مطالب السؤول في مناقب ال الرسول علیهم السلام

اشارة

عنوان : مطالب السؤول في مناقب آل الرسول
پديدآورندگان : نصيبي , محمد بن طلحه , 582-652ق.(پديدآور)
نوع : متن
جنس : كتاب
الكترونيكي
زبان : عربي
صاحب محتوا : موسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت (ع)
توصيفگر : ائمه اثني عشر ( ع )
سرگذشتنامه ها
امام مهدي ( ع )
فضايل ائمه ( ع )
وضعيت نشر : موسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت (ع)
ويرايش : -
مشخصات فيزيكي : 1 متن الكترونيكي: بايگاني HTML؛ داده هاي الكترونيكي (11 بايگاني: 31.8KB)
خلاصه :
مخاطب :
يادداشت : ملزومات نظام: ويندوز 98+ با پشتيباني متون؛ شيوه دسترسي: شبكه جهاني وب؛ عنوان از روي صفحه عنوان نمايش كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي
شناسه : oai:lib.ahlolbait.ir/parvan/resource/42748
تاريخ ايجاد ركورد : 1388/8/28
تاريخ تغيير ركورد : 1390/6/2
تاريخ ثبت : 1390/11/1
قيمت شيء ديجيتال : فاقد شيء ديجيتالي

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام علي سيدنا محمد و آله و صحبه رضي الله عنهم أجمعين.
و بعد، فهذا كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، و هو كتاب لا تستغني عنه مكتبة و عمومية أو شخصية أو مؤسسة فكرية أو تحقيقية لما لا يخفي من أهمية كبيرة لهذا الكتاب الذي أجاد فيه المؤلف رحمة الله بقلمه الكريم، و قد انتشر هذا الكتاب في كل أرجاء العالم الاسلامي الكبير، ولكن مع الأسف انتشر بطبعاته القديمة التي لا تكاد تخلو من اشكالات كثيرة، و خدمة منا لهذا الأثر الكبير و مساهمة في حفظ التراث الاسلامي قمنا بتحقيق و تجديد نشر الكتاب بهذه الطبعة الجديدة، و منه نستمد التوفيق

[ صفحه 6]

المؤلف في كتب التراجم

اشاره

هو كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي (652 - 582 ه / 1254 - 1186 م).
كان من الصدور الأكابر و الرؤساء المعظمين، ذا حشمة و جاه اماما في الفقه، مفتيا و، بارعا في الحديث و الأصول و الخلاف، مقدما في القضاء والخطابة، متضلعا في الأدب و الكتابة، و معروفا بالزهد في الدنيا و الاعراض عنها.
تفرد اسماعيل باشا في هدية العارفين في وصفه بالجفار، كما تفرد بروكلمن في تلقيبه بالراجي، و منه تسرب هذا اللقب الي فهرس مكتبة كوبرلي 460:1.
و قال الصفدي في الوافي بالوفيات 176:3:ولد بالعمدية من قري نصيبين [1] ، و برع في المذهب، و سمع بنيسابور من المؤيد الطوسي، و زينب الشعرية و حدث بحلب و دمشق، و كان صدرا معظما محتشما و ترسل عن الملوك....
و ترجم له معاصره أبو شامة المتوفي سنة 665 ه، في ذيل الروضتين ص 188 في وفيات سنة 652 ه و قال:و كان فاضلا عالما، و تولي القضاء ببلاد بصري، و الخطابة بدمشق، ثم طلب لمنصب الوزارة فأيقظه الله تعالي و زهد في رياسات الدنيا، و تزهد و انقطع، و حج في هذه السنة [652] و لما رجع من الحج أقام بدمشق قليلا، و سمع عليه فيها رسالة القيشري، ثم سافر الي حلب فتوفي بها في السابع و العشرين من رجب.
و ترجم له ابن الشاكر في عيون التواريخ 78:20 بما مر.
و قال معاصره الآخر بهاءالدين الاربلي، المتوفي سنة 692 ه في كشف الغمة

[ صفحه 7]

في الجزء الأول منه:و كان شيخا مشهورا، و فاضلا مذكورا، أظنه مات سنة 654 ه، و حاله في ترفعه و زهده و تركه وزارة الشام و انقطاعه و رفضه الدنيا حال معلومة، قرب العهد بها، و في انقطاعه عمل هذا الكتاب:مطالب السؤول، و كتاب الدائرة،و كان شافعي المذهب، من أعيانهم و رؤسائهم.
و ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء 293:23 و وصفه بالعلامة الأوحد، و قال:برع في المذهب و أصوله، و شارك في فنون، و تزهد، و قد ترسل عن الملوك، و ولي وزارة دمشق يومين و تركها، و كان ذا جلالة و حشمة....
و قال التاج ابن عساكر:و في سنة 648 ه خرج ابن طلحة عن جميع ما له من موجود و مماليك و دواب و ملبوس، و لبس ثوابا قطنيا و تخفيفة، و كان يكسن الأمينية فخرج منها و اختفي، و سببه ان الناصر كتب تقليدة بالوزارة فكتب هو الي السلطان يعتذر...
و ترجم له السبكي في طبقات الشافعية 63:8 و قال:تفقه و برع في المذهب، و سمع الحديث بنيسابور...و كان من الصدور الناس، ولي الوزارة بدمشق يومين و تركها، و خرج عما يملكه من ملبوس و مملوك و غيره، و تزهد...

اهمية الكتاب

ذكر الكتاب الجلبي في كشف الظنون، و اسماعيل باشا في هدية العارفين 125:2:و ايضاح المكنون 499:2 باسم:مطالب السؤول في مناقب الرسول، باسقاط الآل، و الصحيحي أن كلمة (الآل) موجودة في نص المؤلف في مقدمة الكتاب حيث يقول:و سميته مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، و أنه ليس في الكتاب سيرة الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) و لا لمناقبة شي‌ء يذكر.
و قد فرغ من تأليفه في مدينة حلب في 17 رجب سنة 650 ه، و ما ان تم تأليفه الا و انتشرت نسخه، و أقبل عليه الناس، و اعتمده أعلام عصره، فقد كان منه

[ صفحه 8]

نسخة عند معصره علي بن طاووس الحلي المتوفي سنة 664 ه، و نقل عنه في كتبه، و كذا اعتمده معاصره الآخر بهاءالدين الاربلي المتوفي سنة 692 ه، و نقل عنه الكثير في كتابه كشف الغمة.
و نقل عنه ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة، و نقل عنه ضامن بن شدقم في كتابه تحفة الأزهار و زلال الأنهار، و غيرهم من العلماء و الكتب المعتبرة.
و الحق أن الكتاب من خيرة ما ألف في هذا المجال، لم يمزج فيه الحق بالباطل، و لم يدس فيه الدسائس، و قال المؤلف في مقدمة الكتاب:ألزمت نفسي تأليف هذا الكتاب قياما بحقه... فشرعت في تصنيفه، و جمعت همتي لتأليفه، و سميته مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، و نهجت جدد المطالب، و استخرجت زبد المناقب، بمحض المعقول و المنقول، فجاء جامعا للفضائل، صادعا بالدلائل، شارعا مناهج الوصول الي السؤول...
و عمد اليه أحمد بن عبد الرحيم بن أحمد، من أعلام القرن الثامن، فلخصه و سماه:المنقول من مطالب السؤول.
و ترجمه الي الفارسية المولي أبو الحسن علي بن الحسن الزواري بأمر السلطان شاه طهماسب الصفوي، و سماه:عمدة المطالب في ترجمة المناقب.

طبعاته

1 - طبع في طهران سنة 7- 1285 ه ق، طبعة حجرية بأمر فرهاد ميرزا معتمد الدولة القاجاري.
2 - و أعادت طبعه علي الحروف المكتبة التجارية و مطبعتها في النجف / العراق سنة 1371 ه طبعة تجارية رديئة.

[ صفحه 9]

مصنفاته

له مؤلفات قيمة ذكرها أصحاب التراجم و غيرهم منها:
1 -الدر المنظم في اسم الله الأعظم.
2 - الجفر الجامع و النور اللامع.
3 - تحصيل المرام في تفضيل الصلاة علي الصيام.
4 - العقد الفريد للملك السعيد.
5 - كتاب دائرة الحروف.
6 - مفتاح الفلاح في اعتقاد أهل الصلاح.
7 - نفائس العناصر لمجالس الملك الناصر.
8 - زبدة المصنفات في الأسماء و الصفات.
9 - مطالب السؤول في مناقب آل الرسول. و ذكر في فهرس مكتبة ولي الدين في اسلامبول رقم 574 باسم زبدة المقال، و صححة الدكتور ششن في نوادر المخطوطات العربية 353:2 باسمه الصحيح مطالب السؤول، ولكن المصنف رحمة الله قد صرح في مقدمة المطالب أنه كتب زبدة المقال و لكن سرق منه في وقته.

منهج التحقيق

اعتمدنا في تحقيق هذا الأثر النفيس علي ما يلي:
1 - نسخة مخطوطة قديمة في مكتبة السيد المرعشي العامة في مدينة قم / ايران برقم 2133، و هي من مخطوطات القرن السابع الهجري. و هي نسخة قيمة، و صحيحة تقع في 239 ورقة، برقم 3312، رمزنا لها ب (م).
2 - نسخة مخطوطة في المكتبة المركزية لجامعة طهران، و هي نسخة جيدة، ترجع الي القرنين السابع و الثامن الهجري و برقم 1897 كتبها

[ صفحه 10]

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن جعفر بن زيد بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق.
و كتب في أول ورقة منها:

لله درك يا بن طلحة من فتي
ترك الوزارة عامدا فتسلطنا

لاتعجبوا من زهده في درهم
من فضة فلقد أصاب المعدنا

و رمزنا لها ب (ط).
3 - النسخة الحجرية المطبوعة في طهران سنة 1285 ه ق، و هي طبعة جيدة و صحيحة. و رمزنا لها ب (ع).
4 - كتاب كشف الغمة للشيخ بهاءالدين الاربلي، و هو معاصر للمؤلف، و نقل عنه الكثير الكثير. و قد ساعدنا كثيرا في حل الاشكالات و السقوطات، و رمزنا له بكلمة (كشف).
أجرينا المقابلة الدقيقة بين النسخ المشار اليها، و تثبيت سائر الاختلافات بينها، مع الاشارة لها في الهامش، و قمنا بعملية التلفيق بين النسخ للحصول علي نص مضبوط و صحيح، توزيع مطالب الكتاب و فصلها و تقسيمها بشكل فني لائق بمواد الكتاب، حصرنا الألفاظ المضافة أو المعدلة أو المبدلة بلفظ آخر بين عضادتين مع الاشارة في الهامش الي ما كان في الأصل، و تخريج الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة و الأقوال و الآثار و الأشعار، و قمنا بتوضيح بعض العبارات التي هي بحاجة الي توضيح، و توسعنا في التعليق علي بعض العبارات التي هي بحاجة الي توضيح، و توسعنا في التعليق علي بعض المطالب التي تحتاج الي ذلك و غير ذلك من اصول التحقيق.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين.
ماجد بن أحمد العطية.

[ صفحه 15]

مقدمة المؤلف

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي حلي الصفوة الطاهرة، من آل نبيه المصطفي، بأصفي المناقب، و أحلهم من [57] شرف العلي و شرف الهدي في أعلي المعارج و أسمي المراتب، و أصفاهم من صفات التطهير و التقديس في العاجلة و الآجلة بأسني المنائح و أهني المواهب، و أزلفهم الي المقام القريب منه بمناجاتهم اياه في لوائح الهواجر و دياجر الغياهب، و جعلهم أئمة حق و صدق يهدون بأمره الي اتباع أقوم الطرائق و أهدي المذاهب، و قرن الصلوات عليهم بالصلاة علي النبي في الصلوات [57] و انها لمن أشرف الرغايب، و خصهم من مزايا السجايا بما نقله الثقات الرواة في مباهلة السيد و العاقب، فمودتهم في هذه الحياة الدنيا معدودة في أقسام القروض اللوازم و الأحكام اللوازب، و موالاتهم يوم يقوم الناس لرب العالمين جنة منجية من أوصاب العذاب الواصب.
و الصلاة و السلام علي رسوله محمد، المستخرج من أمشاج الأصلاب الأطاهر و الأنساب الأطايب، المستعرج به في أدراج المعارج ليلة الأسراء [57] في أملاك الأفلاك و مناكب الكواكب، و علي آله الطيبين الطاهرين و أصحابه الخلفاء الراشدين صلوات مشهودة الموارد مشفوهة المشارب.
و بعد:
فأحسن ما نظمته أقلام الأفهام من أقسام الكلام في الحسنات المستحسنات،

[ صفحه 16]

و حملته بطون أوراق الأنام من نطف مياه الأقلام من سلالة الباقيات، الصالحات، و حررته فذلك جرائد الحاسبين لتكميل مراشد الطالبين من جمل سجايا النفوس الزاكيات، و سطته أيدي الكرام الكاتبين لمن نصب نفسه للقيام به في صحائف الحسنات، و أعده ذخيرة يجدها اذا نفخ في الصور فصعق من في الأرض و السموات، تأليف لآل المصطفي أئمة الهدي أهل الميامين و النهي ذوي الآيات و البينات و تصنيف مناقب صفاتهم و تعريف مراتب طاعاتهم و توظيف مذاهب عباداتهم في الاعمال و النيات، فشرفهم باذخ و قدم تقدمهم راسخ، فهم علي الحقيقة قرابات السادات و سادات القرابات، و هم العروة الوثقي و محبهم لا يضل و لا يشقي، و سينال باقتفائهم أقرب القرابات و لهم الفضائل الناطقة و المنازل السامقة فكيف لا و قد رفع قدرهم رفيع الدرجات، فمناقبهم أبدا تتلا و محاسنهم علي الابد تجلا و مودتهم منزلة في السور و الآيات، فالمقدمون لانفسهم ذخرا العاملون بلا أسألكم عليه أجرا سينعمون في روضات الجنات.
و قد كنت من زمن جريان قلم التكليف علي كلفا الي الغاية بمودتهم، معترفا بأن صفاتهم المشفوعة باتصالهم بالمصطفي صلوات الله عليه تقضي بمحبتهم، و التزمت أيام الاغتراب تأليف كتاب تطلع مطالعه ذراري فضيلتهم، فشرعت فيه و وضعت كيفية ترتيبه في مباديه و جعلت عدة أبوابه عدة أئمتهم فسطرته و رتبته و حررته و بوبته و قمت في حقهم بمفروض خدمتهم.
و سميته «زبدة المقال في الفضائل الآل» و ضمنته غرائب من غصون شجرتهم، و جعلته لنفسي أنيسا تطالعه حالتي مقامها و رحلتها، و جليسا تراجعه في وقتي سكونها و حركتها، فأجرت أدوار الأقدار من أخطار الأسفار بعض أقضيتها فسلبته، و غيرته يد الاغتيال و جرعت النفس بفقده مرارة حسرتها، فلما أن لفتني الرأفة الرانية من الألطاف الالهية بعنايتها، و أعرضت عن متاع الدنيا من جاهها و مالها و ولايتها، و رأي بعض الصالحين عليا أميرالمؤمنين عليه السلام فسأله

[ صفحه 17]

مسائل تتعلق بالمعارف القدسية و ربوبيتها فأجابه عليه السلام بكلمات فقال:يا أميرالمؤمنين لم أحط علما بعمرفتها، فأحاله علي في أن أشرح ذلك له و افصل منه ما أجمله و أبين تفاصيل قوله و جمله، فلما حضر لدي وقص علي حقيقة الحوالة في جواب ما سأله، قابلت أمره عليه السلام بالامتثال و بادرت في الوقت والحال الي استخراج الجواب عن ذلك السؤال، و بعد قيامي بواجب الحوالة و قضاياها و امتثال أمره المطاع باستخراج أجوبتها و شرح أسمائها، ألزمت نفسي تأليف هذا الكتاب قياما بحقه عليه السلام؛ اذ خصني باحسانه و جعلني أهلا لاستنابته اياي في شرح أشكال من العلم اللدني و تبيانه، و ليكون خلفا عني ذلك الكتاب الذي غاله الدهر بيد عدوانه فشرعت في تصنيفه و جمعت همتي لتأليفه.
و سميته (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) [57] و نهجت جدد المطالب و استخرجت زبد المناقب بمحض المعقول و المنقول، فجاء جامعا للفضائل صادعا بالدلائل شارعا مناهج الوصول الي السؤول، تكفيه منقبة تلقين المناقب و كونه بترتيب مراتب الائمة الأطايب، قيد العيون و العقول، من قدر و قدره قدمه و من خبر خبره خدمه و تلقي وجهه بالتقبيل و القبول، و لما أسري القلب بعزمه لادراك هذه المطالب، و أجري قلم فكره الصائب في تأليف هذه المناقب ناجته نفسه المهتدية بالقول الثابت و النور الثاقب، بأن هذا التأليف الجامع لشتات هذه الفضائل، الرافع مراتب صفات الأئمة الأفاضل، و ان كانت جواهر مضمونة مشرقة و أنوارا مكنونة متألقة، و أنهارا عيونها مغدقة، و أشجارا فنونها مورقة، و ثمارا غصونها مونقة، فلا يستضي‌ء بنور افقها الا من يعتقد وجوب القيام بحقها، و لا يرقي في معارج فضائلها و طرقها الا من حكم التأييد الالهي لنفسه بتقدمها و سبقها، فان الدرة الموسومة باليتيمة، و الجوهرة الثمينة ذات القيمة، و العقود المنضودة من اللآلي النظيمة و الجونة العبق نشرها بأجارء اللطيمة، بل جهات

[ صفحه 18]

الخيرات المتصفة بالمكانة العلية و المنزلة العظمية لا يعظم محلها، الا من استبان فضلها و علم قدرها و نبلها و علم [57] فرعها و أصلها، و كان أحق بها و أهلها، ليتلو سور أخبارها و يبلو سير آثارها و يتنسك بشعائر شعارها، و يتمسك بشريعة نصرها و يسلك شعب أنصارها. و أنا و ان امطيت نفسي مطا اجتهادها في سلوك سبيلها، و أعطيت رائد اجتهادها سؤله في اقامة دليلها في تأليف مزاياهم التي لا يستطيع المدره المغرة حصر تفصيلها و تصنيف سجاياهم التي يقصر لساني مع بسطته عن تلاوة آياتها و ترتيلها، و جمعت منها كلما وصلت اليه مطيه الجد و الاجتهاد بوخدها و ذميلها، و نظمت شوارد فرائدها الممدوحة و فرائد شواردها الممنوحة في عقد تفصيلها، كنت و الله مقصرا في جنب ما أولانيه أميرالمؤمنين عليه‌السلام من مبار اردفاه و ما خصني به من شريف نظره و كمال اعتقاده، و ما استندبني له من استخراج أسرار من الغيب لا يمنحها الله تعالي الا من يجتبيه من عباده، و ما شرفني به في المنام النبوي من اقباله حتي كساني رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) ما كان عليه من ابراده، و دعاني دعوة ما ظفر بها الا من أسعفه الله تعالي باسعاده و أسعده في معاده، فلم أجد شيئا أتمسك به في مقابلة هذا الاحسان ذي المحاسن الحسان، الا الاستنصار بالمسعفين البيان و البنان، و الاستظهار بالمسعدين القلم و اللسان، في نشر معالي مناقبهم العظمية الشأن، الكريمة علي الثقلين الانس و الجان، و نثر لآلي‌ء فضائلهم المستخرجة من بحر جواهر القرآن، المرزية عند أهل الايمان بمنثور الجمان، من الؤلؤ و المرجان، المستخرج من بحر كيش و عمان [57] ، و اشاعتها في اشياع العباد، و اذاعتها في الأصقاع و البلاد، و جعلتها جنة في بطون الأوراق من مواد نطف المداد، ليستخرجها من هو من أهلها فينتفع بها في المعاد يوم قيام الاشهاد،

[ صفحه 19]

فان مصنفات الأمة اذا جليت علي أهلها تضوعت و لم تضع، و صفات الائمة اذا تليت علي المسامع لا يستمع بها غير المستمع، فما كل من دعاه الهادي الي سلوك سبيل الهدي بمتبع، و لا كل من وعي سمعه ما يتلي عليه ما لم يوفقه الله بمنتفع، فان ظفر بها و من حباه الله تعالي باسعاف الاسعاد و هداه الي سبيل الرشاد، فتأملها بفكره الوقاد و فهمه النقاد و قلبه المنقاد الي سداد الاعتقاد، فاقتفي سنن سنتهم، و اقتدي بنهج طريقتهم، و تقرب الي الله تعالي بمحبتهم، و عد نفسه من أنصار اسرتهم، و أعد لماله ما يصرفه من ماله في مبرتهم، رزقه الله تعالي الاهتداء بمصباحهم، و الارتداء بجلباب صلاحهم، و وقاة حر كل جناح يخشاه بوارف جناحهم، و سقاه يوم العطش الأكبر بكأس اغتباقهم و اصطباحهم، و أنا بقيامي هذا في رفع منارهم و شرع شعارهم و جمع مآثرهم و آثارهم، و ان كان غاية ما وصلت اليه القوي البشرية لاستطاعتها، و نهاية ما قدرت عليه ببذل جهدها و طاقتها، كمن قابلت نفسه أنوار شمس الظهيرة بذبالتها، و عدلت السحاب المدرار و الغباب التيار ببلة قطرتها، ثم لما كانت هذه الصدقة التي هي من أميرالمؤمنين عليه‌السلام باسدائها، و المنة التي تصدق باهدائها، و الحالة التي تكررت منه باعادتها و ابدائها، و لم يصدرها الا بأمر الهي أحاط به علما فأتاه وآت [57] ما أتاه، اذ كل حادث لا يدخل في الوجود الا و قد قدره الله تعالي و قضاه، و أنفذ حكمه سبحانه فيه و أمضاه، فيجب حمده جل وعلا دائما علي ما أولي و يتعين شكره سرمدا علي ما منحه و أقناه، حمدا لا تفتصم عراه، و شكرا لا يدرك منتهاه.
و أنا أسأل كل من وقف علي كتابي هذا أن يخصني بدعوة ينفعني الله بها يوم ألقاه، ليكون من عتاد المعاد يوم ينظر ما قدمت يداه، و اذا بلغ القلم مما رقم كنه مطاويه، فاقطع عليه جريه في ايضاعه و تقريبه، و أسرع به الي مطالب الكتاب و أساليبه، فأشرع الآن في ترتيبه، و أجمع مواد تهذيبه، و أضع قواعد تفصيله

[ صفحه 20]

و تبويبه، فأقول و الله الموفق المعين:
اعلم أن المقصد المطلوب و المطلب المقصود في هذا الكتاب تحصره مقدمة و أبواب.
أما المقدمة:فهي من قواعد المقاصد و أركانها، فلهذا تعين أولا تقديم كشفها و بيانها، و فيهما قسمان:
الأول:في شرح ألفاظ و صفوا بها، و الثاني:في ايضاح معان خصوا بموجبها.
القسم الأول:في شرح الألفاظ.
فانه قد اشتهر و ذاع، و قرع الأسماع و عم العظماء [57] و الرعاع، استعمال أربعة ألفاظ يوصفون بها و تطلق عليهم عليهم السلام.
اللفظة الاولي:آل الرسول، و الثانية:أهل البيت، و الثالثة:العترة، و الرابعة:ذوو القربي.
فهذه أربعة ألفاظ، يتعلق بكل واحد منها مقصد سني و يناط به شرف علي، و كل كلمة منها و ان كانت جلية و ففيها معني خفي، و هذا القسم معقود لكشف معانيها و تفضيل ما قيل فيها.
أما الكلمة الاولي:و هي آل الرسول فأقول:قد تعددت أقوال الناس في تفسير الآل:فذهب قوم الي أن آل الشخص أهل بيته [57] ، و قال آخرون:ان آل النبي هم الذين حرمت عليهم الزكاة و عوضوا عنها خمس الخمس [57] ، و قال آخرون:ان آل الشخص من دان بدينه و تبعه فيه. [57]

[ صفحه 21]

فهذه الأقوال الثلاثة أشهر ما قيل، و استدل من قال بقول الأول بما أورده القاضي الامام الحسين بن مسعود البغوي، في كتابه الموسوم (بشرح سنة الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) من الأحاديث المتفق علي صحتها، يرفعه بسنده الي عبدالرحمن ابن أبي ليلي، قال:لقيني كعب بن عجرة فقال:ألا أهدي اليك هدية سمعتها من النبي (صلي الله عليه و آله و سلم).
فقلت:بلي فاهدها الي.
فقال:سألنا رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فقلنا:يا رسول الله كيف الصلوات عليكم أهل البيت؟
قال (صلي الله عليه و آله و سلم):(قولوا اللهم صلي علي محمد و علي آل محمد كما صليت علي ابراهيم و آل ابراهيم، و بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي ابراهيم و آل ابراهيم، انك حميد مجيد) [57] فالنبي (صلي الله عليه و آله و سلم) فسر أحدهما بالآخر فالمفسر و المفسر به سواء في المعني، فقد أبدل لفظا بلفظ مع اتحاد المعني فيكون آله أهل بيته و أهل بيته آله فيتحدان في المعني علي هذا القول، و يكشف حقيقة ذلك أن أصل آل أهل فابدلت الهاء همزة، و يدل عليه أن الهاء ترد في التصغير فيقال في تصغير آل:اهيل و التصغير برد الأسماء الي اصولها [57] .
و استدل من قال بالتفسير الثاني، بما أخرجه الائمة بأسانيدهم المتفق علي صحتها، الامام مسلم بن الحجاج، و أبو داود، النسائي، يرفعه كل واحد منهم بسنده في صحيحه الي عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث قال:سمعت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) يقول (ان هذه الصدقات انما هي أوساخ، و انها لا تحل لمحمد و لا لآل محمد) [57] .

[ صفحه 22]

و بما نقل امام در الهجرة، مالك بن أنس في موطأه بسنده أن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) قال:(لا تحل الصدقة لآل محمد انما هي أوساخ الناس) [57] .
فجعل حرمة الصدقات من خصائص آله (صلي الله عليه و آله و سلم)، و الذين يحرم عليهم الصدقات، هم بنو هاشم ثم بنو عبدالمطلب.
و قد قيل لزيد بن أرقم:من آل رسول الله الذين حرمت عليهم الصدقات؟
قال:آل علي و آل جعفر و آل عباس و آل عقيل [57] ، و هذا التفسير قريب من الأول.
و استدل من قال بالتفسير الثالث، بقوله تعالي:(الا آل لوط انا لمنجوهم أجمعين) [57] أجمع المفسرون علي أن المراد بآله، من آمن به وتبعه في دينه [57]
و اذا ظهر ما قيل في تفسير الآل، فالمعاني كلها مجتمعة فيهم عليهم السلام، فهم أهل بيته و تحرم عليهم الزكاة، و هم داينون بدينه و متبعون منهاجه و سبيله، فاطلاق اسم الآل عليهم حقيقة فيهم بالاتفاق.
و أما اللفظة الثانية:و هي أهل البيت، فقد قيل هم من ناسبه الي جده الأدني، و قيل:من اجتمع معه في رحم، و قيل:من اتصل به بنسب أو سبب، و هذه المعاني كلها موجودة فيهم عليهم السلام فانهم يرجعون بنسبهم الي جده عبد المطلب، و يجتمعون معه في رحم، و يتصلون به بنسبهم و سببهم، فهم أهل بيته حقيقة.
فالآل و أهل البيت سواء اتحد معناها علي ما شرح أولا أو اختلف علي ما ذكر

[ صفحه 23]

ثانيا، فحقيقتهما ثابتة لهم عليهم السلام.
و قد روي مسلم في صحيحه، بسنده عن يزيد بن حيان، قال:انطلقت أنا و حصين بن سبره و عمر بن مسلم الي زيد بن أرقم، فلما جلسنا اليه قال له حصين:لقد لقيت يازيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)، و سمعت حديثه، و غزوت معه، و صليت خلفه، لقد لقيت يازيد خيرا كثيرا، حدثنا يازيد ما سمعت من رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم).
قال يا ابن أخي لقد كبر سني و قدم عهدي، و نسبت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فما أحدثكم فاقبلوه و ما لا فلا تكلفونيه، ثم قال:قام رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) يوما فينا خطيبا بماء يدعي خما بين مكة و المدينة فحمد الله و أثني عليه و وعظ و ذكر، ثم قال:(أما بعد أيها الناس، أنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب و أنا تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدي و النور فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به - فحث علي كتاب الله و رغب فيه ثم قال - و أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي).
فقال له حصين:و من أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟
قال:لا، أهل بيته من حرمت الصدقة بعده [57] و قد تقدم القول في ذلك.
و أما اللفظة الثالثة:و هي العترة (فقد قيل العترة و هي و العشيرة) [57] . [57] .، و قيل:العترة هم الذرية [57] .، و قد وجد الأمران فيهم عليهم السلام فانهم عترته و ذريته، و أما العشيرة فالأهل الأدنون [57] . و هم كذلك.
و أما الذرية:فان أولاد بنت الرجل ذريته، و يدل عليه قوله تعالي عن

[ صفحه 24]

ابراهيم عليه السلام (و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هرون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيي و عيسي و الياس و كل من الصالحين). [57]
فجعل الله سبحانه و تعالي هؤلاء المذكورين عليهم السلام من ذرية ابراهيم عليه السلام و من جملتهم عيسي عليه السلام و لم يتصل بابراهيم الا من جهة امه مريم.
و قد نقل أن الشعبي كان يميل الي آل رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فكان لا يذكرهم الا و يقول هم أبناء رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و ذريته، فنقل ذلك الي الحجاج بن يوسف و تكرر ذلك و كثر نقله عنه اليه فاغضبه ذلك منه و نقمه عليه، فاستدعاه الحجاج يوما الي مجلسه و قد اجتمع لديه أعيان المصرين الكوفة و البصرة و علماؤهما و قراؤهما فلما دخل الشعبي عليه سلم، فلم يبشر به ولا وافاه حقه من الرد عليه.
فلما جلس قال له:يا شعبي ما أمذ يبلغني عنك يشهد عليك بجهلك.
قال:ما هو يا أمير؟
قال:ألم تعلم ان أبناء الرجل من ينسبون اليه و ان الأنساب لاتكون الا بالآباء، فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول الله و ذريته هل لهم اتصال برسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الا بامهم فاطمة؟ و النسب لا يكون بالبنات و انما يكون بالأبناء.
فأطرق الشعبي ساعة حتي بالغ الحجاج في الانكار عليه و قرع انكاره مسامع الحاضرين، و الشعبي ساكت، فلما رأي الحجاج سكوته، أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه.
فرفع الشعبي صوته و قال:يا أمير ما أراك الا متكلما كلام من يجهل كتاب الله تعالي و سنة رسوله و من يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيظا و منه و قال:لمثلي تقول هذا و ياويلك.
قال الشعبي:نعم، هؤلاء قراء المصرين حملة الكتاب العزيز، و كل منهم

[ صفحه 25]

يعلم ما أقول:أليس قد قال الله تعالي حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله تعالي:(يا بني آدم) و قال:(يا بني اسرائيل) و قال عن ابراهيم (و من ذريته) الي أن قال:(و يحيي و عيسي) و أفتري يا حجاج اتصال عيسي و بآدم و باسرائيل الله و بابراهيم خليل الله بأي آبائه كان أو بأي أجداد أبيه هل كان الا بامه مريم؟
و قد صح النقل عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) أنه قال للحسن:(ان ابني هذا سيد).
فلما سمع الحجاج ذلك منه أطرق خجلا ثم عاد يلطف الشعبي، و اشتد حياؤه من الحاضرين. [57] .
و اذا وضح ذلك العترة و الطاهرة هم ذريته (صلي الله عليه و آله و سلم) و أبناؤه و عشيرته فقد اجتمعت فيهم المعاني بأسرها.
و أما اللفظة و الرابعة و هي ذوو القربي، فمستنده الي ما رواه الامام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي (رض) في تفسيره يرفعه بسنده الي ابن عباس (رض) قال:لما نزل قوله تعالي:«قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي» [57] قالوا:يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالي بمودتهم؟
قال:(علي و فاطمة و أبناؤها) [57] . و سيأتي تمام ذلك مستقصي ان شاء الله تعالي فيما بعد، فهذا تمام الكلام في القسم الأول المختص بالألفاظ المذكورة.
القسم الثاني:في ذكر المعاني التي ذكر اختصاصهم بها.
و هي الامامة الثابتة لكل واحد منهم، و دكون عددهم منحصرا في اثني عشر اماما، أما ثبوت الامامة لكل واحد منهم فانه حصل ذلك لكل واحد بمن قبله، فحصلت للحسن النقي عليه السلام من أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام و حصلت بعده لأخيه الحسين الزكي عليه السلام منه، و حصلت بعد الحسين لابنه زين العابدين عليه السلام منه علي

[ صفحه 26]

و حصلت بعد زين العابدين لولده محمد الباقر عليه‌السلام منه، و حصلت بعد الباقر لولده جعفر الصادق عليه‌السلام منه، و حصلت بعد الصادق لولده موسي الكاظم عليه السلام منه، و حصلت بعد الكاظم و لولده علي الرضا عليه السلام منه،و حصلت بعد الرضا لولده محمد القانع عليه السلام منه، و حصلت بعد القانع لولده علي المتوكل عليه‌السلام منه، و حصلت بعد المتوكل لولده الحسن الخالص عليه‌السلام منه، و حصلت بعد الخالص لولده، محمد الحجة المهدي عليه‌السلام منه.
و أما ثبوتها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فمستقصي علي أكمل الوجوه في كتب الاصول، فلاحاجة الي بسط القول فيه في هذا الكتاب.
و أما كون عدد الائمة منحصرا في هذا العدد و المخصوص، و هو اثنا عشر فقد قال العلماء فيه، فمنهم من طول فأكثر فأفرط افراط المليم، و منهم من قلل فقصر ففرط فنزل عن السنن المستقيم، و كل واحد من ذوي الافراط و التفريط قد اعتلق بطرف ذميم، و الهداية الي سلوك الطريقة و الوسطي جنة و لا يلقاها و الا ذو حظ عظيم، و ها أنا أذكر في ذلك ما أعتقده من أحسن نتائج الفطن، و أعده من محاسن الأفكار الجارية، لاستخراج جواهر الخواطر في منن السنن و الأقدار، و ان كانت فاطمة و كبيرة من الفطن عن ادراك الحكم في السر و العلن، فانها والدة لقرائح أهل التوفيق و التأييد، من نتائجها كل حسين و حسن و تلخيص ذلك و بوجوه:
الوجه الأول:ان الايمان و الاسلام بنيا و علي أصلين:
الأول:لا اله الا الله.
و الثاني:محمد رسول الله، و كل واحد من هذين الأصلين مركب من اثني عشر حرفا، و الامامة فرع عن الايمان المتأصل و الاسلام المتقرر، فيكون عدد الائمة القائمين بها اثني عشر كعدد كل واحد من هذين من الأصلين المذكورين.
الوجه الثاني:ان الله سبحانه و تعالي أنزل في كتابه العزيز قوله تعالي:

[ صفحه 27]

«و لقد أخذ الله ميثاق بني اسرائيل و بعثنا منهم اثني عشر نقيبا» [57] فجعل عدة القائمين بهذه الفضيلة و التقدمة و النقبة التي هي النقابة مختصة بهذا العدد، و فيكون عدة القائمين بفضيلة الامامة و التقدمة بها مختصة، و لهذا لما بايع رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الأنصار ليلة العقبة قال لهم:«اخرجوا الي منكم اثني عشر نقيبا كنقباء بني اسرائيل» [57] ففعلوا فصار ذلك طريقا متبعا و عددا مطلوبا.
الوجه الثالث:قال الله سبحانه و تعالي:«و من قوم موسي امة يهدون بالحق و به يعدلون و قطعناهم اثنتي عشرة أسبطا أمما» [57] فجعل الأسباط الهداة الي الحق في بني اسرائيل اثني عشر، فتكون الأئمة الهداة في الاسلام اثني عشر.
الوجه الرابع:ان مصالح معاش العالم لما كانت في حصولها مفتقرة الي الزمان لاستحالة انتظام مصالح الأعمال، و ادخالها في الوجود الدنيوي بغير الزمان، و كان الزمان عبارة عن الليل و النهار و كل واحد منهما حال الاعتدال مركب من اثني عشر جزء تسمي ساعات، فكانت مصالح العالم مفتقرة الي ما هو بهذا العدد و كانت مصالح الأمة مفتقرة الي الأئمة و ارشادها، فجعل عددهم كعدد أجزاء اليلي و أجزاء النهار للافتقار اليه كما تقدم.
الوجه الخامس:و هو وجه صباحته واضحة، و أنواره لائحة، و تقريره أن نور الامامة يهدي القلوب و العقول الي سلوك طريق الحق، و يوضح لهما المقاصد في سلوك سبل النجاة، كما يهدي نور الشمس و القمر أبصار الخلائق الي سلوك الطريق، و يوضح لهم المناهج السهلة ليسلكوها، و المسالك الوعرة ليتجنبوها، فهما نوران هاديان أحدهما يهدي البصائر و هو نور الامامة، و الآخر يهدي.

[ صفحه 28]

الأبصار و هو نور الشمس و القمر، و لكل واحد من هذين النورين مجال يتناقلها، فمجال ذلك النور الهادي للأبصار البروج الاثنا عشر، التي أولها الحمل و آخره و المنتهي اليه الحوت، فينقل من واحد الي آخر، فيكون مجال النور الثاني الهادي للبصائر و هو نور الامامة منحصرا أيضا في اثني عشر.
تنبيه:قد ورد في الحديث:(ان الأرض بما عليها محمولة علي الحوت) [57] و في هذا اشارة لطيفة،و حكمة شريفة، و هو أن مجال ذلك النور لما كان آخرها الحوت،و الحوت حامل لأثقال هذا الوجود، و مقر العالم و في الدنيا، فآخر مجال هذا النور و هو نور الامامة أيضا حامل أثقال مصالح أديانهم و هو المهدي، و سيبين ذلك عند نزول عيسي عليه‌السلام لقتل الدجال، و يظهر علي ما نطق به الحديث النبوي، و سيأتي بسط ذلك و تفصيله في موضعه ان شاء الله تعالي.
الوجه السادس:و هو من جميع الوجوه أولاها مساقا، و أحلاها مذاقا، و أجلاها اشراقا، و أعلاها في ذري الحكم طباقا،و تقريره:و أن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) لما قال:(الائمة من قريش) [57] ذكر ذلك حاصرا به كون الائمة من قريش، فلا يجوز أن تكون الامامة في غير قرشي، و (ان كان عربيا و متي عقدت الامامة لغير قرشي) [57] .
و ان كان عربيا فانها لا تنعقد اجماعا، فقد صار هذا الوصف و هو كون محل الامامة من قريش في درجة الاعتبار نازلا منزلة التعليل بالعلة المنصوص عليها، و كون الانسان قرشيا صفة شرف يتقدم صاحبها علي غيره،و قد أومي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الي ذلك بقوله:(قدموا قريشا و لا تقدموها) [57] .
و اذا وضح ذلك فالذي عليه محققو علماء النسب، أن كل من ولده النضر بن

[ صفحه 29]

كنانة فهو قرشي (فمرد كل قرشي) [57] الي النضر بن كنانة، فالنضر هو دوحة يتفرع صفة الشرف عليها، و ينبعث منها و ترجع اليها، و هذه القبيلة الشريفة كمل شرفها و عظم قدرها و اشتهر ذكرها، و استحقت التقدم علي بقية القبائل وسائر البطون من العرب و غيرها، برسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فنسب قريش انحدر من النضر الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) (و شرف قريش ارتقي لها من رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)) [57] فرسول الله في الشرف بمنزلة مركز الدائرة بالنسبة الي محيطها فمنه يرقي الشرف، فاذا فرضت الشرف خطا متصاعدا متراقيا متصلا الي المحيط، مركبا من نقط هي آباؤه أبا فأبا، و جدته (صلي الله عليه و آله و سلم) محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، ابن مالك، بن النضر، فالمركز الذي انبعث منه الشرف متصاعدا هو رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و وجدت المحيط الذي تنتهي اليه الصفة الشرفة القرشية هو النضر بن كنانة، فالخط المتصاعد الذي بين المركز و بين المنتهي المحيط أجزاؤه اثنا عشر جزءا، فاذا كانت درجات الشرف المعدودة متصاعدا اثنتي عشرة، فليزم أن تكون درجات الشرف متنازلة عن المركز اثنتي عشرة لاستحالة أن يكون الخطان الخارجان من المركز الي المحيط متفاوتين، فالنبي صلوات الله عليه و سلامه منبع الشرف و الذي هو محل الامامة متنازلا، فليزم أن يكون الائمة اثني عشر فكما أن الخط المتصاعد اثنا عشر فالخط المتنازل اثنا عشر، و هم علي، و الحسن و الحسين، و علي،و محمد، و جعفر، و موسي،و علي، و محمد و علي و الحسن و محمد، صلوات الله عليهم أجمعين فأول من ثبتت له الصفة بأنه قرشي مالك بن النضر، و لا يتعداه صاعدا و هو الثاني عشر، فكذلك منتهي من ثبتت له الامامة و لا يتعداه نازلا و استقرت فيه و لا امام بعد محمد بن الحسن المهدي عليه‌السلام و هو الثاني عشر، فانظر بعين الاعتبار الي أدوار الأقدار، كيف جرت

[ صفحه 30]

باظهار هذه الأسرار في حجب الأستار، بأنوار مشكاة الأفكار، و في هذا المقدار غنية و بلاغ لذوي الاستبصار.
و لما قضي القلم و طره من مقصوده، و استنفذ فيما رقمه في المقدمة غاية مجهوده، رفع رأسه عن مصافحة طرسه بسجوده، و خلع عنه من لباس نقشه سود بروده، وبعد أن تمم هذه المقدمة بختامها و ختمها بتمامها و أحك أقسام أحكامها و أحكام أقسامها، لم ير الأطناب باستطلاع زيادة في فوائد قلائد نظامها، و لا الاسهاب بايناع ثمر غير ثمرها المستخرجة من أكمامها، فعطف أعطافه و صرف نطافه، و عكف سعيه و طوافه، و وقف من تبعه و مصطافه، علي رقم المقاصد الآتية و المأتية من أبوابها،و نظم فوائد القلائد السنية في سلك سحابها، و أبرز صفات السجايا الشريفة في أرجاء جلبابها، و احراز قصبات الأجر بتأليفها، لنجاة النفس يوم مآلها و مآبها، يوم «تري كل امة جاثية كل امة تدعي الي كتابها»، [57] و هذا الآن أوان أن أطلق عنان القلم بجريانه في ميدان البيان، و أرهق لسان تبيانه بتنضيد جواهره الحسان، المزرية بقلائد العقيان،و افتتح أبواب الكتاب الموصلة من نظر فيها الي تفصيل صفات الأئمة الأعيان، المحصلة لمقتفيها تنويل قواعد عقائد الايمان، وقد جعلت أمام الأبواب فاتحة لابد من تلاوتها قبل الاستفتاح، و نزلتها منزلة زجاجة المصباح عند الاستصباح، فمن أصاخ لها بسمع فلبه سمتعه حيعلة الفلاح، و من أشاح عنها بوجهه دعته الي هاوية مساوي‌ء الاجتراح، و هي هذه:
اعلم أيدك الله بروح منه أن الأئمة الأطهار المعدودة مزاياهم في هذا المؤلف، و الهداة الأبرار المقصودة سجاياهم بهذا المصنف، لهم برسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) زيادة علي اتصالهم به بالنسب الشريف اتصالهم به بواسطة فاطمة عليهماالسلام فبواسطتها زادهم الله تعالي فضل شرف، و شرف فضل، و نيل قدر و قدر نيل، و محل علو،

[ صفحه 31]

و علو محل، و أصل تطهير و تطهير أصل، انها عليهماالسلام قد خصت بفضل سجايا منصوص عليها بانفرادها، و فضلت بخصائص مزايا صرح اللفظ النبوي بايرادها، و ميزت بصفات شرف تتنافس الأنفس النفيسة في آحادها، و ألبست شرف صفات غادرت نفائس ملابس الشرف دون ايرادها، ثم شاركت في مناقب اخر وردت مشتركة بينها و بين أولادها، دخلت في عداد من خصهم الله تعالي من القرآن الكريم بانزال آيات يلزم فرض اعتقادها، فها أنا الآن أشرح هذا الاجمال بتفصيل ما انفردت به و ما شاركت فيه و ابين أقسام ذلك تبيينا اوفر عليه حقه من الايضاح و اوفيه.
فأما ما حصل به الخصوص من النصوص الصحيح سندها، الواضح جددها، فمنه:ما رواه الترمذي و أخرجه بسنده الي حذيفة بن اليمان، و هو المأمور بتصديقة فيما يحدث به، في جملة حديث طويل يأتي ذكره مستقصي ان شاء الله تعالي قال:قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): (ان هذا ملك لم ينزل الي الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علي و يبشرني أن فاطمة سيدة أهل الجنة) [57] .
و منه:ما نقله الترمذي بسنده عن ابن الزبير، عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) أنه قال:(فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها و ينصبني نا ينصبها) [57] .
و منه:ما نقله التزمذي و رفعه بسنده و رواه عن جميع بن عمير التيمي، قال:دخلت علي عمتي عائشة فقلت:أي الناس كان أحب الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)؟
قالت:فاطمة.
قلت:و من الرجال؟
قالت:زوجها [57] .
و منه:ما نقله الامام البخاري و الامام مسلم و أبو داود و الترمذي، و هو ما رواه

[ صفحه 32]

المسور بن مخرمة قال:كان علي عليه‌السلام قد خطب بنت أبي جهل بن هشام ليتزوج بها و عنده فاطمة عليهماالسلام، فخطب النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) الناس علي المنبر، فسمعته يقول في خطبته و أنا يومئذ محتلم:(ان بني هاشم استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم عليا فلا آذن لهم، لا آذن لهم، لا تجتمع بنت رسول الله و بنت عدو الله عند رجل واحد أبدا، ان فاطمة بصعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني) فلما سمع علي ذلك ترك خطبتها. [57] .
و منه:ما أورده البخاري و مسلم و أبو داود و التزمذي «رضي الله عنه» في صحاحهم كل واحد منهم يرفعه بسنده عن عائشة قالت:ما رأيت أحدا أشبه سمتا و دلا و هديا برسلو الله (صلي الله عليه و آله و سلم) من فاطمة.
و قالت:كانت فاطمة اذا دخلت علي رسول الله قام اليها فقبلها و أجلسها في مجلسه. و قالت:كن أزواج النبي عنده لما مرض، لم يغادر منهن واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطي‌ء مشيتها مشية رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فلما رآها رحب بها و قال:(مرحبا بابنتي) ثم أجلسها عن يمينه، ثم سارها فكبت بكاء شديدا، فلما رأي جزعها سارها الثانية فضحكت. فقلت لها:خصك رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) من بين نسائه بالسرائر ثم أنت تبكين؟
فلما قام رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) سألتها ما قال لك رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) قالت:(ما كنت لأفشي عليه (صلي الله عليه و آله و سلم) سره).
قالت:فلما توفي صلي الله عليه و آله، قلت:عزمت عليك لما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)؟
فقالت:(أما الآن فنعم، أما حين سارني في المرة الاولي فأخبرني أن

[ صفحه 33]

جبرئيل عليه‌السلام كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة و أنها عارضه الآن مرتين، و اني لا أري الأجل الا قد اقترب، فاتقي الله تعالي و اصبري فانه نعم السلف أنا لك. قالت:فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأي جزعي سارني الثانية فقال:يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الامة؟ فضحكت ضحكي الذي رأيت) [57] .
فثبت بهذه الأحاديث الصحيحة و الأخبار الصريحة، كون فاطمة عليهماالسلام كانت أحب الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) من غيرها، و أنها سيدة نساء أهل الجنة، و أنها سيدة نساء هذه الامة، و أنها بضعة من رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)، و أنه يؤذيه ما يؤذيها، و في رواية اخري:يربيني ما يربيها، و أنه (صلي الله عليه و آله و سلم) يصيبه ما يصيبها، و أن من أغضبها فقد أغضبه، و هذه من أعظم المناقب و أعلاها، و أقوم المذاهب الي ذروة الشرف و أسماها، و نفوس المتفاخرين تود لو تحلت بواحدة منها و تتمناها.
و أما المشترك بينها (و بين بنيها) [57] من مزايا الأوصاف، و دخولها فيمن شمله رداء الشرف المحوز الأطراف، و جللهم سربال العلا المشرف الاكناف، و أدخلهم نص الكتاب العزيز و القرآن الكريم في آية المباهلة بغير اختلاف، و جعلهم أهل العبا و سماهم ذوي القربي و انها لمنقبة معولة الحلب محفلة الأحلاف، و ايضاح ذلك و شرحه:
أما آية المباهلة:فقد نقل الرواة الثقات و النقلة الاثبات، أن سبب نزول آية المباهلة هي قوله تعالي:«قل تعالوا ندع أبنائنا و أبنائكم و نسائنا و نسائكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين» [57] انه قدم و فد

[ صفحه 34]

نجران علي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و معهم راهبان مقدمان يقال لأحدهما العاقب و الآخر السيد، فدعاهم رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الي الاسلام.
فقال الراهبان:قد أسلمنا قبلك.
فقال:(كذبتما انه يمنعكما من الاسلام ثلاثة:عبادتكم الصليب، و أكلكم الخنزير، و قولكم لله ولد).
قالا:هل رأيت ولدا بغير أب، فمن أبو عيسي؟ فأنزل الله تعالي:«ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا» الآية.
فلما نزلت هذه الآية مصرحة بالمباهلة، دعا رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و فد نجران الي المباهلة، و تلا عليهم الآية قالوا له:حتي ننظر في أمرنا ثم نأتيك غدا.
فلما خلا بعضهم ببعض، قالوا للعاقب - و كان ذا رأيهم و صاحب مشورتهم -:ما تري من الرأي؟
فقال لهم:و الله لقد عرفتم يا معاشر النصاري أن محمدا نبي مرسل، و لقد جاءكم بالفضل فو الله ما لا عن قوم قط نبيا الا هلكوا، فان أبيتم الا الاقامة علي دينكم فوادعوا الرجل و انصرفوا.
فلما أصبحوا جاؤا الي رسول الله فخرج اليهم محتضن الحسين آخذا بيد الحسن و فاطمة خلفه و علي خلفهما و يقول:(اللهم هؤلاء أهلي) قال الشعبي:قوله تعالي:«أبنآؤنا» الحسن و الحسين عليهماالسلام «و نسائنا» فاطمة «و أنفسنا» علي فقال لهم رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): (اذا أنا دعوت فأمنوا) فلما رأي و فد نجران ذلك، و سمعوا قوله قال لهم كبيرهم:يا معشر النصاري اني لأري وجوها لو سألوا الله تعالي أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقي منكم علي

[ صفحه 35]

وجه الأرض نصراني الي يوم القيامة، فاقبلوا الجزية. فقبلوها و انصرفوا.
فقال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) (و الذي نفسي بيده ان العذاب قد تدلي علي أهل نجران، و لو تلاعنوا لمسخوا قردة و خنازير، و لاضطرم الوادي عليهم نارا، و لاستأصل الله نجران و أهله حتي الطير علي الشجر، و لما حال الحول علي النصاري حتي هلكوا) [57] .
فانظر بنور بصيرتك أمدك الله بهدايتها، الي مدلول هذه الآية و ترتيب مراتب عبارتها، و كيفية اشارتها علي علو مقام فاطمة عليهماالسلام في منازل الشرف و سمو درجتها، و قد بين ذلك عليه‌السلام و جعلها و بينه و بين علي تنبيها علي سر الآية و حكمتها، فان الله عزوجل جعلها مكتنفة من بين يديها و من خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها، و حيث كان المراد من قوله تعالي «و أنفسنا» نفس علي عليه‌السلام مع النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) جعلها بينهما، اذ الحراسة بالاحاطة بالأنفس أبلغ منها بالأبناء في دلالتها.
و أما جعلهم أهل العبا فقد روي أئمة النقل و الرواية فيما أسندوه، و استفاض عند ذوي العلم و الدراية فيما أوردوه، ما صرح به الامام الواحدي في كتابه المسمي بأسباب النزول، يرفعه بسنده الي أم سلمة زوج النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) ذكرت:أن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) كان في بيتها فأتته فاطمة عليهماالسلام ببرمة فيها حريرة فدخلت بها عليه فقال لها:(ادع لي زوجتك و ابنيك) قالت:فجاء علي والحسن و الحسين فدخلوا فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، و هو (صلي الله عليه و آله و سلم) علي دكان و تحته كساء خيبري قالت:و أنا في الحجرة اصلي فأنزل الله تعالي:«انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا» [57] .

[ صفحه 36]

قالت:و أخذ فضل الكساء فغشاهم به:ثم أخرج يديه فألوي بهما الي السماء، ثم قال:(اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا). قالت:فأدخلت رأسي البيت و قلت:أنا معكم يا رسول الله؟
قال لي:(انك الي خير، انك الي خير). [57] .و نقل الترمذي في صحيحه:ان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)كان من وقت نزول هذه الآية الي قريب من ستة أشهر اذا خرج الي الصلاة يمر بباب فاطمة، يقول:(الصلاة أهل البيت، انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [57] .
و صرح الاستاذ:ان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) خرج و عليه مرط مرحل أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال:«انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا» [57] فهؤلاء أهل بيته المرتقون بتطهيرهم الي ذورة الكمال، المستحقون لتوقيرهم مراتب الاعظام و الاجلال، الموفقون لتأييدهم لانتهاج مناهج الاستقامة و الاعتدال، المستبقون لتسديدهم الي مدارج معارج الفضائل و الأفضال:

هم العروة الوثقي لمعتصم بها
مناقبهم جاءت بوحي و انزال

مناقب في الشوري و سورة هل أتي
و في سورة الأحزاب يعرفها التالي

و هم أهل بيت المصطفي فودادهم
علي الناس مفروض بحكم و أسجال

فضائلهم تعلو طريقة منتهي
رواة علوا فيها بشد و ترحال [57] .

فهذه الأدلة من خصوص النصوص و صحاحها، و وجوهها في دلائلها من

[ صفحه 37]

مصابيح صباحها، قد أرضعت فاطمة عليهماالسلام درة الفضيلة و الشرف بصراحها، و صدعت ألفاظها الفصيحة و معانيها البليغة في حقها بكمال امتداحها، فلهذا صار لهم عليه‌السلام بواسطة فاطمة عليهماالسلام مزيد فضل ذي النهج الي الشرف الواضح، و فضل مزيد ذو ميزان في اعتبار الفخار الراجح، و ظهر بها أن فاطمة عليهماالسلام من أهل العبا الذين مدائحهم من المنائح، و منائحهم من المدائح - و الاستفتاح بهم الي الله تعالي من أفتح المناجح، و أنجح المفاتح، فمن حاذر انتقال أعامله القبائح و آثر أقبال توفيقه الجامع، فليكثر الابتهال تحت جلبات [57] ليله الجانح و اسبال دمعه السافح، و مقال لسانه النائح

يا رب بالخسمة أهل العبا
ذوي الهدي و العمل الصالح

و من هم سفن نجاة و من
و اليهم ذو متجر رابح

و من لهم مقعد صدق اذا
قام الوري في الموقف الفاضح

لاتخزني و اغفر ذنوبي عسي
أسلم من حر اللظي اللافح

فانني أرجو بحبي لهم
تجاوزا عن ذنبي الفادح

فهم لمن والاهم جنة
تنجيه من طائرة البارح

و قد توسلت بهم راجيا
نجح سؤال المذنب الطالح

لعله يحظي بتوفيقه
فيهتدي بالمنهج الواضح [57] .

فيا من هو مؤمن خاشع و موقن طائع، الحظ هذه المزايا التي فجر فخرها طالع و فخر فجرها ساطع، (و عرف عرفها ذائع شائع) [57] و أمر أمرها صادع، و أمر آمرها واسع، و المنزلة التي دليل تحقيقها واضح، و برهان تصديقها قاطع.
و أما كونهم ذوي القربي:فقد صرح نقل الأخبار المقبولة، و أوضح حملة

[ صفحه 38]

الآثار المنقولة، في مسانيد ما صححوه، و أساليب ما أوضحوه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه لما أنزل قوله تعالي:«قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي» [57] قالوا:يا رسول الله من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال (صلي الله عليه و آله و سلم):(علي و فاطمة و أبناهما).
و من جملة من نقل ذلك الامامان الثعلبي و الواحدي (رضي الله عنه) [57] ، و كل واحد منهما رفعه بسنده، و كذا روي الثعلبي أن رسول الله نظر الي علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليه‌السلام فقال:(أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمتم) [57] .

زيادة تبيين

اعلم أن أرباب المودة المسؤولة في الآية هم ذوو القربي، فكل من اتصف بالقربي كان من مستحق المودة المنصوص عليها، فان الحكم المرتب علي سبب يثبت في كل محل يكون ذلك السبب موجودا فيه، و هؤلاء المذكورون عليهم سلام الله و ان اشتركوا في ثبوت المودة لهم لاشتراكهم في سببها المقتضي لها لكن درجات ذلك متفاوتة، فكل من كل أقرب الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) كان السبب في حقه أقوي، و قد انعقد اجماع العلماء علي أن درجة الولادة راجحة علي غيرها من درجات الباقين، حتي صرحوا في تصانيفهم العلمية و تواليفهم الحكمية، بأن الرجل لو وقف علي أقرب الناس الي زيد أو أوصي لأقرب الناس الي زيد، و ليس له أب تقدم في الوقف و الوصية أولاده علي جميع أقاربه و ان كان له أب فهل يقدم الأولاد علي الأب أو يستوي معهم؟ فيه خلاف مشهور [58] .
و في هذا كشف و بيان بأن فاطمة عليهماالسلام أعلي رتبة في مادة المودة و رتبة

[ صفحه 39]

القربي، و اذا ظهر بما تقرر من الأساليب المستصوبة، و الشآبيب المستعذبة، ما لفاطمة عليهماالسلام من مزايا المهذبة و ما حصل بواسطتها للأئمة سلام الله عليهم من زيادة المنقبة و علو المرتبة، فلا بد من الوفا لها في أحوالها المرتبة، بمثل ما ألتزمه للأئمة عليهم السلام في الأبواب الآتية المبوبة، من كيفيات أحوالهم المتقلبة، و أوقات ولادتهم المنجبة، و أيام وفاتهم المندبة.
فأقول قد تقدم القول ان فاطمة عليهاالسلام كانت أحب الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)فانها كانت آخر أولاده من خديجة (رضي الله عنه) (فان جيمع أولاد رسول الله (رضي الله عنه)كانوا من خديجة (رضي الله عنه) [59] الا ابراهيم فانه كان من مارية القبطية، و كان (صلي الله عليه و آله و سلم)قد تزوج بخديجة و عمره خمس و عشرون سنة و كان عمرها يومئذ أربعين سنة و أقامت معه أربعة و عشرين سنة و شهورا، و لم ينكح امراة حتي ماتت، توفيت بعد أبي طالب بثلاثة أيام، و ولدت له أولا القاسم و به كان يكني، ثم ولدت له الطاهر، ثم الطيب، و ولدت له من البنات رقية و زينب، و فاطمة و كان أكبر بنية القاسم، و أكبر بناته رقية، ثم زينب، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة عليهماالسلام. [60] .
فكانت عليهاالسلام أصغر بناته و الانسان بطبعه البشري و اشقاقه الذاتي يميل الي أصغر أولاده ما لا يميل الي الأكبر، لا سيما و قد مات جميع أولاده سواها في حال حياته و لم يبق له غيرها من أولاده الذكور والا.
ناث، و كان مولد فاطمة له (صلي الله عليه و آله و سلم) و رضي الله عنها و قريش تبني الكعبة قبل النبوة بخمس سنين [61] و تزوجها علي عليه‌السلام في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة [62] ، و بني لها في ذي الحجة و قيل سوي ذلك، و هذا أرجح.

[ صفحه 40]

و لما تزوجها بعث النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) معها بخميلة، و وسادة من أدم حشوها ليف، و رحاء اليد، و سقا، و جرتين.
و قال لها علي عليه‌السلام ذات ليلة:(و الله لقد سنوت - أي استقيت الماء - حتي اشتكيت صدري و قد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه.)
فقالت:(و أنا و الله لقد طحنت حتي مجلت يداي) فأنت النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) فقال:((ما جاء بك يابنية؟).
قالت:(جئت لاسلم عليك) و استحيت أن تسأله، و رجعت.
فقال:(ما فعلت؟).
قالت:(استحييت).
فأتياه جميعا، فقال علي عليه‌السلام:(يا رسول الله و الله لقد سنوت حتي اشتكيت صدري).
و قالت فاطمة عليه‌السلام (لقد طحنت حتي مجلت يداي و قد جاءك الله عزوجل بسبي فأخدمنا).
فقال (صلي الله عليه و آله و سلم):(و الله لا أعطيكما وادع أهل الصفة تطوي بطونهم و لا أجد ما أنفق عليهم، و لكني أبيعهم و أنفق عليهم أثمانهم.) فرجعا فأتاهما النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و قد دخلا في قطيفتهما، اذا غطيا رؤوسهما تكشفت أقدامهما، و اذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما فثارا.
فقال (صلي الله عليه و آله و سلم):(مكانكما)
ثم قال لهما:(ألا اخبركما بخير مما سألتماني).
قالا:(بلي).
قال:(صلي الله عليه و آله و سلم) (كلمات علمنيهن جبرائيل، تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، و تحمدان عشرا، و تكبران عشرا، فاذا أويتما الي فراشكما فسبحا ثلاثا و ثلاثين، و احمدا ثلاثا و ثلاثين، و كبرا أربعا و ثلاثين).

[ صفحه 41]

قال علي عليه‌السلام:(فو الله ما تركتهن مذ علمنيهن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم).
فقال له ابن الكوا:و لا ليلة صفين؟
فقال عليه‌السلام (قاتلكم الله يا أهل العراق نعم) [63] . و لا ليلة صفين) [64] .
فولدت فاطمة عليهاالسلام لعلي عليه‌السلام الحسن، و الحسين، و محسنا، و زينب، و رقية، و أم كلثوم، فأما الحسين و الحسين عليهماالسلام فسيأتي تفضيل أمرهما فيما بعد، و أما محسن فدرج سقطا،و أما زينب فتزوج بها عبدالله بن جعفر، فولدت له عبدالله و عونا و ماتت عنده، و أما ام كلثوم فتزوج بها عمر بن الخطاب [65] فولدت له ولدين، فلما قتل عمر تزوج بها بعده عون بن جعفر فلم تلد له، فلما مات تزوجها بعده محمد بن جعفر فولدت له، فلما مات تزوجها بعده عبداله بن جعفر بعد موت زينب فلم تلد له و ماتت عنده، و أما رقية فقيل ماتت و لم تبلغ.
و لما زوج رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فاطمة من علي عليه‌السلام كان عمرها يومئذ ثماني عشرة سنة، و بني بها علي ما سبق في السنة الثانية من الهجرة، و كان من بركة هذا التزويج و التزوج و آثاره، أن جعله الله سببا لتحريم الخمر و مطهرا منها و منزها من استعمالها و حارسا للعقل الذي هو أشرف ما و هبه الله للانسان و جعله مناط التكاليف المتوجه نحوه عن اختلاله و زواله و الحاق الشارب لها عند خلل عقله بذي الجنون في تخبطه و خباله.
و ايضاح ذلك ما رواه الناقلون و نقله الراوون أن عليا عليه‌السلام قال:لما تزوجت

[ صفحه 42]

فاطمة عليهاالسلام و أدرت الدخول بها أنه كان لي شارف من الغنم - و الشارف هي المسنة من الابل - قال:و دفع الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) شارفا من الخمس، فواعدت صواغا من بني قينقاع يخرج معي فجاء بأذخر لأبيعه من الصواغين فأستعين بثمنه علي الدخول بفاطمة عليهاالسلام و عرسها، قال:فعقلت شارفي عند حائط لرجل من الأنصار و مضيت لأجمع الحبال و الغرائد و الأقتاب، فجئت و قد بقر بطن شارفي و شقت بطونهما و اجتثت أسنمتها، قال:فلم أملك عيني ان بكت، ثم قلت:من فعل هذا بشارفي، قالوا:عمك حمزة و ها هو ذا في البيت مع شرب غنتهم قينة فقال:

ألا يا حمز ذا الشرف النواء
و هن معقلات بالفناء

ضع السكين في اللبات منها
فضرجهن حمزة بالدماء

و عجل في شرايجها كبابا
ملهوجة علي جمر الصلاء

و أصلح من أطايبها طبيخا
لشربك من قديد أو شواء

فأنت أبو عمارة و المرجي
لكشف الضر عنا و البلاء

فقام الي شارفيك ففعل بهما ما فعل.
قال علي عليه‌السلام فجئت الي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و هو في بيت أم سلمة و معه زيد مولاه فقال:(ما لك فداك أبي و أمي يا علي).
فقلت:(ان عمك حمزة فعل بشارفي كذا و كذا) و أخبرته الخبر. فقام رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و لبس نعليه ورداءه و مشي بين أيدينا و أتبعته أنا وزيد، فسلم و استأذن و دخل البيت فقال:(يا حمزة ما حملك علي أن فعلت ما فعلت بشارفي ابن أخيك) فرفع رأسه و جعل ينظر الي صدر رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) والي ساقيه و يصوب النظر اليه ثم قال:ألستم و آباؤكم عبيدا لأبي؟
فرجع رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) القهقري فقال:(ان عمك قد ثمل و هما لك علي) فغر مهما النبي (صلي الله عليه و آله و سلم)فلما أصبح غدا حمزة الي رسول الله يعتذر فقال له:(مه يا

[ صفحه 43]

عم، فقد سألت الله تعالي فعنا عنك) [66] .
فكان ذلك سبب حراسته العقل الشريف من زواله بشرب الخمر فحرمت لذلك. فاصغ بسمعك لنفعك الي متلو هذا النبأ العظيم، و انظر ببصيرة قبلك الي مجلو حكمة حكمه العميم، و تدبر بثاقب فكرك في ما لأجله خصت الخمرة بالتنجيس و التحريم، فانه لما كان العقل مناط معرفة المصالح و المفاسد، و به تعلم أقدار مراتب المراشد، و هو علي الحقيقة معيار اعتبار الأعمال و المقاصد، و حكم عدل يميز بين صفاء المصادر و اكدار الموارد، و صدر من حمزة في حق علي ما لو أن عقله معه ما أتاه، بل لكان سارع الي ما اتصل اليه يدا مكانه فمنحه اياه و أتاه، و لكن ما نزح أو حجب عنه عقله قبح لذلك فعله و وضح بما أقدم عليه جهله، فحرم الله سبحانه الخمر و حكم بنجاستها، و أمر رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) كل من كانت عنده باراقتها، و أوجب الحد علي من شربها ترهيبا من مقاربتها، و ترغيبا في مجانبتها، لتسلم العقول عن أن يتطرق اليها خلل الزوال، و تحرس علي أربابها فلا يشينها زلل الاختلال، و لا يخفي أن في حفظ العقول عليهم منة تقلد أجياد العباد

[ صفحه 44]

قلائد شكرها، و نعمة يعظم عند ذوي الدارية و المعرفة مقدار قدرها، و هذا الحكم المشتمل علي هذه الحكمة مضاف الي سببه، معدود من مزايا مثيرة و مناقبه شاهد بعلو مكانه، من وجود الاجلة عند الله عزوجل و عنايته به فلرعاية التعريس بفاطمة عليهاالسلام أنفذ الله تعالي أقداره، و أنزل ذلك الحكم و أوجب اظهاره، و رفع علي أمد الأبد مناره و شرع بغير قيد شعاره، و بسط في أقطار البسيطة آثاره،و قد ورد في اللفظ النبوي صلوات الله علي مصدره (الصيد لمن أثاره) فهذه النعمة بحفظ العقول و حراستها عن افولها، لولا فاطمة لما نضد عقد حصولها، و كفي بها منقبة يشهد باجتماع الشرف لها من فروعها و اصولها.
ثم لما دخل علي بها في ذي الحجة، من السنة الثانية من الهجرة علي ما تقدم، ولدت له في السنة الثالثة من الهجرة الحسن عليه‌السلام و سيأتي تفصيل ذلك في بابه ان شاء الله تعالي، و ولدت بعده الحسين عليه‌السلام و بينهما مدة الحمل، و كانت من أكمل النساء عقلا و دينا، و قد وصفها رسول الله به بالاتفاق، و أثبت لها صفة الكمال علي الاطلاق، فقال فيما أسندته نقله الصحاح، وروته من ألفاظه الفصاح، يرفعه كل واحد من البخاري و مسلم و الترمذي بسنده في صحيحه عنه (صلي الله عليه و آله و سلم): (كمل من الرجال كثير، و لم يكمل من النساء الا مريم بنت عمران و آسية امرأة فرعون و خديج‌ء بنت خويلد و فاطمة بنت محمد) [67] فأفاض عليها حلة الكمال و ناهيك بها خلة من أشرف الخلال.
تنبيه و ايقاظ:اعلم أن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) قد حكم بصفة الكمال لكل واحدة من هؤلاء الأربع مريم، و آسية، و خديجة، و فاطمة فكل واحدة منهن كاملة في ذاتها، و قد اختصت فاطمة دونهن بحصول أسباب تقتضي علو درجتها في صفتها

[ صفحه 45]

علي رفقتها لم تحصل لواحدة منهن، فتكون باعتبار تلك الزيادة أكمل منهن.
و بيان ذلك:ان صفة الكمال ثابتة لكل واحد من أصليها رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و خديجه (رضي الله عنه).
أما كمال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فاليه المنتهي، و هو الغاية القصوي، و أما خديجة فقد ثبت كمالها بالحديث المذكور، و الولد جزء من الأبوين فيضاف الي كمال فاطمة لذاتها زيادة من كمال أبيها و كمال أمها فتكون أكمل النساء علي الاطلاق، و في ذلك دلالة شافية و تبصرة كافية.
و كانت وفاتها بعد رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) بشهيرات قيل:ستة [68] . و قيل ثلاثه [69] و قيل:شهرين [70] و الأول أصح، فأنها توفت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة احدي عشرة [71] و هي بنت ثمان و عشرين و أشهر، و غسلها أمير المؤمنين علي عليه‌السلام و صلي عليها، و قيل:صلي عليها العباس [72] و دفنت في البقيع ليلا.
ايقاظ وفائدة:نقل عن بعض الشيعة أنه قال:ان فاطمة عليهاالسلام كان عمرها يوم وفاتها ثماني عشرة سنة و، و هذا و هم منه، فان النقل الصحيح الذي لا خلل فيه أنها ولدت و قريش تبني الكعبة، و هكذا نقله أرباب السير و التاريخ، و في هذا حجة بالغة علي أن عمرها كان ثمان و عشرين سنة، فان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) كان عمره لما بنت قريش الكعبة خمسا و ثلاثين سنة، قبل النبوة بخمس سنين و كانت قريش

[ صفحه 46]

في بنيان الكعبة قد اقتسموها أرباعا كل ربع منها لطائفة من قريش، فلما بلغوا من البناء حد الركن، اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه من الركن، فكل طائفة طلبت ذلك، فلما امتد اختلافهم اتفقوا علي أن أول داخل عليهم من باب الحرم يحكموه فدخل النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) فقالوا: هذا محمد - و كانوا يسمونه الأمين - رضينا به، فلما حكموه قال (هلموا ثوبا) فأحضروا ثوبا فبسطه و وضع الحجر فيه، ثم قال:(لتأخذ كل طائفة بربع الثوب) فرفعوه جميعا، فاشتركت الطوائف من قريش كلها في رفعه:فلما وصلوا الي موضعه من الركن، تناوله النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) بيده و وضعه مكانه ثم قال (تمموا البناء) [73] هذه صورة بناء قريش الكعبة و تحكيم النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) في ذلك و عمره خمس و ثلاثون سنة، فاذا كانت فاطمة عليهاالسلام قد ولدت له في ذلك العام و مات (صلي الله عليه و آله و سلم) و عمره ثلاث و ستون سنة، و ماتت بعده بشهيرات فيكون عمرها ثمان و عشرين سنة، فظهر لك أن الذي ذكروه و هم و أن الصحيح هو هذا الذي عليه الجمهور. [74] .

[ صفحه 47]

استبصار لذوي الأبصار

لما كانت فاطمه عليهاالسلام قد اكتنفتها صفة الشرف لذاتها، و أحاطت بها الفضيلة من جميع جهاتها، من أصلها و فرعها و ما بينهما، فأصلها رسول الله محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) و خديجة، و فرعها الامامان السيدان الحسن و الحسين عليهماالسلام، و ما بينهما علي و فاطمة عليهماالسلام فلم تكتسب من غيرهم شرفا، و لا اتخذت من سواهم مألفا، و امتزجت بهم أمشاجا أولا و آخرا حتي لا تجد عنه منصرفا، فاقتضت الحكمة الالهية الواضحة المنهاج، الصادقة في دلالة امتزاج الأمشاج، الصادعة لصحة الاستشهاد عند الاحتجاج، أن كانت مدة سني بقائها في الدنيا بعدة مادة أسماء من اكتنفها، و أنها استوفت ذلك العدد نقلها الله تعالي الي جواره و أزلفها.
و كشف ذلك و ايضاحه:ان أصلها محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) و حروفه أربعة و خديجة و حروفها خمسة فتلك تسعة، و فرعها الحسن و حروفه خمسة و الحسين و حروفه ستة فتلك أحد عشر، و ما بين الأصل و الفرع علي و فاطمة عليهماالسلام و حروفهما ثمانية، فالجملة ثمانية و عشرون، فكان عمرها في الدنيا بقدرها ثمان و عشرين

[ صفحه 48]

سنة، و وراء هذا الاستبصار زيادة اعتبار فانها لما كانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين، كانت مقابلة بحروف أمها خديجة و هو أول الأمر، و لما كان من انتقالها عن مكة مسقط رأسها الي المدينة دار الهجرة الي وقت وفاتها احدي عشرة سنة، كان مقابلا بحروف فرعها الحسن و الحسين عليهماالسلام و هو آخر الأمر، و لما كانت من وقت النبوة و بعثة أبيها (صلي الله عليه و آله و سلم) الي وقت الهجرة الي المدينة ما بينهما اثنتا عشرة سنة، كان مقابلا بحروف محمد و علي و فاطمة فانظر الي هذه الاعتبار، و الحظه بعين الاستبصار، ففيه نور يهدي أرباب الألباب و ذوي الأفكار، و يقتدي به من يؤمن أن الأقدار قد تمنح بعض القلوب شيئا من مشكاة الأنوار، حيث بلغ القلم مراده من مقاصده الواضحة، في قواعد المقدمة و الفاتحة، أردف ذلك باثبات الأبواب الشارحة، و الفصول الشمتملة علي تلك المزايا الشريفة و السجايا الصالحة، و هي اثنا عشر بابا لكل امام باب يخصه، فالأول لعلي المرتضي، الثاني للحسن النقي، الثالث للحسين الزكي، الرابع لعلي بن الحسين، الخامس لمحمد الباقر، السادس لجعفر الصادق،السابع لموسي الكاظم، الثامن لعلي الرضا، التاسع لمحمد القانع، العاشر لعلي المتوكل، الحادي عشر للحسن الخالص، الثاني عشر لمحمد الحجة المهدي، عليهم سلام الله أجمعين.

[ صفحه 3]

في الحسن التقي

اشاره

و فيه اثنا عشر فصلا:

[ صفحه 4]

- الأول:في ولادته
- الثاني:في نسبه أبا و أما.
الثالث:في تسميته.
الرابع:في كنيته و لقبه.
الخامس:فيما ورد في حقه من رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم).
السادس:في عمله.
السابع:في عبادته.
الثامن:في كرمه.
التاسع:في كلامه.
العاشر:في أولاده.
الحادي عشر:في عمره
الثاني عشر:في وفاته.

[ صفحه 5]

في ولادته

أصح ما قيل في ولادته أنه ولد في المدينة في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة [75] ، و كان والده علي عليه‌السلام قد بني بفاطمة عليهماالسلام في ذي الحجة من السنة الثانية من الهجرة [76] و كان الحسن عليه‌السلام أول أولادهما و قيل:ولدته لستة أشهر [77] ، و الصحيح خلافه، و لما ولد عليه‌السلام و أعلم النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) به أخذه و أذن في اذنه. [78] .

في نسبه

حصل للحسن عليه‌السلام، و لأخيه الحسين ما لم يحصل لغيرهما فانهما،سبطا رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و ريحانتاه، و سيدا شباب أهل الجنة، فجدهما رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)،

[ صفحه 6]

و أبوهما علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، و أمهما الطهر البتول فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) سيدة النساء.

نسب كان عليه و صح الصحي [79] .
نورا و من فلق الصباح عمودا


[ صفحه 7]

في تسميته

اعلم أن هذا الاسم الحسن سماه به جده رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) [فانه لما ولد عليه‌السلام قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)] [80] :(ما سميتموه؟).
قالوا:حربا.
قال (صلي الله عليه و آله و سلم):(بل سموه حسنا). [81] .
ثم انه (صلي الله عليه و آله و سلم) عق عنه و ذبح كبشا و بذلك احتج الشافعي رضي الله عنه في كون العقيقة سنة عن المولود [82] ، و تولي ذلك النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) ومنع أن تفعله فاطمة عليهاالسلام و قال

[ صفحه 8]

لها (احلقي رأسه، و تصدقي بوزن الشعر فضة) ففعلت ذلك [83]
فكان وزن شعره يوم حلقه درهما و شيئا فتصدقت به، فصارت العقيقة و التصدق بزنة (الشعر) [84] سنة مستمرة بما شرعه النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) في حق الحسن عليه‌السلام و كذلك اعتمل [85] في حق الحسين عند ولادته، و سيأتي ذكره ان شاء الله تعالي.

[ صفحه 9]

في كنيته و لقبه

كنيته:أبو محمد لاغير [86]
و أما ألقابه فكثيرة:التقي، و الطيب، و الزكي، و السيد، و السبط، و الولي، كل ذلك كان يقال له و يطلق عليه [87] ، و أكثر هذه الألقاب شهرة به «التقي»، لكن أعلاها رتبة و أولادها به ما لقبه رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) حيث و صفه و خصه بأن جعله نعتا له، فانه صح النقل عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) فيما أورده الأئمة الأثبات، و الرواة الثقاة، أنه قال (ان ابني هذا سيد).
و سيأتي هذا الحديث بتمامه في الفصل الآتي ردف هذا ان شاء الله تعالي فيكون أولي ألقابه «السيد».

[ صفحه 11]

فيما ورد في حقه من رسول الله

هذا فصل أصله مقصود، و فضله معقود، و نقله مشهود،و ظله ممدود، و ورده مورود، وسدره مخضود، و طلحه منضود، و هو من أسني السجايا و المدائح معدود، فانه جمع من أشتات الاشارات النبوية، و الأفعال و الأقوال الطاهرة الزكية، و ما أشرقت به أنوار المناقب، و سمقت بالحسن عليه‌السلام الي أشرف شرف المراتب، و أحدقت مزايا المآثر به من جميع الجوانب، فان من امتطا مطا رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) رقي قدم (شرف) [88] شرفه مناكب الكواكب، فبخ بخ لمن خصه الله تعالي من رسوله المصطفي بهذه المواهب.
فمنها:ما اتفقت الصحاح علي ايراده، و تطابقت علي صحة اسناده، ما رواه الحسن بن أبي الحسن البصري رضي الله عنه قال: سمعت أبا بكره - هو نفيع بن الحرث رضي الله عنه - يقول:رأيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) والحسن بن علي الي جنبه و هو يقبل علي الناس مرة و عليه اخري و يقول:(ان ابني هذا سيد، و لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.) [89] .
و منها:ما رواه الامامان البخاري، و مسلم (رضي الله عنه) بسندهما، عن البراء، أنه

[ صفحه 12]

قال:رأيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و الحسن بن علي علي عاتقه يقول:(اللهم اني أحبه فأحبه) [90]
و منها:ما رواه الامام الترمذي بسنده في صحيحه، عن ابن عباس أنه قال:كان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) حامل الحسن بن علي علي عاتقه فقال رجل:نعم المركب ركبت ياغلام. فقال النبي (صلي الله عليه و آله و سلم):و (و نعم الركب هو). [91] .
و منها:ما أورده الحافظ أبو نعيم، بسنده في حليته عن أبي بكرة قال:كان النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) يصلي بنا فيجي‌ء الحسن و هو ساجد و هو [92] صغير حتي يصير علي ظهره أو رقبته فيرفعه رفعا رفيقا فلما صلي [93] قالوا:يا رسول الله انك تصنع بهذا الصبي شيئا لاتصنعه بأحد.
فقال (صلي الله عليه و آله و سلم):(ان هذا ريحانتي من الدنيا، و ان ابني هذا سيد و عسي [94] أن يصلح [95] بين فئتين من المسلمين) [96] .
و منها:ما أخرجه الترمذي أيضا في صحيحه، يرويه بسنده عن أنس قال سئل رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) أني أهل بيتك أحب [97] اليك؟ قال (الحسن و الحسين)، و كان يقول لفاطمة رضي الله عنها:(ادعي الي ابني)، فيشمهما و يضمهما اليه. [98]
و منها:ما أخرجه الامامان البخاري و مسلم، كل منهما بسنده الي أبي هريرة قال:خرجت مع رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في طائفة من النهار لايكلمني و لا أكلمه، حتي

[ صفحه 13]

جاء سق بني قينقاع ثم انصرف حتي أتي محيا [99] و هو المخدع فقال:(أثم لكع؟ أثم لكع) يعني حسنا فظننا أنه انما تحسبه أمه لأن تغسله و تلبسه سخابا [100]
و في رواية أخري:(اللهم اني أحبه فأحبه و أحب من يحبه).
قال أبو هريرة:فما كان أحد أحب الي من الحسن بن علي بعد ما قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) [101] [102]
و منها:ما رواه الترمذي في صحيحه، بسنده عن اسامة بن زيد قال:طرقت النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج و هو مشتمل علي شي‌ء لاأدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت:ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فاذا (هو) [103] حسن و حسين عليهماالسلام علي وركيه فقال:(هذان ابناي، و ابنا ابنتي، اللهم اني أحبهما فأحبهما، و أحب من يحبهما) [104] .
و منها:ما رواه الترمذي، بسنده عن أبي سعيد قال:قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم):(الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة) [105] .

[ صفحه 14]

و عن ابن عمر انه قال:سمعت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) يقول:(هم ريحانتاي من الدنيا). [106]
ومنها:ما رواه الامام النسائي، بسنده عن عبدالله بن شداد عن أبيه قال:خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في احدي صلاتي العشاء و هو حامل حسنا، فتقدم النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) ثم كبر للصلاة فصلي فسجد بين ظهراني صلاته سجدة فاطالها، قال أبي فرفعت رأسي فاذا الصبي علي ظهر رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و هو ساجد فرجعت الي سجودي، فلما قضي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الصلاة قال الناس:يا رسول الله انك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتي ظننا أنه قد حدث أمر و أنه يوحي اليك قال:(كل ذلك لم يكن، ابني ارتحلني فكرهت أن اعجله حتي يقضي حاجته.) [107]
و منها:ما نقله الأئمة أبو داود و الترمذي و النسائي (رضي الله عنهم) في صحاحهم، كل منهم بسنده يرفعه الي بريدة قال:كان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) يخطب، فجاء الحسن والحسين عليهماالسلام و عليهما قميصان أحمران، يمشيان و يعثران، فنزل رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) من المنبر فحملهما و وضعهما بين يديه و قال (صدق الله، انما أموالكم و أولادكم فتنة، نظرت الي هذين الصبيين يمشيان و يعثران، فلم أصبر حتي قطعت حديثي و رفعتهما) [108] .
و منها:ما رواه الترمذي، بسنده في صحيحه يرفعه الي أبو جحيفة رضي الله عنه قال:رأيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و كان الحسن بن علي يشبهه [109]
و عن أنس رضي الله عنه قال:لك يكن أحد أشبه برسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) من حسن بن

[ صفحه 15]

علي [110]
و عن علي عليه‌السلام قال:(الحسن أشبه برسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) ما بين الصدر الي الرأس، و الحسين أشبه به فيما كان أسفل من ذلك). [111]
و منها:ما رواه البخاري رضي الله عنه، بسنده في صحيحه يرفعه الي أبي عقبه بن الحرث قال:صلي أبوبكر رضي الله عنه العصر ثم خرج يمشي و معه علي، فرأي الحسن يلعب مع الصبيان فحمله أبوبكر علي عاتقة و قال:

بأبي شبيه بالنبي
ليس شبيها بعلي

و علي عليه‌السلام يضحك [112] .

[ صفحه 17]

في علمه

كان الله عزوجل قد رزقه الفطرة الثاقبة في ايضاح مراشد ما يعاينه، و منحه الفطنة الصائية لاصلاح قواعد الدين و مبانيه، و خصه بالجبلة التي درت لها أخلاف مادتها بصور العلم و معانيه، و مرت له أطباء الاهتداء من نجدي جده و أبيه فجني بفكرة منجبة نجاح مقاصد ما يقتفيه، و قريحة مصحبة في كل مقام يقف فيه، ثم اكتنفه (الي) [113] الأصلان الجد و الأب، و في المثل الساير أن ولد الفقيه نصف الفقيه، و كان يجلس (في مجلس) [114] رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و يجتمع الناس حوله، و يتكلم بما يشفي غليل السائلين، و يقطع حجج القائلين.
وروي الامام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي رضي الله عنه، في تفسيره المسمي بالوسيط ما يرفعه بسنده:أن رجلا قال:دخلت مسجد المدينة، فاذا أنا برجل يحدث عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و الناس حوله فقلت:أخبرني عن «شاهد و مشهود». [115]
فقال:نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم عرفة، فجزته الي

[ صفحه 18]

آخر يحدث عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)
فقلت:أخبرني عن «شاهد و مشهود»
و فقال:نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم النحر، فجزتهما الي غلام آخر كأن وجهه الدينار و هو يحدث عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فقلت:أخبرني عن «شاهد و مشهود».
فقال:نعم، أما الشاهد فمحمد (صلي الله عليه و آله و سلم)، و أما المشهود فيوم القيامة، أما سمعته يقول «يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا» [116] و قال تعالي:«ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود». [117]
فسألت عن الرجل الأول فقالوا:ابن عباس و (سألت) [118] . عن الثاني فقالوا:ابن عمر و سألت عن الثالث فقالوا:الحسن بن علي بن أبي طالب، و كان قول الحسن أحسن. [119]
و نقل أنه عليه‌السلام يوما اغتسل و خرج من داره في حلة فاخرة، و بزة ظاهرة بمحاسن سافرة، و قسمات ناضرة، و نفحات ناشرة، و وجهه يشرق حسنا، و شكله قد كمل صورة و معني، و الاقبال يلوح من اعطافه، و نضرة النعيم تعرف في أطرافه، و قاضي القدر قد حكم أن السعادة من أوصافه، ثم ركب بغلة فارهة غير قطوف، و سار مكتنفا بحاشيته و غاشيته بصفوف، فلو شاهده عبد مناف لأرغم بمفاخرته به معاطس انوف، وعده وحده لاحراز خصل الفخار يوم التفاخر

[ صفحه 19]

بألوف، فعرض له في طريقه من محاويج اليهود، هم في هدم قد أنهكته العلة، و أرتكبته الذلة، و أهلكته القلة، و جلده يستر عظامه، و ضعفه يقيد أقدامه، و ضره قد ملك زمامه، و سوء حاله قد حبت اليه حمامه، و شمس الظهيرة تشوي شواه، و أخمصه تصافح ثري ممشاه، و عذاب عرعربه [120] قد عراه، و طول طواه قد أضعف بطنه و طواه، و هو حامل جر مملو علي مطاه، و حاله تضعف عليه القلوب اقاسية عند مرآة، فاستوقف الحسن عليه‌السلام و قال:يا بن رسول أنصفني.
فقال عليه‌السلام (في أي شي‌ء؟)
قال:جدك يقول:الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر، و أنت مؤمن و أنا كافر، فما أري الدنيا الا جنه لك، و تتنعم فيها و تستلذ بها و ما أراها سجنا لي قد أهلكني ضرها و أتلفني فقرها.
فلما سمع الحسن عليه‌السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد، فاستخرج الجواب الحق بفهمه من خزانة علمه، و أوضح لليهودي خطأ ظنه، و خطل زعمه، و قال:(يا شيخ لو نظرت الي ما أعد الله تعالي للمؤمنين الذين تتجافي جنوبهم عن المضاجع من نعيم الجنان و الخيرات الحسان في الدنيا و الآخرة، مما لاعين رأت و لا اذن سمعت، لعلمت أني قبل انتقالي اليه من هذه الدنيا في سجن ظنك، و لو نظرت الي ما أعد الله لك و و لكل كافر في الدنيا و الآخرة من سعير نار الجحيم و نكال العذاب المقيم لرأيت أنك قبل مصيرك اليه الآن في جنة واسعة و نعمة جامعة). [121]
فانظر الي هذا الجواب الصادع بالصواب، كيف تفجرت بمستعذبه عيون

[ صفحه 20]

علمه، و أينعت بمستغر به فنون فهمه، فيا له جوابا ما أمتنه، و صوابا ما أبينه، و خطابا ما أحسنه، صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوة و، و تأييد موروث من آثار معالم الرسالة.

[ صفحه 21]

في عبادته

اعلم و صلك الله بحبل تأييده، و أوصلك بلطفه الي مقام توفيقه و تسديده، أن العبادة تنقسم الي ثلاثة أنواع:بدنية و مالية، و مركبة منهما، فالبدنية كالصلاة و الصيام و تلاوة القرآن و أنواع الأذكار، و المالية كالصدقات و الصلات و المبرات، و المركب منهما كالحج و الجهاد و الاعتمار، و قد كان الحسن عليه‌السلام ضاربا في كل واحد من هذه الأنواع بالقدح الفائز و القدح الحائز.
أما الصلاة و الأذكار و ما في معناهما، فقيامه بها مشهور، و اسمه في أربابها مذكور.
و أما الصدقات:فقد صح النقل فيما رواه الامام الحافظ أبو نعيم رحمة الله بسنده في حليته، و أنه عليه‌السلام خرج من ماله مرتين، و قاسم الله تعالي ماله ثلاث مرات (و يتصدق به) [122] حتي أن كان ليعي نعلا (و يمسك نعلا) [123] [124] و سيأتي تمام ذلك في الفصل الثامن المعقود لذكر كرمه و صلاته ان شاء الله تعالي.
و أما العبادة المركبة:فقد نقل الحافظ المذكور في حليته بسنده أنه عليه‌السلام قال:(اني لأستحي من ربي أن ألقاه و لم أمش الي بيته) فمشي عشرين مرة من المدينة

[ صفحه 22]

الي مكة علي رجليه. [125]
وروي صاحب صفوة الصفوة بسنده عن علي بن زيد بن جذعان، أنه قال:حج الحسن عليه‌السلام خمسة عشر حجة ماشيا و أن الجنائب لتقاد معه. [126]

[ صفحه 23]

في كرمه

اشاره

الجود و الكرم غريزة مغروسة فهي، و صرفه (لصنوف الدنيا) [127] عنه نهج مازال يقتفيه، و ايصال صلاته الي المعتفين [128] يعتده من مناقب معانيه، و ابقاء الأموال عنده يعتقده من مثالب من يعانيه، و يري اخراج الدنيا عنه خير ما يجتبيه من عمله و يجنيه و حجته في ذلك واضحة فانه حرام علي الولد مجامعة مطلقة أبيه، و قد نقل عنه من تتابع أرفاده بموجوده و وقائع استنقاذه فيه جل مجهوده و ما يشهد له بكرمه وجوده، و ينضده في سلك سجاياه مع ركوعه و سجوده.
فمنها:ما نقل عنه عليه‌السلام فيما رواه سعد بن عبدالعزيز قال:ان الحسن عليه‌السلام سمع رجلا يسأل ربه تعالي أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الحسن الي منزلة فبعث بها اليه. [129]
و منها:ان رجلا جاء اليه عليه‌السلام و سأله حجاة فقال له:(يا هذا حق سؤالك اياي يعظم لدي، و معرفتي بما يجب لك تكبر علي، و يدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، بو الكثير في ذات الهل عزوجل قليل، و ما في ملكي وفاء بشكرك، فان قبلت

[ صفحه 24]

مني المسيور و رفعت عني مؤنه الاحتفال و الاهتمام لما أتكلفه من واجبك فعلت) فقال:يا بن رسول الله أقبل القليل، و أشكر العطية، و أعذر علي المنع. فدعا الحسن عليه‌السلام بوكليه و جعل يحاسبه علي نفقاته حتي استقصاها.
فقال:(هات الفاضل من الثلثمائة ألف درهم) و فأحضر خمسين ألفا.
قال عليه‌السلام:(فما فعل الخمسمائة دينار؟»
قال:هي عندي.
قال عليه‌السلام:(أحضرها).
فأحضرها، فدفع الدارهم و الدنانير الي الرجل فقال عليه‌السلام:(هات من يحملها) و فأتاه بحمالين، فدفع الحسن اليهم رداءه لكراء الحمل فقال له مواليه:و الله ما عندنا درهم. فقال عليه‌السلام:(لكني أرجو و أن يكون لي عند الله أجر عظيم). [130] .
و منها:ما رواه أبو الحسن المدائني قال:خرج الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر (رضي الله عنهم) حجاجا ففاتتهم أثقالهم، فجاعوا و عطشوا، فمروا بعجوز في خباء فقالوا:هل من شراب؟
قالت:نعم. فأنا خوابها و ليس الا شويهة في كسر الخيمة.
فقالت: احلبوها و امتذاقوا لبنها.
ففعلوا ذلك و قالوا لها:هل من طعام؟
قالت:لا، الا هذه الشاة فليذبحها أحدكم، حتي أهي‌ء لكم ما تأكلون.
فقام اليها أحدهم فذبحها و كشطها ثم هيئت لهم طعاما، فاكلوا و قاموا حتي أبردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها:نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فاذا رجعنا سالمين فألمي بنا فانا صانعون لك خيرا. ثم ارتحلوا، و أقبل زوجها فأخبرته عن القوم و الشاة، فغضب الرجل و قال:و يحك تذبحين شاتي لأقوام لاتعرفينهم ثم

[ صفحه 25]

تقولين نفر من قريش!
ثم بعده مدة ألجئتها الحاجة الي دخول المدينة فدخلاها و جعلا ينقلان البعر اليها و يبيعانه و يعيشان منه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فاذا الحسن عليه‌السلام علي باب داره جالس فعرف العجوز و هي له منكرة، فبعث الحسن غلامه فردها.
فقال لها:(يا أمه تعرفيني؟)
قالت:لا.
قال:(أنا ضيفك يوم كذا و كذا)
فقالت العجوز:بأبي أنت و أمي.
فأمر الحسن عليه‌السلام فاشتري لها من شاة الصدقة ألف شاة، و أمر لها بألف دينار، و بعث بها غلامه الي أخيه الحسين عليه‌السلام.
فقال:(بكم وصلك أخي الحسن؟)
فقالت:بألف دينار و ألف شاة.
فأمر لها الحسين بمثل ذلك، ثم بعث بها غلامه الي عبدالله بن جعفر.
فقال:بكم وصلك الحسن و الحسين؟
فقالت:بألفي دينار، و ألفي شاة.
فأمر لها عبدالله بألفي شاة و ألفي دينار، و قال لو بدأت بي‌لاتعبتهما.
فرجعت العجوز الي زوجها بأربعة آلاف شاة و أربعة آلاف دينار [131] .
و يروي عن ابن سيرين رحمة الله أنه قال:تزوج حسن بن علي امراة، فأرسل اليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم. [132]

[ صفحه 26]

و نقل عنه عليه‌السلام أنه متع [133] امرأتين بعشرين ألف درهم و زقاق من عسل. [134]
و أخبار جوده كثيرة لو رام القلم استقصاها لأطال و أذن بملال فاقتصر علي ما سطره، و اقتنع بما ذكره.
(فأقول و بالله التوفيق علي ما ظهر لي من التحقيق): [135] :
كل من علم أن الدنيا غرور و التمتع بها غرور [136] ، و امساكها محذور، و من اغترابها (مغرور) [137] يحور فانه يجود ببذلها، و لاترغب نفسه في وصلها، و قد كان الحسن عليه‌السلام عارفا بختلها، عازفا عن الركون الي أهلها، و كان كثيرا يتمثل و يقول:

يا أهل لذات دنيا لابقاء لها
ان اغترارا بظل زائل حمق [138]

ولقد يروي أن عائشة قالت:دخل رجل من أهل الشام المدينة فرأي رجلا راكبا علي بغلة حسنة قال:لم أر أحسن منه، فمال قلبي اليه فسألت عنه فقيل لي:انه الحسن بن علي بن أبي طالب. فامتلأ قلبي غيظا و حنقا و حسدا أن يكون لعلي ولد مثله، فقمت اليه فقلت:أنت ابن أبي طالب؟
فقال:(أنا ابنه).
فقلت:أنت ابن من و من و من، و جعلت أشتمه و أنال منه (و من أبيه و هو ساكت، حتي استحييت منه) [139] فلما انقضي كلامي ضحك و قال:(أحسبك

[ صفحه 27]

غريبا شاميا).
فقلت:أجل.
فقال (فمل معي، ان احتجت الي منزل أنزلناك و الي مال أرفدناك و الي حاجة و عاوناك.)
فاستحييت و الله منه و عجبت من كرم خلقه فانصرفت و قد صرت أحبه ما لا أحب غيره. [140] .

زيادة ايراد و حسن اعتقاد

منار مبرات الأجواد، و آثار مقامات الأمجاد، يتفاوت مقدارها بين العباد بحسب احضار [141] أقدارها في الاعتقاد، و قد جاد الحسن عليه‌السلام بما لم تجد بمثله نفس جواد، و تكرم بما يبخل به كل ذي كرم و ارفاد، فانه لا رتبة أعظم من الخلافة و أعلا من مقامها، و لا حكم لملك في الملة الاسلامية الا و هو مستفاد من أحكامها، و لا ذو أيالة و ولاية الا منقاد ببرة زمامها، و أوقف في [142] قضايا تصرفاته بين نقضها و ابرامها، فهي المتصف [143] الأعلي و المنتصب لها صاحب الدنيا و الأمر و النهي:متصل بأسبابه والجاه و المال محصل من أبوابه، و النباهة و الشهرة تستفاد باقترابه، و التقدم و التأخر يرتاد من اغضائه و أغضابه، و هو خليفة رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في امته لاقامة احكامه و آدابه، و كان الحسن عليه‌السلام قد تقلد بعقد انعقادها و استبد بعقد ايجادها، و ارتدي بمفوف [144] أبرادها، و بايعته سيوف لا تقر في أغمادها، و تابعته الوف لا تفر يوم جلادها، و شايعته من قبائل القبائل نفوس آسادها، و اشتملت خريدة جيشه علي أربعين ألفا كل يعد قتله بين يديه شهادة، و يعتقد

[ صفحه 28]

قيامه بطاعته عبادة، و يري كونه من أنصاره و شيعته اقبالا و شهادة، فبينا هو في اقبال أيامها يأمر و ينهي و قد أحاط بحال مقامها حقيقة و كنها، فجادله التأييد الرباني حالة لم يدركها سواه و لم يستبنها، فجاد بالخلافة علي معاوية و سلمها اليه و خرج عنها، و تكرم بها و حرمها نفسه الشريفة فانسلخ منها، فلاجرم باعتبار هذه الحال و ما أسداه عليه‌السلام من الجود و النوال، و ما أبداه من التكرم و الأفضال، اعترف له معاوية علي رؤوس الأشهاد في غصون المقال، فقال له:يا أبا محمد لقد جدت بشي‌ء لاتجود به أنفس الرجال. [145] .
و لقد صدق معاوية فيما ذكره عقلا و نقلا، و عظم ما أسداه اليه الحسن عليه‌السلام جودا و بذلا، فان النفوس تتنافس في زينة [146] الدنيا و متاعها قولا و فعلا، تحرص علي احرازها و اقتطاعها حرما و حلا، و ترتكب الي اكتساب محاب حطامها حزنا و سهلا، و يستعذب في ادراك مناها منها أسرا و قتلا.
و علي الجملة:

فهي معشوقة علي الغدر لا
تحفظ عهدا و لاتتم و صلا

كل دمع يسيل منها عليها
و بفك اليدين عنها تخلا [147] .

فمن أخرجها علي حبها عنه جدير أن يعد جواد الأمجاد و أن يسبحل له باحراز الفلج اذا تفاخرت أمجاد الأجواد [148] .

[ صفحه 29]

تنبيه و ايقاظ

لعل من وقف علي هذا التنبيه و الايقاظ أن يحيط علما بما حمل الحسن عليه‌السلام علي خلع لباس الخلافة عنه و الباس معاوية، فرأيت أن اشير الي ما ينيل نفسه مناها، و يزيل عن فكرته ما عراها، و أذكر ما أورده الامام محمد بن اسماعيل البخاري رحمة الله عن الحسن البصري و اسنده و أقصه، حسب ما تلاه في صحيحه و سرده، و فيه ما يكشف حجاب الارتياب، و يسعف بمطلوب هذا الباب.
فقال:قال الحسن البصري:استقبل و الله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص لمعاوية:اني لأري كتائب لا تولي حتي تقتل

[ صفحه 30]

أقرانها.
فقال له معاوية - و كان و الله خير الرجلين -:أي عمرو أرأيت ان قتل هؤلاء هؤلاء و هؤلاء هؤلاء من لي بامور المسلمين من لي بنسائهم من لي بضيعتهم.
فبعث اليه رجلين من قريش من بني عبد شمس، عبدالرحمن بن سمرة، و عبدالله بن عامر و قال:اذهبا الي هذا الرجل و قولا له، و اطلبا اليه.
فأتياه و دخلا عليه و تكلما، و قالا له و طلبا اليه.
فقال لهما الحسن عليه‌السلام انا بنو عبدالمطلب قد أصبنا من هذا المال، و ان هذه الامة قد عاثت في دمائها.
قالا:فانه يعرض عليك و كذا و كذا، و يطلب اليك و يسألك.
قال:فمن لي بهذا؟
قالا:نحن لك به.
فما سألهما شيئا الا قالا نحن لك به، فصالحه.
قال الحسن:و لقد سمعت أبا بكرة يقول:رأيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) علي المنبر، و الحسن بن علي الي جنبه، و هو يقبل علي الناس مرة و عليه اخري و يقول:(ان ابني هذا سيد، و لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) [149] و قد تقدم هذا الحديث عنه (صلي الله عليه و آله و سلم).
فكان أنقياد الحسن عليه‌السلام لمعاوية و تسلم الأمر اليه و الجنوح الي الصلح من آثار أخبار النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و معدودا من معجزاته (صلي الله عليه و آله و سلم).

[ صفحه 31]

في كلامه

نقل الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده فيها أن أميرالمؤمنين عليا عليه‌السلام سأل ابنه الحسن عليه‌السلام عن أشياه من أمر المروءة.
فقال:يا بني ما السداد؟
فقال:يا أبت السداد دفع المنكر بالمعروف.
قال:فما الشرف؟
قال:اصطناع العشيرة، و حمل الجريرة.
قال:فما المرؤة؟
قال العفاف و اصلاح المال.
قال:فما الدقة؟ [150]
قال:النظر في اليسير، و منع الحقير.
قال:فما اللؤم؟
قال:احراز المرء نفسه، و بذله عرسه.
قال:فما السماح؟
قال:البذل في العسر و اليسر.
قال:فما الشح؟

[ صفحه 32]

قال:أن تري ما في يدك سرفا، و ما أنفقته تلفا.
قال:فما الأخاء؟
قال:المساواة [151] في الشدة و الرخاء.
قال:فما الجبن؟
قال:الجرأة علي الصديق، و النكول عن العدو.
قال:فما الغنيمة؟
قال:الرغبة في التقوي، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة.
قال:فما الحلم؟
قال:كظم الغيظ، و ملك النفس.
قال:فما الغني؟
قال:رضي النفس بما قسم الله تعالي لها و ان قل، و انما الغني غني النفس. قال:فما الفقر؟
قال:شره النفس في كل شي‌ء.
قال:فما المنعة؟
قال:شدة البأس و منازعة أعز الناس.
قال:فما الذل؟
قال الفزع عند المصدوقة.
قال:فما العي؟
قال:العبث باللحية و كثرة البزق عند المخاطبة.
قال:فما الجرأة؟
قال:موافقة الأقران.
قال:فما الكلفة؟

[ صفحه 33]

قال كلامك فيما لايعنيك.
قال:فما المجد؟
قال:أن تعطي في العزم، و تعفو عن الجرم.
قال فما العقل؟
قال:حفظ القلب كلما استوعيته.
قال:فما الخرق؟
قال معاداتك امامك، و رفعك عليه كلامك.
قال:فما السناء؟
قال:اتيان الجميل، و ترك القبيح.
قال:فما الحزم؟
قال:طول الأناة، و الرفق بولاة.
قال:فما السفه؟
قال:اتباع الدناة، و مصاحبة الغواة.
قال:فما الغفلة؟
قال:تركك المسجد [152] ، و طاعتك المفسد.
قال:فما الحرمان؟
قال تركك حظك و قد عرض عليك.
قال:فمن السيد؟
قال:الأحمق في ماله، و المتهاون في عرضه يشتم فلا يجيب المتهم [153] بأمر عشيرته هو السيد [154]

[ صفحه 34]

فهذه الأجوبة الصادرة منه علي البديهية، من غير رؤية شاهدة له عليه‌السلام ببصيرة باصرة، و بديهة حاضرة، و مادة فضل وافرة، و فكرة علي استخراج الغوامض قادرة.
و من كلامه عليه‌السلام (كتاب كتبه الي معاوية بعد وفاة أمير المؤمنين علي عليه‌السلام) [155] و قد بايعه الناس و هو:
بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبدالله الحسن أمير المؤمنين الي معاوية بن صخر.
أما بعد، فان الله تعالي بعث محمدا (صلي الله عليه و آله و سلم) رحمة للعالمين، فأظهر به الحق وقمع به الباطل، و أذل أهل الشرك و أعز به العرب عامة، و شرف به من شاء منهم خاصة، فقال تعالي:«و انه لذكر لك و لقومك» [156] فلما قبضه الله تعالي تنازعت العرب الأمر من بعده، فقالت الأنصار:منا أمير و منكم أمير، فقالت قريش:نحن أولياؤه و عشيرته فلا تنازعوا سلطانه، فعرفت العرب ذلك لقريش، ونحن الآن أولياؤه و ذوالقربي منه و لاغرو أن منازعتك ايانا بغير حق في الدين معروف، و لا أثر في الاسلام محمود، و الموعد الله تعالي بيننا و بينك، و نحن نسأله تبارك و تعالي أن لايؤتينا في هذه الدينا شيئا ينتقصنا به في الآخرة.
و بعد، فان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله لما نزل به الموت، و لاني هذا الأمر من بعده، فاتق الله يا معاوية و أنظر لامة محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) ما تحقن به دمائهم، و تصلح به امورهم والسلام. [157]
و من كلامه عليه‌السلام ما كتب في كتاب الصلح الذي استقر بينه و بين معاوية بعد أن

[ صفحه 35]

رأي حقن الدماء واظفاء الفتنة في ذلك و هو:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية أبي سفيان؛ صالحه علي أن يسلم اليه ولاية أمر المسلمين، علي أن يعمل فيهم بكتاب الله و سنة رسوله محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) و سيرة الخلفاء الراشدين، و ليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد لأحد من بعده عهدا، بل يكون الأمر من بعده شوري بين المسلمين، و علي أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم و عراقهم و حجازهم و يمنهم، و علي أن أصحاب علي و شيعته آمنون علي أنفسهم و أموالهم و نسائهم و أولادهم، و علي معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله و ميثاقه و ما أخذ الله علي أحد من خلقه بالوفاء بما أعطي الله من نفسه، و علي أنه لاينبغي للحسن بن علي، و لا لأخيه الحسين، و لا لأحد من أهل البيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) غائلة سرا و لا جهرا، و لايحيف أحد منهم في أفق و من الآفاق، شهد عليه بذلك الله و كفي بالله شهيدا و فلان و فلان والسلام. [158]
و لما تم الصلح و انبرم، التمس معاوية من الحسن أن يتكلم بمجمع من الناس، و يعلمهم أنه قد بايع معاوية و سلم الأمر اليه، فأجابه الي ذلك فخطب و قد حشد خطبة حمد الله و صلي علي رسوله (صلي الله عليه و آله و سلم) و هي من كلامه المنقول عنه عليه‌السلام و قال:(أيها الناس ان أكيس الكيس التقي، و ان الحمق الفجور، و انكم لو طلبتم ما بين جابلق و جابرس رجلا جده رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) ما وجدتموه غيري و غير أخي الحسين، و قد علمتم ان الله تعالي هداكم بجدي محمد فانقذكم به من الضلالة، و رفعكم به من الجهالة، و اعزكم به بعد الذلة، و كثركم به بعد القلة، و ان معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة، و قطع الفتنة، و قد كنتم.

[ صفحه 36]

بايعتموني علي أن تسالموا من سالمت، و تحاربوا من حاربت، فرأيت أن أسالم معاوية و أضح الحرب بيني و بينه، و قد بايعته و رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، و لم أرد بذلك الا اصلاحكم و بقاءكم، و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين [159]
و عنه عليه‌السلام انه قال:
لا أدب لمن لا عقل له، و لا مرؤة لمن لا همة له، ولا حياء لمن لا دين له، و رأس العقل معاشرة الناس بالجميل و بالعقل تدرك الداران جميعا و من حرم العقل خسرهما جميعا. [160]
و قال عليه‌السلام:علم الناس علمك، و تعلم علم غيرك، فتكون قد أنفقت علمك (و علمت ما لم تعلم) [161]
و سئل عن الصمت، فقال:هو ستر الغي، و زين العرض، و فاعله في راحة و جليسه آمن [162]
و قال عليه‌السلام:
هلاك الناس في ثلاث:الكبر، و الحرص، و الحسد؛ فالكبر هلاك الدين و منه لعن ابليس، و الحرص عدو النفس و منه أخرج آدم من الجنة، و الحسد رائد الجوع و منه قتل قابيل و هابيل [163]

[ صفحه 37]

و قال عليه‌السلام لا تأت رجلا الا أن ترجوا نواله، أو تخاف يده، أو تستفيد من علمه، أو ترجو بركته ودعائه، أو تصل رحما بينك و بينه [164]
و قال عليه‌السلام:دخلت علي أمير المؤمنين و هو يجود بنفسه لما ضربه ابن ملجم فجزعت لذلك، فقال لي أتجزع!
فقلت:و كيف لا أجزع و أنا أراك في حالك هذه.
فقال:ألا اعلمك خصالا أربعا ان أنت حفظتهن نلت بهن النجاة، و ان أنت ضيعتهن فاتك الداران:يابني لا غني أكبر من العقل، و لا فقر مثل الجهل، و لا وحشة أشد من العجب، و لا عيش ألذ من حسن الخلق. [165]
فهذه سمعت من الحسن يرويها عن أبيه تصلح أن تورد في مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام و تصلح أن تورد في مناقب الحسن عليه‌السلام فاوردهما في باب أيهما شئت.
و قال عليه‌السلام:ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد.
و قال:أجعل ما طلبت من الدنيا فلم تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك، و اعلم أن مروءة القناعة والرضا أكبر من مروءة الاعطاء، و تمام الصنيعة خير من ابتدائها.
و سئل عن الذل و اللؤم فقال:من لايغضب من الجفوة، و لا يشكر علي النعمة.
و سئل عن العقوق فقال:أن تحرمها [166]

[ صفحه 38]

و نقل أن اعرابيا دخل المسجد الحرام فوقف علي الحسن عليه‌السلام و حوله حلقة فقال لبعض جلساء الحسن:من هذا الرجل؟ فقال له:الحسن بن علي بن أبي طالب.
فقال الاعرابي اياه أردت.
فقال له:و ما تصنع به يا اعرابي؟ فقال بلغني انهم يتكلمون فيعربون في كلامهم، و اني قطعت بواديا و قفارا و أودية وجبالا و جئت لاطارحه الكلام، و اسأله عن عويص العربية.
فقال له جليس الحسن:ان كنت جئت لهذا فابدأ بذلك الشاب. و أومي الي الحسين عليه‌السلام فوقف عليه و سلم فرد عليه‌السلام ثم قال:(و ما حاجتك يا اعرابي؟).
فقال:اني جئتك من الهرقل و الجعال و الأينم و الهمم.
فتبسم الحسين عليه‌السلام و قال:(يا اعرابي لقد تكلمت بكلام ما يعقله الا العالمون).
فقال الاعرابي:و أقول أكثر من هذا، فهل أنت تجيبني علي قدر كلامي؟
فقال له الحسين عليه‌السلام (قل ما شئت فاني مجيبك عنه).
فقال الاعرابي:اني بدوي و أكثر مقالي الشعر، و هو ديوان العرب
فقال له الحسين عليه‌السلام:(قل ما شئت فاني مجيبك عليه.)
فأنشأ يقول:

هفا قلبي الي اللهو و قد ودع شرخيه
و قد كان أنيقا (عفريه) [167] تجراري ذيليه

علالات و لذات فيا سقيا لعصريه
فلما عمم الشيب من الرأس نطاقيه


[ صفحه 39]


و أمسي قد عناني منه تجديد خضابيه
تسليت عن اللهو و القيت قناعيه

و في الدهر أعاجيب لمن يلبس حاليه
فلو يعمل ذو رأي أصيل فيه رأييه

لألفي عبرة منه له في كل عصريه
فقال له الحسين عليه‌السلام:(يا اعرابي قد قلت فاسمع مني) ثم انه عليه‌السلام قال أبياتا سيأتي ذكرها في الباب المختص به المعقود لمناقبة ان شاء الله، فقال الاعرابي لما سمعها:ما رأيت كاليوم قط مثل هذا الغلام أعرب منه كلاما، و أدرب لسانا، و أفصح منه منطقا، فقال له الحسن:يااعرابي:

هذا غلام كرم الرحمن بالتطهير جديه
كساه القمر القمقام من نور سنائيه

و لو عدد طماح نفحنا عن عداديه
و قد ارضيت من شعري و قومت عروضيه

فلما سمع الأعرابي قول الحسن قال:بارك الله عليكما مثلكما نجلته الرجال، و عن مثلكما قامت النساء، فو الله لقد انصرفت و أنا محب لكما راض عنكما فجزاكما الله خيرا و انصرف [168] .

[ صفحه 41]

في أولاده

كان له من الأولاد عدد لم يكن لكلهم عقب، بل كان العقب لابنين منهم (بلا خلاف) [169] فقيل: كانوا حمسة عشر [170] و هذه أسمائهم:
الحسن، و زيد، و عمرو، و الحسين، و عبدالله، و عبدالرحمن، و عبيدالله، و اسماعيل، و محمد، و يعقوب، و جعفر، و طلحة، و حمزة، و أبوبكر، و القاسم و كان العقب منهم للحسن (المثني) [171] و لزيد و لم يكن لغيرهما منهم عقب، و قيل:كان أولاده أقل من ذلك [172] ، (و قيل:كان له بنت واحدة تسمي أم الحسن [173] و الله أعلم بحقيقة الحال فيه) [174] .

في عمره

هذا الفصل أثبتناه من كشف الغمة 583:1.
قد تقدم ذكر ولادته و ما قيل فيها، و أنها كانت في سنة ثلاث من الهجرة، و كانت وفاته عليه‌السلام علي ما سيأتي في الفصل المختص بها المذكور ان شاء الله.

[ صفحه 42]

تعالي عقيب هذا الفصل في سنة تسع و أربعين للهجرة، فتكون مدة عمره سبعا و أربعين سنة، منها جده رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) سبع سنين، و مع أبيه عليه‌السلام بعد وفاة جده (صلي الله عليه و آله و سلم) ثلاثين سنة، و بعد وفاة والده عليه‌السلام الي وقت وفاته عشر سنين [175]

[ صفحه 43]

في وفاته

مرض الحسن عليه‌السلام أربعين يوما فقال في بعض الأيام:(أخرجوا فراشي الي صحن الدار) فاخرج فقال:اللهم اني أحتسب نفسي عندك فاني لم أصب بمثلها [176]
و روي الحافظ أبو نعيم بسنده في حليته عن عمير بن اسحق قال:دخلت أنا و رجل علي الحسن بن علي نعوده فقال:(يا فلان سلني).
قال:لا و الله لانسألك حتي يعافيك الله ثم نسألك.
قال:ثم دخل ثم خرج الينا.
فقال:(سلني قبل أن لاتسألني).
قال:بل يعافيك الله ثم نسألك.
قال:(لقد ألقيت طائفة من كبدي، و اني قد سقيت السم مرارا، فلم اسق مثل هذه المرة).
ثم دخلت عليه من الغد و هو يجود بنفسه، و الحسين عليه‌السلام عند رأسه فقال:(يا أخي من تتهم؟)
قال:(لم... لتقتله؟)

[ صفحه 44]

قال:(نعم)
قال:(ان يكن الذي أظن فالله أشد بأسا و أشد تنكلا، و الا يكن فما أحب أن يقتل في بري‌ء) [177] .
ثم قضي رضي الله عنه لخمس خلون من ربيع الأول من سنة تسع و أربعين للهجرة [178] و قيل:خمسين [179] ، و صلي عليه سعيد بن العاص [180] ، فانه كان يومئذ

[ صفحه 45]

واليا علي المدينة و دفن بالبقيع و كان تحته اذ ذاك جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي فذكر أنها سمته [181] ، و الله أعلم بحقيقة ذلك، و كان بانقضاء الشهور التي و لي فيها عليه‌السلام الخلافة انقضاء خلافة النبوة، فان بها كان استكمال ثلاثين سنة و هي التي ذكرها رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فيما نقل عنه:(الخلافة بعدي ثلاثون ثم تصير ملكا) [182] أو كما قال صلوات الله عليه و سلامه.

پاورقي

[1] نصيبين:هي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة علي جادة القوافل من الموصل الي الشام.
[2] في نسخة (م) زيادة:ذري.
[3] في نسخة (ع) زيادة:مورودة.
[4] في نسخة (م) زيادة:فرقي.
[5] في نسخة «م» منال الطالب في مناقب علي بن أبي طالب.
[6] في نسخة (م):و عرف.
[7] في نسخة (م):و نعمان.
[8] في نسخة (م):و اني.
[9] في نسخة (ع):الاستماع.
[10] حليلة العلماء 30:6.
[11] تهذيب اللغة 264:2، النهاية 177:3.
[12] حليلة العلماء 30:6، و قال أبو عبدالله الحسين بن خالويه:الآل ينقسم في اللغة خمسة و عشرين قسما. انظر:كشف الغمة 40:1.
[13] شرح السنة:681:315:2.
[14] انظر:الفائق في غريب الحديث للزمخشري 67:1.
[15] صحيح مسلم 754:168:2 كتاب الزكاة، سنن أبي داود 28:2 باب في باب مواضع قسم الخمس و سهم ذوي القربي، سنن النسائي 106:5.
[16] الموطأ 1000:12:2.
[17] صحيح مسلم 36:1873:4.
[18] الحجر 59:15.
[19] تفسير الطبري 29:14، التفسير الكبير للرازي 199:19، تفسير الوسيط 47:3.
[20] صحيح مسلم 36:1873:4.
[21] ليس في (م).
[22] النهاية 177:3.
[23] تهذيب اللغة 264:2.
[24] تهذيب اللغة 411:1، مجمع البحرين 1218:2.
[25] الانعام 85 - 84:6.
[26] كنز الفوائد 357:1.
[27] الشوري 23:42.
[28] الوسيط 52:4 و فيه:(و ولديهما) و في هامشة:في المخطوطة:(و ولدهما).
[29] المائدة 12:5.
[30] سيرة ابن هشام 85:2، دلائل النبوة للبيهقي 433:2 و 453.
[31] الاعراف 159:7.
[32] السنن الكبري 121:3، و هذه من الروايات المسلم بضعفها متنا.
[33] مسند أحمد 421 4، 129:2، مستدرك الحاكم 76:4.
[34] ما بين القوسين أثبتناه من نسخة (م).
[35] السنن الكبري 121:3.
[36] ما بين القوسين أثبتناه من نسخة (م).
[37] ما بين القوسين أثبتناه من نسخة (م).
[38] الجائية 28:45.
[39] صحيح التزمذي 3781:660:5.
[40] صحيح الترمذي 3869:698:5.
[41] صحيح التزمذي 3874:701:5.
[42] صحيح البخاري 28:5 باب ذكر أصهار النبي، و كذا 36:5 باب مناقب فاطمة، صحيح مسلم 93:1902:4، سنن أبي داود 2071:226:1، صحيح الترمذي 3867:698:5 و هي من الروايات المسلم بوضعها و بطلانها كما لايخفي.
[43] صحيح البخاري 247:4 باب علامات النبوة، صحيح مسلم 98:1904:4، سنن أبي داود 5217:355:4، صحيح الترمذي 3872:700:5.
[44] و في نسخة (ع):(و بينهم و بين أمها).
[45] آل عمران 61:3.
[46] تفسير الطبري 212:3، التفسير الكبير للرازي 87 - 86:8، الوسيط 444 - 443:1، مجمع البيان 452:1، دلائل النبوة لابي نعيم 455:2، الدر المنثور 231:2.
[47] الأحزاب 33:33.
[48] أسباب النزول:203.
[49] صحيح الترمذي 3206:352:5 كتاب التفسير باب 34.
[50] صحيح مسلم 61:1883:4.
[51] هذا الشعر للمصنف رحمة الله انظر:الغدير 109:3، الفصول المهمة:29.
[52] في نسخة (م):جلباب.
[53] هذا الشعر للمصنف. انظر الغدير 417:5.
[54] ليس في (م).
[55] الشوري 23:42.
[56] تفسير الثعلبي:209 (مخطوط)، الوسيط 52:4 و فيه (و ولديهما).
[57] تفسير الثعلبي 209 (مخطوط).
[58] انظر:المغني لابن قدامه 4749:580:6، الام 111:14.
[59] ليس في (م).
[60] انظر سيرة ابن هشام 203 - 198:1، دلائل النبوة للبيهقي 72 - 68:2.
[61] سيأتي تفصيل الاختلاف في ولادتها لاحقا.
[62] تاريخ الطبري 15:2، الذرية الطاهرة:83:93، صفة الصفوة 9:2.
[63] أثبتناه من المصدر.
[64] مسند أحمد 106:1، سنن أبي داود 2988:150:3، حلية الأولياء 69:1، صفة الصفوة 11:2.
[65] قال الحاكم في المستدرك 142:3 (خبر الزواج هذا منقطع) و تبعه في ذلك الذهبي في التلخيص. و لعل سبب التحريف هو التشابه في الاسم بين أم كلثوم بنت علي عليه‌السلام و ام كلثوم بنت جرول، كما نبهت عليه الدكتورة عائشة بنت الشاطي‌ء في موسوعتها آل النبي ص 831.
[66] صحيح البخاري 149:3 كتاب الشرب و كتاب البيوع و كتاب الخمس، صحيح مسلم 7979، 1568:3، سنن أبي دواد 2986:148:3، حليلة الأولياء 144:3.
لم تكن هذه الرواية سببا لتحريم الخمر أو سببا لنزول آية في ذلك كما في التفاسير المعتبرة، بل أنزل الله في الخمر ثلاث آيات:الاولي:قوله تعالي «يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير و منافع للناس» فشربها من شربها من المسلمين و تركها من تركها الي أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر فنزل قوله تعالي:«يا أيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة و أنتم سكاري حتي تعلموا ما تقولون» فشربها من شربها من المسلمين و تركها من تركها حتي شربها عمر (رضي الله عنه) و أخذ لحي بعير و شج به رأس صديقه و ناح علي قتلي بدر و غضب عليه رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) عندما سمع بذلك فانزل الله «انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العدواة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلاة فهل أنتم منتهون» فقال عمر:انتهينا، انتهينا. انظر:المستطرف 260:2، تاريخ المدينة المنورة لابن شبة 863:3.
و قال القرطبي في الجامع لاحكام القرآن 286:3:نزلت بسبب عمر بن الخطاب.
[67] صحيح البخاري 97:7، كتاب الأطعمة، باب الثريد و فيه بعض التغيير، صحيح مسلم 70:1886:4 أورده في باب فضائل خديجة و لم يذكر اسم خديجة!!!، صحيح الترمذي 1834:275:4 و فيه تغيير أيضا.
[68] انساب الأشراف 30:2، تهذيب الكمال 251:35، كشف الغمة 503:1.
[69] مقاتل الطالبيين:49، انساب الأشراف 30:2، تهذيب الكمال 251:35.
[70] مصباح الأنوار:260 (مخطوط).
[71] الطبقات الكبري 28:8، تهذيب الكمال 253:35.
[72] الطبقات الكبري 29:8، انساب الأشراف 30:2.
[73] سيرة ابن هشام 208 - 204:1.
[74] هذا هو الذي عليه الجمهور.
و اعترض البعض علي ذلك و قالوا:ان ولادتها كانت بعد البعثة، و اختلف في ذلك أيضا، فقائلون بعد البعثة بخمس و قائلون بثلاث سنين.
و قالوا:ان جميع أولاد خديجة (رضي الله عنه) ولدوا بعد البعثة النبوية و كانت فاطمة (رضي الله عنه) أصغرهم سنا. (البدء و التاريخ 16:5، المواهب اللدنية 196:1، تاريخ الخميس للامام الديار بكري:272:1 (.
و قالوا:ان نطفتها قد انعقدت من ثمر الجنة في المعراج، و قسم قالوا:هو من ثمر الجنة ولكن نزل به جبرائيل للنبي (صلي الله عليه و آله و سلم) فواقع خديجة (رضي الله عنه) و حملت بفاطمة من ذلك (تاريخ بغداد 87:5 ضمن ترجمة ابي الحسين أحمد بن محمد الفقيه الشافعي، المستدرك علي الصحيحين للحاكم 156:3، تلخيص المستدرك للذهبي 156:3، نزول الأبرار 88، الدر المنثور 153:4، مناقب ابي المغازلي:357، مقتل الحسين للخوارزمي 64:1، تاريخ الخميس 392:1، ذخائر العقبي:36، لسان الميزان 134:1:اللالي‌ء المصنوعة 392:1 الدرة اليتيمة:31، ضياء العالمين 404 (مخطوط)، الروض الفائق للشيخ شعيب المصري:214، محاضرة الأوائل للسكتواري:88، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي:177، مجمع الزوائد 202:6، نزهة المجالس للصفوري الشافعي 223:2 (.
و ان هذه المصادر نقلتها عن عائشة و عمر بن الخطاب و ابن مالك و ابن عباس (رضي الله عنه).
و قالوا:روي النسائي و غيره أنه لما خطب أبوبكر و عمر (رضي الله عنه) فاطمه عليهاالسلام ردهما النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) متعللا بصغر سنها، و المعروف أن عمر (صلي الله عليه و آله و سلم) قد خطبها بعد الهجرة - كما عليه السيرة و التاريخ - فيكون عمرها بحدود ثمانية عشر أو تسعة عشر عاما، و لذلك فلا يقال لمن هي في مثل السن:أنها صغيرة.
و قالوا:ان تسميتها (بفاطمة) قد جاءت من السماء بأمر من الله كما في تسمية الحسن و الحسين، و هذا يدل علي أن ولادتها بعد البعثة (مناقب المغازلي:221 و 229، ضياء العالمين 96:4 (مخطوط)، كنز العمال 219:6، ذخائر العقبي:العقبي:26، ميزان الاعتدال 400:2 و 439:3، لسان الميزان 267:3، طوالع الأنوار 113:112، معرفة ما يجب لآل البيت النبوي للمقريزي:51، البتول الطاهرة لأحمد فهمي 15:11).
[75] انظر:تاريخ الطبري 537:2، ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق 8:10:1، الاستيعاب 369:1 ترجمة الحسن بن علي من الطبقات الكبري:28، تاريخ ابن الأثير 166:2.
[76] انظر:تاريخ الطبري 485:2، تاريخ ابن الأثير 141:2.
[77] انظر:تاريخ ابن الخشاب:173 و فيه الحسين بدل الحسن.
[78] انظر مناقب ابن شهر آشوب 434:3، ترجمه الحسن بن علي من الطبقات الكبري 1:28 و 2 مسند أحمد 391:6.
[79] في نسخة (ط):من وضح الضحي، و في الفصول المهمة، و كشف الغمه:من شمس الضحي.
[80] أثبتناه من نسخة (ط).
[81] الأدب المفرد 825:278، مسند أحمد 98:1، الاستيعاب 69:2، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشقي 19:16:1.
و في رواية:ان علي كرم الله وجهه سماه جعفرا تيمنا باسم أخيه، و غيره النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) الي اسم الحسن.
و في رواية:أنه سماه جعفرا و حسين باسم حمزة، فغيرهما النبي (صلي الله عليه و آله و سلم).
و في رواية أنه سمي الكبير حمزة و الصغير جعفر.
و في رواية:أنه لم يسبق النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) بتسمية أولاده و أن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) سماهم مباشرة.
انظر:ترجمة الحسن بن علي من تاريخ دمشق 13:12:1 - 23، الاصابة 330:4، ترجمة الحسن بن علي من المعجم الكبير 10:3، تهذيب الكمال 224 - 222:6، مجمع الزوائد 74:9.
[82] انظر:الحاوي الكبير 155:19 باب العقيقة، الام 217:7.
[83] صحيح الترمذي 1519:84:4، السنن الكبري للبيهقي 304:9.
[84] في نسخة (ع):شعره، و ما أثبتناه من نسخة (ط).
[85] في نسخة (ط):اعتمد.
[86] المعجم الكبير 2525:5:3، الاستعياب 369:1، مقاتل الطالبيين:29، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 24:17:1، 27.
[87] تاريخ ابن الخشاب:174.
[88] ليس في (ط).
[89] صحيح البخاري 32:5 باب مناقب الحسن و الحسين، صحيح الترمذي 3773:658:5، سنن أبي داود 4662:216:4، سنن النسائي 107:3.
[90] صحيح البخاري 33:5 باب مناقب الحسن و الحسين، صحيح مسلم 2422:1883:4.
[91] صحيح الترمذي 3784:661:5 و فيه الحسين بدل الحسن.
[92] في المصدر:صبي.
[93] في المصدر زياة:صلاته.
[94] في المصدر زيادة:الله.
[95] في المصدر زيادة:به.
[96] حليلة الأولياء 132:35:2.
[97] في نسخة (ع):أحبك، و ما أثبتناه من نسخة (ط).
[98] صحيح الترمذي 3772:657:5.
[99] في المصادر:خباء فاطمة.
[100] في نخسة (ع):سنجابا، و ما أثبتناه من نسخة (ط).، فلم يلبث ان جاء يسعي حتي اعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم):اللهم اني أحبه و أحب من يحبه) **زيرنويس=صحيح البخاري 87:3 كتاب البيوع باب ما ذكر في الأسواق، و كذا في الأدب المفرد 1155:382 باب من أدلي رجليه الي البئر اذا جلس و كشف عن الساقين، صحيح مسلم 57:1882:4.
[101] في المصادر زيادة:ما قال.
[102] صحيحي البخاري 205:7 كتاب اللباس باب السخاب للصبيان، و كذا في الأدب المفرد 1188:391.
[103] ليس في (ط).
[104] صحيح الترمذي 3769:656:5.
[105] صحيح الترمذي 3768:656:5.
[106] صحيح الترمذي 3770:657:5.
[107] سنن النسائي 229:2 باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة.
[108] سنن أبي دواد 1109:290:1، صحيح الترمذي 3774:658:5، سنن النسائي 192:3.
[109] صحيح الترمذي:3777:649:5.
[110] صحيح الترمذي 3776:659:5.
[111] صحيح الترمذي 3779:660:5.
[112] صحيحي البخاري 33:5 / باب مناقب الحسن و الحسين.
[113] ليس في (ط).
[114] في كشف الغمة و الفصول المهمة:في مسجد.
[115] البروج 3:85.
[116] الأحزاب 45:33.
[117] هود 103:11.
[118] أثبتناه من نسخة (ط).
[119] الوسيط 458:4.
[120] عرعر به: نزل به - لسان العرب 561:4.
[121] الفصول المهمة:155، كشف الغمة 545:1.
[122] ليس في المصدر.
[123] أثبتناه من نسخة (ط).
[124] حلية الأولياء 38:2.
[125] حلية الاولياء 37:2.
[126] صفة الصفوة 760:1.
[127] في نسخة (ع):لضيوف الدعاء، و ما أثبتناه من نسخة (ط).
[128] اعتفي فلانا اعتفاءا أتاه يطلب معروفه.
[129] صفوة الصفوة 760:1، مناقب ابن شهر آشوب 21:4، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 247:147:1، البداية و النهاية 38:8.
[130] احياء علوم الدين 364:3، مناقب ابن شهر آشوب 20:4، الفصول المهمة 157.
[131] ربيع الأبرار 701:3، مناقب ابن شهر آشوب 20:4.
[132] حلية الأولياء 38:2، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 259:153:1.
[133] في نسخة (ع):تمتع.
[134] سنن البيهقي 244:7، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 260:153:1.
[135] ليس في (ط)، و في كشف الغمه:اشارة غريزه و عبارة و جيزة.
[136] الغرور - بالفتح - ما غرك و خدعك و هي صفة غالبة للدنيا، و الغرور - بالضم - ما اغتربه من متاع الدنيا.
[137] ليس في نسخة (ط).
[138] ربيع الأبرار 71:1، مناقب ابن شهر آشوب 77، 19:4.
[139] أثبتناه من نسخة (ط).
[140] الكامل للمبرد 325:1، ربيع الأبرار 19:2، مناقب ابن شهر آشوب 23:4.
[141] في نسخة (ط):أخطار، و في كشف الغمة:أقطار.
[142] في نسخة (ط) زيادة:زمامها.
[143] في نسخة (ط):المنصف، و في كشف الغمة:المنصب.
[144] برد مفوف:اي رقيق و فيه خطوط بيضاء - الصحاح 1412:4.
[145] قال هذا الكلام معاوية للامام الحسن عليه‌السلام فكان جواب الامام الحسن عليه‌السلام أن قام فخطب:أن أكيس الكيس...و ستأتي في ص 33، انظر:الفتوح لابن أعثم 295:4، أنساب الأشراف 15:43:3.
[146] في نسخة (ع):رتبة.
[147] من قصيدة للشاعر أبي الطيب المتنبي، انظر:ديوان أبي الطيب المتنبي:325، شرح نهج البلاغة 336:3 و كذا 290:8 و 120:16.
[148] عقب الاربلي علي كلام المصنف حيث قال:ان الشيخ كمال الدين رحمة الله وقف علي أنجد هذا الأمر و لم يقف علي أغواره و خاض في ضحضاحه و لم يلج في أغمر غماره و عد تسليم الحسن عليه‌السلام الخلافة الي معاوية من كرمه وجوده و ايثاره، و لو أنعم النظر علم أنه لم يسلمها الي معاوية باختياره، و أنه لو وجد أعوانا و أنصارا لقاتله بأعوانه و أنصاره، و شحوا بأنفسهم عن مساعدته فرغبوا عن قربة، و سخت أنفسهم بمفارقة جواره، و أحبوا و بعد داره في الدنيا فبعدت في الاخري دارهم من داره، و فر عنه من فر فتوجه عليه العقاب لفراره و حليت الدنيا في أعينهم فلم يردعهم بالغ مواعظه و انذاره، و مالوا الي معاوية رغبة في زخرف دنياه، و طعما في درهمه و ديناره، فسلم اليه الأمر حذرا علي نفسه و شيعته، فما رد القدر بحذاره و طلب حقن الدماء و اسكان الدهماء فاقره في قراره.
و كيف يجود الحسن عليه‌السلام علي معاوية بشي‌ء يصطلي الاسلام و أهله بناره!. أم كيف يرضي تأهيله لأمر قلبه معتقد لانكاره!
أم كيف يظن أنه قارب بعض المقاربة و هو يسمع سب أبيه في ليله و نهاره!
أم كيف ينسب معاوية الي الصدق و هو مستمر في غلوائه مقيم علي اصراره!
أم كيف يتوهم فيه الايمان و هو و أبوه من المؤلفة قلوبهم!
فانظر في أخباره،و هذه جمل تستند الي تفصيل، و قضايا واضحة الدليل، و أحوال تفتقر الي نظر و فكر طويل، و الله يهدي من يشاء الي سواء السبيل. انظر كشف الغمة 563:1..
و قال اسماعيل بن عبدالرحمن السدي، لم يصالح الحسن معاوية رغبة في الدنيا، و انما صالحه لما رأي أهل العراق يريدون الغدر به.... أنظر:تذكرة الخواص:180.
[149] صحيح البخاري 243:3 كتاب الصلح.
[150] في المصدر:الرأفة.
[151] في المصدر:المواساة.
[152] في المصدر: المجد.
[153] في المصدر:و المتحزن.
[154] حليلة الأولياء 36:2.
[155] أثبتناه من نسخة (ط).
[156] الزخرف 44:43.
[157] الفتوح لابن أعثم 286:4، مقاتل الطالبيين:55، مناقب ابن شهر آشوب 36:4.
[158] الفتوح لابن أعثم 293:4، أنساب الأشراف 47:41:3.
[159] الفتوح لابن أعثم 295:4، أنساب الاشراف 50:43:3، حلية الأولياء 37:2، الاستيعاب 374:1 ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 312:187:1، و كذا:316:189، مناقب ابن شهر آشوب 39:4.
[160] في نسخة (ع):و من حزم العقل خيرهما.
[161] أثبتناه من نسخة (ط).
[162] الفصول المهمة:159.
[163] الفصول المهمة:159.
[164] الفصول المهمة:159.
[165] ربيع الأبرار 412:3، البداية و النهاية 40:8 حلية الأولياء 36:2، تهذيب الكمال 239:6، الفصول المهمة:160.
[166] وردت كلها في كشف الغمة 572:1.
[167] في نسخة (ط):عصر.
[168] الصراط المستقيم 172:2.
[169] ليس في (ط).
[170] كفاية الطالب:415، تذكرة الخواص:194.
[171] ليس في (ط).
[172] تاريخ ابن الخشاب:174، المناقب لابن شهر آشوب 34:4.
[173] تاريخ ابن الخشاب:174.
[174] في نسخة (ط):و ليس كذلك و كان له بنت واحدة تسمي أم الحسن و هذا.
[175] تاريخ ابن الخشاب:173.
[176] حلية الأولياء 38:2، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 342:212:1 - 344صفة الصفوة 762:1، البداية و النهاية 43:8، تذكرة الخواص:193.
[177] حليلة الأولياء 83:2 و كذا الاستعياب 375:1، البداية و النهاية 42:8.
[178] ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 384:239:1 - 393، البداية و النهاية 44:8، تاريخ بغداد 140:1، تاريخ خليفة:209.
[179] مقاتل الطالبيين:31، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 394:241:1 - 399، صفة الصفوة 762:1، تاريخ بغداد 140:1.
[180] مستدرك الحاكم 171:3، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 261:226:1.
ان راوية صلاة سعيد بن العاص علي الحسن بن علي رضي الله عنه من الروايات التي تناقلتا المصادر من أهل السير و التاريخ من دون تحقيق و تدقيق.
فهي ضعيفة سندا و متنا.
تنتهي ب (سالم بن أبي حفصة):و هو بتري من أصحاب كثير النواء، و اقران الحكم بن عتيبة، و الحسن بن صالح بن حي، و أبي المقدام، و سلمة بن كهيل، الذين أضلوا كثيرا من الناس و هم يثبتون امامة أبي بكر (رضي الله عنه) و ينتقصون عثمان (رضي الله عنه). انظر فرق الشيعة للنوبختي:57.
و قال في تهذيب التهذيب 2263:377:3 قال الجوزاني:زائغ، و قال العقيلي:ترك لغلوه، و قال ابن حيان:يقلب الأخبار و يهم في الروايات.
و قال في تهذيب الكمال للامام المزي 2143:133:10، قال:قال فيه عمرو بن علي:ضعيف الحديث.
و قال في موضع آخر: كان يحيي و عبدالرحمن لايحدثان عن سالم بن أبي حفصة، و قال أبو حاتم:هو من عتق الشيعة يكتب حديثه و لايحتج به.
أما من ناحية المتن:فان المصادر تناقلت أن الحسين بن علي (رض) قال لسعيد بن العاص يوم وفاة أحيه الحسن (رض):تقدم لولا أنها سنة ما قدمتك.
و الحق أن هذا الكلام لاأصل له، فقد صرح الامام المزي في تهذيب الكمال في ترجمة الحسن بن علي (رضي الله عنه):بأن مقطع الصلاة زائد و قال:زاد بعضهم:(و صلي عليه سعيد بن العاص و هو أمير المدينة)..
هذا و قد صرح بعض العلماء الكبار في مصادرهم بأن الحسين (رضي الله عنه) هو الذي صلي علي أخيه الحسن (رضي الله عنه)، انظر:ربيع الأبرار 304:4 لباب الأنساب 339:1 و ص 396، رسوخ الأخبار في منسوخ الأخبار لأبي اسحق الجعبي:322، الاتحاف بحب الاشراف للشبراوي:39.
و قال المناوري في فيض القدير:546:4 في تكبير الملائكة:(و كبر الحسن بن علي علي علي أربعا و كبر الحسين بن علي علي الحسن أربعا).
و ذهب ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة:157 الي الجمع و قال:(و صلي عليه سعيد بن العاص فانه كان يومئذ و اليا علي المدينة من جهة معاوية، و صلي عليه الحسين عليه‌السلام).
و قال الزرندي الحنفي في معارج الوصول (مخطوط) بعد ذكر الخبر:و هذا غريب!
بالاضافة اليذلك فانا لم نر لهذه السنة - صلاة الوالي علي الأشراف - ما يذكره التاريخ بل العكس فعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) صلي عليه صهيب بن سنان و علي (كرم الله وجهه) صلي عليه الحسن و هكذا.....
و الصحيح أن أبا هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية هو الذي ذكر هذا القول لأبان بن عثمان بن عفان الذي كان واليا علي المدينة لعبد الملك بن مروان، انظر:الطبقات الكبري 116:5 في ترجمة أبو هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية. و من خلال هذا التشابه الكبير في الأحداث نقل هذا القول الي الحسين بن علي (رضي الله عنه) و هو خطاء محظ. و الله العالم.
[181] انظر مناقب ابن شهر آشوب 37، 34:4، مقاتل الطالبيين: 48، ربيع الأبرار 208:4، الاستيعاب 375:1، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق 341:211:1، تهذيب التهذيب 260:2، شرح نهج البلاغة:49:16، البداية و النهاية 43:8، تذكرة الخواص:191.
[182] صحيح الترمذي 2226:503:4، سنن أبي داود 4646:211:4، السيرة النبوية لابن حبان 553.
و هذه الروايات ضعيفة سندا و متنا و لايعول عليها، فانها تنتهي بسعيد بن جمهان.
حيث ترجم له العسقلاني في تهذيب التهذيب 14:4 و قال:هو سعيد بن جمهان الأسلمي أبو حفص البصري. و قال أبو حاتم:يكتب حديثه و لا يحتج به. و قال ابن معين:روي عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره. و قال البخاري:في حديثه عجائب. و ذكره ابن عدي في الضعفاء 1237:3.
و كذا ذكره ابن الجوزي في الضعفاء و المتروكين 1373:315:1.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.