ائمتنا: روائع من حياة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام

اشارة

‏سرشناسه : دخيل، علي‌محمد‌علي
‏عنوان و نام پديدآور : أئمتنا: روائع من حياة الأئمة الاثني عشر/ علي‌محمد‌علي دخيل .
‏مشخصات نشر : بيروت: دار‌المرتضي، ۱۹۹۹م = ۱۴۲۰ق = ۱۳۷۸
‏مشخصات ظاهري : ۲ ج.
‏يادداشت : عربي
‏يادداشت : ناشر جلد‌دوم كتاب دار‌التعارف‌للمطبوعات مي‌باشد .
‏يادداشت : چاپ سيزدهم
‏يادداشت : كتابنامه
‏موضوع : ائمه اثنا‌عشر -- سرگذشتنامه.
‏موضوع : ائمه اثنا‌عشر -- فضائل.
‏موضوع : اسلام -- تاريخ.
‏رده بندي كنگره : ‏BP۳۶/۵‏/د۳الف۹
‏شماره كتابشناسي ملي : ۱۰۳۸۱۲۰

الاهداء: سيرة الامام الحسن بن علي

سيدي يا أميرالمؤمنين هذه لمحة سريعة من حياة شبلك الحسن اقدمها بين يديك و املي يا سيدي منك القبول. عبدك علي محمد علي دخيل [ صفحه 99]

هذا الكتاب

بسم الله الرحمن اذا كانت الأمم الحية تعتني بحياة عظمائها و كبارها، تقيم لهم التماثيل، و تشيد لهم النصب التذكارية،و تدرس حياتهم للأجيال، لأنها تري في ذلك دعما لحضارتها، و تشييدا لدعوتها؛ فجدير بالأمة الاسلامية أن تدرس حياة أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، و يبحث عن آثارهم، و تنقب عن أخبارهم، لتأخذ من علمهم و عملهم و سيرهم نموذجا حيا يوصلها الي الرقي و السعادة، و يحقق لها من الخير المنشود، ليعود لواؤها يخفق علي العالم من جديد. و هذا الكتاب موجز لحياة الامام الثاني من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، أبي‌محمد الحسن بن أميرالمؤمنين عليه‌السلام، سجلنا فيه بعض ما ورد في الامام عليه‌السلام من آي و حديث، مع شي‌ء يسير من حياته و سيرته، و سقنا فيه نماذج من خطبه و كلامه، و كان ختام الكتاب آراء لكبار الصحابة و العلماء و العظماء حيث ثبتنا كلماتهم في الامام عليه‌السلام، و شهاداتهم بعظمته و فضله. و الكتاب بعد هذا و ذاك دعوة للاستقامة علي مبدأ أهل البيت عليهم‌السلام، و السير بسيرتهم، و التخلق بأخلاقهم: (قل هذه سبيلي أدعوا الي الله علي بصيرة أنا و من اتبعني و سبحن الله و مآ من المشركين) [يوسف: 108]. [ صفحه 100]

في سطور

- اسمه: الحسن (سماه به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم). - أبوه: علي أميرالمؤمنين عليه‌السلام. - أمه: فاطمة الزهراء. - جده لأمه: رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. - جده لأبيه: أبوطالب بن عبدالمطلب. - جدته لأمه: خديجة بنت خويلد. - جدته لأبيه: فاطمة بنت أسد بن هاشم. - أخوه لأمه و أبيه: الامام الحسين عليه‌السلام. - اخواته لأمه و أبيه: زينب، أم‌كلثوم عليهم‌السلام. - ولادته: ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث للهجرة، فجي‌ء به الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: اللهم اني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم، و أذن في أذنه اليمني، و أقام في اليسري، و سماه حسنا، و عق عنه كبشا. - صفته: كان عليه‌السلام أبيض، مشربا بحمرة، أدعج العينين، سهل الخدين، رقيق المشربة، كث اللحية، ذا وفرة، و كأن عنقه ابريق فضة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ربعة، ليس بالطويل و لا القصير، مليحا، من أحسن الناس وجها، و كان يخضب بالسواد، و كان جعد الشعر، حسن البدن. - حياته مع أبيه: لازم أباه أميرالمؤمنين عليه‌السلام طيلة حياته، و شهد معه حروبه الثلاث: الجمل، صفين، النهروان. [ صفحه 101] - كنيته: أبومحمد (كناه بها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم). - ألقابه: التقي، الزكي، السبط. - نقش خاتمه: العزة لله وحده. - أشهر زوجاته: خولة بنت منظور الفزارية، أم‌اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، أم‌بشر بنت أبي‌مسعود الأنصاري، جعدة بنت الأشعث، هند بنت عبدالرحمن بن أبي‌بكر. - أولاده: زيد، الحسن، عمرو، القاسم، عبدالله، عبدالرحمن، الحسن، طلحة. - بناته: أم‌الحسن، أم‌الحسين، فاطمة، أم‌عبدالله، فاطمة، أم‌سلمة، رقية. - بيعته: بويع بالخلافة في الحادي و العشرين من شهر رمضان سنة 40 للهجرة. - بوابه: سفينة (مولي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم). - كاتبه: عبدالله بن أبي‌رافع. - صلحه: صالح معاوية في النصف من جمادي الأولي سنة 41 للهجرة بعد أن تبين الوهن في أصحابه. - وفاته: توفي عليه‌السلام في السابع من شهر صفر سنة 50 للهجرة. - قبره: دفنه الحسين عليه‌السلام في البقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بوصية منه. - مدة امامته: كانت مدة امامته عليه‌السلام 10 سنين. - هدم قبره: في الثامن من شوال سنة 1344 ه هدم الوهابيون قبره؛ و قبور بقية الأئمة عليهم‌السلام في البقيع. [ صفحه 102]

في القرآن الكريم

ما أكثر الآيات الواردة في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لا سيما الخمسة أصحاب الكساء، و كيف لا يكونون كذلك و قد قرنهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالقرآن، و جعلهم أعدالا له؟ فقال صلي الله عليه و آله و سلم: اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لم تضلوا بعدي أبدا. نذكر في هذه الصفحات أربع آيات مما ورد فيه عليه‌السلام: 1- قوله تعالي: (فمن حآجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا و أبنآءكم و نسآءنا و نسآءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله علي الكذبين) [آل عمران: 61]. روي مسلم و الترمذي: أن معاوية قال لسعد بن أبي‌وقاص: ما منعك أن تسب أباتراب؟ قال سعد: أما ما ذكرت فلثلاث قالهن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلن أسبه، و لأن تكون لي واحدة منهن أحب الي من حمر النعم؛ فعد اثنتين ثم قال: و لما نزلت هذه الآية: (فقل تعالوا ندع أبنآءنا و أبنآءكم و نسآءنا و نسآءكم و أنفسنا و أنفسكم) فدعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال: اللهم هؤلاء أهلي [1] . و قال الشيخ سليمان بعد ذكر الآية: فأبرز النبي صلي الله عليه و آله و سلم عليا و الحسن و الحسين و فاطمة صلوات الله و سلامه عليهم، و عني في قوله أنفسنا نفس علي، و مما يدل علي [ صفحه 103] ذلك قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لتنتهين بنو وليعة أو لأبعثن اليهم رجلا كنفسي؛ يعني علي بن أبي‌طالب، فهذه خصوصية لا يلحقهم فيها بشر [2] . 2- قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33]. قال واثلة بن الأسقع: لقد رأيتني ذات يوم و قد جئت النبي صلي الله عليه و آله و سلم في بيت أم‌سلمة فجاء الحسن فأجلسه علي فخذه اليمني و قبله، ثم جاء الحسين فأجلسه علي فخذه اليسري و قبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلي ثم قال: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [3] . و روي أحمد و الطبراني عن أبي‌سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أنزلت هذه الآية في خمسة: في و في علي و حسن و حسين و فاطمة. و روي اين أبي‌شيبة و أحمد و الترمذي و حسنه، و ابن‌جرير و ابن‌المنذر الطبراني و الحاكم صححه، عن أنس: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يمر ببيت فاطمة اذا خرج الي صلاة الفجر يقول: الصلاة أهل البيت (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا). و في رواية ابن‌مردويه عن أبي‌سعيد الخدري: أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم جاء أربعين صباحا الي باب فاطمة يقول: السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته، الصلاة يرحمكم الله (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) و في رواية له عن ابن‌عباس: سبعة أشهر، و في رواية لابن جرير، و ابن‌المنذر و الطبراني: ثمانية أشهر [4] . و قال ابن‌عباس في حديث له طويل: أخذ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ثوبه فوضعه علي علي و فاطمة و الحسن و الحسين و قال: قال الله تبارك و تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [5] . [ صفحه 104] و قد أورد هذه الآية و أنها في أهل البيت عليهم الصلاة و السلام أصحاب المعاجم و السنن: مسلم، الترمذي، أحمد بن حنبل، الدولابي، الغساني، الحاكم، أبوحاتم، الطبراني، عبد بن حميد. كما أوردها مؤلفو الكتب التالية: - الشرف المؤبد لآل محمد ص 68. - تذكرة الخواص 224. - الاصابة 2 / 509. - اكمال الدين 1 / 394. - سير أعلام النبلاء 2 / 97. - أهل البيت ص 33. 3- قوله تعالي: (قل لآ أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي) [الشوري: 23]. قال ابن‌عباس: سئل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: من هؤلاء الذين يجب علينا حبهم؟ قال صلي الله عليه و آله و سلم: علي و فاطمة و ابناهما. ثلاث مرات [6] . و عن سعيد بن جبير عن ابن‌عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (قل لآ أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي). قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي و فاطمة و الحسن و الحسين [7] . و عن أبي‌الحسن قال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام: انه اجتمع المهاجرون و الأنصار الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قالوا: ان لك يا رسول الله مؤنة في نفقتك، و فيمن يأتيك من الوفود، و هذه أموالنا، مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا، اعط ما شئت، و امسك ما شئت من غير حرج؛ فأنزل الله [ صفحه 105] عليه الروح الأمين فقال: يا محمد (قل لآ أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي) فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي ترك ما عرضنا عليه الا ليحثنا علي مودة قرابته من بعده، ان هو الا شي‌ء افتراه في مجلسه، فهذا بهتان عظيم. فأنزل الله تعالي: (أم يقولون افتري علي الله كذبا فان يشا الله يختم علي قلبك و يمح الله البطل و يحق الحق بكلمته انه عليم بذات الصدور) فبعث النبي صلي الله عليه و آله و سلم اليهم فقال: هل من حديث؟ قالوا: لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه، فتلا عليهم هذه الآية فبكوا و اشتد بكاؤهم، فأنزل الله تعالي: (و هو الذي يقبل التوبة عن عباده و يعفوا عن السيئات و يعلم ما تفعلون) [8] . 4- قوله تعالي: (يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان) [الرحمن: 22]. قال الامام الصادق عليه‌السلام في قوله تعالي: (يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان) الحسن و الحسين عليهم‌السلام [9] . [ صفحه 106]

في أحاديث الرسول

ان كتب الصحاح، و مسانيد الحديث، مستفيضة بالأحاديث النبوية الواردة في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، و قد جمع كثير من العلماء بعض هذه الأحاديث في مصنفات خاصة، كما أفرد لها غيرهم فصولا مستقلة في كتبهم، و من بين هذه الأحاديث ما هو خاص في الامام الحسن عليه‌السلام رابع أهل الكساء، و سيد شباب أهل الجنة، نذكر منها و من غيرها: 1- روي أحمد بن حنبل - امام المذهب - بسنده عن أبي‌هريرة قال: فجاء النبي صلي الله عليه و آله و سلم فجلس بفناء بين فاطمة (الي أن قال) فجاء الحسن عليه‌السلام يشتد حتي عانقه و قبله و قال: اللهم أحبه و أحب من يحبه [10] . 2- في البخاري: عن أبي‌بكر: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي المنبر و الحسن بن علي معه، و هو يقبل علي الناس مرة، و عليه مرة و يقول: ان ابني هذا سيد [11] . 3- قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: الحسن سبط من الأسباط [12] . 4- أخرج الشيخان عن البراء قال: رأيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الحسن علي عاتقه و هو يقول: اللهم اني أحبه فأحبه [13] . 5- قال أسامة بن زيد: طرقت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذات ليلة لحاجة، فخرج و هو [ صفحه 107] مشتمل علي شي‌ء لم أدر ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فاذا حسن و حسين علي و ركيه و قال: هذان ابناي و ابنا ابنتي، اللهم انك تعلم أني أحبهما، ثلاث مرات [14] . 6- روي الحمويني بسنده عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم أخذ بيد الحسن و الحسين رضي الله عنهما فقال: من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة [15] . [ صفحه 108]

النص عليه بالخلافة

قدمنا لك في الكتاب الأول - الامام أميرالمؤمنين عليه‌السلام - نصوص [16] الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم علي الأئمة الاثني‌عشر عليهم‌السلام. فذكرنا أربعة و أربعين حديثا في ذلك. كما أن هناك أحاديث في النص علي الحسنين عليهم‌السلام خاصة، كقوله صلي الله عليه و آله و سلم: ابناي هذان امامان قاما أو قعدا [17] . و مضافا لنصوص الرسول صلي الله عليه و آله و سلم الصريحة علي امامة الأئمة عليهم‌السلام، كان بعضهم ينص علي البعض، و في هذه الصفحات بعض نصوص الامام أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي الحسن عليه‌السلام: 1- عن سليم بن قيس قال: شهدت أميرالمؤمنين عليه‌السلام حين أوصي الي ابنه الحسن، و أشهد علي وصيته الحسين و محمدا و جميع ولده، و رؤساء شيعته و أهل بيته، ثم دفع اليه الكتاب و السلاح و قال: يا بني أمرني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن أوصي اليك، و ادفع اليك كتبي و سلاحي كما أوصي الي و دفع الي كتبه و سلاحه، و أمرني أن آمرك اذا حضرك الموت أن تدفعها الي أخيك الحسين ثم أقبل علي ابنه الحسين فقال: و أمرك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن تدفعها الي ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين و قال: [ صفحه 109] و أمرك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن تدفعها الي ابنك محمد بن علي، فاقرأه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و مني السلام [18] . 2- قال الأصبغ بن نباتة: ان عليا لما ضربه الملعون ابن‌ملجم دعا بالحسن و الحسين فقال: اني مقبوض في ليلتي هذه، فاسمعا قولي، و أنت يا حسن وصيي [19] و القائم بالأمر بعدي، و أنت يا حسين شريكه في الوصية، فاصمت و كن لأمره تابعا ما بقي، فاذا خرج من الدنيا فأنت الناطق من بعده، و القائم بالأمر عنه. و كتب له بالوصية عهدا منشورا نقله جمهور العلماء [20] . 3- قال ابن أبي‌الحديد: عهد بها - الخلافة - الي الحسن عليه‌السلام عند موته [21] . [ صفحه 110]

عبادته

اذا ذكر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام تبادر الذهن الي عابدة متواصلة، و أوراد كثيرة، و كرم و احسان، و سيرة مثالية، و أخلاق فاضلة، و سجايا كريمة. فهم عليهم‌السلام مجمع الفضائل، و منتهي المكارم، ورثهم جدهم الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم أخلاقه و سجاياه، و أتحفهم بعاداته و أطواره، فغدوا بها أفضل الخلائق، و أكرم الكائنات. و الحديث في هذا الفصل عن عبادة الامام أبي‌محمد الحسن عليه‌السلام، فلا غرو اذا بلغ بها النهاية في التعب و النصب و الخشوع و الخضوع، نذكر من ذلك: 1- قال الامام الصادق عليه‌السلام: حدثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم، و كان اذا حج حج ماشيا، و ربما مشي حافيا، و كان اذا ذكر الموت بكي، و اذا ذكر القبر بكي، و اذا ذكر البعث و النشور بكي، و اذا ذكر الممر علي الصراط بكي، و اذا ذكر العرض علي الله تعالي ذكره شهق شهقة يغشي عليه منها، و كان اذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل، و كان اذا ذكر الجنة و النار اضطرب اضطراب السليم. و يسأل الله الجنة، و يعوذ به من النار؛ و كان عليه‌السلام لا يقرأ من كتاب الله عزوجل (يآيها الذين ءامنوا) الا قال: لبيك اللهم لبيك، و لم ير في شي‌ء من أحواله الا ذاكرا لله سبحانه. و كان أصدق الناس لهجة، و أفصحهم منطقا [22] . [ صفحه 111] 2- حج عليه‌السلام خمسا و عشرين حجة ماشيا و ان النجايب لتقاد معه [23] . 3- كان اذا توضأ ارتعدت مفاصله، و اصفر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حق علي كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه، و ترتعد مفاصله. و كان اذا بلغ باب المسجد يرفع رأسه و يقول: الهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسي‌ء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم [24] . [ صفحه 112]

سيرته

كانت سيرته عليه‌السلام سيرة جده و أبيه عليهم‌السلام في الصفح عن المسي‌ء، و العفو عند المقدرة، و التواضع، الي غير ذلك من المزايا الحميدة، و الصفات الكريمة. و ما أحوج الأمة اليوم الي تبني هذه السيرة و السير في هذا الطريق، ليعود لها ماضيها المجيد، و عزها التليد. نذكر في هذا الفصل بعض ما ورد من سيرته عليه‌السلام: 1- قال عليه‌السلام: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، و يحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله، و حقن دماء المسلمين [25] . 2- عن المبرد و ابن‌عائشة قالا: ان شاميا رآه راكبا فجعل يلعنه و الحسن لا يرد، فلما فرغ، أقبل الحسن عليه وضحك، و قال: أيها الشيخ أظنك غريبا و لعلك شبهت، فلو استعتبتنا اعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، و لو استحملتنا حملناك، و ان كنت محتاجا أغنيناك، و ان كنت طريدا آويناك، و ان كانت لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك الينا و كنت ضيفنا الي وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأن لنا موضعا رحبا، وجاها عريضا، و مالا كبيرا. فلما سمع الرجل كلامه بكي ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، و كنت أنت و أبوك أبغض خلق الله الي، و الآن أنت و أبوك أحب خلق الله الي، و حول رحله اليه، و كان ضيفه الي أن ارتحل، و صار معتقدا لمحبتهم [26] . [ صفحه 113] 3- مر عليه‌السلام علي فقراء قد وضعوا علي وجه الأرض كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها و هم يأكلون منها، فدعوه الي مشاركتهم، فأجابهم الي ذلك و هو يقول: ان الله لا يحب المتكبرين، و لما فرغوا من الطعام دعاهم الي ضيافته، فأطعمهم و كساهم. [27] . 4- قيل للحسن رضي الله عنه لأي شي‌ء نراك لا ترد سائلا، و ان كنت علي فاقة؟ فقال: اني لله سائل، و فيه راغب، و أنا أستحي أن أكون سائلا و أرد سائلا، و ان الله تعالي عودني عادة أن يفيض نعمه علي، و عودته أن أفيض نعمه علي الناس، فأخشي ان قطعت العادة أن يمنعني العادة، و أنشد يقول: اذا ما أتاني سائل قلت مرحبا بمن فضله فرض علي معجل و من فضله فضل علي كل فاضل و أفضل أيام الفتي حين يسئل [28] . 5- قال الامام موسي بن جعفر عليهم‌السلام: ان الحسن و الحسين عليهم‌السلام كانا لا يقبلان جوائز معاوية بن أبي‌سفيان [29] . [ صفحه 114]

احسانه و كرمه

كل من ترجم للامام أبي‌محمد عليه‌السلام ذكر احسانه و كرمه، و أياديه البيضاء علي الأمة، ولو أردنا أن نجمع ما ذكره المؤرخون و أهل السير و التراجم، من كرم الامام عليه‌السلام لحصل عندنا كتاب مستقل، قد يزيد عن حجم هذا الكتاب. نختصر علي بعض ما ذكروه له عليه‌السلام: 1- قاسم الله ماله ثلاث مرات، حتي يعطي نعلا و يمسك نعلا [30] ، و خرج من ماله لله تعالي مرتين [31] . 2- أن رجلا جاء اليه و سأله حاجة فقال له: يا هذا حق سؤالك اياي يعظم لدي، و معرفتي بما يجب تكبر علي، و يدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، و الكثير في ذات الله عزوجل قليل، و ما في ملكي وفاء بشكرك، فان قبلت مني الميسور، و رفعت عني مؤنة الاحتيال و الاهتمام لما اتكلفه من واجبك فعلت. فقال: يا ابن‌رسول الله أقبل القليل، و أشكر العطية، و أعذر علي المنع. فدعا الحسن عليه‌السلام بوكيله، و جعل يحاسبه علي نفقاته حتي استقصاها، فقال: هات الفاضل من الثلثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفا. قال: فما فعل بالخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي، قال: احضرها: فأحضرها، فدفع الدراهم و الدنانير الي الرجل و قال: هات من يحملها، فأتاه بحمالين فدفع الحسن اليهم رادءه لكراء الحمل. [ صفحه 115] فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم. فقال: لكي أرجو أن يكون لي عندالله أجر عظيم [32] . 3- اشتري عليه‌السلام حائطا من قوم من الأنصار بأربعمائة ألف، فبلغه أنهم احتاجوا ما في أيدي الناس، فرده اليهم [33] . 4- جاءه بعض الأعراب فقال: أعطوه ما في الخزانة، فوجد فيها عشرون ألف درهم، فدفعها اليه. فقال الأعرابي: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي، و أنشر مدحتي، فأنشأ الحسن عليه‌السلام: نحن أناس نوالنا خضل يرتع فيه الرجاء و الأمل تجود قبل السؤال أنفسنا خوفا علي ماء وجه من يسل لو علم البحر فضل نائلنا لغاض من بعد فيضه خجل [34] . 5- خرج الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر حجاجا ففاتتهم أثقالهم، فجاعوا و عطشوا، فرأوا عجوزا في خباء فاستسقوها، فقالت: هذه الشويهة احلبوها و امتذقوا لبنها، ففعلوا، و استطعموها، فقالت: ليس الا هذه الشاة، فليذبحها أحدكم، فذبحها أحدهم و كشطها، ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا، و قالوا عندها، فلما نهضوا قالوا: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فاذا عدنا فالمي بنا، فانا صانعون بك خيرا، ثم رحلوا. فلما جاء زوجها أخبرته فقال: ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم ثم تقولين: نفر من قريش، ثم مضت الأيام فأضرت بها الحال، فرحلت حتي اجتازت بالمدينة فرآها الحسن عليه‌السلام فعرفها فقال لها: أتعرفينني؟ قالت: لا، قال: أنا ضيفك يوم كذا و كذا، فأمر لها بألف شاة و ألف دينار و بعث معها [ صفحه 116] رسولا الي الحسين عليه‌السلام فأعطاها مثل ذلك، ثم بعثها الي عبدالله بن جعفر فأعطاها مثل ذلك [35] . 6- سمع رجلا يسأل ربه أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الحسن الي منزله، و بعث بها اليه [36] . [ صفحه 117]

خطبه

للحسن عليه‌السلام خطب كثيرة في حياة أبيه أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و بعد وفاته، قبل الصلح و بعده، ولو جمعنا هذه الخطب لجاءت في كتاب مستقل، و هذه الخطب تشتمل علي الحمدلله و الصلاة علي رسوله صلي الله عليه و آله و سلم، و الاشادة بفضل أهل البيت عليهم‌السلام، و الدعوة الي الحق، نقدم لك منها: 1- من خطبة له عليه‌السلام في الكوفة يحثهم فيها علي الجهاد: الحمدلله العزيز الجبار،الواحد القهار، الكبير المتعال، سواء منكم من أسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار، أحمده علي حسن البلاء، و تظاهر النعماء، و علي ما أحببنا و كرهنا من شدة و رخاء، و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، امتن علينا بنبوته، و اختصه برسالته، و أنزل عليه وحيه، و اصطفاه علي جميع خلقه، و أرسله الي الانس و الجن حين عبدت الأوثان، و أطيع الشيطان، و جحد الرحمان فصلي الله عليه و آله، و جزاه أفضل ما جزي المرسلين؛ أما بعد: فاني لا أقول لكم ما تعرفون: ان أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب أرشد الله أمره، و أعز نصره، بعثني اليكم يدعوكم الي الصواب، و العمل بالكتاب، و الجهاد في سبيل الله، و ان كان في عاجل ذلك ما تكرهون، فان في آجله ما تحبون ان شاء الله، و لقد علمتم أن عليا صلي مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وحده، و أنه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه، ثم شهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم جميع مشاهده، و كان من اجتهاده في مرضاة الله، و طاعة رسوله، و آثاره الحسنة في الاسلام ما قد بلغكم و لم يزل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم راضيا عنه حتي غمضه بيده، و غسله وحده، و الملائكة أعوانه، و الفضل ابن‌عمه ينقل اليه الماء، ثم أدخله حفرته، و أوصاه بقضاء دينه، و عداته، و غير ذلك من أموره، كل ذلك من من الله عليه، ثم والله ما دعا الي نفسه، و لقد تداك [ صفحه 118] الناس عليه تداك الابل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه، و لا خلاف أتاه، حسدا له و بغيا عليه، فعليكم عبادالله بتقوي الله و طاعته، و الجد و الصبر، و الاستعانة بالله، و الخفوف الي ما دعاكم اليه أميرالمؤمنين، عصمنا الله و اياكم بما عصم به أولياءه و أهل طاعته، و ألهمنا و اياكم تقواه، و أعاننا و اياكم علي جهاد أعدائه؛ و استغفرالله العظيم لي ولكم [37] . 2- قال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام: قم فاخطب لأسمع كلامك؛ فقام فقال: الحمدلله الذي من تكلم سمع كلامه، و من سكت علم ما في نفسه، و من عاش فعليه رزقه، و من مات فاليه معاده؛ أما بعد فان القبور محلتنا، و القيامة موعدنا، والله عارضنا؛ ان عليا باب من دخله كان مؤمنا، و من خرج عنه كان كافرا. فقام اليه علي عليه‌السلام فالتزمه فقال: بأبي و أمي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم [38] . 3- من خطبة له عليه‌السلام بعد وفاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، و لا يدركه الآخرون بعمل، و لقد كان يجاهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيقيه بنفسه، و لقد كان يوجهه برايته، فيكتنفه جبرائيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتي يفتح الله عليه؛ و لقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسي بن مريم، و لقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسي، و ما خلف صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله؛ ثم خنقته العبرة، فبكي و بكي الناس. ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و أنا ابن‌البشير؛ أنا ابن‌النذير، أنا ابن‌الداعي الي الله عزوجل باذنه، و أنا ابن‌السراج المنير، و أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و الذين افترض الله مودتهم في كتابه اذ يقول: (و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودة أهل البيت [39] . [ صفحه 119] 4- عن عبدالرحمن بن جندب عن أبيه و غيره: أن الناس أتوا الحسن بن علي عليه‌السلام بعد وفاة علي عليه‌السلام ليبايعوه، فقال: الحمدلله علي ما قضي من أمره و خص من فضل، و عم من أمر، و جلل من عافية، حمدا يتم به علينا نعمه. و نستوجب به رضوانه؛ ان الدنيا دار بلاء و فتنة، و كل ما فيها الي زوال، و قد نبأنا الله عنها كيما نعتبر، فقدم الينا بالوعيد كي لا يكون لنا حجة بعد الانذار، فازهدوا فيما يفني، وارغبوا فيما يبقي، و خافوا الله في السر و العلانية. ان عليا عليه‌السلام من المحيا و الممات عاش بقدر، و مات بأجل، و أني أبايعكم علي أن تسالمون من سالمت، و تحاربون من حاربت، فبايعوه علي ذلك [40] . 5- عن أبي‌جميلة: أن الحسن بن علي عليه‌السلام حين قتل علي عليه‌السلام استخلف، فبينا هو يصلي في الناس اذ وثب عليه رجل فطعنه فوقع في وركه فمرض منها شهرا ثم قام علي المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فانا أمراؤكم و ضيفانكم، و ان أهل البيت الذين قال الله تعالي فيهم: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا). فما زال يتكلم حتي ما رأيت أحدا في المسجد الا باكيا [41] . 6- من خطبة له عليه‌السلام قبيل الصلح: انا والله ما يثنينا عن أهل الشام شك و لا ندم، و انما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة و الصبر، فشيبت السلامة بالعداوة، و الصبر بالجزع، و كنتم في مسيركم الي صفين و دينكم أمام دنياكم، و أصبحتم اليوم و دنياكم أمام دينكم، الا و قد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، و قتيل بالنهروان تطلبون بثأره، أما الباقي فخاذل، و أما الباكي فثائر؛ ألا و ان معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز و لا نصفة، فان أردتم الموت رددناه عليه، و حاكمناه الي الله عزوجل بظبي السيوف، و ان أردتم الحياة قبلناه و أخذنا لكم الرضي. [ صفحه 120] فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية [42] . 7- لما دخل معاوية الكوفة أشار اليه عمرو بن العاص أن يأمر الحسن أن يخطب فيظهر عيه، فقال له: قم فاخطب، فقام و خطب و قال: أيها الناس ان الله قد هداكم بأولنا، و حقن دماءكم بآخرنا، و نحن أهل بيت نبيكم أذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا؛ و ان لهذا الأمر مدة، و الدنيا دول و قد قال الله تعالي لنبيه: (و ان أدري لعله فتنة لكم و متع الي حين). فضج الناس بالبكاء، فالتفت معاوية الي عمرو و قال: هذا رأيك [43] . 8- قيل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فصعد المنبر فخطب ليبين للناس نقصه، فدعاه فقال له: اصعد المنبر و تكلم بكلمات تعظنا بها. فقام عليه‌السلام فصعد المنبر فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي‌طالب، و ابن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، أنا ابن خير خلق الله، أنا ابن‌رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، أنا ابن‌صاحب الفضائل، أنا ابن‌صاحب المعجزات و الدلائل، أنا ابن‌أميرالمؤمنين، أنا المدفوع عن حقي، أنا و أخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة، أنا ابن‌الركن و المقام، أنا ابن‌مكة و مني، أنا ابن‌المشعر و عرفات. فقال له معاوية: يا أبامحمد خذ في نعت الرطب ودع هذا. فقال عليه‌السلام: الريح تنفخه، و الحر ينضجه، و البرد يطيبه. ثم عاد عليه‌السلام في كلامه فقال: أنا امام خلق الله، و ابن‌محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فخشي معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما يفتتن به الناس، فقال: يا أبامحمد انزل فقد كفي ما جري، فنزل [44] . [ صفحه 121]

وصاياه

كتب السير و التراجم مستفيضة بوصايا أئمة أهل البيت عليهم‌السلام لشيعتهم و محبيهم. و تشتمل هذه الوصايا علي كنوز من المعارف و الأخلاق و الآداب و الدعوة الي الحق، ولو جمعنا ما وصل الي أيدينا من وصايا أهل البيت عليهم‌السلام لكانت موسوعة ضخمة تحتاجها الأمة اليوم في نهضتها الدينية، و في هذه الصفحات بعض ما ورد من وصايا سيدنا أبي‌محمد الحسن عليه‌السلام: 1- من وصية له عليه‌السلام لبنيه و بني أخيه: يا بني و بني أخي انكم صغار قوم و توشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه، و ليجعله في بيته [45] . 2- من وصية له عليه‌السلام: يا ابن‌آدم: عف عن محارم الله تكن عابدا، و ارض بما قسم الله تكن غنيا، و احسن جوار من جاورك تكن مسلما، و صاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا، انه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيرا، و يبنون مشيدا، و يأملون بعيدا، أصبح جمعهم بورا، و عملهم غرورا، و مساكنهم قبورا. يا ابن‌آدم: انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فان المؤمن يتزود، و الكافر يتمتع [46] . 3- دخل عليه جنادة بن أبي‌أمية في مرضه الذي توفي فيه فقال له: عظني يا ابن‌رسول الله. [ صفحه 122] قال: نعم: استعد لسفرك، و حصل زادك قبل حلول أجلك، و اعلم أنك تطلب الدنيا و الموت يطلبك، و لا تحمل هم يومك الذي لم يأت علي يومك الذي أنت فيه؛ و اعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك الا كنت فيه خازنا لغيرك، و اعلم أن الدنيا في حلالها حساب، و في حرامها عقاب، و في الشبهات عتاب، فانزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فان كان حلالا كنت قد زهدت فيها، و ان كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت منه كما أخذت من الميتة، و ان كان العتاب فالعتاب يسير؛ و اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا؛ و اذا أردت عزا بلا عشيرة و هيبة بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله الي عز طاعة الله عزوجل؛ و اذا نازعتك الي صحبة الرجال حاجة فاصحب من اذا صحبته زانك، و اذا خدمته صانك، و اذا أردت معونة أعانك، و ان قلت صدق قولك، و ان صلت شد صولك، و ان مددت يدك بفضل مدها، و ان بدت منك ثلمة سدها، و ان رأي منك حسنة عدها، و ان سألته أعطاك، و ان سكت عنه ابتداك، و ان نزلت بك احدي الملمات و اساك، من لا يأتيك منه البوائق، و لا تختلف عليك منه الطرائق، و لا يخذلك عنه الحقائق، و ان تنازعتما منقسما آثرك [47] . [ صفحه 123]

رسائله

نقدم في هذا الفصل بعض رسائل الامام عليه‌السلام الي معاوية و غيره، و بقدر ما تكون هذه الرسائل صورة تاريخية لفترة محرجة، هي - في الوقت نفسه - دعوة الي الله تعالي، و اعلاء لكلمته، و دفاع عن دينه. نذكر منها: 1- من كتاب له عليه‌السلام الي معاوية مع جندب بن عبدالله الأزدي: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله الحسن ابن‌أميرالمؤمنين الي معاوية بن أبي‌سفيان، سلام عليك، فاني أحمد الله الذي لا اله الا هو. أما بعد: فان الله تعالي عزوجل بعث محمدا صلي الله عليه و آله و سلم رحمة للعالمين، و منة علي المؤمنين، و كافة الي الناس أجمعين (لينذر من كان حيا و يحق القول علي الكفرين) فبلغ رسالات الله، و قام علي أمر الله، حتي توفاه الله غير مقصر و لا وان، حتي أظهر الله به الحق، و محق به الشرك، و نصر به المؤمنين،و أعز به العرب، و شرف به قريشا خاصة، فقال تعالي: (و انه لذكر لك و لقومك) فلما توفي صلي الله عليه و آله و سلم تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته و أسرته و أولياؤه، و لا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس و حقه؛ فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، و أن الحجة لهم في ذلك علي من نازعهم أمر محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فأنعمت لهم العرب، و سلمت ذلك؛ ثم حاججنا نحن قريش بمثل ما حاجت به العرب، فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها، انهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد و أوليائه الي محاجتهم، و طلب النصف منهم باعدونا، و استولوا بالاجتماع علي ظلمنا و مراغمتنا، و العنت منهم لنا فالموعد الله و هو الولي النصير، و قد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا، [ صفحه 124] و سلطان نبينا صلي الله عليه و آله و سلم و ان كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الاسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة علي الدين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية علي أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين، و لا أثر في الاسلام محمود، و أنت ابن‌حزب من الأحزاب، و ابن أعدي قريش لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ولكن الله خيبك و سترد فتعلم لمن عقبي الدار؛ تالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك، و ما الله بظلام للعبيد. ان عليا رضوان الله عليه لما مضي لسبيله، رحمة الله عليه يوم قبض، و يوم من الله عليه بالاسلام، و يوم يبعث حيا، و لاني المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة ما عنده من كرامته، و انما حملني علي الكتابة اليك الاعذار فيما بيني و بين الله سبحانه و تعالي في أمرك، و لك في ذلك ان فعلت الحظ الجسيم، و للمسلمين فيه صلاح، فدع التمادي في الباطل، و ادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فانك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عندالله و عند كل أواب حفيظ، و من له قلب منيب، و اتق الله ودع البغي، و احقن دماء المسلمين، فوالله ما لك من خير في أن تلقي الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، فادخل في السلم و الطاعة، و لا تنازع الأمر أهله و من هو أحق به منك، ليطفي الله النائرة بذلك، و تجمع الكلمة، و تصلح ذات البين، و ان أنت أبيت الا التمادي في غيك نهدت اليك بالمسلمين فحاكمتك؛ حتي يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين [48] . 2- لما بلغ معاوية بن أبي‌سفيان وفاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و بيعة الناس ابنه الحسن عليه‌السلام، دس رجلا من حمير الي الكوفة، و رجلا من بني القين الي البصرة ليكتبا اليه بالأخبار، و يفسدا علي الحسن عليه‌السلام فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج و أمر بضرب عنقه، و كتب الي البصرة باستخراج القيني فأخرج و ضربت عنقه، و كتب الحسن عليه‌السلام الي معاوية: أما بعد فانك دسست الرجل [ صفحه 125] للاحتيال و الاغتيال، و أرصدت العيون، كأنك تحب اللقاء و ما أوشك ذلك فتوقعه ان شاء الله تعالي، و بلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذو حجي. و انما مثلك في ذلك كما قال الأول: فقل للذي يبغي خلاف الذي مضي تجهز لأخري مثلها فكان قد فأنا و من قد مات منا لكالذي يروح فيمسي في المبيت ليغتدي [49] . 3- رفع أهل البصرة اليه رسالة يطلبون منه رأيه في مسألة الجبر، فأجابهم عليه‌السلام: من لم يؤمن بالله و قضائه و قدره فقد كفر، و من حمل ذنبه علي ربه فقد فجر، ان الله لا يطاع استكراها، و لا يعصي لغلبة، لأنه المليك لما ملكهم، و القادر علي ما أقدرهم، فان عملوا بالطاعة لم يخل بينهم و بين ما فعلوا، فاذا لم يفعلوا فليس هو الذي أجبرهم علي ذلك، فلو أجبر الله الخلق علي الطاعة لأسقط عنهم الثواب، ولو أجبرهم علي المعاصي لأسقط عنهم العقاب، ولو أهملهم لكان عجزا في القدرة، ولكن له فيهم المشيئة التي غيبها عنهم، فان عملوا بالطاعات كانت له المنة عليهم، و ان عملوا بالمعصية كانت الحجة عليهم [50] . [ صفحه 126]

حكمه

حياة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام حافلة بتوجيه المسلمين الي الله تعالي، و الترغيب اليه، و الحث علي طاعته، فهم يتوسلون لذلك بكل السبل، و شتي الوسائل، و لم يقتصر برنامجهم التثقيفي علي القاء الدروس فقط، بل تضمن الخطب، و الوصايا، و الكتب، كما حفظ لهم التاريخ بعض كلماتهم القصار، و هي والله يشهد لا تساويها مطولات غيرهم، لما اشتملت عليه من كنوز المعرفة، و علاج الكثير من أمراضنا الاجتماعية، و الدعوة الي الحق و الفضيلة. نقدم في هذا الفصل بعض ما ورد من كلماته عليه‌السلام: 1- قال عليه‌السلام، لا تعاجل الذنب بالعقوبة و اجعل بينهما للاعتذار طريقا. 2- و قال عليه‌السلام: المزاح يأكل الهيبة، و قد أكثر من الهيبة الصامت. 3- و قال عليه‌السلام: الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود. 4- و قال عليه‌السلام: تجهل النعم ما أقامت، فاذا ولت عرفت. 5- و قال عليه‌السلام: ما تشاور قوم الا هدوا الي رشدهم. 6- و قال عليه‌السلام: اللؤم أن لا تشكر النعمة. 7- و قال عليه‌السلام: الخير الذي لا شر فيه: الشكر مع النعمة، و الصبر علي النازلة. 8- و قال عليه‌السلام: العار أهون من النار. 9- و قال عليه‌السلام: هلاك المرء في ثلاث: الكبر و الحرص و الحسد، فالكبر هلاك الدين، و به لعن ابليس، و الحرص عدو النفس، و به أخرج آدم من الجنة، و الحسد رائد السوء، و منه قتل قابيل هابيل. [ صفحه 127] 10- و قال عليه‌السلام: لا أدب لمن لا عقل له، و لا مروءة لمن لا همة له، و لا حياء لمن دين له، و رأس العقل معاشرة الناس بالجميل، و بالعقل تدرك الداران جميعا، و من حرم العقل حرمهما جميعا [51] . 11- و قال عليه‌السلام: مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، و صدق البأس، و اعطاء السائل، و حسن الخلق، و المكافأة بالصنائع، و صلة الرحم، و الترحم علي الجار، و معرفة الحق للصاحب، و قري الضيف، و رأسهن الحياء. 12- و قال عليه‌السلام: فوت الحاجة خير من طلبها الي غير أهلها [52] . 13- و قال عليه‌السلام: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد [53] . 14- و قال عليه‌السلام: علم الناس علمك، و تعلم علم غيرك، فتكون قد اتقنت علمك، و علمت ما لم تعلم [54] . 15- و قال عليه‌السلام: لرجل أبل من علة: ان الله قد ذكرك فاذكره، و أقالك فاشكره. 16- و قال عليه‌السلام: اذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها. 17- و قال عليه‌السلام: من تذكر بعد السفر اعتد. 18- و قال عليه‌السلام: بينكم و بين الموعظة حجاب العزة. 19- و قال عليه‌السلام: ان من طلب العبادة تزكي لها. 20- و قال عليه‌السلام: قطع العلم عذر المتعلمين [55] . 21- و قال عليه‌السلام: أحسن الحسن الخلق الحسن [56] . [ صفحه 128]

اجوبته

نقدم في هذا الفصل بعض أجوبته عليه‌السلام في مسائل شتي من الأخلاق، و الآداب. و جوابه صلوات الله عليه - علي اختصاره - لا تجده في مطولات كتب الأخلاق، و لا عند حكماء الاسلام؛ و بعض هذه الأسئلة سأله عنها أبوه أميرالمؤمنين عليه‌السلام، اظهارا لفضله، و اشادة بمقامه. كما أن بعض هذه الأسئلة بدرجة من الغموض - كمسائل ملك الروم - لا يمكن الاجابة عنها، و الاهتداء اليها، ولكنهم أهل البيت علمهم عن جدهم عن جبرئيل، عن الله. نذكر بعض أجوبته عليه‌السلام: 1- سأله أبوه أميرالمؤمنين عليه‌السلام: فقال: يا بني ما السداد؟ قال: يا أبت السداد دفع المنكر بالمعروف. قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة، و حمل الجريرة. قال: فما المروءة؟ قال: العفاف، و اصلاح المرء ما له. قال: فما الدنيئة؟ قال: النظر في اليسير، و منع الحقير. [ صفحه 129] قال: فما اللؤم؟ قال: احتراز المرء نفسه، و بذله عرسه. قال: فما السماحة؟ قال: البذل في العسر و اليسر. قال: فما الشح؟ قال: أن تري ما في يديك سرفا، و ما أنفقته تلفا. قال: فما الاخاء؟ قال: الوفاء في الشدة و الرخاء. قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة علي الصديق، و النكول عن العدو. قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوي، و الزهادة في الدنيا. قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ، و ملك النفس. قال: فما الغني؟ قال: رضي النفس بما قسم الله لها و ان قل، فانما الغني غني النفس. قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شي‌ء. قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس، و مقارعة أشد الناس. قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقية. [ صفحه 130] قال: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران. قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك. قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم، و أن تعفو عند الجرم. قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلما استرعيته. قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك امامك، و رفعك عليه كلامك. قال: فما الثناء؟ قال: اتيان الجميل، و ترك القبيح. قال: فما الحزم؟ قال: نول الأناة و الرفق بالولاة و الاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم. قال: فما الشرف؟ قال: موافقة الاخوان، و حفظ الجيران. قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة، و مصاحبة الغواة. قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد، و طاعتك المفسد. قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك و قد عرض عليك [57] . [ صفحه 131] 2- سئل عليه‌السلام عن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض. فقال: أشد شي‌ء خلق الله الحجر، و أشد منه الحديد يقطع به الحجر، و أشد من الحديد النار تذيب الحديد، و أشد من النار الماء، و أشد من الماء السحاب، و أشد من السحاب الريح التي تحمل السحاب، و أشد من الريح الملك الذي يردها، و أشد من الملك ملك الموت الذي يميت الملك، و أشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت، و أشد من الموت أمر الله الذي يدفع الموت [58] . 3- سئل عليه‌السلام: من أحسن الناس عيشا؟ فقال عليه‌السلام: من أشرك الناس في عيشه. و سئل عليه‌السلام: من أشر الناس عيشا؟ فقال عليه‌السلام: من لا يعيش في عيشه أحد [59] . 4- سأله معاوية: يا أبامحمد ثلاث خصال ما وجدت من يخبرني عنهن. قال عليه‌السلام: و ما هي؟ قال: المروءة و الكرم و النجدة. فقال عليه‌السلام: أما المروءة: فاصلاح الرجل أمر دينه و حسن قيامه علي ماله، ولين الكف و افشاء السلام، و التحبب الي الناس. و الكرم: العطية قبل السؤال، و التبرع بالمعروف و الاطعام في المحل. ثم النجدة: الذب عن الجار، و المحاماة في الكريهة، و الصبر عند الشدائد [60] . 5- سئل عليه‌السلام عن الصمت فقال عليه‌السلام: هو ستر العي، و زين العرض، و فاعله في راحة، و جليسه آمن [61] . [ صفحه 132] 6- كتب ملك الروم الي معاوية يسأله عن ثلاث: عن مكان بمقدار وسط السماء، و عن أول قطرة دم علي الأرض، و عن مكان طلعت فيه الشمس مرة، فلم يعلم ذلك، فاستغاث بالحسن بن علي عليهماالسلام. فقال: ظهر الكعبة، و دم حواء، و أرض البحر حين ضربه موسي [62] . 7- و عنه عليه‌السلام في جواب ملك الروم و قد سأل عما لا قبله له، و عما لا قرابة له قال: ما لا قبلة له فهو الكعبة، و ما لا قرابة له فهو الرب تعالي [63] . 8- سأل شامي الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: كم بين الحق و الباطل؟ فقال: أربع أصابع فما رأيته بعينك فهو الحق، و قد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا. قال: كم بين الايمان و اليقين؟ فقال: أربع أصابع، الايمان ما سمعناه، و اليقين ما رأيناه. قال: كم بين السماء و الأرض؟ قال: دعوة المظلوم، و مد البصر. قال: كم بين المشرق و المغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس [64] . 9- كان الحسن رضي الله عنه يجلس في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و يجتمع الناس حوله، فجاء رجل فوجد شخصا يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الناس حوله مجتمعون، فجاء اليه الرجل فقال: أخبرني عن شاهد و مشهود؟ فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم عرفة. فتجاوزه الي آخر يحدث في المسجد فسأله عن شاهد و مشهود كذلك. فقال: أما الشاهد فيوم الجمعة و أما المشهود فيوم النحر. ثم تجاوزهما الي ثالث فسأله عن شاهد و مشهود أيضا فقال: [ صفحه 133] الشاهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و المشهود يوم القيامة، أما سمعته عزوجل يقول: (يأيها النبي انآ أرسلنك شهدا و مبشرا و نذيرا) و قال تعالي: (ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود) فسأل عن الأول فقالوا ابن‌عباس، و سأل عن الثاني فقالوا: ابن‌عمر، و سأل عن الثالث فقالوا: الحسن بن علي بن أبي‌طالب رضي الله عنهما [65] . 10- سئل عليه‌السلام عن السياسة فقال: هي أن ترعي حقوق الله، و حقوق الأحياء، و حقوق الأموات، فأما حقوق الله: فأداء ما طلب، و الاجتناب عما نهي؛ و أما حقوق الأحياء: فهي أن تقوم بواجبك نحو اخوانك، و لا تتأخر عن خدمة أمتك، و أن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته، و أن ترفع عقيرتك في وجهه اذا ما حاد عن الطريق السوي، و أما حقوق الأموات: فهي أن تذكر خيراتهم و تتغاضي عن مساوئهم، فان لهم ربا يحاسبهم [66] . 11- سأله معاوية: ما يجب لنا في سلطاننا؟ فقال عليه‌السلام: ما قال سليمان بن داود. قال: و ما قال سليمان؟ قال: انه قال لبعض أصحابه: أتدري ما يجب علي الملك في ملكه، و ما لا يضر اذا أدي الذي عليه منه: اذا خاف الله في السر و العلانية، و عدل في الغضب و الرضا، و قصد في الفقر و الغني، و لم يأخذ الأموال غصبا، و لم يأكلها اسرافا و تبذيرا، لم يضره ما تمتع به من دنياه اذا كان من خلته [67] . 12- كان عليه‌السلام يطوف في بيت الله الحرام فسأله رجل عن معني الجواد. فقال له: ان لكلامك وجهين: ان كنت تسأل عن المخلوق فان الجواد الذي يؤدي ما افترض عليه، و البخيل الذي يبخل بما افترض عليه؛ و ان كنت تسأل عن [ صفحه 134] الخالق: فهو الجواد ان أعطي و ان منع، لأنه ان أعطي عبدا أعطاه ما ليس له، و ان منع منع ما ليس له [68] . 13- سأله رجل: يا ابن‌رسول الله صف لي ربك كأني أنظر اليه فأطرق عليه‌السلام مليا ثم رفع رأسه فقال: الحمدلله الذي لم يكن له أول معلوم، و لا آخر متناه، و لا قبل مدرك، و لا بعد محدود، و لا أمد بحتي و لا شخص فيتجزأ، و لا اختلاف صفة فيتناهي، فلا تدرك العقول و أوهامها، و لا الفكر و خطوراتها، و لا الألباب و أذهانها صفته فتقول: متي، و لا بدي‌ء مما، و لا ظاهر علي ما، و لا باطن فيما، و لا تارك فهلا، خلق الخلق فكان بديئا بديعا، ابتدأ ما ابتدع؛ و ابتدع ما ابتدأ و فعل ما أراد، و أراد ما استزاد، ذلكم الله رب العالمين [69] . 14- نقل انه عليه‌السلام اغتسل و خرج من داره في حلة فاخرة، و بزة طاهرة، و محاسن سافرة، و قسمات ظاهرة و نفخات ناشرة، و وجهه يشرق حسنا، و شكله قد كمل صورة و معني، و الاقبال يلوح من أعطافه، و نضرة النعيم تعرف في أطرافه، و قاضي القدر قد حكم أن السعادة من أوصافه، ثم ركب بغلة فارهة غير قطوف، و سار مكتنفا من حاشيته و غاشيته بصفوف فلو شاهده عبدمناف لأرغم بمفاخرته به معاطس أنوف، وعده و آباءه و جده في احراز خصل الفخار يوم التفاخر بألوف، فعرض له في طريقه من محاويج اليهود، في هدم قد أنهكته العلة، و ارتكبته الذلة، و أهلكته القلة، و جلده يسير عظامه، و ضعفه يقيد أقدامه، و ضره قد ملك زمامه و سوء حاله قد حبب اليه حمامه، و شمس الظهيرة تشوي شواه، و أخمصه تصافح ثري ممشاه، و عذاب عرعريه عراه [70] و طول طواه قد أضعف بطنه و طواه، و هو حامل جرا مملوء ماء علي مطاه [71] و حاله يعطف عليه القلوب القاسية عند مرآه، فاستوقف الحسن عليه‌السلام و قال: يا ابن‌رسول الله أنصفني. [ صفحه 135] فقال عليه‌السلام: في أي شي‌ء؟ فقال: جدك يقول: الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر، و أنت مؤمن و أنا كافر، فما أري الدنيا الا جنة لك تتنعم بها و تستلذ فيها، و ما أراها الا سجنا لي قد أهلكني ضرها، و أتلفني فقرها. فلما سمع الحسن عليه‌السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد، و استخرج الجواب بفهمه من خزانة علمه، و أوضح لليهودي خطأ ظنه، و خطل زعمه، و قال: يا شيخ لو نظرت الي ما أعد الله لي و للمؤمنين في الدار الآخرة مما لا عين رأت و لا أذن سمعت، لعلمت أني قبل انتقالي اليه في هذه الدنيا في سجن ضنك؛ ولو نظرت الي ما أعد الله لك و لكل كافر في الدر الآخرة من سعير نار الجحيم و نكال عذاب المقيم لرأيت أنك قبل مصيرك اليه الآن في جنة واسعة و نعمة جامعة [72] . [ صفحه 136]

ادعيته

اشاره

الدعاء من خصائص أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، فقد ورد لكل منهم أدعية كثيرة تربو علي الحصر، و قد جمع العلماء أدعيتهم فجاءت في مصنفات كثيرة. و مضافا لما تحمل هذه الأدعية من التقديس لله تعالي، و الخضوع له، و التذلل بين يديه، فهي مجموعة في المعارف، و الآداب و الأخلاق و العرفان و الكمال، و في هذا الفصل بعض ما ورد من أدعيته عليه‌السلام القصار:

من دعاء له لما أرسل اليه معاوية و عنده نفر من قريش يريدون النيل منه

قال عليه‌السلام: «اللهم اني أعوذ بك من شرورهم، و أدرأ بك في نحورهم، و أستعين بك عليهم،فاكفنيهم كيف شئت و أني شئت، بحول منك و قوة يا أرحم الراحمين» [73] .

من دعاء له 01

كان اذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و قال: «الهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسي‌ء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم» [74] .

من دعاء له علمه لمظلوم يدعو به علي ظالمه بعد أن يصلي ركعتين فاستجيب له

«يا شديد المحال، يا عزيزا ذللت بعزتك جميع ما خلقت، اكفني شر فلان بما شئت» [75] .

من دعاء له لما أتي معاوية

«بسم الله الرحمن الرحيم، ببسم الله العظيم الأكبر، اللهم سبحانك يا قيوم، سبحان الحي الذي لا يموت، أسألك كما أمسكت عن دانيال أفواه الأسد و هو في الجب، فلا يستطيعون اليه سبيلا الا باذنك، أسألك أن تمسك عني أمر هذا الرجل، و كل عدو لي في مشارق الأرض و مغاربها، من الانس و الجن خذ بآذانهم و أسماعهم و أبصارهم و قلوبهم و جوارحهم، و اكفني كيدهم، بحول منك و قوة، و كن لي جارا منهم و من كل جبار عنيد، و من كل شيطان مريد، لا يؤمن بيوم الحساب، ان وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين، فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا الله هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم» [76] .

من دعاء له 02

«يا من اليه يفر الهاربون، و به يستأنس المستوحشون، صل علي محمد و آله، و اجعل أنسي بك، فقد ضاقت عني بلادك، و اجعل توكلي عليك فقد مال علي أعداؤك. اللهم صل علي محمد واجعلني بك أصول، و بك أجول، و عليك أتوكل، و اليك أنيب. اللهم و ما وصفتك من صفة، أو دعوتك من دعاء يوافق ذلك محبتك و رضوانك، فاحيني علي ذلك و أمتني عليه، و ما كرهت من ذلك فخذ بناصيتي الي ما تحب و ترضي، بؤت اليك ربي من ذنوبي، و اسغفرك من جرمي، و لا حول و لا قوة الا بالله، لا اله الا هو الحليم الكريم، و صلي الله علي محمد و آله و اكفنا مهم الدنيا و الآخرة في عافية يا رب العالمين» [77] .

من دعاء له 03

«اللهم انك الخلف من جميع خلفك، و ليس في خلقك خلف مثلك، الهي من أحسن فبرحمتك، و من أساء فبخطيئته، فلا الذي أحسن استغني عن ردفك و معونتك، [ صفحه 138] و لا الذي أساء استبدل بك، و خرج من قدرتك، الهي بك عرفت، و بك اهتديت الي أمرك، و لولا أنت لم أدر ما أنت، فيا من هو هكذا و لا هكذا غيره صل علي محمد و آل محمد وارزقني الاخلاص في عملي، و السعة في رزقي. اللهم اجعل خير عملي آخره، و خير عملي خواتمه، و خير أيامي يوم ألقاك. الهي أطعتك و لك المنة علي في أحب الأشياء اليك: الايمان بك، و التصديق برسولك، و لم أعصك في أبغض الأشياء اليك: الشرك بك، و التكذيب برسولك، فاغفر لي ما بينهما يا أرحم الراحمين» [78] . [ صفحه 139]

استجابة دعائه

و من مضان استجابة الدعاء هو دعاء المظلوم علي ظالمه، و الأئمة عليهم‌السلام هم المظلومون، و هم المضطهدون فقد تحملوا الأذي، و تجرعوا الغصص حتي كانت نهايتهم جميعا سلام الله عليهم القتل أو السم. و قد اؤثر عنهم عليهم‌السلام كظم الغيظ، و الصفح عن المسي‌ء، لكنهم عليهم‌السلام اذا رأوا تمادي ظالميهم، ابتهلوا اليه في الانتقام منهم، فيستجيب الله دعاءهم فيهم، و يذيقهم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة. نورد بعض ما ورد من استجابة دعائه عليه‌السلام: 1- استغاث الناس من زياد الي الحسن بن علي. فرفع يده و قال: «اللهم خذ لنا ولشيعتنا من زياد بن أبيه، و أرنا فيه نكالا عاجلا انك علي كل شي‌ء قدير». فخرج خراج في ابهام يمينه يقال لها السلعة، و ورم الي عنقه فمات [79] . 2- ان معاوية أمر الحسن عليه‌السلام أن يخطب فخطب خطبة بليغة، و حضر المحفل رجل من بني‌أمية و كان شابا، فأغلظ علي الحسن في كلامه، و تجاوز الحد في الشتم و السب، له و لأبيه. فقال الحسن عليه‌السلام: اللهم غير ما به من نعمة.. فمسخ ذلك الرجل [80] . [ صفحه 140]

شعره

الشعر المنسوب لأئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام جله حكم و نصائح و عرفان و كمال، فهم صلوات الله عليهم يتوسلون بكل الطرق للنهوض بالأمة الاسلامية و تعليمها مكارم الأخلاق، و يبذلون شتي الوسائل للدعوة الي الله تعالي، فلا غرو أن يكون شعرهم صلوات الله عليهم حكم، و مواعظ، و حث علي مكارم الأخلاق و أنبل الصفات. و في هذا الفصل بعض ما ورد من شعر الامام الحسن عليه‌السلام: 1- قال عليه‌السلام في الحذر من تقلب الليالي: ذري كدر الأيام ان صفاءها تولي بأيام السرور الذواهب و كيف يغر الدر من كان بينه و بين الليالي محكمات التجارب 21- و قال عليه‌السلام في التذكير بالموت: قل للمفيم بغير دار اقامة حان الرحيل فودع الأحبابا ان الذين لقيتهم و صحبتهم صاروا جميعا في القبور ترابا 3- و قال عليه‌السلام في التذكير: يا أهل لذات دنيا لا بقاء لها ان المقام بظل زائل حمق [81] . 4- و قال عليه‌السلام في الزهد في الدنيا: لكسرة من خسيس الخبز تشبعني و شربة من قراح الماء تكفيني [ صفحه 141] و طمرة من رقيق الثوب تسترني حيا و ان مت تكفيني لتكفيني [82] . 5- و له عليه‌السلام في السخاء: ان السخاء علي العباد فريضة لله يقرأ في كتاب محكم وعد العباد الأسخياء جنانه و أعد للبخلاء نار جهنم من كان لا تندي يداه بنائل للراغبين فليس ذاك بمسلم [83] . 6- و بلغه عليه‌السلام سب ابن‌العاص له في مجلس معاوية، فأتي معاوية و خاطبه في المجلس: أتأمر يا معاوية عبد سهم بشتمي و الملا منا شهود اذا أخذت مجالسها قريش فقد علمت قريش ما تريد أأنت تظل تشتمني سفاها لضغن ما يزول و ما يبيد فهل لك من أب كأبي تسامي به من قد تسامي أو تكيد و لا جد كجدي يا ابن‌حرب رسول الله ان ذكر الجدود و لا أم كأمي في قريش اذا ماحصل الحسب التليد فما مثلي تهكم يا ابن‌حرب و لا مثلي ينهنه الوعيد فمهلا لا تهيج بنا أمورا يشيب لهولها الطفل الوليد [84] . 7- عن علي بن عقبة عن أبيه قال: دخل الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام علي معاوية و عند شباب من قريش يتفاخرون و الحسن ساكت، فقال له: يا حسن والله ما أنت بكليل اللسان، و لا بماشوب الحسب، فلم لا تذكر فخركم و قديمكم فأنشأ الحسن يقول: فيم الكلام و قد سبقت مبرزا سبق الجواد من المدي المتباعد نحن الذين اذا القروم تخاطروا طبنا علي رغم العدو الحاسد [85] . [ صفحه 142] 8- و قال عليه‌السلام في الحث علي العطاء: اذا ما أتاني سائل قلت مرحبا بمن فضله فرض علي معجل و من فضله فضل علي كل فاضل و أفضل أيام الفتي حين يسئل [86] . 9- و له عليه‌السلام في السخاء: خلقت الخلائق في قدرة فمنهم سخي و منهم بخيل فأما السخي ففي راحة و أما البخيل فحزن طويل [87] . 10- و له عليه‌السلام في الحث علي التقوي: قدم لنفسك ما استطعت من التقي ان المنية نازل بك يا فتي أصبحت ذا فرح كأنك لا تري أحباب قلبك قي المقابر و البلي [88] . 11- و له عليه‌السلام في الاستغناء عن الناس: اغن عن المخلوق بالخالق تغن عن الكاذب و الصادق و استرزق الرحمن من فضله فليس غيرالله بالرازق من ظن أن الناس يغنونه فليس بالرحمن بالواثق من ظن أن الرزق من كسبه زلت به النعلان من حالق [89] . [ صفحه 143]

صلحه

تمهيد

مات أميرالمؤمنين عليه‌السلام و في قلبه آلام كبيرة من تخاذل أصحابه عنه، و انصرافهم عن نصرته، و بين أيدينا نهج‌البلاغة فهو مملوء بالشكوي منهم، و التذمر من فعالهم، فمرة يخاطبهم: لقد ملئتم قلبي قيحا، و شحنتم صدري غيظا، و جرعتموني نغب التهمام أنفاسا، و أفسدتم علي رأيي بالعصيان و الخذلان. و في مرة أخري يقول لهم: اف لكم، لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا، و بالذل من العز خلفا. و يخطب فيهم و هو متذمر فيقول: أقوم فيكم مستصرخا و أناديكم متغوثا، فلا تسمعون لي قولا، و لا تطيعون لي أمرا، حتي تكشف الأمور عن عواقب المساءة، فما يدرك بكم ثار،و لا يبلغ بكم مرام، دعوتكم الي نصر اخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الاسر، و تثاقلتم تثاقل النضو الأدبر، ثم خرج الي منكم جند متذائب ضعيف (يساقون الي الموت و هم ينظرون). و يبلغ به اليأس فيقول: الذليل والله من نصرتموه، و من رمي بكم فقد رمي بأفوق ناصل. و يصفهم عليه‌السلام فيقول: ما عزت دعوة من دعاكم، و لا استراح قلب من قاساكم، أعليل بأضاليل دفاع ذي الدين المطول. و يهددهم فيقول: و اني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم علي باطلهم و تفرقكم عن حقكم، و بمعصيتكم امامكم في الحق، و طاعتهم امامهم في الباطل. [ صفحه 144] و في الوقت الذي كان فيه جيش الامام عليه‌السلام بالكيفية التي مرت كان أعداؤه أطوع جيش لسائسهم، و أسمع جند لقائدهم حتي قال عليه‌السلام: صاحبكم يطيع الله و أنتم تعصونه، و صاحب أهل الشام يعصي الله و هو يطيعونه، لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشر منكم، و أعطاني رجلا منهم [90] . و كان معاوية علي علم بجيش الامام و تمرده، فقد قال: كنت في أطوع جند و أصلحه و كان في أخبث جند و أعصاه [91] .

جيش الحسن

و كانت المشكلة أكبر في عهد الامام أبي‌محمد الحسن عليه‌السلام، فقد ازداد أصحابه تخاذلا، فهم لم يخرجوا للحرب الا بعد اللتيا و التي، و بعد أن أسمعهم عدي بن حاتم و غيره من أهل البصائر أعنف الكلام و التوبيخ. و قد وصف الشيخ المفيد عليه الرحمة جيش الامام الحسن عليه‌السلام فقال: و استنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه، ثم خفوا، و معه أخلاط من الناس: بعضهم شيعة له و لأبيه، و بعضهم محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة، و بعضهم أصحاب فتن و طمع في الغنائم، و بعضهم شكاك، و بعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم، لا يرجعون الي دين [92] .

عبيدالله بن العباس

و عسكر الحسن عليه‌السلام بذلك الجيش المتفتت بالنخيلة: و أرسل طلائعه - اثني‌عشر ألفا - بقيادة عبيدالله بن العباس، و كان هذا العبيد جديرا بهذا المنصب، فقد سبق له أن عمل لأميرالمؤمنين عليه‌السلام، كما أنه موتور من معاوية، فقد قتل له بسر بن أرطأة في غارته علي اليمن طفلين صغيرين، كان هذا و غيره مبررا لتأميره علي الجيش. [ صفحه 145] و خرج هذا الجيش حتي اذا وصل العيوضة - قرب مسكن - و وقف قبالة جيش الشام، راسله معاوية و تمت الصفقة بمبلغ ألف ألف درهم، علي أن يعجل له نصفها، و نصفها الآخر، اذا دخل الكوفة. استهوت الرجل الأموال، فانساب اليه في جنح الظلام؛ و أصبح الجيش و هم ينتظرون قائدهم ليصلي بهم و اذا هو في صفوف معاوية، و منادي أهل الشام: هذا أميركم عندنا قد بايع، و امامكم الحسن قد صالح فعلام تقتلون أنفسكم. و يظهر أن الجيش بعد هذه النكبة أخذ يتحرك نحو معاوية تدريجيا. قال اليعقوبي: سار عبيدالله الي معاوية في ثمانية آلاف من أصحابه [93] .

المراسلة بين أهل الكوفة و معاوية

و استعمل معاوية الرشاوي و الوعود، و جميع السبل البعيدة عن الدين و الكرامة لتفتيت القوي العسكرية للامام السبط، حتي التحق به بعض القادة و الوجوه [94] . و استمر معاوية في نشاطه المحموم، فكتب الي بعض زعماء الكوفة: يوعدهم بالمال، و يمنيهم بولاية من ولايات الشام، و أن يزوجهم بابنته ان هو قتل الحسن؛ و علم عليه‌السلام بذلك، فصار يلبس درعه اذا أراد الصلاة، و مرة جاءه سهم في أثناء الصلاة [95] . [ صفحه 146] و رغب اليه آخرون من رؤساء القبائل فكتبوا اليه بالسمع و الطاعة له في السر. و استحثوه علي المسير نحوهم، و ضمنوا له تسليم الحسن اليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به [96] . فلو أبطأ الحسن عليه‌السلام عن الصلح لسلمه أهل الكوفة الي معاوية، و هذا أشد من الصلح علي الامام عليه‌السلام.

معسكر الحسن

يعسكر عليه‌السلام بذلك الجيش المتزعزع الخليط، و يستمر معاوية في كيده و غيه، فيوجه المغيرة بن شعبة، و عبدالله بن عامر بن كريز، و عبدالرحمن بن أم الحكم، و أتوه و هو بالمدائن نازل في مضاربه، ثم خرجوا من عنده و هم يقولون و يسمعون الناس: ان الله قد حقن بابن رسول الله الدماء، و سكن به الفتنة، و أجاب الي الصلح. فاضطرب العسكر، و لم يشك الناس في صدقهم، فوثبوا علي الحسن فانتهبوا مضاربه و ما فيها، فركب الحسن فرسا و مضي في مظلم ساباط، و قد كمن له الجراح بن سنان الأسدي فجرحه بمغول في فخذه، و قبض عليه‌السلام علي لحية الجراح ثم لواها فدق عنقه، و حمل الحسن الي المدائن و قد نزف نزفا شديدا، واشتدت به العلة، فافترق عنه الناس [97] .

لو قاتل لقتل

فكان لا بد من بعد هذه الجولة من أحد أمرين: اما أن يستميت هو و أهل بيته و أهل البصائر من أصحابه، فيقفون بضع ساعات أمام جيوش الشام، ثم تفرغ الساحة لمعاوية، فيجد في تتبع المسلمين، و محو الاسلام، يعيث في الأرض الفساد، و ربما أرجع الناس الي الجاهلية من جديد، أو يبايع ابقاءا علي أهل بيته و شيعته، ثم ينصرف للامتداد بالاسلام بمدرسته و تعاليمه، كما فعل أبوه أميرالمؤمنين عليه‌السلام خمسا و عشرين سنة. [ صفحه 147]

لو قتل لانطفأ نور الحق

لا يقتل الحسن حتي يقتل الحسين، و لا يقتل الحسين حتي يقتل الهاشميون، و لا يقتل الهاشميون حتي يقتل بقايا الصحابة و التابعين، و يخلو الجو لمعاوية ليعيدها أموية جاهلية فيقضي علي الاسلام، فان أعجزه ذلك فهو لا يعجز عن مسخه و تشويهه، و قد فطن سيد شباب أهل الجنة لذلك فقد قال لمالك بن ضمرة لما عاتبه علي الصلح: اني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين ناعي [98] . و يجيب سفيان بن ياليل لما قال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فيقول عليه‌السلام: ما أذللتهم، ولكن كرهت أن أفنيهم، و أستأصل شأفتهم [99] . و يقول لأبي سعيد لما سأله عن علة الصلح: و لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا علي وجه الأرض أحد الا قتل [100] .

معاوية بن أبي‌سفيان

و أبوسفيان أشد الناس عداوة لله و الرسول هم أن يدخل في الاسلام ولكن معاوية كتب اليه: يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا و بقي حنق معاوية علي الاسلام و أهله و هو أميرالمؤمنين!!! فقد اجتمع مرة بابن عباس فقال له: ان نفسي منكم لحزازات يا بني‌هاشم و اني لخليق أن أدرك فيكم الثأر، و أنفي العار، فان دماءنا قبلكم، و ظلامتنا فيكم [101] . و ما أظن مسلما قد دخل الاسلام الي قلبه يقول ذلك، يريد أن ينتصر لقتلي الجاهلية، و أعداء الاسلام و الرسول. [ صفحه 148] و أشد من ذلك ما نقله مطرف بن المغيرة بن شعبة قال: وفدت مع أبي‌المغيرة علي معاوية، و كان أبي يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف الي فيذكر معاوية و يذكر عقله، و يعحب بما يري منه، اذ جاء ليلة فأمسك عن العشاء، و رأيته مغتما منذ الليلة، فانتظرته ساعة و ظننت أنه لشي‌ء قد حدث فينا و في عملنا، فقلت: مالي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني جئت من عند أخبث الناس. قلت: و ما ذاك؟ قال: قلت له - و قد خلوت به -: انك قد بلغت سنا يا أميرالمؤمنين فلو أظهرت عدلا، و بسطت خيرا، فانك قد كبرت، ولو نظرت الي اخوانك من بني‌هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شي‌ء تخافه. فقال: هيهات هيهات، ملك أخو تيم فعدل و فعل ما فعل، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره، الا أن يقول قائل: أبوبكر ثم ملك أخو بني عدي، فاجتهد و شمر عشر سنين، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره الا أن يقول قائل: عمر، ثم جاء ملك عثمان، فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه، و فعل ما فعل، و عمل به ما عمل، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره و ذكر ما فعل به، و ان أخا بني‌هاشم يصاح به في كل يوم خمس مرات أشهد أن محمدا رسول الله، فأي عمل يبقي بعد هذا لا أم لك، لا والله الا دفنا دفنا [102] . و قد وصل هذا الحديث الي سمع المأمون من بعض سماره، فكتب الي الآفاق بلعن معاوية، و براءة الذمة ممن يذكره بخير، لما رأي في قوله من الوثنية و الجاهلية، و الالحاد في الله، و الكفر برسوله و بخلفائه [103] . و ما اصرار معاوية علي سب أميرالمؤمنين عليه‌السلام الا صورة مصغرة لذلك العداء الذي يضمره للاسلام و الرسول، فقد قال صلي الله عليه و آله و سلم: من سبني فقد سب الله، و من سب عليا فقد سبني [104] . [ صفحه 149] و بقي معاوية بعيدا عن عالم الاسلام و أحكامه يعيش بعقلية الجاهلية الأولي، فقد خطب بالنخلية بعد أن صلي بالناس ضحي النهار و قال في خطبته: اني والله ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا، و لا لتحجوا، و لا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم، و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون، ألا و اني كنت منيت الحسن بن علي علي أشياء و جميعها تحت قدمي، لا أفي بشي‌ء منها [105] . و وقف مرة بين رجالات قريش و قال: اني ما وليتها بمحبة علمتها منكم، و لا مسرة بولايتي، ولكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة، و لقد رضيت لكم نفسي علي عمل ابن أبي‌قحافة فامتنعت علي، وأردتها علي عمل عمر فنفرت من ذلك نفارا شديدا، وأردتها علي ثنيات عثمان فأبت علي، فسلكت بها طريقا لي ولكم فيه منفعة، مؤاكلة حسنة، و مشاربة جميلة، فان لم تجدوني خيركم فاني خير لكم ولاية [106] . و رآه أبوالدرداء يشرب بأواني الذهب و الفضة فقال له: اني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ان الشارب فيها لتجرجر في جوفه نار جهنم. فقال معاوية: أما أنا فلا أري بذلك بأسا. فقال أبوالدرداء: من عذيري من معاوية!! أنا أخبره عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و هو يخبرني عن رأيه، لا أساكنك بأرض أبدا [107] . و اذا تحدثنا عن معاوية و موبقاته احتجنا الي مجلدات، و حسب الانسان أن يرجع الي كتاب النصائح الكافية لمن يتولي معاوية للسيد محمد بن عقيل الحضرمي، و كتب التراجم، للوقوف علي حقيقة هذا الشخص المنحوس. و أعتقد أن هذا الذي مر عليك كان مبررا للسبط الزكي في الصلح، حفاظا علي الاسلام، و البقية الباقية من المسلمين، و كي يقطع علي معاوية الطريق. [ صفحه 150]

مناظرته مع معاوية و أصحابه

كل من وقف علي هذا الفصل أدرك لؤم الأمويين و حقارتهم و نفسياتهم الخبيثة، فلم تدعهم دناءتهم بترك الحسن عليه‌السلام و شأنه و قد بايع لهم؛ و ترك لهم الملك و السلطان دون أن يرسلوا خلفه، لا لغرض الا لسبه و سب أبيه عليه‌السلام. قال ابن أبي‌الحديد: روي الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات قال: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص، و الوليد بن عقبة بن أبي‌معيط، و عتبة بن أبي‌سفيان ابن‌حرب، و المغيرة بن شعبة، و قد كان بلغهم عن الحسن بن علي عليه‌السلام قوارص، و بلغه عنهم مثل ذلك، فقالوا: يا أميرالمؤمنين ان الحسن قد أحيا أبا و ذكره، و قال فصدق، و أمر فأطيع، و خفقت له النعال. و ان ذلك لرافعه الي ما هو أعظم منه، و لا يزال يبلغنا عنه ما يسؤنا. قال معاوية: فما تريدون؟ قالوا:ابعث عليه فليحضر لنسبه، و نسب أباه، و نعيره ونوبخه، و نخبره أن أباه قتل عثمان و نقرره بذلك، و لا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك. قال معاوية: اني لا أري ذلك و لا أفعله. قالوا: عزمنا عليك يا أميرالمؤمنين لتفعلن. فقال: ويحكم لا تفعلوا، فوالله ما رأيته قط جالسا عندي الا خفت مقامه، و عبيه لي. قالوا: ابعث اليه علي كل حال. [ صفحه 151] قال: ان بعثت اليه لأنصفنه منكم. فقال عمرو بن العاص: أتخشي أن يأتي باطله علي حقنا، أو يربي قوله علي قولنا؟! قال معاوية: أما اني أبعث اليه لآمرنه أن يتكلم بلسانه كله. قالوا: مره بذلك. قال: أما اذا عصيتموني و بعثم اليه، و أبيتم الا ذلك، فلا تعرضوا له في القول، و اعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب، لا يلصق بهم العار، ولكن اقذفوه بحجره، تقولون له: ان أباك قتل عثمان، و كره خلافة الخلفاء من قبله. فبعث اليه معاوية فجاءه رسوله فقال: ان أميرالمؤمنين يدعوك. قال: من عنده؟ فسماهم. فقال الحسن عليه‌السلام: ما لهم خر عليهم السقف من فوقهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم قال: يا جارية ابغيني ثيابي، اللهم اني أعوذ بك من شرورهم، و ادرأ بك في نحورهم، و أستعين بك عليهم، فاكفينهم كيف شئت، و أني شئت بحول منك و قوة يا أرحم الراحمين. ثم قام فدخل علي معاوية فأعظمه و أكرمه، و أجلسه الي جانبه، و قد ارتاد القوم و خطروا خطران الفحول، بغيا في أنفسهم و علوا، ثم قال، يا أبامحمد ان هؤلاء بعثوا اليك و عصوني. فقال الحسن عليه‌السلام: سبحان الله الدار دارك، و الاذن فيها اليك، والله ان كنت أجبتهم الي ما أرادوا و ما في أنفسهم اني لأستحي لك من الفحش، و ان كانوا غلبوك علي رأيك اني لأستحي لك من الضعف، فأيهما تقر، و أيهما تنكر، أما اني لو علمت بمكانهم جئت معي بمثلهم من بني عبدالمطلب [108] ، و ما لي أن أكون مستوحشا منك و لا منهم ان وليي الله و هو يتولي الصالحين. [ صفحه 152] فقال معاوية: يا هذا اني كرهت أن أدعوك، ولكن هؤلاء حملوني علي ذلك مع كراهتي له، و أن لك منهم النصف، و مني و انما دعوناك لنقررك أن عثمان قتل مظلوما، و أن أباك قتله، فاستمع منهم، ثم أجبهم، و لا تمنعك وحدتك و اجتماعهم أن تتكلم بكل لسانك. فتلكم عمرو بن العاص: فحمد الله، و صلي علي رسوله، ثم ذكر عليا عليه‌السلام، فلم يترك شيئا يعيبه به الا قاله، و قال: انه شتم أبابكر و كره خلافته، و امتنع من بيعته، ثم بايعه مكرها، و شرك في دم عمر، و قتل عثمان طلما، و ادعي من الخلافة ما ليس له، ثم ذكر الفتنة يعيره بها، و أضاف اليه مساوي‌ء و قال: انكم يا بني عبدالمطلب لم يكن الله ليعطيكم الملك علي قتالكم الخلفاء، و استحلالكم ما حرم الله من الدماء. و حرصكم علي الملك، و اتيانكم ما لا يحل لكم، ثم انك يا حسن تحدث نفسك أن الخلافة صائرة اليك، و ليس عندك عقل ذلك و لا لبه، كيف تري الله سبحانه سلبك عقلك، و تركك أحمق قريش، يسخر منك و يهزأ بك، و ذلك لسوي عمل أبيك، و انما دعوناك لنسبك و أباك، فأما أباك فقد تفرد الله به، و كفانا أمره، و أما أنت فانك في أيدينا نختار فيك الخصال، ولو قتلناك ما كان علينا اثم من الله، و لا عيب من الناس، فهل تستطيع أن ترد علينا و تكذبنا؟ فان كنت تري انا كذبنا في شي‌ء فأردده علينا فيما قلنا، و الا فاعلم أنك و أباك ظالمان. ثم تكلم الوليد بن عقبة بن أبي‌معيط فقال: يا بني‌هاشم انكم كنتم أخوال عثمان فنعم الولد كان لكم، فعرف حقكم، و كنتم أصهاره فنعم الصهر كان لكم يكرمكم، فكنتم أول من حسده، فقتله أبوك ظلما، لا عذر له و لا حجة، فكيف ترون الله طلب بدمه، و أنزلكم منزلتكم؛ ولله ان بني‌أمية خير لبني هاشم من بني‌هاشم لبني أمية؛ و ان معاوية خير لك من نفسك. ثم تلكم عتبة بن أبي‌سفيان فقال: يا حسن كان أبوك شر قريش لقريش لسفكه لدمائها، و قطعه لأرحامها، طويل السيف و اللسان، يقتل الحي، و يعيب الميت، و انك ممن قتل عثمان و نحن قاتلوك به، و أما رجاؤك الخلافة فلست في زندها قادحا، [ صفحه 153] و لا في ميراثها راجحا، و انكم يا بني‌هاشم قتلتم عثمان، و ان من الحق أن نقتلك و أخاك به، فأما أبوك فقد كفانا الله أمره، و أقاد منه، و أما أنت فوالله ما علينا لو قتلناك بعثمان اثم و لا عدوان. ثم تكلم المغيرة بن شعبة فشتم عليا و قال: ما أعيبه في قضية يخون، و لا في حكم يميل ولكنه قتل عثمان. ثم سكتوا، فتكلم الحسن بن علي عليه‌السلام: فحمد الله و أثني عليه، و صلي علي رسوله و آله، ثم قال: أما بعد يا معاوية فما هؤلاء شتموني ولكنك شتمتني، فحشا ألفته، و سوء رأي عرفت به، و خلقا سيئا ثبت عليه، و بغيا علينا، و عداوة منك لمحمد و أهله، ولكن اسمع يا معاوية و اسمعوا، فلأقولن فيك و فيهم ما هو دون ما فيكم: أنشدكم الله أيها الرهط أتعلمون أن الذي شتمتموه منذ اليوم صلي القبلتين كليهما و أنت يا معاوية بهما كافرا تراها ضلالة، و تعبد اللات و العزي غواية، و أنشدكم الله هل تعلمون أنه بايع البيعتين كليهما: بيعة الفتح، و بيعة الرضوان، و أنت يا معاوية بأحدهما كافر، و بالأخري ناكث، و أنشدكم الله هل تعلمون أنه أول الناس ايمانا، و أنك يا معاوية و أباك من المؤلفة قلوبهم: تسرون الكفر، و تظهرون الاسلام، و تستمالون بالأموال، و أنشدكم الله ألستم تعلمون أنه كان صاحب راية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم بدر، و أن راية المشركين كانت مع معاوية و مع أبيه، ثم لقيكم يوم أحد و يوم الأحزاب و معه راية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و معك و مع أبيك راية الشرك، و في كل ذلك يفتح الله له، و يفلج حجته، و ينصر دعوته، و يصدق حديثه، و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في تلك المواطن كلها عنه راض، و عليك و علي أبيك ساخط و أنشدك الله يا معاوية أتذكر يوما جاء أبوك علي جمل أحمر و أنت تسوقه، و أخوك عتبة هذا يوقده، فرآكم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: اللهم العن الراكب و القائد و السائق، أتنسي يا معاوية الشعر الذي كتبته الي أبيك لما هم أن يسلم، تنهاه عن ذلك: يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا بعد الذين ببدر أصبوا مزقا خالي و عمي و عم الأم ثالثهم و حنظل الخير قد أهدي لنا الأرقا لا تركنن الي أمر تكلفنا و الراقصات به في مكة الخرقا [ صفحه 154] فالموت أهون من قول العداة لقد حاد ابن‌حرب عن العزي اذا فرقا والله لما أخفيت من أمرك أكبر مما أبديت، و أنشدكم الله أيها الرهط أتعلمون أن عليا حرم الشهوات علي نفسه بين أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأنزل فيه: (يآيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبت مآ أحل الله لكم) و أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعث أكابر أصحابه الي بني‌قريظة فنزلوا من حصنهم فهزموا، فبعث عليا بالراية فاستنزلهم علي حكم الله و حكم رسوله، و فعل في خيبر مثلها، ثم قال: يا معاوية أظنك لا تعلم أني أعلم ما دعا به عليك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لما أراد أن يكتب كتابا الي بني‌خزيمة، فبعث اليك و نهمك الي أن تموت، و أنتم أيها الرهط نشدتكم الله ألا تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعن أباسفيان في سبعة مواطن لا تستطيعون ردها: أولها: يوم لقي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خارجا من مكة الي الطائف يدعو ثقيف الي الدين، فوقع به، و سبه و سفهه و شتمه و كذبه و توعده، و هم أن يبطش به، فلعنه الله و رسوله و صرف عنه، و الثانية: يوم العير اذ عرض لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هي جائية من الشام، فطردها أبوسفيان و ساحل بها، فلم يظفر المسلمون بها، و لعنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و دعا عليه، فكانت وقعة بدر لأجلها، و الثالثة: يوم أحد حيث وقف تحت الجبل، و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أعلاه، و هو ينادي: أعل هبل، مرارا، فلعنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عشر مرات، و لعنه المسلمون. و الرابعة: يوم جاء بالأحزاب و غطفان و اليهود، فلعنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابتهل. و الخامسة: يوم جاء أبوسفيان في قريش فصدوا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن المسجد الحرام و الهدي معكوفا أن يبلغ محله، و ذلك يوم الحديبية، فلعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أباسفيان، و لعن القادة و الأتباع و قال: ملعونون كلهم، و ليس فيهم من يؤمن. فقيل: يا رسول الله أفما يرجي الاسلام لأحد منهم فكيف باللعنة؟ فقال: لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع، و أما القادة فلا يفلح منهم أحد، و السادسة: يوم الجمل الأحمر، و السابعة: يوم وقفوا لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في العقبة ليستنفروا ناقته، و كانوا اثني‌عشر رجلا، منهم أبوسفيان، فهذا لك يا معاوية، و أما أنت يا ابن‌العاص فان أمرك مشترك وضعتك أمك مجهولا من عهر و سفاح، فتحاكم فيك أربعة من قريش، فغلب عليك جزارها، ألأمهم حسبا، و أخبثهم منصبا، ثم قام [ صفحه 155] أبوك فقال: أنا شاني محمد الأبتر، فأنزل الله فيه ما أنزل، قاتلت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في جميع المشاهد، و هجوته و آذيته بمكة، و كدته كيدك كله و كنت من أشد الناس له تكذيبا و عداوة، ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة لتأتي بجعفر و أصحابه الي أهل مكة، فلما أخطأك ما رجوت، و رجعك الله خائبا، و أكذبك واشيا، جعلت حدك علي صاحبك عمارة ابن‌الوليد، فوشيت به الي النجاشي حسدا لما ارتكب من حليلتك، ففضحك الله و فضح صاحبك، فأنت عدو بني‌هاشم في الجاهلية و الاسلام ثم انك تعلم و كل هذا الرهط يعلمون، أنك هجوت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بسبعين بيتا من الشعر، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: اللهم اني لا أقول الشعر، و لا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة، فعليك اذا من الله ما لا يحصي من اللعن، و أما ما ذكرت من أمر عثمان، فأنت سعرت عليه الدنيا نارا، ثم لحقت بفلسطين، فلما أتاك قتله قلت: أنا أبوعبدالله اذا نكأت قرحة أدميتها، ثم حبست نفسك الي معاوية و بعت دينك بدنياه، فلسنا نلومك علي بغض و لا نعاتبك علي ود، و بالله ما نصرت عثمان حيا و لا غضبت له مقتولا. ويحك يا ابن‌العاص ألست القائل في بني‌هاشم لما خرجت من مكة الي النجاشي: تقول ابنتي أين هذا الرحيل و ما السير مني بمستنكر فقلت ذريني فاني امرؤ أريد النجاشي في جعفر لأكويه عنده كية أقيم بها نخوة الأصعر و شاني أحمد من بينهم و أقولهم فيه بالمنكر و أرجي الي عتبة جاهدا ولو كان كالذهب الأحمر و لا انثني عن بني‌هاشم و ما اسطعت في الغيب و المحضر فان قبل العتب مني له و الا لويت له مشفري فهذا جوابك هل سمعته؟ و أما أنت يا وليد فوالله ما ألومك علي بغض علي و قد جلدك ثمانين في الخمر، [ صفحه 156] و قتل أباك بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم صبرا، و أنت الذي سماه الله الفاسق، و سمي عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له: اسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا، و أطول منك لسانا، فقال لك علي: اسكت يا وليد فأنا مؤمن و أنت فاسق، فأنزل الله في موافقة قوله: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون) ثم أنزل فيك علي موافقة قوله أيضا: (ام جآءكم فاسق بنبا فتبينوا) ويحك يا وليد مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك و فيه: أنزل الله و الكتاب عزيز في علي وفي الوليد قرانا فتبوا الوليد اذ ذاك فسقا و علي مبوأ ايمانا ليس من كان مؤمنا عمرك الله كمن كان فاسقا خوانا سوف يدعي الوليد بعد قليل و علي الي الحساب عيانا فعلي يجزي بذاك جنانا و وليد يجزي بذاك هوانا رب جد لعقبة بن أبان لابس في بلادنا تبانا و ما أنت و قريش، انما أنت علج من أهل صفورية، و اقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد، و أسن مما تدعي اليه. و أما أنت يا عتبة فوالله ما أنت بحصيف فأجيبك، و لا عاقل فأحاورك و أعاتبك، و ما عندك خير يرجي، و لا شر يتقي، و ما عقلك و عقل أمتك الا سواء؛ و ما يضر عليا لو سببته علي رؤوس الأشهاد، و أما وعيدك اياي بالقتل فهلا قتلت اللحياني اذ وجدته علي فراشك، أما تستحي من قول نصر بن حجاج فيك: يا للرجال و حادث الأزمان و لسبة تخزي أباسفيان نبئت عتبة خانه في عرسه جنس لئيم الأصل من لحيان و بعد هذا ما أربأ بنفسي عن ذكره لفحشه، فكيف يخاف أحد سيفك و لم تقتل فاضحك؟ و كيف ألومك علي بغض علي و قد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر، و شرك حمزة في قتل جدك عتبة، و أوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد؟ و أما أنت يا مغيرة فلم تكن بخليق أن تقع في هذا و شبهه، و انما مثلك مثل [ صفحه 157] البعوضة اذ قالت للنخلة: استمسكي فاني طائرة عنك، فقالت النحلة: و هل علمت بك واقعة علي فاعلم بك طائرة عني، والله ما نشعر بعداوتك ايانا، و لا اغتممنا اذ علمنا بها، و لا يشق علينا كلامك، و ان حد الله في الزنا لثابت عليك، و لقد درأ عمر عنك حقا الله سائله عنه؛ و لقد سألت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم هل ينظر الرجل الي المرأة يريد أن يتزوجها؟ فقال: لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزنا، لعلمه بأنك زان. و أما فخركم علينا بالامارة فان الله تعالي يقول: (و اذآ أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميرا). ثم قام الحسن فنفض ثوبه فانصرف، فتعلق عمرو بن العاص بثوبه و قال: يا أميرالمؤمنين قد شهدت قوله و قذفه أمي بالزنا، و أنا مطالب له بحد القذف. فقال معاوية: خل عنه لا جزاك الله خيرا، فتركه، فقال معاوية: قد أنبأتكم أنه ممن لا تطاق عارضته، و نهيتكم أن تسبوه فعصيتموني، والله ما قام حتي أظلم علي البيت، قوموا عني فلقد فضحكم الله و أخزاكم بترككم الحزم و عدولكم عن رأي الناصح المشفق، والله المستعان [109] . [ صفحه 158]

وفاته

أجمع المؤرخون سنة و شيعة - الا من شذ منهم - علي أن معاوية لما عزم علي البيعة ليزيد لم يكن شي‌ء أثقل عليه من الحسن بن علي. فدس اليه سما علي يد زوجته جعدة بنت الأشعث، و ضمن لها مائة ألف درهم، و أن يزوجها بيزيد، فسقته السم في جرعة من اللبن و كان صائما، فبقي عليه‌السلام أربعين يوما يعاني آلام السم حتي لحق بالرفيق الأعلي [110] . و في مرضه يدخل عليه عمير بن اسحاق و معه رجل يعودانه، فقال: يا فلان سلني، فقال له: والله لا أسألك حتي يعافيك الله و أسألك. فقال عليه‌السلام: لقد ألقيت طائفة من كبدي، و أني سقيت السم مرارا فلم أسقه مثل هذه المرة. قال عمرو: ثم دخلت عليه من الغد فوجدت أخاه الحسين رضي الله عنه عند رأسه، فقال له الحسين: من تتهم يا أخي؟ قال: لم، لتقتله؟ قال: نعم. قال: ان يكن الذي أظنه فالله أشد بأسا و أشد تنكيلا، و ان لم يكن هو فما أحب أن يقتل بي بري‌ء [111] . [ صفحه 159] ثم أنه عليه‌السلام عهد الي أخيه الحسين عليه‌السلام، و أوصاه بوصاياه، و سلم اليه مواريث الامامة، و كان من وصيته له عليه‌السلام: يا أخي اني مفارقك و لا حق بربي و قد سقيت السم و رميت بكبدي في الطشت، و اني لعارف بمن سقاني السم، و من أين دهيت، و أنا أخاصمه الي الله عزوجل، فبحقي عليك أن تكلمت في ذلك بشي‌ء، و انتظر ما يحدث الله عزوجل، فاذا قضيت فغمضني و غسلني و كفني و احملني علي سريري الي قبر جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأجدد به عهدا، ثم ردني الي قبر جدتي فاطمة بنت أسد فادفني هناك، و ستعلم يا ابن أم ان القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيجلبون في ذلك، و يمنعونكم منه، و بالله أقسم عليك أن تهريق في أمري محجمة دم، ثم وصي عليه‌السلام اليه بأهله و ولده و تركاته، و ما كان وصي به اليه أميرالمؤمنين عليه‌السلام حين استخلفه و أهله بمقامه، و دل شيعته علي استخلافه، و نصبه لهم علما من بعده [112] . ثم أمر عليه‌السلام باخراج فراشه الي صحن الدار فأخرج فقال: اللهم اني احتسب نفسي عندك فاني لم أصب بمثلها [113] . ثم قضي نحبه مسموما مظلوما صابرا مضطهدا، و صارت المدينة كيوم مات فيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و بلغ أباهريرة النبأ فهرع و هو باك العين، مذهول اللب الي مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو ينادي بأعلي صوته: أيها الناس مات اليوم حب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فابكوا [114] . و أخذ الحسين عليه‌السلام في تجهيزه، ثم حمله الي قبر جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ليجدد به عهدا - كما أوصاه بذلك - فمنع مروان بن الحكم من ذلك، و ركبت بنو أمية في السلاح، و جعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة، أيدفن عثمان في أقصي المدينة و يدفن الحسن في بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، والله لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، فكادت الفتنة تقع [115] . [ صفحه 160] و لحقتهم عائشة علي بغل و هي تقول: ما لي و لكم، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب. و أقبل ابن‌عباس علي عائشة و قال لها: واسوأتاه يوما علي بغل و يوما علي جمل تريدين أن تطفئي نور الله، و تقاتلي أولياء الله، ارجعي فقد كفيت الذي تخافين، و بلغت ما تحبين، والله منتصر لأهل البيت ولو بعد حين [116] . ثم رموا بالنبال جنازته حتي سل منها سبعون سهما [117] . و أراد بنوهاشم المجالدة ولكن الحسين عليه‌السلام صاح بهم: الله الله يا بني‌هاشم، لا تضيعوا وصية أخي الحسن، و حمل الي البقيع و دفن عند قبر جدته فاطمة بنت أسد رضوان الله عليها. و تأسف الوهابيون أن لا يكونوا شاركوا في التعريض لجنازة الحسن عليه‌السلام مع سلفهم فتتبعوه رميما، فقد هدموا قبره الشريف عنادا للحق، و عداوة لله والرسول، و تحديا للمسلمين، و من هوان الدنيا علي الله أن يهدي رأي يحيي بن زكريا عليه‌السلام الي بغي من بغايا بني‌اسرائيل، و تهدم قبور أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بمرأي و مسمع من المسلمين. [ صفحه 161]

كلمات العلماء و العظماء

هذه كلمات لبعض كبار الصحابة و التابعين، و غيرهم من العلماء و العظماء، و الشخصيات البارزة في الامام أبي‌محمد الحسن عليه‌السلام، و هي و ان كانت تفصح عن اكبار هؤلاء الأعلام لشخصية الامام عليه‌السلام، و سمو مقامه، الا أنها تتضاءل أزاء مدحة الله تعالي له اذ جعله مطهرا من الرجس، و تتلاشي أيضا عند مدحة الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم له اذ جعله سيد شباب أهل الجنة. نذكر من كلماتهم: 1- وقف الحسين عليه‌السلام علي حافة قبر أخيه يؤبنه فقال: رحمك الله يا أبامحمد، ان كنت لتباصر الحق مظانه، و تؤثر الله عند التداحض في مواطن التقية بحسن الروية، و تستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، و تفيض عليها يدا طاهرة الأطراف، نقية الأسرة، و تردع بادرة غرب أعدائك بأيسر المؤنة عليك، و لا غرو فأنت ابن‌سلالة النبوة، و رضيع لبان الحكمة فالي روح و ريحان و جنة و نعيم، أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه، و وهب لنا ولكم حسن الأسي عنه [118] . 2- و لما دفن الحسن رضي الله عنه، وقف محمد بن الحنفية أخوه علي قبره فقال: لئن عزت حياتك لقد هدت وفاتك، و لنعم الروح روح تضمنه كفنك، و لنعم الكفن كفن تضمن بدنك، و كيف لا تكون هكذا و أنت عقبة الهدي، و خلف أهل التقوي، و خامس أصحاب الكساء، غذتك بالتقوي أكف الحق، و أرضعتك ثدي الايمان، و ربيت في حجر الاسلام، فطبت حيا و ميتا، و ان كانت أنفسنا غير سخية بفراقك رحمك الله يا أبامحمد [119] . [ صفحه 162] 3- قال عبدالله بن جعفر لمعاوية لما قال له: أنت سيد بني‌هاشم، قال: سيد بني‌هاشم حسن و حسين [120] . 4- قال عثمان بن عفان في الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر عليه‌السلام: فطموا العلم فطما [121] و حازوا الخير و الحكمة [122] . 5- قال أنس بن مالك: لم يكن فيهم أحد أشبه برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الحسن [123] . 6- قال أبوهريرة: لا أزال أحب هذا الرجل - يعني الحسن بن علي - بعدما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصنع به ما يصنع [124] . و قال أيضا: ما كان أحد أحب الي من الحسن بن علي [125] . و لما علم بموته عليه‌السلام هرع و هو باك العين مذهول اللب، الي مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو ينادي بأعلي صوته: يا أيها الناس مات اليوم حب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فابكوا [126] . 7- قال أبوجحيفة: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كان الحسن بن علي يشبهه [127] . 8- قال أبوبكرة بن عبيد لما بلغه موت الحسن عليه‌السلام: فقد الناس بموته خيرا كثيرا، يرحم الله حسنا [128] . 9- استشار معاوية أباالأسود الدؤلي في التعرض للحسن عليه‌السلام فنهاه و قال [ صفحه 163] له: و انه لهو المهذب، قد أصبح من صريح العرب في غر لبابها، و كريم محتدها، و طيب عنصرها، فلا تفعل يا أميرالمؤمنين [129] . 10- قال عمرو بن اسحاق: ما تكلم أحد أحب الي أن لا يسكت من الحسن بن علي، و ما سمعت منه كلمة فحش قط [130] . 11- قال عبدالله بن الزبير لمن كان يتحدث عن أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أنا أحدثكم بأشبه أهله به و أحبهم اليه، الحسن بن علي، رأيته يجي‌ء و هو ساجد فيركب رقبته، فما ينزله حتي يكون هو الذي ينزل الخ [131] . و قال: والله ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي [132] . 12- كتب اليه الحسن البصري: أما بعد، فانكم معشر بني‌هاشم الفلك الجارية، و اللجج الغامرة، و الأعلام النيرة الشاهرة، أو كسفينة نوح عليه‌السلام، التي نزلها المؤمنون و نجا فيها المسلمون الخ [133] . 13- قال له منظور بن ريان: انك أكرم بيتا و أكرمهم نفسا [134] . 14- قال معاوية بن أبي‌سفيان لبعض من نال من الحسن عليه‌السلام: قد رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يمص لسانه و شفتيه، و لن يعذب الله لسان أو شفتين يمصهما رسول الله [135] . 15- قال محمد بن سيرين: ربما أجاز الحسن بن علي الرجل الواحد بمائة ألف [136] . 16- قال واصل بن عطاء: كان الحسن بن علي عليه‌السلام عليه سيماء الأنبياء، و بهاء الملوك [137] . [ صفحه 164] 17- لما بلغ معاوية وفاة الحسن عليه‌السلام كبر في الخضراء - قصره الفخم - فكبر أهل الخضراء، ثم كبر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء، فخرجت فاختة بنت قريظة بن عمرو بن نوفل بن عبدمناف من خوخة لها فقالت: سرك الله يا أميرالمؤمنين ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ قال: موت الحسن بن علي!! فقالت: انا لله و انا اليه راجعون، ثم بكت، و قالت: مات سيد المسلمين، و ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فقال معاوية: نعما والله ما فعلت، انه كان كذلك أهلا أن تبكي عليه [138] . 18- قال محمد بن أسحاق: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما بلغ الحسن، كان يبسط له علي باب داره، فاذا خرح و جلس انقطع الطريق، فما يمر أحد من خلق الله اجلالا له، فاذا علم قام و دخل بيته فمر الناس، و لقد رأيته في طريق مكة ماشيا فما من خلق الله أحد رآه الا نزل و مشي، و حتي رأيت سعد بن أبي‌وقاص يمشي [139] . 19- قال محمد بن طلحة الشافعي: كان الله عزوجل قد رزقه الفطرة الثاقبة في ايضاح مراشد ما يعانيه، و منحه النظرة الصائبة لاصلاح قواعد الدين و مبانيه، و خصه بالجبلة التي درت لها أخلاق مادتها بصور العلم و معانيه [140] . 20- قال شمس الدين يوسف بن قزاغلي الحنفي - سبط ابن‌الجوزي -: كان من كبار الأجواد، و له الخاطر الوقاد، و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يحبه حبا شديدا [141] . 21- قال شيخ الاسلام شهاب الدين ابن‌حجر: الحسن بن علي بن أبي‌طالب ابن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف الهاشمي، سبط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ريحانة أميرالمؤمنين، أبومحمد، ولد في نصف شهر رمضان... [142] . [ صفحه 165] 22- قال الحافظ عماد الدين أبوالفداء اسماعيل بن عمر بن كثير في حديثه عن بيعة أهل الكوفة له عليه‌السلام: ولو كانوا يعلمون لعظموا ما أنعم الله به عليهم من مبايعتهم ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: و سيد المسلمين، و أحد علماء الصحابة و حلمائهم و ذوي آرائهم، و الدليل علي أنه أحد الخلفاء الراشدين الخ [143] . 23- قال الحافظ المحدث يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر القرطبي المالكي: و كان رحمه الله حليما ورعا فاضلا، دعاه ورعه و فضله الي أن ترك الملك و الدنيا رغبة فيما عندالله [144] . 24- قال عزالدين أبوالحسن علي - ابن‌الأثير -: الحسن بن علي بن أبي‌طالب ابن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف القرشي الهاشمي، أبومحمد سبط النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أمه فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيدة نساء العالمين، و هو سيد شباب أهل الجنة، و ريحانة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و شبيهه، سماه النبي صلي الله عليه و آله و سلم الحسن، و عق عنه يوم سابعه، و حلق شعره و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة، و هو خامس أهل الكساء [145] . 25- قال الحافظ جلال الدين السيوطي: الحسن بن علي بن أبي‌طالب رضي الله عنه، أبومحمد سبط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ريحانته، و آخر الخلفاء بنصه.. الخ [146] . 26- قال شمس الدين محمد بن طولون: و ثانيهم: و هو الحسن بن علي بن أبي‌طالب القرشي الهاشمي المدني، أبومحمد سبط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ريحانته، و ابن‌فاطمة بنت رسول الله سيدة نساء العالمين رضي الله عنها. و قال: و كان الحسن رضي الله عنه شبيها بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم سماه النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و عق عنه يوم سابعه، و حلق شعره و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة، و هو خامس أهل الكساء [147] . 27- قال خيرالدين الزركلي: كان عاقلا حليما محبا للخير فصيحا، من أحسن [ صفحه 166] الناس منطقا و بديهة، كان معاوية يوصي أصحابه باجتناب محاورة رجلين هما: الحسن بن علي، و عبدالله بن عباس، لقوة بداهتهما. بايعه أهل االعراق بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة 40 الخ [148] . 28- قال محمد رضا المصري: هو سيد شباب أهل الجنة، و ريحانة النبي و شبيهه... الخ [149] . 29- قال عبدالقادر أحمد اليوسف: ولتكن للقاري‌ء فكرة مبدئية علي أن الحسن بن علي و ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و ما تلاه من الأئمة المعصومين، يعتبرون أنفسهم أحق من غيرهم، و لا بل هم المكلفون بعد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بنشر الاسلام و المحافظة علي السنن و الشرائع المحمدية، لما لهم من و شائج القربي، و نقاوة النفس، و تفهم التنزيل [150] . [ صفحه 167]

خاتمة المطاف

كانت هذه الصفحات المامة سريعة بحياة الامام أبي‌محمد الحسن عليه‌السلام، و ذكر بعض ما نزل فيه من القرآن الكريم و ما ورد فيه من أحاديث الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم ثم استعراض سريع لسيرته و أخلاقه، و تدوين مختارات من كلامه و حكمه، و تحليل لصلحه و الظروف التي أملت عليه ذلك الموقف. و كان ختام الكتاب لكمات العلماء و العظماء في الاشادة به صلوات الله عليه. و أحسب أن هذا العرض - علي وجازته - دعوة للقاري‌ء الكريم الي تبني سيرة أهل البيت عليهم‌السلام، و الاقتداء بهم، و الاستنارة بأنوارهم (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) [آل عمران: 31].

پاورقي

[1] الفصول المهمة 109، الاصابة 2 س 509.
[2] ينابيع المودة 44.
[3] أسد الغابة 2 / 20.
[4] اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار 111.
[5] ينابيع المودة 35.
[6] كشف الغمة 95.
[7] ينابيع المودة 106 عن مسند أحمد و المعجم الكبير للطبراني و تفسير ابن‌حاتم و المناقب للحاكم و تفسير الثعلبي و فرائد السمطين للحمويني.
[8] ينابيع المودة ص 45.
[9] الخصال 65.
[10] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 24.
[11] الاصابة 1 / 33.
[12] أسد الغابة 2 / 13.
[13] تاريخ الخلفاء: 188.
[14] مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام لابن المغازلي 374.
[15] فرائد السمطين 2 / 36.
[16] و مما هو جدير بالذكر أنه لم يدع أحد من الأمة الاسلامية النص علي الخلفاء الذين ملكوا من عهد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و الي الخلفاء العباسيين، بينما تجد النصوص النبوية علي أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، و هذه من مميزاتهم الكثير.
[17] الارشاد 204 و ذكر الحديث جل من ترجم للحسين عليهم‌السلام.
[18] بحارالأنوار: 10 / 89.
[19] و لتواتر النص عندهم ذكر المؤرخون أن ابن‌عباس قام بين يدي الحسن عليه‌السلام فقال: معاشر الناس هذا ابن‌نبيكم، و وصي امامكم فبايعوه، فقالوا: ما أحبه الينا، و أوجب حقه علينا، و بادروا الي البيعة له بالخلافة. انظر الارشاد 192.
[20] اثبات الهداة 5 / 140.
[21] شرح نهج‌البلاغة 1 / 57.
[22] أمالي الشيخ الصدوق 151.
[23] كشف الغمة 164. اسعاف الراغبين بهامش نورالأبصار 176.
[24] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 13.
[25] اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار 173.
[26] المناقب 2 / 157. و في كشف الغمة 167 و مطالب السؤول 2 / 12 بتغيير في اللفظ.
[27] حياة الامام الحسن بن علي للقرشي 1 / 119.
[28] نور الأبصار 177.
[29] مسند الامام موسي بن جعفر عليهم‌السلام 44.
[30] الاستبصار 2 / 142.
[31] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 26. أسد الغابة 2 / 12. طبقات ابن‌سعد. الشرف المؤبد لآل محمد 68.
[32] مطالب السؤول 2 / 10. الفصول المهمة 139.
[33] اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار 176.
[34] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 109.
[35] اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار 177 الفصول المهمة 140. كشف الغمة 167. نور الأبصار 176. مطالب السؤول 2 / 11(و اختلفوا في مقدار عطاء عبدالله بن جعفر).
[36] نور الابصار 176.
[37] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 31.
[38] كشف الغمة 171.
[39] مقاتل الطالبيين 35.
[40] التوحيد 378.
[41] مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام لابن المغازلي 383.
[42] الكامل في التاريخ 5 / 406.
[43] تذكرة الخواص 114.
[44] أمالي الشيخ الصدوق 151.
[45] الحسن بن علي لعبد القادر أحمد اليوسف ص 66.
[46] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 107.
[47] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 105.
[48] مقاتل الطالبيين ص 37.
[49] الارشاد 193.
[50] جمهرة رسائل العرب 2 / 25.
[51] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 107.
[52] الحسن بن علي لعبد القادر أحمد اليوسف ص 60.
[53] مطالب السؤول 69 ط 1.
[54] كشف الغمة 170.
[55] تحف العقول 169.
[56] الخصال 29.
[57] البداية و النهاية لابن كثير 8 / 40.
[58] بحارالأنوار 10 / 90.
[59] الحسن بن علي لعبد القادر أحمد اليوسف ص 62.
[60] تاريخ اليعقوبي 2 / 215.
[61] مطالب السؤول 69.
[62] المناقب 2 / 152.
[63] المناقب 2 / 152.
[64] المناقب 2 / 152.
[65] نورالأبصار 173.
[66] حياة الامام الحسن بن علي للقرشي 1 / 143.
[67] تاريخ اليعقوبي 2 / 202.
[68] حياة الامام الحسن بن علي للقرشي 1 / 144.
[69] التوحيد 46.
[70] العر: الحرب.
[71] المطا: الظهر.
[72] كشف الغمة 163.
[73] شرح نهج‌البلاغة 2 / 101.
[74] المدخل الي موسوعة العتبات المقدسة 18.
[75] المجتني من الدعاء المجتبي 3.
[76] مهج الدعوات 143.
[77] مهج الدعوات 144.
[78] مهج الدعوات 144.
[79] الدمعة الساكبة 1 / 233.
[80] اثبات الهداة 5 / 149.
[81] بحارالأنوار 10 / 94.
[82] أعيان الشيعة 4 ق 1.
[83] بحارالأنوار 10 / 95.
[84] حياة الامام الحسن 2 / 260.
[85] كشف الغمة 165.
[86] حياة الامام الحسن 1 / 130.
[87] المناقب 2 / 156.
[88] حياة الامام الحسن 1 / 134.
[89] نورالأبصار 175.
[90] هذه الفقرات من نهج‌البلاغة.
[91] الحسن بن علي لكامل سليمان 197.
[92] الارشاد 193.
[93] تاريخ اليعقوبي 2 / 204.
[94] قال الشيخ في الدمعة الساكبة 1 / 238: ان الحسن عليه‌السلام أرسل جيشا عداده أربعة آلاف عليهم رجل من كندة، و لما عسكر بالأنبار أرسل اليه معاوية خمسمائة ألف درهم، فخف الي معاوية في مائة من خاصته؛ ثم أنه عليه‌السلام أرسل جيشا بقيادة رجل من مراد، وصنع معاوية ما صنع بصاحبه، فترك المرادي جيشه و التحق بمعاوية.
[95] قال في الدمعة الساكبة 2 / 238: دس معاوية الي عمرو بن حريث، و الأشعث بن قيس، و الي حجر بن الحجر، و شبث بن ربعي، دسيسا، أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه يقول: انك ان قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم، و جند من أجناد الشام، و بنت من بناتي، فبلغ الحسن عليه‌السلام ذلك فاستلام، و لبس درعا.. فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة.
[96] الارشاد 239.
[97] تاريخ اليعقوبي 2 / 205.
[98] حياة الامام الحسن للقرشي 2 / 230.
[99] تذكرة الخواص 114. [
[100] بحارالأنوار 10 / 101.
[101] الحسن بن علي لكامل سليمان 182.
[102] كشف الغمة 126.
[103] الحسن بن علي لكامل سليمان 212.
[104] مروج الذهب 2 / 435.
[105] الارشاد 196.
[106] الحسن بن علي لكامل سليمان 196.
[107] الحسن بن علي لكامل سليمان 217.
[108] يريد عليه‌السلام أنك لو أعلمتني بمكان هؤلاء و اجتماعهم عندك.
[109] شرح نهج‌البلاغة 2 / 104.
[110] انظر: الفصول المهمة 150 مقاتل الطالبيين 50 الذخيرة الي المعاد 203 الارشاد 197 تاريخ أبي‌الفداء 1 / 193 بحارالأنوار 10 / 132 تاريخ ابن‌عساكر 4 / 226 تذكرة الخواص 121 أعيان الشيعة 4 ق 1 / 95 شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد 4 / 17 الدمعة الساكبة2 / 251.
[111] نورالأبصار 112 كشف الغمة 169 الفصول المهمة 147 أهل البيت 247 صفة الصفوة 2 / 321 حلية الأولياء 2 / 38 البداية و النهاية 8 / 42.
[112] الارشاد 198.
[113] مطالب السؤول: 70.
[114] حياة الامام الحسن للقرشي 2 / 432.
[115] مقاتل الطالبيين 50.
[116] الارشاد 199. و ذكر جمع من المؤرخين ركوب عائشة و منعها من دفن الحسن عليه‌السلام مع جده صلي الله عليه و آله و سلم منهم. ابن أبي‌الحديد في شرح نهج‌البلاغة 4 / 18 و المجلسي في بحارالأنوار 10 / 133 و الشيخ محمد باقر في الدمعة الساكبة 2 / 252 و أبوالفرج في مقاتل الطالبيين 52.
[117] المناقب 2 / 175 الدمعة الساكبة 2 / 252 حياة الامام الحسن 2 / 491 ط 2.
[118] حياة الامام الحسن بن علي 2 / 440.
[119] مروج الذهب 3 / 7.
[120] الحسن بن علي لكامل سليمان 173.
[121] فطموا العلم فطما: أي قطعوه عن غيرهم قطعا، و جمعوه لأنفسهم جمعا.
[122] الخصال: 136.
[123] الاستيعاب بهامش الاصابة 1 / 376.
[124] نورالأبصار 171.
[125] مطالب السؤول 64.
[126] حياة الامام الحسن 2 / 432.
[127] الاصابة 1 / 329.
[128] أعيان الشيعة 4 ق 1 / 101.
[129] حياة الامام الحسن بن علي 2 / 247.
[130] بحارالأنوار 10 / 99.
[131] الاصابة 1 / 329.
[132] البداية و النهاية 8 / 37.
[133] تحف العقول 166.
[134] المناقب 2 / 170.
[135] الحسن بن علي لكامل سليمان 175.
[136] الحسن بن علي لعبد القادر أحمد اليوسف 58.
[137] المناقب 2 / 170.
[138] مروج الذهب 3 / 8.
[139] المناقب 2 / 148.
[140] مطالب السؤول 65.
[141] تذكرة الخواص 111.
[142] الاصابة 1 / 328.
[143] البداية و النهاية 8 / 16.
[144] الاستيعاب بهامش الاصابة 1 / 370.
[145] أسد الغابة 2 / 9.
[146] تاريخ الخلفاء 188.
[147] الأئمة الاثناعشر 63.
[148] الأعلام 1 / 230.
[149] الحسن و الحسين سبطا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تأليف محمد رضا مصري ص 8.
[150] الحسن بن علي تأليف عبدالقادر أحمد اليوسف 42.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.