى أمر أن يصدع بها،ثمّ أمر الأئمّة بعضهم بعضا فساروا بها، فإذا قام قائمنا سقطت التقيّة و جرّد السيف و لم يأخذ من الناس و لم يعطهم إلاّ السيف (1).

الآية الرابعة قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (2).

801-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عاصم بن حميد،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ قال:اختلفوا كما اختلفت هذه الامّة في الكتاب،و سيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير،فيقدّمهم فيضرب أعناقهم (3).

الآية الخامسة قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (4).

802-روى ثقة الإسلام الكلينيّ و النعمانيّ بإسنادهما عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ قال:يريهم في أنفسهم المسخ،و يريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم،فيرون قدرة اللّه عزّ و جلّ في أنفسهم و في الآفاق.قلت له:حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ،قال:خروج القائم،هو الحقّ من عند اللّه عزّ و جلّ،يراه الخلق لا بدّ منه (5).

803-روى المفيد رحمه اللّه بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ قال:الفتن في الآفاق،و المسخ في أعداء الحقّ (6).2.

ص: 410


1- -تأويل الآيات الظاهرة 539/2-540 ح 13.
2- -فصّلت:45.
3- -الكافي 287/8 ح 432؛بحار الأنوار 3131/24.
4- -فصّلت:53.
5- -الكافي 381/8 ح 5757؛الغيبة للنعمانيّ 269 ح 40.
6- -الإرشاد للمفيد 359؛بحار الأنوار 221/52.

سورة الشورى

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: حم* عسق (1).

804-روى عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه اللّه بإسناده عن يحيى بن ميسرة الخثعميّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول: حم* عسق عدد سنّي القائم،قال:و(ق)جبل محيط بالدنيا من زمرّد أخضر،و خضرة السماء من ذلك الجبل،و علم كلّ شيء في(عسق) (2).

805-و روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن الكلبيّ،عن أبي صالح،عن ابن عبّاس، قال:(حم)اسم من أسماء اللّه عزّ و جلّ،و(عسق)علم على تفسير كلّ جماعة و نفاق كلّ فرقة (3).

806-تأويل آخر بحذف الإسناد عن السكونيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:حم:حتم، و عين،عذاب،و سين:سنون كسنيّ يوسف عليه السّلام،و قاف:قذف و مسخ يكون في آخر الزمان منه بالسفيانيّ و أصحابه و ناس من كلب،ثلاثون ألف يخرجون معه،و ذلك حين يخرج القائم عليه السّلام بمكّة و هو مهدي هذه الامّة (4).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ* يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ

ص: 411


1- -الشورى:1.
2- -تفسير القمّي 267/2.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 542/2 ح 2.
4- -نفس المصدر 542/2 ح 3.

بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ 1 .

807-روى بالإسناد عن المفضّل بن عمر،قال:قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام:يا مفضّل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ .

فقلت:يقرءون: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ فقال: ويحك أ تدري ما هي؟

فقلت:اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم.

فقال:ما هي و اللّه إلاّ قيام القائم (1).

808-و في رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليه السّلام قال:سألت سيّدي الصادق عليه السّلام:

هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه السّلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟فقال:حاش للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.قلت:يا سيّدي و لم ذاك؟قال:لأنّه هو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (2)يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قلت:

فما معنى يمارون؟قال:يقولون:متى ولد؟و من رأى؟و أين يكون؟و متى يظهر؟و كلّ ذلك استعجالا لأمر اللّه و شكّا في قضائه،و دخولا في قدرته (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (4).

809-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ قال:معرفة أمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمّة عليهم السّلام، نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ قال:نزيده منها،قال:يستوفي نصيبه من دولتهم.0.

ص: 412


1- -المحجّة 191؛بحار الأنوار 2/53.
2- -الأحزاب:63.
3- -بحار الأنوار 2/53؛الصراط المستقيم 258/2.
4- -الشورى:20.

وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ قال:ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (2).

810-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

أمّا قوله: وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال:لو لا ما تقدّم فيهم من أمر اللّه عزّ و جلّ ما أبقى القائم منهم واحدا (3).

الآية الخامسة قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (4).

المهديّ عليه السّلام ممّن نزلت فيه آية المودّة

811-روى العلاّمة البيّاضيّ قال:و أسند الثعلبيّ في تفسير: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى إلى أنس قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة،و ذكر نفسه و خمسة سمّاهم من أهل بيته (5).

812-و روى محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد اللّه بن عجلان،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:هم الأئمّة عليهم السّلام (6).

813-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسن بن زيد،عن أبيه،عن جدّه عليهم السّلام، قال:خطب الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام حين قتل عليّ عليه السّلام ثمّ قال:و أنا من أهل بيت من افترض اللّه مودّتهم على كلّ مسلم،حيث يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت (7).

814-و عنه بإسناده عن عبد الملك بن عمير،عن الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما في قوله عزّ و جلّ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:و أمّا القرابة الّتي

ص: 413


1- -الكافي 435/1؛بحار الأنوار 349/24.
2- -الشورى:22.
3- -روضة الكافي 287؛بحار الأنوار 313/24.
4- -الشورى:23.
5- -الصراط المستقيم 242/2.
6- -تفسير البرهان 121/4 ح 1.
7- -تأويل الآيات الظاهرة 545/2 ح 8.

أمر اللّه بصلتها،و عظّم من حقّها،و جعل الخير فيها،قرابتنا أهل البيت الّذي أوجب اللّه حقّنا على كلّ مسلم (1).

815-روى أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ بإسناده عن عبد اللّه بن عجلان،قال:

سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:هم الأئمّة الّذين لا يأكلون الصدقة و لا تحلّ لهم (2).

816-قال:و روى زاذان عن عليّ عليه السّلام،قال:فينا نزل آية،لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن،ثمّ قرأ هذه الآية (3).

817-و من صحيح البخاريّ في الجزء السادس في تفسير الآية،روى بإسناده عن عبد الملك بن ميسرة،قال:سمعت طاوسا،عن ابن عبّاس أنّه سأل عن قوله إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال سعيد بن جبير:

قربى آل محمّد صلوات اللّه عليهم (4).

818-روى الثعلبيّ بإسناده عن أبي الديلم،قال:لمّا جىء بعليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه أسيرا قائما على درج دمشق،قام رجل من أهل الشام فقال:الحمد للّه الّذي قتلكم و استأصل شأفتكم و قطع قرن الفتنة!

فقال له عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه:أقرأت القرآن؟قال:قال:نعم،قال:أقرأت آل حم؟قال:

قرأت القرآن و لم أقرأ آل حم،قال:قرأت: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:لأنتم هم؟قال:نعم (5).

819-روى مسلم في صحيحه في الجزء الخامس في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:و سئل ابن عبّاس عن هذه الآية،فقال:قربى آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله (6).0.

ص: 414


1- -نفس المصدر 545/2 ح 9.
2- -تفسير البرهان 124/4 ح 13.
3- -نفس المصدر 125/4 ح 22.
4- -صحيح البخاري 37/6.
5- -عنه:العمدة 51 ف 9 ح 46.
6- -عنه:العمدة 49 ف 9 ح 40.

820-روى موفّق بن أحمد الخوارزميّ،عن مقاتل و الكعبيّ:لمّا نزلت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:هل رأيتم أعجب من هذا،يسفّه أحلامنا و يشتم آلهتنا و يرى قتلنا و يطمع أن نحبّه؟!فنزل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ (1)أي ليس لي من ذلك أجر،لأنّ منفعة المودّة تعود إليكم،و هو ثواب اللّه تعالى و رضاه (2).

قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (3).

821-روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب رحمه اللّه بإسناده عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:الاقتراف التسليم لنا و الصدق علينا و أن لا يكذب علينا (4).

822-روى سعد بن عبد اللّه بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في الآية، قال:الاقتراف للحسنة هو التسليم لنا و الصدق علينا. (5)

823-روى الشيخ في أماليه بإسناده،عن الحسن عليه السّلام في خطبة له،قال:فيما أنزل اللّه على محمّد صلّى اللّه عليه و آله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودّتنا (6).

الآية السادسة قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ (7).

824-روى العلاّمة البحرانيّ قدّس سرّه بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:من توالى الأوصياء من آل محمّد و اتّبع آثارهم،فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين و المؤمنين الأوّلين حتّى ولايتهم إلى آدم عليه السّلام،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها (8)يدخله الجنّة و هو قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ (9)يقول:أجر المودّة الّذي لم أسألكم7.

ص: 415


1- -سبأ:47.
2- -المناقب للخوارزميّ 275 ح 255.
3- -الشورى:23.
4- -تفسير البرهان 122/4 ح 7.
5- -نفس المصدر 122/4 ح 7.
6- -أمالي الطوسي 269-270 خ 501.
7- -الشورى:24.
8- -القصص:84.
9- -سبأ:47.

غيره فهو لكم تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة،و قل لأعداء اللّه أولياء الشيطان أهل التكذيب و الإنكار قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (1)يقول متكلّفا أن أسألكم ما لستم بأهله،فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض:أ ما يكفي محمّدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا،و لئن قتل محمّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته لا نعيدها فيهم أبدا،و أراد اللّه عزّ ذكره أن يعلم نبيّه صلّى اللّه عليه و آله الّذي أخفوا في صدورهم و أسرّوا به،فقال في كتابه عزّ و جلّ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ يقول:لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلّم بفضل أهل بيتك و لا بمودّتهم،و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ (2)يقول الحقّ لأهل بيتك الولاية انّه عليم بذات الصدور،و يقول:بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك و الظلم بعدك و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)...الخ الحديث (4).

825-روى القمّي بإسناده عن محمّد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:في قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني في أهل بيته،قال:

جاءت الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:انّا قد آوينا و نصرنا،فخذ طائفة من أموالنا استعن بها على ما أنابك،فأنزل اللّه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً -يعني على النبوّة- إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى أي في أهل بيته،ثمّ قال:أ لا ترى أنّ الرجل يكون له صديق و في ذلك شيء على أهل بيته فلم يسلم صدره،فأراد اللّه أن لا يكون في نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيء على امّته ففرض عليهم المودّة،فإن أخذوا أخذوا مفروضا،و ان تركوا تركوا مفروضا،قال:

فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول:أعرضنا عليه أموالنا فقال:قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي،و قال:طائفة ما قال هذا رسول اللّه من اللّه و جحدوا و قالوا كما حكى اللّه تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فقال اللّه فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ قال:لو افتريت؛و يمحو اللّه الباطل يعني يبطله وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني بالأئمّة و القائم من آل محمّد إِنَّهُ عَلِيمٌ5.

ص: 416


1- -ص:86.
2- -الشورى:24.
3- -الأنبياء:3.
4- -تفسير البرهان122/:4 ح 5.

بِذاتِ الصُّدُورِ 1 .

الآية السابعة قوله تعالى: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (1).

826-روى محمّد بن العبّاس رحمه اللّه بإسناده عن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ قال:ذلك القائم عليه السّلام إذا قام انتصر من بني اميّة و من المكذّبين و النصاب (2).

الآية الثامنة قوله تعالى: وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ (3).

827-روى محمّد بن العبّاس رحمه اللّه بإسناده عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

قوله عزّ و جلّ: خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ يعني إلى القائم عليه السّلام (4).

828-و روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

سمعته يقول: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ يعني القائم و أصحابه فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ و القائم إذا قام انتصر من بني اميّة و من المكذّبين و النصّاب هو و أصحابه،و هو قول اللّه تبارك و تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (5).4.

ص: 417


1- -الشورى:41.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 549/2-550 ح 18.
3- -الشورى:45.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 550/2 ح 20.
5- -تفسير البرهان 129/4 ح 4.

سورة الزخرف

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (1)

829-روى العلاّمة المجلسي رحمه اللّه بإسناده عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:

يا ابن رسول اللّه،إنّ قوما يقولون:إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الإمامة في عقب الحسن و الحسين.

قال:كذبوا و اللّه،أو لم يسمعوا اللّه تعالى ذكره يقول: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فهل جعلها إلاّ في عقب الحسين عليه السّلام؟ثمّ قال:يا جابر إنّ الأئمّة هم الّذين نصّ عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالإمامة،و هم الّذين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا اسري بي إلى السماء وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثنى عشر اسما،منهم عليّ و سبطاه،و عليّ و محمّد و جعفر و موسى و عليّ و محمّد و عليّ و الحسن و الحجّة القائم،فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة و الطهارة،و اللّه لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ حشره اللّه تبارك و تعالى مع إبليس و جنوده.

ثمّ تنفّس عليه السّلام الصعداء و قال:لا رعى اللّه حقّ هذه الامّة فإنّها لم ترع حقّ نبيّها،أما و اللّه لو تركوا الحقّ على أهله لما اختلف في اللّه تعالى اثنان.

ص: 418


1- -الزخرف:28.

ثمّ أنشأ عليه السّلام يقول:

إنّ اليهود لحبّهم لنبيّهم أمنوا بوائق حادث الأزمان

و المؤمنون بحبّ آل محمّد يرمون في الآفاق بالنيران

قلت:يا سيّدي أ ليس هذا الأمر لكم؟قال:نعم.

قلت:فلم قعدتم عن حقّكم و دعواكم،و قد قال اللّه تبارك و تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ (1)،قال:فما بال أمير المؤمنين عليه السّلام قعد عن حقّه حيث لم يجد ناصرا؟أو لم تسمع اللّه تعالى يقول في قصّة لوط: قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (2)،و يقول في حكاية عن نوح: فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (3)،و يقول في قصّة موسى: رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (4)،فإذا كان النبيّ هكذا فالوصيّ أعذر.

يا جابر مثل الإمام مثل الكعبة إذ يؤتى و لا يأتي (5).

830-الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ قال:هي الإمامة جعلها اللّه عزّ و جلّ في عقب الحسين عليه السّلام باقية إلى يوم القيامة (6).

831-الشيخ الصدوق بإسناده من طريق العامّة عن أبي هريرة،قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قوله عزّ و جلّ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ قال:جعلها الأئمّة في عقب الحسين،يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة و منهم مهدي هذه الامّة.ثمّ قال:لو أنّ رجلا ظعن بين الركن و المقام ثمّ لقى اللّه مبغضا لأهل بيتي دخل النار (7).

832-و عنه رفعه إلى هشام بن سالم،قال:قلت للصادق عليه السّلام:الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال:الحسن أفضل من الحسين.

قلت:و كيف صارت من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟9.

ص: 419


1- -الحجّ:78.
2- -هود:80.
3- -القمر:10.
4- -المائدة:25.
5- -بحار الأنوار 357/36-358؛تفسير البرهان 139/4-140.
6- -تفسير البرهان 138/4 ح 1.
7- -تفسير البرهان 140/4 ح 9.

فقال:انّ اللّه تبارك و تعالى أحبّ أن يجعل سنّة موسى و هارون جارية في الحسن و الحسين عليهما السّلام،أ لا ترى أنّهما كانا شريكين في النبوّة كما كان الحسن و الحسين شريكين في الإمامة،جعل النبوّة في ولد هارون و لم يجعلها في ولد موسى و ان كان موسى أفضل من هارون.

قلت:فهل يكون إمامان في وقت واحد؟

قال:لا إلاّ أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه،و الآخر ناطقا إماما لصاحبه، فإمّا أن يكونا إمامين ناطقين فلا.

قال:قلت:فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين؟

قال:لا،إنّما هي جارية في عقب الحسين،كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ثمّ هي جارية في الأعقاب و أعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة (1).

833-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر،عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ما هذه الكلمات؟قال:هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب اللّه عليه،و هو أنّه قال:

«أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ»فتاب اللّه عليه إنّه هو التوّاب الرحيم.

فقلت له:يا ابن رسول اللّه،فما يعني عزّ و جلّ بقوله«فأتمّهنّ»؟

قال:فأتمّهنّ إلى القائم اثنى عشر إماما،تسعة من ولد الحسين عليه السّلام.

قال المفضّل فقلت:يا ابن رسول اللّه فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ قال:يعني بذلك الإمامة جعلها اللّه تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة.

قال:فقلت له:يا ابن رسول اللّه فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السّلام و هما جميعا ولدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سبطاه و سيّدا شباب أهل الجنّة؟

فقال عليه السّلام:إنّ موسى و هارون كانا نبيّين مرسلين و أخوين،فجعل اللّه عزّ و جلّ النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى عليهما السّلام،و لم يكن لأحد أن يقول لم فعل اللّه ذلك؟و إنّ4.

ص: 420


1- -تفسير البرهان 138/4 ح 4.

الإمامة خلافة اللّه عزّ و جلّ في أرضه،و ليس لأحد أن يقول لم جعلها اللّه في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السّلام،لأنّ اللّه تبارك و تعالى هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون (1).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (2).

نزول عيسى عليه السّلام

834-روى الإمام أحمد بإسناده عن أبي يحيى مولى ابن عقيل الأنصاريّ،قال:قال ابن عبّاس قال:لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قطّ،فما أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها،أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها،ثمّ طفق يحدّثنا،فلمّا قام تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها،فقلت:أنا لها إذا راح غدا،فلمّا راح الغد قلت:يا ابن عبّاس،ذكرت أمس أنّ آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قطّ،فلا تدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أم لم يفطنوا لها،فقلت أخبرني عنها،و عن اللاتي قرأت قبلها.قال:نعم،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لقريش:يا معشر قريش،إنّه ليس أحد يعبد من دون اللّه فيه خير،و قد علمت قريش أنّ النصارى تعبد عيسى ابن مريم و ما تقول في محمّد،فقالوا:يا محمّد،أ لست تزعم أنّ عيسى كان نبيّا و عبدا من عباد اللّه صالحا،فلئن كنت صادقا فإنّ آلهتهم لكما تقولون.

قال:فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (3)،قال:قلت:ما يصدّون؟قال:يضجّون وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ قال:هو خروج عيسى ابن مريم عليه السّلام قبل يوم القيامة (4).

835-مقاتل بن سليمان:هو المهديّ عليه السّلام يكون في آخر الزمان،و بعد خروجه يكون قيام الساعة و أماراتها (5).

836-روى ابن عبّاس و الضحّاك و غيره في الآية انّها آية الساعة،و قال:يعني نزول

ص: 421


1- -كمال الدّين 358/2 ح 57.
2- -الزخرف:61.
3- -الزخرف:57.
4- -مسند أحمد 317/1.
5- -البيان في أخبار صاحب الزمان 528 ب 25.

عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة (1).

837-روى العلاّمة القندوزيّ،قال:قال مقاتل بن سليمان و من تبعه من المفسّرين في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ انّها نزلت في المهديّ عليه السّلام (2).

838-روى العلاّمة السيوطيّ في ذيل تفسير الآية قال:و أخرج الفريابيّ و سعيد بن منصور و مسعد و عبد بن حميد و ابن أبي حاتم و الطبرانيّ من طرق عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما في قوله: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ قال:خروج عيسى قبل يوم القيامة (3).

839-روى العلاّمة ابن الصباغ المالكيّ في الفصل الثاني عشر قال فيه:و أمّا بقاء المهديّ فقد جاء في الكتاب و السنّة،أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (4)قال:هو المهديّ من ولد فاطمة عليها السّلام، و أمّا من قال إنّه عيسى فلا تنافي بين القولين،إذ هو مساعد للمهدي على ما تقدّم،و قد قال مقاتل بن سليمان و من تابعه من المفسّرين في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ قال:

هو المهديّ يكون في آخر الزمان و بعد خروجه يكون امارات و دلالات للساعة و قيامها، انتهى و اللّه تعالى أعلم بذلك (5).

840-و رواه العلاّمة الشبلنجيّ،قال:و قد قال مقاتل بن سليمان و من تابعه من المفسّرين في تفسير قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ قال:هو المهديّ يكون في آخر الزمان و بعد خروجه تكون امارات الساعة و قيامها (6).

841-روى العلاّمة القندوزيّ الحنفيّ عن زرارة بن أعين،قال:سألت الباقر عليه السّلام عن هذه الآية قال:هي ساعة القائم عليه السّلام تأتيهم بغتة (7).

كلام العلاّمة أحمد بن حجر الهيثميّ المكّيّ في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ قال:

قال مقاتل بن سليمان و من تبعه من المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في المهديّ،و ستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبويّ،و حينئذ ففي الآية دلالة على البركة في1.

ص: 422


1- -تفسير مجاهد 583/2(عن معجم أحاديث الإمام المهديّ(ع)).
2- -ينابيع المودّة 470.
3- -تفسير الدرّ المنثور 20/2.
4- -التوبة:33.
5- -الفصول المهمّة 300.
6- -نور الأبصار 383.
7- -ينابيع المودّة 428 ب 71.

نسل فاطمة و عليّ رضي اللّه عنهما،و أنّ اللّه ليخرج منهما طيّبا و أن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة و معادن الستر.و سرّ ذلك أنّه صلّى اللّه عليه و آله أعاذها و ذرّيتها من الشيطان الرجيم.و دعا لعليّ بمثل ذلك و شرح ذلك يعلم بسياق الأحاديث الدالّة عليه.

و أخرج النسائيّ بسند صحيح:أنّ نفرا من الأنصار قالوا لعليّ رضى اللّه عنه لو كانت عندك فاطمة،فدخل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يعني ليخطبها،فسلّم عليه،فقال له:ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال:فذكرت فاطمة،فقال صلّى اللّه عليه و آله:مرحبا و أهلا(ثمّ ذكر قصّة زواجهما عليهما السّلام،ثمّ قال:)فلمّا حضر عليّ تبسّم صلّى اللّه عليه و آله و قال له:إنّ اللّه أمرني أن ازوّجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضّة، أرضيت بذلك فقال:قد رضيتها يا رسول اللّه،ثمّ خرّ ساجدا للّه شكرا،فلمّا رفع رأسه قال له صلّى اللّه عليه و آله:بارك اللّه لكما و بارك فيكما و أعزّ جدّكما و أخرج منكم الكثير الطيّب.قال أنس:

و اللّه لقد أخرج اللّه منهما الكثير الطيّب.و أخرج أكثره أبو الخير القزوينيّ الحاكميّ.

ثمّ قال:و أخرج أحمد و أبو حاتم نحوه و قد ظهرت بركة دعائه صلّى اللّه عليه و آله في نسلهما فكان منه من مضى و من يأتي،و لو لم يكن في الآتين إلاّ الإمام المهديّ لكفى.

842-و أخرج الطبرانيّ مرفوعا:يلتفت المهديّ و قد نزل عيسى ابن مريم عليه السّلام كأنّما يقطر من شعره الماء،فيقول المهديّ تقدّم فصلّ بالناس،فيقول عيسى إنّما اقيمت الصلاة لك،فيصلّي خلف رجل من ولدي الحديث؛و في صحيح ابن حبان في إمامة المهديّ نحوه.

843-و صحّ مرفوعا:ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم المهديّ:تعال صلّ بنا، فيقول:لا إنّ بعضكم أئمّة على بعض تكرمة اللّه هذه الامّة (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (2).

844-روى العيّاشيّ رحمه اللّه بسنده عن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام يقول:الزم الأرض لا تحرّكن يدك و لا رجلك أبدا حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة،و ترى مناديا ينادي بدمشق،و خسف بقرية من قراها،و يسقط طائفة ما مسجدها،فإذا رأيت الترك5.

ص: 423


1- -الصواعق المحرقة 162-169 الآية الثانية عشرة.
2- -الزخرف:65.

جازوها،فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة،و أقبلت الروم حتّى نزلت الرملة،و هي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب.

و إنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك ثلاث رايات:الأصهب و الأبقع و السفيانيّ،مع بني ذنب الحمار مضر،و مع السفيانيّ أخواله من كلب،فيظهر السفيانيّ و من معه على بني ذنب الحمار،حتّى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قطّ.

و يحضر رجل بدمشق،فيقتل هو و من معه قتلا لم يقتله شيء قطّ،و هو من بني ذنب الحمار،و هي الآية الّتي يقول اللّه تبارك و تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (1).

قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ (2).

845-روى العلاّمة البحرانيّ قدّس سرّه في«المحجّة»عن محمّد بن العبّاس بإسناده عن زرارة بن أعين قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً قال هي ساعة القائم عليه السّلام تأتيهم بغتة (3).1.

ص: 424


1- -تفسير العيّاشيّ 64/1 ح 117.
2- -الزخرف:66.
3- -المحجّة 201.

سورة الدخان

اشارة

الآية الاولى قوله سبحانه و تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (1).

846-عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى: حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ يعني القرآن في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين،و هي ليلة القدر.و أنزل اللّه القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة،ثمّ نزل من البيت المعمور على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في طول عشرين سنة،فيها يفرق كلّ أمر حكيم يعني في ليلة القدر كلّ أمر حكيم،أي يقدّر اللّه كلّ أمر من الحقّ و الباطل و ما يكون في تلك السنة و له فيه البداء و المشيّة،يقدّم ما يشاء و يؤخّر ما يشاء من الآجال و الأرزاق و البلايا و الأمراض و يزيد فيها ما يشاء و ينقص ما يشاء،و يلقيه رسول اللّه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،و يلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمّة عليهم السّلام،حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عليه السّلام و يشترط له ما فيه البداء و المشيّة و التقديم و التأخير.

ثمّ قال عليّ بن إبراهيم:حدّثني بذلك أبي بإسناده عن عبد اللّه مسكان،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهم السّلام (2).

847-روى شرف الدّين النجفيّ بإسناده عن حمران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا

ص: 425


1- -الدخان:3 و 4.
2- -تفسير القمّيّ 290/2.

يفرق في ليلة القدر،هل هو ما يقدّر سبحانه و تعالى فيها؟

قال:لا توصف قدرة اللّه تعالى إلاّ أنّه قال: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فكيف يكون حكيما إلاّ ما فرق،و لا توصف قدرة اللّه سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء،و أمّا قوله: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يعني فاطمة في قوله تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها و الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل محمّد عليهم السّلام،و الروح روح القدس و هي فاطمة عليها السّلام، مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يقول:كلّ أمر سلّمه حتّى يطلع الفجر-يعني حتّى يقوم القائم عليه السّلام (1).

848-روى العلاّمة البحرانيّ قدّس سرّه عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنّا أنزلناه في ليلة القدر تفلجوا،فو اللّه إنّها لحجّة اللّه تبارك و تعالى على الخلق بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و إنّها لسيّدة دينكم،و إنّها لغاية علمنا.يا معاشر الشيعة،خاصموا ب حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللّه.

يا معاشر الشيعة،يقول اللّه تبارك و تعالى: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (2)قيل:يا أبا جعفر عليه السّلام نذيرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله(محمّد)،فقال:صدقت فهل كان نذيرا و هو خلو(حيّ) من البعثة في أقطار الأرض؟فقال السائل:لا.

قال أبو جعفر عليه السّلام:أ رأيت بعيثه أ ليس نذيره كما أنّ رسول اللّه في بعثته من اللّه نذير؟ فقال:بلى.قال:فكذلك لم يمت محمّد إلاّ و له بعيث نذير،قال:فإن قلت لا،فقد ضيّع رسول اللّه من في الأصلاب من امّته.

قال:و ما يكفيهم القرآن؟!قال:بلى،إن وجدوا له مفسّرا.

قال:و ما فسّر رسول اللّه؟قال:بلى قد فسّره لرجل واحد و فسّر للامّة شأن ذلك الرجل هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

قال السائل:يا أبا جعفر كأنّ هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟

قال:أبى اللّه أن يعبد إلاّ سرّا حتّى يأتي أبان أجله الّذي يظهر فيه دينه،كما أنّه كان4.

ص: 426


1- -تفسير البرهان 487/4 ح 24.
2- -فاطر:24.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مع خديجة عليها السّلام مستترا حتّى أمره بالإعلان،قال السائل:فينبغي لصاحب هذا الدّين أن يكتم؟قال:أو ما كتم عليّ بن أبي طالب يوم أسلم مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أظهر أمره؟قال:بلى،قال:فكذلك أمرنا حتّى يبلغ الكتاب أجله (1).

دلالة الآية على وجوب وجود إمام العصر عليه السّلام و حياته

849-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن الحسن بن عبّاس بن الجريش،عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:بينا أبي عليه السّلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر،قد قيّض له فقطع عليه اسبوعه،حتّى أدخله إلى دار جنب الصفا،فأرسل إليّ و كنّا ثلاثة فقال:

مرحبا بك يا ابن رسول اللّه،ثمّ وضع يده على رأسي و قال:بارك اللّه فيك يا أمين اللّه بعد آبائه أبا جعفر،إن شئت فأخبرني و ان شئت أخبرتك،و إن شئت سألتني و إن شئت سألتك، و إن شئت فأصدقني و إن شئت صدقتك.

فقال أبو جعفر عليه السّلام:كلّ ذلك أشاء.

قال:فإيّاك أن ينطلق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره.

قال:إنّما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه،و إنّ اللّه عزّ و جلّ أبى أن يكون له علم فيه اختلاف.

قال هذه مسألتي و قد فسّرت طرفا منها،أخبرني عن هذا العلم الّذي ليس فيه اختلاف من يعلمه؟

قال:أمّا جملة العلم فعند اللّه جلّ ذكره،و أمّا ما لا بدّ للعباد منه فعند الأوصياء.

قال:ففتح الرجل عجيرته و استوى جالسا و تهلّل وجهه،و قال:هذه أردت و لها أتيت،زعمت أنّ علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء،فكيف يعلمونه؟

قال:كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعلمه،إلاّ أنّهم لا يرون ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرى،لأنّه كان نبيّا و هم محدّثون،و أنّه كان يفد إلى اللّه جلّ جلاله فيسمع الوحي و هم لا يسمعون.

قال:فقال:صدقت يا ابن رسول اللّه سأسألك مسألة صعبة،أخبرني عن هذا العلم ما له

ص: 427


1- -تفسير البرهان 384/4-484 ح 2.

لا يظهر كما كان يظهر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟

قال:فضحك أبي عليه السّلام و قال:أبى اللّه أن يطلع على علمه إلاّ ممتحنا للإيمان به،كما قضى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يصبر على أذى قومه،و لا يجاهدهم إلاّ بأمره،فكم من اكتتام قد اكتتم به،حتّى قيل له فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (1)و أيم اللّه أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا،و لكنّه إنّما نظر في الطاعة و خاف الخلاف فلذلك كفّ،فوددت أن يكون عينك مع مهديّ هذه الامّة،و الملائكة بسيوف آل داود بين السماء و الأرض تعذّب أرواح الكفرة من الأموات و تلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء،ثمّ أخرج سيفا ثمّ قال:ها إنّ هذا منها.

قال:فقال أبي:إي و الّذي اصطفى محمّدا على البشر.

قال:فردّ الرجل قال:أنا إلياس ما سألتك عن أمرك و بي منه جهالة:غير أنّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوّة لأصحابك،و ساخبرك بآية أنت تعرفها أن خصموا بها فلجوا.

قال:فقال لي أبي:إن شئت أخبرتك بها؟

قال:قد شئت.

قال:إنّ شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا:إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول لرسوله صلّى اللّه عليه و آله: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إلى آخرها،فهل كان رسول اللّه يعلم من العلم شيئا لا يعلمه في تلك الليلة،أو يأتيه به جبرئيل عليه السّلام في غيرها؟فانّه سيقولون لا،فقل لهم:فهل كان لما علم بدّ من أن يظهر؟فيقولون لا،فقل لهم:كان فيما أظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من علم اللّه عزّ ذكره اختلاف؟فان قالوا لا،فقل لهم:فمن حكم بحكم اللّه(كذا)فيه اختلاف فهل خالف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيقولون نعم،فإن قالوا:لا فقل قد نقضوا أوّل كلامهم،فقل لهم: ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فإن قالوا:من الراسخون في العلم؟فقل من لا يختلف في علمه،فإن قالوا:فمن هو ذاك؟فقل:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صاحب ذلك فهل بلغ أو لا؟ فإن قالوا:قد بلّغ،فقل:فهل مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟فإن قالوا لا،فقل:إنّ خليفة رسول اللّه مؤيّد و لا يستخلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ من4.

ص: 428


1- -الحجر:94.

يحكم بحكمه،و إلاّ من يكون مثله إلاّ النبوّة،و ان كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده،فإن قالوا لك:فإنّ علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان من القرآن،فقل: حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ .

فإن قالوا لك:لا يرسل اللّه عزّ و جلّ إلاّ إلى نبيّ،فقل:هذا الأمر الحكيم الّذي يفرق فيه هو من الملائكة و الروح،الّتي تنزل من سماء إلى سماء،أو من سماء إلى أرض،فإن قالوا من سماء إلى سماء،فليس في السماء أحد يرجع من طاعته إلى معصيته،فإن قالوا من سماء إلى أرض و أهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك،فقل:فهل لهم بدّ من سيّد يتحاكمون إليه؟فإن قالوا:فإنّ الخليفة هو حكمهم،فقل: اَللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (1).

لعمري ما في الأرض و لا في السماء ولي للّه عزّ و جلّ إلاّ و هو مؤيّد،و من ايّد لم يخط،و ما في الأرض عدوّ للّه عزّ ذكره إلاّ و هو مخذول،و من خذل لم يصب،كما أنّ الأمر لا بدّ من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض،

كذلك و لا بدّ من وال،فإن قالوا:لا نعرف هذا،فقل لهم:قولوا ما أحببتم أبى اللّه بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله أن يترك العباد و لا حجّة له عليهم.قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ثمّ وقف،فقال:هاهنا يا ابن رسول اللّه باب غامض،أ رأيت ان قالوا حجّة اللّه القرآن؟

قال:إذا قل لهم:إنّ القرآن ليس بناطق يأمر و ينهى،و لكنّ للقرآن أهل يأمرون و ينهون،و أقول قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنّة و الحكم الّذي ليس فيه اختلاف،و ليست في القرآن،أبى اللّه في علمه(لعلمه)بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض و ليس في حكمه رادّ لها و مفرّج عن أهلها.فقال:هاهنا تفلجون يا ابن رسول اللّه،أشهد أنّ اللّه عزّ و جلّ ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدّين أو غيره،فوضع القرآن دليلا.قال،فقال الرجل:هل تدري يا ابن رسول اللّه القرآن7.

ص: 429


1- -البقرة:257.

دليل ما هو؟

قال أبو جعفر عليه السّلام:نعم و فيه جمل الحدود و تفسيرها عند الحكم،فقد أبى اللّه أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة.

قال:فقال الرجل:أمّا في هذا الباب فقد فلجتم بحجّة،إلاّ أن يفتري خصمكم على اللّه فيقول:ليس للّه عزّ ذكره حجّة،و لكن أخبرني عن تفسير: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ممّا خصّ به عليّ عليه السّلام وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (1)؟قال:في أبي فلان و أصحابه،واحدة مقدّمة و واحدة مؤخّرة،لا تأسوا على ما فاتكم ممّا خصّ به عليّ،و لا تفرحوا بما آتاكم من الفتنة الّتي عرضت لكم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

فقال الرجل:أشهد أنّكم أصحاب الحكم الّذي لا اختلاف فيه.

ثمّ قام الرجل و ذهب فلم أره (2).

الإمام المهديّ عليه السّلام صاحب ليلة القدر في عصرنا هذا

850-روى العلاّمة البحرانيّ قدّس سرّه في«المحجّة»عن عليّ بن إبراهيم،بإسناده عن عبد اللّه بن مسكان،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهم السّلام:

حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ يعني القرآن فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ و هي ليلة القدر أنزل اللّه القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة،ثمّ نزل من البيت المعمور على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في طول ثلاث و عشرين سنة فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يعني في ليلة القدر كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي يقدّر اللّه كلّ أمر من الحقّ و من الباطل و ما يكون في تلك السنة، و له فيها البداء و المشيئة يقدم ما يشاء و يؤخّر ما يشاء من الآجال و الأرزاق و البلايا و الأعراض و الأمراض و يزيد فيها ما يشاء و ينقص ما يشاء.

و يلقيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،و يلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمّة عليهم السّلام حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عليه السّلام،و يشرط له ما فيه البداء و المشيئة و التقديم

ص: 430


1- -الحديد:23.
2- -رواه في البرهان 384/4-484 ح 2.

و التأخير (1).

851-عليّ بن إبراهيم،بإسناده عن أبي المهاجر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:يا أبا المهاجر لا تخفى علينا ليلة القدر،إنّ الملائكة يطوفون بنا فيها (2).

852-روى الطبرسيّ رحمه اللّه في«الاحتجاج»عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث له، قال عليه السّلام:و إنّما أراد اللّه بالحقّ إظهار قدرته و إبداء سلطانه و تبيين براهين حكمته،فخلق ما شاء كما شاء،و أجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من امنائه،فكان فعلهم فعله و أمرهم أمره،كما قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ (3).

و جعل السماء و الأرض وعاء لمن يشاء من خلقه ليميز الخبيث من الطيّب مع سابق علمه بالفريقين من أهلهما،و ليجعل ذلك مثالا لأوليائه و امنائه،و عرّف الخليقة فضل منزلة أوليائه،و فرض عليهم من طاعتهم مثل الّذي فرضه منه لنفسه،و ألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطابا يدلّ على انفراده و توحيده،و أبان لهم أولياء أجرى أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله،فهم العباد المكرّمون الّذين لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون،هم الّذين أيّدهم بروح منه و عرّف الخلق اقتدارهم بقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ .

و هم النعيم الّذي يسأل عنه،إنّ اللّه تبارك و تعالى أنعم بهم على من اتّبعهم من أوليائهم.

قال السائل:من هؤلاء الحجج؟

قال:هم رسول اللّه و من حلّ محلّه من أصفياء اللّه،قرنهم اللّه بنفسه و برسوله،و فرض على العباد من طاعتهم مثل الّذي فرض عليهم منها لنفسه.

و هم ولاة أمر الدّين الّذين قال اللّه فيهم: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4).

و قال اللّه فيهم: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ9.

ص: 431


1- -المحجّة 203.
2- -تفسير القمّيّ 290/2.
3- -النساء:80.
4- -النساء:59.

مِنْهُمْ 1 .

قال السائل:ما ذلك الأمر؟

قال عليه السّلام:الّذي به تنزّل الملائكة في الليلة الّتي يفرق فيه كلّ أمر حكيم،من خلق و رزق و أجل و عمل و حياة و موت و علم غيب السموات و الأرض،و المعجزات الّتي لا تنبغي إلاّ للّه و أصفيائه و السفرة بينه و بين خلقه.

و هم وجه اللّه الّذي قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ (1).

هم بقيّة اللّه يعني المهديّ عليه السّلام الّذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،و من آياته الغيب و الاكتتام عند عموم الطغيان و حلول الانتقام.

و لو كان هذا الأمر الّذي عرّفتك نبأه للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله دون غيره،لكان الخطاب يدلّ على فعل ماض غير دائم و لا مستقبل،و لقال:نزلت الملائكة و فرق كلّ أمر حكيم،و لم يقل:

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ و يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ -إلى آخر الحديث (2).

853-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال اللّه عزّ و جلّ في ليلة القدر: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يقول فيها كلّ أمر حكيم،و المحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد،فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم اللّه عزّ و جلّ،و من حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت،إنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الامور سنة سنة،يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا و كذا و في أمر الناس بكذا و كذا،و إنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم من علم اللّه عزّ ذكره الخاصّ و المكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر،ثمّ قرأ: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 4 (3).

الآية الثانية قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (4).0.

ص: 432


1- -البقرة:115.
2- -تفسير البرهان 159/4 ح 5.
3- -عنه:تفسير البرهان 483/4 ح 4.
4- -الدخان:10.

854-و روى عليّ بن إبراهيم في حديث له أنّ ذلك من علامات الساعة و يكون في الرجعة،فقد روى بإسناده عن أبي المهاجر،عن أبي جعفر عليه السّلام قوله:«فارتقب»أي اصبر يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ قال:قال ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر (1).

قصة الدجّال و خروجه عند العامّة

روى الشيخ الصدوق من طريق العامّة قصّة ابن الصيّاد الّذي اختلف العامّة في أنّه الدجّال أو غيره ثمّ قال:إنّ أهل العناد و الجحود يصدّقون بمثل هذا الخبر،و يروونه في الدجال و غيبته و طول بقائه المدّة الطويلة،و بخروجه في آخر الزمان،و لا يصدّقون بأمر القائم عليه السّلام و أنّه يغيب مدّة طويلة ثمّ يظهر فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما بنصّ النبيّ و الأئمّة بعده صلوات اللّه عليهم و عليه باسمه و عينه و نسبه،و بإخبارهم بطول غيبته،إرادة لاطفاء نور اللّه،و إبطالا لأمر وليّ اللّه،و يأبى اللّه الا أن يتمّ نوره و لو كره المشركون.

و أكثر ما يحتجّون به في دفعهم لأمر الحجّة عليه السّلام أنّهم يقولون:لم نرو هذه الأخبار الّتي تروونها في شأنه و لا نعرفها،و كذا يقول من يجحد نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله من الملحدين،و البراهمة و اليهود و النصارى:إنّه ما صح عندنا شيء مما تروونه من معجزاته و دلائله و لا نعرفها، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة،و متى لزمنا ما يقولون،لزمهم ما يقوله هذه الطوائف و هو أكثر عددا منهم!

و يقولون أيضا:ليس في موجب عقولنا أن يعمّر أحد في زماننا هذا عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان،فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان.

فنقول لهم:أ تصدّقون على أنّ الدجّال في الغيبة يجوز أن يعمّر عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان و كذلك إبليس،و لا تصدّقون بمثل ذلك لقائم آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله؟مع النصوص الواردة فيه في الغيبة،و طول العمر،و الظهور بعد ذلك للقيام بأمر اللّه عزّ و جل،و ما روي في ذلك من الأخبار الّتي قد ذكرتها في هذا الكتاب،و مع ما صحّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:كلّ ما كان

ص: 433


1- -تفسير القمّيّ 290/2.

في الأمم السالفة يكون في هذه الامّة مثله،حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة،و قد كان فيمن مضى من أنبياء اللّه عزّ و جلّ و حججه عليهم السّلام معمّرون.

أمّا نوح عليه السّلام فإنّه عاش ألفي سنة و خمسمائة سنة،و نطق القرآن بأنّه لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما؛و قد روي في الخبر الّذي قد أسندته في هذا الكتاب أنّ في القائم سنّة من نوح،و هي طول العمر،فكيف يدفع أمره و لا يدفع ما يشبهه من الأمور الّتي ليس شيء منها في موجب العقول،بل لزم الاقرار بها لأنّها رويت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و هكذا يلزم الاقرار بالقائم عليه السّلام من طريق السمع.و في موجب أيّ عقل من العقول أنّه يجوز أن يلبث اصحاب الكهف ثلاث مائة سنين و ازدادوا تسعا؟هل وقع التصديق بذلك إلاّ من طريق السمع،فلم لا يقع التصديق بأمر القائم عليه السّلام أيضا من طريق السمع؟!

و كيف يصدّقون بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبّه و عن كعب الأحبار في الحالات الّتي لا يصحّ منها شيء في قول الرسول،و لا في موجب العقول،و لا يصدّقون بما يرد عن النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام في القائم و غيبته،و ظهوره بعد شكّ أكثر الناس في أمره، و ارتدادهم عن القول به،كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم عليهم السّلام،هل هذا إلاّ مكابرة في دفع الحقّ و جحوده؟

و كيف لا يقولون:إنّه لمّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سنّة الأوّلين بالتعمير في أشهر الاجناس تصديقا لقول صاحب الشريعة عليه السّلام،و لا جنس أشهر من جنس القائم عليه السّلام لأنّه مذكور في الشرق و الغرب على ألسنة المقرّين و ألسنة المنكرين له،و متى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السّلام مع الروايات الصحيحة عن النبيّ أنّه صلّى اللّه عليه و آله أخبر بوقوعها به عليه السّلام بطلت نبوّته،لأنّه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بما لم يقع به،و متى صحّ كذبه في شيء لم يكن نبيّا.

و كيف يصدق في أمر عمّار أنّه تقتله الفئة الباغية،و في أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه تخضب لحيته من دم رأسه،و في الحسن بن عليّ عليهما السّلام أنّه مقتول بالسّم،و في الحسين بن عليّ عليهما السّلام أنّه مقتول بالسيف،و لا يصدق فيما أخبر به من أمر القائم و وقوع الغيبة به، و النصّ عليه باسمه و نسبه؟بل هو صلّى اللّه عليه و آله صادق في جميع أقواله مصيب في جميع أحواله،

ص: 434

و لا يصح إيمان عبد حتّى لا يجد في نفسه حرجا مما قضى و يسلّم له في جميع الأمور تسليما لا يخالطه شكّ و لا ارتياب،و هذا هو الإسلام،و الإسلام هو الاستسلام و الانقياد وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (1).

و من أعجب العجب أنّ مخالفينا يروون انّ عيسى ابن مريم عليه السّلام مرّ بأرض كربلاء فرأى عدّة من الظباء هناك مجتمعة فأقبلت اليه و هي تبكي،و أنّه جلس و جلس الحواريون،فبكى و بكى الحواريون،و هم لا يدرون لم جلس و لم بكى؟

فقالوا:يا روح اللّه و كلمته ما يبكيك؟قال:أ تعلمون أيّ أرض هذه؟قالوا:لا،قال:

هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد،و فرخ الحرّة الطاهرة البتول شبيه أمّي و يلحد فيها،هي أطيب من المسك لأنّها طينة الفرخ المستشهد،و هكذا تكون طينة الأنبياء و أولاد الأنبياء،و هذه الظباء تكلّمني و تقول إنّها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المستشهد المبارك و زعمت أنّها آمنة في هذه الأرض.

ثمّ ضرب بيده إلى بعر تلك الظباء فشمّها و قال:اللهم أبقها أبدا حتّى يشمّها أبوه فتكون له عزاء و سلوة،و أنّها بقيت إلى أيّام أمير المؤمنين عليه السّلام حتّى شمّها و بكى و أبكى، و أخبر بقصتها لما مرّ بكربلاء.

فيصدّقون بأنّ بعر تلك الظباء تبقى زيادة على خمسمائة سنة لم تغيّرها الأمطار و الرياح،و مرور الأيام و الليالي و السنين عليها،و لا يصدّقون بأنّ القائم من آل محمّد عليهم السّلام يبقى حتّى يخرج بالسيف فيبير أعداء اللّه و يظهر دين اللّه،مع الأخبار الواردة عن النبيّ و الأئمّة صلوات اللّه عليهم بالنصّ عليه باسمه و نسبه و غيبته المدّة الطويلة،و جرى سنن الأوّلين فيه بالتعمير،هل هذا إلاّ عناد و جحود للحق؟ (2)2.

ص: 435


1- -آل عمران:85.
2- -كمال الدّين 529/2-532.

سورة الجاثية

اشارة

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ (1).

855-روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:أيّام اللّه المرجوّة ثلاثة:يوم قيام القائم عليه السّلام، و يوم الكرّة،و يوم القيامة (2).

آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله هم أيّام اللّه

856-روى أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ الصدوق طاب ثراه بإسناده عن الصقر بن أبي دلف،قال:لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبي الحسن عليه السّلام جئت لأسأل عن خبره،قال:فنظر إليّ حاجب المتوكّل فأمر أن ادخل إليه فادخلت إليه،فقال:

يا صقر ما شأنك؟فقلت:خير أيّها الاستاذ،فقال:اقعد،قال الصقر:فأخذني ما تقدّم و ما تأخّر و قلت:أخطأت في المجىء،قال:فوحى الناس عنه،ثمّ قال:ما شأنك و فيم جئت؟ قلت:لخبر ما،قال:لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟فقلت:و من مولاي؟!مولاي أمير المؤمنين.

فقال:اسكت،مولاك هو الحقّ،لا تتحشّمني فإنّي على مذهبك.

ص: 436


1- -الجاثية:14.
2- -تفسير البرهان 168/4 ح 2.

فقلت:الحمد للّه.فقال:أ تحبّ أن تراه؟فقلت:نعم.فقال:اجلس حتّى يخرج صاحب البريد،قال:فجلست،فلمّا خرج قال لغلام له:خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلوي المحبوس و خلّ بينه و بينه.

قال:فأدخلني الحجرة،و أومأ إلى بيت،فدخلت فإذا هو عليه السّلام جالس على صدر حصير و بحذاء قبر محفور،قال:فسلّمت فردّ عليّ السلام ثمّ أمرني بالجلوس فجلست،ثمّ قال لي:يا صقر ما أتى بك؟قلت:يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك قال:ثمّ نظرت إلى القبر و بكيت،فنظر إليّ و قال:يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء،فقلت:الحمد للّه.

ثمّ قلت:يا سيّدي حديث يروى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا أعرف معناه.

قال:فما هو؟قلت:قوله صلّى اللّه عليه و آله:«لا تعادوا الأيّام فتعاديكم»ما معناه؟

فقال:نعم،الأيّام نحن،بنا قامت السماوات و الأرض،فالسبت:اسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الأحد أمير المؤمنين،و الاثنين الحسن و الحسين،و الثلاثاء عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ الباقر و جعفر بن محمّد الصادق،و الأربعاء موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ و أنا،و الخميس ابني الحسن،و الجمعة ابن ابني،و إليه تجتمع عصابة الحقّ،و هو الّذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما فهذا معنى الأيّام،و لا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة.

ثمّ قال عليه السّلام:ودّع و اخرج فلا آمن عليك (1).2.

ص: 437


1- -كمال الدّين 382/2 ح 2.

سورة الأحقاف

الآية الاولى قوله تعالى: حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ* قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَ إِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (1).

857-روى العلاّمة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدّس سرّه عن سعد بن عبد اللّه الأشعريّ،عن الشيخ الصدوق،عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ رحمه اللّه:أنّه جاء بعض أصحابنا يعلم أنّ جعفر بن عليّ كتب إليه كتابا يعرّفه نفسه،و يعلمه أنّه القيّم بعد أخيه،و أنّ عنده من علم الحلال و الحرام ما يحتاج إليه،و غير ذلك من العلوم كلّها.

قال أحمد بن إسحاق:فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السّلام و صيّرت كتاب جعفر درجه،فخرج إليّ الجواب في ذلك:

ص: 438


1- -الاحقاف:1-6.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أتاني كتابك أبقاك اللّه و الكتاب الّذي أنفذت درجه،و أحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه على اختلاف ألفاظه،و تكرّر الخطأ فيه،و لو تدبّرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه و الحمد للّه ربّ العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا و فضله علينا،أبى اللّه عزّ و جلّ للحقّ إلاّ إتماما،و للباطل إلاّ زهوقا،و هو شاهد عليّ بما أذكره،ولي عليكم بما أقوله،إذا اجتمعنا اليوم الّذي لا ريب فيه،و يسألنا عمّا نحن فيه مختلفون.

و إنّه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه و لا عليك و لا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة،و لا طاعة و لا ذمّة،و سابيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء اللّه.

يا هذا يرحمك اللّه،إنّ اللّه تعالى لم يخلق الخلق عبثا،و لا أهملهم سدى،بل خلقهم بقدرته،و جعل لهم أسماعا و أبصارا و قلوبا و ألبا،ثمّ بعث النبيّين عليهم السّلام مبشّرين و منذرين، يأمرونهم بطاعته و ينهونهم عن معصيته،و يعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم و دينهم، و أنزل عليهم كتابا و بعث إليهم ملائكة،و باين بينهم و بين من بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم،و ما آتاهم اللّه من الدلائل الظاهرة و البراهين الباهرة،و الآيات الغالبة، فمنهم:من جعل النار عليه بردا و سلاما و اتّخذه خليلا،و منهم:من كلّمه تكليما و جعل عصاه ثعبانا مبينا،و منهم:من أحيا الموتى بإذن اللّه و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن اللّه،و منهم من علّمه منطق الطير و اوتي من كلّ شيء.

ثمّ بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله رحمة للعالمين و تمّم به نعمته،و ختم به أنبياءه،و أرسله إلى الناس كافّة،و أظهر من صدقه ما أظهره،و بيّن من آياته و علاماته ما بيّن،ثمّ قبضه صلّى اللّه عليه و آله حميدا فقيدا سعيدا،و جعل الأمر من بعده إلى أخيه و ابن عمّه و وصيّه و وارثه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحدا بعد واحد،أحيا بهم دينه،و أتمّ بهم نوره، و جعل بينهم و بين إخوتهم و بني عمّهم و الأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بيّنا، تعرف به الحجّة من المحجوج،و الإمام من المأموم،بأن عصمهم من الذنوب،و برّأهم من العيوب،و طهّرهم من الدنس،و نزّههم من اللبس،و جعلهم خزّان علمه،و مستودع

ص: 439

حكمته،و موضع سرّه،و أيّدهم بالدلائل،و لو لا ذلك لكان الناس على سواء،و لادّعى أمر اللّه عزّ و جلّ كلّ أحد،و لما عرف الحقّ من الباطل،و لا العلم من الجاهل.

و قد ادّعى هذا المبطل المدّعي على اللّه الكذب بما ادّعاه،فلا أدري بأيّة حالة هي له، رجا أن يتمّ دعواه،بفقه في دين اللّه؟فو اللّه ما يعرف حلالا من حرام و لا يفرّق بين خطأ و صواب،أم بعلم؟!فما يعلم حقّا من باطل،و لا محكما من متشابه،و لا يعرف حدّ الصلاة و وقتها،أم بورع؟!فاللّه شهيد على تركه الصلاة الفرض(أربعين يوما)يزعم ذلك لطلب الشعوذة،و لعلّ خبره تأدّى إليكم،و هاتيك ظروف مسكره منصوبة،و آثار عصيانه للّه عزّ و جلّ مشهورة قائمة،أم بآية فليأت بها،أم بحجّة؟فليقمها،أم بدلالة؟فليذكرها.

قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ* قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَ إِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ .

فالتمس تولّى اللّه توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك،و امتحنه و اسأله عن آية من كتاب اللّه يفسّرها،أو صلاة يبيّن حدودها و ما يجب فيها،لتعلم حاله و مقداره،و يظهر لك عواره و نقصانه،و اللّه حسيبه.

حفظ اللّه الحقّ على أهله،و أقرّه في مستقرّه،و أبى اللّه عزّ و جلّ أن يكون الإمامة في الأخوين إلاّ في الحسن و الحسين،و إذا أذن اللّه لنا في القول ظهر الحقّ و اضمحلّ الباطل، و انحسر عنكم،و إلى اللّه أرغب في الكفاية،و جميل الصنع و الولاية،و حسبنا اللّه و نعم الوكيل،و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد (1).

قوله عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (2).

858-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا3.

ص: 440


1- -الاحتجاج 468/2-469.
2- -الأحقاف:13.

عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فقال عليه السّلام:استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (1).0.

ص: 441


1- -الكافي 420/1 ح 40.

سورة محمّد

اشارة

الآية الاولى قوله سبحانه: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ (1).

859-روى شرف الدّين مرفوعا عن ابن أبي عمير،عن حمّاد بن عيسى،عن محمّد الحلبي،قال:قرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ و سلطتم و ملكتم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (2)ثمّ قال:نزلت هذه الآية في بني عمّنا بني عبّاس و بني اميّة.

ثمّ قرأ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ عن الوحي،ثمّ قرأ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ بعد ولاية عليّ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ .

ثمّ قرأ: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا بولاية عليّ عليه السّلام زادَهُمْ هُدىً حيث عرّفهم الأئمّة من بعده و القائم عليه السّلام من بعده(و آتاهم تقواهم)أمانا من النار (3).

الآية الثانية قوله تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (4).

ص: 442


1- -محمّد:17.
2- -محمّد:22.
3- -تأويل الآيات 585/2؛بحار الأنوار 320/24.
4- -محمّد:18.

أشراط الساعة

860-روى عليّ بن إبراهيم بإسناده من طريق العامّة،عن عطاء بن أبي رياح،عن عبد اللّه بن عبّاس،قال:حججنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع،فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثمّ أقبل بوجهه فقال:أ لا أخبركم بأشراط الساعة؟و كان أدنى الناس يومئذ سلمان رحمة اللّه عليه،فقالوا:بلى يا رسول اللّه،فقال:من أشراط الساعة إضاعة الصلاة و اتّباع الشهوات و الميل إلى الأهواء و تعظيم أصحاب المال،و بيع الدّين بالدنيا،فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح بالماء ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره.

قال:قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،إنّ عنده أمراء جورة،و وزراء فسقة،و عرفاء ظلمة،و امناء خونة،فقال سلمان:و إنّ ذلك لكائن يا رسول اللّه؟

فقال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،إنّ عندها يكون المنكر معروفا و المعروف منكرا و يؤتمن الخائن،و يخون الأمين و يصدّق الكاذب و يكذّب الصادق.قال سلمان:

و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟قال:اي و الّذي نفسي بيده،فعندها يكون امارة النساء و مشاورة الإماء و قعود الصبيان على المنابر،و يكون الكذب ظرفا(طرفا-خ)،و الزكاة مغرما،و الفيء مغنما،و يجفو الرجل والديه،و يبرّ صديقه،و يطلع الكوكب المذنّب،قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و عندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، و يكون المطر قيظا،و تغيظ الكرام غيظا،و يحتقر الرجل المعسر،فعندها لا تقارب الأسواق إلاّ إذا قال هذا لم أبع شيئا،و قال هذا:لم أربح،فلا ترى إلاّ ذامّا للّه.

فقال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،فعندها تليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم،و إن سكتوا استباحوهم،ليستأثرون بفيئهم،و ليطؤن حرمتهم،و ليسفكنّ دمائهم،و لتملأنّ قلوبهم دغلا و رعبا،فلا تراهم إلاّ وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

ص: 443

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،إنّ عندها يؤتى بشيء من المشرق و شيء من المغرب يلون امّتي،فالويل لضعفاء امّتي منهم،فالويل لهم من اللّه،لا يرحمون صغيرا و لا يوقّرون كبيرا و لا يتجاوزون عن مسيء،جثّتهم جثّة الآدميّين،و قلوبهم قلوب الشياطين.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و عندها يكتفي الرجال بالرجال،و النساء بالنساء،و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها،و تشبّه الرجال بالنساء، و النساء بالرجال،و يركبن ذوات الفروج السروج،فعليهنّ من امّتي لعنة اللّه.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،إنّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع و الكنائس،و تحلّى المصاحف،و تطوّل المنارات،و تكثر الصفوف بقلوب متباغضة و ألسن مختلفة.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،إنّ عندها تحلّى ذكور امّتي بالذهب، و يلبسون الحرير و الديباج،و يتّخذون جلود النمور صفاقا.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و إنّ عندها يظهر الربا،و يتعاملون بالعينة و الرشا، و يوضع الدّين و ترفع الدنيا.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و عندها يكثر الطلاق،فلا يقام للّه حدّ،و لن يضرّ اللّه شيء.قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:أي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و عندها تظهر القينات و المعازف،و يليهم شرار امّتي.

قال سلمان:و انّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و عندها تحجّ أغنياء امّتي للنزهة،و تحجّ

ص: 444

أوساطها للتجارة،و تحجّ فقراؤها للرياء و السمعة،فعندها يكون أقوام يتعلّمون القرآن لغير اللّه،فيتّخذونه مزامير،و يكون أقوام يتفقّهون لغير اللّه،و تكثر أولاد الزنا،يتغنّون بالقرآن و يتهافتون بالدنيا.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،ذلك إذا انتهكت المحارم و اكتسبت المآثم، و تسلّط الأشرار على الأخيار،و يفشو الكذب،و تظهر اللجاجة،و يغشي العاقل(و في نسخة:و يفشو الفاقة)و يتباهون في اللباس،و يمطرون في غير أوان المطر،و يستحسنون الكوبة و المعازف،و ينكرون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الامّة،و يظهر قرّائهم و عبّادهم فيما بينهم التلاوم،فاولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،فعندها لا يخشى الغنيّ إلاّ الفقر،حتّى إنّ السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفّه شيئا.

قال سلمان:و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟

قال:اي و الّذي نفسي بيده يا سلمان،و عندها يتكلّم الرويبضة.

قال سلمان:و ما الرويبضة يا رسول اللّه؟فداك أبي و امّي.

قال:يتكلّم في أمر العامة من لم يكن يتكلّم،فلم يلبثوا إلاّ قليلا حتّى تخور الأرض، فلا يظنّ كلّ قوم إلاّ أنّها خارت في ناحيتهم،فيمكثون ما شاء اللّه،ثمّ يمكثون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها،قال:ذهب و فضّة،ثمّ أومى بيده إلى الأساطين فقال:مثل هذا،فيومئذ لا ينفع ذهب و لا فضّة،و هذا معنى قوله: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (1).

861-روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي (2)العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهم السّلامر.

ص: 445


1- -تفسير القمّيّ 302/2-307؛تفسير البرهان 183/4 ح 1.
2- -الهرديّ:المصبوغ بالهرد و هو الكركم الأصفر و طين أحمر؛يعني نارا تشبه الهرديّ من حيث لونها الأصفر أو الأحمر.

إن شاء اللّه عزّ و جلّ،إنّ اللّه عزيز حكيم.

ثمّ قال:الصيحة لا تكون إلاّ في شهر رمضان شهر اللّه،و هي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق.

ثمّ قال:ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السّلام،فيسمع من بالمشرق و من بالمغرب لا يبقى راقد إلاّ استيقظ،و لا قائم إلاّ قعد،و لا قاعد إلاّ قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت،فرحم اللّه من اعتبر بذلك الصوت فأجاب،فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين.

و قال عليه السّلام:الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث و عشرين،فلا تشكّوا في ذلك و اسمعوا و أطيعوا،و في آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي:ألا انّ فلانا قتل مظلوما،ليشكّك الناس و يفتنهم،فكم ذلك اليوم من شاكّ متحيّر قد هوى في النار.و إذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا أنّه صوت جبرئيل،و علامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم و اسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها فتحرّض أباها و أخاها على الخروج.

و قال عليه السّلام:لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السّلام:صوت من السماء و هو صوت جبرئيل،و صوت من الأرض فهو صوت إبليس اللعين،ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوما يريد الفتنة،فاتّبعوا الصوت الأوّل،و إيّاكم و الأخير أن تفتتنوا به.

و قال عليه السّلام:لا يقوم القائم إلاّ على خوف شديد من الناس،و زلازل،و فتنة،و بلاء يصيب الناس،و طاعون قبل ذلك،و سيف قاطع بين العرب،و اختلاف شديد بين الناس، و تشتيت في دينهم،و تغيير في حالهم،حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحا و مساء،من عظم ما يرى من كلب الناس و أكل بعضهم بعضا.

فخروجه عليه السّلام إذا خرج يكون عند اليأس و القنوط من أن يروا فرجا،فيا طوبى لمن أدركه و كان من أنصاره،و الويل لمن ناواه و خالفه،و خالف أمره،و كان من أعدائه.

و قال عليه السّلام:يقوم بأمر جديد،و كتاب جديد،و سنّة جديدة،و قضاء جديد،على العرب شديد،و ليس شأنه إلاّ القتل،لا يستبقي أحدا،و لا يأخذه في اللّه لومة لائم.

ص: 446

ثمّ قال عليه السّلام:إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم،فعند ذلك فانتظروا الفرج،و ليس فرجكم إلاّ في اختلاف بني فلان،فإذا اختلفوا فتوقّعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم؛إنّ اللّه يفعل ما يشاء،و لن يخرج القائم و لا ترون ما تحبّون حتّى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان ذلك طمع الناس فيهم و اختلفت الكلمة و خرج السفياني.

و قال:لا بدّ لبني فلان أن يملكوا،فإذا ملكوا ثمّ اختلفوا تفرّق ملكهم و تشتّت أمرهم حتّى يخرج عليهم الخراسانيّ و السفيانيّ،هذا من المشرق و هذا المغرب،يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان:هذا من هنا،و هذا من هنا،حتّى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنّهما لا يبقون منهم أحدا.

ثمّ قال عليه السّلام:خروج السفيانيّ و اليمانيّ و الخراسانيّ في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد،و نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا،فيكون اليأس من كلّ وجه،ويل لمن ناواهم.

و ليس في الرايات أهدى من راية اليمانيّ هي راية هدى لأنّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرّم بيع السلاح على الناس و كلّ مسلم،و إذا خرج اليماني فانهض إليه، فانّ رايته راية هدى،و لا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه،فمن فعل فهو من أهل النار،لأنّه يدعو إلى الحقّ و إلى طريق مستقيم.

ثمّ قال لي:إنّ ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار،و كرجل كانت في يده فخارة و هو يمشي إذ سقطت من يده و هو ساه عنها فانكسرت،فقال حين سقطت:هاه-شبه الفزع، فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه.و قال أمير المؤمنين عليه السّلام على منبر الكوفة:

إنّ اللّه عزّ و جلّ ذكره قدّر فيما قدّر و قضى بأنّه كائن لا بدّ منه،أخذ بني اميّة بالسيف جهرة، و أن أخذ بني فلان بغتة.

و قال عليه السّلام:لا بدّ من رحى تطحن،فإذا قامت على قطبها و ثبتت على ساقها،بعث اللّه عليها عبدا عسفا خاملا أصله،يكون النصر معه،أصحابه الطويلة شعورهم،أصحاب السبال،سود ثيابهم،أصحاب رايات سود،ويل لمن ناواهم يقتلونهم هرجا.

و اللّه لكأنّي انظر إليهم و إلى أفعالهم،و ما يلقى من الفجّار منهم و الأعراب الجفاة

ص: 447

يسلّطهم اللّه عليهم بلا رحمة،فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية و البحرية جزاء بما عملوا،و ما ربّك بظلاّم للعبيد (1).

862-روى الطيالسيّ بإسناده عن قتادة،عن أنس قال:حديثا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يحدّثكموه أحد سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعدي،سمعته يقول:إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم،و يظهر الجهل،و يشرب الخمر،و يظهر الزنا،و يقلّ الرجال و يكثر النساء،حتّى يكون في خمسين امرأة القيّم الواحد (2).

863-روى العلاّمة ابن ميثم البحرانيّ مرسلا عن عليّ عليه السّلام من خطبة خطبها عليه السّلام في البصرة بعد ما فتحها،روي أنّه لما فرغ من حرب الجمل أمر مناديا ينادي في أهل البصرة أنّ الصلاة جامعة لثلاثة أيّام من غد إن شاء اللّه،و لا عذر لمن تخلّف إلاّ من حجّة أو علّة، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا،فلمّا كان في اليوم الّذي اجتمعوا فيه،خرج فصلّى في الناس الغداة في المسجد الجامع،فلمّا قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلّى فخطب الناس،فحمد اللّه و أثنى عليه بما هو أهله و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و استغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات،ثمّ قال:يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا و على اللّه تمام الرابعة.

يا جند المرأة و أعوان البهيمة،رغا فأجبتم،و عقر فهربتم(فانهزمتم)،أخلاقكم دقاق، و ماؤكم زعاق،بلادكم أنتن بلاد اللّه تربة،و أبعدها من السماء،بها تسعة أعشار الشرّ، المحتبس فيها بذنبه،و الخارج منها بعفو اللّه،كأنّي انظر إلى قريتكم هذه و قد طبّقها الماء حتّى ما يرى منها إلاّ شرف المسجد كأنّه جؤجؤ طير في لجّة بحر.

فقام إليه الأحنف بن قيس فقال:يا أمير المؤمنين و متى يكون ذلك؟

قال:يا أبا بحر،إنّك لن تدرك ذلك الزمان،و إنّ بينك و بينه لقرونا،و لكن ليبلّغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلّغوا إخوانهم إذا هم بلغوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها دورا و آجامها قصورا،فالهرب الهرب فانّه لا بصيرة لكم يومئذ.4.

ص: 448


1- -الغيبة للنعمانيّ 253-257 ح 13؛بحار الأنوار 52-230.
2- -مسند الطيالسيّ 266 ح 1984.

ثمّ التفت عن يمينه فقال:كم بينكم و بين الأبلة؟

فقال له المنذر بن الجارود:فداك أبي و امّي أربعة فراسخ.

قال له:صدقت،فو الّذي بعث محمّدا و أكرمه بالنبوّة و خصّه بالرسالة و عجّل بروحه إلى الجنّة،لقد سمعت منه كما تسمعون منّي أن قال:يا عليّ هل علمت أنّ بين الّتي تسمّى البصرة و الّتي تسمّى الأبلة أربعة فراسخ،و قد يكون في الّتي تسمّى الأبلة موضع أصحاب العشور،يقتل في ذلك الموضع من امّتي سبعون ألفا،شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر.

فقال له المنذر:يا أمير المؤمنين و من يقتلهم فداك أبي و امّي؟

قال:يقتلهم إخوان الجنّ،و هم جيل كأنّهم الشياطين سود ألوانهم،منتنة أرواحهم، شديد كلبهم،قليل سلبهم،طوبى لمن قتلهم و طوبى لمن قتلوه،ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم فهم أذلّة عند المتكبّرين من أهل ذلك الزمان،مجهولون في الأرض،معروفون في السماء،تبكي السماء عليهم و سكّانها و الأرض و سكّانها،ثمّ هملت عيناه بالبكاء ثمّ قال: ويحك يا بصرة من جيش لا هرج له و لا حسّ.

قال له المنذر:يا أمير المؤمنين و ما الّذي يصيبهم من قبل الغرق ممّا ذكرت،و ما الويح،و ما الويل؟

فقال:هما بابان،فالويح باب الرحمة،و الويل باب العذاب،يا ابن الجارود نعم،ثارات عظيمة،منها عصبة يقتل بعضها بعضا،و منها فتنة تكون بها خراب منازل و خراب ديار و انتهاك أموال،و قتل رجال و سبي نساء يذبحن ذبحا،يا ويل أمرهنّ،حديث عجب،منها أن يستحلّ بها الدجّال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى و الاخرى كأنّها ممزوجة بالدم،لكأنّها في الحمرة علقة،ناتئ الحدقة كهيئة حبّة العنب الطافية على الماء،فيتبعه من أهلها عدّة من قتل بالأبلة من الشهداء،أنا جيلهم في صدورهم،يقتل من يقتل، و يهرب من يهرب،ثمّ رجف،ثمّ قذف،ثمّ خسف،ثمّ مسخ،ثمّ الجوع الأغبر،ثمّ الموت الأحمر و هو الغرق.

يا منذر،إنّ للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأوّل لا يعلمها إلاّ العلماء، منها الخريبة،و منها تدمر،و منها المؤتفكة.

ص: 449

يا منذر،و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة،و متى تخرب و متى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة،و انّ عندي من ذلك علما جمّا،و ان تسألوني تجدوني به عالما لا أخطئ منه علما (1).

864-و روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه من كتاب ثواب الأعمال،بالإسناد عن حذيفة بن اليمان،عن جابر الأنصاريّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّه كان ذات يوم جالسا بين أصحابه إذ هبط عليه جبرئيل عليه السّلام،فقال له:السلام يقرئك السلام،و يخصّك بالتحيّة و الإكرام بالإسلام.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:يا أخي جبرئيل و ما الإسلام؟

قال:هي الخمسة الأنهر:سيحون و جيحون و الفراتان و نيل مصر،و قد جعلت هذه الخمسة الأنهر لك و لأهل بيتك و شيعتك،و يقول:و عزّتي و جلالي كلّ من شرب منها قطرة واحدة،و قام الخلائق للحساب يوم الحساب لن ادخل الجنّة أحدا إلاّ من رضيت عنه و جعلته من مائها في حل،فعند ذلك تهلّل وجه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:يا أخي لوجه ربّي الحمد و الشكر.

فقال له جبرئيل:ابشّرك يا رسول اللّه بالقائم من ولدك،لا يظهر حتّى يملك الكفّار الخمسة الأنهر،فعند ذلك ينصر اللّه أهل بيتك على أهل الضلال،و لم يرفع لهم راية أبدا إلى يوم القيامة،فسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شكرا للّه،و أخبر المسلمين،و قال لهم:بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا كما بدأ.

فسئل عن ذلك فقال:هي الخمسة الأنهر الّتي جعلها اللّه لنا أهل البيت،و هي:سيحون و جيحون و الفراتان و نيل مصر،إذا ملكت الكفّار الخمسة الأنهر،ملك الإسلام شرقا و غربا،و ذلك الوقت ينصر اللّه أهل بيتي على أهل الضلال،و لم يرفع اللّه لهم راية أبدا إلى يوم القيامة (2).

865-روى في إرشاد القلوب مرسلا،قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من غلس،فنادى رجل:متى الساعة يا رسول اللّه؟فزجره،حتّى إذا أسفرنا رفع طرفه إلى السماء فقال:8.

ص: 450


1- -شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحرانيّ 289/1-290 الخطبة 13.
2- -التشريف بالمنن 368.

تبارك خالقها و واضعها و ممهّدها و محلّيها بالنبات،ثمّ قال:أيّها السائل عن الساعة،تكون عند خبث الامراء،و مداهنة القرّاء،و نفاق العلماء،و إذا صدّقت امّتي بالنجوم و كذّبت بالقدر،ذلك حين يتّخذون الأمانة مغنما،و الصدقة مغرما،و الفاحشة إباحة،و العبادة تكبّرا و استطالة على الناس (1).

866-رواه الطبرانيّ بإسناده عن عوف بن مالك،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الامّة على ثلاث و سبعين فرقة،واحدة في الجنّة و سائرهنّ في النار.قلت:و متى ذلك يا رسول اللّه؟قال:إذا كثرت الشرط و غلبت الإماء،و قعدت الحملان على المنابر،و اتّخذ القرآن مزامير،و زخرفت المساجد و رفعت المنابر،و اتّخذ الفيء دولا،و الزكاة مغرما،و الأمانة مغنما،و تفقّه في الدّين لغير اللّه،و أطاع الرجل امرأته و عقّ امّه و أقصى أباه،و لعن آخر هذه الامّة أوّلها،و ساد القبيلة فاسقهم،و كان زعيم القوم أرذلهم،و أكرم الرجل اتّقاء شرّه،فيومئذ يكون ذلك،و يفزع الناس يومئذ إلى الشام يعصمهم من عدوّهم.قلت:و هل يفتح الشام؟قال:نعم وشيكا،ثمّ تقع الفتن بعد فتحها،ثمّ تجىء فتنة غبراء مظلمة،ثمّ يتبع الفتن بعضها بعضا،حتّى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهديّ،فإن أدركته فاتّبعه و كن من الشاكرين (2).

867-روى الطيالسيّ بإسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري من أهل الصفّة،قال:اطّلع علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نحن نتذاكر الساعة،فقال:انّ الساعة لا تقوم حتّى يكون عشر آيات:الدخان و الدجّال و الدابّة و طلوع الشمس من مغربها،و ثلاثة خسوف:خسف بالمشرق،و خسف بالمغرب،و خسف بجزيرة العرب،و نزول عيسى ابن مريم،و فتح يأجوج و مأجوج،و نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر.

868-روى عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:بعثت أنا و الساعة كهاتين (3).

869-روى الحافظ جلال الدّين السيوطيّ في الآية الكريمة،قال:أخرج عبد ابن حميد و ابن جرير عن قتادة في قوله: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها قال:دنت الساعة (4).1.

ص: 451


1- -إرشاد القلوب 67/1.
2- -المعجم الكبير للطبرانيّ 51/18 ح 91.
3- -مسند أحمد 123/3-124.
4- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.

870-قال:و أخرج البخاريّ عن سهل بن مسعود رضى اللّه عنه،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

باصبعيه هكذا،الوسطى و الّتي تليها:بعثت أنا و الساعة كهاتين (1).

871-و أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و البخاريّ و مسلم و ابن مردويه عن أنس،قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم،و يظهر الجهل،و يشرب الخمر،و يظهر الزنا و يقلّ الرجال و يكثر النساء حتّى يكون على خمسين امرأة قيّم واحد (2).

872-و أخرج البخاري عن أبي هريرة:أنّ أعرابيا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:متى الساعة؟فقال:إذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة،قال:يا رسول اللّه و كيف إضاعتها؟قال:

إذا و سدّ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة (3).

873-و أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة،قال:أتى رجل فقال:يا رسول اللّه متى الساعة؟فقال:ما السائل بأعلم من المسئول.قال:فلو علمتنا أشراطها.قال:تقارب الأسواق،قلت:و ما تقارب الأسواق؟قال:أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلّة أصابتهم، و يكثر ولد البغي و تفشو الغيبة،و يعظم ربّ المال،و ترتفع أصوات الفسّاق في المساجد، و يظهر أهل المنكر،و يظهر البناء (4).

874-و أخرج ابن مردويه و الديلميّ عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من أشراط الساعة سوء الجوار و قطيعة الأرحام،و أن يعطّل السيف من الجهاد،و أن ينتحل الدنيا بالدين (5).

875-و أخرج أحمد عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لن تذهب الدنيا حتّى تصير للكع بن لكع (6).

876-و أخرج أحمد و البخاريّ و ابن ماجة عن عمرو بن تغلب،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم الشعر،و انّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأنّ وجوههم المجان المطرقة (7).

877-و أخرج أحمد و البخاريّ و مسلم و ابن ماجة عن ابن مسعود رضى اللّه عنه قال:سمعت1.

ص: 452


1- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.
2- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.
3- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.
4- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.
5- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.
6- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.
7- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:يكون بين يديّ أيّام فيرفع فيها العلم،و ينزل فيها الجهل و يكثر فيها الهرج (1).

878-و أخرج عبد الرزاق في المصنّف عن عبد اللّه بن ربيب الجنديّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا أبا الوليد،يا عبادة بن الصامت إذا رأيت الصدقة كتمت و غلت،و استؤجر في الغزو و عمر الخراب،و خرب العامر،و الرجل يتمرّس بأمانته كما يتمرّس البعير بالشجرة فانّك و الساعة كهاتين،و أشار باصبعه السبابة و الّتي تليها (2).

879-و أخرج أحمد و أبو داود و النسائي و ابن ماجة عن أنس،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

لا تقوم الساعة حتّى يتباهى الناس في المساجد (3).

880-و أخرج أحمد و الترمذيّ عن أنس:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:لا تقوم الساعة حتّى يتقارب الزمان فيكون السنة كالشهر و الشهر كالجمعة و الجمعة كاليوم و اليوم كالساعة و الساعة كالضرمة بالنار (4).

881-و أخرج البخاريّ و مسلم عن أبي هريرة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:لا تقوم الساعة حتّى يقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة،دعواهما واحدة،و حتّى يبعث دجّالون كذّابون قريب من ثلاثين،كلّهم يزعم أنّه رسول اللّه،و حتّى يقبض العلم و تكثر الزلازل،و يتقارب الزمان،و تظهر الفتن،و يكثر الهرج و هو القتل،و حتّى يكثر فيكم المال فيفيض حتّى يهمّ ربّ المال من يقبل صدقته،و هو يعرضه فيقول الّذي يعرضه عليه:لا ارب لي به،و حتّى يتطاول الناس في البنيان،و حتّى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول:يا ليتني مكانه،و حتّى تطلع الشمس من مغربها،فإذا طلعت و رآها الناس آمنوا أجمعون،و ذلك حين لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (2)،و لتقومنّ الساعة و قد نشر الرجلان ثوبا بينهما،فلا يتبايعان و لا يطويانه،و لتقومنّ الساعة و قد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه،و لتقومنّ الساعة و هو يليط حوضه فلا يسقى به، و لتقومنّ الساعة و قد رفعت أكلته إلى فيه فلا يطعمها (3).6.

ص: 453


1- -تفسير الدرّ المنثور 50/6-51. (2و3و4) -تفسير الدرّ المنثور 51/6.
2- -الأنعام:158.
3- -تفسير الدرّ المنثور 51/6.

882-و أخرج الحاكم و صحّحه عن عبد اللّه بن عمرو،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:إنّ اللّه لا يحبّ الفاحش و لا المتفحّش،و الّذي نفس محمّد بيده لا تقوم الساعة حتّى يظهر الفحش و التفحّش و سوء الجوار و قطيعة الأرحام،و حتّى يخوّن الأمين و يؤتمن الخائن، ثمّ قال:إنّما مثل المؤمن مثل النخلة وقعت فأكلت طيبا و لم تفسد و لم تكسر،و مثل المؤمن كمثل القطعة الذهب الأحمر ادخلت النار فنفخ عليها و لم تتغيّر و وزنت فلم تنقص (1).

883-و أخرج أحمد عن أبي هريرة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:سيكون في امّتي دجّالون كذّابون يأتونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤكم،فإيّاكم و إيّاهم لا يفتنونكم (2).

884-و أخرج أحمد عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ أيّام الدجّال سنين خدّاعة يكذّب فيها الصادق،و يصدّق فيها الكاذب،و يخوّن فيها الأمين،و يؤتمن فيها الخائن، و يتكلّم فيها الرويبضة،قيل:و ما الرويبضة؟قال:الفاسق يتكلّم في أمر العامّة (1).

885-و أخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال:كان يقال:من اقتراب الساعة موت الفجأة (4).

886-و عن أبي سعيد رضى اللّه عنه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:لا تقوم الساعة حتّى لا يحجّ البيت (5).

887-و أخرج الحاكم و صحّحه عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:ستكون فتنة تحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن،فلا تسبّوا أهل الشام و سبّوا ظلمتهم،فإنّ فيهم الأبدال،و سيرسل اللّه سيبا من السماء فيغرقهم،حتّى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم،ثمّ يبعث اللّه عند ذلك رجلا من عترة الرسول عليه الصلاة و السلام في اثنى عشر ألفا إن قلّوا،أو خمسة عشر ألفا إن كثروا،أمارتهم أن علامتهم أمت أمت،على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات،ليس من صاحب راية إلاّ و هو يطمع في الملك،فيقتلون و يهزمون،ثمّ يظهر الهاشميّ فيردّ اللّه على الناس ألفتهم و نعمتهم فيكونون على ذلك حتّى يخرج الدجّال (2).4.

ص: 454


1- -نفس المصدر 52/6. (4-5) -نفس المصدر 55/6.
2- -المستدرك على الصحيحين 553/4.

888-و أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ينزل بامّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم حتّى تضيق عليهم الأرض،فيبعث اللّه رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض،لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا إلاّ أخرجته،و لا السماء شيئا من قطرها إلاّ صبّته،يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع (1).

889-و أخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضى اللّه عنه،قال:حدّثني رجل من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ المهديّ لا يخرج حتّى يقتل النفس الزكيّة،فإذا قتلت النفس الزكيّة غضب عليهم من في السماء و من في الأرض،فأتى الناس المهديّ فزفّوه كما تزفّ العروس إلى زوجها ليلة عرسها.و هو يملأ الأرض قسطا و عدلا،و تخرج الأرض نباتها،و تمطر السماء مطرها، و تنعم امّتي في ولايته نعمة لا تنعمها قطّ (2).

890-و أخرج ابن أبي شيبة و البخاريّ و ابن مردويه عن أنس:أنّ عبد اللّه بن سلام قال:

يا رسول اللّه ما أوّل أشراط الساعة؟قال:نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب (3).

891-روى العلاّمة القندوزيّ عن الإمام جعفر الصادق،عن آبائه،عن أمير المؤمنين عليّ سلام اللّه عليهم في حديث طويل في وصيّته يذكر فيها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:يا عليّ أعجب الناس إيمانا و أعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان،لم يلحقوا النبيّ و حجبت عنهم الحجّة،فآمنوا بسواد على بياض.أي بالأحاديث الّتي كتبت على القرطاس (4).

892-روى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من أشراط الساعة سوء الجوار،و قطيعة الأرحام،و تعطيل السيف من الجهاد،و أن تختل الدنيا بالدين (5).

893-روى الخطيب البغداديّ بإسناده عن أبي الأسود الدؤلي،قال:

قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:سمعت حبيبي محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يقول:1.

ص: 455


1- -نفس المصدر 465/4.
2- -مصنّف ابن أبي شيبة 199/15 ح 19499.
3- -الدرّ المنثور 62/2.
4- -ينابيع المودّة 494 ب 94.
5- -ذكر أخبار اصبهان 274/1.

سيكون لبني عمّي مدينة من قبل المشرق،بين دجلة و دجيل و قطربل و الصراة، يشيّد فيها بالخشب و الآجر و الجصّ و الذهب،يسكنها شرار خلق اللّه و جبابرة امّتي،أما إنّ هلاكها على يد السفيانيّ،كأنّي بها و اللّه قد صارت خاوية على عروشها (1).

894-روى البخاريّ بإسناده عن امّ الحرير،قالت:سمعت مولاي يقول:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ من اقتراب الساعة هلاك العرب (2).

895-روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن عبد اللّه بن الهذيل،قال:

لا تقوم الساعة حتّى يجتمع كلّ مؤمن بالكوفة (3).

896-روى محمّد بن عليّ العلويّ بإسناده عن أبي سعيد الخدري،قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يملك المهديّ تسعا أو عشرا،أسعد الناس به أهل الكوفة (4).

897-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن العبّاس الرازي التميميّ قال:حدّثني سيّدي عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام،قال:حدّثني أبي موسى بن جعفر،قال:حدّثني أبي جعفر بن محمّد،قال:حدّثني أبي محمّد بن عليّ قال:

حدّثني أبي عليّ بن الحسين،قال:حدّثني أبي الحسين بن عليّ،قال:حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

لا تقوم الساعة حتّى يقوم قائم للحقّ منّا،و ذلك حين يأذن اللّه عزّ و جلّ له،و من تبعه نجا و من تخلّف عنه هلك،اللّه اللّه عباد اللّه فأتوه و لو حبوا على الثلج،فإنّه خليفة اللّه عزّ و جلّ (5).

898-روى السّيد الأجل ابن طاوس رحمه اللّه،قال:«لا يخرج المهديّ حتّى يكفر باللّه جهرة (6).

899-روى الطيالسيّ بإسناده عن النعمان بن بشير،قال:صحبنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسمعناه يقول:إنّ بين الساعة فتن كأنّها قطع الليل المظلم،يصبح الرجل مؤمنا و يمسي كافرا،8.

ص: 456


1- -تاريخ بغداد 38/1.
2- -التاريخ الكبير للبخاري 344/4-345 رقم 3072.
3- -الغيبة للطوسيّ 273.
4- -فضل الكوفة 25-26 ح 3(نقلا عن معجم أحاديث الإمام المهدي).
5- -عيون الأخبار 59/2-60.
6- -الملاحم و الفتن 78.

و يمسي مؤمنا و يصبح كافرا،يبيع أقوام فيها خلاقهم بعرض من الدنيا قليل (1).

900-أمالي الشجريّ:روى بإسناده عن حصين بن مخارق،عن موسى بن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ عليهم السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:بعثت بين جاهليتين،لاخراهما شرّ من اولاهما (2).

901-روى الشيخ الصدوق قدّس سرّه بإسناده عن السكوني،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:سيأتي على امّتي زمان،لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه،و لا من الإسلام إلاّ اسمه،يسمّون به و هم أبعد الناس منه،مساجدهم عامرة،و هي خراب من الهدى،فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء،منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود! (3).

902-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:سمعت عليّا عليه السّلام يقول:انّ بين يدي القائم سنين خدّاعة،يكذّب فيها الصادق،و يصدّق فيها الكاذب،و يقرّب فيها الماحل-و في حديث:و ينطق فيها الرويبضة-فقلت:و ما الرويبضة و ما الماحل؟قال:

أو ما تقرءون القرآن؟قوله وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (4)قال:يريد المكر،فقلت:و ما الماحل؟ قال:يريد المكّار (5).

903-أخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان في كتابه في الغيبة،بإسناده عن الحسن بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال في آخره:ثمّ يقع التدابر و الاختلاف بين امراء العرب و العجم،فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد سفيان...ثمّ قال عليه السّلام:ثمّ يظهر أمير الأمرة و قاتل الكفرة السلطان المأمول، الّذي تحير في غيبته العقول،و هو التاسع من ولدك يا حسين،يظهر بين الركنين،يظهر على الثقلين،و لا يترك في الأرض الأدنين(دمين)طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه و لحقوا أوانه،و شهدوا أيّامه،و لاقوا أقوامه (6).

904-روى العلاّمة البياضيّ رحمه اللّه عن عجائب البلدان مرسلا عن الصادق،عن آبائه عليهم السّلام1.

ص: 457


1- -مسند الطيالسي 108 ح 803.
2- -أمالي الشجري 277/2(نقلا عن معجم أحاديث المهديّ).
3- -ثواب الأعمال 301 ح 4؛بحار الأنوار 190/52.
4- -الرعد:13.
5- -الغيبة للنعمانيّ 278 ح 62.
6- -كشف الأستار للنوريّ 221.

أنّ عليّا عليه السّلام،قال:إذا وقعت النار في حجازكم،و جرى الماء بنجفكم،فتوقّعوا ظهور قائمكم (1).

905-روى الحافظ رجب البرسيّ مرسلا،قال:و من خطبة له عليه السّلام تسمّى التطنجيّة، ظاهرها أنيق،و باطنها عميق،فليحذر قارئها من سوء ظنّه،فإنّ فيها من تنزيه الخالق ما لا يطيقه أحد من الخلائق،فقال فيها:يا جابر إذا صاح الناقوس،و كبس الكابوس،و تكلّم الجاموس،فعند ذلك عجائب و أيّ عجائب،إذا أنارت النار ببصرى،و ظهرت الراية العثمانيّة بوادي سوداء،و اضطربت البصرة و غلب بعضهم بعضا،و صبا كلّ قوم إلى قوم، و تحرّكت عساكر خراسان،و نبع شعيب بن صالح التميميّ من بطن الطالقان،و بويع لسعيد السوسيّ بخوزستان،و عقدت الراية لعماليق كردان،و تغلّبت العرب على بلاد الأرمن و السقلاب،و أذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان،فتوقّعوا ظهور مكلّم موسى من الشجرة على الطور،فيظهر هذا ظاهر مكشوف،و معاين موصوف...ثمّ بكى صلوات اللّه عليه و قال:واها للامم،أ ما شاهدت رايات بني عتبة مع بني كنام السائرين أثلاثا، المرتكبين جيلا جيلا مع خوف شديد،و بؤس عتيد،ألا و هو الوقت الّذي وعدتم به، لأحملنّهم على نجائب،تحفّهم مراكب الأفلاك،كأنّي بالمنافقين يقولون:نصّ عليّ على نفسه بالربّانية،ألا فاشهدوا شهادة أسألكم بها عند الحاجة إليها،إنّ عليا نور مخلوق، و عبد مرزوق،و من قال غير هذا فعليه لعنة اللّه و لعنة اللاعنين.ثمّ نزل و هو يقول:تحصّنت بذي الملك و الملكوت،و اعتصمت بذي العزّة و الجبروت،و امتنعت بذي القدرة و الملكوت،من كلّ ما أخاف و أحذر،أيّها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند نازلة أو شدّة إلاّ و أزاحها اللّه عنه (2).

906-روى الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه بإسناده عن عباية بن ربعي الآمديّ،قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى،و لا علم يرى،يبرأ بعضكم من بعض (3).7.

ص: 458


1- -الصراط المستقيم 258/2.
2- -مشارق أنوار اليقين 166-170.
3- -الغيبة للطوسيّ 207.

907-روى ابن حمّاد عمّن حدّثه عن عليّ عليه السّلام،قال:لا يخرج المهديّ حتّى يبصق بعضكم في وجه بعض (1).

908-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير و محمّد بن مسلم،قالا:سمعنا أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلث الناس.

فقيل له:إذا ذهب الثلث فما يبقى؟فقال عليه السّلام:أ ما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي (2).

909-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الضحّاك بن مزاحم،عن النزال بن سبرة،قال:

خطبنا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:سلوني أيّها الناس قبل أن تفقدوني-ثلاثا-فقام إليه صعصعة بن صوحان،فقال:يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجّال؟فقال له عليّ عليه السّلام:اقعد فقد سمع اللّه كلامك و علم ما أردت،و اللّه ما المسئول عنه بأعلم من السائل،و لكن لذلك علامات و هيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل،و إن شئت أنبأتك بها.قال:نعم يا أمير المؤمنين.فقال عليه السّلام:احفظ،فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة،و أضاعوا الأمانة،و استحلّوا الكذب،و أكلوا الربا،و أخذوا الرشا،و شيّدوا البنيان،و باعوا الدّين بالدنيا،و استعملوا السفهاء،و شاوروا النساء،و قطعوا الأرحام، و اتّبعوا الأهواء،و استخفّوا بالدماء.

و كان الحلم ضعفا،و الظلم فخرا،و كانت الامراء فجرة،و الوزراء ظلمة،و العرفاء خونة،و القرّاء فسقة،و ظهرت شهادات الزور،و استعلن الفجور،و قول البهتان،و الإثم و الطغيان.

و حلّيت المصاحف،و زخرفت المساجد،و طوّلت المنار،و أكرم الأشرار، و ازدحمت الصفوف،و اختلفت الأهواء،و نقضت العقود،و اقترب الموعود،و شارك النساء أزواجهنّ في التجارة حرصا على الدنيا،و علت أصوات الفسّاق و استمع منهم،و كان زعيم القوم أرذلهم،و اتّقي الفاجر مخافة شرّه،و صدّق الكاذب،و اؤتمن الخائن،و اتّخذت القيان و المعازف،و لعن آخر هذه الامّة أوّلها،و ركب ذوات الفروج السروج،و تشبّه النساء بالرجال،و الرجال بالنساء،و شهد شاهد من غير أن يستشهد،و شهد الآخر قضاء لذمام9.

ص: 459


1- -الفتن لابن حمّاد 91(عن معجم أحاديث المهديّ).
2- -كمال الدّين 655/2 ح 29.

بغير حقّ عرفه،و تفقّه لغير الدّين،و آثروا عمل الدنيا على الآخرة،و لبسوا جلود الظأن على قلوب الذئاب،و قلوبهم أنتن من الجيف،و أمرّ من الصبر،فعند ذلك الوحا الوحا، العجل العجل،خير المساكن يومئذ بيت المقدس،ليأتينّ على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه.

فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال:يا أمير المؤمنين من الدجّال؟

فقال:إنّ الدجّال صائد بن الصائد،فالشقي من صدّقه،و السعيد من كذّبه،يخرج من بلدة يقال لها أصبهان،من قرية تعرف باليهودية،عينه اليمنى ممسوحة،و الاخرى في جبهته تضيء كأنّها كوكب الصبح،فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم،بين عينيه مكتوب «كافر»يقرؤه كلّ كاتب و امّي.

يغوص البحار،و تسير معه الشمس،بين يديه جبل من دخّان،و خلفه جبل أبيض، يري الناس أنّه طعام،يخرج في قحط شديد،تحته حمار أبيض خطوة حماره ميل،تطوى له الأرض منهلا منهلا،لا يمرّ بماء إلاّ غار إلى يوم القيامة.

ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ و الإنس و الشياطين،يقول:إليّ أوليائي،أنا الّذي خلق فسوّى،و قدّر فهدى،أنا ربّكم الأعلى؛و كذب عدو اللّه إنّه أعور يطعم الطعام،و يمشي في الأسواق،و انّ ربّكم عزّ و جلّ ليس بأعور،و لا يطعم و لا يمشي و لا يزول،تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.

ألا و انّ أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا و أصحاب الطيالسة الخضر،يقتله اللّه عزّ و جلّ بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق،لثلاث ساعات من يوم الجمعة،على يدي من يصلّي المسيح عيسى ابن مريم خلفه.

ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى.قلنا:و ما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال:خروج دابّة من الأرض،من عند الصفا،معها خاتم سليمان بن داود،و عصى موسى عليهما السّلام،تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن،فيطبع فيه:«هذا مؤمن حقّا»،و تضعه على وجه كلّ كافر فيكتب فيه:«هذا كافر حقّا»حتّى إنّ المؤمن لينادي:الويل لك يا كافر،و إنّ الكافر ينادي:طوبى لك يا مؤمن،وددت أنّي اليوم مثلك فأفوز فوزا،ثمّ ترفع الدابة رأسها،

ص: 460

فيراها من بين الخافقين بإذن اللّه عزّ و جلّ،بعد طلوع الشمس من مغربها،فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل،و لا عمل يرفع لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (1).

ثمّ قال عليه السّلام:لا تسألوني عمّا يكون بعد ذلك فإنّه عهد إليّ حبيبي عليه السّلام أن لا اخبر به غير عترتي.

فقال النزال بن سبرة لصعصعة:ما عنى أمير المؤمنين بهذا القول؟

فقال صعصعة:يا ابن سبرة إنّ الّذي يصلّي خلفه عيسى ابن مريم هو الثاني عشر من العترة،التاسع من ولد الحسين بن عليّ،و هو الشمس الطالعة من مغربها،يظهر عند الركن و المقام يطهّر الأرض،و يضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا،فأخبر أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ حبيبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عهد إليه ألاّ يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمّة صلوات اللّه عليهم أجمعين (2).

910-غيبة الشيخ،بإسناده عن عامر بن واثلة،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:عشر قبل الساعة لا بدّ منها:السفيانيّ و الدجّال و الدّخان و الدابّة و خروج القائم و طلوع الشمس من مغربها،و نزول عيسى عليه السّلام،و خسف بالمشرق،و خسف بجزيرة العرب،و نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر (3).

911-غيبة الشيخ،بإسناده عن عليّ بن محمّد الأوديّ،عن أبيه،عن جدّه،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام بين يدي القائم موت أحمر و موت أبيض و جراد في غير حينه أحمر كألوان الدم،فأمّا الموت الأحمر فالسيف،و أمّا الموت الأبيض فالطاعون (4).

912-روى النعمانيّ في الغيبة بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:جعلت فداك،متى خروج القائم عليه السّلام؟فقال:يا أبا محمّد إنّا أهل بيت لا نوقّت،و قد قال محمّد صلّى اللّه عليه و آله كذب الوقّاتون،يا أبا محمّد إنّ قدّام هذا الأمر خمس علامات:أوّلهنّ النداء في2.

ص: 461


1- -الأنعام:158.
2- -كمال الدّين 525/2-528 ح 1؛بحار الأنوار 192/52-195.
3- -الغيبة للطوسيّ 267؛بحار الأنوار 209/52.
4- -الغيبة للطوسيّ 267؛بحار الأنوار 211/52.

شهر رمضان،و خروج السفيانيّ،و خروج الخراسانيّ،و قتل النفس الزكيّة،و خسف بالبيداء.

ثمّ قال:يا أبا محمّد إنّه لا بدّ أن يكون قدّام الطاعونان:الطاعون الأبيض و الطاعون الأحمر.

قلت:جعلت فداك،أيّ شيء الطاعون الأبيض و أيّ شيء الطاعون الأحمر؟

قال:الطاعون الأبيض الجارف،و الطاعون الأحمر السيف،و لا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه من جوف السماء في ليلة ثلاث و عشرين في شهر رمضان ليلة جمعة.

قلت:بم ينادى؟قال:باسمه و اسم أبيه:«ألا إنّ فلان بن فلان قائم آل محمّد،فاسمعوا له و أطيعوه»،فلا يبقى شيء خلق اللّه فيه الروح إلاّ سمع الصيحة فتوقظ النائم،و يخرج إلى صحن داره،و تخرج العذراء من خدرها،و يخرج القائم ممّا يسمع،و هي صيحة جبرئيل عليه السّلام (1).

913-روى البرسيّ بالإسناد عن علقمة بن قيس،قال:خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها:و إنّي ظاعن عن قريب،و منطلق إلى المغيب،فارتقبوا الفتنة الامويّة،و المملكة الكسرويّة،و إماتة ما أحياه اللّه،و إحياء ما أماته اللّه،و اتّخذوا صوامعكم بيوتكم،و عضّوا على مثل جمر الغضا،و اذكروا اللّه كثيرا،فذكره أكبر لو كنتم تعلمون.

ثمّ قال:و تبنى مدينة يقال لها الزوراء،بين دجلة و دجيل و الفرات،فلو رأيتموها مشيّدة بالجصّ و الآجر،مزخرفة بالذهب و الفضّة،و اللازورد و المرمر و الرخام،و أبواب العاج،و الخيم،و القباب،و الستارات،و قد عليت بالساج و العرعر و الصنوبر و الشب، و شيّدت بالقصور،و توالت عليها ملك بني شيصبان أربعة و عشرون ملكا،فيهم السفّاح، و المقلاص،و الجموح،و الخدوع،و المظفّر،و المؤنّث،و النظار،و الكبش،و المهتور، و العثار،و المصطلم،و المستصعب،و العلاّم،و الرهبانيّ،و الخليع،و السيار،و المترف، و الكديد،و الأكثب،و المسرف،و الأكلب،و الوسيم،و الصيلام،و العينوق.2.

ص: 462


1- -الغيبة للنعمانيّ 289-290 ح 6؛بحار الأنوار 119/52.

و تعمل القبّة الغبراء،ذات الفلاة الحمراء،و في عقبها قائم الحقّ يسفر عن وجهه بين الأقاليم،كالقمر المضيئ بين الكواكب الدّريّة.

ألا و إنّ لخروجه علامات عشرة:أوّلها طلوع الكوكب ذي الذنب،و يقارب من الحادي،و يقع فيه هرج و مرج و شغب،و تلك علامات الخصب.

و من العلامة إلى العلامة عجب،فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك،ظهر القمر الأزهر،و تمّت كلمة الإخلاص للّه على التوحيد (1).

914-روي في التهذيب عن سالم أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأله رجل و أنا أسمع فقال:إنّي أصلّي الفجر ثمّ أذكر اللّه بكلّما اريد أن أذكره ممّا يجب عليّ،فاريد أن أضع جنبي فأنام قبل طلوع الشمس فأكره ذلك،قال:و لم؟قال:أكره أن تطلع الشمس من غير مطلعها،قال:ليس بذلك خفاء،انظر من حيث يطلع الفجر،فمن ثمّ تطلع الشمس، ليس عليك من حرج أن تنام إذا كنت قد ذكرت اللّه (2).

915-و روي في كتاب سرور أهل الإيمان عن السيّد عليّ بن عبد الحميد،بإسناده عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:الزم الأرض و لا تحرّك يدا و لا رجلا حتّى ترى علامات أذكرها لك،و ما أراك تدرك ذلك:اختلاف بين العباد،و مناد ينادي من السماء، و خسف في قرية من قرى الشام بالجابية،و نزول الترك الجزيرة،و نزول الروم الرملة، و اختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام و يكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه:راية الأصهب،و راية الأبقع،و راية السفيانيّ (3).2.

ص: 463


1- -مشارق أنوار اليقين 164-166.
2- -التهذيب 227/1.
3- -بحار الأنوار 629/52.

سورة الفتح

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ (1).

البيعة للقائم عليه السّلام

916-روى المفضّل بن عمر في حديث ظهور الإمام الحجّة عليه السّلام،قال الصادق عليه السّلام:

يا مفضّل يسند القائم عليه السّلام ظهره إلى الحرم،و يمدّ يده فترى بيضاء من غير سوء،و يقول:

هذه يد اللّه،و عن اللّه،و بأمر اللّه،ثمّ يتلو هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ الآية.

فيكون أوّل من يقبّل يده جبرئيل عليه السّلام،ثمّ يبايعه و تبايعه الملائكة و نجباء الجنّ،ثمّ النقباء،و يصبح الناس بمكّة فيقولون:من هذا الرجل الّذي بجانب الكعبة؟و ما هذا الخلق الّذين معه؟و ما هذه الآية رأيناها الليلة و لم تر مثلها؟-الحديث (2).

917-أسند المفيد في إرشاده إلى الصادق عليه السّلام:ينادى باسم القائم في ليلة ثلاث و عشرين،و يقوم في يوم عاشورا يوم السبت بين الركن و المقام،جبرئيل عن يمينه ينادي:«البيعة للّه تعالى»فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض،تطوى لهم طيّا حتّى

ص: 464


1- -الفتح:10.
2- -بحار الأنوار 8/53.

يبايعوه فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما (1).

918-روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:يقوم القائم عليه السّلام في وتر من السنين،تسع،واحدة،ثلاث،خمس-إلى أن قال عليه السّلام:-و اختلف أهل الشرق و أهل الغرب نعم و أهل القبلة،و يلقى الناس جهد شديد ممّا يمرّ بهم من الخوف-فلا يزالون بتلك الحالة حتّى ينادي مناد من السماء،فإذا نادى فالنفر النفر.فو اللّه لكأنّي انظر إليه بين الركن و المقام يبايع الناس...الحديث (2).

919-روى السيّد الجليل ابن طاوس أعلى اللّه مقامه فيما ذكره نعيم بإسناده عن نوف البكاليّ،قال:في راية المهديّ مكتوب:البيعة للّه (3).

920-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:خطب أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام خطبة،فذكر المهديّ و خروج من يخرج معه و أسمائهم،فقال له أبو خالد الكابليّ:صفه لنا يا أمير المؤمنين.

فقال عليّ عليه السّلام:ألا إنّه أشبه الناس خلقا و خلقا و حسنا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،أ لا أدلّكم على رجاله و عددهم؟قلنا:بلى يا رسول اللّه.

قال عليه السّلام:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:أوّلهم من البصرة،و آخرهم من اليمامة؛و جعل عليّ عليه السّلام يعدّد رجال المهديّ،و الناس يكتبون،فقال:رجلان من البصرة...في حديث طويل في آخره:و رجل من اليمامة.

قال عليه الصلاة و السلام:أحصاهم لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا بعدد أصحاب بدر يجمعهم اللّه من مشرقها إلى مغربها في أقلّ ممّا يتمّ الرجل عشاءه عند بيت اللّه الحرام،فبينا أهل مكّة كذلك فيقولون أهل مكّة:قد كبسنا السفيانيّ،فيشرفون أهل مكّة.فينظرون إلى قوم حول بيت اللّه الحرام،و قد انجلى عنهم الظلام و لاح لهم الصبح و صاح بعضهم ببعض النجاح،و أشرف الناس ينظرون و قرّاؤهم يفكّرون.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:كأنّي انظر إليهم و الزيّ واحد،و القدّ واحد،و الحسن واحد،1.

ص: 465


1- -الإرشاد للمفيد 361 و 362.
2- -الغيبة للنعماني 262-263 خ 22.
3- -التشريف بالمنن 171.

و الجمال واحد،و اللباس واحد،كأنّما يطلبون شيئا ضاع منهم،فهم متحيّرون في أمرهم، حتّى يخرج إليهم من تحت ستارة الكعبة في آخرها رجل أشبه الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلقا و حسنا و جمالا،فيقولون:أنت المهديّ؟فيخرجهم و يقول:أنا المهديّ،فيقول:بايعوا على أربعين خصلة و اشترطوا عشر خصال.

قال الأحنف:بأبينا و ما تلك الخصال؟

فقال أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام:يبايعون على أن لا يسرقوا،و لا يزنوا،و لا يقتلوا،و لا ينتهكوا حريما،و لا يشتموا مسلما،و لا يهجموا منزلا،و لا يضربوا أحدا إلاّ بالحقّ،و لا يركبوا الخيل الهماليج،و لا يتمنطقوا بالذهب،و لا يلبسوا الخزّ،و لا يلبسوا الحرير،و لا يلبسوا النعال الصرارة،و لا يخرّبوا مسجدا،و لا يقطعوا طريقا،و لا يظلموا يتيما،و لا يخيفوا سبيلا،و لا يحبسوا بكرا،و لا يأكلوا مال اليتيم،و لا يفسقوا بغلام،و لا يشربوا الخمر،و لا يخونوا أمانة،و لا يخلفوا العهد،و لا يكبسوا طعام من برّ أو شعير،و لا يقتلوا مستأمنا،و لا يتّبعوا منهزما،و لا يسفكوا دما،و لا يجهزوا على جريح،و يلبسون الخشن من الثياب،و يوسّدون التراب على الخدود،و يأكلون الشعير،و يرضون بالقليل، و يجاهدون في اللّه حقّ جهاده،و يشمّون الطيب،و يكرهون النجاسة؛و يشرط لهم على نفسه:أن لا يتّخذ حاجبا،و يمشي حيث يمشون،و يكون من حيث يريدون،و يرضى بالقليل،و يملأ الأرض بعون اللّه عدلا كما ملئت جورا،يعبد اللّه حقّ عبادته،يفتح له خراسان،و يطيعه أهل اليمن،و تقبل الجيوش أمامه من اليمن فرسان همدان و خولان، و جدّه يمدّه بالأوس و الخزرج،و يشدّ عضده بسليمان،على مقدّمته عقيل،و على ساقته الحارث،و يكثر اللّه جمعه بهم،و يشدّ ظهره بمضر،يسيرون أمامه الفتن،و تحالفه بجيلة و ثقيف و نخع و علاف،...الحديث (1).

الآية الثانية قوله تعالى: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (2).

921-الشيخ الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت له:ما بال أمير المؤمنين عليه السّلام لم يقاتل فلانا و فلانا؟قال:لآية في كتاب اللّه5.

ص: 466


1- -التشريف بالمنن 294-295.
2- -الفتح:25.

عزّ و جلّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً .

قال:قلت:و ما يعني بتزايلهم؟

قال:ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين،و كذلك القائم عليه السّلام لن يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع اللّه عزّ و جلّ،فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء اللّه فقتلهم (1).

922-عنه بإسناده عن إبراهيم الكرخيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام و قال له رجل:

أصلحك اللّه أ لم يكن عليّ عليه السّلام قويّا في دين اللّه؟قال:بلى،قال:فكيف ظهر عليه القوم، و كيف لم يدفعهم،و ما منعه من ذلك؟قال:آية في كتاب اللّه عزّ و جلّ منعته.قال:قلت:و أيّة آية؟قال قوله: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً إنّه كان للّه عزّ و جلّ ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين،فلم يكن عليّ عليه السّلام ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع،فلمّا خرج الودائع ظهر على من ظهر فقاتله،و كذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودائع اللّه عزّ و جلّ،فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله (2).

923-و روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن الكرخيّ،قال:قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أ لم يكن عليّ قويّا في بدنه قويّا بأمر اللّه؟قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:بلى.

قال:فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟قال:سألت فافهم الجواب،منع عليّا من ذلك آية من كتاب اللّه،فقال:و أيّ آية؟فقرأ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً إنّه كان للّه ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين،فلم يكن عليّ عليه السّلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع،فلمّا خرج ظهر على من ظهر و قتله،و كذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع اللّه،فإذا خرجت ظهر على من ظهر فقتله (3).

الآية الثالثة قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (4).

924-عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام،قال:هو الإمام الّذي يظهره على الدّين كلّه،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،و هذا ممّا8.

ص: 467


1- -تفسير البرهان 198/4 ح 1.
2- -تفسير البرهان 198/4 ح 2.
3- -تفسير القمّي 316/2-317.
4- -الفتح:28.

ذكرنا أنّ تأويله بعد تنزيله (1).

925-و روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ قال:هو الّذي أمر رسوله بالوصيّة،و الولاية هي دين الحقّ.

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال:يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم،يقول اللّه:و اللّه متمّ ولاية القائم و لو كره الكافرون بولاية عليّ عليه السّلام (2).3.

ص: 468


1- -تفسير القمّي 317/2.
2- -تفسير البرهان 200/4 ح 3.

سورة ق

الآية الاولى قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (1).

926-روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام،قال:قال:ينادي المنادي صيحة القائم و اسم أبيه عليهما السّلام،قوله: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قال:باسم القائم عليه السّلام من السماء،و ذلك يوم الخروج (2).

927-و عن عليّ بن إبراهيم:قوله: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قال:صيحة القائم من السماء،و ذلك يوم الخروج (3).

928-ثمّ قال عليّ بن إبراهيم بإسناده عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قال:هي الرجعة.

يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً 4 قال،قال:في الرجعة.

قلت: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قال:هي الرجعة (4).

ص: 469


1- -سورة ق:42.
2- -تفسير القمّي 327/2.
3- -نفس المصدر.
4- -نفس المصدر.

929-روى الشيخ النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام أنّه قال:إذا رأيتم نارا من قبل المشرق شبه الهرديّ العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام،فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهم السّلام إن شاء اللّه عزّ و جلّ إنّ اللّه عزيز حكيم.

ثمّ قال:الصيحة لا تكون إلاّ في شهر رمضان شهر اللّه،الصيحة فيه هي صيحة جبرئيل عليه السّلام إلى هذا الخلق.

ثمّ قال:ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السّلام،فيسمع من بالمشرق و من بالمغرب، لا يبقى راقد إلاّ استيقظ،و لا قائم إلاّ قعد،و لا قاعد إلاّ قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت،فرحم اللّه من اعتبر بذلك الصوت فأجاب،فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين عليه السّلام.

ثمّ قال عليه السّلام:يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث و عشرين،لا تشكّوا في ذلك،و اسمعوا و أطيعوا،و في آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي:ألا إنّ فلانا قتل مظلوما،ليشكّك الناس و يفتنهم،فكم في ذلك اليوم من شاكّ متحيّر قد هوى في النار،فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه أنّه صوت جبرئيل،و علامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم و اسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها،فتحرّض أباها و أخاها على الخروج.

و قال:لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السّلام:صوت من السماء و هو صوت جبرئيل باسم صاحب هذا الأمر و اسم أبيه،و الصوت الثاني من الأرض،و هو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوما،يريد بذلك الفتنة،فاتّبعوا الصوت الأوّل، و إيّاكم و الأخير أن تفتنوا به..الحديث (1).3.

ص: 470


1- -الغيبة للنعمانيّ 253 ح 13.

سورة الذاريات

الآية الاولى قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (1).

930-غيبة الشيخ:روى بالإسناد عن ابن عبّاس في قول اللّه:

وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قال:

قيام القائم عليه السّلام،و مثله: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (2)قال:أصحاب القائم يجمعهم اللّه في يوم واحد (3).

931-غيبة الشيخ:روى بالإسناد عن إسحاق بن عبد اللّه بن عليّ بن الحسين في هذه الآية: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قال:قيام القائم من آل محمّد، و فيه نزلت: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (4)قال:نزلت في المهديّ (5).

ص: 471


1- -الذاريات:22.
2- -البقرة:148.
3- -الغيبة للطوسيّ 110.
4- -النور:55.
5- -الغيبة للطوسي 110.

932-غيبة الشيخ:روى بالإسناد عن الكلبيّ،عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ قال:هو خروج المهديّ (1).

933-روى السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب«الأنوار المضيئة»بإسناده عن محمّد بن أحمد الأياديّ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،قال:المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم اللّه أئمّة نحن أهل البيت يبعث اللّه مهديّهم فيعزّهم و يذلّ عدوّهم.

و بالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس في قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ قال:هو خروج المهديّ (2).1.

ص: 472


1- -نفس المصدر.
2- -بحار الأنوار 63/51.

سورة الطور

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ الطُّورِ* وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (1).

عهد من اللّه و رسوله و أمير المؤمنين للمهدي عليه السّلام

934-روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:الليلة الّتي يقوم فيها قائم آل محمّد عليه السّلام ينزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و جبرائيل عليه السّلام على حراء فيقول له جبرائيل:

أجب،فيخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رقّا من حجزة ازاره فيدفعه إلى عليّ عليه السّلام،فيقول له:

اكتب:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم-هذا عهد من اللّه و من رسوله و من عليّ بن أبي طالب لفلان بن فلان باسمه و اسم أبيه»و ذلك قوله عزّ و جلّ في كتابه:

وَ الطُّورِ* وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ و هو الكتاب الّذي أخرجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من حجزة إزاره.

قلت: وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ و هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟

قال:نعم المملي رسول اللّه و الكاتب عليّ عليه السّلام (2).

ص: 473


1- -الطور:1-3.
2- -دلائل الإمامة 256.

سورة القمر

الآية الاولى قوله تعالى: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (1).

935-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام،قال:وجدت في كتاب أبي رضى اللّه عنه بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار في حديث طويل في تشرّفه بخدمة صاحب الزمان عليه السّلام في غيبته،جاء فيه قوله عليه السّلام:

يا ابن مهزيار كيف خلّفت اخوانك في العراق؟

قلت:في ضنك عيش و هناة،قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان.

فقال:قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون،كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم و أخذهم أمر ربّهم ليلا و نهارا.

فقلت:متى يكون ذلك يا ابن رسول اللّه؟

قال:إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم و اللّه و رسوله منهم براء، و ظهرت الحمرة في السماء ثلاثا،فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا،و يخرج السروسي من أرمنية و آذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر،

ص: 474


1- -القمر:1.

لزيق جبل طالقان،فيكون بينه و بين المروزيّ وقعة صيلمانيّة يشيب فيها الصغير،و يهرم منها الكبير،و يظهر القتل بينهما،فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء،فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات،ثمّ يوافي واسط العراق،فيقيم بها سنة أو دونها،ثمّ يخرج إلى كوفان، فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ،وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتين،و على اللّه حصاد الباقين.

ثمّ تلا قوله تعالى: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. ..أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (1).

فقلت:سيّدي يا ابن رسول اللّه،ما الأمر؟

قال:نحن أمر اللّه و جنوده.

قلت:سيّدي يا ابن رسول اللّه،حان الوقت؟

قال: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (2).

936-و روى عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسير قوله تعالى: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ قال:

خروج القائم عليه السّلام (3).

937-و في رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليه السّلام،قال:سألت سيّدي أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام:هل للمأمول المنتظر المهديّ عليه السّلام وقت مؤقّت تعلمه الناس؟

فقال:حاش للّه أن يوقّت له وقتا.

قال:قلت مولاي و لم ذلك؟

قال:لأنّه الساعة الّتي قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (4).

قوله: وَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ و لم يقل انّها عند أحد دونه.

و قوله: وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ* يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا7.

ص: 475


1- -يونس:24.
2- -كمال الدّين 465/2 ح 23.
3- -تفسير القمّيّ 340/2 بحار الأنوار 351/17.
4- -الأعراف:187.

مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ .

قلت:يا مولاي ما معنى يمارون؟

قال:يقولون:متى ولد؟و من رآه؟و أين هو؟و متى يظهر؟كلّ ذلك استعجالا لأمره و شكّا في قضائه و قدرته،اولئك الّذين خسروا أنفسهم في الدنيا و الآخرة،و إنّ للكافرين لشرّ مآب-الحديث- (1).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2).

938-روي النعمانيّ بإسناده عن عبد اللّه بن سنان،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسمعت رجلا من همدان يقول:إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا و يقولون لنا:انّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر.

و كان عليه السّلام متّكئا فغضب و جلس،ثمّ قال:لا ترووه عنّي و ارووه عن أبي و لا حرج عليكم في ذلك،أشهد أنّي قد سمعت أبي عليه السّلام يقول:و اللّه إنّ ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ لبيّن،حيث يقول: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (3)فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضع و ذلّت رقبته لها،فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء:«ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب و شيعته».

قال:فإذا كان من الغد،صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ثمّ ينادي:ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان و شيعته فإنّه قتل مظلوما،فاطلبوا بدمه،قال عليه السّلام:

فيثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ و هو النداء الأوّل و يرتاب الّذين في قلوبهم مرض و المرض و اللّه عداوتنا،فعند ذلك يتبرّءون منّا و يتناولونا و يقولون إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت.ثمّ تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (4).9.

ص: 476


1- -المحجّة 204-205؛بحار الأنوار 2/53.
2- -القمر:2.
3- -الشعراء:4.
4- -الغيبة للنعمانيّ 260-261 ح 19.

سورة الرحمن

الآية الاولى قوله تعالى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ (1).

939-روى الشيخ المفيد بإسناده عن معاوية بن عمّار الدهني،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تعالى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ فقال:يا معاوية ما يقولون في هذا؟

قلت:يزعمون إنّ اللّه تبارك و تعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة،فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم فيلقون في النار.

فقال لي:و كيف يحتاج الجبّار تبارك و تعالى إلى معرفة الخلق بسيماهم و هو خلقهم؟

قلت:فما ذاك،جعلت فداك؟

فقال:ذلك لو قام قائمنا أعطاه اللّه السيماء،فيأمر بالكافر فيؤخذ بالنواصي و الأقدام ثمّ يخبط بالسيف خبطا (2).

940-و روى المفيد بإسناده عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:إنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و بحقيقة النفاق (3).

ص: 477


1- -الرحمن:41.
2- -الاختصاص للمفيد 304.
3- -الاختصاص 278.

941-و روى المفيد أيضا بإسناده عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:إنّ اللّه أخذ ميثاق شيعتنا من صلب آدم فنحن نعرف بذلك حبّ المحبّ و إن أظهر خلاف ذلك بلسانه،و نعرف بغض المبغض و إن أظهر حبّنا أهل البيت (1).

942-و روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى:

يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ قال:اللّه يعرفهم و لكن انزلت في القائم عليه السّلام،يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو و أصحابه خبطا (2).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ* فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ (3).

943-روى النعمانيّ رحمه اللّه بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال:إذا كان يوم القيامة حشر الخلق على أربعة أصناف:صنف ركبان،و صنف على أقدامهم يمشون،و صنف مكبّون، و صنف على وجوههم،صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون،و لا يكلّمون،و لا يؤذن لهم فيعتذرون،اولئك الّذين تلفح وجوههم النار و هم فيها كالحون.

فقيل له:يا كعب من هؤلاء الّذين يحشرون على وجوههم و هذه الحالة حالهم؟

فقال كعب:اولئك كانوا في الضلال و الارتداد و النكث،فبئس ما قدّمت لهم أنفسهم إذا لقوا اللّه بحرب خليفتهم،و وصي نبيّهم،و عالمهم و فاضلهم و حامل اللواء،و وليّ الحوض،و المرتجى و الرجا دون هذا العالم،و هو العلم الّذي لا يجهل،و الحجّة الّتي من زال عنها عطب،و في النار هوى.

ذاك عليّ و ربّ الكعبة أعلمهم علما،و أقدمهم سلما،و أوفرهم حلما.

عجب كعب ممّن قدّم على عليّ غيره،و من يشكّ في القائم المهديّ الّذي يبدّل الأرض غير الأرض،و به عيسى ابن مريم يحتجّ على نصارى الروم و الصين،إنّ القائم المهديّ من نسل عليّ أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقا و خلقا و سيماء و هيئة،يعطيه اللّه جلّ و عزّ ما أعطى الأنبياء،و يزيده و يفضّله.1.

ص: 478


1- -الاختصاص 278.
2- -الغيبة للنعمانيّ 127.
3- -الواقعة:41.

إنّ القائم من ولد عليّ له غيبة كغيبة يوسف،و رجعة كرجعة عيسى ابن مريم،ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر و خراب الزوراء-و هي الريّ-و خسف المزوّرة -و هي بغداد-و خروج السفيانيّ،و حرب ولد العبّاس مع فتيان أرمنيّة و آذربيجان.

تلك حرب يقتل فيها الوف و الوف،كلّ يقبض على سيفه محلّى تخفق عليه رايات سود،تلك حرب يستبشر فيها الموت الأحمر و الطاعون الأكبر (1).2.

ص: 479


1- -الغيبة للنعمانيّ 74؛بحار الأنوار 225/52.

سورة الحديد

الآية الاولى قوله سبحانه: وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (1).

944-روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن رجل من أصحاب أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام،قال:سمعته يقول:نزلت هذه الآية في سورة الحديد وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ من أهل زمان الغيبة.ثمّ قال:«اعلموا أنّ اللّه يحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلّكم تعقلون»و قال:إنّ الأمد أمد الغيبة (2).

945-الشيخ الصدوق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:نزلت هذه الآية في القائم. (3)

946-الشيخ المفيد بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:نزلت هذه الآية: وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فتأويل هذه الآية جار في زمان الغيبة و أيّامها دون غيرهم،و الأمد أمد الغيبة (4).

الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنّا لَكُمُ الْآياتِ

ص: 480


1- -الحديد:16.
2- -عنه:المحجّة 219.
3- -كمال الدّين 668/2.
4- -المحجّة 220.

لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 1 .

947-روى العلاّمة البحرانيّ قدّس سرّه عن محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد الحلبي أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال عليه السّلام:

العدل بعد الجور (1).

948-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن سلام بن المستنير،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال:

يحييها اللّه عزّ و جلّ بالقائم بعد موتها،يعني بموتها كفر أهلها،و الكافر ميّت (2).

949-روى محمّد بن العبّاس،بإسناده عن سلام بن المستنير،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كفر أهلها و الكافر ميّت،يحييها اللّه بالقائم عليه السّلام فيعدل فيها،فيحيي الأرض و يحيي أهلها بعد موتهم (3).

950-روى الشيخ الطوسيّ بإسناده من طريق العامّة عن أبي صالح،عن ابن عبّاس في قوله تعالى: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها يعني يصلح الأرض بقائم آل محمّد عليهم السّلام بَعْدَ مَوْتِها يعني من بعد جور أهل مملكتها قَدْ بَيَّنّا لَكُمُ الْآياتِ بقائم آل محمّد عليهم السّلام لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (4).

951-روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي إبراهيم عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال:

ليس يحييها بالقطر،و لكن يبعث اللّه عزّ و جلّ رجالا فيحيون العدل،فتحيى الأرض لإحياء العدل،و لإقامة الحدّ فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا (5).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ (6).

952-روى شرف الدّين النجفيّ رحمه اللّه بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة،عن أبيه،قال:9.

ص: 481


1- -المحجّة 222.
2- -كمال الدّين 668/2.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 662/2-663 ح 14.
4- -الغيبة للطوسيّ 110.
5- -الكافي 174/7.
6- -الحديد:19.

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك قد كبر سنّي و دقّ عظمي و اقترب أجلي،و قد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت.قال:فقال لي:يا أبا حمزة أو ترى الشهيد إلاّ من قتل؟قلت:

نعم جعلت فداك.فقال لي:يا أبا حمزة من آمن بنا و صدّق حديثنا و انتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم،بل و اللّه تحت راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

953-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمه اللّه برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة،قال:كنّا عند أبي جعفر عليه السّلام فقال:العارف منكم هذا الأمر،المنتظر له،المحتسب فيه الخير،كمن جاهد و اللّه مع قائم آل محمّد عليهم السّلام بسيفه.ثمّ قال الثالثة:بل و اللّه كمن استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في فسطاطه.و فيكم آية من كتاب اللّه،قلت:و أيّ آية جعلت فداك؟قال:قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ثمّ قال:صرتم و اللّه صادقين شهداء عند ربّكم (2).

954-و من كتاب فضائل الشيعة:روى العلاّمة البرقيّ رحمه اللّه بإسناده عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال:ما من شيعتنا إلاّ صدّيق شهيد،قال:قلت:جعلت فداك أنّى يكون ذلك و عامّتهم يموتون على فراشهم؟فقال:أ ما تتلو كتاب اللّه في الحديد:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ .قال:فقلت:كأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللّه عزّ و جلّ قطّ،قال:لو كان الشهداء ليس إلاّ كما تقول،لكان الشهداء قليلا (3).

955-و عنه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال،قال لي:يا أبا محمّد إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد.قلت:و إن مات على فراشه؟!قال:اي و اللّه و إن مات على فراشه،حيّ عند ربّه يرزق (4).

956-و عنه بإسناده عن منهال القصّاب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ادع اللّه لي بالشهادة،فقال:المؤمن لشهيد حيث مات،أو ما سمعت قول اللّه في كتابه: وَ الَّذِينَ آمَنُوا2.

ص: 482


1- -تأويل الآيات الظاهرة 665/2-666 ح 21.
2- -تفسير مجمع البيان 238/9.
3- -المحاسن للبرقي 163-164 ب 32.
4- -المحاسن للبرقي 163-164 ب 32.

بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ 1 .

957-عن أبان بن تغلب،قال:كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا ذكر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول:ويلهم ما يصنعون بهذا؟يتعجّلون قتلة في الدنيا و قتلة في الآخرة!و اللّه ما الشهداء إلاّ شيعتنا و إن ماتوا على فراشهم (1).

958-و عنه بإسناده عن مالك الجهنيّ،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا مالك إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب في سبيل اللّه.و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:ما يضرّ رجلا من شيعتنا أيّة ميتة مات:أكله السبع،أو أحرق بالنار أو غرق،أو قتل،هو و اللّه شهيد (2).

959-و عنه بإسناده عن مالك بن أعين،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من مات منكم على أمرنا هذا كان كمن استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

960-و عنه بإسناده عن العلاء بن سيابة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:من مات منكم على أمرنا هذا فهو بمنزلة من ضرب فسطاطه إلى رواق القائم عليه السّلام،بل بمنزلة من يضرب معه بسيفه،بل بمنزلة من استشهد معه،بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

961-روى الصدوق رحمه اللّه:في حديث لأبي عبد اللّه عليه السّلام قال فيه:يا مالك من مات منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه (5).

962-عن أمير المؤمنين عليه السّلام،قال:الزموا الأرض،و اصبروا على البلاء،و لا تحرّكوا بأيديكم و سيوفكم،و هوى ألسنتكم،و لا تستعجلوا بما لم يعجّله اللّه لكم،فانّه من مات منكم على فراشه و هو على معرفة ربّه،و حقّ رسوله و أهل بيته،مات شهيدا أوقع أجره على اللّه،و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله،و قامت النيّة مقام إصلاته بسيفه،فإنّ لكلّ شيء مدّة و أجلا (6).

963-روى الصدوق رحمه اللّه في«كمال الدّين»بإسناده عن عمّار الساباطي،قال:قلت2.

ص: 483


1- -نفس المصدر.
2- -نفس المصدر.
3- -نفس المصدر 172-174.
4- -نفس المصدر.
5- -فضائل الشيعة 28 ح 37.
6- -شرح نهج البلاغة 110/13-11؛بحار الأنوار 144/52.

لأبي عبد اللّه عليه السّلام:العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل،أم العبادة في ظهور الحقّ و دولته مع الإمام الظاهر منكم؟فقال:يا عمّار،الصدقة في السرّ و اللّه أفضل من الصدقة في العلانية،و كذلك عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل،لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل و حال الهدنة،ممّن يعبد اللّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحقّ،و ليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.

اعلموا أنّ من صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها،كتب اللّه عزّ و جلّ له بها خمسة و عشرين صلاة فريضة وحدانية،و من صلّى منكم صلاة نافلة في وقتها فأتمها،كتب اللّه عزّ و جلّ له بها عشر صلوات نوافل،و من عمل منكم حسنة،كتب اللّه له بها عشرين حسنة،و يضاعف اللّه تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله،و دان اللّه بالتقيّة على دينه،و على إمامه و على نفسه،و أمسك من لسانه، أضعافا مضاعفة كثيرة،إنّ اللّه عزّ و جلّ كريم.

قال:فقلت:جعلت فداك قد رغّبتني في العمل،و حثثتني عليه،و لكنّي احبّ أن أعلم:

كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ و نحن و هم على دين واحد،و هو دين اللّه عزّ و جلّ؟

فقال:إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللّه و إلى الصلاة و الصوم و الحجّ و إلى كلّ فقه و خير،و إلى عبادة اللّه سرّا من عدوّكم مع الإمام المستتر،مطيعون له،صابرون معه، منتظرون لدولة الحقّ،خائفون على إمامكم و على أنفسكم من الملوك،تنظرون إلى حقّ إمامكم و حقّكم في أيدي الظلمة،قد منعوكم ذلك و اضطرّوكم إلى جذب الدنيا و طلب المعاش،مع الصبر على دينكم،و عبادتكم و طاعة ربّكم،و الخوف من عدوّكم،فبذلك ضاعف اللّه أعمالكم،فهنيئا لكم هنيئا.

قال:فقلت:جعلت فداك،فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليه السّلام في ظهور الحقّ؟و نحن اليوم في إمامتك و طاعتك أفضل أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟

فقال:سبحان اللّه،أ ما تحبّون أن يظهر اللّه عزّ و جلّ الحقّ و العدل في البلاد و يحسن

ص: 484

حال عامّة الناس،و يجمع اللّه الكلمة و يؤلّف بين القلوب المختلفة،و لا يعصى اللّه في أرضه،و يقام حدود اللّه في خلقه،و يردّ الحقّ إلى أهله،و يظهروه حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق؟

أما و اللّه يا عمّار،لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها،إلاّ كان أفضل عند اللّه عزّ و جلّ من كثير ممّن شهد بدرا و احدا،فأبشروا (1).

964-روي بالإسناد عن جابر،قال:دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام و نحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه و قلنا له:أوصنا يا ابن رسول اللّه،فقال:ليعن قويّكم ضعيفكم،و ليعطف غنيّكم على فقيركم،و لينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا،و اكتموا أسرارنا و لا تحملوا الناس على أعناقنا،و انظروا أمرنا و ما جاءكم عنّا،فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به،و إن لم تجدوه موافقا فردّوه،و إن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده و ردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا،و إذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا،و من أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين،و من قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا (2).

965-كمال الدّين بإسناده عن سيّد العابدين عليه السّلام أنّه قال:من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا عليه السّلام أعطاه اللّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر و احد (3).

966-روى الصدوق بإسناده عن مالك الجهنيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:يا مالك أ ما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤدّوا الزكاة،و تكفّوا أيديكم و تدخلوا الجنّة؟ثمّ قال:يا مالك، إنّه ليس من قوم ائتمّوا بإمام في دار الدنيا،إلاّ جاء يوم القيامة يلعنهم و يلعنونه إلاّ أنتم، و من كان بمثل حالكم.

ثمّ قال:يا مالك إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه.

قال:و قال مالك:بينما أنا عنده ذات يوم جالس و أنا احدّث نفسي بشيء من فضلهم،7.

ص: 485


1- -كمال الدّين 357/2-358.
2- -بشارة المصطفى 113.
3- -كمال الدّين 323/1 ح 7.

فقال لي و أنتم و اللّه شيعتنا،لا تظنّن أنّك مفرّط في أمرنا.

يا مالك انّه لا يقدر على صفة اللّه،فكما لا يقدر على صفة اللّه كذلك لا يقدر على صفة الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و كما لا يقدر على صفة الرسول فكذلك لا يقدر على صفتنا،و كما لا يقدر على صفتنا فكذلك لا يقدر على صفة المؤمن.

يا مالك:انّ المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه،فلا يزال اللّه ينظر إليهما و الذنوب تتحاتّ عن وجوههما حتّى يتفرّقا،و إنّه لن يقدر على صفة من هو هكذا.

و قال:إنّ أبي عليه السّلام كان يقول:لن تطعم النار من يصف هذا الأمر (1).8.

ص: 486


1- -بحار الأنوار 68/68.

سورة المجادلة

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (1).

الروح القدس مع الحجّة و الأئمّة الطاهرين عليهم السّلام

967-روى العلاّمة البيّاضيّ رحمه اللّه في حديث ولادة الإمام الحجّة عليه السّلام الّذي ترويه حكيمة و بالإسناد عن محمّد بن عبد اللّه المطهّريّ،قال:قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت:لمّا حضرت نرجس الولادة قال الحسن العسكريّ عليه السّلام:اقرئي عليها«إنّا أنزلناه» فقرأت فجاوبني الجنين بمثل قراءتي،و سلّم عليّ ففزعت،فقال أبو محمّد:لا تعجبين من أمر اللّه إنّه منطقنا بالحكمة صغارا و يجعلنا حجّة في الأرض كبارا.

فغيّبت عنّي نرجس،فصرخت إليه فقال:ارجعي فستجدينها،فرجعت فإذا بها عليها نور غشيني،فإذا الصبيّ ساجدا لوجهه،رافعا إلى السماء سبّابته،ناطقا بتوحيد ربّه، و رسالة نبيّه و إمامة آبائه،إلى أن بلغ إلى نفسه،و قال:اللهمّ أنجز لي وعدي،و أتمم لي أمري،ثمّ سلّم على أبيه فتناوله،و الطير يرفرف على رأسه فصاح طيرا منها،فقال:احمله و احفظه و ردّه إلينا بعد أربعين يوما،فطار به،فبكت نرجس،فقال:سيعود إليك كما عاد

ص: 487


1- -المجادلة:22.

موسى إلى امّه.

قالت حكيمة:فما هذا الطير؟

قال:روح القدس الموكّل بالأئمّة،يعلّمهم فيربّيهم.

فبعد الأربعين ردّ الغلام،فدخلت عليه فتعجّبت،فقال أبوه:أولاد الأنبياء و الأوصياء

ينشئون بخلاف غيرهم،و إنّ الصبي منّا إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة.قالت:

فما زلت أراه بعد كلّ أربعين إلى أن رأيته رجلا قبل موت أبيه،فقال لي:هذا خليفتي بعدي،و عن قليل تفقدوني،فاسمعي له و أطيعي،فمضى عليه السّلام و افترق الناس كما ترى، فو اللّه انّي لأراه و أسأله فيجيبني عن مسائلي ابتداء،و قد أخبرني البارحة بمجيئك،و أمرني أن أخبرك بالحقّ.

قال محمّد بن عبد اللّه:فو اللّه لقد أخبرتني بما لم يطّلع عليه إلاّ اللّه،فحكمت على كلامها بصدقها،و علمت أنّ اللّه أطلعهم على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه.

و هذا الحديث رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي عن حكيمة بطريقين من رجاله و فيه مغايرة قليلة أحدهما منتهيا إلى حنظلة بن زكريا،و الاخرى إلى مارية و نسيم خادم الحسن عليه السّلام (1).

968-و أسند أبو جعفر بن بابويه إلى الحسن محمّد بن صالح البزاز أنّه سمع العسكريّ عليه السّلام يقول:إنّ ابني هو القائم من بعدي تجري فيه سنن الأنبياء من التعمير و الغيبة،حتّى تقسو قلوب الناس لطول الأمد،فلا يثبت على القول بها إلاّ من كتب اللّه في قلبه الإيمان،و أيّده بروح منه (2).

969-عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ و هم الأئمّة عليهم السّلام و أيّده بروح منه قال:قال:الروح ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو مع الأئمّة عليهم السّلام (3).

970-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن الحسين بن خالد،عن عليّ بن موسى2.

ص: 488


1- -الصراط المستقيم 234/2.
2- -نفس المصدر 238/2.
3- -تفسير القمّيّ 358/2.

الرضا،عن أبيه موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمّد،عن أبيه محمّد بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ،عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام أنّه قال:التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ،المظهر للدين،و الباسط للعدل،قال الحسن عليه السّلام:فقلت له:يا أمير المؤمنين و انّ ذلك لكائن؟

فقال عليه السّلام:اي و الّذين بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالنبوّة،و اصطفاه على جميع البريّة،و لكن بعد غيبة و حيرة،فلا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين،الّذين أخذ اللّه عزّ و جلّ ميثاقهم بولايتنا،و كتب في قلوبهم الإيمان و أيّدهم بروح منه (1).1.

ص: 489


1- -كمال الدّين 304/1 ح 16؛بحار الأنوار 110/51.

سورة الممتحنة

الآية الاولى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (1).

971-روى محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن من سمع عليّا عليه السّلام يقول:

العجب كلّ العجب بين جمادى و رجب،فقام رجل فقال:يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الّذي لا تزال تعجب منه؟

قال:ثكلتك امّك،و أي عجب أعجب من أموات يضربون كلّ عدوّ للّه و لرسوله و لأهل بيته؟...و ذلك تأويل هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ فإذا اشتدّ القتل قلتم:

مات و هلك،و أي واد سلك،و ذلك تأويل هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (2).

ص: 490


1- -الممتحنة:13.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 684/2 ح 2.

سورة الصفّ

الآية الاولى قوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (1).

972-روى العلاّمة الكراجكيّ في الكنز في قوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ تأويله ما روي عن أبي الجارود،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:لو تركتم هذا الأمر ما تركه اللّه.

و يؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب،بإسناده عن محمّد بن الفضيل،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام،قال:سألته عن هذه الآية قلت: وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ قال: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ :ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام، وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ الإمامة لقوله عزّ و جلّ:

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا 2 و النور هو الإمام.

قلت له: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ قال:هو الّذي أمر اللّه رسوله بالولاية لوصيّه و الولاية هي دين الحقّ.

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال:على جميع الأديان عند قيام القائم،لقول اللّه

ص: 491


1- -الصّف:8.

تعالى: وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ بولاية القائم وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بولاية عليّ...الحديث (1).

973-روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ قال:بالقائم من آل محمّد صلوات اللّه عليهم إذا خرج ليظهره على الدّين كلّه حتّى لا يعبد غير اللّه،و هو قوله:يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا (2).

قوله سبحانه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (3).

974-روى الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فقال:و اللّه ما نزل تأويلها بعد،و لا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم عليه السّلام.فإذا خرج القائم لم يبق كافر باللّه العظيم و لا مشرك بالإمام إلاّ كره خروجه،حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت:يا مؤمن في بطني كافر،فاكسرني و اقتله (4).

975-روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ قال:القائم من آل محمّد عليهم السّلام إذا خرج يظهره اللّه على الدّين كلّه حتّى لا يعبد غير اللّه،و هو قوله صلّى اللّه عليه و آله:يملأ الأرض قسطا و عدلا،كما ملئت جورا و ظلما (5).

976-روى العلاّمة البحرانيّ رحمه اللّه بإسناده عن عباية بن ربعيّ،أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أظهر ذلك بعد كلاّ فلا و الّذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلاّ و نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه،بكرة و عشيّا (6).

977-و عنه بإسناده من طريق العامّة،عن ليث،عن مجاهد،عن ابن عبّاس في قوله عزّ و جلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال:لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهوديّ و لا نصرانيّ و لا صاحب ملّة إلاّ صار إلى الإسلام،حتّى تأمن الشاة و الذئب6.

ص: 492


1- -بحار الأنوار 60/51.
2- -تفسير القمّيّ 365/2.
3- -الصفّ:9.
4- -كمال الدّين 670/2 ح 16.
5- -تفسير القمّيّ 365/2.
6- -تفسير البرهان 329/4 ح 1؛المحجّة 226.

و البقرة و الأسد و الإنسان و الحيّة،حتّى لا تقرض فأرة جرابا،و حتّى توضع الجزية و يكسر الصليب و يقتل الخنزير،و هو قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و ذلك يكون عند قيام القائم عليه السّلام (1).

978-محمّد بن يعقوب و بإسناده عن أبي الفضيل،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام، قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال:هو أمر اللّه و رسوله بالولاية لوصيّه و الولاية هي دين الحقّ،قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قال:

يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السّلام (2).

979-روى محمّد بن العبّاس،بإسناده عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .

فقال عليه السّلام:و اللّه ما نزل تأويلها بعد،قلت:جعلت فداك و متى ينزل تأويلها؟

قال:حتّى يقوم القائم عليه السّلام إن شاء اللّه تعالى،فإذا خرج القائم لم يبق كافر و لا مشرك إلاّ كره خروجه،حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة:يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله،فيجيئه فيقتله (3).

980-روى في المحجّة عن الحسين بن حمدان الحضينيّ و بإسناده عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليه السّلام،قال المفضّل:يا مولاي فكيف بدو ظهوره عليه السّلام؟قال:يا مفضّل يظهر في سنة الستّين أمره،و يعلو ذكره،و ينادى باسمه و كنيته و نسبه،و يكثر ذكره في أفواه المحقّين و المبطلين ليلزمهم الحجّة بمعرفتهم به،على أنّا قصصنا ذلك و دللنا عليه و نسبناه و سمّيناه و كنّيناه و قلنا سميّ جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كنيّه لئلاّ تقول الناس ما عرفنا اسما و لا كنية و لا نسبا،فو اللّه ليحقّن الإفصاح به و باسمه و كنيته على ألسنتهم حتّى ليسمّيه بعضهم لبعض، كلّ ذلك للزوم الحجّة عليهم،و يظهره كما وعده جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قول اللّه عزّ و جلّ:7.

ص: 493


1- -تفسير البرهان 329/4 ح 2.
2- -نفس المصدر 329/4 ح 3.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 688/2 ح 7.

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال:

هو قوله: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (1).

فو اللّه يا مفضّل ليفقدنّ الملل و الأديان و الآراء و الاختلاف و يكون الدّين كلّه للّه كما قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ (2)وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ 3 (3).

981-و رواه المجلسيّ في البحار و أضاف:قال المفضّل:يا مولاي فقوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظهر على الدّين كلّه؟قال:يا مفضّل لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظهر على الدّين كلّه ما كانت مجوسيّة و لا يهوديّة و لا صابئية و لا نصرانية،و لا فرقة و لا خلاف و لا شكّ و لا شرك،و لا عبدة أصنام و لا أوثان،و لا اللاّت و العزّى،و لا عبدة الشمس و القمر،و لا النجوم،و لا النار و لا الحجارة،و إنّما قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ في هذا اليوم و هذا المهديّ و هذه الرجعة،و هو قوله: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (4)...الحديث (5).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ أُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ (6).

982-روى القمّي في تفسير قوله تعالى: وَ أُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ :

يعني في الدنيا بفتح القائم عليه السّلام (7).2.

ص: 494


1- -البقرة:193 الأنفال:38.
2- -آل عمران:19.
3- -المحجّة 226.
4- -البقرة:193،الأنفال:38.
5- -بحار الأنوار ج /53،و الإضافة في ص 33.
6- -الصفّ:13.
7- -تفسير القمّيّ 366/2.

سورة التغابن

الآية الاولى قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ (1).

983-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه قال:ذكر أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ صاحب التأريخ،و هو من علماء الجمهور،بإسناده:

أنّ معاوية أقبل يوما على بني هاشم،فقال:أنّكم تريدون أن تستحقّوا الخلافة بما استحققتم به النبوّة و لم تجتمعا لأحد،و لعمري إنّ حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس،إنّكم تقولون:نحن أهل بيت اللّه،فما بال محلّها و نبوّته في غيرنا،و هذه شبهة لها تمويه،و إنّما سمّيت الشبهة شبهة،لأنّها تشبه الحقّ حتّى تعرف؛و إنّما الخلافة تتقلّب في أحياء قريش برضى العامّة و شورى الخاصّة،فلم يقل الناس:ليت بني هاشم و لونا،و لو أنّ بني هاشم و لونا لكان خيرا لنا في ديننا و دنيانا،فلا هم اجتمعوا عليكم،و لا هم إذا اجتمعوا على غيركم يمنعوكم،و لو زهدتم فيها أمس لم تقاتلونا عليها اليوم،و قد زعمتم أنّ لكم ملكا هاشميّا و مهديا قائما،و المهديّ عيسى ابن مريم،و هذا الأمر في أيدينا حتّى نسلّمه إليه،و لعمري لئن ملكتم ما ريح عاد و لا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم،

ص: 495


1- -التغابن:7.

ثمّ سكت!!

فقام فيهم عبد اللّه بن عبّاس،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:أمّا قولك:إنّا لا نستحقّ الخلافة بالنبوّة،فإذا لم نستحقّ الخلافة بالنبوّة،فبم نستحق؟

و أمّا قولك:إنّ النبوّة و الخلافة لم تجتمعا لأحد،فأين قول اللّه عزّ و جلّ: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (1)،فالكتاب:النبوّة،و الحكمة:السنّة، و الملك:الخلافة،نحن آل إبراهيم،أمر اللّه فينا و فيهم واحد،و السنّة فينا و فيهم جارية.

و امّا قولك:إنّ حجّتنا مشتبهة فهي و اللّه أضوأ من الشمس،و أنور من القمر،و إنّك لتعلم ذلك،و لكن ثنى عطفك،و صعّر خدّك،قتلنا أخاك و جدّك و عمّك و خالك!!فلا تبك على عظام حائلة و أرواح زائلة في الهاوية!و لا تغضبنّ لدماء أحلّها الشرك و وضعها الإسلام.

فأمّا ترك الناس أن يجتمعوا علينا،فما حرموا منّا أعظم ممّا حرمنا منهم،و كلّ أمر إذا حصل حاصله ثبت حقّه و زال باطله.

و أمّا قولك:«إنّا زعمنا أنّ لنا ملكا مهديّا»،فالزعم في كتاب اللّه شكّ،قال اللّه سبحانه و تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ (2)فكلّ يشهد أنّ لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد ملّكه اللّه فيه.و أنّ لنا مهديّا لو لم يبق إلاّ يوم واحد،بعثه لأمره يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،لا يملكون يوما إلاّ ملكنا يومين،و لا شهرا إلاّ ملكنا شهرين،و لا حولا إلاّ ملكنا حولين.

و أمّا قولك:إنّ المهديّ عيسى ابن مريم،فإنّما ينزل عيسى على الدجّال،فإذا رآه ذاب كما تذوب الشحمة،و الإمام رجل منّا يصلّي عيسى خلفه لو شئت سمّيته.

و أمّا ريح عاد و صاعقة ثمود،فإنّها كانتا عذابا،و ملكنا رحمة.

و أضاف السيّد ابن طاوس قائلا:و لم يذكر أنّ معاوية أقدم على ردّ عبد اللّه ابن عبّاس عن هذا الجواب (3).ّ.

ص: 496


1- -النساء:54.
2- -التغابن:7.
3- -الملاحم و الفتن 115-117 ب 27؛عن فتن السليليّ.

984-و روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه قال:فيما نذكره أيضا من كتاب محمّد بن جرير الطبريّ،الّذي سمّاه عيون أخبار بني هاشم،و مناظرة عبد اللّه بن عبّاس لمعاوية في إثبات أمر المهديّ.

فقال ابن عبّاس لمعاوية ما لفظه:

أقول:إنّه ليس حيّ من قريش يفخرون بأمر،إلاّ و إلى جانبهم من يشركهم فيه،إلاّ بني هاشم،فانّهم يفخرون بالنبوّة الّتي لا يشاركون فيها و لا يساوون فيها و لا يدافعون عنها، و أشهد أنّ اللّه تعالى لم يجعل من قريش محمّدا إلاّ و قريش خير البريّة،و لم يجعله من بني هاشم إلاّ و هاشم خير قريش،و لم يجعله من بني عبد المطّلب إلاّ و هم خير بني هاشم، و لسنا نفخر عليكم إلاّ بما تفخرون به على العرب،و هذه امّة مرحومة،فمنها نبيّها و مهديّها و مهديّ آخرها من أوّلها،لأنّ بنا فتح الأمر و بنا يختم،و لكم ملك معجّل و لنا ملك مؤجل، فإن يكن ملككم قبل ملكنا،فليس بعد ملكنا ملك،لأنّا أهل العاقبة،و العاقبة للمتقين (1).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (2).

985-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن الحسين بن نعيم الصحّاف،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن قوله: وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ فقال:أما و اللّه ما هلك من كان قبلكم و ما هلك من هلك حتّى يقوم قائمنا عليه السّلام إلاّ في ترك ولايتنا و جحود حقّنا،و ما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الدنيا حتّى الزم رقاب هذه الامّة حقّنا،و اللّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (3).ه.

ص: 497


1- -التشريف بالمنن 240-241 ب 28.
2- -التغابن:12.
3- -تأويل الآيات 161/1 ح 20؛تفسير البرهان 343/4 ح 1،و المتن مأخوذ منه.

سورة الطلاق

الآية الاولى قوله سبحانه: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ*وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (1).

986-روى العلاّمة البرقيّ رحمه اللّه بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه و اللّه لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر،حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه،فقال:

يا عبد الحميد،أ ترى من حبس نفسه على اللّه لا يجعل له مخرجا؟بلى و اللّه ليجعلنّ اللّه له مخرجا،رحم اللّه عبدا حبس نفسه علينا،رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا.

قال:فقلت:فان متّ قبل أن أدرك القائم؟

فقال:القائل منكم:إذا أدركت القائم من آل محمّد نصرته كالمقارع معه بسيفه، و الشهيد معه له شهادتان (2).

ص: 498


1- -الطلاق:2 و 3.
2- -المحاسن للبرقي 173 ح 148.

سورة الملك

الآية الاولى قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (1).

987-روى الشيخ الصدوق أعلى اللّه مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ و بروايته عن طريق العامة،عن عبد الرحمن بن سليط،قال:قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:منّا اثنا عشر مهديّا،أوّلهم عليّ بن أبي طالب،و آخرهم التاسع من ولدي،و هو الإمام القائم بالحقّ،يحيي اللّه به الأرض بعد موتها،و يظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون.له غيبة يرتدّ فيها أقوام و يثبت فيها على الدّين آخرون،فيؤذون و يقال لهم: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى و التكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

الآية الثانية قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (3).

988-روى الخزّاز بإسناده عن محمّد بن عمّار،عن أبيه،عن جدّه عمّار،قال:كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض غزواته و قتل عليّ عليه السّلام أصحاب الألوية و فرّق جمعهم،و قتل عمرو بن عبد اللّه الجمحيّ،و قتل شيبة بن نافع،أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت له:يا رسول اللّه،

ص: 499


1- -الملك:25.
2- -كمال الدّين 317/1 ح 3.
3- -الملك:30.

إنّ عليّا قد جاهد في اللّه حقّ جهاده،فقال:لأنّه منّي و أنا منه،و إنّه وارث علمي و قاضي ديني و منجز وعدي و الخليفة من بعدي،و لولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي،حربه حربي،و حربي حرب اللّه،و سلمه سلمي،و سلمي سلم اللّه،ألاّ إنّه أبو سبطيّ،و الأئمّة من صلبه،يخرج اللّه تعالى الأئمّة الراشدين من صلبه،و منهم مهديّ هذه الامّة.

فقلت:بأبي و امّي يا رسول اللّه؟و من المهديّ؟

قال:يا عمّار إنّ اللّه تبارك و تعالى عهد إليّ أنّه يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة، و التاسع من ولده يغيب عنهم،و ذلك قوله عزّ و جلّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم و يثبت عليها آخرون،فإذا كان آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل،و هو سميّي،و أشبه الناس بي.

يا عمّار سيكون بعدي فتنة،فإذا كان ذلك فاتبّع عليّا و اصحبه،فإنّه مع الحقّ و الحقّ معه.

يا عمّار إنّك ستقاتل بعدي على صنفين الناكثين و القاسطين،ثمّ تقتلك الفئة الباغية.

قال:يا رسول اللّه أ ليس ذلك على رضا اللّه و رضاك؟

قال:نعم،على رضاء اللّه و رضاي،و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.

فلمّا كان يوم صفّين خرج عمّار بن ياسر إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،فقال له:يا أخا رسول اللّه أ تأذن لي في القتال؟فقال:مهلا رحمك اللّه.فلمّا كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه به بمثله،فأعاد عليه ثالثا،فبكى أمير المؤمنين عليه السّلام،فنظر إليه عمّار،فقال:يا أمير المؤمنين إنّه اليوم الّذي وصفه لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

فنزل أمير المؤمنين عليه السّلام عن بغلته و عانق عمّارا و ودّعه،ثمّ قال:يا أبا اليقظان جزاك اللّه عن نبيّك و عنّي خيرا،فنعم الأخ كنت،و نعم الصاحب كنت.

ثمّ بكى عليه السّلام و بكى عمّار،ثمّ قال:و اللّه يا أمير المؤمنين ما اتّبعتك إلاّ ببصيرة،فانّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول يوم خيبر:«يا عمّار ستكون بعدي فتنة،فإذا كان ذلك فاتّبع عليّا و حزبه،فإنّه مع الحقّ و الحقّ معه،و ستقاتل بعدي الناكثين و القاسطين،فجزاك اللّه

ص: 500

خيرا يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء،فلقد أدّيت و أبلغت و نصحت.

ثمّ ركب و ركب أمير المؤمنين عليه السّلام،ثمّ برز إلى القتال ثمّ دعا بشربة من ماء،فقيل:ما معنا ماء،فقام إليه رجل من الأنصار و سقاه شربة من لبن فشربه،ثمّ قال:هكذا عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن،ثمّ حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا،فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه و قتل رحمه اللّه.

فلمّا كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السّلام في القتلى فوجد عمّارا ملقى بين القتلى، فجعل رأسه على فخذه ثمّ بكى عليه،و أنشأ يقول:

ألا أيّها الموت الّذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كلّ خليل

أيا موت كم هذا التفرّق عنوة فلست تبقي خلّة لخليل

أراك بصيرا بالذين احبّهم كأنّك تمضي نحوهم بدليل (1)

989-روى البحرانيّ بإسناده عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام،قال:

قلت له تأويل قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ فقال:إذا فقدتم إمامكم فلم تروه،فما ذا تصنعون؟ (2).

990-روى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن فضالة بن أيّوب،قال:سأل الرضا عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ فقال عليه السّلام:ماؤكم أبوابكم أي الأئمّة،و الأئمّة أبواب اللّه بينه و بين خلقه فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يعني بعلم الإمام (3).

991-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام، في قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ قال:إذا غاب عنكم إمامكم،فمن يأتيكم بإمام جديد (4).

992-روى الشيخ الصدوق،بإسناده عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام،في قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ قال:هذه نزلت في5.

ص: 501


1- -كفاية الأثر 120-124؛المحجّة 228-230.
2- -المحجّة 230.
3- -تفسير القمّيّ 379/2.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 708/2-709 ح 15.

القائم عليه السّلام يقول:إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو،فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء و الأرض و حلال اللّه جلّ و عزّ و حرامه،ثمّ قال:و اللّه ما جاء تأويل الآية،و لا بدّ أن يجيء تأويلها (1).1.

ص: 502


1- -بحار الأنوار 52/51.

سورة القلم

الآية الاولى قوله تعالى: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (1).

993-روى العلاّمة الكراجكيّ رحمه اللّه في«كنز الفوائد»بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني تكذيبه بقائم آل محمّد عليهم السّلام إذ يقول له:لسنا نعرفك و لست من ولد فاطمة،كما قال المشركون لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله (2).

ص: 503


1- -القلم:15.
2- -تأويل الآيات 771/2-772 ح 1.

سورة المعارج

الآية الاولى قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ (1).

994-روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب«الغيبة»بإسناده عن جابر،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام كيف تقرءون هذه السورة؟قال:قلت:و أيّ سورة؟قال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ فقال:ليس هو سأل سائل بعذاب واقع،و إنّما هو:سأل سائل بعذاب واقع(كذا)، و هذه نار تقع بالثوية ثمّ تمضي إلى كناسة بني أسد،ثمّ تمضي إلى ثقيف،فلا تدع و ترا لآل محمّد إلاّ أحرقته (2).

995-و عنه أيضا بإسناده عن صالح بن سهل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ فقال:تأويلها فيما يجيء عذاب يرتفع في الثوية، يعني نار تنتهي إلى كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف،لا تدع وترا لآل محمّد إلاّ أحرقته، و ذلك قبل خروج القائم عليه السّلام (3).

996-روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ قال:

ص: 504


1- -المعارج:1-3.
2- -الغيبة للنعمانيّ 272.
3- -نفس المصدر.

سئل أبو جعفر عليه السّلام عن معنى هذا فقال:نار تخرج من المغرب،و ملك يسوقها من خلفها، حتّى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام عند مسجدهم،فلا تدع دارا لبني اميّة إلاّ أحرقتها و أهلها،و لا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلاّ أحرقتها،و ذلك المهديّ عليه السّلام (1).

الآية الثانية قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (2).

997-روى ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن عاصم بن حميد، عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ قال:بخروج القائم عليه السّلام (3).

الآية الثالثة قوله عزّ و جلّ: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (4).

998-روى شرف الدّين النجفيّ رحمه اللّه بإسناده عن يحيى بن ميسر،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ قال:يعني يوم خروج القائم عليه السّلام (5).7.

ص: 505


1- -تفسير القمّيّ 385/2.
2- -المعارج:26.
3- -روضة الكافي 287.
4- -المعارج:44.
5- -تأويل الآيات الظاهرة 726/2 ح 7.

سورة الجنّ

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً (1).

999-روى محمّد بن يعقوب رحمه اللّه بإسناده عن محمّد بن الفضل،عن أبي الحسن عليه السّلام في قوله: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً قال:هم الأوصياء (2).

1000-و روى عليّ بن ابراهيم بإسناده عن الحسين بن خالد،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:المساجد الأئمّة (3).

1001-محمّد بن العباس بإسناده عن عيسى بن داود النجار،عن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً قال:سمعت أبي جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:هم الأوصياء الأئمّة منا واحد فواحد فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع اللّه أحدا-الحديث (4).

الآية الثانية قوله تعالى: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (5).

ص: 506


1- -الجنّ:18.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 729/2 ح 7.
3- -تفسير القمّيّ 390/2.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 729/2.
5- -الجنّ:24.

1002-قال عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ قال:

القائم و أمير المؤمنين عليهما السّلام فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (1).

الآية الثالثة قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ (2).

الإمام المهديّ عليه السّلام ينبئ بالغيب عن اللّه عزّ و جلّ

1003-و عن عليّ بن إبراهيم في قوله: وَ أَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللّهِ يَدْعُوهُ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوه كناية عن اللّه كادُوا يعني قريشا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (3)أي أيدا،قوله:

فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً قال:قال:هو قول أمير المؤمنين عليه السّلام لزفر:و اللّه يا ابن صهّاك،لو لا عهد من رسول اللّه و كتاب من اللّه سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا و أقلّ عددا،قال:قال:فلمّا أخبرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ما يكون في الرجعة،قالوا:متى يكون هذا؟ قال اللّه:قل يا محمّد: إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً قوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (4)قال:قال:يخبر اللّه و رسوله الّذي يرتضيه ممّا كان قبله من الأخبار و ما يكون بعده من أخبار القائم عليه السّلام و الرجعة و القيامة (5).

1004-غيبة الشيخ:روى جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الشيخ الصدوق،قال:حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب،قال:كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللّه روحه،فحضرته قبل وفاته بأيّام،فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم-يا عليّ بن محمّد السمريّ،أعظم اللّه أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك و بين ستّة أيّام،فاجمع أمرك و لا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد

ص: 507


1- -تفسير القمّيّ 391/2.
2- -الجنّ:26.
3- -الجنّ:19.
4- -الجن:27.
5- -تفسير القمّيّ 391/2.

وفاتك،فقد وقعت الغيبة التامّة،فلا ظهور إلاّ بعد إذن اللّه تعالى ذكره،و ذلك بعد طول الأمد و قسوة القلوب و امتلاء الأرض جورا،و سيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة،ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ و الصيحة فهو كذّاب مفتر،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم».

قال:فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده،فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه،فقيل له:من وصيّك من بعدك؟

فقال:للّه أمر هو بالغه،و قضى،فهذا آخر كلام سمع منه رضي اللّه عنه و أرضاه (1).

1005-روى العلاّمة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ،قال:

لمّا طعن الحسن بن عليّ عليهما السّلام بالمدائن أتيته و هو متوجّع،فقلت:ما ترى يا ابن رسول اللّه فإنّ الناس متحيّرون؟

فقال عليه السّلام:أرى و اللّه أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنّهم لي شيعة،ابتغوا قتلي و انتهبوا ثقلي،و أخذوا مالي،و اللّه لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي و أومن به في أهلي،خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي و أهلي.

و اللّه لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلما!

و اللّه لئن اسالمه و أنا عزيز،خير من أن يقتلني و أنا أسير،أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها و عقبه على الحيّ منّا و الميّت.

قال:قلت:تترك يا ابن رسول اللّه شيعتك كالغنم ليس لها راع؟

قال:و ما أصنع يا أخا جهينة،إنّي و اللّه أعلم بأمر قد أدّى به إلى ثقاته،إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لي ذات يوم و قد رآني فرحا:يا حسن أ تفرح؟كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا؟كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اميّة،و أميرها الرحب البلعوم،الواسع الأعفاج، يأكل و لا يشبع،يموت و ليس له في السماء ناصر،و لا في الأرض عاذر،ثمّ يستولي على غربها و شرقها،يدين له العباد و يطول ملكه،يستنّ بسنن أهل البدع و الضلال،و يميت الحقّ و سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،يقسّم المال في أهل ولايته،و يمنعه من هو أحقّ به،و يذلّ في3.

ص: 508


1- -الغيبة للطوسيّ 242-243.

ملكه المؤمن،و يقوى في سلطانه الفاسق،و يجعل المال بين أنصاره دولا،و يتّخذ عباد اللّه خولا،يدرس في سلطانه الحقّ،و يظهر الباطل،و يقتل من ناواه على الحقّ،و يدين من والاه على الباطل،فكذلك حتّى يبعث اللّه رجلا في آخر الزمان و كلب من الدهر و جهل من الناس،يؤيّده اللّه بملائكته،و يعصم أنصاره،و ينصره بآياته،و يظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعا و كرها،يملأ الأرض قسطا و عدلا و نورا و برهانا،يدين له عرض البلاد و طولها،لا يبقى كافر إلاّ آمن به،و لا طالح إلاّ صلح،و تصطلح في ملكه السباع،و تخرج الأرض نبتها،و تنزل السماء بركتها،و تظهر له الكنوز،يملك ما بين الخافقين أربعين يوما، فطوبى لمن أدرك أيّامه و سمع كلامه (1).

1006-روى أبو الفرج الأصبهانيّ بإسناده عن الشعبيّ،عن سفيان بن أبي ليلى،قال:

أتيت الحسن بن عليّ حين بايع معاوية،فوجدته بفناء داره و عنده رهط،فقلت:السلام عليك يا مذلّ المؤمنين،فقال:عليك السلام يا سفيان،انزل،فنزلت فعقلت راحلتي،ثمّ أتيته فجلست إليه،فقال:كيف قلت يا سفيان؟فقلت:السلام عليك يا مذلّ المؤمنين!فقال:

ما جرّ هذا منك إلينا؟فقال:أنت و اللّه،بأبي أنت و امّي،أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة،و سلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد،و معك مائة ألف،كلّهم يموت دونك،و قد جمع اللّه لك أمر الناس.

فقال:يا سفيان،إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به،و إنّي سمعت عليّا يقول:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:لا تذهب الليالي و الأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الأمّة على رجل واسع السرم،ضخم البلعوم،يأكل و لا يشبع،لا ينظر اللّه إليه،و لا يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر و لا في الأرض ناصر،و انّه لمعاوية،و إنّي عرفت أنّ اللّه بالغ أمره.

ثمّ أذّن المؤذّن،فقمنا على حالب يحلب ناقة،فتناول الإناء فشرب قائما ثمّ سقاني، فخرجنا نمشي إلى المسجد،فقال لي:

ما جاءنا بك يا سفيان؟قلت:حبّكم و الّذي بعث محمّدا بالهدى و دين الحقّ.قال:

فأبشر يا سفيان،فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:يرد عليّ الحوض أهل بيتي و من2.

ص: 509


1- -الاحتجاج 290/2؛بحار الأنوار 20/44؛منن الرحمن 42/2.

أحبّهم من أمّتي كهاتين-يعني السبّابتين-و لو شئت لقلت:

هاتين يعني السبّابة و الوسطى،إحداهما تفضل على الاخرى.فأبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ و الفاجر حتّى يبعث اللّه إمام الحقّ من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله (1).

1007-أخبر الإمام المهديّ صلّى اللّه عليه و آله عليّ بن زياد أنّه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له كفنا (2).

1008-عن بدر غلام أحمد بن الحسن،قال:لمّا مات يزيد بن عبد الملك أوصى إليّ أن أدفع الشهري و السمند و السيف و المنطقة إلى مولاه،فقوّمتها في نفسي بسبعمائة دينار، و لم أطّلع أحدا،فإذا الكتاب من العراق:وجّه بالسبعمائة دينار الّتي لنا قبلك عن الشهري و السمند و السيف و المنطقة (3).

1009-عن أبي القاسم،قال:حججت في السنة الّتي أمرت القرامطة فيها بردّ الحجر إلى مكانه،فكان أكبر همّي مشاهدة من يضعه،فمرضت في الطريق،فاستنبت معروف بن هشام،و أعطيته رقعة أسأله فيها عن مدّة عمري.

قال معروف:فكلّما وضعه شخص لم يستقرّ،فوضعه شاب أسمر فاستقرّ،و انصرف فتبعته اخراه و هو يمشي و لم ألحقه،فالتفت إليّ و قال:هات الرقعة،فناولته إيّاها فقال:- من غير أن ينظر فيها-لا عليه من هذه العلّة بأس،و سيكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة، فكان كما قال (4).

1010-قال أبو محمّد الدعجليّ:رأيته عليه السّلام بالموقف،فقال:يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين يوما،فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت (5).

1011-حمل أحمد بن إسحاق إلى العسكريّ عليه السّلام جرابا فيه صرر،فالتفت عليه السّلام إلى ابنه و قال:هذه هدايا موالينا،فقال الغلام:لا تصلح لأنّ فيها حلالا و حراما،فأخرجت،ففرّق بينها و أعلم بكميّة كلّ صرّة قبل فتحها (6).ر.

ص: 510


1- -مقاتل الطالبيّين 43-44؛بحار الأنوار 59/44.
2- -الصراط المستقيم 211/2.
3- -نفس المصدر.
4- -الصراط المستقيم 213/2.
5- -الصراط المستقيم 213/2.
6- -نفس المصدر.

1012-أخبر الإمام عليه السّلام الأسترآباديّ بأنّ معه خرقة خضرة فيها ثلاثون دينارا منها واحد شاميّ،فقال:هاتها،فأخرجها فكانت كما قال (1).

1013-قال العمريّ:أنفذ إليّ رجل مالا فردّه،و قال:أخرج حقّ ولد عمّك منه،و هو أربعمائة،فتعجّب الرجل،و حسب فوجد ذلك فيه،ثمّ قبله عليه السّلام (2).

1014-و روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (3)قال:يخبر اللّه رسوله الّذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار،و ما يكون بعده من أخبار القائم عليه السّلام،و الرجعة،و القيامة (4).5.

ص: 511


1- -نفس المصدر.
2- -نفس المصدر.
3- -الجنّ:27.
4- -تفسير القمّيّ 391/2؛تفسير الصافي 238/5.

سورة المدّثّر

الآية الاولى قوله تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (1).

1015-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:إنّ عليّا عليه السّلام كان عندكم فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار،القميص إلى فوق الكعب،و الإزار إلى نصف الساق،و الرداء من بين يديه إلى ثدييه،و من خلفه إلى أليتيه،ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد اللّه على ما كساه حتّى دخل المنزل.

ثمّ قال:هذا اللباس و الّذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه،قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:و لكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم،و لو فعلنا لقالوا مجنون،و لقالوا:مراء،و اللّه تعالى يقول:

وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال:و ثيابك ارفعها و لا تجرّها،و إذا قام قائمنا كان على هذا اللباس (2).

الآية الثانية قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (3).

1016-محمّد بن يعقوب،بإسناده عن المفضّل بن عمر:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال:إنّ منّا إماما مظفّرا مستترا،فإذا أراد اللّه عزّ و جلّ

ص: 512


1- -المدثّر:4.
2- -تفسير البرهان 369/4 ح 2.
3- -المدّثّر:8-10.

إظهار أمره،نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر اللّه تعالى (1).

2-الشيخ المفيد،عن محمّد بن يعقوب رحمه اللّه بإسناده عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:انّه سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال:إنّ منّا إماما يكون مستترا،فإذا أراد اللّه إظهار أمره،نكت في قلبه نكتة فنهض فقام بأمر اللّه عزّ و جلّ.

و في حديث آخر عنه عليه السّلام قال:إذا نقر في اذن القائم عليه السّلام،اذن له في القيام (2).

3-و روى بإسناده عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قوله عزّ و جلّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال:الناقور هو النداء من السماء:ألا إنّ وليّكم اللّه و فلان بن فلان القائم بالحقّ،ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ يعني بالكافرين المرجئة الّذين كفروا بنعمة اللّه و بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (3).

4-الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن تفسير جابر؟قال:لا تحدّث به السفلة فيذيعوه،أ ما تقرأ في كتاب اللّه عزّ و جلّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ إنّ منّا إماما مستترا،فإذا أراد اللّه عزّ و جلّ إظهار أمره،نكت في قلبه نكتة فظهر و أمر بأمر اللّه عزّ و جلّ (4).

الآية الثالثة قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً (5).

1017-شرف الدّين النجفيّ في الحديث السابق،عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً قال:فالنار هو القائم عليه السّلام الّذي قد أنار ضوؤه و خروجه لأهل المشرق و المغرب،و الملائكة هم الّذين يملكون علم آل محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين.

و قوله: وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا قال:يعني المرجئة.1.

ص: 513


1- -الكافي 343/1.
2- -تفسير البرهان 400/4 ح 2.
3- -نفس المصدر 400/4 ح 3.
4- -كمال الدّين 349/2.
5- -المدّثّر:31.

و قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ قال عليه السّلام:هم الشيعة و هم أهل الكتاب،و هم الّذين اوتوا الكتاب و الحكم و النبوّة.

و قوله تعالى: وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي لا يشكّ الشيعة و هم أهل الكتاب في شيء من أمر القائم عليه السّلام.

و قوله: وَ ما هِيَ إِلاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ قال:يعني اليوم قبل خروج القائم عليه السّلام من شاء قبل الحق و تقدّم إليه،و من شاء تأخّر عنه.

و قوله: وَ كُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ قال عليه السّلام:يعني بيوم الدّين خروج القائم عليه السّلام.

ثمّ قال اللّه تعالى: كَلاّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ قال:هي دولة القائم عليه السّلام...الحديث (1).

الآية الرابعة قوله تعالى: وَ كُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتّى أَتانَا الْيَقِينُ (2).

1018-روى فرات الكوفيّ،عن أبي القاسم العلويّ معنعنا عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (3)قال:نحن و شيعتنا،و قال أبو جعفر:همّ شيعتنا أهل البيت فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ يعني لم يكونوا من شيعة عليّ بن أبي طالب؛ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ فذاك يوم القائم عليه السّلام؛و هو يوم الدّين. وَ كُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتّى أَتانَا الْيَقِينُ يوم القائم فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ فما ينفعهم شفاعة مخلوق و لن يشفع لهم رسول اللّه يوم القيامة (4).3.

ص: 514


1- -تأويل الآيات الظاهرة 734/2-735 ح 6.
2- -المدّثّر:48.
3- -المدّثّر:38.
4- -تفسير فرات الكوفي 514 ح 673.

سورة الإنسان

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (1).

إشاءة الأئمّة عليهم السّلام من إشاءة اللّه عزّ و جلّ

1019-جاء كامل المدنيّ يسأل العسكريّ عن مقالة المفوّضة،قال:فلمّا وصلت قلت في نفسي:أرى انّه لن يدخل الجنّة إلاّ أهل المعرفة ممّن عرف معرفتي،فخرج فتى إلينا ابن أربع سنين و نحوها،فقال مبتدئا باسمي:جئت تسأل عن أنّه هل يدخل الجنّة إلاّ من قال بمقالتك؟قلت:نعم،قال:إذا يقلّ داخلها،و اللّه ليدخلنّها قوم يقال لهم الحقّية يحلفون بحقّ عليّ و لا يعرفون حقّه،و جئت تسأل عن مقالة المفوّضة،كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة اللّه،قال:فنظر إليّ العسكريّ عليه السّلام و قال:ما جلوسك و قد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي.

و أسند ذلك جعفر بن محمّد إلى محمّد بن أحمد الأنصاريّ،قال أبو نعيم:و حدّثني كامل بذلك،و رواه أيضا أحمد بن عليّ برجاله إلى أبي نعيم (2).

1020-روى سعد بن عبد اللّه بإسناده عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام،قال:انّ اللّه تبارك و تعالى جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته،و إذا شاء شيئا شاؤه و هو قوله: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (3).

ص: 515


1- -المدّثّر:30.
2- -الصراط المستقيم 210/2.
3- -تفسير البرهان 416/4 ح 1.

سورة النازعات

الآية الاولى قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها (1).

1021-و بالإسناد عن المفضّل بن عمر،قال:سألت سيّدي الصادق عليه السّلام:هل للمأمور المنتظر المهديّ عليه السّلام من وقت مؤقت يعلمه الناس؟

فقال:حاش للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.

قلت:يا سيّدي و لم ذاك؟

قال:لأنّه هو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (2)الآية،و هو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها و قال: عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ (3)و لم يقل أنّها عند أحد،و قال: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (4)و قال:

اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ 5 و قال: ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (5)يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ*أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي

ص: 516


1- -النازعات:42.
2- -الأعراف:187.
3- -لقمان:34؛الزخرف:61.
4- -سورة محمّد:18.
5- -الأحزاب:63.

اَلسّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ 1 .

قلت:فما معنى يمارون؟

قال:يقولون متى ولد؟و من رأى؟و أين يكون؟و متى يظهر؟و كلّ ذلك استعجالا لأمر اللّه،و شكّا في قضائه،و دخولا في قدرته،اولئك الّذين خسروا الدنيا،و إنّ للكافرين لشرّ مآب... (1).

1022-النعمانيّ:عن الرضا عليه السّلام،قيل له:متى يقوم القائم؟قال:أمّا متى فإخبار عن الوقت،و لقد حدّثني أبي عن أبيه،عن آبائه عن،عليّ عليهم السّلام:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له:متى يخرج القائم من ذرّيتك؟فقال،مثله مثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السموات و الأرض لا تأتيكم إلاّ بغتة (2).

1023-المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة عليه السّلام:محمّد بن العبّاس:بإسناده عن زرارة بن أعين،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً (3)قال:هي ساعة القائم عليه السّلام تأتيهم بغتة (4).

1024-محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة،بإسناده عن أبي الصامت،قال:قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:الليل اثنتا عشرة ساعة،و النهار اثنتا عشرة ساعة، و الشهور اثنا عشر شهرا،و الأئمّة اثنا عشر إماما،و النقباء اثنا عشر نقيبا،و انّ عليّا عليه السّلام ساعة من اثنى عشرة ساعة،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً 6 (5).3.

ص: 517


1- -مرّ الحديث بتمامه في سورة الأعراف،الآية 186،فراجع.
2- -كتاب النوادر للمولى محسن الكاشاني:172.
3- -الزخرف:66.
4- -تأويل الآيات الظاهرة 571/2 ح 46؛المحجّة 101.
5- -الغيبة للنعمانيّ 84 ح 13.

سورة التكوير

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ (1).

1025-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن امّ هانئ،قالت:لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،فسألته عن هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ فقال:امام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستّين و مائتين،ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد في ظلمة الليل،فإن أدركت ذلك قرّت عيناك (2).

1026-و روى الكلينيّ أيضا بإسناده عن محمّد بن إسحاق،عن امّ هاني،قالت:سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ قالت،فقال:إمام يخنس سنة ستين و مائتين،ثمّ يظهر كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء، و إذا(فإن)أدركت زمانه قرّت عينك (3).

تفسير للمجلسيّ

قال البيضاوي:«بالخنّس»بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخّر،و هي ما سوى

ص: 518


1- -التكوير:15.
2- -الكافي 341/1 ح 22.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 770/2 ح 16.

التزيّن من السيارات،الجوار«الكنس»أي السيارات الّتي تختفي تحت ضوء الشمس، من كنس الوحش إذا دخل كناسته-انتهى (1).

1027-روى محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة،بإسناده عن امّ هاني،قالت:

قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام:ما معنى قول اللّه عزّ و جلّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ فقال لي:يا امّ هاني،إمام يخنس نفسه حتّى ينقطع عن الناس علمه سنة ستّين و مائتين،ثمّ يبدو كالشهاب الثاقب الواقد في الليلة الظلماء،فان أدركت ذلك الزمان قرّت عينك (2).

قال مؤلّف هذا الكتاب:سنة ستّين و مائتين سنة وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ أبي القائم عليهما السّلام.

مولد المهديّ عليه السّلام برواية ابن حمزة

1028-روى الفقيه عماد الدّين أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي المعروف بابن حمزة، بإسناده عن حكيمة بنت محمّد عليه السّلام في حديث طويل،قالت:

دخلت على أبي محمّد صلوات اللّه عليه،فلمّا أردت الانصراف قال:بيّتي الليلة عندنا،فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللّه عزّ و جلّ،الّذي يحيي اللّه عزّ و جلّ به الأرض بعد موتها،قلت:ممّن يا سيّدي،و لست أرى بنرجس شيئا من الحبل؟قال:من نرجس لا من غيرها.

قالت:فقمت إليها فقلّبتها ظهرا و بطنا،فلم أر بها أثر حبل،فعدت إليه،فأخبرته بما فعلته،فتبسّم،ثمّ قال:إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل،لأنّ مثلها مثل امّ موسى لم يظهر بها الحبل،و لم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها،لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبلى في طلب موسى،و هذا نظير موسى صلوات اللّه عليهما.

قالت حكيمة:فعدت إليها و أخبرتها.قالت:و سألتها عن حالها،فقالت:يا مولاتي،ما أرى بي شيئا من هذا.

قالت حكيمة:فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر،و هي نائمة بين يدي تتقلّب

ص: 519


1- -بحار الأنوار 51/51.
2- -الغيبة للنعمانيّ 75.

جنبا إلى جنب،حتّى إذا كان آخر الليل،وقت طلوع الفجر،و ثبت فزعة،فضممتها إلى صدري و سمّيت عليها،فقلت لها:ما حالك؟قالت:ظهر بي الأمر الّذي أخبرك مولاي.

فصاح أبو محمّد عليه السّلام:اقرئي عليها: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني،فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ و سلّم عليّ.

قالت حكيمة:ففزعت لما سمعت،فصاح بي أبو محمّد صلوات اللّه عليه:لا تعجبي من أمر اللّه،إنّ اللّه ينطقنا بالحكمة صغارا،و يجعلنا حججا في أرضه كبارا،فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس،فلم أرها،كأنّما ضرب بيني و بينها حجاب،فعدوت نحو أبي محمّد صلوات اللّه عليه و أنا صارخة،فقال لي:ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.

قالت:فرجعت،فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني و بينها،و إذا أنا بها و عليها من أثر النور ما غشي بصري،و إذا بالصبي ساجد بوجهه،جاث على ركبتيه،رافع سبّابتيه نحو السماء،و هو يقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،وحده لا شريك له،و أشهد أنّ جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أنّ أبي أمير المؤمنين،ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه،ثمّ صلّى عليهم،ثمّ قال صلوات اللّه عليه:اللهمّ أنجز لي ما ودعتني،و تمّم لي أمري،و ثبّت وطأتي،و املأ الأرض بي عدلا و قسطا،فصاح بي أبو محمّد و قال:يا عمّة تناوليه و هاتيه،فتناولته و أتيت به نحوه،فلمّا مثّلته بين يدي أبيه،و هو على يدي،سلّم على أبيه،فتناوله منّي و الطير يرفرف على رأسه-الحديث (1).8.

ص: 520


1- -الثاقب في المناقب 201 ح 178.

سورة الانشقاق

الآية الاولى قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (1).

1029-الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن حنان بن سدير،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها،فقلت له:و لم ذاك يا ابن رسول اللّه؟قال عليه السّلام:لأنّ اللّه عزّ و جلّ أبى إلاّ أن يجري فيه سنن الأنبياء عليهم السّلام في غيباتهم و إنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم،قال اللّه عزّ و جلّ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي على سنن من كان قبلكم (2).

1030-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه عن نعيم بإسناده عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

ستأخذ امّتي أخذ الامم قبلها شبرا بشبر،فقال رجل:كما فعلت فارس و الروم؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و هل الناس إلاّ أولئك؟ (3).

1031-و روى أيضا من كتاب الفتن للسليليّ،بإسناده عن أبي هريرة،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

لا تقوم الساعة حتّى تأخذ امّتي مأخذ الامم و القرون الماضية قبلها شبرا بشبر و ذراعا بذراع،فقال رجل:يا رسول اللّه كما فعلت فارس و الروم؟قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و هل الناس

ص: 521


1- -الانشقاق:19.
2- -كمال الدّين 480/2؛بحار الأنوار 90/52.
3- -التشريف بالمنن 201 ب 203.

إلاّ اولئك؟ (1).

1032-و رواه السليليّ بطريق آخر:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع،حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لاتّبعتموهم...الحديث (2).

1033-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه عن زكريّا بإسناده عن عبد اللّه بن عمرو،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ليأتينّ على امّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل،حتّى لو كان من أتى امّه علانية لكان في امّتي من يصنع ذلك،و إنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين و سبعين فرقة،و إنّ امّتي ستفترق على ثلاث و سبعين فرقة،كلّهم في النار إلاّ ملّة واحدة...

الحديث (3).

1034-و روى السيّد ابن طاوس فيما ذكره زكريّا في كتاب الفتن،بإسناده عن كثير بن عبد اللّه عن أبيه،عن جدّه قال:كنّا قعودا حول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مسجده بالمدينة،فقال:

لتسلكنّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل،و لتأخذنّ بمثل أخذهم،إن شبرا فشبر، و إن ذراعا فذراع،و إن باعا فباع،حتّى لو دخلوا جحر ضبّ دخلتم فيه (4).

1035-محمّد بن يعقوب:بإسناده عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى:

لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قال:يا زرارة أو لم تركب هذه الامّة بعد نبيّنا طبقا عن طبق في أمر فلان و فلان و فلان؟ (5).

1036-الطبرسيّ في الاحتجاج:عن أمير المؤمنين عليه السّلام،قوله: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء (6).1.

ص: 522


1- -التشريف بالمنن 262 ب 49.
2- -نفس المصدر.
3- -نفس المصدر 309 ب 7.
4- -نفس المصدر 313 ب 13.
5- -تفسير البرهان 444/4 ح 7.
6- -نفس المصدر 444/4 ح 11.

سورة البروج

الآية الاولى قوله تعالى: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1).

1037-المفيد في كتاب الاختصاص:بإسناده عن الأصبغ بن نباتة،قال:سمعت ابن عبّاس يقول:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ذكر اللّه عزّ و جلّ عبادة،و ذكري عبادة،و ذكر عليّ عبادة،و ذكر الأئمّة من ولده عبادة،و الّذي بعثني بالنبوّة و جعلني خير البريّة،إنّ وصيّي لأفضل الأوصياء،و إنّه لحجّة اللّه على عباده و خليفته على خلقه،و من ولده الأئمّة الهداة بعدي،بهم يحبس اللّه العذاب عن أهل الأرض،و بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه،و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم،و بهم يسقي خلقه الغيث،و بهم يخرج النبات، اولئك أولياء اللّه حقّا و خلفاؤه صدقا،عدّتهم عدّة الشهور و هي اثنا عشر شهرا،و عدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران،ثمّ تلا هذه الآية: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ .ثمّ قال:أ تقدر يا ابن عبّاس إنّ اللّه يقسم بالسماء ذات البروج و يعني به السماء و بروجها؟قلت:يا رسول اللّه فما ذاك؟قال:فأمّا السماء فأنا،و أمّا البروج فالأئمّة بعدي،أوّلهم عليّ و آخرهم المهديّ عليه السّلام (2).

الآية الثانية قوله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَ أَكِيدُ كَيْداً* فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ

ص: 523


1- -البروج:1.
2- -الاختصاص 244.

أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً 1 .

1038-عليّ بن إبراهيم بإسناده عن ابن أبي حمزة،عن أبيه،عن أبي بصير في قوله:

فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ قال عليه السّلام:ما له قوّة يقوى بها على خالقه،و لا ناصر من اللّه ينصره إن أراد به سوءا.

قلت: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً ؟

قال:كادوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و كادوا عليّا عليه السّلام،و كادوا فاطمة عليها السّلام،فقال اللّه يا محمّد:

إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ -يا محمّد- أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً لوقت بعث القائم عليه السّلام،فينتقم له من الجبابرة و الطواغيت من قريش و بني اميّة و سائر الناس (1).2.

ص: 524


1- -تفسير القمّيّ 416/2.

سورة الغاشية

الآية الاولى قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (1).

1039-محمّد بن يعقوب بإسناده عن سهل،عن محمّد،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:قلت: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ ؟قال عليه السّلام:يغشاهم القائم عليه السّلام بالسيف،قال:قلت:

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ؟قال:خاشعة لا تطيق الامتناع،قال:قلت: عامِلَةٌ ؟قال:عملت بغير ما أنزل اللّه،قال:قلت: ناصِبَةٌ ؟قال:نصبت غير ولاة الإمام،قال:قلت: تَصْلى ناراً حامِيَةً ؟قال:تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم عليه السّلام،و في الآخرة نار جهنّم (2).

ص: 525


1- -الغاشية:1-3.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 787/2 ح 3.

سورة الفجر

الآية الاولى قوله تعالى: وَ الْفَجْرِ* وَ لَيالٍ عَشْرٍ* وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ* وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (1).

1040-شرف الدّين النجفيّ رحمه اللّه بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:قوله عزّ و جلّ: وَ الْفَجْرِ الفجر هو القائم عليه السّلام، وَ لَيالٍ عَشْرٍ الأئمّة عليهم السّلام من الحسن إلى الحسن، وَ الشَّفْعِ أمير المؤمنين و فاطمة عليهما السّلام، وَ الْوَتْرِ هو اللّه وحده لا شريك له، وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ هي دولة حبتر،فهي تسري إلى دولة القائم عليه السّلام (2).

الآية الثانية قوله سبحانه: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (3).

1041-روى الثقة الصفّار خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون،و جاء فيها:

و تخرج لهم الأرض كنوزها،و يقول القائم عليه السّلام،كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام،فيومئذ تأويل هذه الآية: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (4).

ص: 526


1- -الفجر:1-4.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 792/2 ح 1.
3- -الفجر:22.
4- -تفسير البرهان 467/4 ح 11.

سورة الشمس

الآية الاولى قوله تعالى: وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها (1).

1042-روى شرف الدّين النجفيّ في حديث له بإسناده عن الحلبيّ،و رواه أيضا عليّ بن الحكم،عن المفضّل أبي العبّاس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها الشمس أمير المؤمنين،«و ضحاها»قيام القائم لأنّ اللّه سبحانه قال: وَ أَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًى (2). وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها الحسن و الحسين. وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها قال:هو قيام القائم...

الحديث (3).

ص: 527


1- -الشمس:3.
2- -طه:59.
3- -تأويل الآيات الظاهرة 803/2 ح 1.

سورة الليل

الآية الاولى قوله تعالى: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى* وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّى (1).

1043-و بالإسناد عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى قال:الليل في هذا الموضع:فلان،غشى أمير المؤمنين عليه السّلام في دولته الّتي جرت له عليه،و أمر أمير المؤمنين عليه السّلام أن يصبر في دولتهم حتّى تنقضي.

قال: وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّى قال:النهار هو القائم منّا أهل البيت عليهم السّلام،إذا قام غلب دولة الباطل،و القرآن ضرب فيه الأمثال للناس،و خاطب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله به و نحن،فليس يعلمه غيرنا (2).

الآية الثانية قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى (3).

1044-روى شرف الدّين النجفيّ في معنى السورة،قال:جاء مرفوعا عن عمرو بن شمر،عن جابر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى قال:دولة إبليس لعنه اللّه إلى يوم القيامة،و هو يوم قيام القائم عليه السّلام وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّى و هو القائم إذا قام.

و قوله: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى أعطى نفسه الحقّ و اتّقى الباطل.

ص: 528


1- -الليل:1 و 2.
2- -تفسير القمّيّ 425/2.
3- -الليل:14.

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى أي الجنّة.

وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى يعني بنفسه عن الحقّ،و استغنى بالباطل عن الحقّ.

وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى بولاية عليّ بن أبي طالب و الأئمّة عليهم السّلام من بعده.

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى يعني النار.

و أمّا قوله: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى يعني أنّ عليّا عليه السّلام هو الهدى.

وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى* فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى قال:القائم عليه السّلام إذا قام للغضب فيقتل من كلّ الف تسعمائة و تسع و تسعين.

لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى قال:هو عدوّ آل محمّد عليهم السّلام.

وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى قال:ذاك أمير المؤمنين عليه السّلام و شيعته (1).1.

ص: 529


1- -تأويل الآيات الظاهرة 807/2-808 ح 1.

سورة الضحى

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (1).

فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهديّ عليه السّلام

1045-روى العلاّمة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدّس سرّه،بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد و أبي الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار-و كانا من الشيعة الإماميّة-قالا:حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام،قال:حدّثني أبي، عن آبائه عليهم السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:أشدّ من يتم اليتيم الّذي انقطع من امّه و أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه و لا يقدر على الوصول إليه،و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه،ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا،و هذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره،ألا فمن هداه و أرشده و علّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق (الرفيع)الأعلى.

1046-و بهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهما السّلام قال:قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى

ص: 530


1- -الضحى:9.

نور العلم الّذي حبوناه به،جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء لجميع أهل العرصات،و حلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها،ثمّ ينادي مناد:يا عباد اللّه هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد،ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله، فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان،فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيرا،أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا،أو أوضح له عن شبهة (1).

1047-و بهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام،قال:قال الحسن ابن عليّ عليهما السّلام:فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه،الناشب في رتبة الجهل، يخرجه من جهله و يوضّح له ما اشتبه عليه،على فضل كافل يتيم يطعمه و يسقيه كفضل الشمس على السماء (2).

1048-و بهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام،قال:قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام:من كفل لنا يتيما قطعته عنّا محنتنا باستتارنا،فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده و هداه،قال اللّه عزّ و جلّ:أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه،أنا أولى بالكرم منك،اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر، و ضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعيم (3).

1049-و بهذا الإسناد عنه عليه السّلام،قال:قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام:العالم كمن معه شمعة تضيء للناس،فكلّ من أبصر بشمعته دعا بخير،كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل و الحيرة،فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة،أو نجا بها من جهل،فهو من عتقائه من النار،و اللّه يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه الّذي أمر اللّه عزّ و جلّ به،بل تلك الصدقة وبال على صاحبها، لكن يعطيه اللّه ما هو أفضل من مائة الف ركعة يصلّيها من بين يدي الكعبة (4).

1050-و بهذا الإسناد عنه عليه السّلام،قال:قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام:علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس و عفاريته،يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا و عن أن يتسلّط عليهم إبليس و شيعته و النواصب،ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا،كان3.

ص: 531


1- -الاحتجاج 6/1-13.
2- -الاحتجاج 6/1-13.
3- -الاحتجاج 6/1-13.
4- -الاحتجاج 6/1-13.

أفضل ممّن جاهد الروم و الترك و الخزر الف الف مرّة لأنّه يدفع عن أديان محبّينا و ذلك يدفع عن أبدانهم (1).

1051-و عنه عليه السّلام بالإسناد المتقدّم،قال:قال موسى بن جعفر عليهما السّلام:فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا و عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه،أشدّ على إبليس من ألف عابد(و في نسخة:الف الف عابد)لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط،و هذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد اللّه و إمائه لينقذهم من يد إبليس و مردته،فلذلك هو أفضل عند اللّه من ألف عابد و ألف ألف عابدة (2).

1052-و عنه عليه السّلام،قال:قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام:يقال للعابد يوم القيامة:نعم الرجل كنت همّتك ذات نفسك و كفيت مئونتك فادخل الجنّة،ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره،و أنقذهم من أعدائهم،و وفّر عليهم نعم جنان اللّه تعالى،و حصّل لهم رضوان اللّه تعالى،و يقال للفقيه:يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد،الهادي لضعفاء محبّيهم و مواليهم، قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك،فيقف فيدخل الجنّة معه فئاما و فئاما و فئاما-حتّى قال عشرا-و هم الّذين أخذوا عنه علومه،و أخذوا عمّن أخذ عنه،و عمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة،فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين (3).

1053-و عنه عليه السّلام،قال:قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما السّلام:من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم،المتحيّرين في جهلهم،الأسارى في أيدي شياطينهم و في أيدي النواصب من أعدائنا،فاستنقذهم منهم،و أخرجهم من حيرتهم،و قهر الشياطين بردّ وساوسهم،و قهر الناصبين بحجج ربّهم و دلائل أئمّتهم،ليحفظوا عهد اللّه على العباد بأفضل الموانع،بأكثر من فضل السماء على الأرض و العرش و الكرسيّ و الحجب على السماء،و فضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء (4).

1054-و عنه عليه السّلام،قال:قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام:لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السّلام من العلماء الداعين إليه،و الدالّين عليه،و الذابّين عن دينه بحجج اللّه،و المنقذين لضعفاء عباد اللّه من شباك إبليس و مردته و من فخاخ النواصب،لما بقى أحد إلاّ ارتدّ عن دين اللّه،3.

ص: 532


1- -الاحتجاج 6/1-13.
2- -الاحتجاج 6/1-13.
3- -الاحتجاج 6/1-13.
4- -الاحتجاج 6/1-13.

و لكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، اولئك هم الأفضلون عند اللّه عزّ و جلّ.

1055-و عن الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السّلام قال:يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا و أهل ولايتنا يوم القيامة و الأنوار تسطع من تيجانهم،على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء،قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة و دورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة،فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها كلّها،فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه و من ظلمة الجهل علّموه،و من حيرة التيه أخرجوه إلاّ تعلّق بشعبة من أنوارهم،فرفعتهم إلى العلوّ حتّى تحاذى بهم فوق الجنان،ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار استاديهم و معلّميهم، و بحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون،و لا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلاّ عميت عينه و أصمّت اذنه و أخرس لسانه و تحوّل عليه أشدّ من لهب النيران،فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعّونهم إلى سواء الجحيم.

1056-و قال أيضا أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهما السّلام:إنّ محبّي آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله مساكين، مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء،و هم الّذين سكنت جوارحهم و ضعفت قواهم من مقاتلة أعداء اللّه الّذين يعيّرونهم بدينهم و يسفّهون أحلامهم،ألا فمن قوّاهم بفقهه و علمه حتّى أزال مسكنتهم،ثمّ يسلّطهم على الأعداء الظاهرين النواصب،و على الأعداء الباطنين إبليس و مردته حتّى يهزموهم عن دين اللّه يذودوهم عن أولياء آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حوّل اللّه تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم،قضى اللّه تعالى بذلك قضاء حقّا على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

1057-و قال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام:قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:من قوّى مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته،على ناصب مخالف فأفحمه،لقّنه اللّه تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول:اللّه ربّي،و محمّد نبيّي،و عليّ وليّي،و الكعبة قبلتي،و القرآن بهجتي و عدّتي،و المؤمنون إخواني.فيقول اللّه:أدليت بالحجّة فوجبت لك أعالي درجات الجنّة، فيتحوّل عليه قبره أنزه رياض الجنّة (1).

ص: 533


1- -الاحتجاج 6/1-13.

1058-و قال أبو محمّد عليه السّلام:قالت فاطمة عليها السّلام و قد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شيء من أمر الدّين،إحداهما معاندة و الاخرى مؤمنة،ففتحت على المؤمنة حجّتها فاستظهرت على المعاندة،ففرحت فرحا شديدا،فقالت فاطمة:إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ عليها من فرحك،و إنّ حزن الشيطان و مردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها،و انّ اللّه عزّ و جلّ قال للملائكة:أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها،و اجعلوا هذه سنّة في كلّ من يفتح على أسير مسكين فيغلب معاندا مثل ألف ألف ما كان له معدّا من الجنان (1).

1059-و قال أبو محمّد عليهما السّلام:قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و قد حمل إليه رجل هدية فقال له:أيّما أحبّ إليك أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفا-يعني عشرين ألف درهم-أو أفتح لك بابا من العلم تقهر فلانا الناصبيّ في قريتك،تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين،و ان أسأت الاختيار خيّرتك لتأخذ أيّهما شئت.فقال:يا ابن رسول اللّه فثوابي في قهري ذلك الناصب و استنقاذي لاولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟قال:بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة.

قال:يا ابن رسول اللّه فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل،الكلمة الّتي أقهر بها عدوّ اللّه و أذوده عن أوليائه.

فقال الحسن بن عليّ عليهما السّلام:قد أحسنت الاختيار،و علّمه الكلمة و أعطاه عشرين ألف درهم،فذهب فأفحم الرجل،فاتّصل خبره به،فقال له حين حضر معه:يا عبد اللّه ما ربح أحد مثل ربحك،و لا اكتسب أحد من الأودّاء مثل ما اكتسبت مودّة اللّه أوّلا و مودّة محمّد و عليّ ثانيا،و مودّة الطيّبين من آلهما ثالثا،و مودّة ملائكة اللّه تعالى المقرّبين رابعا،و مودّة إخوانك المؤمنين خامسا،و اكتسبت بعدد كلّ مؤمن و كافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة، فهنيئا لك هنيئا (2).

1060-و قال أبو محمّد عليهما السّلام:قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام:من كان همّه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين حميّة لنا أهل البيت،يكسرهم عنهم،و يكشف عن

ص: 534


1- -الاحتجاج 6/1-13.
2- -الاحتجاج 6/1-13.

مخازيهم،و يبيّن عوارهم،و يفخّم أمر محمّد و آله،جعل اللّه تعالى همّة أملاك الجنان في بناء قصوره و دوره،يستعمل بكلّ حرف من حروف حججه على أعداء اللّه أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا،قوّة كلّ واحد يفضل عن حمل السماوات و الأرضين،فكم من بناء و كم من نعمة و كم من قصور لا يعرف قدرها إلاّ ربّ العالمين (1).

1061-و قال أبو محمّد عليهما السّلام:قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام:أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا و موالينا أمامه ليوم فقره و فاقته و ذلّه و مسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبّينا من يد ناصب عدوّ للّه و لرسوله،يقوم من قبره و الملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محلّه من جنان اللّه،فيحملونه على أجنحتهم يقولون له:مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار،و يا أيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار (2).

1062-و قال أبو محمّد عليهما السّلام لبعض تلامذته-لمّا اجتمع إليه قوم من مواليه و المحبّين لآل محمّد رسول اللّه بحضرته،و قالوا:يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّ لنا جارا من النصّاب يؤذينا و يحتجّ علينا في تفضيل الأوّل و الثاني و الثالث على أمير المؤمنين عليه السّلام،و يورد علينا حججا لا ندري كيف الجواب عنها و الخروج منها.

قال:مرّ بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلّمون فتستمع عليهم، فسيستدعون منك الكلام،فتكلّم و أفحم صاحبهم و اكسر عربه،و فلّ حدّه،و لا تبق له باقية.

فذهب الرجل و حضر الموضع و حضروا و كلّم الرجل فأفحمه و صيّره لا يدري في السماء هو أو في الأرض.

قالوا:و وقع علينا من الفرح و السرور ما لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى،و على الرجل و المتعصّبين له من الغمّ و الحزن مثل ما لحقنا من السرور.

فلمّا رجعنا إلى الإمام،قال لنا:إنّ الّذين في السماوات لحقهم من الفرح و الطرب بكسر هذا العدوّ للّه كان أكثر ممّا كان بحضرتكم،و الّذي كان بحضرة إبليس و عتاة مردته من الشياطين من الحزن و الغمّ أشدّ ممّا كان بحضرتهم،و لقد صلّى على هذا العبد الكاسر3.

ص: 535


1- -الاحتجاج 6/1-13.
2- -الاحتجاج 6/1-13.

له ملائكة السماء و الحجب و العرش و الكرسي،و قابلها اللّه تعالى بالإجابة،فأكرم إيابه و عظّم ثوابه،و لقد لعنت تلك الأملاك عدوّ اللّه المكسورة،و قابلها اللّه بالإجابة فشدّد حسابه و أطال عذابه (1).3.

ص: 536


1- -الاحتجاج 6/1-13.

سورة القدر

اشارة

الآية الاولى قوله تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (1).

مقدّرات السنة تتنزّل على أئمّة أهل البيت عليهم السّلام

1063-محمّد بن العبّاس رحمه اللّه بإسناده عن أبي يحيى الصنعانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سمعته يقول:قال لي أبي محمّد عليه السّلام:قرأ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و عنده الحسن و الحسين عليهما السّلام،فقال له الحسين:يا أبتاه كأنّ بها من فيك حلاوة،فقال له:

يا ابن رسول اللّه و ابني،إنّي أعلم فيها ما لا تعلم،انّها لمّا انزلت بعث إليّ جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقرأها عليّ،ثمّ ضرب على كتفي الأيمن و قال:يا أخي و وصيّي و وليّي على امّتي بعدي و حرب أعدائي إلى يوم يبعثون،هذه السورة لك من بعدي و لولدك من بعدك،إنّ جبرئيل أخي عليه السّلام من الملائكة أحدث إليّ أحداث امّتي في سنتها،و اللّه و إنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوّة،و لها نور ساطع في قلبك و قلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم عليه السّلام (2).

ص: 537


1- -القدر:1-5.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 820/2-821 ح 9.

1064-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن أبي جعفر الثاني،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام:

أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لأصحابه:آمنوا بليلة القدر،إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب و ولده الأحد عشر من بعده (1).

1065-روى الثقة الصفّار رحمه اللّه بإسناده عن داود بن فرقد،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ قال:نزل فيها ما يكون من السنة الى السنة من موت أو مولد،قلت له:الى من؟فقال:إلى من عسى أن يكون؟إنّ الناس في تلك الليلة في صلاة و دعاء و مسئلة،و صاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة اليه بأمور السنة من غروب الشمس الى طلوعها من كل أمر،سلام هي له الى أن يطلع الفجر (2).

1066-و روى بالإسناد عن عبد اللّه بن سنان،قال:سألته من النصف من شعبان،فقال:

ما عندي فيه شيء،و لكن إذا كانت ليلة تسع عشر من شهر رمضان قسّم فيها الأرزاق، و كتب فيها الآجال،و خرج فيها صكاك الحاجّ،و اطلع اللّه إلى عباده فغفر اللّه لهم إلاّ شارب الخمر،فإذا كانت ليلة ثلاثة و عشرين فيها يرق كل أمر حكيم،ثم ينهي ذلك و يمضي.قال:

قلت:الى من؟قال:الى صاحبكم،و لو لا ذلك لم يعلم (3).

1067-روى بالإسناد عن ابن أبي عمير،عمّن رواه عن هشام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قول اللّه تعالى في كتابه: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4).

قال:تلك ليلة القدر يكتب فيها وفد الحاجّ و ما يكون فيها من طاعة أو معصية أو موت أو حياة،و يحدث اللّه في الليل و النهار ما يشاء،ثمّ يلقيه إلى صاحب الأرض.

قال الحرث بن المغيرة البصري:قلت:و من صاحب الأرض.

قال صاحبكم (5).

1068-و روى بالإسناد عن أبي الهذيل،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال،قال:يا أبا الهذيل إنا لا يخفى علينا ليلة القدر،إنّ الملائكة يطوفون بنا فيها (6).5.

ص: 538


1- -كمال الدّين 280/1-281 ح 30.
2- -بصائر الدرجات 240 ح 2.
3- -نفس المصدر ح 3.
4- -الدخان:4.
5- -بصائر الدرجات 241 ح 4.
6- -بصائر الدرجات 241 ح 5.

1069-و روى بإسناده عن بريدة،قال:

كنت جالسا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام معه،إذ قال:يا عليّ أ لم أشهدك معي سبعة مواطن:الموطن الخامس ليلة القدر خصّصنا ببركتها ليست لغيرنا (1).

1070-و روى بالإسناد عن الحسن بن العبّاس بن الحريش،قال:عرضت هذا الكتاب على أبي جعفر عليه السّلام فأقرّ به قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

قال عليّ عليه السّلام في صبح أوّل ليلة القدر الّتي كانت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:سلوني فو اللّه لأخبرنّكم بما يكون إلى ثلاثمائة و ستين يوما،من الذرّ فما دونها فما فوقها،ثمّ لأخبرنّكم بشيء من ذلك لا بتكلّف و لا برأي و لا بادّعاء في علم إلاّ من علم اللّه و تعليمه،و اللّه لا يسألني أهل التوراة و لا أهل الانجيل و لا أهل الزبور و لا أهل الفرقان،إلاّ فرّقت بين كلّ أهل كتاب بحكم ما في كتابهم.

قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ رأيت ما تعلمونه في ليلة القدر،هل تمضي تلك السنة و بقي منه شيء لم تتكلّموا به؟قال لا و الّذي نفسي بيده،لو أنّه فيما علمنا في تلك السنة:

أن أنصتوا لأعدائكم،لنصتنا،فالنصت أشدّ من الكلام (2).

1071-و روى بالإسناد عن عمر بن يزيد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ رأيت من لم يقرّ بما يأتكم في ليلة القدر كما ذكر و لم يجحده؟

قال:أما إذا قامت عليه الحجّة من يثق به في علمنا فلم يثق به،فهو كافر،و أمّا من لم يسمع ذلك،فهو في عذر حتى يسمع.

ثمّ قال عليه السّلام:يؤمن باللّه و يؤمن للمؤمنين (3).

1072-و روى الثقة الصفّار رحمه اللّه بإسناده عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هبط جبرئيل و معه الملائكة و الروح الّذين كانوا يهبطون في ليلة القدر،قال:ففتح لأمير المؤمنين عليه السّلام بصره،فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون النّبي صلّى اللّه عليه و آله معه و يصلّون معه عليه و يحفرون له،و اللّه ما حفر له غيرهم،حتّى إذا5.

ص: 539


1- -نفس المصدر 242 ح 9.
2- -نفس المصدر 242-243 ح 12.
3- -بصائر الدرجات 244 ح 15.

وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه،فتكلّم و فتح لأمير المؤمنين عليه السّلام سمعه،فسمعه يوصيهم به فبكى،و سمعهم يقولون:لا نألوه جهدا،و إنّما هو صاحبنا بعدك إلاّ أنّه ليس يعايننا ببصره بعد مرّتنا هذه.

حتّى إذا مات أمير المؤمنين عليه السّلام رأى الحسن و الحسين مثل ذلك الّذي رأى،و رأيا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيضا يعين الملائكة مثل الّذي صنعوه بالنّبيّ،حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسين مثل ذلك،و رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّا عليه السّلام يعينان الملائكة،حتّى إذا مات الحسين رأى عليّ بن الحسين منه مثل ذلك،و رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّا و الحسن يعينون الملائكة،حتى إذا مات عليّ بن الحسين رأى محمّد بن عليّ عليه السّلام مثل ذلك،و رأى جعفر مثل ذلك و رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّا عليه السّلام و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين يعينون الملائكة،حتى إذا مات جعفر،رأى موسى منه مثل ذلك،هكذا يجري إلى آخرها (1).

1073-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

قال اللّه عزّ و جل في ليلة القدر: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يقول:ينزل فيها كل أمر حكيم،و المحكم ليس بشيئين،إنّما هو شيء واحد،فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم اللّه عزّ و جل،و من حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب،فقد حكم بحكم الطاغوت،إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة،يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا و كذا،و في أمر الناس بكذا و كذا،و إنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كل يوم علم اللّه عزّ و جلّ الخاصّ و المكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك السنة من الأمر،ثمّ قرأ: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (2).

1074-روى عليّ بن إبراهيم القمّي في قوله: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ قال:فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة،و على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في طول ثلاث و عشرين سنة.

وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ و معنى ليلة القدر أنّ اللّه يقدّر فيها الآجال و الأرزاق و كلّ3.

ص: 540


1- -نفس المصدر 245 ح 17.
2- -الكافي 248/1 ح 3.

أمر يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شرّ،كما قال اللّه:

فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ إلى سنة.

قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها قال:تنزّل الملائكة و روح القدس على إمام الزمان و يدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور:

قوله: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قال:رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في نومه كأنّ قردة يصعدون منبره،فغمّه ذلك،فأنزل اللّه، إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تملكه بنو أميّة ليس فيها ليلة القدر.قوله مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ قال:تحيّة يحيّا بها الإمام إلى أن يطلع الفجر.و قيل لأبي جعفر عليه السّلام:تعرفون ليلة القدر؟ فقال:و كيف لا نعرف و الملائكة تطوف بنا فيها (1).

1075-و روى القمّيّ بإسناده عن حمران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا يفرق في ليلة القدر،هل هو ما يقدّر اللّه فيها؟

قال:لا توصف قدرة اللّه إلاّ أنّه قال: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فكيف يكون حكيما إلاّ ما فرق،و لا توصف قدرة اللّه سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء،و أمّا قوله: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يعني فاطمة عليها السّلام.

و قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها و الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل محمّد عليهم السّلام:و الروح روح القدس،و هو في فاطمة عليها السّلام مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يعني من كلّ أمر مسلمة حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يعني حتّى يقوم القائم عليه السّلام (2).

1076-روي العلاّمة البحرانيّ رحمه اللّه بالإسناد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه يقول: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ صدق اللّه عزّ و جلّ أنزل القرآن في ليلة القدر وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا أدري،قال اللّه عزّ و جلّ:

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ليس فيها ليلة القدر،قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:و هل تدري لم هي خير من ألف شهر؟قال:لا،قال:

لأنّها تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ و إذا أذن اللّه عزّ و جلّ بشيء2.

ص: 541


1- -تفسير القمّيّ 431/2-432.
2- -تفسير القمّيّ 431/2.

فقد رضيه سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يقول تسلّم عليك يا محمّد ملائكتي و روحي بسلامي من أوّل ما يهبطون إلى مطلع الفجر.

ثمّ قال في بعض كتابه: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (1)في إنّا أنزلناه في ليلة القدر،و قال في بعض كتابه:

وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ 2 يقول في الآية الاولى:إنّ محمّدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر اللّه عزّ و جلّ:مضت ليلة القدر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فهذه فتنة أصابتهم خاصّة،و بها ارتدّوا على أعقابهم،لأنّهم إن قالوا لم تذهب، فلا بدّ أن يكون للّه عزّ و جلّ فيها أمر،و إذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب بدّ (2).

1077-و عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:لقد خلق اللّه جلّ ذكره ليلة القدر أوّل ما خلق الدنيا، و لقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون و أوّل وصيّ يكون،و لقد قضى أن يكون في كلّ سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة،من جحد ذلك فقد ردّ على اللّه عزّ و جلّ علمه لأنّه لا يقوم الأنبياء و الرسل و المحدّثون إلاّ أن يكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجّة الّتي يأتيهم بها جبرئيل.

قلت:و المحدّثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟

قال:أمّا الأنبياء و الرسل صلّى اللّه عليهم،فلا شكّ و لا بدّ لمن سواهم من يوم خلقت الأرض فيه إلى آخر فناء الدنيا أن يكون على ظهر الأرض حجّة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحبّ من عباده،و أيم اللّه لقد نزل الروح و الملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، و أيم اللّه ما مات آدم إلاّ و له وصيّ،و كلّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها و وضع لوصيّه من بعده،و أيم اللّه إن كان النّبي ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله أن أوص إلى فلان.

و لقد قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه لولاة الأمر من بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله خاصّة: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ

ص: 542


1- -الأنفال:25.
2- -تفسير البرهان 488/4 ح 29.

آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ -إلى قوله- فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (1).

يقول:أستخلفكم لعلمي و ديني و عبادتي بعد نبيّكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتّى يبعث النّبي الّذي يليه يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (2)يقول:يعبدونني بالايمان لا نبي بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فمن قال غير ذلك فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ،فقد مكّن ولاة الأمر بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله بالعلم و نحن هم،فاسألونا فإن صدّقناكم فأقرّوا و ما أنتم بفاعلين.

أمّا علمنا فظاهر،و أمّا ابان أجلنا الّذي يظهر فيه الدّين منّا حتّى لا يكون بين الناس اختلاف،فإنّ له أجلا من ممرّ الليالي و الأيّام،إذا أتى ظهر و كان الأمر واحدا.و أيم اللّه لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف،و لذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمّد صلّى اللّه عليه و آله علينا،و لنشهد على شيعتنا،و ليشهد شيعتنا على الناس.

أبى اللّه عزّ و جلّ أن يكون في حكمه اختلاف،أو بين أهل علمه تناقض.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام:فضل إيمان المؤمن بحمله إنّا أنزلناه و تفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها،كفضل الإنسان على البهائم،و إنّ اللّه عزّ و جلّ ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا نكال عذاب الآخرة لمن علم أنّه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين على القاعدين،و لا أعلم أنّ في هذا الزمان جهادا إلاّ الحجّ و العمرة و الجوار.

قال:و قال رجل لأبي جعفر عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه لا تغضب عليّ،قال:لما ذا؟قال:لما أريد أن أسألك عنه،قال:قل،قال:و لا تغضب؟قال:و لا أغضب.

قال:أ رأيت قولك في ليلة القدر و تنزّل الملائكة و الروح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد علمه،و قد علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مات و ليس من علمه شيء إلاّ و عليّ عليه السّلام له واع.

قال أبو جعفر عليه السّلام:ما لي و لك أيّها الرجل و من أدخلك عليّ؟!

قال:أدخلني عليك القضاء لطلب الدّين.

قال:فافهم ما أقول لك:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أسري به و لم يهبط حتّى أعلمه اللّه جلّ5.

ص: 543


1- -النور:55.
2- -النور:55.

ذكره علم ما قد كان و ما سيكون،و كان كثيرا من علم ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر،و كذلك كان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قد علم جمل العلم و يأتي تفسيره في ليالي القدر،كما كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال السائل:أو ما كان في الجمل تفسيره؟

قال:بلى،و لكنّه إنّما يأتي بالأمر من اللّه تبارك و تعالى في ليالي القدر إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و إلى الأوصياء:افعل كذا و كذا،لأمر قد كانوا علموه امروا كيف يعملون فيه.

قلت:فسّر لي هذا.

قال:لم يمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ حافظا لجملة العلم و تفسيره.

قلت:فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟

قال:الأمر و اليسر فيما كان قد علم.

قال السائل:فيما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟

قال:هذا مما امروا بكتمانه،و لا يعلم تفسير ما سألت عنه إلاّ اللّه عزّ و جلّ.

قال السائل:فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟

قال:لا،قال:و كيف يعلم وصيّ غير علم أوصي إليه؟

قال السائل:فهل يسعنا أن نقول أنّ أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟

قال:لا،لم يمت نبيّ إلاّ و علمه في جوف وصيّه،و إنّما تنزّل الملائكة و الروح في ليلة القدر بالحكم الّذي يحكم به بين العباد.

قال السائل:و ما كانوا علموا بذلك الحكم؟

قال:بلى قد علموه،و لكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة.

قال السائل:يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟

قال أبو جعفر عليه السّلام:من أنكره فليس منّا!

قال السائل:يا أبا جعفر،أ رأيت النبيّ،هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟

ص: 544

قال:لا يحلّ لك أن تسأل عن هذا،أمّا علم ما كان و ما يكون،فليس يموت نبيّ و لا وصيّ إلاّ و الوصيّ الّذي بعده يعلمه،أمّا هذا العلم الّذي تسأل عنه،فإنّ اللّه عزّ و جلّ أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلاّ أنفسهم.

قال السائل:يا ابن رسول اللّه،كيف أعرف أنّ ليلة القدر تكون في كلّ سنة؟

قال:إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كلّ ليلة مائة مرّة،فإذا أتت ليلة ثلاث و عشرين،فانّك ناظر إلى تصديق الّذي سألت عنه.

قال:و قال أبو جعفر عليه السّلام:لما ترون من بعثه اللّه عزّ و جلّ للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين و أرواحهم أكثر ممّا ترون مع خليفة اللّه الّذي بعثه للعدل و الصواب من الملائكة.

قيل:يا أبا جعفر،و كيف يكون شيء أكثر من الملائكة؟

قال:كما يشاء اللّه عزّ و جلّ.

قال السائل:يا أبا جعفر،إنّي لو حدّثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه.

قال:كيف ينكرونه؟

قال:يقولون:إنّ الملائكة أكثر من الشياطين.

قال:صدقت،افهم عنّي ما أقول لك،إنّه ليس من يوم و لا ليلة إلاّ و جميع الجنّ و الشياطين تزور أئمّة الضلالة،و تزور أئمّة الهدى عددهم من الملائكة،حتّى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر خلق اللّه،أو قال:قيّض اللّه عزّ و جلّ من الشياطين بعددهم،ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه بالإفك و الكذب،حتّى لعلّه يصبح فيقول:

رأيت كذا و كذا،فلو سئل وليّ الأمر عن ذلك،لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا و كذا،حتّى يفسّر له تفسيرا و يعلمه الضلالة الّتي هو عليها.

و أيم اللّه إنّ من صدّق بليلة القدر ليعلم أنّها لنا خاصّة،لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام حين دنا موته:هذا وليّكم من بعدي،فإن أطعتموه رشدتم،و لكنّ من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر،و من آمن بليلة القدر ممّن على غير رأينا فإنّه لا يسعه في الصدق إلاّ أن يقول انّها لنا،و من لم يقل فإنّه كاذب،إنّ اللّه عزّ و جلّ أعظم من أن ينزّل الأمر مع الروح

ص: 545

و الملائكة إلى كافر فاسق،فإن قال إنّه ينزل إلى الخليفة الّذي هو عليها،فليس قولهم ذلك بشيء،و إن قالوا:إنّه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء،و ان قالوا و سيقولون:ليس هذا بشيء،فقد ضلّوا ضلالا بعيدا (1).

نزول الملائكة على الأئمّة عليهم السّلام في كلّ عام

1078-روى أبو القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز القمّي الرازي من علماء القرن الرابع بإسناده من طريق العامّة،عن أبي جعفر محمّد بن عليّ،عن آبائه عليهم السّلام:أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال لعبد اللّه بن العبّاس:إنّ ليلة القدر في كلّ سنة،و إنّه تتنزل في تلك الليلة أمر السنة،و لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال ابن عبّاس:من هم؟قال:أنا و أحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون (2).

1079-روى سعد بن عبد اللّه،بإسناده عن أبي بصير،قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فذكر شيئا من أمر الإمام إذا ولد،فقال:استوجب زيادة الروح في ليلة القدر،فقلت له:جعلت فداك،أ ليس الروح جبرئيل؟فقال جبرئيل من الملائكة،و الروح أعظم من الملائكة،أ ليس أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ (3).

1080-و عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ تفلجوا،فو اللّه إنّها لحجّة اللّه تبارك و تعالى على الخلق بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّها لسيّدة دينكم،و إنّها لغاية علمنا،يا معاشر الشيعة خاصموا ب حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ (4)فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللّه.يا معشر الشيعة يقول اللّه: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (5).قيل:يا أبا جعفر عليه السّلام نذيرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله(محمّد)؟فقال:صدقت،فهل كان نذيرا و هو خلوّ(حيّ)من البعثة في أقطار الأرض،فقال السائل:لا،قال أبو جعفر:أ رأيت بعيثه أ ليس نذيره كما ان رسول اللّه في

ص: 546


1- -تفسير البرهان 484/4-485 ح 7.
2- -كفاية الأثر 221.
3- -تفسير البرهان 481/4 ح 1.
4- -الدخان:3.
5- -فاطر:24.

بعثته من اللّه نذير؟فقال:بلى،قال:فكذلك لم يمت محمّد إلاّ و له بعيث نذير.

قال:فإن قلت لا فقد ضيّع اللّه من في أصلاب الرجال من أمته.

قال:و ما يكفيهم القرآن؟

قال:بلى،إن وجدوا له مفسّرا.

قال:و ما فسّر رسول اللّه؟

قال:بلى،قد فسّره لرجل واحد،و فسّر للأمة شأن ذلك الرجل هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

قال السائل:يا أبا جعفر،كان هذا أمر خاصّ لا يحتمله العامّة؟

قال:أبى اللّه أن يعبد إلاّ سرّا حتّى يأتي أبان أجله الّذي يظهر فيه دينه،كما انّه كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مع خديجة عليها السّلام مستترا حتّى أمره بالاعلان.

قال السائل:فينبغي لصاحب هذا الدّين أن يكتم؟

قال:أو ما كتم عليّ بن أبي طالب يوم أسلم مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أظهر أمره؟

قال:بلى،قال:فكذلك أمرنا حتّى يبلغ الكتاب أجله (1).

1081-و عنه بإسناده عن داود بن فرقد،قال:حدّثني يعقوب:

قال:سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ليلة القدر،فقال:أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟

فقال:أبو عبد اللّه عليه السّلام:لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن (2).

1082-روى الكراجكيّ رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قال:هي ملك بني أميّة.قال:و قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي من عند ربّهم على محمّد و آل محمّد مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ (3).

1083-روى عليّ بن إبراهيم في معنى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة،و على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في5.

ص: 547


1- -تفسير البرهان 484/4 ح 7.
2- -نفس المصدر 486/4 ح 14.
3- -كنز الفوائد 475.

طول عشرين سنة، وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ و معنى ليلة القدر أنّ اللّه تعالى يقدّر فيها الآجال و الأرزاق و كلّ أمر يحدث من موت أو حيوة أو خصب أو جدب أو خير أو شرّ كما قال اللّه: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ إلى سنة.

قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها قال،قال:تنزّل الملائكة و روح القدس على إمام الزمان،و يدفعون اليه ما قد كتبوه من هذه الأمور...إلى أن قال:

و قيل لأبي جعفر عليه السّلام:تعرفون ليلة القدر؟

فقال:و كيف لا نعرف و الملائكة تطوف بنا فيها (1).

نتيجة و فائدة مهمّة

أولا:اتّفق علماء القرآن و المفسّرون قاطبة أنّ الآية: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ غير منسوخة،و أنّ حكّمها جار مع دوام القرآن إلى يوم القيامة.

ثانيا:اتّفق علماء التفسير و المحدّثون كافة في تفسير الآية:أنّ الملائكة و الروح كانت تنزل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمقدّرات العالم كلّه من خير أو شر،أو حياة و ممات،أو يسر و عسر،و من كلّ أمر في ليلة القدر من كلّ سنة،و لذا كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يأمر المسلمين باحياء ليالي القدر بالصلاة و الدعاء و التضرّع إلى اللّه عزّ و جل.

ثالثا:تواترت الأخبار عن أئمّتنا الأطهار و خلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الاثني عشر،في صحاحنا أنّ الملائكة و الروح تتنزّل عليهم بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في كلّ عام،فبعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تنزّلت على وصيّه و خليفته من بعده إمام الحقّ،و قائد الخلق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،و من بعده على وصيّه بالحقّ الإمام الحسن بن عليّ السبط عليه السّلام،و من بعده على أخيه إمام الحقّ الحسين بن عليّ الشهيد عليه السّلام،و من بعده على وصيّه زين العابدين و سيّد الساجدين إمام الحقّ عليّ بن الحسين عليه السّلام،و من بعده على وصيّه إمام الحقّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام،و من بعده على وصيّه إمام الحقّ جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام،و من بعده

ص: 548


1- -تفسير القمّيّ 431/2.

على وصيّه إمام الحقّ موسى بن جعفر الكاظم عليه السّلام،و من بعده على وصيّه إمام الحقّ عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام،و من بعده على وصيّه إمام الحقّ محمّد بن عليّ الجواد عليه السّلام و من بعده على وصيّه إمام الحقّ عليّ بن محمّد الهادي عليه السّلام،و من بعده على وصيّه إمام الحقّ الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السّلام،و من بعده على وصيّه الخلف الصالح الإمام المنتظر الحجّة بن الحسن المهديّ صاحب الزمان عليه السّلام أرواحنا له الفداء.

إنّ ثبوت حكم ليلة القدر جار مع بقاء القرآن المجيد و أنّها غير منسوخة،و قد أخبر أئمّة أهل البيت الصادقون أنّ الملائكة و الروح تتنزّل عليهم في كلّ عام منذ وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حتّى الآن،و لم يزعم أحد من المخالفين مطلقا بنزول الملائكة و الروح عليه في ليلة القدر.

ص: 549

سورة البيّنة

الآية الاولى قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (1).

1084-روى ابن أسباط عن ابن أبي حمزة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه في قوله عزّ و جلّ: دِينُ الْقَيِّمَةِ قال:إنّما هو ذلك دين القائم عليه السّلام (2).

الآية الثانية قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (3).

1085-أسند عليّ بن محمّد الكرخيّ،قال:دخل موسى و هو غلام على الصادق عليه السّلام فقبّله فقال:يا إبراهيم،إنّه لصاحبك من بعدي،فلعن اللّه قاتله،يخرج اللّه من صلبه خير أهل الأرض في زمانه تكملة اثنى عشر إماما اختصّهم اللّه بكرامته،المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

1086-و روى الطبرسيّ:رفعه عن مقاتل بن سليمان،عن الضحّاك،عن ابن عبّاس في قوله: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قال:نزلت في عليّ و أهل بيته (5).

ص: 550


1- -البيّنة:5.
2- -كنز جامع الفوائد 399؛المحجّة 257.
3- -البيّنة:7.
4- -الصراط المستقيم 228/2.
5- -تفسير البرهان 492/4 ح 23.

1087-روى الشيخ المفيد رحمه اللّه بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ،عن عليّ بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ،عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم أجمعين،قال:و اللّه ما برأ اللّه من بريّة أفضل من محمّد و منّي و من أهل بيتي،و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطلبة العلم من شيعتنا (1).4.

ص: 551


1- -الاختصاص 234.

سورة التكاثر

اشارة

الآية الاولى قوله سبحانه: كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (1).

1088-روى البرقيّ بإسناده عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: ...لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قال:المعاينة (2).

المهديّ عليه السّلام هو النعيم الّذي يسأل عنه

1089-روى الطبرسيّ عن العيّاشيّ بإسناده في حديث طويل،قال:سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام أبا حنيفة عن هذه الآية فقال له:ما النعيم عندك يا نعمان؟قال:القوت من الطعام و الماء البارد،فقال:لئن أوقفك اللّه يوم القيامة بين يديه حتّى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها،ليطولنّ وقوفك بين يديه.قال:فما النعيم جعلت فداك؟فقال:نحن أهل البيت الّذي أنعم اللّه بنا على العباد،و بنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين،و بنا ألّف اللّه بين قلوبهم و جعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء،و بنا هداهم اللّه إلى الإسلام،و هي النعمة الّتي لا تنقطع،

ص: 552


1- -التكاثر:3-8.
2- -تفسير البرهان 501/4 ح 1.

و اللّه سائلهم عن حقّ النعيم الّذي أنعم اللّه به عليهم و هو النبيّ و عترته (1).

1090-الشيخ في أماليه بإسناده من طريق العامّة عن عمرو بن راشد أبي سليمان،عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام في قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال:نحن النعيم.و في قوله:

وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً 2 قال:نحن الحبل (2).

1091-عليّ بن ابراهيم،بإسناده عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال،قلت له:

لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال:تسئل هذه الامّة عمّا أنعم اللّه عليها برسوله ثمّ بأهل بيته (3).

1092-محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة،قال:كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جماعة، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة و طيبا،و أتينا بتمر ننظر فيه أوجهنا من صفاته و حسنه، فقال رجل:لتسألنّ عن هذا النعيم الّذي تنعّمتم به عند ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّ اللّه عزّ و جل أكرم و أجلّ أن يطعم طعاما فيسوّغكموه ثمّ يسألكم عنه،إنّما يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد و آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله (4).

1093-و في حديث آخر عنه بنفس الإسناد،فقال عليه السّلام:و اللّه لا تسئل عن هذا الطعام أبدا،ثمّ ضحك حتّى افترّ ضاحكا،و قال:أ تدري ما النعيم؟قلت:لا،قال:نحن النعيم (5).

1094-روى محمّد بن العباس،بإسناده عن أبي حفص الصائغ،عن الإمام جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ و اللّه ما هو الطعام و الشراب،و لكن ولايتنا أهل البيت (6).

1095-و عنه بإسناده عن عبد اللّه بن نجيح اليماني،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما معنى قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال:النعيم الّذي أنعم اللّه به عليكم من ولايتنا و حبّ محمّد و آله (7).

1096-و عنه،بإسناده عن محمّد بن أبي عمير،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في قوله4.

ص: 553


1- -تفسير البرهان 503/4 ح 13.
2- -أمالي الطوسيّ 272 ح 511.
3- -تفسير القمّيّ 440/2.
4- -الكافي 280/6 خ 3.
5- -تأويل الآيات الظاهرة 851/2-852 ح 7.
6- -نفس المصدر 850/2 ح 2.
7- -تأويل الآيات الظاهرة 850/2-851 ح 4.

عزّ و جلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال:نحن نعيم المؤمن و علقم الكافر (1).

1097-و روى الشيخ المفيد رحمه اللّه بإسناده من طريق العامة عن الكلبيّ،قال:لما قدم الصادق عليه السّلام العراق و نزل الحيرة،فدخل عليه أبو حنيفة و سأله عن مسائل و كان ممّا سأله أن قال له:جعلت فداك،ما الأمر بالمعروف؟فقال عليه السّلام:المعروف في أهل السماء المعروف في أهل الأرض ذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،قال:جعلت فداك،فما المنكر؟ قال:اللّذان ظلماه حقّه و ابتزّاه أمره و حملا الناس على كتفه.

قال:ألا هو أن ترى الرجل على معاصي اللّه فتنهاه عنها؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:ليس ذلك أمرا بالمعروف و لا نهيا عن المنكر،إنّما ذاك خير قدّمه.

قال أبو حنيفة:أخبرني جعلت فداك عن قول اللّه عزّ و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ؟قال:فما عندك يا أبا حنيفة؟قال:الأمن في السرب و صحّة البدن و القوت الحاضر.

فقال:يا أبا حنيفة لئن أوقفك اللّه يوم القيامة حتّى يسألك عن أكلة أكلتها و شربة شربتها،ليطولن وقوفك!

قال:فما النعيم جعلت فداك؟

قال:النعيم نحن الّذي أنقذ الناس بنا عن الضلالة،و بصّرهم بنا من العمى،و علّمهم بنا من الجهل.قال:جعلت فداك فكيف كان القرآن جديدا أبدا؟قال:لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان فتخلقه الأيام،و لو كان كذلك لفنى القرآن قبل فناء العالم (2).2.

ص: 554


1- -نفس المصدر 851/2 ح 5.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 852/2-853 ح 8؛تفسير البرهان 503/4 ح 12.

سورة العصر

قوله تعالى: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (1).

1098-الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر،قال:سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ قال: اَلْعَصْرِ عصر خروج القائم عليه السّلام، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يعني أعداءنا، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا بآياتنا، وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ يعني بمواساة الاخوان، وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ يعني بالإمامة، وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ يعني في الفترة(العسرة) (2).

ص: 555


1- -العصر:1.
2- -كمال الدّين 656/2.

سورة النصر

قوله تعالى: وَ رَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّهِ أَفْواجاً (1).

1099-روى السيّد ابن طاوس رحمه اللّه بإسناده عن الأوزاعي،قال:حدّثنا أبو عمّار،قال:

حدّثني جار كان لجابر بن عبد اللّه قال:

قدمت من سفر فسلّم عليّ،فجعلت أحدّثه عن افتراق الناس و ما أحدثوا،فجعل جابر يبكي،ثمّ قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ الناس دخلوا في دين اللّه أفواجا، و سيخرجون منه أفواجا (2).

1100-روى السيّد ابن طاوس أيضا بإسناده عن سويد بن غفلة،قال:قال سلمان يوم القادسية-و أبصر كثرة الناس-:ترونهم يدخلون في دين اللّه أفواجا،و الّذي نفسي بيده ليخرجنّ منه أفواجا كما دخلوا فيه أفواجا (3).

ص: 556


1- -النصر:2.
2- -التشريف بالمنن 338.
3- -نفس المصدر 265.

وظيفة الفرد المؤمن في عصر الغيبة

انتظار الفرج

1101-روى الشيخ الصدوق بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ،و بروايته عن طريق العامّة،عن عبد الرحمن بن سليط،قال:قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:منّا اثنا عشر مهديّا،أوّلهم عليّ بن أبي طالب،و آخرهم التاسع من ولدي،و هو الإمام القائم بالحقّ،يحيي اللّه به الأرض بعد موتها،و يظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون.له غيبة يرتدّ فيها أقوام و يثبت فيها على الدّين آخرون،فيؤذون و يقال لهم:

مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ 1 أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى و التكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

1102-روى العلاّمة البرقيّ رحمه اللّه بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه،و اللّه لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه،فقال:

يا عبد الحميد،أ ترى من حبس نفسه على اللّه لا يجعل له مخرجا؟بلى و اللّه ليجعلنّ اللّه له مخرجا،رحم اللّه عبدا حبس نفسه علينا،رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا.

ص: 557


1- -كمال الدّين 317/1 ح 3.

قال:فقلت:فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟

فقال:القائل منكم:إذا أدركت القائم من آل محمّد نصرته كالمقارع معه بسيفه، و الشهيد معه له شهادتان (1).

1103-روى شرف الدّين النجفيّ رحمه اللّه بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة،عن أبيه،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك قد كبر سنّي و دقّ عظمي و اقترب أجلي،و قد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت.قال:فقال لي:يا أبا حمزة أو ترى الشهيد إلاّ من قتل؟قلت:

نعم جعلت فداك.فقال لي:يا أبا حمزة من آمن بنا و صدّق حديثنا و انتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم،بل و اللّه تحت راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

1104-روى العلاّمة الطبرسيّ رحمه اللّه برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة،قال:كنّا عند أبي جعفر عليه السّلام فقال:العارف منكم هذا الأمر،المنتظر له،المحتسب فيه الخير،كمن جاهد و اللّه مع قائم آل محمّد عليهم السّلام بسيفه.ثمّ قال الثالثة:بل و اللّه كمن استشهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في فسطاطه.و فيكم آية من كتاب اللّه،قلت:و أيّ آية جعلت فداك؟قال:قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ 3 ثمّ قال:صرتم و اللّه صادقين شهداء عند ربّكم (3).

1105-و من كتاب فضائل الشيعة:روى العلاّمة البرقيّ رحمه اللّه بإسناده عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام،قال:ما من شيعتنا إلاّ صدّيق شهيد،قال:قلت:جعلت فداك أنّى يكون ذلك و عامّتهم يموتون على فراشهم؟فقال:أ ما تتلو كتاب اللّه في الحديد:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ .قال:فقلت:كأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللّه عزّ و جلّ قطّ،قال:لو كان الشهداء ليس إلاّ كما تقول،لكان الشهداء قليلا (4).

1106-و عنه بإسناده عن منهال القصّاب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ادع اللّه لي2.

ص: 558


1- -المحاسن للبرقي 173 ح 148.
2- -تأويل الآيات الظاهرة 665/2-666 ح 21.
3- -تفسير مجمع البيان 238/9.
4- -المحاسن للبرقي 163-164 ب 32.

بالشهادة،فقال:المؤمن لشهيد حيث مات،أو ما سمعت قول اللّه في كتابه: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (1).

عن أبان بن تغلب،قال:كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا ذكر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول:و يلهم ما يصنعون بهذا؟يتعجّلون قتلة في الدنيا و قتلة في الآخرة!و اللّه ما الشهداء إلاّ شيعتنا و ان ماتوا على فراشهم (2).

1107-و عنه بإسناده عن مالك الجهني،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا مالك،إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب في سبيل اللّه.و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:ما يضرّ رجلا من شيعتنا أيّة ميتة مات:أكله السبع،أو أحرق بالنار أو غرق،أو قتل،هو و اللّه شهيد (3).

1108-و عنه بإسناده عن السندي،عن جدّه،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظرا له؟قال:هو بمنزلة من كان مع القائم عليه السّلام في فسطاطه،ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال:هو كمن كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

1109-عن أمير المؤمنين عليه السّلام،قال:الزموا الأرض،و اصبروا على البلاء،و لا تحرّكوا بأيديكم و سيوفكم،و هوى ألسنتكم،و لا تستعجلوا بما لم يعجّله اللّه لكم،فإنّه من مات منكم على فراشه و هو على معرفة ربّه،و حقّ رسوله و أهل بيته،مات شهيدا أوقع أجره على اللّه،و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله،و قامت النيّة مقام إصلاته بسيفه،فإنّ لكلّ شيء مدّة و أجلا (1).

1110-روى الصدوق رحمه اللّه في«كمال الدّين»بإسناده عن عمّار الساباطيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل،أم العبادة في ظهور الحقّ و دولته مع الإمام الظاهر منكم؟فقال:يا عمّار،الصدقة في السرّ و اللّه أفضل من الصدقة في العلانية،و كذلك عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل،لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل و حال الهدنة،ممّن يعبد اللّه في ظهور الحقّ مع2.

ص: 559


1- -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 110/13-111؛بحار الأنوار 144/52.

الإمام الظاهر في دولة الحقّ،و ليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.

اعلموا أنّ من صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها،كتب اللّه عزّ و جلّ له بها خمسة و عشرين صلاة فريضة وحدانيّة،و من صلّى منكم صلاة نافلة في وقتها فأتمها،كتب اللّه عزّ و جلّ له بها عشر صلوات نوافل،و من عمل منكم حسنة،كتب اللّه له بها عشرين حسنة،و يضاعف اللّه تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله،و دان اللّه بالتقيّة على دينه،و على إمامه و على نفسه،و أمسك من لسانه، أضعافا مضاعفة كثيرة،إنّ اللّه عزّ و جلّ كريم.

قال:فقلت:جعلت فداك قد رغّبتني في العمل،و حثثتني عليه،و لكنّي احبّ أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ،و نحن و هم على دين واحد،و هو دين اللّه عزّ و جلّ؟

فقال:إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللّه،و إلى الصلاة و الصوم و الحجّ و إلى كلّ فقه و خير،و إلى عبادة اللّه سرّا من عدوّكم مع الإمام المستتر،مطيعون له،صابرون معه، منتظرون لدولة الحقّ،خائفون على إمامكم و على أنفسكم من الملوك،تنظرون إلى حقّ إمامكم و حقّكم في أيدي الظلمة،قد منعوكم ذلك و اضطرّوكم إلى جذب الدنيا و طلب المعاش،مع الصبر على دينكم،و عبادتكم و طاعة ربّكم،و الخوف من عدوّكم،فبذلك ضاعف اللّه أعمالكم،فهنيئا لكم هنيئا.

قال:فقلت:جعلت فداك،فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليه السّلام في ظهور الحقّ؟و نحن اليوم في إمامتك و طاعتك أفضل أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟

فقال:سبحان اللّه!أ ما تحبّون أن يظهر اللّه عزّ و جلّ الحقّ و العدل في البلاد و يحسن حال عامّة الناس،و يجمع اللّه الكلمة،و يؤلّف بين القلوب المختلفة،و لا يعصى اللّه في أرضه،و يقام حدود اللّه في خلقه،و يردّ الحقّ إلى أهله،و يظهروه حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق؟

أما و اللّه يا عمّار،لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها،إلاّ كان أفضل عند

ص: 560

اللّه عزّ و جلّ من كثير ممّن شهد بدرا و احدا،فأبشروا (1).

1111-روي بالإسناد عن جابر،قال:دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام و نحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه و قلنا له:أوصنا يا ابن رسول اللّه،فقال:ليعن قويّكم ضعيفكم،و ليعطف غنيّكم على فقيركم،و لينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا،و اكتموا أسرارنا،و لا تحملوا الناس على أعناقنا،و انظروا أمرنا و ما جاءكم عنّا،فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به،و ان لم تجدوه موافقا فردّوه،و ان اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده و ردّوه إلينا،حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا،و إذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا،و من أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له

1112-أجر شهيدين،و من قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا (2).

كمال الدّين بإسناده عن سيّد العابدين عليه السّلام أنّه قال:من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا عليه السّلام أعطاه اللّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر و احد (3).

1113-غيبة الطوسيّ:عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:من عرف هذا الأمر ثمّ مات قبل أن يقوم القائم عليه السّلام،كان له مثل أجر من قتل معه (4).

1114-روى الشيخ الصدوق رحمه اللّه بإسناده عن زيد بن عليّ،عن أبيه عليّ بن الحسين عليه السّلام،عن أبيه الحسين بن عليّ عليه السّلام،عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال في حديث له:المؤمن على أيّ الحالات مات،و في أيّ يوم و ساعة قبض فهو صدّيق شهيد،و لقد سمعت حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا و عليه مثل ذنوب أهل الأرض،لكان الموت كفّارة لتلك الذنوب...الحديث (5).

1115-روى الشيخ المفيد رحمه اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:نحن الشهداء على شيعتنا، و شيعتنا شهداء على الناس،و بشهادة شيعتنا يجزون و يعاقبون (6).

1116-روى عبد اللّه بن مغيرة،قال:قال محمّد بن عبد اللّه للرضا عليه السّلام و أنا أسمع:حدّثني8.

ص: 561


1- -كمال الدّين 646/2-647 ح 7.
2- -بشارة المصطفى 113 ح 1.
3- -كمال الدّين 322/1 ح 7.
4- -الغيبة للطوسيّ 277.
5- -المواعظ 113-115.
6- -بحار الأنوار 143/68.

أبي عن أهل بيته،عن آبائه،أنّه قال بعضهم:إنّ في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، و عدوّا يقال له الديلم،فهل من جهاد،أو هل من رباط؟

فقال الرضا عليه السّلام:عليكم بهذا البيت فحجّوه.

فأعاد عليه الحديث فقال:عليكم بهذا البيت فحجّوه،أ ما يرضى أحدكم أن يكون في بيته و ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا،فإن أدركه،كان كمن شهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بدرا،و إن مات منتظرا لأمرنا،كان كمن كان مع قائمنا صلوات اللّه عليه...الحديث (1).

1117-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا (2)فقال عليه السّلام:استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد،تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (3).

أقول:مرّت أحاديث كثيرة في فضل الانتظار،فراجع.

على العالم أن يظهر علمه

1118-روى العلاّمة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدّس سرّه،بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد و أبي الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار-و كانا من الشيعة الإماميّة-قالا:حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام،قال:حدّثني أبي، عن آبائه عليهم السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:أشدّ من يتم اليتيم الّذي انقطع من امّه و أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه و لا يقدر على الوصول إليه و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه،ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا،و هذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره،ألا فمن هداه و أرشده و علّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق (الرفيع)الأعلى (4).

1119-و بهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهما السّلام،قال:قال عليّ بن أبي

ص: 562


1- -وسائل الشيعة ج 11 ب 2 من الجهاد ح 5.
2- -فصّلت:30؛الأحقاف:13.
3- -الكافي 420/1 ج 40.
4- -الاحتجاج 6/1.

طالب عليه السّلام:من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا،فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الّذي حبوناه به،جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء لجميع أهل العرصات،و حلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها،ثمّ ينادي مناد:يا عباد اللّه هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد،ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان،فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيرا،أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا،أو أوضح له عن شبهة (1).

1120-و بهذا الاسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام قال،قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام:فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه،الناشب في رتبة الجهل، يخرجه من جهله و يوضّح له ما اشتبه عليه،على فضل كافل يتيم يطعمه و يسقيه كفضل الشمس على السماء (2).

1121-و بهذا الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام،قال:قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام:من كفل لنا يتيما قطعته عنّا محنتنا باستتارنا،فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده و هداه،قال اللّه عزّ و جلّ:أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه،أنا أولى بالكرم منك،اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر،و ضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعيم (3).

1122-و بهذا الإسناد عنه عليه السّلام،قال:قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام:العالم كمن معه شمعة تضيء للناس،فكلّ من أبصر بشمعته دعا بخير،كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل و الحيرة،فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل،فهو من عتقائه من النار،و اللّه يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه الّذي أمر اللّه عزّ و جلّ به،بل تلك الصدقة وبال على صاحبها، لكن يعطيه اللّه ما هو أفضل من مائة ألف ركعة يصلّيها من بين يدي الكعبة (4).

1123-و بهذا الإسناد عنه عليه السّلام،قال:قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام:علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس و عفاريته،يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا،3.

ص: 563


1- -الاحتجاج 6/1-13.
2- -الاحتجاج 6/1-13.
3- -الاحتجاج 6/1-13.
4- -الاحتجاج 6/1-13.

و عن أن يتسلّط عليهم إبليس و شيعته و النواصب،ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا،كان أفضل ممّن جاهد الروم و الترك و الخزر ألف ألف مرّة،لأنّه يدفع عن أديان محبّينا،و ذلك يدفع عن أبدانهم (1).

1124-و عنه عليه السّلام بالإسناد المتقدّم قال:قال موسى بن جعفر عليهما السّلام:فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا و عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه،أشدّ على إبليس من ألف عابد(و في نسخة:الف الف عابد)لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط،و هذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد اللّه و إمائه لينقذهم من يد إبليس و مردته،فلذلك هو أفضل عند اللّه من ألف عابد و ألف ألف عابدة (2).

125-و عنه عليه السّلام،قال:قال عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام:يقال للعابد يوم القيامة:نعم الرجل كنت همّتك ذات نفسك و كفيت مئونتك فادخل الجنّة،ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره،و أنقذهم من أعدائهم،و وفّر عليهم نعم جنان اللّه تعالى،و حصّل لهم رضوان اللّه تعالى،و يقال للفقيه:يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد،الهادي لضعفاء محبّيهم و مواليهم:

قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك،فيقف فيدخل الجنّة معه فئاما و فئاما و فئاما-حتّى قال عشرا-و هم الّذين أخذوا عنه علومه و أخذوا عمّن أخذ عنه و عمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة،فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين (3).

1126-و عنه عليه السّلام قال:قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما السّلام:من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم،المتحيّرين في جهلهم،الأسارى في أيدي شياطينهم و في أيدي النواصب من أعدائنا،فاستنقذهم منهم،و أخرجهم من حيرتهم،و قهر الشياطين بردّ وساوسهم،و قهر الناصبين بحجج ربّهم و دلائل أئمّتهم،ليحفظوا عهد اللّه على العباد بأفضل الموانع،بأكثر من فضل السماء على الأرض و العرش و الكرسيّ و الحجب على السماء،و فضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء (4).

1127-و عنه عليه السّلام،قال:قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام:لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السّلام من العلماء الداعين إليه،و الدالّين عليه،و الذابّين عن دينه بحجج اللّه،و المنقذين لضعفاء عباد3.

ص: 564


1- -الاحتجاج 6/1-13.
2- -الاحتجاج 6/1-13.
3- -الاحتجاج 6/1-13.
4- -الاحتجاج 6/1-13.

اللّه من شباك إبليس و مردته و من فخاخ النواصب،لما بقى أحد إلاّ ارتدّ عن دين اللّه، و لكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، اولئك هم الأفضلون عند اللّه عزّ و جلّ (1).

1128-و عن الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السّلام قال:يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا و أهل ولايتنا يوم القيامة و الأنوار تسطع من تيجانهم،على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء،قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة و دورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة،فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها كلّها،فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه و من ظلمة الجهل علّموه،و من حيرة التيه أخرجوه،إلاّ تعلّق بشعبة من أنوارهم،فرفعتهم إلى العلوّ حتّى تحاذى بهم فوق الجنان،ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار استاديهم و معلّميهم، و بحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون،و لا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلاّ عميت عينه و أصمّت اذنه و أخرس لسانه و تحوّل عليه أشدّ من لهب النيران،فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعّونهم إلى سواء الجحيم (2).

1129-و قال أيضا أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهما السّلام:إنّ محبّي آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله مساكين مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء،و هم الّذين سكنت جوارحهم و ضعفت قواهم من مقاتلة أعداء اللّه الّذين يعيّرونهم بدينهم و يسفّهون أحلامهم،ألا فمن قوّاهم بفقهه و علمه حتّى أزال مسكنتهم ثمّ يسلّطهم على الأعداء الظاهرين النواصب،و على الأعداء الباطنين إبليس و مردته حتّى يهزموهم عن دين اللّه يذودوهم عن أولياء آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حوّل اللّه تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم،قضى اللّه تعالى بذلك قضاء حقّا على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

1130-روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدّس سرّه بإسناده عن جابر،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

من قرأ المسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم،و إن مات كان في جوار محمّد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1).2.

ص: 565


1- -الكافي 620/2 ح 3؛ثواب الأعمال 146 ح 2.

الدعاء لتعجيل الفرج

من أدعية تعجيل الفرج:

1-دعاء الصلوات

2-دعاء القنوت

3-دعاء الندبة

4-دعاء الفرج

5-دعاء العشرات

1131-روى السيد ابن طاوس قدّس سرّه بإسناده عن محمّد بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ،عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام حديثا في فضل قراءة دعاء العشرات الّذي جاء فيه:

...و أشهد أنّ عليّ بن أبي طالب و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ و عليّ بن محمّد و الحسن بن عليّ و الخلف الصالح الحجّة المنتظر صلواتك يا ربّ عليه و عليهم أجمعين، هم الأئمّة الهداة المهتدون،غير الضالّين و لا المضلّين،و انّهم أولياؤك المصطفون،و حزبك الغالبون و صفوتك من خلقك،و خيرتك من بريتك،و نجباؤك الّذين انتجبتهم لولايتك، و اختصصتهم من خلقك،و اصطفيتهم على عبادك،و جعلتهم حجّة على العالمين، صلواتك عليهم و السلام و رحمة اللّه و بركاته... (1).

زيارته صلوات اللّه عليه

اشارة

1132-خرج التوقيع من الناحية المقدّسة حرسها اللّه:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

لا لأمره تعقلون،حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون.

ص: 566


1- -بحار الأنوار 73/90؛البلد الأمين 24-26.

السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين.

إذا أردتم التوجّه إلى اللّه و إلينا،فقولوا كما قال اللّه تعالى: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (1).

السلام عليك يا داعي اللّه و ربّاني آياته،السلام عليك يا باب اللّه و ديّان دينه،السلام عليك يا خليفة اللّه و ناصر خلقه،السلام عليك يا حجّة اللّه و دليل إرادته،السلام عليك يا تالي كتاب اللّه و ترجمانه،السلام عليك يا بقيّة اللّه في أرضه،السلام عليك يا ميثاق اللّه الّذي أخذه و وكّده،السلام عليك يا وعد اللّه الّذي ضمنه،السلام عليك أيّها العلم المنصوب،و العلم المصبوب،و الغوث و الرحمة الواسعة وعدا غير مكذوب.

السلام عليك حين تقعد،السلام عليك حين تقوم،السلام عليك حين تقرأ و تبيّن، السلام عليك حين تصلّي و تقنت،السلام عليك حين تركع و تسجد،السلام عليك حين تكبّر و تهلّل،السلام عليك حين تحمد و تستغفر،السلام عليك حين تمسي و تصبح، السلام عليك في الليل إذا يغشى و النهار إذا تجلّى،السلام عليك أيّها الإمام المأمون، السلام عليك أيّها المقدّم المأمول،السلام عليك بجوامع السلام.

اشهدك يا مولاي أنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أنّ محمّدا عبده و رسوله لا حبيب إلاّ هو و أهله.

و أشهد أنّ أمير المؤمنين حجّته،و الحسن حجّته،و الحسين حجّته،و عليّ بن الحسين حجّته،و محمّد بن عليّ حجّته،و جعفر بن محمّد حجّته،و موسى بن جعفر حجّته،و عليّ بن موسى حجّته،و محمّد بن عليّ حجّته،و عليّ بن محمّد حجّته،و الحسن بن عليّ حجّته،و أشهد أنّك حجّة اللّه.

أنتم الأوّل و الآخر،و أنّ رجعتكم حقّ لا شكّ فيها،يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا،و أنّ الموت حقّ،و أنّ ناكرا و نكيرا حقّ،و أشهد أنّ النشر و البعث حقّ،و أنّ الصراط و المرصاد حقّ،و الميزان و الحساب حقّ،و الجنّة و النار حقّ،و الوعد و الوعيد بهما حقّ.5.

ص: 567


1- -الصافّات:130؛و هذه قراءة منسوبة للإمام الرضا(ع)؛انظر«ينابيع المودّة)المقدّمة.و قد نسبت أيضا إلى زيد بن عليّ،نافع،ابن عامر،يعقوب،رويس،الأعرج،شيبة،و عبد اللّه.انظر«معجم القراءات القرآنيّة»246/5.

يا مولاي شقي من خالفكم،و سعد من أطاعكم.

فأشهد على ما أشهدتك عليه،و أنا وليّ للّه بريء من عدوّك،فالحقّ ما رضيتموه و الباطل ما سخطتموه،و المعروف ما أمرتم به،و المنكر ما نهيتم عنه،فنفسي مؤمنة باللّه وحده لا شريك له،و برسوله،و بأمير المؤمنين،و بأئمّة المؤمنين و بكم يا مولاي،أوّلكم و آخركم،و نصرتي معدّة لكم،فمودّتي خالصة لكم.

آمين آمين.

الدعاء عقيب هذا القول

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

اللهمّ إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد نبيّ رحمتك،و كلمة نورك،و أن تملأ قلبي نور اليقين،و صدري نور الإيمان،و فكري نور الثبات،و عزمي نور العلم،و قوّتي نور العمل، و لساني نور الصدق،و ديني نور البصائر من عندك،و بصري نور الضياء،و سمعي نور وعي الحكمة،و مودّتي نور الموالاة لمحمّد و آله عليهم السّلام،حتّى ألقاك و قد وفيت بعهدك و ميثاقك، فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد.

اللهمّ صلّ على حجّتك في أرضك،و خليفتك في بلادك،و الداعي إلى سبيلك، و القائم بقسطك،و الثائر بأمرك،ولي المؤمنين و بوار الكافرين،و مجلي الظلمة،و منير الحقّ،و الساطع بالحكمة و الصدق،و كلمتك التامّة في أرضك،المرتقب الخائف،و الوليّ الناصح،سفينة النجاة،و علم الهدى،و نور أبصار الورى،و خير من تقمّص و ارتدى، و مجلي العمى،الّذي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،إنّك على كلّ شيء قدير.

اللهمّ صلّ على وليّك و ابن أوليائك الّذين فرضت طاعتهم،و أوجبت حقّهم و أذهبت عنهم الرجس و طهّرتهم تطهيرا.

اللهمّ انصره و انصر به أولياءك و أولياءه،و شيعته و أنصاره و اجعلنا منهم.

اللهمّ أعذه من كلّ باغ و طاغ،و من شرّ جميع خلقك،و احفظه من بين يديه و من

ص: 568

خلفه،و عن يمينه و عن شماله،و احرسه و امنعه من أن يوصل إليه بسوء،و احفظ فيه رسولك و آل رسولك،و أظهر به العدل و أيّده بالنصر،و انصر ناصريه،و اخذل خاذليه، و اقصم به جبابرة الكفرة،و اقتل به الكفّار و المنافقين،و جميع الملحدين حيث كانوا في مشارق الأرض و مغاربها،برّها و بحرها،و املأ به الأرض عدلا،و أظهر به دين نبيّك، و اجعلني اللهمّ من أنصاره و أعوانه و أتباعه و شيعته،و أرني في آل محمّد ما يأملون و في عدوّهم ما يحذرون،إله الحقّ آمين،يا ذا الجلال و الإكرام،يا أرحم الراحمين (1).

«زيارة الحجّة يوميّا بعد فريضة الصبح»

اللهمّ بلّغ مولاي صاحب الزمان صلوات اللّه عليه عن جميع المؤمنين و المؤمنات في مشارق الأرض و مغاربها و برّها و بحرها و سهلها و جبلها،حيّهم و ميّتهم،و عن والديّ و ولدي و عنّي من الصلوات و التحيّات زنة عرش اللّه و مداد كلماته و منتهى رضاه و عدد ما أحصاه كتابه و أحاط به علمه،اللهمّ إنّي اجدّد له في هذا اليوم و في كلّ يوم عهدا و عقدا و بيعة في رقبتي.اللهمّ كما شرّفتني بهذا التشريف و فضّلتني بهذه الفضيلة و خصصتني بهذه النعمة،فصلّ على مولاي و سيّدي صاحب الزمان،و اجعلني من أنصاره و أشياعه و الذابّين عنه،و اجعلني من المستشهدين بين يديه طائعا غير مكره،في الصفّ الّذي نعتّ أهله في كتابك فقلت صفّا كأنّهم بنيان مرصوص،على طاعتك و طاعة رسولك و آله عليهم السّلام،اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة (2).

الاستغاثة بالحجّة صاحب العصر عليه السّلام

قال السيّد علي خان في الكلم الطيّب:هذه استغاثة بالحجّة صاحب العصر صلوات اللّه عليه،صلّ أينما كنت ركعتين بالحمد و ما شئت من السور،ثمّ قف مستقبل القبلة تحت السماء و قل:

سلام اللّه الكامل التامّ الشامل العامّ،و صلواته الدائمة و بركاته القائمة التامّة،على

ص: 569


1- -الاحتجاج 494/2-495.
2- -مفاتيح الجنان المعرّب للمحدّث القمّي 538-539.

حجّة اللّه و وليّه في أرضه و بلاده،و خليفته على خلقه و عباده،و سلالة النبوّة و بقيّة العترة و الصفوة،صاحب الزمان،و مظهر الإيمان،و ملقّن أحكام القرآن،و مطهّر الأرض،و ناشر العدل في الطول و العرض،و الحجّة القائم المهديّ الإمام المنتظر المرضيّ،و ابن الأئمّة الطاهرين،الوصيّ بن الأوصياء المرضيّين،الهادي المعصوم ابن الأئمّة الهداة المعصومين، السلام عليك يا معزّ المؤمنين المستضعفين،السلام عليك يا مذلّ الكافرين المتكبّرين الظالمين،السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان،السلام عليك يا ابن رسول اللّه،السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين،السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين،السلام عليك يا ابن الأئمّة الحجج المعصومين،و الإمام على الخلق أجمعين،السلام عليك يا مولاي سلام مخلص لك في الولاية،أشهد أنّك الإمام المهديّ قولا و فعلا،و أنت الّذي تملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا،فعجّل اللّه فرجك،و سهّل مخرجك، و قرّب زمانك،و كثّر أنصارك و أعوانك،و أنجز لك ما وعدك،فهو أصدق القائلين وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (1)يا مولاي يا صاحب الزمان يا ابن رسول اللّه حاجتي-كذا و كذا-فاشفع لي في نجاحها فقد توجّهت إليك بحاجتي لعلمي أنّ لك عند اللّه شفاعة مقبولة و مقاما محمودا،فبحقّ من اختصّكم بأمره و ارتضاكم لسرّه،و بالشأن الّذي لكم عند اللّه بينكم و بينه،سل اللّه تعالى في نجح طلبتي و إجابة دعوتي و كشف كربتي.و سل ما تريد فإنّه يقضى إن شاء اللّه.

أقول:الأحسن أن يقرأ بعد الحمد في الركعة الاولى من هذه الصلوات سورة إنّا فتحنا،و في الثانية إذا جاء نصر اللّه و الفتح (2).

مناجاة للتشرف برؤيا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو الإمام الحجّة عليه السّلام في المنام

من أراد أن يرى سيّد البريّات في المنام،فليصلّ ركعتين بعد صلاة العشاء بأيّ سورة أراد،ثمّ يقرأ هذا الدعاء مائة مرّة:«بسم اللّه الرحمن الرحيم يا نور النور،يا مدبّر الامور،

ص: 570


1- -القصص:5.
2- -مفاتيح الجنان المعرب 117.

بلّغ عنّي روح محمّد و أرواح آل محمّد تحيّة و سلاما» (1).

1133-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:من تطهّر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر و لبس ثوبين نظيفين ثمّ خرج إلى مصلاّه و صلّى العشاء الآخرة،ثمّ صلّى بعدها ركعتين،يقرأ في أوّل ركعة الحمد و ثلاث آيات من أوّل البقرة،و آية الكرسي و ثلاث آيات من آخرها،و في الثانية الحمد مرّة و قل أعوذ بربّ الناس سبع مرّات و الفلق سبع مرّات و التوحيد سبع مرّات،ثمّ يسلّم و يصلّي بعدها أربع ركعات يقرأ في أوّل ركعة يس،و في الثاني حم الدخان،و في الثالث الم السجدة،و في الرابعة تبارك،ثمّ يصلّي بعدها مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و التوحيد عشر مرّات،قضى اللّه تعالى له ثلاث حوائج،إمّا في عاجل الدنيا أو في آجل الآخرة،ثمّ إن سأل اللّه أن يراني من ليلته رآني (2).

1134-و عن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام،قال:من كانت له إلى اللّه حاجة و أراد أن يرانا و أن يعرف موضعه من اللّه،فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا،فإنّه يرانا و يغفر له بنا و لا يخفى عليه موضعه... (3).

تهذيب النفس و تزكيتها للتشرّف بلقاء الإمام عليه السّلام

اشارة

1135-و من كتاب لمولانا صاحب الزمان عليه السّلام للشيخ المفيد ورد عليه سنة اثنتي عشرة و أربعمائة،جاء فيه:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

...و نحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين،أيّدك اللّه بنصره الّذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين،أنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدّين،و أخرج ممّا عليه إلى مستحقّيه،كان آمنا من الفتنة المبطلة،و محنها المظلمة المظلّة،و من بخل منهم بما أعاده اللّه من نعمته على من أمره بصلته،فإنّه يكون خاسرا بذلك لاولاه و آخرته،و لو

ص: 571


1- -دار السلام 12/3.
2- -دار السلام 21/3.
3- -نفس المصدر 8/2.

أنّ أشياعنا وفّقهم اللّه لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم،لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا،و لتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة و صدقها منهم بها، فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتّصل بنا ممّا نكرهه و لا نؤثره منهم،و اللّه المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل،و صلاته على سيّدنا البشير النذير محمّد و آله الطاهرين و سلّم (1).

بشارة الإمام المهديّ عليه السّلام لشيعته و مواليه

اشارة

1136-و من كتاب ورد من الناحية المقدّسة حرسها اللّه تعالى إلى الشيخ المفيد أيضا و فيه:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

...نحن و إن كنّا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين،حسب الّذي أراناه اللّه تعالى لنا من الصلاح،و لشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت الدنيا للفاسقين،فإنّا نحيط علما بأنبائكم،و لا يعزب عنّا شيء من أخباركم،و معرفتنا بالذلّ الّذي أصابكم منذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا،و نبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون.

إنّا غير مهملين لمراعاتكم،و لا ناسين لذكركم،و لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء،أو اصطلمكم الأعداء،فاتّقوا اللّه جلّ جلاله و ظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم،يهلك فيها من حمّ أجله،و يحمى عنها من أدرك أمله،و هي امارة لازوف حركتنا، و مباثتكم بأمرنا و نهينا،و اللّه متمّ نوره و لو كره المشركون.

اعتصموا بالتقيّة من شبّ نار الجاهلية،يحشّشها عصب اموية،يهول بها فرقة مهديّة، أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن،و سلك في الطعن منها السبل المرضيّة،إذا حلّ جمادى الاولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه،و استيقظوا من رقدتكم لما يكون في الّذي يليه.

ص: 572


1- -الاحتجاج 497/2-498.

ستظهر لكم من السماء آية جليّة،و من الأرض مثلها بالسويّة،و يحدث في أرض المشرق ما يحزن و يقلق،و يغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق،تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق،ثمّ تنفرج الغمّة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار،ثمّ يسرّ بهلاكه المتّقون الأخيار،و يتّفق لمريدي الحجّ من الآفاق ما يؤمّلونه منه على توفير عليه منهم و اتّفاق،و لنا في تيسير حجّهم على الاختيار منهم و الوفاق شأن يظهر على نظام و اتّساق.

فليعمل كلّ امرئ منكم بما يقرب به من محبّتنا،و يتجنّب ما يدنيه من كراهتنا و سخطنا،فإنّ أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة،و لا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة (1).

كلمة أخيرة

أقول:ورد في كتاب«مكيال المكارم»كلام في تكاليف عصر الغيبة،و نشير إلى بعض ما جاء فيها لفائدته:

1-انتظار الفرج.

2-تهذيب النفس.

3-العزم على التوبة النصوح،و إعادة الحقوق إلى أصحابها.

4-تكذيب مدّعي النيابة الخاصّة في عصر الغيبة الكبرى.

5-عدم التوقيت.

6-الاقتداء بالإمام و التأسّي بأخلاقه و سيرته.

7-الاستعانة باللّه تعالى للتعرّف على الإمام(دعاء:اللهمّ عرّفني نفسك...).

8-العزم القلبيّ على نصرة الإمام،و التهيّؤ لذلك.

9-رعاية الأدب عند ذكره.

10-محبّته عليه السّلام و تحبيبه إلى الناس.

11-ذكر فضائله و مناقبه عليه السّلام.

ص: 573


1- -الاحتجاج 322/2.

12-زيارته و التسليم عليه عليه السّلام.

13-تجديد البيعة له عند الفرائض و أيّام الجمعة.

14-رعاية حقوقه عليه السّلام.

15-الصبر على الأذى و التكذيب.

16-الاهتمام بأداء حقوق الإخوة في الإيمان.

17-التصدّق عن الإمام عليه السّلام و الحجّ نيابة عنه.

18-التوسّل إلى اللّه تعالى به عليه السّلام.

19-تجليل الأماكن الّتي تشرّفت بحضوره عليه السّلام.

20-احترام المقرّبين إليه و المنسوبين له.

21-زيارة قبر الإمام الحسين عليه السّلام و البكاء في مصابه.

22-التبرّي من قتلة الحسين عليه السّلام و من أعداء أهل البيت و ظالميهم.

23-حضور مجالس ذكر فضائل الإمام المنتظر عليه السّلام.

نسأله-عزّ من مسئول-أن يمنّ علينا بمتابعته عليه السّلام،و أن يعيننا على تهذيب أنفسنا و تزكيتها،لنكون من اللائقين بالتشرّف بلقائه و نصرته عليه السّلام،و أن يعجّل فرجه و ظهوره، فيملأ به الأرض قسطا و عدلا،و يحقّق به وعده الّذي لا يخلف في إظهار الدّين و نصره، إنّه أرحم الراحمين،و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.

تمّ الكتاب بحمد اللّه تعالى و تسديده.

ص: 574

الفهارس الفنيّة

اشارة

فهرس الآيات

فهرس المصادر

فهرس الموضوعات

ص: 575

ص: 576

فهرس الآيات

البقرة

1(1): الم 15،16،170.

2: ذلك الكتاب لا ريب فيه، 15،16،17، 35،170.

3: الذين يؤمنون بالغيب، 15،16،35، 170.

30: إنّي جاعل في الأرض خليفة، 28،29، 31،32،33،34،35.

34: و إذ قلنا للملائكة اسجدوا، 37.

37: فتلقّى آدم من ربه كلمات، 40.

44: أتأمرون الناس بالبرّ، 34.

55: و إذ قلتم يا موسى، 41،257.

60: و إذ استسقى موسى لقومه، 41.

81: و إذ أخذ اللّه ميثاق النبيّين، 53.

93: قالوا سمعنا و عصينا، 287.

114: لهم في الدنيا خزي، 42.

115: فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه.، 42،432.

124: و إذ ابتلى ابراهيم ربّه، 42،43،284.

133: أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب، 43.

148: فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا، 43، 44،45،46،48،183،325،327،471.

157: اولئك عليهم صلوات من ربّهم، 50.

193: و قاتلوهم حتّى لا تكون فتنة، 494.

210: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه، 52.

214: أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة، 52.

243: ألم تر إلى الّذين خرجوا، 52،74، 140،245،290.

247: إنّ اللّه اصطفاه عليكم و زاده بسطة، 54،288.

ص: 577


1- رقم الآية.

248: و قال لهم نبيّهم إنّ آية ملكه، 54.

249: فلمّا فصل طالوت بالجنود، 55.

251: فهزموهم باذن اللّه و قتل داود، 55.

253: تلك الرّسل فضّلنا بعضهم، 57.

257: اللّه وليّ الّذين آمنوا، 429.

259: أو كالّذي مرّ على قرية، 59.

269: يؤتي الحكمة من يشاء، 60،288.

285: آمن الرسول بما أنزل إليه، 60.

آل عمران

7: و ما يعلم تأويله إلاّ اللّه، 300،428.

18: شهد اللّه أنّه لا إله، 250،373.

19: إنّ الدين عند اللّه الإسلام، 150،250، 373،494.

28: لا يتّخذ المؤمنون الكافرين، 62.

35: و من يبتغ غير الإسلام دينا، 150.

37: فتقبّلها ربّها بقبول حسن، 64.

46: و يكلّم الناس في المهد و كهلا، 65.

55: إذ قال اللّه يا عيسى إنّي متوفّيك، 67، 101.

68: إنّ أولى الناس بإبراهيم، 72،285.

81: و إذ أخذ اللّه ميثاق النبيّين، 73،140، 245،305.

83: أفغير دين اللّه يبغون، 74،75،151.

85: و من يبتغ غير الإسلام، 435،494.

97: فيها آيات بيّنات مقام إبراهيم، 75، 378،380.

103: و اذكروا نعمت اللّه عليكم، 75.

104: و يأمرون بالمعروف و ينهون، 295.

123: و لقد نصركم اللّه ببدر و أنتم أذلّة، 76.

125: بلى إن تصبروا و تتّقوا يمددكم، 79.

140: و تلك الأيّام نداولها بين الناس، 80.

141: و ليمحّص اللّه الّذين آمنوا، 80.

142: أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة، 81.

144: و ما محمّد إلاّ رسول، 82،542.

200: يا أيّها الّذين آمنوا اصبروا، 82،83.

النساء

47: يا أيها الّذين اوتوا الكتاب، 84،85.

51-57: ألم تر إلى الّذين اوتوا نصيبا، 89.

58: إنّ اللّه يأمركم أن تؤدّوا، 90.

59: أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول، 85،88، 89،90،94،148،431.

65: فلا و ربّك لا يؤمنون، 249.

69: و من يطع اللّه و الرسول، 96،97.

70: ذلك الفضل من اللّه و كفى، 98.

77: ألم تر إلى الّذين قيل لهم، 98،206.

80: من يطع الرسول فقد أطاع اللّه، 99،431.

105: و لا تكن للخائنين خصيما، 34.

113: و كان فضل اللّه عليك عظيما، 113، 288.

130: يغن اللّه كلاّ من سعته، 99.

ص: 578

153: فأخذتهم الصاعقة بظلمهم، 257.

157: و قولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى، 21، 234،308.

158: بل رفعه اللّه إليه، 100.

159: و إن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ، 101، 102.

164: و رسلا قد قصصناهم عليك، 102.

المائدة

3: اليوم يئس الّذين كفروا من دينكم، 104.

5: اليوم أكملت لكم دينكم، 284.

12: و لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل، 104، 107.

14: و من الّذين قالوا إنّا نصارى، 108.

20: و إذ قال موسى لقومه، 108،109.

25: ربىّ إنّي لا أملك، 419.

26: قال فإنّها محرّمة عليهم أربعين، 109.

41: يا أيّها الرسول لا يحزنك، 114.

54: يا أيّها الّذين آمنوا من يرتدّ، 114، 115،119.

55: إنّما وليّكم اللّه و الّذين آمنوا، 94.

101: يا أيّها الّذين آمنوا لا تسألوا، 115.

118: إن تعذّبهم فإنّهم عبادك، 116.

الأنعام

2: هو الّذي خلقكم من طين، 117.

23: و اللّه ربّنا ما كنّا مشركين، 240.

37: و قالوا لو لا نزّل عليه آية، 117،118، 334.

38: ما فرّطنا في الكتاب، 284.

44-45: فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا، 118، 119،176.

65: قل هو القادر على أن يبعث، 119.

89: فإن يكفر بها هؤلاء، 114،115،119.

158: هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم، 119.

158: قل انتظروا إنّا منتظرون، 119،120،

158: يوم ياتي بعض آيات ربّك، 16،

121،122،461.

164: و لا تزر وازرة وزر أخرى، 237.

الأعراف

12: أنا خير منه خلقتني من نار، 37،379.

27: يا بني آدم لا يفتننّكم الشيطان، 130.

34: و لكلّ أمّة أجل، 130.

53: هل ينظرون إلاّ تأويله، 135.

71: فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين، 123،190.

73: و إلى ثمود أخاهم صالحا، 135.

75-76: قال الملأ الّذين استكبروا، 136.

107: فالقى عصاه فإذا هي ثعبان، 137.

128: قال موسى لقومه استعينوا باللّه، 137، 138.

ص: 579

142: و واعدنا موسى ثلاثين ليلة، 36، 138.

155: و اختار موسى قومه سبعين رجلا، 53،74،139،140،245،257،290.

156: و رحمتي وسعت كلّ شيء..، 141، 181.

157: الّذين يتّبعون النبيّ الأمّيّ، 141، 181،300،403.

159: و من قوم موسى أمّة يهدون بالحق، 142.

172: و إذ أخذ ربّك من بني آدم، 142.

181: و ممّن خلقنا أمّة يهدون بالحقّ، 143.

187: يسألونك عن الساعة أيّان مرساها، 143،144،145،146،375،475، 516.

الأنفال

5: كما أخرجك ربّك من بيتك، 212.

7: و يريد اللّه أن يحقّ الحقّ بكلماته، 147.

21-23: قالوا سمعنا و هم لا يسمعون، 287.

26: و أيدّكم بنصره، 385.

33: و ما كان اللّه ليعذّبهم و أنت فيهم، 89، 147،148،149.

39: و قاتلوهم حتّى لا تكون فتنة، 150، 151،152،162،168،494.

41: و اعلموا أنّما غنمتم من شيء، 169.

75: و الّذين آمنوا من بعد و هاجروا، 153.

التوبة

3: و أذان من اللّه و رسوله إلى النّاس، 154.

16: أم حسبتم ان تتركوا و لمّا يعلم، 154.

29: قاتلوا الّذين لا يؤمنون، 157.

32: يريدون أن يطفئوا نور اللّه، 157.

33: هو الّذي أرسل رسوله بالهدى، 150، 158،159،160،161،162،295، 422.

34: و الّذين يكنزون الذّهب و الفضّة، 162، 163.

36: إنّ عدّة الشهور عند اللّه اثنا عشر، 151، 163،164،165،166،167.

36: و قاتلوا المشركين كافة، 168.

40: و كلمة اللّه هي العليا، 168.

52: قل هل تربّصون بنا، 168،169.

93: طبع اللّه على قلوبهم، 287.

111: إنّ اللّه اشترى من المؤمنين .

119: اتّقوا اللّه و كونوا مع الصادقين، 169.

يونس

20: و يقولون لو لا أنزل عليه آية، 15،170، 171.

ص: 580

24: إنّما مثل الحياة الدّنيا كماء، 118،139، 175،176،475.

35: قل هل من شركائكم من يهدي، 177، 178،288.

39: بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه، 179.

40: و منهم من يؤمن به، 179.

46-51: و إمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم، 180.

48: و يقولون متى هذا الوعد، 180،557.

62: ألا إنّ أولياء اللّه لا خوف عليهم، 181.

63-64: الّذين آمنوا و كانوا يتّقون، 181.

98: فلو لا كانت قرية آمنت، 182.

هود

8: و لئن أخّرنا عنهم العذاب، 49،183، 184،185.

17: أفمن كان على بيّنة من ربّه، 36،143.

18: ألا لعنة اللّه على الظالمين، 185.

25: و لقد أرسلنا نوحا إلى قومه، 185.

37: و اصنع الفلك بأعيننا و وحينا، 148.

40: حتى إذا جاء أمرنا، 148.

80: لو أنّ لي بكم قوّة، 187،419.

81: موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب، 188.

83: مسوّمة عند ربّك.

84: فأمر بأهلك بقطع من الليل، 149.

86: بقيّت اللّه خير لكم إن كنتم مؤمنين، 188،189،190.

93: و ارتقبوا إنّي معكم رقيب، 123،170، 190،191.

110: و لقد آتينا موسى الكتاب، 191،240.

118-119: و لا يزالون مختلفين إلاّ من، 141،181،402.

يوسف

52: إنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين، 34.

87: يا بنيّ اذهبوا فتحسّسوا، 192.

89-90: قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف، 192،193.

94: إنّي لأجد ريح يوسف، 196.

108: قل هذه سبيلي، 248.

110: حتّى إذا استيأس الرسل، 23،196، 197،236،310.

الرعد

7: و يقول الّذين كفروا لو لا، 198.

13: و هو شديد المحال، 199.

29: طوبى لهم و حسن مآب، 199.

31: و لو أنّ قرآنا سيّرت، 387.

ص: 581

إبراهيم

5: و لقد أرسلنا موسى بآياتنا، 16،204، 205.

27: يثبّت اللّه الّذين آمنوا، 205،317.

28: ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه، 206.

44: و أنذر الناس يوم يأتيهم العذاب، 206.

45: و سكنتم في مساكن الّذين ظلموا، 207.

46: و قد مكروا مكرهم و عند اللّه، 207.

الحجر

16 و 17: و لقد جعلنا في السماء بروجا، 208.

37 و 38: قال فإنّك من المنظرين إلى يوم، 208،209.

75 و 76: إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين، 209،210،211.

94: اصدع بما تؤمر، 428.

النحل

1: أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه، 212،213.

16: و علامات و بالنجم هم يهتدون، 216.

22: و إلهكم إله واحد، 218.

33 و 34: هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة، 218.

38: و أقسموا باللّه جهد أيمانهم، 219،220.

39-40: ليبيّن لهم الذي يختلفون فيه، 220.

45-46: أفأمن الّذين مكروا السيّئات، 220،221.

68: و أوحى ربّك إلى النحل، 221.

83: و يوم نحشر من كلّ امّة، 53.

الإسراء

1: سبحان الّذي أسرى بعبده، 223.

4: و قضينا إلى بني إسرائيل، 228،231.

5-6: فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا، 108، 228،231،232،338.

7: إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم، 228،231، 232.

13: و كلّ إنسان ألزمناه طائره، 20،233، 234،307.

33: و لا تقتلوا النفس الّتي حرّم اللّه، 237، 238،239.

71: يوم ندعوا كلّ أناس بإمامهم، 239.

77: سنّة من قد أرسلنا قبلك، 103.

81: و قل جاء الحقّ و زهق الباطل، 240، 241.

الكهف

9: أم حسبت أنّ أصحاب الكهف، 243، 244.

ص: 582

10: إذ أوى الفتية إلى الكهف، 244.

25: و لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين، 244.

47: و حشرناهم فلم نغادر منهم أحدا، 53، 73،140،244،245،246،290، 333.

65: فوجدا عبدا من عبادنا، 246.

83: و يسئلونك عن ذي القرنين، 246.

98: قال هذا رحمة من ربّي، 247.

مريم

1: كهيعص، 256.

12: و آتيناه الحكم صبيّا، 248،249.

29-30: قالوا كيف نكلّم من كان، 249.

37: فاختلف الأحزاب من بينهم، 260، 261،316.

41: و اذكر في الكتاب مريم، 39.

48-49: و أعتزلكم و ما تدعون، 149،261، 262.

51-53: و اذكر في الكتاب موسى، 39، 261.

54-57: و اذكر في الكتاب إسماعيل، 39.

57: و رفعناه مكانا عليّا، 39.

73: و إذا تتلى عليهم آياتنا، 263.

74: و كم أهلكنا قبلهم من قرن، 263.

75: حتّى إذا رأوا ما يوعدون، 263،264.

76: و يزيد اللّه الذين اهتدوا، 264.

طه

12: فاخلع نعليك إنّك بالواد، 255.

38-39: إذ أوحينا إلى امّك، 265.

59: و أن يحشر الناس ضحى، 527.

82: و إنّي لغفّار لمن آمن، 273.

88: هذا إلهكم و إله موسى، 17.

90-91: يا قوم إنّما فتنتم به، 17.

110: يعلم ما بين أيديهم و ما، 270.

113: و كذلك أنزلناه قرآنا عربيّا، 271.

115: و لقد عهدنا إلى آدم، 271.

123: فمن اتّبع هداي فلا يضلّ، 272.

124: و من أعرض عن ذكري، 272.

135: فستعلمون من أصحاب الصراط، 273.

الأنبياء

3: و أسرّوا النجوى الّذين، 416.

11: و كم قصمنا من قرية، 274.

12-13: فلما أحسّوا بأسنا إذا هم منها، 177،274،275،276،277.

15: فما زالت تلك دعواهم حتّى، 274، 275،276،277.

26-27: بل عباد مكرمون*لا يسبقونه، 33.

ص: 583

38: و يقولون متى هذا الوعد، 277.

69: يا نار كوني بردا، 398.

72: و نجّيناه و لوطا إلى الأرض، 149.

73: و جعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا، 277، 278،285.

84: و آتيناه أهله و مثلهم معهم، 288.

95: و حرام على قرية أهلكناها، 53،73، 140،245،289،290.

105: و لقد كتبنا في الزبور، 290،291، 324.

107: و ما أرسلناك إلاّ رحمة، 32.

الحجّ

19: هذان خصمان اختصموا في، 292.

39: أذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا، 292، 293.

41: الذين إن مكّناهم في الأرض، 295.

45: و بئر معطّلة و قصر مشيد، 295.

60: ذلك و من عاقب بمثل ما عوقب، 296.

65: و يمسك السماء أن تقع، 296.

78: ليكون الرسول شهيدا عليكم، 143، 419.

المؤمنون

1: قد أفلح المؤمنون، 298.

50: و جعلنا ابن مريم و امّه آية، 16.

101: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب، 298.

النور

35: اللّه نور السموات و الأرض، 299،300، 301.

53: و أقسموا باللّه جهد أيمانهم، 301.

55: وعد اللّه الذين آمنوا منكم، 30،53،73، 140،245،290،301،302،303، 310،311،312،471،543.

الفرقان

11: بل كذّبوا بالساعة و أعتدنا، 313،314، 517.

26: الملك يومئذ الحقّ للرحمن، 314.

54: و هو الذي خلق من الماء بشرا، 314.

63-66: و عباد الرحمن الذين يمشون، 314،315.

الشعراء

1-2: طسم*تلك آيات الكتاب، 318.

4: إن نشأ ننزّل عليهم من السماء، 209، 260،316،317،318،319،476.

21: ففررت منكم لما خفتكم، 26،321.

205-207: أفرأيت إن متعناهم سنين، 322.

ص: 584

277: و سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب، 113،322،323.

النمل

15: و لقد آتينا داود و سليمان علما، 291، 324.

20-21: مالي لا أرى الهدهد، 387.

59: قل الحمد للّه و سلام على عباده، 324.

62: أمّن يجيب المضطر إذا دعاه، 44،49، 151،325،326،327.

75: و ما من غائبة في السماء، 387.

82: و إذا وقع القول عليهم أخرجنا، 327، 328،330،332،333.

83: و يوم نحشر من كلّ أمة فوجا، 73،140، 245،246،290،329،333.

93: و قل الحمد للّه سيريكم آياته، 333.

القصص

4: إنّ فرعون علا في الأرض 336.

5-6: و نريد أن نمنّ على الّذين، 73،108، 140،232،245،290،311،335، 336،337،338،340،342.

8: فالتقطه آل فرعون ليكون، 102.

14: و لمّا بلغ أشدّه و استوى، 249.

15: و دخل المدينة على حين غفلة، 345، 346.

18: فأصبح في المدينة خائفا يترقّب، 342.

21: فخرج منها خائفا يترقّب، 342.

50: و من أضلّ ممّن اتّبع هواه، 288.

68: و ربّك يخلق ما يشاء و يختار، 287،347.

84: من جاء بالحسنة فله خير منها، 415.

85: إنّ الذي فرض عليك القرآن، 53،73، 140،245،290،350.

العنكبوت

1-2: الم*أحسب الناس أن يتركوا، 351، 352.

10: و لئن جاء نصر من ربّك ليقولنّ، 352.

49: بل هو آيات بيّنات في صدور، 353.

الروم

1-5: الم غلبت الروم...بنصر اللّه ينصر، 354.

لقمان

20: و أسبغ عليكم نعمه ظاهرة و باطنة، 32، 355.

27: و لو أنّ ما في الأرض من شجرة، 432.

34: و ما تدري نفس بأيّ أرض تموت، 356، 358،375،516.

ص: 585

56: و قال الّذين أوتوا العلم، 285.

السجدة

21: و لنذيقنّهم من العذاب الأدنى، 360.

27: أو لم يروا أنّا نسوق الماء إلى، 361.

28: و يقولون متى هذا الفتح، 361.

29: قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا، 361.

30: فأعرض عنهم و انتظر، 361.

الأحزاب

6: النبيّ أولى بالمؤمنين من، 362،363.

11: هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا، 364.

33: إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم، 364.

36: و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة...، 287

40: ما كان محمّد أبا أحد، 30.

61-62: ملعونين أينما ثقفوا...و لن تجد، 347،375.

63: يسئلك الناس عن الساعة، 375،412، 516.

سبأ

18: و جعلنا بينهم و بين القرى التي، 377، 378،380.

29: و يقولون متى هذا الوعد إن، 380.

47: قل ما سألتكم من أجر، 415.

51-54: و لو ترى إذ فزعوا فلا فوت، 184، 380،382،383،384.

فاطر

24: و إن من امّة الاّ خلا، 426.

32: ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا، 385، 387،388.

41: إن اللّه يمسك السموات و الأرض، 388.

يس

30: يا حسرة على العباد ما يأتيهم، 391.

33: و آية لهم الأرض الميتة أحييناها، 392.

الصافّات

10: إلاّ من خطف الخطفة فاتبعه، 393.

83: و إنّ من شيعته لابراهيم، 3،394.

130: سلام على إل ياسين، 5.

ص

17: و اذكر عبدنا داود ذا الأيد إنّه، 395.

69: ما كان لي من علم بالملأ الأعلى، 398.

71: إنّي خالق بشرا من، 33.

75: قال يا إبليس ما منعك أن، 31،32، 385.

ص: 586

77: قال فاخرج منها فإنّك رجيم، 400.

86-87: قل ما أسألكم عليه من أجر، 240، 241،401،416.

88: و لتعلمنّ نبأه بعد حين، 240،241، 400،401.

الزمر

17: فبشّر عباد، 402.

54: أنيبوا إلى ربّكم و أسلموا له، 182.

69: و أشرقت الأرض بنور ربّها، 403.

74: و قالوا الحمد للّه الذي صدقنا، 403، 404.

غافر

35، كبر مقتا عند اللّه، 288.

51، إنا لننصر رسلنا و الّذين، 405،407.

84-85، فلمّا رأوا بأسنا قالوا، 35،252.

فصّلت

16: لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة، 182، 408.

30: إنّ الذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ، 408،409، 562.

34: و لا تستوي الحسنة و لا السيئة، 409، 410.

43: ما يقال لك إلاّ ما قد قيل، 103.

45: و لقد آتينا موسى الكتاب، 410.

53: سنريهم آياتنا في الآفاق، 410.

الشورى

1-2: حم*عسق، 411.

17: و ما يدريك لعلّ الساعة قريب، 411، 412،475،517.

18: يستعجل بها الّذين لا يؤمنون، 375، 411،412،475،517.

20: من كان يريد حرث الآخرة نزد، 412، 413.

21: و لو لا كلمة الفصل لقضي بينهم، 240، 413.

23: قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ، 413،414، 415.

23: و من يقترف حسنة نزد له فيها، 415.

24: أم يقولون افترى على اللّه كذبا، 415، 416.

41: و لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك، 417.

45: و تراهم يعرضون عليها خاشعين، 417.

الزخرف

28: و جعلها كلمة باقية في عقبه، 40،239، 363،418،419،420.

ص: 587

57: و لمّا ضرب ابن مريم مثلا، 421.

61: و إنّه لعلم للساعة، 421،422،516.

65: فاختلف الأحزاب من بينهم، 423، 424.

66: هل ينظرون إلاّ الساعة، 424،517.

85: و عنده علم الساعة، 475.

86: إلاّ من شهد بالحقّ، 18.

الدخان

1-2: حم*و الكتاب المبين، 425،426، 429،430.

3: إنّا أنزلناه في ليلة مباركة، 425،426.

4: فيها يفرق كلّ، 425،426،430،432، 538،540،541،548.

10: يوم تأتي السماء بدخان مبين، 432، 433.

الجاثية

14: قل للذين آمنوا يغفروا للذين، 436.

الأحقاف

1-6: حم*تنزيل الكتاب، 94،438، 440.

13: إنّ الذين قالوا ربّنا اللّه، 440،441،562.

14: حتّى إذا بلغ أشدّه، 248.

محمّد

8: فتعسا لهم و أضلّ أعمالهم، 288.

17: و الذين اهتدوا زادهم هدى، 442.

18: فهل ينظرون إلاّ الساعة أن، 375،442، 445،451،516.

22: فهل عسيتم إن تولّيتم، 442.

24: أفلا يتدبّرون القرآن، 287،346.

الفتح

10: إنّ الذين يبايعونك انما يبايعون، 464.

25: لو تزيلوا لعذّبنا الذين كفروا، 466، 467.

28: هو الذي أرسل رسوله بالهدى، 467، 468،491.

ق

41: و استمع يوم يناد المناد، 469.

42: يوم يسمعون الصيحة بالحقّ ذلك، 469.

43: يوم تشقّق الأرض عنهم، 469.

الذاريات

22: و في السماء رزقكم و ما توعدون، 48، 471،472.

23: فوربّ السماء و الأرض إنّه لحقّ، 48،

ص: 588

302،471،472.

الطور

1-3: و الطور و كتاب مسطور في رقّ، 473.

4: و البيت المعمور، 473.

القمر

1: اقتربت الساعة و انشقّ القمر، 176،474، 475،516.

2: و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا، 317،476.

10: فدعا ربّه أنّي مغلوب، 419.

الرحمن

41: يعرف المجرمون بسيماهم، 477.

الواقعة

41: و أصحاب الشمال ما أصحاب، 478.

الحديد

16: و لا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب، 17، 480.

17: اعلموا أنّ اللّه يحيى الأرض بعد، 480، 481.

19: و الّذين آمنوا باللّه و رسوله اولئك، 481، 482،483،558،559.

23: لكيلا تأسوا على ما فاتكم، 430.

المجادلة

22: و أيّدهم بروح منه، 16،304،487، 488.

الحشر

13: لأنتم أشدّ رهبة في صدورهم، 31.

الممتحنة

13: لا تتولّوا قوما غضب اللّه عليهم، 490.

الصفّ

8: يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم، 160، 491،492.

9: هو الذي أرسل رسوله بالهدى، 150، 491،492،493،494.

13: و أخرى تحبّونها نصر من اللّه، 494.

التغابن

7: زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا، 495، 496.

8: فآمنوا باللّه و رسوله و النور، 300،491.

12: و أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول، 497.

ص: 589

الطلاق

2-3: و من يتّق اللّه يجعل له مخرجا، 498.

التحريم

6: لا يعصون اللّه ما أمرهم، 33.

الملك

25: و يقولون متى هذا الوعد إن، 499.

30: قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا، 499، 500،501.

القلم

15: إذا تتلى عليه آياتنا قال، 503.

37-42: ما لكم كيف تحكمون*أم لكم كتاب، 287.

المعارج

1-3: سأل سائل بعذاب واقع...من اللّه، 504.

26: و الذين يصدّقون بيوم الدّين، 240، 505.

44: خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة، 505.

نوح

10-11: فقلت استغفروا ربّكم، 32.

26-27: ربّ لا تذر على الأرض، 27.

الجنّ

18: و أنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع، 506.

19: و أنّه لمّا قام عبد اللّه، 507.

24: حتّى إذا رأوا ما يوعدون، 264،506، 507.

25: إن أدري أقريب، 507.

26: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه، 358، 431،507،511.

المدّثّر

4: و ثيابك فطهّر، 512.

8-10: فإذا نقر في الناقور*فذلك، 512، 513.

31: و ما جعلنا أصحاب النار، 51،514.

38: كلّ نفس بما كسبت، 514.

48: و كنّا نكذّب بيوم الدين حتّى، 514.

الإنسان

30: و ما تشاؤون إلاّ أن يشاء اللّه، 515.

ص: 590

النازعات

42: يسألونك عن الساعة أيّان مرساها، 375،516.

التكوير

15: فلا أقسم بالخنس*الجوار الكنّس، 518،519.

الانشقاق

19: لتركبنّ طبقا عن طبق، 521،522.

البروج

1: و السماء ذات البروج، 390،523.

15-17: إنّهم يكيدون كيدا*و اكيد كيدا، 523،524.

الغاشية

1-3: هل اتاك حديث الغاشية*وجوه، 525.

الفجر

1-4: و الفجر و ليال عشر*و الشفع، 526.

22: و جاء ربّك و الملك صفّا صفّا، 361، 526.

الشمس

1-2: و الشمس و ضحاها*و القمر، 527.

3: و النهار إذا جلاّها، 527.

الليل

1-2: و الليل إذا يغشى*و النهار إذا تجلّى، 528.

5-13: فأمّا من أعطى و اتّقى، 529.

14: فأنذرتكم نارا تلظّى، 528.

15-16: لا يصلاها الاّ الأشقى، 529.

الضحى

9: فأمّا اليتيم فلا تقهر، 530.

القدر

1-2: إنا أنزلناه في ليلة القدر، 428،520، 537،538،540،541،546،547.

3: خير من ألف شهر، 426،537،541، 548.

4: تنزّل الملائكة و الروح، 426،537، 541،546.

5: سلام هي حتّى، 426،537،541،542.

ص: 591

البيّنة

5: و ما أمروا إلاّ ليعبدوا اللّه، 550.

7: إن الذين آمنوا و عملوا، 550.

التكاثر

3-7: كلاّ سوف تعلمون*ثمّ كلاّ سوف، 552.

8: ثم لتسئلنّ يومئذ عن النعيم، 552،553.

554.

العصر

1-2: و العصر*إن الإنسان لفي خسر، 555.

النصر

2: و رأيت الناس يدخلون، 556.

ص: 592

فهرس المصادر

*القرآن الكريم.

*إحقاق الحق و إزهاق الباطل/للشهيد التستريّ.

*الاحتجاج/الطبرسيّ.

*الاختصاص/المفيد.

*الثاقب في المناقب/ابن حمزة الطوسي.

*الخصال/الصدوق.

*الصراط المستقيم/البيّاضيّ.

*الغيبة/الطوسيّ.

*الغيبة/للنعمانيّ.

*الكافي/الكلينيّ.

*المحجّة في ما نزل للقائم الحجّة عليه السّلام/ البحراني.

*أمالي الشيخ الطوسيّ.

*بحار الأنوار/المجلسيّ.

*بصائر الدرجات/الصفّار.

*تأويل الآيات الظاهرة/شرف الدّين.

*تفسير البرهان/البحرانيّ.

*تفسير العيّاشيّ.

*تفسير عليّ بن إبراهيم القمّيّ.

*تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ.

*دلائل الإمامة/الطبريّ.

*روضة الكافي/الكلينيّ.

*شرح نهج البلاغة/ابن أبي الحديد.

*عيون أخبار الرضا عليه السّلام الصدوق.

*كمال الدّين/الصدوق.

*مصابيح الأنوار/السيد عبد اللّه شبّر.

*معاني الأخبار/الصدوق.

ص: 593

فهرس الموضوعات

الإهداء 5

شكر و تقدير 6

المقدّمة 7

الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام 7

القرآن الكريم و الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام 7

السّنّة و الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام 8

شبهات حول المهديّ عليه السّلام 8

تمهيد 11

أصل الإمامة في الإسلام 11

لا تخلو الأرض من حجّة 11

الإمام المهديّ عليه السّلام خاتم الأئمّة عليهم السّلام 12

مقدّمة المؤلّف 13

سورة البقرة 15

كلام الشيخ الصدوق في الغيبة 17

وجوب معرفة المهديّ عليه السّلام 18

ص: 594

إثبات الغيبة و الحكمة فيها 19

تحقيق للعلاّمة الكراجكيّ في الغيبة و سببها 23

كلام الشيخ الصدوق في الآية 28

الخليفة قبل الخليقة 28

وجوب طاعة الخليفة 29

ليس لأحد ان يختار الخليفة إلاّ اللّه عزّ و جلّ 33

وجوب وحدة الخليفة في كلّ عصر 33

لزوم وجود الخليفة 34

وجوب عصمة الإمام 34

المهديّ عليه السّلام كلمة من كلمات اللّه عزّ و جلّ 40

مع المهديّ عليه السّلام حجر موسى عليه السّلام 41

الخزي لأعداء اللّه في عهد المهديّ عليه السّلام 42

تأويل وجه اللّه تعالى بالمهديّ عليه السّلام 42

المهديّ عليه السّلام يستخرج تابوت السّكينة 54

تشبيه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبة داود عليه السّلام 55

مثل المهديّ عليه السّلام مثل العزير عليه السّلام 59

الحكمة هي معرفة القائم عليه السّلام 60

المهديّ عليه السّلام في ضحضاح من نور عن يمين العرش 60

سورة آل عمران 62

فضل التقيّة في عصر الغيبة 62

انّ الجفنة الّتي أنزلت على فاطمة عليها السّلام من مواريث المهديّ عليه السّلام 64

المهديّ عليه السّلام يكلّم الناس في المهد 65

عيسى عليه السّلام يصلّي خلف المهديّ عليه السّلام 67

الرجعة في زمن المهديّ عليه السّلام 73

الإسلام يعمّ الأرض في زمان المهديّ عليه السّلام 74

ولاية المهديّ عليه السّلام هي الحرم الآمن 75

ص: 595

يؤلّف اللّه بين القلوب بالمهديّ عليه السّلام 76

أصحاب المهديّ عليه السّلام بعدد أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ببدر 76

ملائكة بدر ينصرون المهديّ عليه السّلام 79

دولة القائم عليه السّلام دولة اللّه عزّ و جلّ 80

المرابطة في انتظار الإمام المهديّ عليه السّلام 82

سورة النساء 84

تشبيه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبات عيسى عليه السّلام 100

سورة المائدة 104

تيه المسلمين في غيبة المهديّ عليه السّلام كتيه بني إسرائيل 109

خزي الكفّار على يد المهديّ عليه السّلام 114

رجوع النصارى للتوحيد عند ظهور المهديّ عليه السّلام 116

سورة الأنعام 117

خروج السفياني من المحتوم 117

آية طلوع الشمس من مغربها عند ظهور المهديّ عليه السّلام 118

وقوع الفتن قبل ظهور المهديّ عليه السّلام 119

آيات قبل ظهور المهديّ عليه السّلام 120

انتظار الفرج عبادة 122

سورة الأعراف 130

وجه الشبه بين غيبة صالح عليه السّلام و غيبة المهديّ عليه السّلام 136

عصا موسى عليه السّلام من مواريث المهديّ عليه السّلام 137

إنّ دولة آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم آخر الدول 138

الشبه بين غيبة المهديّ عليه السّلام و غيبة موسى عليه السّلام 139

دلالة الآية على الرجعة 139

المهديّ عليه السّلام يضع الأغلال و الآصار عن المؤمنين 141

المهديّ عليه السّلام هو الهادي إلى الحقّ و الشاهد على الناس 143

مثل القائم عليه السّلام كمثل الساعة 144

ص: 596

النهي عن التوقيت 146

سورة الأنفال 147

المهديّ عليه السّلام أمان لاهل الأرض و السماء 148

كلام للشيخ الصدوق 148

المهديّ عليه السّلام أولى في كتاب اللّه 153

سورة التوبة 154

حتميّة التمحيص 154

المخالفون يعطون الجزية في زمان المهديّ عليه السّلام 157

المهديّ عليه السّلام نور اللّه في الأرض 157

ظهور الإسلام على الأديان كلّها في زمن المهديّ عليه السّلام 158

استخراج كنوز الأرض في زمان المهديّ عليه السّلام 162

المهديّ عليه السّلام من الصادقين 169

سورة يونس 170

المهديّ عليه السّلام هو الوعد الحق 180

المسخ لأعداء اللّه قبل ظهور المهديّ عليه السّلام 182

سورة هود 183

من علامات الظهور النداء من السماء 185

شبه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبة نوح عليه السّلام 186

المهديّ عليه السّلام بقيّة اللّه في الأرض 188

سورة يوسف 192

فضل انتظار ظهور المهديّ عليه السّلام 192

شبه غيبة المهديّ عليه السّلام بيوسف عليه السّلام 193

ظهور المهديّ عليه السّلام بعد اليأس 197

سورة الرعد 198

طوبى للمؤمنين بالمهديّ عليه السّلام في غيبته 199

كلام للشيخ الصدوق في معنى الحديث 202

ص: 597

سورة إبراهيم 204

المهديّ عليه السّلام من نعم اللّه تعالى 206

سورة الحجر 208

رجم الشيطان في عهد المهديّ عليه السّلام 208

الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليه السّلام 208

المهديّ عليه السّلام من المتوسّمين 210

سورة النحل 212

أمر اللّه هو ظهور المهديّ عليه السّلام 212

وجوب الإيمان بالرجعة 218

خروج المهديّ عليه السّلام هو أمر اللّه 218

في رجعة الشيعة مع المهديّ عليه السّلام 219

المهديّ عليه السّلام يوحى إليه كما أوحي إلى مريم 221

سورة الإسراء 223

النصّ على المهديّ في إسراء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم 223

العباد المبعوثون في زمان المهديّ عليه السّلام في الكرّة 228

سلمان من أنصار المهديّ عليه السّلام في الكرّة 232

المهديّ عليه السّلام هو وليّ دم الحسين عليه السّلام المظلوم 237

سورة الكهف 243

دلالة الآية على الرجعة في زمن المهديّ عليه السّلام 245

شبه غيبة المهديّ بغيبة الخضر عليهما السّلام 246

انّ المهديّ عليه السّلام مثل ذي القرنين يظهر بعد غيبة 247

سورة مريم 248

دلالة الآية على إمامة الحجّة عليه السّلام و هو صبيّ 248

ذكر من شاهد القائم عليه السّلام و رآه و كلّمه و هو طفل 250

شبه غيبة المهديّ عليه السّلام بغيبة إبراهيم عليه السّلام في اعتزاله 261

كلام الشيخ الصدوق 262

ص: 598

سورة طه 265

شباهة مولد الحجّة بخفاء مولد موسى عليهما السّلام 265

أخذ ميثاق الأنبياء على الإقرار بالمهديّ عليه السّلام 271

خزي النّصّاب في الرجعة 272

سورة الأنبياء 274

هل يمكن للأمّة اختيار الإمام المعصوم 284

في المهديّ عليه السّلام سنّة من أيّوب عليه السّلام 289

إثبات الرجعة في عهد المهديّ عليه السّلام 290

المهديّ عليه السّلام و أصحابه يرثون الأرض 291

سورة الحجّ 292

المهديّ عليه السّلام أمان لأهل الأرض 297

سورة المؤمنون 298

سورة النور 299

أئمّة أهل البيت عليهم السّلام هم المستضعفون في الأرض 301

سورة الفرقان 313

سورة الشعراء 316

بعض علامات الظهور 316

سورة النمل 324

خروج دابّة الأرض في آخر الزمان 328

سورة القصص 335

الإمام المهديّ عليه السّلام يقرأ الآية عند مولده الشريف 339

صورة ثانية لحديث المولد الشريف 341

كلام للمحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب 345

سورة العنكبوت 351

بيان للمجلسيّ 352

سورة الروم 354

ص: 599

سورة لقمان 355

الإمام الغائب هو نعمة اللّه الباطنة 355

الإمام المهديّ عليه السّلام يخبر بالغيب 356

سورة السجدة 360

سورة الأحزاب 362

المهديّ عليه السّلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم 362

ابتلاء المؤمنين في غيبة المهديّ عليه السّلام 364

المهديّ من أهل البيت 365

مولد الإمام المهديّ عليه السّلام طاهرا مطهّرا 373

سورة سبأ 377

الخسف بجيش السفيانيّ 380

سورة فاطر 385

المهديّ عليه السّلام أمان لأهل السماء و الأرض 388

سورة يس 391

سورة الصافّات 393

سورة ص 395

سورة الزمر 402

سورة غافر 405

سورة فصّلت 408

الشيعة الثابتون على القول بالامامة 409

سورة الشورى 411

المهديّ عليه السّلام ممّن نزلت فيه آية المودّة 413

سورة الزخرف 418

نزول عيسى عليه السّلام 421

سورة الدخان 425

دلالة الآية على وجوب وجود إمام العصر عليه السّلام و حياته 427

ص: 600

الإمام المهديّ عليه السّلام صاحب ليلة القدر في عصرنا هذا 430

قصة الدجّال و خروجه عند العامّة 433

سورة الجاثية 436

آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله هم أيّام اللّه 436

سورة الأحقاف 438

سورة محمّد 442

أشراط الساعة 443

سورة الفتح 464

البيعة للقائم عليه السّلام 464

سورة ق 469

سورة الذاريات 471

سورة الطور 473

عهد من اللّه و رسوله و أمير المؤمنين للمهديّ عليه السّلام 473

سورة القمر 474

سورة الرحمن 477

سورة الحديد 480

سورة المجادلة 487

الروح القدس مع الحجّة و الأئمّة الطاهرين عليهم السّلام 487

سورة الممتحنة 490

سورة الصفّ 491

سورة التغابن 495

سورة الطلاق 498

سورة الملك 499

سورة القلم 503

سورة المعارج 504

سورة الجنّ 506

ص: 601

الإمام المهديّ عليه السّلام ينبئ بالغيب عن اللّه عزّ و جلّ 507

سورة المدّثّر 512

سورة الإنسان 515

إشاءة الأئمّة عليهم السّلام من إشاءة اللّه عزّ و جلّ 515

سورة النازعات 516

سورة التكوير 518

تفسير للمجلسيّ 518

مولد المهديّ عليه السّلام برواية ابن حمزة 519

سورة الإنشقاق 521

سورة البروج 523

سورة الغاشية 525

سورة الفجر 526

سورة الشمس 527

سورة الليل 528

سورة الضحى 530

فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهديّ عليه السّلام 530

سورة القدر 537

مقدّرات السنة تتنزّل على أئمّة أهل البيت عليهم السّلام 537

نزول الملائكة على الأئمّة عليهم السّلام في كلّ عام 546

نتيجة و فائدة مهمّة 548

سورة البيّنة 550

سورة التكاثر 552

المهديّ عليه السّلام هو النعيم الّذي يسأل عنه 552

سورة العصر 555

سورة النصر 556

وظيفة الفرد المؤمن في عصر الغيبة 557

ص: 602

انتظار الفرج 557

على العالم أن يظهر علمه 562

الدعاء لتعجيل الفرج 566

زيارته صلوات اللّه عليه 566

الدعاء عقيب هذا القول 568

«زيارة الحجّة يوميّا بعد فريضة الصبح»569

الاستغاثة بالحجّة صاحب العصر عليه السّلام 569

مناجاة للتشرف برؤيا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو الإمام الحجّة عليه السّلام في المنام 570

تهذيب النفس و تزكيتها للتشرّف بلقاء الإمام عليه السّلام 571

بشارة الإمام المهديّ عليه السّلام لشيعته و مواليه 572

كلمة أخيرة 573

الفهارس الفنيّة 575

فهرس الآيات 577

فهرس المصادر 593

فهرس الموضوعات 594

ص: 603

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.