ائمتنا: روائع‌من ياة‌الأئمة‌الاثني‌عشر

اشارة

‏سرشناسه : دخيل، علي‌محمد‌علي
‏عنوان و نام پديدآور : أئمتنا: روائع‌من حياة‌الأئمة‌الاثني‌عشر/ علي‌محمد‌علي دخيل .
‏مشخصات نشر : بيروت: دار‌المرتضي، ۱۹۹۹م = ۱۴۲۰ق = ۱۳۷۸
‏مشخصات ظاهري : ۲ ج.
‏يادداشت : عربي
‏يادداشت : ناشر جلد‌دوم كتاب دار‌التعارف‌للمطبوعات مي‌باشد .
‏يادداشت : چاپ سيزدهم
‏يادداشت : كتابنامه
‏موضوع : ائمه اثنا‌عشر -- سرگذشتنامه.
‏موضوع : ائمه اثنا‌عشر -- فضائل.
‏موضوع : اسلام -- تاريخ.
‏رده بندي كنگره : ‏BP۳۶/۵‏/د۳الف۹
‏شماره كتابشناسي ملي : ۱۰۳۸۱۲۰

الاهداء: الامام جعفر الصادق

سيدي أباعبدالله الحسين هذه صفحة غراء من حياة حفيدك الامام أبي‌عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام، ارفعها اليك يا مولايي رمزا للحب و الولاء. عبدك علي محمد علي دخيل [ صفحه 399]

هذا الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم سادس أئمة أهل البيت الامام أبي‌عبدالله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أميرالمؤمنين عليهم‌السلام معجزة الدنيا الخالدة، و مفخرة الانسانية الباقية علي مر العصور، و عبر الأجيال و الدهور، لم يشهد العالم له نظيرا، و لم تسمع الدنيا بمثله، جمع الفضائل كلها، و حاز المكارم جميعها، و سبق الدنيا بعلومه و معارفه. و كيف الحديث عن الامام الصادق عليه‌السلام، أعن علمه، فهو الذي ملأ الدنيا علمه و فقهه - كما يقول الجاحظ - أم عن مدرسته التي لم يشهد التاريخ في عصوره و أجياله لها مثيلا؟ و ناهيك بمدرسة يربو طلابها علي أربعة آلاف يدرس فيها الفقه [1] ، و الحديث [2] ، و التفسير [3] ، و الأخلاق [4] ، و الفلسفة [5] ، و الفلك [6] ، و الطب [7] ، و الكيمياء [8] ، الي غيرها من العلوم و الفنون. [ صفحه 400] و ليست جوانب حياته الأخري عليه‌السلام بأقل منها في حقل العلم، فمن خصائص أهل البيت عليهم الصلاة والسلام اتساع أفقهم، و بعد شأوهم في جميع مجالات الحياة، بينما نجد غيرهم اذا اختص في شي‌ء فشل في غيره، فالعالم - من غيرهم - بعيد عن الشجاعة، و الشجاع - من غيرهم - بعيد عن الزهادة، أما هم عليهم‌السلام فقد جمعوا الفضائل و المكارم، و سبقوا الناس الي كل منقبة حسنة، و خصلة خيرة، فهم عليهم‌السلام أحسن الناس سيرة، و أوسعهم أخلاقا، و أكثرهم عبادة، و أعظمهم حلما و أزكاهم عملا، و ابذلهم مالا فهم أكثر أهل الدنيا مناقب، و أجمعهم سوابق. و في هذه الصفحات اشارة لبعض سيرته و سجاياه، و ذكر القليل من كلامه و مواعظه، ثم الفصل الأخير من الكتاب عرض لكلمات العلماء و العظماء، و كلها اشادة بفضله و اكبار لمقامه الكريم، و تعريف بمكانته السامية في النفوس و لعمري أن حياة الامام الصادق عليه‌السلام تستصرخ الأمة الاسلامية للسير علي هداها، و الاقتفاء لأثرها. «قل هذه سبيلي أدعوا الي الله علي بصيرة أنا و من اتبعني و سبحان الله و ما أنا من المشركين» [يوسف: 108]. [ صفحه 401]

في سطور

- اسمه: جعفر. - أبوه: الامام محمد الباقر عليه‌السلام. - جده: الامام زين العابدين عليه‌السلام. - أمه: أم فروة (فاطمة) بنت القاسم بن محمد بن أبي‌بكر. - ولادته: ولد في المدينة يوم الجمعة - أو الاثنين - عند طلوع الفجر في السابع عشر من ربيع الأول - يوم ميلاد جده الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم - سنة 80 ه - أو 83 ه -. - صفته: ربعة، ليس بالطويل و لا بالقصير، ابيض الوجه، أزهر له لمعان كأنه السراج، أسود الشعر، جعده [9] أشم الأنف [10] ، قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهرا، و علي خده خال أسود [11] . - كناه: أبوعبدالله، أبواسماعيل، أبوموسي، و أولها أشهرها. - ألقابه: الصادق، الفاضل، الطاهر، القائم، الكافل، المنجي، الصابر، و أولها أشهرها. [ صفحه 402] - نقش خاتمه: ما شاء الله لا قوة الا بالله، استغفر الله. - أشهر زوجاته: حميدة بنت صاعد المغربي، فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب. - أولاده: اسماعيل، عبدالله، موسي الكاظم، اسحاق، محمد الديباج، العباس، علي. - بناته: أم فروة، أسماء، فاطمة. - شعراؤه: السيد الحميري، أشجع السلمي، الكميت، أبوهريرة الآبار، العبدي، جعفر بن عفان. - بوابه: المفضل بن عمر. - مؤلفاته: قال الشيخ المظفري: ما روي عنه بلا واسطة ثمانون كتابا، و بواسطة سبعون كتابا [12] . - تلاميذه: أخذ عنه العلم و الحديث أكثر من أربعة آلاف رجل [13] . - المصنفون من تلاميذه: صنف المئات من تلاميذه في مختلف العلوم و الفنون [14] . - مجيئه الي العراق: أشخصه المنصور العباسي الي العراق مرات متعددة، و قد هم أن يقتله في بعضها و كان عليه‌السلام يستغل وجوده في العراق لنشر العلم، حتي قال الحسن بن علي الوشا: أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد. [ صفحه 403] - ملوك عصره: أ: من بني أمية: هشام بن عبدالملك، يزيد بن عبدالملك - الملقب بالناقص - ابراهيم بن الوليد، مروان بن محمد - الملقب بالحمار -. ب - من بني العباس: السفاح، المنصور. - مدة امامته: أربع و ثلاثون سنة. - أوصيائه: أوصي عليه‌السلام الي ولديه: عبدالله و موسي، و الي زوجته حميدة، و الي محمد بن سليمان - و الي المدينة - و الي المنصور العباسي [15] . - وفاته: توفي في الخامس و العشرين من شهر شوال سنة 148، متأثرا بسم دسه اليه المنصور العباسي علي يد عامله علي المدينة - محمد بن سليمان -. - قبره: دفن عليه‌السلام في البقيع، مع أبيه الباقر، و جده زين العابدين، و عمه الحسن السبط، صلوات الله عليهم أجمعين. - عمره: هو أكبر الأئمة عليهم‌السلام سنا، فعمره الشريف علي الرواية الأولي من مولده: 68 سنة، و علي الثانية: 65 سنة. - هدم قبره: في الثامن من شوال سنة 1344 ه هدم الوهابيون قبره، و قبور بقية أئمة أهل البيت عليهم‌السلام. [ صفحه 404]

النص عليه بالخلافة

لقد وعي السلف رضوان الله عليهم نصوص الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم علي الأئمة الأطهار، حتي أنا سجلنا في كتابنا (الامام المهدي عليه‌السلام) أسماء خمسين صحابيا، و خمسين تابعيا، ممن روي النص علي الامام المهدي عليه‌السلام [16] . و كان الأئمة عليهم الصلاة والسلام - بدورهم - ينص السابق علي اللاحق، و السلف علي الخلف، تنويها باسمه، و تشخيصا للامام من بين أخوته، و تعيينه للملأ، و تنصيبه علما للأمة، و سادنا للاسلام، و مرشدا للمسلمين. و قد سجلنا في كتب هذه السلسلة بعض النصوص الواردة عنهم عليهم‌السلام، و نسجل في هذا الفصل بعض ما ورد من النص علي الامام الصادق عليه‌السلام من قبل أبيه الامام الباقر عليه‌السلام: 1 - قال جابر بن يزيد الجعفي: سئل أبوجعفر عليه‌السلام عن القائم بعده، فضرب بيده علي أبي‌عبدالله عليه‌السلام، و قال: هذا والله قائم آل محمد عليهم‌السلام [17] . 2 - قال طاهر - صاحب أبي‌جعفر عليه‌السلام - كنت عنده، فأقبل جعفر عليه‌السلام، فقال أبوجعفر عليه‌السلام: هذا خير البرية [18] . 3 - في حديث له عليه‌السلام مع الكميت و قد سأله عن الأئمة عليهم‌السلام فقال: أولهم [ صفحه 405] علي بن أبي‌طالب، و بعده الحسن، و بعده الحسين، و بعد الحسين علي بن الحسين، و أنا، ثم بعدي هذا، و وضع يده علي كتف جعفر الخ [19] . 4 - قال نافع: قال أبوجعفر الباقر عليه‌السلام لأصحابه يوما: اذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا، فهو الامام و الخليفة بعدي [20] . 5 - قال أبوالصباح الكناني: نظر أبوجعفر الي ابنه أبي‌عبدالله فقال: تري هذا؟ هذا من الذين قال الله تعالي: «و نريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين» [21] . [ صفحه 406]

عبادته

أخذ أهل البيت عليهم‌السلام كثرة العبادة عن جدهم الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، فقد تورمت قدماه صلي الله عليه و آله و سلم من كثرة الصلاة، حتي خاطبه الجليل تعالي: «طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقي». و سئل صلي الله عليه و آله و سلم: ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا. و علي هذا النهج سار أميرالمؤمنين عليه‌السلام، فكان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و شوهد في صفين يصلي ورده بين الصفين، و النبال تمر علي صماخيه كأنها المطر فلا يرتاع لذلك [22] . و لئن فاتت الامام الصادق عليه‌السلام معاينة عبادة جديه: الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين عليه‌السلام، فقد شاهد عبادة جده علي بن الحسين عليه‌السلام، الذي أخذت ألقابه من عبادته فصار لا يعرف الا بزين العابدين، السجاد، ذي الثفنات، و قد تواتر النقل: بأنه كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة [23] . و الامام الصادق عليه‌السلام غصن من هذه الشجرة المباركة، و فرع لهذه الدوحة العلوية، فلا غرو ان كانت عبادته كعبادتهم عليهم‌السلام، و قد تحدث أهل التاريخ و السير عن عبادته عليه‌السلام، و كتبوا في ذلك الكثير. قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: هو من عظماء أهل البيت [ صفحه 407] و ساداتهم، ذو علوم جمة، و عبادة موفرة، و أوراد متواصلة، و زهادة بينة، و تلاوة كثيرة، يتبع معاني القرآن الكريم، و يستخرج من بحر جواهره، و يستنتج عجايبه، و يقسم أوقاته علي الطاعات بحيث يحاسب نفسه. رؤيته تذكر الآخرة، و استماع كلامه يزهد في الدنيا، و الاقتداء بهديه يورث الجنة [24] . و قال أبوالفتح الأربلي: وقف نفسه الشريفة علي العبادة، و حبسها علي الطاعة و الزهادة، و اشتغل بأوراده و تهجده و صلاته و تعبده [25] . و قال أبونعيم الأصبهاني: اقبل علي العبادة و الخضوع، و آثر العزلة و الخشوع [26] . و قال سبط ابن‌الجوزي: قال علماء السير: كان قد اشتغل بالعبادة عن طلب الرئاسة [27] . و قال الأستاذ سيد الأهل في صفته: يعلم الزهاد زهدا الخ [28] . نعود فنذكر بعض ما ذكروه من عبادته عليه‌السلام: 1 - قال مالك بن أنس - امام المذهب - جعفر بن محمد اختلفت اليه زمانا، فما كنت أراه الا علي احدي خصال ثلاث: اما مصل، و اما صائم، و اما يقرأ القرآن [29] . 2 - قال منصور الصيقل: رأيت أباعبدالله عليه‌السلام ساجدا في مسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فجلست حتي أطلت، ثم قلت: لأسبحن ما دام ساجدا، فقلت: [ صفحه 408] «سبحان ربي و بحمده، استغفر الله ربي و أتوب اليه» ثلثمائة ونيفا و ستين مرة، فرفع رأسه [30] . و يجب علي أمة فيها مثل جعفر بن محمد الصادق، عبادة و ورعا، ينبغي لكل فرد منها أن يقيم الفرائض - علي الأقل - و يؤدي ما افترضه الله تعالي عليه من العبادة. و كان الله في عوننا علي اتخاذ هذه السيرة الغراء دليلا و مرشدا. [ صفحه 409]

سيرته

كل من درس حياة الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، و بدء الاسلام، يقطع بأن لسيرة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و ما حباه المولي جل شأنه من خلق عظيم، و صفات حميدة، كان لها النصيب الأكبر في الامتداد بالاسلام و نشره بين العالم، فكم من مرة يجتمع فيها صلي الله عليه و آله و سلم بزعيم كبير، أو شخص محترم، فما ينفض الاجتماع الا و يعلن ذلك الرجل اسلامه متأثرا بخلقه و بسيرته صلي الله عليه و آله و سلم. و قد أجمع أهل السير علي اسلام (عدي بن حاتم الطائي) بعدما شاهده من أخلاقه صلي الله عليه و آله و سلم، و ما أبداه معه من الاحترام و الاجلال. و علي هذا النهج سار أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، فكان لسيرتهم أكبر الأثر في نشر الفضيلة بين صفوف المسلمين، و تعليمهم علي المثل الرفيعة، و دعوتهم - بالعمل - الي الطريق السوي، و النهج المستقيم، و في هذه الصفحات بعض ما ورد من سيرة الامام الصادق عليه‌السلام. 1 - بعث عليه‌السلام غلاما له في حاجة فأبطأ، فخرج عليه‌السلام علي أثره لما أبطأ عليه فوجده نائما، فجلس عند رأسه يروحه حتي انتبه، فلما انتبه قال له أبوعبدالله عليه‌السلام: يا فلان ما ذاك لك، تنام الليل والنهار، لك الليل و لنا منك النهار [31] . 2 - كان ابنه اسماعيل أكبر أولاده، و هو ممن جمع الفضيلة و العقل و العبادة، [ صفحه 410] فكان الصادق عليه‌السلام يحبه حبا شديدا، حتي حسب بعض الناس أن الامامة فيه بعد أبيه، فلما مات و كان الصادق عليه‌السلام عند مرضه حزينا عليه، و جمع أصحابه و قال لهم: المائدة و جعل فيها أفخر الأطعمة، و أطيب الألوان، و دعاهم الي الأكل، و حثهم عليه، لا يرون للحزن أثرا عليه، و كانوا يحسبون أنه سيجزع و يبكي و يتأثر و يتألم، فسألوه عن ذلك فقال لهم: و ما لي لا أكون كما ترون، و قد جاء في خبر أصدق الصادقين: اني ميت و اياكم [32] . 3 - انقطع شسع نعل أبي‌عبدالله عليه‌السلام و هو في جنازة، فجاء رجل بشسعه ليناوله، فقال عليه‌السلام: أمسك عليك شسعك، فان صاحب المصيبة أولي بالصبر عليها [33] . 4 - لما سرحه المنصور من الحيرة خرج ساعة أذن له، و انتهي الي موضع السالحين في أول الليل، فعرض له عاشر كان يكون في السالحين في أول الليل، فقال له: لا أدعك أن تجوز، فألح عليه، و طلب اليه، فأبي اباءا شديدا، و كان معه من أصحابه (مرازم) و من مواليه (مصادف) فقال له مصادف: جعلت فداك انما هذا كلب قد آذاك، و أخاف أن يردك، و ما أدري ما يكون من أمر أبي‌جعفر، و أنا و مرازم، أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر؟ فقال عليه‌السلام: كف يا مصادف، فلم يزل الامام يطلب اليه - العاشر - حتي ذهب من الليل أكثره، فأذن له فمضي، فقال: يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه؟ قلت: هذا جعلت فداك. فقال: يا مرازم ان الرجل يخرج من الذل الصغير؛ فيدخله ذلك في الذل الكبير [34] . [ صفحه 411] 5 - دخل سفيان الثوري علي الصادق عليه‌السلام فرآه متغير اللون، فسأله عن ذلك. فقال: كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت، فدخلت فاذا جارية من جواريي ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم و الصبي معها، فلما بصرت بي ارتعدت و تحيرت، و سقط الصبي الي الأرض فمات، فما تغير لوني لموت الصبي؛ و انما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب. و كان عليه‌السلام قال لها: أنت حرة لوجه الله، لا بأس عليك، مرتين [35] . [ صفحه 412]

احسانه و كرمه

اذا ذكر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام تبادر الذهن الي علم غزير، و خلق عال، و شجاعة لا مثيل لها، و احسان و كرم فكأنهم و الفضيلة توأم. و الحديث في هذا الفصل عن كرم الامام أبي‌عبدالله الصادق عليه‌السلام، و أياديه البيضاء علي الأمة، و قد استأثر حديث كرمه و احسانه بصفحات كثيرة من كتب التاريخ و السيرة، سجلنا منها: 1 - قال هشام بن سالم: كان أبوعبدالله عليه‌السلام، اذا أعتم، و ذهب من الليل شطره، أخذ جرابا فيه خبز و لحم و دراهم، فحمله علي عنقه ثم ذهب الي أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم و هم لا يعرفونه؛ فلما مضي أبوعبدالله عليه‌السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنه كان أباعبدالله عليه‌السلام [36] . 2 - قال سعيد بن بيان: مر بنا المفضل بن عمر و أنا و ختن لي نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا، تعالو الي المنزل، فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها الينا من عنده، حتي اذا استوثق كل واحد منا صاحبه، قال المفضل أما انها ليست من مالي، و لكن أبا عبدالله الصادق أمرني اذا تنازع من أصحابنا أن أصلح بينهما و أفتديهما من ماله، فهذا مال أبي‌عبدالله [37] . [ صفحه 413] 3 - قال له رجل من أصحابه: جعلت فداك بلغني أنك تفعل في عين زياد - اسم ضيعة له - شيئا أحب أن أسمعه منك. فقال عليه‌السلام: نعم، كنت آمر اذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم ليدخل الناس و يأكلوا، و كنت آمر أن يوضع عشر بنيات يقعد علي كل بنية عشرة كلما أكل عشرة جاء عشرة أخري يلقي لكل منهم مد من رطب، و كنت آمر لجيران الضيعة كلهم: الشيخ و العجوز و المريض و الصبي و المرأة، و من لا يقدر أن يجي‌ء، فيكال لكل انسان مد فاذا وفيت القوام و الوكلاء أجرتهم، و أحمل الباقي الي المدينة ففرقت في أهل البيوتات و المستحقين علي قدر استحقاقهم، و حصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار، و كان غلتها أربعة آلاف دينار [38] . 4 - أغمي عليه عند موته فلما أفاق، قال: أعطوا الحسن - الأفطس - سبعين دينارا، و اعطوا فلانا كذا. فقيل له: أتعطي من حمل عليك بالشفرة يريد قتلك؟! فقال عليه‌السلام: أتريد أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل: «و الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل و يخشون ربهم و يخافون سوء الحساب» ان الله تعالي خلق الجنة فطيبها و طيب ريحها، و ان ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام، و لا يجد ريحها عاق و لا قاطع رحم [39] . [ صفحه 414]

علمه

سنوات قليلة من حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام ملأ فيها الدنيا بعلمه، و ازدهرت ألوف الكتب بأحاديثه و آرائه، ألقي فيها علي طلابه مختلف العلوم، و علمهم صنوف المعارف، فحلقة للحديث، و أخري للفقه، و ثالثة للتفسير، و رابعة للفلسفة و الالهيات، و خامسة لبحث الأفلاك و مدارات الشمس و القمر و النجوم لقد شبهوا دار الامام عليه‌السلام بالجامعة. قال الأستاذ محمد صادق نشأت - الأستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة -: و خلاصة القول ان دار الصادق كانت كجامعة كبيرة تموج بالحكماء و أهل العلم يجيب أسئلتهم، و يحل مشاكلهم، دون التفات الي نحلهم و مذاهبهم أو فروقهم و مقاصدهم و قد جمع أصحابه المتقربون اليه دروسهم في أربعمأئة كتاب، و سموها (الأصول الأربعمائة) و ان الرسالة التي أملاها علي المفضل بن عمر للرد علي العالم الدهري المعروف بابن أبي‌العوجاء، تشير الي منزلة الصادق و احاطته العجيبة بأنواع المعارف و الفنون [40] . لقد يمم المسلمون الي جامعة الامام الصادق عليه‌السلام من كافة الأقطار الاسلامية، ينتهلون من نميرها الفياض، و يغترفون من معينها العذب. قال الأستاذ عبدالعزيز سيد الأهل: و كذلك أرسلت الكوفة و البصرة، و واسط، و الحجاز، الي جعفر بن محمد أفلاذ أكبادها، ومن كل قبيلة: من بني أسد، و مخارق، وطي، و سليم، و غطفان، و غفار، و الأزد، و خزاعة، و خثعم، و مخزوم، و بني ضبة، و من قريش، و لا سيما بني الحارث بن عبدالمطلب، و بني الحسن بن [ صفحه 415] علي، و رحل اليه جمهور من الأحرار، و أبناء الموالي، من أعيان هذه الأمة: من العرب و فارس، و لا سيما مدينة قم [41] . و لا غرو ان كانت مدرسته عليه‌السلام بمثل هذه المثابة، و أن يقصدوها المسلمون من كل صقع و قطر، ليرتووا من نميرها العذب، و يتزودوا من رحيقها العطر، فمؤسسها الذي ملأ الدنيا علمه و فقهه - كما يقول الجاحظ -. لقد استأثر علم الامام الصادق عليه‌السلام باهتمام المؤرخين و نقلة الآثار منذ العصر الأول و حتي اليوم، فكل من كتب عنه تحدث عن علمه الغزير، و ذكر من تتلمذ عليه من علماء المسلمين و كبرائهم، و مؤسسي المذاهب الاسلامية. قال أحمد بن حجر الهيثمي: جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، و انتشر صيته في جميع البلدان، وروي عنه الأئمة الأكابر: كيحيي بن سعيد، و ابن‌جريح، و مالك، و السفيانيين، و أبي‌حنيفة، و شعبة، و أيوب السختياني [42] . و قال أبونعيم الأصبهاني: روي عن جعفر بن محمد عدة من التابعين، منهم: يحيي بن سعيد الأنصاري، و أيوب السختياني، و أبان بن تغلب، و أبوعمرو بن العلاء، و يزيد بن عبدالله بن الهاد، و حدث عنه الأئمة الأعلام: مالك بن أنس و شعبة بن الحجاج، و سفيان الثوري، و ابن‌جريح، و عبدالله بن عمر، و روح ابن‌القاسم، و سفيان بن عيينة، و سليمان بن بلال، و اسماعيل بن جعفر، و حاتم بن اسماعيل، و عبدالعزيز بن المختار، و وهب بن خالد، و ابراهيم بن طهمان في آخرين، و أخرج عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه محتجا بحديثه [43] . و قال أبوالعباس أحمد بن يوسف الدمشقي القرماني: كان من بين أخوته خليفة أبيه و وصيه، نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن غيره، كان رأسا في الحديث، روي عنه: يحيي بن سعيد، و ابن‌جريح، و مالك بن أنس، و الثوري و ابن‌عيينة، و أبوحنيفة، و شعبة، و أبوأيوب السجستاني، و غيرهم [44] . [ صفحه 416] و قال أحمد شهاب الدين الخفاجي: جعفر الصادق، أبوعبدالله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب، روي عنه كثيرون: كمالك بن أنس، و السفيانيين، و ابن‌جريح، و ابن‌اسحاق، و اتفقوا علي امامته و جلالته و سيادته. ولد سنة 80 ه و توفي سنة 148 ه قيل مسموما، و ثقه في روايته الشافعي، و ابن‌معين، و أبوحاتم، و الذهبي. و هو من فضلاء أهل البيت و علمائهم عليهم‌السلام [45] . و قال جمال الدين أبوالمحاسن يوسف بن تغري الأتابكي بعد كلام له في فضله: و حدث عنه أبوحنيفة، و ابن‌جريح، و شعبة، و السفيانيان، و مالك، و غيرهم، و عن أبي‌حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد [46] و قال محمود بن وهيب البغدادي الحنفي: نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، و انتشر صيته في جميع البلدان، و روي عنه الأئمة الأكابر: كيحيي بن سعيد، و ابن‌جريح، و مالك، و السفيانيين، و أبي‌حنيفة. و شعبة، و أيوب السختياني، و ابن‌عيينة، و غيرهم [47] . و قال الشبلنجي: و مناقبه كثيرة تفوت علي الحاسب، و يحار في أنواعها فهم اليقظ الكاتب، روي عنه جماعة من أعيان الأمة و أعلامهم كيحيي بن سعيد، و ابن‌جريح و مالك بن أنس، و ابن‌عيينة و أبي‌حنيفة و أبي‌أيوب السجستاني، و غيرهم [48] . و قال أبوزكريا محي الدين بن شرف النووي: روي عنه محمد بن اسحاق، و يحيي الأنصاري، و مالك، و السفيانيان، و ابن‌جريح، و شعبة، و يحيي القطان، و آخرون، و اتفقوا علي امامته و جلالته و سيادته [49] . و قال الأستاذ محمد أبوزهرة: ما أجمع علماء الاسلام علي اختلاف طوائفهم كما أجمعوا في فضل الامام الصادق و علمه، فأئمة السنة الذين عاصروه تلقوا عنه و أخذوا، أخذ عنه مالك رضي الله عنه، و أخذ عنه طبقة مالك: كسفيان بن عيينة، و سفيان الثوري، و غيرهم كثير. و أخذ عنه أبوحنيفة مع تقاربهما في السن، و اعتبره [ صفحه 417] أعلم الناس لأنه أعلم الناس باختلاف الناس، و قد تلقي عليه رواة الحديث طائفة كبيرة من التابعين، منهم: يحيي بن سعيد الخ [50] . و قال السيد أمير علي: و لا مشاحة أن انتشار العلم في ذلك الحين قد ساعد علي فك الفكر من عقاله، فأصبحت المناقشات الفلسفية عامة، في كل حاضرة من حواضر العالم الاسلامي، و لا يفوتنا أن نشير الي أن الذي تزعم تلك الحركة هو حفيد علي بن أبي‌طالب، المسمي بالامام (جعفر) و الملقب ب (الصادق) و هو رجل رحب أفق التفكير بعيدا، غوار العقل، ملم كل الالمام بعلوم عصره، و يعتبر في الواقع أنه أول من أسس المدارس الفلسفية في الاسلام، و لم يكن يحضر حلقته العلمية أولئك الذين أصبحوا مؤسسوا المذاهب الفقهية فحسب، بل كان يحضرها طلاب الفلسفة و المتفلسفون من الأنحاء القاصية [51] . و قال الدكتور أحمد أمين: الشيعة تروي عنه الشي‌ء الكثير، حتي صنفوا من اجاباته عن المسائل أربعمائة كتاب، سموها (الأصول) و لم يرو عن أحد من أهل بيته ما روي عنه، حتي قال الحسن بن علي الوشا - من أصحاب الرضا - أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن محمد. و ذكروا أن الرواة عنه بلغوا نحو أربعة آلاف رجل [52] . و أرجع ابن أبي‌الحديد فقه أئمة أهل السنة كله اليه، و علمهم مقتبس منه، فهو أستاذهم الأكبر، الذي عنه أخذوا، و منه اقتبسوا. قال: أما أصحاب أبي‌حنيفة: كأبي يوسف، و محمد و غيرهما، فأخذوا عن أبي‌حنيفة، و أما الشافعي فقرأ علي محمد بن الحسن، فيرجع فقهه أيضا الي أبي‌حنيفة، و أما أحمد بن حنبل فقرأ علي الشافعي، فيرجع فقهه أيضا الي أبي‌حنيفة، و أبوحنيفة قرأ علي جعفر بن محمد عليهم‌السلام [53] . [ صفحه 418] و قد تحدث أبوحنيفة عن تلمذته علي الامام الصادق عليه‌السلام و أخذه عنه فقال: لولا السنتان لهلك النعمان. يشير الي السنتين اللتين صحب فيهما لأخذ العلم عن الامام الصادق رضي الله عنه [54] . و لو أنصف المسلمون الامام الصادق عليه‌السلام لوجدوه السادن للشريعة المحمدية، و الناشر للعلوم الاسلامية، و المؤسس لكثير من العلوم الحديثة، و واضع أسسها، و سيمر عليك في الفصل اللاحق - الامام الصادق ملهم الكيمياء - في نسبة هذا العلم اليه، و أخذه عنه، كما أن هناك علوما كثيرة أخذت عنه، و اقتبست منه. قال الحوماني رحمه الله: و استخراج المعلوم من المجهول له علم خاص، سماه علماء الغرب (علم الجبر) اشتقوه من اسم جابر بن حيان، لأنه أول من وضع هذا العلم، نقلا عن معلمه جعفر الصادق عليه‌السلام. و قال: و الذرة التي تم الكشف عنها في عصرنا الراهن، لم تكن وليدة هذا العهد و عقوله، انما هي وليدة عقول جبارة مر بها قرون عديدة و هي تبحث عنها، و كان قديما يطلقون عليها اسم (الجوهر الفرد) و (الجزء الذي لا يتجزأ) علي أن علماء اليوم كانت عمدتهم أو أكثر اعتمادهم في الوصول الي الذرة علي الآراء التي حشدها جابر بن حيان في رموزه التي حيرت علماء الغرب لدي استخراجها و التمكن منها. و قال: قال لي الدكتور يحيي الهاشمي: ان عدة كتب مخطوطة لجابر بن حيان لا يزال علماء الألمان يعكفون علي حل رموزها [55] . هذه المامة سريعة بما يتعلق بعلمه عليه‌السلام، و لعل الزمن يكشف لنا جوانب جديدة من حياة الامام الصادق عليه‌السلام العلمية، و يجلي الغموض عن بعض روائع عظمته المجهولة. [ صفحه 419]

مدرسته و طلابه

لم يشهد التاريخ الاسلامي مدرسة أعظم من مدرسة الامام الصادق عليه‌السلام، في كثرة طلابها، و اختلاف العلوم التي كان يدرسها فيها، و كان هو عليه‌السلام وحده المدرس لألوف الطلاب، و لعشرات العلوم و المعارف و الفنون، و قد مر عليك في الفصل السابق بعض ما قيل في علمه عليه‌السلام، و الحديث في هذا الفصل عن مدرسته عليه‌السلام. لقد تواتر النقل علي أن الرواة عن أبي‌عبدالله الصادق عليه‌السلام بلغوا أربعة آلاف [56] . و قال الطبرسي: ان أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقات علي اختلافهم في المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل [57] . و قال المحقق: روي عنه ما يقارب أربعة آلاف رجل، و برز بتعليمه من الفقهاء جم غفير: كزرارة بن أعين، و أخويه: بكير و حمران، و جميل بن صالح، و جميل بن دراج، و محمد بن مسلم، و بريد بن معاوية، و الهشاميين، و أبي‌بصير، و عبدالله و محمد و عمران الحلبيين، و غيرهم من أعيان الفضلاء [58] . و قال السيد الأمين: فقد جمع الحافظ ابن‌عقدة الزيدي أسماء الرواة عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام فكانوا أربعة آلاف، و جاء ابن‌الغضائري فاستدرك علي ابن‌عقدة، فزاد عليهم [59] . [ صفحه 420] و ربما فتح عليه‌السلام فروعا لمدرسته في بعض العواصم الاسلامية. قال الحسن بن علي الوشا: أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ، كل يقول: حدثني جعفر بن محمد [60] ، علما بأنه كان يسير اليها قسرا و يقيم فيها تحت مراقبة شديدة من قبل الدولة. و الخلاصة: لقد تلمذ علي الامام الصادق عليه‌السلام جل علماء المسلمين المعاصرين له، و عدوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها، و فضيلة اكتسبوها [61] . و اليوم و بعد مضي ما يزيد عن ثلاثة عشر قرنا علي تأسيس مدرسة الامام الصادق عليه‌السلام، لا تزال العلوم الاسلامية: من فقه، و حديث، و تفسير، و فلسفة، و أخلاق، و غيرها من العلوم، عيالا علي مدرسته، تستمد من آراء مؤسسها الحكيمة، وتوجيهاته القيمة، و ليست العلوم الاسلامية وحدها عيالا علي مدرسة الامام الصادق عليه‌السلام، بل أن الكثير من العلوم الحديثة، كان له عليه‌السلام اليد الطولي في تأسيسها و انمائها. [ صفحه 421]

الامام الصادق ملهم الكيمياء

الكيمياء: هو علم يبحث فيه عن طبائع و خواص الأجسام الأرضية، و كيفية تحليلها و تركيبها، و المادة التي بواسطتها يتم تحول بعض المعادن الي معادن أخري. و لما كان بيت الامام الصادق عليه‌السلام كالجامعة يموج بالحكماء و أهل العلم - كما يقول الأستاذ محمد صادق نشأت - فكان عليه‌السلام يلقي علي طلابه مختلف العلوم، و ينميهم بفنون المعارف، و مضافا لما يلقيه علي طلابه في الفقه، و الحديث، و التفسير، يخص من يجد فيه القابلية بالعلوم الحديثة. لقد وجد عليه‌السلام في تلميذه جابر بن حيان استعدادا و لياقة، فأخذ يخصه بوقت يدرسه فيه الكيمياء و غيرها من العلوم، حتي كتب جابر من محاضرات الامام عليه‌السلام مئات الرسائل، و قد طبعت خمسمائة رسالة منها في ألمانيا قبل ثلثمائة سنة، أو أكثر، و هي موجودة في مكتبة الدولة ب (برلين) و مكتبة (باريس) [62] و بلغت مؤلفات جابر 3900 رسالة [63] . و قد جمعنا في هذه الصفحات كلمات بعض أعلام الشرق و الغرب في نسبة هذا العلم الي الامام الصادق عليه‌السلام، و أن جابر بن حيان أخذه عنه، و منه تعلم الأوروبيون. نذكر من ذلك: 1 - قال شمس الدين أحمد بن أبي‌بكر بن خلكان المتوفي سنة 681 ه بعد أن تحدث عن الامام الصادق عليه‌السلام: و كان تلميذه أبوموسي جابر بن حيان الصوفي [ صفحه 422] الطرسوسي قد ألف كتابا يشتمل علي ألف ورقة، تتضمن رسائل جعفر الصادق و هي خمسمائة رسالة [64] . 2 - قال بطرس البستاني: و لقب بالصادق لصدقه في مقالته، و فضله عظيم، و له مقالات في صناعة الكيمياء [65] . 3 - نشرت جريدة (الثورة) البغدادية، بعددها الصادر 19 كانون الأول 1961 تحت عنوان (العرب رواد الحضارة الأوروبية). قالت: الامام جعفر الصادق أول مكتشف (حامض النتريك) و (الماء الملكي). و قالت: عالم كيميائي غربي يعتبر عصر الامام الصادق عليه‌السلام مساويا لعصر (بريستلي) و (لافوازييه). و قالت: ان كتب العملاق العربي (جابر بن حيان) تترجم الي اللاتينية حال الحصول عليها، و ان الكيميائي الانكليزي (بريستلي) يتعلم اللغة العربية ليطلع بنفسه علي روائع جابر بن حيان [66] . 4 - قال خير الدين الزركلي بعد أن تحدث عن الامام عليه‌السلام: و صنف تلميذه جابر بن حيان كتابا في ألف ورقة، يتضمن رسائل الامام جعفر الصادق و هي خمسمائة رسالة [67] . 5 - قال (دونالدسن): ان جابر بن حيان تلميذ الصادق، و هكذا في تاريخ الأدب (لهوارت). و قال: ان جابر بن حيان جمع ألفي ورقة من عمل أستاذه الصادق عليه‌السلام، و هكذا يذكر (ماكدونالد) في دائرة المعارف الاسلامية [68] . 6 - قال عبدالله بن أسعد اليافعي بعد أن تحدث عن الامام عليه‌السلام: قد ألف [ صفحه 423] تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتابا يشتمل علي ألف ورقة، يتضمن رسائله و هي خمسمائة رسالة [69] . 7 - قال (فانديك) الهولندي: ان جابرا اشتهر ب (كيمياوي العرب) و انه تلمذ علي يد الامام جعفر الصادق [70] . 8 - قال السيد محسن الأمين في ترجمته لجابر: من أصحاب الامام جعفر الصادق عليه‌السلام، و أحد أبوابه، و من كبار الشيعة، و ما يأتي عند تعدد مؤلفاته يدل علي أنه كان من عجائب الدنيا، و نوادر الدهر، و ان عالما يؤلف ما يزيد علي 3900 كتاب في علوم جلها عقلية و فلسفية، لهو حقا من عجائب الكون... و مع ذلك يشتغل بصناعة الكيمياء، حتي صار أشهر من أن ينسب اليه هذا العلم، و ذلك يحتاج الي زمن طويل، و جهد عظيم، و يكفي في تفرد الرجل أن كتبه بقي كثير منها محفوظا في مكاتب الغرب و الشرق، و طبع جملة منها، و ترجم جملة منها [71] . 9 - قال محمد أبوزهرة بعد أن نقل كلام السيد هبة الدين الشهرستاني في تلمذة جابر علي الامام الصادق عليه‌السلام: و ان ذلك الكلام يستفاد منه: اتصال جابر بالامام الصادق، و أنه كان يدارسه و يختصه بالانفراد في الدراسة، مما يدل علي أن ما كانا يتدارسانه لا يطيقه كل الناس، لدقة حقائقه، و عمق ما يحتاج اليه من تفكير. و يستفاد منه: ان للامام الصادق مشاركة فكرية في الرسائل التي كتبها جابر، و أن الكاتب هذا اطلع علي مخطوط فيه خمسين رسالة، كان يصدر كل رسالة بما يدل علي الاتصال الفكري بين الكاتب و الامام الصادق رضي الله عنه، و قد نتعرض لهذا بكلام أوفي، و أن الذي نريد أن نسجله في هذا المقام هو: ان الامام جعفر كان قوة فكرية في هذا العصر، لم يكتف بالدراسات الاسلامية، و علوم القرآن، و السنة، و العقيدة، بل اتجه الي دراسة الكون و أسراره، ثم حلق بعقله القوي الجبار في سماء الأفلاك، و مدارات الشمس و القمر و النجوم، و بذلك علم مقدار نعمة الله علي عبيده من الانسان [ صفحه 424] في تسخير ما في الكون لهم، ثم علم وحدانية الخالق من ابداع المخلوق، و من تعدد الأشكال و الألوان و القوي في المحدثات [72] . و قال أيضا: ان الامام الصادق كان يلم بالعلوم الكونية، و الطبيعية، لأنه كان يحكم عليها - أي رسائل جابر - بالصدق أحيانا، و بالغموض أحيانا، و ان ذلك بلا ريب تصرف العارف بموضوعها، و ليس بتصرف الجاهل بغموضها [73] . 10 - قال محمد فريد وجدي بعد كلام له في مدح الامام عليه‌السلام: و له مقالات في صناعة الكيمياء.. و كان تلميذه أبوموسي جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألف كتابا يشتمل علي ألف ورقة، يتضمن رسائل جعفر و هي خمسمائة رسالة [74] . 11 - قال السيد هبة الدين الشهرستاني: أبوموسي جابر بن حيان الصوفي الكوفي، من أشهر مشاهير تلاميذ الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام، مولده في طوس بخراسان، في سنة 80 من هجرة النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و تفنن في العلوم الرياضية و النجوم و غيرها، و ألف فيها الكثير، و قد عد أبوالفرج ابن‌النديم في الفهرست المطبوع في ليدن بأوروبا نحو ألف و ثلثمائة رسالة له بأسمائهن، و تلمذه علي يد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام ثابت، و كانت له ساعة معينة لأخذه العلوم من الامام يختص بها لديه، لا يشاركه فيها أحد، و رسائله جلها لولا كلها مصدرة باسم أستاذه جعفر، رأيت خمسين رسالة منها قديمة الخط، يقول فيهن: (قال لي جعفر عليه‌السلام) أو (ألقي علي جعفر عليه‌السلام) أو (حدثني مولاي جعفر عليه‌السلام) و قال في رسالته الموسومة بالمنفعة: (أخذت هذا العلم من سيدي جعفر بن محمد سيد أهل زمانه.. الخ). و قد طبعت خمسمائة رسالة منها في ألمانيا قبل ثلثمائة سنة أو أكثر، و هي موجودة في مكتبة الدولة ببرلين، و مكتبة باريس، و قد ترجمه ابن‌خلكان في وفيات الأعيان و ذكر له تلك الرسائل، كذلك أصحاب المقتطف في السنة الأولي من المجلة، و أشاروا الي هذه الرسائل. [ صفحه 425] و قال: و قد سماه الافرنج أستاذ الحكمة، و لذكره تجليل و تبجيل لديهم، و اعترفوا له بأنه المكتشف لتسعة عشر عنصرا من عناصر المواد التي بلغت اليوم فوق المائة. و له مؤلفات كثيرة في الهيئة و النجوم، طبعت في المانيا قبل مئات السنين. و قال: و قد نسبوا الي جابر كشف الراديوم أيضا [75] حيث قال في بعض رسائله: ان الذي يحب أن يري الشمس المنيرة في منتصف ليل حالك، فليصنع كذا و كذا، و الراديوم المذكور كشفته مدام كوري البولونية في عصرنا، و أنه يشع بنور أبيض أبدي، و يدفي‌ء حجرتها الي عشرين درجة من الحرارة دون أن يقل وزنه أو حجمه أو حرارته. و نسبوا اليه القول بوحدة العناصر و أنها جميعا تنتهي الي عنصر النار المخبوءة في باطن الذرة من ذرات المادة، و قد كشف الافرنج حديثا النار القوية الالكترونية في باطن ذرة (الاتم)، و بلغني اقتراح بعض علماء الغرب انشاء مدرسة جابرية خاصة بعلومه و آرائه، و كشف رموزه و أسراره الخ [76] . 12 - قال (هولميارد) الانكليزي: ان جابرا هو تلميذ جعفر الصادق و صديقه، و قد وجد في امامه الفذ سندا و معينا، و مرشدا أمينا، و موجها لا يستغني عنه، و قد سعي جابر أن يحرر الكيمياء بارشاد أستاذه من أساطير الأولين التي علقت بها من الاسكندرية، فنجح في هذا السبيل الي حد بعيد، من أجل ذلك يجب أن يقرن اسم جابر مع أساطين هذا الفن في العالم أمثال: (بويله) و (بريستله) و (لافوازيه) و غيرهم من الأعلام [77] . 13 - قال يوسف يعقوب مسكوني: هذا الامام الذي اشتهر علاوة علي دينه و تقواه بأمور صناعة الكيمياء، فكان مثالا للامام [78] . [ صفحه 426] و نعود الآن لنذكر بعض المصادر التي ترجمت لجابر و ذكرت اشتغاله بالكيمياء و مؤلفاته، نذكر منهم: 1 - قال ابن‌النديم: نذكر جملة من كتبه رأيناها، و شاهدها الثقات فذكروها لنا. فذكر أسماء 300 كتاب تقريبا، ثم ذكر أنه ألف 300 كتاب في الفلسفة، و 1300 كتاب في الحيل، و 1300 كتاب في صنائع مجموعة، و آلات الحرب، و 500 كتاب في الطب [79] . 2 - قال اسماعيل مظهر: لعل جابر بن حيان بن عبدالله أشهر من يذكره التاريخ في العصر العربي من العلماء، فان اسمه يقترن من حيث الشهرة و من حيث الأثر النافع بأسماء العظماء من رواد الحضارة و العمران، و لقد قال فيه الأستاذ (برتيلو) المؤلف الفرنسي صاحب كتاب (تاريخ الكيمياء في القرون الوسطي) ان اسمه ينزل في تاريخ الكيمياء منزلة اسم (ارسطوطاليس) في تاريخ المنطق، فكان جابر عند (برتيلو) أول من وضع لعلم الكيمياء قواعد علمية تقترن باسمه في تاريخ الدنيا. و قد عرف جابر بن حيان في العالم اللاتيني باسم (جبير). ثم ذكر له 92 كتابا، مشيرا الي المطبوع منها و تاريخ الطبع [80] . 3 - قال خير الدين الزركلي: جابر بن حيان بن عبدالله الكوفي، أبوموسي: فيلسوف كيميائي، كان يعرف بالصوفي من أهل الكوفة... له تصانيف كثيرة قيل: 232 كتابا، و قيل: بلغت خمسمائة ضاع أكثرها، و ترجم بعض ما بقي منها الي اللاتينية. ثم ذكر بعض كتبه المطبوعة و المخطوطة [81] . 4 - قال جمال الدين علي القفطي: جابر بن حيان الصوفي الكوفي، كان متقدما في العلوم الطبيعية، بارعا في صناعة الكيمياء، و له فيها تآليف كثيرة، [ صفحه 427] و مصنفات مشهورة، و كان مع هذا مشرفا علي كثير من علوم الفلسفة... و ذكر محمد بن سعيد السرقسطي، و المعروف بابن المشاط الأصطرلابي الأندلسي: انه رأي لجابر بن حيان بمدينة مصر تأليفا في عمل الأصطرلاب يتضمن ألف مسألة لا نظير له [82] . قال حجي خليفة: انه - أي جابر بن حيان - فرقها - أي الكيمياء - في كتب كثيرة، لكنه أوصل الحق الي أهله، و وضع كل شي‌ء في محله، و أوصل من جعل الله سبحانه و تعالي له سببا في الايصال، و لكنه اشغلهم بأنواع التدهيش و المحال، لحكمة ارتضاها عقله و رأيه، بحسب الزمان، و مع ذلك فلا يخلو كتاب من كتبه عن فوائد عديدة.. الخ [83] . 6 - قال (برتيلو): لجابر في الكيمياء ما لأرسطو طاليس قبله في المنطق، و هو أول من استخرج حامض الكبريتيك و سماه زيت الزاج، و أول من اكتشف الصودا الكاوية، و أول من استحضر ماء الذهب، و ينسب اليه استحضار مركبات أخري مثل: كربونات البوتاسيوم و كربونات الصوديوم، و قد درس خصائص مركبات الزئبق و استحضرها [84] . 7 - قال (لوبون): تتألف من كتب جابر موسوعة علمية، تحتوي علي خلاصة ما وصل اليه علم الكيمياء عند العرب في عصره، و قد اشتملت كتبه علي بيان مركبات كيمياوية كانت مجهولة قبله، و هو أول وصف أعمال التقطير و التبلور و التذويب و التحويل الخ [85] . و سيبقي الامام الصادق عليه‌السلام خالدا، عبر العصور و الأجيال و مصدرا للاشعاع الفكري، و قبسا منيرا للأمم، و المكتشف الأول للعلوم. [ صفحه 428]

وصاياه

و هذا الموضوع وحده - وصايا الامام عليه‌السلام - يحتاج الي كتاب مستقل، فكل كتاب يتعرض لسيرته عليه‌السلام تجد فيه الكثير من وصاياه و نصائحه و توجيهاته عليه‌السلام. و تختلف هذه الوصايا فتارة تكون موجهة لفرد، و أخري لجماعة، و ربما حملها عليه‌السلام لبعض خواصه علي أن يبلغها شيعته و أصحابه، كما في وصيته عليه‌السلام لزيد الشحام، و المفضل بن عمر. و أما أحوجنا اليوم الي الأخذ بهذه الوصايا و النصائح لنستعيد ماضينا المجيد، و ننهض بالاسلام رسالة عزنا التليد و ليس المهم - فيما أحسب - هو قراءة هذه الوصايا و حفظها، و انما هو العمل بها، و قسر النفس علي تطبيقها. نعود فنذكر قبسا منها: 1 - من وصية له عليه‌السلام الي ولده موسي الكاظم عليه‌السلام: «يا بني: اقبل وصيتي، واحفظ مقالتي، فانك ان حفظتها تعش سعيدا، و تمت حميدا. يا بني: انه من رضي بما قسم له استغني، و من مد عينه الي ما في يد غيره مات فقيرا، و من لم يرض بما قسم الله عزوجل اتهم الله في قضائه، و من استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، و من استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه. يابني: من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، و من سل سيف البغي قتل به، و من أحتفر لأخيه بئرا سقط فيها، و من داخل السفهاء حقر، و من خالط العلماء وقر، و من دخل مداخل السوء اتهم. يا بني: اياك أن تزري بالرجال فيزري بك، و اياك و الدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك. [ صفحه 429] يا بني: قل الحق لك أو عليك تستشان [86] من بين أقرانك. يا بني: كن لكتاب الله تاليا، و للسلام فاشيا، و بالمعروف آمرا، و عن المنكر ناهيا، و لمن قطعك واصلا، و لمن سكت عنك مبتدئا، و لمن سألك معطيا و اياك و النميمة فانها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، و اياك و التعرض لعيوب الناس، فمنزلة المتعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف. يا بني: اذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فان للجود معادن، و للمعادن أصولا، و للأصول فروعا، و للفروع ثمرا، و لا يطيب ثمر الا بفرع، و لا فرع الا بأصل، و لا أصل ثابت الا بمعدن طيب. يابني: اذا زرت فزر الأخيار و لا تزر الفجار، فانهم صخرة لا ينفجر ماؤها، و شجرة لا يخضر ورقها، و أرض لا يظهر عشبها». قال علي بن موسي: فما ترك أبي هذه الوصية الي أن مات [87] . 2 - من وصية له عليه‌السلام لحمران بن أعين: «أنظر من هو دونك في المقدرة و لا تنظر الي من هو فوقك، فان ذلك اقنع لك بما قسم الله لك، و أحري أن تستوجب الزيادة منه عزوجل، و أعلم أن العمل الدائم القليل علي اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير علي غير يقين، و اعلم أنه لا ورع أنفع من تجنب محارم الله، و الكف عن أذي المؤمنين و اغتيابهم، و لا عيش أهنأ من حسن الخلق، و لا مال أنفع من القناعة باليسير المجزي، و لا جهل أضر من العجب» [88] . [ صفحه 430] 3 - من وصية له عليه‌السلام الي زيد الشحام أمره بتبليغها: قال زيد الشحام: قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام: «اقرأ من تري أنه يطيعني منكم و يأخذ بقولي السلام، و أوصيكم بتقوي الله عزوجل، و الورع في دينكم، و الاجتهاد لله، و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و طول السجود، و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلي الله عليه و آله و سلم. أدوا الأمانة الي من ائتمنكم عليها برا و فاجرا، فان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يأمر بأداء الخيط و المخيط. صلوا عشائركم، و اشهدوا جنائزهم، و عودوا مرضاهم، و أدوا حقوقهم، فان الرجل منكم اذا ورع في دينه، و صدق الحديث، و أدي الأمانة، و حسن خلقه مع الناس، قيل: هذا جعفري، و يسرني ذلك، و يدخل علي منه السرور، و قيل: هذا أدب جعفر، واذا كان غير ذلك، دخل علي بلاؤه و عاره و قيل: هذا أدب جعفر، فو الله حدثني أبي: أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه‌السلام فيكون زينها: أداهم للأمانة، و أقضاهم للحقوق، و أصدقهم للحديث، اليه وصاياهم و ودائعهم، تسأل العشيرة عنه و يقولون: من مثل فلان؟ انه أدانا للأمانة، و أصدقنا للحديث» [89] . 4 - من وصية له عليه‌السلام الي المفضل بن عمر أمره أن يبلغها شيعته: «أوصيك بست خصال تبلغهن شيعتي: أداء الأمانة الي من ائتمنك، و أن ترضي لأخيك ما ترضاه لنفسك، و أعلم أن للأمور أواخر فاحذر العواقب، و ان للأمور بغتات فكن علي حذر، و اياك و مرتقي جبل سهل اذا كان المنحدر وعرا، و لا تعدن أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه» [90] . 5 - من وصية له عليه‌السلام الي سفيان الثوري: قال سفيان الثوري: لقيت الصادق ابن‌الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام فقلت: [ صفحه 431] يا ابن‌رسول الله أوصني، فقال: «يا سفيان لا مروءة لكذوب، و لا أخ لملول، و لا راحة لحسود، و لا سؤدد لسي‌ء الخلق. فقلت: يا ابن‌رسول الله زدني. فقال لي: يا سفيان: ثق بالله تكن مؤمنا، و ارض بما قسم الله لك تكن غنيا، و أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما، و لا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، و شاور في أمرك الذين يخشون الله عزوجل. فقلت: يا ابن‌رسول الله زدني. فقال لي: يا سفيان من أراد عزا بلا عشيرة، و غني بلا مال، و هيبة بلا سلطان، فلينتقل من ذل معصية الله الي عز طاعته. فقلت: يا ابن‌رسول الله زدني. فقال: يا سفيان أدبني والدي بثلاث و نهاني عن ثلاث، فأما اللاتي أدبني بهن فانه قال لي: با بني من يصحب السوء لا يسلم، و من لا يملك لسانه يندم، و من يدخل مداخل السوء يتهم. قلت: يا ابن‌رسول الله فما الثلاث اللواتي نهاك عنهن. قال: نهاني أن أصاحب حاسد نعمة، و شامتا بمصيبة، أو حامل نميمة. ثم أنشدني: عود لسانك قول الخير تحظ به ان اللسان لما عودت معتاد موكل بتقاضي ما سننت له في الخير و الشر فانظر كيف تعتاد» [91] . 6 - من وصية له عليه‌السلام السلام الي أبي‌أسامة: «عليك بتقوي الله، و الورع، و الاجتهاد، و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و حسن الخلق، و حسن الجوار، و كونوا دعاة الي أنفسكم بغير ألسنتكم، و كونوا زينا و لا تكونوا شينا، و عليكم بطول الركوع و السجود» [92] . [ صفحه 432] 7 - من وصية له عليه‌السلام الي المنصور العباسي حينما قال له: حدثني عن نفسك بحديث اتعظ به و يكون لي زاجر صدق عن الموبقات. فقال عليه‌السلام: «عليك بالحلم فانه ركن العلم، و املك نفسك عند أسباب القدرة، فانك ان تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفي غيظا، أو تداوي حقدا، أو يحب أن يذكر بالصولة، و اعلم بأنك ان عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به الا العدل و الحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر». قال المنصور: وعظت فأحسنت، و قلت فأوجزت [93] . 8 - من وصية له عليه‌السلام الي أصحابه: «استنزلوا الرزق بالصدقة، و حصنوا المال بالزكاة، و ما عال من اقتصد، و التدبير نصف المعيشة، و التودد نصف العقل، و قلة العيال أحد اليسارين، و من أحزن والديه فقد عقهما، و من ضرب يده علي فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره، و الصنيعة لا تكون صنيعة الا عند ذي حسب و دين، و الله تعالي ينزل الرزق علي قدر المؤونة، و منزل الصبر علي قدر المصيبة، و من أيقن بالخلف جاد بالعطية، و من قدر معيشته رزقه الله، و من بذر معيشته حرمه الله» [94] . 9 - من وصية له عليه‌السلام الي بعض أصحابه: «اذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا الا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، و لا يكون له رجاء الا من عند الله عز ذكره، فاذا علم الله عزوجل ذلك من قلبه لم يسأله شيئا الا أعطاه. فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فان للقيامة خمسين موقفا، كل موقف مقداره ألف سنة، ثم تلا: «في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون» [95] . [ صفحه 433] 10 - من وصية له عليه‌السلام لجميل بن دراج: «خياركم سمحاؤكم و شراركم بخلاؤكم، و من صالح الأعمال البر بالاخوان و السعي في حوائجهم، و في ذلك مرغمة للشيطان، و تزحزح عن النيران، و دخول الجنان. يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك. قال: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر و اليسر. ثم قال: يا جميل أما ان صاحب الكثير يهون عليه ذلك، و قد مدح الله عزوجل صاحب القليل فقال: (و يؤثرون علي أنفسهم و لو كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)» [96] . 11 - جاء اليه رجل فقال له: بأبي أنت و أمي عظني موعظة. فقال عليه‌السلام: «ان كان الله تبارك و تعالي قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا، و ان كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا، و ان كان الحساب حقا فالجمع لماذا، و ان كان الخلف من الله عزوجل حقا فالبخل لماذا، و ان كانت العقوبة من الله عزوجل النار فالمعصية لماذا، و ان كان الموت حقا فالفرح لماذا، و ان كان العرض علي الله عزوجل حقا فالمكر لماذا، و ان كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا، و ان كان الممر علي الصراط حقا فالعجب لماذا، و ان كان كل شي‌ء بقضاء و قدر فالحزن لماذا، و ان كانت الدنيا فانية فالطمأنينة اليها لماذا؟» [97] . 12 - عن خيثمة قال: قال لي جعفر عليه‌السلام: «أبلغ شيعتنا أنه لن ينال ما عند الله الا بعمل، و أبلغ شيعتنا ان أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم يخالفه الي غيره». [ صفحه 434] 13 - من وصية له عليه‌السلام الي بعض أصحابه كتبها اليه جوابا لكتابه: «أما بعد فاني أوصيك بتقوي الله، فان الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره الي ما يحب، و يرزقه من حيث لا يحتسب، فاياك أن تكون ممن يخاف علي العباد من ذنوبهم، و يأمن العقوبة من ذنبه، فان الله عزوجل لا يخدع عن جنته، و لا ينال ما عنده الا بطاعته ان شاء الله» [98] . 14 - عن أبي‌بصير قال: دخلت علي أم حميدة أعزيها بأبي‌عبدالله عليه‌السلام، فبكت و بكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبامحمد لو رأيت أباعبدالله عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثم قال: اجمعوا لي كل من بيني و بينه قرابة، فلم نترك أحدا الا جمعناه، فنظر اليهم ثم قال: ان شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة [99] . [ صفحه 435]

حكمه

اختص الامام الصادق عليه‌السلام من بين الأئمة بكثرة الحديث، و نشر العلم، علما بأن علمهم عليهم‌السلام واحد، و لكن الظروف كانت له مواتية لانشغال الدولتين في تثبيت قواعد الملك و السلطان، فانتهز عليه‌السلام الفرصة لتثبيت قواعد العلم، و نشر ألوية الدين، فقد جمع حوله أكبر عدد من الرواة و طلاب العلم. ان الأحاديث التي نقلت عنه لا تحصي، فقد روي عنه أبان بن تغلب وحده ثلاثين ألف حديث، و محمد بن مسلم ستة عشر ألف حديث. و في هذه الصفحات قبس من حكمه عليه‌السلام: 1 - قال عليه‌السلام: لا يتبع الرجل بعد موته الا ثلاث خصال: صدقة أجراها الله في حياته فهي تجري بعد موته، و سنة هدي يعمل بها، و ولد صالح يدعو له [100] . 2 - و قال عليه‌السلام: من صدق لسانه زكا عمله، و من حسنت نيته زاد الله عزوجل في رزقه، و من حسن بره بأهله زاد الله في عمره [101] . 3 - و قال عليه‌السلام: ان عيال الرجل أسراؤه، فمن أنعم الله عليه فليوسع علي أسرائه، فان لم يفعل يوشك أن تزول تلك النعمة عنه. 4 - و قال عليه‌السلام: ثلاثة من تمسك بهن نال من الدنيا و الآخرة بغيته: من اعتصم بالله، و رضي بقضاء الله، و أحسن الظن بالله. [ صفحه 436] 5 - و قال عليه‌السلام: لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتي تكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين، و حسن التقدير في المعيشة، و الصبر علي الرزايا. 6 - و قال عليه‌السلام: ثلاثة من كن فيه فهو منافق و ان صام و صلي: من اذا حدث كذب، و اذا وعد أخلف، و اذا ائتمن خان. 7 - و قال عليه‌السلام: من أوثق عري الايمان: أن تحب في الله، و تبغض في الله، و تعطي في الله، و تمنع في الله [102] . 8 - و قال عليه‌السلام: لا زاد أفضل من التقوي، و لا شي‌ء أحسن من الصمت، و لا عدو أضر من الجهل، و لا داء أدوي من الكذب. 9 - و قال عليه‌السلام: وجدت علم الناس كلهم في أربعة: أولها: أن تعرف ربك، و الثاني: أن تعرف ما صنع بك، و الثالث: أن تعرف ما أراد منك، و الرابع: أن تعرف ما يخرجك من دينك. 10 - و قال عليه‌السلام: اذا فشت أربعة ظهرت أربعة: اذا ظهر الزنا ظهرت الزلازل، و اذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية، و اذا جار الحاكم في القضاء أمسك القطر من السماء، و اذا خفرت الذمة نصر المشركون علي المسلمين. 11 - و قال عليه‌السلام: تأخير التوبة اغترار، و طول التسويف حيرة، و الاعتلال علي الله هلكة، و الاصرار علي الدنيا أمن لمكر الله، و لا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. 12 - و قال عليه‌السلام: من أيقظ فتنة فهو آكلها. 13 - و قال عليه‌السلام: يهلك الله ستا بست: الأمراء بالجور، و العرب بالمعصية، و الدهاقين [103] بالكبر، و التجار بالخيانة، و أهل الرستاق [104] بالجهل، و الفقهاء بالحسد [105] . [ صفحه 437] 14 - و قال عليه‌السلام: ان الخمر رأس كل اثم، و مفتاح كل شر، و ما عصي الله بشي‌ء أشد من شرب المسكر [106] . 15 - و قال عليه‌السلام: اني لأملق أحيانا فأتاجر الله بالصدقة. 16 - و قال عليه‌السلام: لا يبلغ أحدكم حقيقة الايمان حتي يحب أبعد الخلق منه في الله، و يبغض أقرب الخلق منه في الله [107] . 17 - و قال عليه‌السلام في الخوف و الرجاء: ينبغي للمؤمن أن يخاف الله تعالي كأنه مشرف علي النار، و يرجو الله رجاء كأنه من أهل الجنة. ثم قال عليه‌السلام: ان الله تعالي عند ظن عبده المؤمن، ان خيرا فخيرا، و ان شرا فشرا. 18 - و قال عليه‌السلام: من خاف الله أخاف الله منه كل شي‌ء، و من لم يخف الله أخافه من كل شي‌ء. 19 - و قال عليه‌السلام: الحريص علي الدنيا مثل دودة القز: كلما ازدادت من القز علي نفسها لفا، كان أبعد لها من الخروج حتي تموت غما [108] . 20 - و قال عليه‌السلام: ان صلة الأرحام و البر ليهونان الحساب، و يعصمان من الذنب، فصلوا أرحامكم، و بروا اخوانكم و لو بحسن الجواب، و رد السلام. 21 - و قال عليه‌السلام: ثلاثة من استعملها أفسد دينه و دنياه: من أساء ظنة، و أمكن من سمعه، و أعطي قياده حليلته. 22 - و قال عليه‌السلام: عليك بالنصح لله في خلقه، فأنك لن تلقاه بعمل أفضل منه. 23 - و قال عليه‌السلام: من أعان علي قتل مؤمن و لو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه «آيس من رحمة الله» [109] . [ صفحه 438] 24 - و قال عليه‌السلام: الغضب مفتاح كل شر [110] . 25 - و قال عليه‌السلام: بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، و عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم. 26 - و قال عليه‌السلام: من حب الرجل دينه حبه اخوانه. 27 - و قال عليه‌السلام: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر. 28 - و قال عليه‌السلام: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فاذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا. 29 - و قال عليه‌السلام: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام علي الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب. 30 - و قال عليه‌السلام: حب الدنيا رأس كل خطيئة. 31 - و قال عليه‌السلام: ثلاثة لا يدخلون الجنة: السفاك للدم، و شارب الخمر، و مشاء بنميمة [111] . 32 - و قال عليه‌السلام: من قال لا اله الا الله مخلصا دخل الجنة، و اخلاصه أن تحجزه لا اله الا الله عما حرم الله عزوجل. 33 - و قال عليه‌السلام: من عمل بما علم كفي ما لم يعلم [112] . 34 - و قال عليه‌السلام: ان الذنب يحرم العبد الرزق، و ذلك قوله عزوجل: (انا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) [113] . 35 - و قال عليه‌السلام: أما أنه ليس من عرق يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض [ صفحه 439] الا بذنب، و ذلك قول الله عزوجل في كتابه: (و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفوا عن كثير). ثم قال: و ما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به. 36 - و قال عليه‌السلام: ان في السماء ملكين موكلين بالعباد فمن تواضع لله رفعاه، و من تكبر وضعاه [114] . 37 - و قال عليه‌السلام: لا يزال العبد المؤمن يورث أهل بيته العلم و الأدب الصالح حتي يدخلهم الجنة جميعا، حتي لا يفقد منهم صغيرا و لا كبيرا و لا خادما و لا جارا و لا يزال العبد العاصي يورث أهل بيته الأدب السي‌ء حتي يدخلهم النار جميعا، حتي لا يفقد فيها من أهل بيته صغيرا و لا كبيرا و لا خادما و لا جارا [115] . 38 - و قال عليه‌السلام: من تعلق قلبه بالدنيا تعلق قلبه بثلاث خصال: هم لا يفني و أمل لا يدرك و رجاء لا ينال [116] . [ صفحه 440]

اجوبته

أئمتنا عليهم‌السلام كانوا هم المفزع للمهمات، و الملجأ لحلول المشكلات، و كانت الأمة الاسلامية تختلف اليهم لطلب العلم، و توضيح معالم الدين، و كشف الشبهات، و دفع الشكوك، و استيضاح الأمور المجهولة. كما أن هناك كانت أسئلة ترد عليهم لم يكن لأحد غيرهم علم بجوابها و تفصيلها، و أني لهم العلم بالسماء و سكانها، و الأرض و تخومها، و الكواكب و مداراتها. و كانوا عليهم الصلاة والسلام يستقبلون من يسألهم بالترحيب و التودد، و انبساط الوجه، و الخلق العالي، تشجيعا لهم علي طلب العلم. نذكر في هذه الصفحات بعض أجوبته عليه‌السلام: 1 - سئل عليه‌السلام: أي الجهاد أفضل؟ فقال عليه‌السلام: كلمة حق عند امام جائر [117] . 2 - سئل عليه‌السلام عن رجل دخله الخوف من الله تعالي، حتي ترك النساء، و الطعام، و الطيب، و لا يقدر أن يرفع رأسه الي السماء تعظيما لله تعالي؟ فقال عليه‌السلام: أما قولك في ترك النساء، فقد علمت ما كان لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم منهن، و أما قولك في ترك الطعام الطيب، فقد كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يأكل اللحم و العسل، و أما قولك دخله الخوف من الله حتي لا يستطيع أن يرفع رأسه الي السماء، فانما الخشوع في القلب، و من ذا يكون أخشع و أخوف من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ فما كان [ صفحه 441] هذا يفعل!! و قد قال الله عزوجل: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الأخر) [118] . 3 - سئل عليه‌السلام ما كان في وصية لقمان؟ فقال عليه‌السلام: كان فيها الأعاجيب، و كان من أعجب ما فيها أن قال لابنه: خف الله خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك. ثم قال عليه‌السلام: ما من مؤمن الا و في قلبه نوران: نور خيفة و نور رجاء، لو وزن هذا لم يزد علي هذا، و لو وزن هذا لم يزد علي هذا [119] . 4 - سئل عليه‌السلام: لم حرم الله الربا؟ فقال: لئلا يتمانع الناس المعروف [120] . 5 - سئل عليه‌السلام عن المكارم؟ فقال: صدق اللسان، و أداء الأمانة، و صلة الرحم، و اقراء الضيف، و اطعام السائل، و المكافأة علي الصنائع، و التذمم للصاحب، و رأسهن الحياء [121] . 6 - سأله بعض أصحابه: يا ابن‌رسول الله علي ماذا بنيت أمرك؟ فقال عليه‌السلام: علي أربعة: الأولي: علمت أن عملي لا يعمله غيري فاجتهدت. الثانية: علمت أن الله مطلع علي فاستحييت. الثالثة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنيت. الرابعة: علمت أن آخر أمري الموت فاستعددت [122] . [ صفحه 442] 7 - سأله رجل أن يعلمه ما ينال به خير الدنيا و الآخرة، و أن لا يطول عليه. فقال عليه‌السلام: لا تكذب [123] . 8 - روي أحدهم أنه سأل الامام الصادق عليه‌السلام: من أكرم الخلق علي الله؟ فقال عليه‌السلام: أكثرهم ذكرا لله، و أعملهم بطاعة الله. قلت: فمن أبغض الخلق الي الله؟ قال عليه‌السلام: من يتهم الله. قلت: أحد يتهم الله؟! قال: نعم، من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فيسخط، فذلك يتهم الله. قلت: و من؟ قال: و من يشكو الله. قلت: واحد يشكوه؟! قال: نعم، من اذا ابتلي شكي بأكثر مما أصابه. قلت: ومن؟ قال: اذا أعطي لم يشكر، و اذا ابتلي لم يصبر. قلت: فمن أكرم الخلق علي الله؟ قال: من اذا أعطي شكر، و اذا ابتلي صبر [124] . 9 - سئل عليه‌السلام: لم حرم الله الزنا؟ فقال عليه‌السلام: لما فيه من الفساد، و ذهاب المواريث، و انقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها، و لا المولود يعلم من أبوه، و لا أرحام موصولة، و لا قرابة معروفة. [ صفحه 443] قيل: لم حرم الله اللواط؟ فقال عليه‌السلام: من أجل لو كان اتيان الغلام حلالا لاستغني الرجال عن النساء، فكان فيه قطع النسل، و تعطيل الفروج، و كان في اجازة ذلك فساد كبير [125] . 10 - قال له رجل: أصلحك الله أشرب الخمر شر أم ترك الصلاة؟ فقال عليه‌السلام: شرب الخمر، ثم قال له: أو تدري لم ذاك؟ قال: لا. فقال عليه‌السلام: لأنه - أي شارب الخمر - يصير في حال لا يعرف ربه [126] . 11 - سئل عليه‌السلام: ما الذي يثبت الايمان في العبد؟ قال: الذي يثبته فيه الورع، و الذي يخرجه منه الطمع [127] . 12 - قال عاصم بن حميد: ذاكرت أباعبدالله عليه‌السلام فيما يروون من الرؤية. فقال: الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي، و الكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش، و العرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب، و الحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر، فان كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب [128] . 13 - قال هشام بن الحكم: قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام: ما الدليل علي أن الله واحد؟ قال: اتصال التدبير، و تمام الصنع، كما قال عزوجل: (لو كان فيهما ءالهة الا الله لفسدتا) [129] . [ صفحه 444] 14 - سأله أبوبصير عن قول الله تبارك و تعالي: (اتقوا الله حق تقاته). قال: يطاع و لا يعصي، و يذكر و لا ينسي [130] . 15 - قيل له عليه‌السلام: أين طريق الراحة؟ فقال: في خلاف الهوي. قيل: فمتي يجد عبدالراحة؟ فقال: عند أول يوم يصير به في الجنة [131] . [ صفحه 445]

الكبائر

الذنوب ا لكبائر هي التي شدد الله تبارك و تعالي علي مرتكبيها و أوعد عليها النار؛ و قد اختلف العلماء في عددها، فذهب بعضهم الي أنها سبعة، و أنهاها آخرون الي السبعين. و هذا عمرو بن عبيد - فقيه البصرة - يفزع الي الامام الصادق عليه‌السلام ليعلمه الكبائر مستشهدا عليها من كتاب الله تعالي. و يجيبه الامام عليه‌السلام علي سؤاله مستشهدا عليها من القرآن الكريم تارة، و من حديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم أخري، فكأنه عليه‌السلام قد هيأها له من قبل حين، و احسب أن مهمتنا ليست معرفة هذه الكبائر أو حفظها، بل هو تجنبها و الابتعاد عنها. قال الشيخ رشيد الدين: دخل عمرو بن عبيد علي الامام الصادق عليه‌السلام و قرأ: (ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) و قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله. فقال عليه‌السلام: نعم يا عمرو، ثم فصلها له عليه‌السلام. 1 - الشرك بالله (ان الله لا يغفر أن يشرك به). 2 - اليأس من روح الله (لا يايئس من روح الله الا القوم الكافرون). 3 - عقوق الوالدين، لأن العاق جبار شقي (و برا بوالدتي و لم يجعلني جبارا شقيا). 4 - قتل النفس (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما). [ صفحه 446] 5 - قذف المحصنات (ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الأخرة و لهم عذاب عظيم). 6 - أكل مال اليتيم (ان الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا و سيصلون سعيرا). 7 - الفرار من الزحف (و من يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا الي فئة فقد باء بغضب من الله و مأواه جهنم و بئس المصير). 8 - أكل الربا (الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس). 9 - السحر (و لقد علموا لمن اشتراه ما له في الأخرة من خلاق). 10 - الزنا (و لا تقربوا الزني انه كان فاحشة و ساء سبيلا) (و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما). 11 - اليمين الغموس (الذين يشترون بعهد الله و أيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الأخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر اليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم). 12 - الغلول (و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة). 13 - منع الزكاة (و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوي بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون). 14 - شهادة الزور (و الذين لا يشهدون الزور). 15 - كتمان الشهادة (و من يكتمها فانه ءاثم قلبه). 16 - شرب الخمر، لقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «شارب الخمر كعابد الوثن». 17 - ترك الصلاة، لقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «من ترك الصلاة متعمدا فقد بري‌ء من ذمة الله و ذمة رسوله». [ صفحه 447] 18 - نقض العهد و قطيعة الرحم (و الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار). 19 - قول الزور (و اجتنبوا قول الزور). 20 - الجرأة علي الله (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون). 21 - كفران النعمة (و لئن كفرتم ان عذابي لشديد). 22 - بخس الكيل و الوزن (ويل للمطففين). 23 - اللواط (الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش). 24 - البدعة، لقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «من تبسم في وجه مبتدع؛ فقد أعان علي هدم دينه». فخرج عمرو بن عبيد و له صراخ من بكائه و هو يقول: هلك من سلبكم تراثكم، و نازعكم في الفضل و العلم [132] . [ صفحه 448]

مناظراته

في عصر الامام الصادق عليه‌السلام بدأ المترجمون بنقل الفلسفة من الاغريق، و راجت سوقها بين المتكلمين، كما أن النزعة المذهبية قوت آنذاك، فظهرت علي الشاشة مذاهب جديدة و آراء فقهية، كل هذا ساعد علي كثرة المناظرات بين علماء المسلمين، و في نفس الوقت ظهرت موجة الحادية قوية لا عهد للمسلمين بها من قبل. كان يتزعم هذه الموجة كل من: ابن أبي‌العوجاء، و أبي‌شاكر الديصاني، و عبدالله بن المقفع، و عبدالملك البصري، و قد لعبت هذه الجماعة دورا كبيرا حتي اهتمت الحكومة بوضع حد لنشاطها، فأخذت تتبعهم و تقتل من ظفرت به منهم. و كان المتكلمون، و أرباب المذاهب، و الملاحدة، يقصدون الامام الصادق عليه‌السلام لكشف شبهاتهم، و للمناظرة فيما عندهم، فكان عليه‌السلام يكلم كلا منهم باختصاصه، و يدينه من كلامه، يكلم المسلم بالكتاب و السنة، و الفيلسوف بالفلسفة و الحكمة، و الطبيعي بالطبيعة، و الطبيب بالطب، و ربما ابتدأ غيره بالمناظرة اظهارا للحق، و اقامة للحجة، و قطعا للمعذرة. قال الدكتور الكيالي: و كان موقفه من التنازع و الجدل موقف العالم المناضل، و الفيلسوف المؤمن، القوي بحجته و براهينه، الراجح في عقله و استدلاله، يدافع عن حقيقة الاسلام بما يقره العلم الصحيح، و الايمان الحق، و المنطق الصائب، و يدلي بعلمه و آرائه بصراحة، و يرد علي خصمه بالبلاغة الباهرة، و الأدلة القاطعة [133] . [ صفحه 449] و قال الأستاذ الكبير محمد أبوزهرة: و لقد اشتهرت مناظرات الامام الصادق حتي صار مصدرا للعرفان بين العلماء و كان مرجعا للعلماء في كل ما يعضل عليهم الاجابة عنه من أسئلة الزنادقة و توجيهاتهم، و قد كانوا يثيرون الشك في كل شي‌ء، و يستمسكون بأوهي العبارات، ليثيروا غبارا حول الحقائق الاسلامية و الوجدانية التي هي خاصة الاسلام [134] . و لو جمعنا ما وصل الينا من مناظراته عليه‌السلام لجاءت كتابا مستقلا، فنقتصر بما يناسب حجم هذه السلسلة: 1 - قال الدكتور أحمد أمين: انه ناظر أباحنيفة في الرأي، قال جعفر الصادق لأبي حنيفة: أيهما أعظم: قتل النفس أو الزنا؟ قال: قتل النفس. قال: فان الله قد قبل في قتل النفس شاهدين، و لم يقبل في الزنا الا أربعة. ثم سأله: أيهما أعظم الصلاة أو الصوم؟ قال: الصلاة. قال: فما بال الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة؟ فكيف يقوم لك القياس؟ فاتق الله و لا تقس [135] . 2 - سأل أبوحنيفة عن قوله تعالي: (و الله ربنا ما كنا مشركين). فقال عليه‌السلام: ما تقول فيها يا أباحنيفة؟ فقال: أقول: انهم لم يكونوا مشركين فقال أبوعبدالله عليه‌السلام: قال الله تعالي: (انظر كيف كذبوا علي أنفسهم). فقال: ما تقول فيها يا ابن‌رسول الله؟ فقال عليه‌السلام: هؤلاء قوم من أهل القبلة أشركوا من حيث لا يعلمون [136] . [ صفحه 450] 3 - عن حفص بن غياث: قال: شهدت المسجد الحرام و ابن أبي‌العوجاء يسأل أباعبدالله عليه‌السلام عن قوله تعالي: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) ما ذنب الغير؟ فقال عليه‌السلام: ويحك هي هي، و هي غيرها. قال: فمثل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا؟ فقال عليه‌السلام: نعم، أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها، ثم ردها في طينها فهي هي و هي غيرها [137] . 4 - سأله ابن أبي‌العوجاء: لو كان الأمر كما تقول فما منع الله من الظهور لجميع خلقه، و دعوتهم الي عبادته، حتي لا يصبح اثنان منهم علي خلاف، لماذا اختفي عنهم و مع ذلك أرسل رسلا، لو كان قد ظهر بذاته لكان أسهل الي الاعتقاد به؟! فأجاب جعفر: كيف اختفي عنك من أظهر قدرته في نفسك أنت، و في نمائك الخ... و كان جوابا بليغا حتي قال ابن أبي‌العوجاء لصاحبه: و ظل يحصي لي قدرة الله التي في نفسي، و التي لم أستطع رفضها، حتي ظننت أن الله قد نزل بينه و بيني [138] . 5 - قال الربيع: قرأ هندي عند المنصور كتب الطب، و عنده الصادق عليه‌السلام، فجعل ينصت لقراءته، فلما فرغ قال: يا أباعبدالله أتريد مما معي شيئا؟ قال: لا، لأن معي خير مما هو معك. قال: ما هو؟ قال: أداوي الحار بالبارد، و البارد بالحار، و الرطب باليابس، و اليابس بالرطب. وارد الأمر كله الي الله، و استعمل ما قاله رسول صلي الله عليه و آله و سلم و اعلم أن المعدة بيت الداء، و أن الحمية هي الدواء، و أعود البدن ما اعتاد. [ صفحه 451] قال: و هل في الطب الا هذا! قال الصادق عليه‌السلام: افتراني عن كتب الطب أخذت؟ قال: نعم. فقال عليه‌السلام: لا و الله ما أخذت الا من عند الله سبحانه و تعالي، فأخبرني أنا أعلم بالطب أم أنت؟ قال: بل أنا. قال: فأسألك؟ قال: سل. فسأله عشرين مسألة و هو يقول: لا أعلم. فقال الصادق عليه‌السلام: لكني أعلم، و هذه الأجوبة: كان في الرأس شؤون لأن المجوف اذا كان بلا فصل أسرع اليه الصدع، فاذا جعل ذا فصول كان الصدع منه أبعد. و جعل الشعر فوقه ليوصل بأصوله الأدهان الي الدماغ، و يخرج بأطرافه البخار منه، و يرد الحر و البرد الواردين عليه. و خلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور الي العينين، و جعل فيها التخطيط و الأسارير ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه الانسان عن نفسه، كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه. و جعل الحاجبان من فوق العينين ليردا عليهما من النور قدر كفايتهما. و جعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين، الي كل عين سواء. و جعل العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء، و يخرج منها الداء، و لو كانت مربعة أو مدورة، ما جري فيها الميل، و لا وصل اليها دواء، و لا خرج منها داء. و جعل ثقب الأنف من أسفله لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ، و تصعد فيه الأرايح الي المشام، و لو كان في أعلاه لما نزل داء و لا وجد رائحة. [ صفحه 452] و جعل الشارب و الشفة فوق الفم، ليحبسان ما ينزل من الدماغ عن الفم، لئلا يتنغص علي الانسان طعامه و شرابه، فيميطه عن نفسه. و جعل اللحية للرجل يستغني بها عن الكشف في المنظر، و يعلم بها الذكر من الأنثي. و جعل السن حادا لأن به يقع العض. و جعل الضرس عريضا لأن به يقع الطحن و المضغ. و جعل الناب طويلا لتشد الأضراس و الأسنان، كالأسطوانة في البناء. و خلا الكفان من الشعر لأن بهما اللمس، فلو كان فيهما شعر ما دري الانسان ما يقلبه و يلمسه. و خلا الشعر و الظفر من الحياة لأن طولهما سمج، و قصهما حسن، فلو كان فيهما حياة لألم الانسان قصهما، و كان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس، فجعل رأسه دقيقا ليدخل في الرئة فتروح عنه ببردها، لئلا يشيط الدماغ لحره. و جعلت الرئة قطعتين، ليدخل بين مظاغطها فتروح عنه بحركتها، و كان الكبد حدباء لثقل المعدة، و تقع جميعها عليه فيعصرها، فيخرج ما فيها من البخار. و جعلت الكلية كحبة اللوبياء، لأن عليها مصب المني نقطة بعد نقطة، فلو كانت مربعة أو مدورة احتبست النقطة الأولي الي الثانية، فلا يتلذذ بخروجها الحي، اذ المني ينزل من فقار الظهر، فهي كالدودة تنقبض و تنبسط، ترميه أولا فأولا الي المثانة، كالبندقة من القوس. و جعل طي الركبة الي الخلف لأن الانسان يمشي الي ما بين يديه فتعتدل الحركات، و لو لا ذلك لسقط في المشي. و جعل القدم متخصرة لأن الشي‌ء اذا وقع علي الأرض جميعه ثقل ثقل حجر الرحي، فاذا كان علي حرف رفعه الصبي، و اذا وقع علي وجهه صعب نقله علي الرجل. [ صفحه 453] فقال الهندي: من أين لك هذا العلم؟!! فقال عليه‌السلام: أخذته عن آبائي، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، عن جبرئيل، عن رب العالمين، الذي خلق الأجسام و الأرواح. فقال الهندي: صدقت، و أنا أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله و عبده، و أنك أعلم أهل زمانك [139] . 6 - سأل الزنديق أباعبدالله عليه‌السلام عن مسائل كثيرة، منها: كيف يعبد الخلق الله و لم يروه؟ فقال عليه‌السلام: رأته القلوب بنور الايمان، و أثبتته العقول بيقظتها اثبات العيان، و أبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب، و أحكام التأليف، ثم الرسل و آياتها، و الكتب و محكماتها، و اقتصرت العلماء علي ما رأت من عظمته دون رؤيته. قال الزنديق: أليس هو قادر علي أن يظهر لهم حتي يرون فيعرفون، فيعبد علي يقين؟ فقال عليه‌السلام: ليس للمحال جواب. قال الزنديق: فمن أين أثبت أنبياء و رسلا؟ فقال عليه‌السلام: انا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا و عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه، و لا أن يلامسوه، و لا أن يباشرهم و يباشروه، و يحاجهم و يحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه و عباده، يدلونهم علي مصالحهم و منافعهم، و ما به بقاؤهم، و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن الحكيم العليم في خلقه، و ثبت عند ذلك أن له معبرين، و هم أنبياء الله و صفوته من خلقه، و هم حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين عنه، مشاركين للناس في أحوالهم علي مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة و الدلائل و البراهين و الشواهد: من احياء الموتي، و ابراء الأكمه و الأبرص، فلا تخلو الأرض [ صفحه 454] من حجة يكون معه علم يدل علي صدق مقال الرسول و وجوب عدالته [140] . 7 - سأله الزنديق: أخبرني عن قول الله تعالي: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني و ثلاث و رباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة) و قال في آخر السورة: (و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم فلا تميلوا كل الميل). قال الصادق عليه‌السلام: أما قوله تعالي: (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فانما عني بالنفقة، و قوله تعالي: (و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم) فانما عني بها المودة، فانه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة [141] . 8 - قال هشام بن الحكم: قال أبوشاكر الديصاني: ان في القرآن آية هي قوة لنا قلت: و ما هي؟ فقال: (و هو الذي في السماء اله و في الأرض اله) فلم أدر بما أجيبه، فحججت فخبرت أباعبدالله عليه‌السلام فقال: هذا كلام زنديق خبيث، اذا رجعت اليه فقل له: ما اسمك بالكوفة، فانه يقول: فلان، فقل: ما اسمك بالبصرة؟ فانه يقول: فلان فقل كذلك الله ربنا في السماء اله، و في الأرض اله، و في البحار اله، و في كل مكان اله. قال: فقدمت فأتيت أباشاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز [142] . 9 - ان عبدالله الديصاني أتي هشام بن الحكم فقال له: ألك رب؟ فقال: بلي. قال: قادر. قال: نعم، قادر قاهر. قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها في البيضة، لا يكبر البيضة و لا يصغر الدنيا؟ [ صفحه 455] فقال هشام: النظرة. فقال له: قد أنظرتك حولا، ثم خرج عنه. فركب هشام الي أبي‌عبدالله عليه‌السلام فاستأذن عليه فأذن له، فقال: يا ابن‌رسول الله أتاني عبدالله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها الا علي الله و عليك فقال أبوعبدالله عليه‌السلام: عن ماذا سألك؟ فقال: قال لي: كيت و كيت. فقال أبوعبدالله عليه‌السلام: كم حواسك؟ قال: خمس. فقال: أيها أصغر؟ فقال: الناظر. قال: و كم قدر الناظر؟ قال: مثل العدسة أو أقل منها. فقال: يا هشام فانظر أمامك و فوقك و أخبرني بما تري. فقال: أري سماء و أرضا و دورا و قصورا و ترابا و جبالا و أنهارا. فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام: ان الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة، و لا يصغر الدنيا و لا يكبر البيضة. فانكب هشام عليه يقبل يديه و رأسه و رجليه، و قال: حسبي يا ابن‌رسول الله فانصرف الي منزله، و غدا اليه الديصاني فقال: يا هشام اني جئتك مسلما و لم أجئك متقاضيا. فقال له هشام: ان كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب. فخرج عنه الديصاني فأخبر أن هشاما دخل علي أبي‌عبدالله عليه‌السلام فعلمنا الجواب. فمضي عبدالله الديصاني حتي أتي باب أبي‌عبدالله عليه‌السلام فاستأذن عليه فأذن له فلما قعد قال له: يا جعفر بن محمد دلني علي معبودي. [ صفحه 456] فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام: ما اسمك؟ فخرج عنه و لم يخبره باسمه. فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال: لو كنت قلت له: (عبدالله) كان يقول: من هذا الذي أنت له عبد؟ فقالوا له: عد اليه يدلك علي معبودك و لا يسألك عن اسمك، فرجع اليه و قال له: يا جعفر دلني علي معبودي و لا تسألني عن اسمي. فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام: اجلس، و اذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام: ناولني يا غلام البيضة، فناوله اياها، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام: يا ديصاني هذا حصن حصين مكنون، له جلد غليظ، و تحت الجلد الغليظ جلد رقيق، و تحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة، و فضة ذائبة، فلا الذهبة المايعة تختلط بالفضة الذائبة و لا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المايعة، هي علي حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن اصلاحها، و لا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدري للذكر خلقت أم للأنثي، تنفلق عن أمثال ألوان الطواويس، أتري لها مدبرا؟ فأطرق مليا ثم قال: أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، و أنك أمام و حجة من الله علي خلقه، و أنا تائب مما كنت فيه [143] . 10 - قال بعضهم: كنت أنا و ابن أبي‌العوجاء و عبدالله بن المقفع في المسجد الحرام، فقال ابن‌المقفع: ترون هذا الخلق - و أومأ بيده الي موضع الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانية الا ذلك الشيخ الجالس - يعني جعفر بن محمد عليه‌السلام - فأما الباقون فرعاع و بهائم. فقال له ابن أبي‌العوجاء: و كيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال: لأنني رأيت عنده ما لم أر عندهم. فقال ابن أبي‌العوجاء: لا بد من اختبار ما قلت فيه منه. [ صفحه 457] فقال له ابن‌المقفع: لا تفعل فأني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك. فقال: ليس ذا رأيك، و لكنك تخاف أن يضعف رأيك عندي في احلالك اياه المحل الذي وصفت. فقال ابن‌المقفع: أما اذا توهمت علي هذا فقم اليه، و تحفظ ما استطعت من الزلل، و لا تثن عنانك الي استرسال يسلمك الي عقال، و سمه ما لك أو عليك. قال: فقام ابن أبي‌العوجاء و بقيت أنا و ابن‌المقفع، فرجع الينا فقال: يا ابن‌المقفع ما هذا ببشر، و ان كان في الدنيا روحاني يتجسد اذا شاء ظاهرا و يتروح اذا شاء باطنا فهو هذا. فقال له: و كيف ذاك. فقال: جلست اليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: ان يكن الأمر علي هما يقول هؤلاء و هو علي ما يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا و عطبتم، و ان يكن الأمر علي ما تقولون، و ليس كما تقولون، فقد استويتم أنتم و هم. فقلت له: يرحمك الله و أي شي‌ء نقول و أي شي‌ء يقولون؟ ما قولي و قولهم الا واحد. قال: فكيف يكون قولك و قولهم واحدا، و هم يقولون: ان لهم معادا و ثوابا و عقابا، و يدينون بأن للسماء الها، و أنها عمران، و أنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد. قال: فاغتنمتها منه فقلت له: ما منعه ان كان الأمر كما تقول أن يظهر لخلقه، و يدعوهم الي عبادته حتي لا يختلف منهم اثنان، و لم أحتجب عنهم و أرسل اليهم الرسل؟ و لو باشرهم بنفسه كان أقرب الي الايمان به. فقال لي: ويلك و كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك، نشوءك و لم تكن، و كبرك بعد صغرك، و قوتك بعد ضعفك، و ضعفك بعد قوتك، و سقمك بعد صحتك، و صحتك بعد سقمك و رضاك بعد غضبك، و غضبك بعد رضاك، و حزنك بعد فرحك، و فرحك بعد حزنك، و حبك بعد بغضك، و بغضك بعد حبك، و عزمك [ صفحه 458] بعد ابائك، و ابائك بعد عزمك، و شهوتك بعد كراهتك، و كراهتك بعد شهوتك، و رغبتك بعد رهبتك، و رهبتك بعد رغبتك، و رجائك بعد يأسك، و يأسك بعد رجائك، و خاطرك بما لم يكن في وهمك، و غروب ما أنت معتقده عن ذهنك. و ما زال يعد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتي ظننت أنه سيظهر فيما بيني و بينه [144] . [ صفحه 459]

ادعيته

اشاره

لم ينقل عن أحد من الصحابة و التابعين و العلماء من الأدعية و الأذكار ما نقل عن أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فهي منقبة لم يشاركوا فيها، و كرامة خصصوا بها. قال الأستاذ سيد الأهل: و لم يكن أحد أقدر علي هذه الصناعة - صناعة الدعاء - من أهل البيت [145] . و قد تصدي لجمع أدعيتهم عليهم‌السلام جمع من العلماء، فجاءت في مئات المصنفات، كما شرح آخرون بعض هذه الأدعية، و أشار الي ما تضمنته هذه الآثار النفيسة من العلوم و المعارف الالهية، و أنت سلمك الله اذا علمت بأن السيد علي بن طاووس - رحمه الله - من أعلام القرن السابع - له ما يقرب من عشرين مؤلفا في الدعاء، و جلها مطبوع متداول أدركت ثروة هذه الطائفة من هذه الكنوز واليوم و نحن أحوج ما نكون لهذه الآثار النفيسة كعامل مهم في تقويم الأخلاق، و تهذيب النفوس، و الرقي نحو الكمال. و قد وردت للامام الصادق عليه‌السلام أدعية كثيرة، فقد جمع الحجة المغفور له، الشيخ محمد الحسين المظفري - مؤلف كتاب الامام الصادق عليه‌السلام - أدعية الامام الصادق عليه‌السلام في كتاب مستقل، و هو لا يزال مخطوطا، شأن الكثير من تراثنا النفيس. كما جمع العلامة الشيخ أحمد بن صالح بن طعان البحراني ما وصل اليه من أدعيته عليه‌السلام في كتاب كبير سماه (الصحيفة الصادقية) و هو أيضا لا يزال مخطوطا [146] . [ صفحه 460] و عملا بمنهج كتابنا - الاختصار - نذكر بعض أدعيته عليه‌السلام القصار:

من دعاء له علمه محمد بن ذكوان، يدعو به في شهر رجب

«يا من أرجوه لكل خير، و آمن سخطه عند كل شر، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله؛ و من لم يعرفه تحننا منه و رحمة، أعطني بمسألتي اياك جميع خير الدنيا و جميع خير الآخرة، و اصرف عني بمسألتي اياك جميع شر الدنيا و شر الآخرة، فانه غير منقوص ما أعطيت و زدني من فضلك يا كريم. يا ذاالجلال و الاكرام، يا ذاالنعماء و الجود، يا ذا المن و الطول، حرم شيبتي علي النار» [147] .

من دعاء له 01

«اللهم لك الحمد ان اطعتك، و لك الحجة ان عصيتك، و لا صنع لي و لا لغيري في احسان، و لا حجة لي و لا لغيري في اساءة» [148] .

من دعاء له بعد الفريضة

«اللهم صل علي محمد و آل محمد، اللهم اني أسألك من كل خير أحاط به علمك، و أعوذ بك من كل سوء أحاط به علمك، اللهم اني أسألك العافية في أموري كلها، و أعوذ بك من خزي الدنيا و عذاب الآخرة، و أعوذ بوجهك الكريم، و سلطانك القديم، و عزتك التي لا ترام، و بقدرتك التي لا يمتنع منها شي‌ء من شر الدنيا و عذاب الآخرة، و من شر الأوجاع كلها، و من شر كل دابة هو آخذ بناصيتها ان ربي علي صراط مستقيم، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم، توكلت علي الحي الذي لا يموت، و قل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له ولي من الذل و كبره تكبيرا» [149] . [ صفحه 461]

من دعاء له 02

«الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني و ان كنت بطيئا حين يدعوني، و الحمد لله الذي أسأله فيعطيني و ان كنت بخيلا حين يستقرضني، و الحمد لله الذي أستوجب الشكر علي بفضله و ان كنت قليلا شكري، و الحمد لله الذي وكلني الناس اليه فأكرمني، و لم يكلني اليهم فيهينوني، فرضيت بلطفك يا رب لطفا، و بكفايتك خلفا. اللهم و مال زويت عني مما أحب فاجعله قواما لي فيما تحب، اللهم أعطني ما أحب واجعله خيرا لي، و اصرف عني ما أحب واجعله خيرا لي، اللهم ما غيبت عني من الأمور فلا تغيبني عن حفظك، و ما فقدت فلا أفقد عونك، و ما نسيت فلا أنسي ذكرك، و ما مللت فلا أمل شكرك، عليك توكلت حسبي الله و نعم الوكيل» [150] .

من دعاء له في القنوت

«يا مأمن الخائف و كهف اللاهف، و جنة العائذ، و غوث اللائذ، خاب من اعتمد سواك، و خسر من لجأ الي دونك، و ذل من اعتز بغيرك، و افتقر من استغني عنك، اليك اللهم المهرب، و منك اللهم المطلب، اللهم قد تعلم عقد ضميري عند مناجاتك، و حقيقة سريرتي عند دعائك، و صدق خالصتي باللجأ اليك، فأفزعني اذا فزعت اليك، و لا تخذلني اذا اعتمدت اليك، و بادرني بكفايتك، و لا تسلبني رفق عنايتك، و خذ ظالمي الساعة الساعة أخذ عزيز مقتدر عليه، مستأصل شأفته، مجتث قائمته، حاط دعامته، مثبر له، مدمر عليه، اللهم بادره قبل أذيتي، و اسبقه بكفايتي كيده و شره و مكروهه و غمزه و سوء عقده و قصده، اللهم اني اليك فوضت أمري، و بك تحصنت منه و من كل من يتعمدني بمكروهه، و يترصدني بأذيته و يصلت لي بطانته، و يسعي علي بمكائده، اللهم كد لي و لا تكد علي، و امكر لي و لا تمكر بي، و أرني الثأر من كل عدو أو مكار، و لا يضرني ضار و أنت وليي، و لا يغلبني مغالب و أنت عضدي، و لا تجري علي مساءة و أنت كنفي، اللهم بك استذرعت و اعتصمت، و عليك توكلت، و لا حول و لا قوة الا بك» [151] . [ صفحه 462]

استجابة دعائه

وهب أئمة أهل البيت عليه‌السلام أنفسهم المقدسة لله تعالي، و من أجل اعلاء كلمته، و هداية عباده، فوهبهم الله الكمال و العصمة، و منحهم العلم و المعرفة، و دلهم علي معالي الأخلاق، و أسمي الصفات، ثم فوض اليهم أمر الدين، و جعلهم سدنة له، و القائمين عليه، فتمت نعمه عليهم، و ألطافه اليهم، فلم ينقصهم عما أعطي أنبياءه المرسلين الا النبوة: و كان سبحانه و تعالي مما أعطي أنبياءه و رسله (استجابة الدعاء) و قد قص علينا في كتابه العزيز ذلك، فقال: (و نوحا اذ نادي من قبل فاستجبنا له فنجيناه و أهله من الكرب العظيم) و قال تعالي: (رب نجني و أهلي مما يعملون فنجيناه و أهله أجمعين) و قال تعالي: (و لقد نادانا نوح فلنعم المجيبون و نجيناه و أهله من الكرب العظيم) [152] . و قد وهب سبحانه للأئمة عليهم‌السلام ذلك، فجل من ترجم لهم ذكر ذلك، و نقل بعض ما ورد لكل منهم عليهم‌السلام. و قال أهل التاريخ و السير في الامام الصادق عليه‌السلام: و كان مجاب الدعوة، فاذا سأل الله شيئا لا يتم قوله الا و هو بين يديه [153] . و قال زيد الشحام: اني لأطوف حول الكعبة و كفي في كف أبي‌عبدالله عليه‌السلام، فقال ودموعه تجري علي خديه: يا شحام ما رأيت ما صنع ربي الي، ثم بكي و دعا ثم [ صفحه 463] قال: يا شحام اني طلبت الي الهي في سدير، و عبدالسلام بن عبدالرحمن، و كانا في السجن، فوهبهما لي، و خلي سبيلهما [154] . نسجل في هذه الصفحات بعض ما ذكره المؤرخون من استجابة دعائه عليه‌السلام: 1 - لما قال الحكم بن عباس الكلبي - شاعر بني أمية -: صلبنا لكم زيدا علي جذع نخلة و لم نر مهديا علي الجذع يصلب و قستم بعثمان عليا سفاهة و عثمان خير من علي و أطيب فبلغ قوله أباعبدالله عليه‌السلام، فرفع يديه الي السماء و هما يرتعشان و هو يقول: «اللهم ان كان عبدك كاذبا فسلط عليه كلبك». فبعثه بنوأمية الي الكوفة فافترسه الأسد، و اتصل خبره بالصادق فخر ساجدا و قال: «الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا» [155] . 2 - قال عبدالله بن أبي‌ليلي: كنت بالربذة مع المنصور و كان قد وجه الي أبي عبدالله، فأتي به، فلما جي‌ء به صاح المنصور: عجلوا به قتلني الله ان لم أقتله، فأدخل عليه مع عدة جلاوزة، فلما انتهي الي الباب رأيته قد تحركت شفتاه و دخل، فلما نظر اليه المنصور قال: مرحبا يا ابن‌رسول الله، فما زال يرفعه حتي أجلسه علي وسادته، ثم خرج فسألته عما قاله عند دخوله علي المنصور؟ فقال: اني قلت «ما شاء الله، ما شاء الله، لا يأتي بالخير الا الله، ما شاء الله ما شاء الله، كل نعمة فمن الله، ما شاء الله و لا حول و لا قوة الا بالله» [156] . 3 - لما قتل داود بن علي - والي المدينة - المعلي بن خنيس [157] و أخذ ماله [ صفحه 464] دخل عليه الامام عليه‌السلام و هو يجر رداءه، فقال له: قتلت مولاي و أخذت ماله، أما علمت أن الرجل ينام علي الثكل و لا ينام علي الحرب؟ أما والله لأدعون عليك. فقال له داود: أتهددنا بدعائك؟! كالمستهزي‌ء بقوله. فخرج أبوعبدالله عليه‌السلام الي داره، فلم يزل ليله كله قائما و قاعدا، حتي اذا كان السحر سمع و هو يقول في مناجاته: «يا ذاالقوة القوية، و يا ذاالمحال الشديد، و يا ذاالعزة التي كل خلقك لها ذليل، اكفني هذا الطاغية و انتقم لي منه». فما كانت الا ساعة حتي ارتفعت الأصوات بالصياح، و قيل: مات داود بن علي [158] . و قال الشيخ الكليني عليه الرحمة: انه قال في دعائه علي داود بن علي: «اللهم اني أسألك بنورك الذي لا يطفي، و بعزائمك التي لا تخفي، و بعزك الذي لا ينقضي و بنعمك التي لا تحصي، و بسلطانك الذي كففت به فرعون عن موسي» [159] . 4 - جاءه شيخ و هو تحت الميزاب في البيت، و معه جماعة من أصحابه، فسلم عليه ثم قال: يا ابن‌رسول الله اني أحبكم أهل البيت، و أتبرأ من عدوكم، و اني بليت ببلاء شديد، و قد أتيت البيت متعوذا مما أجد، ثم بكي و أكب علي الصادق يقبل رأسه و رجليه، و الصادق يتنحي عنه، فرحمه و بكي، ثم قال: هذا أخوكم و قد أتاكم متعوذا بكم، فارفعوا أيديكم، فرفع القوم أيديهم، ثم قال: «اللهم انك خلقت هذه الأنفس من طينة أخلصتها و جعلت منها أولياءك و أولياء أوليائك و ان شئت أن تنحي عنهم الآفات فعلت، اللهم و قد تعوذنا ببيتك الحرام الذي يأمن به كل شي‌ء، و قد تعوذ بنا، و أنا أسألك يا من احتجب بنوره عن خلقه، أسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين، يا غاية كل محزون و ملهوف و مكروب و مضطر و مبتلي، أن تؤمنه [ صفحه 465] بأمننا مما يجد، و أن تمحو من طينته مما قدر عليها من البلاء، و أن تفرج كربته يا أرحم الراحمين». فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل، فلما بلغ باب المسجد رجع و بكي، ثم قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، و الله ما بلغت باب المسجد و ليس بي مما أجد قليل و لا كثير [160] . 5 - جاءته امرأة فقالت له: جعلت فداك أبي و أمي و أهل بيتي نتولاكم. فقال: صدقت، فما الذي تريدين؟ قالت: جعلت فداك يا ابن‌رسول الله، أصابني وضح في عضدي، فادع الله أن يذهبه عني. فقال عليه‌السلام: «اللهم انك تبري‌ء الأكمه و الأبرص، و تحيي العظام و هي رميم، ألبسها عفوك و عافيتك». فقالت المرأة: والله لقد قمت و ما بي منه قليل و لا كثير [161] . 6 - استحال وجه (يونس) الي البياض، فنظر الصادق عليه‌السلام الي جبهته فصلي ركعتين، ثم حمد الله و أثني عليه، و صلي علي النبي و آله ثم قال: «يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحمن يا رحمن، يا رحيم يا رحيم يا رحيم، يا أرحم الراحمين، يا سميع الدعوات، يا معطي الخيرات، صل علي محمد و علي أهل بيته الطاهرين الطيبين، و اصرف عني شر الدنيا و شر الآخرة، و اذهب عني ما بي، فقد غاظني ذلك و أحزنني». قال: فوالله ما خرجنا من المدينة حتي تناثر عن وجهه مثل النخالة و ذهب [162] . [ صفحه 466] 7 - سأله حماد بن عيسي أن يدعو الله بأن يرزقه ما يحج به كثيرا، و أن يرزقه ضياعا حسنة، و دارا حسنة، و زوجة حسنة من أهل البيوتات صالحة، و أولادا أبرارا. فدعا الصادق عليه‌السلام بما طلب، و قيد الحج بخمسين حجة، فرزقه الله جميع ما سأله، و حج خمسين حجة، و لما ذهب في الواحدة و الخمسين و انتهي الي وادي الجحفة - بين مكة و المدينة - جاءه السيل فأخذه، فأخرجه غلمانه ميتا فسمي (حماد غريق الجحفة) [163] . 8 - من دعاء له عليه‌السلام و قد استدعاه المنصور، فكفي شره: «اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، و اكنفني بركنك الذي لا يرام، و اغفر لي بقدرتك علي، و لا أهلك و أنت رجائي، اللهم أنت أكبر و أجل مما أخاف و احذر، اللهم بك ادفع في نحره، و استعيذ بك من شره» [164] . 9 - من دعاء له عليه‌السلام، قبل دخوله علي المنصور و كان قد طلبه، فكفاه الله شره: «حسبي الرب من المربوبين، و حسبي الخالق من المخلوقين، و حسبي الرازق من المرزوقين، و حسبي الله رب العالمين، حسبي من هو حسبي، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم» [165] . [ صفحه 467]

شعره

الشعر مرآة النفس، ينعكس ما فيها و ما انطوت عليه من خير أو شر، و ما تخفيه الجوانح من فضيلة أو رذيلة، و للباحثين اعتماد كبير علي الشعر في تحليلهم للشخصيات، فعلي ضوئه يحكمون لهم أو عليهم. و أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، و هم مثال للكمال الالهي، و العرفان المحمدي، تجسدت فيهم الفضيلة، و انطبعت نفوسهم علي الخلق العالي، و الصفات الحميدة، ورثهم جدهم الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم خلقه و سجاياه، فجبلوا علي الخير، و تجسدت فيهم معالي الأخلاق، فكان كلامهم حكمة، و نطقهم عظة، و كذلك الشعر المنسوب اليهم عليهم‌السلام فانه يدور في فلك: الأخلاق، الكمال، الوعظ، الارشاد، التذكير بالموت. الي غير ذلك من الأخلاق و الآداب. و في هذه الصفحات بعض ما ورد له عليه‌السلام من الشعر: 1 - قال عليه‌السلام في المعصية: تعصي الاله و أنت تظهر حبه هذا لعمرك في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لأطعته ان المحب لمن أحب مطيع [166] . 2 - و له عليه‌السلام في الصبر: و اذا بليت بعسرة فاصبر لها صبر الكريم فان ذلك احزم لا تشكون الي العباد فانما تشكو الرحيم الي الذي لا يرحم [ صفحه 468] 3 - كان رجل من التجار يختلف اليه، و يعرفه بحسن الحال، فتغيرت حاله، فجعل يشكو اليه، فقال عليه‌السلام: فلا تجزع و ان أعسرت يوما فقد أيسرت في زمن طويل و لا تيأس فان اليأس كفر لعل الله يغني عن قليل و لا تظنن بربك ظن سوء فان الله أولي بالجميل [167] . 4 - و له عليه‌السلام في الوفاء: و فينا يقينا يعد الوفاء و فينا تفرخ أفراخه رأيت الوفاء يزين الرجال كما زين العذق شمراخه [168] . 5 - و له عليه‌السلام في التحذير و الترغيب: أتأمن النفس النفيسة ربها فليس لها في الخلق كلهم ثمن بها يشتري الجنات ان أنا بعتها بشي‌ء سواها ان ذلكم غبن اذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها فقد ذهبت نفسي و قد ذهب الثمن [169] . 6 - قال له الثوري: يا ابن‌رسول الله اعتزلت الناس؟ فقال عليه‌السلام: يا سفيان فسد الزمان، و تغير الاخوان، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد، ثم قال: ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب و الناس بين مخاتل و موارب يفشون بينهم المودة و الصفا و قلوبهم محشوة بعقارب [170] . [ صفحه 469] 7 - و له عليه‌السلام في التذكير بالموت: اعمل علي مهل فانك ميت و اختر لنفسك أيها الانسان فكأن ما قد كان لم يك اذ مضي و كأنما هو كائن قد كان [171] . [ صفحه 470]

مع المنصور العباسي

عاصر الامام الصادق عليه‌السلام الدولتين: الأموية و العباسية، و تحمل منهما ما تحمل، و لكن أشد دور مر عليه هو حكم المنصور العباسي، فقد حبس بعض أصحابه [172] ، و قتل آخرين منهم [173] ، مضافا لفتكه بالطالبيين [174] ، و أشخص الامام عليه‌السلام الي الربذة، و العراق في نوب مختلفة. و علي أي حال، فالسنوات العشر التي مرت علي الامام الصادق عليه‌السلام من حكم المنصور كانت أشد سنين مرت عليه، و قد قصده فيها بالقتل مرارا و يصرفه الله عنه. قال المفضل بن عمر: ان المنصور قد كان هم بقتل أبي‌عبدالله غير مرة، فكان اذا بعث اليه و دعاه ليقتله، فاذا نظر اليه هابه و لم يقتله [175] . و قد يتساءل عن سبب شدة المنصور و قسوته علي الامام الصادق عليه‌السلام، مع أن علماء السير اجمعوا علي انصراف الامام عليه‌السلام عن الملك و الرئاسة [176] . نعم، كان سبب شدة المنصور و قسوته علي الامام عليه‌السلام، هو الحسد له، و لما يبلغه من علمه و فضله، ثم لعلمه بأحقيته للخلافة، و ان وجوده بين ظهراني الأمة الاسلامية - مع اعراضه عن الملك و السلطان - أكبر مزاحم له. [ صفحه 471] و في الوقت الذي نجد فيه المنصور شديدا علي أبي‌عبدالله عليه‌السلام، نجده صلوات الله عليه غير عابي‌ء به، لم ترهبه قسوته و بطشه، فقد أخذ عليه‌السلام علي عاتقه نشر العلم، و رفع راية الاسلام، و استغل الزمن - حتي أسفاره - للحديث، و قد مرت عليك كلمة الحسن بن علي الوشا في مشاهدته بالكوفة تسعمائة شيخ كلهم يروي عن جعفر بن محمد. و كان له عليه‌السلام مع المنصور نهج خاص في تعريته للملأ المسلم، و مجابهته بما يكره، ليعلم الأمة الاسلامية علي معارضة الظالمين مهما عتوا و تجبروا، و علي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و الجهاد باللسان، و قد سئل عليه‌السلام: أي الجهاد أفضل؟ فقال عليه‌السلام: كلمة حق عند امام ظالم [177] . نذكر بعض ما وقع بين الامام عليه‌السلام و المنصور: 1 - قال أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي: وقع الذباب علي المنصور فذبه حتي أضجره، فدخل عليه جعفر بن محمد؛ فقال له المنصور: يا أباعبدالله لم خلق الله تعالي الذباب؟ فقال عليه‌السلام: ليذل به الجبابرة [178] . 2 - قال ابن‌حمدون في التذكرة: كتب المنصور الي جعفر بن محمد: ألا تخشانا كما يخشانا سائر الناس؟ فأجابه عليه‌السلام: ليس لنا ما نخافك من أجله، و لا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له، و لا أنت في نعمة فنهنئك، و لا تراها في نقمة فنعزيك بها، فما نصنع عندك؟ فكتب اليه: تصحبنا لتنصحنا. [ صفحه 472] فأجابه عليه‌السلام: من أراد الدنيا لا ينصحك، و من أراد الآخرة لا يصحبك. فقال المنصور: والله لقد ميز عندي منازل الناس: من يريد الدنيا، ممن يريد الآخرة [179] . 3 - قال له - علي لسان الرسول -: فان كففت و الا أجريت اسمك علي الله عزوجل في كل يوم خمس مرات [180] . 4 - قال له: انه لم ينل أحد منا أهل البيت دما الا سلبه الله ملكه [181] . و بقي شبح الامام الصادق عليه‌السلام مخيفا للمنصور، حتي دس اليه سما فقتله [182] . [ صفحه 473]

كلمات العلماء و العظماء

بامكان الباحث أن يؤلف كتابا كبيرا في الامام الصادق عليه‌السلام، يقتصر فيه علي جمع كلمات العلماء و العظماء في الامام عليه‌السلام، و ما كتب عنه من بحوث، و كتب، و ليس ذلك بكثير علي رجل بلغ تلامذته أكثر من أربعة آلاف، و نشر من العلوم و الفنون ما ملأ به الدنيا، و وضع الأسس لكثير من العلوم الحديثة، مضافا لما أخذ عنه من الفقه، و الحديث، و التفسير، و غيرها من علوم الشريعة. و تمشيا مع خطتنا في الاختصار، نذكر: 1 - قال زيد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام: في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به علي خلقه، و حجته في زماننا ابن أخي جعفر بن محمد، لا يضل من تبعه، و لا يهتدي من خالفه [183] . 2 - قال أبوحنيفة: - أمام المذهب - جعفر بن محمد أفقه من رأيت [184] . و قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد [185] . و قال أيضا: لولا السنتان لهلك النعمان. يشير الي السنتين اللتين صحب فيهما لأخذ العلم عن الامام الصادق رضي الله عنه [186] . [ صفحه 474] و سأله مرة عن بعض المسائل - بمحضر من المنصور العباسي - فأجابه الامام عليه‌السلام عنها قائلا: أنتم - يريد أهل الكوفة - تقولون كذا، و أهل المدينة يقولون كذا. ثم يبين بعدها رأيه، فقد يوافق أحدهما، أو يخالفهما، فكان أبوحنيفة يقول بعد ذلك: ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس [187] . و سأله رجل: يا أباحنيفة ما تقول في رجل وقف ماله للامام، فمن يكون المستحق؟ قال: المستحق: جعفر الصادق، لأنه أمام الحق [188] . 3 - قال مالك بن أنس: - أمام المذهب - جعفر بن محمد اختلفت اليه زمانا، فما كنت أراه الا علي احدي ثلاث: اما مصل، و اما صائم، و اما يقرأ القرآن [189] . و قال: ما رأت عين، و لا سمعت أذن، و لا خطر علي قلب بشر، أفضل من جعفر بن محمد الصادق علما و عبادة و ورعا [190] . و قال: و كان من عظماء العباد، و أكابر الزهاد الذين يخشون الله عزوجل [191] . 4 - قال عمرو بن المقدام: كنت اذا نظرت الي جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين [192] . 5 - وقف أبوشاكر الديصاني ذات يوم علي مجلس أبي‌عبدالله عليه‌السلام فقال له: انك لأحد النجوم الزواهر، و كان آباؤك بدورا بواهر، و أمهاتك عقيلات عباهر، [ صفحه 475] و عنصرك من أكرم العناصر، و اذا ذكر العلماء فعليك تثني الخناصر، فخبرنا يا أيها البحر الزاخر الخ [193] . 6 - قال عبدالله بن المقفع: ترون هذا الخلق - و أومأ بيده الي موضع الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانية الا ذلك الشيخ الجالس - يعني الصادق عليه‌السلام [194] . 7 - قال المنصور العباسي لابن مهاجر: اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة الا فيه محدث، و ان جعفر بن محمد محدثنا اليوم [195] . و قال أيضا: انه ممن اصطفاه الله، و كان من السابقين في الخيرات [196] . و قال مخاطبا له: لا نزال من بحرك نغترف، و اليك نزدلف، تبصر من العمي، و تجلو بنورك الطخياء، فنحن نعوم في سحاب قدسك، و طامي بحرك [197] . و قال أيضا: سيد أهل البيت و عالمهم، و بقية الأخيار منهم [198] . و قال أيضا: انه ممن يريد الآخرة لا الدنيا [199] . و يقول لحاجبه الربيع: و هؤلاء من بني فاطمة لا يجهل حقهم الا جاهل لاحظ له في الشريعة [200] . و قال أيضا: هذا الشجا المعترض في حلقي من أعلم الناس في زمانه [201] . [ صفحه 476] و يقول لاسماعيل بن علي بن عبدالله بن العباس: ان جعفرا كان ممن قال الله فيه: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) و كان ممن اصطفي الله، و كان من السابقين في الخيرات [202] . 8 - قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: هو من عظماء أهل البيت و ساداتهم عليهم‌السلام ذو علوم جمة و أوراد متواصلة، و زهادة بينة، و تلاوة كثيرة يتبع معاني القرآن الكريم، و يستخرج من بحر جواهره، و يستنتج عجايبه، و يقسم أوقاته علي أنواع الطاعات بحيث يحاسب نفسه، رؤيته تذكر الآخرة، و استماع كلامه يزهد في الدنيا، و الاقتداء بهديه يورث الجنة [203] . 9 - قال أبوالفتح محمد بن عبدالكريم الشهرستاني: جعفر بن محمد الصادق، و هو ذو علم غزير في الدين، و أدب كامل في الحكمة، و زهد بالغ في الدنيا، و ورع تام عن الشهوات، و قد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين اليه، و يفيض علي الموالين له أسرار العلوم [204] . 10 - قال علي بن محمد بن أحمد المالكي - ابن‌الصباغ -: كان من بين أخوته خليفة أبيه و وصيه، و القائم بالامامة من بعده. برز علي جماعتهم بالفضل، و كان أنبههم ذكرا و أجلهم قدرا. و قال: نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، و انتشر صيته و ذكره في سائر البلدان، و لم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث. و قال: مناقب أبي‌عبدالله جعفر الصادق عليه‌السلام فاضلة، و صفاته في الشرف كاملة، و شرفه علي جبهات الأيام سائلة، و أندية المجد و العز بمفاخره و مآثره آهلة [205] . 11 - قال فريد الدين العطار: ذلك سلطان الملة الصفوية، ذلك برهان الحجة [ صفحه 477] النبوية، ذلك العامل الصديق، ذلك عالم التحقيق، ذلك فاكهة قلوب الأنبياء، ذلك قلب سيد الرسل، ذلك النافذ العلي، ذلك وارث النبي، ذلك العارف العاشق، ذلك جعفر الصادق [206] . 12 - قال أحمد شهاب الدين الخفاجي: جعفر بن محمد، روي عنه كثيرون: كمالك بن أنس، و السفيانيين، و ابن‌جريح، و ابن‌اسحاق، و اتفقوا علي امامته و جلالته و سيادته، ولد سنة 80 ه، و توفي سنة 148 ه، قيل مسموما. و ثقة في روايته الشافعي، و ابن‌معين، و أبوحاتم، و الذهبي، و هو من فضلاء أهل البيت و علمائهم عليهم‌السلام [207] . 13 - قال جمال الدين أبوالمحاسن يوسف بن تعزي الأتابكي: الامام السيد أبوعبدالله الهاشمي العلوي الحسيني المدني. يقال: مولده سنة 80 من الهجرة، و هو من الطبقة الخامسة من تابعي أهل المدينة، و كان يلقب بالصابر، و الفاضل، و الطاهر، و أشهر ألقابه الصادق. و قال: و حدث عنه أبوحنيفة، و ابن‌جريح، و شعبة، و السفيانيان، و مالك، و غيرهم. و عن أبي‌حنيفة قال: ما رأينا أفقه من جعفر بن محمد [208] . 14 - قال عبدالله بن أسعد اليافعي: الامام السيد الجليل، سلالة النبوة، و معدن الفتوة، أبوعبدالله جعفر الصادق... و انما لقب بالصادق لصدقه في مقالته، و له كلام نفيس في علم التوحيد و غيرها، و قد ألف تلميذه جابر بن حيان كتابا يشتمل علي ألف ورقة يتضمن رسائله و هي خمسمائة رسالة [209] . 15 - قال عبدالله الشبراوي الشافعي: السادس من الأئمة جعفر الصادق ذوالمناقب الكثيرة، و الفضائل الشهيرة. [ صفحه 478] روي عنه الحديث أئمة كثيرون، مثل مالك بن أنس، و أبي‌حنيفة،: و يحيي بن سعيد، و ابن‌جريح، و الثوري، و ابن‌عيينة، و شعبة و غيرهم رضي الله عنهم. ولد رضي الله عنه بالمدينة المنورة سنة 80 من الهجرة، و غرر فضائله و شرفه علي جبهات الأيام كاملة، و أندية المجد و العز بمفاخره و مآثره آهلة، توفي رضي الله عنه سنة 148 ه [210] . 16 - قال عبدالرحمن بن محمد الحنفي البسطامي: جعفر بن محمد ازدحم علي بابه العلماء، و اقتبس من مشكاة أنواره الأصفياء، و كان يتكلم بغوامض الأسرار، و علو الحقيقة و هو ابن‌سبع سنين [211] . 17 - قال محمد بن حبان البستي: جعفر بن محمد الذي يقال له: الصادق من سادات أهل البيت و عبادهم، و من اتباع التابعين، و علماء أهل المدينة [212] . 18 - قال محمد أمين البغدادي السويدي: جعفر الصادق كان من بين أخوته خليفة أبيه و وصيه، نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن غيره، و كان اماما في الحديث... و مناقبه كثيرة [213] . 19 - قال: ش. سامي: استمر علي حلقة تدريس و افادات جعفر الصادق الامام الأعظم أبوحنيفة، و استفاد منه أولا في المعارف الظاهرية و الباطنية، و كان للامام اليد الطولي في الجبر والكيمياء، و الالمام بسائر العلوم، و كان ممن تلمذ علي يد الامام موجد فن الكيمياء جابر، لم يكن له نظير في الزهد والتقوي و القناعة و حسن الأخلاق، و لصدق حسبه سمي بالصادق. و قال: و عرض أبومسلم الخراساني الخلافة ابتداء علي الامام جعفر الصادق فلم يقبلها [214] . 20 - قال محمد الخضري: أبوعبدالله جعفر الصادق، كان من سادات أهل [ صفحه 479] البيت، و لقب بالصادق لصدقه في مقالته، ولد سنة ثمانين للهجرة، و روي عنه مالك بن أنس، و أبوحنيفة، و كثيرون من علماء المدينة [215] . 21 - قال محمد فريد وجدي: كان من سادات أهل البيت النبوي، لقب بالصادق لصدقه في كلامه، كان من أفاضل الناس، و له مقالات في صناعة الكيمياء، و كان تلميذه أبوموسي جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألف كتابا يشتمل علي ألف ورقة، يتضمن رسائل جعفر و هي خمسمائة رسالة [216] . 22 - قال الدكتور أحمد أمين بعد كلام طويل في علمه و مدرسته و الرواة عنه: و علي الجملة: فقد كان جعفر من أعظم الشخصيات ذوي الأثر في عصره و بعد عصره، و قد مات في العام العاشر من حكم المنصور [217] . 23 - قال عبدالعزيز سيد الأهل: مفخرة من مفاخر المسلمين لم تذهب قط، و انما بقي منها في كل غد قادم حتي القيامة صوت صارخ من حروفها: يعلم الزهاد زهدا، و يكسب العلماء علما، و يهدي‌ء المضطرب، و يشجع المقتحم، يهد الظلم، و يبني للعدالة، و هو ينادي المسلمين جميعا: أن هلموا فاجتمعوا، و ان قوما لم يختلفوا في ربهم و في كتابهم و في نبيهم لمجموعون - مهما اختلفوا - في يوم قريب [218] . 24 - قال الدكتور عبدالرحمن الكيالي: و كان الامام أبوعبدالله جعفر الصادق نموذجا كاملا جامعا لمحامد الرسول و آل بيته، و صفوة لامعة لبنيه، و أئمة أهل البيت من بعده؛ و كلهم كانوا يمثلون في حياتهم حقائق الاسلام ظاهرا و باطنا [219] . [ صفحه 480] 25 - قال خير الدين الزركلي: كان من أجلاء التابعين، و له منزلة رفيعة في العلم، أخذ عنه جماعة، منهم الامامان: أبوحنيفة، و مالك. و لقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العباس، و كان جريئا عليهم، صداعا بالحق الخ [220] . [ صفحه 481]

خاتمة المطاف

هذه دراسة موجزة لحياة الامام العظيم أبي‌عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام، تتناسب و حجم هذه السلسلة قدمناها بين يديك كفهرس صغير لحياته عليه‌السلام، و دليل مختصر لترجمته. و اذا كانت ناحية من نواحي الامام الصادق هي: - الامام الصادق و المذاهب الأربعة - كتب فيها العلامة الشيخ أسد حيدر ثمانية أجزاء و لما ينته منها، فما بالك بالاحاطة بجميع جوانب حياته صلوات الله عليه، فان ذلك يحتاج الي مئات المجلدات. و حسبنا ما في هذا الكتيب - علي صغره - من حياة الامام الصادق عليه‌السلام لو أخذناها للعمل و التطبيق، و استلهمنا منها العظات و الدروس، ففيها البلسم الناجح لأمراضنا الاجتماعية، و الترياق المجرب لأدوائنا الخلقية، والله من وراء القصد و هو الموفق للصواب.

پاورقي

[1] أنظر (شرح نهج‌البلاغة)1 / 6 حيث أرجع ابن أبي‌الحديد فقه أئمة المذاهب اليه.
[2] روي عنه أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث، و محمد بن مسلم ستة عشر ألف حديث.
[3] لا يخلو تفسير من تفاسير الشيعة من الرواية عنه.
[4] انظر (الأخلاق عند الامام الصادق) للشيخ محمد أمين زين‌الدين.
[5] انظر (فلسفة الامام الصادق) للشيخ محمد جواد الجزائري.
[6] انظر (الهيئة و الاسلام) للسيد هبة الدين الشهرستاني.
[7] انظر (طب الامام الصادق) للشيخ محمد الخليلي.
[8] انظر (الامام الصادق ملهم الكيمياء) للدكتور محمد يحيي الهاشمي.
[9] الجعد من الشعر خلاف السبط. [
[10] الشمم: ارتفاع قصبة الأنف و حسنها، و ارتفاعها من أعلاها، و انتصاب الأرنبة - طرف الأنف - و يكني به عن الاباء.
[11] الامام الصادق لمحمد أبي‌زهرة، ص 75.
[12] الصادق: 1 / 153.
[13] انظر فصل مدرسته من هذا الكتاب.
[14] انظر الفهرست للشيخ الطوسي، و رجال النجاشي و جامع الرواة للأردبيلي، و الذريعة للطهراني، و الامام الصادق و المذاهب الأربعة لأسد حيدر؛ و الظاهر أن الأصول الأربعمائة جلها لتلاميذه عليه‌السلام.
[15] ذكر أهل السير: أن المنصور العباسي كتب الي عامله علي المدينة، أن ينظر الي من أوصي اليه الصادق عليه‌السلام فيقدمه و يضرب عنقه، و لما كتب اليه بأسماء الأوصياء قال: ليس الي قتل هؤلاء من سبيل و هنا يظهر الغرض من هذه الوصية.
[16] انظر كتابنا الامام المهدي عليه‌السلام.
[17] الارشاد 289.
[18] الارشاد 271.
[19] كفاية الأثر.
[20] كفاية الأثر.
[21] بحارالأنوار: 11 / 108.
[22] انظر الكتاب الأول من هذه السلسلة.
[23] انظر الكتاب الرابع من هذه السلسلة ص 16.
[24] مطالب السؤول: 2 / 55.
[25] كشف الغمة 240.
[26] حلية الأولياء: 3 / 192.
[27] تذكرة الخواص 192.
[28] انظر كتابه (جعفر بن محمد ص 6).
[29] تهذيب التهذيب: 2 / 105 حياة الامام الصادق عليه‌السلام للسبيتي 71، أشعة من حياة الامام الصادق عليه‌السلام: 3 / 58.
[30] أعيان الشيعة 4 ق، 2 / 138.
[31] روضة الكافي 87 الامام الصادق لأبي‌زهرة 82، الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 47 الصادق للمظفري: 1 / 259. أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 136، الوسائل: 11 / 211.
[32] الصادق المظفري: 1 / 269.
[33] روضة الكافي 16.
[34] الصادق للمظفري: 1 / 366. قال المظفري رحمه الله: لعله عني في الذل الكبير القتل، و الذل الصغير الطلب و الخطاب.
[35] أعيان الشيعة 4 ق، 2 / 136. الصادق للمظفري: 1 / 264.
[36] الامام الصادق لأبي‌زهرة 81 الصادق للمظفري: 1 / 259؛ الامام الصادق و المذاهب الأربعة:4 / 38، أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 140.
[37] المناقب: 2 / 345، الصادق للمظفري: 1 / 267، الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 2 / 35 و أشار اليها الأستاذ أبوزهرة في كتابه الامام الصادق، ص 81.
[38] الامام الصادق و المذاهب الأربعة:4 / 39.
[39] المناقب: 2 / 345 مثير الأحزان 250 أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 225.
[40] أشعة من حياة الصادق: 3 / 58.
[41] انظر كتابه جعفر بن محمد 59.
[42] الصواعق المحرقة 199.
[43] حلية الأولياء: 3 / 199.
[44] أخبار الدول 112.
[45] شرح الشفاء: 1 / 124.
[46] النجوم الزاهرة: 2 / 9.
[47] جوهرة الكلام: 118.
[48] نور الأبصار: 210.
[49] تهذيب الأسماء و اللغات: 1 / 149.
[50] الامام الصادق لأبي‌زهرة 66.
[51] مختصر تاريخ العرب و التمدن الاسلامي 179.
[52] ضحي الاسلام: 3 / 264.
[53] شرح نهج‌البلاغه:1 / 6.
[54] مختصر التحفة الاثني عشرية للألوسي ص 8. راجع فصل الامام الصادق في نظر العلماء و العظماء، تجد كلمات أئمة المذاهب في الامام عليه‌السلام.
[55] أشعة من حياة الصادق 41.
[56] المناقب: 2 / 324. الذكري للشهيد. كشف الغمة 226 أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 171.
[57] أعلام الوري 277.
[58] المعتبر.
[59] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 171.
[60] الرجال للنجاشي 31 ضحي الاسلام: 3 / 263.
[61] مطالب السؤول: 2 / 55.
[62] الدلائل و المسائل، ص 52.
[63] انظر فهرست ابن‌النديم 514 و أعيان الشيعة: 15 / 116.
[64] وفيات الأعيان: 1 / 291.
[65] دائرة المعارف: 6 / 478.
[66] أشعة من حياة الصادق 36.
[67] الاعلام: 1 / 186.
[68] حياة الصادق للسبيتي، ص 16.
[69] مرآة الجنان: 1 / 304.
[70] أشعة من حياة الصادق 39.
[71] أعيان الشيعة: 15 / 116.
[72] انظر كتابه (الامام الصادق) ص 102.
[73] المصدر 7 ص 250.
[74] دائرة معارف القرن الرابع عشر: 3 / 110.
[75] قال السيد الأمين: و قد علمه الامام الصادق عليه‌السلام طريقة تحضير مداد مضي‌ء يستخدم في كتابة المخطوطات الثمينة لامكان قراءتها في الظلام، و علمه طريقة صنع صنف من الورق غير قابل للاحتراق - الاربست - أشعة من حياة الصادق 39.
[76] انظر كتابه (الدلائل و المسائل)، ص 53.
[77] الامام الصادق عليه‌السلام ملهم الكيمياء للدكتور الهاشمي ص 40.
[78] أشعة من حياة الصادق: 2 / 120.
[79] الفهرست 514.
[80] تاريخ الفكر العربي: 85 - 70.
[81] الاعلام: 2 / 90.
[82] أخبار العلماء بأخبار الحكماء، ص 111.
[83] كشف الظنون: 2 / 344.
[84] الاعلام: 2 / 91.
[85] الاعلام: 2 / 91.
[86] تستشان: أي يكون لك شأن و منزلة.
[87] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 207 الامام الصادق للمظفري: 2 / 40. مطالب السؤول: 2 / 57، الامام الصادق لمحمد أبي‌زهرة 67، صفة الصفوة: 2 / 95. الفصول المهمة 210 غرر الغرر 50، نور الأبصار 214. كشف الغمة 233. حياة الامام الصادق للسبيتي 28.
[88] تحف العقول، 265، أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 193. الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 110.
[89] الامام الصادق للمظفري: 2 / 53.
[90] أصول الكافي: 2 / 636، تحف العقول: 270. أعيان الشيعة: 4 / 197. الامام الصادق للمظفري: 2 / 63. الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 120.
[91] حياة الامام الصادق للسبيتي 37.
[92] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 209. الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 89.
[93] أمالي الشيخ الصدوق 491.
[94] حلية الأولياء: 3 / 195. أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 205.
[95] الروضة من الكافي 143.
[96] الخصال 97.
[97] التوحيد 376.
[98] الروضة من الكافي 49.
[99] عقاب الأعمال، 288.
[100] فروع الكافي: 2 / 250.
[101] الروضة من الكافي 219.
[102] تحف العقول 267.
[103] مفردها: دهقان، و هو رئيس الاقليم.
[104] الرستاق: الناحية.
[105] كشف الغمة 240 - 230. و في الخصال 325. نسبها لأميرالمؤمنين عليه‌السلام.
[106] نور الأبصار 213.
[107] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 203-198.
[108] الامام الصادق للمظفري: 2 / 14 و 23 و 100.
[109] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 128-110.
[110] طب الامام الصادق 64.
[111] الخصال 55 و 3 و 9 و 7 و 15 و 16 و 25 و 180.
[112] التوحيد: 28 و 416.
[113] مشكاة الأنوار، 155.
[114] وسائل الشيعة: 237 - 11 و 215.
[115] دعائم الاسلام:1 / 82.
[116] أصول الكافي 459.
[117] فروع الكافي: 1 / 352.
[118] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 5 / 77.
[119] تحف العقول 277.
[120] حلية الأولياء: 3 / 194. صفة الصفوة: 2 / 95. الكواكب الدرية: 1 / 95. كشف الغمة 223.
[121] كشف الغمة 239 - أعيان الشيعة: 4 / 203.
[122] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 45.
[123] تحف العقول 264.
[124] تحف العقول 268.
[125] فروع الكافي: 1 / 359.
[126] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 121.
[127] الخصال 9.
[128] التوحيد 108.
[129] التوحيد 250.
[130] مشكاة الأنوار 42.
[131] سفينة البحار: 1 / 539.
[132] المناقب: 2 / 327.
[133] انظر رسالته في الامام الصادق عليه‌السلام ص 14.
[134] انظر كتابه الامام الصادق ص 99.
[135] ضحي الاسلام: 3 / 264.
[136] المناقب: 2 / 341.
[137] الاحتجاج للطبرسي 194. الامام الصادق للمظفري: 1 / 23.
[138] الامام الصادق ملهم الكيمياء للدكتور الهاشمي 136.
[139] المناقب: 2 / 336. الخصال 514.
[140] الاحتجاج للطبرسي: 2 / 78.
[141] الامام الصادق لمحمد أبي‌زهرة 79. الامام الصادق للمظفري عن البحار: 4 /137. كشف الغمة. المناقب: 2 / 327.
[142] التوحيد 133.
[143] التوحيد 124.
[144] التوحيد 127.
[145] جعفر بن محمد لسيد الأهل 84.
[146] رأيت نسخته عند الشيخ محمد علي الوراق في النجف الأشرف، و تقع في أربعمائة و ثمان صفحات، و هي بخط جيد؛ أخذ الله بأيدي المحسنين لطبع هذا الأثر النفيس.
[147] الاقبال.
[148] جعفر بن محمد لسيد الأهل 84.
[149] الجنة الواقية للداماد.
[150] مهج الدعوات 188.
[151] مهج الدعوات 54.
[152] سورة الأنبياء، آية: 76 و سورة الشعراء، آية: 170، و سورة الصافات، آية: 76.
[153] الكواكب الدرية: 1 / 94 لواقح الأنوار 33، جوهرة الكلام 138، اسعاف الراغبين 227.
[154] الرجال الكشي 138.
[155] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 142، نور الأبصار 211، جوهرة الكلام 137، رسائل الجاحظ 9 الفصول المهمة 209، كشف الغمة 239، المناقب: 2 / 314، و اكتفي بعضهم بالبيت الأول فقط.
[156] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 2 / 170.
[157] من موالي الامام الصادق عليه‌السلام و أصحابه.
[158] أعيان الشيعة 4 ق 2 / 142، نور الأبصار 211 الفصول المهمة 209، كشف الغمة 227، المناقب: 2 / 311 الصواعق المحرقة 121(بعضهم ذكر القصة و قال: قتل بعض الطغاة مولاه الخ).
[159] أصول الكافي: 2 / 557.
[160] الامام الصادق للمظفري: 1 / 290.
[161] المناقب: 2 / 312.
[162] المناقب: 2 / 312.
[163] الامام الصادق للمظفري: 1 / 290.
[164] مطالب السؤول: 2 / 59، كشف الغمة 224.
[165] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 157.
[166] أعيان الشيعة: 4 / 221 - المناقب: 2 / 246.
[167] كشف الغمة 225. الفصول المهمة 211.
[168] المناقب: 2 / 344. أعيان الشيعة: 4 / 220.
[169] المناقب: 2 / 346. أعيان الشيعة: 4 / 222.
[170] أعيان الشيعة: 4 / 222.
[171] المناقب: 2 / 347. أعيان الشيعة: 4 / 222.
[172] مثل عبدالحميد، و سدير، و عبدالسلام.
[173] مثل: المعلي بن خنيس.
[174] مثل: عبدالله بن الحسن، و ولديه: محمد و ابراهيم، و جمهور كبير من آل الحسن.
[175] المناقب: 2 / 317 عمدة الطالب 184.
[176] تذكرة الخواص 192.
[177] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 5 / 75.
[178] مطالب السؤول: 2 / 58، صفة الصفوة: 2 / 95، أعيان الشيعة ق 1 / 159، نور الأبصار: 214. الامام الصادق لأبي‌زهرة 83، المناقب: 2 / 337، كشف الغمة 223، الفصول المهمة 306، أخبار الدول 112.
[179] كشف الغمة 240، أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 159، الامام الصادق للمظفري: 1 / 125.
[180] الامام الصادق للمظفري: 1 / 123 و 130.
[181] المصدر نفسه.
[182] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 227، المجالس السنية: 5 / 316، الصادق للمظفري: 2 / 206.
[183] بحارالأنوار: 11 / 48.
[184] جامع مسانيد أبي‌حنيفة: 1 / 222.
[185] النجوم الزاهرة: 2 / 9.
[186] مختصر التحفة الاثني عشرية، ص 8.
[187] مناقب الامام أبي‌حنيفة للمكي: 1 / 173، الامام الصادق لأبي‌زهرة 252.
[188] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 5 / 68.
[189] تهذيب التهذيب: 2 / 105، حياة الامام الصادق للسبيتي ص 17. أشعة من حياة الصادق: 3 / 58.
[190] المناقب: 2 / 325 الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 9.
[191] الخصال 167.
[192] تهذيب التهذيب: 2 / 104، صفة الصفوة: 2 / 94 كشف الغمة 242 المناقب: 2 / 326.
[193] كشف الغمة 230.
[194] الامام الصادق للمظفري: 1 / 224 الامام الصادق ملهم الكيمياء 135.
[195] أصول الكافي: 1 / 475.
[196] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 5 / 79.
[197] بحارالأنوار 11.
[198] أشعة من حياة الصادق: 3 / 50.
[199] كشف الغمة 240.
[200] مهج الدعوات 198.
[201] كشف الغمة 236.
[202] تاريخ اليعقوبي: 3 / 117.
[203] مطالب السؤول: 2 / 55.
[204] الملل و النحل بهامش الفصل في الملل لابن حزم: 1 / 224.
[205] الفصول المهمة 216.
[206] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 1 / 29.
[207] شرح الشفاء: 1 / 124.
[208] النجوم الزاهرة: 2 / 9.
[209] مرآة الجنان: 1 / 304.
[210] الاتحاف بحب الأشراف 54.
[211] مناهج التوسل 106.
[212] مشاهير علماء الأمصار.
[213] سبائك الذهب 74.
[214] قاموس الأعلام: 3 / 182.
[215] التشريع الاسلامي: 263.
[216] دائرة معارف القرن الرابع عشر: 3 / 110.
[217] ضحي الاسلام: 3 / 265.
[218] انظر كتابه (جعفر بن محمد) ص 6.
[219] انظر رسالته في الامام الصادق، ص 14.
[220] الاعلام: 2 / 121.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.