قزوینی عبدالکریم، 1317 ه- ش .
مفهوم الصحابة في الكتاب و السنة / تأليف عبدالكريم قزوینی (1317 ه- ش) ؛ قم : برگزیده، 1388.
32 ص . - ( برگزیده؛ مقاله؛ 1) چاپ اوّل
کتابنامه : ص . 16 ؛ همچنین بصورت زیرنویس .
1.احادیث 2. اعتقادی .
الف) قزوینی عبدالکریم، 1317 - مؤلف. ب) نشر برگزیده
مفهوم الصحابة فى الكتاب و السنّة
عبدالكريم الحسيني القزويني
تولید و پخش: ارزشمند
الناشر : برگزیده
الطبعة الأولى : 1388
الكميّة : 5000 نسخة
المطبعة : ولی عصر (عجل الله وتعالی فرجه الشریف)
الشابک : 32-021-245-964-978
الشاب الدوره : 7 - 010 - 245-964-978
کلیه حقوق چاپ و نشر محفوظ و مخصوص است
سایت مؤلف http://www.qazvini.org
قم - خیابان شهدا - کوی 23 - پلاک 18 - تلفن 7745081/7744125
ص: 1
لماذا الاختلاف بين المذاهب الإسلامية مع وضوح النص القرآني والنبوى
11
مفهوم الصحابة في الكتاب والسنة
عبدالكريم الحسينى القزويني
www.Qazvini.org
ص: 2
بسم الله الرّحمن الرّحیم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين
ص: 3
ص: 4
الصحبة الرسول الله(صَلَّى الله علیه وآله وسلم) ويعنى بها هو كلّ من عاصر
النبي الكريم (صَلَّى الله علیه وآله وسلم) أو شاهده أو سمع منه أو أدركه ولم يشاهده فإنّه يقال له صحابي وهذه الصحبة بمعناها الأعم لا تعطيه ميزة ولم تمنحه عصمة إن لم تصاحبه وترافقه التقوى ولم يلازمه العمل الصالح ، وهذا المفهوم هو الذي يميّز الصحابة والآراء فيهم .
قد اختلف المسلمون في تقييم الصحابي وإعطاء الرأي فيهم إلى مذاهب وآراء متعدّدة ونقتصر على مفاهيم ثلاثة وهي كما يلي :
الأولى - : الصحابي في . المفهوم القراني .
الثانية -:الصحابي في المفهوم النبوي .
ص: 5
الثالثة - :الصحابي في المفهوم الشخصي.
هذه هي بعض المفاهيم والنظريات التي قيلت في الصحابة ونحن ندرسها على نحو الاختصار والإيجاز .
القرآن الكريم له مفهوم خاص به يميز الناس على ضوئه ومفهومه سواء كان صحابياً أو من عامة الناس ولكن الصحابي إذا التزم وعمل صالحاً وقال إنّني من المسلمين يكون له مقاماً محموداً وميزة مفضّلة له وذلك طبقاً للمفهوم القرآني العام المستخرج والمستنبط من هذه الآية الكريمة :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه )
وإنطلاقاً من هذه الآية يقيّم القرآن الكريم الصحابة على هذا المقياس فيعرض لنا القرآن الكريم نماذج وصوراً متعدّدة للصحابة وهي :
آ - : النموذج الأوّل- :
ص: 6
القرآن الكريم ذكر الصحابة مادحاً لبعضهم وقادحاً بالبعض الآخر وذلك بسبب أعمالهم الصالحة والقبيحة فنجد مثلاً في القرآن الكريم آيات المدح والثناء لبعض الصحابة الذين قاموا بالأعمال الصالحة فمدحهم على ذلك بقوله تعالى :
(لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )(1) .
وقوله تعالى :
(وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )(2)
وقال الله تعالى أيضاً :
ص: 7
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )(1)
وقوله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا )(2)
فهنا نرى القرآن في آياته كيف يستعرض النماذج الإيجابية لبعض الصحابة الذين انسجمت أعمالهم مع عقائدهم وأفكارهم مع فعلهم فاستحقوا الذكر الطيب والثناء العاطر وقد عبّر عنهم القرآن بقوله :
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)(3)
ب - النموذج الثاني :ذكر القرآن الكريم النموذج الثاني للصحابة الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر غير
ص: 8
صالح وذمّهم على هذه الصفة بقوله تعالى :
﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (1)
ج -:النموذج الثالث : الصحبة والنفاق.
النفاق هو أن يتظاهر المنافق بألوان مختلفة ومظاهر متعدّدة وهو لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم فهم يتظاهرون بالإسلام قولاً لا عملاً وقد عبر القرآن عنهم بقوله :
(قَالَتْ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (2)
وهذه الصفة كانت ظاهرة منتشرة في بعض صفوف الصحابة وسائدة في بعض أوساطها لأنهم كانوا بدائيين في الإسلام وكانوا يتظاهرون بهذه الصفة حتّى أنّ القرآن الكريم وصفهم بها في سورة كاملة سمّاها باسمهم سورة المنافقين وفيها (8) آيات تتعلّق بالمنافقين بقوله تعالى:
ص: 9
(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَالله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)
الخطاب فى هذه الآية موجّه للمنافقين من الصحابة الذين كانوا في عهد رسول الله ولم يكونوا من غير المسلمين بل كانوا من بعض الصحابة ولهم تيار خاص بهم ومعروف له رجاله وأصحابه حين كانوا يجلسون ويعقدون المؤتمرات الثقافية ويتآمرون على النبي (صلی الله علیه آله وسلم)ورسالته الإسلامية الخالدة وقد صوّر القرآن حالة بعض الصحابة وما عليه من نفاق بقوله :
﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُّوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)(2)
فهذا هو المفهوم القرآني عن الصحابة ذكرته باختصار
ص: 10
السنّة النبوية هي ملزمة لجميع المسلمين بأشكالها الثلاث القول والفعل والإقرار لقوله تعالى:( مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(1)
لأنّ الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم) ما يقوله وما يفعله وما يقرّه لا ينطلق عن هوى في النفس ولا نزعة في العاطفة وإنّما هو كما عبر القرآن الكريم عنه بقوله :
(وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)(2)
وانطلاقاً من هذه الآيات كان قول النبي الله وعمله وامضائه حجّة على جميع المسلمين وملزم لهم فقد ذكر النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) بعض أصحابه مادحاً لهم وذاماً للبعض الآخر كما يأتي :
1 - : المدح النبوي :
فقد ذكر النبي الكريم (صلی الله علیه آله وسلم) مادحاً لكثير من أصحابه وسمّاهم بأسمائهم فمثلاً ذكر سلمان الفارسي قائلاً :
ص: 11
«سلمان منّا أهل البيت »
وذكر عمّار بن ياسر بقوله(صَلَّى اللهُ علیه وآله وسلم) :
«إنّ عمّار ملى إيماناً من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه » (1)
وقال (صلی الله علیه وآله وسلم) في حق أبي ذر الغفاري :
«ما أظلّت الزرقاء وأقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر الغفاري ».
وأما ما ذكروا عن لسانه(صلی الله علیه وآله وسلم):
أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم .
فهو مكذوب عليه(صلی الله علیه وآله وسلم) وانظر تفصيل ذلك من هذا الكتاب النظرية الثالثة من كتابنا هذا الصحابة في القرآن والسنة .
2 - : الذمّ النبوي :
النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فقد ذمّ بعض الصحابة لتصرفاتهم الشاذّة
ص: 12
ومخالفتهم لتعاليم القرآن والسنة ولهذا ورد الذمّ عن لسانه (صَلَّى اللَّهُ علیه وآله وسلم) بقوله :
«ليردنّ عليَّ ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني فأقول : أصحابي ، فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1)
من هذا الاستعراض القرآني والنبوي يتضح لنا سلوك بعض الصحابة من خير أو شرّ وحالهم يكون كسائر الناس تشملهم الآية الكريمة :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه)
وانطلاقاً من هذا المفهوم القرآني لا يمكن الاعتماد على أقوال بعض الناس حيث إنّهم يمدحون الصحابة أو
ص: 13
يذمّونهم من دون استناد ولا اعتماد على قرآن أو سنة وإنّما ينطلقون في ذلك من نزعة شخصية وعاطفة عصبية مخالفة للكتاب والسنة فلا اعتبار لهذا المفهوم الشخصي للصحابة من مدح أو ذمّ.
وإليك هذا البحث بصورة مختصرة شاملة تكون مكمّلة لهذا الموضوع بعرض خمس نظريات حول الموضوع لدراستها والتزامها :
هناك عدّة نظريات في تقييم صحابة النبي(صَلَى اللَّهُ علیه وآله وسلم) وأعمالهم ونحن هنا نستعرض هذه النظريات ومن خلالها نستكشف رأي الإسلام الصحيح في الصحابة
وتقييمهم في الكتاب والسنّة النبوية وهي كما يلي :
النظرية الأولى - : تقييم عمل الأفراد في الإسلام قائم على أساس التقوى لقوله تعالى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (1)
وهو المقياس الإسلامي الذي جعله الله مقياساً لتمييز
ص: 14
الأشخاص وتقييم أعمالهم وسلوكهم ولا اعتبار لبنوّة أو صحبة أو قرابة إذا لم تكن مصحوبة بالتقوى فكلّ عمل يقاس على هذه الآية :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه) (1).
فتقييم أعمال الناس بما فيهم الصحابة يكون على هذا الأساس وعلى هذا المقياس الذي جعله الله مقياساً السلوك الإنسان بما فيهم أبناء الأنبياء وأقربائهم وصحابتهم وزوجاتهم .
النظرية الثانية - : إنّ الله تعالى قد مدح بعض الصحابة وأثنى عليهم لعملهم الصالح وقد قال تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)(2).
والله أيضاً يقول :( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى
ص: 15
نَفْسِهِ ﴾ (1)
وهذا المدح الإلهي والثناء الرباني نتيجة العمل الصالح الذي قام به بعض الصحابة فقد رضى الله عملهم وأثابهم على ذلك ولكن هذا لا يعطيهم العصمة في بقية الأعمال ولذلك عبر الله بقوله: (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ). فأنا وأنت والصحابي وكلّ إنسان مسلم إذا أدّينا الأعمال الصالحة بنيّات خالصة فالله يثيبنا ويرضى عنا وإذا عملنا بعد ذلك أعمالاً سيّئة ومخالفة للكتاب والسنّة فالله يعاقبنا على ذلك استناداً لقوله تعالى :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه) .
النظرية الثالثة - : القائلة بأن الصحابة كلهم عدول ويستندون إلى ما يروونه عن النبي (صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم) :
(أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )
ص: 16
فقد ذكر ابن حجر في كتابه الإصابة ما يلي : اتفق أهل السنّة على إنّ الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلّا شذوذ من المبتدعة » (1)
والغريب من ابن حجر أن يقول بهذه المقالة وينسب الشذوذ إلى من يخالفه في عدالة جميع الصحابة أليس هذا هو رد على قول الله تعالى في سورة المنافقين ورد على هذه الآية في سورة التوبة قوله تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى التِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) وابن حجر العسقلاني ينسب الشذوذ إلى قول الله وقول رسوله على رواية صحيح البخاري قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) : « ليردنّ عليَّ ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك »
عجيب أمر هذا الرجل وهو يدّعي الإسلام أن ينسب
ص: 17
الشذوذ إلى قول الله ورسوله ولهذا نطلب من المسلمين النظر في هذه الزعبلات والخرافات فى قوله والتنبه لذلك . وهذه النظرية لا يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها للأمور التالية :
1 - إنّها مخالفة للعقل والمنطق ومخالفة للأُمور البديهية كمن ينكر الليل ويقول إنّه نهار أو ينكر الصبح ويقول إنّه ليل فلهذا لا يمكن القول به والاعتماد عليه .
2 - الإنسان العادي لا يمكنه أن يعتقد ويجزم بأنّ - أصحابه وأصدقائه كلهم عدول وإنّهم لا يخطؤون. فكيف برسول(صلی الله علیه وآله وسلم)يقول :
«أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » .
وهو الذي (مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى )(1)
3 - إنّ هذا الحديث غير معقول ولا يمكن لرسول الله أن ينطق به لأنّ فيه تناقض بين أفعال وأعمال الصحابة
ص: 18
أنفسهم فهذا علي أمير المؤمنين في أيام حكومته وقد خرج على حكمه وهو الإمام الشرعي كلّ من عائشة أُمّ المؤمنين وطلحة والزبير ومعاوية والخارج على إمام زمانه الشرعي هو باغي بحكم الشريعة الإسلامية فكيف يقول (صلی الله علیه وآله وسلم) معاذ الله بأيهم اقتديتم اهتديتم وهو التناقض وحاشا لرسول الله أن يقوله لأنّه (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).
4 - كيف نفسر قوله(صلی الله علیه وآله وسلم) المكذوب عليه ، وهل يقتدي المسلمون بعلي أمير المؤمنين الا وهو الإمام الشرعي؟ أم يقتدي المسلمون ممّن حاربه وخرج على حكمه الشرعي من أمثال معاوية وطلحة والزبير وغيرهم؟ إذاً فأين الحق وأين الباطل؟ ومن هو المحق ومن هو الباغي؟
5 - عجيب أمر هؤلاء وكذبهم وافترائهم على رسول (صلی الله علیه وآله وسلم) وكيف إنّهم يستسيغون لأنفسهم أن يفتروا على النبي العظيم(صلی الله علیه وآله وسلم) في مقابل تعظيم أصحابهم على حساب رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) كما جاء في الحديث المذكور وأنّهم كيف أباحوا لأنفسهم ذلك في حين أن الإنسان العادي لا يمكنه
ص: 19
أن يشهد لزملائه وأصحابه بهذه الشهادة فكيف برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وهناك كثير من الروايات التي يروونها لتعظيم الصحابة ولكنّها فيها طعن لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فكلّ هذه الروايات وضعت من قبل معاوية في أيام حكومته .
النظرية الرابعة : إنّ النظرية الثالثة القائلة بأنّ الصحابة کلّهم عدول لا تستند إلى دليل شرعي وعقلى وبالاضافة إلى هذا فإنّها مخالفة للكتاب والسنة وتصطدم بهما وهي كما بلى:
أ - :مخالفتها للقرآن واضح وبيّن لأنّ الله ذكر قسماً من الصحابة وعبّر عن بعضهم بالمنافقين ونزلت سورة كاملة باسمهم وهي سورة المنافقين التي تحتوي على (11) آية جلها تتعرّض إلى المنافقين وحالاتهم وقد عبّر القرآن عنهم بقوله :
(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ (1)
ص: 20
وجاء أيضاً في سورة التوبة قوله تعالى :
﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)(1)
ب - : إن القرآن الكريم قد اعترف بأنّهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر عملاً سيئاً كما قال تعالى :
﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (2)
وهذه الآية الشريفة تكذب ادعائهم وافترائهم على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) في الحديث المفترى عليه (صلی الله علیه وآله سلم) فهذه بعض آيات الله الحكيم العظيم تعطينا صورة واضحة عن تقييمه للإنسان الصحابي وإنّه كسائر الناس قد يعملون صالحاً فيثابون عليه وقد يعملون عملاً سيّئاً يعاقبون عليه أيضاً كما نص القرآن على ذلك.
ص: 21
ج -: القرآن الكريم جعل التقوى أساساً لتقييم عمل الإنسان وعليه يقاس تصرّفات الصحابة وغيرهم على هذا الأساس التقوائي القرآني فمجرّد الصحبة لا تعطي امتيازاً خاصاً إذا لم تكن مصحوبة بالتقوى حتى لو ك--ان أقرب الناس إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وقد عبّر القرآن عن هذا المعنى في نبي الله نوح (علیه السلام) وابنه حيث قال تعالى :
(وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ)(1)
فبموجب هذا المقياس الجميع يخضعون للأمر الإلهي القائل:
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه )(2)
ص: 22
سواء كان صحابياً أو غيره فيجب علينا كمؤمنين أن ننظر إلى الناس بهذا المقياس الإلهي القرآني .
وهذه النظرية تقول إن تقييم الصحابة وعملهم نرجعه إلى رسول الله (صلى اللهُ علیه وآله وسلم) وهو الذي يعطي الصورة الحقيقية الواضحة عن الصحابة لأنه (صلى اللهُ علیه وآله وسلم) عاشرهم وصاحبهم وأعطى رأيه فيهم كما جاء في صحيح البخاري قوله (صلى اللهُ علیه وآله وسلم) :
« وإنّه يجاء برجال من أُمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : ياربّ أصحابي فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ﴾ (1) فيقال : إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم (2)
ص: 23
وذكر البخاري أيضاً عن النبى(صلی الله علیه وآله وسلم) ما نصّه :
«ليردنّ عليَّ ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دونى ، فأقول : أصحابي . فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك » (1)
وجاء هذا المعنى في مسند أحمد ج 1 ص 453.
وجاء في صحيح مسلم عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)ما نصّه :
«لیردن عليَّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني ، فلأقولنّ : أي ربّ أصيحابي . فليقالن لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (2)
وذكر هذا المعنى كلّ من صحيح الترمذي أبواب صفة القيامة باب ما جاء في شأن الحشر وتفسير سورة طه وأكد ذلك ابن ماجة كتاب المناسك باب الخطبة يوم النحر حدیث 5830 وغيرهم ممّا لا تسعه هذه الوريقات ومن هذا البحث والدراسة ينكشف لنا الأمور التالية :
ص: 24
أوّلاً - : إنّ هناك بعض الصحابة قد لازم التقوى وساروا على هديها والتزموا بتعاليمها وعلى سبيل المثال لا الحصر من أمثال - سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري وعمّار بن ياسر والمقداد وعبدالله بن عبّاس وعبدالله بن مسعود وغيرهم ممّن ساروا على هدى القرآن والسنة والتزموا عملياً بهما . وعلى رأسهم الإمام علي أمير المؤمنين.
ثانياً - : لو كان الصحبة والقرابة والرحمية للنبي(صَلَى اللَّهُ علیه وآله وسلم) تمنح العصمة لكان أولاد الأنبياء وزوجاتهم أولى بها من غيرهم فهذا القرآن يحدّثنا عن معصية زوجات الأنبياء
وأبنائهم بقوله :
(وضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْن مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْن فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (1)
وقال أيضاً معبّراً عن نبي الله نوح بقوله :
(وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فجاءه
ص: 25
النداء الإلهى بقوله :
﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ (1)
وحدّثنا القرآن أيضاً عن بعض زوجات النبي (صلى الله علیه وآله وسلم)بقوله:
﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ )(2)
وعبّر القرآن أيضاً عن اثنين من زوجات رسول الله بقوله :
(إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) (3)
حكى القرآن عن المنافقين بالاضافة إلى ما تقدّم قوله:
﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ
ص: 26
قَائِماً(1)
ثالثاً - : وانكشف لدينا مما تقدّم من الكتاب والسنة أنّ تقييم عمل الصحابة وغيرهم من الناس القريبين من الأنبياء والبعيدين عنهم قائم على هذه النظرية وهي التقوى وانطلاقاً من قوله تعالى :
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ) (2)
وبهذا المقياس الرباني والمفهوم القرآني يجري على جميع الناس من زوجات الأنبياء وأولادهم وصحابتهم لقوله تعالى :
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
راينا في هذه العجالة تقييم عمل الصحابة على أساس القرآن والسنة .
ص: 27
أمّا تهريج بعض الذين يدّعون لأنفسهم صفة دينية ولا سيّما في أيام حج بيت الله أو أداء مناسك العمرة نسمع منهم هذه النغمة من أنّ الشيعة يلعنون ويسبون الصحابة، فنقول لهؤلاء الأدعياء أين السب الذي تدعونه وفي أي كتاب فيظهرون مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي ويقولون هذا فيه لعن للصحابة فنرجوا من هؤلاء أن يظهرون الصفحة التي فيها اللعن للصحابة فلا يوجد في هذا الكتاب لعن للصحابة ، وإنّما فيه لعن للظلمة والظالمين في زيارة عاشوراء اللهم العن أوّل ظالم ثمّ الثاني والثالث والرابع فاللعن هنا متوجه للظلمة والظالمين لا للصحابة والظلمة والظالمين هم الذين وقفوا في وجه الأنبياء والمرسلين والأئمة والصالحين مثل أمثال نمرود وفرعون وهامان وأبي لهب وأبي جهل وغيرهم أما معاوية الذي ورد اسمه في كتاب مفاتيح الجنان فهو يستحق اللعن للأسباب التالية :
1 - إنّه خرج على إمام زمانه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والخارج على إمام زمانه هو باغ يجوز مقاتلته
ص: 28
ولعنه.
2 - إنّه حارب الإمام أمير المؤمنين في واقعة صفين وحاربه الإمام وقتل في هذه المعركة آلاف من المسلمين.
3- في حين الله سبحانه وتعالی لعن الذي يقتل مؤمناً واحداً بقوله تعالی:
﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) (1).
4 - وقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) : « الإنسان بنيان الله في الأرض وملعون من هدم بنيانه »
وقال (علیه السلام) أيضاً : « نفذوا جيش أسامة لعن الله من تخلّف عن جيش أسامة » .
فإن كان الله ورسوله يلعن من يقتل مؤمناً أو إنسان بريئاً أو يتخلف عن جيش أسامة إذن لماذا لا يجوز لعن الظلمة والظالمين إن هذا لشيء عجاب ... !؟
5 - نحن نقول لهؤلاء الذين يدافعون عن فرعون
ص: 29
وهامان و نمرود وأبي لهب وأبي جهل من الظلمة والظالمين هل لديهم وكالة للدفاع عن هؤلاء الظلمة والظالمين حتى يكونوا محامين عنهم .
6 -ونقول أيضاً لهؤلاء المدافعين هل إنّ الصحابة هم ظلمة فإذا كانوا غير ظلمة فاللعن لا يشملهم لأنّهم غير ظلمة واللعن جاء على الظلمة والظالمين فإصرارهم على إنكم تسبّون الصحابة هو إهانة للصحابة لأنهم لا يتصفون بهذه الصفة .
7 -إنّ الشيعة يتأدبون بآداب أمير المؤمنين الا وهو قد نهى عن اللعن والسب مع الأعداء وإن كان جائزاً وذلك حينما سمع جماعة من أفراد جيشه يسبّون ويلعنون جيش معاوية في واقعة صفّين فابتدر إليهم كما هو موجود في نهج البلاغة قائلاً :
« إنّي أكره لكم أن تكونوا شتامين لعانين فلو قلتم مكان شتمكم لهم ولعنكم إيَّاهم كان من فعلهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر » .
فقالوا سنتأدب بأدبك يا أمير المؤمنين .
ص: 30
مع إنّ الحرب تراق فيه الدماء وتطير فيه الرؤوس ولكن على يريد من اصحابه أن يلتزموا بتعاليم الإسلام و آدابه حتّى فى القول والفعل.
ص: 31
القرآن الكريم
النصائح الوافية لإتباع والسلفية
صحيح البخاري
صحیح مسلم
الاصابة في تمييز الصحابة
الصحابة في القرآن والسنة...5
النظرية الأولى الصحبة في المفهوم القرآني ... 6
النظرية الثانية: المفهوم النبوي للصحابة...11
النظرية الثالثة: المفهوم الشخصي للصحابة...14
النظرية الخامسة : سنّة النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)...24
نغمة أنّ الشيعة يسبّون الصحابة ...29
ص: 32