كشف الغمة في معرفة الأئمة علیهم السلام

اشارة

سرشناسه : اربلي،علي بن عيسي

عنوان و نام پديدآور : كشف الغمه في معرفه الائمه /ابوالحسن علي بن عيسي بن ابي الفتح الاربلي ؛ قدم له احمدالحسيني

مشخصات نشر : [بي جا]: مكتبه الحيدريه، 1427ق. =1385ش.=2006م.

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : :9645030889

وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي

شماره كتابشناسي ملي : 1077707

ذكر الامام الثاني أبي محمد الحسن التقي

اشاره

قال ابن طلحة رحمه الله: الباب الثاني في أبي محمد الحسن التقي عليه السلام، و فيه اثناعشر فصلا: في ولادته، في نسبه، في تسميته عليه السلام، في كنيته و لقبه، فيما ورد في حقه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و هاهنا نذكر امامته فان كمال الدين بن طلحة لم يذكر ذلك في فصوله، في علمه، في عبادته، في كرمه، في كلامه، في أولاده، في عمره، في وفاته.

في ولادته

أصح ما قيل في ولادته: انه ولد بالمدينة في النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة، و كان والده علي بن أبي طالب عليه السلام قد بني بفاطمة عليهاالسلام في ذي الحجة من السنة الثانية من الهجرة، و كان الحسن عليه السلام أول أولادها، و قيل: ولدته لستة أشهر و الصحيح خلافه.

و لما ولد عليه السلام و أعلم به النبي صلي الله عليه و آله و سلم أخذه و أذن في أذنه، و مثل ذلك روي الجنابذي أبومحمد عبدالعزيز بن الأخضر.

و روي ابن الخشاب أنه ولد عليه السلام لستة أشهر، و لم يولد لستة أشهر مولود فعاش الا الحسن و عيسي بن مريم عليهماالسلام.

و روي الدولابي في كتابه المسمي كتاب الذرية الطاهرة قال: تزوج علي فاطمة عليهاالسلام فولدت له حسنا بعد أحد بسنتين، و كان بين وقعة أحد و بين مقدم النبي صلي الله عليه و آله و سلم المدينة سنتان و ستة أشهر و نصف، فولدته لأربع سنين و ستة أشهر و نصف من التاريخ و بين أحد و بدر سنة و نصف.

و روي أنها عليهاالسلام ولدته في شهر رمضان سنة ثلاث.

و روي أنه ولد في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث، و كنيته أبومحمد.

و

روي أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عق عنه بكبش و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنته فضة.

و روي أن فاطمة عليهاالسلام أرادت أن تعق عنه بكبش، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لا تعقي

[ صفحه 485]

عنه ولكن احلقي رأسه ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله عزوجل.

و منه عن ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عق عن الحسن كبشا و عن الحسين كبشا.

و قال النجي الشافعي في كتاب كفاية الطالب: الحسن بن علي كنيته أبومحمد، ولد بالمدينة ليلة النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة، كان أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و قال أبوعلي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب اعلام الوري: الباب الأول في ذكر الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام الامام الثاني، و السبط الأول سيد شباب أهل الجنة، و يتضمن خمسة فصول: في ذكر مولده، و مبلغ عمره، و مدة خلافته، و وقت وفاته، و موضع قبره عليه السلام.

ولد عليه السلام ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، و قيل: سنة اثنتين، و كنيته أبومحمد و جاءت به امه فاطمة سيدة النساء الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنة، نزل بها جبرئيل عليه السلام الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فسماه حسنا، و عق عنه كبشا، و قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وله سبع سنين و أشهر، و قيل: ثماني سنين.

و قام بالأمر بعد أبيه عليه السلام و له سبع و ثلاثون سنة، و أقام في خلافته ستة أشهر و ثلاثة أيام، و صالح معاوية سنة احدي و أربعين، و انما هادنه [1] خوفا علي نفسه لأن جماعة من رؤساء أصحابه كاتبوا معاوية وضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام اليه عند دنو عسكره من عسكره، و لم يكن منهم من يأمن غائلته الا جماعة من شيعته لا يقومون بأهل الشام.

و كتب اليه معاوية في الهدنة و الصلح، و بعث بكتب أصحابه اليه، فأجابه الي ذلك بعد أن شرط عليه شروطا كثيرة (منها) أن يترك سب أميرالمؤمنين عليه السلام، و القنوت عليه في الصلوات، و أن يؤمن شيعته و لا يتعرض لأحد منهم بسوء، و يوصل الي كل ذي حق حقه، فأجابه معاوية الي ذلك كله، و عاهده علي الوفاء به، فلما استتمت الهدنة قال في خطبته: اني منيت الحسن و أعطيته أشياء جعلتها تحت قدمي لا أفي بشي ء منها له.

[ صفحه 486]

و خرج الحسن عليه السلام الي المدينة و أقام بها عشر سنين، و مضي الي رحمة الله تعالي لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة و له سبع و أربعون سنة و أشهر، مسموما، سمته جعدة بنت الأشعث بن قيس، و كان معاوية قد دس اليها من حملها علي ذلك و ضمن لها أن يزوجها من يزيد ابنه، و أعطاها مائة ألف درهم فسقته السم، و بقي عليه السلام مريضا أربعين يوما، و تولي أخوه الحسين عليه السلام غسله و تكفينه و دفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بالبقيع.

و قال الشيخ المفيد رحمه الله في ارشاده: باب ذكر الامام بعد

أميرالمؤمنين عليه السلام و تاريخ مولده، و دلائل امامته، و مدة خلافته، و وقت وفاته، و موضع قبره، و عدد أولاده، و طرف من أخباره:

و الامام بعد أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ابنه الحسن بن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد سيد المرسلين صلي الله عليه و آله الطاهرين، و كنيته أبومحمد.

ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، و ساق ما أورده الطبرسي الي قوله: و عق عنه كبشا قال: و روي ذلك جماعة عن جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام.

و كان الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خلقا و هديا [2] و سؤددا.

و عن أنس بن مالك قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الحسن بن علي عليهماالسلام.

و روي أن فاطمة عليهاالسلام أتت بابنيها الحسن و الحسين عليهماالسلام الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في شكواه التي توفي فيها فقالت: يا رسول الله! هذان ابناك فورثهما شيئا، فقال: أما الحسن فان له هديي و سؤددي، و أما الحسين فانه له جودي و شجاعتي.

و رواه الجنابذي: أما الحسن فله هيبتي و سؤددي، و أما الحسين فله جرأتي و جودي.

فهذا ذكر الاختلاف في مولده عليه السلام و ذكرت فيه ما أورده السنة و الشيعة ليتخلص لك معرفة ذلك و بالله التوفيق.

[ صفحه 487]

في نسبه

قال كمال الدين محمد بن طلحة: حصل للحسن و لأخيه الحسين عليهماالسلام ما لم يحصل لغيرهما، فانهما سبطا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و ريحانتاه، و سيدا شباب أهل

الجنة، فجدهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أبوهما علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم عليه السلام، و أمهما الطهر البتول فاطمة بنت محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيدة النساء.

نسب كأن عليه من شمس الضحي

نورا و من فلق الصباح عمودا

أقول: ان نسبه عليه السلام هو النسب الذي تتضاءل عنده الأنساب [7] و شرفه الشرف الذي أسجل بصحته الأثر و الكتاب، فهو و أخوه دوحتا [6] النبوة التي طابت فرعا و أصلا، و شعبتا الفتوة التي سمت رفعة و نبلا، و انسانا عيني السيادة و الفخار [7] ، و سليلا الشرف الذي أظهر الخيلاء في مضر و نزار [6] ، قد اكتنفهما العز و الشرف، و لازمهما السؤدد فما له عنهما منصرف، و أحاط بهما المجد من طرفيهما، و تصورا من الجلالة فكادت أن تقطر من عطفيهما، و تكونا من الأريحية [7] فهي تلوح علي شمائلهما، و تبدو كما يبدو النهار علي مخايلهما، بذا الأضراب و الأمثال، و أين الضريب و المماثل؟ و ترفعا في أوج الفتوة عن العديل و المساجل، و أين العديل و المساجل وفاقا في طيب الأعراق و طهارة الأخلاق رتبة الأواخر و الأوائل، فعلت سماء فضلهما من اللمس، حتي قيل أين الثريا من يد المتناول؟ نسبهما يتصل بمحمد صلي الله عليه و آله و سلم من قبل أمهما بغير فصل، و من قل أبيهما يجتمع في عبدالمطلب فأعجب لطيب فرع و زكاء أصل.

أنتم ذووا النسب القصير وطولكم

باد علي الكبراء و الأشراف

و الخمر ان قيل ابنة العنب اكتفت

باب من الألقاب و

الأوصاف

[ صفحه 488]

في تسميته

قال ابن طلحة: اعلم أن هذا الاسم الحسن سماه به جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فانه لما ولد عليه السلام قال: ما سميتموه؟ قالوا: حربا، قال صلي الله عليه و آله و سلم: بل سموه حسنا، ثم انه صلي الله عليه و آله و سلم عق عنه كبشا، و بذاك احتج الشافعي في كون العقيقة سنة عن المولود.

و تولي ذلك النبي صلي الله عليه و آله و سلم و منع أن تفعله فاطمة عليهاالسلام، و قال لها: احلقي رأسه و تصدقي بوزنه الشعر فضة، ففعلت ذلك، و كان و زن شعره يوم حلقه درهما و شيئا، فتصدقت به، فصارت العقيقة و الصدقة بزنة الشعر سنة مستمرة بما شرعه النبي صلي الله عليه و آله و سلم في حق الحسن عليه السلام، و كذا اعتمد في حق الحسين عليه السلام عند ولادته و سيأتي ذكره ان شاء الله تعالي.

و روي الجنابذي أن عليا عليه السلام سمي الحسن حمزة، و الحسين جعفرا، فدعا رسول الله عليا و قال له: اني قد أمرت أن أغير اسم ابني هذين، قال: فما شاء الله و رسوله؟ قال: فهما الحسن و الحسين.

و يظهر من كلامه أنه بقي الحسن عليه السلام مسمي حمزة الي حين ولد الحسين و غيرت أسماؤهما عليهماالسلام وقتئذ، و في هذا نظر لمتأمله، أو يكون قد سمي الحسن و غيره، و لما ولد الحسين و سمي جعفرا غيره فتكون التسمية في زمانين و التغيير كذلك.

في كنيته و ألقابه

قال ابن طلحة: كنيته أبومحمد لا غير، و أما ألقابه فكثيرة: التقي، و الطيب، و الزكي، و السيد، و السبط، و الولي، كل ذلك كان يقال له و يطلق له و يطلق

عليه، و أكثر هذه الألقاب شهرة: التقي، لكن أعلاها رتبة و أولاها به ما لقبه به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيث و صفه به و خصه بأن جعله نعتا له، فانه صح النقل عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم فيما أورده الأئمة الأثبات و الرواة الثقات، أنه قال: ابني هذا سيد.

و سيأتي هذا الحديث بتمامه في الفصل الآتي ردف هذا ان شاء الله تعالي، فيكون أولي ألقابه: السيد.

و قال ابن الخشاب: كنيته أبومحمد، و ألقابه: الوزير، و التقي، و القائم، و الطيب، و الحجة، و السيد، و السبط، و الولي.

[ صفحه 489]

فيما ورد في حقه من رسول الله و ما رواه و امامته

اشاره

قال ابن طلحة: هذا فصل أصله مقصود، و فضله معقود، و نقله مشهور، و ظله ممدود، و وروده مورود، و سدره مخضود، و طلحه منضود، و هو من أسني السجايا و المدايح معدود، فانه جمع من أشتات الاشارت النبوية، و الأفعال و الأقوال الطاهرة الزكية، ما أشرقت به أنوار المناقب، و سمقت [29] بالحسن الي أشرف شرف المراتب، و أحدقت مزايا المآثر به من جميع الجوانب، فان من امتطي مطا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم رقي قدم شرفه علي مناكب الكواكب، فبخ بخ لمن خصه الله تعالي من رسوله المصطفي بهذه المواهب.

فمنها ما اتفقت الصحاح علي ايراده، و تطابقت علي صحة اسناده و روي مرفوعا الي أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي [30] قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الحسن بن علي الي جنبه و هو يقبل علي الناس مرة و عليه مرة و يقول: ان ابني هذا سيد و لعل

الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين (رواه الجنابذي) [31] .

و روي من صحيحي مسلم و البخاري مرفوعا الي البراء بن العازب قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الحسن بن علي علي عاتقه يقول: اللهم اني أحبه فأحبه.

و روي عن الترمذي مرفوعا الي ابن عباس رضي الله عنهما انه قال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حامل الحسن بن علي علي عاتقه فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: و نعم الراكب هو. (رواه الجنابذي)

و روي عن الحافظ أبي نعيم ما أورده في حليته عن أبي بكرة قال: كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم يصلي بنا فيجي الحسن و هو ساجد و هو صغير حتي يصير علي ظهره أو رقبته، فيرفعته رفعا رفيقا، فلما صلي قالوا: يا رسول الله انك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟ فقال: ان هذا ريحانتي و ان ابني هذا سيد، و عسي أن يصلح الله به بين

[ صفحه 490]

فئتين من المسلمين. (رواه الجنابذي في كتابه)

و روي عن الترمذي من صحيحه يرفعه بسنده الي أنس بن مالك قال: سئل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أي أهل بيتك أحب اليك؟ قال: الحسن و الحسين، و كان يقول لفاطمة صلي الله عليهم: ادعي الي ابني فيشمهما و يضمهما اليه.

و روي عن مسلم و البخاري بسنديهما عن أبي هريرة قال: خرجت مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم طائفة من النهار لا يكلمني و لا

أكلمه حتي جئنا سوق بني قينقاع [32] ، ثم انصرف حتي أتي مخبئا و هو المدخ [33] فقال: أثم لكع أثم لكع [34] ؟ يعني حسنا، فظننا انما تحبسه أمه لأن تغسله أو تلبسه سخابا [35] ، فلم يلبث أن جاء يسعي حتي اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: اللهم اني أحبه و أحب من يحبه.

و في رواية أخري اللهم اني أحبه فأحبه و أحب من يحبه.

قال أبوهريرة: فما كان أحد أحب الي من الحسن بن علي بعد ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما قال فيه.

و روي عن الترمذي في صحيحه مرفوعا الي اسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلي الله عليه و آله و سلم ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج و هو مشتمل علي شي ء فما أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فاذا حسن و حسين علي وركيه [29] فقال: هذان ابناي و ابنا ابنتي، اللهم اني أحبهما و أحب من يحبهما.

و روي عن الترمذي بسنده عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.

[ صفحه 491]

و عن ابن عمر قال: سمعت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا.

و روي عن النسائي بسنده عن عبدالله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في احدي صلاتي العشاء و هو حامل حسنا فتقدم النبي صلي الله

عليه و آله و سلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلي فسجد بين ظهراني صلاته سجدة فأطالها قال: اني رفعت رأسي فاذا الصبي علي ظهر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو ساجد، فرجعت الي سجودي، فلما قضي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله انك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتي ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحي اليك؟ قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني [30] فكرهت أن أعجله حتي يقضي حاجته.

و روي عن الترمذي و النسائي في صحاحهم كل منهم بسنده يرفعه الي بريدة قال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخطب، فجاء الحسن و الحسين عليهماالسلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران، فنزل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من المنبر فحملهما و وضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله (انما أموالكم و أولادكم فتنة) فنظرت الي هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتي قطعت حديثي و رفعتهما.

و رواه الجنابذي بألفاظ قريبة من هذا و أخصر.

و روي عن الترمذي بسنده في صحيحه يرفعه الي أبي جحيفة قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كان الحسن بن علي يشبهه.

و عن أنس قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الحسن بن علي.

و عن علي عليه السلام قال: كان الحسن بن علي أشبه برسول الله ما بين الصدر الي الرأس، و الحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك.

و روي عن البخاري في صحيحه يرفعه

الي عقبة بن الحرث قال: صلي أبوبكر العصر، ثم خرج يمشي و معه علي عليه السلام، فرأي الحسن يلعب بين الصبيان، فحمله أبوبكر علي عاتقه، و قال:

بأبي شبيه بالنبي

ليس شبيها بعلي

و علي عليه السلام يضحك.

[ صفحه 492]

و روي الجنابذي هذا الحديث فقال: بأبي شبه النبي لا شبيها بعلي، قال: و علي يتبسم.

و روي عن اسماعيل بن خالد قال: قلت لأبي جحيفة: هل رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ قال: نعم و الحسن بن علي يشبهه.

و روي عن أبي هريرة قال: ما رأيت الحسن بن علي الا فاضت عيناي دموعا، و ذلك أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خرج يوما فوجدني في المسجد، فأخذ بيدي فاتكأ علي ثم انطلقت حتي جئنا الي سوق بني قينقاع، فما كلمني فطاف فنظر ثم رجع و رجعت معه، فجلس في المسجد فاحتبي [31] ثم قال: ادع لي لكع فأتي حسن يشتد حتي وقع في حجره فجعل يدخل يده في لحية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و جعل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يفتح فمه و يدخل فمه في فمه و يقول: اللهم اني أحبه و أحب من يحبه ثلاثا.

و روي بسنده عن عبدالرحمان بن عوف قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا عبدالرحمان الا أعلمك عوذة كان يعوذ بها ابراهيم ابنيه اسماعيل و اسحاق و أنا أعوذ بها النبي الحسن و الحسين، قل كفي بسمع الله واعيا لمن دعا و لا مرمي وراء أمر الله لرام رمي.

و روي

عن الدولابي مرفوعا الي جبير بن هبير عن أبيه قال: قدمت المدينة فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: كانت جماجم العرب [32] بيدي يسالمون من سالمت، و يحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله و حقن دماء المسلمين.

و روي أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أبصر الحسن بن علي مقبلا فقال: اللهم سلمه و سلم منه.

و روي مرفوعا الي أم الفضل قالت: قلت: يا رسول الله رأيت كأن عضوا من أعضائك في بيتي؟ قال: خيرا رأيت، تلد ابنتي فاطمة غلاما ترضعينه بلبن قثم [33] ، فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.

و روي مرفوعا الي اسحاق بن سليمان الهاشمي عن أبيه قال: كنا عند أميرالمؤمنين هارون الرشيد فتذاكروا علي بن أبي طالب، فقال أميرالمؤمنين هارون:

[ صفحه 493]

تزعم العوام أني أبغض عليا و ولده حسنا و حسينا، ولا و الله ما ذلك كما يظنون، ولكن ولده هؤلاء طالبنا بدم الحسين معهم في السهل و الجبل حتي قتلنا قتلته، ثم أفضي الينا هذا الأمر فخالطناهم فحسدونا، و خرجوا علينا فحلوا قطيعتهم، و الله لقد حدثني (أبي) أميرالمؤمنين المهدي، عن أميرالمؤمنين أبي جعفر المنصور عن محمد بن علي بن عبدالله، عن عبدالله بن عباس، قال: بينما نحن عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اذا أقبلت فاطمة عليهاالسلام تبكي، فقال لها النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ما يبكيك؟ قالت: يا رسول الله ان الحسن و الحسين خرجا فوالله ما أدري أين سلكا؟ فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لا تبكين فداك أبوك، فان الله جل و عز خلقهما و هو أرحم بهما، اللهم

ان كانا أخذوا في بر فاحفظهما، و ان كانا في بحر فسلمهما، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا أحمد لا تغتم و لا تحزن هما فاضلان في الدنيا، فاضلان في الآخرة، و أبوهما خير منهما، و هما في حظيرة بني النجار نائمين، و قد وكل الله بهما ملكا يحفظهما.

قال ابن عباس: فقام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قمنا معه حتي أتينا حظيرة بني النجار فاذا الحسن معانق الحسين، و اذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه، فحمل النبي صلي الله عليه و آله و سلم الحسن و أخذ الحسين الملك، و الناس يرون أنه حاملهما، فقال له أبوبكر الصديق و أبوأيوب الأنصاري رضي الله عنهما: يا رسول الله ألا نخفف عنك بحمل أحد الصبيين؟ فقال: دعاهما فانهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة، و أبوهما خير منهما.

ثم قال: و الله لاشرفنهما اليوم بما شرفهما الله، فخطب فقال: أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و جدتهما خديجة بنت خويلد، ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس أبا و أما؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ أبوهما علي بن أبي طالب و أمهما فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله و سلم، ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس عما و عمة؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ عمهما جعفر بن أبي طالب و عمتهما أم هاني بنت أبي طالب، ألا أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس خالا و خالة؟ قالوا: بلي يا أم هاني بنت أبي طالب، ألا أيها الناس ألا أخبركم

بخير الناس خالا و خالة؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ خالهما القاسم بن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و خالتهما زينب بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ألا ان أباهما في الجنة، و أمهما في الجنة، وجدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، و خالهما في الجنة، و خالتهما في الجنة، و عمهما في الجنة،

[ صفحه 494]

و عمتهما في الجنة، و هما في الجنة، و من أحبهما في الجنة، و من أحب من أحبهما في الجنة.

و روي مرفوعا الي أحمد بن محمد بن أيوب المغيري قال: كان الحسن بن علي عليهماالسلام أبيض مشربا حمرة، أدعج العينين [34] ، سهل الخدين، دقيق المسربة [35] ، كث اللحية، ذا وفرة، و كأن عنقه ابريق فضة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ربعة ليس بالطويل و لا القصير، مليحا من أحسن الناس وجها، و كان يخضب بالسواد، و كان جعد الشعر، حسن البدن.

و روي مرفوعا الي علي عليه السلام قال: لما حضرت ولادة فاطمة عليهاالسلام قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأسماء بنت عميس و أم سلمة: أحضراها فاذا وقع ولدها و استهل فأذنا في أذنه اليمني، و أقيما في أذنه اليسري، فانه لا يفعل ذلك بمثله الا عصم من الشيطان، و لا تحدثا شيئا حتي آتيكما، فلما ولدت فعلتا ذلك، فأتاه النبي صلي الله عليه و آله و سلم فسره ولباه بريقه، و قال: اللهم اني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم.

و من كتاب الفردوس عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أمرت

أن أسمي ابني هذين حسنا و حسينا.

و منه عن عائشة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: سألت الفردوس من ربها فقالت: أي رب زيني فان أصحابي و أهلي أتقياء أبرار، فأوحي الله عزوجل اليها: ألم أزينك بالحسن و الحسين.

و منه عن سلمان عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: سمي هارون ابنيه شبرا و شبيرا، و اني سميت ابني الحسن و الحسين بما سمي هارون ابنيه.

و روي أبوعمرو الزاهد في كتاب اليواقيت قال زيد بن أرقم: كنت عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في مسجده جالسا، فمرت فاطمة صلوات الله عليها خارجة من بيتها الي حجرة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و معها الحسن و الحسين عليهماالسلام، ثم تبعها علي عليه السلام، فرفع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم رأسه الي فقال: من أحب هؤلاء فقد أحبني، و من أبغض هؤلاء فقد أبغضني.

[ صفحه 495]

و مما جمعه صديقنا العز المحدث مرفوعا الي ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ليلة عرج بن الي السماء رأيت علي باب الجنة مكتوبا: لا اله الا الله، محمد رسول الله، علي حبيب الله، الحسن و الحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، علي باغضهم لعنة الله.

و باسناده قال عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ان فاطمة و عليا و الحسن و الحسين في حظيرة القدس، في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمان عزوجل.

و باسناده منه أن رسول الله صلي الله عليه و

آله و سلم قال: ابناي هذين سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما.

و من كتاب الآن لابن خالويه اللغوي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: حسن و حسين سيدا شباب أهل الجنة، من أحبهما أحبني و من أبغضهما أبغضني.

و عن جابر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان الجنة تشتاق الي أربعة من أهلي قد أحبهم الله، و أمرني بحبهم: علي بن أبي طالب، و الحسن، و الحسين، و المهدي عليه السلام، الذي يصلي خلفه عيسي بن مريم عليه السلام.

و من كتاب الآل مرفوعا الي عقبة بن عامر قال: رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: قالت الجنة: يا رب أليس قد وعدتني أن تسكني ركنا من أركانك؟ قال: فأوحي الله اليها أما ترضين أني زينتك بالحسن و الحسين، فأقبلت تميس كما تميس العروس [29] .

و من كتاب الأربعين للفتواني عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: دخلت علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و هو يمشي علي أربع و الحسن و الحسين علي ظهره و يقول: نعم الجمل جملكما، و نعم الجمالان أنتما.

و روي اللفتواني أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم دعا الحسن فأقبل و في عنقه سخاب [30] فظننت أن أمه حبسته لتلبسه، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم هكذا، و قال الحسن عليه السلام هكذا بيده فالتزمه فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: اللهم اني أحبه فأحبه، و أحب من أحبه ثلاثا، قال: و هو متفق علي صحته من حديث عبدالله بن أبي يزيد،

و رواه البخاري في السير عن علي عن سفيان.

و روي الحافظ أبوبكر محمد اللفتواني عن أبي هريرة أن الحسن بن علي عليهماالسلام

[ صفحه 496]

قال: السلام عليكم، فرد أبوهريرة، فقال: بأبي رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصلي، فسجد فجاء الحسن عليه السلام فركب ظهره و هو ساجد، ثم جاء الحسين عليه السلام فركب ظهره مع أخيه و هو ساجد، فثقلا علي ظهره فجئت فأخذتهما عن ظهره - و ذكر كلاما سقط علي أبي يعلي - و مسح علي رؤوسهما و قال: من أحبني فليحبهما ثلاثا.

و عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: من أحب الحسن و الحسين فقد أحبني، و من أبغضهما فقد أبغضني.

و روي أن العباس رضي الله عنه جاء يعود النبي صلي الله عليه و آله و سلم في مرضه، و أجلسه في مجلسه علي سريره، فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: رفعك الله يا عم، فقال العباس: هذا علي يستأذن، فقال: يدخل، فدخل و معه الحسن و الحسين عليهماالسلام، فقال العباس رضي الله عنه: هؤلاء ولدك يا رسول الله صلي الله عليك؟ قال: هم ولدك يا عم أتحبهما؟ قال: نعم، قال: أحبك الله كما أحبهما.

و عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أتي بتمر من تمر الصدقة، فجعل يقسمه، فلما فرغ حمل الصبي و قام، فاذا الحسن في فيه تمر يلوكها [31] ، فسال لعابه عليه، فرفع رأسه ينظر اليه فضرب شدقه [32] و قال: كخ أي بني [33] أماه شعرت أن آل محمد لا يأكلون

الصدقة.

قلت: و قد أورده أحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده بألفاظ غير هذه، قال الحسن: فأدخل اصبعه في فمي و قال: كخ كخ، و كأني أنظر لعابي علي اصبعه.

و روي عن أبي عميرة رشيد بن مالك هذا الحديث بألفاظ أخري، و ذكر أن رجلا أتاه بطبق من تمر فقال: أهذا هدية أم صدقه؟ قال الرجل: صدقة، فقدمها الي القوم، قال: و حسن بين يديه صغير [34] ، قال: فأخذ الصبي تمرة فجعلها في فيه، قال: ففطن له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأدخل اصبعه في فم الصبي، فانتزع التمرة ثم قذف بها، و قال: انا آل محمد لا نأكل الصدقة.

[ صفحه 497]

قال اللفتواني: لم يخرج الطبراني لأبي عميرة السعدي في معجمه سوي هذا الحديث الواحد.

و في حديث آخر انا آل محمد لا نأكل الصدقة.

قال معرف [35] : فحدثني أنه (جعل) يدخل اصبعه ليخرجها، فيقول هكذا كأنه يلتوي عليه [29] و يكره أن يؤذيه.

و روي مرفوعا الي أسامة بن يزيد أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان يقعده علي فخذه و يقعد الحسين علي الفخذ الأخري و يقول: اللهم ارحمهما فاني أرحمهما. رواه البخاري في الأدب.

و روي مرفوعا الي أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي المنبر و الحسن الي جانبه، ينظر الي الناس مرة و اليه مرة أخري: ان ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به ما بين فئتين من المسلمين.

و روي عن زيد بن أرقم أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال

لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين: أنا سلم لمن سالمتم، و حرب لمن حاربتم.

و قد روي أحمد بن حنبل رحمة الله عليه أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال - و قد نظر الي الحسن و الحسين عليهماالسلام -: من أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة.

و هذه الأحاديث قد تقدم أمثالها و هي بأنفسها و انما أذكرها مكررة لأن في اختلاف طرقها و كثرة رواتها دلالة علي صحتها، و برهانها علي القطع بورودها عنه صلي الله عليه و آله و سلم علي الحقيقة.

و روي الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة و هذا الكتاب أرويه بالاجازة عن السيد جلال الدين عبدالحميد بن فخار الموسوي الحائري عن الشيخ عبدالعزيز الأخضر المحدث اجازة في المحرم سنة عشرة و ستمائة

و عن الشيخ برهان الدين أبي الحسين أحمد بن علي المعروف بالغزنوي اجازة

[ صفحه 498]

في ربيع الأول سنة أربع عشرة و ستمائة، كلاهما عن الشيخ الحافظ أبي الفضل محمد ابن ناصر السلامي باسناده و أجاز لي السيد قديما، و في سنة ست و سبعين و ستمائة.

روي عن أبي بكرة قال: بينما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخطب اذ صعد اليه الحسن، فضمه اليه و قال: ان ابني هذا سيد، و ان الله عله [30] أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين.

قلت: و الي هذا أشار الحسن عليه السلام، و قد رواه الدولابي و غيره مرفوعا الي يزيد ابن خمير [31] عن جبير بن نفير عن أبيه قال: قدمت المدينة فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون

من سالمت، و يحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله عزوجل، و حقن دماء المسلمين.

و روي عن محمد بن عبدالرحمان بن لبيبة [32] مولي بني هاشم أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أبصر الحسن بن علي مقبلا، فقال: اللهم سلم به و سلم منه.

و روي أن أم الفضل قالت: رأيت عضوا من أعضائك في بيتي، قال: خيرا رأيتيه، تلد فاطمة غلاما ترضعينه بلبن قثم [33] ، فولد الحسن عليه السلام فأرضعته بلبن قثم.

و روي أن الحسن عليه السلام روي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال لي: ان من واجب المغفرة اذ خالك السرور علي أخيك المسلم [34] .

و روي أن الحسن قال رواية عن أبيه عليهماالسلام قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ما من رجلين اصطرما [35] فوق ثلاث الا طويت عنهما صحيفة الزيادت، قلت: يا رسول الله و ما صحيفة الزيادات؟ قال: الصلاة النافلة، و ما كان من التطوع ما لم يشاكل الفرض.

و باسناده عن أبيه صلي الله عليهما أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: حيث ما كنتم فصلوا

[ صفحه 499]

علي، فان صلاتكم تبلغني، صلي الله عليه و آله و سلم تسليما كثيرا.

و باسناده عن أبيه عليهماالسلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أظلم الظالمين من ظلم الظالم، دعوا الظالم حتي يلقي الله عزوجل بوزره يوم القيامة كاملا.

ذكر امامته و بيعته

الكلام في الحسن بن علي عليهماالسلام في باب الامامة لا يخالفنا فيه أحد من المسلمين، فأما غيره من الأئمة عليهم السلام فالمخالفة فيهم، و نحن نقرر

في هذا قاعدة تطرد في الجميع، فان القائلين بامامة الجماعة بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم قائلون بامامة الحسن عليه السلام بما رووه أن الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تعود ملكا، و بأن عليا عليه السلام أوصي بها اليه، و أفاض رداءها عليه، فهو عليه السلام مسألة اجماع، و قد سلم مدعي امامته عن النزاع.

و أما أصحابنا فانهم يقولون بوجوب الامامة في كل وقت، و قد ثبت ذلك من طريق العقل في كتب الاصول، و أن الامام لابد أن يكون معصوما منصوصا عليه، و أن الحق لا يخرج عن أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

فاذا ثبت ذلك فالناس بعد علي عليه السلام اما قائل بأن لا حاجة الي امام و قوله باطل، بما ثبت من وجوب وجود الامام في كل وقت، و اما قائل بامام و لا يشترط العصمة و قوله باطل أيضا بما ثبت من وجوب العصمة، و اما قائل بوجوب امامة الحسن بن علي عليهماالسلام لوجود الشروط المأخوذة في حد الامام فيه، فيجب الرجوع الي قوله و العمل به، و الا خرج الحق عن أقول الامة.

و في تواتر الشيعة و نقلهم خلفا عن سلف أن أميرالمؤمنين عليه السلام نص علي ابنه الحسن و حضر شيعته و استخلفه عليهم بصريح القول، و ليس لأحد أن يدعي كذبهم فيما تواتر عندهم، لأن ذلك يقدح في كل ما ادعي أنه علم بالتواتر، و في هذا الموضع بحوث طويلة مذكورة في كتب الكلام ليس ذكرها في هذا الكتاب من شرطه، و قد اشتهر عند الناس قاطبة وصية علي عليه السلام الي ابنه الحسن عليه السلام، و تخصيصه بذلك من بين ولده، و رواه المخالف و

المؤالف و الوصية من الامام الحق توجب استخلافه لمن أوصي اليه، و كذا وقعت الحال و هي مشهورة و قد أجمع عليها آل محمد عليه و عليهم السلام.

و من الأخبار المواردة في ذلك مما رواه محمد بن يعقوب الكليني و هو من

[ صفحه 500]

أجل رواة الشيعة و ثقاتها، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن ابراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي قال: شهدت أميرالمؤمنين عليه السلام حين أوصي الي ابنه الحسن، و أشهد علي وصيته الحسين و محمدا و جميع ولده و رؤساء شيعته و أهل بيته، ثم دفع اليه الكتاب و السلاح، و قال له: يا بني أمرني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن أوصي اليك، و أدفع اليك كتبي و سلاحي، كما أوصي الي و دفع الي كتبه و سلاحه، و أمرني أن آمرك اذا حضرك الموت أن تدفعها الي أخيك الحسين، ثم أقبل علي الحسين عليه السلام فقال: و أمرك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن تدفعها الي ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين و قال: و أمرك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن تدفعها الي ابنك محمد فاقرأه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و مني السلام.

و عنه عن عدة من أصحابه يرفعه الي أبي الجارود عن أبي جعفر قال: ان أميرالمؤمنين عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه الحسن: أدن مني حتي أسر اليك ما أسر الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أئتمنك علي ما ائتمنني عليه، ففعل.

و باسناده يرفعه الي شهر بن حوشب أن عليا عليه السلام لما سار الي الكوفة استودع أم سلمة رضي الله عنه كتبه و الوصية، فلما رجع الحسن عليه السلام دفعتها اليه.

و قد ثبت عند فرق الاسلام كافة أن عليا عليه السلام لما مات دعا الحسن عليه السلام الي الأمر بعد أبيه فبايعه الناس علي أنه الخليفة و الامام.

و قد روي جماعة أنه خطب صبيحة الليلة التي قبض فيها أميرالمؤمنين عليه السلام، فحمد الله و أثني عليه و صلي علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم، ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، و لم يدركه الآخرون، لقد كان يجاهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيقيه بنفسه، و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله [36] فلا يرجع حتي يفتح الله عليه يديه، و لقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسي بن مريم، و فيها قبض يوشع بن نون عليهماالسلام، و ما خلف صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم خنقته العبرة فبكي و بكي الناس معه، ثم قال: أنا ابن البشير النذير، و أنا ابن

[ صفحه 501]

الداعي الي الله باذنه، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن من أذهب الله [37] عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، أنا من أهل بيت افترض الله طاعتهم في كتابه فقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) [38] فالحسنة مودتنا أهل البيت.

ثم جلس فقام

عبدالله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي امامكم فبايعوه، فتبادر الناس الي بيعته.

فهذه أدلة قاطعة بحقية امامته.

و قد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ابناي امامان قاما أو قعدا.

و قول صلي الله عليه و آله و سلم: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، و عصمتهما معلومة ثابتة من قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [39] .

أقول: بعض هذه الخطبة قد رواها أحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده عن هبيرة قال: خطبنا الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، و لم يدركه الآخرون، كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يبعثه بالراية، جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله، لا ينصرف حتي يفتح له.

و قد رواها الدولابي في كتاب العترة بألفاظ تقارب ما رواه الجماعة، و من حديث آخر في المسند بمعناه، و في آخره: و ما ترك من صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله، و هذا قد رواه الحافظ أبونعيم في حيلته.

و هذه الخطبة قد رواها جماعة من الجمهور أيضا، و قد شهد القرآن بطهارته في قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) فلابد أن يكون عليه السلام محقا في دعوته، صادقا في امامته.

[ صفحه 502]

و قد نقل أن حبابة الوالبية أتت عليا عليه السلام في رحبة المسجد، فقالت: يا أميرالمؤمنين ما دلالة الامامة رحمك الله؟ فقال: ائتيني بتلك الحصاة - بيده الي حصاة - فأتته

بها، فطبع لي فيها بخاتمه، و قال: يا حبابة ان ادعي مدع الامامة و قدر أن يفعل كما فعلت فاعلمي أنه محق مفترض الطاعة، فالامام لا يعزب عنه شي ء يريده. قالت: ثم انصرفت حتي قبض أميرالمؤمنين عليه السلام، فأتيت الحسن عليه السلام و هو في مجلس أميرالمؤمنين و الناس يسألونه، فقال لي: حبابة الوالبية؟ فقلت: نعم يا مولاي، قال: هات ما معك، فأعطيته الحصاة فطبع فيها كما طبع أميرالمؤمنين عليه السلام، قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام و هو مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، فقرب و رحب و قال: أتريدين دلالة الامامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هات ما معك، فناولته الحصاة، فطبع فيها كما طبع أميرالمؤمنين عليه السلام، قالت: ثم رأيت علي بن الحسين عليهماالسلام و قد بلغ بي الكبر و أنا أعد مائة و ثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعا و ساجدا مشغولا بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومي الي بالسبابة، فعاد الي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضي من الدنيا و كم بقي؟ فقال: أما ما مضي فنعم، و أما ما بقي فلا [40] ، ثم قال: هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة فطبع فيها، ثم أتيت أباجعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أباعبدالله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أباالحسن موسي بن جعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها، و عاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر علي ما ذكره عبدالله بن هشام.

و روي الكليني قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل بن موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي عن أبيه موسي بن جعفر عليهماالسلام، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد عليهم السلام، أن

علي بن الحسين دعا لحبابة الوالبية فرد الله عليها شبابها و أشار اليها باصبعه فحاضت لوقتها، و لها يومئذ مائة و ثلاث عشرة سنة.

و الشيخ المفيد رحمه الله ذكر قريبا مما ذكره الطبري و منه نقل الطبرسي رحمهم الله أجمعين.

و روي الامام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه في مسنده عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال: علمني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني

[ صفحه 503]

فيمن هديت، و عافني فيمن عافيت، و تولني فيمن توليت، و بارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فانك تقضي و لا يقضي عليك، انه لا يذل من واليت، تباركت ربنا و تعاليت.

و من المسند عن أبي الحوراء قال: قلت للحسن بن علي عليهماالسلام: ما تذكر من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ قال: أذكر أني أخذت من تمر الصدقة تمرة، فألقيتها في فمي، فانتزعها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بلعابها فألقاها في التمر، فقال له رجل: ما عليك لو أكل هذه التمرة، فقال:، انا لا نأكل الصدقة، قال: و كان يقول: دع ما يريبك الي ما لا يريبك فان الصدقة طمأنينة، و الكذب ريبة.

و في حديث آخر انا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.

(و في حديث آخر و عقلت عنه الصلوات الخمس.

و قال الحسن عليه السلام: لما حضرت أبي الوفاة أقبل يوصي فقال: هذا ما أوصي به علي بن أبي طالب عليه السلام أخو محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابن عمه و صاحبه، أول وصيتي: اني أشهد أن لا اله

الا الله و أن محمدا رسوله و خيرته اختاره بعلمه، و ارتضاه بخيرته، و أن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم، عالم بما في الصدور.

ثم اني أوصيك يا حسن و كفي بك وصيا بما وصاني به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فاذا كان ذلك يا بني فألزم بيتك و ابك علي خطيئتك، و لا تكن الدنيا أكبر همك.

و أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، و الزكاة في أهلها عند محلها، و الصمت عند الشبهة، و الاقتصاد و العدل في الرضا و الغضب، و حسن الجوار، و اكرام الضيف، و رحمة المجهود، و أصحاب البلاء، وصلة الرحم، و حب المساكين و مجالستهم، و التواضع فانه من أفضل العبادة، و قصر الأمل، و ذكر الموت، و الزهد في الدنيا، فانك رهن موت و عرض بلاء و طريح سقم.

و أوصيك بخشية الله في سر أمرك و علانيتك، و أنهاك عن التسرع بالقول و الفعل، و اذا عرض شئ من أمر الآخرة فابدأ به، و اذا عرض شي ء من أمر الدنيا فتأن حتي تصيب رشدك فيه [41] .

[ صفحه 504]

و اياك و مواطن التهمة و المجلس المظنون به السوء، فان قرين السوء يغر جليسه، و كن لله يا بني عاملا، و عن الخنا زجورا [42] ، و بالمعروف آمرا، و عن المنكر ناهيا [43] ، و آخ الاخوان في الله، و أحب الصالح لصلاحه، و دار الفاسق عن دينك، و أبغضه بقلبك، و زايله بأعمالك، لئلا تكون مثله.

و اياك و الجلوس في الطرقات، ودع الممارات و مجاراة من لا عقل له و لا

علم، و اقتصد يا بني في معيشتك، و اقتصد في عبادتك، و عليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه، و ألزم الصمت تسلم، و قدم لنفسك تغنم، و تعلم الخير تعلم، و كن ذاكرا لله علي كل حال، و ارحم من أهلك الصغير، و وقر منهم الكبير، و لا تأكلن طعاما حتي تتصدق منه قبل أكله، و عليك بالصوم فانه زكاة البدن و جنة لأهله، و جاهد نفسك، و احذر جليسك، و اجتنب عدوك، و عليك بمجالس الذكر، و أكثر من الدعاء فاني لم آلك يا بني نصحا [44] و هذا فراق بيني و بينك.

و أوصيك بأخيك محمد خيرا فانه شقيقك [45] و ابن أبيك، و قد تعلم حبي له، و أما أخوك الحسين فهو ابن أمك و لا أزيدك الوصاية بذلك [46] ، و الله الخليفة عليكم، و اياه أسأل أن يصلحكم و أن يكف الطغاة البغاة عنكم، و الصبر الصبر حتي ينزل الله الأمر، و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

و قد أورد السيد الرضي الموسوي رحمه الله تعالي و ألحقه بسلفه الطاهر في نهج البلاغة وصية لأميرالمؤمنين عليه السلام كتبها الي ابنه الحسن عليه السلام و هو طولة جامعة لأدب الدين و الدنيا، كثيرة الفائدة و الجدوي، نافعة في الآخرة و الاولي، قد أخذت بمجامع الفضائل، و أعجزت بمقاصدها الأواخر و الأوائل، و كيف لا يكون كذلك و هو الذي اذا قال بذكل قائل [47] ، و عاد سحبان عنده مثل باقل [48] ، فان أنكرت فسائل، و ليس

[ صفحه 505]

هذا الكتاب موضعا لاثباتها، و قد دللتك عليها، فان أردتها فانها تجد البيان و البلاغة، و تشاهد آداب الدنيا

و الآخرة، ببدائع ألفاظ تريك، ورد البيان صافيا، و برد الفصاحة ضافيا، و حظ السمع و القلب وافيا، وليكن هذا القدر في صفتها و ان لم يكن كافيا كافيا.

قال الشيخ المفيد في ارشادة: لما قبض أميرالمؤمنين عليه السلام خطب الناس الحسن بن علي عليهماالسلام، و ذكر حقه، فبايعه أصحاب أبيه عليه السلام علي حرب من حارب و سلم من سالم.

و روي أبومخنف لوط بن يحيي قال: حدثني أشعث بن سوار، عن أبي اسحاق السبيعي و غيره قالوا: خطب الحسن بن علي عليهماالسلام صبيحة الليلة التي قبض فيها أميرالمؤمنين عليه السلام، فحمد الله و أثني عليه و صلي علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، و لم يدركه الآخرون بعمل، و لقد كان يجاهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيقيه بنفسه، و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوجهه برايته، يكتنفه جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله، فلا يرجع حتي يفتح الله علي يديه، و لقد توفي عليه السلام في الليلة التي عرج بعيسي بن مريم عليه السلام، و فيها قبض يوشع بن نون، و ما خلف صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم، فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم خنقته العبرة فبكي و بكي الناس معه، ثم قال: أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي الي الله باذنه، أنا ابن السراج المنير، أنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، أنا من أهل بيت افترض الله مودتهم [49] في كتابه فقال تعالي: (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة

في القربي و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) [50] فالحسنة مودتنا أهل البيت ثم جلس.

فقام عبدالله بن العباس رحمة الله عليهما ما بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي امامكم فبايعوه، فاستجاب له الناس، و قالوا: ما أحبه الينا و أوجب حقه علينا، و تبادروا الي البيعة له بالخلافة.

و ذلك في يوم الجمعة الواحد و العشرين من شهر رمضان، سنة أربعين من

[ صفحه 506]

الهجرة، فرتب العمال و أمر الامراء، و أنفذ عبدالله بن العباس الي البصرة و نظر في الأمور، و لما بلغ معاوية موت أميرالمؤمنين علي عليه الصلاة و السلام و بيعة الحسن عليه السلام أنفذ رجلا من حمير الي الكوفة و آخر من بني القين الي البصرة ليطالعاه بالأخبار، و يفسدا علي الحسن عليه السلام الامور و قلوب الناس، فعرف بهما و حصلهما و أمر بقتلهما، و كتب الي معاوية: أما بعد؛ فانك دسست الرجال للاحتيال و الاغتيال، و أرصدت العيون كأنك تحب اللقاء، و ما أوشك ذلك فتوقعه ان شاء الله. و بلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذووا الحجي [51] ، و انما مثلك في ذلك كما قال الأول:

فقل للذي يبقي خلاف الذي مضي

تجهز لاخري مثلها فكأن قد [52]

فانا و من قد مات منا لكالذي

يروح فيمسي في المبيت ليغتدي

و كان بينه و بين الحسن عليه السلام مكاتبات، و احتج عليه الحسن عليه السلام في استحقاقه الأمر و توثب من تقدم علي أبيه عليه السلام [53] و ابتزازه سلطان ابن عمه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم [54] و صار

معاوية نحو العراق، و تحرك الحسن عليه السلام، و بعث حجر بن عدي و استنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه، ثم خفوا و معه أخلاط من الناس، بعضهم من شيعته و شيعة أبيه عليهماالسلام و بعضهم محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة [55] ، و بعضهم أصحاب طمع في الغنائم، و بعضهم شكاك، و بعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم، لا يرجعون الي دين، ثم صار حتي نزل ساباط دون القنطرة و بات هناك.

فلما أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه و يستبري ء أحوالهم في طاعته، ليميز أولياءه من أعدائه و يكون علي بصيرة من لقاء معاوية، فأمر أن ينادي في الناس بالصلاة جامعة فاجتمعوا، فصعد المنبر فخطبهم فقال:

الحمدلله كلما حمده حامد، و أشهد أن لا اله الا الله كلما شهد له شاهد، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، أرسله بالحق و أئتمنه علي الوحي صلي الله عليه و آله و سلم، أما بعد؛ فوالله اني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله و منه و أنا أنصح خلق الله لخلقه، و ما أصبحت

[ صفحه 507]

محتملا علي امري ء مسلم ضغينة و لا مريدا له بسوء و لا غائلة [56] ، و ان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، و اني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري و لا تردوا علي رأيي، غفرالله لي ولكم، و أرشدني و اياكم لما فيه المحبة و الرضا.

قال: فنظر الناس بعضهم الي بعض و قالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظن أنه يريد أن يصالح معاوية، و يسلم الأمر اليه، فقالوا: كفر و الله الرجل و

شدوا علي فسطاطه، فانتهبوه حتي أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه رجل يقال له عبدالرحمان ابن عبدالله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه [57] عن عاتقه فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداه، ثم دعا بفرسه فركبه و أحدق به طوائف من خاصته و شيعته، و منعوا منه من أراده، و دعا ربيعة و همدان فأطافوا به و منعوه، فسار و معه شوب من غيرهم.

فلما مر في مظلم ساباط بدر اليه رجل من بني أسد اسمه الجراح بن سنان و أخذ بلجام فرسه و بيده مغول [58] و قال: الله أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل، و طعنه في فخذه فشقه حتي بلغ العظم، فاعتنقه الحسن عليه السلام و خرا جميعا الي الأرض، فأكب عليه رجل من شيعة الحسن عليه السلام فقتله بمغوله و قتل معه شخص آخر كان معه، و حمل الحسن عليه السلام علي سرير الي المدائن فأنزل به علي سعد بن مسعود الثقفي، و كان عامل علي عليه السلام بها، فأقره الحسن عليه السلام علي ذلك و اشتغل بمعالجة جرحه.

و كتب جماعة من رؤساء القبائل الي معاوية بالطاعة سرا و استحثوه علي سرعة المسير نحوهم، و ضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام اليه عند دنوهم من عسكره، أو الفتك به، و بلغ الحسن عليه السلام ذلك.

و ورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه، و كان قد أنفذه مع عبيدالله بن العباس في مسيره من الكوفة ليلقي معاوية فيرده عن العراق، و جعله أميرا علي الجماعة، و قال: ان اصيب فالأمير قيس بن سعد، يخبره أنهم نازلوا معاوية بازاء مسكن و أن معاوية أرسل الي عبيدالله بن العباس يرغبه في المسير اليه، و ضمن

له ألف ألف درهم يعجل

[ صفحه 508]

له منها النصف و يعطيه النصف الآخر عند دخوله الكوفة، فانسل عبيدالله ليلا الي معسكر معاوية و معه خاصته و أصبح الناس بغير أمير، فصلي بهم قيس رضي الله عنه و نظر في أمورهم، فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلانهم له و فساد نيات المحكمة فيه و ما أظهروه له من سبه و تكفيره و استحلال دمه و نهب أمواله، و لم يبق معه من يأمن غوائله الا خاصه من شيعته و شيعة أبيه عليهماالسلام، و هم جماعة لا يقومون بحرب أهل الشام.

فكتب الي معاوية في الهدنة و الصلح، فأنفذ اليه كتب أصحابه التي ضمنوا فيها الفتك به و تسليمه اليه، و اشترط في اجابته الي الصلح شروطا كثيرة، و عقد له عقودا كان في الوفاء بها مصالح شاملة، فلم يثق به الحسن عليه السلام و علم احتياله و اغتياله، غير أنه لم يجد بدا من اجابته الي ما التمس من ترك الحرب و انفاذ الهدنة لما كان من ضعف بصائر أصحابه في حقه و الفساد عليه و مخالفته، و استحلال كثير منهم دمه و تسليمه الي خصمه، و خذلان ابن عمه له [59] و مصيره الي عدوه، و ميلهم جميعا الي الدنيا و عاجلها.

فتوثق لنفسه عليه السلام من معاوية تأكيدا للحجة عليه، و الاعذار فيما بينه و بينه عند الله تعالي، و عند كافة المسلمين، و اشترط عليه ترك سب أميرالمؤمنين عليه السلام، و العدول عن القنوت عليه في الصلاة، و أن يؤمن شيعته رضي الله عنهم و لا يتعرض لأحد مهم بسوء، و يوصل الي كل ذي حق حقه، فأجابه معاوية الي ذلك جميعه

و عاهده عليه و حلف له بالوفاء.

فلما استتمت الهدنة سار معاوية حتي نزل بالنخيلة و كان يوم جمعة، فصلي بالناس ضحي النهار و خطبهم فقال في خطبته: اني و الله ما أقاتلكم لتصلوا و لا لتصوموا و لا لتحجوا و لا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون، ألا و اني كنت منيت الحسن و أعطيته أشياء و جميعها تحت قدمي لا أفي له بشي ء منها.

ثم سار و نزل الكوفة فأقام بها أياما، فلما استتمت بيعته صعد المنبر فخطب الناس و ذكر أميرالمؤمنين و الحسن عليهماالسلام فنال منهما، و كان الحسين عليه السلام حاضرا، فأراد أن يقوم و يجيبه فأخذ الحسن بيده و أجلسه و قام و قال: أيها الذاكر عليا أنا الحسن و أبي علي، و أنت معاوية و أبوك صخر، و أمي فاطمة و أمك هند، و جدي رسول الله وجدك

[ صفحه 509]

حرب، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا [60] و ألأمنا حسبا، و شرنا قدما، و أقدمنا كفرا و نفاقا، فقال طوائف من أهل المسجد: آمين آمين.

و خرج الحسن الي المدينة كاظما غيظه، منتظرا أمر ربه، لازما منزله الي أن تم لمعاوية عشر سنين من امارته، و أراد أخذ البيعة لابنه، دس الي زوجة الحسن عليه السلام جعدة بنت الأشعث بن قيس من حملها علي سمه، و أرسل اليها مائة ألف درهم، و ضمنه تزويجها بابنه يزيد، فسقته السم، فبقي أربعين يوما مريضا و مضي لسبيله في صفر في من سنة خمسين من الهجرة، و عمره يومئذ ثمان و أربعون سنة.

و كانت خلافته عشر

سنين، و تولي أخوه و وصيه الحسين عليهماالسلام غسله و تكفينه، و دفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف عليهماالسلام.

في علمه

قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: كان الله عز و علا قد رزقه الله الفطرة الثاقبة في ايضاح مراشد ما يعانيه، و منحه الفطنة الصائبة لاصلاح قواعد الدين و مبانيه، و خصه بالجبلة التي ردت لها أخلاف مادتها بسور العلم و معانيه، و مرت له أطباء الاهتداء من نجدي جده و أبيه [61] ، فجني بفكرة منجبة نجاح مقاصد ما يقتفيه، و قريحة مصحبة في كل مقام يقف فيه، و كان يجلس في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و يجتمع الناس حوله، فيتكلم بما يشفي غليل السائلين و يقطع حجج القائلين.

و روي الامام أبوالحسن علي بن أحمد الواحدي رحمه الله في تفسيره الوسيط ما يرفعه بسنده أن رجلا قال: دخلت مسجد المدينة فاذا أنا برجل يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الناس حوله، فقلت له: أخبرني عن (شاهد و مشهود) [62] فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم عرفة، فجزته الي آخر يحدث، فقلت له، أخبرني عن (شاهد و مشهود) فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم النحر، فجزتهما الي غلام كأن وجهه الدينار و هو يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم،

[ صفحه 510]

فقلت: أخبرني عن (شاهد و مشهود)؟ فقال: نعم، أما الشاهد فمحمد صلي الله عليه و آله و سلم، و أما المشهود فيوم القيامة، أما سمعته يقول: (يا أيها النبي انا أرسلناك

شاهدا) [63] و قال تعالي: (ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود) [64] .

فسألت عن الأول؟ فقالوا: ابن عباس، و سألت عن الثاني؟ فقالوا: ابن عمر، و سألت عن الثالث؟ فقالوا: الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام، و كان قول الحسن أحسن.

و نقل أنه عليه السلام اغتسل و خرج من داره في حلة فاخرة، و بزة طاهرة [65] ، و محاسن سافرة، و قسمات ظاهرة [66] ، و نفحات ناشرة، و وجهه يشرق حسنا، و شكله قد كمل صورة و معني، و الاقبال يلوح و أعطافه، و نضرة النعيم تعرف في أطرافه، و قاضي القدر قد حكم أن السعادة من أوصافه، ثم ركب بغلة فارهة غير قطوف [67] ، و سار مكتنفا من حاشيته و غاشيته بصفوف [68] ، فلو شاهده عبدمناف لأرغم بمفاخرته به معاطس أنوف [69] ، وعده و آبائه و جده في احراز خصل الفخار يوم التفاخر بألوف، فعرض له في طريقه من محاويج اليهود هم في هدم قد أنهكته العلة [70] ، و ارتكبته الذلة، و أهلكته القلة، و جلده يستر عظامه، و ضعفه يقيد أقدامه، و ضره قد ملك زمامه، و سوء حاله قد حبب اليه حمامه [71] و شمس الظهيرة تشوي شواه [72] ، و أخمصه تصافح ثري ممشاه [73] ، و عذاب عرعريه قد عراه [74] ، و طول طواه قد أضعف بطنه

[ صفحه 511]

و طواه [75] ، و هو حامل جر مملوءا ماءا علي مطاه [76] ، و حاله يعطف عليه القلوب القاسية عند مرآه، فاستوقف الحسن عليه السلام و قال: يابن رسول الله أنصفني، فقال عليه السلام في أي شي ء؟ فقال: جدك

يقول: الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر، و أنت مؤمن و أنا كافر، فما أري الدنيا الا جنة لك تتنعم بها و تستلذ فيها؟ و ما أراها الا سجنا لي قد أهلكني ضرها و أتلفني فقرها؟

فلما سمع الحسن عليه السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد، و استخرج الجواب بفهمه من خزانة علمه، و أوضح لليهودي خطأ ظنه، و خطل زعمه، و قال: يا شيخ! لو نظرت الي ما أعد الله لي و للمؤمنين في الدار الآخرة مما لا عين رأت و لا أذن سمعت، لعلمت أني قبل انتقالي اليه في هذه الدنيا في سجن ضنك، و لو نظرت الي ما أعد الله لك ولكل كافر في الدار الآخرة من سعير نار الجحيم، و نكال عذاب المقيم، لرأيت أنك قبل مصيرك اليه الآن في جنة واسعة، و نعمة جامعة.

فانظر الي هذا الجواب الصادع بالصواب كيف قد تفجرت بمستعذبه عيون علمه، و أينعت بمستغربه فنون فهمه، فياله جوابا ما أمتنه، و صوابا ما أبينه، و خطابا ما أحسنه، صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوة، و تأييد موروث من آثار معالم الرسالة (هذا آخر كلام ابن طلحة).

نقلت من كتاب معالم العترة الطاهرة للجنابذي رحمة الله عليه عن عقبة ابن الحرث قال: مر النبي صلي الله عليه و آله و سلم مع أبي بكر رضي الله عنه اذ رأي الحسن بن علي عليه السلام و هو يلعب، فأخذه فحمله علي عاتقه فقال: بأبي شبيه النبي لاشبيها بعلي، قال: و علي عليه السلام يتبسم.

و عن ابن مالك قال: كان الحسن بن علي عليهماالسلام أشبههم برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و عن اسماعيل بن أبي خالد قال:

قلت لأبي جحيفة: هل رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ قال: نعم، و كان الحسن بن علي عليه السلام يشبهه صلي الله عليه و آله و سلم.

و عن أبي هريرة قال: ما رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام الا فاضت عيناي دموعا، و ذلك أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خرج ذات يوم فوجدني في المسجد فأخذ بيدي فاتكأ علي ثم انطلقت معه حتي جئنا الي سوق بني قينقاع، فما كلمني فطاف فنظر، ثم رجع

[ صفحه 512]

و رجعت معه، فجلس في المسجد فاحتبي ثم قال: ادع لي لكع فأتي حسن يشتد حتي وقع في حجره فجعل يدخل يده في لحية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و جعل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يفتح فمه و يدخل فمه في فمه و يقول: اللهم اني احبه و أحب من يحبه - ثلاثا -.

و عن بريدة قال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخطب فأقبل الحسن و الحسين عليهماالسلام و عليهما قميصان أحمران، يعثران و يقومان، فلما رآهما نزل و أخذهما ثم صعد فوضعهما في حجره، ثم قال: صدق الله (انما أموالكم و أولادكم فتنة) رأيت هذين فلم أصبر حتي أخذتهما.

و عن عبدالرحمان بن عوف قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا عبدالرحمان ألا أعلمك عوذة كان يعوذ بها ابراهيم ابنيه اسماعيل و اسحاق و أنا أعوذ بها ابني الحسن و الحسين؟ قل كفي بسمع الله واعيا لمن دعا، و لا مرمي وراء أمر الله لرام رمي.

و عن

محمد بن عمر قال: لما ولد الحسن بن علي عق عنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بكبش، و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنته فضة.

و عن أنس بن مالك قال: كان أشبههم برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - يعني أهل البيت - حسن بن علي.

و عن علي عليه السلام قال: أشبه الحسن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - ما بين الصدر الي الرأس، و الحسين أشبه النبي صلي الله عليه و آله و سلم ما كان من أسفل من ذلك.

و عن أبي بكرة قال: بينما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخطب اذ صعد اليه الحسن فضمه اليه و قال: ان ابني هذا سيد، و ان الله عله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين.

و عن جبير بن نفير عن أبيه قال: قدمت المدينة فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، و يحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله و حقن دماء المسلمين.

و عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم رأي الحسن مقبلا فقال: اللهم سلمه و سلم منه.

و قالت أم الفضل: يا رسول الله رأيت كأن عضوا من أعضائك في بيتي، قال: خيرا رأيت، تلد فاطمة غلاما ترضعينه بلبن قثم، فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.

قال: و خطب الحسن بن علي عليهماالسلام حين قتل علي عليه السلام فحمد الله و أثني عليه ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، و لا يدركه الآخرون، و قد كان رسول الله صلي الله عليه و آله و

سلم يعطيه رايته و يقاتل جبريل عن يمينه و ميكائيل عن شماله، فما يرجع

[ صفحه 513]

حتي يفتح الله عليه، و ما ترك علي ظهر الأرض صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، و أنا ابن الوصي، و أنا ابن البشير، و أنا ابن النذير، و أنا ابن الداعي الي الله باذنه، و أنا ابن السراج المنير، و من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل فيه و يصعد من عندنا، و أنا من أهل بيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و أنا من أهل بيت الذين افترض الله مودتهم علي كل مسلم فقال لنبيه: (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فالحسنة مودتنا أهل البيت.

و عن عبدالله بن عباس قال: بينما نحن عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اذ أقبلت فاطمة عليهاالسلام تبكي، فقال لها النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ما يبكيك؟ قالت يا رسول الله ان الحسن و الحسين خرجا فوالله ما أدري أين سلكا؟ فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لا تبكين فداك أبوك، فان الله عزوجل خلقهما و هو أرحم بهما، اللهم ان كانا قد أخذا في بر فاحفظهما، و ان كانا قد أخذا في بحر فسلمهما، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا أحمد لا تغتم و لا تحزن هما فاضلان في الدنيا، فاضلان في الآخرة، و أبوهما خير منهما، و هما في

حظيرة بني النجار نائمين، و قد وكل الله بهما ملكا يحفظهما.

قال ابن عباس: فقام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قمنا معه حتي أتينا حظيرة بني النجار، فاذا الحسن معانق الحسين، و اذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه، فحمل النبي صلي الله عليه و آله و سلم الحسن و أخذ الحسين الملك، و الناس يرون أنه حاملهما، فقال له أبوبكر الصديق، و أبوأيوب الأنصاري رضي الله عنهما: يا رسول الله ألا نخفف عنك بحمل أحد الصبيين؟ فقال: دعاهما فانهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة، و أبوهما خير منهما.

ثم قال: و الله لاشرفنهما بما شرفهما الله، فخطب فقال: أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدا و جدة؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وجدتهما خديجة بنت خويلد، ألا أخبركم بخير الناس أبا و أما؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ أبوهما علي بن أبي طالب، و أمهما فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله و سلم، ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس عما و عمة؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ عمهما جعفر بن أبي طالب و عمتهما أم هاني بنت أبي

[ صفحه 514]

طالب، أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس خالا و خالة؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين؛ خالهما القاسم بن محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و خالتهما زينب بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ألا ان أباهما في الجنة، و أمهما في الجنة، وجدهما

في الجنة، وجدتهما في الجنة، و خالهما في الجنة، و خالتهما في الجنة، و عمهما في الجنة، و عمتهما في الجنة، و هما في الجنة، و من أحبهما في الجنة، و من أحب من أحبهما في الجنة.

و قال أحمد بن محمد بن أيوب المغيري: كان الحسن بن علي عليهماالسلام أبيض مشربا حمرة، أدعج العينين، سهل الخدين، دقيق المسربة، كث اللحية، ذا وفرة، و كأن عنقه ابريق فضة، عظيم الكراديس [77] ، بعيد ما بين المنكبين، ربعة ليس بالطويل و لا القصير، مليحا من أحسن الناس وجها، و كان يخضب بالسواد، و كان جعد الشعر، حسن البدن، توفي و هو ابن خمس و أربعين سنة، و ولي غسله الحسين، و محمد و العباس أخواه من علي بن أبي طالب عليهم السلام و صلي عليه سعيد بن العاص في سنة تسع و أربعين.

و عن ابن عباس قال: كان البني صلي الله عليه و آله و سلم حاملا للحسن بن علي علي عاتقه فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: و نعم الراكب هو.

و عن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنها أتت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و معها الحسن و الحسين في مرضه الذي توفي فيه، قالت: يا رسول الله ان هذين لم تورثهما شيئا؟ قال: أما الحسن فله هيبتي و سؤددي، و أما الحسين فله جرأتي وجودي.

و عن عائشة أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان يقبل نحر فاطمة و يشمه.

و عن أم عثمان أم ولد علي بن أبي طالب عليه السلام قالت: كانت لآل رسول الله

صلي الله عليه و آله و سلم قطيفة يجلس عليها جبرئيل، لا يجلس عليها غيره، و اذا خرج طويت و كان اذا عرج انتفض فيسقط من زغب ريشه فيقوم فيتبعه و يجعله في تمائم الحسن و الحسين [78] .

و عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ثلاث مرات في حجة

[ صفحه 515]

الوداع: اني تارك فيكم الثقلين، و أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله عزوجل و عترتي أهل بيتي لا يفترقان حتي يردا علي الحوض، ألا ان كتاب الله حبل ممدود أصله في الأرض و طرفه في العرش، مثله كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، و مثلهم كباب حطة من دخله غفرت له الذنوب.

و عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: اني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا أبدا: كتاب الله و أهل بيتي.

و عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم غدير خم يقول اني تارك فيكم كتاب الله حبل ممدود من السماء، من استمسك به كان علي الهدي، و من تركه كان علي الضلالة، و أهل بيتي أذكركم الله عزوجل في أهل بيتي، أذكركم الله عزوجل في أهل بيتي، أذكركم الله عزوجل في أهل بيتي، قال: فقلت لزيد: من أهل بيته؟ فقال: الذين لا تحل لهم الصدقة، آل علي و آل عباس و آل جعفر و آل عقيل.

و عن ذكوان مولي معاوية قال: قال معاوية: لا أعلمن أحدا سمي هذين الغلامين ابني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ولكن

قولوا ابني علي عليه السلام: قال ذكوان: فلما كان بعد ذلك أمرني أن أكتب بنيه [79] في الشرف، قال: فكتبت بنيه و بني بنيه، و تركت بني بناته، ثم أتيته بالكتاب فنظر فيه فقال: ويحك لقد أغفلت كبر بني فقلت: من؟ فقال: أما بنو فلانة لابنته بني، أما بنو فلانة لابنته بني، قال: قلت: الله أيكون بنو بناتك بنيك و لا يكون بنو فاطمة بني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ قال: مالك قاتلك الله، لا يسمعن هذا أحد منك.

و عن عوف بن الأزرق بن قيس و ذكر حديث المباهلة.

و عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حامل الحسن بن علي عليهماالسلام علي عاتقه، و هو يقول: اللهم اني احبه فأحبه.

و في رواية و أحب من يحبه.

و عن أبي هريرة قال: نظر النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي علي و الحسن و الحسين و فاطمة صلوات الله عليهم فقال: أنا حرب لمن حاربكم، و سلم لمن سالكم.

و عن عقبة بن الحرث قال: خرجت مع أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم

[ صفحه 516]

بليال، و علي عليه السلام يمشي الي جنبه، فمر بالحسن بن علي يلعب غلمان، فاحتمله علي رقبته و هو يقول:

بأبي شبيه بالنبي

ليس شبيها بعلي

قال: و علي عليه السلام يضحك.

و عن عبيدالله بن عبيد بن عمير قال: حج الحسن بن علي عليهماالسلام خمسا و عشرين حجة ماشيا، و ان الجنايب [80] لتقاد معه.

و عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه

قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.

و عن علي عليه السلام قال: لما حضرت ولادة فاطمة عليهاالسلام قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأسماء بنت عميس و لام سلمة: أحضراها فاذا وقع ولدها و استهل [81] فأذنا في أذنه اليمني، و أقيما في أذنه اليسري، فانه لا يفعل ذلك بمثله الا عصم من الشيطان، و لا تحدثا شيئا حتي آتيكما، فلما ولدت فعلتا ذلك، فأتاه النبي صلي الله عليه و آله و سلم فسره و لبأه بريقه [82] ، و قال: اللهم اني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم.

و عن سويد بن غفلة قال: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي عليهماالسلام، فلما أصيب علي عليه السلام و بويع الحسن عليه السلام بالخلافة قالت: لتهنك الخلافة يا أميرالمؤمنين قال: يقتل علي عليه السلام فتظهرين الشماتة؟ اذهبي فأنت طالق ثلاثا، فتلفعت بساجها و مضت [83] ، فلما انقضت عدتها بعث اليها ببقية بقيت من صداقها عشرة آلاف درهم فقالت: (متاع قليل من حبيب مفارق) فلما بلغه قولها بكي، و قال: لولا انني سمعت جدي أو حدثني أبي أنه سمع جدي صلي الله عليه و آله و سلم يقول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثا قبل الاقراء، أو ثلاثة مبهمة فلا تحل له حتي تنكح زوجا غيره.

[ صفحه 517]

كذا في الأصل فأما أن يكون حذف الجواب للعلم به أو يكون الناسخ قد أخل به.

و عن علي بن عقبة عن أبيه قال: دخل الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام علي معاوية و عنده شباب من قريش يتفاخرون، و

الحسن ساكت، فقال له: يا حسن و الله ما أنت بكليل اللسان و لا بمأشوب الحسب [84] ، فلم لا تذكر فخركم و قديمكم؟ فأنشأ الحسن يقول:

فيم الكلام و قد سبقت مبرزا

سبق الجواد من المدي المتباعد

نحن الذين اذا القروم تخاطروا

طبنا علي رغم العدو الحاسد [85] .

و عن يونس بن عبيد قال: لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع فأكب عليه ابنه عبدالله، فقال: يا أبة هل رأيت شيئا؟ فقد غممتنا، فقال عليه السلام: أي بني هي و الله نفسي التي لم أصب بمثلها.

و باسناده قال: لما حضرت الحسن بن علي الوفاة كأنه جزع عند الموت، فقال له الحسين عليه السلام - كأنه يعزيه -: يا أخي ما هذا الجزع؟ انك ترد علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي عليه السلام و هما أبواك، و علي خديجة و فاطمة و هما اماك، و علي القاسم و الطاهر و هما خالاك، و علي حمزة و جعفر و هما عماك، فقال له الحسن: أي أخي أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل فيه.

من روي من أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب عنه عن النبي زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب

عن زيد بن الحسن بن علي عن أبيه قال: لما آخي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بين الصحابة آخي بين أبي بكر و عمر، و بين طلحة و الزبير، و بين حمزة بن عبدالمطلب و بين زيد بن حارثة، و بين عبدالله بن مسعود و بين المقداد بن عمرو رضي الله عنهم أجمعين، فقال علي عليه السلام: آخيت بين أصحابك و أخرتني قال: ما أخرتك الا لنفسي.

الحسن بن الحسن علي أبيه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه

و آله و سلم: ان من واجب

[ صفحه 518]

المغفرة ادخالك السرور علي أخيك المسلم.

عبدالله بن الحسن [86] عن أبيه الحسن بن علي عليهم السلام عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: الرحم شجنة [87] من الرحمان عزوجل؛ من وصلها وصله الله، و من قطعها قطعه الله.

و عن عبدالله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة عليهم السلام قال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اذا دخل المسجد قال: بسم الله و الحمدلله و صلي الله علي رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي و سهل لي أبواب رحمتك، و اذا خرج قال مثل ذلك الا أنه يقول: اللهم اغفر لي ذنوبي، و سهل لي أبواب (رحمتك) و فضلك.

و عن عبدالله بن حسن عن أبيه عن فاطمة الكبري قالت: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ما التقي جندان ظالمان الا تخلي الله عنهما، و لم يبال أيهما غلب و ما التقي جندان ظالمان الا كانت الدبرة علي أعتاهما.

و عن عبدالله بن الحسن عن أبيه الحسن بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: للنساء عشر عورات، فاذا تزوجت المرأة ستر الزوج عورة، و اذا ماتت ستر القبر عشر عورات.

و عن محمد بن حرب قال: قال عبدالله بن الحسن بن الحسن لابنه محمد: استعن علي السلامة بطول الصمت، في المواطن التي تدعوك نفسك الي الكلام فيها، فان الصمت حسن علي كل حال.

و عن زياد بن المنذر قال: قال

عبدالله بن حسن بن حسن لابنه: اياك و معاداة الرجال فانك لا تأمن مكر حليم و مبادرة لئيم.

حسن بن حسن [88] عن أمه فاطمة بنت الحسين عن فاطمة الكبري بنت رسول

[ صفحه 519]

الله صلي الله عليه و آله و سلم قالت: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لا يلومن الا نفسه من بات و في يده غمر. ]قلت: الغمر: السهك[ [89] .

و عن المنذر بن زياد حدثنا عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: من أجري الله علي يديه فرجا لمسلم، فرج الله عنه كرب الدنيا و الآخرة.

و قال في عقبه عن أبيه عن جده أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: من عال أهل بيت من المسلمين يومهم وليلتهم، غفر الله له تعالي ذنوبه.

و عن محمد بن حرب قال: أوصي محمد بن علي بن الحسين ابنه جعفر بن محمد عليهم السلام فقال: يا بني اصبر للنوايب و لا تعرض للحتوف و لا تعط نفسك ما ضره عليك أكثر من نفعه لغيرك، يا بني أن الله تعالي رضيني لك فحذرني فتنتك [90] و لم يرضك لي فأوصاك بي.

و قال أبوحمزة الثمالي: أخبرنا محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: كان يقول لولده: يا بني اذا أصابتكم مصيبة الدنيا أو نزلت بكم فاقة فليتوضأ الرجل، فيحسن وضوءه و ليصل أربع ركعات أو ركعتين، فاذا انصرف من صلاته فليقل: «يا موضع كل شكوي، يا سامع كل نجوي، يا شافي كل بلاء، و يا عالم كل

خفية، و يا كاشف ما يشاء من بلية، يا منجي موسي، يا مصطفي محمد، يا خليل ابراهيم، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، و ضعفت قوته، و قلت حيلته، دعاء الغريب الغريق، الفقير الذي لا يجد لكشف ما هو فيه الا أنت يا أرحم الراحمين، لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين».

قال علي بن الحسين: لا يدعو بها رجل أصابه بلاء الا فرج الله تعالي عنه.

(آخر ما أورده الحافظ عبدالعزيز رحمه الله تعالي)، و ما أورده عن الامام زين العابدين عليه و علي آبائه السلام كان ينبغي أن يورده عند ذكر أخباره عليه السلام، و انما تبعته أنا و لم أنقله الي بابه لأني خفت أن يشذ عني، أو أسهو عنه عند شروعي في ذكره،

[ صفحه 520]

فكتبته هنا لأن كلما ذكرته في مناقبهم لو قصرته علي أحدهم لكانوا فيه شركاء علي السوية، و ما أعطي أحدهم منزلة شرف الا و كلهم مخصوصون بمثل تلك العطية، فهم صلي الله عليهم خلاصة الوجود، و معادن الكرم و الجود، و شجن الولي و شجي الحسود [91] ، و العدة و العتاد في اليوم الموعود و السلام.

في عبادته

قال الشيخ كمال الدين بن طلحة رحمه الله تعالي: اعلم وصلك الله بحبل تأييده، و أوصلك بلطفه الي مقام توفيقه و تسديده، ان العبادة تنقسم الي ثلاثة أنواع: بدنية، و مالية، و مركبة منهما، فالبدنية كالصلاة و الصوم و تلاوة القرآن الكريم، و أنواع الذكر و المالية كالصدقات و الصلات و المبرات، و المركب منهما كالحج و الجهاد و الاعتمار، و قد كان الحسن عليه السلام ضاربا في كل واحد من هذه الأنواع بالقدح الفائز و القدح

الحائز.

أما الصلاة و الأذكار و ما في معناهما فقيامه بها مشهور، و اسمه علي أربابها مذكور.

و أما الصدقات فقد صح النقل في ما رواه الامام الحافظ أبونعيم بسنده في حليته أنه عليه السلام خرج من ماله مرتين، و قاسم الله تعالي ماله ثلاث مرات، و تصدق به حتي أنه كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا، و سيأتي تمام ذلك في الفصل الثامن المعقود لذكر كرمه و صلاته ان شاء الله تعالي.

و أما العبادة المركبة نقل الحافظ المذكور في حليته بسنده أنه عليه السلام قال: اني لأستحيي من ربي أن ألقاه و لم أمش الي بيته، فمشي عشرين مرة من المدينة الي مكة علي رجليه.

و روي صاحب كتاب صفوة الصفوة بسنده عن علي بن زيد بن جدعان قال: حج الحسن عليه السلام خمس عشرة حجة ماشيا، و ان النجائب لتقاد معه، فأي زهد أعظم من هذا (آخر كلامه).

قال أفقر عباد الله تعالي علي بن عيسي: فضائل الحسن و فواضله و مكارمه

[ صفحه 521]

و نوافله و عبادته و زهادته و سيرته التي جرت بها عادته و سريرته، التي عرفت بها قاعدته، من الامور التي اشتهرت و ظهرت، و كم رام الأعداء سترها فما استترت، و هل يخفي النهار لذي عينين، و من الذي يبلغ شأو الحسن و الحسين [92] ، و كيف لا و قد خصا بالولدين و السيدين و الريحانتين، فمناقبهما صلي الله عليهما تملي، و قلم القدر يكتب بالتصديق، و يسجل لمواليهما بحسن الاهتداء و معاونة التوفيق.

و من كلامه الدال علي عبادته و نزاهته، الشاهد بقوة تمكنه و علو مكانته، قوله في بعض مواعظة: يابن آدم عف

عن محارم الله تكن عابدا، و ارض بما قسم الله سبحانه تكن غنيا، و أحسن جوار من جاورك تكن مسلما، و صاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك بمثله تكن عدلا، انه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيرا و يبنون مشيدا، و يأملون بعيدا، أصبح جمعهم بورا [93] و عملهم غرورا، و مساكنهم قبورا يابن آدم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فان المؤمن يتزود، و الكافر يتمتع.

و كان يتلو بعد هذه الموعظة: (و تزودوا فان خير الزاد التقوي).

فتدبر معاني هذا الكلام بفكرك، و أعطه نصيبا وافرا من فهمك تجد مشرع (العبادة و) الفصاحة نميرا [94] و يتحقق قوله تعالي: (ذرية بعضها من بعض) ان وجدت قلبا عقولا و طرفا بصيرا.

و روي الكليني رحمه الله تعالي مرفوعا عن أبي أسامة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خرج الحسن بن علي عليه السلام الي مكة سنة ماشيا فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت ليسكن عنك هذا الورم؟ فقال: كلا اذا أتينا هذا المنزل فانه يستقبلك أسود و معه دهن فاشتر منه و لا تماكسه [95] ، فقال له مولاه: بأبي أنت و أمي ما قدمنا منزلا فيه أحد يبيع هذا الدواء، قال: بلي انه أمامك دون المنزل، فساروا أميالا فاذا هم بالاسود، فقال الحسن بن علي عليهماالسلام لمولاه: دونك الرجل فخذ منه الدهن و أعطه الثمن، فقال له الأسود: يا غلام لمن أردت هذا الدهن؟ فقال: للحسن بن علي عليهماالسلام، فقال: انطلق بي

[ صفحه 522]

اليه، فانطلق به فأدخله اليه، فقال: بأبي أنت و أمي لم أعلم أنك تحتاج

الي هذا، و لست آخذ له ثمنا، انما أنا مولاك، ولكن ادع الله لي أن يرزقني ولدا ذكرا سويا محبكم أهل البيت، فاني خلفت أهلي تمخض [96] فقال: انطلق الي منزلك فقد وهب الله لك ذكرا سويا و هو من شيعتنا.

و مما رواه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خرج الحسن بن علي عليهماالسلام في بعض عمره و معه رجل من ولد الزبير يقول بامامته، فنزلوا منهلا [97] تحت نخل يابس، ففرش للحسن عليه السلام تحت نخلة، و للزبيري تحت أخري، فقال الزبيري: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه، فقال له الحسن: و انك لتشتهي الرطب؟ فقال الزبيري: نعم، فرفع يده الي السماء فدعا بكلام لم أفهمه فاخضرت النخلة، ثم صارت الي حالها، و أورقت و حملت رطبا، فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله، فقال له الحسن: ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي الله مستجابة فصعدوا و صرموا [98] ما كان في النخلة فكفاهم.

في كرمه و جوده و صلاته

اشاره

قال ابن طلحة رحمة الله تعالي: الجود و الكرم غريزة مغروسة فيه، و صرفه لصنوف زخارف الدنيا عنه نهج ما زال يقتفيه، و ايصال صلاته الي المعتفين [99] يعتده من مناقب معانيه، و ابقاء الأموال عنده يعتقده من مثالب من يعانيه، و يري اخراج الدنيا عنه خير ما يحتقبه [100] من عمله و يجتبيه، و حجته في ذلك واضحة فانه حرام علي الولد مجامعة مطلقة أبيه، و قد نقل عنه من تتابع ارفاده بموجوده [101] ، و وقايع استنفاده [102] فيه جل مجهوده، ما يشهد له بكرمه وجوده، و ينضده في سلك سجاياه مع ركوعه و سجوده.

[ صفحه 523]

فمنها ما نقل عنه عليه السلام رواه سعيد

بن عبدالعزيز قال: ان الحسن عليه السلام سمع رجلا يسأله ربه تعالي أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الحسن عليه السلام الي منزله فبعث بها اليه.

و منها: أن رجلا جاء اليه عليه السلام و سأله حاجة فقال له: يا هذا حق سؤالك يعظم لدي، و معرفتي بما يجب لك يكبر لدي، و يدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، و الكثير في ذات الله عزوجل قليل، و ما في ملكي وفاء لشكرك، فان قبلت الميسور، و رفعت عني مؤنة الاحتفال [103] ، و الاهتمام لم أتكلفه من واجبك فعلت؟ فقال: يابن رسول الله أقبل القليل و أشكر العطية، و أعذر علي المنع، فدعا الحسن عليه السلام بوكيله و جعل يحاسبه علي نفقاته حتي استقصاها، فقال: هات الفاضل من الثلاث مائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفا قال: فما فعل الخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي قال: أحضرها، فأحضرها، فدفع الدراهم و الدنانير الي الرجل فقال: هات من يحملها لك، فأتاه بحمالين فدفع الحسن عليه السلام اليه رداءه لكري الحمالين، فقال مواليه: و الله ما بقي عندنا درهم! فقال: لكني أرجو أن يكون لي عندالله أجر عظيم.

و منها: ما رواه أبوالحسن المدائني قال: خرج الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر عليهم السلام حجاجا، ففاتهم أثقالهم، فجاعوا و عطشوا، فمروا بعجوز في خباءلها، فقالوا: هل من شراب؟ فقالت: نعم فأناخوا بها، و ليس لها الا شويهة في كسر الخيمة [104] ، فقالت: أحلبوها و امتذقوا لبنها [105] ، ففعلوا و قالوا لها: هل من طعام؟ قالت: لا الا هذه الشاة فليذبحنها أحدكم حتي أهيي ء لك شيئا تأكلون، فقام اليها أحدهم فذبحها و كشطها [106] ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا ثم أقاموا حتي

أبردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه فاذا رجعنا سالمين فالمي بنا [107] فانا صانعون اليك خيرا.

ثم ارتحلوا و أقبل زوجها و أخبرته عن القوم و الشاة، فغضب الرجل و قال:

[ صفحه 524]

ويحك أتذبحين شاتي لأقوام لاتعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش، ثم بعد مدة ألجأتهم الحاجة الي دخول المدينة، فدخلاها و جعلا ينقلان البعر اليها و يبيعانه و يعيشان منه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فاذا الحسن عليه السلام علي باب داره جالس، فعرف العجوز و هي له منكرة، فبعث غلامه فردها فقال لها: يا أمة الله، أتعرفينني؟ قالت: لا، قال: أنا ضيفك يوم كذا و كذا، فقالت العجوز: بأبي أنت و أمي (لست أعرفك، فقال: فان لم تعرفيني فأنا أعرفك) فأمر الحسن عليه السلام فاشتري لها من شاة الصدقة ألف شاة، و أمر لها بألف دينار، و بعث بها مع غلامه الي أخيه الحسين عليه السلام، فقال: بكم وصلك أخي الحسن؟ فقالت: بألف شاة و ألف دينار، فأمر لها بمثل ذلك، ثم بعث بها مع غلام الي عبدالله بن جعفر عليه السلام فقال: بكم وصلك الحسن و الحسين عليهماالسلام؟ فقالت: بألفي دينار و ألفي شاة، فأمر لها عبدالله بألفي دينار و ألفي شاة، و قال: لو بدأت بي لأتعبتهما، فرجعت العجوز الي زوجها بذلك.

قلت: هذه القصة مشهورة، و في دواوين جودهم مسطورة، و عنهم عليهم السلام مأثورة، و كنت نقلتها علي غير هذه الرواية، و أنه كان معهم رجل آخر من أهل المدينة و أنها أتت عبدالله بن جعفر فقال: ابدئي بسيدي الحسن و الحسين، فأتت الحسن فأمر لها بمائة بعير، و أعطاها الحسين ألف

شاة، فعادت الي عبدالله بن جعفر فسألها فأخبرته فقال: كفاني سيداي أمر الابل و الشاة، و أمر لها بمائة ألف درهم، و قصدت المدني الذي كان معهم، فقال لها: أنا لا أجاري أولئك الأجواد في مدي، و لا أبلغ عشر عشيرهم في الندي، ولكن أعطيتك شيئا من دقيق و زبيب، فأخذت و انصرفت.

رجع الكلام الي ابن طلحة رحمه الله.

قال: و روي عن ابن سيرين قال: تزوج الحسن امرأة فأرسل اليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم.

قال: اشارة عزيزة، و عبارة و جيزة، كل من علم أن الدنيا غرور، و التمتع بها غرور [108] ، و امسكاها مخدور، و من اغتربها يجور، فانه يجود ببذلها و لا ترغب نفسه في وصلها، و قد كان الحسن عليه السلام عارفا بختلها [109] ، عازفا عن الركون الي أهلها [110] ، و كان

[ صفحه 525]

كثيرا ما يتمثل و يقول:

يا أهل لذات الدنيا لابقاء لها

ان اغترارا بظل زائل حمق

و روي ابن عايشة قال: دخل رجل من أهل الشام المدينة فرأي رجلا راكبا بغلة حسنة، قال: لم أر أحسن منه، فمال قلبي اليه، فسألت عنه، فقيل لي: انه للحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فامتلأ قلبي غيظا و حنقا و حسدا أن يكون لعلي عليه السلام ولد مثله، فقمت اليه فقلت: أنت ابن علي بن أبي طالب؟ فقال: أنا ابنه، فقلت: أنت ابن من و من و من؟ و جعلت اشتمه و أنال منه و من أبيه، و هو ساكت حتي استحييت منه، فلما انقضي كلامي ضحك و قال: أحسبك غريبا شاميا؟ فقلت: أجل، فقال: فمل معي ان احتجت الي منزل

أنزلناك، و الي مال أرفدناك [111] ، و الي حاجة عاوناك، فاستحييت منه و عجبت من كرم أخلاقه فانصرفت و قد صرت أحبه ما لا أحب أحدا غيره.

تنبيه من غفلة و ايقاظ من غفوة

منار مبرات الاجواد، و آثار مقامات الأمجاد، يتفاوت مقدارها بين العباد بحسب أقطار أقدارها في الاعتقاد، و قد جاد الحسن عليه السلام بما لم تجد بمثله نفس جواد، و تكرم بما يبخل به كل ذي كرم و ارفاد، فانه لا رتبة أعظم من الخلافة، و لا أعلي من مقامها، و لا حكم لملك في الملة الاسلامية الا و هو مستفاد من أحكامها، و لا ذو ايالة و لا ولاية الا و هو منقاد ببرة زمامها، واقف في قضايا تصرفاتها بين نقضها و ابرامها، فهي المنصب الأعلي و المنتصب لها صاحب الدنيا، فالأمر و النهي متصل بأسبابه، و الجاه و المال محصل من أبوابه، و النباهة و الشهرة يستفاد من اقترابه، و التقدم، و التأخر يرتاد من ارضائه و اغضابه، و هو خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أمته في أمته لاقامة أحكامه و آدابه.

و كان الحسن عليه السلام قد تقلد بعقد انعقادها، و استبد بعقد ايجادها، و ارتدي بمفوف أبرادها [112] ، و بايعته ألوف لا تفر يوم جلادها، و تابعته سيوف لا تقر في أغمادها، و شايعته من قبايل القبايل نفوس أسادها، و اشتملت جريدة جيشه علي

[ صفحه 526]

أربعين ألفا كل يعد قتله بين يدي الحسن عليه السلام شهادة، و يعتقد قيامه بطاعته عبادة، و يري كونه من أنصاره و شيعته اقبالا و سعادة.

فبينما هو في اقبال أيامها يأمر و ينهي، و قد أحاط بحال مقامها حقيقة

و كنها، كشف له التأييد الرباني حالة لم يدركها سواه و لم يستنبها، فجاد بالخلافة علي معاوية فسلمها اليه و خرج عنها، و تكرم بها و حرمها نفسه الشريفة فانسلخ منها.

فلا جرم باعتبار هذه الحال، و ما أسداه عليه السلام من الجود و النوال، و ما أبداه من التكرم و الافضال، اعترف له معاوية علي رؤوس الرجال، الأشهاد في غضون المقال، فقال له: يا أبامحمد لقد جدت بشي ء لا تجود به أنفس الرجال، و لقد صدق معاوية فيما ذكره عقلا و نقلا، و عظم ما أسداه اليه الحسن عليه السلام جودا و بذلا، فان النفوس تتنافس في زينة الدنيا و متاعها قولا و فعلا، و تحرص علي احرازها و اقتطاعها حرما و حلا، فيركب الي اكتساب محاب حطامها حزنا و سهلا، و يستعذب في ادراك مناها أسرا و قتلا.

و في الجملة:

فهي معشوقة علي الغدر لا

تحفظ عهدا و لا تتم وصلا

كل دمع يسيل منها عليها

وبفك اليدين عنها تخلا

فمن أخرجها علي حبها عنه جدير أن يعد جواد الأمجاد، و أن يسجل له بأحراز الفلج اذا تفاخرت أمجاد الأجواد.

أقول: ان الشيخ كمال الدين رحمه الله وقف علي أنجد هذا الأمر [113] و لم يقف علي أغواره [114] ، و خاض في ضحاضحه و لم يلحج في أغمر غماره [115] ، وعد تسليم الحسن عليه السلام الخلافة الي معاوية من كرمه وجوده و ايثاره، و لو أنعم النظر [116] علم أنه لم يسلمها الي معاوية باختياره، و أنه لو وجد أعوانا و أنصارا لقاتله بأعوانه و أنصاره، ولكنه آنس من أصحابه فشلا و تخاذلا جروا منه في ميدان الخلاف

و مضماره، و شحوا بأنفسهم عن مساعدته فرغبوا عن قربه، و سخت أنفسهم بمفارقة جواره، و أحبوا بعد داره في الدنيا فبعدت في الاخري دارهم من داره، و فر عنه من فر فتوجه عليه العقاب

[ صفحه 527]

لفراره، و حيلت الدنيا في أعينهم فلم يردعهم بالغ مواعظه و انذاره، و مالوا الي معاوية رغبة في زخرف دنياه و طمعا في درهمه و ديناره، فسلم اليه الأمر حذرا علي نفسه و شيعته فما رد القدر بحذاره، و طلب حقن الدماء و اسكان الدهماء [117] فأقره في قراره.

و كيف يجود الحسن عليه السلام علي معاوية بشي ء يصطلي الاسلام و أهله بناره؟ أم كيف يرضي تأهيله لأمر قلبه معتقد لانكاره، أم كيف يظن أنه قارب بعض المقاربة و هو يسمع سب أبيه في ليله و نهاره، أم كيف ينسب معاوية الي الصدق و هو مستمر علي غلوائه [118] مقيم علي اصراره، أم كيف يتوهم فيه الايمان و هو و أبوه من المؤلفة قلوبهم فانظر في أخباره، و هذه جمل تستند الي تفصيل، و قضايا واضحة الدليل، و أحوال تفتقر الي نظر و فكر طويل، و الله يهدي من يشاء الي سواء السبيل.

عاد الكلام الي تمام ما أورده كمال الدين رحمه الله قال:

زيادة فائدة

لعل من وقف علي هذا التنبيه و الايقاظ يود أن يحيط علما بما حمل الحسن عليه السلام علي خلع لباس الخلافة عنه و الباسه معاوية، فرأيت أن أشير الي ما ينيل نفسه مناها، و يزيل عن فكرته ما عراها، و أذكر ما أورده الامام محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله عن الحسن البصري رضي الله عنه و أسنده و أقصه

حسب ما تلاه في صحيحه و سرده، و فيه ما يكشف حجاب الارتياب، و يسعف بمطلوب هذا الباب.

فقال: قال الحسن البصري: استقبل و الله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: اني لأري كتائب لا تولي حتي تقتل أقرانها، فقال له معاوية - و كان و الله خير الرجلين أي عمرو -: أرأيت أن قتل هؤلاء هؤلاء و هؤلاء هؤلاء من لي بأمور المسلمين؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث اليه رجلين من قريش من بني عبدشمس عبدالرحمان بن سمرة، و عبدالله بن عامر، و قال: اذهبا الي هذا الرجل و قولا له و اطلبا اليه، فأتياه و دخلا عليه و تكلما و قالا له و اطلبا اليه، فقال لهم الحسن عليه السلام: انا بنو عبدالمطلب قد أصبنا من هذا المال، و ان هذه الامة

[ صفحه 528]

قد عاثت في دمائها [119] ، قالا فانه يعرض عليك كذا و كذا و يطلب اليك و يسألك، قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا الا أجاباه و قالا: نحن لك به فصالحه.

قال: و لقد سمعت أبابكرة يقول: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي المنبر و الحسن الي جانبه و هو يقبل علي الناس مرة و عليه أخري و يقول: ان ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، و قد تقدم هذا الحديث عنه صلي الله عليه و آله و سلم.

فمكان انقياد الحسن عليه السلام الي الصلح لمعاوية و تسليم الأمر اليه و الجنوح الي الصلح من آثار الأخبار النبوية، و

معدودا من معجزاته صلي الله عليه و آله و سلم، انتهي كلام ابن طلحة رحمة الله تعالي.

قلت: يجب أن تكتفي أيدك الله بما عرفتك به من أن الحسن عليه السلام انما صالح معاوية لما علمه من تواكل أصحابه و تخاذلهم، و ميلهم الي معاوية و مواصلتهم اياه بكتبهم و رسائلهم، و رغبتهم عن حقه، و صغوهم الي أهل الشام و باطلهم، فخذلوه كما خذلوا أباه من قبله. فقبحا لخاذلهم و فعلهم بأخيه من بعده، دال علي فساد عقائدهم و قبح فعائلهم، فمتي أمعنت النظر وجدت أواخرهم قد انتهجوا سبيل أوائلهم، و همجهم قد نسجوا علي منوال أماثلهم.

بأسياف ذاك البغي أول سلها

أصيب علي لا بسيف ابن ملجم

و لهم جميعا يوم يظهر فيه ما كانوا يكتمون، و يجازون (فيه) بما كانوا يعملون، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

و قال عليه السلام: التبرع بالمعروف و الاعطاء قبل السؤال من أكبر السؤدد.

و سئل عن البخل فقال: هو أن يري الرجل ما أنفقه تلفا و ما أمسكه شرفا.

لو أراد عليه السلام الصناعة لقال سرفا و شرفا، لكنهم عليهم السلام بريئون من التكلف، منزهون عن التصنع، تقطر الفصاحة من أعطافهم، و تؤخذ البلاغة من ألفاظهم، فهم فرسان الجلاد و الجدال، و ليوث الحروب و غيوث النزال.

أذكر هنا ما نقله من كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم رحمه الله قال: فأما السيد المحبب، و الحليم المقرب الحسن بن علي عليهماالسلام فله في معاني المتصوفة الكلام المشرق المرتب، و المقام المونق المهذب، و قد قيل: ان التصوف تنوير البيان و تطهير الأكنان.

[ صفحه 529]

و عن أبي بكرة قال: كان النبي صلي الله عليه و

آله و سلم يصلي بنا فيجي ء الحسن و هو ساجد صبي صغير حتي يصير علي ظهره أو رقبته فيرفعه رفعا رفيقا، فلما صلي صلاته قالوا: يا رسول الله انك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟ فقال: هذا ريحانتي، و ان ابني هذا سيد، و عسي الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

و عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم واضعا الحسن علي عاتقه و قال: من أحبني فليحبه.

و عن نعيم قال: قال أبوهريرة: ما رأيت الحسن عليه السلام قط الا فاضت عيناي دموعا، و ذلك أنه أتي يوما يشتد حتي قعد في حجر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و رسول الله يفتح فمه، ثم يدخل فمه في فمه، و يقول: اللهم اني أحبه فأحبه، و أحب من أحبه، يقولها ثلاث مرات.

و عن الحارث قال: سأل علي ابنه الحسن عليهماالسلام عن أشياء من أمر المروة (و يجي فيما أورده كمال الدين رحمه الله في الفصل التاسع في كلامه) و في آخرها: قال علي: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: لافقر أشد من الجهل، و لا مال أعود من العقل [120] .

و عن عبدالرحمان بن جبير بن نفير عن أبيه قال: قلت للحسن بن علي عليهماالسلام: ان الناس يقولون: انك تريد الخلافة؟ فقال: قد كانت جماجم العرب في يدي، يحاربون من حاربت، و يسالمون من سالمت، فتركتها ابتغاء وجه الله تعالي و حقن دماء أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

و عن الشعبي قال: شهدت الحسن بن علي عليهماالسلام حين صالح

معاوية بالنخيلة، فقال له معاوية: قم فأخبر الناس أنك تركت هذا الأمر و سلمته الي، فقام الحسن عليه السلام فحمد الله و أثني عليه و قال: أما بعد فان أكيس الكيس التقي، و أحمق الحمق الفجور، و ان هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا و معاوية اما أن يكون حق امري ء فهو أحق به مني، و اما أن يكون حقا لي فقد تركته ارادة اصلاح الامة و حقن دمائها، و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين.

قلت: لا تظن الحسن عليه السلام تردد شاكا في نفسه و مخالفا لاعتقاده و مذهبه، لا و الله، ولكنه جري علي لغة القرآن المجيد في قوله تعالي: (و انا أو اياكم لعلي هدي أو

[ صفحه 530]

في ضلال مبين) و علي ما قال جده صلي الله عليه و آله و سلم لأحد أصحابه أحدنا فرعون هذه الأمة.

و عن أبان بن الطفيل قال: سمعت عليا عليه السلام يقول للحسن: كن في الدنيا ببدنك و في الآخرة بقلبك.

و عن محمد بن علي قال: قال الحسن: اني لأستحي من ربي أن ألقاه و لم أمش الي بيته، فمشي عشرين مرة من المدينة علي رجليه.

و عن أبي نجيح أن الحسن بن علي عليهماالسلام حج ماشيا و قسم ماله نصفين.

و عن شهاب بن أبي عامر أن الحسن بن علي عليهماالسلام قاسم الله ماله مرتين حتي تصدق بفرد نعله.

و عن علي بن زيد بن جذعان قال: خرج الحسن بن علي عن ماله مرتين، و قاسم الله ثلاث مرات، حتي أنه كان يعطي من ماله نعلا و يمسك نعلا، و يعطي و يمسك خفا.

و عن قرة بن خالد

قال: أكلت في بيت محمد بن سيرين طعاما، فلما أن شبعت أخذت المنديل و رفعت يدي، فقال محمد: ان الحسن بن علي عليهماالسلام قال: ان الطعام أهون من أن يقسم فيه.

و عن ابن سيرين قال: تزوج الحسن بن علي امرأة فأرسل اليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم.

و عن الحسن بن سعيد عن أبيه قال: متع الحسن بن علي عليهماالسلام امرأتين بعشرين ألفا و زقاق من عسل [121] ، فقالت احداهما و أراها الحنفية: متاع قليل من محب مفارق.

و عن عمر بن اسحاق قال: دخلت أنت و رجل علي الحسن بن علي عليهماالسلام نعوده، فقال: يا فلان سلني، قال: لا و الله لا أسألك حتي يعافيك الله ثم أسألك، قال: ثم دخل الخلاء ثم خرج الينا فقال: سلني قبل أن لا تسألني، قال: بل يعافيك الله ثم أسألك، قال: قد ألقيت طائفة من كبدي، و اني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة، ثم دخلت عليه من الغد و هو يجود بنفسه و الحسين عليه السلام عند رأسه، فقال: يا أخي من تتهم؟ قال: لم تسأله لتقتله؟ قال: نعم، قال: ان يكن الذي أظن فانه أشد بأسا و أشد تنكيلا و الا يكن فما أحب أن يقتل بي بري ء، ثم قضي عليه السلام.

[ صفحه 531]

و عن رقبة بن مصقلة قال: لما حضر الحسن بن علي عليهماالسلام قال: أخرجوني الي الصحراء لعلي أنظر في ملكوت السماء - يعني الآيات - فلما أخرج به قال: اللهم اني أحتسب نفسي عندك فانها أعز الأنفس علي، و كما مما صنع الله له أنه احتسب نفسه (آخر كلام الحافظ أبونعيم).

في كلامه و مواعظه و ما يجري معها

نقل

الحافظ أبونعيم في حليته أن أميرالمؤمنين عليا عليه السلام سأله ابنه الحسن عليه السلام عن أشياء من أمر المروة، فقال: يا بني ما السداد؟ فقال: يا أبتي، السداد دفع المنكر بالمعروف.

قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة و حمل الجريرة [122] .

قال: فما المروة؟ قال: العفاف و اصلاح المال.

قال: فما الرقة؟ قال: النظر في اليسير و منع الحقير.

قال: فما اللؤم؟ قال: احراز المرء نفسه و بذله عرسه [123] .

قال: فما السماح؟ قال: البذل في العسر و اليسر.

قال: فما الشح؟ قال: أن تري ما في يديك شرفا و ما أنفقته تلفا.

قال: فما الاخاء؟ قال: المواساة في الشدة.

قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة علي الصديق و النكول عن العدو.

قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوي، و الزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة [124] .

قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ و ملك النفس.

قال: فما الغني؟ قال: رضي النفس بما قسم الله تعالي لها و ان قل، و انما الغني غني النفس.

قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شي ء [125] .

[ صفحه 532]

قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس و منازعة أعز الناس [126] .

قال: فما الذل؟ الفزع عند المصدوقة [127] .

قال: فما العي؟ قال: العبث باللحية و كثرة النزق عند المخاطبة [128] .

قال: فما الجرأة؟ قال: مواقفة الأقران [129] .

قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك.

قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم و تعفو عن الجرم [130] .

قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلما استودعته.

قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك امامك و رفعك عليه كلامك [131] .

قال: فما السناء؟ قال: اتيان الجميل و ترك القبيح [132] .

قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة و الرفق بالولاة [133] .

قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة و مصاحبة الغواة.

قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد و طاعتك المفسد.

قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك و قد عرض عليك.

قال: فمن السيد [134] ؟ قال: الأحمق في ماله، المتهاون في عرضه، فيشتم فلا يجيب، المهتم بأمر عشيرته هو السيد.

فهذه الأجوبة الصادرة عنه علي البديهة من غير روية شاهدة له عليه السلام ببصيرة

[ صفحه 533]

باصرة، و بديهة حاضرة، و مادة فضل وافرة، و فكرة علي استخراج الغوامض قادرة.

و من كلامه عليه السلام كتاب كتبه الي معاوية بعد وفاة أميرالمؤمنين و قد بايعه الناس و هو:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله الحسن أميرالمؤمنين الي معاوية بن صخر، أما بعد؛ فان الله بعث محمدا صلي الله عليه و آله و سلم رحمة للعالمين، فأظهر به الحق، و رفع به الباطل، و أذل به أهل اشرك، و أعز به العرب عامة، و شرف به من شاء منهم خاصة، فقال تعالي: (و انه لذكر لك و لقومك)، فلما قبضه الله تعالي تتازعت العرب الأمر بعده، فقالت الأنصار: منا أمير و منكم أمير، و قالت قريش: نحن أولياؤه و عشيرته فلا تنازعوا سلطانه، فعرفت العرب ذلك لقريش و نحن الآن أولياؤه و ذووا القربي منه و لا غرو [135] أن منازعتك ايانا بغير حق في الدين معروف، و لا أثر في الاسلام محمود، و الموعد الله تعالي بيننا و بينك، و نحن نسأله تبارك و تعالي أن لا يؤتينا في هذه الدنيا شيئا ينقصنا

به في الآخرة، و بعد فان أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب لما نزل به الموت و لاني هذا الأمر من بعده، فاتق الله يا معاوية و انظر لامة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ما تحقن به دماءهم و تصلح به أمورهم و السلام.

و من كلامه عليه السلام ما كتبه في كتاب الصلح الذي استقر بينه و بين معاوية حيث رأي حقن الدماء و اطفاء الفتنة و هو:

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان، صالحه علي أن يسلم اليه ولاية أمر المسلمين علي أن يعمل فيهم بكتاب الله تعالي و سنة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و سيرة الخلفاء الراشدين [136] ، و ليس لمعاوية ابن أبي سفيان أن يعهد الي أحد من بعده عهدا، بل يكون الأمر من بعده شوري بين المسلمين، و علي أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله شامهم و عراقهم و حجازهم و يمنهم، و علي أن أصحاب علي و شيعته آمنون علي أنفسهم و أموالهم نسائهم و أولادهم، و علي معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله و ميثاقه، و ما أخذ الله علي أحد من خلقه بالوفاء بما أعطي الله من نفسه، و علي أن لا يبغي للحسن بن علي

[ صفحه 534]

و لا لأخيه الحسين، و لا لأحد من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم غائلة سرا و لا جهرا، و لا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق، شهد عليه بذلك و كفي بالله شهيدا فلان و فلان و السلام.

و لما تم

الصلح و انبرم الأمر [137] ، التمسس معاوية من الحسن عليه السلام أن يتكلم بمجمع من الناس و يعلمهم أنه قد بايع معاوية و سلم الأمر اليه، فأجابه الي ذلك فخطب - و قد حشد الناس - خطبة حمد الله تعالي و صلي علي نبيه صلي الله عليه و آله و سلم فيها، و هي من كلامه المنقول عنه عليه السلام و قال: أيها الناس أن أكيس الكيس التقي، و أحمق الحمق الفجور، و انكم لو طلبتم ما بين جابلق و جابرس رجلا جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما وجدتموه غيري و غير أخي الحسين، و قد علمتم أن الله هداكم بجدي محمد فأنقذكم به من الضلالة، و رفعكم به من الجهالة، و أعزكم به بعد الذلة، و كثركم به بعد القلة، أن معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الامة و قطع الفتنة، و قد كنتم بايعتموني علي أن تسالموا من سالمت، و تحاربوا من حاربت، فرأيت أن أسالم معاوية و أضع الحرب بيني و بينه و قد بايعته، و رأيت حقن الدماء خير من سفكها، و لم أرد بذلك الا صلاحكم و بقائكم، و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين.

و عنه عليه السلام أنه قال: لا أدب لمن لا عقل له، و لا مروة لمن لا همه له، و لا حياء لمن لا دين له، و رأس العقل معاشرة الناس بالجميل، و بالعقل تدرك الداران جميعا، و من حرم من العقل حرمهما جميعا.

و قال عليه السلام: علم الناس و تعلم علم غيرك، فتكون قد أتقنت علمك و علمت ما لم تعلم.

و سئل عليه السلام عن الصمت؟

فقال: هو ستر الغي و زين العرض، و فاعله في راحة و جليسه آمن.

و قال عليه السلام:هلاك الناس في ثلاث: الكبر و الحرص و الحسد؛ فالكبر هلاك الدين و به لعن ابليس، و الحرص عدو النفس و به أخرج آدم من الجنة، و الحسد رائد السوء و منه قتل قابيل هابيل.

[ صفحه 535]

و قال عليه السلام: لا تأت رجلا الا أن ترجو نواله [138] و تخاف يده، أو تستفيد من علمه، أو ترجو بركة دعائه، أو تصل رحما بينك و بينه.

و قال عليه السلام: دخلت علي أميرالمؤمنين و هو يجود بنفسه لما ضربه ابن ملجم فجزعت لذلك، فقال لي: أتجزع؟ فقلت: و كيف لا أجزع و أنا أراك علي حالك هذه؟ فقال: ألا أعلمك خصالا أربع ان أنت حفظتهن نلت بهن النجاة، و ان أنت ضيعتهن فاتك الداران؟ يا بني لا غني أكبر من العقل، و لا فقر مثل الجهل، و لا وحشة أشد من العجب، و لا عيش ألذ من حسن الخلق.

فهذه سمعت عن الحسن يرويها عن أبيه عليهماالسلام فأروها ان شئت في مناقبه أو مناقب أبيه صلي الله عليهما.

و قال عليه السلام: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد.

و قال عليه السلام: اجعل ما طلبت من الدنيا فلم تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك، و اعلم أن مروة القناعة و الرضا أكثر من مروة الاعطاء، و تمام الصنيعة خير من ابتدائها.

و سئل عليه السلام عن العقوق؟ فقال: أن تحرمهما و تهجرهما [139] .

و روي أن أباه عليا عليه السلام قال له: قم فاخطب لأسمع كلامك، فقام فقال: الحمد لله الذي من تكلم سمع كلامه، و من سكت علم

ما في نفسه، و من عاش فعليه رزقه، و من مات فاليه معاده، أما بعد؛ فان القبور محلتنا، و القيامة موعدنا، و الله عارضنا، ان عليا باب من دخله كان مؤمنا، و من خرج عنه كان كافرا، فقام اليه علي عليه السلام فالتزمه فقال: بأبي أنت و أمي (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم).

و من كلامه عليه السلام: يابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا، و ارض بما قسم الله سبحانه تكن غنيا، و أحسن جوار من جاورك تكن مسلما، و صاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا، انه كان بين أيديك أقوام يجمعون كثيرا و يبنون مشيدا و يأملون بعيدا، أصبح جمعهم بورا، و عملهم غرورا، و مساكنهم قبورا، يابن آدم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك فخذهما في يديك لما بين يديك فان المؤمن يتزود و الكافر يتمتع و كان عليه السلام يتلو بعد هذه الموعظة (و تزودوا

[ صفحه 536]

فان خير الزاد التقوي).

و من كلامه عليه السلام: ان هذا القرآن فيه مصابيح النور و شفاء الصدور، فليجل جال بضوئه، و ليلجم الصفة قلبه، فان التفكير حياة القلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.

و اعتل علي بالبصرة فخرج الحسن عليه السلام يوم الجمعة و صلي الغداة بالناس و حمد الله و أثني عليه و صلي علي نبيه، و قال: ان الله لم يبعث نبيا الا اختاره نفسا و رهطا و بيتا، و الذي بعث محمدا بالحق لا ينقص أحد من حقنا الا نقصه الله من عمله، و لا تكون علينا دولة الا كانت لنا عاقبة، و لتعلمن نبأه بعد

حين.

و لما خرج حوثرة الأسدي علي معاوية: وجه معاوية الي الحسن يسأله أن يكون هو المتولي لقتاله فقال: و الله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين و ما أحسب ذلك يسعني أن أقاتل عنك قوما أنت و الله أولي بقتالي منهم.

و لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب و نال من علي عليه السلام، فقام الحسن عليه السلام فحمد الله و أثني عليه ثم قال: ان الله لم يبعث نبيا الا جعل له عدوا من المجرمين قال الله: (و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين) [140] فأنا ابن علي و أنت ابن صخر، و أمك هند و أمي فاطمة، وجدتك فتيلة وجدتي خديجة، فلعن الله ألأمنا حسبا و أخملنا ذكرا و أعظمنا كفرا و أشدنا نفاقا، فصاح أهل المسجد: آمين آمين، فقطع معاوية خطبته و دخل منزله.

و هذا الكلام ذكرته آنفا و انما أعدته هنا لأن اختلاف الرواة يؤنس بما يتفقون علي روايته.

و دخل عليه السلام علي معاوية و هو مضطجع فقعد عند رجليه فقال: ألا أطرفك؟ بلغني أن أم المؤمنين عائشة تقول: ان معاوية لا يصلح للخلافة، فقال الحسن عليه السلام: و أعجب من ذلك قعودي عند رجليك! فقام و اعتذر اليه.

قلت: و الحسن عليه السلام لم يعجب من قول عائشة رضي الله عنها، ان معاوية لا يصلح للخلافة، فان ذلك عنده ضروري، لكنه قال: و أعجب من توليك الخلافة قعودي.

و قيل له عليه السلام: فيك عظمة، قال: لا بل في عزة، قال الله تعالي: (لله العزة

[ صفحه 537]

و لرسوله و للمؤمنين) [141] .

و قال لأبيه عليه السلام: ان للعرب جولة و لقد رجعت اليها عوازب أحلامها و لقد ضربوا اليك

أكباد الابل حتي يستخرجوك و لو كنت في مثل و جار الضبع [142] .

و خطب مرة فقال: ما بين جابلق و جابرس رجل جده نبي غيري.

و قال معاوية: اذا لم يكن الهاشمي جوادا لم يشبه قومه، و اذا لم يكن الزبيري شجاعا لم يشبه قومه، و اذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه قومه، و اذا لم يكن المخزومي تياها لم يشبه قومه [143] ، فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فقال: ما أحسن ما نظر لقومه، أراد أن يجود بنوهاشم بأموالهم فيفتقر، و تزهي بنومخزوم [144] فتبغض و تشنأ، و تحارب بنو الزبير فيتفانوا [145] و تحلم بنوأمية فتحب.

و قال لحبيب بن مسلمة: رب مسير لك في غير طاعة الله، قال: أما مسيري الي أبيك فلا، قال: بلي، ولكنك أطعت معاوية علي دنيا دنية قليلة، و لعمري لئن قام بك في دنياك لقد قعد في دينك، و لو أنك اذ فعلت شرا قلت خيرا كما قال الله عزوجل: (خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا) [146] ولكنك فعلت شرا و قلت شرا فأنت كما قال الله: (كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون) [147] .

قال الشعبي: كان معاوية كالجمل الطب، قال يوما و الحسن عليه السلام عنده: أنا ابن بحرها جودا، و أكرمها جدودا، و أنضرها عودا، فقال الحسن عليه السلام: أفعلي تفتخر؟ أنا ابن عروق الثري [148] ، أنا ابن سيد أهل الدنيا، أنا ابن من رضاه رضا الرحمان، و سخطه سخط الرحمان، هل لك يا معاوية من قديم تباهي به؟ أو أب تفاخرني به؟ قل لا أو نعم، أي ذلك شئت، فان قلت نعم أبيت، و ان قلت لا عرفت، فقال معاوية:

أقول لا،

[ صفحه 538]

تصديقا لك. فقال الحسن عليه السلام:

الحق أبلج ما تخيل سبيله

و الحق يعرفه ذووا الألباب

و أتاه رجل فقال: ان فلانا يقع فيك، فقال: ألقيتني في تعب أريد الآن أن أستغفر الله لي و له.

و قال عليه السلام: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه.

و قال عليه السلام: حسن السؤال نصف العلم.

و سئل عليه السلام عن البخل، فقال: هو أن يري الرجل ما أنفقه تلفا و ما أمسكه شرفا.

و كلامه عليه السلام ينزع الي كلام أبيه وجده، و محله من البلاغة لا ينبغي لأحد من بعده، و من رام حصره وعده كان كمن شرع في حصر قطع السحاب وعده فالأولي أن أقتصر منه علي هذا القدر، اذ كانت جملته غير داخلة في الحصر، و العاقل يري في الهلال صورة البدر.

في ذكر أولاده

قال كمال الدين: كان له من الأولاد عددا لم يكن لكلهم عقب، بل كان العقب لاثنين منهم، فقيل: كانوا خمسة عشر، و هذه أسماؤهم: الحسن، و زيد و عمرو، و الحسين، و عبدالله، و عبدالرحمان، و عبدالله، و اسماعيل، و محمد و يعقوب، و جعفر، و طلحة، و حمزة و أبوبكر، و القاسم، و كان العقب منهم للحسن و لزيد و لم يكن لغيرهما منهم عقب.

و قيل: كان له أولاد أقل من ذلك، و قيل: كانت له بنت تسمي أم الحسن و الله أعلم بحقيقة الحال فيه (انتهي كلامه).

قال ابن الخشاب: ولد له أحد عشر ولدا و بنت، أسماء بنيه: عبدالله و القاسم، و الحسن و زيد، و عمرو، و عبدالله، و عبدالرحمان، و أحمد، و اسماعيل، و الحسين، و عقيل، و أم الحسن

فاطمة، و هي أم محمد بن علي الباقر.

قال الشيخ المفيد رحمه الله تعالي في ارشاده: باب ذكر ولد الحسن بن علي عليهماالسلام و عددهم و أسماءهم و طرف من أخبارهم: أولاد الحسن بن علي خمسة عشر ولدا ذكرا و أنثي: زيد بن الحسن، و أختاه: أم الحسن و أم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود، و عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجية، و الحسن بن الحسن، أمه خولة

[ صفحه 539]

بنت منظور الفزارية، و عمرو، و أخواه القاسم و عبدالله ابنا الحسن أمهم أم ولد، و عبدالرحمان بن الحسن أمه أم ولد، و الحسين بن الحسن الملقب بالأثرم، و أخوه طلحة بن الحسن، و أختهما فاطمة بن الحسن أمهم أم اسحاق بنت طلحة بن عبدالله التيمي، و أم عبدالله و فاطمة و أم سلمة، و رقية بنات الحسن عليه السلام لامهات أولاد شتي.

فصل: فأما زيد بن الحسن فكان يلي صدقات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أسن و كان جليل القدر، كريم الطبع، زلف النفس، كثير البر، و مدحه الشعراء، و قصده الناس من الآفاق لطلب فضله، و ذكر أصحاب السيرة أنه لما ولي سليمان بن عبدالملك كتب الي عامله بالمدينة: أما بعد؛ اذا قرأت كتابي هذا فاعزل زيدا عن صدقات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ادفعها الي فلان رجل من قومه و أعنه علي ما استعانك عليه و السلام.

فلما استخلف عمر بن عبدالعزيز رحمة الله عليه كتب الي عامله: أما بعد؛ فان زيد بن الحسن شريف بني هاشم و ذو سنهم، فاذا قرأت كتابي هذا فاردد اليه صدقات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أعنه

علي ما استعانك عليه و السلام.

و في زيد بن الحسن يقول محمد بن بشير الخارجي يمدحه:

اذا نزل ابن المصطفي بطن تلعة

نفي جدبها و اخضر بالنبت عودها [149] .

و زيد ربيع الناس في كل شتوة

اذا أخلفت أبراقها و رعودها [150] .

حمول لاشناق الديات كأنه

سراج الدجي قد قارنتها سعودها [151] .

و مات زيد بن الحسن عليهماالسلام و له تسعون سنة، فرثاه جماعة من الشعراء و ذكروا مآثره و بكوا فضله، فممن رثاه قدامة بن موسي بن عمرو الجمحي فقال:

فان يك زيد غالت الأرض شخصه

فقد بان معروف هناك وجود [152] .

و ان يك أمسي رهن رمس فقد ثوي

به و هو محمود الفعال فقيد [153] .

[ صفحه 540]

سريع الي المعتر يعلم أنه

سيطلبه المعروف ثم يعود [154] .

و ليس بقوال و قد حط رحله

لملتمس المعروف أين تريد

اذا قصر الوغد الدني نما به

الي المجد آباء له وجدود [155] .

مباذيل للمولي محاشيد للقري

و في الروع عند النائبات أسود [156] .

اذا انتحل العز الطريف فانه

لهم ارث مجد ما يرام تليد [157] .

اذا مات منهم سيد قام سيد

كريم سيبني بعدهم و يشيد

في أمثال هذا، و مات زيد و لم يدع الامامة و لا ادعاها له مدع من الشيعة و لا غيرهم، و ذلك لأن الشيعة رجلان: امامي و زيدي؛ و الامامي يعتمد في الامامة النصوص و هي معدومة في ولد

الحسن عليه السلام باتفاق، و لم يدع ذلك أحد منهم لنفسه فيقع فيه ارتياب، و الزيدي يراعي الامامة بعد علي و الحسن و الحسين عليهم السلام الدعوة و الجهاد، و زيد بن الحسن رحمه الله كان مسالما لبني أمية، و متقلدا من قبلهم الأعمال، و كان رأيه التقية لأعدائه، و التألف لهم و المدارات، و هذا يضاد عند الزيدية علامات الامامة كما حكيناه، فأما الحشوية فانها تدين بامامة بني أمية و لا تري لولد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم امامة علي حال، و المعتزلة لا تري الامامة الا فيمن كان علي رأيها في الاعتزال، و من تولوهم العقد له بالشوري و الاختيار، و زيد علي ما قدمنا ذكره خارج عن هذه الأحوال، و الخوارج لا تري امامة من تولي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و زيد كان متواليا أباه وجده بلا خوف.

فصل: فأما الحسن بن الحسن فكان رجلا جليلا رئيسا فاضلا ورعا، و كان يلي صدقات أميرالمؤمنين عليه السلام في وقته، و له مع الحجاج خبر رواه زبير بن بكار قال: كان الحسن بن الحسن واليا صدقات أميرالمؤمنين عليه السلام في عصره، فساير الحجاج يوما و هو اذ ذاك أمير المدينة، فقال له الحجاج: أدخل عمر بن علي معك في صدقات أبيه فانه عمك و بقية أهلك، فقال له الحسن: لا أغير شرط علي و لا أدخل فيها من لم يدخل، فقال له الحجاج: اذا أدخله أنا معك، فنكص الحسن بن الحسن عنه حتي غفل

[ صفحه 541]

الحجاج ثم توجه الي عبدالملك حتي قدم عليه، فوقف ببابه يطلب الاذن، فمر به يحيي بن أم الحكم، فلما رآه يحيي مال اليه و سلم

عليه و سأله عن مقدمه و خبره، ثم قال: اني سأنفعك عند أميرالمؤمنين - يعني عبدالملك -.

فلما دخل الحسن بن الحسن علي عبدالملك رحب به و أحسن مساءلته، و كان الحسن قد أسرع اليه الشيب، فقال له عبدالملك: لقد أسرع اليك الشيب يا أبامحمد؟ فقال يحيي: و ما يمنعه يا أميرالمؤمنين، شيبه أماني أهل العراق [158] ، يفد عليه الركب [159] يمنونه الخلافة، فأقبل عليه الحسن بن الحسن فقال: بئس و الله الرفد رفدت [160] ، ليس كما قلت، ولكنا أهل بيت يسرع الينا الشيب و عبدالملك يسمع، فأقبل عليه عبدالملك و قال: هلم ما قدمت له، فأخبره بقول الحجاج فقال: ليس له ذلك، اكتب اليه كتابا الا يتجاوزه، فكتب اليه و وصل الحسن بن الحسن فأحسن صلته، فلما خرج من عنده لحقه يحيي بن أم الحكم فعاتبه الحسن علي سوء محضره، فقال له: ما هذا الذي وعدتني به؟! فقال له يحيي: ايها عنك [161] فوالله لا يزال يهابك، و لو لا هيبتك لما قضي لك حاجة و والله ما ألوتك رفدا [162] .

و كان الحسن بن الحسن قد حضر مع الحسين بن علي عليهماالسلام الطف، فلما قتل الحسين عليه السلام و أسر الباقون من أهله جاءه أسماء بن خارجة [163] فانتزعه من بين الأسري، و قال: و الله لا يوصل الي ابن خولة أبدا، فقال عمر بن سعد: دعو لأبي حسان ابن أخته [164] ، و يقال: انه أسر و كان به جراح قد أشفي منها.

و روي أن الحسن بن الحسن خطب الي عمه الحسين عليه السلام احدي بنتيه، فقال له

[ صفحه 542]

الحسين عليه السلام: اختر يا بني أحبهما اليك،

فاستحي الحسن و لم يحر جوابا [165] فقال له الحسين عليه السلام: فاني قد اخترت لك ابنتي فاطمة، فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و قبض الحسن بن الحسن رحمه الله و له خمس و ثلاثون سنة، و أخوه زيد بن الحسن رحمة الله عليه حي، و وصي الي أخيه من أمه ابراهيم بن محمد بن طلحة رحمه الله.

و لما مات الحسن بن الحسن ضرب زوجته فاطمة بنت الحسين عليه السلام علي قبره فسطاطا، و كانت تقوم الليل و تصوم بالنهار، و كانت تشبه بالحور العين لجمالها، فلما كان رأس السنة قالت لمواليها: اذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط [166] ، فلما أظلم الليل سمعت قائلا يقول: هل وجدوا من فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا فانقلبوا.

و مضي الحسن بن الحسن و لم يدع الامامة و لا ادعاها له مدع كما و صفناه من حال أخيه زيد رحمة الله عليهما.

و أما عمرو و القاسم و عبدالله بنو الحسن بن علي عليهماالسلام فانهم استشهدوا بين يدي عمهم الحسين بن علي عليهماالسلام بالطف رضي الله عنهم و أرضاهم، و أحسن عن الدين و السلام و أهله جزاهم.

و عبدالرحمان بن الحسين رضي الله عنه خرج مع عمه الحسين بن علي صلوات الله عليهما الي الحج، فتوفي بالأبواء [167] و هو محرم.

و الحسين بن الحسن المعروف بالأثرم كان له فضل، و لم يكن له ذكر في ذلك.

و طلحة بن الحسن كان جوادا (انتهي كلام الشيخ المفيد).

و قال الحافظ عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي: ولد الحسن الذكور: حسن، و زيد، و محمد، و عمرو، و عبدالله، و القاسم،

و أبوبكر، و عبدالرحمان، و حسين، و محمد، و عبدالله، و طلحة، و من النساء: تماضر، و أم الحسن، و أم الخير، و أم عبدالله، و أم سلمة.

[ صفحه 543]

و الذي أراه أن في هذه الأسماء تكريرا و أظنة من الناسخ و أهل مكة أخبر بشعابها، فما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله هو الذي يعتمد عليه في هذا الباب، لأنه أشد حرصا و أكثر تنقيبا و كشفا و طلبا لهذه الامور.

قال الحافظ بن الأخضر: روي من أولاد الحسن بن علي، زيد بن الحسن عن أبيه و اعتمدت حذف الأسانيد كما اشترطته في أول الكتاب.

روي زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام من أبيه قال: لما آخي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بين أصحابه، آخي بين أبي بكر و عمر، و بين طلحة و الزبير، و بين حمزة بن عبدالمطلب و بين زيد بن حارثة، و بين عبدالله بن مسعود و بن المقداد بن عمرو، فقال علي عليه السلام: آخيت بين أصحابك و أخرتني؟ فقال: ما أخرتك الا لنفسي.

الحسن بن الحسن عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان من واجب المغفرة ادخالك السرور علي أخيك المسلم.

عبدادلله بن الحسن عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: الرحم شجنة من الرحمان عزوجل، من وصلها وصله الله، و من قطعها قطعه الله تعالي.

عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يزل يلبي حتي رمي جمرة العقبة.

و عنه عن أمه بنت الحسين عن فاطمة الكبري عليهاالسلام قالت: كان رسول الله صلي

الله عليه و آله و سلم اذا دخل المسجد قال: بسم الله و الحمدلله و صلي الله علي رسول الله و سلم، اللهم اغفر لي ذنوبي و سهل لي أبواب رحمتك، و اذا خرج قال مثل ذلك الا أنه يقول: اللهم اغفر لي ذنوبي و سهل لي أبواب فضلك.

و عن عبدالله عن أمه عن فاطمة الكبري عليهاالسلام قالت: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ما التقي جندان ظالمان الا تخلي الله عنهما، و لم يبال أيهما غلب، و ما التقي جندان ظالمان الا كانت الدبرة علي أعتاهما.

و عنه عن أبيه الحسن عن أبيه علي بن أبي طالب عليهماالسلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: للنساء عشر عورات، فاذا تزوجت المرأة ستر الزوج عورة، و اذا ماتت ستر القبر عشر عورات.

و قال عبدالله بن حسن بن حسن لابنه محمد: استعن علي السلامة بطول الصمت في المواطن التي تدعوك نفسك الي الكلام فيها، فان الصمت حسن علي كل حال، و اياك و معاداة الرجال، فانك لا تأمن مكر حليم و مبادرة لئيم.

[ صفحه 544]

حسين بن حسن عن أمه فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قالت: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لا يلومن الا نفسه من بات و في يده غمر [168] .

و عنه عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: من أجري الله علي يديه فرجا لمسلم، فرج الله تعالي عنه كرب الدنيا و الآخرة.

و بالاسناد قال: قال رسول

الله صلي الله عليه و آله و سلم: من عال أهل بيت من المسلمين يومهم و ليلتهم غفر الله له ذنوبه.

و قيل: أوصي محمد بن علي بن حسين ابنه جعفر بن محمد، فقال: يا بني اصبر للنوائب و لا تعرض للحتوف، و لا تعط نفسك ما ضره عليك أكثر من نفعه لغيرك، يا بني ان الله رضيني لك فحذرني فتنتك، و لم يرضك لي فأوصاك بي.

و قيل: انه كان يقول لأولاده: يا بني أصابتكم مصيبة من الدنيا أو نزلت بكم فاقة فليتوضأ الرجل، فيحسن وضوءه، و ليصل أربع ركعات أو ركعتين، فاذا انصرف من صلاته فليقل: يا موضع كل شكوي، يا سامع كل نجوي، يا شافي كل بلاء، و يا عالم كل خفية، و يا كاشف ما يشاء من بلية، و يا نجي موسي، و يا مصطفي محمد، و يا خليل ابراهيم، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، و ضعفت قوته، و قلت حيلته، دعاء الغريب الغريق، الفقير الذي لا يجد لكشف ما هو فيه الا أنت أرحم الراحمين، لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين. قال علي بن الحسين: لا يدعو بها رجل أصابه بلاء الا فرج الله تعالي عنه.

في عمره

قال كمال الدين رحمه الله قد تقدم ذكر ولادته و ما قيل فيها، و انها كانت في سنة ثلاث من الهجرة، و كانت وفاته عليه السلام علي ما سيأتي في الفصل المختص بها المذكور ان شاء الله تعالي عقيب هذا الفصل في سنة تسع و أربعين للهجرة، فتكون مدة عمره سبعا و أربعين سنة، منها مع جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سبع سنين، و مع أبيه عليهماالسلام

بعد وفاة جده صلي الله عليه و آله و سلم ثلاثين سنة، و بعد وفاة والده عليهماالسلام الي وقت وفاته عشر سنين.

[ صفحه 545]

قال الشيخ المفيد رحمه الله: توفي الحسن عليه السلام في صفر سنة خمسين من الهجرة و له يومئذ ثمان و أربعون سنة، و كانت خلافته عشر سنين.

قال الحافظ الجنابذي: ولد الحسن بن علي عليهماالسلام في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة، و مات سنة تسع و أربعين، و كان قد سقي السم مرارا، و كان مرضه أربعين يوما.

و قال الدولابي صاحب كتاب الذرية الطاهرة: تزوج علي فاطمة عليهاالسلام فولدت له حسنا بعد أحد بسنيتن، و كان بين وقعة أحد و مقدم النبي صلي الله عليه و آله و سلم المدينة سنتان و ستة أشهر و نصف، فولدته لأربع سنين و سنة أشهر و نصف من التاريخ.

و روي أيضا أنه ولد في رمضان من سنة ثلاث، و توفي و هو ابن خمس و أربعين سنة، و ولي غسله الحسين و العباس و محمد اخوته، و صلي عليه سعيد بن العاص، و كانت وفاته سنة تسع و أربعين.

و قال الكليني رحمة الله عليه: ولد الحسن بن علي عليهماالسلام في شهر رمضان سنة بدر سنة اثنتين بعد الهجرة.

و روي أنه ولد سنة ثاث، و مضي في صفر في آخره من سنة تسع و أربعين، و هو ابن سبع و أربعين و أشهر.

و قال ابن الخشاب رحمه الله رواية عن الصادق و الباقر عليهماالسلام قالا: مضي أبومحمد الحسن بن علي عليهماالسلام و هو ابن سبع و اربعين سنة، و كان بينه و بين أخيه الحسين عليهماالسلام

مدة الحمل، و كان حمل أبي عبدالله ستة أشهر، و لم يولد مولود لستة أشهر فعاش غير الحسين و عيسي بن مريم عليهماالسلام، فأقام أبومحمد مع جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سبع سنين، و أقام مع أبيه بعد وفاة جده ثلاثين سنة، و أقام بعد وفاة أميرالمؤمنين عليه السلام عشر سنين، فكان عمره سبعا و أربعين سنة، فهذا اختلافهم في عمره.

في وفاته

قال كمال الدين رحمه الله: مرض الحسن عليه السلام أربعين يوما، فقال في بعض الأيام: أخرجوا فراش الي صحن الدار، فقال: اللهم اني أحتسب نفسي عندك فاني لم أصب بمثلها.

و روي الحافظ أبونعيم في حلية الأولياء عن عمير بن اسحاق قال: دخلت أنا

[ صفحه 546]

و رجل علي الحسن بن علي عليهماالسلام نعوده، فقال: يا فلان سلني، قال: لا و الله لا نسألك حتي يعافيك الله ثم نسألك، قال: ثم دخل ثم خرج الينا فقال: سلني قبل أن لا تسألني، قال: بل يعافيك الله ثم نسألك، قال: قد ألقيت طائفة من كبدي و اني سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة، ثم دخلت عليه من الغد و هو يجود بنفسه و الحسين عليه السلام عند رأسه، فقال: يا أخي لمن تتهم؟ قال: لم لتقتله؟ قال: نعم، قال: ان يكن الذي أظن فالله أشد بأسا و أشد تنكيلا، و الا يكن فلا أحب أن يقتل بي بري ء، ثم قضي عليه السلام لخمس خلون من ربيع الأول سنة تسع و أربعين من الهجرة، و قيل: خمسين، و صلي عليه سعيد بن العاص فانه كان يومئذ واليا علي المدينة، و دفن بالبقيع، و كانت تحته اذ ذاك جعدة بنت الأشعث بن قيس

الكندي، فذكر أنها سمته و الله أعلم بحقيقة ذلك.

و كان بانقضاء الشهور التي ولي فيها عليه السلام انقضاء خلافة النبوة، فان بها كان استكمال ثلاثين سنة، و هي التي ذكرها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيما نقل عنه: الخلافة بعدي ثلاثون ثم تصير ملكا، أو كما قال صلوات الله عليه و آله و سلامه (انتهي كلامه).

قال المفيد رحمه الله: لما أراد معاوية أخذ البيعة ليزيد، دس الي جعدة بنت الأشعث ابن قيس و كانت زوجة الحسن بن علي عليهماالسلام من حملها علي سمه، و ضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد، فأرسل اليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم، و بقي عليه السلام أربعين يوما مريضا و مضي لسبيله في صفر سنة خمسين من الهجرة، و له يومئذ ثمان و أربعون سنة، و تولي أخوه و وصيه الحسين عليهماالسلام غسله و تكفينه و دفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف عليهماالسلام بالبقيع.

قال: فصل: فمن الأخبار التي جاءت بوفاته عليه السلام ما ذكرناه من دس معاوية الي جعدة فسمته، فسوغها المال و لم يزوجها من يزيد، فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان اذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيروهم فقالوا: يا بني مسمة الأزواج.

و روي مرفوعا الي ابن اسحاق قال: كنت مع الحسن و الحسين عليهماالسلام في الدار، فدخل الحسن عليه السلام المخرج ثم خرج فقال: لقد سقيت السم مرارا فما سقيته مثل هذه المرة، و لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود كان معي، فقال له الحسين عليه السلام: من سقاك؟ فقال: و ما تريد منه؟ ان يكن هو فالله أشد نقمة، و ان لم يكن

هو فما أحب أن يؤخذ بي بري ء.

[ صفحه 547]

و روي عبدالله بن ابراهيم عن زياد المخارقي قال: لما حضرت الحسن عليه السلام الوفاة استدعي الحسين بن علي عليهماالسلام فقال له: يا أخي اني مفارقك و لا حق بربي عزوجل، و قد سقيت السم و رميت بكبدي في الطست، و اني لعارف بمن سقاني السم و من أين دهيت، و أنا أخاصمه الي الله عزوجل، فبحقي عليك ان تكلمت في ذلك بشي ء، فاذا قضيت نحبي فغمضني و غسلني و كفني و احملني علي سريري الي قبر جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لاجدد به عهدا ثم ردني الي قبر جدتي فاطمة رحمة الله عليها فادفني هناك، و ستعلم يابن أم ان القوم يظنون انك تريدون دفني عند جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيجلبون في منعكم من ذلك، و بالله أقسم عليكم أن تهريق في أمري محجمة دم [169] ، ثم وصي اليه عليهماالسلام بأهله و ولده و تركاته، و ما كان وصي به اليه أميرالمؤمنين عليه السلام حين استخلفه و أهله لمقامه، و دل شيعته علي استخلافه و نصبه لهم علما من بعده، فلما مضي عليه السلام لسبيله غسله الحسين عليه السلام و كفنه و حمله علي سريره فلم يشك مروان و من معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فتجمعوا له و لبسوا السلاح، فلما توجه الحسين به الي قبر جده صلي الله عليه و آله و سلم ليجدد به عهدا أقبلوا اليهم في جمعهم و لحقتهم عائشة علي بغل و هي تقول: مالي و مالكم

تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب؟ و جعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة [170] ، أيدفن عثمان في أقصي المدينة و يدفن الحسن مع النبي؟ لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، و كادت الفتنة تقع بين بني هاشم و بني أمية.

فبادر ابن عباس الي مروان فقال له: ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، لكنا نريد أن نجدد به عهدا و بزيارته ثم نرده الي جدته فاطمة رحمة الله عليها فندفنه بوصيته عندها، و لو كان وصي بدفنه مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعلمت أنك أقصر باعا من ردنا عن ذلك، ولكنه كان أعلم بالله و برسوله و بحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره، و دخل بيته بغير أذنه، ثم أقبل علي عائشة و قال: وا سوأتاه يوما علي بغل و يوما علي جمل، تريدين أن تطفئي نور الله و تقاتلي أولياء الله، ارجعي فقد كفيت الذي تخافين و بلغت ما تحبين، و الله

[ صفحه 548]

تعالي منتصر لأهل هذا البيت و لو بعد حين.

و قال الحسين عليه السلام: و الله لو لا عهد الحسن الي بحقن الدماء و أن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها و قد نقضتم العهد بيننا و بينكم، و أبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا، و مضوا بالحسن عليه السلام فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم رضي الله عنها.

قلت: في هذا الفصل موضعان يجب أن تحقق، فانه قد

تقدم أن سعيد بن العاص صلي علي الحسن لأنه كان واليا يومئذ علي المدينة و في هذا الموضوع ذكر أن مروان خرج ليمنع من دفنه، فلعله لم يكن أميرا ليكون جمعا بين الأمرين.

و الموضع الثاني: اني نقلت أن عبدالله بن عباس رضي الله عنه كان بدمشق و أخبره معاوية بموت الحسن عليه السلام و جري بينهما كلام أغلظ فيه ابن عباس و قال له: أصبحت سيد قومك؟ قال: أما و الحسين بن علي حي فلا، و قد أورد هاهنا أنه حدث مروان و عائشة و قال لهما ما ذكرناه فيجب أن تحقق و لا يجوز أن يكون القائل غير عبدالله فان ابن عباس اذ أورد هكذا لم يرد به الا عبدالله.

و روي الحافظ عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي رحمه الله قال: لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع، فأكب عليه ابنه عبدالله فقال: يا أبة هل رأي شيئا فقد غممتنا؟ فقال: أي بني هي و الله نفسي التي لم أصب بمثلها.

و قال: انه لما نزل بالحسن بن علي عليه السلام الموت فقال: أخرجوا فراشي الي صحن الدار فأخرج فقال: اللهم اني أحتسب نفسي عندك فاني لم أصب بمثلها.

و روي أنه قال: لما حضرت الحسن بن علي عليهماالسلام الوفاة كأنه جزع عند الموت، فقال له الحسين عليه السلام كأنه يعزيه: يا أخي ما هذا الجزع؟! انك ترد علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و علي عليه السلام و هما أبواك، و علي خديجة و فاطمة و هما أماك، و علي القاسم و الطاهر و هما خالاك، و علي حمزة و جعفر و هما عماك، فقال له الحسن عليه السلام: أي أخي اني أدخل في أمر من أمر

الله لم أدخل في مثله و رأي خلقا من خلق الله لم أر مثله قط، فبكي الحسين عليه السلام.

قلت: مناقب الحسن عليه السلام و مزاياه، و صفات شرفه و سجاياه، و ما اجتمع فيه من الفضائل، و خص به من المآثر التي فاق بها الأواخر و الأوائل، لا يقوم باثباتها البنان، و لا ينهض بذكرها اللسان، لأنه أرفع مكانة و محلا، و أوفي شرفا و نبلا، و أزكي

[ صفحه 549]

فرعا و أعلي أصلا من أن يقوم مثلي مع قصور ذرعه و جمود طبعه، بما يجب من عد مفاخره، و تخليد مآثره، ولكنه عليه السلام من أهل بيت الكرم و الجود، و ناشري رمم السماح في الوجود، و لذلك يقبل اليسير و يجازي بالكثير، و قد قلت في مدحه معتذرا من التقصير:

أيا ابن الأكرمين أقل عثاري

فتقصيري علي الحالات باد

و كيف أطيق أن أحصي مزايا

خصصت بهن من بين العباد

لك الشرف الذي فاق البرايا

و جل علا علي السبع الشداد

سبقت الي المفاخر و السجايا

الكريمة و الندي سبق الجواد

وجود يديك يقصر عن مداه

اذا عد الندي صوب الغواد [171] .

و بيتك في العلي سام رحيب

بعيد الذكر مرتفع العماد

أبوك شأي الوري شرفا و مجدا

فأمسي في العلي واري الزناد [172] .

وجدك أكرم الثقلين طرا

أقر بفضله حتي الأعادي

الي الحسن بن فاطمة أثيرت

بحق أينق المدح الجياد [173] .

تؤم أبامحمد المرجي

حماد لها و من أمت حماد

أقر الحاسدون له بفضل

عوارفه

قلائد في الهواد [174] .

بكم نال الهداية ذو ضلال

و أنتم ناهجوا سبل الرشاد

و أنتم عصمة الراجي و غوث

يفوق الغيث في السنة الجماد [175] .

محضتكم المودة غير و ان

و أرجو الأجر في صدق الوداد

و كم عاندت فيكم من عدو

و فيكم لا أخاف من العناد

و من يك ذا مراد في أمور

فان ولاءكم أقصي مرادي

أرجيكم لآخرتي و أبغي

بكم نيل المطالب في معادي

و ما قدمت من زاد سواكم

و نعم الزاد يوم البعث زادي

پاورقي

[1] هادنه: صالحه. و الهدنة: المصالحة.

[2] الهدي - كتمر -: السيرة و الهيئة و الطريقة.

[3] تضائل: ضعف و حقر و صغر.

[4] الدوحة: الشجرة العظيمة المتسعة.

[5] انسان العين: المثال الذي يري في سوادها و قيل انسان العين ناظرها.

[6] الخيلاء - بالضم -: العجب و الكبر.

[7] الأريحية: خصلة يرتاح بها الي الندي يقال «أخذته الأريحية» أي الهشاشة لابتذال العطايا.

[8] سمق: علا و طال.

[9] نفيع بضم أوله و فتح الفاء.

[10] قال الجزري: و في الحديث أنه قال للحسن بن علي رضي الله عنهما ان ابني هذا سيد، قيل: اراد به الحليم لأنه قال في تمامه: و ان الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

[11] بفتح القاف و ضم النون كما في النهاية و هم بطن من بطون يهود مدينة أضيفت السوق اليهم.

[12] أي الخزانة.

[13] قال ابن الأثير: اللكع قد يطلق علي الصغير و منه الحديث أنه عليه السلام جاء يطلب الحسن بن علي قال: أثم لكع؟ و قال الجوهري في الصحاح: و يقال للجحش لكع و للصبي الصغير أيضا و في

حديث أبي هريرة: أثم لكع؟ يعني الحسن و الحسين رضي الله عنهما.

[14] قال ابن الأثير: السخاب خيط ينظم فيه خرر و يلبسه الصبيان و الجواري و قيل هو قلادة تتخذ من قرنفل و محلب وسك و نحوه و ليس فيها من اللؤلؤ و الجوهر شي ء و منه حديث فاطمة رضي الله عنها: فألبسته سخابا أي الحسن ابنها.

[15] الورك - ككتف -: ما فوق الفخذ.

[16] قال الجزري: و في الحديث أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم سجد فركبه الحسن فأبطأ في سجوده فلما فرغ سئل عنه؟ فقال: ان ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله أي جعلني كالراحلة فركب علي ظهري.

[17] احتبي بالثوب: اشتمل به.

[18] جمع الجمجمة.

[19] بضم القاف و فتح الثاء المثلثة كما في التقرب و هو ابن عباس عبدالمطلب. ذكر ابن حجر في التهذيب أيضا أنه كان أخا الحسين بن علي عليه السلام من الرضاعة.

[20] الدعج: شدة سواد العين مع سعتها، يقال عين دعجاء.

[21] والمسربة - بضم الراء -: الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر الي السرة. كل عضلين التصقا في مفصل فهو كردوس مثل المنكبين و الركبتين و الوركين.

[22] ماس: تبختر.

[23] قال الهروي: السخاب خيط ينظم فيه خرز يلبسه الصبيان و الجواري و جمعه سخب.

[24] لاك اللقمة يلوكها لوكا: مضغها أهون المضغ و أدارها في فمه.

[25] الشدق - بكسر الشين و فتحها -: زاوية الفم من باطن الخدين.

[26] كخ بفتح الكاف و كسرها و سكون الخاء و شدها صوت يقال عند زجر الصبي عن تناول شي ء و عند التقذر من شي ء.

[27] و في بعض النسخ «يتعفر» بدل «صغر» و لعله الظاهر و هو من تعفر في التراب: تمرغ فيه.

[28] بضم الميم و فتح المهملة و تشديد الراء

المسكورة من رواة العامة و محدثيهم و قد أثني عليه ابن حجر و غيره و وثقوه في الحديث.

[29] التوي اليد: ثناه.

[30] لغة في لعل.

[31] خمير - كزبير - مصغرا.

[32] لبيبة بفتح اللام و كسر الموحدة و سكون التحانية و فتح الموحدة الأخري كما عن التقريب، و في بعض النسخ - لبينة - بالنون و هو مصحف و يقال ان لبينة أمه و أبا لبيبة أبوه و اسمه و ردان.

[33] مر ضبطه و ترجمته آنفا فراجع.

[34] هذا الحديث و ما يليه الي البحث عن امامته عما رواه عليه السلام عن رسول الله و كان علي المصنف أن يجعله تحت عنوان متمايزا مما سبق عما ورد في حقه عليه السلام من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كما فعل في ذكر امامته و بيعته عليه السلام فيما يأتي.

[35] أي يهجر كل منهما صاحبه و يقطع مكالمته و في بعض النسخ «اضطربا» و هو مصحف.

[36] اكتنفه القوم: أحاطوا به و كانوا منه يمنة و يسرة.

[37] و في نسخة «أنا ابن الذين أذهب الله اه».

[38] الشوري: 23.

[39] الأحزاب: 33. و قال القاضي في الاحقاق أنه قد أجمع المفسرون و روي الجمهور كأحمد بن حنبل و غيره أنها نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام، ثم سرد في ذيله أسماء مدارك الحديث من العامة علي كثرتهم فراجع الطبع الجديد ج 2 ص 502. و قد مر فيه شطر كلام من المؤلف رحمه الله أيضا في مواضع شتي من الجزء الأول.

[40] قال المجلسي رحمه الله: أما ما مضي فنعم أي لنا به علم، و أما ما بقي فليس لنا به علم، أو فسره لها و لم تنقل.

[41] و هذا

أحد المعاني في وصيته الأخري في قوله عليه السلام: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبد و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.

[42] الخنا: الفحش في القول.

[43] و في بعض النسخ «و بالمنكر ناها».

[44] قال الجوهري: الا يألو: قصر و فلان لا يألوك نصحا فهو آل.

[45] الشقيق: الأخ.

[46] و في نسخة «و لا أزيد لك الوصاة».

[47] بذة: غلبه وفاقه.

[48] سحبان: رجل باهلي يضرب به المثل في الخطابة و الفصاحة فيقال: «أخطب من سحيان وائل و أفصح» و باقل: رجل يقرب به المثل في العي.

[49] و في بعض النسخ «طاعتهم» بدل: «مودتهم».

[50] الشوري: 23.

[51] شمت: فرح ببلية. و المعني فرحت بموت علي الذي أصبح كل ذي لب مغموما بموته.

[52] أي فكأن قد نزلت أو جائت و حذف مدخول قد و ذلك شايع.

[53] توثب عليه استولي ظلما.

[54] ابتز منه الشي ء: ا ستلبه قهرا.

[55] و هم الخوارج أي لم يهموا علي نصر الحسن و انما كان همهم قتال معاوية.

[56] الضغينة: الحقد. و الغائلة: الحقد الباطن. الشر.

[57] المطرف - بضم الميم و فتحها -: رداء من خزد و أعلام.

[58] المغول: سوط في جوفه سيف دقيق سمي بذلك لأن صاحبه يغتال به عدوه من حيث لا يحتسبه.

[59] يعني عبيدالله بن عباس.

[60] خمل ذكره: خفي.

[61] مرت الشي ء: ملسه. و الأطباء جمع الطبي: حلمة الثدي. و النجد: الثدي.

[62] البروج: 3.

[63] الأحزاب: 45.

[64] هود: 103.

[65] البزة: الثياب.

[66] القسمات جمع القسمة: الحسن.

[67] فره: نشط. و قطفت الدابة ضاق مشيها و بطأ أو أسائت السير.

[68] غاشية الرجل: خدمه و زواره الذين يغشونه.

[69] المعاطس جمع المعطس: الأنوف.

[70] المحاويج: المحتاجون. الهم - بالكسر -: الشيخ الفاني. و الهدم - بالكسر أيضا - الثواب البالي. و نهكت الحمي فلانا: أضنته وجهدته و

نقصت لحمه.

[71] الحمام: الموت.

[72] الشوي: اليدان و الرجلان و قحف الرأس و صلدته و ما كان غير مقتل من الأعضاء.

[73] الأخمص: ما لا يصيب الأرض من باطن القدم و ربما يراد به القدم كلها. تصافح الشيئان: انطبق بعضها علي بعض.

[74] العر - بتشديد الراء - الجرب.

[75] الطوي: الجوع. و لعل المراد بالطوي ثانيا انطوي عليه بطنه من الأحشاء و الأمعاء.

[76] الجر: الاناء من خزف. و المطا: الظهر.

[77] مر تفسير اللغات آنفا فراجع.

[78] الزغب: صغار الريش، و التمائم جمع التميمة: عوذة تعلق علي صغار الانسان مخافة العين.

[79] الضمير يرجع الي معاوية.

[80] الجنائب جمع الجنيبة - ككتائب و كتيبة -: الدابة تقاد و كل طائع منقاد جنيب.

[81] استهل الصبي: رفع صوته بالبكاء عند الولادة و كذا كل متكلم رفع صوته أو خفضه فقد استهل.

[82] سر الصبي: قطع سره و هو ما تقطعه القابلة من سرته. و قال ابن الأثير في النهاية: و في حديث ولادة الحسن بن علي و ألبأه بريقه أي صب ريقه في فيه كما يصيب اللبأ في فم الصبي و هو أول ما يحلب عند الولادة.

[83] تلفع المرأة بمرطها: تلحفت. و الساج: الطيلسان الأخضر.

[84] فلان فأشوب: أي مخلوط غير صريح في نسبه.

[85] القروم جمع القرم - بالفتح -: السيد العظيم تشبيها بالفحل و التخاطر: تواثب الفحول عند الهياج.

[86] هو عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام الملقب بالمحض و أمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام ترجمه علماء الرجال من العامة في كتبهم قال ابن حجر - بعد ذكر نسبه -: روي عن أبيه و أمه و ابن عم جده اه.

[87] قلت: قال الجوهري: الشجنة عروق الشجر المشتبكة، بيني و بينه شجنة رحم أي قرابة مشتبكة،

و في الحديث: الرحم شجنة من الله أي الرحم مشتقة من الرحمن، يعني أنها قرابة من الله مشتبكة كاشتباك العروق.

[88] و هو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعبر عنه بالحسن المثلث و هو أخو عبدالله بن الحسن أبا و أما و قد مدحه أبوالفرج في المقاتل بأنه كان متألها فاضلا ورعا و قال ابن حجر: مات سنة 145 في حبس منصور و هو ابن 68 سنة.

[89] قال ابن الأثير: و في الحديث: من بات و في يده غمر. الغمر بالتحريك: الدسم و الزهومة من اللحم. و قال غيره: السهك: قبح رائحة اللحم اذا خنر.

[90] كأنه اشارة الي قوله تعالي: (انما أموالكم و أولادكم فتنة).

[91] الشجن - محركة -: الحاجة. و الشجا: ما اعترض في الخلق من عظم و نحوه.

[92] الشأو: الغاية و الأمد.

[93] قوما بورا أي هالكين، من بار بمعني هلك.

[94] المشرع: مورد الشاربة اذا كان نهرا. و النمير: الزاكي من الماء.

[95] ماكسه في البيع: استحطه الثمن و استنقصه اياه.

[96] مخضت الحامل: دنا ولادها و أخذها الطلق.

[97] المنهل: المورد موضع الشرب علي الطريق.

[98] صرم الشي ء قطعه.

[99] اعتفي فلانا اعتفاءا: أتاه يطلب معروفة.

[100] احتقب الشي ء: ادخره.

[101] أرفده: أعطاه و أعانه.

[102] استنفد الشي ء أفناه.

[103] احتفل في الأمر: بالغ فيه.

[104] شويهة تصغير الشاة، و الكسر - بالكسر - الناحية.

[105] امتذق اللبن: اختلط بالماء.

[106] أي نزع جلدها.

[107] ألم به - بتشديد الميم - نزل به وزاره.

[108] الغرور - بالفتح - ما غرك و خدعك وصفة غالبة للدنيا، و الغرور - بالضم - ما اغتر به من متاع الدنيا.

[109] الختل: الخدعة.

[110] عزف نفسه عن الشي ء: زهدت فيه و ملته.

[111] أرفدة: أعطاه.

[112] برد مفوف: رقيق.

[113] الأنجد جمع النجد: ما ارتفع من

الأرض و أشرف.

[114] الأغوار جمع الغور: الكهف.

[115] الضحضاح: الماء القريب القعر، ولحج في الأمر: دخل فيه و نشب.

[116] أنعم في الأمر: بالغ - كأمعن -.

[117] الدهماء: الفتنة السوداء المظلمة.

[118] من غلواء الشباب و هو أوله و شرته.

[119] عاث الشي ء: فسدت.

[120] الأعود: الأنفع.

[121] الزقاق جمع الزق - بالكسر - جلد يجز و لا ينتف للشراب و غيره.

[122] اصطناع العشيرة: فعل المعروف بهم و الاحسان اليهم. و الجريرة: الذنب.

[123] العرس: حليلة الرجل و امرأته.

[124] غنيمة باردة: آتية عفوا من دون قتال.

[125] الشره: غلبة الحرص.

[126] المنعة: العز و القوة. قال الفيض رحمه الله في الوافي: و المنازعة الحرب و الجهاد في الله، و يحتمل أن يكون المراد بالبأس الهيبة في أعين الناس و بأعز الناس: النفس، فان أعز الناس عند كل أحد نفسه (انتهي). و قيل لعل المراد بأعز الناس أقواهم.

[127] المصدوقة: الصدق.

[128] العي: العجز في الكلام. و النزق - محركة - خفة في كل أمر و عجلة في حمق.

[129] المواقفة - بتقديم القاف - المحاربة. قال الفيروزآبادي: الوقاف و المواقفة أن تقف معه و يقف معك في حرب أو خصومة.

[130] الغرم - بتقديم المعجمة و ضمها و سكون المهملة - ما يلزم أداؤها.

[131] الخرق: الحمق.

[132] السناء: الرفعة.

[133] الأناة، الحلم و الوقار.

[134] و في تحف العقول «و ما السفاه؟ قال: الأحمق في ماله، المتهاون بعرضه».

[135] لا غرو أي لا عجب.

[136] و في نسخة «الصالحين» بدل «الراشدين».

[137] من أبرم الأمر: أحكمه.

[138] النوال: العطاء.

[139] أي الوالدين.

[140] الفرقان: 31.

[141] المنافقون: 8.

[142] الوجار - بالكسر - جحر الضبع.

[143] التياه: المتكبر.

[144] زهي الرجل: تكبر.

[145] تفاني القوم: أفني بعضهم بعضا.

[146] التوبة: 102.

[147] المطففين: 14.

[148] قال في البحار: رأيت في بعض الكتب أن عروق الثري

ابراهيم عليه السلام لكثرة ولده في البادية و لعله عليه السلام عرض بكون معاوية ولد زنا و ليس من ولد ابراهيم عليه السلام.

[149] التلعة: ما ارتفع من الأرض. و الجدب ضد الخصب.

[150] الشتوة مفرد الشتاء أو الشتاء نفسه. و في الارشاد «أنوائها» مكان «أبراقها» و هي نجوم معرفة المطالع و كانت العرب ينسبون الغيث اليها.

[151] الشنق: مادون الدية و ذلك أن يسوق ذوالجمالة الدية كاملة و اذا كانت معها ديات جراحات فتلك هي الأشناق كأنها متعلقة بالدية العظمي.

[152] غاله: أهلكه و أخذه من حيث لم يدر.

[153] الرمس القبر و ترابه. و ثوي بالمكان: أقام.

[154] المعتر: الفقير الذي يتعرض للمسئلة و لا يسأل.

[155] الوغد: الرذل الدني. الأحمق الضعيف.

[156] رجل مشهود يخف الناس لخدمته لأنه مطاع فيهم. و القري: الضيف.

[157] التليد: القديم - و الطريف ضده.

[158] قيل يعني لا يمنعه كبر سنه من انفاذ أماني أهل العراق.

[159] وفد عليه: قدم.

[160] الرفد: العطاء و الصلة. و رفده: أعطاه.

[161] ايها - بالكسر -: للاسكات و الكف. أي كف و اسكت.

[162] أي ما قصرت في رفدك.

[163] هو أسماء بن خارجة بن عيينة بن خضر بن حذيفة بن بدر الفزاري و كان يعد من أخواله و كان رئيس فزارة يومئذ، و فزارة من أشراف العرب.

[164] و في بعض الكتب أنه لما أخذه أسماء بن خارجة قال: دعوه لي فان و هبه الأمير عبيدالله بن زياد لي و الا ري رأيه فيه فتركوه له فحمله الي الكوفة و حكوا ذلك لعبيدالله بن زياد فقال: دعوا لأبي احسان ابن أخته و عالجه أسماء حتي بري ء ثم لحق بالمدينة.

[165] أي لم يرد.

[166] التقويض: نزع الأعواد و الأطناب.

[167] الأبواء: موضع بين الحرمين بينها و بين الجحفة مما يلي

المدينة ثلاثة و عشرون ميلا و به قبر آمنة بنت وهب أم النبي صلي الله عليه و آله و سلم أيضا سميت بالأبواء لتبوء السيول و نزوله فيه و قيل سميت بذلك لما فيه من الوباء و قيل غير ذلك.

[168] قلت: الغمر - بالتحريك - ريح اللحم و السهك، و قد غمرت يدي في اللحم فهي غمرة أي دهمة كما تقول من السهك سهكة و منه منديل الغمر حكاه الجوهري.

[169] المحجمة: قارورة الدم و هي التي يقال لها كأس الحجامة.

[170] الهيجا: الحرب. و الدعة - اسم من الوداعة -: الراحة و الخفض.

[171] غواد جمع الغادية: السحابة تنشأ غدوة.

[172] شأي القوم: سبقهم. و وري الزند: خرجت ناره.

[173] ثار: هاج. و أينق جمع الناقة.

[174] العوارف: العطايا. و الهواد: الأعناق.

[175] السنة الجماد: أي لم يصبها مطر.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.