الامام المهدي عليه السلام بين التواتر و حساب الاحتمال

اشارة

سرشناسه : ايرواني نجفي، محمدباقر، 1935- م.

عنوان و نام پديدآور : الامام المهدي عليه السلام بين التواتر و حساب الاحتمال/ محمدباقر الايرواني.

مشخصات نشر : قم: مركزالابحاث العقائديه، 1420ق. = 1378.

مشخصات ظاهري : 48 ص.

فروست : سلسله الندوات العقائديه؛ 38.

شابك : 964-319-230-x

وضعيت فهرست نويسي : برون سپاري.

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس.

موضوع : محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق -

موضوع : مهدويت

رده بندي كنگره : BP224/4/الف 9الف 81378

رده بندي ديويي : 297/462

شماره كتابشناسي ملي : م 79-6392

ص :1

اشارة

مركز الأبحاث العقائدية

إيران - قم صفائية - ممتاز - رقم 34 ص. ب 3331 / 37185

هاتف: 742088 (251) 98 +

فاكس: 742056 (251) 98 +

البريد الإلكتروني net. aqaedaaqaed

الصفحة على الإنترنيت com. aqaed. www

شابك (ردمك) x - 230 - 319 - 964

الإمام المهدي (عليه السلام) بين التواتر وحساب الاحتمال الشيخ محمد باقر الإيرواني

الطبعة الأولى - سنة 1420 ه *

جميع الحقوق محفوظة للمركز *

ص: 2

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المركز:

لا يخفى أننا لا زلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والأفهام المناسب لعقائدنا الحقة ومفاهيمنا الرفيعة، مما يستدعي الالتزام الجاد بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الأمة وقيمها الحقة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطور التقني الحديث.

وانطلاقا من ذلك، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني - مد ظله - إلى اتخاذ منهج ينتظم على عدة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائدية المختصة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكريها المرموقين، التي تقوم نوعا على الموضوعات الهامة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع

ص: 5

- بطبيعة الحال - للحوار المفتوح والمناقشات الحرة لغرض الحصول على أفضل النتائج.

ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الإنترنت العالمية صوتا وكتابة.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.

وأخيرا، فإن الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان " سلسلة الندوات العقائدية " بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنية اللازمة عليها.

وهذا الكراس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحد من السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.

مركز الأبحاث العقائدية فارس الحسون

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قال الله عز وجل في كتابه الكريم: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) (1).

بحثنا إن شاء الله تعالى في هذه المحاضرة يدور حول الإمام المهدي روحي وأرواح العالمين له الفداء، والبحث عن فكرة الإمام المهدي ذات جوانب وجهات متعددة، وانتخبت لكم الحديث عن واحد من تلك الجوانب، وهو جانب ولادة الإمام صلوات الله وسلامه عليه، لأقوم في محاضرتي هذه بإثبات الولادة ونفي التشكيك عن ذلك.

ص: 7


1- 1 - الصف: 8.

ص: 8

التشكيك في فكرة الإمام المهدي (عليه السلام)

التشكيك في فكرة الإمام المهدي صلوات الله عليه يمكن إبرازه في بعدين:

البعد الأول: التشكيك في الفكرة من الأساس، فالإمام المهدي سلام الله عليه لم يولد ولا يولد ويرفض القول بأنه سوف يظهر في آخر الزمان رجل يتم إصلاح العالم على يديه، مثل هذا الشخص لم يولد ولا يولد ولا تتحقق مثل هذه الفكرة، هذا بعد من التشكيك في فكرة الإمام المهدي.

البعد الثاني: أن يسلم بفكرة الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه في الجملة، ولكن يدعى أن هذه الفكرة بعد لم تولد، وإنما تولد فيما بعد، فشخص بعنوان الإمام المهدي لم يتحقق بعد، وإذا كان هناك مصلح يتحقق على يديه إزالة الظلم فذلك يتحقق ويولد فيما بعد.

البعد الأول: التشكيك في أصل الفكرة:

إذا لاحظنا البعد الأول من التشكيك، أي: التشكيك في الفكرة من الأساس، فبالإمكان أن نجد المسلمين متفقين تقريبا على بطلان مثل ذلك، فالإمامية وغيرهم قد اتفقت كلمتهم على أنه سيظهر في آخر

ص: 9

الزمان رجل يتم إصلاح العالم على يده المباركة، وقد دلت على ذلك آيات كثيرة، كما دلت على ذلك مجموعة كبيرة من الروايات.

الاستدلال بالآيات في بطلان التشكيك:

أما الآيات فأتمكن أن أقول هي بين خمس إلى ست، طبيعي الآيات التي لا تحتاج إلى تفسير من قبل أهل البيت سلام الله عليهم والتي هي ظاهرة بنفسها، وواحدة من تلك الآيات ما تلوته على مسامعكم الشريفة: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم)، نور الله هو الإسلام (والله متم نوره)، هذا إخبار من الله عز وجل بأن نوره سوف يتمه على جميع الكرة الأرضية، ومصداق ذلك لم يتحقق بعد، وحيث أنه لا يحتمل في حقه سبحانه عز وجل الأخبار على خلاف الواقع، فلا بد وأن إتمام النور سوف يتحقق يوما من الأيام، ولا يحتمل تحققه إلا على يد هذا المصلح وهو الإمام صلوات الله عليه، هذه الآية بنفسها ظاهرة بلا حاجة إلى تفسير روائي.

ومن هذا القبيل قوله تعالى (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) (1)، المقصود من الأرض جميع الأرض، ولحد الآن لم يرث جميع الأرض العباد الصالحون، ولا بد وأن يتحقق هذا فيما بعد في المستقبل، ولا يحتمل تحققه إلا على يد الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه.

هاتان الآيتان وغيرهما من الآيات - طبيعي أنا لا أريد أن أقف عند

ص: 10


1- (1) الأنبياء: 105.

هذا البعد من التشكيك، وإنما أريد أن أمر عليه مر الكرام كتمهيد إلى البعد الثاني الذي هو أساس بحثي - تدل على فكرة الإمام المهدي.

ولكن أعود لأؤكد لكم من جديد أن هذه الآيات لا تدل على أن هذا الشخص قد ولد الآن وهو موجود الآن وغائب عن أعيننا الآن، هذه تدل على أنه سوف يتحقق هذا الحلم وهذه الأمنية في يوم من الأيام، الأرض يرثها العباد الصالحون - جميع الأرض - ومن الممكن أن الإمام لم يولد بعد وسوف يولد في المستقبل، وتتحقق هذه الأمنية على يده في المستقبل من دون أن يكون مولودا الآن، فمثل هذه الآيات لا تثبت ولادة الإمام وأنه غائب، بل من المحتمل أنه سوف يولد مثل هذا الشخص في المستقبل.

الاستدلال بالروايات على بطلان التشكيك:

الروايات أيضا في هذه المجال - في أصل فكرة الإمام المهدي، وأنه سوف تتحقق هذه الأمنية، ولو من دون دلالة على أن هذا الشخص مولود بالفعل - كثيرة وسلم بها غير الإمامية أيضا، وألفوا كتبا في جمع هذه الروايات الدالة على الإمام المهدي وأنه سوف يظهر في آخر الزمان شخص باسم المهدي، والذي اطلعت عليه أنا أكثر من ثلاثين كتابا للإخوة من العامة غير الإمامية في هذا المجال.

ومن باب المثال أقرأ لكم بعض الروايات:

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل

ص: 11

من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي " (1).

حديث آخر: " لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " (2).

وعلى هذا النسق روايات أخرى كثيرة موجودة.

وقد سلم بهذه الروايات وبهذه الفكرة في الجملة غيرنا من الإخوة العامة، بما فيهم ابن تيمية وابن حجر (3)، بل في الآونة الأخيرة سلم بها عبد العزيز بن باز كما ورد في مجلة الجامعة التي تصدر من المدينة المنورة (4) وذكر أن هذه الفكرة صحيحة والروايات صحيحة ولا يمكن إنكار هذه الفكرة.

فالمسلمون إذن بشكل عام قد سلموا بهذه الفكرة، للآيات والروايات.

وإذا كان هناك منكر فهو قليل، ويمكن أن يعد شاذا، من قبيل ابن خلدون في تاريخه (5) وأبو زهرة في كتابه الإمام الصادق (6) ومحمد

ص: 12


1- 1 - مسند أحمد 1: 377 ح 3563، ونحوه الصواعق المحرقة: 249.
2- 2 - مسند أحمد 3: 36 ح 10920، كنز العمال 14: 271 ح 38691، وفيه: " رجل من عترتي ".
3- 3 - الصواعق المحرقة: 249.
4- 4 - مجلة الجامعة الإسلامية العدد 3 من السنة الأولى 161 - 162.
5- 5 - تاريخ ابن خلدون 1: 199.
6- 6 - الإمام الصادق: 199

رشيد رضا في كتابه تفسير المنار (3) في قوله تعالى: (يريدون ليطفئوا نور الله) (4)، فإنه حينما يمر بها هناك يقول: الروايات ضعيفة، فهو يحاول تضعيف الروايات بمجرد دعوى ذلك لا أكثر.

على أي حال أصل فكرة الإمام المهدي وأنه سوف يتحقق هذا الحلم وتتحقق هذه الأمنية مسلمة من قبل عامة المسلمين تقريبا إلا من شذ، وقد دلت عليها الآيات كما قلت، والروايات الكثيرة التي جمعت في ثلاثين كتاب أو أكثر للإخوة العامة فقط.

البعد الثاني: التشكيك في الولادة:

البعد الثاني للتشكيك هو التشكيك في ولادة الإمام سلام الله عليه، بمعنى أن يقال: نحن نسلم بهذه الفكرة وأنه سيظهر شخص، لكن هذا الشخص لا يلزم أن يكون هو الإمام المهدي، ولا يلزم أن يكون مولودا الآن، ولا يلزم أن يكون قد غاب، ولعله يولد في المستقبل والآن غير موجود، ولا توجد غيبة، فكيف نتمكن أن نثبت ولادة الإمام المهدي الآن وأنه قد تحققت ولادته؟ إن المهم في محاضرتي هذه هو إثبات هذا الموضوع، وعنونت محاضرتي بعنوان " الإمام المهدي سلام الله عليه بين التواتر وحساب الاحتمال " وسأحاول إن شاء الله إثبات ولادة الإمام من خلال هذين الطريقين، أي: طريق التواتر مرة، وطريق حساب الاحتمال أخرى.

ص: 13

ص: 14

أربع قضايا مهمة

وقبل أن أشرع بالبحث أود أن أبين أربع قضايا كمقدمة لتحقيق الهدف:

القضية الأولى:

أي مسألة تاريخية إذا ما أردنا إثباتها فهناك طريقان لإثباتها:

أحدهما: التواتر.

ثانيهما: حساب الاحتمال.

والتواتر كما تعلمون يعني: أن يخبر بالقضية مجموعة كبيرة من المخبرين بحيث لا نحتمل اجتماعهم واتفاقهم وتواطئهم على الكذب، فإذا كان خبر من الأخبار جاء ثلاثمائة شخص أو مائتا شخص أخبرونا به، وكل واحد نفترضه من مكان غير مكان الآخر، في مثل هذه الحالة لا نحتمل تواطؤ الجميع واتفاقهم على الكذب، مثل هذا الخبر يقال له الخبر المتواتر.

هذا طريق لتحصيل العلم بالقضية والمسألة التاريخية.

الطريق الثاني: أن نفترض أن الخبر ليس متواترا، كما إذا أخبر به واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة من دون تواتر، ولكن انضمت

ص: 15

إلى ذلك قرائن من هنا وهناك، يحصل العلم بسببها على مستوى حساب الاحتمال.

فلنفترض أن هناك شخصا مصاب بمرض عضال، وجاء شخص وأخبر بأن فلانا قد شوفي من مرضه، يحصل احتمال أنه شوفي بدرجة ثلاثين بالمائة مثلا، لكن إذا انضمت إلى ذلك قرائن فسوف ترتفع القيمة الاحتمالية من ثلاثين إلى أربعين وإلى خمسين وإلى أكثر، افترض أننا شاهدناه لا يستعمل الدواء بعد ذلك وكان حينما يحضر في مكان يستعمل الدواء، فهذا يقوي احتمال الشفاء، وإذا كانت القيمة الاحتمالية للشفاء بدرجة ثلاثين الآن ترتفع وتصير بدرجة أربعين مثلا، وأيضا شاهدناه يجلس في المجلس ضاحكا مستبشرا، هذه الظاهرة أيضا تصعد من القيمة الاحتمالية لهذا الخبر، وهكذا حينما تنضم قرائن من هذا القبيل، فسوف ترتفع القيمة الاحتمالية للخبر إلى أن تصل إلى درجة مائة بالمائة.

هذا الخبر هو في الحقيقة ليس خبرا متواترا، لكن لانضمام القرائن حصل العلم.

فهنا حصول العلم يحصل بحساب الاحتمال، يعني بتقوي القيمة الاحتمالية بسبب انضمام القرائن.

إذن، حصول العلم بأي قضية تاريخية يتم من خلال أمرين:

من خلال التواتر.

ومن طريق حساب الاحتمال بتجميع القرائن.

هذه القضية الأولى التي أحببت الإشارة إليها.

ص: 16

القضية الثانية:

لا يلزم في الخبر المتواتر أن يكون المخبر من الثقات، فإن اشتراط الوثاقة في المخبر يلزم في الخبر غير المتواتر، كما إذا جاءنا شخص واحد أو اثنان أو ثلاثة وأخبرونا بقضية، هنا يشترط أن يكون المخبر - لأجل أن يكون هذا الخبر حجة - عادلا، أما لو كانت القضية أخبر بها مائة أو مائتان أو ثلاثمائة، يعني العدد كان يشكل التواتر فليس من الضروري عدالة المخبر؟ فالعدالة والوثاقة هي شرط في الخبر غير المتواتر.

وأرجو أن لا يحصل خلط في هذه القضية بين الخبر المتواتر وبين الخبر غير المتواتر، إذ البعض يتصور أن مسألة الوثاقة ومسألة عدالة الراوي يلزم تطبيقهما حتى في الخبر المتواتر، هذا غير صحيح، بل الذي نشترط فيه العدالة والوثاقة هو الخبر غير المتواتر.

لماذا لا نشترط في الخبر المتواتر العدالة والوثاقة؟ النكتة هي: أن الخبر المتواتر حسب الفرض يفيد العلم، لكثرة المخبرين، وبعد ما أفاد العلم لا معنى لاشتراط الوثاقة والعدالة، إذ المفروض أن العلم حصل، وليس بعد العلم شئ يقصد، فلا معنى إذن لاشتراط الوثاقة والعدالة في باب الخبر المتواتر، وهذه قضية بديهية وواضحة في سوق العلم.

وعلى أساس هذه القضية ليس من الحق وليس من الصواب أن نأتي إلى الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) أو أي قضية ترتبط بالإمام المهدي سلام الله عليه ونقول: هذه الرواية ضعيفة السند، الرواة مجاهيل، هذا مجهول أو ذاك مجهول، هذه الرواية الأولى إذن نطرحها،

ص: 17

الرواية الثانية الراوي فيها مجهول إذن نطرحها، والثالثة كذلك، الرابعة هكذا و...

هذا ليس بصحيح، فإن هذا صحيح لو فرض أن الرواية كانت واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس أو عشر، أما بعد فرض أن تكون الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي سلام الله عليه قد بلغت حد التواتر لا معنى أن نقول هذه الرواية الأولى ضعيفة السند، والثانية ضعيفة السند لجهالة الراوي والثالثة هكذا، فإن هذه الطريقة وجيهة في الخبر غير المتواتر، أما في الخبر المتواتر فلا معنى لها.

هذه القضية الثانية التي أحببت الإشارة إليها.

القضية الثالثة:

إذا فرض أن لدينا مجموعة من الأخبار تختلف في الخصوصيات والتفاصيل، لكن الجميع يشترك في مدلول واحد من زاوية، كما لو فرضنا أنه جاءنا مجموعة كبيرة من الأشخاص يخبروننا عن تماثل ذلك الشخص المريض للشفاء، لكن الشخص الأول جاء وأخبر بالشفاء في الساعة الواحدة، والثاني حينما جاء أخبر بالشفاء أيضا لكن في الساعة الثانية، والثالث حينما جاء أخبر بشفائه لكن في الساعة الثالثة، فاختلفوا في رقم الساعة، لكن الكل متفق على أنه قد شوفي، والخامس أو السادس جاء وأخبر بالشفاء لكن بهذا الدواء، والآخر قال بذلك الدواء، فكان الاختلاف بمثل هذا الشكل، أي: اختلاف في الخصوصيات، لكن الكل متفق من زاوية واحدة، وهي أنه قد شوفي.

في مثل هذه الحالة هل يثبت الشفاء؟

ص: 18

نعم أصل الشفاء يثبت بنحو العلم.

والنكتة في ذلك، أن المخبر الأول في الحقيقة يخبر بخبرين لا بخبر واحد: الخبر الأول الذي يخبر به أنه شوفي، والخبر الثاني أنه شوفي في الساعة الأولى، الثاني حينما يخبر أيضا يخبر بأنه شوفي، والثالث حينما يخبر أيضا يخبر بأنه شوفي، إذن هم متفقون في الإخبار الأول أنه شوفي، لكن يختلفون في الإخبار الثاني، إذن في الإخبار الأول التواتر موجود والاتفاق بين الجميع موجود.

ومن هنا نخرج بهذه النتيجة: أن الأخبار الكثيرة إذا اتفقت من زاوية على شئ معين فالعلم يحصل بذلك الشئ، وإن اختلفت هذه الأخبار من الجوانب الأخرى في التفاصيل.

وبعد هذا فليس من حقنا أن نناقش في روايات الإمام المهدي (عليه السلام) ونقول: هذه مختلفة في التفاصيل، واحدة تقول بأن أم الإمام المهدي اسمها نرجس والثانية تقول أن أم الإمام اسمها سوسن والثالثة تقول اسمها شئ ثالث، أو أن واحدة تقول ولد في هذه الليلة والثانية تقول ولد في تلك الليلة أو واحدة تقول ولد في هذه السنة والأخرى تقول في السنة الأخرى، فعلى هذا الأساس هذه الروايات لا يمكن أن نأخذ بها، وليست متواترة وليست مقبولة، لأنها تختلف في التفاصيل، ولا تنفع في إثبات التواتر وفي تحصيل العلم بولادة الإمام سلام الله عليه، لأنها مختلفة ومتضاربة فيما بينها حيث اختلفت بهذا الشكل.

إنه باطل، لأن المفروض أن كل هذه الأخبار متفقة في جانب واحد، وهو الإخبار بولادة الإمام سلام الله عليه، ولئن اختلفت فهي مختلفة في

ص: 19

تفاصيل وخصوصيات أخرى، لكن في أصل ولادة الإمام هي متفقة، فالعلم يحصل والتواتر يثبت من هذه الناحية.

هذه القضية الثالثة.

القضية الرابعة:

وهي الأخيرة التي أردت الإشارة إليها: ليس من حق شخص أن يجتهد في مقابل النص، فإذا كان عندنا نص صريح الدلالة وتام السند من كلتا الجهتين، فلا حق لأحد أن يأتي ويقول أنا أجتهد في هذه المسألة.

فالله عز وجل يقول: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (1)، وهذه الآية بوضوح تدل على الطلب، غاية ما في الأمر ليست صريحة في الطلب الوجوبي، لكن في أصل الطلب - طلب الصلاة وطلب الزكاة - دلالتها صريحة وسند القرآن لا مناقشة فيه.

فلا يحق لأحد أن يقول: أنا أريد أن أجتهد في هذه المسألة وأقول هي لا تدل على الطلب!! ليس له هذا الحق، وهذا يسمونه اجتهاد في مقابل النص.

نعم إذا كان يجتهد في الدلالة ويقول لا تدل على الوجوب بل تدل على الاستحباب، فهذا جيد، لأن الدلالة ليست صريحة على الوجوب، أما أن يجتهد في الدلالة على أصل الطلب ويقول أنا أجتهد وأقول لا تدل هذه على أصل الطلب في رأيي فهذا لا معنى له، لأن دلالتها على الطلب صريحة والسند أيضا قطعي.

ص: 20


1- 1 - البقرة: 43.

على ضوء هذا أخرج بهذه النتيجة أيضا: ليس من حق أحد أن يقول روايات الإمام المهدي أنا اجتهد فيها كما يجتهد الناس في مجالات أخرى، هذا لا معنى له، لأن الروايات حسب الفرض هي واضحة الدلالة صريحة وتامة غير قابلة للاجتهاد، وسندها متواتر، فالاجتهاد هنا إذن لا معنى له أيضا، فإن للاجتهاد مجالا إذا فرض أن الدلالة لم تكن صريحة أو السند لم يكن قطعيا، أما بعد قطعية السند وصراحة الدلالة، فالاجتهاد لا معنى له، فإنه اجتهاد في مقابل النص، وهذه قضية واضحة أيضا.

هذه أربع قضايا أحببت الإشارة إليها في مقدمة بحثي، والآن أدخل في البحث وأريد أن أبين عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي سلام الله عليه، وسوف نلاحظ أن هذه العوامل إما تفيد التواتر، أو تفيد اليقين بحساب الاحتمال، كما أوضح لكم فيما بعد.

ص: 21

ص: 22

عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي (عليه السلام)

العامل الأول:

الأحاديث الكثيرة المسلمة بين الفريقين الإمامية وغيرهم، والتي تدل على ولادة الإمام سلام الله عليه، ولكن من دون أن ترد في خصوص الإمام المهدي وبعنوانه، فهي تدل على ولادة الإمام من دون أن تنصب على هذا الاتجاه، وأذكر لكم في هذا المجال ثلاثة أحاديث:

الحديث الأول: حديث الثقلين أو الثقلين، الذي هو حديث متواتر بين الإمامية والإخوة العامة، ولا مجال للمناقشة في سنده، قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مواطن متعددة: في حجة الوداع، في حجرته المباركة، في مرضه، وفي...، فإذا رأينا اختلافا في بعض ألفاظ الحديث فهو ناشئ من اختلاف مواطن تعدد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الحديث:

" إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، أحدهما أكبر من الآخر، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1).

ص: 23


1- 1 - راجع: المستدرك للحاكم 3: 109، المعجم الكبير للطبراني 5: 166 ح 4969، تاريخ بغداد 8: 442، حلية الأولياء 1: 355، مجمع الزوائد 9: 164، وغيرها كثير جدا.

لاحظوا: " ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض "، يعني أن الكتاب مع العترة، من البداية، من زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن يردا عليه الحوض.

وهذا يدل على أن العترة الطاهرة مستمرة مع الكتاب الكريم، وهذا الاستمرار لا يمكن توجيهه إلا بافتراض أن الإمام المهدي (عليه السلام) قد ولد ولكنه غائب عن الأعين، إذ لو لم يكن مولودا وسوف يولد في المستقبل لافترق الكتاب عن العترة الطاهرة، وهذا تكذيب - أستغفر الله - للنبي، فهو يقول: " ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض " هذا لازمه أن العترة لها استمرار وبقاء مع الكتاب إلى أن يردا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا لا يمكن توجيهه إلا بملأ قلت: إن الإمام المهدي سلام الله عليه قد ولد ولكنه غائب، وإلا يلزم الإخبار على خلاف الواقع.

وهذا حديث واضح الدلالة، يدل على ولادة الإمام سلام الله عليه، لكن كما قلت هذا الحديث لم يرد ابتداءا في الإمام المهدي، وإنما هو منصب على قضية ثانية: " وإنهما لن يفترقا "، لكن نستفيد منه ولادة الإمام بالدلالة الالتزامية.

وقد يقول قائل: لنفترض أن الإمام (عليه السلام) لم يولد، ولكن في فترة الرجعة التي ستقع في المستقبل يرجع الإمام العسكري (عليه السلام)، ويتولد آنذاك الإمام المهدي (عليه السلام)، إن هذه فريضة ممكنة وعلى أساسها يتم التلائم بين صدق الحديث وافتراض عدم ولادة الإمام (عليه السلام).

وجوابنا: أن لازم هذه الفريضة تحقق الافتراق بين العترة الطاهرة والكتاب الكريم في الفترة السابقة على فترة الرجعة، ففي هذه الفترة لا

ص: 24

وجود للإمام المهدي (عليه السلام) ولا وجود للعترة وقد تحقق فيها افتراق الكتاب الكريم عن العترة الطاهرة.

الحديث الثاني: حديث الاثني عشر، وهذا أيضا حديث مسلم بين الفريقين، يرويه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق أهل السنة، ومن طرقنا أيضا قد رواه غير واحد كالشيخ الصدوق مثلا في كمال الدين والحديث منقول عن جابر بن سمرة يقول:

دخلت مع أبي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمعته يقول: " إن هذا لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة "، ثم تكلم بكلام خفي علي، فقلت لأبي ما قال؟ قال: كلهم من قريش (1).

وهذا الحديث من المسلمات أيضا، وليس له تطبيق معقول ومقبول إلا الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام).

وجاء البعض وحاول تطبيقه على الخلفاء الراشدين واثنين أو ثلاثة من بني أمية واثنين أو ثلاثة من بني العباس.

إن هذا تطبيق غير مقبول، وكل شخص يلاحظ هذا الحديث يجده إخبارا غيبي من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قضية ليس لها مصداق وجيه ومقبول سوى الأئمة صلوات الله عليهم الاثني عشر.

وهذا الحديث بالملازمة يدل على ولادة الإمام المهدي سلام الله عليه، إذ لو لم يكن مولودا الآن، والمفروض أن الإمام العسكري توفي،

ص: 25


1- 1 - كمال الدين: 272، والغيبة للطوسي: 128. وانظر صحيح البخاري 9: 729 كتاب الأحكام باب الاستخلاف، وصحيح مسلم 3: 220 ح 1821 كتاب الإمارة، ومسند أحمد 5: 90.

ولم يحتمل أحد أنه موجود، إذن كيف يولد الإمام المهدي من أب هو متوفى.

فلا بد وأن نفترض أن ولادة الإمام (عليه السلام) قد تحققت، وإلا هذا الحديث يعود تطبيقه غير وجيه.

فهذا الحديث بالدلالة الالتزامية يدل على ولادة الإمام صلوات الله وسلامه عليه.

الحديث الثالث الذي أريد أن أذكره في هذا المجال، حديث أيضا مسلم سندا بين الفريقين، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):

" من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " (1)، هذا أيضا يرويه أهل السنة، ويرويه الشيخ الكليني في الكافي، فهو مسلم عند السنة والشيعة.

فإذا لم يكن الإمام المهدي (عليه السلام) مولودا الآن، فهذا معناه نحن لا نعرف إمام زماننا، فميتتنا ميتة جاهلية.

فالحديث يدل على أن كل زمان لا بد فيه من إمام، وكل شخص مكلف بمعرفة ذلك الإمام ومكلف بأن لا يموت ميتة جاهلية، فلو لم يكن الإمام مولودا إذن كيف نعرف إمام زماننا؟.

هذه أحاديث ثلاثة، وإن لم تكن منصبة على الإمام المهدي صلوات الله عليه مباشرة، ولكنها بالدلالة الالتزامية تدل على أن الإمام سلام الله عليه قد ولد وتحققت ولادته.

ص: 26


1- 1 - كمال الدين: 409 ح 9، المناقب لابن شهرآشوب 3: 217، ونحوه الكافي 1: 377 ح 3، وفي مسند الطيالسي: 259، وصحيح مسلم 3: 239 ح 1851 عن عبد الله بن عمر: "... من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ".

العامل الثاني

إخبار النبي والأئمة صلوات الله عليهم بأنه سوف يولد للإمام العسكري ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا ويغيب، ويلزم على كل مسلم أن يؤمن بذلك.

هذه الأحاديث كثيرة، فالشيخ الصدوق في كمال الدين جعلها في أبواب:

باب ما روي عن النبي في الإمام المهدي، ذكر فيه خمسة وأربعين حديثا.

ثم بعد ذلك ذكر باب ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في الإمام المهدي.

ثم باب عن الزهراء سلام الله عليها وما ورد عنها في الإمام المهدي (عليه السلام)، ذكر فيه أربعة أحاديث.

ثم عن الإمام الحسن (عليه السلام)، ذكر فيه حديثين.

ثم عن الإمام الحسين (عليه السلام)، ذكر فيه خمسة أحاديث.

ثم عن الإمام السجاد (عليه السلام)، ذكر فيه تسعة أحاديث.

ثم عن الإمام الباقر (عليه السلام)، ذكر فيه سبعة عشر حديثا.

ص: 27

ثم عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ذكر فيه سبعة وخمسين حديثا.

وقد جمعت الأحاديث فكانت مائة وثلاثة وتسعين حديثا.

هذا فقط ما يرويه الشيخ الصدوق في الإكمال (1)، ولا أريد أن أضم ما ذكره الكليني في الكافي، والشيخ الطوسي، وغيرهما (2)، وربما آنذاك يفوق العدد الألف رواية.

وتبركا وتيمنا أذكر حديثا واحدا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحديثين عن الإمام الصادق سلام الله عليه.

أما عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

فهو ما رواه ابن عباس قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "... ألا وإن الله تبارك وتعالى جعلني وإياهم حججا على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري، ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة... " إلى آخر الحديث (3).

وبهذا المضمون أو قريب منه أحاديث كثيرة، وبعض الأحاديث تذكر أسماء الأئمة صلوات الله عليهم.

وأما عن الإمام الصادق (عليه السلام):

فهو ما رواه محمد بن مسلم بسند صحيح متفق عليه قال: سمعت أبا

ص: 28


1- 1 - كمال الدين: 256 - 384.
2- 2 - الكافي 1: 328 - 335، والغيبة للطوسي: 157، البحار 51: 65 - 162.
3- 3 - كمال الدين: 257 ح 2، كفاية الأثر: 10.

عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها " (1).

وحديث آخر عن زرارة يقول: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته " (2).

فمسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الإمام الصادق (عليه السلام) من ذلك الزمان، فكان أول من شكك في الولادة جعفر عم الإمام المهدي (عليه السلام)، لعدم اطلاعه على الولادة، ووجود تعتيم إعلامي قوي على مسألة ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، نتيجة الظروف الحرجة المحيطة بالإمامة في تلك الفترة، حتى أنه لم يجز الأئمة التصريح باسم الإمام المهدي، فجعفر ما كان مطلعا على أن الإمام العسكري (عليه السلام) له ولد باسم الإمام المهدي، لذلك فوجئ بالقضية وأنكر أو شكك في الولادة، فهو أول من شكك.

ثم تلاه في التشكيك ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل، شكك في مسألة الولادة فقال: وتقول طائفة منهم - أي من الشيعة - أن مولد هذا يعني الإمام المهدي الذي لم يخلق قط في سنة ستين ومائتين، سنة موت أبيه (1).

وتبعه على ذلك محمد اسعاف النشاشيبي في كتابه الإسلام الصحيح، يقول: ولم يعقب الحسن - يعني العسكري سلام الله عليه -

ص: 29


1- 1 - الكافي 1: 340 ح 15، الغيبة للطوسي: 161 ح 118.
2- 2 - كمال الدين: 342 ح 24.

ذكرا ولا أنثى (1).

على أي حال مسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الإمام الصادق (عليه السلام)، وكانت موجودة من تلك الفترة، فالإمام يقول لزرارة: " وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول أنه ولد قبل موت أبيه بسنتين... " إلى أن يقول الإمام:

" يا زرارة إذا أدركت ذلك الزمان فادعوا بهذا الدعاء: " اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " (2).

واقعا الإنسان والعياذ بالله فجأة يضل عن الدين من حيث لا يشعر، فالدعاء بهذا ضروري للبقاء بالتمسك بهذا المذهب الصحيح: " اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ".

ومن الأشياء التي لا تنبغي الغفلة عنها الأدعية المعروفة عن أهل البيت صلوات الله عليهم، ومنها هذا الدعاء: " اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا " (3).

ومن الطبيعي أن الأئمة صلوات الله عليهم يذكرون هذا الدعاء

ص: 30


1- 1 - الإسلام الصحيح: 348.
2- 2 - كمال الدين: 342 ح 24. 3 - الكافي 4: 162

ليعلموا شيعتهم، ومن تعبيرهم بالحجة فقط يعلم مدى حالة الكتمان والتكتم، حتى أن الوارد في الدعاء المتقدم " اللهم كن لوليك فلان ابن فلان " كتمانا للاسم المبارك.

هذه جملة من الأحاديث، وهي بهذا الصدد كثيرة، رواها الكليني في الكافي والشيخ في الغيبة وغيرهما، وهي تشكل في الحقيقة مئات الأحاديث في هذا المجال.

وبعد هذه الكثرة فهي من حيث السند متواترة لا معنى للمناقشة فيها، وهي واضحة غير قابلة للاجتهاد، وإلا لكان ذلك اجتهادا في مقابل النص.

هذا هو العامل الثاني من عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي سلام الله عليه.

ص: 31

ص: 32

العامل الثالث

رؤية بعض الشيعة للإمام المهدي (عليه السلام)، كما حدثت به مجموعة من الروايات الأخرى، وهذه الروايات التي سأذكرها هي غير الروايات التي ذكرها الشيخ الصدوق في كمال الدين.

فرغم التعتيم الإعلامي بالنسبة إلى اسم الإمام وولادته (عليه السلام) الذي قام به الأئمة (عليهم السلام)، السلطة اطلعت من خلال إخبار النبي وأهل البيت أنه سوف يولد شخص من ذرية الإمام العسكري يملأ الأرض قسطا وعدلا وتزول على يده المباركة السلطات الظالمة، إنهم كانوا مطلعين ويراقبون الأوضاع، كما اطلع فرعون على مثل هذه القضية وكان يراقب الأوضاع ويراقب النساء ويراقب القوابل، ونفس القضية اتبعها بنو العباس في زمان المعتمد العباسي، فكانوا يراقبون الأوضاع، ولذلك كانت القضية تعيش كتمانا شديدا من هذه الناحية.

حتى أن الإمام الهادي سلام الله عليه يروي عنه الثقة الجليل أبو القاسم الجعفري داود بن القاسم الرجل العظيم الثقة الجليل ويقول:

سمعت أبا الحسن - يعني الإمام الهادي (عليه السلام) - يقول: " الخلف من بعدي الحسن ابني، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ " فقلت: ولم جعلني

ص: 33

الله فداك؟ فقال: " إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه "، فقلت: فكيف نذكره؟ قال: " قولوا الحجة من آل محمد " (1).

على أي حال، رغم هذا التعتيم الإعلامي الذي حاول الأئمة (عليهم السلام) أن يقوموا به رأى الإمام المهدي (عليه السلام) جماعة من الشيعة.

ينقل الشيخ الكليني عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري.

وهذا السند في غاية الصحة والوثاقة، فالشيخ الكليني معروف إذا حدث هو مباشرة بكلام يحصل من نقله اليقين، ومحمد بن عبد الله هو محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري من الثقات الأجلة الأعاظم، ومحمد بن يحيى العطار هو أستاذ الشيخ الكليني من الأعاظم الأجلة، فاثنان من أعاظم مشايخ الكليني الكبار ينقل عنهم، وعبد الله بن جعفر الحميري معروف بالوثاقة والجلالة.

يقول عبد الله بن جعفر الحميري: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (2) (رحمه الله) عند أحمد بن إسحاق (3)، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة،.... ولكن أحببت أن أزداد يقينا، فإن إبراهيم (عليه السلام) سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى فقال: أولم تؤمن؟ قال: بلى ولكن

ص: 34


1- 1 - الكافي 1: 328، كمال الدين: 381 ح 5.
2- 2 - عمرو بن عثمان بن سعيد العمري السمان.
3- 3 - أحمد بن إسحاق القمي الأشعري المعروف بالوثاقة.

ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن - يعني عن الإمام الهادي (عليه السلام) - قال: سألته وقلت: من أعامل؟ وعمن آخذ وقول من أقبل؟ فقال: " العمري ثقتي، فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون "، وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد (عليه السلام) - يعني الإمام العسكري (عليه السلام) - عن مثل ذلك؟ فقال:

" العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنهما الثقتان المأمونان "، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك، قال: فخر أبو عمرو ساجدا وبكى ثم قال: سل حاجتك، فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد؟ - يعني من بعد العسكري - فقال: إي والله.... فقلت له: فبقيت واحدة، فقال لي:

هات، قلت: الاسم؟ قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، وليس لي أن أحلل ولا أحرم، ولكن عنه (عليه السلام)، فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه... فاتقوا الله وامسكوا عن ذلك " (1).

فهل هذه الرواية قابلة للاجتهاد من حيث الدلالة؟ إنها من حيث الدلالة صريحة، ويتمسك بها الأصوليون في مسألة حجية خبر الثقة، وقد ذكر السيد الشهيد الصدر في أبحاثه أن هذه الرواية لوحدها تفيدنا اليقين - وقد ذكر ذلك لا بمناسبة الإمام المهدي، بل بمناسبة حجية خبر الثقة - إذ هناك إشكال يقول إن هذه الرواية هي خبر واحد فكيف نستدل بها على حجية خبر الواحد؟ ما هذا إلا دور في

ص: 35


1- 1 - الكافي 1: 329 ح 1، الغيبة للطوسي: 243 ح 209.

هذا المجال، وكان السيد الشهيد يريد أن يثبت أن هذه الرواية تفيد اليقين، لأن الشيخ الكليني كلما ينقل ويقول: أخبرني، فلا نشك في إخباره، والذي أخبره هو محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى العطار، وهما من أعاظم الشيعة لا نحتمل في حقهم أنهم كذبوا أو أخطأوا ويحصل القطع من نقلهما، وهما ينقلان عن عبد الله بن جعفر الحميري الذي هو من الأعاظم، وهو ينقل مباشرة عن السفير الأول للإمام سلام الله عليه، والسفير يقول: أنا رأيت الخلف بعيني.

فهذه الرواية لوحدها يمكن أن يحصل منها اليقين، وهي واضحة في الدلالة على أنه قد رئي الإمام صلوات الله وسلامه عليه.

وهناك رواية أخرى تنقل قصة حكيمة بنت الإمام الجواد سلام الله عليه، وهذه القصة مشهورة، ولكن لا بأس أن أشير إلى بعض مقاطعها، وهي مذكورة في كتاب كمال الدين وغيره.

تنقل حكيمة: بعث إلي أبو محمد سلام الله عليه سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال: يا عمة اجعلي الليلة إفطارك عندي فإن الله عز وجل سيسرك بوليه وحجته على خلقه خليفتي من بعدي، قالت حكيمة: فتداخلني لذلك سرور شديد وأخذت ثيابي علي وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد (عليه السلام) وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله، فقلت: جعلت فداك يا سيدي الخلف ممن هو؟ قال: من سوسن - في بعض الروايات سوسن، وفي بعضها نرجس، وفي بعضها شئ آخر - وقلت أن هذه الاختلافات لا يمكن أن يتشبث بها شخص ويقول هذه الروايات مردودة لأنها مختلفة، فإن هذا

ص: 36

ليس له أثر - فأدرت طرفي فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن، قالت حكيمة: فلما صليت المغرب والعشاء أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتها في بيت واحد، فغفوت غفوة ثم استيقظت، فلم أزل مفكرة فيما وعدني أبو محمد من أمر ولي الله، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كل ليلة للصلاة، فصليت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر، فوثبت سوسن فزعة وخرجت فزعة وأسبغت الوضوء، ثم عادت - يعني أم الإمام المهدي (عليه السلام) - فصلت صلاة الليل وبلغت الوتر، فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب، فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأول قد طلع، فتداخل قلبي الشك من وعد أبي محمد (عليه السلام) فناداني من حجرته: " لا تشكي وكأنك بالأمر الساعة "، قالت حكيمة: فاستحييت من أبي محمد ومما وقع في قلبي ورجعت إلى البيت خجلة، فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة، فلقيتها على باب البيت فقلت: بأبي أنت وأمي هل تحسين شيئا؟ قالت: نعم يا عمة إني لأجد أمرا شديدا، قلت: لا خوف عليك إن شاء الله، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفي وغمزت غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقيا الأرض بمساجده (1).

ونقل الشيخ الطوسي أيضا في الغيبة حديثا ظريفا فقال:

جاء أربعون رجلا من وجهاء الشيعة اجتمعوا في دار الإمام العسكري ليسألوه عن الحجة من بعده، وقام عثمان بن سعيد العمري

ص: 37


1- (1) الغيبة للطوسي: 234 ح 204.

فقال: يا بن رسول الله أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني، فقال له:

إجلس يا عثمان، فقام مغضبا ليخرج، فقال: لا يخرجن أحد، فلم يخرج منا أحد، إلى أن كان بعد ساعة فصاح (عليه السلام) بعثمان فقام على قدميه فقال:

أخبركم بما جئتم؟ قالوا: نعم يا بن رسول الله، قال: جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي؟ قالوا: نعم، فإذا غلام كأنه قطعة قمر أشبه الناس بأبي محمد، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه " (1).

هذه أربع روايات نقلتها لكم، والروايات في هذا الصدد كثيرة جدا، وحسبنا ما روي في رؤية الإمام الذي هو في الحقيقة يمكن أن يشكل مقدار التواتر.

ص: 38


1- 1 - الغيبة للطوسي: 357 ح 319.

العامل الرابع

وضوح فكرة ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) بين الشيعة، فالذي يقرأ التاريخ ويقرأ الروايات يفهم أن الشيعة من الزمان الأول كانوا يتداولون فكرة الإمام المهدي وأنه يغيب، وكانت قضية واضحة فيما بينهم، ولذلك نرى أن الناووسية ادعت أن الإمام الغائب هو الإمام الصادق (عليه السلام)، ولكن بعد وفاة الإمام الصادق اتضح بطلان هذه العقيدة، والواقفية ادعوا أن الإمام المهدي الذي يبقى هو الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه، وألفت النظر إلى أن هذا لا ينبغي سببا لتضعيف فكرة الإمام المهدي، بل بالعكس، هذا عامل للتقوية، لأن هذا يدل على أن هذه الفكرة كانت فكرة واضحة بين الأوساط، ولذلك ينسبون إلى بعض الأئمة نسبة غير صحيحة وأن هذا هو الإمام المهدي أو ذاك.

وإذا راجعنا كتاب الغيبة للشيخ الطوسي نجده يذكر بعنوان الوكلاء المذمومين عدة، منهم: محمد بن نصير النميري، أحمد بن هلال الكرخي، محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني، وغير ذلك إلى عشرة أو أكثر من الذين ادعوا الوكالة والسفارة عن الإمام كذبا وزورا وخرجت عليهم اللعنة وتبرأ منهم الشيعة.

ص: 39

وهذا العامل أيضا لا يكون سببا لتضعيف فكرة الإمام المهدي وولادته وغيبته، بل هذا في الحقيقة عامل للتقوية، إذ يدل على أن هذه الفكرة كانت واضحة وثابتة، لذلك ادعى هؤلاء الوكالة كذبا وزورا، وخرجت البراءة واللعنة في حقهم.

إذن هذا العامل الرابع من عوامل حصول اليقين بفكرة الإمام المهدي (عليه السلام).

ص: 40

العامل الخامس

إن قضية السفراء الأربعة وخروج التوقيعات بواسطتهم قضيته واضحة في تاريخ الشيعة، ولم يشكك فيها أحد من زمان الكليني الذي عاصر سفراء الغيبة الصغرى ووالد الشيخ الصدوق علي بن الحسين وإلى يومنا، إنه لم يشكك أحد من الشيعة في جلالة هؤلاء السفراء ولم يحتمل كذبهم، وهم أربعة:

الأول: عثمان بن سعيد أبو عمرو، الذي قرأنا الرواية المتقدمة عنه، وكان عثمان بن سعيد السمان يبيع السمن في الزقاق، وكانت الشيعة توصل له الكتب والأموال فيضعها في الزقاق، حتى يخفي القضية ثم يوصلها إلى الإمام، وكان هذا وكيلا عن الإمام الهادي وعن الإمام العسكري وبعد ذلك عن الإمام الحجة صلوات الله عليهم.

الثاني: محمد بن عثمان بن سعيد.

الثالث: الحسين بن روح.

الرابع: علي بن محمد السمري.

هؤلاء أربعة سفراء أجلة، خرجت على أيديهم توقيعات - استفتاءات - كثيرة، نجد جملة منها في كمال الدين، وفي كتاب الغيبة،

ص: 41

وكتب أخرى.

إن هذه السفارة والسفراء الذين ما يحتمل في حقهم الكذب، وخروج هذه التوقيعات الكثيرة بواسطتهم هو نفسه قرينة قوية على صحة هذه الفكرة، أي: فكرة ولادة الإمام المهدي، وعلى أنه غائب صلوات الله وسلامه عليه.

ص: 42

العامل السادس

تصرف السلطة، فإن تاريخ الإمامية وغيرهم ينقل أن المعتمد العباسي بمجرد أن وصل إلى سمعه أنه ولد للإمام مولود أرسل شرطته إلى دار الإمام وأخذوا جميع نساء الإمام واعتقلوهن حتى يلاحظوا الولادة ممن؟ طبيعي بعض التاريخ ينقل أن القضية كلها كانت بإرشاد جعفر عم الإمام المهدي، وهذا غير مهم، فإن نفس تصرف السلطة قرينة واضحة على أن مسألة الولادة ثابتة، وإلا فهذا التصرف لا داعي إليه.

ص: 43

ص: 44

العامل السابع

إن كلمات المؤرخين وأصحاب التاريخ والنسب من غير الشيعة واضحة في ولادة الإمام المهدي، منهم:

ابن خلكان قال: أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، المعروف بالحجة، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين (1).

والذهبي قال: وأما ابنه محمد بن الحسن الذي تدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة ست وخمسين (2).

وابن حجر الهيتمي قال: ولم يخلف - يعني الإمام العسكري - غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين (3).

وخير الدين الزركلي قال: ولد في سامراء، ومات أبوه وله من العمر خمس سنين (4).

ص: 45


1- 1 - وفيات الأعيان 4: 176 رقم: 562
2- 2 - تاريخ الإسلام 19: 113 رقم: 159.
3- 3 - الصواعق: 255 و 314.
4- 4 - الأعلام 6: 80.

إلى غير ذلك من كلمات المؤرخين العامة، وهي تشكل قرينة على صحة هذه القضية.

ص: 46

العامل الثامن

تباني الشيعة واتفاقهم من زمان الكليني ووالد الشيخ الصدوق وإلى يومنا هذا على فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) وغيبته، وفي كل طبقات الشيعة لم نجد من شكك في ولادة الإمام وفي غيبته، وهذا من أصول الشيعة وأصول مذهبهم.

ص: 47

حساب الاحتمال

هذه عوامل ثمانية لنشوء اليقين، وقبل أن أختم محاضرتي أقول:

نحن إما أن نسلم بكثرة الأخبار وتواترها ووضوح دلالتها على الغيبة، ومعه فلا يمكن لأحد أن يجتهد في مقابلها، لأنه اجتهاد في مقابل النص.

أو لا نسلم التواتر، ولكن بضميمة سائر العوامل إلى هذه الأخبار - التي منها: تباني الشيعة، وكلمات المؤرخين، ووضوح فكرة الإمام المهدي وولادته بين طبقات الشيعة من ذلك التاريخ السابق، وتصرف السلطة، ومسألة السفارة والتوقيعات، وغير ذلك من العوامل - يحصل اليقين بحقانية القضية.

إذن نحن بين أمرين:

أما التواتر، على تقدير التسليم بكثرة الأخبار وتواترها.

أو اليقين، من خلال ضم القرائن على طريقة حساب الاحتمال.

نسأل الله عز وجل بحق محمد وآل محمد أن يهدينا إلى الصراط المستقيم.

ص: 48

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.