الامام محمد بن علي الجواد عليهما السلام : مكانته الدينيه و ظروفه السياسيه

اشارة

‏سرشناسه : محمد، عبدالزهراء عثمان
‏عنوان و نام پديدآور : الامام محمد بن علي الجواد(ع): مكانته الدينيه و ظروفه السياسيه/ بقلم: عبدالزهراء عثمان محمد
‏مشخصات نشر : بيروت: دارالهادي، ۱۴۲۵ق.=۲۰۰۴م.=۱۳۸۳ش.
‏مشخصات ظاهري : ۱۸۴ص.
‏وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي
‏شماره كتابشناسي ملي : ۱۱۲۸۳۶۲

مقدمة المؤلف

الحمدلله الذي من علينا بمحمد صلي الله عليه و آله دون الامم الماضية، و القرون السالفة، والصلاة والسلام علي محمد أمين الله علي وحيه، و نجيبه من خلقه و صفيه من عباده، امام الرحمة، و قائد الخير و مفتاح البركة [1] و علي آله الطيبين الطاهرين «ازمة الحق، و اعلام الدين، و ألسنة الصدق» [2] و «شجرة النبوة، و محط الرسالة، و مختلف الملائكة، و معادن العلم، و ينابيع الحكم» [3] و بعد: فأن جل الابحاث و الدراسات التي خصصت لدراسة سيرة الأئمة الهداة من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام قد انتهجت منهجين: 1- دراسة الفضائل الشخصية للأئمة (ع) بضمنها خدماتهم للاسلام و الامة اضافة الي دراسة المحن و المعاناة التي تعرضوا لها عبر حياتهم [ صفحه 10] الشريفة. 2- أو الاهتمام بأبراز المزايا التي تؤهل ائمة اهل البيت (ع) لقيادة المسلمين سياسيا و تفضلهم علي غيرهم من الناس. و لعل الاتجاه الاول اكثر الاتجاهين شيوعا في كتابات سيرة اهل البيت (ع) قديما و حديثا اما المنهج الثاني فقد تبناه بعض كتاب السيرة مثلا بخصوص تفضيل أميرالمؤمنين علي بن ابي‌طالب (ع) علي سواه في مسألة خلافة المسلمين و قيادتهم، و هكذا في سائر الهداة من آل محمد (ص). و قد يجمع بعض المهتمين بالسيرة الشريفة بين المنهجين في دراساتهم كما يلاحظ ذلك في كثير من كتابات الشيعة الامامية (ع) علي وجه الخصوص و كتابات المعتزلة القائلين بتفضيل علي (ع) غيره من الصحابة دون غيرهم من المعتزلة. علي الن المنهج الاصيل لدراسة حياة الأئمة (ع) ليس واحدا من المناهج المذكورة ابدا، فالذي يدرس حياة رسول أو وصي رسول، و ينصب بحثه علي الخصائص الذاتية و الاعمال و المعاناة لهذا الرسول أو ذاك الوصي دون أن يهتم بأبراز جانب النبوة أو وظيفة الوصية، فأن مثل هذه الدراسة لا تحظي بالأصالة في اتجاهها، و ان كانت تهتم بالبني الفوقية الهامة لشخصية الرسول أوالوصي عليهماالسلام. ان هذه الحالة هي التي تم التعامل من خلالها مع سيرة الأئمة الهداة من آل محمد (ص) و لعل السبب في بروز هذا الاتجاه في التعامل مع سيرة أهل بيت المصطفي (ص) يعود الي ظروف التقية التي مربها أتباع الأئمة (ع) عبر التاريخ، اضافة الي الصراعات الفكرية - السياسية التي شهدتها عهود تاريخية طويلة من حياة المسلمين. [ صفحه 11] علي أن مسار الدراسات ينبغي ان يصحح و يعود المنهج الاصيل لدراسة حياة الأئمة (ع) الي موقعه في الحياة الفكرية للمسلمين كما كان يفعل علماونا السابقون من امثال ثقة الاسلام ابي‌جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي (رض) [4] ، و شيخ القميين ابي‌جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار [5] (رض)، و رضي الدين أبي‌القاسم علي بن موسي بن طاووس الحسني الحسيني (رض) [6] و غيرهم، حيث اذا اعتمد هذا المنهج في دراسة حياة الائمة (ع) تكون المناهج الاخري لبنات لأشادة البناء الفوقي في دراسة حياتهم و سيرتهم صلوات الله عليهم اجمعين. ان المنهج الذي ندعوا الي العودة اليه يهتم اساسا في ابراز موقع أي امام من ائمة اهل البيت (ع) باعتباره وزيرا للنبوة و وصيا لرسول الله (ص)، يمارس نفس المهام التي كان رسول الله (ص) يمارسها في حياة الامة اصالة في التبليغ عن الرسول (ص) و عصمة في الفكر والسلوك، و اختيارا لهذه المهمة من عندالله تعالي، و كل ما يسجله التاريخ من حكمة و رصانة و عدل و تقوي ليس لها نظير انما هي رشحات لذلك الموقع الذي احله الله تعالي فيه، و اختاره له. ان اعتماد هذه المنهجية الاصيلة لا يعطي نتائج ايجابية علي مستوي دراسة السيرة المطهرة فحسب و انما لها قيمتها الحيوية في مجال العقيدة، و في فهم التاريخ، وفي ادراك حقيقة دور الائمة من آل محمد (ص) في التاريخ الاسلامي، و الحياة الاسلامية. [ صفحه 12] و حينئذ يمكننا ان نعي وعيا معمقا معني قول رسول الله (ص): «من سره ان يحيا حياتي، و يموت مماتي، و يسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، و ليوال وليه، و ليقتد بأهل بيتي من بعدي فأنهم عترتي، خلقوا من طينتي و رزقوا فهمي، و علمي» [7] . كما و يمكننا ان ندرك المعني الحقيقي لقول علي (ع) في الائمة من آل محمد (ص): «لا يقاس بآل محمد صلي الله عليه و آله من هذه الامة أحد، و لا يسوي بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا: هم اساس الدين، و عماد اليقين، اليهم يفي‌ء الغالي و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حق الولاية، و فيهم الوصية والوراثة...» [8] . «و انما الائمة قوام الله علي خلقه، و عرفاؤه علي عباده، و لا يدخل الجنة الا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار الا من انكرهم، و انكروه» [9] . و هكذا جاء هذا البحث الذي بين يديك حول سيرة تاسع ائمة اهل البيت الامام محمد بن علي الجواد (ع) محاولا تكريس هذا المنهج المتوخي. نسأله تعالي ان ينفع به المؤمنين و المسلمين والحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الطاهرين. المؤلف أواخر شهر رمضان المبارك 1408 ه [ صفحه 13]

سطور حول الهوية الشخصية

- الامام الجواد عليه‌السلام هو محمد بن الامام علي الرضا بن الامام موسي الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر ابن الامام علي السجاد بن الامام ابي‌عبدالله الحسين سبط رسول الله (ص) بن الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليهم جميعا آلاف التحية والسلام. - يكني الامام الجواد بأبي‌جعفر الثاني تمييزا له عن جده الامام محمد بن علي الباقر (ع) الذي يكني بأبي‌جعفر. - ولد الامام الجواد في مدينة جدة المصطفي (ص) في شهر رمضان من عام 195 ه، كما في رواية الشيخ المفيد (رض) [10] أوفي رجب المرجب في نفس العام، و توفي في بغداد مسموما في بداية حكم المعتصم [ صفحه 14] العباسي او اخرذي القعدة من عام 220 ه [11] ، و دفن في مقابر قريش ببغداد عند قبر جده الامام موسي الكاظم عليهماالسلام، و كان عمره عند وفاته خمسا و عشرين سنة. - آتاه الله الحكم و امامة المسلمين و هو ابن سبع أو ثماني سنوات و تولي الامامة سبع عشرة سنة بعد وفاة أبيه (ع) [12] . - يلقب بالقانع و التقي و المرتضي و اشهر القابه الجواد و لقد خلف من الاولاد علي الهادي الامام العاشر من ائمة أهل البيت عليهم‌السلام و موسي و حكيمة و خديجة و ام‌كلثوم و امامة و فاطمة - بجمع الروايات - - و أمه سبيكة من أهل النوبة جنوب مصر من قوم مارية القبطية زوج النبي صلي الله عليه و آله، و يقال ان الامام الرضا دعاها بالخيزران، و تكني ام‌الحسن. اقترن بزوجتين كما ذكر المؤرخون، احداهما: سمانة المغربية و هي ام‌ولده الامام علي الهادي عليه‌السلام، و الثانية: زينب بنت المأمون المعروفة بأم‌الفضل. [ صفحه 17]

و آتيناه الحكم صبيا

توطئه

ثمة مسألتان جوهريتان تفرضان وجودهما علي الباحث و هو يستعرض حياة اي وصي من اوصياء رسول الله صلي الله عليهم اجمعين: 1- المهام و المسؤوليات المناطة بالأئمة الاوصياء (ع). 2- المؤهلات التي يملكها الوصي الامام (ع). و لكي نلم بالخصوصيات العامة لهاتين المسألتين نقول: ان الامامة في المنظور الاسلامي الواقعي لها انما هي استمرار للنبوة و امتداد عضوي مكمل لها كما توحي بهذا الفهم عدة نصوص اصيلة يجمع عليها المسلمون كقوله تعالي: انما وليكم الله و رسوله والذين آمنوا: الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون [13] . المائدة 56 - 55 [ صفحه 18] و كقول رسول الله (ص): اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا ابدا و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض [14] . و كقوله (ص): انت مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي [15] . و الائمة الاثني‌عشر من ائمة أهل البيت عليهم‌السلام يمتلكون المؤهلات الذاتية التي يمتلكها اي نبي من أنبياء الله تعالي، الا أن الارادة الالهية اقتضت أن تختم النبوة في الأرض برسول الله محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله و سلم، و بالنظر للشرف الرفيع الذي خص به محمد (ص) دون سائر خلق الله تعالي جميعا فقد تحولت مواقع هؤلاء الهداة الاطهار عليهم‌السلام الي اوصياء للرسول الخاتم صلي الله عليه و آله ينهضون بنفس المهام الفكرية و الاجتماعية التي كان ينهض بها النبي محمد (ص)، كما جري في كل امة من امم الانبياء الكبار (ع). بالنسبة لمضمون العلاقة بين الرسل السابقين و أوصيائهم (ع)، [ صفحه 19] و الي هذا المعني أشار رسول الله (ص) قائلا: «ان الله اختار لكل نبي وصيا، و علي وصيي في عترتي و أهل بيتي و أمتي بعدي» [16] ، و الفارق الوحيد بين رسول الله (ص) و أوصيائه الاثني‌عشر عليهم الصلاة والسلام، انهم جردوا من مقام النبوة و هنا ندرك العلامة الفارقة الوحيدة بين اوصياء الانبياء السابقين عليهم‌السلام و اوصياء النبي الخاتم (ص)، فان اوصياء الانبياء السابقين كانوا انبياء ايضا بصريح الاحاديث، [17] ، الا ان ارادة الله تعالي و بسبب الشرف الذي خص به النبي الخاتم محمد (ص) - اقتضت أن يتمتع اوصياء محمد رسول الله (ص) بنفس المؤهلات الذاتية التي يتمتع بها الانبياء ايضا و لكنهم لا يوحي اليهم بالطريقة التي يوحي بها للنبي (ص) كما سيتضح و لم يعطوا مقام النبوة كما أشرنا. و من الجدير ذكره ان مبادي‌ء العقيدة الاسلامية تسجل فروقا بين الرسول و أوصيائه من ناحية كيفية تلقي معارف الرسالة الالهية و احكامها فاذا كان النبي الرسول (ص) يتلقي معارف التشريع الالهي بواسطة سفير الله و وحيه جبريل (ع) الذي يسمع منه الرسول (ص) و يراه في النوم و اليقظة، فان الوصي الامام (ع) يتلقي معارف التشريع [ صفحه 20] الالهي أما من الرسول مباشرة او من وصي له صلي الله عليه و آله مفترض الطاعة. و أما ما يستجد من أمور فان وسيلة الامام لتلقي معارف التشريع الالهي حولها هو الالهام [18] . و يحسن أن نورد نماذج من النصوص الكريمة التي تشخص هذه الحقائق: اخرج الكليني الرازي (رض) بسنده عن زرارة قال: «سألت أباجعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (و كان رسولا نبيا) ما الرسول و ما النبي؟ قال: النبي الذي يري في منامه، و يسمع الصوت، و لا يعاين الملك، و الرسول الذي يسمع الصوت و يري في المنام و يعاين الملك، قلت: الامام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت، و لا يري، و لا يعاين الملك... [19] . و يلخص الامام الصادق (ع) ابعاد العلم الالهي الذي يملكه الائمة عليهم‌السلام بقوله: «علمنا غابر و مزبور و نكت في القلوب، و نقر في الاسماع، و ان عندنا الجفر الاحمر و الجفر الابيض، و مصحف فاطمة عليهاالسلام و ان عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس اليه». و لما سئل الامام (ع) عن تفسير كلامه هذا قال: «أما الغابر فالعلم بما يكون و أما المزبور فالعلم بما كان، و أما النكت في القلوب فهو الالهام و النقر في الاسماع حديث الملائكة، نسمع كلامهم، و لا نري [ صفحه 21] اشخاصهم. و اما الجفر الاحمر، فوعاء فيه سلاح رسول الله صلي الله عليه و آله، و لن يخرج حتي يقوم قائمنا أهل البيت، و اما الجفر الابيض، فوعاء فيه توراة موسي و انجيل عيسي و زبور داود و كتب الله الاولي، و اما مصحف فاطمة عليهاالسلام، ففيه ما يكون من حادث و اسماء كل من يملك الي أن تقوم الساعة. و اما الجامعة فهي كتاب طوله سبعون ذراعا أملاه رسول الله صلي الله عليه و آله من فلق فيه و خط علي بن ابي‌طالب عليه‌السلام بيده، فيه والله جميع ما يحتاج الناس اليه الي يوم القيامة حتي ان فيه ارش الخدش، و الجلدة، و نصف الجلدة» [20] . بعد هذا علينا أن نشير الي السبيل الذي يسلكه المكلفون من أجل أن يتعرفوا علي اوصياء الرسول (ص) بشكل قاطع لا يشوبه ريب بالنظر للاهمية البالغة التي يتميز بها هذا الموقع في دنيا الرسالة و تاريخ المسلمين و مسيرتهم الحضارية من جهة، و لكي يتميز الامام الحق من امام الباطل من جهة اخري فان منصب الامامة قد شهد مصاديق كثيرة من الأدعاء طوال التاريخ اذ نصب الكثيرون انفسهم ائمة للناس دون وجه حق، اسوة بمنصب النبوة الذي شهد نماذج من المتنبئين الكاذبين كمسيلة الكذاب و القادياني و الباب و البهاء و أضرابهم. و بسبب هذه الملابسات التي تحول بين الناس و بين معرفة اعلام [ صفحه 22] الهدي و منهاج الحق حباالله عزوجل ائمة الحق عليهم‌السلام ثلاث مؤهلات يستدل المكلفون من خلالها علي صدق نهوضهم باعباء الامامة الحقة، و حقيقة خلافتهم للنبي (ص): 1) العهد اليهم صراحة بالامامة و الوصية من الله تعالي بواسطة رسوله الاعظم صلي الله عليه و آله، أو بواسطة امام سابق مفترض الطاعة لامام لاحق. و في كتب التاريخ و العقيدة الاسلامية و الحديث الشريف يلتقي المكلفون عادة مع لونين من النصوص المختصة بهذا الموضوع، بعضها نصوص عامة واردة عن النبي (ص) مباشرة تنص علي اوصياء الرسول (ص) واحدا واحدا ضمن السياق التاريخي لمراحل حياتهم المباركة، و بعض النصوص جاءت في اطار ارشاد أو وصية من الامام السابق للذي يليه - كما سيتضح في الفصول القادمة -. 2) اجراء المعاجز علي يد الامام (ع) بأذن الله تعالي طمأنة للقلوب و اقامة للحجة، و منارا للهداية. و السيرة المطهرة زاخرة بألوان من هذه المعاجز التي جرت علي ايدي الائمة عليهم الصلاة والسلام، و سنشير نماذج من ذلك خاصة بالامام الجواد (ع) - مدار بحثنا - و نستطيع ان نفترض ان التاريخ الاسلامي لو لم يحمل شواهد لمعاجز جرت علي ايدي الائمة الاطهار عليهم‌السلام لحكم العقل البشري السليم بضرورة جريانها علي ايديهم عليهم‌السلام انسجاما مع المهام التي انيطت بهم من قبل الله تعالي باعتبارهم اوصياء للرسول الخاتم (ص). 3) ان تاريخ الائمة من آل البيت عليهم الصلاة والسلام [ صفحه 23] و سيرتهم العطرة تؤكد بما لا شبهة فيه ان ايا منهم لم يتلق العلم علي أي استاذ معاصر له فقيها كان أو مفسرا او متكلما او محدثا، و لم يؤثر عن احد منهم انه دخل الكتاتيب أوما يشبهها علما بأنهم لم يسألوا عن شيي‌ء الا اجابوا عنه في وقته دون اللجوء للمراجعة او التأمل او ما يشبه ذلك و لم يرو التاريخ ان احدا منهم سئل عن شي‌ء فقال: لا علم لي. الامر الذي لم يؤثر لأحد سواهم ابدا، فلا نجد في كتب التاريخ او تراجم الرجال فقيها او محدثا او متكلما او نحوه الا و قد ذكر ضمن ترجمة حياته: تربيته و اخذه للمعرفة علي يد غيره حسب الفن الذي اشتهر به، كما ان التاريخ يروي الكثير من حالات توقف العلماء والفقهاء و امثالهم عن الاجابة علي بعض المسائل او شكهم في كثير من المعلومات كما هو المألوف لدي البشر في كل العصور و الاجيال. فقد امتاز ائمة اهل هذا البيت المبارك عليهم الصلاة والسلام عن سواهم بأن علمهم موروث عن جدهم المصطفي صلي الله عليه و آله، و ما يستجد من أمر يلهمون الجواب [21] فيه من قبل الله عزوجل بواسطة الروح القدسية التي يحملونها او بواسطة الملك المكلف بذلك: أخرج الكليني الرازي (رض) بسنده عن الحارث بن المغيرة عن أبي‌عبدالله (ع) قال قلت: أخبرني عن علم عالمكم؟ قال: وراثة من رسول الله صلي الله عليه و آله، و من علي عليه‌السلام قال قلت: انا نتحدث انه يقذف في قلوبكم، و ينكت في آذانكم قال: أوذاك [22] . [ صفحه 24] و عنه «رض» بسنده عن أبي‌الحسن الاول موسي عليه‌السلام قال: مبلغ علمنا علي ثلاثة وجوه: ماضي و غابر و حادث، فأما الماضي، فمفسر، و أما الغابر، فمزبور، و أما الحادث، فقذف في القلوب، و نقر في الاسماع و هو افضل علمنا و لا نبي بعد نبينا [23] . و بسنده رحمه الله عن جابر عن أبي‌جعفر الباقر (ع) قال: سألته عن علم العالم فقال لي: «يا جابر ان في الانبياء و الاوصياء خمسة ارواح: روح القدس، و روح الايمان، و روح الحياة، و روح القوة، و روح الشهوة، فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش الي ما تحت الثري، ثم قال: يا جابر ان هذه الاربعة ارواح يصيبها الحدثان الا روح القدس، فانها لا تلهوه، و لا تلعب [24] . و سيلتقي القاري‌ء عبر هذه الدراسة حول الامام الجواد (ع) مع مصاديق ثرة تؤكد هذه الحقائق التي اشرنا اليها.

الجواد ينهض بأعباء الامامة

من خلال الاحاديث الواردة عن اهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسلام و غيرهم بشأن الامام الجواد عليه‌السلام تتجلي حقيقتان: 1) انه امام مفترض الطاعة من قبل الله تعالي، و ان امامة المسلمين قد انتهت اليه بعد ابيه علي بن موسي الرضا عليه‌السلام، بعهد من الله و علي لسان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - كما سيرد -. [ صفحه 25] 2) ان الامام الجواد (ع) نهض باعباء الامامة الشرعية للمسلمين و هو لما يبلغ الحلم أسوة بعيسي بن مريم نبي الله صلي الله عليه حيث نهض باعباء الرسالة و هو في سن مبكرة، الامر الذي اشارت اليه جملة من الاحاديث. فقد أخرج ثقة الاسلام أبوجعفر الكليني الرازي بسنده عن صفوان بن يحيي قال قلت للرضا عليه‌السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أباجعفر، فكنت تقول: «يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك، فان كان كون فالي من؟ فأشار بيده الي أبي‌جعفر و هو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين فقال: و ما يضره من ذلك، فقد قام عيسي عليه‌السلام بالحجة و هو ابن ثلاث سنين» [25] . علي أن الحقيقة الثانية التي انفرد بها الوصي التاسع من أوصياء رسول الله (ص) قد أوجدت حالة من التساول لدي اتباع أهل البيت عليهم‌السلام و حالة في التشكيك لدي اتباع الخطوط الفكرية الاخري المعاصرة للامام عليه‌السلام. فمن مصاديق التساؤل ما أورده ثقة الاسلام الكليني بأسناده عن يحيي بن حبيب الزيات قال: اخبرني من كان عند أبي‌الحسن الرضا عليه‌السلام جالسا... فلما نهضوا قال لهم: «القوا أباجعفر فسلموا عليه و أحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت الي فقال: «يرحم الله المفضل انه كان ليقنع بدون هذا [26] . [ صفحه 26] و عن الكليني (رض) ايضا بأسناده عن الخير اني عن أبيه قال: «كنت واقفا بين يدي أبي‌الحسن عليه‌السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي ان كان كون فالي من؟ قال: الي أبي‌جعفر ابني، فكأن القائل استصغر سن أبي‌جعفر عليه‌السلام، فقال ابوالحسن عليه‌السلام: ان الله تبارك و تعالي بعث عيسي بن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الذي فيه أبوجعفر» [27] . و يشير بعض المؤرخين الي ان الحيرة و الاختلاف بين اتباع أهل البيت بسبب تصدي أبي‌جعفر (ع) للامامة و هو في سن مبكرة قد بلغت مبلغا خطيرا بعد وفاة أبيه حيث كان عمره دون السابعة - كما تشير بعض الروايات - [28] اوثماني سنوات كما تشير أخري. و من مصاديق التشكيك لدي المخالفين ما رواه المؤرخون عن موقف العباسيين من المأمون العباسي حين عزم علي تزويج ابنته أم‌الفضل للامام الجواد (ع). فقد ورد في احتجاج أولئك علي صاحبهم بهذا الصدد ما يلي: «ان هذا الفتي و ان راقك منه هديه فأنه صبي لا معرفة له، و لا فقه فأمهله ليتأدب و يتفقه في الدين...» [29] . غير ان تلك المواقف المشككة بما أوتي الامام الجواد (ع) من الفضل والعلم والحكمة بددتها ثلاث حقائق - مجتمعة أوكل علي انفراد -. [ صفحه 27]

المصطفي يوصي بحفيده الجواد

1- الاحاديث الصحيحة الواردة عن الرسول (ص) بطرق السنة والشيعة حول المكانة السامية التي رقي اليها هذا الامام العظيم، و نهوضه بمسؤولية امامة المسلمين الشرعية بعد أبيه رغم صباه - بعهد من الله تعالي الي رسول الكريم صلي الله عليه و آله، و هذه بعضها: أ- فقد أورد الحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي نقلا عن فرائد السمطين بسنده عن مجاهد عن ابن‌عباس (رض) حديثا عن رسول الله (ص) جاء فيه: «... ان وصيي علي بن أبي‌طالب، و بعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة ائمة من صلب الحسين... اذا مضي الحسين فابنه علي، فاذا مضي علي فابنه محمد، فاذا مضي محمد فابنه جعفر، فاذا مضي جعفر، فابنه موسي، فاذا مضي موسي فابنه علي، فاذا مضي علي، فابنه محمد، فاذا مضي محمد، فابنه علي، فاذا مضي علي، فابنه الحسن، فاذا مضي الحسن، فابنه الحجة محمد المهدي، فهؤلاء اثناعشر...» [30] . ب - و أورد أخطب خوارزم موفق بن أحمد المكي (رض) في مناقبه حديثا طويلا بسنده عن رسول الله (ص) - نذكر منه مقتضي الحاجة -. «ليلة اسري بي الي السماء قال لي الجليل جل جلاله:... قال: التفت عن يمين العرش، فالتفت، فاذا بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسي [ صفحه 28] بن جعفر و علي بن موسي، و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي، و المهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون و هو في وسطهم - يعني المهدي - كأنه كوكب دري، فقال: يا محمد هؤلاء الحجج، و هو الثائر من عترتك...» [31] . ج - عن محمد بن يعقوب الكليني بسنده عن أبي‌عبدالله الصادق عليه‌السلام قال: [32] . قال أبي لجابر بن عبدالله الانصاري، ان لي اليك حاجة فمتي يخف عليك ان اخلوبك أسألك عنها، قال له جابر: اي الاوقات احببت، فخلا به في بعض الايام، فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدأمي: فاطمة بنت رسول الله (ص)، و ما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب، فقال: جابر: اشهد بالله اني دخلت علي أمك فاطمة بنت رسول الله (ص)، فهنيتها بولادة الحسين (ع)، و رأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه من زمرد و رأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس، فقلت: بأبي و أمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله الي رسول الله (ص) فيه اسم أبي و أسم بعلي و أسم ابني و اسم الاوصياء من ولدي، و أعطانيه أبي ليبشرني بذلك. [ صفحه 29] قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة، فقرأته، و استنسخته. فقال له أبي فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ فمشي معه أبي الي منزل جابر، فأخرج صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ عليك، فنظر جابر في نسخته، فقرأه أبي، فما خالف حرف حرفا، فقال جابر: اشهد اني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه، و نوره، و سفيره و حجابه، و دليله، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين عظم يا محمد اسمائي و اشكر نعماني، و لا تجحد آلائي، اني أنا الله لا اله الا أنا قاصم الجبارين، و مديل المظلومين، و ديان الدين، اني أنا الله لا اله الا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، فأياي فاعبد، و علي فتوكل، اني لم أبعث نبيا، فأكملت أيامه، و انقضت مدته الا جعلت له وصيا، و اني فضلتك علي الانبياء، و فضلت وصيك علي الاوصياء، و أكرمتك بشبليك، و سبطيك حسن و حسين، فجعلت حسنا معدن علمي، بعد انقضاء مدة ابيه و جعلت حسينا خازن وحيي و أكرمته بالشهادة و ختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد و أرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه و حجتي البالغة عنده، بعترته أثيب و أعاقب، أولهم علي سيد العابدين و زين أوليائي الماضين [33] و ابنه شبه جده المحمود: محمد الباقر علمي و المعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني [ صفحه 30] لا كرمن مثوي جعفر و لأسرنه في أشياعه و أنصاره و أوليائه، أتيحت [34] بعده موسي فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي لا ينقطع و حجتي لا تخفي و أن أوليائي يسقون بالكأس الأوفي، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي و من غير آية من كتابي فقد افتري علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسي عبدي و حبيبي و خيرتي في علي وليي و ناصري و من أضع عليه أعباء النبوة و أمتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح [35] الي جنب شر خلقي، حق القول مني لأسرنه بمحمد ابنه و خليفته من بعده و وارث علمه، فهو معدن علمي و موضع سري و حجتي علي خلقي لا يؤمن عبد به الا جعلت الجنة مثواه و شفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار و أختم بالسعادة لابنه علي وليي و ناصري و الشاهد في خلقي و أميني علي وحيي، أخرج منه الداعي الي سبيلي و الخازن لعلمي الحسن و أكمل ذلك بابنه «م ح م د» رحمة للعالمين، عليه كمال موسي و بهاء عيسي و صبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه [36] و تتهادي رؤوسهم كما تتهادي رؤوس الترك والديلم فيقتلون و يحرقون و يكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الارض بدمائهم، و يفشو الويل و الرنة في نسائهم اولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس و بهم أكشف الزلازل و أدفع الآصار و الاغلال أولئك عليهم صلوات من [ صفحه 31] ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون. قال عبدالرحمن بن سالم: قال أبوبصير: لولم تسمع في دهرك، الا هذا الحديث لكفاك، فصنه الا عن أهله.» د- أخرج الامام موفق بن أحمد الخوارزمي «أخطب خطباء خوارزم» في كتابه المناقب بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري (رض) قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يا جابر ان أوصيائي و ائمة المسلمين من بعدي اولهم علي، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر، ستدركه يا جابر، فاذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم اسمه اسمي و كنيته كنيتي ابن‌الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله تبارك و تعالي علي يديه مشارق الارض و مغاربها...» [37] .

الامام يدحض مزاعم المشككين بأمامته

2- تحدي المشككين بالدليل العلمي: ذكرنا فيما سبق أن حالة الصبا التي تزامنت مع اضطلاع الامام الجواد (ع) بأعباء الخلافة لرسول الله «ص»، و تصديه لأمامة المسلمين في ذلك الوقت المبكر، قد أوجدت حالة بين الناس تراوحت بين التساؤل و التشكيك، علي ان التساؤلات قد تم حسمها بدرجة ما من خلال الاحاديث والتوجيهات و الأشارات التي بثها والده الامام الرضا (ع) بين مقربيه، و رؤساء [ صفحه 32] القوي الموالية لاهل البيت (ع) في البلدان كمصر والحجاز والعراق و بلاد فارس و غيرها، اضافة الي ما نهض به الجواد (ع) من مهمات لتبديد تلك الاوهام التي اثيرت بشكل و بآخر بعد وفاة الامام الرضا (ع) مما تعكسه بعض الروايات الواردة بهذا الخصوص. أورد السيد المرتضي (رض) في عيون المعجزات انه: لما قبض الرضا (ع) كان سن أبي‌جعفر (ع) نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد، وفي الامصار، واجتمع الريان بن الصلت، و صفوان بن يحيي و محمد بن حكيم، و عبدالرحمن بن الحجاج، و يونس بن عبدالرحمن، و جماعة من وجوه الشيعة و ثقاتهم في دار عبدالرحمن بن الحجاج في «بركة زلول» يبكون، و يتوجعون من المصيبة، فقال لهم يونس بن عبدالرحمن: دعوا البكاء من لهذا الامر؟ و الي من نقصد بالمسائل الي أن يكبر هذا! - يعني اباجعفر (ع)- فقام اليه الريان بن الصلت، ووضع يده في حلقه، ولم يزل يلطمه و يقول له: انت تظهر الايمان، و تبطن الشك و الشرك ان كان أمره من الله جل‌وعلا، فلو انه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم و فوقه، و ان لم يكن من عندالله فلو عمر الف سنة فهو واحد من الناس...» [38] . - و عن الشيخ الكليني الرازي (رض) بسنده عن اسماعيل بن بزيع قال: سألته يعني أباجعفر الثاني (ع) عن شيي‌ء من أمر الامام، فقلت: يكون الامام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال: [ صفحه 33] نعم و أقل من خمس سنين» [39] . - و عن الكليني (رض) بسنده عن علي بن اسباط قال: رأيت أباجعفر (ع)، و قد خرج علي، فأخذت النظر اليه، و جعلت انظر الي رأسه و رجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتي قعد، فقال: يا علي ان الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة، فقد يجوز أن يؤتي الحكمة صبيا، و يجوز ان يعطاها، و هو ابن اربعين سنة» [40] . و ذكر الشيخ الجواهري (ره) في كتابه: ان بعض الشيعة توقفوا عن امامة الجواد (ع) لصغر سنه حتي توجه أكابر الشيعة من العلماء و الفقهاء و المتكلمين الي الحج و التقوا بالامام (ع) و استفسروا عن مختلف أمور دينهم و دقائق معارف التشريع الالهي، فلما رأوا عظيم قدر الامام (ع) بعد أن أظهر لهم من العلوم و اسرارها، و مصاديق المعاجز و الكرامات ما لا يترك أي منفذ للأرتياب، زالت سحب الشك عن قلوبهم [41] . أما بخصوص المشككين بأمامته من المستكبرين و المترفين و وعاظ السلاطين و اتباعهم، فأن الامام (ع) قد تصدي لدحض مزاعمهم القاء للحجة، واجلاء للحق، و صونا للحقيقة. و قد ذكرنا فيما سبق ان رؤية حاشية السلطان العباسي [ صفحه 34] «المأمون» و كبراء البيت الحاكم، و خدامهم من الوعاظ و المنظرين للانحراف و حماته تتلخص بالعبارة التالية: «انه صبي لا معرفة له، و لا فقه...» الامر الذي يقتضي أن يتحدي الامام (ع) مرتكزاتهم و نظرتهم الخاطئة للامامة، و يحدد بالارقام والمواقف العملية القدرات المميزة لشخصية وصي رسول الله (ص) المختار من الله تعالي لأمامة المسلمين. و قد توفرت العديد من الفرص المناسبة لأظهار هذه الحقائق الكبري من قبل الامام الجواد (ع) نذكر منها ما يلي: «لما أراد المأمون العباسي أن يزوج ابنته ام‌الفضل لأبي‌جعفر (ع)، و هو مازال صبيا استنكر أركان البيت العباسي ذلك، و كبر عليهم، «فخاضوا في ذلك و اجتمع منهم أهل بيته الأدنون منه فقالوا: ننشدك الله يا أميرالمؤمنين الا ما رجعت عن هذه النية، و صرفت خاطرك عن هذا الامر، فانا نخاف، و نخشي أن يخرج عنا ملكنا، و يبزغ عنا عز البسناه الله تعالي، و يتحول الي غيرنا، و أنت تعلم ما بيننا و بين هؤلاء القوم - يقصدون العلويين -». الا ان المأمون كان يري اهمية قصوي لما يقدم عليه من الناحية السياسية و الاجتماعية، ولعل تبرئة نفسه من دم الامام علي الرضا (ع)، [42] و اعطاء شيعة أهل البيت (ع) انطباعا حسنا عنه كان في مقدمة أهدافه السياسية التي تنطوي نفسه عليها. و من أجل ذلك راح السلطان العباسي يجادل اقطاب العائلة [ صفحه 35] الحاكمة فيما أقدم عليه قائلا: - أما ما بينكم و بين آل ابي‌طالب، فأنتم السبب فيه، و لو انصفتم القوم لكانوا أولي بالامر منكم...». ثم بين الحاكم العباسي فلسفة اصراره علي تزويجه ابنته من الامام الجواد قائلا: «فاخترته لتبريزه - لتقدمه - علي كافة أهل الفضل في العلم، والحلم والمعرفة والادب مع صغر سنه - و كان سن ابي‌جعفر في ذاك الوقت تسع سنوات، - فقال اقطاب البيت الحاكم: ان هذا صبي صغير السن و أي علم له اليوم أو معرفة أو أدب، دعه يتفقه يا أميرالمؤمنين، ثم اصنع به ما شئت. المأمون العباسي: كأنكم تشكون في قولي، ان شئتم، فاختبروه او ادعوا من يختبره، ثم بعد ذلك لوموافيه، او اعذروا. قالوا: و تتركنا و ذلك؟ المأمون: نعم. القوم: فيكون ذلك بين يديك، يترك من يسأله عن شيي‌ء من أمور الشريعة فان اصاب لم يكن في أمره لنا اعتراض، و ظهر للخاصة، والعامة سديد رأي أميرالمؤمنين، و ان عجز عن ذلك كفينا خطبه و لم يكن لأميرالمؤمنين عذر في ذلك. المأمون: شأنكم و ذلك متي أردتم! و خرج القوم من عنده و مكروا و مكر الله والله خير الماكرين، فقد اجمع رأيهم علي أن يتولي قاضي قضاة الدولة العباسية و فقيه السلطة المقدم يحيي بن أكثم مهمة اختبار الامام الجواد (ع) أمام الناس، و وعدوه بأجر مادي كبير ان هو نجح في اثبات عجز الامام [ صفحه 36] الفكري و الادبي أمام الناس!! و اتفق القوم مع السلطان العباسي علي يوم للحجاج و المناقشة، فحدد لهم يوما رسميا، و قد دعي للحضور العباسيون و «خواص الدولة و اعيانها من امرائها و حجابها و قوادها» فضلا عن المأمون و القاضي ابن‌اكثم، و كان يوما مشهودا في بغداد عاصمة الخلافة العباسية. فقد أعد لابي‌جعفر (ع) فراش حسن بأمر من الخليفة، و أجلس القاضي ابن‌اكثم مقابلا له، و جلس الناس في مراتبهم حسب الطبقات و المنازل. ثم استأذن القاضي من سيده السلطان أن يسأل الامام الجواد (ع)، فقال له المأمون: استأذنه في ذلك، فاستأذن ابن‌أكثم أباجعفر (ع) في ذلك فأذن له فقال القاضي: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا. قال أبوجعفر (ع): قتله في حل أو حرم؟ - عالما كان المحرم أم جاهلا؟ - قتله عمدا أو خطأ؟ - حرا كان المحرم ام عبدا؟ - صغيرا كان أو كبيرا؟ - مبتدئا كان بالقتل أو معيدا؟ - من ذوات الطير أو من غيرها؟ - من صغار الصيد كان أو من كباره؟ - مصرا علي ما فعل أو نادما؟ - ليلا كان قتله الصيد أو نهارا؟ [ صفحه 37] - محرما كان بالعمرة اذ قتله أو بالحج كان محرما؟ فتحير يحيي ابن‌أكثم و بان عجزه، و انهياره، حتي انكشف للحضور أمره، فقال المأمون: الحمدلله علي هذه النعمة و التوفيق لي في هذا الرأي، ثم نظر لأهل بيته و قال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟

الامام يخطب ابنة الخليفة

ثم أقبل علي ابي‌جعفر (ع) قائلا: أخطب يا أباجعفر (ع)، قال: نعم... قال المأمون: اخطب جعلت فداك لنفسك، فقد رضيتك لنفسي، و أنا مزوجك ام‌الفضل ابني، و ان رغم قوم لذلك! فقال أبوجعفر (ع): الحمدلله اقرارا بنعمته، و لا اله الا الله اخلاصا لوحدانيته، و صلي الله علي محمد سيد بريته، والاصفياء من عترته، أما بعد فقد كان من فضل الله علي الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام. فقال سبحانه: «وانكحوا الأيامي منكم و الصالحين من عبادكم و امائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم»، ثم ان محمد بن علي بن موسي يخطب أم‌الفضل بنت عبدالله المأمون، و قد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد عليهماالسلام، و هو خمسمائة درهم جيادا فهل زوجتنيها يا أميرالمؤمنين علي هذا الصداق المذكور؟ فقال المأمون: نعم قد زوجتك أباجعفر أم‌الفضل ابنتي علي الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ قال ابوجعفر (ع): - قد قبلت، و رضيت به. و بعد خطبة الامام (ع)، بادر خدم السلطان العباسي الي [ صفحه 38] توزيع الطيب علي الحاضرين، ثم نصبت الموائد، فأكل الناس، و وزعت الجوائز علي الحاضرين علي قدر مراتبهم.

الأمام يحل الأشكالات الفقهية

و بعد أن تفرق أغلب الحاضرين، بقي المأمون و جمع من الخواص في مجلسهم، فالتفت المأمون الي أبي‌جعفر (ع) طالبا منه أن يجيب علي الاسئلة الفقهية التي طرحها الامام (ع) قبال تساؤل القاضي ابن‌اكثم السالف الذكر: «ان رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه، و نستفيده». أجاب الامام الجواد (ع) قائلا: نعم! ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل، و كان الصيد من ذوات الطير، و كان من كبارها، فعليه شاة، فان أصابه في الحرم، فعليه الجزاء مضاعفا، و اذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن فاذا قتله في الحرم، فعليه الحمل قيمة الفرخ، و ان كان من الوحش، و كان حمار وحش، فعليه بقرة، و ان كان نعامة كان عليه بدنة، و ان كان ظبيا، فعليه شاة، فأن قتل شيئا من ذلك في الحرم، فعليه الجزاء، مضاعفا هديا بالغ الكعبة، و اذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه، و كان احرامه للحج نحره بمني، و ان كان احرامه للعمرة نحره بمكة، و جزاء الصيد علي العالم و الجاهل سواء، و في العمد له المأثم، و هو موضوع عنه في الخطاء، و الكفارة علي الحر في نفسه، و علي السيد في عبده، و الصغير لا كفارة عليه، و هي علي الكبير واجبة، والنادم يسقط عنه ندمه عقاب الآخرة، والمصر يجب علي عليه العقاب في الآخرة». [ صفحه 39] المأمون: أحسنت أباجعفر أحسن الله اليك، فان رأيت أن تسأل يحيي عن مسألة كما سألك أبوجعفر (ع) ليحيي: أسألك؟ ابن‌اكثم: ذلك اليك جعلت فداك، فان عرفت جواب ما تسألني عنه و الا استفدته منك! فبادر الامام (ع) لالقاء مسائله الفقهية علي كبير القضاة في دولة العباسيين قائلا: «خبرني عن رجل نظر الي امرأة في أول النهار، فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل وقت عشاء الآخرة حلت عليه، فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة، و بماذا حلت و حرمت عليه؟ يحيي ابن‌اكثم: «معلنا عجزه عن الجواب حتي عرف في وجهه التغير و الخجل» لا والله لا أهتدي الي جواب هذا السؤال، و لا أعرف الوجه فيه، فأن رأيت ان تفيدناه! الامام أبوجعفر (ع): «هذه أمة لرجل من الناس نظر اليها اجنبي في أول النهار، فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها، فحلت له، فلما كان الظهر اعتقها، فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها، فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها، فحرمت عليه، فلما كان وقت عشاء الآخرة كفر عن الظهار، فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها، فحلت له». المأمون - مخاطبا الحاضرين - قائلا: هل فيكم أحد يجيب عن [ صفحه 40] هذه المسألة بمثل هذا الجواب؟ و يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟ الحاضرون: لا والله أن اميرالمؤمنين أعلم بما رأي! المأمون: ويحكم أن اهل هذا البيت خصوا من بين الخلق بما ترون من الفضل، و ان صغر السن فيهم، لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم ان رسول الله (ص) افتتح دعوته بدعاء أميرالمؤمنين علي بن ابي‌طالب، و هو ابن عشر سنين، و قبل منه الاسلام، و حكم له به، ولم يدع أحدا في سنه غيره، و بايع الحسن و الحسين، و هما ابناء دون الست سنين، و لم يبايع صبيا غيرهما؟ أفلا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم، و انهم ذرية بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم؟ قالوا: صدقت يا أميرالمؤمنين! و من الجدير بالذكر ان الخليفة العباسي قد دعا في اليوم التالي الي مأدبة عامة حضرها القواد و الحجاب و العمال و الخواص من اجل أن تقدم له التهاني و للامام الجواد (ع)، و قد أعد ألوانا من الاطعمة لأطعام الناس، و زعت عطايا سنية و أموال جزيلة، و قد انصرف الناس من ذلك اللقاء و هم وافرون من جوائز السلطان كما وزع الخليفة العباسي الصدقات علي بقية المسلمين [43] . [ صفحه 41]

معجزات عيسي تتجدد (تخطي القوانين الطبيعية)

و رغم ان الامام الجواد عليه‌السلام كان معجزة بذاته: حيث تخطي القواعد المألوفة، و تصدي لامامة المسلمين و هو صبي لم يبلغ السابعة من عمره، [44] ، فحطم كبرياء الانحراف و فضح عملية التصدي لامامة الناس دون سلوك طريقها الطبيعي المشروع. و كان ما اظهره من المعارف الالهية، و تحديه لكبار الفقهاء الرسميين بما فيهم قاضي قضاة الدولة العباسية مع ملاحظة - سنه - و نحو ذلك كانت احدي مصاديق هذه الصفة الاعجازية التي تجسد حقيقة ارتباطه بالله الكبير المتعال، و حجم الدعم الغيبي الذي يحظي به هذا الامام العظيم صلوات الله عليه من عندالله جل‌وعلا. اقول رغم هذه الحقائق الثابتة في تاريخ المسلمين، فأن الامام (ع) قد أجري الله علي يديه معجزات أخري في مناسبات عديدة من أجل ان يقطع بها السنة المعاندين أو يطمئن قلوب الموالين. و هذه بعض مصاديقها: [ صفحه 42] - بعد أن عزم الامام (ع) علي الرحيل من بغداد بعد زواجه ميمما وجهه شطر المدينة المنورة، شيعه الناس، حتي اذا وصل دار المسيب عند غروب الشمس نزل و دخل مسجد المسيب للصلاة، و كان في صحنه شجرة نبق لم تثمر، فدعا عليه‌السلام بكوزماء، فتوضا في أصل الشجرة، ثم قام، و صلي بالناس صلاة المغرب، ثم جلس يذكر الله جل‌وعلا، ثم صلي النوافل أربع ركعات، و عقب تعقيبها و سجد سجدتي الشكر، ثم خرج، من المسجد فلما انتهي الي شجرة النبق رآها الناس قد اثمرت ثمرا طيبا، فدهشوا لما رأوا، و اكلوا من الثمر، فوجدوا نبقا حلوا ليس له نوي [45] . - اخرج الشيخ المفيد بسنده عن علي بن خالد قال: كنت بالعسكر - يعني سامراء -، فبلغني ان هناك رجلا محبوسا اتي به من ناحية الشام مكبلا، و قالوا انه يدعي النبوة، قال: فأتيت و كسبت رضا البوابين، حتي وصلت اليه، فاذا رجل له فهم، و عقل، فقلت له يا هذا ماقصتك؟ فقال: اني كنت بالشام اعبدالله تعالي في الموضع الذي يقال انه نصب فيه رأس الحسين (ع)، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل علي المحراب، اذكر الله عزوجل اذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت اليه، فقال لي: قم، فقمت معه، فمشي بي قليلا، فاذا أنا بمسجد الكوفة فقال لي: تعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة، قال: فصلي وصليت معه، ثم انصرف، و انصرفت معه، فمشي بي قليلا، و اذا نحن بمسجد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، فسلم علي رسول الله (ص) و صلي و صليت معه، ثم خرج، و خرجت، [ صفحه 43] فمشي قليلا، فاذا أنا بمكة، فطاف بالبيت، وطفت معه، ثم خرج، فمشي قليلا، فاذا انا بموضعي الذي كنت أعبدالله فيه بالشام، و غاب الشخص عن عيني، فبقيت متعجبا مما رأيت. فلما كان العام التالي رأيت ذلك الشخص، فاستبشرت به و دعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بالحق الذي أقدرك علي ما رأيت منك الا اخبرتني من أنت؟ فقال: أنا محمد بن علي بن موسي بن جعفر (ع). فحدثت من التقي به من الناس بذلك، فبلغ الخبر الي الوالي محمد بن عبدالملك الزيات، فألقي علي القبض و كبلني بالحديد، و أمر بحملي من الشام الي العراق، و حبست و أشيع بين الناس: انه ادعي النبوة!! يقول علي بن خالد: فقلت للرجل سأرفع ظلامتك الي الزيات، فأذن لي، فكتبت قصته و رفعتها، فكتب الزيات في ظهر الكتاب: قل للذي اخرجك من الشام في ليلة الي الكوفة و من الكوفة الي المدينة، و من المدينة الي مكة، وردك من مكة الي الشام أن يخرجك من حبسك هذا!! يقول ابن‌خالد: فغمني أمر الرجل، و انصرفت اليه محزونا فلما كان من الغد عدت له مبكرا لأطلعه علي نتيجة طلبه من الزيات و آمره بالصبر و التحمل، فوجدت الجند و أصحاب الحرس، و مسؤول السجن، و خلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم، فقيل: ان السجين «المتنبي‌ء» قد افتقد من سجنه فلا يعلم اخسفت به [ صفحه 44] الارض او عرج الي السماء [46] . - اخرج ابن‌شهرآشوب المازندراني عن أبي‌سلمة قال: دخلت علي ابي‌جعفر (ع)، و كان بي صمم شديد، فأخبر الامام (ع) بذلك، فدعاني اليه، و مسح علي اذني و رأسي، ثم قال: اسمع وع، فوالله اني لأسمع الشي‌ء الخفي منذ دعوته [47] . - عن محمد بن عمير بن واقد الرازي قال: دخلت علي أبي‌جعفر ابن‌الرضا، و معي أخي، و به بهر شديد، فشكا اليه ذلك البهر فقال «الامام»: عافاك الله مما تشكو، فخرجنا من عنده، و قد عوفي، فما عاد اليه ذلك البهر الي أن مات [48] . - قال محمد بن الفرج: كتب الي ابوجعفر احملوا الي الخمس، فأني لست آخذه منكم سوي عامي هذا فوافاه أجله (ع) في تلك السنة [49] . هذه بعض المعاجز التي جرت علي يد الامام الجواد (ع) في مناسبة و أخري تأكيدا للحجة علي العباد و طمأنة لقلوب المؤمنين الصادقين. [ صفحه 45]

وصي أبيه

رغم الوصايا و التوجيهات النبوية الشريفة الواردة بخصوص ارشاد الامة الي الائمة الهداة بعد النبي صلي الله عليه و آله بالتلميح مرة، و بالتصريح أخري - مما أشرنا الي بعضها فيما سبق من حديث - فأن كل امام من ائمة أهل البيت عليهم‌السلام يتولي ضمن مسؤوليته الرسالية العامة مهمة ارشاد الامة الي الامام الذي يليه، بالوسائل التي تتاح له عادة حسب الظروف الموضوعية التي تحيط بالامام، و لذا نجد ان بعض الائمة الهداة (ع) يقتصر علي ابلاغ بضعة افراد من خلصائه بخليفته، بينما نجد بعضا من الائمة (ع) تكون رقعة المبلغين من قبلهم بأوصيائهم واسعة بشكل مناسب، فالامام جعفر بن محمد الصادق (ع) مثلا بحكم الظروف القاسية التي عاشها في آخر عمره الشريف يضطر الي استعمال اسلوب التمويه علي جهاز «و شائي» السلطة العباسية، فحين يسأل عن وصيه من بعده يذكر خمسة هم: أبوجعفر المنصور و واليه علي المدينة محمد بن سليمان و عبدالله و موسي و حميدة أولاده و مولي له (ع)، حتي انه حين بلغ ذلك الامر الي المنصور العباسي قال: ليس الي قتل هؤلاء سبيل [50] . بينما نري أميرالمؤمنين علي بن ابي‌طالب (ع) يوصي لولده الحسن (ع) في جمع من المسلمين. و مهما كان الامر فان الامام السابق يشعر بالضرورة الشرعية لارشاد الامة الي الامام اللاحق كجزء من مهمته الرسالية التي ينهض بأعبائها. [ صفحه 46] و بناء علي هذه الحقيقة فأن الامام علي بن موسي الرضا عليه‌السلام قد نهض بمسؤوليته الشرعية ازاء الامة بخصوص تسمية الامام الذي يليه، لترجع اليه الامة المؤمنة في الفكر والتشريع و المواقف العملية تجاه الاحداث و الاشياء، و هذه جملة من النصوص الواردة عن الامام الرضا (ع) بشأن الارشاد لوصيه الجواد (ع): - اخرج الكليني الرازي بسنده عن الحسين بن بشار قال: كتب ابن قياما الي أبي‌الحسن الرضا (ع) كتابا يقول فيه: كيف تكون اماما، و ليس لك ولد؟ فأجابه ابوالحسن الرضا (ع) - شبه المغضب -: «و ما اعلمك انه لا يكون لي ولد، والله لا تمضي الايام و الليالي حتي يرزقني الله ولد ذكرا يفرق بين الحق و الباطل» [51] . و عنه (رض) بسنده عن ابن أبي‌نصر قال: قال لي ابن‌النجاشي: من الامام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتي أعلم، فدخلت علي الرضا (ع) فأخبرته، قال: فقال لي الامام: ابني، ثم قال لي: هل يتجرأ أحد أن يقول: ابني و ليس له ولد؟ [52] . - و عن محمد بن يعقوب بسنده عن صفوان بن يحيي قال: قلت للرضا (ع) قد كنا نسألك أن يهب الله لك أباجعفر فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله [ صفحه 47] يومك، فان كان كون فالي من؟ فأشار بيده الي أبي‌جعفر عليه‌السلام، و هو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟ فقال: و ما يضره من ذلك، فقد قام عيسي عليه‌السلام بالحجة و هو ابن ثلاث سنين [53] . - و اخرج الشيخ المفيد بسنده عن معمر بن خالد قال: سمعت الرضا عليه‌السلام - و ذكر شيئا - فقال: ما حاجتكم الي ذلك: هذا ابوجعفر قد اجلسته مجلسي، و صيرته مكاني، و قال: انا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن اكابرنا القذة بالقذة [54] . [ صفحه 51]

ملتقي الفضائل

تمهيد

مهما يطنب الباحث في حياة أهل البيت (ع) في استعراض فضائلهم و مكارم أخلاقهم الظاهرة كالجود و الشجاعة و الصبر و ما الي ذلك فأن اهتمامه يبقي متعلقا بالجانب الظاهري لحقيقة الامام عليه‌السلام، و ان كانت الفضائل الظاهرة تعبر بدرجة ما عن حقيقة الجوهر السامي الذي يتمتع به الائمة عليهم الصلاة والسلام. فالائمة الهداة عليهم‌السلام: «محال معرفة الله، و مساكن بركة الله، و معادن حكمة الله، و حفظة سر الله، و حملة كتاب الله، و أوصياء نبي الله، و ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله» [55] و هم «الأدلاء علي مرضاة الله، و المستقرين في أمر الله، و التامين في محبة الله، و المخلصين في توحيد الله، و المظهرين لأمر الله، و نهيه، و عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول، و هم بأمره يعملون» [56] . و اذا كان الناس العاديون غير قادرين علي ادراك كنه الائمة [ صفحه 52] الهداة (ع) و حدود علاقتهم بالله عزوجل، و موقعهم في مسيرة هذا الوجود، و مسيرة هذا الانسان المتجهة نحو الله عزوجل، فأن ابراز فضائلهم النفسية التي تعاملوا من خلالها تساهم الي حد كبير في تصور القمة السامقة التي بلغها اولئك الابرار في الفضل و الطهارة و القداسة و النقاء. و رغم الظلم التاريخي الذي تعرض له سائر الائمة الهداة عليهم‌السلام مما ساهم في اخفاء التصورات التفصيلية عن سيرتهم العطرة، فأن النزر اليسير مما وصلنا عن حياتهم يعطي تصورا مباركا عن سيرة «مفاتيح الخير» في هذا الوجود. و بخصوص الامام أبي‌جعفر الثاني تاسع ائمة أهل البيت عليهم‌السلام فأن ما حفظ تاريخ سيرته المباركة عنه لا يمثل شيئا ذا بال من الناحية «الكمية» و ان كانت قيمته المعنوية تشكل احد الأسس في فهم جانب مهم من سيرته العطرة. و نسجل هنا صورا من فضائل الامام الجواد (ع) في هذا المضمار حيث اشرق بها وجه التاريخ البشري:

صورة من الورع

ذكر محمد بن يعقوب بسنده عن محمد بن الديان، قال: احتال المأمون علي أبي‌جعفر عليه‌السلام، بكل حيلة، فلم يمكنه في شي‌ء، فلما اعتل، و أراد أن يبني عليه ابنته دفع الي مائتي وصيفة من أجمل ما يكون، الي كل واحدة منهن جاما فيه جوهر، يستقبلن أباجعفر عليه‌السلام اذا قعد في موضع الاخيار، فلم يلتفت اليهن، و كان [ صفحه 53] رجل يقال له: مخارق صاحب صوت و عود، و ضرب، طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال: يا أميرالمؤمنين ان كان في شيي‌ء من أمر الدنيا، فأنا أكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي‌جعفر (ع)، فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار، و جعل يضرب بعوده، و يغني، فلما فعل ساعة، و اذا ابوجعفر لايلتفت اليه لايمينا و لا شمالا، ثم رفع اليه رأسه و قال: «اتق الله ياذا العثنون، قال:؛ فسقط المضراب من يده، و العود، فلم ينتفع بيديه الي أن مات قال: فسأله المأمون عن حاله، قال: لما صاح بي ابوجعفر فزعت فزعة لا أفيق منها أبدا [57] . «القصة و ان كانت تعبر عن مستوي الورع الرفيع الذي يتمتع به الامام أبوجعفر (ع) الا ان لها بعدا سياسيا اذ تعبر عن احدي صور التأمر علي الامام (ع) من قبل الطاغوت ظنا من الظالمين انه بمقدورهم أن يهزوا شخصيتة و يؤثروا عليه بوسائل الاغراء المادي المختلفة».

جود و احسان

أتاه رجل فقال له: أعطني علي قدر مروءتك، فقال (ع): لا يسعني فقال الرجل: علي قدري. قال (ع): اماذا فنعم، يا غلام اعطه مائة دينار [58] . ذكر محمد بن يعقوب بسنده عن علي بن ابراهيم عن أبيه قال: كنت عند أبي‌جعفر الثاني (ع)، اذ دخل عليه صالح بن محمد بن [ صفحه 54] سهل، و كان يتولي له الوقف بقم، فقال له: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل، فأني أنفقتها، فقال له أبوجعفر (ع): أنت في حل [59] . و ذكر داود بن القاسم الجعفري: أعطاني أبوجعفر عليه‌السلام ثلاثمائة دينار، و أمرني أن أحملها الي بعض بني عمه [60] .

من أذكار الامام و أدعيته

و هنا نورد بعضا من اذكار الامام و أدعيته الخاشعة التي يناجي بها ربه الاعلي كأحد مظاهر التسبيح و التمجيد في محراب عبادته لله عزوجل: 1- «يا ذاالذي كان قبل كل شيي‌ء، ثم خلق كل شي‌ء، ثم يبقي، و يفني كل شيي‌ء يا ذاالذي ليس كمثله شيي‌ء. يا ذاالذي ليس في السموات العلي، و لا في الارضين السفلي، و لا فوقهن، و لا تحتهن، و لا بينهن اله يعبد غيره، لك الحمد حمدا لا يقوي علي احصائه الا انت، فصل علي محمد و آل محمد صلاة لا يقوي علي احصائها الا انت.» [61] . 2- و من دعاء له في شهر رمضان المبارك: «اللهم يا من يملك التدبير، و هو علي كل شيي‌ء قدير، يا من يعلم خائنة الاعين، و ما تخفي الصدور، و تجن الضمير و هو اللطيف الخبير. اللهم اجعلنا [ صفحه 55] ممن نوي، فعمل، و لاتجعلنا ممن شقي، فكسل، و لا ممن هو علي غير عمل يتكل. اللهم صحح أبداننا من العلل، و أعنا علي ما افترضت علينا من العمل حتي ينقضي عنا شهرك هذا، و قدأ دينا مفروضك فيه علينا. اللهم أعنا علي صيامه، و وفقنا لقيامه، و نشطنافيه للصلاة، و لا تحجبنا من القراءة، و سهل لنا فيه ايتاء الزكاة. اللهم لا تسلط علينا و صبا، و لا تعبا، و لا سقما، و لا عطبا، اللهم ارزقنا الافطار من رزقك الحلال. اللهم سهل لنا فيه ما قسمته من رزقك، و يسر ما قدرته من أمرك، واجعله حلالا طيبا نقيا ن الآثام، خالصا من الآصار و الأجرام. اللهم لا تطعمنا الا طيبا غير خبيث، و لا حرام، واجعل رزقك لنا حلالا لا يشوبه دنس، و لا أسقام يا من علمه بالسر، كعلمه بالأعلان، يا متفضلا علي عباده بالاحسان، يا من هو علي كل شي‌ء قدير، و بكل شي‌ء عليم خبير، الهمنا ذكرك، وجنبنا عسرك، و أنلنا يسرك، و اهدنا للرشاد، و وفقنا للسداد، و اعصمنا من البلايا، وصنا من الأوزار و الخطايا يا من لا يغفر عظيم الذنوب غيره، و لا يكشف السوء الا هو يا أرحم الراحمين، و أكرم الأكرمين، صل علي محمد و أهل بيته الطيبين، و اجعل صيامنا مقبولا، و بالبر، و التقوي موصولا، و كذلك فاجعل سعينا مشكورا، و قيامنا مبرورا، و قرآننا مرفوعا، و دعاءنا مسموعا، و اهدنا للحسني، وجنبنا العسري و يسرنا لليسري، و أعل لنا الدرجات، و ضاعف لنا الحسنات و أقبل منا الصوم والصلاة، و أسمع منا الدعوات، واغفر لنا الخطيئات و تجاوز عنا السيئات، واجعلنا من العاملين [ صفحه 56] الفائزين، و لا تجعلنا من المغضوب عليهم، و لاالضالين حتي ينقضي شهر رمضان عنا، و قد قبلت فيه صيامنا، و قيامنا، و زكيت فيه أعمالنا، و غفرت فيه ذنوبنا، و أجزلت فيه من كل خير نصيبنا، فأنك الأله المجيب و الرب القريب، و أنت بكل شي‌ء محيط» [62] . 3- يا من لا شبيه له، و لا مثال أنت الله الذي لا اله الا انت و لا خالق الا انت، تفني المخلوقين و تبقي، أنت حلمت عمن عصاك و في المغفرة رضاك» [63] .

الوسائل الي المسائل

و هذه مجموعة من الادعية الجليلة رواها الامام الجواد (ع) عن آبائه عن رسول الله (ص) عن الله عزوجل و قد رواها الشيخ المجلسي و السيد ابن‌طاووس رضوان الله عليهما باسنادهما وهي بمثابة صحيفة الجواد (ع) في الدعاء و المناجاة رغبنا أن نثبتها هنا عسي الله أن ينفع بها المؤمنين: روي الشيخ أبوجعفر محمد بن بابويه قال: حدثني عبدالله بن رفاعة قال: حدثني ابراهيم بن محمد بن الحارث النوفلي قال: حدثني أبي و كان خادم علي بن موسي الرضا (ع) قال: لما زوج المأمون محمد بن علي بن موسي (ع) ابنته كتب اليه أن لكل زوجة صداقا من مال زوجها، و قد جعل الله أموالنا في الآخرة مؤجلة لنا فكنزناها هناك كما جعل أموالكم في الدنيا معجلة لكم فكنزتموها هنا و قد أمهرت ابنتك الوسائل الي المسائل و هي مناجاة دفعها الي أبي، [ صفحه 57] و قال. دفعها الي موسي أبي و قال: دفعها الي جعفر أبي، و قال: دفعها الي محمد أبي و قال: دفعها الي علي أبي، و قال: دفعها الي الحسين بن علي أبي و قال: دفعها الي الحسن أخي، و قال: دفعها الي علي بن ابي‌طالب عليه‌السلام و قال: دفعها الي النبي محمد (ص) في صحيفة و قال: دفعها الي جبرئيل (ع) و قال: ربك يقول هذه مفاتيح كنوز الدنيا و الآخرة، فاجعلها و سائلك الي مسائلك تصل الي بغيتك و تنجح في طلبتك، و لا تؤثرها لحوائج دنياك فتبحش بها الحظ من آخرتك، و هي عشر وسائل الي عشر مسائل، تطرق بها أبواب الرغبات فتفتح، و تطلب بها الحاجات فتنجح، و هذه نسختها:

المناجاة بالاستخارة

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ان خيرتك فيما استخيرك [64] فيه تنيل الرغائب و تجزل المواهب، و تغنم المطالب و تطيب المكاسب، و تهدي الي أجمل المذاهب و تسوق الي أحمد العواقب، و تقي مخوف النوائب، اللهم اني استخيرك فيما عزم رأيي عليه، و قادني عقلي اليه، سهل الله منه [65] ما توعر، و يسر منه ما تعسر، واكفني فيه المهم، وادفع عني كل ملم، واجعل رب عواقبه غنما و خوفه سلما. و بعده قربا، وجد به خصبا، و أرسل [66] اللهم اجابتي و أنجح فيه طلبتي واقض حاجتي، واقطع عوائقها، وامنع بوائقها، و أعطني اللهم لواء الظفر بالخيرة فيما استخرتك، و وفور [67] الغنم فيما دعوتك، و عوائد [ صفحه 58] الافضال فيما رجوتك و أقرنه اللهم رب بالنجاح، و حطه [68] بالصلاح، و أرني أسباب الخيرة فيه واضحة و اعلام غنمها لائحة، واشدد خناق تعسرها، وانعش صريع تيسرها، و بين اللهم ملتبسها، و اطلق محتبسها و مكن أسها فيه حتي تكون خيرة مقبلة بالغنم مزيلة للغرم، عاجلة النفع، باقية الصنع، انك ولي المزيد، مبتدي‌ء بالجود [69] .

المناجاة بالاستقالة

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ان الرجاء لسعة رحمتك انطقني باستقالتك و الامل لاناتك و رفقك شجعني علي طلب امانك و عفوك، ولي يا رب ذنوب قد واجهتها أوجه الانتقام، و خطايا قد لاحظتها أعين الاصطلام، و استوجبت بها علي عدلك أليم العذاب، و استحققت باجتراحها مبير العقاب، و خفت تعويقها لأجابتي وردها اياي عن قضاء حاجتي، و ابطالها لطلبتي، و قطعها لاسباب رغبتي من اجل ما قد انقض ظهري من ثقلها، و بهظني من الاستقلال بحملها، ثم تراجعت رب الي حلمك عن العاصين و عفوك عن الخاطئين، و رحمتك للمذنبين [70] فأقبلت بثقتي متوكلا عليك، طارحا نفسي بين يديك، شاكيا بثي اليك، سائلا رب مالا استوجبه من تفريج الغم، و لا أستحقه من تنفيس الهم [71] مستقيلا رب لك، واثقا مولاي بك. [ صفحه 59] اللهم فامنن علي بالفرج، و تطول علي بسلامة المخرج [72] و ادللني برأفتك علي سمت المنهج، و أزلني بقدرتك عن الطريق الاعوج و خلصني من سجن الكرب [73] باقالتك، و أطلق أسري برحمتك، و تطول علي برضوانك، و جد علي باحسانك، و اقلني رب عثرتي، و فرج كربتي، وارحم عبرتي، و لا تحجب دعوتي، واشدد بالاقالة أزري، و قو بها ظهري، و أصلح بها أمري. و أطل بها عمري وارحمني يوم حشري، و وقت نشري، انك جواد كريم، غفور رحيم (و صل علي محمد و آله).

المناجاة بالسفر

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اني أريد سفرا فخرلي فيه، و أوضح لي فيه سبيل الرأي و فهمنيه، وافتح عزمي باستقامة، و اشملني في سفري بالسلامة و أفد لي به جزيل الحظ و الكرامة واكلأني فيه بحريز [74] الحفظ و الحراسة و جنبني اللهم و عثاء الأسفار و سهل لي حزونة الأوعار، و اطولي البعيد لطول انبساط المراحل و قرب مني بعد نأي المناهل، و باعد في المسير بين خطي الرواحل حتي تقرب نياط البعيد و تسهل و عورة الشديد. و لقني اللهم في سفري نجح طائر الواقية، و هنئني غنم العافية، و خفير الاستقلال، و دليل مجاوزة الأهوال، و باعث و فود الكفاية، و سائح خفير الولاية واجعله اللهم رب عظيم السلم، حاصل الغنم، [ صفحه 60] واجعل اللهم رب الليل سترا لي من الآفات، و النهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك واحرسني من وحوشه بقوتك، حتي تكون السلامة فيه صاحبتي، و العافية مقارنتي و اليمن سائقي، و اليسر معانقي، و العسر مفارقي، و النجح بين مفارقي، و القدر موافقي و الامر مرافقي انك ذوالمن و الطول و القوة و الحول، و أنت علي كل شي‌ء قدير.

المناجاة بطلب الرزق

اللهم ارسل علي سجال رزقك مدرارا و أمطر سحائب افضالك علي غزارا و ارم غيث نيلك الي سجالا، و أسبل مزيد نعمك علي خلتي اسبالا، و افقرني بجودك اليك، و أغنني عمن يطلب مالديك، و داوداء فقري بدواء فضلك، و انعش صرعة عيلتي بطولك، واجبر كسر خلتي بنولك، و تصدق علي اقلالي بكثرة عطائك و علي اختلالي بكرم [75] حيائك، و سهل رب سبيل الرزق الي، واثبت قواعده لدي، و بجس لي عيون سعة رحمتك، و فجر أنهار رغد العيش قبلي برأفتك و رحمتك، و أجدب أرض فقري و أخصب جدب ضري، و اصرف عني في الرزق العوائق، و اقطع عني من الضيق العلائق، و ارمني اللهم من سعة الرزق بأخصب سهامه، و احبني من رغد العيش بأكثر دوامه. واكسني اللهم أي رب سرابيل السعة، و جلابيب الدعة، فاني رب منتظر لانعامك بحذف الضيق، و لتطولك بقطع التعويق، و لتفضلك ببتر التقصير، و لوصل حبلي بكرمك بالتيسير، و أمطر [ صفحه 61] اللهم علي سماء رزقك بسجال الديم، و أغنني عن خلقك بعوائد النعم، و ارم مقاتل الأقتار مني، واحمل عسف الضر عني، واضرب الضر بسيف الاستيصال، وامحقه رب منك بسعة الافضال، و امددني بنمو الأموال و احرسني من ضيق الاقلال، و اقبض عني سوء الجدب، و ابسط لي بساط الخصب و صحبني بالاستظهار، و مسني بالتمكين [76] من اليسار، انك ذوالطول العظيم و الفضل العميم، و أنت الجواد الكريم، الملك الغفور الرحيم، اللهم اسقني من ماء رزقك غدقا، و انهج لي من عميم بذلك طرقا، و افجأني [77] بالثروة و المال، و انعشني فيه بالاستقلال.

المناجاة بالاستعاذة

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اني أعوذ بك من ملمات نوازل البلاء، و أهوال عظائم الضراء، فأعذني رب من صرعة البأساء، واحجبني من سطوات البلاء، و نجني من مفاجأة النقم، و احرسني من زوال النعم، و من زلل القدم و اجعلني اللهم رب في حمي عزك و حياطة حرزك من مباغتة الدوائر، و معاجلة البوادر، اللهم رب و أرض البلاء فاخسفها، و عرصة المحن فارجفها، و شمس النوائب فاكسفها، و جبال السوء فانسفها، و كرب الدهر فاكشفها، و عوائق الامور فاصرفها، و أوردني حياض السلامة، واحملني علي مطايا الكرامة، واصحبني باقالة العثرة، واشملني بستر العورة، [ صفحه 62] و جد علي رب بآلائك، و كشف بلائك و دفع ضرائك، و ادفع عني كلاكل عذابك، و اصرف عني أليم عقابك، و أعذني من بوائق الدهور، و أنفذني من سوء عواقب الامور، و احرسني من جميع المحذور و اصدع صفاة البلاء عن أمري، و اشلل يده عني مدة عمري، انك الرب المجيد المبدي‌ء المعيد، الفعال لما تريد.

المناجاة بطلب التوبة

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم رب اني قصدت اليك باخلاص توبة نصوح و تثبيت عقد صحيح، و دعاء قلب جريح، و اعلان قول صريح، اللهم رب فتقبل مني انابة مخلص التوبة، و اقبال سريع الأوبة، و مصارع تجشع الحوبة، و قابل رب توبتي بجزيل الثواب، و كريم المآب، و حط العقاب، و صرف العذاب، و غنم الاياب، و ستر الحجاب، و امح اللهم رب بالتوبة ما ثبت من ذنوبي، و اغسل بقبولها جميع عيوبي، واجعلها جالية لرين قلبي، شاحذة لبصيرة لبي، غاسلة لدرني، مطهرة لنجاسة بدني، مصححة فيها ضميري، عاجلة الي الوفاء بها مصيري، واقبل رب توبتي، فانها بصدق من اخلاص نيتي، و محض من تصحيح بصيرتي، و احتفال في طويتي، و اجتهاد في لقاء سريرتي، و تثبيت انابتي، و مسارعة الي أمرك بطاعتي. واجل اللهم رب عني بالتوبة ظلمة الاصرار، وامح بها ما قدمته من الأوزار، و اكسني بها لباس التقوي، و جلابيب الهدي، فقد خلعت ربق المعاصي عن جلدي، و نزعت سربال الذنوب عن جسدي، متمسكا رب بقدرتك، مستعينا علي نفسي بعزتك، مستودعا [ صفحه 63] توبتي من النكث بخفرتك، معتصما من الخذلان بعصمتك، مقرا بلا حول و لا قوة الا بك.

المناجاة بطلب الحج

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ارزقني الحج الذي فرضته علي من استطاع اليه سبيلا و اجعل لي فيه هاديا و اليه دليلا و قرب لي بعد المسالك، وأعني فيه علي تأدية المناسك، و حرم بأحرامي علي النار جسدي، و زد للسفر في زادي و قوتي و جلدي، و ارزقني رب الوقوف بين يديك، و الافاضة اليك، و ظفرني بالنجح و احبني بوافر الريح، و أصدرني رب من موقف الحج الأكبر الي مزدلفة المشعر، واجعلها زلفة الي رحمتك، و طريقا الي جنتك، أوقفني موقف المشعر الحرام، و مقام وفود الاحرام، و أهلني لتأدية المناسك، و نحر الهدي التوامك [78] بدم يثج، و أوداج تمج، و اراقة الدماء المسفوحة، من الهدايا المذبوحة، و فري أوداجها علي ما أمرت، و التنفل بها كما رسمت، و أحضرني اللهم صلاة العبيد راجيا للوعد حالقا شعر رأسي و مقصرا مجتهدا في طاعتك، مشمرا راميا للجمار بسبع بعد سبع من الاحجار، و أدخلني اللهم عرصة بيتك و عقوتك و أولجني محل أمنك و كعبتك و مساكينك و سؤالك، و وفدك و محاويجك، و جد علي اللهم بوافر الأجر من الانكفاء و النفر، و اختم لي مناسك حجي و انقضاء عجي بقبول منك لي و رأفة منك يا غفور يا رحيم يا أرحم الراحمين. [ صفحه 64]

المناجاة بكشف الظلم

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ان ظلم عبادك قد تمكن في بلادك حتي أمات العدل، و قطع السبل، و محق الحق، و أبطل الصدق، و أخفي البر، و أظهر الشر، و أهمل التقوي، و أزال الهدي، و أزاح الخير، و أثبت الضير، و أنمي الفساد، و قوي العباد و بسط الجور، و عدي الطور، اللهم يا رب لا يكشف ذلك الا سلطانك، و لا يجير منه الا امتنانك، اللهم رب فابتر الظلم، و بت جبال الغشم، و اخمل سوق المنكر، و أعز من عنه زجر، و احصد شأفة أهل الجور و ألبسهم الحور بعد الكور، و عجل لهم البتات، و أنزل عليهم المثلات، و أمت حياة المنكرات، ليأمن المخوف، و يسكن الملهوف، و يشبع الجائع، و يحفظ الضائع و يؤوي الطريد، و يعود الشريد، و يغني الفقير، و يجار المستجير، و يوقر الكبير و يرحم الصغير، و يعز المظلوم، و يذل الظلوم، و تفرج الغماء، و تسكن الدهماء و يموت الاختلاف، و يحيي الايتلاف، و يعلو العلم، و يشمل السلم، و تجمل النيات و يجمع الشتات، و يقوي الايمان، و يتلي القرآن، انك أنت الديان، المنعم المنان.

المناجاة بالشكر لله تعالي

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد علي مرد نوازل البلاء، و ملمات الضراء، و كشف نوائب اللأواء، و توالي سبوغ النعماء، و لك الحمد رب علي هني‌ء عطائك، و محمود بلائك و جليل آلائك، و لك الحمد علي احسانك الكثير و خيرك الغزير، و تكليفك اليسير، و دفعك العسير، و لك الحمد يا رب علي تثميرك قليل الشكر، [ صفحه 65] و اعطائك وافر الأجر، و حطك مثقل الوزر، و قبولك ضيق العذر، و وضعك باهظ الاصر [79] ، و تسهيلك موضع الوعر، و منعك مفظع الأمر، و لك الحمد علي البلاء المصروف و وافر المعروف، و دفع المخوف و اذلال العسوف، و لك الحمد علي قلة التكليف، و كثرة التخفيف، و تقوية الضعيف، و اغاثة اللهيف، و لك الحمد علي سعة امهالك، و دوام افضالك، و صرف محالك، و حميد فعالك و توالي نوالك و لك الحمد علي تأخير معاجلة العقاب، و ترك مغافصة العذاب، و تسهيل طرق المآب و انزال غيث السحاب، انك المنان الوهاب.

المناجاة بطلب الحاجة

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم جدير من أمرته بالدعاء أن يدعوك، و من وعدته بالاجابة أن يرجوك، ولي اللهم حاجة قد عجزت عنها حيلتي، و كلت فيها طاقتي، و ضعفت عن مرامها قدرتي، و سولت لي نفسي الأمارة بالسوء، و عدوي الغرور الذي أنا منه مبتلي أن أرغب فيها الي ضعيف مثلي، و من هو في النكول شكلي، حتي تداركتني رحمتك، و بادرتني بالتوفيق رأفتك، و رددت علي عقلي بتطولك، و ألهمتني رشدي بتفضلك، و أحييت بالرجاء لك قلبي، و أزلت خدعة عدوي عن لبي، و صححت بالتأميل فكري، و شرحت بالرجاء لاسعافك صدري و صورت لي الفوز ببلوغ ما رجوته، و الوصول الي ما أملته، فوقفت اللهم رب بين يديك سائلا [ صفحه 66] لك، ضارعا اليك، واثقا بك، متوكلا عليك في قضاء حاجتي و تحقيق أمنيتي، و تصديق رغبتي، فأنجح اللهم حاجتي بأيمن نجاح، واهدها سبيل الفلاح، و أعذني اللهم رب بكرمك من الخيبة و القنوط و الاناءة و التثبيط بهنيي‌ء اجابتك و سابغ موهبتك انك ملي ولي، و علي عبادك بالمنائح الجزيلة وفي، و أنت علي كل شي‌ء قدير، و بكل شيي‌ء محيط، و بعبادك خبير بصير [80] .

مصاديق اخري للعبادة

أورد محمد بن يعقوب بسنده عن قاسم الصيقل قال: ما رأيت أحدا كان أشد تشديدا في الظل من أبي‌جعفر (ع) كان يأمر بقلع القبة و الحاجبين اذا أحرم [81] . و عنه بسنده عن علي بن مهزيار قال: رأيت أباجعفر الثاني عليه‌السلام ليلة الزيارة طاف طواف النساء، و صلي خلف المقام ثم دخل زمزم، فاستقي منها بيده، بالدلو الذي يلي الحجر، و شرب منه، و صب علي بعض جسده، ثم اطلع في زمزم مرتين، و أخبرني بعض أصحابنا انه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك [82] . و أخرج محمد بن يعقوب (رض) عن الحسين بن محمد الاشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبدالله بن رزين قال: [ صفحه 67] كنت مجاورا بالمدينة - مدينة الرسول (ص) -، و كان ابوجعفر عليه‌السلام يجي‌ء في كل يوم مع الزوال الي المسجد، فينزل في الصحن، و يصير الي رسول الله صلي الله عليه و آله، و يسلم عليه، و يرجع الي بيت فاطمة عليهاالسلام، فيخلع نعليه و يقوم، فيصلي...» [83] . «الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة» - ذكر الراوندي في دعواته تسبيحا للامام الجواد (ع) مانصه: «سبحان من لا يعتدي علي أهل مملكته، سبحان من لا يؤاخذ أهل الارض بألوان العذاب سبحان الله و بحمده» [84] . [ صفحه 71]

الواقع الذي عاشه الامام الجواد قواه المؤثرة و معطياته

مقدمة

لا يمكن من الناحية التاريخية أن يفصل دور أي أمام من ائمة أهل البيت عليهم‌السلام عن دور من سبقه من الائمة أو دور من يليه منهم، بالنظر لتكامل الادوار و الاعمال و المهمات التي ينهضون بها. و اذا كان هناك من اختلاف بين الأدوار التي نهض بها الأئمة عليهم‌السلام من أجل دفع حركة الاسلام التاريخية للأمام، فان ذلك ناشي‌ء عن الأختلاف في الظروف السياسية وارضية الواقع التي تحركوا عليها اضافة الي مقتضيات الحكمة و المصلحة الاسلامية العليا و ضرورات المرحلة التي عاشوها، و لذا فأن لجوء الحسين السبط بن علي عليه‌السلام الي الثورة كان يمتلك المبررات الموضوعية الكافية علي أرض الواقع، و ان مقتضيات الحكمة و المصلحة الاسمية تقتضي ذلك اللون من العمل، بينما كانت المبررات الموضوعية و مقتضيات الحكمة متوفرة لابرام الصلح مع معاوية بن ابي‌سفيان من قبل الامام الحسن السبط عليه‌السلام، ولو قدر ان الحسنين عليهماالسلام، قد تبادلا المرحلة و الارضية العامة للواقع الذي عاشه كل منهما، لتبادلا الادوار [ صفحه 72] بالضرورة، و ما ينطبق علي السبطين (ع) ينطبق علي سائر الائمة الهداة عليهم‌السلام من ناحية مضامين الادوار التي نهضوا بها من أجل الاسلام و مسيرته التاريخية و بخصوص الامام أبي‌جعفر الثاني محمد بن علي الجواد عليه‌السلام فان خصوصيات العمل الرسالي الذي نهض بأعباء قيادته قد حددته أرضية الواقع التي تمكن من التحرك عليها و المصلحة الاسلامية العليا كذلك - اسوة بغيره من الائمة الهداة (ع)-. و قبل الحديث عن خصوصيات المهمة التاريخية التي نهض الامام الجواد (ع) بأعبائها، لابد لنا من تسليط الاضواء علي طبيعة المرحلة التاريخية التي عاشها الامام (ع). الواقع الذي عاشه الامام (ع): قواه المؤثرة و معطياته مر الامام الجواد عليه‌السلام بظروف سياسية و اجتماعية ذات طبيعة خاصة يمكن ملاحظة معالمها الرئيسية من الملاحظات التالية: 1- موقف السلطة العباسية من الامام (ع) 2- اتباع أهل البيت (ع) في عصر الامام (ع)

السلطة و الامام

اشاره

من الضروري ان نشير ابتداء الي أن الحكم العباسي في عصر الامام الجواد (ع) (فترة المأمون - المعتصم) قد شهد حالة من الاستقرار، بعد مرحلة عصيبة مر بها الحكم علي أثر الانشقاق السياسي الخطير الذي شق الدولة الي جناحين: جناع بغداد الذي يديره الامين بن الرشيد، و يدعمه قطاع من الاسرة الحاكمة و جناح [ صفحه 73] «خراسان» الذي يقف المأمون بن الرشيد علي رأسه، و قد حسم الموقف لصالح المأمون بعد حرب ضروس بين الاخوين، فانتهت اخطر مراحل الصراع داخل الاسرة العباسية الحاكمة. و مر حكم المأمون بعد أن صفا له الجو السياسي بمرحلة استقرار مناسب، و ان كان جهاد العلويين، و مظاهر الخروج علي الحكام غير الشرعيين لم تكن قليلة في عصره. و في هذه المرحلة السياسية بالذات تصدي ابوجعفر محمد بن علي الجواد (ع) لمسؤولية امامة المسلمين، و هو في مرحلة الصبا - كما اشرنا سابقا -. و بالنظر لحقيقتين: 1- قوة التيار الموالي لائمة أهل البيت (ع) في المجتمع و في الدولة في عصر الامام (ع) كنتيجة لجهود تاريخية ضخمة بذلها اسلاف الامام الجواد و اتباعهم من امثال الامام الصادق و الكاظم و الرضا عليه‌السلام. 2- شيوع أنباء كون المأمون قد تسبب في مقتل الامام علي بن موسي الرضا (ع) «ولد الامام الجواد (ع)»، و ان الرضا (ع) قد اغتيل بالسم بتدبير من المأمون [85] ، الأمر الذي له أبعاده الخطيرة علي مسيرة الحكم العباسي يومئذ. أقول بالنظر لهاتين المسألتين عمل المأمون وسعه، للتظاهر بولائه للامام الجواد (ع)، و حدبه عليه و شغفه بحبه، لكي يوهم الموالين لاهل البيت (ع) ببرائته من دم الامام الرضا (ع) و يقطع السنة [ صفحه 74] الاشاعات في البلاد، و يأمن التحرك المضاد الذي قد يبديه الشطر الكبير من الامة الموالي لاهل البيت (ع).

قصة مفتعلة

و يذكر المؤرخون قصة غريبة لبداية مرحلة العلاقة «الحسنة» المزعومة بين المأمون و الجواد (ع) و يعتبرها بعضهم عاملا مهما لتلك العلاقة التي غلفها المأمون بحسن النية، هذه تفاصيلها: «لما توفي والده علي الرضا و قدم الخليفة المأمون الي بغداد بعد وفاته بسنة، اتفق انه خرج يوما الي الصيد، فاجتاز بطرف البلد في طريقه، و الصبيان يلعبون، و محمد (الجواد) واقف معهم، و كان عمره يومئذ احدي عشرة سنة، فما حولها، فلما أقبل المأمون انصرف الصبيان هاربين، و وقف ابومحمد (ع)، فلم يبرح مكانه، فقرب منه الخليفة، فنظر اليه، و كان الله عزوعلا قد ألقي عليه مسحة من قبول، فوقف الخليفة، و قال له: يا غلام ما منعك من الانصراف مع الصبيان؟ فقال له محمد مسرعا: يا أميرالمؤمنين لم يكن بالطريق ضيق لأوسعه عليك بذهابي، و لم تكن لي جريمة، فأخشاها، و ظني بك حسن انك لا تضر من لا ذنب له، فوقفت، فأعجبه كلامه و وجهه، فقال له: ما اسمك؟ قال: محمد، قال: ابن من أنت؟ قال: يا أميرالمؤمنين: أنا ابن‌علي الرضا، فترحم علي أبيه، و ساق الي وجهته..»، [86] ، و تمضي القصة في بعض المصادر لتذكر ان المأمون عاد من صيده، و وجد [ صفحه 75] الجواد (ع) واقفا و جري بينهما حوار آخر انتهي بأعجاب المأمون، حيث أركبه معه و زوجه أم‌الفضل ابنته [87] . و نستطيع أن نسجل الملاحظات الآتية حول هذه القصة لنتبين مواضع الخلل فيها: 1- ان القصة تذكر ان الامام الجواد (ع) قد التقي لقاءه المزعوم بالمأمون في بغداد، و توحي ان الامام (ع) كان مقيما فيها، مع أن الوقائع التاريخية تؤكد ان الامام (ع) كان مقيما في المدينة المنورة، و لم يغادرها الي بغداد الا بعد استدعاء المأمون له، بل ان كتب التاريخ تشير ان الامام الجواد (ع) لم يصحب أباه حتي في رحلته الي خراسان، التي ختمت باستشهاده (ع). 2- توحي القصة ان الامام الجواد (ع) قد شهد للمأمون بالعدالة و حسن السلوك و اذا نسبت اليه الاضرار بأحد فأنه ناتج عن اساءة و ذنب يرتكبه المتعرض لعقوبته!! و بناء علي مبني القصة فأن كل الذين تسبب المأمون في ايذائهم كانوا مجرمين!! و هكذا يكون الامام الجواد (ع) - بناء علي ما زعمته القصة - قد منح المأمون شهادة بحسن السلوك و برأ ساحته من جريمة قتل الرضا (ع) ضمنا، كما يتضح من كلامه المزعوم «لم تكن لي جريمة فأخشاها، و ظني بك حسن انك لا تضر من لا ذنب له». 3- ان القصة حين تفترض ان سبب العلاقة المزعومة بين المأمون و الامام (ع) قد تمخضت عن هذا اللقاء المذكور، تحاول أن تستبعد التخطيط السياسي، وراء عملية تلك العلاقة و ماتلاها من [ صفحه 76] احداث بضمنها مسألة تزويج الامام (ع) ببنت المأمون. 4- ان القصة محبوكة حبكا جيدا، حتي ان البعض من المؤرخين عدها في جملة معاجز الامام (ع) [88] لا سيما و انها ذكرت في النهاية: ان الباز الذي كان مع المأمون قد اصطاد حية «و بعض قال سمكة» خضراء البطن رقطة الظهر، أدخلت الدهشة علي المأمون، فقفل راجعا و لقي الامام الجواد (ع) في موقفه السابق مع الصبيان، فقال له: ما عندك من أخبار السموات؟، و تقول القصة ان الامام (ع) أجابه: نعم يا أميرالمؤمنين حدثني ابي عن آبائه عن النبي عن جبرئيل عن رب العالمين، انه قال: بين السماء و الماء بحر عجاج يتلاطم به الامواج فيه حيات خضر البطون رقط الظهور، يصيدها الملوك بالبزاة الشهب يمتحن به العلماء... [89] أو قال له (كما يذكر بعض المؤرخين): [90] فيختبرون بها سلالة أهل بيت النبوة». و أحسب أن حبك القصة بهذا الشكل الموحي بأنها مكرمة للامام (ع) أريد منها أن تمرر هدفا سياسيا يتلخص بتبرئة ساحة المأمون، و اظهاره بمظهر الانسان الوديع الحسن النية، الذي لم يشأ من وراء دعوته للامام الجواد (ع) و تقريبه له، و من ثم تزويجه من ابنته الا الحسن الجميل!! هذا و من الجدير بالذكر، اني قد لا حظت أن القصة قد تسربت لبعض مؤلفات الموالين لأهل البيت (ع) نقلا عن غيرهم!. [ صفحه 77]

مخطط المأمون

تظاهر الخليفة العباسي بولائه للامام الجواد (ع)، و استدعاه مكرما معززا الي بغداد ليتناسب موقفه هذا مع مشروعه السياسي، و لكي يمر مخططه بسلام، و يحقق أهدافه كاملة في ايهام الناس ببراءته من دم الامام الشهيد أبي‌الحسن الرضا (ع)، ليأمن غائلة اتباعه و مريديه حتي أوحي للاسرة الحاكمة نفسها انه صادق في توجهه مما أثار حالات شديدة من الجدل بينه و بينهم حول الموضوع، و اشتد النزاع مع اقربائه حين أصر علي تزويج ابنته أم‌الفضل من الامام الجواد (ع)، و كان رجال الاسرة الحاكمة يعللون رفضهم لمشروع الزواج بنقطتين: احداهما: صغر سن الامام (ع) ثانيهما: خوفهم علي مستقبل الحكم العباسي من العلويين و بخصوص مسألة «صغر سن الامام» رد المأمون علي خصومه بقوله: قد اخترته لتبريزه علي كافة أهل الفضل في العلم و الفضل مع صغر سنه، و الاعجوبة فيه بذلك و أنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه، فيعلموا ان الرأي ما رأيت [91] ، ثم أشار عليهم - قطعا للخلاف - أن يمتحنوه علي يد من شاؤوا من أهل المعرفة، فاستجابوا لما أشار عليهم، فكانت مناظرته مع قاضي قضاة الدولة يحيي بن أكثم - كما أشرنا الي ذلك في فصل سابق -. أما بخصوص مخاوفهم السياسية «انا نخاف أن تخرج به عنا أمرا قد ملكناه الله، و تنزع منا عزا قد ألبسناه، فقد عرفت ما بيننا و بين [ صفحه 78] هؤلاء القوم قديما و حديثا، و ما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم و التصغير بهم...» [92] . فقد رد المأمون قائلا: أماما بينكم و بين آل أبي‌طالب فأنتم السبب فيه، و لو أنصفتم القوم لكانوا أولي بكم، و أما ما كان يفعله من قبلي بهم، فقد كان به قاطعا للرحم...» [93] . و بعد أن هزم العباسيون أمام كرامات أبي‌جعفر (ع)، و فضله و علو شأنه - كما رأينا في مناظراته مع القاضي ابن‌أكثم - أمضي المأمون ما عزم عليه من تزويجه في مراسيم سلطانية خاصة - أشرنا اليها-، مبالغة في ايهام الناس بصدق توجهه نحو آل البيت (ع) و حسبما يفهم من رواية الشيخ المفيد [94] يبذو أن الامام (ع) لم يمكث طويلا في بغداد، و انما استأذن الخليفة و خرج بأهله الي المدينة، من أجل ان يباشر دوره الرسالي في حركة الاسلام التاريخية. علي ان من الجدير ذكره ان المؤرخين تتضارب أقوالهم في المدة التي قضاها الامام (ع) في بغداد الا ان الذي يفهم من ابن‌الاثير في الكامل ان الامام (ع) جاء الي بغداد في المرة الاولي فتزوج ابنة المأمون، و لم يدخل بها، فعاد الي المدينة المنورة، و في سنة 215 ه، جاء مرة اخري و لقي المأمون في تكريت و هو في طريقه لقتال الروم، فأدخلت عليه زوجته أم‌الفضل، فعاد بها الي المدينة في أيام الحج، [95] و هذه الرواية تتناسب مع روايات القائلين بأن الامام (ع) انما تزوج [ صفحه 79] ابنة المأمون و عمره تسع سنوات و جمعا للروايات كان دخوله بها بعد ذلك.

الامام الجواد و المعتصم العباسي

توفي المأمون العباسي عام 218 ه بعد أن امتدت به الخلافة عشرين سنة و أشهرا فتولي المعتصم الخلافة بعده، و المعتصم يختلف عن المأمون في أمور عديدة: منها أن المأمون سياسي بارع يتقمص اللين في تحقيق أهدافه، و يمكر بخصومه بطريقة ناعمة هادئة، و كان المأمون محبا للمعرفة و العلم، حتي أقام في بغداد أكبر دار للكتب و الترجمة اسماها «دارالحكمة» ولسعة اطلاعه العلمي و مرونته العقلية عده بعض المؤرخين شيعيا في اتجاهه الفكري و العقائدي مع ان الرجل لم يتبن من التشيع غير بعض الافكار العقائدية و الفقهية [96] . أما المعتصم فينقصه الامران المذكوران معا، فقد كان محدود التفكير ميالا للقسوة في تعامله مع الخصوم الفكريين و السياسيين، كما يفتقد كثيرا من مقومات الحنكة السياسية في ادارة شؤون الدولة، و قد تعرض حكمه للكثير من صور الاضطرابات السياسية في اقاليم عديدة من اقاليم الدولة العباسية - مما لسنا بصدد الحديث عنها - [97] . [ صفحه 80] و قد هيمن الجيش علي الحكم في عصره بعد أن مال المعتصم الي اخواله الا تراك و كون منهم جيشا خاصا، و اغدق عليهم الاموال الطائلة مما أثار حفيظة العسكريين العرب، و عمق الروح القومية في المجتمع. و تعتبر العملية التي أقدم عليها المعتصم أخطر ما واجهته الدولة العباسية في مسيرتها «منذ قيامها حتي عصر المعتصم» حيث ساءت الاحوال بعد المعتصم، و استشري خطر العسكريين في الدولة، و باشروا الانقلابات العسكرية علي الخلفاء الذين تعرضوا لسلطتهم. و في مطلع حكمه دعا المعتصم العباسي الامام الجواد (ع) من المدينة المنورة الي بغداد، و يبدو انه أراد أن يضع الامام (ع) تحت الاقامة الجبرية، و ليسهل علي السلطة مراقبة تحركاته علي طريق دفع المسيرة الاسلامية باتجاه النمو و التكامل. و تفيد بعض المعلومات ان الحاكم العباسي قد زور بعض الوثائق لا دانة الامام (ع) بالدعوة لخلع الخليفة العباسي، و لكن الامام (ع) نجح في افشال مخطط المعتصم [98] . و لقد كان لحاشية المعتصم أسوأ الاثر في تأجيج نار الحقد و الحسد في قلب المعتصم العباسي علي الامام (ع) رغم حمله لتلك الروح البغيضة ابتداء. فقد ذكر المؤرخون انه بعد اجراء الامام الجواد (ع) لعدة حوارات مع وعاظ السلاطين من فقهاء الدولة و قضاتها في عصر المعتصم [99] ، [ صفحه 81] امتلأت نفوس بعضهم حقدا و حسدا و وشوا بالامام (ع) لدي السلطان، و تحدثوا بما يثير مخاوفه و يؤرق ليله، حتي حمله عمي بصيرته علي المكر بالامام (ع) و التسبب في قتله مظلوما شهيدا. روي زرقان: ان ابن ابي‌داود قال: صرت الي المعتصم... فقلت: ان نصيحة أميرالمؤمنين علي واجبة، و أنا أكلمه بما أعلم، اني ادخل به النار قال: و ما هو؟ قلت: اذا جمع أميرالمؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته، و علماءهم لأمر واقع من أمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر مجلسه أهل بيته، و قواده و وزراؤه، و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك، أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الامة بأمامته، و يدعون أنه أولي منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء! قال: فتغير لونه، و أنتبه لما نبهته له، و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا. قال: فأمر فلانا من كتابه و وزرائه بأن يدعوه - يعني يدعو الامام الجواد (ع) - الي منزله، فدعاه، فأبي أن يجيبه، و قال: قد علمت اني لا أحضر مجالسكم، فقال: اني انما ادعوك الي الطعام، و أحب ان تطأ ثيابي، و تدخل منزلي، فأتبرك بذلك، فقال: أجب فلانا بن فلان من وزراء الخليفة، فصار اليه، فلما طعم منها أحس بالسم، فدعا بدابته، فسأله رب المنزل أن يقيم قال: خروجي من دارك خيرلك، فلم يزل يومه ذلك، وليله في حلقه حتي قبض [100] و تجسد هذه القصة المأساوية عدة حقائق: [ صفحه 82] 1- ان الامام الجواد (ع) قدنافس السلطان العباسي حكمه، و هدد المركز العام للقيادة المنحرفة رغم تكتمه علي هذا الامر سيما و ان نصف الامة يومئذ قد اجمع علي قيادته الشرعية - كما اشارت القصة -. 2- ان حركة التشيع لآل النبي (ص)، و الميل عن سواهم قد بلغت مستوي رفيعا جدا حتي اضطرت حاشية المعتصم ان تعترف صراحة بهذه الحقيقة: «رجل يقول شطر هذه الامة بأمامته و يدعون انه أولي منه بمقامه...» 3- ان القصة تعكس احدي الصور البشعة للاغتيال السياسي غير المتورع التي يلجأ اليها الطواغيت عادة في تصفية قادة الاصلاح و حملة الهدي الي الناس. و من الجدير بالذكران استعمال السم في تصفية المعارضين للطاغوت كان أبرز أساليب الحكام العباسيين و أكثرها خبثا و حقارة. هذا و من الجدير بالذكران عددا من المؤرخين يشيرون الي ان عملية اغتيال الامام (ع) بالسم كانت قد جرت علي يد زوجته ام‌الفضل بنت المأمون، حيث دفعها المعتصم و جعفر بن المأمون لذلك العمل البشع الذي يجسد القباحة و القسوة بأجلي صورهما، و يميل الكثيرون الي تأييد هذه الرواية بسبب سوء طوية ام‌الفضل تجاه الامام (ع) التي أظهرتها مرارا علي شكل شكاوي من الامام (ع) او اتهامات له سلام الله عليه و رضوانه كالتهمة التي لفقتها عليه بأنه [ صفحه 83] يتسري [101] بالنساء مما يحملها علي الشعور بالغيرة من عمله، كما ان ام‌الفضل تعيش حالة الشعور بالنقص بسبب عدم انجابها للولد، اضافة الي ان الامام (ع) كان يخص زوجته ام ولده الهادي (ع) بكثير من الرعاية لفضلها و دينها و شرفها، روي المرتضي (رض) في عيون المعجزات: ان المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي‌جعفر عليه‌السلام، و أشار علي ابنة المأمون زوجته بأن تسمه، لأنه وقف علي انحرافها عن أبي‌جعفر (ع)، و شدة غيرتها عليه، لتفضيله ام أبي‌الحسن ابنه عليها، و لأنه لم يرزق منها ولدا، فأجابته الي ذلك، و جعلت سما في عنب رازقي، و وضعته بين يديه، فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي» [102] . فلما مضي ابوجعفر (ع) شهيدا محتسبا، شيعه الآلاف من مواليه و شيعته فدفن في مقابر قريش في بغداد عند قبر جده شهيد السجون ابي‌الحسن موسي بن جعفر عليه الصلاة والسلام. و هكذا ختمت حياة ولي الله ابي‌جعفر محمد بن علي الجواد عليه الصلاة والسلام، و هو في خضم ارسائه لقواعد دين الله تعالي، و كفاحه عن محجته البيضاء، و كان عمره الشريف اثناء شهادته خمسة و عشرين عاما. [ صفحه 84]

اتباع أهل البيت في عصر الجواد

اشاره

يعتبر عصر الامام الجواد (ع) امتدادا لعصر أبيه وجده صلوات الله عليهما، و قد نهض الامام (ع) بأعباء امامة المسلمين، و اتباع أهل البيت (ع) و في أوج مجدهم و عزتهم من ناحية الكم و من ناحية المضمون و الكيفية، حتي ان الحكم العباسي قد اضطر - من بعض الوجوه - الي أن يخطب و دهم، و يسترضي جموعهم الكثيفة المنتشرة في كافة حواظر الدولة و مدنها و قراها. و كانت عملية تسليم منصب ولاية العهد للامام الرضا (ع) من قبل المأمون العباسي قد روعيت فيها هذه الحقيقة الموضوعية - في أحد جوانبها-، كما أن استدعاء الامام الجواد (ع) الي بغداد من قبل نفس الحاكم و تزويجه اياه من ابنته ام‌الفضل، كان يهدف - من بعض وجوهه - الي استرضاء اتباع الامام (ع) و مواليه الذين عبر عنهم أحد مقربي المعتصم انهم «شطر الامة» - كما اشرنا قبل قليل -. و من الجدير أن نذكره هنا أن اتباع أهل البيت (ع) - في عصر الكاظم و الرضا و الجواد (ع) - رغم ما تمتعوا به من امكانات مادية، و معنوية هائلة في اطار المجتمع القائم يومذاك الا ان قيادتهم الشرعية المتمثلة بالأئمة (ع) - كل في وقته - كانت تقدر ان ما وصل اليه الشيعة من مستوي كمي و كيفي لم يؤهلهم بعد لاستلام الحكم، لأن استلام مسؤولية الحكم و قيادة الناس يحملهم مسؤوليات ضخمة ازاء الناس و الرسالة لم تمكنهم الظروف الموضوعية يومئذ من النهوض بها، الامر الذي كان الائمة (ع) يعونه تفصيلا. [ صفحه 85] و رغم نقص المعلومات التي نملكها حول الفترة التي عاشها الامام الجواد (ع) فأن عدة اشارات و احداث يحفظها تاريخ تلك المرحلة تعطي تصورا مناسبا حول الخريطة التي يحتلها اتباع أهل البيت (ع) في العالم الاسلامي. فمن جملة الاشارات و الوقائع التاريخية يتجلي لنا أن الشيعة قد انتشروا في اوساط سكان و ادي النيل و في العراق و بلاد فارس و الحجاز و غيرها بشكل واسع و مؤثر، و هذه بعض الاشارات المستفادة من التاريخ بهذا الخصوص. 1- من المعلوم ان مسألة صغر سن الامام الجواد (ع) قد اثارت جوا من التساؤل و الاضطراب في اوساط اتباع أهل البيت (ع) حول امامته و هذه الرواية و ان كانت تشير الي بعض مصاديق ذلك الاختلاف الا انها تعطي تصورا حول مساحة الشيعة في العالم الاسلامي في عصر الامام (ع): «لما قبص الرضا (ع) كان سن أبي‌جعفر (ع) نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد و في الامصار...» [103] . 2- «و كان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد و الامصار و علمائهم ثمانون رجلا، فخرجوا الي الحج و قصدوا المدينة، ليشاهدوا اباجعفر (ع)...» [104] . 3- «استأذن علي أبي‌جعفر (ع) قوم من أهل النواحي من [ صفحه 86] الشيعة، فأذن لهم، فدخلوا، فسألوه...» [105] . 4- «... خرج (ع) علي، فنظرت الي رأسه، و رجليه، لأصف قامته، لاصحابنا بمصر...» [106] . فأتباع الأئمة الهداة (ع) في عصر الجواد (ع) قد انتشروا حسب هذه المداليل في عاصمة الدولة العباسية (بغداد) و في مصر و في العديد من الامصار و اقاليم الدولة العباسية بشكل واسع و مؤثر حتي ان الحاكم العباسي صار مضطرا ان يحسب لاتباع الأئمة (ع) حسابا خاصا، و يتحول ذلك الحساب الي موقف تحدده طبيعة الحاكم نفسه او تمليه الظروف التي يعيشها ذلك الحاكم. و قد رأينا بناء علي هذه الرؤية كيف ان المأمون سمي الامام الرضا (ع) وليا لعهده و أتبع ذلك بتقريب ولده الامام الجواد (ع) - مع ما في ذلك من تكتيك سياسي - كما رأينا ان المعتصم العباسي قد انتهج اسلوبا مغايرا في تعامله مع الجواد (ع) اتسم بالاستفزاز و المراقبة للامام (ع) و تصاعد ذلك الموقف الي مستوي اغتيال الامام (ع) بعد ذلك - كما اشرنا - الامر الذي ينطبق علي حكام بني العباس السابقين لعصر الجواد (ع) أو اللاحقين [107] . و لم يقتصر نمو شيعة أهل البيت (ع) علي مستوي المساحة العامة للأمة، و انما وصل بعض من كوادر هذا التيار و اصحاب الأئمة (ع) [ صفحه 87] الي مستوي التأثير في القرارات الرئيسية والسياسة العامة للدولة العباسية. و قد ازدانت بعض المواقع الحساسة في الدولة باسماء بعض «الاصحاب» رضوان الله عليهم من أمثال هرثمة بن أعين صاحب الامام الرضا (ع) و خاصته الذي كان من أكبر قواد المأمون العباسي، و طاهر بن الحسين الخزاعي و الي خراسان و من أكبر قواد المأمون أيضا، و هو الذي احتل بغداد و قتل الامين و منهم الحسين بن عبدالله النيسابوري و الي سجستان في عصر المأمون و المعتصم الذي كتب اليه الامام الجواد (ع) كتابا يدعوه الي الاحسان باخوانه المؤمنين: «بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فأن موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، و ان مالك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن الي اخوانك، واعلم ان الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر والخردل» [108] . و لو أجرينا عملية احصائية بسيطة لاصحاب الأئمة الذين تسلموا مواقع هامة في الدولة العباسية لوجدنا اسماء لامعة كثيرة ممن عرفوا علنا بسلامة الخط أو ممن أخفوا علاقتهم بخط الأئمة عليهم‌السلام بسبب الظروف التاريخية التي مرت بها حركة الائمة الهداة عليهم الصلاة والسلام - مما لسنا بصدده في هذا البحث - و غاية ما أردنا ان نشير اليه هنا أن اتباع أهل البيت (ع) قد شملوا مساحة واسعة جدا من خريطة الامة في عهد الامام الجواد (ع) [ صفحه 88]

طبيعة علاقة الامام بجماهير و مريديه

تتدخل في تحديد طبيعة العلاقة بين الامام (ع) و جماهيره الظروف الموضوعية التي تعيشها الجماهير و الأمام معا، فربما يتعرض الامام (ع) - باعتباره مصدر الهام الأمة - الي عمليات التطويق و المضايقة كي يحد الطاغوت من مدي تأثيره في الأمة، كما جري في عدة مراحل من مراحل التاريخ الاسلامي، و ربما تتعرض جماهير الأمة نفسها للابتراز و الارهاب الفكري و السياسي، و تطارد طلائعها ليتم قطع الصلة بين الأمة و الامام (ع) تحت ضغط الأرهاب و الكبت. و قد تمر حالة من «الهدنة» التي تطول أو تقصر بين الطاغوت و الامة و مصدر الاشعاع فيها، لاسباب تتعلق بقناعات السلطان نفسه، أو لانشغاله بتحد خارجي يصرفه عن شن العدوان علي الامام (ع) و حركته المباركة و لهذه الحقائق التي اشرنا اليها مصاديق كثيرة في تاريخنا و قد تجتمع كلها في حياة امام واحد أحيانا، كما جري للامام جعفر بن محمد الصادق (ع)، حيث تراوحت مراحل سيرته العطرة بين حرية الارادة علي التحرك و العمل بشكل واسع مرورا بالضغط علي اصحابه و قتل بعضهم كالمعلي بن خنيس «رض» و انتهاء بالتضييق عليه و من ثم استشهاده بفعل سم الطغاة. وقد مر الامام موسي الكاظم (ع) بظروف قاسية، منذ بداية امامته و أوذي في الله علي أيدي الجلادين، و عاش مغيبا عن الأمة في سجون طاغية زمانه (الرشيد العباسي)، كما تعرض العلويون و اصحاب الائمة لانماط من الاذي والقتل و التشريد. [ صفحه 89] و الامام الرضا (ع) مر بثلاث مراحل: عاني من العنت في أولها علي يد الرشيد، و تحققت له حرية التحرك في فترة انشغال المأمون بمشاكل حكمه الداخلية، ثم ختمت حياته بالشهادة علي يد المأمون نفسه. اما الامام الجواد (ع)، فقد مر بمرحلتين: مرحلة تمتع فيها بقسط يذكر من الحرية للتحرك و التأثير، و شكلت هذه المرحلة أطول مراحل حياته و قد قضاها في اغلب أيام المأمون (زهاء الخمسة عشر عاما و كان أفضلها السنوات الخمسة التي قضاها الامام (ع) في عصر المأمون كما سنشير فيما بعد)، و مرحلة المضايقة و الاقامة الجبرية التي عاشها منذ اواخر أيام المأمون و أوائل حكم المعتصم العباسي حتي استشهاده (ع) حيث استدعاه المعتصم الي بغداد و وضعه تحت المراقبة، ثم دس له السم، فاستشهد عليه سلام الله و رضوانه بعد أن قضي سنتين و نصف من عهد المعتصم الذي حمله الي بغداد عام 220 ه و وضعه تحت المراقبة حتي نهاية العام المذكور حيث قضي شهيدا محتسبا. و من الجدير بالذكر ان الامام الجواد (ع) منذ أواخر أيام المأمون حتي رحيله الي ربه الاعلي كان يشعر بالعنت، و يتعرض للمضايقة و سوء المعاملة حتي ضاق بالحياة مع الظالمين. و لقد حفظ التاريخ صورا من تبرمه بالعيش تحت كابوس الظلم والظالمين. فقد كان (ع) يقول: «الفرج بعد المأمون بثلاثين شهرا» [109] حيث [ صفحه 90] اعتبر الموت فرجا له لشده ما كان يعانيه. و يذكر تاريخ سيرته العطرة انه كلما عاد من المسجد يوم الجمعة يرفع يدي الضراعة قائلا: «الهي ان كان فرجي في موتي فعجل وفاتي لساعتي» [110] . و يذكر عنه انه كان دائم الكآبة و الغم حتي قضي نحبه مظلوما، و لكي تتوضح لدي المتتبع صورة العلاقة بين الامام (ع) و القواعد الشعبية لابد من الرجوع الي النشاطات الفكرية و الاجتماعية و السياسية التي مارسها صلوات الله عليه في المرحلة الاولي من حياته. أما المرحلة الاخيرة من عمره الشريف، فلم يكن في وسعه أن يتحرك في الامة الا بقدر ما سمحت له الظروف في تبيان بعض العقائد و الاحكام الشرعية في بعض المسائل أيام المعتصم - مما سنشير اليها في الفصول القادمة ان شاء الله تعالي -. و من نافل القول ان نشير الي ان كتب السيرة و الاحاديث تشير بوضوح الي متانة العلاقة بين الامام (ع) و الأمة و يسرها نسيبا في مرحلة ما قبل المعتصم، و سنذكر بعضا من مصاديق هذه العلاقة المباركة تاركين استكمال هذه الصورة الي نشاطات الامام (ع) عبر تلاميذه و مناظراته و رواته و توجيهاته العامة للامة، و وفود العلماء و الفقهاء اليه في المدينة المنورة أوفي مواسم الحج و نحو ذلك، مما سيتجلي في الفصول القادمة.

مصاديق من علاقة الامام بالامة

في كتب الاحاديث و السيرة العديد من مصاديق الارتباط بين [ صفحه 91] الامة و الامام (ع)، و يسر ذلك الارتباط و هادفيته والذي يتراوح عادة بين قلت أو سئل أو سألت الامام (ع) أو كتبت اليه: 1- عن علي بن مهزيار قال: كتب رجل من بني هاشم الي أبي‌جعفر الثاني عليه‌السلام: اني نذرت نذرا منذ سنين أن أخرج الي ساحل من سواحل البحر الي ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة نحو مرابطتهم بجده و غيرها من سواحل البحر. أفتري جعلت فداك أنه يلزمني الوفاء به أولا يلزمني او أفتدي الخروج الي ذلك بشي‌ء من أبواب البر لأصير اليه ان شاء الله؟ فكتب اليه بخطه، و قرأته... [111] . 2- عن محمد بن الحسين الاشعري قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي‌جعفر الثاني (ع): ما تقول في الفرويشتري من السوق؟ فقال: اذا كان مضمونا فلا بأس [112] . 3- عن أبي‌هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي‌جعفر الثاني (ع)، فسأله رجل فقال: اخبرني عن الرب تبارك و تعالي أله اسماء و صفات في كتابه، و هل أسماؤه و صفاته هي هو؟ فقال ابوجعفر (ع)... [113] . 4- استأذن علي أبي‌جعفر (ع) قوم من أهل النواحي من الشيعة، فأذن لهم، فدخلوا فسألوه... [114] . 5- اجتمع من فقهاء بغداد و الامصار و علمائهم ثمانون رجلا، [ صفحه 92] فخرجوا الي الحج، و قصدوا المدينة، ليشاهدوا أباجعفر (ع)... [115] . و هكذا ففي نهاية مطافنا حول الواقع الموضوعي الذي عاشه الامام ابوجعفر الجواد (ع) نخلص الي تدوين الحقائق التالية: 1- ان أطول مراحل حياة الامام الجواد (ع) قد تمتع فيها الامام (ع) بحرية نسبية علي الحركة و التأثير و هي المرحلة التي تمتد بين عام 203 ه حتي عام 218 ه [116] . 2- ان اتباع خط الأئمة (ع) قد بلغوا أوج انتشارهم في صفوف الامة، حتي بلغوا نصفها حسب تقييم رجال السلطة العباسية. 3- ان الامام (ع) قد قضي أكثر سني امامته للمسلمين في مدينة جده رسول الله (ص) ليكون أكثر قدرة علي التحرك، و قيادة عملية البناء و التغيير في الامة. 4- الارضية العامة بناء علي ما تقدم مؤهلة نسبيا لنشاطات كبري باتجاه التغيير و البناء بمقدور الامام (ع) ان ينهض بها - الامر الذي ستتضح اطره العامة في البحوث القادمة ان شاء الله تعالي -. [ صفحه 95]

دور الامام الجواد في حركة الأسلام التاريخية

اشاره

استثمارا لمواطن الخصوبة في الواقع الموضوعي، مع الرعاية التامة لمتطلبات الحكمة، [117] و التزاما بمقتضيات المصلحة الاسلامية العليا نهض الامام ابوجعفر الثاني عليه‌السلام بمهامه الرسالية في الامة خير قيام، و أسدي للاسلام و حركة الاسلام التاريخية كل ما كان بمقدوره أن يسديه من خدمات جليلة - علي ضوء ما منح من فرص و امكانات -. و يمكننا أن نلاحظ دور الامام (ع) في حركة البناء و التغيير في الامة من خلال المفردات التالية:

تلاميذه و الرواة عنه

ضمن حركة الامام الجواد (ع) باتجاه البناء و التغيير المبارك استطاع ان يشكل تيارا من الحملة المخلصين لرسالته كرواة حديث [ صفحه 96] و فقهاء و متكلمين و دعاة للفضيلة و الاصلاح في الامة علي ضوء هدي أهل بيت الرسالة عليهم‌السلام. و من خلصائه من كان ملازما لمن قبله من الأئمة (ع)، و منهم من لازم الامام الجواد (ع) ابتداء، و ربما امتد به العمر ليلازم من بعده من الأئمة الهداة (ع). و كان لتلاميذ الامام (ع) دور ايجابي فاعل في نشر الفضيلة و الحق و المعروف و الهدي بين الناس من خلال رواياتهم و ارشادهم أو من خلال المؤلفات الجليلة التي الفها بعضهم. و في هذه الزاوية سنحاول فحسب أن نذكر عددا من هؤلاء التلامذة و الرواة و نشير اشارة سريعة لأبرز أحوالهم و ما تميزوا به مراعاة للاختصار الذي التزمناه في هذه الدراسة المتواضعة عن الامام (ع): 1- ابراهيم بن أبي‌محمود الخراساني من ثقاة الرواة عن الامام الجواد (ع). كما ذكر الكشي في رجاله - و قد روي عن الامام موسي الكاظم و علي بن موسي الرضا عليهماالسلام. 2- ابراهيم بن محمد الهمداني: من الرجال الاجلاء، و قد روي عن الامام الجواد (ع) و أبيه الرضا (ع) و ولده الهادي (ع). 3- أحمد بن محمد بن أبي‌نصر البزنطي «الكوفي»، كان عظيم المنزلة عند الامام الجواد (ع) و أبيه الرضا (ع) كما كان جليل القدر. 4- أحمد بن محمد بن عيسي الاشعري أبوجعفر القمي شيخ قم و فقيهها، روي عن الامام الجواد (ع) و ابيه و ولده (ع). 5- أحمد بن معافي من أصحاب الجواد (ع) فحسب. [ صفحه 97] 6- جعفر بن محمد يونس الاحول من أصحاب الجواد (ع) و أبيه و ولده (ع). 7- الحسين بن بشار المدايني من أصحاب الجواد (ع) و أبيه وجده (ع). 8- الحسين بن سعيد بن حماد بن مهران الاهوازي كان مولي للامام علي بن الحسين (ع)، كان جليل القدر، و قد روي عن الجواد (ع). و أبيه الرضا و ولده الهادي (ع). 9- الحكم بن علباء الاسدي من أصحاب الجواد (ع). 10- حمزة بن يعلي الاشعري ابويعلي القمي، كان ثقة و وجه روي عن الجواد (ع) و أبيه (ع). 11- داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي‌طالب يكني أباهاشم الجعفري من أهل بغداد، جليل القدر ثقة عظيم المنزلة عند الأئمة (ع) صاحب الامام الجواد (ع) و روي عنه كما روي عن ولده الهادي (ع) و حفيده العسكري (ع). 12- صالح بن محمد الهمداني من اصحاب الجواد (ع) و ولده الهادي (ع). 13- صفوان بن يحيي ابومحمد البجلي بياع السابري الكوفي: من ثقات الرجال كانت له عند الامام الرضا (ع) منزلة شريفة، كان أوثق أهل زمانه عند أهل الحديث، و كانت له منزلة من العبادة و الزهد و الورع لم تكن لأحد من أهل طبقته، كان وكيلا للامام الجواد (ع) و أبيه، و كان من أصحاب الامام الكاظم (ع) و قد اعتبره الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة من خواص الأئمة (ع) و وكلائهم الممدوحين. [ صفحه 98] 14- عبدالجبار بن المبارك النهاوندي من أصحاب الجواد (ع) و أبيه (ع). 15- عبدالعظيم بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام يكني ابوالقاسم كان عابدا ورعا من خواص اصحاب الامام الجواد (ع)، و صاحب ولده الهادي و حفيده العسكري (ع). و قد عد الامام الهادي (ع) زيارة قبره كفضل زيارة قبر الحسين (ع). 16- عثمان بن سعيد العمري يكني أباعمر و السمان و يقال له: الزيات الاسدي ثقة جليل القدر من أصحاب الجواد (ع)، عاصر الامام العسكري (ع) و صار وكيلا له. 17- علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (ع): كان شديد الورع، كثير الفضل جليل القدر روي كثيرا عن الأئمة (ع) صاحب الجواد (ع) و من قبله الصادق و الكاظم و الرضا عليهم‌السلام. 18- علي بن بلال البغدادي من أصحاب الامام الجواد (ع) فحسب. 19- علي بن مهزيار الاهوازي ابوالحسن كان من خواص الامام الجواد (ع)، و قد عظمت منزلته عنده، و كان له وكيلا في بعض النواحي، و كان واسع الرواية جليل القدر، روي عن الرضا (ع) و حفيده الهادي (ع). 20- الفضل بن شاذان بن الخليل أبومحمد الأزدي النيسابوري كان ثقة جليلا فقيها متكلما، ترحم عليه الامام العسكري (ع) روي عن الامام الجواد (ع)، و ذكر انه روي عن الرضا (ع). 21- محمد بن عبدالجبار و هو ابن ابي‌الصهبان «قمي» من [ صفحه 99] أصحاب الجواد (ع) و ولده الهادي و حفيده العسكري (ع). 22- ابوعلي محمد بن عيسي بن عبدالله بن سعد بن مالك الاشعري شيخ القميين روي عن الامام الجواد (ع) و سمع من الامام الرضا (ع). 23- محمد بن الفرج الرخجي من اصحاب الجواد (ع) و أبيه و ولده (ع). 24- محمد بن يونس من أصحاب الامام (ع) وجده الكاظم و أبيه الرضا (ع). 25- المختار بن زياد العبدي من اصحاب الجواد (ع). 26- موسي بن عمر بن بزيع مولي المنصور (كوفي) احد اصحاب الامام الجواد (ع). 27- نوح بن شعيب البغدادي كان فقيها عالما صالحا مرضيا و هو من اصحاب الجواد (ع). 28- يعقوب بن اسحاق السكيت (أبويوسف) كان عالما باللغة، من خواص الامام الجواد (ع)، و مقدما عنده، و كان كذلك عن الامام الهادي (ع)، قتله المتوكل لتشيعه لاهل البيت (ع). 29- ابويوسف الكاتب يعقوب بن يزيد بن حماد الانباري، ثقة و صدوق روي عن الامام الجواد (ع)، و كان من اصحاب أبيه (ع) قبله. 30- ابوالحصين بن الحضين الحضيني من اصحاب الجواد (ع) و ولده الهادي (ع) [118] . [ صفحه 100]

من توجيهاته العامة

رغم اهتمامه الاساسي بأبراز معالم العقيدة الاسلامية و احكام الشريعة، «كما سيتضح في بحث قادم» و حرصه علي اعادة المسلمين الي اصالة الفكر الاسلامي في محيط متلاطم بالاجتهادات و الافكار الخاطئة كان الامام الجواد (ع) حريصا علي تقديم مختلف أوجه المفاهيم الحكيمة و المعطيات الثرة ذات الاهمية القصوي في صياغة العقلية الاسلامية والسلوك الفاضل، و المواقف المستقيمة ازاء الاشياء و الاحداث. و في هذا العرض الموجز نحاول أن نسجل بعضا من تلك التوجيهات التي تفيض حكمة، و هدي، و خصوبة و رشدا: كل ما نملك لله تعالي قال (ع): «ان انفسنا، و أموالنا من مواهب الله الهنيئة، و عواريه المستودعة يمتع بما متع منها في سرور و غبطة، و يأخذ ما أخذ منها في أجر و حسبة، فمن غلب جزعه علي صبره حبط اجره، و نعوذ بالله من ذلك» [119] . المهالك الاربع قال (ع): تأخير التوبة اغترار، و طول التسويف حيرة و الاعتلال علي الله هلكة، والاصرار علي الذنب أمن لمكر الله: «و لا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون» [120] . [ صفحه 101] الشكر ضمان للمزيد «لا ينقطع المزيد من الله حتي ينقطع الشكر من العباد» [121] . فلسفة المراحل في العمل الاجتماعي قال (ع): اظهار الشي‌ء قبل أن يستحكم مفسدة له» [122] . مقومات لمسيرة المؤمن قال (ع): «المؤمن يحتاج الي توفيق من الله، و واعظ من نفسه، و قبول ممن ينصحه» [123] . معطيات الثقة بالله تعالي «من وثق بالله أراه السرور، و من توكل عليه كفاه الامور و الثقة بالله حصن لا يتحصن به الا مؤمن أمين، و التوكل علي الله نجاة من كل سوء، و حرز من كل عدو» [124] . العامل الاساسي في فساد الرجال قال (ع): «لا أفسد للرجال مثل الطمع» [125] . العطاء مرهون بالبذل «ان لله عبادا خصهم بالنعم، و يقرها فيهم ما بذلوها، فاذا منعوها نزعها منهم، و حولها الي غيرهم» [126] . [ صفحه 102] زينة الورع «ترك مالا يعني زينة الورع» [127] . حقيقة الايمان و قال (ع): «لن يستكمل العبد حقيقة الايمان حتي يؤثر دينه علي شهوته و لن يهلك حتي تؤثر شهوته علي دينه» [128] . غربة العلماء «العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم» [129] . دعائم التوبة «التوبة علي أربع دعائم: ندم بالقلب، واستغفار باللسان و عمل بالجوارح، و عزم علي أن لا يعود» [130] . من وسائل تحقيق رضوان الله تعالي «ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالي: كثرة الاستغفار، و خفض الجانب، و كثرة الصدقة» [131] . ضوابط الرباني! «أربع من كن فيه استكمل الايمان: من اعطي لله، و من منع في الله و أحب لله، و أبغض في الله» [132] . الامور مرهونة بأوقاتها [ صفحه 103] قال (ع): لا تعالجوا الامر قبل بلوغه، فتندموا، ولا يطولن عليكم الامر فتقسو قلوبكم، و ارحموا ضعفاءكم، و اطلبوا الرحمة من الله بالرحمة لهم» [133] . من معالي الاخلاق قال (ع): حسب المرء من كمال المروءة أن لا يلقي أحدا بما يكره. و من حسن خلق الرجل: كفه اذاه. و من سخائه بره بمن يجب حقه عليه. و من كرمه ايثاره علي نفسه. و من صبره قلة شكواه. و من عقله انصافه من نفسه. و من انصافه قبول الحق اذا بان له. و من نصحه نهيه عما لا يرضاه لنفسه. و من رفقه تركه عذله بحضرة من يكره. و من تواضعه معرفته بقدره. و من سلامته قلة حفظه لعيوب غيره، و عنايته بصلاح عيوبه [134] . الوقت الافضل للتوجيه قال (ع): من وعظ اخاه سرا فقد زانه، و من وعظه علانية فقد شانه [135] . [ صفحه 104] اساس الاستقامة قال (ع): لا تكن وليا لله في العلانية و عدوا له في السر [136] . عز المؤمن قال (ع): عز المؤمن غناه عن الناس [137] . من نوافذ المكروه قال (ع): من هجر المداراة قاربه المكروه [138] . معرفة النتائج مرهون بمعرفة المقدمات قال (ع): من لم يعرف الموارد أعيته المصادر [139] . من ايجابيات لقاء الاخوان قال (ع): ملاقاة الاخوان نشرة، و تلقيح للعقل و ان كان نزرا قليلا» [140] .

الجواد راويا

الأصل في الائمة الهداة عليه‌السلام انهم رواة عن رسول الله (ص) يستقون منه العلم الالهي وراثة، و هم عيبة علمه، و حملة وحي الله عزوجل، اماما يطرأ من أحداث و قضايا، فأن الائمة يلهمون الحكم [ صفحه 105] الواقعي من الله عزوجل في الاحداث الطارئة - كما اشرنا لذلك في بحث سابق -. و الاحاديث التي بين أيدينا عن الائمة عليهم‌السلام، يختلط فيها ما هو رواية عن الرسول الاعظم صلي الله عليه و آله، و ما هم يلهمونه من علام الغيوب عزوجل. و لعل احدي الوسائل التي ندرك بواسطتها ما يصدعون به - رواية - من احكام و عقائد و سنن و قيم، ان الامام (ع) يذكر ضمن ايراده للحديث انه سمعه من أبيه عن جده عن آبائه عن رسول الله (ص) مثلا، فيكون دوره في مثل هذا الأمر روايا للحديث، الامر الذي ينطبق علي الائمة الهداة جميعا كما يتضح من تراثهم الرسالي الضخم الذي حفظته المجموعات الحديثية المباركة التي نعول عليها في تلقي العقائد و الاحكام و القيم من أمثال: الكافي و التهذيب و الاستبصار و من لا يحضره الفقيه و غيرها [141] . و الامام ابوجعفر الثاني محمد بن علي الجواد (ع) كغيره من الائمة عليهم‌السلام فقد ورد في الاحاديث الواردة عنه (ع) مجموعة لا بأس بها كمرويات عن آبائه (ع) عن جده المصطفي (ص). و من الضروري أن نشير الي ان الاحاديث الاخري التي ترد عن الامام (ع) دون انتهائها بالنبي (ص) زواية لا يعني انها ليست في مضمونها أحاديث للرسول (ص) فقد ورد عن الامام الصادق (ع) ان احاديثهم (ع) هي احاديث جدهم رسول الله (ص): «ان حديثي حديث أبي و حديث [ صفحه 106] أبي حديث جدي، و حديث جدي حديث علي بن أبي‌طالب أميرالمؤمنين، و حديث علي اميرالمؤمنين حديث رسول الله صلي الله عليه و آله، و حديث رسول الله قول الله عزوجل» [142] . و لكن المقصود هنا الروايات التي وردت بالتسلسل الروائي علي الوجه الفني المعهود في علم الحديث. و يمكننا أن نسجل نماذج عديدة من الاحاديث التي أوردها الامام الجواد (ع) رواية عن آبائه و جده المصطفي عليهم الصلاة والسلام: 1- اخرج الشيخ الصدوق عن محمد بن القاسم المفسر الجرجاني بسنده عن الامام محمد بن علي الجواد عن أبيه الرضا عن أبيه موسي ابن‌جعفر (ع) قال: سئل الصادق (ع) عن الزاهد في الدنيا، قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه، و يترك حرامها مخافة عقابه [143] . 2- و عنه بنفس الاسناد قال: قيل للصادق (ع): صف لنا الموت، فقال: للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه، و ينقطع التعب و الألم كله عنه، و للكافر كلسع الافاعي، و لدغ العقارب أو أشد [144] . 3- اخرج الشيخ الصدوق (رض) بسنده عن الحسن العسكري (ع) عن أبيه عن محمد بن علي الجواد (ع) عن آبائه عن علي بن الحسين (ع) في قول الله عزوجل: (الذي جعل لكم الارض فراشا). [ صفحه 107] قال: جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لاجسادكم، لم يجعلها شديدة الحمي والحرارة فتحرقكم، و لا شديدة البرد فتجمدكم، ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم، و لا شديدة النتن فتعطبكم، و لا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، و لا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم و أبنيتكم و قبور موتاكم، و لكنه عزوجل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به و تتماسكون و تتماسك عليها أبدانكم و بنيانكم، و جعل فيها ما تنقاد به لدوركم و قبوركم و كثير من منافعكم. فلذلك جعل الارض فراشا لكم، ثم قال عزوجل «والسماء بناء» أي سقفا من فوقكم محفوظا، يدير فيها شمسها و قمرها و نجومها لمنافعكم، ثم قال عزوجل: «و انزل من السماء ماء» يعني المطر نزله من العلي ليبلغ قلل جبالكم و تلالكم و هضابكم و أوهادكم، ثم فرقه رذاذا و وابلا وهطلا وطلا لتنشفه أرضوكم، و لم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم و أشجاركم و زروعكم و ثماركم، ثم قال عزوجل: «فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا «اي أشباها و أمثالا من الاصنام التي لا تعقل و لا تسمع و لا تبصر و لا تقدر علي شي‌ء» «و أنتم تعلمون» أنها لا تقدر علي شي‌ء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم تبارك و تعالي [145] . 4- روي الحر العاملي (رض) بأسناده عن الجواد (ع) عن آبائه عن علي (ع) قال: «لا تنظروا الي كثرة صلاتهم، و صومهم و كثرة [ صفحه 108] الحج، و المعروف وطنطنتهم بالليل، انظروا الي صدق الحديث و اداء الامانة [146] . 5- و عنه عليه‌السلام عن آبائه (ع) عن علي (ع): قال: بعثني النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي اليمن، فقال لي و هو يوصيني: يا علي ما حار من استخار و لا ندم من استشار، يا علي عليك بالدلجة فأن الارض تطوي في الليل مالا تطوي بالنهار. يا علي: اغد باسم الله فان الله بارك لأمتي في بكورها [147] . 6- و عنه (ع) عن علي (ع) قال: في كتاب علي بن أبي‌طالب (ع): ان ابن‌آدم اشبه شي‌ء بالمعيار أما راجح بعلم او ناقص بجهل [148] . 7- و عنه (ع) عن علي (ع) انه قال لأبي‌ذر (رض) عندما نفاه الخليفة الثالث عثمان بن عفان الي الربذة: انما غضبت لله عزوجل فارج من غضبت له، ان القوم خافوك علي دنياهم، و خفتهم علي دينك، والله لو كانت السماوات، و الأرضون رتقا علي عبد، ثم اتقي الله لجعل الله له منها مخرجا، و لا يؤنسك الا الحق، و لا يوحشنك الا الباطل [149] . 8- أخرج الشيخ الصدوق (رض) بأسناده عن الامام الجواد (ع) قال: قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي‌طالب (ع): يا علي لا يحبك الا من طابت ولادته، و لا يبغضك الا من خبثت ولادته، ولا يواليك الا مؤمن و لا يعاديك الا كافر، فقام اليه عبدالله بن مسعود، فقال: يا [ صفحه 109] رسول الله، قد عرفنا علامة خبيث الولادة، و الكافر في حياتك ببغض علي، و عداوته، فما علامة خبيث الولادة، و الكافر بعدك اذا اظهر الاسلام بلسانه، و أخفي مكنون سريرته؟ فقال (ع): با ابن‌مسعود علي بن ابي‌طالب امامكم بعدي، و خليفتي عليكم، فاذا مضي فابني الحسن امامكم بعده، و خليفتي عليكم، فاذا مضي، فابني الحسين امامكم بعده، و خليفتي عليكم، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد ائمتكم و خلفائي عليكم، تاسعهم قائم أمتي يملأ الارض قسطا، و عدلا كما ملئت جورا، و ظلما، لا يحبهم الا من طابت ولادته، و لا يبغضهم الا من خبثت ولادته، و لا يواليهم الا مؤمن، و لا يعاديهم الا كافر، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني، و من أنكرني فقد أنكر الله عزوجل، لأن طاعتهم طاعتي، و طاعتي طاعة الله، و معصيتهم معصيتي، و معصيتي معصية الله عزوجل، يا ابن‌مسعود اياك ان تجد في نفسك حرجا مما أقضي فتكفر، فوعزة ربي ما أنا متكلف، و لا ناطق عن الهوي في علي و الائمة من ولده... الحديث [150] . 9- اخرج الشيخ الصدوق (رض) قال: حدثنا أبوالحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام قال: حدثنا محمد بن الفضل النحوي قال: حدثنا محمد بن علي بن عبدالصمد الكوفي قال: حدثنا علي بن عاصم، عن محمد بن علي بن موسي، عن أبيه علي بن موسي بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (ع) قال: دخلت علي رسول الله (ص) و عنده أبي بن كعب فقال رسول الله (ص): مرحبا [ صفحه 110] بك يا أباعبدالله يا زين السماوات و الارض، فقال له أبي: و كيف يكون يا رسول الله زين السماوات و الارض أحد غيرك؟ فقال له: يا أبي والذي بعثني بالحق نبيا ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض فانه مكتوب عن يمين العرش [151] مصباح هاد و سفينة نجاة و امام غيروهن [152] و عز و فخر، و بحر علم و ذخر (فلم لا يكون كذلك!» و ان الله عزوجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الارحام أو يجري ماء في الاصلاب أو يكون ليل و نهار و لقد لقن دعوات ما يدعوبهن مخلوق الا حشره الله عزوجل معه و كان شفيعه في آخرته، و فرج الله عنه كربه، و قضي بهادينه، و يسر أمره، و أوضح سبيله، و قواه علي عدوه، و لم يهتك ستره، فقال أبي، و ما هذه الدعوات يا رسول الله؟ قال: تقول اذا فرغت من صلاتك و أنت قاعد: اللهم اني أسألك بكلماتك و معاقد عرشك [153] و سكان سماواتك (و ارضك) و أنبيائك و رسلك (أن تستجيب لي) فقد رهقني من أمري عسر، فأسألك أن تصلي علي محمد و آل محمد و أن تجعل لي من عسري يسرا. فان الله عزوجل يسهل أمرك و يشرح لك صدرك و يلقنك شهادة أن لا اله الا الله عند خروج نفسك، قال له أبي: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في [ صفحه 111] صلب حبيبي الحسين؟ قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر و هي نطفة تبيين و بيان يكون من اتبعه رشيدا و من ضل عنه غويا، قال:فما اسمه و ما دعاؤه؟ قال: اسمه علي و دعاؤه «يا دائم يا ديموم، يا حي يا قيوم، يا كاشف الغم و يا فارج الهم، و يا باعث الرسل، و يا صادق الوعد» من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين و كان قائده الي الجنة. قال له أبي: يا رسول الله فهل له خلف أو وصي؟ قال: له مواريث السماوات و الارض، قال: فما معني مواريث السماوات و الارض يا رسول الله؟ قال: القضاء بالحق، و الحكم بالديانة، و تأويل الاحلام [154] و بيان ما يكون. قال: فما اسمه؟ قال: اسمه محمد و ان الملائكة لتستأنس به في السماوات و يقول في دعائه «اللهم ان كان لي عندك رضوان وود فاغفرلي و لمن تبعني من اخواني و شيعتي و طيب ما في صلبي» فركب الله في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية، فأخبرني جبرئيل (ع) [155] أن الله عزوجل طيب هذه النطفة و سماها عنده جعفرا، و جعله هاديا مهديا و راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه: «يا ديان [156] غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء، و لهم عندك رضاء [157] فاغفر ذنوبهم و يسر أمورهم، واقض ديونهم، و استر عوراتهم، و هب لهم الكبائر التي بينك و بينهم، يا من [ صفحه 112] لا يخاف الضيم و لا تأخذه سنة و لا نوم، اجعل لي من كل (هم) و غم فرجا» و من دعا بهذا الدعاء حشره الله عنده أبيض الوجه مع جعفر ابن‌محمد الي الجنة. يا ابي و ان الله تبارك و تعالي ركب علي هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة و سماها عنده موسي (و جعله اماما) قال له أبي: يا رسول الله كلهم يتواصفون و يتناسلون و يتوارثون و يصف بعضهم بعضا؟ قال: وصفهم لي جبرئيل (ع) عن رب العالمين جل جلاله، فقال: فهل لموسي من دعوة يدعوبها سوي دعاء آبائه؟ قال نعم يقول في دعائه: «يا خالق الخلق، و يا باسط الرزق، و يا فالق الحب (والنوي)، و يا باري‌ء النسم و محيي الموتي و مميت الاحياء، و (يا) دائم الثبات، و مخرج النبات افعل بي ما أنت أهله» من دعا بهذا الدعاء قضي الله عزوجل حوائجه و حشره يوم القيامة مع موسي بن جعفر، و ان الله ركب في صلبه نطفة طيبة زكية مرضية و سماها عنده عليا و كان الله عزوجل في خلقه رضيا في علمه و حكمه، و جعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة و له دعاء يدعو به «اللهم اعطني الهدي، و ثبتني عليه، واحشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع، انك أهل التقوي و أهل المغفرة» و ان الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية و سماها محمد بن علي فهو شفيع شيعته و وارث علم جده، له علامة بينة و حجة ظاهرة اذا ولد يقول: «لا اله الا الله محمد رسول الله (ص)، و يقول في دعائه: «يا من لا شبيه له و لا مثال، أنت الله لا اله الا أنت و لا خالق الا أنت تفني المخلوقين و تبقي أنت، [ صفحه 113] حلمت عمن عصاك، و في المغفرة رضاك» من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة. و ان الله تبارك و تعالي ركب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية، بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده عليا، فألبسها السكينة و الوقار، و أودعها العلوم و الاسرار و كل شي‌ء مكتوم، من لقيه و في صدره شي‌ء أنبأه به و حذره من عدوه و يقول في دعائه: «يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب اكفني شر الشرور و آفات الدهور، و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور» من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده الي الجنة، و ان الله تبارك و تعالي ركب في صلبه نطفة و سماها عنده الحسن بن علي فجعله نورا في بلاده، و خليفة في أرضه و عزا لامته، و هاديا لشيعته، و شفيعا لهم عند ربهم، و نقمة علي من خالفه، و حجة لمن والاه، و برهانا لمن اتخذه اماما، يقول في دعائه: «يا عزيز العز في عزه، يا عزيزا عزني بعزك، و أيدني بنصرك و أبعد عني همزات الشياطين، و ادفع عني بدفعك و امنع عني بمنعك واجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد» من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل معه، و نجاه من النار ولو وجبت عليه، و ان الله عزوجل ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة، يرضي بها كل مؤمن ممن أخذ الله عزوجل ميثاقه في الولاية، و يكفر بها كل جاحد، فهو امام تقي نقي بار مرضي هاد مهدي أول العدل و آخره [158] يصدق الله عزوجل و يصدقه الله في قوله، يخرج من تهامة [ صفحه 114] حتي [159] تظهر الدلائل و العلامات و له بالطالقان كنوز لا ذهب و لا فضة الا خيول مطهمة [160] و رجال مسومة، يجمع الله عزوجل له من أقاصي البلاد علي عدد أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثةعشر رجلا، معه صحيفة مختومة فيها عدد اصحابه بأسمائهم و أنسابهم و بلدانهم و صنائعهم و كلامهم و كناهم [161] ، كرارون، مجدون في طاعته، فقال له أبي: و ما دلائله و علاماته يا رسول الله؟ قال له علم اذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه الله تبارك و تعالي فناداه العلم اخرج يا ولي الله فاقتل أعداء الله، و له رايتان [162] و علامتان و له سيف مغمد، فاذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده، و أنطقه الله عزوجل فناداه السيف: أخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله فيخرج و يقتل أعداء الله حيث ثقفهم و يقيم حدود الله ويحكم بحكم الله، يخرج و جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و شعيب و صالح علي مقدمه، فسوف تذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري الي الله عزوجل ولو بعد حين، يا أبي طوبي لمن لقيه، و طوبي لمن أحبه، و طوبي لمن قال به، ينجيهم الله من الهلكة بالاقرار به و برسول الله و بجميع الائمة يفتح لهم الجنة، مثلهم في الارض كمثل المسك يسطع ريحه فلا يتغير أبدا، و مثلهم في السماء [ صفحه 115] كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا. قال أبي: يا رسول الله كيف حال [163] هؤلاء الائمة عن الله عزوجل؟ قال: ان الله تبارك و تعالي أنزل علي اثني‌عشر خاتما و اثنتي‌عشرة صحيفة اسم كل امام علي خاتمه و صفته في صحيفته [164] . 10- اخرج الحر العاملي (رض) بأسناده عن الامام أبي‌جعفر (ع) عن آبائه عن علي (ع) قال: قال النبي صلي الله عليه و آله: من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، و لو كانت عدد نجوم السماء و مثاقيل الجبال، و مكائيل البحار [165] . نكتفي بأيراد هذه النماذج من الاحاديث التي رواها الامام الجواد (ع) عن آبائه و منهم جده المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم، و من شاء المزيد فدونه المجموعات الحديثية المعروفة باهتمامها بتراث أهل البيت (ع) و مبادئهم الحية المعطاء.

نماذج من حواره و مناظراته و مسائله الفكرية

يعد باب الحوار الفكري و المناظراب لدي الائمة من أهل البيت (ع) من أوسع الحقول التي اهتم بها الأئمة الهداة (ع) لا حقاق الحق، والذود عن الصراط المستقيم و ابطال حجج المبطلين. و باب الحوار الفكري عند الائمة (ع) تدخل ضمنه مفردات عديدة و يحتل الحوار العقائدي و الفقهي موقع طليعة الافكار التي يتناولها حوارهم الهادف المميز. [ صفحه 116] و رغم قصر عمر الامام الجواد (ع)، و شراسة عمليات التعتيم علي نشاطاته الرسالية، نجد ان كتب التاريخ و السيرة و الفقه و الكلام قد حفظت صورا من حواره الفكري مما يعد غرة علي جبين الدهر، و أهم ما حفظته لنا ذاكرة التاريخ: الحوار العقيدي و الحوار الفقهي. و نورد في هذا البحث المتواضع نماذج من تلك الحوارات الهادفة القيمة:

حواره مع عمه عبدالله بن موسي

الاختصاص ص 102. اخرج الشيخ المفيد عن علي بن ابراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي قال: لما مات أبوالحسن الرضا (ع) حججنا فدخلنا علي أبي‌جعفر (ع) و قد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا الي أبي‌جعفر (ع) فدخل عمه عبدالله بن موسي و كان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة و بين عينيه سجادة فجلس، و خرج أبوجعفر (ع) من الحجرة و عليه قميص قصب ورداء قصب و نعل جدد بيضاء فقام عبدالله فاستقبله و قبل بين عينيه و قام الشيعة و قعد أبوجعفر علي كرسي و نظر الناس بعضهم الي بعض و قد تحيروا لصغر سنه فابتدر رجل من القوم فقال لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتي بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه و يضرب الحد فغضب أبوجعفر (ع) ثم نظر اليه فقال: يا عم اتق الله اتق الله انه لعظيم ان تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم، فقال له عمه: أستغفرالله يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبوجعفر (ع): انما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال [ صفحه 117] أبي: تقطع يمينه للنبش و يضرب حد الزنا فان حرمة الميتة كحرمة الحية، فقال: صدقت يا سيدي و أنا أستغفر الله، فتعجب الناس و قالوا: يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك؟ قال: نعم فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة [166] فأجابهم فيها و له تسع سنين [167] .

مناظرة الامام مع ابن‌اكثم حول الاحاديث الموضوعة

اخرج الشيخ الطبرسي في الاحتجاج قال: روي ان المأمون بعد مازوج ابنته ام‌الفضل اباجعفر (ع) كان في مجلس و عنده ابوجعفر (ع) و يحيي بن اكثم و جماعة كثيرة. فقال له يحيي ابن‌اكثم ما تقول يابن رسول الله في الخبر الذي روي: انه نزل جبرئيل (ع) علي رسول الله (ص)؟ و قال: يا محمد ان الله عزوجل يقرئك السلام و يقول لك سل أبابكر فهل عني راض فاني عنه راض. فقال ابوجعفر (ع) لست بمنكر فضل ابي‌بكر و لكن يجب علي صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر قاله رسول الله (ص) في حجة الوداع: قد كثرت علي الكذابة و ستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فاذا أتاكم الحديث فاعرضوه علي [ صفحه 118] كتاب الله عزوجل و سنتي، فما وافق كتاب الله و سنتي فخذوا به، و ما خالف كتاب الله و سنتي فاطرحوه و ليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالي «و لقد خلقنا الانسان و نعلم ما توسوس به نفسه و نحن اقرب اليه من حبل الوريد» فالله عزوجل خفي عليه رضاء ابي‌بكر من سخطه حتي سأل عن مكنون سره؟ هذا مستحيل في العقول. ثم قال يحيي بن اكثم و قد روي ان مثل ابي‌بكر و عمر في الارض كمثل جبرئيل و ميكائيل في السماء: فقال (ع) و هذا ايضا يجب ان ينظر فيه لان جبرئيل و ميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط و لم يفارقا طاعته لحظة واحدة و هما قد اشركا بالله عزوجل و ان أسلما بعد الشرك، فكان أكثر أيامهما في الشرك فمحال أن يشبههما بهما. قال يحيي: و قد روي ايضا انهما سيدا كهول الجنة فما تقول فيه؟ فقال (ع) و هذا الخبر محال أيضا لان اهل الجنة كلهم يكونون شبابا و لا يكون فيهم كهل و هذا الخبر وضعه بنوأمية لمضادة الخبر الذي قال رسول الله في الحسن والحسين بانهما سيدا شباب أهل الجنة. فقال يحيي بن اكثم: و روي ان عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة، فقال (ع) و هذا ايضا محال لان في الجنة ملائكة الله المقربين و آدم و محمد و جميع الانبياء و المرسلين لا تضيي‌ء بأنوارهم حتي تضي‌ء بنور عمر.؟! فقال يحيي و قد روي ان السكينة تنطق علي لسان عمر. فقال (ع) لست بمنكر فضل عمر و لكن ابابكر افضل من عمر فقال علي رأس المنبر: أن لي شيطانا يعتريني فاذا ملت فسددوني. فقال يحيي: قد روي ان النبي (ص) قال: لو لم ابعث لبعث عمر [ صفحه 119] فقال (ع): كتاب الله اصدق من هذا الحديث يقول الله: في كتابه «و اذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح» قد اخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن ان يبدل ميثاقه و كان الانبياء (ع) لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من اشرك؟ و كان أكثر أيامه مع الشرك بالله، و قال رسول الله (ص) نبأت و آدم بين الروح والجسد. فقال يحيي بن اكثم: و قد روي ايضا ان النبي (ص) قال ما احتبس عني الوحي قط الا ظننته قد نزل علي ابن‌الخطاب. فقال (ع): و هذا محال ايضا لانه لا يجوزان يشك النبي في نبوته قال الله تعالي «الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس». فكيف يمكن ان تنتقل النبوة عمن اصطفاه الله تعالي الي من اشرك به. قال يحيي بن اكثم: ان النبي صلي الله عليه و آله قال لونزل العذاب مانجا منه الا عمر. فقال (ع): و هذا محال ايضا، ان الله تعالي يقول: «ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم، و ما كان الله معذبهم، و هم يستغفرون»، و أخبر سبحانه انه لا يعذب أحدا مادام فيهم رسول الله، و ما داموا يستغفرون الله تعالي [168] .

حواره مع الفقهاء العباسيين بحضور المعتصم

محمد بن مسعود العياشي في تفسيره باسناده عن احمد بن الفضل [ صفحه 120] الخاقاني من آل رزين قال: قطع الطريق بجلولاء علي السابلة [169] من الحجاج و غيرهم و أفلت القطاع فبلغ الخبر المعتصم فكتب الي العامل له كان بها: تأمن الطريق بذلك فقطع علي طرف اذن أميرالمؤمنين ثم انفلت القطاع، فان انت طلبت هؤلاء و ظفرت بهم و الا امرت بأن تضرب ألف سوط ثم تصلب بحيث قطع الطريق قال: و طلبهم العامل حتي ظفربهم و استوثق، ثم كتب بذلك الي المعتصم فجمع الفقهاء و ابن أبي‌داود ثم سأل الآخرين عن الحكم فيهم و أبوجعفر محمد بن علي الرضا (ع) حاضر فقالوا: قد سبق حكم الله فيهم في قوله «انما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض» و لأميرالمؤمنين يحكم باي ذالك شاء فيهم. قال: فالتفت الي ابي‌جعفر (ع) فقال له: ما تقول فيما اجابوا فيه؟ فقال: قد تكلم هؤلاء الفقهاء و القاضي بما سمع اميرالمؤمنين قال: و اخبرني بما عندك قال: انهم قد أضلوا فيما أفتوا به والذي يجب في ذلك ان ينظر اميرالمؤمنين في هؤلاء الذين قطعوا الطريق فان كانوا أخافوا المسلمين فقط [170] و لم يقتلوا احدا و لم يأخذوا مالا أمر بأيداعهم الحبس فان ذلك، معني نفيهم من الارض باخافتهم السبيل و ان كانوا أخافوا [ صفحه 121] السبيل، و قتلوا النفس و اخذوا المال أمر بقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف و صلبهم بعد ذلك قال فكتب الي العامل بان يمثل ذلك فيهم. و عن العياشي بأسناده عن زرقان صاحب ابن ابي‌داود [171] قال: رجع ابن ابي‌داود ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتم فقلت له في ذلك فقال: وددت اليوم أني قدمت منذ عشرين سنة قال قلت له: و لم ذاك؟ قال لما كان من ابي‌جعفر محمد بن علي بن موسي اليوم بين يدي اميرالمؤمنين المعتصم قال: قلت له و كيف كان ذلك قال ان سارقا اقر علي نفسه بالسرقة و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه و قد احضر محمد بن علي (ع) فسألنا عن القطع في أي موضع يجب ان يقطع؟ قال: فقلت من الكرسوع قال: و ماالحجة في ذلك؟ قال قلت لأن اليد هي الاصابع و الكف الي الكرسوع لقول الله في التيمم «فامسحوا بوجوهكم و ايديكم» و اتفق معي علي ذلك قوم. و قال الآخرون: بل يجب القطع من المرفق قال و ما الدليل علي ذلك؟ قالوا لأن الله لما قال «و ايديكم الي المرافق» في الغسل دل ذلك علي ان حد اليد هو المرفق قال. فالتفت الي محمد بن علي (ع) فقال ما تقول في هذا يا أباجعفر؟ فقال: قد تكلم القوم فيه يا اميرالمؤمنين قال دعني مما تكلموا به أي شي‌ء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا اميرالمؤمنين قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه. فقال اما اذا اقسمت علي بالله اني اقول انهم اخطأوا فيه السنة [ صفحه 122] فان القطع يجب ان يكون من مفصل أصول الاصابع فيترك الكف قال: و ما الحجة في ذلك قال: قول رسول الله (ص): السجود علي سبعة اعضاء: الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، قال الله تبارك و تعالي: «و ان المساجد لله» يعني هذه الاعضاء السبعة التي يسجد عليها، - (فلا تدعوا مع الله احدا) و ما كان لله لم يقطع. قال: فأعجب المعتصم ذلك، و أمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع و دون الكف قال: ابن أبي‌داود قامت قيامتي و تمنيت اني لم أك حيا [172] .

مسألة فقهية

ضمن المناظرات العديدة التي جرت بين الامام (ع) و يحيي بن أكثم قاضي المأمون العباسي جري هذا الاختبار الفقهي للامام (ع): قال المأمون ليحيي بن اكثم: اطرح علي أبي‌جعفر محمد بن علي الرضا مسألة تقطعه فيها، فقال: يا أباجعفر، ما تقول في رجل نكح امرأة علي زني أيحل أن يتزوجها؟ فقال (ع): يدعها حتي يستبرئها من نطفته و نطفة غيره، اذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما احدثت معه، ثم يتزوج بها ان أراد، فانما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراما، ثم اشتراها، فأكل منها حلالا [173] . فذهل القاضي و بان عجزه. [ صفحه 123] هذه نماذج من مسائل الامام أبي‌جعفر (ع) و حواره و مناظراته الفكرية، أوردناها كمصاديق علي حركة الامام (ع) في هذا الحقل من حقول جهوده في رفع راية الرسالة الالهية و دعم مسيرتها التاريخية المباركة.

جهود الامام في بلورة مفهوم التوحيد

اشاره

يعد مفهوم التوحيد في الرسالة الاسلامية المسألة المركزية في الفكر الاسلامي، و رغم ما بذل القرآن الكريم و الرسول الاعظم و أوصياؤه عليهم‌السلام من جهود كبيرة من أجل بلورة هذا المفهوم العظيم في اذهان المسلمين، الا ان المذاهب الفكرية العديدة و المدارس الفلسفية التي ظهرت في دنيا المسلمين خصوصا في العهد الاموي و العهد العباسي قد بثت افكارا و تصورات عن جوانب كثيرة من هذه المسألة نأت بها بعيدا عن الحق و الصراط المستقيم، تأثرا بالثقافات الشرقية و الغربية القديمة التي دخلت ثقافة المسلمين بعد الفتح، و بعد حركة الترجمة الواسعة لتلك الثقافات كثقافة الاغريق و الثقافة الهندية القديمة و ثقافة بلاد فارس، و الفكر اليهودي و النصراني و أمثال ذلك، كما أن جمود بعض المدارس الفكرية عند ظواهر النصوص الواردة في القرآن الكريم، و عدم الرجوع للقرائن ساهم في درجة ما في تبني أفكار و تصورات بعيدة عن استقامة و سلامة التوحيد الحق. و رغم ما بذله الأئمة الاول «آباء الامام الجواد» عليهم‌السلام بخصوص هذه المسألة الا أن مساحة تحرك الأئمة الذين عاصروا أواخر أيام الدولة الاموية، و مختلف مراحل الدولة العباسية كانت [ صفحه 124] أكبر بسبب استشراء فكر البلاد المفتوحة و شيوع كثير من المفاهيم في بلاد المسلمين، اضافة الي توفر مساحات واسعة من الامكانات لانتشار تلك الافكار، اما بقصد من بعض السلاطين أو عدم حرصهم علي المصلحة الاسلامية العليا، و لا ننسي جهل البعض منهم و غباءه اللذين يحولان دون تفهم مخاطر تلك الافكار المنحرفة التي انتشرت في بلاد المسلمين. لقد كان لجهود الامام الصادق و من بعده [174] من الائمة الفضل الاكبر في بلورة خط التوحيد الخالص لما عقدوه من مناقشات، و حوارات فكرية مميزة في هذا السبيل، كالحوارات مع المعتزلة و الاشاعرة و الزنادقة و أصحاب الاديان و أمثالهم من ذوي التصورات الخاطئة، و كان للامام الجواد (ع) يد بيضاء في هذا السبيل مما حفظته كتب السيرة و العقيدة بعضه علي شكل احاديث و مناقشات و اجابات علي اسئلة، بلورة لحقيقة هذا المفهوم الاساسي في الرسالة الالهية، و دحضا للمقولات التي تبناها المنحرفون قبال المتبنيات الحقيقة في هذا السبيل. و هذه بعض من نشاطات الامام الجواد (ع) في هذا السبيل:

معني الواحد

عن ابي‌هشام الجعفري قال: سألت أباجعفر الثاني عليه‌السلام، ما معني الواحد؟ فقال: اجماع الالسن عليه بالوحدانية كقوله تعالي: «و لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله» [175] . [ صفحه 125]

معني الصمد

عن داود بن القاسم الجعفري قال: قلت لأبي‌جعفر (ع): جعلت فداك ما الصمد؟ قال: السيد المصمود اليه في القليل و الكثير [176] .

لا تدركه الابصار

عن ابي‌هاشم الجعفري قال: قلت لأبي‌جعفر (ع): لا تدركه الابصار، و هو يدرك الابصار؟ فقال: يا أباهاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند التي لم تدخلها، و لا تدركها ببصرك، و أوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟ [177] .

لا تتوهمه!

عن عبدالرحمن بن أبي‌نجران قال: سألت أباجعفر الثاني (ع) عن التوحيد، فقلت: أتوهم شيئا؟ فقال: نعم غير معقول، و لا محدود، فما وقع وهمك عليه من شي‌ء، فهو خلافه، لا يشبهه شي‌ء، و لا تدركه الاوهام، كيف تدركه الاوهام، و هو خلاف ما يعقل، و خلاف ما يتصور في الاوهام، انما يتوهم شي‌ء غير معقول، و لا محدود [178] .

لا يعطل و لا يشبه

عن الحسين بن سعيد قال: سئل ابوجعفر الثاني (ع): يجوز أن يقال لله: انه شي‌ء؟ قال: نعم، يخرجه من الحدين: حد التعطيل [ صفحه 126] و حد التشبيه [179] .

اسماء الله تعالي و صفاته

عن أبي‌هاشم الجعفري، قال: كنت عن أبي‌جعفر الثاني (ع) فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك و تعالي له أسماء و صفات في كتابه، فأسماؤه و صفاته هي هو؟ فقال أبوجعفر (ع) ان لهذا الكلام وجهين: ان كنت تقول: هي هو أي انه ذو عدد و كثرة فتعالي الله عن ذلك، و ان كنت تقول: لم تزل هذه الصفات و الاسماء، فان «لم تزل» يحتمل معنيين: فان قلت: لم تزل عنده في علمه و هو مستحقها فنعم، و ان كنت تقول: لم يزل تصويرها و هجاؤها و تقطيع حروفها فمعاذا الله أن يكون معه شي‌ء غيره، بل كان الله و لا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه و بين خلقه يتضرعون بها اليه و يعبدونه، و هي ذكره [180] و كان الله و لا ذكر، و المذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل، و الاسماء والصفات مخلوقات المعاني، و المعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف و الائتلاف [181] ، و انما يختلف و يأتلف المتجزي، فلا يقال: الله مؤتلف، و لا الله كثير و لا قليل، و لكنه القديم في ذاته، لان ما سوي الواحد متجزي‌ء، والله واحد، لا متجزي‌ء، و لا متوهم بالقلة و الكثرة، و كل متجزي‌ء و متوهم بالقلة و الكثرة فهو [ صفحه 127] مخلوق دال علي خالق له، فقولك: ان الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شي‌ء فنفيت بالكلمة العجز، و جعلت العجز سواه، و كذلك قولك: عالم انما نفيت بالكلمة الجهل، و جعلت الجهل سواه، فاذا افني الله الاشياء أفني الصور و الهجاء، و لا ينقطع [182] و لا يزال من لم يزل عالما. قال الرجل: كيف سمي ربنا سميعا؟ قال: لأنه لا يخفي عليه ما يدرك بالاسماع، و لم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، و كذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفي عليه ما يدرك بالابصار من لون و شخص و غير ذلك، و لم نصفه بنظر لحظ العين، و كذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشي‌ء اللطيف مثل البعوضة و أحقر من ذلك، و موضع الشق منها و العقل [183] والشهوة و السفاد و الحدب علي نسلها، و افهام بعضها عن بعض، و نقلها الطعام و الشراب الي أولادها في الجبال والمفاوز و الاودية و القفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، و انما الكيفية للمخلوق المكيف، و كذلك سمي ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق و لو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه و لاحتمل الزيادة، و ما احتمل الزيادة احتمل النقصان، و ما كان ناقصا كان غير قديم، و ما كان غير قديم كان عاجزا، فربنا تبارك و تعالي لا شبه له، و لا ضد و لا ند و لا كيف و لا نهاية و لا أقطار، محرم علي القلوب أن تمثله، و علي الاوهام أن تحده، و علي الضمائر أن تكيفه، جل عن أداة خلقه و سمات بريته، و تعالي عن ذلك علوا كبيرا [184] . [ صفحه 128]

رعاية شؤون الأمة و الاهتمام بأمورها

اشاره

من الأمور الاساسية التي دأب الأئمة من آل البيت (ع) علي تعاهدها و الالتزام بها هي مسألة: رعاية شؤون الأمة و الاهتمام بأمورها اليومية فضلا عن الاهتمامات العامة الكبري. و يأتي الاهتمام بشؤون الأمة الجزئية و اليومية كمصاديق و تطبيقات لمبدأ وجوب الاهتمام بشؤون المسلمين الثابت في شريعة الله عزوجل. و قضية الرعاية لشؤون الأمة من قبل الامام المعصوم (ع) تأتي منسجمة كذلك مع دور الأبوة لهذه الأمة الذي ينهض به الأمام (ع) عادة، حيث يتحقق هذا الدور اضافة الي الشعور بضرورة الأهتمام بأمور المسلمين بعناوين مختلفة، فقد يأتي تخفيفا لآلام الأمة التي يسببها ظلم النظام، أو تأتي نصحا و توجيها نحو الخير أو تكون تأديبا و ارشادا لسلوك طريق الحق و أمثال ذلك. و في حياة الامام الجواد (ع) مصاديق كثيرة و خصيبة لهذه الرعاية و هذا الاهتمام نذكر منها:

من مصاديق تأديبه للناس

عن أبي‌ثمامة قال: قلت لأبي‌جعفر الثاني (ع): أني أريد أن ألزم مكة و المدينة، و علي دين، فقال: «ارجع الي مؤدي دينك، و انظر أن تلقي الله عزوجل، و ليس عليك دين، فأن المؤمن لايخون» [185] . [ صفحه 129] و عن قاسم الصيقل: كتبت الي أبي‌جعفر الثاني (ع): اني كنت كتبت الي أبيك (ع) بكذا و كذا، فصعب علي ذلك... فكتب الي - يعني أباجعفر (ع) -: كل اعمال البر بالصبر يرحمك الله...» [186] .

رعايته للمحتاجين

عن اسماعيل بن عياش الهاشمي قال: جئت الي أبي‌جعفر (ع) يوم عيد، فشكوت اليه ضيق المعاش، فرفع المصلي، و أخذ من التراب سبيكة من ذهب، فأعطانيها، فخرجت بها الي السوق، فكان فيها ستة عشر مثقالا من ذهب [187] . عن داود بن القاسم الجعفري: دخلت علي أبي‌جعفر (ع)... فأعطاني ثلاثمائة دينار، و أمرني أن أحملها الي بعض بني عمه، ثم قال: اما انه سيقول لك: دلني علي حريف يشتري لي بها متاعا، فدله عليه...» [188] .

الاهتمام بذوي الاسقام

عن الشيخ أبي‌بكر بن اسماعيل قال: قلت لأبي‌جعفر بن الرضا: ان لي جارية تشتكي من ريح بها، قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال لها: ما تشتكين يا جارية؟ قالت: ريحا في ركبتي، فمسح يده علي ركبتها من وراء الثياب، فخرجت، و ما اشتكت وجعا بعد ذلك [189] . و قال محمد بن عمير الرازي: كان يصيبني وجع في خاصرتي في كل [ صفحه 130] اسبوع و يشتد ذلك بي أياما، فسألته أن يدعولي بزواله عني، فقال: و أنت فعافاك الله، فما عاد الي هذه الغاية [190] . ان هذه الاهتمامات اليومية التي كان الامام (ع) ينهض بها تجاه المسلمين قد عززت ثقة الناس بالامام (ع) و كسبت قلوبهم الي خطه المبارك، و قدمت أرقي مصاديق رعاية القائد المسلم لجماهير الامة

ارشاد الامة الي وصي الرسول العاشر

رغم وجود النص العام من رسول الله (ص) علي أوصيائه الهداة عليهم الصلاة و السلام، فأن من مهمات أي وصي امام أن يدل الامة علي الامام الذي يليه، بالشكل الذي تسمح به ظروفه الموضوعية. و نهوضا بهذه المهمة الشرعية سمي كل امام من ائمة اهل البيت (ع) الامام الذي بعده، و قد نهض الامام محمد بن علي الجواد (ع) بذلك اسوة بآبائه الهداة الراشدين من خلال عدة وصايا و ارشادات و مواقف نذكر منها ما يلي: اخرج محمد بن يعقوب (رض) بسنده عن اسماعيل بن مهران قال: «لما خرج ابوجعفر عليه‌السلام من المدينة الي بغداد في الدفعة الاولي من خرجتيه، قلت له عند خروجه جعلت فداك اني اخاف عليك من هذا الوجه، فالي من الامر بعدك؟ فكر بوجهه الي ضاحكا، و قال: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة، فلما أخرج به الثانية الي المعتصم صرت، فقلت له: جعلت فداك أنت خارج، [ صفحه 131] قال من هذا الأمر من بعدك؟ فبكي حتي اخضلت لحيته، ثم التفت الي، فقال: عند هذه يخاف علي، الامر من بعدي الي ابني علي» [191] . أخرج الشيخ المفيد بأسناده عن الخيراني عن أبيه انه قال: كنت الزم باب أبي‌جعفر (ع) للخدمة التي و كلت بها، و كان أحمد بن محمد بن عيسي الاشعري يجي‌ء في السحر من آخر كل ليلة ليتعرف خبر علة أبي‌جعفر عليه‌السلام و كان الرسول الذي يختلف بين أبي‌جعفر و بين الخيراني اذا حضر قام أحمد و خلا به الرسول قال الخيراني فخرج ذات ليلة و قام احمد بن محمد بن عيسي عن المجلس و خلا بي الرسول و استدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام فقال الرسول ان مولاك يقرأ عليك السلام و يقول لك اني ماض و الأمر صائر الي ابني علي و له عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعدا بي ثم مضي الرسول و رجع أحمد الي موضعه فقال لي ما الذي قال لك؟ قلت خيرا قال قد سمعت ما قال و أعاد علي ما سمع فقلت له قد حرم الله عليك ما فعلت لأن الله يقول: (و لا تجسسوا) فاذا سمعت فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج اليها يوما و اياك ان تظهر الي وقتها قال و اصبحت و كتبت نسخة الرسالة في عشر رقاع و ختمتها و دفعتها الي عشرة من وجوه أصحابنا و قلت ان حدث بي حدث الموت قبل ان اطالبكم بها فافتحوها و اعملوا بما فيها فلما مضي أبوجعفر عليه‌السلام لم أخرج من منزلي حتي عرفت ان رؤساء العصابة قد اجتمعوا عند محمد ابن‌الفرج يتفاوضون في الأمر فكتب الي محمد بن الفرج يعلمني [ صفحه 132] باجتماعهم عنده و يقول لولا مخافة الشهرة لصرت معهم اليك فاحب ان تركب الي فركبت و صرت اليه فوجدت القوم مجتمعين عنده فتجارينا في الباب فوجدت أكثرهم قد شكوا فقلت لمن عنده الرقاع و هم حضور اخرجوا تلك الرقاع فاخرجوها فقلت لهم هذا ما امرت به فقال بعضهم قد كنا نحب ان يكون معك في هذا الأمر آخر ليتأكد هذا القول فقلت لهم قد اتاكم الله بما تحبون هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة فاسألوه فسأله القوم فتوقف عن الشهادة فدعوته الي المباهلة فخاف منها و قال قد سمعت ذلك و هي مكرمة كنت احب ان تكون لرجل من العرب فأما مع المباهلة فلا طريق الي كتمان الشهادة فلم يبرح القوم حتي سلموا لأبي‌الحسن عليه‌السلام [192] . [ صفحه 135]

حول الانتفاضات العلوية في عصر الامام

مقدمة

فرضت علي التاريخ الاسلامي منذ نهضة أبي‌عبدالله الحسين السبط عليه‌السلام ظاهرة الانتفاضات العلوية علي الظالمين عبر التاريخ الاموي و العباسي، فلم يهدأ صليل سيوف «الخارجين» علي الطواغيت لأنتفاضة باسلة الا ليقض مضاجع الظلم ثوار آخرون. و هكذا تفجرت ثورة زيد بن علي بن الحسين (ع)، و ثورة النفس الزكية و ثورة حسين فخ و غيرها ليبقي دوي الرفض الاسلامي متلاحقا في مسيرة المسلمين يوقظ الغافلين عن الحق و يؤرق ليل الطغاة والظالمين. و قد حمل التاريخ الاسلامي ثناء جميلا من الائمة الهداة من اهل البيت (ع) علي الثورات و الثوار، و استنزل البعض منهم علي الثائرين رحمة الله و بركاته و رضوانه. فالامام جعفر بن محمد الصادق (ع) يقيم حركة زيد بن علي (ع) بقوله: «رحم الله عمي زيدا انه دعا الي الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفي الله من ذلك انه قال: ادعوكم الي الرضا من آل محمد» [193] . [ صفحه 136] و يقول الامام الصادق (ع): «لا أزال أنا و شيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمد، و لو ددت أن الخارجي من آل محمد خرج و علي نفقة عياله» [194] . و يقول الامام الكاظم (ع) و هو يودع ابن عمه الحسين بن علي قتيل فخ: «يابن عم انك مقتول... فأحد الضراب، فأن القوم فساق يظهرون ايمانا، و يضمرون نفاقا و شركا فأنا لله و انا اليه راجعون و عند الله احتسبكم من عصبة» [195] . و رغم ان التاريخ لم يسعفنا بتصريحات للامام الجواد (ع) حول الثوار العلويين في عصره، فأن تبني الائمة (ع) للمخلصين من الثوار لا يحتاج الي دليل.

اهم الثورات العلوية في عصر الامام الجواد

اشاره

رغم ان السلطة العباسية في عهد المأمون بن الرشيد قد بذلت وسعها من أجل اقناع اتباع اهل البيت عليهم‌السلام بالتخلي عن معارضة الحكم العباسي، حيث سلكت لتحقيق هذا الهدف وسائل شتي كان في طليعتها اسناد منصب ولاية عهد المأمون الي الامام علي بن موسي الرضا (ع)، و اسناد مناصب اخري متفاوتة الي عدد من اصحاب الائمة (ع)... اقول رغم محاولة السلطة العباسية المذكورة فأن [ صفحه 137] اتباع أهل البيت (ع) كانوا يشخصون ان هذه الاعمال الترقيعية لا تهدف الا الي التخدير و كسب الوقت ليس الا لا سيما و ان الحكم العباسي في عصر المأمون قد تعرض الي ازمات سياسية حادة كان في مقدمتها الانشقاق بين الأمين و المأمون، و ما تبعه من تمزق في صف الدولة، لم ينته الا بعد قتل الأمين، و السيطرة علي بغداد من قبل انصار المأمون. و من أجل ذلك بقي اتباع الائمة (ع) عند موقفهم الرافض للسلطات العباسية مهما تظاهرت بالاقتراب الي الائمة و اتباعهم، و لذا فأن الثوار العلويين و اتباعهم لم يضعوا السيوف رغم الوعود والدعاوي العريضة. و قد كان نصيب عهد المأمون من الانتفاضات العلوية كبيرا، كما كان عهد خليفته المعتصم. و قد اخفقت كافة محاولات التصفية و الأبادة للثوار العلويين في ايقاف حركة الرفض للانحراف العباسي التي كان عاملان اساسيان يساعدان علي تناميها و استمراريتها: 1- العامل الاول: استمرار حركة الائمة (ع) التغييرية في الامة كانت توفر الارضية لنمو الثورة في احضان الامة، فكلما أخمد الطغاة انتفاضة علوية أو شيعية حتي و فرت الامة بديلالها. 2- العامل الثاني: استمرار الحكم العباسي في زرع الانحراف و رعايته للفساد و عدم تمتعه بالشرعيه يوفر عاملا اساسيا للرفض و الثورة من قبل الحريصين علي رسالة الله و حدودها المباركة، كما تجسده مفاهيم الثوار قاطبة [196] . [ صفحه 138] اما أهم الثورات العلوية الشيعية التي تفجرت في عصر امامة أبي‌جعفر الثاني محمد بن علي الجواد (ع) فهي:

ثورة الكوفة

امتدادا لثورات علوية و شيعية ضد الحكم العباسي نهضت الكوفة عام 202 ه بقيادة ابي‌عبدالله بن منصور من بني ربيعة بن ذهل بن شيبان، و تولي الزعامة الروحية لهذه الحركة علي بن محمد بن جعفر الصادق (ع). و قد جاءت حركة الكوفة هذه علي أثر اصرار واليها علي حمل أهل الكوفة علي طاعة المأمون العباسي بينما كان أهل الكوفة اتباع أهل البيت (ع) يصرون علي بيعة الامام علي بن موسي الرضا (ع) خليفة [197] . و لما لم يصل الطرفان الي موقف وسط رفع الثوار شعار «طاعة للمأمون»، و اندلع القتال و انتشرت الحرائق في مدينة الكوفة، و قدمت المدينة الكثير من الخسائر في الارواح و الممتلكات بسبب تنمر رجال السلطة المحلية. و قد كسب الثوار الموقف و الحقوا لخسائر بأنصار العباسيين، حتي هزموهم. و يبدو من سير الاحداث أن العباسيين قد أجبروا علي تغيير الوالي و تعيين الفضل بن محمد الكندي واليا جديدا علي المدينة الرجل الذي لجأ الي المكيدة السياسية للتخلص من الثورة حيث بادر الي اغتيال قائدها ابي‌عبدالله بن منصور الأمر الذي سبب ارباك وضع [ صفحه 139] الثوار حيث سادت حالة من الفوضي في المدينة فاستسلم بعض رجال المدينة المترفين للمأمون بعد وصوله الي بغداد قادما من خراسان - اي بعد استشهاد الامام علي بن موسي الرضا (ع) بفترة -.

ثورة عبدالرحمن بن أحمد العلوي

و هي الثورة التي قادها في اليمن عبدالرحمن بن احمد بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي‌طالب (ع) عام 207 ه، و قد دعا الناس الي الرضا من آل محمد (ص) [198] ، و اجتمع حوله كثير من أهل اليمن لا سيما ممن ضاقوا من معاملة الولاة العباسيين ذرعا. و يبدو ان هذه الحركة قد حدثت في وقت قد استتب الامر للمأمون تماما، فأرسل جيشا كبيرا الي اليمن بقيادة دينار بن عبدالله، عازما علي القضاء علي المقاومة الشيعية هناك. و يكاد التاريخ أن يتغاضي عما حدث بشكل واضح لهذه الحركة، و يكتفي الطبري بالاشارة الي أن الحركة قد انتهت في نفس العام. و يشير المؤرخون الي أن المأمون قد اتخذ موقفين بعد احباط تلك العملية: 1- شدد علي العلويين قاطبة، وأمر بفرض لباس السواد عليهم [199] - و هو شعار العباسيين - 2- عين واليا شديد البغض لآل البيت (ع) علي اليمن هو الوالي الاموي محمد بن ابراهيم الزيادي - حفيد زياد بن أبيه - و عين له وزيرا هو سليمان بن هشام بن عبدالملك الاموي [200] . [ صفحه 140] و قد قام الوالي الاموي المذكور باجتياح تهامة ذات الولاء لاهل البيت (ع) يومذاك، كما تتبع انصار العلويين و شيعتهم، و حارب القبائل اليمنية ذات الولاء لآل البيت (ع). و قد اعطي المأمون و اليه الأموي كافة الصلاحيات طالما نجح في ابادة العلويين و اتباعهم و امده بجيش خراساني حتي بلغ بالوالي الاموي الحال ان اقام دولة تتمتع بحكم ذاتي و استقلال داخلي داخل حدود الدولة العباسية سميت بالدولة الزيادية، حكمها احفاد زياد و موالوهم حتي عام 553 ه.

الثورة العلوية الكبري «ثورة محمد بن القاسم»

و كانت أهم الثورات العلوية / الشيعية في عهد الامام الجواد (ع) التي اندلعت عام 219 ه، هي ثورة محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب (ع) و يكني أباجعفر. و كان عامة الناس يلقبونه بالصوفي لأدمانه علي لبس الصوف الأبيض. و كان من أهل العلم و الفقه و الدين و الزهد و حسن المذهب [201] . بدأت دعوة محمد بن القاسم العلوي في مرو «خراسان» و ما حولها، و قد نشط دعاته في ذلك الاقليم يدعون الناس الي الاجتماع حوله، و قد نجم نشاطهم عن اجتماع اربعين ألفا من الموالين و الأنصار. ثم غادر ابوجعفر (رض) الي الطالقان التي تبعد أربعين فرسخا عن [ صفحه 141] مرو، و اجتمع اليه كثير من الناس، فدعاهم الي الرضا من آل محمد (ص). و قد بدأت أول عملياته العسكرية بالاصطدام مع قائد شرطة العباسيين في المنطقة حيث هزم قائد الشرطة «الحسين بن نوح»، مما دعا الوالي العباسي عبدالله بن طاهر الي ارسال جيش بقيادة نوح بن حيان، فهزم في بداية أمره الا ان الحكومة المحلية أرسلت جيشا كثيفا لنصرة ابن‌حيان فتمكن من التغلب علي جيش ابي‌جعفر محمد بن القاسم (رض)، فتفرق جنوده، فلحق بمدينة «نسا» في خراسان مستترا عن انظار عملاء السلطان [202] . و يبدو أن عيون السلطة والوشائين قد رصدوا تحركات ابي‌جعفر (رض)، فألقي عليه القبض و أرسل الي رأس الحكومة المحلية في نيسابور عبدالله بن طاهر، و بقي مقيدا في السجن ثلاثة شهور، و صار الوالي يوهم الناس أنه بعث به الي بغداد، خوفا من انصاره المنتشرين في خراسان. و بعد شعور السلطة، بأمكانية أرساله الي المعتصم نقل (رض) الي بغداد. يقول ابراهيم بن غسان في وصفه بعد فشل ثورته: عرض علي محمد بن القاسم كل شي‌ء نفيس فلم يقبل الا مصحفا جامعا.. ليدرس فيه، و يقول: «ما رأيت قط اشد اجتهادا منه، و لا أعف و لا أكثر ذكرا لله عزوجل، مع شدة نفس، و اجتماع قلب ما ظهر منه جزع، و لا انكسار، و لا خضوع في الشدائد التي مرت به...» [203] . [ صفحه 142] و حين نقل الي المعتصم ببغداد، ادخل اليها حاسرا بأمر الحاكم العباسي، و كا دخوله يوم النوروز من عام 219 ه، فأدخل علي المعتصم، و كان مجلسه غاصا بالمتفرجين علي اصحاب «السماحة» من المهرجين كما كان مجلس الخليفة «عامرا» بالرقص و الغناء، و المجون، و المعتصم يشرف علي تلك النشاطات الماجنة في خيلاء، و كان بين الحين و الآخريري ضاحكا مبتهجا و لما ادخل ابن‌القاسم (رض) الي ذلك المجلس الهازل الخليع بكي قائلا: اللهم انك تعلم أني لم أزل حريصا علي تغيير هذا و انكاره [204] ثم راح يشتغل «بذكر الله تعالي و تسبيحه و يحرك شفتيه بالدعاء عليهم» [205] و بينما كان المعتصم جالسا جلسة فرعونية، كان محمد بن القاسم العلوي ابن‌الطيبين واقفا بين يديه. ثم أمر السلطان العباسي بالقائه في سرداب شبيه بالبئر حتي كاد أن يموت [206] ثم نفل بعد حين الي بستان و حبس في احدي الغرف. علي ان اباجعفر بن القاسم (رض) دبر خطة نجا علي اثرها من السجن. فقد طلب من سجانيه مقصا قال: انه ينفعه في قص اظفاره، ثم طلب سعفة قال: انه يطرد بها الفئران. و قد استفاد من المقص في تقطيع الفراش الذي تحته علي هيئة «سيور» ثم صنع من هذه المواد سلما استعان به للخروج من أحد [ صفحه 143] الشبابيك في ليلة عيد الفطر من تلك السنة، و اختفي بين الحمالين حتي فجر ذلك اليوم، حيث خرج مع الحمالين دون أن يتعرف عليه أحد، ثم انحدر الي واسط و اختفي حتي وافاه أجله فيها رضي الله تعالي عنه و أرضاه، بينما تشير بعض المعلومات انه ألقي عليه القبض في زمن المتوكل العباسي و حبس حتي قضي نحبه مسموما [207] . و هكذا كانت هذه الانتفاضة العلوية آخر الانتفاضات التي شهدها عهد أبي‌جعفر محمد بن علي الجواد عليه الصلاة والسلام.

پاورقي

[1] فقرات من الدعاء الثاني من ادعية الصحيفة السجادية.
[2] نهج‌البلاغة خطبة رقم 87.
[3] نهج‌البلاغة خطبة رقم 109.
[4] في كتايه الجليل: الكافي ج 1 (توفي الكليني عام 329 ه).
[5] في كتابه الجليل: بصائر الدرجات (توفي المرحوم ابن‌فروخ عام 290 ه و هو من اصحاب الامام الحسن العسكري (ع)).
[6] في كتابه الجليل: الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف و المؤلف (توفي عام 664ه).
[7] كنزالعمال ج 6 ص 217 حديث رقم 3819. وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده.
[8] نهج‌البلاغة خطبة رقم 2.
[9] نفس المصدر خطبة رقم 152.
[10] الارشاد ص 316، مكتبة بصيرتي، قم المقدسة.
[11] الارشاد ص 316.
[12] الكافي ج 1، ص 497.
[13] ذكر المفسرون أن آية الولاية قد نزلت في علي بن أبي‌طالب (ع) فقرن الله عزوجل ولاية علي (ع) اميرالمؤمنين بولاية الله و ولاية رسوله (ص). يراجع مناقب علي بن ابي‌طالب للحافظ ابن‌المغازلي نقلا عن الواحدي في اسباب النزول و ابن‌كثير في تفسيره و الطبري في تفسيره و كنزالعمال و الدر المنثور و الحاكم في علوم الحديث و الكنجي في كفاية الطالب و غيرها انظر بين ص 314 - 311.
[14] أخرجه مسلم في صحيحه و الحاكم في مستدرك الصحيحين و احمد بن حنبل في مسنده و المتقي في كنزالعمال و غيرهم (باختلاف يسير بينهم في الالفاظ).
[15] اخرجه الحافظ أبوالحسن علي بن محمد الواسطي الشافعي (ابن‌المغازلي). «م في 483 ه، في خمسة عشر طريقا» راجع مناقب علي بن ابي‌طالب (ع) ص 27 - ص 37، طهران المطبعة الاسلامية 1394 ه. كما يراجع مختصر صحيح مسلم الحديث 1639 بروايته عن سعد بن ابي‌وقاص ط (وزارة الاوقاف الكويتية 1969).
[16] الموفق بن احمد الحنفي في مناقبه و الحمويني الشافعي في فرائد المسمطين و احمد بن حنبل في حديث الوصية (يشبهه) و الثعلبي في الكشف و البيان و ابن‌المغازلي مثله (نقلا عن علي والوصية ص 235).
[17] ينظر اسماء الاوصياء الواردة في حديث الامام الصادق (ع) الذي أورده علم اليقين في معرفة اصول الذين: الفيض الكاشاني (م 1091 ه) ج 1، ص 393 - 392، ط بيدار 1404 ه، و كمال‌الدين و تمام النعمة للشيخ الصدوق (رض) ط 1 ص 213 - ص 220 باسناده عن الامام محمد بن علي الباقر (ع).
[18] عقائد الامامية: الشيخ محمدرضا المظفر ص 96.
[19] اصول الكافي ص 176.
[20] الارشاد ص 274 و اصول الكافي ج 1، ص 238 - ص 242 «بشكل مفصل في الثاني».
[21] عقائد الامامية: المرحوم العلامة المظفر ص 96.
[22] الاصول من الكافي ج 1، ص 264 او ذاك: يكون ذاك.
[23] نفس المصدر والصفحة: الغابر: الآتي، المزبور، المكتوب، نقر في الاسماع، من طريق الالهام و كلام الملك.
[24] نفس المصدر ص 472.
[25] الكافي ج 1، ص 321، ط 1388،3 ه دارالكتب الاسلامية / طهران.
[26] الكافي ج 1، ص 320، و ارشاد الشيخ المفيد ص 319.
[27] كلا المصدرين ص 322 و ص 319.
[28] حلية الابرار / السيد هاشم البحراني (م» 1091 ه») ج 2، ص 396 ط، العلمية قم.
[29] الارشاد: الشيخ المفيد (ت 413 ه) ص 320 ط، مكتبة بصيرتي / قم.
[30] ينابيع المودة الباب السادس والسبعون ص 440 ط 1966،8 م.
[31] الجواهر السنية في الاحاديث القدسية: الحر العاملي / ص 2 - ص 312 ط مكتبة المفيد / قم، و روي مثله محمد بن علي بن بابويه في كتابه النصوص علي الائمه الاثني‌عشر.
[32] الكافي ج 1 ص 528 - 527 و رواه الحر العاملي في الجواهر السنية ص 201 - ص 204 و رواه الشيخ الصدوق باسناده في عيون اخبار الرضا بطرق عديدة ص 40 - ص 69.
[33] في بعض النسخ (و زين اولياء الله الماضين).
[34] في بعض النسخ (ابيحت) و في بعضها (انتجبت).
[35] هو ذوالقرنين لان طوس من بنائه كما صرح به في رواية النعماني لهذا الخبر.
[36] زمانه: زمان غيبته.
[37] ينابيع المودة: للحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي... (م 1294 ه) ص 494 نقلا عن المناقب للامام موفق بن أحمد الخوارزمي.
[38] حلية الابرار ج 2 ص 398.
[39] نفس المصدر و الصفحة.
[40] حلية الابرار ج 2 ص 397.
[41] مثير الاحزان: في احوال الائمة الاثني‌عشر امناء الرحمن، الشيخ شريف الجواهري ص 272 منشورات الرضي / قم.
[42] الامام الرضا (ع) استشهد مسموما علي يد المأمون، يراجع مقاتل الطالبين ص 566 و عيون اخبار الرضا.
[43] استفدنا هذه المعلومات المفصلة من كشف الغمة في معرفة الائمة: للعلامة المحقق أبي‌الحسن علي بن عيسي بن أبي‌الفتح الاربلي «ره» من علماء القرن الرابع الهجري ج 2 ص 353 - ص 358 ط العلمية قم 1381 ه، و الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة: للشيخ الامام علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي الشهير بابن الصباغ (م 855 ه) ص 266 - ص 270 ط 1950،2 م، النجف الاشرف، و الارشاد للشيخ المفيد (م 413 ه.) ص 323 - 319. و بحارالانوار ج 10 باب 22 ص 381.
[44] يشبه الامام (ع) في هذه الحالة ولده الامام الهادي (ع) حيث تسلم مسؤولية امامة المسلمين و عمره ثماني سنوات، و الامام القائم المنتظر (عج) تسلم امامة المسلمين في أول صباه، اضافة الي ذلك ان الامام الجواد (ع) قد رافقت بعض المعاجز ولادته كالتكلم في المهد، و سطوع نور أضاء ما حوله أثناء الولادة المباركة و هو أمر لا ينكره العقلاء بالنسبة لمن يصطفي اماما للناس و هو صبي (راجع حلية الابرار ج 2 ص 389 نقلا عن حكيمة بنت الامام الكاظم (ع).
[45] الارشاد: للشيخ المفيد ص 323 و الكافي ج 1 ص 497 (باختلاف في التفاصيل).
[46] الارشاد: ص 324 «تصرفنا بالناحية اللفظية بما يناسب» و كشف الغمة ج 2 ص 359 - ص 360 و الفصول المهمة ص 314.
[47] صحيفة الابرار: الميرزا محمد تقي التبريزي الممقاني ج 2 ط 2 كويت ص 264، نقلا عن مناقب آل أبي‌طالب: لابن شهرآشوب.
[48] كشف الغمة في معرفة الائمة ج 2 ص 367 و الاختصاص للشيخ المفيد ص 320 و البهر: تتابع النفس و انقطاعه.
[49] كشف الغمة ج 2 ص 370.
[50] الكافي ج 1 ص 310.
[51] الكافي ج 1 ص 320 والارشاد ص 318 والحسين بن قياما رجل من الواقفة: و هم فرقة من الشيعة توقفت عند الامام موسي الكاظم (ع) و لم تقل بأمامة الرضا (ع) و بمن يليه من الائمة (ع).
[52] نفس المصدر السابق والصفحة.
[53] نفس المصدر ص 321.
[54] الارشاد ص 318 والكافي ج 1 ص 321 مع اختلاف في الالفاظ، القذة: ريش السهم يقال القذة بالقذة اذا تساويا في المقدار.
[55] من الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن عاشر ائمة أهل البيت علي بن محمد الهادي (ع) رواها عنه الصدوق (رض) في عيون اخبار الرضا (ع) بسنده، كما رواها الشيخ عباس القمي (رض) في مفاتيح الجنان بأسانيده و غيرهما.
[56] من الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن عاشر ائمة أهل البيت علي بن محمد الهادي (ع) رواها عنه الصدوق (رض) في عيون اخبار الرضا (ع) بسنده، كما رواها الشيخ عباس القمي (رض) في مفاتيح الجنان بأسانيده و غيرهما.
[57] الكافي ج 1 ص 494 - ص 495 و حلية الابرار ج 2 ص 409. (العثنون اللحية او ما فضل). منها بعد العارضين أو طولها (هامش الكافي).
[58] كشف الغمة ج 2 ص 368.
[59] حلية الابرار ج 2 ص 407.
[60] الارشاد ص 326.
[61] مفاتيح الجنان / الشيخ عباس القمي ص 215 ط دار احياء التراث العربي بيروت.
[62] مفاتيح الجنان ص 217 - ص 218.
[63] عيون أخبار الرضا (ع) / للشيخ الصدوق ج 1 ص 62.
[64] استخرتك خ ل.
[65] فيه خ ل.
[66] و أوشك خ ل.
[67] وفوز خ ل.
[68] و خصه خ ل.
[69] زاد بعده في بعض النسخ: قبل استحقاقه، و صل علي محمد المحمود و آله الطاهرين.
[70] عن الخاطئين و عفوك عن المذنبين و رحمتك للعاصين خ ل.
[71] من تفريج الهم و لا أستحقه من تنفيس الغم خ ل.
[72] بسهولة المخرج، خ ل.
[73] في بعض نسخ المناجات: و خلصني اللهم من أشجن الكرب.
[74] بحسن، خ ل.
[75] بكريم، خ ل.
[76] بالتمكن، خ ل.
[77] فاجئني خ ل.
[78] التوامك جمع تامك: الناقة العظيمة السنام.
[79] فادح الاصر: خ ل، أي ثقيله.
[80] بحارالانوار 94، ص 120 - 113 و مهج الدعوات ص 265 - 258 ط، ايران والباقيات الصالحات للشيخ عباس القمي بسنده الموجود في هامش مفاتيح الجنان ص 466 - ص 467.
[81] حلية الابرار ج 2، ص 434 «الحاجبان ما يحجب عن الشمس اثناء الطواف».
[82] نفس المصدر و الصفحة.
[83] الكافي ج 1 ص 493.
[84] البحار ج 94 ص 207.
[85] عيون اخبار الرضا (ع) ج 2 ص 240 - ص 250، و مقاتل الطالبيين ص 566 - ص 567.
[86] كشف الغمة ج 2 ص 344 والفصول المهمة في معرفة الائمة ص 266 و حلية الابرار ج 2 ص 410 نقلا عن ابن‌شهرآشوب المازندراني في فضائله.
[87] حلية الابرار ج 2 ص 410.
[88] كشف الغمة ج 2 ص 344 و مطالب السؤول لكمال الدين بن طلحة الشامي.
[89] حلية الابرار ج 2 ص 410 عن ابن‌شهرآشوب.
[90] كشف الغمة ج 2 ص 344 نقلا عن مطالب السؤول.
[91] الارشاد للشيخ المفيد ص 320.
[92] الارشاد ص 320 و تحف العقول ص 331 (اختلاف يسير بالالفاظ).
[93] الارشاد ص 320 و تحف العقول ص 331 (اختلاف يسير بالالفاظ).
[94] الارشاد ص 323.
[95] الكامل ج 5 ص 219.
[96] يتبني المأمون بعض الافكار التي يقول بها الشيعة و له مواقف كمواقفهم منها: القول بأحقية علي بن ابي‌طالب (ع) بالخلافة، و بتفضيله علي الصحابة، و قوله بجواز نكاح المتعة، و ثلبه لمعاوية بن ابي‌سفيان.
[97] يراجع الكامل لابن‌الاثير ج 5 ص 232 - ص 265: ثورة الطالقان بقيادة محمد بن القاسم العلوي (رض)، ثورة الزط في البصرة، ثورة بابك الخرمي، تحرك الروم الي زبطرة و غيرها من بلاد الاسلام، و ثورة المبرقع في فلسطين و غيرها.
[98] تاريخ الشيعة ص 57 المرحوم محمد حسين المظفري ط بصيرتي قم المقدسة.
[99] سنستعرض بعضها في فصل قادم ان شاء الله تعالي. [
[100] حلية الابرار ج 2 ص 419 نقلا عن العياشي في تفسيره.
[101] كشف الغمة ج 2 ص 366 - 365.
[102] في رحاب ائمة أهل البيت (ع) ج 2 ص 172.
[103] حلية الابرار ج 2 ص 398 - ص 399 نقلا عن عيون المعجزات للسيد المرتضي (رض).
[104] حلية الابرار ج 2 ص 398 - ص 399 نقلا عن عيون المعجزات للسيد المرتضي (رض).
[105] الكافي ج 1 ص 496.
[106] نفس المصدر ص 494.
[107] يمكن ملاحظة ذلك من خلال مراجعة مواقف المنصور الدوانيقي و الرشيد و المهدي و المتوكل و الواثق و غيرهم من ائمة أهل البيت (ع) و أتباعهم.
[108] حلية الابرار ج 2 ص 436.
[109] مفاتيح الجنان «المعرب»: الشيخ عباس القمي (رض) ص 250.
[110] مفاتيح الجنان «المعرب»: الشيخ عباس القمي (رض) ص 250.
[111] وسائل الشيعة ج 11، ص 21.
[112] وسائل الشيعة ج 2 ص 1073.
[113] الاحتجاج للشيخ الطبرسي ج 2 ص 239 - 238.
[114] الكافي ج 1 ص 496.
[115] حلية الابرار ج 2 ص 399.
[116] حسب رواية الكامل لابن الاثير ص 192 و ص 227.
[117] من مصاديق التحرك الحكيم للامام (ع) ان بعض المراسلات بينه و بين أصحابه تتم دون ذكر اسماء مرسليها مراعاة للسرية و الحكمة في العمل: انظر رواية داود بن القاسم الجعفري بهذا الصدد: الكافي ج 1 ص 495. مثلا.
[118] اعتمدنا في هذا العرض علي وسائل الشيعة لحر العاملي (رض) المجلد العشرون.
[119] التوجيهات الاربع مستفاده من تحف العقول ص 337 - 335.
[120] التوجيهات الاربع مستفاده من تحف العقول ص 337 - 335.
[121] ترجمة لقوله تعالي «لئن شكرتم لازيدنكم».
[122] هذا الحديث و ما قبله مستفادة من تحف العقول ص 337 - 335.
[123] هذا الحديث و ما قبله مستفادة من تحف العقول ص 337 - 335.
[124] في كشف الغمة ج 2 ص 346 ان الحديثين رواهما الامام الجواد (ع) عن جده علي بن أبي‌طالب (ع).
[125] في كشف الغمة ج 2 ص 346 ان الحديثين رواهما الامام الجواد (ع) عن جده علي بن أبي‌طالب (ع).
[126] الحديث مستفاد من حلية الابرار.
[127] هذه الاحاديث مستفادة من حلية الابرار ج 2 ص 428 - 424.
[128] هذه الاحاديث مستفادة من حلية الابرار ج 2 ص 428 - 424.
[129] هذه الاحاديث مستفادة من حلية الابرار ج 2 ص 428 - 424.
[130] هذه الاحاديث مستفادة من حلية الابرار ج 2 ص 428 - 424.
[131] هذه الاحاديث مستفادة من حلية الابرار ج 2 ص 428 - 424.
[132] هذه الاحاديث مستفادة من حلية الابرار ج 2 ص 428 - 424.
[133] نفس المصدر.
[134] الفصول المهمة ص 275 - 274.
[135] الفصول المهمة ص 275 - 274.
[136] في رحاب ائمة اهل البيت: السيد محسن الامين العاملي (رض) ج 2، ص 171 - 170 ط دار التعارف بيروت 1980.
[137] في رحاب ائمة اهل البيت: السيد محسن الامين العاملي (رض) ج 2، ص 171 - 170 ط دار التعارف بيروت 1980.
[138] في رحاب ائمة اهل البيت: السيد محسن الامين العاملي (رض) ج 2، ص 171 - 170 ط دار التعارف بيروت 1980.
[139] في رحاب ائمة اهل البيت: السيد محسن الامين العاملي (رض) ج 2، ص 171 - 170 ط دار التعارف بيروت 1980.
[140] كتاب الامالي: للشيخ المفيد (رض) مط الاسلامية قم المقدسة ص 329 رواه الشيخ باسناده عن عبدالعظيم الحسني (رض).
[141] الكافي: للشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رض) و الثاني و الثالث: للشيخ الطوسي (رض) و الكتاب الرابع: للشيخ الصدوق (رض).
[142] الارشاد: الشيخ المفيد ص 274.
[143] معاني الأخبار ص 287.
[144] معاني الأخبار ص 287.
[145] التوحيد ص 404.
[146] وسائل الشيعة ج 13 ص 220.
[147] كشف الغمة ج 2 ص 346 الدلجة: السير في الليل كله.
[148] كشف الغمة ج 2 ص 346 الدلجة: السير في الليل كله.
[149] كشف الغمة ج 2 ص 346 الدلجة: السير في الليل كله.
[150] كمال الدين و تمام النعمة ج 1 ص 262 - 261.
[151] في بعض النسخ «يمين عرش الله».
[152] في بعض النسخ «و امام عزوهن» و في بعضها «و عز و فخر و علم و ذخر».
[153] أي بخصال استحق به العرش العز، أو بمواضع انعقادها منه، و في بعض النسخ «أسألك بملك و معاقد عزك». و في بعض النسخ «أسألك بمعاقد عرشك - الخ، بدون الزوائد التي كانت بين القوسين.
[154] في بعض النسخ «الاحكام».
[155] كذا في بعض النسخ و في أكثرها «فأخبرني عليه و آله السلام ان الله - الخ».
[156] في بعض النسخ: «يا دان غير متوان» والظاهر «يا دنيا».
[157] في بعض النسخ: «رضوانا».
[158] في بعض النسخ: «مهدي يحكم بالعدل و يأمر به».
[159] في بعض النسخ: «حين».
[160] المطهم - كمعظم - السمين الفاحش، و النحيف الجسم الدقيق - ضد - كذا في القاموس، وفي الصحاح المطهم: التام من كل شي‌ء.
[161] في بعض النسخ: «و حلاهم و كناهم».
[162] في بعض النسخ: «هما رايتان» و في العيون «و هما آيتان».
[163] في بعض النسخ: «كيف جاءك بيان هؤلاء الائمة».
[164] كمال الدين و اتمام النعمة ص 269 - 264.
[165] وسائل الشيعة ج 5 ص 173.
[166] يستبعد أن يكون في وسع السائلين أن يسألوا عن ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد و ان كان الامام عليه‌السلام يقدر علي جواب أزيد منها و من المحتمل أن يكون لفظة «ألف» من زيادة النساخ / هامش الاختصاص للشيخ المفيد.
[167] رواه السيد المرتضي في عيون المعجزات و المروي في المناقب علي ما في التنقيح. و نقله المجلسي في البحار ج 12 ص 120.
[168] حلية الابرار ج 2 ص 439 - 437 نقلا عن احتجاج الطبرسي (رض).
[169] جلولا بالمد: ناحية في طريق خراسان بينها و بين خانقين سبعة فراسخ و بها كانت الواقعة المشهورة علي الفرس للمسلمين سنة 16 فاستباحهم المسلمون فسميت جلولا الوقيعة بما أوقع بهم المسلمون و هي الآن مدينة في العراق و السابلة المارون علي الطريق - عن هامش نسخة المصدر.
[170] في المصدر المطبوع: و ان كانوا خافوا السبيل فقط.
[171] ابن ابي‌داود قاضي العباسيين في عصر المعتصم العباسي.
[172] حلية الابرار ج 2 ص 419 - 417.
[173] تحف العقول ص 335.
[174] الكافي ج 1 ص 118.
[175] الاختصاص ص 6 و الكافي ج 1 ص 123.
[176] الاختصاص ص 6 و الكافي ج 1 ص 123.
[177] الكافي ج 2 ص 99.
[178] التوحيد ص 106.
[179] الكافي ج 1 ص 82 التعطيل عدم اثبات وجوده تعالي او عدم اثبات صفاته تعالي و حد التشبيه تشبيهه بغيره من الموجودات.
[180] أي هي ما به يذكر تعالي.
[181] أي مدلولات هذه الاسماء و الصفات و مفاهيمها كأنفسها مخلوقات، والذي يقصد بها و يتوجه اليه بها هو الله تعالي الذي لا يليق به... الخ، و في الكافي باب معاني الاسماء: «و الاسماء والصفات مخلوقات و المعاني، و المعني بها - الخ».
[182] في الكافي و البحار: «و التقطيع» مكان «لا ينقطع» أي تقطيع الحروف كما في صدر الرواية.
[183] في الكافي: «موضع النشوء منها». و في البحار: «موضع المشي منها». و ليس المراد بالعقل ما في الانسان بل مطلق الشعور في أمورها للقطع بان الحيوان فاقد له.
[184] التوحيد للشيخ الصدوق (رض) ص 193 - ص 194.
[185] وسائل الشيعة ج 13، ص 83.
[186] نفس المصدر ج 2، ص 1070.
[187] كشف الغمة ج 2، ص 368.
[188] نفس المصدر ص 361.
[189] نفس المصدر السابق ص 367.
[190] المصدر السابق والصفحة.
[191] اصول الكافي ج 1 ص 323.
[192] الارشاد ص 329 - 328.
[193] مقدمة تاريخ الامامية للدكتور عبدالله الفياض نقلا عن وسائل الشيعة.
[194] مقدمة تاريخ الامامية للدكتور عبدالله الفياض نقلا عن السرائر لأبن ادريس و معني الخارجي: (الخارج علي الظلم) الثائر علي الظلم.
[195] مقاتل الطالبيين ص 447.
[196] ينظر مقاتل الطالبيين لاستقصاء مفاهيم الثوار و رؤاهم.
[197] جهاد الشيعة ص 367 نقلا عن الطبري ج 7.
[198] مصطلح يراد به امام الوقت من ائمه أهل البيت (ع)، دون الافصاح عن اسمه.
[199] جهاد الشيعة ص 376.
[200] جهاد الشيعة ص 376.
[201] مقاتل الطالبيين ص 578.
[202] مقاتل الطالبيين ص 581.
[203] نفس المصدر ص 584.
[204] نفس المصدر ص 585.
[205] نفس المصدر.
[206] نفس المصدر.
[207] نفس المصدر ص 588 - 587.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.