الائمة الاثني عشر عليهم السلام

اشارة

المؤلف: جعفر سبحاني

الناشر : جعفر سبحاني

ابو محمد الحسن بن علي المجتبي

هو ثاني ائمة اهل البيت الطاهر، واول السبطين، واحد سيدي شباب اهل الجنة، وريحانة رسول اللّه (ص)، واحد الخمسة من اصحاب الكسا، امه فاطمة بنت رسول اللّه (ص) سيدة نساء العالمين. ولد في المدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث او اثنتين من الهجرة، وهواول اولاد علي وفاطمة (ع). نسب كان عليه من شمس الضحي نور و من فلق الصباح عمودا. و روي عن انس بن مالك قال: لم يكن احد اشبه برسول اللّه (ص) من الحسن بن علي (ع) [1] . فلما ولد الحسن قالت فاطمة لعلي: سمه، فقال: «ما كنت لاسبق باسمه رسول اللّه (ص)»، فجا النبي (ص) فاخرج اليه فقال: «اللهم اني اعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم واذن في اذنه اليمني واقام في اليسري. اشهر القابه: التقي والزكي والسبط. اما علمه: فيكفي انه كان يجلس في مسجد رسول اللّه (ص) و يجتمع الناس حوله فيتكلم بما يشفي غليل السائل و يقطع حجج المجادلين من ذلك ما رواه الامام ابو الحسن علي بن احمد الواحدي في تفسير الوسيط: ان رجلا دخل الي مسجدالمدينة فوجد شخصا يحدث عن رسول اللّه (ص) والناس حوله مجتمعون فجااليه الرجل، قال: اخبرني عن (شاهد ومشهود)؟ فقال: نعم، اما الشاهد فيوم الجمعة والمشهود فيوم عرفة. فتجاوزه الي آخر غيره يحدث في المسجد، فساله عن (شاهد و مشهود) قال: اماالشاهد فيوم الجمعة، واما المشهود يوم النحر. قال: فتجاوزه الي ثالث، غلام كان وجهه الدينار، و هو يحدث في المسجد، فساله عن شاهد و مشهود، فقال: «نعم، اما الشاهد فرسول اللّه (ص) واما المشهود فيوم القيامة، اما سمعته عزوجل يقول: (يا

ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشراونذيرا) [2] ، وقال تعالي: (ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود») [3] . فسال عن الاول، فقالوا: ابن عباس، وسال عن الثاني، فقالوا: ابن عمر، وسال عن الثالث، فقالوا: الحسن بن علي بن ابي طالب (ع) [4] . واما زهده: فيكفي في ذلك ما نقله الحافظ ابو نعيم في حليته بسنده انه (ع) قال: «اني لاستحي من ربي ان القاه ولم امش الي بيته» فمشي عشرين مرة من المدينة الي مكة علي قدميه. و روي عن الحافظ ابي نعيم في حليته ايضا: انه (ع) خرج من ماله مرتين، وقاسم اللّه تعالي ثلاث مرات ماله وتصدق به. وكان (ع) من ازهد الناس في الدنيا ولذاتها، عارفا بغرورها وآفاتها، وكثيرا ما كان (ع)يتمثل بهذا البيت شعرا:. يا اهل لذات دنيا لا بقا لها ان اغترارا بظل زائل حمق [5] . واما حمله: فقد روي ابن خلكان عن ابن عائشة: ان رجلا من اهل الشام قال: دخلت المدينة _ علي ساكنها افضل الصلاة و السلام فرايت رجلا راكبا علي بغلة لم اراحسن وجها و لا سمتا و لا ثوبا و لا دابة منه، فمال قلبي اليه فسالت عنه فقيل:هذا الحسن بن علي بن ابي طالب، فامتلا قلبي له بغضا وحسدت عليا ان يكون له ابن مثله، فصرت اليه وقلت له: اانت ابن علي ابن ابي طالب؟ قال: «انا ابنه»،قلت: فعل بك وبابيك، اسبهما، فلما انقضي كلامي قال لي: «احسبك غريبا»؟قلت: اجل، قال: «مل بنا فان احتجت الي منزل انزلناك او الي مال آتيناك او الي حاجة عاوناك» قال: فانصرفت عنه وما علي الارض احب الي منه، وما فكرت فيما صنع

وصنعت الا شكرته وخزيت نفسي. واما امامته: فيكفي في ذلك ما صرح به النبي (ص) من قوله: «هذان ابناي امامان قامااو قعدا». وروت الشيعة بطرقهم عن سليم بن قيس الهلالي قال: شهدت امير المؤمنين (ع)حين اوصي الي ابنه الحسين (ع) و اشهد علي وصيته الحسين (ع) و محمدا وجميع ولده و رؤسا شيعته و اهل بيته، ثم دفع اليه الكتاب والسلاح وقال له: «يابني انه امرني رسول اللّه (ص) ان اوصي اليك، وادفع اليك كتبي وسلاحي، كمااوصي الي ودفع الي كتبه وسلاحه، وامرني ان آمرك اذا حضرك الموت ان تدفعهاالي اخيك الحسين، ثم اقبل علي ابنه الحسين (ع) فقال: وامرك رسول اللّه (ص)ان تدفعها الي ابنك هذا، ثم اخذ بيد علي بن الحسين وقال: وامرك رسول اللّه ان تدفعها الي ابنك محمد بن علي فاقراه من رسول اللّه ومني السلام» [6] . روي ابوالفرج الاصفهاني: انه خطب الحسن بن علي بعد وفاة اميرالمؤمنين علي (ع)و قال: «قد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل، و لا يدركه الاخرون بعمل، و لقد كان يجاهد مع رسول اللّه (ص) فيقيه بنفسه، ولقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتي يفتح اللّه عليه،ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسي بن مريم، ولقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسي، وما خلف صفرا ولا بيضا الا سبعمائة درهم بقية من عطائه اراد ان يبتاع بها خادما لاهله». ثم خنقته العبرة فبكي وبكي الناس معه. ثم قال: «ايها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فانا الحسن بن محمد(ص) انا ابن البشير، انا ابن النذير، انا ابن الداعي

الي اللّه عزوجل باذنه، وانا ابن السراج المنير، وانا من اهل البيت الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض اللّه مودتهم في كتابه اذ يقول: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسن) [7] فاقتراف الحسنة مودتنا اهل البيت». قال ابو مخنف عن رجاله: ثم قام ابن عباس بين يديه فدعا الناس الي بيعته فاستجابواله وقالوا: ما احبه الينا واحقه بالخلافة، فبايعوه [8] . وقال المفيد: كانت بيعته يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة اربعين من الهجرة، فرتب العمال وامر الامرا، وانفذ عبد اللّه ابن العباس الي البصرة،ونظر في الامور [9] . وقال ابو الفرج الاصفهاني: وكان اول شي احدثه الحسن انه زاد في المقاتلة مائة مائة، وقد كان علي فعل ذلك يوم الجمل، وهو فعله يوم الاستخلاف، فتبعه الخلفا بعد ذلك [10] . قال المفيد: فلما بلغ معاوية وفاة اميرالمؤمنين و بيعة الناس ابنه الحسن، دس رجلامن حمير الي الكوفة، ورجلا من بني القين الي البصرة ليكتبا اليه بالاخبار ويفسداعلي الحسن الامور، فعرف ذلك الحسن فامر باستخراج الحميري من عند لحام في الكوفة فاخرج وامر بضرب عنقه وكتب الي البصرة باستخراج القيني من بني سليم فاخرج و ضربت عنقه [11] . ثم انه استمرت المراسلات [12] بين الحسن معاوية وانجرت الي حوادث مريرة الي ان ادت الي الصلح واضطر الي التنازل عن الخلافة لصالح معاوية، فعقداصلحا واليك صورته. بسم اللّه الرحمن الرحيم. هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن ابي طالب معاوية بن ابي سفيان، صالحه علي ان يسلم اليه ولاية المسلمين علي ان يعمل فيهم بكتاب اللّه وسنة رسول اللّه،وليس لمعاوية ان يعهد الي احد من بعده عهدا، علي

ان الناس آمنون حيث كانوامن ارض اللّه تعالي في شامهم ويمنهم وعراقهم وحجازهم. و علي ان اصحاب علي وشيعته آمنون علي انفسهم واموالهم ونسائهم واولادهم حيث كانوا، وعلي معاوية بذلك عهد اللّه وميثاقه. وعلي ان لا يبغي للحسن بن علي ولا لاخيه الحسين ولا لاحد من اهل بيت رسول اللّه (ص) غائلة سؤ سرا وجهرا، ولا يخيف احدا في افق من الافاق شهد عليه بذلك فلان وفلان، وكفي باللّه شهيدا [13] . ولما تم الصلح صعد معاوية المنبر و قال في خطبته: اني و اللّه ما ما قاتلتكم لتصلواولا لتصوموا، ولا لتحجوا ولا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك، ولكني قاتلتكم لاتامرعليكم، وقد اعطاني اللّه ذلك وانتم كارهون الا واني كنت منيت الحسن واعطيته اشيا وجميعها تحت قدمي هاتين لا افي بشي منها له [14] . شهادته: لما نقض معاوية عهده مع الامام الحسن (ع) وما كان ذلك بغريب علي رجل ابوه ابو سفيان وامه هند، وهو طليق ابن طلقا _ عمد الي اخذ البيعة ليزيد ولده _ المشهور بمجونه وتهتكه وزندقته _ وما كان شي اثقل عليه من امر الحسن بن علي (ع)، فدس اليه السم، فمات بسببه. فقد روي: ان معاوية ارسل الي ابنة الاشعث _ وكانت تحت الحسن (ع): اني مزوجك بيزيد ابني علي ان تسمي الحسن بن علي. وبعث اليها بمائة الف درهم، فقبلت وسمت الحسن، فسوغها المال ولم يزوجها منه [15] . فلما دني موته اوصي لاخيه الحسين (ع) وقال: «اذا قضيت نحبي غسلني وكفني واحملني علي سريري الي قبر جدي رسول اللّه (ص) ثم ردني الي قبر جدتي فاطمة بنت اسد فادفني هناك، وباللّه اقسم عليك ان تهريق في امري محجمة

دم. فلما حملوه الي روضة رسول اللّه (ص) لم يشك مروان و من معه من بني امية انهم سيدفنونه عند جده رسول اللّه (ص) فتجمعوا له و لبسوا السلاح، و لحقتهم عائشة علي بغل و هي تقول: مالي و لكم تريدون ان تدخلوا بيتي من لا احب عثمان في اقصي المدينة ويدفن الحسن مع النبي وكادت الفتنة تقع بين بني هاشم وبني امية ولاجل وصية الحسن مضوا به الي البقيع ودفنوه عند جدته فاطمة بنت اسد [16] . وتوفي الحسن وله من العمر 47 عاما وكانت سنة وفاته سنة 50 من الهجرة النبوية والعجيب ان مروان بن الحكم حمل سريره الي البقيع فقال له الحسين: «اتحمل سريره تجرعه الغيظ» فقال مروان: اني كنت افعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال [17] . ولما بلغ معاوية موت الحسن (ع) سجد و سجد من حوله وكبر وكبروا معه، ذكره الزمخشري في ربيع الابرار وابن عبد البر في الاستيعاب وغيرهما. فقال بعض الشعرا:. اصبح اليوم ابن هند شامتا ظاهر النخوة ا مات الحسن. يا ابن هند ان تذق كاس الردي تك في الدهر كشي لم يكن. لست بالباقي فلا تسمت به كل حي للمنايا مرتهن [18] . هذه لمحة عن حياة الحسن المشحونة بالحوادث المريرة وتركنا الكثير مما يرجع الي جوانب حياته، خصوصا ما نقل عنه من الخطب والرسائل والكلم القصار، ومن اراد التفصيل فليرجع الي تحف العقول [19] فقد ذكر قسما كبيرا من كلماته.

پاورقي

[1] ابن الصباغ المالكي (المتوفي عام 855 ه): الفصول المهمة 152.

[2] الاحزاب /45.

[3] هود /103.

[4] بحار الانوار 1:13.

[5] ابن الصباغ المالكي: الفصول المهمة 154.

[6] الشيخ الطبرسي (207_ 208 ه): اعلام الوري باعلام الهدي،

و من ارادالوقوف علي.

[7] الشوري /23.

[8] مقاتل الطالبيين 52.

[9] المفيد: الارشاد 188. [

[10] مقاتل الطالبيين 55.

[11] المفيد: الارشاد 188، مقاتل الطالبيين 52.

[12] ومن اراد الوقوف عليها فليرجع الي مقاتل الطالبيين 53 الي 72 وبالامعان فيهاوما اظهر

[13] ابن صباغ المالكي: الفصول المهمة 163.

[14] المفيد: الارشاد 191 طبعة النجف.

[15] مقاتل الطالبيين 73.

[16] الارشاد 193، كشف الغمة 1/209، مقاتل الطالبيين 74_75.

[17] مقاتل الطالبيين 76.

[18] الامين العاملي: في رحاب ائمة اهل البيت 43.

[19] الحراني، حسن بن شعبة، تحف العقول 225_236.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.