كلمة الامام حسن علیه السلام

اشارة

سرشناسه : شيرازي، سيدحسن

عنوان و نام پديدآور : كلمه الامام الحسن/ تاليف حسن شيرازي؛ ترجمه علي رضا ميرزا محمد.

مشخصات نشر : [تهران]: موسسه تحقيقاتي و انتشاراتي نور ، [1358].

مشخصات ظاهري : 256 ص.

شابك : 200 ريال

وضعيت فهرست نويسي : برون سپاري.

يادداشت : عنوان روي جلد: كلمه الامام الحسن: سخنان امام حسن (ع).

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس.

عنوان روي جلد : كلمه الامام الحسن: سخنان امام حسن (ع).

موضوع : حسن بن علي (ع)، امام دوم، 3 - 50ق -- احاديث

موضوع : حسن بن علي (ع)، امام دوم، 3 - 50ق -- كلمات قصار

شناسه افزوده : ميرزا محمد، عليرضا، 1325-، مترجم

رده بندي كنگره : BP40/4 /ش9ك8 1358

رده بندي ديويي : 297/952

شماره كتابشناسي ملي : 1647443

تعريف بالكتاب

يُعدّ كتاب كلمة الإمام الحسن (المجتبي) (عليه السلام) جزءاً من موسوعة الكلمة التي ألفها المفكر الكبير العلامة الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي (قدس سره)، والتي اختص الحديث فيها عن حياة وسيرة الأئمة المعصومين (عليهم السلام).

فهرس محتويات الكتاب يضم جملة عناوين بارزة تتصل أبحاثها بمختلف الجوانب الدينية والعقائدية والأخلاقية والسياسية والأدبية للإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد جاءت تلك العناوين مع تفرعاتها وفق الآتي:

- إلهيات: وتضمن مجموعة خطب وأحاديث مروية عن الإمام الحسن ولمواضيع مختلفة منها: الحمد لله، صفة الله، القدر، القرآن.

- ولائيات: وأبرز ما تضمنته: الولاية، علم آل محمد، الله يصور أهل البيت، أنا الحسن بن علي، ما وراء الأرض، الشيعي والمحب.

- عبادات: واشتملت علي الحديث عن: الصلاة، الزكاة، أهل المسجد.

- مواعظ: جوامع الموعظة، التقوي، أهل النار، المبادرة إلي العمل، الموت و...

- أخلاق: تفسير الأخلاق الفاضلة، مكارم الأخلاق، لقطات في الأخلاق و...

- سياسات: وأبرز عناوينها الفرعية:

السياسة، التعبئة الفكرية، قرار المصير، تركت حقي لصلاح الأمة، خشيت أن يجتث المسلمون، إن الله بالغ أمره و...

وإضافة إلي ما ذكر هناك فصول أخري جاءت تحت عناوين:

رسائل، وصايا، مناقضات، متفرقات، حكم وشعر، أدعية.

المقدمة

الإمام الحسن (عليه السلام) من قواعد الإشعاع الفكريّ، ومصادر الفكر الإسلامي، وقمم الحياة، التي استطالت حتي أحاطت بكلّ شيءٍ، فلم يعزب عنه ما يعزب عن غير المعصومين، من قمم الوجود الذين يسمّون (مفكرين) وشعراء الطبيعة، الذين يسمّون (أدباء).

فهو من أولئك الرجال الذين آثرهم الله بحاسّةٍ نفاذة تكتنه حقائق الأشياء، فلا تخفي عليهم خافية في الأرض ولا في السماء. انهم يرون ما يري الناس - جميعاً - ويدركون - وحدهم - كنه ما يرون وما لا يرون، دون سائر الناس. وعند ما ينظرون إلي نجوم السماء، ورمال الصحراء، ومياه البحار، وأبراد الطبيعة، يشعرون بجمالها الآسر الخلاّب، ويدركون صلتها ببقية عناصر الطبيعة وما وراء الطبيعة، من الأزل حتي الأبد.

فأدبه ليس تملّقاً لجمالٍ، ولا ادّعاءاً لجمالٍ، وإنما هو صرخات تنطلق من قلب عبقريٍّ، نفذ إلي أغوار الأشياء، حتي عرف ما تباين منها، ثابتاً علي قاعدةٍ واحدةٍ، وما اختلف منها، نابعاً من أصلٍ واحدٍ، وما تفرق منها مضموماً برباطٍ واحدٍ.

وبذلك الفكر الشامل، وهذا الأدب العميق، خرج إلي الناس يدوّي بصوته، ليلهم الأجيال هذا التناسق الجماليّ، الذي يجمع الكون وما وراء الكون، في وحدةٍ متداعمةٍ، طرفاها الأزل والأبد، وأبعادها كلّ ما خلق الله.

فأنّي ضربت في أدب الإمام الحسن (عليه السلام)، وجدته شاعراً بشيءٍ جديدٍ، ومبشّراً بشيءٍ جديد. وهو ذلك الرباط الخفيّ الشامل الذي يركّز مظاهر الحياة والموت، علي أصولٍ ثابتةٍ، لا يجوز فيها القديم، والجديد ولا الأول والأخير، ولا تراه لحظةً

يتغرغر - مع الأدباء - بعرض عواطفه، أو وصف الأشياء، التي يدركها هو والناس سواء بسواءٍ، بل تراه - دائما - يجهد لإيقاظ حسٍ جديدٍ في الناس. يطمئنهم إلي ان منظومات الكون، ليست حبّات مسبحةٍ انفرطت بلا نظام، وإنما هو منبثق عن الله في ابتدائه، ومرتبط به في دوامه، وعائد إليه في انتهائه، ولكنّه لا ينجز هذا العمل الفلسفيّ الشعريّ العميق، بلهجة الفيلسوف النابه وإنما بنزعة الفنان العظيم، الذي يشترك عقله وقلبه وذوقه في تصميم كلّ أداء، ليحيط بسامعه من عقله وقلبه وذوقه، فلا يترك فيه منفذاً يتسلّل اليه غيره بغير رأيه.

واذا قدّر لجميع العظماء أن يكونوا أدباء - علي تباين ميادينهم الاجتماعية ومذاهبهم الفكرية - منذ داود، وسليمان، وأيوب، والمسيح، ومحمد إلي سقراط، وافلاطون، وادوار، ونابليون، وهتلر، فان الإمام الحسن (عليه السلام)، يتميّز - هو والقليل من الناس - بتفوّقٍ ظاهرٍ في كلّ ما قال أو كتب، فهو إمام في البلاغة، كما هو إمام في الدين، وفي كلامه اصالة الواقع، ووميض البروق، وهدير البراكين، ورخاء الاسحار وهينمات الانسان.

لأن البيان الرفيع، التأم سابقه بلاحقه في الإمام الحسن (عليه السلام) فضمّ قوّة البيان الجاهليّ الصافي المنبثق من الفطرة السليمة إلي روعة البيان الإسلامي المهذّب، المنبثق من المنطق السليم، فجمع قوّة البلاغة الجاهلية، إلي روعة البلاغة النبوية، فاقتطف من كلّ طارفٍ وتليدٍ طريفاً، حتي اجتمعت فيه عناصر الأدب الرفيع، من الذوق المطبوع الذي ورثه من سلالته ومجتمعه، ومن رصيده العلمي الواسع، الذي جعله قويّ الحجّة، راسخ البرهان، ومن وعيه الاجتماعي الشامل، الذي اكتسبه من التجارب المرة الرهيبة، التي خاضها برباطةٍ وصمودٍ، والازمات العصيبة التي لفّته بعنفٍ لا توجد في القواميس لفظة تعبّر عنها بصدقٍ وأمانة،

والتطاحن الفكريّ الجبار، الذي عاشه بعقله في عهد الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم وبكل كيانه في أيامه وأيام أبيه أمير المؤمنين ((عليه السلام)(.

وهذه العناصر، صقلت المؤهلات الذاتية للإمام الحسن (عليه السلام) فكانت الآلام التي انصبت عليه انصباباً، مبضعاً فجّر معين البلاغة في قلبه، علي جرّ لسانه، فتدفقت البلاغة، بانسيابٍ تلقائي، يحكي كلّ ما في الواقع من حرارة، وفي الفكر من لوعة، ليهيمن علي العقل والقلب والضمير فلا تجد إزاءه إلا أن تردّد ما يقول بخشوع واستسلام، وإذا كتب انتزع من مهجةالأزل إلي ضمير الأبد قصة الدمع والدم والنار، فكتب علي الورق، أوجاع قلبه ونحيب مجتمعٍ تدافع في مهجته، فجري يراعه بمدادٍ من عصير الشمس، ليؤكّد الحقّ الذي اطمأنّ اليه، فظلّ يدور معه حيثما دار، ويكافح الباطل الذي انقشع عنه، ليلاحقه أينما سار.

وكلام الإمام الحسن (عليه السلام) - جميعاً - ينضح بدلائل الشخصية النادرة، حتي كأنّ معانيه خواطر قلبه، واحداث زمانه.

تتجسّد علي لسانه كلاماً، فيه من رنة الحق والجمال الخلوب، ما يطاول أبلغ الكلام بما هو أغني وأجمل.

فكلمته المرتجلة، أقوي ما تكون الكلمة المرتجلة، من عمق الفكرة وفتنة التعبير، حتّي لا تنطلق من فمه، الاّ لتمضي مثلاً سائراً من بلدٍ إلي بلدٍ، ومن جيلٍ إلي جيلٍ، وهل تقطعت الكلمة الجزلة، باروع من هذه الاقوال (ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد) و (السداد: دفع المنكر بالمعروف) و (المجد: ان تعطي في العزم، وتعفو عن الجرم) و (العقل حفظ كلّ ما استوعيته) و(القبور محلتنا، والقيامة موعدنا، والله عارضنا).

وخطبته، اروع ما تكون الخطبة، وخاصةً عندما يعالج أزمة في اصحابه، او يقارع طغمة من اعدائه، أي في الموقف الذي تثور فيه عواطفه الجياشة،

ويهيج خياله الوهاب، بالنقمة والتذمّر فتعجّ فيها معان مفرقعة، تتتابع بقوةٍ كفرقعات المدافع، وصور حارة من لهيب قلبه، وأوار الاحداث حتي يأتي صلداً كالجلاميد، مزمجراً كالرعود، مشرقاً كالبروق.

وها هو يؤنّب اهل الكوفة، علي تفريطهم به في سبيل معاوية فيقول:

(.. وايم الله، لا تري امة محمدٍ خصباً، ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أمية، ولقد وجّه الله إليكم فتنةً، لن تصدّوا عنها حتي تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم إلي شياطينكم، فعند الله احتسب ما مضي وما ينتظر، من سوء رغبتكم، وحيف حكمكم..).

(.. عرفت أهل الكوفة وتلوّنهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسداً، إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة، في قولٍ ولا فعلٍ، انهم لمختلفون، ويقولون: إن قلوبهم معنا، وسيوفهم لمشهورة علينا).

(.. أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشيب السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع وكنتم تتوجّهون معنا، ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم الآن، ودنياكم أمام دينكم، وكنتم لنا وقد صرتم اليوم علينا، ثم أصبحتم تصدّون قتيلين، قتيلاً بصفّين تبكون عليهم وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم، فأما الباكي فخاذل واما الطالب فثائر..)

ففي هذه المواقف، تبدو قوة الإمام الحسن (عليه السلام)، في بلاغة الأداء وقوة التأثير، وتدرجه في إثارة شعور سامعيه، نحو ما يصبو اليه.

وانك لتعجب من نخوة العاطفة، تثور حتي تتقطّع، فاذا بعضها يزاحم بعضاً في هياجٍ رهيب، علي مثل هذه الكلمات:

(.. غرر تموني كما غررتم من كان من قبلي، مع ايّ إمام تقاتلون بعدي؟ مع الكافر الظالم، الذي لا يؤمن بالله ولا برسوله قط، ولا اظهر الإسلام هو وبنو أمية الا فرقاً من السيف، ولو لم يبق لبني أمية الا عجوز درداء، لبغت

دين الله عوجاً، وهكذا قال رسول الله..).

تري ما في أقواله هذه، من الذكاء الشهم، والأصالة في التفكير والتعبير، تتدفق فكرة ولحناً، لتفسّر سبب حظوته بالقلوب، حتي (احبّه الناس اكثر مما احبوا أباه).

ومن هنا كان تراث الإمام الحسن (عليه السلام) في ذروة ما خلّفته الإنسانية لروّادها من نتاج الفكر والذوق، وان كان ما وصل الينا منه هو القليل القليل، وما محته الرياح السافيات، هو الكثير الكثير. ولكن هذا القليل، الذي انفلت من العصور المظلمة، التي كانت تتربص بكلّ بصيصٍ من النور، يؤلف صفحة كاملةً، لشخصيةٍ فذةٍ، تبقي في التاريخ مشرقةً كالشمس، نقيةً كالنجوم، خالدةً كالأبد.

ورغم ان آثار الإمام الحسن (عليه السلام)، منيت بإعراض بعضٍ وإنكار آخرين، فإنها كانت من القوّة والجدارة، أن فرضت نفسها علي الحياة والتاريخ، رغم كلّ ما منيت به من إعراضٍ وإنكارٍ.

وفي هذه المجموعة، نعرض مختاراتٍ مما وصل الينا، كنموذج من المجموعة الضخمة التي توجد بين أيدينا الآن عسي أن نوفّق لنشرها في المستقبل القريب.

حسن

كتب في كربلاء المقدسة

ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك

عام 1384 ه_

الهيات

الحمد لله

الكفاية: الحسين بن محمد بن سعيد الخزاعي، عن الجوهري، عن عتبة ابن الضحاك، عن هشام بن محمد، عن أبيه قال: لما قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) رقي الحسن بن علي عليهما السلام المنبر، فأراد الكلام فخنقته العبرة، فقعد ساعة ثم قام فقال:….

الحمد لله الذي كان في أوّليّته، وحدانياً في أزليّته، متعظّماً بإلهيته، متكبّراً بكبريائه وجبروته. ابتدأ ما ابتدع، وأنشأ ما خلق، علي غير مثالٍ كان سبق مما خلق.

ربّنا اللطيف بلطف ربوبيّته، وبعلم خبره فتق، وبإحكام قدرته خلق جميع ما خلق، فلا مبدّل لخلقه، ولا مغيّر لصنعه، ولا

معقب لحكمه، ولا رادّ لأمره، ولا مستراح عن دعوته. خلق جميع ما خلق ولا زوال لملكه، ولا انقطاع لمدته، فوق كلّ شيءٍ علا، ومن كلّ شيءٍ دنا، فتجلّي لخلقه من غير أن يكون يري وهو بالمنظر الأعلي.

احتجب بنوره، وسما في علوّه، فاستتر عن خلقه، وبعث إليهم شهيداً عليهم، وبعث فيهم النبيين مبشّرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بيّنةٍ، ويحيا من حيّ عن بيّنةٍ، وليعقل العباد عن ربّهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروه.

والحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت، وعنده نحتسب عزانا في خير الآباء: رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وعند الله نحتسب عزانا في أمير المؤمنين ولقد أصيب به الشرق والغرب. والله ما خلّف درهماً ولا ديناراً إلا أربعمائة درهمٍ، أراد أن يبتاع لأهله خادماً، ولقد حدّثني حبيبي: جدي: رسول الله صلي الله عليه وآله: إن الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته، ما منّا إلا مقتول أو مسموم.

صفة الله

التوحيد: محمد بن علي الصدوق عن ابن الوليد، عن محمد العطار، واحمد بن ادريس، عن الاشعري، عن بعض أصحابه رفعه وقال: جاء رجل إلي الحسن بن علي عليهما السلام فقال له: يا ابن رسول الله صف لي ربك حتي كأني أنظر اليه، فأطرق الحسن بن علي عليهما السلام ملياً ثم رفع رأسه فقال:..

الحمد لله الذي لم يكن له اول معلوم، ولا آخر متناهٍ، ولا قبل مدرك، ولا بعد محدود، ولا أمد بحتّي، ولا شخص فيتجزأ، ولا اختلاف صفةٍ فيتناهي، فلا تدرك العقول وأوهامها، ولا الفكر وخطراتها ولا الألباب وأذهانها صفته فيقول: متي؟ ولا بدئ ممّ؟ ولا ظاهر علي ممّ؟ ولا باطن ممّ؟ ولا تارك فهلاّ؟ خلق

الخلق فكان بديئاً بديعاً، ابتدأ ما ابتدع، وابتدع ما ابتدأ، وفعل ما أراد، وأراد ما استزاد، ذلكم الله ربّ العالمين [1] .

الله عارضنا

ناسخ التواريخ في خبر: ان علياً (عليه السلام) قال - يوماً - للحسن: (يابني! قم واخظب حتي اسمعك) وجمع أهل بيته لسماع خطابه، فقام وقال:..

الحمد لله الذي من تكلم سمع كلامه، ومن سكت علم ما في نفسه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه معاده. والحمد لله الواحد بغير تشبيهٍ، الدائم بغير تكوينٍ، القائم بغير كلفةٍ، الخالق بغير منصبة، الموصوف بغير غايةٍ المعروف بغير محدوديّةٍ العزيز لم يزل قديماً في القدم، وعنت القلوب لهيبته، وذهلت العقول لعزّته، وخضعت الرقاب لقدرته، فليس يخطر علي قلب بشر مبلغ جبروته، ولا يبلغ الناس كنه جلاله، ولا يفصح الواصلون منهم لكنه عظمته. ولا تبلغه العلماء بألبابها ولا أهل التفكير بتدبير أمورها. أعلم خلقه به الذي بالحدّ لا يصفه. يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير، أمّا بعد فإن القبور محلّتنا، والقيامة موعدنا، والله عارضنا، وإن عليّاً باب من دخله كان آمناً ومن خرج منه كان كافراً، أقول قولي وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

لا تناله الأوهام

البحار ج 2 الطبعة القديمة ص 197، عن التوحيد للصدوق: روي الدقاق عن الأسدي، عن البرمكي، عن الحسين بن الحسن، عن بردة، عن العباس بن عمرو الغنيمي، عن أبي القاسم بن ابراهيم بن محمد العلوي، عن فتح بن يزيد الجرماني قال: لقيت الحسن بن علي، علي الطريق، عند منصرفي عن مكة إلي خراسان وهو سائر إلي العراق.. فتلطفت في الوصول اليه، فوصلت، فسلمت فرد علي السلام، ثم قال:.. الإمام الحسن - م (2).

يا فتح! من أرضي الخالق، لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فقمن ان يسلّط عليه سخط المخلوق، وإنّ الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وأنّي يوصف الذي تعجز

الحواسّ أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار عن الإحاطة به! جلّ عما وصفه الواصفون، وتعالي عما ينعته الناعتون، نأي في قربه، وقرب في نأيه، قريب وفي قربه بعيد، كيّف الكيف، فلا يقال له: كيف، وأيّن الأين، فلا يقال له: أين، إذ هو مبدع الكيفوفيّة، والأينونيّة.

يا فتح! كلّ جسمٍ مغذّيً بغذاء، إلا الخالق الرازق، فإنه جسّم الأجسام، وهو ليس بجسمٍ ولا صورةٍ، لم يتجزّأ، ولم يتناه، ولم يتزايد، ولم يتناقص، مبرّا من ذات ما ركّب في ذات من جسّمه، وهو اللطيف الخبير، الواحد الأحد، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. منشئ الأشياء، ومجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، لو كان كما تقول المشبّهة لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا الرازق من المرزوق، ولا المنشئ من المنشأ، لكنه المنشئ، فرّق بين من جسّمه وصوّره، وشيّأه وبيّنه، إذا كان لا يشبهه شيء.

قلت: فالله واحد، والانسان واحد، فليس قد تشابهت الوحدانية؟

قال: أحلت - ثبّتك الله -، إنما التشبيه في المعاني، وأمّا في الأسماء فهي واحدة، وهي دلالة علي المسمّي، وذلك أنّ الانسان وإن قيل: واحد فانه يجزّأ، إنه جثّة واحدة، وليس باثنين والانسان نفسه [و] ليس بواحدٍ، لأن أعضاءه مختلفة، وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء متجزأة، ليس سواء، دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق، فالانسان واحد في الاسم، لا واحد في المعني، والله جلّ جلاله واحد لا واحد غيره، ولا اختلاف فيه، ولا تفاوت، ولا زيادة، ولا نقصان، فامّا الانسان، المخلوق المصنوع المؤلّف، فمن أجزاءٍ مختلفةٍ، وجواهر شتّي، غير انّه بالاجتماع شيء واحد.

قلت: فقولك: اللطيف، فسّره

لي، فإني أعلم: أن لطفه خلاف لطف غيره للفصل، غير أنّي أحبّ أن تشرح لي.

فقال: يا فتح إنّما قلت: اللطيف للخلق اللطيف، ولعلمه بالشيء اللطيف، ألا تري إلي اثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف، وفي الخلق، من اجسام الحيوان، من الجرجس، والبعوض، وما هو أصغر منهما، مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره، الذكر من الأنثي، والمولود من القديم، فلمّا رأينا صغر ذلك في لطفه، واهتداءه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه ممّا في لجج البحار، وما في لحاء الأشجار، والمفاوز والقفار، وافهام بعضها عن بعضٍ منطقها، وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها: حمرةً مع صفرة، وبياضاً مع حمرةٍ، علمنا: أنّ خالق هذا الخلق لطيف، وانّ كلّ صانع شيءٍ فمن شيءٍ صنع، والله الخالق اللطيف الجليل، خلق وصنع لا من شيء.

قلت: - جعلت فداك - وغير الخالق الجليل خالق؟

قال: إنّ الله تبارك وتعالي يقول: (تبارك الله أحسن الخالقين) فقد أخبر: أن في عباده خالقين وغير خالقين، منهم عيسي (عليه السلام) خلق من الطين كهيئة الطير باذن الله، فنفخ فصار طائراً باذن الله. والسامريّ خلق لهم عجلا جسداً له خوار.

قلت: إنّ عيسي خلق من الطين طيراً، دليلاً علي نبوته، والسامريّ خلق عجلاً جسداً لنقض نبوة موسي (عليه السلام) وشاء الله أن يكون ذلك كذلك، إن هذا لهو العجب.

فقال: ويحك - يا فتح - إن لله إرادتين ومشيئتين: ارادة حتمٍ وارادة عزمٍ، ينهي وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رايت أنّه نهي آدم و زوجته: أن يأكلا من الشجرة، وهو شاء ذلك، لولم يشأ لم يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيئتهما

مشية الله.. وأمر ابراهيم بذبح ابنه إسماعيل (عليه السلام) وشاء أن لا يذبحه، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة ابراهيم مشية الله عزّ وجلّ.

قلت: فرّجت عني، فرّج الله عنك، غير أنك قلت: السميع البصير، سميع بأذنٍ وبصير بالعين؟

فقال: إنه يسمع بما يبصر، ويري بما يسمع، بصير لا بعينٍ مثل عين المخلوقين، وسميع لا بمثل سمع السامعين، لكن لمّا لا تخفي عليه خافية، من أثر الذرة السوداء، علي الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، تحت الثري والبحار، قلنا: بصير لا بمثل عين المخلوقين، وسميع بما لم تشتبه عليه ضروب اللغات، ولم يشغله سمع عن سمعٍ. قلنا: سميع لا بمثل السامعين.

قلت: - جعلت فداك - قد بقيت مسألة.

قال: هات لله أبوك.

قلت: يعلم القديم، الشيء الذي لم يكن، ان لو كان كيف كان يكون؟

قال: ويحك - إنّ مسائلك لصعبة - أما سمعت الله يقول: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وقوله: (ولعلا بعضهم علي بعضٍ) وقال - ويحكي قول أهل النار -: (أرجعنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل) وقال: (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه) فقد علم الشيء الذي لم يكن، ان لو كان كيف كان يكون.

فقمت لأقبّل يده ورجله، فأدني رأسه، فقبّلت وجهه ورأسه، فخرجت وبي من السرور والفرح، ما أعجز عن وصفه، لما تبينت من الخير والحظّ.

القدر

تحف العقول: كتب الحسن بن أبي الحسن البصري إلي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام:

بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد فانكم معشر بني هاشم، الفلك الجارية واللجج الغامرة، والأعلام النيرة الشاهرة، او كسفينة نوح (عليه السلام) التي نزلها المؤمنون ونجافيها المسلمون كتبت اليك يابن رسول الله عند

اختلافنا في القدر، وحيرتنا في الاستطاعة فأخبرنا بالذي عليه رأيك ورأي آبائك عليهم السلام، فان من علم الله علمكم وأنتم شهداء علي الناس، والله الشاهد عليكم، (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) فأجابه الحسن (عليه السلام):.

بسم الله الرحمن الرحيم. وصل إليّ كتابك، ولولا ما ذكرت من حيرتك، وحيرة من مضي قبلك، إذاً ما أخبرتك، أمّا بعد فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه، أنّ الله يعلمه فقد كفر، ومن أحال المعاصي علي الله فقد فجر، إنّ الله لم يطع مكرها، ولم يعص مغلوباً، ولم يهمل العباد سديً من المملكة، بل هو المالك لما ملّكهم، والقادر علي ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييراً، ونهاهم تحذيراً، فان ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادّاً، وان انتهوا إلي معصيةٍ فشاء أن يمنّ عليهم بأن يحول بينهم وبينها فعل، وان لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبراً، ولا ألزموها كرهاً، بل منّ عليهم بأن بصّرهم و عرّفهم وحذّرهم، وأمرهم ونهاهم، لا جبلا لهم علي ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة، ولا جبراً لهم علي ما نهاهم عنه، (ولله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) والسلام علي من اتبع الهدي.

لا جبر و لا تفويض

جمهرة رسائل العرب ج/ ص 25: رفع أهالي البصرة اليه رسالة، يطلبون منه فيها حقيقة الامر في الجبر والتفويض، فأجابهم:.

من لم يؤمن بالله قضائه وقدره فقد كفر، ومن حمل ذنبه علي ربّه فقد فجر. إنّ الله لا يطاع استكراهاً. ولا يعصي لغلبةٍ، لانه المليك لما ملّكهم، والقادر علي ما أقدرهم، فإن عملوا بالطاعة لم يحل بينهم وبين ما فعلوا، فإذا لم يفعلوا فليس هو الذي أجبرهم علي ذلك، فلو أجبر الله الخلق علي الطاعة لاسقط عنهم الثواب، ولو أجبرهم

علي المعاصي لا سقط عنهم العقاب، ولو أهملهم لكان عجزاً في القدرة، ولكن له فيهم المشيئة التي غيّبها عنهم، فإن عملوا بالطاعات كانت له المنّة عليهم، وإن عملوا بالمعصية كانت الحجة عليهم.

عفو الله

درر الأخبار ج 1 ص 182.

إنّ الله ليعفو يوم القيامة، عفواً يحيط علي العباد، حتي يقول أهل الشّرك: والله ربّنا ما كنّا مشركين.

لطف الله

أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين العاملي ج 4 ص 88.

ما فتح الله عزّ وجلّ علي أحدٍ باب مسألة فخزن عنه باب الإجابة، ولا فتح علي رجلٍ باب عملٍ فخزن عنه باب القبول، ولا فتح لعبدٍ باب شكرٍ فخزن عنه باب المزيد.

الجواد

مجمع البحرين: مادة: (جود).

كان (عليه السلام) يطوف في بيت الله الحرام فسأله رجل عن معني الجواد فقال له:

إنّ لكلامك وجهين، فإن كنت تسأل عن المخلوق فإنّ الجواد الذي يؤدّي ما افترض عليه، والبخيل الذي يبخل بما افترض عليه، وإن كنت تسأل عن الخالق، فهو الجواد إن أعطي، وهو الجواد إن منع، لأنه إن أعطي عبداً أعطاه ما ليس له، وإن منع منع ما ليس له.

القرآن

كشف الغمة: ص 171.

إنّ هذا القرآن فيه مصابيح النور، وشفاء الصدور، فليجل جالٍ بضوئه، وليلجم الصفة قلبه، فإنّ التفكير حياة القلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.

ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن، فاتّخذوه إماماً يدلّكم علي هداكم. وإنّ أحقّ الناس من عمل به وإن لم يحفظه، وابعدهم من لم يعمل به وإن كان يقرأه [4] .

إنّ هذا القرآن يجيء يوم القيامة قائداً وسائقاً، يقود قوماً إلي الجنة أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه وآمنوا بمتشابهه، ويسوق قوماً إلي النار ضيّعوا حدوده وأحكامه واستحلّوا محارمه [4] .

من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ [4] .

ولائيات

الولاية

البحار ج 5 ص 315: محمد باقر المجلسي وعلل الشرائع ص 249 - 250: محمد بن علي الصدوق عن علي بن احمد بن محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن اسحاق بن اسماعيل النيسابوري: ان العالم كتب اليه يعني الحسن بن علي (عليه السلام):..

إنّ الله تعالي بمنّه ورحمته، لما فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجةٍ منه إليه، بل رحمةً منه إليكم، لا إله إلا هو، ليميز الخبيث من الطيّب، وليبتلي ما في صدوركم، وليمحّص ما في قلوبكم، ولتتسابقوا إلي رحمته، ولتتفاضل منازلكم في جنّته، ففرض عليكم الحجّ والعمرة، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصّوم، والولاية، وجعل لكم باباً لتفتحوا به أبواب الفرائض، ومفتاحاً إلي سبيله، ولولا محمّد صلّي الله عليه وآله وسلّم والاوصياء من ولده، كنتم حياري كالبهائم، لا تعرفون فرضاً من الفرائض وهل تدخل قريةً الا من بابها، فلمّا منّ الله عليكم بإقامة الاولياء بعد نبيكم (صلّي الله عليه وآله) قال الله عز وجل: (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي

ورضيت لكم الإسلام ديناً) وفرض عليكم لأوليائه حقوقاً، فأمركم بأدائها اليهم، ليحلّ لكم ما وراء ظهوركم، من أزواجكم وأموالكم، ومأكلكم ومشربكم، ويعرفّكم بذلك البركة والنماء والثروة، وليعلم من يطيعه منكم بالغيب، وقال الله تبارك وتعالي (قل لا أسألكم عليه اجراً إلا المودة في القربي) فاعلموا: أنّ من يبخل، فانما يبخل علي نفسه، إنّ الله هو الغنيّ وأنتم الفقراء اليه، لا إله الاّ هو، فاعملوا من بعد ما شئتم (فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم تردّون إلي عالم الغيب والشهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون) والعاقبة، للمتقين، والحمد لله ربّ العالمين.

الله أدب نبيه

البحار: محمد باقر المجلسي ج 17 - ص 207، الطبعة القديمة.

انّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه أحسن الأدب فقال:

(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) فلمّا وعي الذي أمره قال تعالي:

(ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). فقال لجبرائيل (عليه السلام): وما العفو؟

قال: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك. فلمّا فعل ذلك، أوحي الله اليه: (انّك لعلي خلقٍ عظيمٍ).

علم آل محمد

ما يعلم المخزون المكنون المجزوم المكتوم، الذي لم يطّلع عليه ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل، غير محمدٍ وذريته.

علم الإمام

قاله لمعاوية لما اخبره بعدد التمر علي الشجرة فتعجب معاوية.

يا معاوية: أما والله لولا أنك تكفر، لأخبرتك بما تعمله، وذلك أنّ رسول الله كان في زمانٍ لا يكذّب، وأنت تكذّب وتقول،: متي سمع من جدّه علي صغر سنّه؟ والله لتدعنّ زياداً ولتقتلنّ (حجراً)، ولتحملنّ اليك الرؤوس من بلدٍ إلي بلد.

علم أميرالمؤمنين

إنّ الله تبارك وتعالي علّم رسوله الحرام والحلال، والتنزيل والتأويل فعلّم رسول الله عليّاً علمه كلّه.

الله يصور أهل البيت

المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 2: عن الشيرازي في كتابه بالاسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية قال الحسن بن علي عليهما السلام في قوله تعالي: (في أي صورة ماشاء ركبك) قال:..

صوّر الله عزّ وجلّ عليّ بن أبي طالبٍ في ظهر أبي طالبٍ علي صورة محمّدٍ، فكان عليّ بن أبي طالبٍ أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه وآله، وكان الحسين بن عليٍّ أشبه الناس بفاطمة، وكنت أنا أشبه الناس بخد يجة الكبري.

نحن الأولون

البحار: محمد باقر المجلسي:..

نحن الآخرون، ونحن الأوّلون، ونحن النور، بنور الروحانيّين، ننوّر بنور الله، ونروح بروحه، فينا مسكنه، وإلينا معدنه، الآخر منا كالأول، والأول منا كالآخر.

لنا العاقبة

مروج الذهب: ج 2 ص 306، ومرض الإمام علي يوماً فأمر الحسن أن يصلي بالناس صلاة الجمعة، فصعد المنبر. فحمد الله وأثني عليه، ثم قال:..

إنّ الله اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا علي خلقه، وأنزل علينا وحيه، وإنّ الله لم يبعث نبيّاً، الا اختار له نفساً ورهطاً وبيتاً [ونحن نفس محمّدٍ ورهطه وأهل بيته] [5] فوالذي بعث محمّداً بالحقّ، لا ينتقص من حقّنا - أهل البيت - أحد، إلا نقصه الله من حقّه مثله من عاجل دنياه وآخرته، ولا يكون علينا دولة، إلا وتكون لنا العاقبة (ولتعلمنّ نبأه بعد حين).

حبنا

رجال الكشي:..

والله لا يحبّنا عبد أبداً، ولو كان أسيراً في الديلم، إلا نفعه حبّنا، وإنّ حبّنا ليساقط الذنوب من بني آدم، كما يساقط الريح الورق من الشجر.

نحن الأبرار

المناقب لابن شهر آشوب ج 4 - ص 2، عن الشيرازي في كتابه باسناده عن الهزيل، عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن الحسن بن علي عليهما السلام قال:..

كلّ ما في كتاب الله عزّ وجلّ: (إن الابرار) فوالله ما أراد به إلا عليّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام) وفاطمة وأنا والحسين، لأنّا نحن أبرار بآبائنا وأمهاتنا، وقلوبنا علت بالطاعات والبرّ وتبرّأت من الدنيا وحبّها، وأطعنا الله في جميع فرائضه، وآمنّا بوحدانيته، وصدّقنا برسوله.

الأئمة منا

روي سليم بن قيس رواية طويلة فيها ان الحسن والحسين وابن عباس و عبد الله بن جعفر، حضروا مجلس معاوية فحدثت بينهم وبينه مشادة حول الأئمة بعد رسول الله، فتكلم كل من عبد الله بن جعفر وابن عباس ثم قال معاوية ما تقول يا حسن؟ فقال الإمام..

يا معاوية قد سمعت ما قلبت وما قال ابن عباس. العجب منك يا معاوية ومن قلة حيائك، ومن جرأتك علي الله حين قلت: قد قتل الله طاغيتكم وردّ الامر إلي معدنه، فأنت يا معاوية معدن الخلافة دوننا؟ كلا: ما أنت أهله ولكني أقول لتسمعه بنو أبي: هؤلاء حولي.

إنّ الناس قد اجتمعوا علي أمورٍ كثيرة، ليس بينهم اختلاف فيها، ولا تنازع ولا فرقة: علي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمّداً رسول الله وعبده، والصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت، ثم أشياء كثيرةٍ من طاعة الله، التي لا تحصي ولا يعدّها الا الله واجتمعوا علي تحريم الزنا، والسرقة، والكذب، والقطيعة، والخيانة، وأشياء كثيرة من معاصي الله لا تحصي ولا يعدّها الا الله.

واختلفوا في سننٍ اقتتلوا فيها، وصاروا فرقاً يلعن بعضهم بعضاً، وهي الولاية، ويبرأ بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم

بعضاً، أيّهم أحقّ وأولي بها، الا فرقة تتبع كتاب الله، وسنة نبيّه صلي الله عليه وآله فمن أخذ بما عليه أهل القبلة الذي ليس فيه اختلاف، وردّ علم ما اختلفوا فيه إلي الله، سلم ونجابه من النار، ودخل الجنّة، ومن وفّقه الله ومنّ عليه واحتجّ عليه، بأن نوّر قلبه بمعرفة ولاة الامر من أئمتهم ومعدن العلم أين هو؟ فهو عند الله سعيد، ولله وليّ، وقد قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم (رحم الله امرءاً علم حقّاً فقال فغنم، أو سكت فسلم).

نحن نقول أهل البيت: إنّ الأئمة منّا، وإنّ الخلافة لا تصلح إلا فينا وإنّ الله جعلنا أهلها في كتابه وسنة نبيّه صلي الله عليه وآله، وإنّ العلم فينا ونحن أهله، وهو عندنا مجموع كلّه بحذافيره وإنّه لا يحدث شيء إلي يوم القيامة، حتّي أرش الخدش إلا وهو عندنا مكتوب بأملاء رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم وخط عليّ (عليه السلام) بيده.

وزعم قوم أنهم أولي بذلك منّا، حتّي أنت يا ابن هند تدّعي ذلك، وتزعم: أنّ عمر أرسل إلي أبي: إني اريد أن أكتب القرآن في مصحفٍ فابعث اليّ بما كتبت من القرآن، فأتاه فقال: تضرب والله عنقي قبل أن يصل اليك، قال: ولم؟ قال؛ لأنّ الله تعالي قال: (والراسخون في العلم) [6] قال: إياي عني ولم يعنك ولا أصحابك. فغضب عمر.

ثم قال: ان ابن أبي طالبٍ يحسب أن أحداً ليس عنده علم غيره، من كان يقرأ من القرآن شيئاً فليأتني، فاذا جاء رجل فقرأ شيئاً معه فيه آخر [7] كتبه وإلاّ لم يكتبه؛ ثم قالوا: قد ضاع منه قرآن كثير. بل كذبوا والله، بل هو مجموع محفوظ عند أهله.

ثم أمر عمر قضاته: أجهدوا آراءكم واقضوا بما ترون أنّه الحقّ، فلا يزال هو وبعض ولاته قد وقعوا في عظيمةٍ، فيخرجهم منها أبي، ليحتجّ عليهم بها، فتجتمع القضاة عند خليفتهم، وقد حكموا في شيءٍ واحدٍ بقضايا مختلفةٍ، فأجازها لهم، لأنّ الله لم يؤته الحكمة وفعل الخطاب، وزعم كلّ صنفٍ من مخالفينا من أهل هذه القبلة: أنّه معدن الخلافة والعلم دوننا، فنستعين بالله علي من ظلمنا، وجحدنا حقّنا، وركب رقابنا، وسنّ للناس علينا ما يحتجّ به مثلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

انما الناس ثلاثة: مؤمن يعرف حقّنا، ويسلّم لنا، ويأتمّ بنا، فذلك ناجٍ محب لله وليّ، وناصب لنا العداوة يتبرّأ منّا ويلعننا، ويستحلّ دماءنا ويجحد حقّنا ويدين الله بالبراءة منا، فهذا كافر مشرك فاسق، وانما كفر وأشرك من حيث لا يعلم، كما سبّوا الله (عدواً) بغير علمٍ [8] كذلك يشرك بالله بغير علمٍ، ورجل آخذ بما (لا) يختلف فيه، وردّ علم ما أشكل عليه إلي الله مع ولايتنا، ولا يأتمّ بنا، ولا يعادينا، ولا يعرف حقّنا، فنحن نرجو ان يغفر الله له، ويدخله الجنّة، فهذا مسلم ضعيف.

انا الحسن بن علي

ناسخ التواريخ، لما توفي أمير المؤمنين وقتل ابن ملجم، خرج ابن عباس إلي الناس فقال: (ان أمير المؤمنين توفي، وقد ترك لكم خلفاً، فان أحببتم خرج اليكم، وان كرهتم فلا احد علي أحد)فبكي الناس وقالوا: (بل يخرج الينا) فخرج الإمام الحسن وعليه ثوب اسود واعتلي المنبر فحمد الله واثني عليه، ثم قال:..

لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعملٍ، ولم يدركه الآخرون بعملٍ، لقد كان يجاهد مع رسول الله فيقيه بنفسه، وكان رسول الله يوجّهه برايته، فيكفيه جبرائيل، عن يمينه وميكائيل، عن شماله، ولا يرجع حتي

يفتح الله علي يديه، ولقد توفي في الليلة التي نزل فيها القرآن، وعرج فيها بعيسي بن مريم، والتي قبض فيها يوشع بن نون: وصيّ موسي، وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهمٍ فضلت في عطيّته أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله [9] .

أيها الناس:

من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبيّ، وأنا ابن الوصيّ، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلي الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير.. وأنا أهل البيت الذي كان جبريل ينزل الينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله، عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم علي كلّ مسلمٍ، فقال تبارك وتعالي لنبيّه: (قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربي، ومن يقترف حسنةً نزد له فيها) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت..

نحن احد الثقلين

ناسخ التواريخ: لما فرغ من خطابه السابق نزل من المنبر فبايعه الناس، ولما تمت له البيعة، صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال:..

نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الأقربون، وأهل بيته الطيبون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في امّته وتالي كتاب الله (الذي) فيه تفصيل كل شيءٍ لأ يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعوّل علينا في تفسيره، لا نتظنّي تأويله، بل نتيقّن حقائقه فأطيعونا فإطاعتنا مفروضة اذ كانت بطاعة الله والرسول، وأولي الأمر مقرونةً (فان تنازعتم في شيءٍ فردوه إلي الله والرسول، ولو ردّوه إلي الرسول والي أولي الأمر منهم لعلمّه الذين يستنبطونه منهم) واحذّركم الاصغاء لهتاف الشيطان، انّه لكم عدوّ مبين،

فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص علي عقبيه وقال إني بريء منكم إني أري ما لا ترون) فتلقون إلي الرماح أزراً، وللسيوف جزراً، وللعمد حطماً، وللسهام غرضاً، ثم (لا ينفع نفساً ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيراً).

اتقوا الله

خطب بها في أهل الكوفة بعد الصلح.

يا أهل الكوفة اتقوا الله في جيرانكم وضيفانكم، وفي أهل بيت نبيّكم صلي الله عليه وآله، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

اعقلوا عن ربكم

عير الإمام الحسن بالعيّ، فخطب حتي اجهش القوم بالبكاء، وكان مما قال قوله:..

أيّها الناس: إعقلوا عن ربّكم (إنّ الله [عزّ وجلّ] اصطفي آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران علي العالمين، ذريةً بعضها من بعضٍ، والله سميع عليم) فنحن الذرية من آدم، والأسرة من نوحٍ، والصفوة من ابراهيم، والسلالة من اسماعيل، وآل محمّدٍ. نحن فيكم كالسماء المرفوعة، والأرض المدحوّةِ والشمس الضاحية، وكالشجرة الزيتونة، لا شرقيةٍ، ولا غربيةٍ، التي بورك زيتها: النبيّ أصلها، وعليّ فرعها، ونحن والله ثمرة تلك الشجرة، من تعلّق بغصنٍ من أغصانها نجا، ومن تخلّف عنها فإلي النار هوي.

من كان يباهي

من كان يباهي بجدٍّ فانّ جدي الرسول، أو كان يباهي بأمّ فانّ أمي البتول أو كان يباهي بزوّرٍ فزائرنا جبرئيل.

لو دعوت الله تعالي

لو دعوت الله تعالي لجعل العراق شاماً، والشام عراقاً، وجعل المرأة رجلاً، والرجل امرأةً.

ما وراء الأرض

ان الإمام يشير بهذا الكلام إلي عالمين من العوالم الكثيرة التي خلقها الله في هذا القضاء الرحيب. ونحن وان كنا لا نعرف هذين العالمين بالفعل، الا اننا لا نستطيع انكارهما لمجرد اننا لم نطلع عليهما.

إن لله مدينتين: إحداهما بالمشرق، والأخري بالمغرب، عليهما سوران من حديد، وعلي كل مدينةٍ ألف ألف مصراعٍ من ذهب، وفيها سبعون ألف ألف لغةٍ، يتكلّم كلّ لغة بخلاف صاحبه، وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجّة غيري والحسين أخي.

في عزة

تحف العقول:..

وقيل له: فيك عظمة، فقال (عليه السلام) بل فيّ عزّة قال الله (والله العزة ولرسوله وللمؤمنين).

الشيعي والمحب

مجموعة ورام ص 301:..

قال له رجل: يا بن رسول الله اني من شيعتكم! فقال (عليه السلام): يا عبدالله إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت، وان كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبةً شريفةً لست من أهلها، لا تقل: أنا من شيعتكم، ولكن قل: أنا من مواليكم ومحبيكم ومعادي أعدائكم، وأنت في خيرٍ وإلي خير.

يتيم آل محمد

سأل رجل الإمام في حاجة، فقال له الإمام:..

فضل كافل يتيم آل محمدٍ المنقطعِ عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل يخرجه من جهله، ويوضّح له ما اشتبه عليه، علي فضلِ كافلِ يتيمٍ، يطعمه ويسقيه، كفضل الشمس علي السهي [10] - [11] .

عبادات

الصلاة

إرشاد القلوب ص 79 - 80: الحسن بن محمد الديلمي:..

يا ابن آدم: من مثلك وقد خلّي ربّك بينه وبينك؟ متي شئت أن تدخل إليه، توضأت وقمت بين يديه، ولم يجعل بينك وبينه حجاباً ولا بوّاباً، تشكو إليه همومك وفاقتك، وتطلب منه حوائجك، وتستعينه علي أمورك.

اهل المسجد

إرشاد القلوب ص 79 - 80: الحسن بن محمد الديلمي:..

أهل المسجٍد زوّار الله وحقّ علي المزور التحفة لزائره.

الاختلاف إلي المساجد

تحف العقول:..

من أدام الاختلاف إلي المسجد أصاب إحدي ثمانٍ: آية محكمة، وأخاٍ مستفاداً، وعلماً مستطرفاً ورحمةً منتظرةً، وكلمةً تدلّه علي الهدي، أو تردّه عن ردي، وترك الذنوب حياءً، وخشيةً.

الزكاة

سأل رجل الإمام: (متي تدفع الزكاة؟) فقال الإمام:..

إنّ الله تعالي أوحي إلي آدم: أن زكّ نفسك يا آدم! قال: يا ربّ وما الزكاة؟ قال: صلّ عشر ركعات فصلّي ثم قال: ربّ هذه الزكاة عليّ وعلي الخلق؟ قال الله: هذه الزكاة عليك، وعلي ولدك بالمال من جمع من ولدك مالاً.

البيت والحجر

البحار حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد (رض) قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف. عن صفوان بن يحيي قال: سئل الحسن (عليه السلام) عن الحرم واعلامه؟ فقال..

إنّ آدم (عليه السلام) لما هبط من الجنة، هبط علي (أبي قبيس) [12] والناس يقولون بالهند فشكا ربّه الوحشة، وأنه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة، فأهبط الله تعالي عليه ياقوتةً حمراء، فوضعت في موضع البيت، فكان يطوف بها آدم (عليه السلام)، وكان يبلغ ضوءُها الأعلام، فعلمت الأعلام علي ضوئها، فجعله الله عزّ وجلّ حرماً.

الله يباهي بعباده

تاريخ دمشق لابن عساكر ج / 12 ص / 529: أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالباقي حدثنا الحسن بن علي حدثنا محمد بن العباس حدثنا احمد بن معروف حدثنا الحسين بن محمد بن القاسم حدثنا محمد بن سعد حدثنا مسلم بن إبراهيم عن القاسم بن الفضل حدثنا ابو هارون عن الحسن (عليه السلام) في حديث.

ان الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول: عبادي جاءوني شعثاً يتعرضون لرحمتي، فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم وشفعت محسنهم في مسيئهم، وإذا كان يوم القيامة فمثل ذلك.

مواعظ

جوامع الموعظة

أعيان الشيعة ج 4 - ق 1 - ص 45: السيد محسن الأمين العاملي:..

يا ابن آدم: عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله تكن غنيّاً وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً. إنه كان بين يديكم أقوام يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً. يا ابن آدم: لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فانّ المؤمن يتزود والكافر يتمتّع.

استجيبوا لله

(أ) تحف العقول:.. (ب) البحار ج17 ص203-204.

أيّها الناس: إنه من نصح لله وأخذ قوله دليلاً، هدي للتي هي أقوم، ووفّقه الله للرشاد، وسدّده للحسني، فانّ جار الله آمن محفوظ وعدوّه خائف مخذول، فاحترسوا من الله بكثرة، الذكر، واخشوا الله بالتقوي، وتقرّبوا إلي الله بالطاعة، فانه قريب مجيب، قال الله تبارك وتعالي: (وإذا سألك عبادي عنيّ، فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي، وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون) فاستجيبوا لله وآمنوا به، فانّه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم، فإنّ رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا، و(عز) الذين يعرفون الله أن يتذللوا (له) وسلامةَ الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة، ولا يضلوا بعد الهدي.

واعلموا علماً يقيناً: أنكم لن تعرفوا التقي، حتي تعرفوا صفة الهدي ولن تمسكوا بميثاق الكتاب، حتي تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته، حتي تعرفوا الذي حرّفه، فاذا عرفتم ذلك، عرفتم البدع والتكلّف، ورأيتم الفرية علي الله، والتحريف، ورأيتم كيف يهوي من يهوي، ولا يجهلنّكم الذين لا يعلمون، والتمسوا ذلك عند

أهله، فانهم خاصة نورٍ يستضاء بهم، وأئمة يقتدي بهم، بهم عيش العلم وموت الجهل، وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم، وحكم منطقهم عن صمتهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الحقّ، ولايختلفون فيه، وقد خلت لهم من الله سنّة، ومضي فيهم من الله حكم، ان في ذلك لذكري للذاكرين، واعقلوه اذا سمعتموه، عقل رعايةٍ، ولا تعقلوه عقل رواية، فانّ رواة الكتاب كثير، ورعاته قليل، والله المستعان.

التقوي

تحف العقول:..

إعلموا أن الله لم يخلقكم عبثاً، وليس بتارككم سدي، كتب آجالكم وقسّم بينكم معائشكم، ليعرف كل ذي لبٍ منزلته، وانّ ما قدّر له أصابّه وما صرف عنه فلن يصيبه، قد كفاكم مؤونة الدنيا وفرّغكم لعبادته، وحثّكم علي الشكر، وافترض عليكم الذكر، وأوصاكم بالتقوي. منتهي رضاه، والتقوي باب كلّ توبة، ورأس كلّ حكمة، وشرف كلّ عملٍ بالتقوي، فاز من فاز من المتّقين، قال الله تبارك وتعالي: (ان للمتقين مفازاً، قال: (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوء ولاهم يحزنون فاتقوّا الله عباد الله، واعلموا: أنّه من يتق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ويسدده في أمره ويهيئ له رشده، ويفلحه بحجته، ويبيض وجهه ويعطه رغبته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين، والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقاً.

المتقون

إرشاد القلوب - للديلمي ص 92.

لقد اصبحت أقوام كأنهم ينظرون إلي الجنة ونعيمها، والنار وحميمها، يحسبهم الجاهل مرضي وما بهم من مرضٍ، أو قد خولطوا وإنما خالطهم امر عظيم خوف الله ومهابته في قلوبهم كانوا يقولون: ليس لنا في الدنيا من حاجةٍ وليس لها خلقنا ولا بالسعي لها أمرنا، أنفقوا اموالهم وبذلوا دماءهم واشتروا بذلك رضي خالقهم، علموا انّ الله اشتري منهم اموالهم وانفسهم بالجنة فباعوه وربحت تجارتهم وعظمت سعادتهم رأفلحوا وأنجحوا فاقتفرا آثارهم رحمكم الله، واقتدوا بهم فانّ الله تعالي وصف لنبيّه صلي الله عليه وآله صفة آبائه ابراهيم واسماعيل وذريتهما وقال: (فبهداهم اقتدوه) واعلموا عباد الله أنكم مأخوذون الإقتداء بهم والاتّباع لهم، فجدّوا واجتهدوا واحذروا أن تكونوا اعواناً للظالم، فانّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: من مشي مع ظالمٍ ليعينه علي ظلمه فقد خرج من ربقة الإسلام، ومن حالت

شفاعته دون حدٍ من حدودٍ الله فقد حادّ الله و رسوله، ومن اعان ظالماً ليبطل حقاً لمسلمٍ فقد بريء من ذمة الله وذمة رسوله، ومن دعا لظالمٍ بالبقاء، فقد احبّ ان يعصي الله، ومن ظلم بحضرته مؤمن او اغتيب وكان قادراً علي نصره ولم ينصره فقد باء بغضبٍ من الله ومن رسوله، ومن نصره فقد استوجب الجنّة من الله تعالي وإن الله تعالي اوحي إلي داود (عليه السلام): قال: لفلان الجبار إني لم ابعثك لتجمع الدنيا علي الدنيا ولكن لتردّ عني دعوة المظلوم تنصره، فاني آليت علي نفسي ان انصره، وانتصر له، ممن ظلم بحضرته، ولم ينصره.

اهل النار

إرشاد القلوب ص 35 - 36: الحسن بن محمد الديلمي:..

قال الحسن (عليه السلام): إن الله تعالي لم يجعل الأغلال في أعناق اهل النار لانهم أعجزوه، ولكن إذا أطفيء بهم اللهب ارسبهم في قعرها.

ثم غشي عليه، فلما أفاق من غشوته قال

ياابن آدم نفسك نفسك، فانما هي نفس واحدة، إن نجت نجوت وان هلكت لم ينفعك نجاة من نجا.

المبادرة إلي العمل

تحف العقول؛..

إتقوا الله عباد الله، وجدّوا في الطلب وتجاه الهرب، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات، وهادم اللذات، فانّ الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجيعها، ولا تتوقّي مساويها، غرور حائل، وسناد مائل، فاتعظوا عباد الله بالعبر، واعتبروا بأثر. وازدجروا بالنعيم. وانتفعوا بالمواعظ، فكفي بالله معصتماً ونصيراً، وكفي بالكتاب حجيجاً وخصيما، وكفي بالجنّةِ ثواباً، وكفي بالنار عقاباً ووبالاً.

تزودوا

ياابن آدم عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله تكن غنياً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً، إنه كان بين ايديكم قوم يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، اصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً، يا ابن آدم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن امّك، فجد بما في يديك، فإنّ المؤمن يتزود، والكافر يتمتع (وتزودوا فانّ خير الزاد التقوي).

حب الدنيا

إرشاد القلوب ص 22: لحسن بن علي الديلمي:.. الإمام الحسن - م (4).

من احبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، ومن ازداد حرصاً علي الدنيا، لم يزدد منها الا بعداً، وازداد هو من الله بغضاً.

والحريص الجاهد والزاهد القانع كلاهما مستوفٍ أكله، غير منقوصٍ من رزقه شيئاً، فعلام التهافت في النار؟ والخير كله في صبر ساعةٍ واحدةٍ، تورث راحةً طويلةً وسعادةً كثيرةً.

والناس طالبان: طالب يطلب الدنيا حتي إذا أدركها هلك، وطالب يطلب الآخرة حتي إذا أدركها

فهو ناجٍ فائز.

واعلم - أيها الرجل!- أنه لا يضرّك ما فاتك من الدنيا، وأصابك من شدائدها إذا ظفرت بالآخرة، وما ينفعك ما أصبت من الدنيا، إذا حرمت الآخرة.

دار غفلة

الناس في دار سهوٍ وغفلة، يعملون ولا يعلمون، فإذا صاروا إلي دار يقينٍ، يعلمون ولا يعملون.

المأكول والمعقول

البحار ج 1 ص 218: محمد باقر المجلسي، عن دعوات الراوندي، قال الحسن ابن علي:..

عجبت لمن يفكر في مأكوله، كيف لا يفكر في معقوله، فيجنّب بطنه ما يؤذيه، ويودع صدره ما يرديه [13] ؟

النهي عن اللعب

تحف العقول: مرفي يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون، فوقف علي رؤوسهم وقال:..

إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، فيستبقون فيه بطاعته إلي مرضاته فسبق قوم ففازوا، وقصر آخرون فجابوا، فالعجب كل العجب من ضاحكٍ لاعب، في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا: أنّ المحسن مشغول باحسانه، والمسيء مشغول باساءته.

تعزية

مجموعة ورام - ص 411. عزي رجلا قدمات بعض ذويه فقال له:.

إن كانت المصيبة أحدثت لك موعظةً، وكسّبتك أجراً فهو، وإلا فمصيبتك في نفسك أعظم من مصيبتك في ميتك.

الاجمال في الطلب

تحف العقول - ص 55.

لا تجاهد الطلب جهاد الغالب ولا تتكل علي القدر اتكال المستسلم، فان ابتغاء الفضل من السنة، والاجمال في الطلب من العفة، وليست العفة بدافعةٍ رزقاً، ولا الحرص بجالبٍ فضلاً، فانّ الرزق مقسوم، واستعمال الحرص استعمال المآثم.

يستجاب دعاه

ناسخ التواريخ: لقي الإمام الحسن (عليه السلام) عبد الله بن جعفر فقال له:..

يا عبد الله كيف يكون المؤمن مؤمناً وهو يسخط قسمه، ويحقّر منزلته، والحاكم عليه الله؟ وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له.

الموت يطلبك

أعيان الشيعة ج 4- ص 85 دخل جنادة بن أبي أمية علي الإمام بعدما سم، ويئس من شفائه أهله، فقال له: (عظني يا ابن رسول الله) فقال له الإمام:..

يا جنادة! استعدّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم انّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأت علي يومك الذي أنت فيه، واعلم انك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك، الا كنت فيه خازناً لغيرك، واعلم: انّ الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك، فان كان حلالاً كنت قد زهدت فيه، وان كان حراماً لم يكن فيه وزر، فأخذت منه كما أخذت من الميتة، وإن العقاب، فالعقاب يسير، واعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، واذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله إلي عزّ طاعة الله عزّ وجلّ، واذا نازعتك إلي صحبة الرجال حاجة، فاصحب من اذا صحبته زانك، واذا أخذت منه صانك، واذا أردت منه معونةً أعانك، وان قلت صدق قولك، وان صلت شدّ صولتك، وان مددت يدك بفضلٍ مدّها، وان بدت منك ثلمة سدّها، وان رأي منك حسنةً عدّها، وان سألته اعطاك، وان سكتّ عنه ابتدأك، وان نزلت بك إحدي الملمات واساك، من لا تأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق

وان تنازعما منقسما آثرك.

الموت

سئل الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام: ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرورٍ يرد علي المؤمنين، اذا نقلوا عن دار النكد إلي نعيم الابد، وأعظم ثبور يرد علي الكافرين، اذا نقلوا عن جنتهم، إلي نارٍ لا تبيد ولا تنفذ [14] .

قال رجل للحسن: إني أخاف الموت! قال:

ذاك أنك أخرّت مالك، ولو قدمته لسرّك أن تلحق به [15] .

ومرّ (عليه السلام) علي ميت يراد دفنه فقال:

ان أمراً هذا آخره، لحقيق بأن يزهد في أوّله، وإنّ أمراً هذا أوله لحقيق أن يخاف من آخره [16] .

هول المطلع

مكارم الأخلاق: الحسن بن الفضل الطبرسي عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال:..

لما حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام الوفاة، بكي فقيل: ياابن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله الذي أنت به، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله فيك ما قال، وقد حججت عشرين حجةً ماشياً، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتي النعمل والنعمل؟ فقال: (إنما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع، وفراق الأحبّة).

اخلاق

اخ كريم

البداية والنهاية، لابن كثير ج3 ص36: قال الحسن ذات يوم لأصحابه:...

إني أخبركم عن أخٍ كان من أعظم الناس في عيني، وكان عظيم ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجاً عن سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر اذا وجد.

وكان خارجاً عن سلطان فرجه، فلا يستخفّ له عقله ولا رأيه.

وكان خارجاً عن سلطان جهله، فلا يمدّ يداً إلا علي ثقةِ المنفعة، ولا يخطو خطوةً إلا لحسابه.

وكان لا يسخط ولا يتبرم.

كان اذا اجتمع بالعلماء يكون علي أن يسمع، أحرص منه علي أن يتكلّم، وكان اذا غلب علي الكلام، لا يغلب علي الصمت.

كان أكثر دهره صامتاً، فاذا قال بزّ القائلين.

وكان لا يشارك في دعوي، ولا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة، حتي يري قاضياً يقول مالا يفعل ويفعل مالا يقول، تفضلاً وتكرماً.

كان لا يغفل عن اخوانه، ولا يستخصّ بشيء دونهم.

كان لا يكرّم أحداً فيما يقع القدر بمثله.

كان اذا ابتدأه أمران، لا يدري أيهما أقرب إلي الحقّ، نظر فيما هو اقرب إلي هواه فخالفه.

صفات الاخ

تحف العقول: نصح الإمام الحسن به بعض ولده:..

يا بني لا تؤاخ أحداً حتي تعرف موارده ومصادره، فاذا استنبطت الخبرة ورضيت العشرة، فآخيه علي اقالة العثرة، والمواساة في العسرة.

تفسير الأخلاق الفاضلة

(ا) ناسخ التواريخ.

وجه الإمام علي (عليه السلام) إلي الحسن اسئلةً تتعلق بأصول الأخلاق والفضائل، فأجابه الإمام الحسن (عليه السلام) فكان بينهما الحوار التالي:

أمير المؤمنين - يا بني ما السداد؟

الحسن: - يا أبت السداد دفع المنكر بالمعروف.

أمير المؤمنين: ما الشرف؟

الحسن: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.

أمير المؤمنين: - ما المروءة؟

الحسن: - العفاف واصلاح المرء ماله.

أمير المؤمنين:- ما الدنيئة؟

الحسن:- النظر في اليسير ومنع الحقير.

أمير المؤمنين:- ما اللؤم؟

الحسن:- احتراز المرء نفسه وبذله عرسه.

أمير المؤمنين:- ما السماحة؟

الحسن:- البذل في العسر واليسر.

أمير المؤمنين:- ما الشحّ؟

الحسن:- أن تري ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً.

أمير المؤمنين:- ما الإخاء؟

الحسن:- الوفاء في الشدة والرخاء.

أمير المؤمنين:- ما الجبن؟

الحسن:- الجرأة علي الصديق والنكول عن العدو.

أمير المؤمنين:- ما الغنيمة؟

الحسن: - الرغبة في التقوي، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة.

أمير المؤمنين:- ما الحلم؟

الحسن:- كظم الغيظ وملك النفس.

أمير المؤمنين:- ما الغني؟

الحسن:- رضي النفس بما قسم الله لها وإن قلّ وإنما الغني عن النفس.

أمير المؤمنين:- ما الفقر؟

الحسن:- شره النفس في كل شيء.

أمير المؤمنين:- ما المنعة؟

الحسن:- شدة البأس ومنازعة أعزّ الناس.

أمير المؤمنين:- ما الذّلّ؟

الحسن:- الفرع عند المصدوقة.

أمير المؤمنين:- ما العيّ؟

الحسن:- العبث باللحية وكثرة البزاق عند المخاطبة.

أمير المؤمنين:- ما الجرأة؟

الحسن:- موافقة الاقران.

أمير المؤمنين:- ما الكلفة؟

الحسن:- كلامك فيما لا يعنيك.

أمير المؤمنين:- ما المجد؟

الحسن:- أن تعطي في

الغرم وتعفو عن الجرم.

أمير المؤمنين:- ما العقل؟

الحسن:- العقل حفظ كلّ ما استوعيته.

أمير المؤمنين:- ما الخرق؟

الحسن:- معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك.

أمير المؤمنين:- ما السناء؟

الحسن:- إتيان الجميل وترك القبيح.

أمير المؤمنين:- ما الحزم؟

الحسن:- طول الاناة والرفق بالولاة.

أمير المؤمنين:- ما السفه؟

الحسن:- إتباع الدّناة ومصاحبة الغواة.

أمير المؤمنين:- ما الغفلة؟

الحسن:- تركك المسجد وطاعتك المفسد.

أمير المؤمنين:- ما الحرمان؟

الحسن:- تركك حظّك وقد عرض عليك.

أمير المؤمنين:- من السيّد؟

الحسن:- الأحمق في ماله. والمتهاون في عرضه: يشتم فلا يجيب، المهتمّ بأمر عشيرته، هو السيّد [17] .

أمير المؤمنين:- فما الجهل؟

الحسن:- سرعت الوثوب علي الفرصة، قبل الاستمكان منها، والامتناع عن الجواب. ونعم العون الصمت، في مواطن كثيرة، وإن كنت فصيحاً [18] .

مكارم الأخلاق

تاريخ اليعقوبي ج1 - ص 201.

قال جابر: سمعت الحسن (عليه السلام) يقول: مكارم الأخلاق عشرة:

صدق اللسان، وصدق البأس، واعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والتذميم [19] علي الجار ومعرفة الحق للصاحب، وقري الضيف، ورأسهن الحياء.

فضائل

البحار 17 - ص 206 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي:..

الحزم أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك، والمجد حمل المعازم وابتناء المكارم، والسماحة اجابة السائل وبذل النائل، والرقة طلب اليسير، ومنع الحقير والكلفة التمسك لمن لا يواتيك، والنظر بما لا يعنيك والجهل وان كنت فصيحاً.

العقل

البحار ج 10 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي:..

سئل الحسن بن علي، فقيل له: (ما العقل؟) فقال: التجرع للغصة، حتي ننال الفرصة، ومداهنة الأعداء.

العقل والحلم

ارشاد القلوب ص 239: الحسن بن محمد الديلمي:..

اعلموا أن العقل حرز والحلم زينة والوفاء مروءة والعجلة سفه والسفه ضعف ومجالسة أهل الدنيا شين، ومخالطة أهل الفسوق ريبة، ومن استخف بإخوانه فسدت مروءته، ولا يهلك إلا المرتابون وينجو المهتدون الذين لم يتهموا الله في آجالهم طرفة عينٍ، ولا في أرزاقهم، فمروءتهم كاملة وحياؤهم كامل، يصبرون حتي يأتي بهم الله برزقٍ، ولا يبيعون شيئاً من دينهم ومروءاتهم بشيءٍ من الدنيا ولا يطلبون شيئاً منها بمعاصي الله، ومن عقل المرء ومروءته أن يسرع إلي قضاء حوائج اخوانه وان لم ينزلوها به، والعقل أفضل ما وهب الله تعالي للعبد إذ به نجاته في الدنيا من آفاتها وسلامته في الآخرة من عذابها، وقد قيل: إنهم وصفوا رجلاً عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بحسن عبادته، فقال صلي الله عليه وآله وسلم: انظروا إلي عقله فانما يجزي العباد يوم القيامة علي قدر عقولهم، وحسن الأدب دليل علي صحة العقل.

العقل والهمة والدين

اعيان الشيعة ج 4 - ص 88: السيد محسن الأمين العاملي..

قال (عليه السلام): لا أدب لمن لا عقل له، ولا مودّة لمن لا همّة له ولا حياة لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك سعادة الدارين، ومن حرم العقل حرمهما جميعاً.

المروءة

تحف العقول:..

سئل عن المروءة، فقال (عليه السلام): شح الرجل علي دينه وإصلاحه ماله، وقيامه بالحقوق.

المروءة والكرم والنجدة

اليعقوبي، ص 268: روي: ان معاوية قال للإمام: يا أبا محمد، ثلاث خلال ما وجدت من يخبرني عنهن، قال: وما هن؟ قال: المروؤة والكرم والنجدة، قال:..

أما المروءة فإصلاح الرجل أمر دينه، وحسن قيامه علي ماله، ولين الكفّ وافشاء السلام، والتحبب إلي الناس. والكرم: العطية قبل السؤال والتبرع بالمعروف، والاطعام في المحل. ثم النجدة: الذبّ عن الجار، والمحاماة في الكريهة، والصبر عند الشدائد..

الصمت

البحار، ج 10 الطبعة القديمة.

وسئل عن الصمت؟ فقال:

هو ستر العيّ، وزين العرض، وفاعله في راحة، وجليسه في أمنِ.

الذل واللؤم والعقوق

ناسخ التواريخ.

سئل عن الذلّ واللؤم فقال:

من لا يغضب من الجفوة، ولا يشكر علي النعمة

وسئل عن العقول فقال:

ان تحرمهما.

الكبر والحرص والحسد

هلاك الناس في ثلاثٍ، الكبر، والحرص، والحسد

(الكبر) به هلاك الدين، وبه لعن إبليس.

و(الحرص) عدوّ النفس، وبه أخرج آدم من الجنة.

و(الحسد) رائد السوء، وبه قتل هابيل قابيل [20] .

البخل

(أ) ناسخ التواريخ.

(ب) نهاية الأرب في فنون الارب ج 3 - ص 398.

وسئل عن (البخل) فقال:

هو أن يري الرجل ما أنفقه، وما أمسكه شرفاً.

الناس أربعة

تاريخ دمشق لابن عساكر ح 12 - ص 531: أخبرنا ابوالقاسم بن السمرقندي حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن سكته، عن محمد بن فارس بن محمد الغوري عن احمد بن جعفر بن أحمد العسكري عن عبد الله بن محمد القرشي عن يوسف بن موسي عن ابن عثمان عن سهل بن شعيب عن قنان النهمي عن جعيد بن همدان أن الحسن (عليه السلام) قال له:..

يا جعيد بن همدان:

إن الناس أربعة: فمنهم من له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق وليس له خلاق، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق، فذاك أشرّ الناس. ومنهم من له خلق وخلاق فذاك أفضل الناس.

احسن الناس

قيل له: من أحسن الناس عيشاً؟ قال:

من أشرك الناس في عيشه.

اشر الناس

تحف العقول:..

وقيل؛ من أشرّ الناس؟ قال:

من لا يعيش في عيشه أحد.

شر الناس

قال رجل للحسن: من شرّ الناس؟ فقال:

من يري أنّه خيرهم.

اذا طلبتم الحوائج

البحار ج 1 - ص 48: محمد باقر المجلسي:..

اذا طلبتم الحوائج، فاطلبوها من أهلها. - قيل: يا ابن رسول الله! ومن اهلها؟ قال: الذي خصّ الله في كتابه، وذكرهم فقال: (انما يتذكّر اولو الالباب). هم اولو العقول.

لا تمدح و لا تكذب

تحف العقول ص 55.

سأله رجل ان يكون صديقاً له وجليساً، فقال (عليه السلام) له:

إياك أن تمدحني، فأنا أعلم بنفسي منك، أو تكذبني فانّه لا أري لمكذوب أو تغتاب عندي أحداً فقال الرجل: ائذن لي في الانصراف قال له: نعم اذا شئت.

السلام

ناسخ التواريخ:..

من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه.

التقبيل

تحف العقول:..

اذا لقي أحدكم أخاه، فليقبّل موضع النور من جبهته.

آداب الطعام

(أ) مصابيح الانوار في حل مشكلات الاخبار ج 2 - ص 271: السيد عبد الله شبر. (ب) مكارم الاخلاق: الحسن بن الفضل الطبرسي.

(ج) من لا يحضره الفقيه: محمد بن علي الصدوق، عن جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه، عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال:..

في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب علي كل مسلم أن يعرفها، أربع فيها فرض، وأربع سنة وأربع تأديب:

الفرض: المعرفة، الرضا، التسمية، الشكر.

السنة: الوضوء قبل الطعام، الجلوس علي الجانب الأيسر، الأكل بثلاثة أصابع، ولعق الأصابع.

التأديب: الأكل مما يليك، تصغير اللقمة، تجويد المضغ، قلة النظر في وجوه الناس.

غسل اليدين

الاثني عشرية ص 37.

غسل اليدين قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم.

لقطات من الاخلاق

تاريخ دمشق لابن عساكر ج / 12 ص 533: اخبرنا ابو نصر بن رضوان عن ابي محمد الجوهري عن أبي محمد بن عمر بن حبوبة عن أبي بكر بن المرزبان عن أبي يعقوب النخعي عن الحرمازي قال: خطب الحسن بن علي (عليه السلام) بالكوفة فقال:..

إعلموا يا أهل الكوفة!

أن الحلم زينة والوفاء مروءة، والعجلة سفه، والفرّ ضعف، ومجالسة أهل الدناءة شين، ومخالطة أهل الفسوق ريبة.

العلم

تاريخ اليعقوبي ص 270: ان الحسن بن علي (عليه السلام) دعا بنيه وبني أخيه فقال:..

يا بني و بني أخي، إنّكم صغار قومٍ، وتوشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلّموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه او يحفظه، فليكتبه، في بيته.

علم و تعلم

الاثني عشرية ص 37.

علّم الناس وتعلّم علم غيرك، فتكون قد أتقنت علمك، وعلمت مالم تعلم.

حسن السؤال

نور الأبصار للشبلنجي ص 110.

حسن السؤال نصف العلم.

سياسيات

السياسة

مجلة العرفان الجزء الثالث المجلد الاربعون ص 254 نقلاً عن المجلد التاسع من التذكرة المعلوفية.

سأله شخص عن رأيه في السياسة؛ فقال (عليه السلام):

هي أن ترعي حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات، فأمّا حقوق الله فأداء ما طلب، والاجتناب عما نهي، وأمّا حقوق الأحياء فهي ان تقوم بواجبك نحو اخوانك، ولا تتأخّر عن خدمة أمتك، وان تخلص لوليّ الأمر ما أخلص لأمّته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه اذا ما خلا عن الطريق السويّ، واما حقوق الأموات فهي ان تذكر خيراتهم وتتغاضي عن مساوئهم فانّ لهم ربّا يحاسبهم.

ما يجب علي الملك

تاريخ اليعقوبي، ج 2 - ص 202.

وقال له معاوية: ما يجب لنا في سلطاننا؟

الإمام: ما قال سليمان بن داود!

معاوية:- وما قال سليمان؟

الإمام:- إنه قال لبعض أصحابه: أتدري ما يجب علي الملك في ملكه، وما لا يضرّه اذا أدّي الذي عليه منه، اذا خاف الله في السرّ والعلانية، وعدل في الغضب والرّضا، وقصد في الفقر والغني، ولم يأخذ الأموال غصباً، ولم يأكلها إسرافاً وتبذيراً، ولم يضرّه ما تمتّع به من دنياه اذا كان من خلّته.

استنصار

ناسخ التواريخ: لما خرج امير المؤمنين إلي البصرة لحرب الجمل، أوفد إلي الكوفة وفداً برئاسة الإمام الحسن فخطب اهل الكوفة بهذه الخطبة. لاستنفارهم إلي الحرب.

وفي كتاب الجمل ص 158 - 159: لما ورد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي البصرة قام عبد الله ابن الزبير فخطب في جموع البصريين، وحرضهم علي القتال فقال: (أيها الناس، ان علي بن أبي طالب قتل الخليفة عثمان، ثم جهز الجيوش اليكم ليستولي عليكم، ويأخذ مدينتكم، فكونوا رجالاً تطلبون بثأر خليفتكم، واحفظوا حريمكم، وقاتلوا عن نسائكم وذراريكم، واحسابكم وانسابكم، أترضون لأهل الكوفة أن يردوا بلادكم، اغضبوا فقد غوضبتم، وقاتلوا فقد قوتلتم، ألا وان علياً لا يري معه في هذا الامر أحداً سواه، والله لئن ظفر بكم ليهلكن دينكم ودنياكم..)

وبلغ الإمام اميرالمؤمنين خطاب ابن الزبير فأمر الإمام الحسن بالرد عليه فقام الحسن خطيباً فحمد الله وأثني عليه ثم قال:..

وقد كانت هذه الخطبة مجزأة، فجمعناها من عدة مصادر، منها البحار وناسخ التواريخ، ونسقناها حسب تسلسل مضامينها.

بعد الحمد والثناء:

ايّها الناس، إنّا جئنا ندعوكم إلي الله، وإلي كتابه، وسنة رسوله، والي أفقه من تفقّه من المسلمين، واعدل من تعدلون، وافضل من تفضلون

وأوفي من تبايعون، من لم يعبه القرآن، ولم تجهله السّنّة، ولم تقعد به السابقة، إلي من قرّبه الله تعالي ورسوله قرابتين: قرابة الدين وقرابة الرحم. إلي من سبق الناس إلي كلّ مأثرة. إلي من كفي الله به رسوله والناس متخاذلون، فقرّب منه وهم متباعدون، وصلّي معه وهم مشركون، قاتل معه وهم منهزمون، وبارز معه وهم مجمعون، وصدّقه وهم يكذبون، كلّ ذلك من منّ الله علي عليّ. إلي من لم تردّ له ولا تكافاً له سابقة، ثم والله ما دعا إلي نفسه، ولقد تداكّ الناس عليه، تداك الابل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ونكث منهم ناكثون، بلا حدثٍ احدث، ولا خلاف اتاه، حسداً له وبغياً عليه.

ايها الناس! إنه قد كان من مسير امير المؤمنين ما قد بلغكم، وقد أتيناكم مستنفرين، لأنكم جبهة الانصار، ورؤس العرب.. وهو يسألكم النصر، ويدعوكم إلي الحقّ ويأمركم بالمسير اليه، لتؤازروه و تنصروه، علي قومٍ نكثوا راية بيعته، وقتلوا اهل الصلاح من أصحابه، ومثلوا بعماله وانتهبوا بيت ماله.. فاشخصوا اليه - رحمكم الله - فأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، واحضروا بما يحضر به الصالحون.

وايم الله، لولم يصره احد منكم، لرجوت أن يكون في من اقبل معه من المهاجرين والانصار كفاية.. فأجيبوا دعوة اميركم، وسيروا إلي اخوانكم، سيوجد لهذا الامر من ينفر اليه، ووالله لأن يليه اولو النّهي، امثل في العاجل والآجل، وخير في العافية فاعينونا علي ما ابتلينا به وابتليتم. انّ امير المؤمنين يقول: (قد خرجت مخرجي هذا ظالماً او مظلوماً فاذكر الله رجلا رعي حقّ الله الا نفر، فان كنت مظلوماً اعانني، وان كنت ظالماً اخذ مني.. والله إنّ طلحة والزبير، لأوّل من بايعني، وأوّل من غدر. فهل استأثرت

او بدّلت حكماً؟).

فعليكم - عباد الله - بتقوي الله - وطاعته، والجدّ والصبر، والاستعانة بالله، والخفوف إلي ما دعاكم إليه أمير المؤمنين.

عصمنا الله واياكم، بما عصم به اولياءه وأهل طاعته، والهمنا وإياكم بتقواه، وأعاننا وإياكم علي جهاد أعدائه، وأستغفر الله لي ولكم.

قد بلغنا مقالة ابن الزبير في أبي وقوله فيه: إنه قتل عثمان، وانتم يا معشر المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين، علمتم بقول الزبير في عثمان، وما كان اسمه عنده، وما كان يتجنّي عليه، وأنّ طلحة يومذاك ركّز رايته علي بيت ماله وهو حيّ، فأنّي لهم أن يرموا أبي بقتله وينطقوا بذمّه، ولو شئنا القول فيهم لقلنا.

وأما قوله: إن علياً ابتزّ الناس أمرهم، فان اعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه فقد أقرّ بالبيعة وادّعي الوليجة، فليأت علي ما ادعاه ببرهانٍ وأنّي له ذلك؟

وأمّا تعجّبه من تورّد أهل الكوفة علي أهل البصرة، فما عجبه من أهل حقٍّ تورّدوا علي أهل باطل.

أمّا أنصار عثمان فليس لنا معهم حرب ولا قتال.

غضبنا الله ولكم

خطب بها لتأليب جماهير العراق، علي حرب معاوية في (صفين) جمعناها بهذه الصورة، من ناسخ التواريخ، والبحار.

ان مما عظّم الله عليكم من حقّه، واسبغ عليكم من نعمه، ما لا يحصي ذكره، ولا يؤدّي شكره، ولا يبلغه قول ولا صفة.

ونحن إنما غضبنا لله ولكم، فإنّه منّ علينا بما هو اهله، أن تشكر فيه آلاؤه وبلاؤه ونعماؤه، قولا يصعد إلي الله فيه الرضا، وتنتشر فيه عارفة الصدق يصدق الله فيه قولنا، ونستوجب فيه المزيد من ربّنا، قولا يزيد ولا يبيد، فانه لم يجتمع قوم قطّ علي امرٍ واحدٍ الا اشتدّ امرهم، واستحكمت عقدتهم، فاحتشدوا في قتال عدوّكم

وجنوده ولا تخاذلوا، فانّ الخذلان يقطع نياط القلوب، وان الإقدام علي الأسنة، نخوة وعصمة، لانه لم يمتنع قوم قطّ، الا رفع الله عنهم العلة، وكفاهم حوائج الذلة، وهداهم إلي معالم الملة.

والصلح تأخذ منه ما رضيت به

والحرب يكفيك من انفاسها جرع

رفض و توبيخ

استنكر بعض المنافقين شدة امير المؤمنين في الله فعمدوا إلي الإمام الحسن (عليه السلام) وأغروه بمبايعته، لشق وحدة شيعة أمير المؤمنين، فرفض الإمام الحسن عرضهم، بانه خروج علي إمام زمانه، ولما ألح عليه عبد الله بن عمر صاح به:..

كلا!. والله لا يكون ذلك. لكأني انظر اليك مقتولاً في يومك أو غدك! أما إن الشيطان قد زيّن لك وخدعك، حتي أخرجك مخلقاً بالخلوف، تري سناء أهل الشام موقفك. وسيصرعك الله ويبطحك لوجهك قتيلاً.

حكما بالهوي

لما فشل التحكيم، سرت الفوضي في الناس فامر الإمام امير المؤمنين نجله الإمام الحسن بان يخطب في الناس فيلقي ضوءاً علي الواقع الذي غشيه غبار الجهل حتي تواري عن العيون فقال له: قم يا بني، فقل في هذين الرجلين عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص، فقام الإمام الحسن (عليه السلام) حتي اذا اعتلي المنبر قال:..

ايّها الناس! قد اكثرتم في هذين الرجلين، وانما بعثا ليحكما بالكتاب علي الهوي فحكما بالهوي علي الكتاب، ومن كان هكذا لم يسمّ حكماً، ولكنه محكوم عليه، وقد اخطأ عبد الله بن قيس اذ جعلها لعبد الله بن عمر، فأخطأ في ثلاث خصال، واحدةٍ أنّه خالف (يعني أبا موسي) أباه (يعني عمر) اذ لم يرضه لها، ولا جعله من أهل الشّوري، وأخري أنه لم يستأمر الرجل في نفسه، ولا علم ما عنده من ردٍّ أو قبول [21] وثالثها: أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار، الذين يعقدون الإمارة، ويحكمون بها علي الناس. وأما الحكومة فقد حكّم النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم سعد بن معاذ في بني قريضة، فحكم بما يرضي الله به ولا شكّ ولو خالف لم يرضه رسول الله.

شرط البيعة

التوحيد ص 385 - 386: محمد بن الصدوق، عن محمد بن ابراهيم بن أحمد بن يونس الليثي قال حدثنا احمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولي بني هاشم قال أخبرني الحرث بن أبي أسامة قراءة عن المدايني عن عوانة بن الحكم وعبد الله بن العباس بن سهل الساعدي وابي بكر الخراساني مولي بني هاشم عن الحرث بن حصيرة عن عبد الرحمن بن جندب عن ابيه وغيره: أن الناس أتوا الحسن بن علي (عليه السلام) بعد وفاة علي (عليه السلام) ليبايعوه،

فقال:..

الحمد لله علي ما قضي من أمرٍ، وخصّ من فضلٍ، وعمّ من أمر وجلّل من عافيةٍ، حمداً يتمّ به علينا نعمه، ونستوجب به رضوانه، إنّ الدنيا دار بلاءٍ وفتنةٍ وكلّ ما فيها إلي زوال، وقد نبّأنا الله عنها كي ما نعتبر فقدّم الينا بالوعيد، كيلا يكون لنا حجة بعد الإنذار، فازهدوا فيما يغني وارغبوا فيما يبقي، وخافوا الله في السرّ والعلانية إنّ علياً (عليه السلام) في المحيا والممات والمبعث عاش بقدرٍ ومات بأجل، وإني أبايعكم علي أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت.

استفتاء عام

لما قتل امير المؤمنين (عليه السلام)، وبايع الناس نجله الإمام الحسن، خطب الإمام في أهل الكوفة، فحمد الله واثني عليه، ثم قال:..

معشر الناس:

عفت الديار، ومحيت الآثار، وقلّ الاصطبار، فلا قرار علي همزات الشياطين وحكم الخائنين، الساعة والله صحّت البراهين، وفصّلت الآيات وبانت المشكلات، ولقد كنا نتوقّع تمام هذه الآية تأويلها، قال الله عز وجلّ: (وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم، ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً، وسيجزي الله الشّاكرين).

فلقد مات والله جدي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقتل أبي (عليه السلام)، وصاح الوسواس الخناس في قلوب الناس، ونعق ناعق الفتنة، وخالفتم السّنّة، فيالها من فتنةٍ صمّاء عمياء لا يسمع لداعيها، ولا يجاب مناديها، ولا يخالف واليها، ظهرت كلمة النفاق وسيّرت رايات أهل الشّقاق. وتكالبت جيوش أهل المراق، من الشام والعراق، هلمّوا رحمكم الله إلي الإفتتاح، والنور الوضّاح، والعلم الجحجاح والنّور الذي لا يطفي، والحقّ الذي لا يخفي.

ايّها الناس تيقّظوا من رقدة الغفلة، ومن تكاثف الظّلمة، فو الذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، وتردّي بالعظمة،

لئن قام اليّ منكم عصبة بقلوبٍ صافيةٍ، ونيّاتٍ مخلصةٍ، لا يكون فيها شوب نفاق، ولا نيّة افتراق، لأجاهدنّ بالسيف قدماً ولأضيقنّ من السيوف جوانبها، ومن الرّماح أطرافها، ومن الخيل سنابكها، فتكلّموا رحمكم الله.

فكأنما ألجموا بلجام الصّمت.

اعلان الحرب

شرح ابن ابي الحديد، ج 4 / ص / 13: لما علم معاوية ان الإمام مزمع علي المسير إلي الشام، كتب إلي جميع ولاته رسالة نصها مايلي:

(من عبد الله معاوية امير المؤمنين، إلي فلان بن فلان، ومن قبله من المسلمين سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فالحمد لله الذي كفا كم مؤونة عدوكم وقتلة خليفتكم ان الله بلطفه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلاً من عباده، فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم، يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم، فأقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا، بجهدكم وجندكم، وحسن عدتكم، فقد أصبتم بحمد الله الثأر، وبلغتم الأمل، وأهلك الله أهل البغي والعدوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

ولما وصلت هذه الرسالة إلي عماله وولاته، قاموا بتحريض الناس وحثهم علي الخروج والاستعداد، وفي أقرب وقت، التحقت به قوي هائلة منظمة، من حيث الكراع والسلاح، والعدد والعدة، وخرج معاوية متوجهاً إلي العراق، ولما وصل إلي جسر (منبج) بلغ الإمام الحسين (عليه السلام) ذلك، فأمر حجر بن عدي: أن يأمر العمال والناس بالاستعداد للمسير، ونادي المنادي: الصلاة جامعة، فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون، وقال الحسن: إذا رضيت جماعة الناس فاعلمني، فجاءه سعيد بن قيس الهمداني، وأعلمه بالاجتماع فخرج (عليه السلام) وصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال:..

أما بعد:

فإنّ الله كتب الجهاد علي خلقه وسمّاه كرهاً، ثم قال لأهل الجهاد من

المؤمنين: (إصبروا إن الله مع الصّابرين). فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبّون، الا بالصبر علي ما تكرهون. بلغني أن معاوية بلغه أنّا كنّا أزمعنا علي المسير اليه فتحرّك، لذلك اخرجوا رحمكم الله، إلي معسكركم - بالنخيلة - حتي ننظر وتنظرون ونري وترون.

التعبئة الفكرية

أعيان الشيعة ص 35: السيد محسن الامين العاملي: عند ما اجتمع اهل الكوفة لحرب معاوية أراد الإمام الحسن (عليه السلام) ان يستبريء ضمائرهم، فأمر أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمعوا وصعد المنبر فخطبهم فقال:..

الحمد لله كلّما حمده حامد، واشهد أن لا إله إلا الله كلّما شهد له شاهد، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله: أرسله بالحق، وأتمنه علي الوحي صلي الله عليه وآله وسلم، أمّا بعد: فوالله اني لأرجو أن اكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه، وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملاً علي مسلمٍ ضغينة، ولا مريداً له سوءاً ولا غائلةً، ألا وإنّ ما تكرهون في الجماعة، خير لكم مما تحبّون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيراً من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردّوا عليّ رأيي، غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرّضا.

تعاليم حربية

الاصبهاني: ص 23 لما أراد الإمام الحسن (عليه السلام) الزحف علي جيش الشام، استقدم عبيد الله بن عباس، فعقد له لواء علي اثني عشر الفاً، ثم قال له:..

يا ابن عمّ: إني باعث معك اثني عشر ألفاً من فرسان العرب وقرّاء مصر.. فسر بهم والن جانبك وابسط وجهك، وافرش لهم جناحك، وأدنهم من مجلسك، وسر بهم علي شطّ الفرات، حتي تقطع بهم الفرات، ثم تصير بمسكن، ثم امض حتّي تستقبل معاوية، فان انت لقيته فاحبسه حتي نأتيك، فإني في اثرك وشيكا، وليكن خبرك عندي كلّ يوم، وشاور هذين - يعني قيس بن سعيد وسعيد بن قيس - فاذا لقيت معاوية فلا تقاتلنّه حتي يقاتلك، وان فعل فقاتله، فان أصبت فقيس علي الناس، وإن اصيب قيس، فسعيد بن قيسٍ علي النّاس.

عبيد الدنيا

ووجه الإمام جيشاً إلي الشام بقيادة رجل من (الكندة) يدعي (الحكم) ولما ورد (الحكم) إلي الانبار، أرسل اليه معاوية بالاموال والوعود، فاغراه بالهروب اليه، وهرب (الحكم) فالتحق بمعاوية ولما بلغ نبأه الإمام، قام خطيباً فيمن بقي من الجيش فقال:..

هذا الكنديّ توجّه إلي معاوية، وغدر بي وبكم، وقد اخبرتكم مرةً بعد مرة: أنّه لا وفاء لكم، انتم عبيد الدنيا. وأنا موجّه رجلاً آخر مكانه وإني أعلم: أنه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبه (حكم) ولا يراقب الله فيّ ولا فيكم.

تخلف الجيش

وكان قادة جيش الإمام يتسللون من الجيش، مغترين بأموال معاوية ووعوده، وكان زعماء أهل الكوفة يراسلون معاوية بتسليم الإمام مكتوفاً اليه متي شاء. ثم يأتون إلي الإمام فيظهرون له الطاعة والولاء، ويقولون له: أنت خليفة أبيك ووصيه ونحن السامعون المطيعون لك فمرنا بأمرك. فقال لهم الإمام:

(كذبتم والله ما وفيتم لمن كان خيراً مني فكيف تفون لي، وكيف اطمئن اليكم و(لا) أتق بكم، ان كنتم صادقين فموعدنا ما بيني وبينكم معسكر المدائن فوافوا إلي هناك).

وخرج إلي المدائن فتخلف عنه اكثر الجيش فضاق بهم الإمام، وألقي فيهم خطاباً جاء فيه:..

غررتموني كما غررتم من كان من قبلي، مع أيّ إمامٍ تقاتلون بعدي مع الكافر الظالم الذي لا يؤمن بالله ولا برسوله قطّ ولا أظهر الإسلام هو وبنو أمية إلا فرقاً من السيف؟ ولو لم يبق لبني أمية إلا عجوز درداء لبغت دين الله عوجاً. وهكذا قال رسول الله.

ابناؤكم علي ابواب أبنائهم

وكان معاوية يكثر من الوعود، لاغراء أصحاب الإمام بخيانته وقتله فكانوا ينخدعون بها، ويتحيرون اليه. ولما رأي الإمام تفرق أصحابه باغراءات معاوية صاح بهم:..

ويلكم! والله إنّ معاوية لا يفي لأحدٍ منكم بما ضمنه في قتلي، وإني أظنّ ان وضعت يدي في يده فأسلمه، لم يتركني أدين لدين جدّي، وأني اقدر أن اعبد الله عزّ وجلّ وحدي، ولكنّي كأني انظر إلي ابنائكم، واقفين علي أبواب ابنائهم، يستسقونهم ويستطعمونهم، بما جعل الله لهم، فلا يسقون ولا يطعمون، فبعداً وسحقاً لما كسبته أيديهم، فسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون!.

استفتاء عام

ناسخ التواريخ: ولما رأي الإمالم تمزق اتجاهات جيشه، وتسلل قادته إلي معاوية اراد استقصاء آراء الجيش، لتركيز الموقف علي ضوئه، فوقف خطيباً في جيشه، فحمد الله واثني عليه، ثم قال:..

الإمام الحسن - م (6).

أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة، ولكن كنّا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشيب السلامة بالعدواة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلي صفّين ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، وكنّا لكم وكنتم لنا، وقد صرتم اليوم علينا، ثم أصبحتم تصدّون قتلين، قتيلاً بصفّين تبكون عليه، وقتيلاً بالنّهروان تطلبون بثأره فأما الباكي فخاذل، وأما الطالب فثائر، وإنّ معاوية قد دعا إلي أمرٍ ليس فيه عزّ ولا نصفة فإن أردتم الحياة قبلناه منه وأغضينا علي القذي وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله، وحاكمناه إلي الله (بظبات السيوف) [22] .

فنادي القوم بأجمعهم: بل التقية والحياة.

معاوية خير لي

وبعد ما أصيب الإمام في فخذه وتآمر عليه جمع من أهل الكوفة للقبض عليه و تسليمه إلي معاوية؛ دخل عليه (زيد بن وهب الجهني) فقال له: (يا ابن رسول الله لقد اضطرب الناس وتحيروا في امرهم؛ فماذا تقدر لهم) فاجابه الإمام:.

أري والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون: أنهم لي شيعة [23] ابتغوا قتلي، وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية عهداً احقن به دمي، وآمن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتي يدفعوني اليه سلماً فوالله لأن اسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلني وأنا اسيره، أو يمنّ عليّ فيكون سبةً علي بني هاشم إلي آخر الدّهر، ومعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه علي الحيّ

منا والميت [24] .

وما أصنع يا أخا جهينة؟ إني والله أعلم بأمرٍ قد أدي به إلا عن ثقاته: إنّ اميرالمؤمنين قال لي ذات يومٍ وقد رآني فرحاً: (يا حسن اتفرح؟ كيف بك اذا رأيت أباك قتيلاً؟ أم كيف بك اذا ولي هذا الأمر بنو أمية، وأميرها الرحب البلعوم، الواسع الأعفاج. يأكل ولا يشبع يموت وليس له في السماء ناصر، ولا في الارض عاذر، ثم يستولي علي غربها وشرقها، تدين له العباد، ويطول ملكه، يسنّن بسنن البدع والضّلال ويميت الحقّ وسنّة رسول الله، يقسّم المال في أهل ولايته، ويمنعه من هو أحقّ به، ويذلّ في ملكه المؤمن، ويقوّي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين انصاره دولاً، ويتخذ عباد الله خولاً، ويدرس في سلطانه الحقّ، ويظهر الباطل، ويلعن الصالحين، ويقتل من ناوأه علي الحقّ، ويدين من والاه علي الباطل، فكذلك حتي يبعث الله رجلاً في آخر الزمان، وكلب من الدهر، وجهل من الناس يؤيّده الله بملائكته، ويعصم انصاره وينصره بآياته، ويظهره علي الارض، حتي يدينوا له طوعاً وكرهاً، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها حتي لا يبقي كافر إلا آمن، وطالح إلا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الارض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين اربعين عاماً، فطوبي لمن أدرك ايّامه وسمع كلامه).

قرار المصير

بعدما ابرمت اتفاقية الصلح، بين الإمام الحسن (عليه السلام) ومعاوية، واجتمعا في (النخيلة) - وقيل في الكوفة - نودي في الناس: (الصلاة جامعة) فاجتمع الناس للاستماع إلي الإمام الحسن (عليه السلام) ومعاوية، فسبق معاوية إلي المنبر، لالقاء خطاب الصلح، وخطب خطاباً طويلاً، لم يرو التاريخ منه الا فقراته البارزة فروي:

اليعقوبي: انه قال:

(اما بعد ذلكم، فانه لم تختلف امة بعد نبيها، إلا غلب باطلها حقها) وانتبه لما وقع فيه، فقال: (إلا ما كان من هذه الأمة، فان حقها غلب باطلها).

وروي المدائني: انه استطرد قائلاً: (والله اني ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا) ثم ارتج عليه فتوقف ثانية اذ علم انه خسر الموقف، وفكر قليلاً، ثم استدرك قائلاً: (انكم لتفعلون ذلك، وانما قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد اعطاني الله ذلك، وانتم له كارهون).

(الا ان كل دم اصيب في هذه الفتنة مطلول، وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين، ولا يصلح الناس الا ثلاث: اخراج العطاء عند محله، واقفال الجنود لوقتها، وغزو العدو في داره، فان لم تغزوهم غزوكم).

وروي ابوالفرج الاصفهاني، عن حبيب بن أبي ثابت مسنداً: انه ذكر في هذه الخطبة علياً فنال منه، ثم نال من الحسن، فانفجر الحسن راداً عليه:..

أيّها الذاكر علياً، انا الحسن وابي عليّ، وانت معاوية وابوك صخر، وأمّي فاطمة، وامّك هند، وجدّي رسول الله وجدّك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة وجدّتك فتيلة، فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً وشرفاً، قديماً وحديثاً، واقدمنا كفراً ونفاقاً [25] .

(ثم صعد الإمام المنبر فقال) [26] .

الحمد لله كلّما حمده حامد، واشهد ان لا إله إلا الله كلّما شهد له شاهد، وأشهد ان محمداً عبده و رسوله، أرسله بالهدي، وأتمنه علي الوحي، صلّي الله عليه وآله وسلّم.

أمّا بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد اصبحت بحمد الله ومنّه وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملاً علي مسلمٍ ضغينةً، ولا مريداً له سوءاً، ولا غائلةً الا وإنّ ما تكرهون في الجماعة، خير لكم مما تحبّون في الفرقة، ألا وإني ناظر

لكم خيراً من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا أمري، ولا تردّوا عليّ رأيي، غفر الله لي ولكم، وارشدني وايّاكم لما فيه المحبة والرّضا [27] .

ايها الناس!

إنّ اكيس الكيس التّقي، وأحمق الحمق الفجور، والله لو طلبتم مابين جابلق وجابرس رجلاً جده رسول الله صلي الله عليه وآله ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين، وقد علمتم أنّ الله هداكم بجدّي محمدٍ، فانقذكم به من الضّلالة، ورفعكم به من الجهالة، واعزّكم به بعد الذلة، وكثّركم به بعد القلّة، [و] إنّ معاوية نازعني حقاً هو لي دونه فنظرت لصلاح الأمّة، وقطع الفتنة، وقد كنتم بايعتموني علي أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت، فرايت أن أسالم معاوية، وأضع الحرب بيني وبينه وقد بايعته، وقد رأيت أنّ حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك الا صلاحكم وبقاءكم وإن أدر لعلّه فتنة لكم ومتاع إلي حين [28] .

ايّها الناس!

إنّ الله هداكم بأوّلنا واحقن دماءكم بآخرنا، وإنّ لهذا الأمر مدةً والدنيا دول. قال عزّ وجلّ لنبيّه محمدٍ صلي الله عليه وآله: (قل إن أدر أقريب أم بعيد ما توعدون، إنّه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدر لعلّه فتنة لكم ومتاع إلي حين) [29] .

.. وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أرنفسي لها أهلاً، فكذب معاوية، نحن أولي الناس بالناس في كتاب الله عزّ وجلّ علي لسان نبيّه، ولم نزل - أهل البيت - مظلومين منذ قبض الله نبيّه، فالله بيننا وبين من ظلمنا، وتوثّب علي رقابنا، وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا من الفيء، ومنع أمّنا ما جعل لها رسول الله. وأقسم بالله لو أنّ الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله،

لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، ولما طمعت فيها - يا معاوية -.. فلما خرجت من معدنها، تنازعتها قريش بينها، فطمع فيها الطّلقاء وابناء الطّلقاء أنت وأصحابك، وقد قال رسول الله: (ماولّت امة امرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً، حتّي يرجعوا إلي ما تركوا.) فقد ترك بنو اسرائيل هارون وهم يعلمون انّه خليفة موسي فيهم، واتّبعوا السامريّ، وتركت هذه الامة أبي وبايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله يقول له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا النبوّة). وقد رأوا رسول الله نصّب أبي يوم غدير خم، وأمرهم أن يبلّغ أمره الشاهد الغائب. وهرب رسول الله من قومه وهو يدعوهم إلي الله، حتّي دخل الغار، ولو أنّه وجد اعواناً لما هرب وقد كفّ أبي يده حين ناشدهم، واستغاث فلم يغث فجعل الله هارون في سعةٍ حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، وجعل الله النبيّ في سعة حين دخل الغار ولم يجد اعواناً، وكذلك أبي وأنا في سعةٍ من الله، حين خذلتنا هذه الأمة. وانما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضاً [30] .

فوالذي بعث محمداً بالحقّ، لا ينتقص من حقّنا - أهل البيت - أحد الا نقصه الله من علمه، ولا تكون علينا دولة الا وتكون لنا العاقبة ولتعلمنّ نبأه بعد حين [31] .

اعذار

جلاء العيون، ج 1/ ص 349 / 354:

روي الشيخ في الامالي باسناد معتبر عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: لما اجمع الحسن بن علي (عليه السلام) علي صلح معاوية خرج حتي لقاه فلما اجتمعا قام معاوية خطيباً فصعد المنبر وأمر الحسن أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية فقال ايها الناس هذا الحسن بن علي

وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا وقد أتانا ليبايع طوعاً ثم قال قم يا حسن فقام الحسن فخطب فقال:.

الحمد لله المستحمد بالآلاء وتتابع النّعماء، وصارف الشدائد والبلاء عن الفهماء وغير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوّه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه تظنيات المخلوقين، من أن تحيط بمكنون غيبه روايات عقول الرائين، وأشهد أن لا اله إلاّ الله وحده في ربوبيّته، ووجوده ووحدانيته، صمداً لا شريك له، فرداً لا ظهير له معه، واشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، اصطفهاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعياً إلي الحقّ، سراجاً منيراً، وللعباد مما يخلفون نذيراً، ولما يأملون بشيراً، فنصح للأمّة، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة اقرب واحبر، واقول معشر الخلائق فاسمعوا ولكم افئدة واسماع فعوا، إنّا أهل بيتٍ اكرمنا الله بالإسلام، واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهب عنا الرجس وطهّرنا تطهيراً، والرجس هوالشكّ، فلا نشكّ في الله الحقّ ودينه ابداً، وطهّرنا تطهيراً، والرجس هو الشكّ، فلا نشكّ في الله الحقّ ودينه ابداً، وطهّرنا من كلّ افنٍ وعيبةٍ مخلصين إلي آدم نعمةً منه، لم يفترق الناس قطّ فرقتين الا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الامور، وافضت الدهور، إلي أن بعث الله محمداً للنبوّة واختاره للرسالة، وانزل عليه كتابه، ثم أمره بالدّعاء إلي الله تعالي، فكان أبي اولّ من استجاب لله ولرسوله، وأول من آمن وصدّق الله ورسوله، وقد قال الله تعالي في كتابه المنزل علي نبيّه المرسل (أفمن كان علي بيّنةٍ من ربّه ويتلوه شاهد منه) وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه، وقد قال له رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حين أمره أن يسير إلي

مكّة والموسم ببراءة (سر بها يا عليّ فإني أمرت ان لا أسير بها إلا انا أو رجل مني وأنت هو).

فعليّ من رسول الله ورسول الله منه، وقال له نبيّ الله حين قضي بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب، ومولاه زيد بن حارثة في ابنةِ حمزة (اما أنت يا عليّ فمني وأنا منك، وانت وليّ كلّ مؤمنٍ من بعدي) فصدّق أبي رسول الله سابقاً ووقاه بنفسه، ثمّ لم يزل رسول الله في كلّ موطنٍ يقدمه ولكلّ شديدةٍ يرسله، ثقةً منه به وطمأنينةً اليه، لعلمه بنصيحته لله ورسوله، وأنّه اقرب المقرّبين من الله ورسوله، وقد قال الله عزّ وجلّ: (والسّابقون السّابقون أولئك المقرّبون) فكان أبي سابق السابقين إلي الله عزّ وجلّ، والي رسوله، وأقرب الأقربين وقد قال الله تعالي: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجةً..) فأبي كان اوّلهم إسلاماً وايماناً واوّلهم إلي الله ورسوله هجرةً ولحوقاً وأوّلهم علي وجده ووسعه نفقةً قال سبحانه: (والّذين جاؤوا من بعدهم، يقولون: ربّنا اغفرلنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤوف رحيم) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إيّاهم إلي الإيمان بنبيّه، وذلك أنّه لم يسبقه إلي الايمان به أحد، وقد قال الله تعالي: (والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان) فهو سابق جميع السابقين فكما انّ الله عزّ وجلّ فضّل السابقين علي المتخلفين والمتأخّرين، فكذلك فضّل سابق السابقين، وقد قال الله عزّ وجلّ: (أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام، كمن آمن بالله واليوم الآخر، وجاهد في سبيل الله) فهو المجاهد في سبيل الله حقاً وفيه نزلت هذه الآية، وكان ممن استجاب لرسول الله،

عمّه حمزة، وجعفر بن عمّه، فقتلا شهيدين رضي الله عنهما، في قتلي كثيرةٍ معهما من اصحاب رسول الله، فجعل الله تعالي حمزة سيّد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول الله، ومنزلتهما وقرابتهما منه، وصلّي رسول الله علي حمزة سبعين صلاة، من بين الشهداء الذين استشهدوا معه، وكذلك جعل الله تعالي لنساء النبيّ المحسنة منهنّ أجرين، وللمسيئة منهنّ وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول الله، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاةٍ في سائر المساجد، إلا المسجد الحرام: مسجد خليله ابراهيم بمكّة، وذلك لمكان رسول الله من ربّه، وفرض الله عزّ وجلّ الصلاة علي نبيّه علي كافّة المؤمنين، فقالوا يا رسول الله كيف الصلاة عليك، فقال قولوا: اللّهم صلّ علي محمّدٍ وآل محمد) فحقّ عليكلّ مسلمٍ أن يصلّي علينا مع الصلاة علي النبيّ، فريضةً واجبةً وأحلّ الله تعالي خمس الغنيمة لرسول الله، واوجبها له في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرّم عليه الصدقة وحرّمها علينا معه، فأدخلنا - وله الحمد - فيما ادخل فيه نبيّه، واخرجنا ونزّهنا مما اخرجه منه ونزّهه عنه، كرامةً اكرمنا الله عزّ وجلّ بها، وفضيلةً فضّلنا بها علي سائر العباد، فقال الله تعالي لمحمدٍ حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجّوه: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين) فأخرج رسول الله من الانفس معه أبي، ومن البنين أنا وأخي، ومن النساء امي فاطمة، من الناس جميعاً فنحن أهله، ولحمه، ودمه، ونفسه، ونحن منه وهو منّا، وقد قال الله تعالي (إنّما يريد الله ليذهب عنّكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)

فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله أنا وأخي وأمّي وأبي، فجلّلنا ونفسه في كساءٍ لأمّ سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: (اللهمّ هؤلاء اهل بيتي، وهؤلاء اهلي وعترتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً فقالت امّ سلمة: أأدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله: يرحمك الله انت علي خيرٍ والي خيرٍ وما أرضاني عنك، ولكنها خاصة لي ولهم. ثم مكث رسول الله بعد ذلك بقيّة عمره، حتي قبضه الله، يأتينا في كلّ يومٍ عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وأمر رسول الله بسدّ الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك فقال: (أما اني لم أسدّ أبوابكم، ولم افتح باب عليٍّ من تلقاء نفسي، ولكنّي اتبع ما يوحي إليّ، وانّ الله أمر بسدّها وفتح بابه) فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله ويولد فيه الاولاد، غير رسول الله، وابي علي بن أبي طالب، تكرمةً من الله تعالي، وفضلاً اختصّنا به علي جميع الناس، وهذا باب أبي قرين باب رسول الله في مسجده، ومنزلنا من منازل رسول الله، وذلك أنّ الله أمر نبيّه ان يبني مسجده فبني فيه عشرة ابياتٍ تسعةً لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسّطها لأبي، وها هو بسبيلٍ مقيم، والبيت هو المسجد المطهّر، وهو الذي قال الله تعالي: (أهل البيت) فنحن أهل البيت، ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس، وطهرنا تهطيرا، ايّها الناس اني لو قمت حولاً فحولاً اذكر الذي أعطانا الله عزّ وجلّ، وخصّنا به من الفضل في كتابه، وعلي لسان نبيّه، لم احصه، وأنا ابن النذير والبشير، والسراج المنير الذي جعله

الله رحمةً للعالمين، وأبي عليّ وليّ المؤمنين، وشبيه هارون، وانّ معاوية بن صخر زعم، أني رأيته للخلافة اهلاً، ولم أرنفسي لها أهلاً، فكذب معاوية، وأيم الله، لأنا أولي الناس بالناس في كتاب الله، وعلي لسان رسول الله غير أنّا لم نزل أهل البيت مخيفين، مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقّنا، ونزا علي رقابنا، وحمّل الناس علي اكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفيء والغنائم، ومنع أمّنا فاطمة إرثها من أبيها، إنّا لا نسمي احداً، ولكن أقسم بالله قسماً تالياً لوأنّ الناس سمعوا قول الله ورسوله لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولما اختلف في هذه الأمّة سيفان، ولأكلوها خضراء خضرةً إلي يوم القيامة، واذاً ما طمعت فيها يا معاوية، ولكنّها لما أخرجت سالفاً من معدنها، وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة، حتي طمعت أنت فيها يا معاوية وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول الله: (ماولّت امة أمرها رجلاً قطّ، وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً، حتي يرجعوا إلي ما تركوا) وقد تركت بنو اسرائيل، وكانوا أصحاب موسي، هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا علي العجل، وأطاعوا فيه سامريّهم، وهم يعلمون: أنه خليفة موسي، وقد سمعت هذه الأمة رسول الله يقول ذلك لأبي: (انه مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبيّ بعدي) وقد رأوا رسول الله حين نصّبه لهم بغدير خم؛ وسمعوه نادي له بالولاية، ثم أمرهم ان يبلّغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول الله حذراً من قومه إلي الغار لما أجمعوا علي أن يمكروا به وهو يدعوهم، لما لم يجد عليهم أعواناً، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم، وقد كفّ

أبي يده، وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث، ولم ينصر، ولو وجد عليهم اعواناً ما أجابهم، وقد جعل في سعةٍ كما جعل النبيّ في سعةٍ، وقد خذلتني الأمة، وبايعتك، وقد جعل هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة، وبايعت غيرنا، ولم نجد عليهم اعواناً وانما هي السنن والامثال، يتبع بعضها بعضاً. ايّها الناس انكم لو التمستم بين المشرق والمغرب، رجلاً جدّه رسول الله، وأبوه وصيّ رسول الله، لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتّقوا الله ولا تضلّوا بعد البيان، وكيف بكم، وإني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلي معاوية - (وإن أدري لعلّه فتنة لكم، ومتاع إلي حينٍ) ايّها الناس إنّه لا يعاب أحد بترك حقّه، وإنّما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكلّ صوابٍ نافع، وكلّ خطأٍ ضارّ لأهله وقد كانت القضية ففهّمناها سليمان، فنفعت سليمان، ولم تضرّ داود، فأما القرابة فقد نفعت المشرك، وهي والله للمؤمن أنفع. ايّها الناس اسمعوا وعوا، واتّقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلي الحقّ، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود انلزمكموها وانتم لها كارهون. والسلام علي من اتّبع الهدي.

فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتي أظلمت عليّ الارض وهممت أن ابطش به، ثم علمت: ان الاغضاء اقرب إلي العافية.

عند الله احتسب

ورد معاوية الكوفة، فأصر علي الإمام أن يصعد المنبر، وكان يظن: أن الإمام يمدحه، فصعد الإمام المنبر وقال:..

الحمد لله الذي توحّد في ملكه، وتفرّد في ربوبيّته، يؤتي الملك من يشاء وينزعه عمن يشاء، والحمد لله الذي أكرم بنا مؤمنكم، واخرج من الشّرك أولكم، وحقن دماء آخركم، فبلاؤنا عندكم قديماً وحديثاً أحسن البلاء، ان شكرتم او كفرتم، ايّها الناس!

إن ربّ عليٍّ كان أعلم بعليٍّ حين قبضه إليه، ولقد اختصّه بفضلٍ لم تعهدوا بمثله، ولم تجدوا مثل سابقته، فهيهات هيات، طال ما قلبتم له الامور، حتي أعلاه الله عليكم، وهو صاحبكم، وعدوّكم في بدرٍ وأخواتها، جرّعكم رنقاً، وسقاكم علقاً، وأذلّ رقابكم، وأشرقكم بريقكم، فلستم بملومين علي بغضه.

وايم الله لا تري امة محمدٍ خصباً، ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أمية، ولقد وجّه الله اليكم فتنةً، لكن لن تصدّوا عنها حتي تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم، وانضوائكم إلي شياطينكم، فعند الله احتسب ما مضي وما ينتظر من سوء رغبتكم، وحيف حكمكم، يا أهل الكوفة لقد فارقكم بالأمس سهم من مرامي الله صائب علي اعداء الله، نكال علي فجّار قريش، لم يزل آخذا بحناجرها، جاثماً علي انفاسها، ليس بالملومة في امر الله، ولا بالسروقة لمال الله، ولا بالفروقة في حرب أعداء الله، أعطي الكتاب خواتمه وعزائمه، دعاه فأجابه، وقاده فاتّبعه، لا تأخذه في الله لومة لائمٍ فصلوات الله عليه ورحمته.

حسبي منكم

ولما علم الناس ان الإمام صالح معاوية أكثروا من اللغط فقال لهم الإمام:..

خالفتم أبي حتي حكم وهو كاره، ثم دعاكم إلي قتال أهل الشام بعد التحكيم فأبيتم، حتي صار إلي كرامة الله ثمّ بايعتموني علي أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني، وقد أتاني أنّ أهل الشرف منكم قد أتوا معاوية وبايعوه، فحسبي منكم لا تغروني من ديني ونفسي.

يا أهل العراق: انما سخي عنكم بنفسي ثلاث: قتلكم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي.

تركت حقي لصلاح الأمة

وأرسل الإمام إلي معاوية وثيقة صلح التي أثقلها بشروط باهظة، فوافق معاوية علي جميعها، ولما انتهي خبر موافقته إلي الإمام، توجه إلي أصحابه فقال:.

أيّها الناس! إنّكم لو طلبتم ما بين جابلقا وجابلسا رجلاً جدّه رسول الله، ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين، وقد علمتم: أنّ الله تعالي هداكم بجدّي رسول الله صلي الله عليه وآله، فأنقذكم به من الضّلالة، ورفعكم به من الجهالة، واعزّكم به بعد الذّلة، وكثّركم به بعد القلّة، وإن معاوية نازعني حقاً هو لي، فتركته لصلاح الأمة، وحقن دمائها، وقد بايعتموني علي أن تسالموا من سلمت، وقد رأيت أن أسالمه وان يكون ما صنعت حجةً علي من كان يتمنّي هذا الأمر، وإن ادر لعلّه فتنة لكم ومتاع إلي حين.

كفوا أيديكم

الإمامة والسياسة،ج 1/ص 71. وكان سليمان بن صرد بالمدائن حينما سمع نبأ الصلح، فسعي إلي المدينة حتي اذا انتهي إلي الإمام اندفع قائلا:-

(السلام عليك، يا مذل المؤمنين). فرد عليه الإمام:-

(عليك السلام، اجلس). فلما جلس قال:-

(ان تعجبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية، ومعك مائة الف مقاتل من أهل العراق وكلهم يأخذ العطاء، مع مثلهم من ابنائهم ومواليهم، سوي شيعتك من اهل البصرة واهل الحجاز، ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العهد، ولا حظاً من القضية، فلو كنت اذ فعلت ما فعلت، واعطاك ما اعطاك بينك وبينه من العهد والميثاق كنت كتبت عليه بذلك كتاباً، وأشهدت عليه شهوداً من اهل المشرق والمغرب. ان هذا الامرلك من بعده، كان الأمر علينا أيسر، ولكنه أعطاك هذا فرضيت به من قوله، ثم قال وزعم علي رؤوس الناس ما قد سمعت: اني كنت شرطت لقوم شروطاً ووعدتهم عدات، ومنيتهم أماني، ارادة اطفاء نار الحرب، ومداراة

لهذه الفتنة واذ جمع الله لنا كلمتنا والفتنا، فان كل ما هناك تحت قدمي هاتين، والله ما عني بذلك الا نقض ما بينك وبينه، فأعد للحرب خدعة، وأذن لي أشخص إلي الكوفة، فأخرج عامله منها، وأظهر فيها خلعه، وأنبذ اليه علي سواء ان الله لا يهدي كيد - الخائنين).

وصادف حديث سليمان هوي في نفوس من حضر، فهتفوا بالتأييد قائلين:

(ابعث سليمان بن صرد، وابعثنا معه، ثم الحقنا اذا علمت أنا قد أشخصنا عامله وأظهرنا خلعه). ولما كانت المصلحة العامة للمسلمين لا تساعد علي خلع معاوية ونقض المعاهدة توجه إليهم الإمام بقوله:..

أمّا بعد، فانّكم شيعتنا وأهل مودّتنا، ومن نعرفه بالنصيحة والصحبة والاستقامة لنا، وقد فهمت ما ذكرتم ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا، وللدنيا أعمل وانصب، ما كان معاوية بأبأس منّي بأساً، واشدّ شكيمةً، ولكان رأيي غير ما رأيتم، ولكنّي اشهد الله وايّاكم أني لم أرد بما رأيتم، الا حقن دمائكم واصلاح ذات بينكم، فاتّقوا الله، وارضوا بقضاء الله وسلّموا الأمر لله والزموا بيوتكم، وكفّوا أيديكم، حتّي يستريح برّ، أو يستراح من فاجرٍ مع أنّ أبي كان يحدثني: أن معاوية سيلي الأمر، فوالله لو سرنا اليه بالجبال والشجر، ما شككت انّه سيظهر، إنّ الله لا معقب لحكمه، ولا رادّ لقضائه. وامّا قولك: يا مذلّ المؤمنين فوالله لأن تذلّوا وتعافوا، أحبّ اليّ من أن تعزّوا وتقتلوا [32] فإن ردّ الله علينا حقّنا في عافيةٍ قبلنا وسألنا الله العون علي أمره، وإن صرفه عنّا رضينا، وسألنا الله أن يبارك في صرفه عنّا فليكن كلّ رجلٍ منكم حلساً من أحلاس بيته، مادام معاوية حيّاً، فان يهلك ونحن وانتم احياء، سألنا الله العزيمة علي رشدنا، والمعونة علي أمرنا،

وان لا يكلنا إلي أنفسنا (فانّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون).

سيوفهم علينا

احتجاج الطبرسي، ص 149 ورآه احد اصحابه فندد به قائلا: (يا ابن رسول الله أذللت رقابنا بتسليمك الأمر إلي هذا الطاغية) فاجابه الإمام:..

والله اني ما سلّمت الأمر إلاّ لأني لم أجد انصاراً، ولو وجدت انصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتّي يحكم الله بيني وبينه، ولكن عرفت اهل الكوفة وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً، إنّهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قولٍ ولا فعل إنّهم لمختلفون ويقولون لنا أنّ قلوبهم معنا وأنّ سيوفهم لمشهورة علينا.

علي الملك

تاريخ دمشق لابن عساكر ج 12 - ص 544، عن ابن الغريف قال:.

دخل ابن الفضل سفين بن الليل علي الإمام الحسن وقال: السّلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فقال له الأمام:..

لا تقل ذاك يا أبا عمر!

لست بمذلّ المؤمنين، ولكنّي كرهت ان أقتلكم علي الملك.

ولكني أردت صلاحكم

تاريخ ابن عساكر، ج 2 - ص 225 وأتاه المسيب بن نجبة فقال له: (ما ينقضي تعجبي منك!!! بايعت معاوية ومعك أربعون الفاً، ولم تأخذ لنفسك وثيقة، وعهداً ظاهراً، أعطاك أمراً فيما بينك وبينه. ثم قال: ما قد سمعت، والله ما أراد بها غيرك).

فقال له الإمام:

(ما تري؟)

فقال المسيب: (أري ان ترجع إلي ما كنت عليه، فقد كان نقض ما بينك وبينه).

فانبري اليه الإمام قائلا:..

يا مسيّب، إني لو أردت - بما فعلت - الدنيا لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء، ولا أثبت عند الحرب مني، ولكنّي أردت صلاحكم، وكفّ بعضكم عن بعضٍ.

لا تعنفني

تذكرة الخواص (ص 207) وجاءه سفيان بن ابي ليلي الخارجي فقال له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين) فصاح به الإمام:..

ويحك ايها الخارجيّ، لا تعنّفني فإنّ الذي أحوجني إلي ما فعلت قتلكم أبي، وطعنكم اياي، وانتهابكم متاعي، وانّكم لما سرتم إلي صفّين كان دينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم. ويحك أيّها الخارجيّ!!! إني رأيت اهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اعتزّ بهم الا من ذلّ، وليس أحد منهم يوافق رأي الآخر، ولقد لقي أبي منهم اموراً صعبةً، وشدائد مرةً، وهي أسرع البلاد خراباً، وأهلها هم الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً.

تباطؤ اصحابي

الدينوري ص 203: وسلم عليه بعض اصحابه بالتسليمة الذليلة، فأجابه الإمام:..

لست مذلاً للمؤمنين، ولكنّي معزّهم ما أردت بمصالحتي الا أن أدفع عنكم القتل، عند ما رأيت تباطؤ أصحابي ونكولهم عن القتال.

علمت ما ينفعني

تاريخ دمشق لابن عساكر ج/12 ص/536: أخبرنا ابوالقاسم السمرقندي عن محمد ابن ابي عثمان وابي طاهر القضاري حدثنا ابي قال: حدثنا اسماعيل بن الحسن حدثنا الحسين بن اسماعيل حدثنا زياد بن ايوب حدثنا ابن ابي عيينة حدثنا صدقة بن المثني عن جده رياح بن الحرث قال: كنت عند منبر الحسن بن علي وهو يخطب الناس بالمدائن فقال:..

ألا إن أمر الله واقع اذلاله رافع وان كره الناس، اني ما أحببت ان ألي من أمر أمة محمدٍ مثقال حبةٍ من خردلٍ يهراق فيه محجمة من دم قد علمت ما ينفعني مما يضرّني فالحقوا بطبننكم [بمطننكم].

سمعت كلامك

مناقب ابن شهر اشوب، ج 2- ص 169، لما بايع الإمام معاوية اقبل اليه حجر بن عدي فقال له: (أما والله لوددت انك مت في ذلك اليوم ومتنا معك، ولم نرهذا اليوم. فان رجعنا راغمين بما كرهنا ورجعوا مسرورين بما أحبوا) فأجابه الإمام بقوله:..

يا حجر! قد سمعت كلامك في مجلس معاوية، وليس كلّ انسانٍ يحبّ ما تحبّ، ولا رأيه كرأيك، وإني لم أفعل إلا ابقاء عليكم والله تعالي كلّ يوم في شأن.

كرهوا الحرب

وجاء عدي بن حاتم إلي الإمام فقال له: (ياابن رسول الله، لوددت اني مت قبل ما رأيت، اخرجتنا من العدل إلي الجور، فتركنا الحق الذي كنا عليه، ودخلنا في الباطل الذي كنا هنرب منه, اعطينا الدنية من أنفسنا، وقبلنا الخسيس التي لم تلق بنا) فرد عليه الإمام قائلاً:..

يا عديّ، اني رأيت هوي معظم الناس في الصّلح، وكرهوا الحرب فلم أحبّ أن أحملهم علي ما يكرهون، فرأيت دفع هذه الحروب إلي يومٍ ما فان الله كلّ يومٍ هو في شأنٍ.

خشيت أن يجتث المسلمون

البحار: محمد باقر المجلسي: ووفد عليه مالك بن ضمرة فاعنف له القول. فقال له الإمام:.

إني خشيت أن يجتثّ المسلمون عن وجه الأرض، فأردت ان يكون للدين ناع.

اردت حقن الدماء

وأتاه قوم من شيعته فحرضوه علي السماح لهم بالزحف علي الشام، متذرعين نقض الصلح بان معاوية لم يطبق شروطه، فقال لهم الإمام الحسن (عليه السلام):..

انتم شيعتنا وأهل مودتنا فلو كنت بالحزم في امر الدنيا أعمل ولسطانها أركض وانصب، ما كان معاوية بأبأس مني بأساً ولا أشدّ شكيمةً ولا أمضي عزيمةً، ولكني أري غير ما رأيتم، وما أردت بما فعلت إلا حقن الدماء فارضوا بقضاء الله، وسلّموا لأمره، والزموا بيوتكم وأمسكوا.

لا تؤنبني

روي ابو عيسي الترمذي في جامعه: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا ابو داود الطيالسي حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن يوسف بن سعد قال: قام رجل إلي الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال: سودت وجوه المؤمنين - أو يا مسود وجوه المؤمنين - فقال له الإمام:..

لا تؤنّبني رحمك الله، فإنّ النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم أري بني امية علي منبره فساءه ذلك، فنزلت: (إنا اعطيناك الكوثر) يا محمد - يعني نهراً في الجنة - ونزلت (إنا انزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهرٍ) يملكها بعدك بنو أمية يا محمد.

هو خير

ولامه قوم علي الصلح، حتي ضاق صدره (عليه السلام) فصاح بهم:..

ويحكم ماتدرون ما عملت؟ والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت، الا تعلمون: أني إمامكم، ومفترض الطاعة عليكم، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، بنصٍّ من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عليّ؟ قالوا: بلي. قال: أما علمتم أنّ الخضر لما خرق السفينة وأقام الجدار، وقتل الغلام، كان ذلك سخطاً لموسي بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك وكان ذلك عند الله تعالي ذكره حكمةً وصواباً؟

أما علمتم أنّه ما منّا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلّي خلفه روح الله عيسي بن مريم؟ فانّ الله عزّ وجلّ يخفي ولادته ويغيب شخصه، لئلا يكون لأحدٍ في عنقه بيعة، اذا خرج ذاك التاسع من ولد أخي: الحسين بن سيدة النساء يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته، في صورة شابٍّ دون الأربعين سنة، ذلك ليعلم انّ الله علي كلّ شيءٍ قدير.

جماجم العرب

قال نفير الحضرمي في المدينة للإمام الحسن: (ان الناس يزعمون: انك تريد الخلافة) فقال الإمام:..

كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله، ثمّ أثيرها ثانياً من أهل الحجاز.

لا تعذلوني

ووفد إليه جمع من شيعته، فقالوا له: (يا مذل المؤمنين، ويا مسود الوجوه) فأجابهم:..

لا تعذلوني فإنّ فيها مصلحةً، ولقد رأي النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) في منامه، أنّه يخطب بنو أمية واحد بعد واحدٍ فحزن، فأتاه جبرئيل بقوله: (إنا اعطيناك الكوثر) و(إنّا انزلناه في ليلة القدر).

انا إمام قمت او قعدت

وبعد ما اضطر الإمام إلي الصلح مع معاوية، ظهر أناس نددوا بالصلح بعد ما أجبروا الإمام عليه.

فجاءه (أبو سعيد العقيصا) وقال له: (لم داهنت معاوية وصالحته، وقد علمت: ان الحق لك دونه، وان معاوية ضال باغ؟) فقال الإمام:..

يا أبا سعيدٍ! ألست حجة الله تعالي ذكره علي خلقه وإماماً عليهم بعد أبي؟ قال: بلي قال: ألست الذي قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لي ولأخي (الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا)؟ قال بلي! قال: فأنا إذن إمام لو قمت وأنا إمام اذا قعدت. يا أبا سعيدٍ علّة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة، وبني أشجع، ولأهل مكّة، حين انصرف من الحديبية، اولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد! اذا كنت إماماً من قبل الله تعالي ذكره لم يجب أن يسفّه رأيي فيما أتيته من مهادنةٍ أو محاربةٍ، وان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبساً، ألا تري الخضر لما خرق السفينة، وقتل الغلام واقام الجدار، سخط موسي فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه، حتي أخبره فرضي، هكذا أنا سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما اتيت لما ترك من شيعتنا علي وجه الأرض احد إلا قتل.

ان الله بالغ أمره

وقدم إليه سفيان بن أبي ليلي فقال له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين) فقال الإمام: (وعليك السلام يا سفيان) انزل، فنزل فقال له الإمام: (ماذا قلت؟) قال سفيان: قلت: (السلام عليك يا مذل المؤمنين) فقال الإمام: (ولماذا؟) فقال سفيان: (أنت والله بأبي وأمي أذللت رقابنا حتي أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت الأمر إلي اللعين ابن أكلة الأكباد ومعك مائة ألف، كلهم يموت دونك، وقد جمع الله عليك امر الناس) فقال الإمام:..

يا سفيان! إنا أهل بيت إذ علمنا الحق تمسكنا به، وإني سمعت علياً يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تذهب الأيام والليالي حتي يجتمع أمر هذه الأمة، علي رجل واسع السرم، ضخم البلعوم، يأكل ولا يشبع، لا ينظر الله إليه، ولا يموت حتي لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر، وإنه لمعاوية، وإني عرفت أن الله بالغ أمره.

رسائل

انذار

ج/4:ص/11 شرح ابن أبي الحديد: بعد مقتل الإمام أمير المؤمنين أرسل معاوية جاسوساً إلي الكوفة وجاسوساً إلي البصرة، فلما علم الإمام الحسن كتب اليه:.

أما بعد: فانّك دسست إليّ الرجال، للاحتيال والاغتيال، وأرصدت العيون، كأنّك تحبّ اللقاء وما أشكّ في ذلك، فتوقّعه، إنشاء الله، وقد بلغني: أنّك شمتّ بما لا يشمت به ذووالحجي، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأولون:

وق____ل ال__ذي يبقي خلاف الذي مضي

تج_____هّز لأخ____ري مث____لها ف____كأن قد

وإن____ا وم___ن ق___د م__ات م___نّا لكالذي

يروح ف___يمسي في المب__يت ليفتدي [33] .

ادخل في طاعتي

هذا كتاب وجهه الإمام الحسن، إلي معاوية قبل نشوب الحرب بينهما ليلقي السلاح ويدخل في طاعته، ونصه:.

من الحسن بن عليّ: امير المؤمنين، إلي معاوية بن أبي سفيان، سلام عليكم، فاني أحمد اليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فان الله جل جلاله، بعث محمداً رحمةً للعالمين، ومنّةً للمؤمنين، وكافّةً للناس أجمعين لينذر من كان حياً، ويحقّ القول عليالكافرين، فبلّغ رسالات الله، وقام بأمر الله، حتي توفاه الله غير مقصّر ولا وانٍ، وبعد أن أظهر الله به الحقّ ومحق به الشرك، وخصّ به قريشاً خاصةً، فقال له: (وإنّه لذكر لك ولقومك) فلما توفّي، تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ولا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمدٍ وحقّه، فرأت العرب أنّ القول ما قالت قريش، وأنّ الحجّة في ذلك لهم. علي من نازعهم أمر محمدٍ، فأنعمت لهم وسلمت إليهم.

ثم حاججنا نحن قريشاُ، بمثل ما حاججت به العرب، فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها.

إنّهم أخذوا هذا الامر دون العرب بالانصاف والاحتجاج، فلما سرنا - أهل بيت محمدٍ وأولياؤه - إلي محاجتهم،

وطلب النّصف منهم، باعدونا واستولو بالاجتماع علي ظلمنا، ومراغمتنا وللعنت منهم لنا. فالموعد الله، وهو الوليّ النصير.

ولقد كنّا تعجّبنا لتوثّب المتوثبين علينا في حقّنا، وسلطان بيتنا واذكانوا ذوي فضيلة وسابقةٍ في الإسلام، أمسكنا عن منازعتهم، مخافةً علي الدين أن يجد المنافقون، والأحزاب في ذلك مغمراً يثلمون به، أو يكون لهم بذلك سبب إلي ما أرادوا من افساده.

فاليوم فليتعجّب المتعجّب، من توثّبك يا معاوية، علي أمرٍ لست من أهله، لابفضلٍ في الدين معروفٍ ولا أثرٍٍ في الإسلام محمودٍ. وانت ابن حزبٍ من الأحزاب، وابن أعدي قريشٍ لرسول الله صلي الله عليه وأله ولكتابه. والله حسيبك فسترد عليه، وتعلم لمن عقبي الدار وبالله لتلقينّ عن قليلٍ ربّك، ثم ليجزينّك بما قدّمت يداك. وما الله بظلاّمٍ للعبيد.

إنّ علياً لمّا مضي لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض، ويوم منّ الله عليه بالإسلام، ويوم يبعث حيّاً، ولاّني المسلمون الأمر من بعده، فاسأل الله ان لا يؤتينا في الدنّيا الزائلة شيئاً، ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامةٍ.

وانما حملني علي الكتابة اليك، الاعذار فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ في أمرك، ولك في ذلك إن فعلته الحظّ الجسيم والصلاح للمسلمين.

فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنّك تعلم: أني أحقّ بهذا الأمر منك، عند الله، وعند كلّ أوابٍ حفيظٍ، ومن له قلب منيب، واتّق الله، ودع البغي، واحقن دماء المسلمين، فوالله ما لك خير في أن تلقي الله من دمائهم، بأكثر مما انت لاقيه به. وادخل في السّلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو احقّ به منك، ليطفيء الله النائرة بذلك، ويجمع الكلمة ويصلح ذات البين.

وإن أنت أبيت الا

التمادي في غيّك، سرت اليك المسلمين، فحاكمتك حتّي يحكم الله بيننا، وهو خير الحاكمين [34] .

انا من اهل الحق

ولم يأبه الإمام لكتابي معاوية، اكثر من انه رد عليهما بهذا الكتاب المقتضب:..

أما بعد

فقد وصل إليّ كتابك، تذكر فيه ما ذكرت، وتركت جوابك خشية البغي عليك، وبالله اعوذ من ذلك، فاتّبع الحقّ، تعلم: أني من اهله. وعلي إثم أن اقول فأكذب. والسلام.

خطبي انتهي الي اليأس

وأخيراً يئس الإمام من أصحابه، وارتجت أمامه السبل دون الصلح مع معاوية، فكتب اليه:.

أما بعد: فان خطبي انتهي إلي اليأس، من حقٍّ أحييته، وباطلٍ أمتّه وخطبك خطب من انتهي إلي موارده، وإنّي اعتزل هذا الأمر وأخلّيه لك، وإن كان تخليتي اياه شراً لك في معادك، ولي شروط أشترطها، لأبتهظنّك إن وفيت لي بها بعهد، ولا تخف ان غدرت - وكتب الشرط في كتابٍ آخر فيه يمنيّه بالوفاء وترك الغدر - وستندم يا معاوية كما ندم غيرك، ممّن نهض في الباطل أو قعد عن الحقّ، حين لم ينفع الندم والسلام.

وثيقة الصلح

ولما اضطر الإمام الحسن إلي الصلح كتب وثيقة الصلح، محملة بأفدح الشروط، التي تلقي بكافة المسؤوليات علي معاوية، وحيث لم ترد كاملة في مصدر جمعناها هكذا من المصادر المشار اليها.

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما صالح عليه الحسن بن عليٍّ بن أبي طالبٍ، معاوية بن أبي سفيان.

صالحه: علي ان يعمل فيهم بكتاب الله، وبسنة رسوله [35] وبسيرة الخلفاء الصالحين [36] .

وليس لمعاوية بن أبي سفيان: ان يعهد لاحدٍ - من بعده - عهداً بل يكون الأمر للحسن من بعده [37] ، فان حدث به حدث، فلأخيه الحسين [38] .

وأن يترك سبّ امير المؤمنين، والقنوت عليه بالصلاة [39] ، وان لا يذكر عليّاً الا بخير [40] .

واستثناء ما في بيت مال الكوفة - وهو خمسة آلاف الفٍ - وعلي معاوية ان يحمل إلي الحسين كلّ عامٍ الفي الف درهمٍ، وان يفضّل بني هاشم في العطاء والصّلات، علي بني عبد شمس، وان يفرّق في أولاد من قتل مع امير المؤمنين - يوم الجمل - وأولاد من قتل معه - بصفين - الف

الف درهمٍ، وان يجعل ذلك، من خراج (دار ابجر) [41] .

وعلي أنّ الناس آمنون، حيث كانوا من ارض الله، في شامهم، وعراقهم، وحجازهم، ويمنهم، وان يؤمّن الاسود والاحمر، وان يحتمل معاوية مايكون من هفواتهم، وان لا يتبع احداً بما مضي، وان لا يأخذ أهل العراق بإحنة [42] .

وعلي امان اصحاب عليٍّ حيث كانوا وان لا ينال احداً من شيعة عليٍ بمكروهٍ، وأنّ أصحاب عليٍ وشيعته آمنون علي انفسهم، واموالهم ونسائهم واولادهم، وان لا يتعقّب عليهم شيئاً، وان لا يتعرّض لاحدٍ منهم بسوءٍ، ويوصل إلي كلّ ذي حقٍ حقّه [43] وعلي معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله، وميثاقه، وما اخذ الله علي احدٍ من خلقه، بالوفاء بما اعطي من نفسه.

وعلي ان لا يبغي للحسن بن علي، ولا لأخيه الحسين، ولا لاحدٍ من أهل بيت رسول الله غائلةً سراً ولا جهراً، ولا يخيف احداً منهم في افقٍ من الافاق [44] شهد عليه بذلك الله وكفي بالله شهيداً والسلام [45] .

لو قاتلت احدا

الكامل لابن الأثير ج 3- ص 163: لما خرج الإمام الحسن (عليه السلام) من الكوفة، لحقه رسول معاوية، طالباً منه: أن يرجع إلي الكوفة لقتال طائفة من الخوارج خرجت عليه، فكتب اليه الإمام:..

لو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة، لبدأت بقتالك، فإني تركتك لصلاح الأمة، وحقن دمائها.

شفعني في سعيد

ولما رجع الإمام إلي المدينة وخلا الجو لمعاوية وعماله، بدأوا بمطاردة شيعة الإمام، فكانت مآسي كثيرة سجلها التاريخ بالدموع والدماء ومن تلك المآسي ان زياد بن ابيه طلب سعيد بن سرح من أجل تشيعه، فأتي الحسن بن علي عليهما السلام مستجيراً به، فوثب زياد علي أخيه وولده وامرأته فحبسهم، ونقض داره وصادر أمواله، ولما علم الإمام الحسن (عليه السلام) ذلك شق عليه، فكتب من فوره إلي زياد، يأمره بان يعطي الأمان لسعيد، ويخلي سبيل عياله وأطفاله، ويشيد داره ويرد عليه أمواله، وهذا نص كتابه:..

من الحسن بن عليّ إلي زياد: أما بعد: فإنّك عمدت إلي رجلٍ من المسلمين، له مالهم، وعليه ما عليهم، فهدمت داره، وأخذت ماله، وحبست أهله وعياله، فإن اتاك كتابي هذا فابن له داره، واردد عليه عياله وماله وشفّعني فيه فقد أجرته، والسلام.

للعاهر الحجر

ولما بلغ كتاب الإمام إلي زياد، استشاط غضباً، لأن الإمام لم ينسبه الي أبي سفيان، فأجابه بمايلي: (من زياد بن أبي سفيان إلي الحسن بن فاطمة، اما بعد: فقد أتاني كتابك، تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة، وانا سلطان وأنت سوقة، وتأمرني فيه بامر المطاع المسلط علي رعيته، كتبت الي في فاسق آويته اقامة منك علي سوء الرأي، ورضاً منك بذلك، وأيم الله لا تسبقني به، ولو كان بين جلدك ولحمك، فان احب لحم علي أن آكله اللحم الذي انت منه، فسلمه بجررته إلي من هو أولي به منك، فإن عفوت عنه لم اكن شفعتك فيه، وان قتلته لم أقتله الا لحبه اباك والسلام).

وصل هذا الجواب إلي الإمام فما زاد أن كتب في رده:..

من الحسن بن فاطمة إلي زياد بن سمية، أما بعد فإنّ رسول الله

صلّي الله عليه وآله قال: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر) والسلام [46] .

سيصير اليها الآخرون

أمالي الشيخ: أصيب الإمام الحسن (عليه السلام) بابنة له، فكتب اليه قوم من أصحابه يعزونه بها، فكتب اليهم:..

أمّا بعد: فقد بلغني كتابكم، تعزّونني بفلانة، فعند الله أحتسبها، تسليماً لقضائه، وصبراً علي بلائه، فان أوجعتنا المصائب وفجعتنا النوائب بالأحبّه المألوفة، التي كانت بنا حفيّة والإخوان المحبين، الذين كان يسرّ بهم الناظرون وتقرّبهم العيون.

أضحوا قد اخترمتهم الأيام، ونزل بهم الحمام، فخلفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعي في عساكر الموتي، متجاورون في غير محلة التجارة، ولا صلات بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية، من أهلها، خالية من أربابها، قد أخشعها اخوانها، فلم أر مثل دارها داراً ولامثل قرارها قراراً، في بيوتٍ موحشةٍ، وحلول مضجعةٍ، قد صارت في تلك الديار الموحشةٍ، وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قليً فاستودعتها للبلي، وكانت امه مملوكةً، سلكت سبيلاً مسلوكة، صار اليها الأولون، وسيصير اليها الآخرون والسلام.

مناقضات

الحسن ومناوئوه

الاحتجاج: روي عن الشعبي، وابي مخنف، ويزيد بن ابي حبيب المصري: انهم قالوا:..

لم يكن في الإسلام يوم في مشاجرة قومٍ اجتمعوا في محفلٍ، اكثر ضجيجاً، ولا أعلي كلاماً، ولا اشدّ مبالغةً في قولٍ، من يومٍ اجتمع فيه عند معاوية بن أبي سفيان، عمرو بن عثمان بن عفان، وعمرو بن العاص وعتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عتبة بن أبي معيط، والمغيرة بن شعبة، وقد تواطؤا علي أمرٍ واحدٍ.

فقال عمروبن العاص لمعاوية: ألا تبعث إلي الحسن بن عليٍّ فتحضره فقد أحيا سيرة أبيه، وخفقت النّعال خلفه إن أمر فأطيع، وإن قال فصدق وهذان يرفعان به إلي ما هو اعظم منهما، فلو بعثت اليه فقصرنا به وبأبيه وسببناه وسببنا أباه، وصغّرنا بقدره وقدر أبيه، وقعدنا لذلك حتي صدق

لك فيه.

فقال لهم معاوية: إني أخاف ان يقلّدكم قلائد، يبقي عليكم عارها حتي تدخلكم قبوركم، والله ما رأيته قطّ إلا كرهت جنابه، وهبت عتابه وإني إن بعثت إليه لأنصفته منكم.

قال عمرو بن العاص: أتخاف ان يتسامي باطله علي حقّنا، ومرضه علي صحّتنا؟

قال: لا.

قال: فابعث اذاً اليه.

فقال عتبة: هذا رأي لا أعرفه، والله ما تستطيعون ان تلقوه بأكثر ولا أعظم مما في أنفسكم عليه، ولا يلقاكم إلا بأعظم مما في نفسه عليكم، وانه لمن أهل بيتٍ خصمٍ وجدلٍ.

فبعثوا إلي الحسن (عليه السلام)، فلما أتاه الرسول، قال له: يدعوك معاوية.

قال: ومن عنده؟.

قال الرسول: عنده فلان وفلان، وسمّي كلاً منهم باسمه.

فقال الحسن (عليه السلام): مالهم، خرّ عليهم السقف من فوقهم، وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون.

ثم قال: يا جارية أبلغني ثيابي.

ثم قال: اللهم إني أدرأ بك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم وأستعين بك عليهم، فاكفنيهم بما شئت وأنّي شئت، من حولك وقوّتك يا ارحم الراحمين.

وقال للرسول: هذا كلام الفرج.

فلما أتي معاوية رحّب به وحيّاه وصافحه.

فقال الحسن (عليه السلام): إن الذي حييت به سلامة، والمصافحة أمنة.

فقال معاوية: أجل، إن هؤلاء بعثوا اليك وعصوني، ليقرورك ان عثمان قتل مظلوماً، وان أباك قتله، فاسمع منهم، ثم أجبهم بمثل ما يكلمونك ولا يمنعك مكاني من جوابهم.

فقال الحسن (عليه السلام): سبحان الله، البيت بيتك، والاذن فيه اليك، والله لئن أجبتهم إلي ما أرادوا، إني لاستحيي لك من الفحش، ولئن كانوا غلبوك إني لاستحيي لك من الضعف، فبأيهما تقرّ؟ ومن أيّهما تعتذر؟ أما أني لو علمت بمكانهم واجتماعهم، لجئت بعدتهم من بني هاشمٍ، ومع وحدتي هم أوحش

مني مع جمعهم، فإنّ الله عزّ وجلّ لوليّي اليوم وفيما بعد اليوم، فليقولوا فأسمع، ولا حولولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

فقال معاوية:، إني كرهت أن أدعوك، ولكنّ هؤلاء حملوني علي ذلك مع كراهتي له، وإنّ لك منهم النصّف، ومني، وانما دعوناك لنقرّر ان عثمان قتل مظلوماً، وأن اباك قتله، فاستمع منهم، ثم أجبهم، ولا تمنعك وحدتك واجتماعهم، أن تتكلّم بكلّ لسان.

فتكلّم عمرو بن عثمان بن عفان فقال: ما سمعت كاليوم، أن بقي من بني عبد المطلب، علي وجه الأرض من أحدٍ، بعد قتل الخليفة، عثمان بن عفان وكان [من] ابن اختهم، والفاضل في الإسلام منزلةً، والخاصّ برسول الله صلي الله عليه وآله أثرةً، فبئس كرامة الله حتي سفكوا دمه اعتداءً وطلباً لفتنة، وحسداً ونفاسةً، وطلب ما ليسوا بأهل لذلك، مع سوابقه ومنزلته من الله، ومن رسوله، ومن الإسلام، فياذلاه أن يكون (حسن) وسائر بني عبد المطلب: قتلة عثمان، أحياء يمشون علي مناكب الأرض، وعثمان مضرج بدمه مع انّ لنافيكم تسعة عشر دماً بقتلي بني امية ببدرٍ!

ثم تكلّم عمرو بن العاص، فحمد الله وأثني عليه ثمّ قال: إي يا ابن أبي تراب! بعثنا اليك لنقرّرك أنّ اباك سمّ أبابكرٍ الصديق، واشترك في قتل عمر الفاروق، وقتل عثمان ذا النّورين مظلوماً، فادّعي ما ليس له بحق، ووقع فيه - وذكر الفتنة وعيّره بشأنها - ثم أضاف:

إنكم يا بني عبد المطلب! لم يكن الله يعطيكم الملك فترتكبون فيه مالا يحلّ لكم، ثم أنت يا (حسن) تحدّث نفسك بأنك كائن امير المؤمنين وليس عندك عقل ذلك، ولا رأيه، فكيف وقد سلبته، وتركت أحمق في قريش، وذلك لسوء عمل أبيك، وانما دعوناك لنسبك وأبيك، ثمّ انت

لا تستطيع أن تعتب علينا ولا أن تكذّبنا في شيءٍ به، فان كنت تري أنا كذبناك في شيءٍ وتقوّلنا عليك بالباطل، وادّعينا خلاف الحقّ فتكلم، والا فاعلم أنّك وأباك من شرّ خلق الله.

أمّا أبوك فقد كفانا الله قتله وتفردّ به، وأما انت فإنّك في أيدينا نتخير فيك، والله أن لو قتلناك، ما كان في قتلك إثم عند الله، ولا عيب عند الناس.

ثم تكلّم عتبة بن ابي سفيان، فكان أوّل ما ابتدأ به أن قال: يا حسن، إن اباك كان شرّ قريشٍ لقريش، أقطعه، أرحامها، واسفكه لدمائها، وإنّك لمن قتلة عثمان، وان في الحقّ أن نقتلك به، وانّ عليك القود في كتاب الله عزّ وجلّ، وإنّا قاتلوك به، فأمّا ابوك فقد تفرّد الله بقتله فكفاناه وأما رجاؤك للخلافة فلست منها لا في قدحة زندك، ولا في رجحة ميزانك.

ثم تكلّم الوليد بن عقبة بن ابي معيط بنحوٍ من كلام أصحابه، وقال: يا معاشر بني هاشم، كنتم أول من دبّ بعيب عثمان، وجمع الناس عليه، حتي قتلتموه حرصاً علي الملك، وقطيعةً للرحم، واستهلاك الامة [47] وسفك دمائها حرصاً علي الملك، وطلباً للدنيا الخسيسة وحمّاً لها، وكان عثمان خالكم فنعم الخال كان لكم، وكان صهركم فكان نعم الصهر لكم، قد كنتم أول من حسده، وطعن عليه، ثم وليتم قتله، فكيف رأيتم صنع الله بكم.

ثم تكلّم المغيرة، بن شعبة، وكان كلامه، وقوله كلّه وقوعاً في عليٍّ (عليه السلام) ثمّ قال: يا حسن إن عثمان قتل مظلوماً، فلم يكن لابيك في ذلك عذر بريءٍ، ولا اعتذار مذنبٍ، غير أنّا يا حسن قد ظننا لأبيك في ضمّه قتلته، وايوائه لهم وذبّه عنهم، أنّه بقتله راضٍ، وكان والله طويل

السيف واللّسان: يقتل الحيّ، ويعيب الميت، وبنو امية خير لبني هاشمٍ من بني هاشمٍ لبني أمية، ومعاوية خير لك يا حسن منك لمعاوية.

وقد كان أبوك ناصب رسول الله صلّي الله عليه وآله في حياته، وأجلب عليه قبل موته، واراد قتله، فعلم ذلك من امره رسول الله صلّي الله عليه وآله، ثمّ كره ان يبايع أبابكر حتي أتي به قوداً، ثم دسّ إليه فسقاه سمّاً فقتله، ثم نازع عمر حتي همّ أن يضرب رقبته، فعمل في قتله، ثم طعن علي عثمان حتّي قتله، كلّ هؤلاء قد شرك في دمهم، فأيّ منزلةٍ له من الله يا حسن، وقد جعل الله السلطان لوليّ المقتول في كتابه المنزل، فمعاوية وليّ المقتول بغير حقّ، فكان من الحقّ لو قتلناك وأخاك والله مادم عليٍّ بخطرٍ من دم عثمان، وما كان الله ليجمع فيكم يا بني عبد المطلب الملك والنبوّة ثم سكت.

فتكلّم ابو محمدٍ الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما، فقال:

الحمد لله الذي هدي أوّلكم بأوّلنا، وآخركم بآخرنا، وصلي الله علي سيدنا محمدٍ النبي وآله وسلم. إسمعوا منّي مقالتي، واعيروني فهمكم وبك ابدأ يا معاوية.

إنه لعمر الله يا أزرق، ما شتمني غيرك، وما هؤلاء شتموني، ولا سبّني غيرك، وما هؤلاء سبّوني، ولكن شتمتني وسببتني، فحشاً منك، وسوء رأي، وبغياً وعدوانا، وحسداً علينا، وعداوةً لمحمدٍ صلّي الله عليه وآله قديماً وحديثاً.

وإنّه والله لو كنت أنا وهؤلاء يا أزرق! مثاورين في مسجد رسول الله وحولنا المهاجرون والانصار ما قدروا أن يتكلمون بمثل ما تلكّموا به،. ولا استقبلوني بما استقبلوني به، فاسمعوا مني أيها الملأ المجتمعون المعاونون عليّ، ولا تكتموا حقاً علمتموه ولاتصدّقوا بباطلٍ نطقت به، وسأبدأ بك يا معاوية

فلا اقول فيك إلا دون ما فيك.

أنشدكم بالله! هل تعلمون: انّ الرجل الذي شتمتموه صلّي إلي القبلتين كلتيهما، وأنت تراهما جميعاً ضلالةً، تعبد اللات والعزّي؟ وبايع البيعتين كلتيهما: بيعة الرضوان وبيعة الفتح، وأنت يا معاوية بالاولي كافر، وبالاخري ناكث؟

أنشدكم بالله! هل تعلمون: انما أقول حقاً، أنه لقيكم مع رسول الله يوم بدرٍ، ومعه راية النبي، ومعك يا معاوية راية المشركين، تعبد اللات والعزّي، وتري حرب رسول الله والمؤمنين فرضا واجباً، ولقيكم يوم أحد، ومعه راية النبي، ومعك يا معاوية راية المشركين، ولقيكم يوم الاحزاب ومعه راية النبي، ومعك يا معاوية راية المشركين، كلّ ذلك يفلج الله حجته، ويحقّق دعوته، ويصدق احدوثته، وينصر رايته، وكلّ ذلك رسول الله يري عنه راضياً في المواطن كلّها؟

ثم أنشدكم بالله هل تعلمون: أنّ رسول الله حاصر بني قريظة وبني النضير، ثمّ بعث عمر بن الخطاب ومعه راية المهاجرين، وسعد بن معاذ ومعه راية الانصار، فأمّا سعد بن معاذ فجرح وحمل جريحاً، وأما عمر فرجع وهو يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه، فقال رسول الله (لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، كرّار، غير فرّار، ثمّ لا يرجع حتي يفتح الله عليه، فتعرّض لها أبو بكر وعمر وغيرهما من المهاجرين والانصار، وعليّ يومئذٍ أرمد شديد الرمد، فدعاه رسول الله، فتفل في عينيه، فبرأ من الرمد، فأعطاه الراية فمضي ولم يثن حتي فتح الله (عليه) بمنّه وطوله [48] وأنت يومئذٍ بمكة عدوّ لله ورسوله، فهل يسوي بين رجلٍ نصح لله ولرسوله، ورجلٍ عادي الله ورسوله!؟

ثم اقسم بالله ما أسلم قلبك بعد، ولكنّ اللسان خائف، فهو يتكلّم بما ليس في القلب.

[ثم] أنشدكم بالله! أتعلمون: أن رسول الله

استخلفه علي المدينة في غزوة تبوك، ولا سخطه ذلك ولا كرهه، وتكلّم فيه المنافقون، فقال: (لا تخلفني يا رسول الله. فاني لم اتخلّف عنك في غزوةٍ قط (فقال رسول الله (انت وصيّي وخليفتي في أهلي، بمنزلة هارون من موسي) ثم أخذ بيد عليّ: ثم قال: (ايّها الناس! من تولاني فقد تولّي الله، ومن تولّي عليّاً فقد تولاّني، ومن أطاعني فقد اطاع الله، ومن أطاع عليّاً فقد أطاعني ومن أحنّي فقد أحبّ الله، ومن أحبّ عليّاً فقد أحبني)؟

أنشدكم بالله! أتعلمون: أن رسول الله قال في حجة الوداع: (ايّها الناس! إني قد تركت فيكم مالم تضلّوا بعده، كتاب الله فأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنّا بما انزل الله من الكتاب، وأحبّوا اهل بيتي وعترتي، ووالوا من والاهم، وانصروهم علي من عاداهم، وانهما لم يزالا فيكم، حتي يردا عليّ الحوض يوم القيامة).

ثم دعا - وهو علي المنبر - عليّاً، فاجتذبه بيده فقال: (اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، اللهمّ من عادي عليّاً فلا تجعل له في الأرض مقعداً، ولا في السماء مصعداً، واجعله في اسفل دركٍ من النار).

أنشدكم بالله! اتعلمون: أنّ رسول الله قال له: (انت الذائد عن حوضي يوم القيامة! تذود عنه كما يذود أحدكم الغريبة من وسط إبله)؟

أنشدكم بالله! أتعلمون: انه دخل علي رسول الله في مرضه الذي توفّي فيه، فبكي رسول الله، فقال عليّ: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: (يبكيني أني أعلم: أنّ لك في قلوب الرجال من أمتي ضغائن، لا يبدونها حتي أتولّي عنك)؟

أنشدكم بالله! أتعلمون: انّ رسول الله حين حضرته الوفاة، واجتمع أهل بيته قال: (الهمّ هؤلاء أهلي وعترتي، اللهمّ وال من

والاهم، وانصرهم علي من عاداهم) وقال: (انما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوحٍ، من دخل فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق)؟

أنشدكم بالله! أتعلمون: أن اصحاب رسول الله قد سلّموا عليه بالولاية في عهد رسول الله وحياته؟

أنشدكم بالله: أتعلمون أن عليّاً أول من حرّم الشهوات كلّها علي نفسه، من أصحاب رسول الله فأنزل الله عزّ وجلّ (يا أيّها الّذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ الله لكم، ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ المعتدين وكلوا ممّا رزقكم الله حلالاً طيّباً واتّقوا الله الّذي أنتم به مؤمنون [49] ).

وكان عنده علم المنايا، وعلم القضايا، وفصل الخطاب، ورسوخ العلم، ومنزل القرآن، وكان في رهطٍ لا نعلمهم، يتمّون عشرةً، نبّأهم الله أنهم به مؤمنون، وأنتم في رهطٍ قريبٍ من عدة اولئك لعنوا علي لسان رسول الله، فأشهد لكم وأشهد عليكم أنّكم لعناء الله علي لسان نبيّه، كلكم أهل البيت.

وأنشدكم بالله! هل تعلمون: انّ رسول الله بعث اليك، لتكتب لبني خزيمة، حين أصابهم خالد بن الوليد، فانصرف اليه الرسول فقال: هو يأكل، فأعاد الرسول اليك ثلاث مرات، كل ذلك ينصرف الرسول ويقول هو يأكل، فقال رسول الله، (اللهمّ لا تشبع بطنه) فهي والله في نهمتك وأكلك إلي يوم القيامة؟

أنشدكم بالله! هل تعلمون: إنما أقول حقاً إنك يا معاوية كنت تسوق بأبيك علي جملٍ أحمر، ويقوده أخوك هذا القاعد، وهذا يوم الأحزاب، فعلن رسول الله، الراكب والقائد والسائق فكان أبوك الراكب وأنت يا أزرق السائق. واخوك هذا القاعد القائد؟

ثم أنشدكم بالله! هل تعلمون، أنّ رسول الله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن: أولهنّ حين خرج من مكة إلي المدينة، وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع

فيه أبو سفيان فسبّه وأوعده وهمّ أن يبطش به، ثم صرفه الله عزّ وجلّ عنه.

والثاني: يوم العير حيث طردها أبو سفيان، ليحرزها من رسول الله.

والثالث: يوم أحدٍ، يوم قال رسول الله: (الله مولانا ولا مولي لكم) وقال أبو سفيان: لنا العزي ولا لكم العزي، فلعنه الله وملائكته ورسوله والمؤمنون اجمعون.

والرابع: يوم حنين، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وهوازن، وجاء عيينة، بغطفان واليهود، فردّهم الله عزّ وجلّ بغيظهم لم ينالوا خيراً [50] هذا قول الله عزّ وجلّ له في سورتين في كلتيهما يسمّي أبا سفيان وأصحابه كفاراً، وأنت يا معاوية يومئذٍ مشرك علي رأي أبيك بمكة، وعليّ يومئذٍ مع رسول الله وعلي رأيه ودينه.

والخامس: قول الله عزّ وجلّ (والهدي معكوفاً أن يبلغ محلّه) [51] وصددت أنت وأبوك ومشركو قريشٍ، رسول الله صلّي الله عليه وآله فلعنه الله لعنةً شملته وذرّيته إلي يوم القيامة.

والسادس: يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عيينة بن حصنٍ ابن بدر بغطفان، فلعن رسول الله القادة والاتباع والساقة إلي يوم القيامة فقيل يا رسول الله: أما في الأتباع مؤمن؟ فقال: لا تصيب اللعنة مؤمناً من الأتباع، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا مجيب ولا ناجٍ.

والسابع: يوم الثنية، يوم شدّ علي رسول الله اثني عشر رجلا، سبعة منهم من بني امية، وخمسة من سائر قريش، فلعن الله تبارك وتعالي ورسوله من حلّ الثنية غير النبي وسائقه وقائده؟

ثم أنشدكم بالله! هل تعلمون: أنّ أبا سفيان دخل علي عثمان حين بويع في مسجد رسول الله فقال: يابن أخي هل علينا من عين؟ فقال: لا، فقال ابو سفيان، تداولواالخلافة، فتيان بني امية، فوالذي نفس أبي سفيان [52] بيده

ما من جنةٍ ولا نار.

وأنشدكم بالله! أتعلمون أنّ أبا سفيان أخذ بيد الحسين حين بويع عثمان وقال: يابن اخي أخرج معي إلي بقيع الغرقد فخرج، حتي اذا توسّط القبور اجترّه فصاح بأعلي صوته: يا أهل القبور! الذي كنتم تقاتلونا عليه، صار بأيدينا وأنتم رميم، فقال الحسين بن علي: قبّح الله شيبتك، وقبّح وجهك، ثم نتريده وتركه، فلولا النعمان بن بشير أخذ بيده وردّه إلي المدينة، لهلك [53] .

ومن لعنتك يا معاوية، أنّ أباك أبا سفيان كان يهمّ أن يسلم، فبعثت اليه بشعرٍ معروفٍ مرويٍّ في قريش وغيرهم، تنهاه عن الإسلام، وتصدّه، أو تنسي يا معاوية قولك لأبيك:

ي__ا صخر لا تسلمن يوماً فتفضحنا

بعد الذين ب____بدرٍ أص____بحوا مزقا

خ___الي وع___مّي وع___م الأم ثالثهم

وحنظل الخ___ير قد أهدي لنا الأرقا

لا ت___رك____ننّ إل____ي أم__رٍ ت____كلفنا

وال___راقصات ب___ه في مكة الخرقا

ف___الموت أهون من قول العداة لقد

حاد ابن حربٍ عن العزّي اذا فرقا

ومن سيّيء اعمالك: أنّ عمر بن الخطاب ولاّك الشام، فخنت به، وولاّك عثمان، فتربّصت به ريب المنون.

ثمّ اعظم من ذلك أنّك قاتلت علياً صلوات الله عليه وآله، وقد عرفت سوابقه وفضله وعلمه، علي أمر هو أولي به منك، ومن غيرك عند الله وعند الناس، ولا دنية بل أوطأت الناس عشوةً، وأرقت دماء خلقٍ من خلق الله، بخدعك وكيدك وتمويهك، فعل من لا يؤمن بالمعاد، ولايخشي العقاب، فلما بلغ الكتاب أجله صرت إلي شرّ مثوي، وعليّ إلي خير منقلبٍ والله لك بالمرصاد.

فهذا لك يا معاوية خاصةً، وما أمسكت عنه من مساويك وعيوبك، فقد كرهت به التطويل، فهل تستطيع ان تردّ علينا

شيئاً؟

وأما أنت يا عمر بن عثمان، فلم تكن حقيقاً لحمقك أن تتبع هذه الامور، فإنما مثلك مثل البعوضة اذ قالت للنخلة: استمسكي فاني اريد ان انزل عنك، فقالت لها النخلة: ما شعرت بوقوعك، فكيف يشق علي نزولك؟ وإني والله ما شعرت انّك تحسن أن تعادي لي فيشقّ علي ذلك، واني لمجيبك في الذي قلت.

ان سبّك عليّاً، أبنقص في حسبه؟ أو تباعده من رسول الله، أو بسوء بلاءٍ في الإسلام؟ أو بجورٍ في حكمٍ؟ أو رغبة في الدنيا؟ فان قلت واحدةً منها فقد كذبت، وأما قولك انّ لكم فينا تسعة عشر دماً بقتلي مشركي قريش بني أمية ببدرٍ، فإنّ الله ورسوله قتلهم، ولعمري ليقتلنّ من بني هاشم تسعة عشر وثلاثة بعد تسعة عشر، ثم يقتل من بني أمية تسعة عشر وتسعة عشر في موطنٍ واحدٍ، سوي ما قتل من بني امية لا يحصي عددهم إلا الله.

انّ رسول الله قال: (إذا بلغ ولد الوزغ ثلاثين رجلاً، أخذوا مال الله بينهم دولاً، وعباده خولا، وكتابه دغلا، فاذا بلغوا ثلاث مائة وعشراً، حقّتت عليهم اللعنة، ولهم، فإذا بلغوا أربع مائةٍ وخمسةً وسبعين، كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة) فأقبل الحكم بن أبي العاص وهم في ذلك الذّكر والكلام، فقال رسول الله: (أخفضوا أصواتكم [54] فإن الوزغ يسمع). وذلك حين رآهم رسول الله، ومن يملك بعده منهم أمره هذه الأمّة يعني في المنام، فساءه ذلك وشقّ عليه، فأنزل الله عزّ وجلّ في كتابه: (ليلة القدر خير من ألف شهرٍ) فأشهد لكم وأشهد عليكم ما سلطانكم بعد قتل عليٍّ إلاّ ألف شهر، التي أجّلها الله عزّ وجلّ في كتابه.

وامّا أنت يا عمرو بن العاص الشانيء اللعين الأبتر،

فإنما أنت كلب، أوّل امرك امّك لبغيّة، وأنّك ولدت علي فراشٍ مشترك، فتحا كمت فيك رجال قريشٍ، منهم أبو سفيان بن حرب، والوليد بن المغيرة، وعثمان بن الحارث، والنضر بن الحارث بن كلدة، والعاص بن وائل، كلّهم يزعم انك ابنه، فغلبهم عليك من بين قريشٍ ألأمهم حسباً، وأخبثهم منصباً، وأعظمهم بغية.

ثمّ قمت خطيباً وقلت: أنا شانيء محمّد، وقال العاص بن وائل: إنّ محمداً رجل أبتر لا ولد له، فلو قد مات انقطع ذكره، فأنزل الله تبارك وتعالي: (إنّ شانئك هو الأبتر) فكانت أمّك تمشي إلي عبد قيسٍ لطلب البغية، تأتيهم في دورهم ورحالهم وبطون أوديتهم، ثم كنت في كلّ مشهدٍ يشهد رسول الله عدوّه، أشدّهم له عداوةً وأشدّهم له تكذيباً.

ثمّ كنت في أصحاب السفينة الذين أتوا النّجاشي، والمهرج الخارج إلي الحبشة، في الإشاطة بدم جعفر بن أبي طالب، وسائر المهاجرين إلي النّجاشي، فحاق المكر السيّيء بك، وجعل جدّك الاسفل، وأبطل أمنيتك وخيّب سعيك، وأكذب أحد وثتك، وجعل كلمة الذين كفروا السّفلي وكلمة الله هي العليا.

وأما قولك في عثمان، فأنت يا قليل الحياء والدين، ألهبت عليه ناراً ثم هربت إلي فلسطين تتربّص به الدّوائر، فلمّا أتاك (خبر) قتله، حبست نفسك علي معاوية، فبعته دينك يا خبيث بدنيا غيرك، ولسنا نلومك علي بغضنا، ولا نعاتبك علي حبّنا، وانت عدوّ لبني هاشم في الجاهلية والإسلام، وقد هجوت رسول الله بسبعين بيتاً من شعر. فقال رسول الله: (اللّهمّ إني لا أحسن الشّعر، ولا ينبغي لي أن أقوله، فالعن عمرو بن العاص بكلّ بيتٍ (الف) لعنة. فعليك إذاً من الله ما لا يحصي من اللعن وبالله ما نصرت عثمان حيّاً، ولا غضبت له مقتولاً، ويحك يابن العاص،

ألست القائل في بني هاشم لما خرجت من مكة إلي النّجاشي:

ت___قول ابن___تي: أي___ن هذا الرحيل

وم____ا ال____سّير م____ني ب___مستنكر

فق____لت: ذري_____ني ف____انّي ام___رؤ

أري______د النّ_____جاشيّ ف____ي ج__عفر

لأك_____وي__ه م_____ن ع____نده ك______يّةً

أقي_____م ب_____ها ن______خوة الأص____عر

وش_____أني أح_____مد م___ن ب_____ينهم

وأق______والهم ف_____يه ب______الم_____نكر

وأج_____ري ع_____لي ع_____تبةٍ جاهداً

ول______و ك_____ان ك_____الذهب الأحمر

ولا أن_____ثني ع_____ن ب______ني هاشمٍ

وما اسطعت ف_ي الغيب والمحضر

ف_____إن ق______بل الع_____تب م___نّي له

وإلاّ ل____وي____ت ل_____ه م____ش____فري

ثم أنت يا عمرو المؤثر دنيا غيرك علي دينك، أهديت إلي النّجاشيّ الهدايا، ورحت إليه رحلتك الثانية، ولم تنهك الأولي عن الثانية، كلّ ذلك ترجع مغلولاً حسيراً، تريد بذلك هلاك جعفرٍ وأصحابه، فلما أخطأك ما رجوت وأمّلت، أحلت علي صاحبك عمارة بن الوليد.

وأمّا أنت يا وليد بن عقبة، فوالله ما ألومك أن تبغض عليّاً، وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطاً، وقتل أباك بين يدي رسول الله، وأنت الّذي سمّاه الله: الفاسق. وسمّي عليّاً: المؤمن، حيث تفاخرتما، فقلت له: اسكت يا عليّ، فأنا اشجع منك جناناً، وأطول منك لساناً، فقال لك عليّ: اسكت ياوليد، فأنا مؤمن وأنت فاسق، فأنزل الله في موافقة قوله: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) [55] ثمّ أنزل علي موافقة قوله: (إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين) [56] ويحك يا وليد! مهما نسبت فلا تنس قول الشاعر فيك وفي عليٍّ (عليه السلام):

أن_____زل الله ف_____ي الك____تاب علينا

في عليٍّ وف_____ي ال_____وليد ق_____رانا

ف____تبوّا ال____ول____يد م_____نزل ك___فرٍ

وع______ليّ تب_____وّأ الإي______مان________ا

لي____س م__ن

ك___ان مؤمناً يعبد الله

ك____من ك______ان ف______اسقاً خ____وّانا

س____وف ي____دعي ال__وليد بعد قليل

وع____ليّ إل____ي ال____جزاء ع_____يانا

فع____ليّ يج____زي ه_____ناك ج____ناناً

وه___ناك ال_وليد يجزي هوانا [57] .

وما أنت وذكر قريش، وإنما أنت ابن عليجٍ من أهلِ صفّورية يقال له: ذكوان.

وأمّا زعمك أنّا قتلنا عثمان، فوالله ما استطاع طلحة والزبير وعاشئة أن يقولوا ذلك لعليّ بن أبي طالب، فكيف تقوله أنت؟ ولو سالت أمّك: من أبوك، إذ تركت ذكوان، فألصقتك بعقبة بن أبي معيط، اكتست بذلك عند نفسها سناءً ورفعة، مع ما أعدّ الله لك ولأبيك وأمّك من العار والخزي في الدّنيا والآخرة، وما الله بظلاّمٍ للعبيد.

ثم أنت يا وليد - والله - اكبر في الميلاد ممّن تدّعي له النّسب، فكيف تسبّ عليّاً؟ ولو اشتغلت بنفسك لبينت نسبك إلي أبيك، لا إلي من تدّ عي له، ولقد قالت لك أمّك: يا بنيّ أبوك - والله - ألأم وأخبث من عقبة.

وأما أنت يا عتبة بن أبي سفيان، فوالله ما أنت بحصيف فأجاوبك ولا عاقل فأعاتبك، وما عندك خير يرجي ولا شرّ يخشي، وما كنت لو سببت عليّاً لأغار به عليك لأنك عندي لست بكفوٍ لعبد عبد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأردّ عليك وأعاتبك، ولكنّ الله عزّ وجلّ، لك ولأبيك وأمّك وأخيك بالمرصاد، فأنت ذرّيّة آبائك الذين ذكرهم الله في القرآن فقال: (عاملة ناصبة تصلي ناراً حاميةً تسقي من عينٍ أنيةٍ - إلي قوله - من جوعٍ) [58] .

وأمّا وعيدك إيّاي بقتلي فهلاً قتلت الّذي وجدته علي فراشك مع حليلتك، وقد غلبك علي فرجها، وشاركك في ولدها، حتّي الصق بك ولداً ليس لك، ويلاً لك

لو شغلت نفسك بطلب ثارك منه كنت جديراً وبذلك حرياً، غذ تسومني القتل وتوعدني به، أما تستحي من قول نصر بن الحجّاج فيك:

ي____ا ل___لرّجال وح_ادث الأزمان

ول____سبّةٍ تخ_____زي أب_ا سفيان

نب____ئت ع____تبة ه__يّأته عرسه

لص___داقه ال__هذلي من اللحيان

ألفاه معها في الفراش فلم يكن

ف__حلا وأمسك خشية النّسوان

لا ت___عتبن يا عتب نفسك حبّها

إنّ الن____ساء ح_بائل الشّيطان!

ولا ألومك أن تسبّ علياً، وقد قتل أخاك مبارزةً، واشترك هو وحمزة بن عبد المطلب في قتل جدّك، حتي أصلاهما (الله) علي أيديهما نارجهنّم، وأذاقهما العذاب الأليم، (ونفي عمك بأمر رسول الله) [59] .

وأمّا رجائي الخلافة، فلعمر الله لئن رجوتها، فإنّ لي فيها لملتمساً وما أنت بنظير أخيك، ولا خليفة أبيك، لأنّ اخاك اكثر تمرداً علي الله وأشدّ طلباً لإراقة دماء المسلمين، وطلب ما ليس له بأهل، يخادع الناس ويمكرهم، ويمكر الله، والله خير الماكرين.

وأمّا قولك: إن عليّاً كان شرّ قريشٍ لقريش، فوالله ما حقّر مرحوماً ولا قتل مظلوماً.

وأما انت يا مغيرة بن شعبة، فإنك لله عدوّ، ولكتابه نابذ، ولنبيّه مكذّب، وانت الزّاني وقد وجب عليك الرّجم، وشهد عليك العدول البررة الأتقياء، فأخّر رجمك، ودفع الحق بالباطل، والصدق بالأغاليط، وذلك لما أعدّ الله لك من العذاب الأليم، والخزي في الحياة الدّنيا، ولعذاب الآخرة أخزي.

وأنت ضربت فاطمة بنت رسول الله حتي أدميتها، وألقت ما في بطنها، استذلالاً منك لرسول الله، ومخالفةً منك لأمره، وانتهاكاً لحرمته وقد قال لها رسول الله: (انت سيدة نساء أهل الجنّة) والله مصيرك إلي النار، وجاعل وبال ما نطقت به عليك.

فبأيّ الثلاثة [60] سببت عليّاً، انقصاً من حسبه؟ ام

بعداً من رسول الله ام سوء بلاءٍ في الإسلام، ام جوراً في حكم، أم رغبةً في الدّنيا؟ ان قلت بها فقد كذبت وكذبك النّاس.

اتزعم أن عليّاً قتل عثمان مظلوماً؟ فعليّ والله أتقي وأنقي من لائمه في ذلك، ولعمري إن كان علي قتل عثمان مظلوماً، فوالله ما انت من ذلك في شيء، فما نصرته حيّاً، ولا تعصّبت له ميتاً، وما زالت الطائف دارك، تتبع البغايا، وتحيي أمر الجاهلية، وتميت الإسلام حتّي كان في أمس (ما كان).

وامّا اعتراضك في بني هاشم وبني أميّة، فهو ادعاؤك إلي معاوية، واما قولك في شأن الإمارة، وقول اصحابك في الملك الذي ملكتموه، فقد ملك فرعون مصر اربعمائة سنة، وموسي وهارون عليهما السلام نبيّان مرسلان يلقيان ما يلقيان، وهو ملك الله يعطيه البرّ والفاجر وقال الله عز وجل: (وإن أدري لعلّه فتنة لكم ومتاع إلي حين [61] ) وقال: (وإذا اردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها، فحقّ عليها القول، فدمّرناها تدميراً) [62] .

ثم قام الحسن (عليه السلام) فنفض ثيابه، وهو يقول: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات) هم والله يا معاوية: انت واصحابك هؤلاء وشيعتك (والطيبات للطيّبين والطيّبون للطيّبات أولئك مبرّؤون ممّا يقولون لهم مغفرة ورزق كريم [63] ) هم عليّ بن أبي طالبٍ واصحابه وشيعته.

ثم خرج وهو يقول: (ذق وبال ما كسبت يداك، وما جنيت، وما قد أعدّ الله لك ولهم من الخزي في الحياة الدّنيا والعذاب الأليم في الآخرة).

فقال معاوية لأصحابه: وانتم فذوقوا وبال ما قد جنيتم، فقال له الوليد بن عقبة: والله ماذقنا إلا كما ذقت، ولا اجترأ إلا عليك، فقال معاوية: ألم اقل لكم إنكم لن تنتصفوا من الرجل؟ فهل [64] اطعتموني أول

مرة، أو انتصرتم من الرجل اذ فضحكم، والله ما قام حتي أظلم عليّ البيت وهممت أن اسطو به، فليس فيكم خير، اليوم ولا بعد اليوم.

وسمع مروان بن الحكم بما لقي معاوية وأصحابه المذكورون من الحسن بن عليٍّ (عليه السلام)، فأتاهم فوجدهم عند معاوية في البيت، فسألهم: ما الّذي بلغني عن الحسن وزعله؟ قالوا: قد كان ذلك، فقال لهم مروان: فهلا أحضرتموني ذلك، فوالله لأسبّنّه، ولأسبّنّ أباه، وأهل البيت سبّاً تغنّي به الإماء والعبيد، فقال معاوية، والقوم: لم يفتك شيء - وهم يعلمون من مروان بذر لسانٍ وفحش - فقال مروان: فأرسل اليه يا معاوية، فأرسل معاوية إلي الحسن بن عليٍّ عليهما السلام؛ فلما جاءه الرسول، قال له الحسن (عليه السلام): (ما يريد هذا الطاغية، منّي؟ والله لئن أعاد الكلام، لأوقرنّ مسامعه، ما يبقي عليه عاره وشناره إلي يوم القيامة).

فأقبل الحسن (عليه السلام)، فلمّا أن جاءهم وجدهم بالمجلس، علي حالتهم التي تركهم فيها، غير أنّ مروان قد حضر معهم في هذا الوقت فمشي الحسن (عليه السلام) حتّي جلس علي السرير مع معاوية، وعمرو ابن العاص، ثم قال الحسن (عليه السلام) لمعاوية: لم أرسلت إليّ؟ قال: لست انا أرسلت اليك، ولكنّ مروان الذي أرسل اليك.

فقال مروان: انت يا حسن السباب رجال قريش؟ فقال: وما الذي أردت؟ فقال: والله لأسبّنّك واباك وأهل بيتك سبّاً تغنّي به الإماء والعبيد، فقال الحسن بن عليٍّ عليهما السلام: أمّا أنت يا مروان، فلست أنا سببتك ولا سببت أباك، ولكنّ الله عزّ وجلّ لعنك ولعن أباك، وأهل بيتك وذرّيّتك، وما خرج من صلب ابيك إلي يومِ القيامة علي لسان نبيّه محمّد.

والله يا مروان: ما تنكر أنت ولا أحد ممّن

حضر هذه اللعنة من رسول الله لك ولأبيك من قبلك، وما زادك الله يا مروان بما خوّفك إلا طغياناً كبيراً، صدق الله وصدق رسوله، يقول: (والشجرة الملعونة في القرآن، ونخوّفهم فما يزيدهم إلاّ طغياناً كبيراً) [65] وأنت يا مروان وذرّيتك الشجرة الملعونة في القرآن عن رسول الله فوثب معاوية فوضع يده علي فم الحسن (عليه السلام) وقال: يا أبا محمّد ما كنت فحّاشاً، فنفض الحسن (عليه السلام) ثوبه، وقام وخرج، فتفرّق القوم عن المجلس بغيظ وحزنٍ وسواد الوجوه [66] .

الحسن ومناوئوه

حياة الإمام الحسن ج 2- ص 271 - 276.

واجتمع معاوية مع بطانته، فجعل بعضهم يفخر علي بعضٍ ويتطاول بالمآثر المكذوبة، فأراد معاوية أن يضحك عليهم فقال لهم: -

أكثرتم الفخر، فلو حضركم الحسن بن عليّ، وعبد الله بن عبّاسٍ لقصّرا من أعنّتكم ماطال.

فقال زياد لمعاوية:-

وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ ما يقومان لمروان بن الحكم في غرب منطقة، ولا لنا في بواذخنا، فابعث اليهما في غدٍ حتي تسمع كلامنا.

فالتفت معاوية إلي عمرو بن العاص مستشيراً.

ما تقول؟

فقال ابن العاص: إبعث إليهما غداً.

فلما كان من غدٍ بعث معاوية ابنه يزيد، إلي الإمام الحسن وعبد الله ابن عبّاس. فأتياه فلمّا استقر بهما المجلس، التفت اليهما معاوية، مبتدئاً:-

إني أجلّكما وأرفع قدركما عن المسامرة باللّيل، ولا سيّما أنت يا أبا محمّد، فإنك ابن رسول الله، وسيد شباب أهل الجنّة.

ثم قال ابن العاص:

يا حسن، إنّا قد تفاوضنا، فقلنا: إنّ رجال بني امية اصبر عند اللّقاء، وأمضي في الوغي، وأوفي عهداً، وأكرم خيماً، وامنع لما وراء ظهورهم، من بني عبد المطّلب.

ثم سكت. فقال مروان بن الحكم:

وكيف لا نكون كذلك، وقد قارعناكم

فغلبناكم، وحاربناكم فملكناكم فان شئنا عفونا وإن شئنا بطشنا.

ولما سكت مروان، تكلّم زياد فقال:

ما ينبغي لهم أن ينكروا الفضل لأهله، ويجحدوا الخير في سلطانه نحن أهل الحملة في الحروب، ولنا الفضل علي سائر النّاس قديماً وحديثاً.

فقال الإمام (عليه السلام):-

ليس من العجز أن يصمت الرجل عند إيراد الحجّة، ولكن من الإفك أن ينطق الرجل بالخنا، ويصوّر الباطل بصورة الحقّ.

ثم وجّه (عليه السلام) خطابه إلي عمرو بن العاص فقال له:-

يا عمرو، افتخاراً بالكذب، وجرأةً علي الإفك؟ مازلت أعرف مثالبك الخبيثة، أبديها مرةً وأمسك عنها أخري، فتأبي إلا انهماكاً في الضّلالة، أتذكر مصابيح الدّجي، واعلام الهدي، وفرسان الطّراد، وحتوف الأقران، وأبناء الطّعان، وربيع الضّيفان، ومعدن النّبوة، ومهبط العلم؟ وزعمتم أنّكم أحمي لما وراء ظهوركم، وقد تبيّن ذلك يوم بدرٍ حين نكصت الأبطال، وتساورت الأقران واقتحمت اللّيوث، واعتركت المنية، وقامت رحاها علي قطبها، وافترّت عن نابها، وطار شرار الحرب، فقتلنا رجالكم ومن النبيّ علي ذراريكم، فكنتم لعمري في ذلك اليوم غير مانعين لما وراء ظهوركم، من بني عبد المطلّب.

ثم التفت إلي مروان، فقال له:-

وأمّا انت يا مروان، فما أنت والإكثار في قريشٍ وانت طليق، وأبوك طريد، يتقلّب من خزايةٍ إلي سوأة، ولد جيء بك إلي أمير المؤمنين، فلمّا رأيت الضرغام قد دميت براثنه، واشتبكت انيابه، كنت كما قال القائل:-

ليث إذا سمع الليوث زئيره بصبصن ثم قذفن بالأبعار [67] .

فلمّا منّ عليك بالعفو، وأرخي خناقك بعد ما ضاق عليك، وغصصت بريقك، لم تقعد معنا مقعد أهل الشّكر، ولكن تساوينا وتجارينا [68] ونحن مما لا يدركنا عار ولا يلحقنا خزاية.

ثم وجّه (عليه السلام) خطابه إلي زيادٍ فقال له:-

وما أنت

يا زياد وقريشاً؟ لا أعرف لك فيها أديماً صحيحاً، ولا فرعاً نابتاً، ولا قديماً ثابتاً، ولا منبتاً كريماً، بل كانت امّك بغيّاً، تداولها رجال قريشٍ وفجّار العرب، فلمّا ولدت، لم تعرف لك العرب والداً، فادّعاك هذا - وأشار إلي معاوية - بعد ممات أبيه، مالك افتخار، تكفيك سميّة، ويكفينا رسول الله وأبي عليّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام): سيد المؤمنين، الذي لم يرتدّ علي عقبيه، وعمّي حمزة سيد الشّهداء، وجعفر الطيّار، وأنا وأخي سيّدا شباب أهل الجنّة.

ثمّ انعطف علي ابن عباسٍ قائلاً:-

يا ابن العمّ، إنما هي بغاث الطيّر انقضّ عليها أجدل.

وأراد ابن عبّاسٍ أن يتكلم، فخاف معاوية من حديثه، فأقسم عليه أن يسكت، فسكت.

ثم خرج الإمام وابن عباس، فالتفت معاوية إلي بطانته مستهزئاً بهم:

- أجاد عمرو الكلام لولا أنّ حجته دحضت، وتكلم مروان، لولا أنه نكص، ثم التفت إلي زياد، فأنكر عليه هذا التّدخّل قائلاً:-

ما دعاك إلي محاورته، ما كنت إلاّ كالحجل في كفّ البازي؟

فقال ابن العاص لمعاوية:-

_ ألا رميت من ورائنا؟

فردّ عليه معاوية:-

- إذاً كنت شريككم في الجهل، افاخر رجلاً رسول الله جدّه، وهو سيّد من مضي ومن بقي، وامّه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين.

ثم التفت إلي ابن العاص:-

- والله لئن سمع به أهل الشام لهي السّوءة السوآء.

فقال عمرو:-

- لقد أبقي عليك ولكنّه طحن مروان وزياداً طحن الرّحي بثفالها، ووطأهما وطء البازل القراد بمنسمه.

فقال زياد:-

- قد والله فعل، ولكنّ معاوية يأبي الا الإغراء بيننا وبينهم، لا جرم والله لا شهدت مجلساً يكونان فيه، إلا كنت معهما علي من فاخرهما.

وخلص ابن عبّاسٍ بالإمام، فقبّل ما بين عينيه وأظهر

الاعجاب بحديثه، وردّه علي القوم قائلاً:-

- أفديك يا بن العمّ، والله ما زال بحرك يزخر، وأنت تصول حتي شفيتني من أولاد البغايا.

الحسن ومناوئوه

(أ) المحاسن والمساويء للبيهقي ج 1 - ص 58 - 61.

(ب) المحاسن والأضداد للجاحظ، ص 92 - 94.

(ج) حياة الإمام الحسن ج 2 - ص 277 - 279.

دخل الإمام يوماً علي معاوية، وكان عنده عبد الله بن الزّبير، فقال له معاوية - مغرياً إياه بمطاولة الإمام:-

- لو افتخرت علي الحسن، فإنك ابن حواريّ رسول الله وابن عمّته، ولأبيك في الإسلام نصيب وافر.

فقال ابن الزبير:-

- أنا له.

حتي اذا استوي المجلس بالإمام انبري اليه ابن الزبير قائلاً:-

- لولا أنّك خوّار في الحرب غير مقدام، ما سلّمت لمعاوية الأمر، وكنت لا تحتاج إلي اختراق السّهوب، وقطع المفاوز، تطلب معروفه، وتقوم ببابه، وكنت حرياً أن لا تفعل ذلك، وأنت ابن عليّ في باسه ونجدته، فما أدري ما الذي حملك علي ذلك؟ أضعف في الرّأي، أم وهن ونحيزة، فما أظنّ لك مخرجاً من هاتين الخلّتين، أما والله لو استجمع لي ما استجمع لك، لعلمت: أني ابن الزّبير، وأني لا أنكص عن الأبطال وكيف لا أكون كذلك، وجدّتي صفية بنت عبد المطّلب، وأبي الزبير، من حواري رسول الله، وأشدّ الناس بأساً، وأكرمهم حسباً في الجاهلية وأطوعهم لرسول الله.

فقال له الإمام:-

- أما والله لولا أنّ بني أمية تنسبني إلي العجز عن المقال لكففت عنك تهاوناً، ولكن سأبيّن لك ذلك لتعلم: أني لست بالعيّ، ولا الكليل اللّسان، إيّاي تعيّر، وعليّ تفتخر، ولم يكن لجدّك بيت في الجاهليّة، ولا مكرمة، فزوجته جدّتي صفية بنت عبد المطّلب، فبذخ علي جميع العرب بها،

وشرف بمكانها، فكيف تفاخر من هو من القلادة واسطتها ومن الأشراف سادتها، نحن اكرم اهل الأرض زنداً، لنا الشرف الثاقب والكرم الغالب، ثم تزعم: اني سلّمت الأمر، فكيف يكون ذلك ويحك هكذا؟ وأنا ابن أشجع العرب، وقد ولدتني فاطمة سيدة نساء العالمين وخيرة الإماء، لم افعل ذلك ويحك جبناً ولا ضعفاً، ولكنه بايعني مثلك وهو يطلبني بترة، ويداجيني المودّة، ولم أثق بنصرته لأنكم اهل بيت غدر، وكيف لا يكون كما أقول؟ وقد بايع ابوك امير المؤمنين، ثم نكث بيعته، ونكص علي عقبيه، واختدع حشيّةً من حشايا رسول الله ليضلّ بها النّاس، فلما دلف نحو الأعنّة، وراي بريق الأسنّة، قتل مضيعة لا ناصر له، وأتي بك أسيراً، قد وطأتك الكماة بأظلافها، والخيل بسنابكها واعتلاك الأشتر، فغصصت بريقك، وأقعيت علي عقيبك كالكلب اذا احتوشه الليّوث، فنحن ويحك نور البلاد وأملاكها، وبنا تفخر الأمّة وإلينا تلقي مقاليد الأمة، أتصول وانت تختدع النّساء؟ ثم تفخر علي بني الأنبياء، لم تزل الاقاويل منّا مقبولة، وعليك وعلي ابيك مردودة، دخل الناس في دين جدّي طائعين وكارهين، ثم بايعوا امير المؤمنين، فسار إلي ابيك وطلحة، حين نكثا البيعة، وخوي عرس رسول الله، فقتل أبوك وطلحة، وأتي بك أسيراً، فبصبصت بذنبك، وناشدته الرّحم ان لا يقتلك فعفا عنك، فأنت عتاقة أبي، وأنا سيّدك وسيّد أبيك، فذق وبال أمرك).

فسكت ابن الزبير وخجل، فأردف الإمام:-

اعذر يا ابا محمّد، فإنما حملني علي محاورتك هذا - واشار إلي معاوية - فهلاّ إذ جهلت امسكت عنّي، فانكم اهل بيتٍ سجيتكم الحلم والعفو.

ثم التفت الإمام إلي معاوية قائلاً:-

أنظر هل أكيع عن محاورة أحد، ويحك أتدري من ايّ شجرةٍ أنا، وإلي من أنتمي؟ إنته قبل أن

أسمك بميسمٍ تتحدّث به الرّكبان في الآفاق والبلدان.

فقال ابن الزبير:

هو لذلك أهل.

فقال له معاوية:

أما إنه قد شفا بلابل صدري منك، ورمي مقتلك، فصرت كالحجل في كفّ البازي، يتلاعب به كيف أراد، فلا أراك تفتخر علي أحدٍ بعدها.

الحسن ومناوئوه

البحار ج 44 - ص 105 - 106 محمد باقر المجلسي.

قال مروان بن الحكم، للحسن بن عليٍّ عليهما السلام بين يدي معاوية:-

أسرع الشيب إلي شاربك يا حسن! ويقال إنّ ذلك من الخرق.

فقال (عليه السلام):-

ليس كما بلغك، ولكنّا معشر بني هاشمٍ طيّبة أفواهنا، عذبة شفاهنا، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهنّ، وانتم معشر بني أمية، فيكم بخر شديد، فنساؤكم يصرفن أفواهنّ وانفاسهنّ إلي أصداغكم، فإنما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك.

قال مروان:

أما إنّ فيكم يا بني هاشمٍ خصلة (سوء) [69] .

قال: وماهي؟

قال: الغلمة.

قال: أجل نزعت من نسائنا، ووضعت في رجالنا، ونزعت الغلمة من رجالكم، ووضعت في نسائكم، فما قام لأمويّةٍ إلا هاشميّ.

ثم خرج يقول:-

وم___ارست ه____ذا الدهر خمسين حجّةً

وخ____مساً أرجّ____ي ق____ابلاً ب____عد قابل

فما أنا في الدّن______يا بل_____غت جسيمها

ولا في الّ____ذي أه_____وي كدحت بطائل

فقد أشرعتني في المناي___ا أكفّها [70] .

وأي_____قنت أنّ___ي ره___ن م_وتٍ معاجل

الحسن و مناوئوه

(أ) البحار ج 44 - ص 102 - 103 محمد باقر المجلسي.

(ب) حياة الإمام الحسن ج 2- ص 281 - 283، عن مناقب بن شهر آشوب والعقد الفريد.

وتحدّث الإمام (عليه السلام) في مجلس معاوية، عن فضله وشرف نسبه وعلوّ منزلته، قائلاً:-

قد علمت قريش بأسرها: أنّي منها في عزّ أرومتها، لم أطبع علي ضعف، ولم أعكس علي خسف، أعرف بشبهي، وأدعي لأبي.

فاغتاظ ابن العاص وقال:-

قد علمت قريش: أنّك من أقلّها عقلاً، وأكثرها جهلاً، وانّ فيك خصالاً لولم يكن فيك إلا واحدة منهنّ لشملك خزيها كما شمل البياض الحالك، لعمرو الله لتنتهين عما أراك تصنع، أو لأكبسنّ لك حافةً

كجلد العائط، أرميك من خللها، بأحرّ من وقع الأثافي، أعرك منها اديمك عرك السّلعة، فإنّك طالما ركبت صعب المنحدر، ونزلت في اعراض الوعر، التماساً للفرقة وإرصاداً للفتنة، ولن يزيدك الله إلا فظاعة.

فردّ عليه الإمام قائلاً:-

أما والله لو كنت تسمو بحسبك، وتعمل برأيك، ما سلكت فجّ قصد، ولا حللت رابية مجد، وأيم الله لو أطاعني معاوية لجعلك بمنزلة العدوّ الكاشح، فإنّه طالما طويت علي هذا كشحك، وأخفيته في صدرك وطمع بك الرجاء إلي الغاية القصوي، التي لا يورق لها غصنك، ولا يخضرّ لها مرعاك، أما والله ليوشكنّ يابن العاص، أن تقع بين لحي ضرغامٍ من قريش، قويّ ممتنع، فروسٍ ذي لبد، يضغطك ضغط الرّحا للحب، لا ينجيك منه الرّوغان، إذا التقت حلقتا البطان.

فقال ابن العاص:-

- يا حسن، أزعمت أنّ الدين لا يقوم إلا بك وبأبيك؟ فلقد رأيت الله عز وجل أقامه بمعاوية، فجعله راسياً بعد ميله، وبيّناً بعد خفائه، أفرضي الله قتل عثمان؟ أم من الحقّ أن تدور بالبيت، كما يدور الجمل بالطّحين، عليك ثياب كغرقيء البيض، وأنت قاتل، عثمان؟ والله إنّه لا ألمّ للشّعث وأسهل للوعث، أن يوردك معاوية حياض أبيك.

فقال الإمام:-

- إنّ لأهل النّار علاماتٍ يعرفون بها وهي: الإلحاد لأولياء الله، والموالاة لأعداء الله، والله إنّك لتعلم أنّ عليّاً (عليه السلام) لم يتريّب في الأمر، ولم يشكّ في الله طرفة عين، وايم الله لتنتهينّ يابن امّ عمرو أو لأنفذنّ حضنيك، بنوافذ أشدّ من الأقضية، أو لأقرعنّ جبينك بكلام، تبقي سمته عليك ما حييت، فإياك والا براز عليّ، فإني من قد عرفت، لست بضعيف الغميزة، ولا بهشّ المشاشة، ولا بمريء المأكلة، واني من قريشٍ كواسطة القلادة، يعرف حسبي، ولا

أدعي لغير أبي وأنت تعلم ويعلم النّاس وتحاكمت فيك رجال قريش، فغلب عليك جزّارها: الأمهم حسباً وأظهرهم لؤماً، فإياك عني فإنك رجس، ونحن أهل بيت الطّهارة، أذهب الله عنّا الرّجس، وطهّرنا تطهيراً [71] .

فأفحم عمرو واكتأب.

الحسن ومناوئوه

(أ) المحاسن والمساويء للبيهقي ج 1- ص 63 - 65.

ودخل الإمام الحسن (عليه السلام) علي معاوية، فلمّا رآه قابله بحفاوة وتكريم، فاستاء مروان وقال له:-

- يا حسن، لولا حلم امير المؤمنين، وما قد بني له آباؤه الكرام من المجد والعلا، ما أقعدك هذا المقعد، ولقتلك، وأنت له مستوجب بقودك الجماهير، فلما أحسست بنا، وعلمت أن لا طاقة لك بفرسان أهل الشام، وصناديد بني أميّة، أذعنت بالطّاعة، واحتجزت بالبيعة، وبعثت تطلب الأمان، أما والله لولا ذلك لأريق دمك، وعلمت أنّا نعطي السيوف حقّها عند الوغي، فاحمد الله إذ ابتلاك بمعاوية، فعفا عنك بحكمه، ثم صنع بك ما تري!!.

فردّ عليه الإمام:-

ويحك يا مروان! لقد تقلّدت مقاليد العار في الحروب عند مشاهدتها والمخاذلة عند مخالطتها، نحن - هبلتك الهوابل!- لنا الحجج البوالغ، ولنا إن شكرتم عليكم النّعم السّوابغ، ندعوكم إلي النّجاة، وتدعوننا إلي النّار، فشتان ما بين المنزلتين، تفخر ببني امية، وتزعم أنهم صبر في الحروب، أسد عند اللّقاء، ثكلتك أمّك، اولئك البهاليل السّادة، والحماة الذّادة، والكرام القادة، بنو عبد المطّلب، أما الله لقد رأيتهم وجميع من في هذا البيت، ما هالتهم الأهوال، ولم يحيدوا عن الأبطال، كالليوث الضّارية الباسلة الحنقة، فعندها وليّت هارباً، وأخذت أسيراً، فقلدت قومك العار لأنك في الحروب خوّار، أيراق دمي زعمت؟!! أفلا أرقت دم من وثب علي عثمان في الدّار، فذبحه كما يذبح الجمل؟ وأنت تثغو ثغاء النّعجة!! وتنادي بالويل والثّبور، كالأمة

اللّكعاء، ألا دفعت عنه بيدٍ أو ناضلت عنه بسهم؟! لقد ارتعدت فرائصك!! وغشي بصرك، فاستغثت بي كما يستغيث العبد بربّه، فأنجيتك من القتل، ومنعتك منه، ثم تحثّ معاوية علي قتلي؟ ولو رام ذلك معك لذبح كما ذبح ابن عفّان، أنت معه اقصر يداً، وأضيق باعاً، وأجبن قلباً من أن تجسر علي ذلك، ثم تزعم أنّي ابتليت بحلم معاوية، أما والله لهو أعرف بشأنه، وأشكر لما وليّناه هذا الأمر، فمتي بداله، فلا يغضينّ جفنه علي القذي معك، فوالله لأعقبن أهل الشام بجيش، يضيق عنه فضاؤها، ويستأصل فرسانها ثم لا ينفعك عند ذلك الهرب والزّوغان، ولا يردّ عنك الطلب تدريجك الكلام، فنحن من لا يجهل آباؤنا القدماء الأكابر، وفروعنا السادة الأخيار، انطق إن كنت صادقاً.

فقال ابن العاص مستهزئاً بمروان:-

ينطق بالخنا، وتنطق بالصّدق. ثم أنشأ يقول:-

قد ي_____ضرط ال_عيروالمكواة تأخذه

لا يضرط الع_ير والمكواة في النّار

ذُق وبال أمرك يا مروان.

وصاح معاوية بمروان:-

قد كنت نهيتك عن هذا الرجل، وأنت تأبي إلاّ انهماكاً فيما لا يعنيك، اربع علي نفسك فليس أبوك كأبيه، ولا أنت مثله، أنت ابن الطريد الشريد، وهو ابن رسول الله الكريم، ولكن ربّ باحثٍ عن حتفه وحافرٍ عن مديته.

وانتفخت أوداج مروان غضباً وغيظاً، فاندفع نحو معاوية قائلاً:-

ارم من دون بيضتك، وقم بحجّة عشيرتك.

ثم التفت إلي ابن العاص:-

وطعنك أبوه، فوقيت نفسك بخصييك، فلذلك تحذره.

ثم قام وخرج حنقاً، فقال معاوية:-

لا تجار البحور فتغمرك، ولا الجبال فتبهرك.

الحسن ومناوئوه

(أ) البحار ج 44 ص 93 - 95، محمد باقر المجلسي.

(ب) الاحتجاج للطبرسي.

وفد الحسن بن عليٍّ عليهما السلام علي معاوية، فحضر مجلسه واذا عنده مروان بن الحكم،

والمغيرة بن شعبة، والوليد بن عقبة، وعتبة بن أبي سفيان، ففخر كلّ رجلٍ منهم علي بني هاشم فوضعوا منهم، وذكروا أشياء ساءت الحسن (عليه السلام) وبلغت منه، فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام:-

أنا شعبة من خير الشّعب، آبائي أكرم العرب، لنا الفخر والنّسب والسماحة عند الحسب، من خير شجرةٍ أنبتت فروعاً نامية، وأثماراً زاكية وأبداناً قائمة، فيها أصل الإسلام، وعلم النبوّة، فعلونا حين شمخ بنا الفخر واستطلنا حين امتنع منا العز، بحور زاخرة لا تنزف، وجبال شامخة لا تقهر.

فقال مروان:-

مدحت نفسك، وشمخت بأنفك، هيهات يا حسن، نحن والله الملوك السّادة، والأعزة القادة، لا ننحجز [72] فليس لك مثل عزّنا، ولا فخر كفخرنا. ثم أنشأ يقول:-

ستف____نينا أن__فساً طابت وقورا

فنال_____ت ع____زّها ف___يمن يلينا

وأب____نا ب___الغنيمة حي____ث أبنا

وأبنا ب_____الملوك م_____قرّب____ينا

ثم تكلم المغيرة بن شعبة فقال:-

نصحت لأبيك فلم يقبل النّصح، لولا كراهية قطع القرابة، لكنت في جملة أهل الشّام، فكان يعلم أبوك أني أصدر الوراد عن مناهلها بزعارة قيس، وحلم ثقيفٍ وتجاربها للامور علي القبائل.

فتكلّم الحسن (عليه السلام) فقال:-

يا مروان أجبناً وخوراً، وضعفاً وعجزاً؟ أتزعم أني مدحت نفسي وأنا ابن رسول الله وشمخت بأنفي، وأنا سيّد شباب أهل الجنّة؟ وإنّما يبذخ ويتكبّر ويلك - من يريد رفع نفسه، ويتبجّح من يريد الإستطالة، فأما نحن فأهل بيت الرّحمة، ومعدن الكرامة، وموضع الخيرة، وكنز الإيمان، ورمح الإسلام، وسيف الدّين، ألا تصمت ثكلتك أمّك، قبل أن أرميك بالهوائل، وأسمك بميسمٍ تستغني به عن اسمك.

فأمّا إيابك بالنّهاب والملوك، أفي اليوم الّذي ولّيت فيه مهزوماً وانحجزت مذعوراً، فكانت غنيمتك هزيمتك، وغدرك بطلحة حين غدرت به فقتلته، قبحاً لك،

ما أغلظ جلدة وجهك!

فنكس مروان رأسه، وبقي المغيرة مبهوتاً، فالتفت إليه الحسن (عليه السلام) فقالك-

[يا] أعور ثقيف! ما أنت من قريشٍ فأفاخرك، أجهلتني يا ويحك وأنا ابن خير الآباء، وسيدة النّساء، غذّانا رسول الله بعلم الله تبارك وتعالي، فعلّمنا تأويل القرآن ومشكلات الأحكام، لنا العزة الغلباء، والكلمة العلياء، والفخر والسناء، وأنت من قومٍ لم يثبت لهم في الجاهلية، نسب، ولا لهم في الإسلام نصيب، عبد آبق ماله والافتخار عند مصادمة الليّوث، ومجاحشة، الأقران، نحن السّادة، ونحن المذاويد القادة، نحمي الذّمار، وننفي عن ساحتنا العار، وانا ابن نجيبات الأبكار.

ثمّ أشرت - زعمت بخير وصيّ خير الأنبياء؟ كان هو بعجزك أبصر، وبخورك أعلم، وكنت للردّ عليك منه أهلاً، لو غرّك في صدرك وبدو الغدر في عينك، هيهات لم يكن ليتّخذا المضلّين عضداً [73] وزعمت لو أنّك كنت بصفّين بزعارة قيس، وحلم ثقيف، فيماذا ثكلتك أمّك! أبعجزٍ عند المقامات، وفرارك عند المجاحشات؟ أما والله لو التفّت عليك من أمير المؤمنين الأشاجع، لعلمت أنه لا يمنعه منك الموانع، ولقامت عليك المرنات الهوالع.

وأمّا زعارة قيس، فما أنت وقيساً؟ إنما أنت عبد آبق، فتسمّي ثقيفاً [74] فاحتل لنفسك من غيرها، فلست من رجالها، أنت بمعالجة الشّرك، وموالج الزرائب، أعرف منك بالحروب، فأيّ الحلم عند العبيد القيون.

ثم تمنّيت لقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فذاك من قد عرفت، أسد باسل، وسمّ قاتل، لا تقاومه الأبالسة، عند الطّعن والمخالسة، فكيف ترومه الضّبعان، وتناوله الجعلان بمشيتها القهقري، وأمّا وصلتك فمنكولة [75] وقرابتك فمجهولة، وما رحمك منه، إلا كنبات الماء من خشفان الظبّا، بل أنت أبعد منه نسبئاً.

فوثب المغيرة، والحسن (عليه السلام) يقول:-

عذرنا من بني أميّة أن تجاورنا بعد

مناطقة القيون، ومفاخرة العبيد.

فقال معاوية:-

ارجع يا مغيرة! هؤلاء بنو عبد مناف، لا تقاومهم الصّناديد، ولا تفاخرهم المذاويد.

ثم أقسم علي الحسن (عليه السلام) بالسكوت، فسكت.

الحسن علي لسانه

تحف العقول

بعد ما انتهي الصلح بين الإمام الحسن ومعاوية، كان الإمام - ذات يومٍ - جالساً في مجلس معاوية، فقال له: يا حسن! اصعد المنبر واذكر فضلنا، فصعد الإمام المنبر، فحمد الله وأثني عليه، وصلّي علي النبيّ محمد وآله، ثم قال:-

من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن رسول الله، أنا ابن البشير النّذير، أنا ابن المصطفي بالرسالة، أنا ابن من صلّت عليه الملائكة، أنا ابن من شرفت به الأمّة، ابن من كان جبرئيل السفير من الله إليه، أنا ابن من بعث رحمةً للعالمين (صلي الله عليه وآله أجمعين).

فلم يقدر معاوية، أن يكتم عداوته وحسده، فقال: يا حسن عليك بالرّطب فانعته لنا. قال: نعم يا معاوية، الريح تلقحه، والشمس تنفخه، والقمر يلوّنه، والحرّ ينضجه، والليل يبرده.

ثم أقبل علي منطقه فقال: أنا ابن المستجاب الدّعوة، أنا ابن من كان من ربّه كقاب قوسين أو أدني، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن مكّة ومني، أنا ابن من خضعت له قريش رغماً، أنا ابن من سعد تابعه وشقي خاذله، أنا ابن من جعلت الأرض له طهوراً ومسجدا، أنا ابن من كانت أخبار السماء إليه تتري، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا. فقال معاوية: أظنّ نفسك يا حسن تنازعك إلي الخلافة؟ فقال: ويلك يا معاوية! إنّما الخليفة من سار بسيرة رسول الله وعمل بطاعة الله، ولعمري إنّا لأعلام الهدي ومنار التّقي، ولكنك يا معاوية ممّن أباد السّنن وأحيا البدع، واتّخذ عباد الله خولا،

ودين الله لعباً، فكان قد أخمل ما أنت فيه فعشت يسيراً وبقيت عليك تبعاته.

يا معاوية، والله لقد خلق الله مدينتين، إحداهما بالمشرق والأخري بالمغرب أسماهما: جابلقا وجابلسا، مابعث الله إليهما أحداً غير جدّي رسول الله.

فقال معاوية: يا أبا محمّدٍ أخبرنا عن ليلة القدر. قال: نعم عن مثل هذا فاسأل، إنّ الله خلق السماوات سبعاً والأرضين سبعاً، والجنّ من سبع، والانس من سبع، فتطلب من ليلة ثلاثٍ وعشرين إلي ليلة سبعٍ وعشرين، ثم نهض (عليه السلام) من المنبر فنزل.

الحق أبلج

مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 - ص 125. الإمام الحسن - م (11).

إنّ معاوية قصد يثرب، فلمّا انتهي إليها رأي حفاوة الناس بالإمام الحسن، وإكبارهم له، فساءه ذلك، فاستدعي أبا الأسود الدّؤلي والضّحّاك ابن قيسٍ الفهري، ولما مثلا عنده، استشارهما في أمر الحسن، وان يوصمه بشيءٍ ينقصه في أعين النّاس، فأشار عليه أبو الأسود بالتّرك قائلاً:-

رأي أمير المؤمنين أفضل، وأري ألاّ يفعل، فإنّ أمير المؤمنين لن يقول فيه قولاً إلا أنزله سامعوه منه به حسداً، ورفعوا به صعداً، والحسن يا أمير المؤمنين معتدل شبابه، احضر ماهو كائن جوابه، فأخاف أن يردّ عليك كلامك بنوافذ تردع سهامك، فيقرع بذلك ظنبوبك، ويبدي به عيوبك، فإذن كلامك فيه صار له فضلاً وعليك كلاّ، إلا أن تكون تعرف له عيباً في أدب، أو وقيعةً في حسب، وإنّه لهو المهذّب، قد أصبح من صريح العرب، في عزّ لبابها وكريم محتدها، وطيب عنصرها فلا تفعل يا أمير المؤمنين.

ولكنّ الضّحّاك بن قيس أشار علي معاوية بالوقيعة فيه قائلاً:-

امض يا أمير المؤمنين فيه برأيك، ولا تنصرف عنه بدائك، فإنّك لو رميته بقوارص كلامك ومحكم جوابك، لذلّ لك كما يذلّ

البعير الشّارف من الإبل.

واستصوب معاوية رأي الضحّاك، فلما كان يوم الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي نبيّه، ثم ذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام)، فانتقصه وكان ممّا قال:-

أيّها النّاس، إنّ صبيةً من قريشٍ ذوي سفهٍ وطيش، وتكدّرٍ من عيش، أتعبتهم المقادير، فاتخذ الشيطان رؤوسهم مقاعد، وألسنتهم مبارد، فباض وفرّخ في صدورهم، ودرج في نحورهم، فركب بهم الزّلل، وزيّن لهم الخطل، وأعمي عليهم السّبل، وأرشدهم إلي البغي والعدوان، والزّور والبهتان، فهم له شركاء وهو لهم قرين (ومن يكن الشّيطان له قريناً فساء قرينا) وكفي لهم مؤدّباً، والمستعان الله.

فوثب إليه الإمام الحسن (عليه السلام) قائلاً:-

أيّها النّاس!

من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب، أنا ابن نبيّ الله، أنا ابن من جعلت له الارض مسجداً وطهورا أنا ابن السّراج المنير، أنا ابن البشير النّذير، أنا ابن خاتم النّبيين وسيّد المرسلين، وإمام المتّقين، ورسول ربّ العالمين. أنا ابن من بعث رحمةً للعالمين.

وشقّ علي معاوية كلام الإمام، فأراد أن يقطعه فقال له: يا حسن عليك بصفة الرّطب. فقال (عليه السلام):-

الريح تلقحه، والحرّ ينضجه، والليل يبرده ويطيبه علي رغم أنفك يا معاوية.

ثم استرسل (عليه السلام) في كلامه فقال:-

أنا ابن مستجاب الدّعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أوّل من ينفض رأسه من التّراب، ويقرع باب الجنّة، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبيٍّ قبله، أنا ابن من نصر الأحزاب، أنا ابن من ذلّت له قريش رغماً.

وغضب معاوية فصاح:-

أما إنك تحدّث نفسك بالخلافة.

فأجابه الإمام (عليه السلام):-

امّا الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنّة نبيه، وليست

الخلافة لمن خالف كتاب الله وعطّل السّنّة، إنما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكاً فتمتّع به، وكأنه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه.

وراوغ معاوية فقال:-

ما في قريشٍ رجل إلاّ ولنا عنده نعم جزيلة ويد جميلة.

فردّعليه الإمام قائلاً:-

بلي، من تعزّزت به بعد الذّلّة، وتكثّرت به بعد القلّة.

فقال معاوية:-

من اولئك يا حسن؟

وردّ عليه الإمام:-

من يُلهيك عن معرفتهم.

ثم استمرّ (عليه السلام) في كلامه:-

أنا ابن من ساد قريشاً شاباً وكهلا، أنا ابن من ساد الوري كرماً ونبلاً، أنا ابن من ساد أهل الدّنيا بالجود الصّادق، والفرع الباسق والفضل السّابق، أنا ابن من رضاه رضي الله وسخطه سخطه، فهل لك أن تساميه يا معاوية؟

فقال معاوية: أقول لا، تصديقاً لقولك.

فقال الحسن: الحقّ أبلج والباطل لجلج، ولم يندم من ركب الحقّ وقد خاف من ركب الباطل، (والحقّ يعرفه ذوو الألباب).

فقال معاوية علي عادته من المراوغة: لا مرحباً بمن ساءك [76] !

نحن المغبوطون

مناقب ابن شهر آشوب ج/3- ص/199 - 200 عبد الملك بن عمير والحاكم، والعباس: انهم قالوا:.

خطب الحسن عائشة بنت عثمان. فقال مروان: أزوّجها عبد الله ابن الزّبير، ثم إنّ معاوية كتب إلي مروان، وهو عامله علي الحجاز يأمره أن يخطب أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفرٍ لابنه يزيد. فأبي عبد الله بن جعفر، فأخبره بذلك فقال عبد الله: إنّ أمرها ليس إليّ إنما هو إلي سيّدنا الحسن، وهو خالها، فأخبر الحسن بذلك فقال: أستخير الله تعالي: اللهم وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد، فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله أقبل مروان حتي جلس إلي الحسن (عليه السلام)، وعنده من الجلّة وقال: إنّ أمير المؤمنين معاوية،

أمرني أن أخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر، ليزيد بن معاوية، وان أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيّين، مع قضاء دينه، واعلم انّ من يغبطكم بيزيد اكثر مّمن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمّهر يزيد، وهو كفو من لاكفو له، وبوجهه يستسقي الغمام، فردّ خيراً يا أبا محمّد. فقال الحسن (عليه السلام):

الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا علي خلقه.. يا مروان قد قلت فسمعنا، أما قولك: مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول الله في بناته ونسائه وأهل بيته: وهو اثنتا عشرة أوقيةً يكون أربعمائة وثمانين درهماً.

وأما قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتي كان نساؤنا يقضين عنّا ديوننا.

وأما صلح ما بيه هذين الحيّين، فإنّا قوم عادينا كم لله وفي الله، ولم نكن نصالحكم للدّنيا، فلعمري فلقد أعيي النسب فكيف السّبب.

وأمّا قولك: العجب ليزيد كيف يستمهر؟ فقد استمهر من هوخير من يزيد، ومن أب يزيد، ومن جدّ يزيد.

وأمّا قولك: إن يزيد كفو من لا كفو له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم، مازادته إمارته في الكفاية شيئاً.

وأمّا قولك: بوجهه يستسقي الغمام، فإنّما كان ذلك بوجه رسول الله.

وأمّا قولك: من يغبطنا به اكثر ممّن يغبطه بنا، فإنّما يغبط به أهل الجهل ويغبطه بنا أهل العقل. ثم قال بعد كلام: فاشهدوا جميعاً أني قد زوّجت أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفرٍ من ابن عمّها القاسم بن محمّد بن جعفرٍ علي أربعمائة وثمانين درهماً، وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة، أو قال: أرضي بالعقيق وإنّ غلّتها في السّنة ثمانية آلاف دينار، ففيها لهما غني إن

شاء الله.

فتغيّر وجه مروان وقال: أغدراً يا بني هاشمٍ تأبون إلا العداوة.

فذكّره الحسين خطبة الحسن عائشة وفعله. ثم قال" فأين موضع الغدر يامروان؟

فقال مروان:

أردن____ا ص_____هركم لن____جدّ ودّاً

قد اخل____قه ب___ه حدث الزّمان

ف_____لمّا جئ____تكم فجب____هتموني

وبح____تم بالضمير من الشّنان

فأجابه ذكوان مولي بني هاشم:

أم___اط الله م____نهم ك__لّ رجسٍ

وط____هّرهم بذلك ف___ي المثاني

ف____ما له____م س_واهم من نظيرٍ

ولا ك____فؤ ه____ناك ولا م__داني

أيج____عل ك____لّ ج____بارٍ عن____يدٍ

إلي الأخ____يار م_ن أهل الجنان

لشد ما علوت به

روضة الواعظين لأبي عليّ النيسابوريّ.

دخل الإمام الحسن يوماً علي معاوية، فقال له:

يا حسن! أخير منك!!.

فقال الإمام:

وكيف ذاك يا بن هند؟

فقال معاوية:

لأنّ الناس قد أجمعوا عليّ، ولم يجمعوا عليك..

فقال الإمام:

هيهات: الشرّ ما علوت به يابن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان، بين مطيعٍ ومكره، فالطائع لك عاصٍ لله، والمكره معذور بكتاب الله، وحاشا الله أن اقول: أنا خير منك لأنّك لا خير فيك، فان الله قد برّأني من الرّذائل، كما برّأك من الفضائل.

ملكنا و ملككم

مناقب آل أبي طالب ج 4 - ص 8، عن اسماعيل بن أبان باسناده..

إنّ الحسن بن عليٍّ عليهما السلام مرّ في مسجد رسول الله بحلقةٍ فيها قوم من بني أميّة، فتغامزوا به، وذلك عندما تغلّب معاوية علي ظاهر أمره، فرآهم وتغامزهم به، فصلّي ركعتين ثم قال: (قد رأيت تغامزكم، أما والله لا تملكون يوماً إلا ملكنا يومين، ولا شهراً إلا ملكنا شهرين، ولا سنةً إلا ملكنا سنتين، وإنّا لنأكل في سلطانكم، ونشرب ونلبس وننكح ونركب، وأنتم لا تأكلون في سلطاننا ولا تشربون ولا تنكحون).

فقال له رجل: فكيف يكون ذلك يا أبا محمّد؟ وأنتم أجود الناس وأرأفهم وارحمهم، تأمنون في سلطان القوم، ولا يأمنون في سلطانكم؟

فقال: لأنّهم عادونا بكيد الشّيطان، وكيد الشّيطان ضعيف، وعاديناهم بكيد الله، وكيد الله شديد.

ران علي قلوبهم

لقي الإمام الحسن (عليه السلام) حبيب بن سلمة الفهريّ في الطّواف - وكان من أتباع معاوية - فقال له الإمام: يا حبيب! ربّ مسيرٍ لك في غيرطاعة الله، فقال حبيب مستهزئاً به: أمّا مسيري من أبيك فليس من ذلك، فقال له الإمام: بلي والله، ولكنّك أطعت معاوية علي دنيا قليلةٍ زائلة، فلئن قام بك في دنياك (ف_) لقد قعد بك في آخرتك، ولو كنت إذ فعلت قلت خيراً، كان ذلك كما قال الله تعالي: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً) [77] .

ولكنّك، كما قال الله سبحانه: (كلاّ بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون [78] ).

ابليس شارك أباك

كتاب الشيرازي: روي سفيان الثوري، عن واصل، عن الحسن:..

عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالي: (وشاركهم في الأموالٍ والأوّلاد) [79] أنّه جلس الحسن بن عليّ، ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان الرّطب، فقال يزيد: يا حسن! اني مذكنت أبغضك، قال الحسن:

اعلم يا يزيد! أنّ إبليس شارك أباك في جماعة، فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي، لأنّ الله تعالي يقول: (وشاركهم في الأموال والأولاد)، وشارك الشيطان حرباً عند جماعة، فولد له صخر، فلذلك كان يبغض جدّي رسول الله.

بل اراد الغدر

عيون الاخبار لابن قتيبة ج/1-ص/ 196.

قال معاوية ذات يوم: لا ينبغي ان يكون الهاشميّ غير جواد، ولا الأمويّ غير حليم، ولا الزّبيريّ غير شجاع، ولا المخزوميّ غير تيّاه. ونقل كلامه إلي الإمام الحسن (عليه السلام) فقال:-

قاتله الله! أراد ان يجود بنو هاشمٍ فينفذ ما بأيديهم، ويحلم بنو أمية فيتحبّبوا إلي النّاس، ويتشجّع إلي الزبير فيفنوا، ويتيه بنو مخزومٍ فيبغضهم النّاس.

الشاتم عليا

أعيان الشيعة ج 4- ق 1- ص 28 قاله (عليه السلام) لمعاوية بن خديج عندما رآه خارجاً من دار عمرو بن حريث.

انت الشاتم علياً عند آكلة الأكباد؟ أما والله لئن وردت الحوض ولا ترده، لترينّه مشمّراً عن ساقيه، حاسراً عن ذراعيه، يذود عنه المنافقين.

انا ابن النبي

المناقب لابن شهر آشوب ج 4 - ص 12 عن المنهال بن عمرو: ان معاوية سأل الحسن (عليه السلام) أن يصعد المنبر وينتسب، فصعد فحمد الله واثني عليه، ثم قال:..

ايها النّاس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فسأبيّن له نفسي، بلدي مكّة ومني، وانا ابن المروة والصّفا، وانا ابن النّبيّ المصطفي، وانا ابن من علا الجبال الروّاسي، وأنا ابن من كسا محاسن وجهه الحّياء، أنا ابن فاطمة سيّدة النّساء، انا ابن قليلات العيوب نقيّات الجيوب.

واذّن المؤذّن فقال: اشهد أن لا إله إلا الله، اشهد أنّ محمداً رسول الله، فقال لمعاوية:

محمد أبي أم أبوك؟ فان قلت ليس بأبي فقد كفرت، وإن قلت نعم فقد أقررت، ثم قال:

أصبحت قريش تفتخر علي العرب بأن محمّداً منها، وأصبحت العرب تفتخر علي العجم بأنّ محمداً منها، وأصبحت العجم تعرف حقّ العرب بأنّ محمّداً منها، يطلبون حقّنا، ولا يردّون إلينا حقّنا.

وصايا

لا تهرق محجمة دم

ناسخ التواريخ، ولما دنت الوفاة من الإمام الحسن استدعي أخاه الحسين فقال له: (اكتب يا أخي) واملي عليه هذه الوصية:..

هذا ما أوصي به الحسن بن عليّ إلي أخيه الحسين بن علي، أوصي أنه: يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّه يعبده حقّ عبادته، لا شريك له في الملك، ولا وليّ له من الذلّ، وأنه خلق كلّ شيء، فقدّره تقديراً، وأنه أولي من عبد، وأحقّ من حمد، من أطاعه رشد، ومن عصاه غوي، ومن تاب إليه اهتدي، فإني أوصيك ياحسين بمن خلّفت من أهلي وولدي وأهل بيتك: أن تصفح عن سيئهم، وتقبل من محسنهم وتكون لهم خلفاً ووالداً.

وأن تدفنّي مع رسول الله فإني أحقّ به، وببيته ممّن أدخل بيته بغير

إذنه، ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله فيما أنزله علي نبيّه في كتابه (يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلا أن يؤذن لكم) فو الله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرّف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة، فأنشدك بالله وبالقرابة التي قرّب الله عزّ وجلّ منك، والرحم الماسّة من رسول الله: أن لا تهريق في محجمةٍ من دم، حتّي نلقي رسول الله، فنختصم اليه، ونخبره بما كان من الناس إلينا من بعده.

اصرفني الي امي

اختلفت كتب التاريخ والحديث في نص وصية الإمام الحسن اختلافاً في النص مع اتفاقها علي الهدف، فأثبتنا هذه النصوص الثلاثة، لاحتمال ان يكون الإمام قد كرر وصيته بالفاظ مختلفة، للتأكيد علي منع اراقة الدماء حول جثمانه.

يا أخي! إني أوصيك بوصيةٍ فاحفظها، فاذا أنا متّ فهيّئني، ثم وجّهني إلي رسول الله، لأجدّد به عهداً ثم اصرفني إلي أمّي فاطمة، ثمّ ردّني، فادفنّي بالبق___يع، واعلم: أنه سيصب__ني من الح____مراء ما يعلم النّاس صنيعها، وعداوتها لله ولرسوله، وعداوتها لنا أهل البيت [80] .

يا أخي! إنّ هذه آخر ثلاث مرّاتٍ سقيت فيها السمّ، ولم أسقه مثل مرّتي هذه، وأنا ميّت من يومي، فإذا أنا متّ فادفنّي مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلّم، فما أحد أولي بقربه مني، إلا أن تمنع من ذلك فلا تسفك فيه محجمة دم [81] .

يا أخي! إذا انا متّ، فغسّلني وحنّطني وكفّنّي، واحملني إلي جدّي صلي الله عليه وآله، حتّي تلحدني إلي جانبه، فان منعت من ذلك، فبحقّ جدّك رسول الله، وأبيك امير المؤمنين، وامّك فاطمة

الزّهراء: ان لا تخاصم أحداً، واردد جنازتي من فورك إلي البقيع، حتي تدفنّي مع أمّي [82] .

الحسين امامك بعدي

(ا): - أعلام الوري -

(ب):- الكافي ج 1 - ص 301 - 302 مع اختلاف يسير في النص:..

لمّا حضرت الحسن الوفاة قال: (يا قنبر: انظر هل تري وراء بابك مؤمناً من غير آل محمّد)، فقال: (الله ورسوله وابن رسوله أعلم)، قال: (امض فادع لي محمّد بن عليّ)، قال: فأتيته، فلما دخلت عليه قال: (هل حدث إلاّ خير؟) قلت: (أجب أبا محمّد)، فعجّل عن شسع نعله فلم يسوّه، فخرج معي يعدو.

فلمّا قام بين يديه سلّم، فقال له الحسن: (اجلس فليس يغيب مثلك عن سماع كلامٍ يحيا به الأموات، ويموت به الأحياء، كونوا أوعية العلم ومصابيح الدّجي، فإن ضوء النهار بعضه اضوأ من بعض، أما علمت أن الله عزّ وجلّ جعل ولد ابراهيم أئمةً وفضّل بعضهم علي بعض، وآتي داود زبوراً، وقد علمت بما استأثر الله محمداً صلي الله عليه وآله.

يا محمد بن عليّ! إنّي لا أخاف عليك الحسد، وإنما وصف الله تعالي به الكافرين فقال: (كفّاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحقّ) [83] ولم يجعل الله للشيطان عليك سلطاناً.

يا محمّد بن عليّ، ألا أخبرك بما سمعت من أبيك (عليه السلام) فيك؟ قال: بلي.

قال: سمعت أباك يقول يوم البصرة: من أحبّ أن يبرّني في الدنيا والآخرة قليبرّ محمداً.

يا محمد بن عليّ! لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك.

يا محمد بن عليّ! أما علمت: أن الحسين بن عليٍّ بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي، إمام من بعدي، وعند الله في الكتاب الماضي، وراثة النبيّ أصابها في

وراثة أبيه وأمه، علم الله أنّكم خير خلقه، فاصطفي منكم محمّداً واختار محمد عليّاً، واختارني عليّ للإمامة، واخترت أنا الحسين.

فقال له محمد بن علي: أنت إمامي (وسيدي) [84] ، وأنت وسيلتي إلي محمّد، والله لوددت أنّ نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام. ألا وإن في رأسي كلاماً لا تنزفه الدّلاء، ولا تغيّره بعد الريّاح [85] كالكتاب المعجم، في الرقّ المنمنم، أهمّ بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل، وما جاءت به الرّسل، وانه لكلام يكلّ به لسان الناطق، ويد الكاتب [86] ولا يبلغ فضلك، وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله، الحسين أعلمنا علماً، وأثقلناحلماً، أقربنا من رسول الله رحما، كان إماماً قبل أن يخلق، وقرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم الله أنّ أحداً خير منّا [87] ما اصطفي محمّداً صلي الله عليه وآله، فلمّا اختار محمّداً واختار محمّد عليّاً إماماً، واختارك عليّ بعده، واخترت الحسين بعدك، سلّمنا ورضينا بمن هو الرّضا، وبمن نسلم به من المشكلات.

الحسين خليفة بعدي

معالي السبطين ص 47.

أوصيك يا أخي باهلي وولدي خيراً، واتبع ما أوصي به جدّك وابوك وامّك عليهم أفضل الصلوات والسّلام.

يا أخاه لا تحزن عليّ فإن مصابك اعظم من مصيبتي ورزءك اعظم من رزئي. فإنّك تقتل - يا ابا عبد الله الحسين - بشطّ الفرات بأرض كربلا عطشاناً لهيفاً وحيداً فريداً مذبوحاً يعلو صدرك أشقي الأمّة، ويحمحم فرسك ويقول في تحمحمه: الظليمة الظليمة من امّةٍ قتلت ابن بنت نبيّها، وتسبي حريمك وييتّم اطفالك، ويسيّرون حريمك علي الأقتاب بغير وطاءٍ ولا فراش، ويحمل رأسك يا أخي علي رأس القنا، بعد أن تقتل ويقتل انصارك، فياليتني كنت عندك أذبّ عنك كما يذبّ عنك أنصارك

بقتل الأعداء، ولكنّ هذا الأمر يكون وانت وحيد لا ناصر لك منا، ولكن لكلّ أجلٍ كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب، فعليك يا أخي بالصبر علي البلاء حتّي تلحق بنا، ثم التفت إلي الحاضرين فقال:-

ايها الحاضرون، اسمعوا وانصتوا ما اقول لكم الآن، هذا الحسين أخي إمام بعدي فلا إمام غيره، ألا فليبلّغ الحاضر الغائب، والوالد الولد، والحرّ والعبد والذكر والانثي، وهو خليفتي عليكم لا أحد يخالفه منكم، فمن خالفه كفر وأدخله الله النّار وبئس القرار، ونحن ريحانتا رسول الله وسيّدا شباب الله الجنّة، فلعن الله من يتقدّم أو يقدّم علينا أحداً فيعذبه الله عذاباً أليما، وإنّي ناصّ عليه كما نصّ رسول الله صلي الله عليه وآله علي امير المؤمنين (عليه السلام)، وكما نصّ أبي عليّ، وهو الخليفة بعدي من الله ومن رسوله.

حفظكم الله، أستودعكم الله، الله خليفتي عليكم وكفي به خليفة، وإنّي منصرف عنكم ولا حق بجدّي وابي وأمي وأعمامي ثم قال:

عليكم السلام يا ملائكة ربّي ورحمة الله وبركاته.

لا تترك الجهاد

كتب الإمام الحسن عوذة لنجله (قاسم) وشدها في عضده ثم قال له: (اذا أصابك ألم وهم، فعليك بحل العوذة وقراءتها، فافهم معناها واعمل بكل ما تراه مكتوباً فيها) وحل القاسم بن الحسن العوذة يوم عاشوراء فاذا فيها:..

يا ولدي يا قاسم! أوصيك: أنك إذا رايت عمّك الحسين في كربلاء وقد أحاطت به الأعداء، فلا تترك البراز والجهاد، لأعداء الله وأعداء رسوله، ولا تبخل عليه بروحك، وكلّما نهاك عن البراز، عاوده ليأذن لك في البراز، لتحظي في السعادة الأبديّة.

متفرقات

ما خفي عليك شيء

البحار - ج 43 - ص 333: حدث أبو يعقوب يوسف بن الجراح، عن رجاله، عن حذيفة بن اليمان:..

قال حذيقة بن اليمان: بينما كان رسول الله صلّي الله عليه وآله في جماعةٍ من أصحابه، إذ اقبل اليه الحسن، فأخذ النبيّ في مدحه، فما قطع رسول الله صلّي الله عليه وآله كلامه، حتّي اقبل إلينا أعرابيّ يجرّ هراوةً له، فلما نظر رسول الله صلّي الله عليه وآله اليه قال:

(قد جاءكم رجل يكلمكم بكلامٍ غليظ، تقشعرّ منه جلودكم، وإنّه يسألكم من أمور، إنّ لكلامه جفوة).

فجاء الأعرابيّ فلم يسلّم وقال: أيّكم محمّد؟.

قلنا: ما تريد؟.

قال رسول الله صلّي الله عليه وآله: (مهلاً).

فقال: يا محمّد لقد كنت أبغضك ولم أرك، والآن فقد ازددت لك بغضاً.

فتبسّم رسول الله صلّي الله عليه وآله، وغضبنا لذلك، وأردنا بالأعرابيّ إرادة، فأومأ إلينا رسول الله أن: (اسكتوا).

فقال الأعرابيّ: يا محمّد: إنّك تزعم: أنك نبيّ، وأنّك قد كذبت علي الأنبياء، وما معك من برهانك شيء.

قال له: (وما يدريك؟).

قال: فخبّرني ببرهانك.

قال: (إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أو كد لبرهاني).

قال: أو يتكلّم العضو؟

قال: (نعم،

يا حسن قم!).

فازدري الأعرابيّ نفسه [88] وقال: هو ما يأتي، ويقيم صبيّاً ليكلّمني.

قال: (إنك ستجده عالماً بما تريد).

فابتدره الحسن (عليه السلام) وقال: مهلاً يا أعرابيّ.

م______ا غبيّاً س___ألت وابن غبيّ

بل فقيهاً إذن وأن_____ت الجهول

ف___إن ت__ك قد جهلت فإن عندي

شفاء الج__هل ما سأل السّؤول

وب____حراً لا ت____قسمه ال__دّوالي

تراث____اً ك_____ان أورثه الرسول

لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعت نفسك، غير أنك لا تبرح حتّي تؤمن إن شاء الله.

فتبسّم الأعرابيّ وقال: هيه [89] !

فقال له الحسن (عليه السلام): نعم، اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جري بينكم، علي جهلٍ وخرقٍ منكم، فزعمتم: أنّ محمداً صنبور [90] والعرب قاطبةً تبغضه، ولا طالب له بثأره، وزعمت: انّك قاتله، وكان في قومك مؤنته، فحملت نفسك علي ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمّه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك وأبيت إلاّ ذلك، فأتيتنا خوفاً من أن يشتهر، وإنّك إنما جئت بخيرٍ يراد بك.

أنبئك عن سفرك: خرجت في ليلةٍ ضحياء، إذ عصفت ريح شديدة، اشتدّ منها ظلماؤها وأطلّت سماؤها، وأعصر سحابها، فبقيت محرنجماً كالأشقر، إن تقدّم نحر، وان تأخّر عقر [91] لا تسمع لواطيءٍ حسّاً ولا لنافخ نارٍ جرساً، تراكمت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجمٍ طالع، ولا بعلمٍ لامع، تقطع محجّة، وتهبط لجّة، في ديمومةٍ قفر، بعيدة القعر، محجفةٍ بالسّفر، اذا علوت مصعداً ازددت بعداً، الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريحٍ عاصف، وبرقٍ خاطف، قد أوحشتك آكامها، وقطعتك سلامها، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرّت عينك، وظهر دينك، وذهب انينك).

قال: من أين قلت ياغلام هذا؟ كأنك كشفت عن سويداء [92] قلبي،

ولقد كنت كأنّك شاهدتني، وما خفي عليك شيء من أمري، وكأنّه علم الغيب. [ف_] قال له: ما الإسلام؟

فقال الحسن (عليه السلام): الله أكبر، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله.

فأسلم وحسن إسلامه، وعلّمه رسول الله صلّي الله عليه وآله شيئاً من القرآن. فقال:

يا رسول الله: أرجع إلي قومي فأعرّفهم ذلك؟ فأذن له، فانصرف ورجع ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الإسلام. فكان الناس إذا نظروا إلي الحسن (عليه السلام) قالوا:-

لقد أعطي مالم يعط أحد من النّاس.

الخضر يسأل

علل الشرائع: محمد بن علي الصدوق عن أبيه عن سعيد بن عبدالله عن أحمد بن محمد، عن أبي خالد البرقي، عن أبي هاشم: داود بن القاسم الجعفري عن ابي جعفر الثاني (عليه السلام)، انه قال:..

أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه الحسن بن عليّ (عليه السلام)، وهو متّكيء علي يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ اقبل رجل حسن الهيئة واللبّاس، فسلّم علي أمير المؤمنين فردّ (عليه السلام) فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهنّ، علمت: أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم: إنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وإن تكن الأخري علمت: أنّك وهم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): (سلني عمّا بدا لك) قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسي عن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي الحسن بن عليّ (عليه السلام) فقال: يا أبا محمّدٍ أجبه، فقال الحسن (عليه السلام):

أمّا ما سألت عنه من أمر الرجل إذا نام أين تذهب

روحه؟ فإنّ روحه معلقة بالرّيح، والرّيح معلّقة بالهواء إلي وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة، فإذا أذن الله عزّ وجلّ بردّ تلك الروح علي صاحبها، جذبت الروح الريح وجذبت الريح الهواء فأسكنت الروح في بدن صاحبها وإذا لم يأذن الله بردّ تلك الروح علي صاحبها، جذب الهواء الريح، وجذبت الريح الروح فلم تردّ علي صاحبها إلي وقت ما يبعث.

وأمّا ما سألت عنه من أمر الذّكر والنّسيان؟ فإنّ قلب الرجل في حقّ، وعلي الحقّ طبق، فان هو صلّي علي النّبي صلاةً تامّة، انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحقّ، فذكر الرجل ما كان نسي.

وأمّا ما ذكرت من أمر الرجل يشبه ولده أعمامه وأخواله، فإنّ الرجل إذا أتي أهله بقلبٍ ساكن وعروق هادئة، وبدنٍ غير مضطرب، استكنّت تلك النّطفة، في تلك الرّحم، فخرج الولد يشبه أباه وأمّه، وإن هو أتاها بقلبٍ غير ساكن، وعروقٍ غير هادئة، وبدنٍ مضطرب، اضطربت تلك النطفة في جوف تلك الرّحم، فوقعت علي عرقٍ من العروق، فإن وقعت علي عرقٍ من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت علي عرقٍ من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.

فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلاّ الله، ولم أزل أشهد بذلك، واشهد أنّ محمّداً رسول الله ولم أزل اشهد بذلك، وأشهد أنّك وصيّ رسول الله والقايم بحجته بعده - وأشار إلي امير المؤمنين (عليه السلام) - ولم أزل اشهد بذلك، واشهد أنك وصيّه والقايم بحجته - واشار إلي الحسن - وأشهد أنّ الحسين وصيّ ابيه والقائم بحجّته بعدك، واشهد علي عليّ بن الحسين: انه القايم بأمر الحسين بعده، واشهد علي محمّد بن علي: أنه القايم بأمر عليّ بن الحسين، واشهد علي جعفر بن محمّد: أنه القايم

بأمر محمّد بن عليّ، واشهد عليموسي بن جعفر: أنه القايم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد علي علي بن موسي أنه القائم بأمر موسي بن جعفر، واشهد علي محمد بن عليّ: أنه القايم بأمر عليّ بن موسي، واشهد علي عليّ ابن محمّد: أنه القائم بأمر محمّد بن علي، واشهد علي الحسن بن علي: انه القايم بأمر عليّ بن محمدّ واشهد علي رجلٍ من ولد الحسين لا يكنّي ولا يسمّي، حتي يظهر أمره، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً، والسلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

ثم قام فمضي فقال امير المؤمنين للحسن: يا أبا محمد، اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج الحسن بن عليّ (عليه السلام) فقال: ماكان إلا أن وضع رجله خارج المسجد، فما دريت اين اخذ من ارض الله عزّ وجلّ، فرجعت إلي امير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمته. فقال: يا ابا محمدٍ أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وامير المؤمنين أعلم، فقال: هو الخضر (عليه السلام).

الغاز و حلول

تحف العقول.

بعث معاوية رجلاً متنكّراً يسأل امير المؤمنين (عليه السلام) عن مسائل سأله عنها ملك الرّوم، فلمّا دخل الكوفة وخاطب امير المؤمنين (عليه السلام) أنكره، فقرّره فاعترف له بالحال، فقال امير المؤمنين (عليه السلام): قاتل الله ابن آكلة الأكباد، ما اضلّه وأضلّ من معه! قاتله الله! لقد أعتق جاريةً ما أحسن أن يتزوّجها، حكم الله بيني وبين هذه الأمّة، قطعوا رحمي وصغّروا عظيم منزلي واضاعوا أيّامي.

عليّ بالحسن والحسين ومحمّد، فدعوا، فقال (عليه السلام): يا أخا أهل الشام هذان ابنا رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) وهذا ابني فاسأل أيّهم احببت، فقال الشاميّ: أسأل هذا، يعني الحسن (عليه السلام) ثمّ قال:

كم بين الحقّ والباطل؟ وكم بين السماء والأرض؟

وكم بين المشرق والمغرب؟ وعن هذا المحو الذي في القمر، وعن قوس قزح، وعن هذه المجرّة، وعن اول شيءٍ انتضح علي وجه الارض، وعن اوّل شيءٍ اهتزّ عليها، وعن العين التي تأوي اليها ارواح المؤمنين والمشركين، وعن المؤنث وعن عشرة أشياء بعضها اشدّ من بعض.

فقال الحسن (عليه السلام): يا أخا أهل الشام: بين الحقّ والباطل اربع أصابع، ما رأيت بعينك فهو الحقّ، وقد تسمع بأذنيك باطلاً كثيراً.

وبين السماء والأرض، دعوة المظلوم، ومدّ البصر، فمن قال غير هذا فكذّبه.

وبين المشرق والمغرب، يوم مطرد للشمس، تنظر إلي الشمس حين تطلع، وتنظر إليها حين تغرب، من قال غير هذا فكذّبه.

وامّا هذه المجرّة، فهي اشراج السماء، مهبط الماء المنهمر علي نوح (عليه السلام).

وامّا قوس قزح: فلا تقل: قزح، فإن قزح شيطان، ولكنّها قوس الله، وامان من الفرق.

وامّا المحو الذي في القمر، فإنّ ضوء القمر كان مثل ضوء الشمس فمحاه الله. وقال في كتابه: (فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهارٍ مبصرة).

واما اول شيء، انتضح علي وجه الأرض، فهو وادي دلس.

وأمّا أوّل شيءٍ اهتزّ علي وجه الأرض، فهو النّخلة.

وأمّا العين التي تأوي إليها ارواح المؤمنين، فهي عين يقال لها: سلمي. وأمّا العين التي تأوي إليها أرواح الكافرين، فهيّ عين يقال لها: برهوت.

وأمّا المؤنّث، فإنسان لا يدري أمرأةً هو أو رجل، فينتظر به الحلم، فإن كانت امرأةً بانت ثدياها، وان كان رجلاً خرجت لحيته، وإلا قيل له يبول علي الحائط، فان أصاب الحائط بوله فهو رجل، وإن نكص كما ينكص بول البعير فهو امرأة.

وأمّا عشرة أشياء بعضها اشدّ من بعض، فاشدّ شيءٍ خلق الله الحجر، وأشدّ من الحجر الحديد، وأشدّ من

الحديد النّار، وأشدّ من النار الماء، واشدّ من الماء السّحاب، وأشدّ من السحاب الرّيح، واشدّ من الريح الملك، وأشدّ من الملك ملك الموت، واشدّ من ملك الموت الموت، واشدّ من الموت أمر الله.

قال الشامي: أشهد أنك ابن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلم وان عليّاً وصيّ محمد، ثمّ كتب هذا الجواب ومضي به إلي معاوية، وانفذه معاوية إلي ابن الأصفر فلما اتاه قال: اشهد انّ هذا ليس من عند معاوية، ولا هو إلاّ من معدن النبوّة.

سجن المؤمن و جنة الكافر

الفصول المهمة لابن الصباغ ص 161.

كان الإمام الحسن (عليه السلام) يسير في بعض طرق يثرب، وقد لبس حلّةً فاخرة، وركب بغلةً فارهة، وحفّت به خدمه وحاشيته، فرآه أحد أغبياء اليهود، فبادر اليه وقال له:

يابن رسول الله عندي سؤال؟

فقال الحسن: ما هو؟

قال اليهوديّ: إنّ جدّك رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلم يقول: الدّنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، فأنت المؤمن وأنا الكافر، وما الدنيا إلا جنة لك تتنعّم فيها وتستلذّ بها وأنت مؤمن وما اراها إلا سجناً قد أهلكني حرّها وأجهدني فقرها.

فقال الحسن: لو نظرت إلي ما أعدّ الله لي وللمؤمنين في الدار الآخرة، ممّا لاعين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر علي قلب بشر، لعلمت: أني قبل انتقالي اليها وأنا في هذه الحالة سجين، ولو نظرت إلي ما أعدّ الله لك ولكلّ كافرٍ في دار الآخرة، من سعير نار جهنّم، ونكال العذاب الأليم المقيم، لرأيت قبل مصيرك اليه أنّك في جنّةٍ واسعةٍ ونعمةٍ جامعة.

ثم تركه الإمام واليهوديّ يتميّز من الغيظ والحقد.

لعلك شبهت

أيها الشيخ أظنّك غريباً، ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استر شدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وان كنت عرياناً كسوناك، وان كنّت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كانت لك حاجة قضيناها لك؛ فلو حرّكت رجلك إلينا، وكنت ضيفنا إلي وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً.

فان قبلت الميسور

سأل رجل الإمام في حاجة، فقال له الإمام:..

يا هذا حقّ سؤلك يعظم لديّ، ومعرفتي بما يجب لك يكبر لديّ، ويدي تعجز عن نيلك بما انت اهله والكثير في ذات الله عزّ وجلّ قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور، ورفعت عنّي مؤنة الاحتفال والاهتمام بما أتكلّفه من واجبك، فعلت [93] .

و انا سائل

نور الابصار ص 111.

قيل له: لأيّ شيء لا نراك تردّ سائلاً؟ فأجاب:

إنّي لله سائل، وفيه راغب، وأنا أستحي أن أكون سائلا، وأردّ سائلاً، وإنّ الله عوّذني عادة أن يفيض نعمه، عليّ، وعوّدته أن أفيض نعمه علي النّاس، فأخشي إن قطعت العادة أن يمنعني العادة، أنشأ يقول:

إذا م____ا أت__اني سائل قلت: مرحباً

بمن فض____له ف____رض ع_ليّ معجّل

ومن فضله ف____ضل علي كلّ فاضلٍ

وأفضل أيّام الف____تي ح_____ين يسأل

تمام المروة

إرشاد القلوب ص 143: الحسن بن محمد الديلمي:..

سأل رجل الحسن بن عليٍّ شيئاً، فأعطاه خمسين ألف درهم، وأعطي الجمّال طيلسانه كراه، وقال: تمام المروّه، إعطاء الأجرة لحمل الصّدقة.

التهنئة بالولد

(أ) تحف العقول (ب) مكارم الأخلاق: الحسن بن الفضل الطبرسي.

رزق الإمام غلاماً فأتته قريش تهنّئه فقالوا: يهنيك الفارس، فقال (عليه السلام): أيّ شيء هذا القول؟ ولعله يكون راجلا، فقال له جابر: كيف تقول يابن رسول الله؟ فقال (عليه السلام): إذا ولد لأحدكم غلام فأتيتموه فقولوا له: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب، وبلغ الله به اشدّه، ورزقك برّه.

تحية المستحم

مكارم الأخلاق: الحسن بن الفضل الطبرسي:..

خرج الحسن بن عليّ (عليه السلام) من الحمّام، فقال له رجل: طاب استحمامك. فقال: يا لكع! وما تصنع بالاست هاهنا؟ قال: فطاب حمّامك قال: إذا طاب الحمّام فما راحة البدن؟ قال: فطاب حميمك. قال: ويحك: أما علمت أنّ الحميم: العرق؟ قال: فكيف أقول؟ قال: قل: طاب ما طهر منك، وطهر ماطاب منك.

سقيت السم مرارا

مناقب ابن شهر اشوب ج 3 - ص 202.

لمّا سقي الإمام السُّمّ، جاءه أخوه الحسين، فقال له الإمام:

لقد سقيت السُّمّ مراراً، ما سقيت مثل هذه المرّة، لقد قطعت قطعة، من كبدي، فجعلت، أقلّبها بعودٍ معي.

وفي رواية عبد الله البخاري أنه قال:

يا أخي! انّي مفارقك ولا حق بربّي، وقد سقيت السّمّ ورميت بكبدي في الطّست، وانني لعارف بمن سقاني، ومن أين دهيت، وأنا أخاصمه إلي الله عزّ وجلّ، فقال له الحسن: ومن سقا كه؟

قال: ما تريد به؟ أتريد أن تقتله، ان يكن هو هو، فالله أشدّ نقمةً منك، وان لم يكن هو فما أحبّ أن يؤخذ بي بريء.

ما وفي

روي المسعودي: ان الحسن (عليه السلام) قال عند موته - في شأن جعدة ومعاوية:..

لقد حاقت شربته، وبلغ أمنيّته، والله ما وفي بما وعد، ولا صدق فيما قال.

اول يوم من الآخرة

أجدني في أوّل يومٍ من أيام الآخرة، وآخر يومٍ من أيام الدّنيا، واعلم أني لا أسبق أجلي، وأني وارد علي أبي وجدّي، وعلي كرهٍ منّي لفراقك، وفراق اخوتك، وفراق الأحبّة، وأستغفر الله من مقالتي هذه بل علي محبةٍ منّي للقاء رسول الله، وأمير المؤمنين، وأمّي فاطمة، وحمزة وجعفر، وفي الله عزّ وجل خلف من كلّ هالك، وعزاء من كلّ مصيبة، ودرك من كلّ مافات، رأيت يا أخي كبدي في الطّست، ولقد عرفت من دهاني، ومن اين ابتليت فما أنت صانع به يا أخي؟ قال الحسين: أقتله والله! قال: فلا أخبرك ابداً حتي نلقي رسول الله [94] .

لا يوم كيومك

لما سم الإمام الحسن جاءه الإمام الحسين، فلما رأي ما به بكي، فقال له الإمام الحسن: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال له الحسين: أبكي علي ما أراك فيه، فقال له الحسن:..

إنّ الذي يأتي إليّ بسمٍّ يدبّر إليّ فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون الف رجل، يدّعون: أنهم من أمة جدّنا، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون علي قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وأخذ ثقلك، فعندها تحلّ ببني أميّة اللّعنة، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيءٍ حتّي الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار.

حكم

أبحث النّاس عن صغيرة، وأتركهم لكبيرة [95] .

ابن آدم! إنّك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ ممّا في يديك لما بين يديك، فإنّ المؤمن يتزوّد، وإنّ الكافر يتمتّع، (وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التّقوي) [96] .

أسلم القلوب ما طهر من الشّبهات [97] .

أسمع الأسماع ما وعي التذكير وانتفع به [98] .

اجعل ما طلبت من الدنيا فلم تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك.

إذا أضرّت النّوافل بالفريضة فاتركوها.

أشدّ من المصيبة سوء الخلق.

أنا الخلف من رسول الله، وأبي أمير المؤمنين الخليفة [99] .

إن لم تطعك نفسك فيما تحملها عليه ممّا تكره، فلا تطعها فيما تحملك عليه ممّا تهوي.

إنّ أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبه [100] .

إنّ خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك، وإن من ابتغاء الخير اتقاء الشرّ [101] .

إنّ مروّة القناعة والرّضا أكبر من مروّة الإعطاء، وتمام الصنيعة خير من ابتدائها.

إنّ المسألة لا تصلح إلاّ في غرمٍ فادحٍ، أو فقرٍ مدقعٍ

أو حمالةٍ مفظعة.

إنّ من طلب العبادة تزكّي لها [102] .

أوسع ما يكون الكريم بالمغفرة، إذا ضاقت بالمذنب المعذرة [103] .

أوصيكم بتقوي الله، وإدامة التفكّر، فإنّ التفكّر أبو كلّ خيرٍ وأمّه.

البخل جامع للمساويء والعيوب، وقاطع للمودّات من القلوب.

بالعقل تدرك الدّران جميعاً، ومن حرم العقل خسرهما جميعاً.

بينكم وبين الموعظة حجاب العزّة [104] .

تجهل النّعم ما أقامت، فاذا ولّت عرفت [105] .

ترك الزّنا، وكنس الفناء، وغسل الإناء، مجلبة للغناء [106] .

حقّ علي كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش: أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.

الخير الذي لا شرّ فيه: الشكر مع النّعمة، والصبر علي النّازلة [107] .

رأس العقل: معاشرة الناس بالجميل.

العار أهون من النّار [108] .

الغدر لا خير فيه [109] .

الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.

فضح الموت الدنيا.

فوت الحاجة خير من طلبها إلي غير أهلها، والعبادة انتظار الفرج.

القريب من قربته المودّة وان بعد نسبه، والبعيد من باعدته المودّة وان قرب نسبه، فلا شيء أقرب من يدٍ إلي جسد، وانّ اليد تغلّ فتقطع وتحسم [110] .

قطع العلم عذر المتعلمين [111] .

الكثير في ذات الله قليل.

كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيّك [112] .

كلّ معاجل يسأل النّظرة، وكل مؤاجلٍ يتعلّل بالتّسويف [113] .

كن في الدّنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك.

لا أدب لمن لا عقل له.

لا تأت رجلاً إلاّ أن ترجو نواله، أو تخاف بأسه، أو تستفيد من علمه، أو ترجو بركته ودعاء، أو تصل رحماً بينك وبينه.

لا تؤاخ أحداً حتي تعرف موارده ومصادره، فإذا استنبطت الخبرة، ورضيت العشرة، فآخه علي إقالة العثرة، والمواساة في العسرة

[114] .

لا تعاجل الذّنب بالعقوبة، واجعل بينهما للاعتذار طريقاً.

لا حياة لمن لا دين له.

لا مروّة لمن لا همّة له.

لا يغشّ العاقل من استنصحه.

اللّؤم أن لا تشكر النّعمة [115] .

لقضاء حاجة أخٍ لي في الله أحبّ إليّ من اعتكاف شهر [116] .

ما أعرف أحداً إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربّه [117] .

ما تشاور قوم إلا هدوا إلي رشدهم [118] .

المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت [119] .

المسؤول حرّ حتي يعد، ومسترقّ حتي ينجز [120] .

المصائب مفاتيح الأجر [121] .

المعروف مالم يتقدّمه مطل ولا يتبعه منّ، والإعطاء قبل السؤال من أكبر السّؤدد [122] .

من اتكل علي حسن الاختيار من الله له، لم يتمنّ أنّه في غير الحال التي اختارها الله له [123] .

من تذكّر بعد السفر اعتدّ.

من عرف الله أحبّه، ومن عرف الدنيا زهد فيها. والمؤمن لا يلهو حتّي يغفل، وإذا تفكّر حزن [124] .

من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.

من عدّد نعمةً محق كرمه [125] .

من قلّ ذلّ. وخير الغني القنوع. وشرّ الفقر الخضوع [126] .

الوعد مرض في الجود، والإنجاز دواؤه.

الوحشة من الناس علي قدر الفطنة بهم [127] .

هو (: الصمت) ستر العمي، وزين العرض، وفاعله في راحة، وجليسه آمن [128] .

يتولّد من احتمال الأذدي، البلوغ إلي الغايات.

اليقين معاذ السّلامة.

شعر

قدم لنفسك

قدّم لنف_سك ما استعطت من التّقي

إنّ الم_____نية ن_____ازل ب___ك ي_ا فتي

أصبح___ت ذا ف_____رحٍ كأنك لا تري

أحباب قلبك في المقابر والبلي [129] .

حان الرحيل

ق____ل للم_____قيم ب______غير دار إقامةٍ

ح____ان ال____رحيل ف_____ودّع الأحبابا

انّ ال_____ذين لق_____يتهم وص__حبتهم

صاروا جميعاً في القبور ترابا [130] .

الدنيا

ذري ك_____در ال____دنيا فإنّ صفاءها

تولّ____ي ب____أيام ال__سرور الذّواهب

وكيف يعزّ الده____ر م__ن كان بينه

وبين الليالي محكمات التجارب [131] .

الحق أبلج

ألح___قّ أبلج ما يخ______يل س____بيله

والح____قّ يعرفه ذوو والألب_اب [132] .

فمهلا

دخل الإمام يوماً علي معاوية - وكان عنده عمرو بن العاص، فقال: - (قد جاءكم الفهه العيي، الذي كان بين لحييه عقله) فالتفت الإمام إلي معاوية قائلاً (يا معاوية! لايزال عندك عبداً راتعاً في لحوم الناس، أما والله لو شئت ليكونن بيننا ما تتفاقم فيه الامور، وتحرج منه الصدور).

أت____أمر ي____ام___عاوي ع____بد سهمٍ

بش_____تمي والم_____لا م____نّا ش__هود

اذا أخ____ذت مج____السها ق______ريش

ف_____قد ع______لمت ق___ريش ما تريد

أأن____ت ت_____ظلّ تش_____تمني سفاها

ل______ضغنٍ م_____ا ي______زول وما يبيد

ف____هل ل____ك م_ن أبٍ كأبي تسامي

به م_____ن ت______سامي أو ت____ك___يد؟

ولا ج____دّ كج_____دّي ي_____ا بن حربٍ

رس_____ول الله ان ذك_____ر الج____دود

ولا أمّ ك_____أمي م____ن ق______ري___شٍ

اذا م_____ا ح_____صل الح___سب التليد

ف_____ما مث_____لي ته____كم يابن حربٍ

ولا مث_____لي ين______هنهه ال_____وعيد

فم________هلاً لا ت_____هج م_____نّا أموراً

ي____شيب لهو لها الطفل الوليد [133] .

عزمت تصبرا

لئ____ن س_اءني دهر عزمت تصبّراً

وك____لّ ب_____لاءٍ لا ي____دوم ي_____سير

وان سرّن____ي ل____م أبتهج بسروره

وك___ل س____رورٍ لا ي_دوم حقير [134] .

فيم الكلام

في____م الك______لام؟ وق_____د سبقت مبرّزا

سب__ق الجواد من المدي المتنفس [135] .

وال____صلح تأخ______ذ منه ما رضيت به

والح_رب يكفيك من انفاسها جرع [136] .

ظل زائل

ي____ا أه_____ل ل____ذات دن____ياً لا بقاء لها

ان الم____قام ب____ظلٍّ زائ__لٍ حمق [137] .

عاجلتنا

روي أن أعرابياً جاء إلي الحسن (عليه السلام) و هو يشكو ويقول:

ل___م ي___بق ل___ي شيء يباع بدرهمٍ

يكف__يك شاهد منظري عن مخبري

إلا ب_______قايا ماء وج_____ه ص____نته

ع___ن أن يباع وقد وجدتك مشتري

فأعطاه الحسن (عليه السلام) اثني عشر ألف درهم، وقال:.

عاجلت_____نا ف______اتاك وابل برّنا

طلاّ ول____و أمه____لتنا لم نقصر

فخ____ذ القليل وكن كأنّك لم تبع

م____ا صن_____ته وكأنّنا لم نشتر

حين يسأل

إذا م____ا أت____اني سائل قلت مرحباً

ب_____من ف____ضله فرض عليّ معجل

ومن فضله ف____ضل علي كلّ فاضلٍ

وأفضل أيام الفتي حين يسأل [138] .

السخي والبخيل

خلق____ت الخ_____لائق م__ن قدرةٍ

فم___نهم س____خيّ ومن_هم بخيل

ف____أمّا الس_____خيّ ف____في راحةٍ

وأما البخيل فحزن طويل [139] .

لو علم البحر

ن____حن أن____اس ن____والنا خضل

ي____رتع ف_____يه ال___رج_اء والأمل

تج____ود ق____بل الس__ؤال أنفسنا

خ____وفاً ع_لي ماء وجه من يسل

ل____و ع____لم الب_حر فضل نائلنا

لغاض من بعد فيضه خجل [140] .

اسرعت في المنايا

ومارست هذا الدهر خمسين حجةً

وخ_____سماً أرجّ___ي ق____ائلاً بع_د قائل

فم____ا أن_ا في الدنيا بلغت جسيمها

ولا ف____ي ال_ذي أهوي كدحت ب_طائل

وق____د أس____رعت فيّ المنايا أكفّها

وأيقنت أني رهن موتٍ معاجل [141] .

عندي شفاء الجهل

ما غب____يّاً س_____ألت وابن غبيٍّ

بل ف____قيهاً إذن وأن_ت الجهول

ف___إن ت__ك قد جهلت فإن عندي

شف__اء الجهل ما سأل السؤول

وب____حراً لا ت____قسمه ال__دوالي

تراثاً كان أورثه الرسول [142] .

نسود أعلاها

ن____سود أعلاها وت____أبي أص_____وله____ا

فليت الذي يسودّ منها هو الأصل [143] .

السخاء فريضة

ان الس____خاء عل__ي العباد فريضة

لله ي____قرأ ف____ي ك_____تابٍ م_____حكم

وعد الع____باد الاسخ_____ياء ج__نانه

وأع_____دّ لل_____بخلاء ن____ار ج____هنّم

م___ن ك____ان لا ت____ندي ي_داه بنائلٍ

ل___لراغبين فليس ذاك بمسلم [144] .

حياء

أج____امل أق____واماً ح___ياء ولا أري

ق___لوبهم تغلي عليّ مراضها [145] .

كسرة و كفن

لكسرة من خسيس الخبز تشبعني

وشربة م___ن ق___راحٍ الماء تكفيني

وط___رة م__ن دقيق الثوب تسترني

حياً وان متّ تكفيني لتكفيني [146] .

فراق دار

عندما صار (عليه السلام) بدير هند، نظر إلي الكوفة قائلاً:.

ولا ع___ن قليّ فارقت دار معاشري

هم المانعون حوزتي وذماري [147] .

قال العيون

المجالس السنية: السيد محسن الأمين العامليّ، ج 5- ص 167.

ق________ال الع__ي____ون وم____ا أرد

ن م_____ن ال_____بكاء ع__لي عليّ

وت_____ق____بلنّ م_____ن الخ_______ليّ

ف_____ل__يس ق_____لبك ب_____الخ___ليّ

ادعية

دعاء علي باب المسجد

أ - جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر - ص 321.

ب - البحار - محمد باقر المجلسي ج 43 - ص 339.

وكان (عليه السلام) إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه وقال: إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجازو عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم

دعاء للقنوط

مهج الدعوات: السيد علي بن طاووس، ص 47.

يا من بسلطانه ينتصر المظلوم، وبعونه يعتصم المكلوم، سبقت مشيّتك، وتمّت كلمتك، وأنت علي كلّ شيءٍ قدير، وبما تمضيه خبير، يا حاضر كلّ غيبٍ، وعالم كلّ سرٍّ وملجأ كلّ مضطرٍّ ضلّت فيك الفهوم، وتقطّعت دونك العلوم. أنت الله الحيّ القيوم، الدائم الديموم، قد تري ما أنت به عليم، وفيه حكيم، وعنه حليم، وأنت بالتّناصر علي كشفه والعون علي كفّه غير ضائق، وإليك مرجع كلّ أمرٍ كما عن مشيّتك مصدره، وقد أبنت عن عقود كل قومٍ وأخفيت سرائر آخرين، وأمضيت ما قضيت، وأخّرت مالا فوت عليك فيه، وحملت ما تحمّلت في غيبك، ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيا من حيي عن بيّنةٍ، وإنّك أنت السّميع العليم، الأحد البصير، وأنت الله المستعان وعليك التّوكّل، وأنت وليّ من تولّيت، لك الأمر كلّه، تشهد الإنفعال، وتعلم الإختلال، وتري تخاذل أهل الخبال، وجنوحهم إلي ما جنحوا إليه من عاجلٍ فانٍ، وحطامٍ عقباه حميم آنٍ، وقعود من قعد، وارتداد من ارتد، وخلوّي من النصّار، وانفرادي عن الظهّار، وبك أعتصم وبحبلك أستمسك وعليك أتوكّل، اللّهمّ فقد تعلم أني ما ذخرت جهدي ولا منعت وجدي حتي انفلّ حدّي، وبقيت وحدي فاتّبعت طريق من تقدّمني في كفّ العادية وتسكين الطّاغية عن دماء أهل المشايعة، وحرست ما حرسه أوليائي من أمر آخرتي ودنياي فكنت ككظمهم أكظم

وبنظامهم أنتظم ولطريقتهم أتسنّم وبميسمهم أتّسم، حتي يأتي نصرك وأنت ناصر الحقّ وعونه وإن بعد المدي عن المرتاد ونأي الوقت عن افناء الأضداد، اللّهمّ صلّ علي محمّدٍ وآله وامزجهم مع النصّاب في سرمد العذاب، واعم عن الرشد أبصارهم وسكّعهم في غمرات لذّاتهم حتي تأخذهم بغتةً وهم غافلون، وسحرةً وهم نائمون، بالحقّ الذي تظهره، واليد التي تبطش بها، والعلم الذي تبديه، إنّك كريم عليم.

دعاء للإستسقاء

من لا يحضره الفقيه: محمد بن علي الصدوق ص 140.

اللّهمّ هيّج لنا السّحاب بفتح الأبواب بماءٍ عباب، وربابٍ بانصبابٍ وانسكابٍ يا وهّاب، واسقنا مطبقةً مغدقةً مونقةً، فتّح اغلاقها وسهّل اطلاقها وعجّل سياقها بالأندية والأودية يا وهّاب بصوب الماء يا فعّال، إسقنا مطراً قطراً طلاً مطلاً طبقاً عاماً معمارهما بهما رحيماً رشاً مرشاً، واسعاً كافياً عاجلاً طيباً مباركاً، سلاطح بلاطح يناطح الأباطح، مغدودقاً مطبوبقاً مغرورقاً، واسق سهلنا وجبلنا وبدونا وحضرنا حتي ترخص به أسعارنا وتبارك به في ضياعنا ومدننا، أرنا الرزق موجوداً والغلاء مفقوداً، آمين يا ربّ العالمين.

دعاء للدخول علي ظالم

المصدر السابق ص 143: وقد دعي به عندما أتي معاوية بن أبي سفيان:..

بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله العظيم الأكبر، اللّهمّ سبحانك يا قيّوم، سبحان الحيّ الذي لا يموت، أسألك كما أمسكت عن دانيال أفواه الأسد وهو في الجبّ أن تمسك عني أمر هذا الرّجل وكلّ عدو لي في مشارق الأرض ومغاربها من الإنس والجنّ، خذ بآذانهم وأسماعهم وأبصارهم وقلوبهم وجوارحهم واكفني كيدهم بحولٍ منك وقوّةٍ، وكن لي جاراً منهم ومن كلّ شيطانٍ مريدٍ لا يؤمن بيوم الحساب، إنّ وليي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولي الصالحين، فإن تولّوا فقل حسبي الله لا إله إلاّ هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم.

دعاء للدخول علي كافر

البحار - محمد باقر المجلسي - ج 10 - ص 132 الطبعة الحديثة، وقد دعا به لما دخل علي ملك الروم.

الحمد لله الذي لم يجعلني يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً ولا عابد الشّمس والقمر ولا الصّنم والبقر، وجعلني حنيفاً مسلماً ولم يجعلني من المشركين، تبارك الله ربّ العرش العظيم، والحمد لله ربّ العالمين.

دعاء للدخول علي الأشرار

أ - الاحتجاج للطبرسي - ص 146

ب - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 2 - ص 164، دعا به لما دخل علي معاوية وعنده جماعة من أصحابه يريدون تنقيصه.

لمّا دخل علي معاوية وعنده جماعة من أصحابه ارادوا نقصه قال: اللّهمّ إني أعوذ بك من شرورهم وأدرأ بك في نحورهم وأستعين بك عليهم فاكفنهم كيف شئت وأنّي شئت بحوّلٍ منك وقوّةٍ يا أرحم الراحمين.

دعاء للتخلص من ظالم

جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر، ج 1، ص 332.

استغاث الناس من زياد إلي الحسن (عليه السلام) فرفع يده وقال:

اللّهمّ خذلنا ولشيعتنا من زياد بن أبيه، وأرنا فيه نكالاً عاجلاً إنّك علي كلّ شيءٍ قدير.

فخرج خرّاج في إبهام يمينه يقال له السّلعة وورم إلي عنقه فمات.

احتجاب من المتربصين

مهج الدعوات: السيد علي بن طاووس، صفحة 297.

اللّهمّ يا من جعل بين البحرين حاجزاً وبرزخاً وحجراً محجوراً ياذا القوّة والسّلطان، يا عليّ المكان، كيف أخاف وأنت أملي وكيف أضام وعليك متّكلي، فغطّني من أعدائك بسترك وأظهرني علي أعدائي بأمرك، وأيدني بنصرك، إليك ألجأ ونحوك الملتجأ فاجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً يا كافي أهل الحرم من أصحاب الفيل والمرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارةٍ من سجّيل إرم من عاداني بالتّنكيل، اللّهمّ إني أسألك الشّفاء من كلّ داء، والنّصر علي الأعداء والتّوفيق لما تحبّ وترضي يا إله من في السّماء والأرض وما بينهما وما تحت الثري، بك أستشفي وبك أستعفي وعليك أتوكّل، فسيكفيكهم الله وهو السّميع العليم.

متفرقات

الشاهد والمشهود

البحار: محمّد باقر المجلسيّ ج 1 - ص 130 الطبعة الحديثة.

سئل الإمام الحسن (عليه السلام) في الشّاهد والمشهود، فقال:

أمّا الشّاهد فمحمّد صلّي الله عليه وآله وسلّم، وأمّا المشهود فيوم القيامة. أما سمعته يقول: (يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهداً و مبشّراً ونذيراً)؟ وقال تعالي: (ذلك يوم مجموع له النّاس، وذلك يوم مشهود).

خشوع الإمام علي

مجموعة ورّام ص 429.

ما دخلت علي أبي قطّ إلاّ وجدته باكياً.

خذوا زينتكم

تفسير الصافي؛ محسن الفيض.

كان الحسن بن عليّ عليهما السلام إذا قام إلي الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له في ذلك، فقال:

إنّ الله جميل يحبّ الجمال، فأتجمّل لربي وقرأ: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجدٍ).

السعي إلي الحج

البحار: محمد باقر المجلسيّ ج 43 - ص 339 الطبعة الحديثة.

إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلي بيته.

اي فقير أفقر مني

روضة الوافي: محسن الفيض ص 67.

قيل له: كيف أصبحت يابن رسول الله؟ فقال: أصبحت ولي ربّ فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي لا اجد ما أحبّ، ولا أدفع ما اكره، والأمور بيد غيري فإن شاء عذّبني، وإن شاء عفي عنّي، فأيّ فقيرٍ أفقر منّي.

ابكي لخصلتين

(أ) البحار: محمد باقر المجلسي ج 44 - ص 150.

(ب) الوافي: محسن الفيض ج 2 - ص 174.

(ج) جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر ج 1 - ص 319.

قيل للحسن بن عليّ (عليه السلام): أتبكي ومكانك من رسول الله صلّي الله عليه وآله مكان الذي أنت به؟ فقال: إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع، وفراق الأحبّة.

اتبع ما كتبت إليك

البحار: محمّد باقر المجلسي ج 10 ص 137 الطبعة الحديثة.

أمّا بعد فإنّا أهل بيتٍ كما ذكرت عند الله وعند أوليائه فأمّا عندك وعند أصحابك فلو كنّا كما ذكرت ما تقدّمتمونا ولا استبدلتم بنا غيرنا، ولعمري لقد ضرب الله مثلكم في كتابه حيث يقول: أتستبدلون الّذي هو أدني بالذي هو خير، هذا لأوليائك فيما سألوا ولكم فيما استبدلتم، ولولا ما اريد من الاحتجاج عليك وعلي اصحابك ما كتبت اليك بشيءٍ مما نحن عليه، ولئن وصل كتابي إليك لتجدنّ الحجّة عليك وعلي اصحابك مؤكّدةً حيث يقول الله عزّ وجلّ: أفمن يهدي إلي الحقّ أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدي إلا أن يهدي فمالكم كيف تحكمون. فاتّبع ما كتبت اليك في القدر فانّه من لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه فقد كفر، ومن حمل المعاصي علي الله فقد فجر، إنّ الله عزّ وجلّ لا يطاع بإكراه ولا يعصي بغلبةٍ ولا يهمل العباد من الملكة، ولكنّه المالك لما ملّكهم والقادرعلي ما أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لن يكون عنها صادّاً مثبّطاً، وإن ائتمروا بالمعصية فشاء ان يحول بينهم وبين ما ائتمروا به فعل، وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها، ولا كلّفهم إياها جبراً، بل تمكينه إيّاهم وإعذاره إليهم طرقهم ومكنهم، فجعل لهم السبيل إلي أخذ ما أمرهم به وترك ما نهاهم

عنه، ووضع التّكليف عن اهل النقصان والزمانة والسّلام.

اموت بالسم

البحار: محمّد باقر المجلسي ج 43 - ص 327 الطبعة الحديثة.

إنّي أموت بالسّمّ، كما مات رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم.

صفة النبي

البحار: محمّد باقر المجلسي ج 44 - ص 90 الطبعة الحديثة.

عرض ملك الروم علي الحسن بن عليٍّ صور الأنبياء فعرض عليه صنماً بلوحٍ فلمّا نظر اليه بكي بكاء شديداً، فقال له الملك: ما يبكيك؟ فقال (عليه السلام): هذه صفة جدّي محمّد صلّي الله عليه وآله: كثّ اللّحية، عريض الصّدر، طويل العنق، عريض الجبهة، أقني الانف، أفلج الاسنان، حسن الوجه، قطط الشّعر، طيّب الريح، حسن الكلام، فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، بلغ عمره ثلاثاً وستّين سنة، ولم يخلّف بعده إلا خاتماً مكتوباً عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكان يختتم في يمينه، وخلّف سيفه ذا الفقار، وقضيبه، وجبّة صوفٍ، وكساء صوفٍ كان يتسرول به، لم يقطعه ولم يخطه حتي لحق بالله.

اسئلة ملك الروم

البحار: محمد باقر المجلسي ج 10 - ص 134 الطبعة الحديثة.

سأل ملك الرّوم الحسن بن عليٍّ (عليه السلام) عن سبعة أشياءٍ خلقها الله لم تركض في رحمٍ: فقال (عليه السلام): أوّل هذه آدم (عليه السلام)، ثم حوّا، ثم كبش إبراهيم، ثم ناقة صالحٍ، ثم إبليس الملعون، ثم الحية، ثم الغراب الذي ذكره الله في القرآن.

ثمّ سأله الملك عن أرزاق الخلائق؟ فقال (عليه السلام): أرزاق الخلائق في السّماء الرّابعة، تنزل بقدرٍ وتبسط بقدرٍ.

ثمّ سأله عن أرواح المؤمنين: أين يكونون إذا ماتوا؟ فقال (عليه السلام): تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كلّ ليلة جمعةٍ - وهو عرش الله الأدني - منها يبسط الله الأرض وإليه يطويها، ومنها المحشر، ومنها استوي ربّنا علي السّماء والملائكة.

ثمّ سأله عن أرواح الكفّار: أين تجتمع؟ فقال (عليه السلام): تجتمع في وادي حضر موت وراء مدينة اليمن، ثمّ يبعث الله نارا من المشرق

وناراً من المغرب، ويتبعها بريحين شديدتين، ويحشر النّاس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنّة عن يمين الصّخرة ويزدلف المتّقون، وتصير جهنّم عن يسار الصّخرة في تخوم الأرضين السّابعة، وفيها الفلق والسّجّين، فيعرف الخلائق من عند الصّخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها، ومن وجبت له النّار دخلها. وذلك قوله تعالي: (فريق في الجنّة وفريق في السعير).

احاجي و حلول

معالي السبطين: الشيخ مهدي المازندراني ص 14.

كتب ملك الرّوم إلي معاوية يسأله عن مسائل، فلم يعرف معاوية اجوبتها، فأرسل معاوية رجلاً إلي الحسن يسأله عنها. وهي:

أين هو وسط السماء في الارض؟ وما هي اول قطرةٍ دمٍ وقعت علي الارض؟ وما هو المكان الذي طلعت عليه الشمس مرّةً؟ وما هو المكان الذي لا قبلة له؟ ومن هو الذي لا قرابة له؟ فقال له الحسن (عليه السلام):

أكتب: وسط السماء الكعبة. وأوّل قطرة دمٍ وقعت علي الارض دم حوّاء. والمكان الذي طلعت عليه الشمس مرّةً ارض البحر حين ضربه موسي. وما لا قبلة له فهي الكعبة. وما لا قرابة له فهو الربّ تعالي.

ليعلم ما كان

البحار: محمد باقر المجلسي ج 44 - ص 104.

وروي أنّ الحسن (عليه السلام) كان عنده رجلان فقال لأحدهما:

إنّك حدّثت البارحة فلاناً بحديث كذا وكذا، فقال الرجل: إنه ليعلم ما كان - وعجب من ذلك -.

فقال (عليه السلام): إنّا لنعلم ما يجري في الليل والنهار. ثم قال: إنّ الله تبارك وتعالي علّم رسول الله صلّي الله عليه وآله الحلال والحرام والتنزيل والتأويل، فعلّم رسول الله علياً علمه كلّه، وعلّمنيه امير المؤمنين كلّه.

ذبح ذاك و أحيا هذا

البحار: محمد باقر المجلسي ج 40 - ص 315 الطبعة الحديثة.

أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجلٍ وجد في خربةٍ وبيده سكّين ملطّخة بالدّم، وإذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما تقول؟ قال: يا امير المؤمنين انا قتلته. قال: اذهبوا به فأقيدوه به، فلما ذهبوا به ليقتلوه به أقبل رجل مسرع فقال: لا تعجلوه ردّوه إلي امير المؤمنين (عليه السلام) فردّوه.

فقال: والله يا امير المؤمنين ما هذا صاحبه، انا قتلته. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للاوّل: ما حملك علي إقرارك علي نفسك؟ فقال: يا امير المؤمنين وما كنت أستطيع ان أقول وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكّين ملطّخة بالدم والرجل يتشحّط في دمه، وانا قائم عليه وخفت الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاةً وأخذني البول فدخلت الخربة فرأيت الرجل يتشحّط في دمه، فقمت متعجّباً فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني، فقال امير المؤمنين (عليه السلام): خذوا هذين فاذهبوا بهما إلي الحسن وقولوا له: ما الحكم فيهما؟ فذهبوا إلي الحسن وقصّوا عليه قصّتهما.

فقال الحسن (عليه السلام): قولوا لامير المؤمنين (عليه السلام): أنّ هذا ان كان ذبح ذاك فقد أحيا

هذا، وقد قال الله عزّ وجل ومن احياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً، يخلّي عنهما وتخرج دية المذبوح من بيت المال.

ترجم المحصنة

معالي السبطين: الشيخ مهدي المازندراني ص 13.

سئل الحسن (عليه السلام) عن أمرأةٍ جامعها زوجها فقامت بحرارة جماعه فساحقت جاريةً بكراً وألقت النطفة اليها فحملت.

فقال (عليه السلام): أما في العاجل فتؤخذ المرأة، بصداق هذه البكر، لأنّ الولد لا يخرج منها حتي تذهب عذرتها، ثم ينتظر بها حتي بلد فيقام عليها الحدّ ويؤخذ الولد فيردّ إلي صاحب النطّفة، وتؤخذ المرأة ذات الزوج فترجم.

ما فضل فاهده

سأل أعرابيّ أبابكرٍ فقال: إني أصبت بيض نعامٍ فشويته وأكلته وأنا محرم فما يجب عليّ؟ فدلّه علي امير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: سل أيّ الغلامين - يعني الحسن والحسين - شئت، فتحوّل الأعرابيّ إلي الحسن (عليه السلام).

فقال الحسن (عليه السلام): يا أعرابيّ، ألك إبل؟ قال: نعم. قال: فاعمد إلي عدد ما أكلت من البيض نوقاً فاضر بهنّ بالفحول، فما فضل منهما فأهده إلي بيت الله العتيق الذي حججت اليه.

فقال امير المؤمنين (عليه السلام): إنّ من النوق السلوب ومنها ما يزلق، فقال الحسن (عليه السلام): ان يكن من النوق السلوب ومنها ما يزلق فان من البيض ما يمرق.

لعل سيدا يرعاني

(أ) - معالي السبطين: الشيخ مهدي المازندراني.

(ب)_ الانوار البهيّة: الشيخ عباس القمي ص 76.

كان الحسن (عليه السلام) يحضر مجلس رسول الله صلّي الله عليه وآله فيسمع الوحي ويحفظه، فيأتي أمّه فيلقي إليها ما حفظه. فلمّا دخل عليّ (عليه السلام) وجد عندها علماً فسألها عن ذلك فقالت: من ولدك الحسن. فتخفّي عليّ (عليه السلام) يوماً في الدار، وقد دخل الحسن (عليه السلام)، وقد سمع، فأراد أن يلقي اليها فارتج عليه، فعجبت أمّه من ذلك.

فقال (عليه السلام): لا تعجبي يا أمّاه فان كبيراً يسمعني واستماعه قد أوقفني - وفي رواية اخري - يا أماه قلّ بياني وكلّ لساني لعلّ سيداً يرعاني، فخرج علي (عليه السلام) فقبّله.

الغائط

من لا يحضر الفقيه: محمد بن عليّ الصدوق ص 7.

سأله أحد: ما الغائط؟ فقال: لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولا تستقبل الرّيح ولا تستدبرها.

ما بذل أعظم

معالي السبطين: الشيخ مهدي المازندراني، ص 19.

وأتاه رجل في حاجةٍ، فقال (عليه السلام) له: إذهب فاكتب حاجتك في رقعةٍ، وارفعها إلينا نقضها لك. فرفع إليه حاجته فأضعفها له. فقال بعض جلسائه: ما أعظم بركة الرّقعة عليه يا ابن رسول الله؟ فقال (عليه السلام): بركتها علينا أعظم، حين جعلنا للمعروف أهلاً، أما علمت أنّ المعروف ما كان ابتداءاً من غير مسألةٍ، فامّا أعطيته بعد مسألةٍ فإنّما أعطيته بما بذل لك من ماء وجهه، وعسي أن يكون بات ليله متململاً أرقاً يميل بين اليأس والرجاء، لا يعلم لما يتوجّه من حاجته، أبكآبة الردّ أم بسرور النّجح؟؟ فيأتيك وفرائصه ترتعد، وقلبه خائف يخفق، فإن قضيت له حاجةً فبما بذل لك من ماء وجهه، فإنّ ذلك أعظم ممّا نال من معروفك.

احضر ما عندك

جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر ج 1 - ص 327.

وقف رجل علي الحسن بن عليٍ (عليه السلام) وقال: يابن رسول الله بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي لم تلها منه بشفيعٍ منك اليه بل إنعاماً منه عليك الا ما أنصفتني من خصمي، فإنه غشوم ظلوم، لا يوقر الشيخ الكبير، ولا يرحم الطفل الصغير - وكان (عليه السلام) متوكّئاً فاستوي جالساً - فقال (عليه السلام) له: ومن خصمك حتي أنتصف لك منه؟ فقال: الفقر، بأطرق (عليه السلام) ساعة، ثم رفع رأسه إلي خادمه، وقال له: أحضر ما عندك من موجود، فأحضر خمسة آلاف درهمٍ، فقال: ادفعها اليه، ثم قال (عليه السلام): بحقّ هذه الأقسام التي أقسمت بها عليّ، متي أتاك خصمك جائراً إلا ما أتيتني منه متظلّماً.

لغاض من بعد فيضه

جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر ج 1 - ص 335.

جاء أعرابيّ إلي الحسن (عليه السلام)، فقال: أعطوه ما في الخزانة. فوجد فيها عشرون ألف درهمٍ، فدفعها إلي الأعرابيّ، فقال الأعرابيّ: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي؟ فأنشأ الحسن (عليه السلام):

نح____ن أن____اس ن___والنا حنظل

يرتع فيه الرج____اء والأم______ل

تج____ود ق____بل ال__سؤال أنفسنا

خوفاً علي م__اء وجه من يسل

ل___و ع___لم الب___حر فضل نائلنا

لغاض م___ن ب__عد فيضه خ_جل

انصرفوا

البحار: محمد باقر المجلسيّ ج 40 - ص 44 الطبعة الحديثة: بعد أن دفن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، اجتمع الناس بباب دار الإمام ليشهدوا مقتل عبد الرحمن بن ملجم، فخرج إليهم الإمام الحسن (عليه السلام)، وقال:.

معاشر النّاس! إنّ أبي أوصاني أن أترك أمره إلي وفاته، فإن كان له الوفاة، وإلا نظر هو في حقّه. فانصرفوا يرحمكم الله.

تحاربوا من حاربت

التوحيد: محمّد بن عليّ الصدوق، ص 385: بعد قتل عبد الرحمن بن ملجم: قاتل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، اجتمع الناس ليبايعوا الإمام الحسن، فخطب فيهم قائلاً:..

الحمد لله علي ما قضي من أمر وخصّ من فضلٍ وعمّ من أمرٍ وجلّل من عافيةٍ، حمداً يتمّ به علينا نعمه، ونستوجب به رضوانه، إن الدنيا دار بلاءٍ وفتنةٍ وكلّ ما فيها إلي زوالٍ وقد نبّأنا الله عنها كي ما نعتبر، فقدم إلينا بالوعيد كي لا يكون لنا حجّة بعد الإنذار، فازهدوا فيما يفني وارغبوا فيما يبقي وخافوا الله في السرّ والعلانية، إن عليّاً (عليه السلام) في المحيا والممات والمبعث عاش بقدرٍ ومات بأجلٍ، وإني أبايعكم علي أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت.

اعلم انكم غادرون

جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر، ج 1 - ص 345: قاله الإمام لبعض المتظاهرين بأنهم من أصحابه، الغادرين به، والمتربّصين به لصالح معاوية:..

إنّي لأعلم أنّكم أهل مكرٍ وخدعةٍ، وأعلم أنكم غادرون ما بيني وبينكم، ولكنّي أتمّ الحجة عليكم فاجتمعوا غداً في النخيلة، ووافوني هناك ولا تنقضوا بيعتي، واتّقوا عذاب الله.

اخبرتكم انكم لا تفون

البحار: محمد باقر المجلسي، ج 44 - ص 44 الطبعة الحديثة: بعد ما غدر الكندي بالإمام والتحق بمعاوية، بعث الإمام بجيش يضمّ أربعة آلاف رجل، وأمّر عليه رجلاً من مراد، فسار حتي انتهي إلي (الأنبار) ولمّا علم معاوية به، أرسل إليه بخمسة آلاف، وكتب إليه يمنّيه بولاية أية مدينة أحبّ من مدن الشام والجزيرة، فالتحق بمعاوية، وعند ماعلم الإمام بخبر المراديّ:..

قد أخبرتكم مرّةً بعد أخري: أنّكم لا تفون لله بعهودٍ، وهذا صاحبكم المراديّ غدر بي وبكم، وصار إلي معاوية.

نحن ذوو القربي

(أ) البحار: محمد باقر المجلسي ج 44 - ص 64 الطبعة الحديثة.

(ب) شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد ج 4 - ص 13.

(ج) مطالب السؤول: كمال الدين الشافعي - ص 68، كتب الإمام الحسن بعد توليه الخلافة، إلي معاوية بن أبي سفيان:..

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله الحسن بن أمير المؤمنين إلي معاوية ابن صخرٍ:

أما بعد، فإنّ الله تعالي بعث محمداً صلي الله عليه وآله رحمةً للعالمين فأظهر به الحقّ وقمع به الباطل وأذلّ أهل الشّرك وأعزّ به العرب عامّة وشرّف به من شاء منهم خاصّةً. فقال تعالي: وأنه لذكر لك ولقومك.. فلما قبضه الله تعالي تنازعت العرب الأمر من بعده، فقالت الانصار: منّا أمير ومنكم أمير، فقالت قريش: نحن أولياؤه وعشيرته فلا تنازعوا سلطانه فعرفت العرب ذلك لقريش، ونحن الآن أولياؤه وذوو القربي منه ولا غرو الا منازعتك إيانا بغير حقٍّ في الدين معروف ولا أثر في الإسلام محموداً، والموعد الله تعالي بيننا وبينك، ونحن نسأله تبارك وتعالي أن لا يؤتينا في هذه الدنيا شيئاً ينقصنا به في الآخرة.

وبعد، فان أمير المؤمنين عليّاً بن أبي طالب (عليه السلام)

لما نزل به الموت ولاّني هذا الأمر من بعده، فاتّق الله يا معاوية وانظر لأمّة محمّد صلي الله عليه وآله ما تحقن به دماءهم وتصلح به أمورهم. والسلام.

اعلم أنك لا تفي

جلاء العيون: السيد عبدالله شبّر ج1 - ص 346: عندما يئس الإمام الحسن من الانتصار العسكريّ وجّه إلي معاوية بن أبي سفيان كتاباً جاء فيه:.

أمّا بعد: فإنّي كنت أريد أن أحيي الحقّ وأميت الباطل، وأنفذ حكم الكتاب والسنّة، ولم يوافقني النّاس علي ذلك والآن أصالحك علي شروطٍ أعلم أنّك لا تفي بها. ولا تفرح بما تيسّر لك من هذه الرّئاسة، وعمّا قريبٍ ستندم كما ندم من مضي قبلك، ولا تنفعك النّدامة.

الخلافة لي

البحار: محمد باقر المجلسيّ ج 44 - ص 45 الطبعة الحديثة: أرسل معاوية بن أبي سفيان خطاباً إلي الإمام الحسن (عليه السلام) يدّعي فيه أنّ الخلافة له، فردّ عليه الإمام بكتاب جاء فيه:.

إنما هذا الأمر لي والخلافة لي ولأهل بيتي، وإنّها لمحرّمة عليك وعلي أهل بيتك سمعته من رسول الله صلي الله عليه وآله والله لو وجدت صابرين عارفين بحقّي غير منكرين ما سلّمت لك

ولا أعطيتك ما تريد.

حقنا للدماء

البحار: محمد باقر المجلسي ج 44 - ص 27 الطبعة الحديثة.

إنّما هادنت حقناً للدّماء، وضنّاً بها، وإشفاقاً علي نفسي وأهلي، والمخلصين من أصحابي.

لا خير في الغدر

البحار: محمد باقر المجلسي ج 44 - ص 57: الطبعة الحديثة.

يا مسيّب: إنّ الغدر لا خير فيه، ولو أردت لما فعلت.

احب أن لا تتعرض له

شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد ج 4 - ص 10: كان الإمام الحسن قد أخذ من معاوية بن أبي سفيان - في شروط الصلح - أماناً له ولأصحابه، فتعرّض زياد لأحد أصحاب الإمام، فكتب الإمام إلي زياد:.

من الحسن بن عليّ إلي زيادٍ: أمّا بعد، فقد علمت ما كنّا أخذنا من الأمان لأصحابنا، وقد ذكر لي فلان أنّك تعرّضت له، فأحبّ أن لا تتعرّض له إلاّ بخيرٍ. والسلام.

يا عماه...

روضة الوافي: محسن الفيض، ص 107: قاله في توديع ابي ذرّ الغفاري لمّا سفّره عثمان من المدينة المنورة إلي الربذة:.

يا عمّاه.. إن القوم قد أتوا إليك ما قد تري، وإن الله تعالي بالمنظر الأعلي، فدع عنك ذكر الدّنيا بذكر فراقها وشدّة ما يرد عليك لرجاء ما بعدها، واصبر حتي تلقي نبيّك صلي الله عليه وآله وهو عنك راضٍ إن شاء الله.

عبادة الله

مجموعة ورّام - ص 350.

من عبد الله له كلّ شيءٍ.

مكانة المؤمن و درك الكافر

مجموعة ورّام - ص 350.

لو جعلت الدّنيا كلّها لقمةً واحدةً لقمتها من يعبد الله خالصاً، لرأيت أنّي مقصّر في حقّه.

ولو منعت الكافر منها حتّي يموت جوعاً وعطشاً، ثمّ أذقته شربةً من الماء، لرأيت أنّي أسرفت.

الفكر

البحار: محمد باقر المجلسي - ج 17 - ص 207 الطبعة القديمة.

عليكم بالفكر، فإنّه حياة قلب البّصير، ومفاتيح أبواب الحكمة.

نصف و نصف

شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد - ج 4 - ص 333.

حسن السّؤال نصف العلم، ومداراة النّاس نصف العقل، والقصد في المعيشة نصف المؤنة.

حسنة و حسنة

الإثني عشرية - محمد بن قاسم الحسيني - ص 53.

في تفسير قوله تعالي: (آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً)قال:

هي العلم والعبادة في الدّنيا، والجنّة في الآخرة.

يصور الباطل حقا

المحاسن والاضداد: الجاحظ - ص 70.

ليس من العجز أن يصمت الرّجل عند إيراد الحجّة، ولكن من الإفك أن ينطق الرّجل بالخنا، ويصوّر الباطل بصورة الحقّ.

لم ننتفع بالعلم

يدخل النّار قوم فيقول لهم أهلها: ما بالكم ابتليتم حتّي صرنا نرحمكم مع ما نحن فيه؟ فقالوا: ياقوم، جعل الله في أجوافنا علماً فلم ننتفع به نحن، ولا نفعنا به غيرنا.

المتكلف

تاريخ اليعقوبي: ابن واضح الأخباري، ج 2، صفحة 216.

ومرّ الحسن (عليه السلام) يوماً وقاصّ يقصّ علي مسجد رسول الله صلي الله وآله، فقال الحسن (عليه السلام): ما أنت؟ فقال: أنا قاصّ يابن رسول الله. قال (عليه السلام): كذبت، محمّد القاصّ، قال الله عزّ وجلّ: فاقصص القصص. قال: أنا مذكّر. قال: كذبت، محمّد المذكّر، قال الله عزّ وجلّ: فذكّر إنّما أنت مذكّر، قال: فما أنا؟ قال: المتكلّف من الرّجال.

الحرص

لآليء الاخبار: الشيخ محمد التوسير كاني، ج1، صفحة 51.

وقال (عليه السلام): من أحبّ الدّنيا ذهب خوف الآخرة عن قلبه، ومن ازداد حرصاً علي الدّنيا لم يزدد منها إلا بعداً وازداد هو من الله بعضاً، والحريص الجاهد والزاهد القانع كلاهما مستوفٍ أكله غير منقوصٍ من رزقه شيئاً فعلام التّهافت في النار.

الدنيا وديعة

رحم الله أقواماً كانت الدّنيا عندهم وديعةً، فأدّوها إلي من ائتمنهم عليها، ثمّ راحوا خفافاً.

حسرات ثلاث

لا تخرج نفس ابن آدم من الدّنيا إلا بحسراتٍ ثلاثٍ: أنّه لم يشبع بما جمع، ولم يدرك ما أمّل، ولم يحسن الزّاد لما قدم عليه.

الشاة اعقل

جلاء القلوب - السيد عبد الحسين الموسوي.

إنّ الشّاة أعقل من أكثر النّاس، تنزجر بصياح الرّاعي عن هواها، والانسان لا ينزجر بأوامر الله وكتبه ورسله.

طلب الآخرة

معاشر الشّباب: عليكم بطلب الآخرة، فوالله رأينا أقواماً طلبوا الآخرة فأصابوا الدّنيا والآخرة، ووالله ما رأينا من طلب الدّنيا فأصاب الآخرة.

طالب الدنيا و طالب الآخرة

لآليء الاخبار، الشيخ محمد التوسير كاني، ج 1 - ص 51.

النّاس طالبان: طالب يطلب الدّنيا حتّي اذا أدركها هلك، وطالب يطلب الآخرة حتّي إذا أدركها فهو ناجٍ فائز.

افعل خمسة أشياء

الاثني عشرية - محمد بن قاسم الحسيني، ص 212.

افعل خمسة أشياء واذنب ما شئت: لا تأكل رزق الله واذنب ماشئت. واطلب موضعاً لا يراك الله واذنب ما شئت. واخرج من ولايه الله واذنب ما شئت. واذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك واذنب ماشئت. واذا دخلك مالك النّار فلا تدخل النّار واذنب ما شئت.

المسألة

البحار: محمد باقر المجلسي ج 43 - ص 333 الطبعة الحديثة.

الامام الحسن - م (16).

إن المسألة لا تحلّ إلا في إحدي ثلاثٍ: دمٍ مفجع، أو دينٍ مقرحٍ، أو فقرٍ مدقعٍ.

من قل

البحار، محمّد باقر المجلسي ج 17 - ص 207 الطبعة القديمة.

من قل ذلّ، وخير الغني القنوع، وشرّ الفقر الخضوع.

صاحب الناس

البحار، محمّد باقر المجلسي ج 17 - ص 207 الطبعة القديمة.

صاحب النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به.

يومك

يومك ضيفك، وهو مرتحل بحمدك أو بذمّك.

النعمة

النّعمة محنة، وإن كفرت صارت نقمةً.

المعاجل والمؤجل

تحف العقول، الحسن بن شعبة - ص 167.

كلّ معاجلٍ يسأل النّظرة، وكلّ مؤجّلٍ يتعلّل بالتسويف.

اعظم الناس

مجموعة ورّام ص - 312.

أعرف النّاس بحقوق إخوانه، وأشدّهم قضاءً لها، أعظمهم عند الله شأناً.

ومن تواضع في الدّنيا لاخوانه، فهو عند الله من الصّدّيقين، ومن شيعة عليّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام).

اعظم الناس قدرا

الكشكول، محمد بن عبد الصمد البهائي ج 1 - ص 554.

قيل للإمام الحسن (عليه السلام): من أعظم النّاس قدراً؟ فقال: من لم يبال بالدّنيا في يدي من كانت.

المروة

تحف العقول، الحسن بن شعبة ص 166.

سئل عن المروّة فقال: شحّ الرّجل علي دينه، وإصلاحه ماله، وقيامه بالحقوق.

الرأي

لا يعرف الرأي إلا عند الغضب.

الانجاز

الإنجاز دواء الكرم.

البخل

الإثني عشرية: محمد بن قاسم الحسيني ص 55.

البخل جامع للمساويء والعيوب، وقاطع للمودّات من القلوب.

الصبر

الخير كلّه في صبر ساعةٍ واحدةٍ، تورث راحةً طويلةً، وسعادةً كثيرةً.

اهل العفو

مجموعة ورّام - ص 265.

إذا كان يوم القيامة نادي منادٍ: يا أيّها النّاس، من كان له علي الله أجر فليقم، فلا يقوم إلا أهل العفو.

المصافحة

حيّاه معاوية تحيّة، فقال له: إنّ الذي حيّيت به سلامة، والمصافحة أمن.

تشابه أهل البيت

المناقب لابن شهر آشوب: ج4، ص2.

صوّر الله عزّ وجلّ عليّاً بن أبي طالبٍ في ظهر أبي طالبٍ علي صورة محمّدٍ صلّي الله عليه وآله. وكان الحسين بن عليٍّ أشبه الناس بفاطمة، وكنت أنا أشبه النّاس بخديجة الكبري.

هكذا أدبنا الله

معالي السبطين: الشيخ مهدي المازندراني - ص 20.

جارية للحسن حيّته بطاقة ريحانٍ، فقال لها: أنت حرة لوجه الله: فقيل له في ذلك. فقال: هكذا أدّبنا الله تعالي. قال: (وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها) وكان أحسن منها إعتاقها.

القرآن يوم القيامة

ارشاد القلوب للديلمي - ص 96.

إنّ هذا القرآن يجيء يوم القيامة قائداً وسائقاً، يقود قوماً إلي الجنّة أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه وآمنوابمتشابهه، ويسوق قوماً إلي النار ضيّعوا حدوده وأحكامه واستحلّوا محارمة.

القرآن والقول فيه

ارشاد القلوب للديلمي - ص 96.

من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ

خلا بينه و بينك

ارشاد القلوب للديلمي - ص 94.

يا ابن آدم! من مثلك؟ وقد خلا ربّك بينه وبينك متي شئت أن تدخل إليه، توضّأت وقمت بين يديه، ولم يجعل بينك وبينه حجاباً ولا بوّاباً، تشكو إليه همومك وفاقتك، وتطلب منه حوائجك، وتستعينه علي أمورك.

نفسك نفسك

ارشاد القلوب للديلمي - ص 93.

يا ابن آدم! نفسك نفسك، فإنّما هي نفس واحدة، إن نجت نجوت، وإن هلكت لم ينفعك نجاة من نجا.

اغلال اهل النار

ارشاد القلوب للديلمي - ص 92.

إنّ الله لم يجعل الأغلال في أعناق أهل النّار لأنّهم أعجزوه، ولكن إذا أطفيء بهم اللّهب أرسبهم في قعرها.

لو كانت الدّنيا له

قال رجل للحسن (عليه السلام): ما تقول في رجلٍ آتاه الله مالاً، فهو يتصدّق منه ويصل منه ويحسن فيه، أله أن يعيش فيه؟ فقال: لا، لوكانت الدّنيا له كلّها ما كان له فيها إلا الكفّاف، ويقدّم ذلك ليوم فقره.

عمّرت دار غيرك

قال رجل للحسن (عليه السلام): بنيت داراً أحبّ أن تدخلها، وتدعو لله.

فدخلها ونظر إليها ثمّ قال: أخربت دارك وعمّرت دار غيرك، أحبّك من في الأرض ومقتك من في السّماء.

زوار الله

ارشاد القلوب للديلمي - ص 95.

أهل المسجد زوّار الله، وحقّ علي المزور التحفة لزائره.

تمام المروءة

ارشاد القلوب للديلمي - ص 168.

من تمام المروءة إعطاء الأجرة لحمل الصدقة

كذبتم والله

البحار: محمد باقر المجلسي - ج 44 - ص 43، بعد أن غدر المنافقون من أهل الكوفة بالإمام الحسن (عليه السلام) أكثر من مرة، جاء اليه جمع منهم يتزلفون اليه، وهم يقولون له: انت خليفة أبيك ووصيّه، ونحن السامعون المطيعون لك، فمرنا بامرك. فقال:.

كذبتم والله وما وفيتم لمن كان خيراً منّي فكيف تفون لي؟ وكيف أطمئنّ إليكم ولا أثق بكم؟ كنتم صادقين فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن، فوافوا هناك.

و لم تفعل شيئا

جلاء العيون: السيد عبد الله شبّر - ج 1 - ص 368.

قال الحسن (عليه السلام) لأهل بيته: إنّي أموت بالسّمّ كما مات رسول الله صلّي الله عليه وآله.

قالوا: ومن يفعل ذلك؟

قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيشٍ، فإنّ معاوية يدسّ إليها ويأمرها بذلك.

قالوا: أخرجها من منزلك، وباعدها من نفسك.

قال: كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئاً؟ ولو أخرجتها ما قتلني غيرها، وكان لها عذر عند النّاس.

وداع الأخوين

البحار: محمد باقر المجلسي - ج 44 - ص 145.

إنّ الحسن (عليه السلام) لمّا دنت وفاته ونفدت أيّامه وجري السمّ في بدنه تغيّر لونه واخضرّ، فقال له الحسين (عليه السلام): مالي أري لونك إلي الخضرة؟ فبكي الحسن (عليه السلام) وقال:

يا أخي لقد صحّ حديث جدّي فيّ وفيك.

ثمّ اعتنقه طويلاً وبكيا كثيراً، فسئل عن ذلك، فقال (عليه السلام): أخبرني جدّي قال: لمّا دخلت ليلة المعراج روضات الجنان، ومررت علي منازل أهل الإيمان رأيت قصرين عاليين متجاورين علي صفةٍ واحدةٍ إلاّ أنّ أحدهما من الزبرجد الأخضر والآخر من الياقوت الأحمر، فقلت: يا جبرائيل لمن هذان القصران؟ فقال: أحدهما للحسن والآخر للحسين عليهما السّلام فقلت: يا جبرائيل فلم لم يكونان علي لونٍ واحدٍ؟ فسكت ولم يرد جواباً، فقلت لم لا تتكلّم؟ قال: حياءً منك. فقلت له: سألتك بالله ألا ما أخبرتني، فقال: أمّا خضرة قصر الحسن فإنّه يموت بالسمّ ويخضرّ لونه عند موته، وأمّا حمرة قصر الحسين فإنه يقتل ويحمرّ وجهه بالدّم.

پاورقي

[1] وفي نسخة: ذلكم الله ربي: رب العالمين.

[2] إرشاد القلوب ص 81: الحسن بن محمد الديلمي.

[3] إرشاد القلوب ص 81: الحسن بن محمد الديلمي.

[4] إرشاد القلوب ص 81: الحسن بن محمد الديلمي.

[5] نسخة.

[6] آل عمران: 7.

[7] يعني فقرأ شيئاً معه يوافقه فيه آخر.

[8] مأخوذ من قوله تعالي: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) الأنعام: 108 - يعني فكما سب المشركون الله عدواً بغير علم، يشرك هؤلاء بالله من غير علم.

[9] كمم خنقته العبرة، فبكي، وبكي الناس، فلما هدأوا، استطرد قائلاً.

[10] ثم أعطاه ثلاثمائة الف درهم وعشرين ديناراً.

[11] نور الأبصار ص111.

[12] ابي قبيس: جبل في مكة المكرمة، ومنه

اخذت احجار الكعبة.

[13] تحف العقول:..

[14] (أ) البحار ج 6 - ص 154 الطبعة الحديثة عن معاني الأخبار.. (ب) درر الاخبار ج 1 - ص 240.

[15] تاريخ اليعقوبي ج 2- ص 269.

[16] المحاسن والمساوئ، للجاحظ ص 256.

[17] إلي هنا ورد في ناسخ التواريخ.

[18] هذان السؤال والجواب الاخيران، وردا في رواية محمد باقر المجلسي في البحار.

[19] التذميم: مأخوذ من أذمه، أي أجاره واخذه تحت حمايته:.

[20] نور الأبصار للشبلنجي ص 110.

[21] هذه الجملة وردت في رواية ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ج 1 - ص 44.

[22] هذه الجملة وردت في بعض الروايات.

[23] لقد اندس في صفوف الشيعة أيام الإمام الحسن (عليه السلام) الخوارج، والانتهازيون؛ وأنصار معاوية؛ لتمزيق صفوف الشيعة؛ فكشفهم الإمام بهذا الكلام؛ حيث أعلن انهم ليسوا من الشيعة، وان تستروا باسم التشيع وزعموا: انهم شيعة.

[24] فقال (زيد بن وهب الجهني): (وهل تترك شيعتك كاغنام غاب عنها رعاتها؟) فقال الإمام:.

[25] فارتفعت الأصوات من جميع جنبات الحفل، هاتفة: آمين آمين، وما جري علي يراع مؤرخ، ولا قرع سمع انسان، الا وسجل علي حسابه: آمين فآمين آمين.

[26] قال في كشف الغمة: (ولما نزل من المنبر، صعد الإمام الحسن) واختلف الرواة والمؤرخون في نص خطاب الإمام، فأوردنا جميع النصوص المنقولة كما رووها، ولعلها - بأجمعها - صحيحة، وقد قطعوها فاختلف!..

[27] الارشاد للمفيد، ص / 169 طبع ايران.

[28] كشف الغمة (ص/170).

[29] المسعودي (هامش ابن الاثير، ج 6/ص 61/ 62) وابن كثير (ج8/ص/18) والطبري (ج6/ص/93).

[30] البحار (ج 10/ص/ 114) الطبعة القديمة.

[31] المسعودي (هامش ابن الاثير ج 6/ ص 61/ 62).

[32] لان الشيعة اذا عزوا وقتلوا عن آخرهم، يطمس الإسلام كله، واذا ذلوا وبقوا، يستطيعون رفع رايته عندما يتاح لهم ذلك، وبقاء الإسلام ببقائهم

أذلاء أفضل من قتلهم أعزاء في سبيل الإسلام وقتل الإسلام بقتلهم، اذ لا يبقي بعدهم من يحمله في عقله وقلبه.

[33] فأجابه معاوية، أما بعد: فقد وصل كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه ولقد علمت بما حدث، فلم أفرح، ولم اشمت، ولم أيأس، وان علي بن أبي طالب لكما قال أعشي بن قيس ابن ثعلبة:

وأن___ت الج____واد وأنأأأت الذي

اذا م__ا القلوب ملأن الصدورا

وم____ا م___زبد م_ن خليج البحو

ري___علو الأكام ويعلو الجسورا

ب__أج___ود م_____نه ب______ما ع_نده

فيعطي الألوف ويعطي البدورا

وكتب عامله علي البصرة: عبيد الله بن عباس إلي معاوية في استنكار هذه الحادثة أما بعد: فانك ودسك أخا بني قين إلي البصرة، تتلمس من غفلات قريش، مثل الذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال امية يعني ابن الأشكري:

لع__مرك ان_ي والخزاعي طارقاً

كنع____جة غ___ار ح__تفها تتحفر

وث___ارت عليها شفرة بكراعها

فظل_ت بها من آخر الليل تنحر

شمت بقوم من صديقك أهلكوا

أص__ابهم يوم من الدهر أصفر

فأجابه معاوية: أما بعد: فان الحسن بن علي، قد كتب بنحو ما كتبت به وانني بمالم أجز ظناً وسوء رأي، وانك لم تصب مثلكم ومثلي. ولكن مثلنا ما قاله طارق الخزاعي يحيب امية عن هذا الشعر:

ف___والله ما أدري واني لصادق

إل___ي أي م__ن ي____ظنني أتعذر

اعن___ف ان كانت زنيبة الهكت

ون___ال بني لخيان شرفاً نفروا.

[34] ابن ابي الحديد (ج/4ص/12): بأجابه معاوية بالكتاب التالي:

(قد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت به محمداً رسول الله من الفضل، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله: قديمه وحديثه، وصغيره وكبيره، وقد والله بلغ وأدي، ونصح وهدي، حتي انقذ الله به من الهلكة وأنار به من العمي، وهديي به من الجهالة والضلالة، فجزاه الله أفضل ما جزي نبياً عن امته.. وذكرت وفاته وتنازع المسلمين الأمر بعده وتغلبهم علي أبيك فصرحت بتهمة أبي بكر

الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وحواري رسول الله، وصلحاء المهاجرين والانصار، فكرهت ذلك لك.. وانك امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين، ولا المسيء، ولا اللئيم، وأنا أحب لك القول السديد، والذكر الجميل، وان هذه الأمة لما اختلفت بينها لم تجهل فضلكم، ولا سابقتكم، ولا قرابتكم من نبيكم، ولا مكانكم في الإسلام وأهله. فرأت الأمة ان تخرج من هذا الأمر لقريش، لمكانها من نبيها، ورأي صلحاء الناس من قريش والانصار وغيرهم، وسائر الناس وعوامهم، ان يولوا من قريش هذا الأمر أقدمها إسلاماً، واعلمها بالله، واحبها، وأقواها علي أمر الله، فاختاروا أبابكر، وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضل، والناظرين للامة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، ولم يكونوا متهمين، ولا فيما أتوا بالمخطئين، لو رأي المسلمون أن فيكم من يغني غناءه، ويقوم مقامه، ويذب عن حريم الإسلام ذبه، ما عدلوا بالأمر إلي غيره، رغبة عنه ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحاً للإسلام وأهله، والله يجزيهم عن الإسلام وأهله خيراً.

قد فهمت الذي دعوتني اليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم، مثل الحال التي كنتم عليها انتم وأبوبكر بعد وفاة النبي!. فلو علمت: انك اضبط مني للرعية وأحوط علي هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأقوي علي جمع الاموال، وأكيد للعدو، لاجبتك إلي ما دعوتني اليه، ولو رأيتك لذلك أهلاً لسلمت لك الأمر بعد أبيك، فان أباك سعي علي عثمان، حتي قتل مظلوماً، فطالب الله بدمه، ومن يطلبه الله فلن يفوته، ثم ابتز الأمة أمرها، وخالف جماعتها؛ فخالفه نظراؤه، من أهل السابقة والجهاد، والقدم في الإسلام، وادعي: انهم نكثوا بيعته، فقاتلهم، فسفكت الدماء واستحلت الحرم، ثم أقبل الينا لا يدعي علينا بيعة ولكنه يريد ان يملكنا اغتراراً فحاربناه

وحاربنا ثم صارت الحرب إلي أن اختار رجلاً واخترنا رجلاً يحكمان بما يصلح عليه، وتعود به الجماعة والالفة، وأخذنا بذلك عليهما ميثاقاً، وعليه مثله، علي الرضا بما حكما، فأمضي الحكمان عليه الحكم بما علمت، وخلعاه، فوالله ما رضي الحكم، ولا صبر لأمر الله، فكيف تدعوني إلي أمر، انما تطلبه بحق ابيك وقد خرج، فانظر لنفسك ولدينك.. وقد علمت: اني أطول منك ولاية، واقدم منك بهذه الأمة تجربة، وأكبر منك سناً، فأنت احق ان تجيبني إلي هذه المنزلة، التي سألتني.

فادخل في طاعتي (اعاننا الله واياك علي طاعته، انه سميع مجيب الدعاء).

ولكن معاوية علم: ان هذه الأساليب الملفقة، لا تنطلي علي مثل الإمام، فخشي ان يكون رد فعل الإمام عليها الحرب، فأردفه بالكتاب التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

اما بعد: فان الله عز وجل، يفعل في عباده ما يشاء، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، فاحذر أن تكون منيتك علي ايدي رعاع من الناس، وأيس أن تجد فينا غمزة، وان انت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني، وفيت لك بما وعدت وأجزت لك ما شرطنا، وأكون في ذلك، كما قال الاعشي من بني قيس بن ثعلبة:

وان أح___داً أس____دي إلي_____ك أمانة

ف___اوف ب____ها تدعي اذا مت وافيا

ولا ت_حسب المولي اذا كان ذاغني

ولا تج____فه ان ك____ان ل__لمال فانيا

ثم الخلافة لك من بعدي، فأنت اولي الناس بها والسلام. (شرح ابن أبي الحديد ج/4 ص/13).

[35] البحار ج 10- ص 115 الطبعة القديمة. والنصائح الكافية ص 156 طبع لبنان وابن أبي الحديد، في شرحه علي نهج البلاغة ج - 4، ص - 8 عن المدائني.

[36] البحار ج 10- ص 115 الطبعة القديمة، وفتح الباري، في شرح صحيح البخاري، فيما رواه عنه ابن عقيل في النصائح الكافية

ص 15 الطبعة الاولي.

[37] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص، 19، والبداية والنهاية لابن كثير ج - 8 ص - 41 والاصابة ج 2- ص 12 - 13، وابن قتيبة ص 150.

[38] عمدة الطالب، لابن المهنا ص 52.

[39] أعيان الشيعة، ج 4 - ص 43.

[40] مقاتل الطالبيين للاصفهاني ص 26 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 15.

[41] توجد هذه النصوص متفرقة في الإمامة والسياسة ص 200 والطبري ج 6 - ص 92، وعلل الشرائع ص 81. (ودار ابجر) ولاية بفارس علي حدود الأهواز.

[42] مقاتل الطالبيين ص 26، البحار ج 10 - ص 101 و 105.

[43] توجد اكثر هذه النصوص، متكررة في جميع المصادر السابقة.

[44] البحار ج 1 - ص 115 والنصائح الكافية ص 156 طبع لبنان.

[45] وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ص 200 (ثم كتب عبد الله بن عامر - يعني رسول معاوية إلي الحسن - إلي معاوية شروط الحسن كما أملاها عليه، فكتب معاوية جميع ذلك بخطه، وختمه بخاتمه، وبذل عليه العهود المؤكدة، والايمان المغلظة، وأشهد علي ذلك جميع رؤساء اهل الشام، ووجه به إلي عبد الله، فأوصله إلي الحسن).

وأضاف في البحار ج 10 - ص 115 الطبعة القديمة: (0وعلي معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله. وميثاقه. وما اخذ الله علي احد من خلقه، بالوفاء وبما اعطي الله من نفسه).

[46] ثم كتب الإمام إلي معاوية برد زياد عليه وأرفقه بكتاب زياد اليه، فلما بلغ معاوية ذلك غضب علي زياد وكتب اليه مايلي:

(اما بعد، فان الحسن بن علي بعث الي بكتابك اليه، جواباً عن كتاب كتبه اليك في ابن أبي سرح، فأكثرت العجب منك، وعلمت: ان لك رأيين، احدهما من أبي سفيان،

والآخر من سمية، فأما الذي من أبي سفيان فحلم وحزم، وأما الذي من سمية فما يكون من رأي ممثلها، من ذلك كتابك إلي الحسن تشتم أباه وتعرض له بالفسق، ولعمري انك لأولي بالفسق من أبيه، فأما أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعاً عليك، فان ذلك لا يضعك لو عقلت، وأما تسلطه عليك بالأمر فحق لمثل الحسن أن يتسلط، واما تركك تشفيعه فيما شفع فيه اليك، فحظ دفعته عن نفسك إلي من هو أولي به منك، وإذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن ابي سرح، وابن له داره، واردد عليه ماله، ولا تتعرض له، فقد كتبت إلي الحسن (عليه السلام)، ان يخيره، إن شاء أقام عنده، وإن شاء رجع إلي بلده، ولا سلطان لك عليه لا بيد ولا لسان، واما كتابك إلي الحسن (عليه السلام) باسمه واسم امه، ولا تنسبه إلي أبيه، فان الحسن ويحك من لا يرمي به الرجوان، والي أي أم وكلته لا أم لك؟ أما علمت انها فاطمة بنت رسول الله؟ فذاك افخر له لو كنت تعلمه وتعقله.

أم___ا ح___سن ف_ابن الذي كان ق_بله

اذا سار س__ار ال__موت حيث يسير

وه___ل ي__لد الرئبال الا ن___ظ______يره

وذا حس____ن ش_____به ل___ه ون___ظير

ول____كنه ل____و يوزن الحلم والحجا

ب_____أمر ل_______قالوا ي_____ذبل وثب___ير

(شرح ابن ابي الحديد ج 4 - ص 72، و ص 7. والعقد الفريد 3 - 5).

[47] هكذا في النسخ والمصدر ص - 138. وقد صححه في الأصل المطبوع هكذا: واستملاك الامة، وليس بشيء.

[48] هذه القصة انما جرت بخيبر لا في حصار بني قريظة، ولعله من خطأ الرواة.

[49] المائدة: 87.

[50] اشارة إلي قوله تعالي في الاحزاب: 26 (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، وكفي الله المؤمنين القتال..)

وهذا في غزوة الاحزاب. واما الثانية من السورتين، فكأنه اراد قوله تعالي: في الفتح: 24: (وهو الذي كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة - إلي قوله تعالي - هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام..) الآية. وهذا في الحديبية.

وكيف كان ففي الحديث اضطراب واضح، حيث ان اباسفيان، وعيينة بن حصن كانا في حنين مسلمين وقد اعطي رسول الله صلي الله عليه وسلم كل واحد منهما مائة بعير من الفيء تاليفاً لقلبيهما وقد كان لعيينة بن حصن في اخذ عجوز من عجائز هوازن سهماً من الغنيمة شأن من الشأن، راجع سيرة ابن هشام ج 2 - 490 - 493.

[51] الفتح 25.

[52] ذكره ابن عبد البر، في الاستيعاب بذيل الاصابة ج 4 - ص 87.

[53] فيه غرابة حيث أنه كان للحسين (عليه السلام) حين ولي عثمان الخلافة اكثر من عشرين سنة، فكيف اجتره ابو سفيان؟ وكيف نتريده؟ وكيف كان يهلك لولا النعمان بن بشير؟.

[54] اخفضوا اقوالكم) خ ل. اخرجه الحاكم بالاسناد إلي علي (عليه السلام) وهكذا ابي ذر وابي سعيد الخدري، وصححه راجع مستدرك الحاكم ج 4 - ص 480.

[55] سورة السجدة آية 18.

[56] سورة الحجرات آية 6.

[57] الامالي المجلس 74 الرقم 4.

[58] الغاشية آية 3.

[59] ما بين العلامتين لا يناسب عتبة بن أبي سفيان وهو اخو معاوية لأبويه، وانما يناسب الوليد بن عقبة أخا عثمان بن عفان لأمه أروي بنت كريز، والحكم بن أبي العاص طريد رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم)، ولعينه عم عثمان حقيقة. وعم الوليد بن عقبة بهذا السبب، والظاهر انه من اضطراب في الرواية.

[60] الظاهر جعل الثلاثة الاخيرة واحداً حتي يصح (فبأي الثلاثة).

[61] الانبياء آية 111.

[62] الإسراء يية 16.

[63] النور

آية 26.

[64] فهلاظ.

[65] الاسراء آية 60.

[66] راجع الاحتجاج ص 137 - 143، وقد نقل القصة بنحو آخر في تذكرة خواص الامة لسبط ابن الجوزي ص 114 - 116 واسندها إلي اهل السير، ثم شرح غريب ألفاظها من 116 - 119.

ونقل كثيراً من مثالب هؤلاء عن كتاب المثالب لهشام بن محمد الكلبي فراجع (البحار ج 44 - ص 70 - 86. الطبعة الحديثة).

[67] ويروي: رمين بالأبعار.

[68] هكذا جاء في الاصل، والاصح: ولكن كيف تساوينا.

[69] الزيادة من المصدر ج 4 - ص 23.

[70] فقد أشرعت في المنايا أكفها: ظ وما في الصلب مطابق للاصل والمصدر.

[71] شرح ابن ابي الحديد ج / 4 ص/ 10 المحاسن والمساويء ج /1 ص/ 65،.

[72] في المصدر ص 144: (لا ننحجن) ومعني الانحجان: الانعطاف والاعوجاج، ولكن الاظهر ما اختاره المصنف صاحب البحار - رضوان الله عليه - حيث يجيء في كلامه (عليه السلام) رداً علي مروان: (وانحجزت مذعوراً).

[73] لما قتل عثمان وبايع الناس علياً، دخل المغيرة بن شعبة فقال: يا امير المؤمنين ان لك عندي نصيحة، قال: وماهي؟ قال: ان اردت ان يستقيم لك الامر فاستعمل طلحة بن عبيد الله علي الكوفة، والزبير بن العوام علي البصرة، وابعث معاوية بعده علي الشام حتي تلزمه طاعتك، فاذا استقرت لك الخلافة فأدركها كيف شئت برأيك، فلم يقبل (عليه السلام) عنه ذلك، وقال: ان اقررت معاوية علي ما في يده، كنت متخذ المضلين عضدا. راجع الاستيعاب بذيل الاصابة ج 3- ص 271.

[74] في المصدر: (عبد آبق فثقف) وكلاهما بمعني.

[75] في المصدر ص 144: (واما وصلتك فمنكورة).

[76] ومن الملحوظ: ان في هذا الحديث وما سبق تشابه كثير، ولكن اثبتناهما معاً لما فيهما من اختلاف.

[77] سورة التوبة:

102.

[78] سورة المطففين: 13.

[79] الاسراء: 64.

[80] ناسخ التواريخ:..

[81] ناسخ التواريخ:..

[82] عيون المعجزات للشريف المرتضي:..

[83] سورة البقرة - 2 - 109.

[84] كذا في نسخة الأصل - نسخة المصنف قدس سره - وفي الكافي: وأنت إمام وأنت وسيلتي.

[85] في المصدر: نغمة الرياح.

[86] زاد في المصدر: حتي لا يجد قلماً ويؤتوا بالقرطاس جمعاً.

[87] في الكافي: (ولو علم الله في أحد غير محمد خيراً لما اصطفي).

[88] أي احتقره الاعرابي لصغر سنه (عليه السلام).

[89] هيه: كلمة تقال لشيء يطرد وهي ايضاً كلمة استزادة.

[90] قال الجزري فيه: أن قريشاً كانوا يقولون ان محمداً صنبور: أي ابتر لا عقب له.

[91] من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة وكان علي فرس أشقر، يقول: ان جريت علي طبعك فتقدمت إلي العدو قتلوك وان اسرعت فتأخرت منهزماً أتوك من ورائك فعقروك، فاثبت والزم الوقار. راجع مجمع الامثال ج 2- ص 140.

[92] سويد: بتصغير الترخيم، اصله اسيود تصغير اسود.

[93] ثم أعطاه ثلاثمائة الف درهم وعشرين ديناراً.

[94] ولما سقي الإمام الحسن السم عاده الإمام الحسين فسأله: (كيف تجدك يا أخي؟) فقال الإمام الحسن:..

[95] وصف بها أهل الكوفة.

[96] البحار ج 17 - 207 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[97] البحار ج 17 - ص 204 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[98] البحار ج 17 - ص 204 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[99] ناسخ التواريخ.

[100] تحف العقول.

[101] البحار ج 43 - ص 358 الطبعة الحديثه: محمد باقر المجلسي.

[102] البحار ج 17 - ص 204 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[103] نفس المصدر ص 207.

[104] تحف العقول.

[105] أعيان الشيعة ج 4- ص 46: السيد محسن الأمين العاملي.

[106] الواعظ ج 3- ص 102.

[107] تحف العقول.

[108] تحف العقول.

[109] البحار ج 44 - ص 57: الطبعة

الحديثة: محمد باقر المجلسي.

[110] تحف العقول.

[111] تحف العقول.

[112] البحار ج 17 - ص 206 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[113] تحف العقول.

[114] البحار ج 17 - ص 206 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[115] تحف العقول.

[116] تاريخ دمشق لابن عساكر ج 12 - ص 522: اخبرنا ابو غالب بن البناء قال حدثنا ابو محمد الجوهري حدثنا ابو عمر بن حبوبة حدثنا يحيي بن محمد بن صاعد حدثنا الحسين بن الحسن حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا عبيد الله بن الوليد الرصافي عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث أن الحسن (عليه السلام) قال:..

[117] البحار ج 17 - ص 204 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[118] المصدر السابق وتحف العقول.

[119] اعيان الشيعة ج 4 - ق 1 - ص 46.

[120] اعيان الشيعة ج 4- ق 1 - ص 46.

[121] البحار ج 17 - ص 206 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[122] أعيان الشيعة ج 4 - ص 88: السيد محسن الامين العاملي.

[123] (أ) تحف العقول.

(ب) البداية والنهاية لابن كثير ج 8 - ص 39، قيل للحسن بن علي: إن ابا ذركان يقول: الفقر أحب إلي من الغني، والسقم أحب إلي من الصحة فقال: رحم الله أباذر، أما أنا فأقول:..

[124] مجموعة ورام ص 37.

[125] البحار ج 17 - ص 205 الطبعة القديمة: محمد باقر المجلسي.

[126] نفس المصدر ص 206.

[127] نفس المصدر ص 204.

[128] نفس المصدر ص 205: سئل (عليه السلام) عن الصمت، فقال:..

[129] تاريخ ابن عساكر ج 4- ص 219. كتب هذين البيتين علي فص خاتمه.

[130] المناقب ج 2 - ص 145.

[131] البحار ج 43 - ص 340.

[132] كشف الغمة ج 2 - ص 152، المناقب ج 4 - ص 22.

[133]

المحاسن والاضداد للجاحظ ص 95 والمحاسن والمساويء للبيهقي (ج 1- ص 62).

[134] المناقب. البحار ج 44 - ص 58.

[135] مناقب ابن شهر اشوب: تفاخرت قريش والحسن بن علي عليهما السلام حاضر لا ينطق، فقال معاوية: يا أبا محمد مالك لا تنطق؟ فوالله ما انت بمشوب الحسب، ولا بكليل اللسان. قال الحسن (عليه السلام): ما ذكروا فضيلة الا ولي محضها ولبابها، ثم قال:...

[136] ناسخ التواريخ.

[137] العاملي، ص 89.

[138] نور الابصار ص 111.

[139] المناقب ج 2 - ص 156.

[140] أعيان الشيعة ج 4 - ص 89 - 90 جاءه اعرابي، فقال الإمام: اعطوه ما في الخزانة، فوجد فيها عشرون ألف دينار، فدفعها إلي الاعرابي، فقال الاعرابي: يا مولاي ألا تركتني ابوح بحاجتي وانشر مدحتي؟ فأنشأ الحسن (عليه السلام):..

[141] وفيات الاعيان ج 4- ص 121. قاله بعد ما خرج من مناظرة عير فيها بسرعة الشيب إلي شاربه.

[142] البحار ج 43 - ص 334. انشأ هذه الابيات لاعرابي استصغره.

[143] العمدة ج 1 ص 21. ومعني البيت: انا نسود الظاهر من الشعر ولكن جذوره تأبي إلا البقاء علي الشيب.

[144] البحار ج 43 - ص 343 الطبعة الجديدة.

[145] البحار ج 44 - ص 57 الطبعة الجديدة: انشأ لما اضطر إلي بيعة معاوية.

[146] البحار ج 10 - ص 94.

[147] أعيان الشيعة ج 4- ق 1 - ص 40.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.