تأملات في الخطاب الحسيني

اشارة

عنوان : تأملات في الخطاب الحسيني
پديدآورندگان : آصفي، محمد مهدي، 1316-(پديدآور)
امام سوم حسين بن علي(ع)(توصيف گر)
نوع : متن
جنس : مقاله
الكترونيكي
زبان : عربي
صاحب محتوا : موسسه فرهنگي و اطلاع رساني تبيان
توصيفگر :
قيام عاشورا
وضعيت نشر : قم: مؤسسه فرهنگي و اطلاع رساني تبيان، 1387
ويرايش : -
خلاصه :
مخاطب :
يادداشت : , ملزومات سيستم: ويندوز 98+ ؛ با پشتيباني متون عربي؛ + IE6شيوه دسترسي: شبكه جهاني وبعنوان از روي صفحه نمايش عنوانداده هاي الكترونيكي
شناسه : oai:tebyan.net/3259
تاريخ ايجاد ركورد : 1387/10/22
تاريخ تغيير ركورد : 1387/10/22
تاريخ ثبت : 1389/6/28
قيمت شيء ديجيتال : رايگان

تأملات في الخطاب الحسيني بمكة عشية مغادرته الي العراق‌

اشاره

خطب الحسين (ع) بمكة عشية خروجه منها الي العراق في ملا من المسلمين، ونعي نفسه إليهم و استنصرهم و دعاهم الي الخروج معه علي حكومة بني أمية. و قد نقلنا الخطبة برواية السيد ابن طاووس؛ في الملهوف:و في هذه الخطبة يذكر الإمام الحسين (ع) الموت، و ينعي فيها نفسه‌الي المسلمين فيقول:«خط‌ّ الموت علي ولد آدم مخط‌ّ القلادة من جيد الفتاة، و ما اولهني الي اسلافي اشتياق يعقوب الي يوسف، وخيّر لي مصرع انا لاقيه، كاني باوصالي تقطّعها عُسْلان الفلوات بين النواويس و كربلاء فملان مني اكراشاً جوفا واجربة سغباً، لا محيص عن يوم خط‌ّ بالقلم، رضي الله رضانا اهل البيت، نصبر علي بلائه و يوفّينا اجور الصابرين،لن تشذّ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرّبهم عينه،و ينجز بهم وعده».ثم يخاطب المسلمين فيقول:«الا ومن كان باذلاً فينا مهجته، موطّناً علي لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مصبحاً إن شاء الله».و سوف نقتصر نحن في هذه التاملات علي شرح الخطاب الاخير للإمام (ع).يقول (ع): «الا و من كان باذلاً فينا مهجته، موطّناً علي لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإني راحل مصبحاً إن شاء الله».و إليكم عشر نقاط في هذه الفقرة من خطاب الحسين (ع):

الا و من كان باذلا فينا مهجته‌

اشاره

الحسين (ع) لا يطلب من الناس مالاً، ولا زعامة، ولا سلطاناً، و لا شاناً من شؤون الدنيا، وإنما يطلب منهم مهجهم، و هو اغلي و اعزّ ما يطلب إمام من ماموميه، و لا يدعوهم الي الخروج معه لينالوا فتحاً او سلطاناً او يسقطوا سلطاناً، و إنما يدعوهم للخروج ليبذلوا مهجهم و أفئدتهم و دماءهم. وهذا نموذج فريد من القادة.إن القادة لا يريدون من الناس مهجهم و أفئدتهم، و إنما يدعون الناس لتحقيق اهداف سياسية او عسكرية، و يدفعون من مهج الناس و أفئدتهم ما تحتاجه هذه الغايات، ضريبة للمكاسب والإنجازات التي يطلبونها.امّا الحسين (ع) فيدعو الناس منذ اول يوم الي ان يبذلوا له مهجهم و افئدتهم و دماءهم.وهي الميزة الفريدة التي تتميز بها ثورة الحسين (ع) عن غيرها من‌الحركات و الثورات ووعي هذه الخصلة مسالة مهمّة في فهم ثورة الحسين (ع).

مقارنة بين الحر الرياحي و عبيدالله بن الحر الجعفي‌

وليس كل‌ّ الناس كانوا يفهمون حقيقة دعوة الحسين (ع) يومئذٍ، و قد أدرك ناس من الجبهة الاخري المواجهة والمناوأة للحسين (ع) جوهرهذه الدعوة، و جهلها آخرون من موقع المتخلّفين، وموقع التخلف اهون‌علي كل حال من موقع المواجهة علي خارطة الصراع.ولنذكر علي ذلك مثالاً عن هذا الموقع و ذاك:لقد ادرك الحر بن يزيد الرياحي؛ ـ و هو يشغل يومئذٍ رسمياً موقع المواجهة من معسكر الحسين (ع) ـ حقيقة الدعوة الحسينية، وعلم ان‌الحسين لا يطلب من الناس مالاً و لا زعامة و لا سلطاناً وإنما يطلب منهم مهجهم و أفئدتهم، بينما لم يعرف عبيدالله بن الحر الجعفي هذه الحقيقة في دعوة الحسين، فلما دعاه الحسين (ع) الي ان ينصره ويقف معه اعتذرعن الاستجابة، و قال: ما عسي ان اغني عنك ولم اخلّف لك بالكوفة ناصراً؟ فانشدك الله ان تحملني علي هذه الخطة فإن نفسي لا تسمح بالموت، ولكن فرسي هذه (الملحقة) والله ما طلبت عليها شيئاً قط إلاّ لحقته، و لا طلبني احد وانا عليها إلاّ سبقته، فخذها فهي لك.فقال له الحسين (ع): «اما إذا رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا في فرسك».ولو كان يعي ابن الحر الجعفي ما يطلبه الحسين منه لم يكن يقدّم للحسين فرسه عوضاً عن نفسه ودمه ومهجته.وهذا فارق في الوعي بين الحر وابن الحر، علماً بان عبيدالله بن الحر الجعفي لم يكن يومئذٍ في موقع المواجهة الرسمية و المعلنة مع الحسين (ع)، و إنما كان يحرص الاّ يلتقي بالحسين (ع) لئلا يُحرجه الإمام ويطلب منه النصرة، ثم لمّا طلب منه الإمام (ع) النصرة اعتذر و تخلف و كان في عداد (المتخلّفين) عن نصرة الإمام، وندم بعد ذلك علي تخلفه عن الحسين (ع)، فلم ينفعه ندمه.و موقع عبيدالله بن الحر الجعفي، مهما كان اهون من موقع الحر الرياحي، ولكن هذا قد ادرك من الحسين (ع) مالم يدركه ذاك، و هذا هو فارق الوعي.و الفارق الآخر بين الحرّين، أن الحر الرياحي اعطي للحسين (ع) مايريد، اما عبيدالله بن الحر الجعفي فقد اعتذر الي الإمام عن النصرة، و قال للإمام بصراحة: (إن نفسي لا تسمح بالموت).و هذا فارق في (العطاء).و الانسان (وعي) و (عطاء).و هذا هو الفارق بين الحر وابن الحر.

باذلا

و الكلمة الثانية (باذلاً) وهذه قضية ثانية، القضية الاولي ان الحسين يطلب من الناس التضحية بمهجهم، و القضية الثانية أن الحسين (ع) يريدمن الناس ان يبذلوا له مهجهم ودماءهم، بذلاً عن وعي و اختيار من غيرقسر ولا إجبار، بل بطوع إرادتهم و اختيارهم، فلا يريد ان يغتصب الناس‌مهجهم، ولا هو من الذين يخدعون الناس عن مهجهم و دمائهم.و هذه قضية اصر عليها الحسين (ع) بشكل غريب، منذ ان خرج من الحجاز الي ان صرع مع اهل بيته و اصحابه في كربلاء.اكثر من مرة اذن لاصحابه ولاهل بيته بالانصراف، و جعلهم في حل‌ّمن بيعته.وآخر مرة عرض عليهم الانصراف، و الحل من بيعته ليلة العاشر من محرم إذ جمعهم عنده، وقال لهم بنفس الصراحة والوضوح الذي عهدوه‌منه من قبل «الا وإني قد اذنت لكم، فانطلقوا جميعاً في حل‌ّ، ليس عليكم مني ذمام،هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، ثم لياخذ كل رجل منكم بيد رجل من اهل بيتي،ثم تفرقوا في سوادكم و مدائنكم حتي يفرّج الله، فإن القوم إنما يطلبوني. ولو قداصابوني لهوا عن طلب غيري».و لم يكن الحسين (ع)، يومئذ، وهو يعلن لاصحابه واهل بيته أنهم في حل من بيعته، وياذن لهم في الانصراف الي سوادهم ومدائنهم، ليلة‌مصرعه، في كربلاء، لم يكن الحسين (ع) يزهد في نصرة اصحابه، وإنماكان في امس‌ِّ الحاجة الي الانصار، و كان لا يُفرّط في فرصة تمر عليه‌يستطيع ان يدعو فيها الناس علي العموم، او بالخصوص الي نصرته إلاّ و يعلن فيها الاستنصار و الدعوة، فلماذا هذا التاكيد المكرر لاصحابه‌وللذين التحقوا به ان ينصرفوا الي بلادهم و اهلهم؟ ولماذا يصرّالحسين (ع) الي جنب ذلك، علي إعلان الاستنصار؟و كيف يجتمع هذا الإصرار علي الاستنصار مع هذا التاكيد علي الإذن لاصحابه وأنصاره بالانصراف في نفس الوقت، والتحلل من بيعته؟إن الامر عند الحسين (ع) واضح، فهو يريد من الناس ان يبذلوا له مهجهم (بذلاً) عن وعي وبصيرة وبمحض إرادتهم، من دون قهر او حرج اوحياء، و لماذا؟لان الطريق الذي يريد الحسين (ع) ان يقطعه لا يمكن ان يقطعه الناس إلاّ إذا مضوا معه بوعي وبصيرة وإرادة وعزم، أما اذا قطعوا هذا الطريق عنوة أو من غير وعي و طواعية، فلا يبلغون ما يريده الحسين (ع).إن‌ّ الحسين (ع) يريد ان يستصفي من هذه الاُمّة انقاها جوهراً،واصفاها قصداً ونيّة و إخلاصاً ليصطحبهم معه الي لقاء الله في كربلاء، ولوكان يشوب نفوسهم شي‌ء من الحرج أو الحياء في خروجهم مع‌الحسين (ع) الي مصارعهم في كربلاء ولو بنسبة قليلة؛ لفقدوا في نفوسهم و قصدهم هذا الصفاء والخلوص الذي يطلبه الحسين (ع) من اصحابه في خروجهم الي لقاء الله.إن هذه الرحلة رحلة الي لقاء الله، و هي تختلف عن أية رحلة أخري،ومثل هذه الرحلة تتطلب من الصفاء والنقاء في القصد و النية مالا تتطلبه رحلة أخري، ولذلك كان الحسين (ع) يحرص حرصاً بليغاً أن يكون خروج اصحابه معه عن (بصيرة) و (اختيار).هذا من ناحية (ربّانية الحركة) التي كان الحسين (ع) يحرص علي تحقيقها في حركته.و امّا من الناحية (السياسية) ـ وهو الهدف الآخر للحسين ـ فإنّه (ع) يريد ان يهزّ ضمائر المسلمين و قلوبهم بمصرعه و مصرع من معه من‌المؤمنين و ان يعيدهم الي انفسهم بعد ان سلخهم بنو امية عن انفسهم. ولن‌يتم للحسين (ع) مثل هذا الانقلاب العميق في نفوس الناس، و هذه العودة الي الذات إلاّ إذا كانت العناصر التي تشارك في صنع هذه الملحمة الخالدة تتصف بالبصيرة والعزم.و بعكس ذلك لو كانت هذه العناصر من العناصر الضعيفة و الرجراجة التي تقدّم خطوة و تؤخر اخري فإن مردود عملها و مشاركتها يكون بالاتجاه السلبي.و من هنا كان الحسين (ع) يريد بإصرار من الناس ان يبذلوا له انفسهم و مهجهم بذلاً، عن إرادة و اختيار و بصيرة.

فينا

وهذه قضية ثالثة في دعوة الحسين (ع) فهو يريد اوّلاً من الناس ان يضحّوا بمهجهم.و يطلب منهم ثانياً ان تكون هذه التضحية عن اختيار و بصيرة و بذل.و يطلب منهم ثالثاً ان يكون هذا الجهد و هذه التضحية (فيهم) (ع)،وهي مسالة الانتماء والولاء، لا في جهة أخري و لغاية أخري من الغايات التي يعمل لها الناس.و هذه مسالة في غاية الاهمية فإن قيمة العمل ليس في حجمه و نوعه و شكله فقط وإنما في انتمائه ايضاً.فقد خرج كثيرون علي بني امية و نقموا عليهم، و نشروا مثالبهم،و قاتلوهم، و تحمّلوا العذاب و المطاردة و الخوف و الرعب في سبيل ذلك،وضحوا بأنفسهم في ذلك، ولكن لغايات شخصية او سياسية او قبلية و عشائرية. وليس علي خط الولاء السياسي و العقائدي الذي فرضه اللهتعالي في قوله تعالي: (إنّما وليكم الله و رسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون).لقد خرج عليهم عبدالله بن الزبير، و خرج عليهم الخوارج، و خرج عليهم ابو مسلم الخراساني وآخرون من الناس، وليس بإمكاننا ان نستهين بالجهد و التضحية التي بذلوها في هذا السبيل، ولكن كان ينقصهم الانتماء و الولاء و الذي يعبر عنه الإمام (ع) بهذه الكلمة: (فينا).و لا قيمة للعمل اذا فقد حالة (الانتماء) و الارتباط و الولاء، علي الخط الذي يحدده الله ورسوله.و هذه المقولة خاصة بهذا الدين، وليس في الانظمة الفكرية و السياسية الاخري قيمة لارتباط العمل و انتمائه، وانما يقيّم العمل بنوعه و حجمه وصفته. و اما في الإسلام فالامر يختلف اختلافاً كبيراً، و يكتسب العمل قيمته الحقيقية بنوعية العمل و ارتباطه و انتمائه. و لمحاور الولاء حلقات يتصل بعضها ببعض، وينتهي الي الله تعالي و هو مبدا الولاء و اساسه في الاسلام.و الحسين (ع) حلقة في هذه السلسة؛ ولذلك فهو يشترط في هذه الدعوة ان تكون التضحية و البذل (فيه).

موطنا علي لقاء الله نفسه‌

اشاره

وهذه هي النقطة الرابعة والخامسة في الخطاب الحسيني، فالإمام (ع) في هذه الفقرة يشير الي قضيتين أُخريين في دعوته و هما (الإخلاص) و (التوطين).و لابد منهما معاً في مثل هذا المشروع الثوري الضخم الذي ينهض به الحسين (ع).و الإمام (ع) يشير الي (الإخلاص) بقوله: «موطّناً علي لقاء الله نفسه»،و يطلب ممّن يصحبه في هذه الرحلة ان يوطّنوا أنفسهم فقط للقاء الله،و ليس لايّة غاية أخري. وأيّة غاية أخري غير لقاء الله لا قيمة لها في هذه الرحلة.و هذا النص هو أول رواية يذكرها البخاري في كتابه (الجامع الصحيح) عن رسول الله(ص):«إنّما الاعمال بالنبيات، و إنما لكل امري ما نوي؛ فمن كانت هجرته الي دنيا يصيبها او الي امراة ينكحها فهجرته الي ماهاجر اليه).و الارتباط به (ع) الذي عبّر عنه بكلمة (فينا)، والذي شرحناه من قبل انتماء وليس غاية، وإنما هو واسطة للارتباط بالله. وإبتغاء وجه الله و مرضاته هو الغاية، و في نفس الوقت هو المبدأ في تسلسل حلقات الولاء، و إذا انقطعت أية حلقة من حلقات الولاء من الله تعالي سقطت،وفقدت كل قيمتها.و محاور الولاء، و منها الحسين (ع) جسور، وسبل الي لله، و الي هذا المعني تشير الفقرات الواردة في زيارة (الجامعة الكبيرة) المعروفة:السلام علي محال‌ّ معرفة الله، و مساكن بركة الله و معادن حكمة الله.السلام علي الدعاة الي الله و الادلاّء علي مرضاة الله و المستقرين في امرالله.ولكيلا نتصور أن كلمة (فينا) الواردة في هذه الدعوة الحسينية غاية في حدّ ذاتها، يتدارك الإمام (ع) سريعاً و يقول: «و موطّناً علي لقاء الله نفسه»و هذا هو معني الإخلاص و التوحيد في (الولاء).

التوطين‌

والقضية الخامسة التي يشير اليها الإمام (ع) في هذه الدعوة:(التوطين) و لابد منه في هذه الرحلة العسيرة والشاقة.فهذا الذي يدعو اليه الحسين (ع) من بذل المهج و الدماء، لله ليس بالامر السهل اليسير، وقد عبّر عنه القرآن في سورة الانفال بـ (ذات‌الشوكة). و قد يندفع الإنسان في هذا الطريق من دون إعداد وتوطين، ثم‌يتزلزل في أثناء الطريق، وتهتز قدمه، و يدخله الخوف و الرعب و يتراجع.ولنا في مسيرة الرسالات شواهد كثير علي ذلك.ولكيلا يتراجع الإنسان، و لا تفاجئه اهوال الطريق يجب عليه ان يعدّنفسه للقاء الله إعداداً خالصاً، و يوطّن نفسه لهذه الرحلة العسيرة علي طريق ذات الشوكة توطيناً.و (التوطين) اعلي درجات الإعداد النفسي لمواجهة الابتلاء، وكانما يعدّ الانسان نفسه ليكون منزلاً و موطناً للابتلاء، ويحضّر نفسه لنزول البلاء و يهيئها لاستقبال الموت و الابتلاء، فلا تفاجئه الابتلاءات عندماتنزل عليه.و الإعداد النفسي لاستقبال الابتلاء علي أنحاء، و أعلاها و أفضلها و في نفس الوقت أشقّها، هو هذه الحالة الي يشير اليها الإمام بكلمة (التوطين).و هو يشبه الي حدّ كبير الحديث المعروف «موتوا قبل ان تموتوا»! فإن الموت الاول حالة إيحائية نفسية بتقطيع العلاقات التي تربط الإنسان بالدنيا، استعداداً لتلقي الموت، فإذا نزل به الموت لم يفاجئه، و بهذه الحالة من الإيحاء النفسي يمتص صدمة مفاجاة الابتلاء و الموت الحقيقي كثيراً.و الإيحاء الثاني للتوطين توطين النفس للرضا بقضاء الله، و ما قدّره تعالي لعبده علي طريق ذات الشوكة.والي هذا المعني التربوي الدقيق تشير النصوص الإسلامية؛ ففي دعاء كميل: «واجعلني بقسمك راضياً قانعاً».وفي زيارة (امين الله):«اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، صابرة علي نزول بلائك».وكلمة (التوطين) تحمل هنا هذا المعني التربوي العميق، وتُعِدُّ الإنسان لاستقبال الابتلاء من جانب الله بحالة التسليم والرضا بقضاء الله.و حالة (الرضا) في تلقي الابتلاء من جانب الله اعمق من حالة التسليم.وكلمة (التوطين) تشير الي هذا المعني النفسي العميق بالرضا بقضاء الله.وهذا الإيحاء الثاني يقوم أيضاً بدور مؤثّر في امتصاص صدمة مفاجاة الموت والابتلاء من نفس الإنسان في ساحة المواجهة و الصراع.

لقاء الله

والنقطة السادسة في الخطاب الحسيني علي (لقاء الله) نفسه. و هذه الكلمة هي التعبير الشفّاف و الرقيق الذي اختاره الإمام للموت و هو (لقاءالله).و للموت و جهان: وجه سلبي ووجه إيجابي، والوجه السلبي هو حالة (الفصل) والوجه الإيجابي هو حالة (الوصل).فإن الموت يقوم بتقطيع كل العلاقات التي كوّنها الإنسان لنفسه،وبناها في الحياة الدنيا بجهد وحرص وتعب خلال ايام عمره مرة واحدة،من العلاقة بالاموال و البنين و الازواج و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسوّمة، و ما الي ذلك من العلاقات التي يكوّنها الانسان‌لنفسه في عمره بجهد و حرص، ويأنس بها انساً شديداً منقطع النظير،فيقوم الموت بفصل الانسان عن كل هذه العلاقات مرة واحدة، وليس بصورة تدريجية.و هذا هو الوجه السلبي المرعب والمخيف للموت و هو وجه (الفصل) من هذه الحتمية الإلهية التي تنزل باي إنسان.و الوجه الآخر للموت، وهو الذي يشير اليه الإمام الحسين (ع) في هذه الكلمة، هو وجه (الوصل) وهو الجانب الإيجابي من الموت، فإن الموت هو النافذة التي فتحها الله تعالي علي عباده للقائه، ومن خلال نافذة الموت‌يتم للصالحين من عباده لقاؤه؛ فان الدنيا تحجب الإنسان عن لقاء الله فإذا حل‌ّ به الموت انكشفت عنه الحجب (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)، و أمكنه ان يرقي الي لقاء الله تعالي.(قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الله).(قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين).(يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون).(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً).(من كان يرجو لقاء الله فإن اجل الله لآت).(إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمانوا بها).وهذا هو الوجه المشرق للموت.ويختلف موقف الناس النفسي من الموت باختلاف الوجه الذي ينظرون من خلاله الي الموت، فالذين ينظرون الي الموت من خلال وجهه السلبي يرعبهم الموت و يصدمهم عند المفاجاة، والذين ينظرون الي الموت من الوجه الثاني يجدون في الموت نافذة الي لقاء الله فيحبون الموت و يقبلون عليه و يتمنونه، ويجدون في الموت فوزاً بلقاء الله؛ كما قال امير المؤمنين (ع) لمّا ضربه اللعين ابن ملجم و سقط في محراب‌صلاته: «فزت ورب الكعبة»، والي هذا المعني يشير القرآن الكريم عندمايتحدّي اليهود في دعواهم (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين و لا يتمنونه أبداً بماقدّمت أيديهم).وقبل أن نختم الحديث عن هذه الفقرة من كلام الإمام (ع) نتساءل:كيف يتمكن الإنسان ان يوطّن نفسه للموت و لنزول البلاء حتي لاتصدمه مفاجأة الابتلاء في ساحة الباساء والضراء، التي خلق الله تعالي الإنسان فيها، وحتي لا يهتز الانسان في زلزال الابتلاء؟و للإجابة علي هذا السؤال نقول: إن هناك عاملين تربويين في حياة الانسان يساعدان الإنسان في توطين نفسه للابتلاء و الموت، وهما الإكثار من ذكر الموت اولاً، و تركيز الشوق الي لقاء الله تعالي في النفس،و النظر الي الموت من خلال هذا الوجه الإيجابي والمشرق ثانياً.ففي المحاولة التربوية الاولي، يانس الإنسان الي الموت، و يالف التفكير فيه فلا يصدمه الموت والابتلاء عندما ينزل بالانسان، و في المحاولة التربوية الثانية يجد الإنسان في الموت نافذة الي لقاء الله، وكانماالحياة الدنيا كانت تعيقه عن ذلك فيحرّره الموت عن عوائق الدنيا ليلقي‌الله تعالي في الآخرة و تقر عينه بلقاء الله.

فليرحل‌

اشاره

هذه الرحلة تختلف عن كثير من الرحلات الاخري. فلها ظاهر و باطن.ظاهر هذه الرحلة من الحجاز الي العراق لنصرة الحسين (ع)، وباطن‌هذه الرحلة، الرحلة من الانا الي الله، ومن الدنيا الي الآخرة، ومن الاستئثارالي الإيثار، ومن الخمول وإيثار العافية الي التضحية والجهاد. والرحلة‌الاولي علي وجه الارض في ساحة الصراع السياسي، والرحلة الثانية في‌داخل النفس. وما لم يجتمع هذان البعدان ـ معاً ـ في هذه الرحلة فلا تنفع هذه الرحلة و لا تبلغ غايتها.والبعد الباطني لهذه الرحلة قبل البعد الظاهري، و هو الذي يقوّم البعد الظاهري.والذين لم يستجيبوا لدعوة الحسين (ع) في هذه الرحلة، و الذين تراجعوا عنها عندما جدّ الجد كانوا من الذين لم يرحلو الرحلة الثانية داخل نفوسهم.لقد تجسدت هذه الرحلة بصورة واضحة فيمن تجسّدت فيه من اصحاب الحسين (ع)، زهير بن القين. فقد كان اموي الهوي، فاصبح‌حسينياً. وكان يؤثر العافية في حياته، فآثر الخوض في صراع عنيف مع‌الجيش الاموي علي العافية، وكان من ابناء هذه الدنيا، فانقلب الي الآخرة،و امر بفسطاطه وثقله الي جهة الحسين، وطلّق زوجته الشجاعة الصالحة التي علّمته كيف ياخذ القرار الصعب في الازمات الصعبة، كل‌ّ ذلك خلال دقائق معدودة. و لسنا نعلم الي اليوم ما الذي حدّثه الحسين (ع) عندما خلي‌به (ع)؟ و ما الذي جري بينه و بين الحسين (ع)؟ ولكنّا نعلم ان هذا اللقاء كان حدّاً فاصلاً بين مرحلتين من حياة زهير؛، وان زهيراً؛ تعرّض بعد هذا اللقاء مرة واحدة لانقلاب عميق في شخصيته و حالته؛ فامر بفسطاطه وثقله الي جهة الحسين.ولنقرأ القصّة برواية الطبري عن أبي مخنف:يروي ابو مخنف عن السدي‌عن رجل من بني فزارة، كان مختبئاً معه في دار الحرث بن ابي ربيعة في (التمارين) أيام الحجّاج بن يوسف الثقفي، وكان هذا الرجل الفزاري مع زهير بن القين؛.فسالته عن خبرهم مع الحسين (ع).فقال الفزاري: (كنّا مع زهير بن القين البجلي، حين اقبلنا من مكة نساير الحسين (ع). فلم يكن شي‌ء ابغض الينا من أن نسايره في منزل، فإذا سار الحسين (ع) تخلّف زهير بن القين، واذا نزل الحسين تقدم زهير؛حتي نزلنا يومئذٍ في منزل لم نجد بداً من أن ننازله فيه، فنزل الحسين (ع) في جانب، ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذي من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين (ع) حتي سلّم، ثم دخل، فقال: يا زهير بن القين، إن أباعبدالله الحسين بن علي (ع) بعثني اليك لتاتيه. قال: فطرح كل إنسان منا مافي يده حتي كأننا علي رؤوسنا الطير).قال ابو مخنف فحدثتني دلهم بنت عمرو امراة زهير بن القين قالت:قلت: أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تاتيه؟ سبحان الله! لو أتيته فسمعت‌من كلامه ثم انصرفت. قال: فاتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشراً قد اسفر وجهه، قالت: فأمر بفسطاطه و ثقله ومتاعه فقدم وحمل‌الي الحسين.ثم قال لامراته: (أنت طالق، إلحقي بأهلك فإني لا أحب أن يصيبك سوء بسببي الاخير). وهذا هو البعد الظاهري من الرحلة.و كان زهير؛ ضمن اُسرة سياسية و اجتماعية وعائلية، مرتبطاً بمجموعة من العلائق المادية والسياسية والاجتماعية، ومحاطاً بسياج من العوائق المادية و السياسية و الاجتماعية، فحل‌ّ نفسه بحركة سريعة و قوية من هذه (العلائق) جميعاً، و تحرر منها، وأزاح هذه العوائق جميعاً من امامه، و التحق بالحسين (ع)؛ فأصبحت علائقه حسينية، ولكل‌ّ أسرة علائقها وعوائقها، و ولاؤها و براءتها. ولا تخلو أسرة حضارية من هاتين الخصلتين في الجاهلية و الإسلام، و الحق و الباطل.و قد كان هوي زهير للاسرة الاموية فتحول الي الاسرة العلوية،و انقلب ولاؤه وبراءته وعلائقه وعوائقه من الاموية الي العلوية.و هذا هو البعد الباطني لهذه الرحلة، و هو جوهر هذه الرحلة، والذين تخلّفوا عن الحسين (ع) في هذه الرحلة، كانوا متخلفين في الرحلة الاخري داخل نفوسهم، و ما لم تتم للإنسان هذه الرحلة الشاقة في داخل نفسه لايتوفق الي الرحلة المماثلة لها في ساحة الصراع.وتلك الرحلة هي الهجرة الكبري، امّا الرحلة في ساحة الصراع، وعلي‌وجه الارض فهي الهجرة الصغري في حياة الإنسان.و الهجرة الكبري هي الاساس للهجرة الصغري، وإن الجهاد الاكبر هو أساس النجاح في الجهاد الاصغر.و لا يزال الخطاب الحسيني (: فليرحل معنا) يدوّي في التاريخ، في آذان الخائفين و المستضعفين، يدعوهم الحسين (ع) أن يرحلو من دنياهم الي دنياه، من دنيا الخنوع و التهافت علي حطام الدنيا، و حب الدنيا الي دنيا العزّ و الترفع عن حطام الدنيا والزهد في الدنيا.و لا تزال قافلة الحسين (ع) تتحرك وتقطع اشواطاً في طريق ذات‌الشوكة، يلتحق بها ناس آثروا الآخرة علي الدنيا ورضوان الله علي حطام‌الدنيا، ويتخلف عنها ناس طال املهم في الدنيا فاثّاقلوا الي الارض.

الكلمة الثامنة (معنا)

وليهنأ اصحاب الحسين (ع) بمعيّة الحسين في هذه الرحلة، وقد كان الناس يقولون عندما كانت الرحلات الطويلة شاقة و خطرة و عسيرة:(الرفيق قبل الطريق).و طريق كربلاء، طريق شاق وعسير وطويل، ليس في ذلك شك.و طريق صاعد، وعر، كثير المزالق.يبدا من نقطة الانا و ينتهي الي الله تعالي، ومن الدنيا الي الآخرة، ومن‌التعلّق بالدنيا الي التجرد و الترفع عن الدنيا، وتكثر المزالق والمخاطر علي‌هذا الطريق. و يكثر المعرضون عنه و يقل‌ّ روّاده، ولكن (معيّة)الحسين (ع) علي هذا الطريق تخفّف من متاعب الطريق، و تؤمّن للإنسان‌سلامة الحركة و الوصول الي الغاية.و في كل طريق صعب وشاق يحتاج الانسان الي (دليل) و (قدوة).و مهمة (الدليل) هو التوجيه والدلالة. كما تشير اللوحات الموضوعة‌علي مفارق الطرق الي الجهات التي يقصدها الروّاد.و الطرق السهلة واليسيرة لا يحتاج فيها الإنسان الي أكثر من (دليل).و امّا الطرق الصعبة فيحتاج الإنسان فيها بالإضافة الي الدلالة الي (القدوة) التي تتقدمه وتتحرك معه و امامه، وتبعث في نفسه القوة و الثقة،لئلا يتعب، و لئلا يياس، ولئلا يتمكن منه الرعب والخوف و التعب و الياس.و الحسين (ع) للسالكين علي طريق ذات الشوكة دليل و معلم اولاً،وقدوة وأسوة ثانياً، وكان يقول للناس عندما يستنصرهم: (و نفسي مع أنفسكم و اهلي مع اهليكم).ولست ادري ماذا في هذه الجملة: (فإني راحل مصبحاً إن شاء الله) من‌عزم و إرادة علي تغيير مسار التاريخ. و الاعمال العظيمة تحتاج الي إرادة حاسمة و عزم؟ و العزم دليل القوة، كما أن التردد في العزم دليل العجز.يقول الإمام الصادق (ع): «ما عجز جسم عمّا قويت عليه النية».ولست أدري ماذا اودع الله في هذه الرحلة بهذه الكوكبة الصغيرة من المؤمنين من التاييد والتسديد والتوفيق والنصر؟ فقد غيّرت هذه الرحلة علي بساطتها مسار تاريخ الحضارة الإسلامية، ولولا هذه الرحلة لتمكن بنو امية من تغيير معالم هذا الدين وتحريفه، وتقديم صورة أخري للإسلام هي اقرب الي بطر الملوك وإسرافهم منه الي دين الله.و لو تغيّر هذا الدين لتغيّر مسار الحضارة البشرية

ان شاء الله

وهي النقطة العاشرة في هذا الخطاب الحسيني.في هذه الجملة نلمس إرادتين تندك إحداهما في الاخري. و لا يكتسب العمل قيمته الحقيقية إلاّ بحضور هاتين الإرادتين معاً، واندكاك احداهما في الاخري.الإرادة الاولي هي إرادة العبد، والإرادة الثانية هي إرادة الله تعالي،و تذوب الاولي في الثانية.إن الإنسان (خليفة) الله، ينفّذ مشيئة الله و إرادته علي وجه الارض في‌عمارة الارض، وإصلاح الإنسان من خلال إرادته و اختياره، من دون ان‌يفقده ذلك حرية الاختيار والقرار.وهذا هو الفارق بين (الآلة) و (الخليفة) كل منهما يحقّق إرادة الطرف الآخر، ولكن الآلة تحقق إرادة الطرف الآخر دون اختيار و إرادة،و (الخليفة) يحقق إرادة الطرف الآخر من خلال إرادته واختياره.و الجماد و النبات و الحيوان أدوات مسخرات لتحقيق إرادة الله تعالي‌ومشيئته، وفق قوانين إلهية ثابتة في الطبيعة، ولكن من دون إرادة‌واختيار.و أمّا الإنسان فهو خليفة الله تعالي، خلقه الله تعالي و اكرمه بخلافته علي وجه الارض: (قال... إني جاعل في الارض خليفة) ليقوم بتنفيذ مشيئة الله و إرادته علي وجه الارض، ولكن من خلال إرادة الانسان نفسه‌ومشيئته، لا من دون إرادة و اختيار.وفي هذه الفقرة من خطاب الحسين (ع) نلمس نحن هذه الحقيقة بشكل واضح.فهو يقول اولاً:«فإنّي راحل مصبحاً».في هذه الجملة تبرز (الانا) و (الإرادة الإنسانية) بصورة واضحة.«إني ـ راحل».ولكن الجملة الثانية:ـ «إن شاء الله»تاتي مباشرة بعد الجملة الاولي، لتكفكف من بروز (الانا) في الجملة‌الاولي و لتوجّه (الانا) و (الإرادة) للاندكاك في إرادة الله تعالي، ولتوظّف‌الانا وإرادته في تنفيذ إرادة الله و مشيئته.إن الحسين (ع) هنا، يعبّر في الجملة الاولي: (فإني راحل) عن عزم و إرادة لاحدّ لهما في التضحية والفداء. وهذه التضحية تنم‌ّ وتنبع عن(إرادة قوية و صارمة).وهذه الإرادة تُبرز بصورة قهرية (الانا)، وتركّزه في رحلة‌الحسين (ع) الي الله تعالي، و لاشك ان (الانا) تبرز هنا في ساحة طاعة اللهتعالي، وليس في ساحة الشيطان، و ليس تركيز الانا وبروزه في ساحة‌طاعة الله، كتركيز الانا و بروزه في ساحة الشيطان.إلاّ ان الحسين (ع) ماض‌ٍ في هذه الرحلة الي الله تعالي، و يريد ان يتجرّد عن (الانا) حتي في ساحة طاعة الله، و لا يريد أن يأخذ معه‌ُ (الانا)الي الله تعالي، فإذا عزم علي الرحيل الي الله يقول:(إن شاء الله)، ويربط مشيئته بمشيئة الله، و يصهر إرادته و اختياره في إرادة الله، و يوظّفها لتنفيذ مشيئة الله تعالي و إرادته.و نحن نمر بهذه الجملة من الخطاب الحسيني و نشعر بالرحيل،و نشعر بمشيئة الله، ولكن لا نجد بينهما (الانا).و ما اشبه موقف الحسين (ع) في هذه الجملة بموقف ابيه إسماعيل (الذبيح الاول) عندما عرض عليه ابوه إبراهيم خليل الله أن يذبحه، كماأراه الله تعالي ذلك في المنام!(فلما بلغ معه السعي قال: يابني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري).(قال: يا ابت افعل ما تؤمر، ستجدني ان شاء الله من الصابرين).إن في جملة: (يا ابت افعل ما تؤمر) التي نطق بها إسماعيل (ع) في سن المراهقة من التضحية، و الفداء، و العطاء، و البذل، و اليقين، و الشجاعة،و الحزم، و القوة، و الصبر، و مقاومة الهوي، و التنكر للذات، والترفع عن الدنيا، و الإقبال علي الله، و الإعراض عن الدنيا، و الإخلاص لله، و العزوف عن غير الله، و ما لست ادري من القيم الانسانية، ما لا حدّ له.ولكن في هذه التضحية والعطاء تبرز (الإرادة)، و من خلال الارادة يبرز (الانا).وهو ما لا يريد ذبيح الله إسماعيل (ع) ان ياخذه معه في رحلته الي الله.صحيح أن (الانا) يبرز هنا في ساحة طاعة الله، وليس في ساحة الطغيان و الهوي و الشح والبخل و الضعف و الجبن وحب الدنيا.ولكن هذه الساحة وما فيها يجب ان يكون كله لله تعالي، و ليس لإسماعيل (ع) فيها شي‌ء، و إسماعيل (ع) لا يريد ان يدخل هذه الساحة الربانية محمّلاً بـ (الانا) و مثقلاً بـ(الانا). بل يريد ان يتخفف عن ثقل الانا، ويندك‌ّ و تندك‌ّ إرادته وفعله وتضحيته في مشيئة الله تعالي و إرادته،وكانه (وليس كانه بل تحقيقاً) ليس له دور ولا أثر ولا فعل ولا فضل في هذه التضحية النادرة، وإنما كل ذلك لله تعالي و بمشيئة الله و إرادته،و بفضله و رحمته و هو كذلك، فيقول:(ستجدني إن شاء الله من الصابرين).فتشعر بالتضحية والعطاء العظيم، وتشعر بمشيئة الله تعالي و فضله و رحمته علي إسماعيل بهذه التضحية، و يختفي إسماعيل (ع) ويختفي ظلاله تحت كلمة (إن شاء الله) حتي لا تكاد تشعر به، رغم ضخامة التضحية و عظمة الفداء.صلّي الله عليك يا ابن إبراهيم خليل الرحمن تضاءلت أمام عظمة الله،فعظّمك في محكم كتابه، وذبت في مشيئة الله فأبرزك الله تعالي في قرآن عظيم يتلوه الناس ليلاً و نهاراً عبر القرون: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه‌كان صادق الوعد و كان رسولاً نبياً وكان يامر اهله بالصلاة، و الزكاة، وكان عند ربّه‌مرضياً).و لقد كان مشهد هذه التضحية الفريدة في التاريخ صغيراً في الارض عظيماً في السماء. ولقد اجتمع الملائكة يومئذٍ عند هذا المشهد العظيم،ليروا أن ابا الانبياء إبراهيم (ع) قد اضجع فلذة كبده إسماعيل علي الارض،و تلّه للجبين، و اهوي بالسكين علي نحره ليذبحه، و إسماعيل مستسلم لامر الله لا يضطرب و لا يتحرك، ولم يشهد يومئذٍ هذا المشهد العظيم علي الارض من الناس أحدٌ؛ فضجّت الملائكة الي الله تعالي يدعون الله الرحمن الرحيم أن يفدي إسماعيل بذبح عظيم.ولقد كانت الدنيا يومئذٍ غارقة في ظلمات الكفر و الجهل. ومن بين‌هذه الظلمات كان يرتفع عمود من النور من وادي مِني الي السماء،يجتمع حوله ملائكة الله ليروا مشهد هذه التضحية العظيمة، تضحية الابن و تضحية الاب.ولست أدري أيهما كان اعظم عند الملائكة يومئذٍ، و هم يشهدون هذا المشهد العظيم: تضحية الاب بابنه، ام تضحية الابن بنفسه علي يدابيه؟ثم أيهما كان أعظم لدي الملائكة، هذه التضحية النادرة و العجيبة من ذلك الشاب اليافع المراهق إسماعيل (ع)، ام تعليق ذلك كله علي مشيئة الله:(ستجدني إن شاء الله من الصابرين)؟ولكن مهلاً يا ملائكة ربّي لا تسجّلوا المثل الاعلي لهذا الوالد و ما ولد (ع) وتريّثوا حتي ياتي الله من ذرية هذا الاب وابنه في كربلاء، بابي الشهداء يحمل رضيعه علي يده وهو يتلظي عطشاً، ويطلب له الماء فيرميه الخبيث حرملة بن كاهل الاسدي بسهم فيذبحه من الوريد الي‌الوريد علي يده أبيه!فيضع الحسين كفّه تحت نحر الطفل، ويرمي بدمه الي السماء لئلاينزل غضب الله علي الارض.ثم لا يستعظم شيئاً من فعله، ولا يكبر شيئاً من تضحيته و عطائه، و لايدخله العجب بشي‌ء من هذا البذل العظيم في سبيل الله، ويري أن كل ذلك‌من الله، و بمشيئة الله تعالي، وبفضله، ورحمته، وليس له في ذلك دور أوشان، و إنما الشان كل الشان لله تعالي وحده، وهو منفّذ لامر الله تعالي فقط‌فيقول: «إني راحل مصبحاً إن شاء الله». ويقول يوم عاشوراء، في ساحة التضحية والفداء: «اللهم إن كان هذا يرضيك، فخذ حتّي ترضي».

تأملات في الخطاب الحسيني يوم عاشوراء

اشاره

«سللتم علينا سيفاً لنا في ايمانكم، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها علي عدونا وعدوكم. فأصبحتم إلباً لاعدائكم علي اوليائكم، بغير عدل أفشوه منكم، و لا امل اصبح لكم فيها».هذا خطاب الحسين (ع) للناس يوم عاشوراء. و هو خطاب عجيب،خاطب به الناس في تلك الساعة الحرجة قبل ان يسلّوا عليه السيوف،يحمل هذا الخطاب ما لا حد له من الاسي و الحسرة علي اولئك الناس‌الذين سلّوا سيوفهم بوجه ابن بنت رسول الله (ص) و سوف اتحدث عن جملة من النقاط في هذا الخطاب.

سللتم علينا سيفا في ايمانكم‌

الناس علي خارطة الصراع ثلاث طوائف:الاولي والثانية طرفا الصراع والثالثة الفئة المتفرّجة علي ساحة الصراع، المتخلّفة عن الحق، وهي شريحة واسعة من المجتمع.امّا الاولي والثانية فهما يدفعان ضريبة الصراع، و ضريبة الصراع ان تتساقط الايدي والرؤوس، وهي تعم‌ّ طرفي الصراع علي نحو سواء، و لايختص بجانب (الحق) او (الباطل)، وهذه سنّة الله تعالي في كل صراع،يقول تعالي: (إن تكونوا تالمون فإنهم يالمون كما تالمون، وترجون من الله ما لايرجون).و يقول تعالي: (إن يمسسكم قرح فقد مس‌ّ القوم قرح مثله، و تلك الايام نداولها بين الناس).و يتميّز جانب الحق في هذا الصراع، بتاييد الله تعالي و إسناده تعالي و نصره لهم في الصراع، وقد وعد الله تعالي المؤمنين بذلك، يقول تعالي:(إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم) (كتب الله لاغلبن انا و رسلي).و هو ما يرجوه المؤمنون من الله في ساحة الصراع (و ترجون من الله مالا يرجون).و لهذا الرجاء اثر في تطمين ودعم نفوس المؤمنين في ساحة المعركة. امّا النصر الإلهي فهو الذي يقرّر نتيجة الصراع لصالح المؤمنين.هذا عن الفئتين المتقاتلتين.وأمّا الفئة الثالثة فهي فئة معقّدة، شديدة التعقيد، سهلة الانزلاق الي جانب الباطل مكشوفة للعدو.وهذه الخصائص تجعل هذه الفئة معرّضة للانزلاق الي جانب الباطل في كل حال.وهؤلاء هم الذين يخاطبهم الحسين (ع) في يوم عاشوراء، فقد غمد هؤلاء سيوفهم في ايام علي (ع) والحسن (ع)، وتخاذلوا عن نصرة علي (ع) في صفين، و عن نصرة الحسن (ع) بعد ذلك، حتي التجا الإمام الحسن (ع)،لان يهادن معاوية للإبقاء علي من تبقي من شيعة أبيه علي (ع).فلمّا غمدوا سيوفهم عن نصرة علي (ع) والحسن (ع) سلّها معاوية،و بعده يزيد في وجه الحسين (ع) يوم عاشوراء.ولم يطل الغمد بهذه السيوف، فإن ساحة الصراع ترفض المتفرجين و المتخلّفين، ومن لم يقف مع الحق في ساحة الصراع، وآثر العافية علي ضرّاء القتال لابد ان يقف الي جانب الباطل في وقت قريب، فإن مواقف‌انصار الحق ثابتة وحصينة لا ينال منها العدو، و مواقف المتخلفين سهلة الانزلاق الي جانب العدو، ومكشوفة لهم، يسهل لهم، الوصول اليها،و إغراؤهم و استمالتهم اليهم، أو إرهابهم و إرعابهم علي مثل هذا الانقلاب الي جهة الباطل.ومن هنا نقول: إن مواقع الناس في ساحة الصراع تؤول الي موقعين في النتيجة النهائية: اما الوقوف الي جانب الحق، ولاءً، و براءة‌ً، واما الوقوف الي جانب الباطل من الولاء والبراءة، كذلك.هؤلاء هم الذين يخاطبهم الحسين (ع) في كربلاء:غمدوا سيوفهم عن اخيه الحسن (ع) من قبل، وها هم يسلّون سيوفهم عليه اليوم في كربلاء.فيقول لهم:سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم..و السيف: القوة، وقد كان العرب قبل الإسلام امّة معزولة في الصحراء عن العالم، ضعيفة، لا قوة لها و لا سلطان و لا مال، فمكّنهم الإسلام من القوة و المال، و حمّلهم رسالة التوحيد، وفتح لهم مشارق الارض و مغاربها، و جعلهم سادة و أئمة و حكّاماً علي وجه الارض.و الشام كانت يومئذٍ مركزاً لهذا السلطان الذي جاء به الإسلام الي العرب، وكانت الشام تبسط نفوذها السياسي و العسكري علي أجزاء واسعة من آسيا و أفريقيا.فيقول لهم الحسين (ع) في كربلا، يوم عاشوراء:إن الله هداكم بجدّي رسول الله و رزقكم به (ص) هذا السلطان الواسع علي وجه الارض. وجعلكم به أئمة وسادة في الارض.. فهذا السلطان (السيف) لنا في أيمانكم،ولكنكم تخاذلتم من نصرة ابي و اخي من قبل وغمدتم سيوفكم عن نصرتهم، وها أنتم‌اليوم تسلّون السيف الذي جعله رسول الله (ص) في أيمانكم، بوجه ابن بنت رسول الله و تقاتلونه به.و قد كان أحري بكم ان تقاتلوا بهذا السيف معاوية بن ابي سفيان من قبل الي جانب ابي واخي، ويزيد بن معاوية اليوم الي جانبي.

وحششتم علينا نارا اقتدحناها علي عدونا وعدوكم‌

ما هي هذه النار التي يتحدث الحسين (ع) عنها يوم عاشوراء؟و من اقتدحها؟و أين اقتدحها؟هذه النار هي انفجار النور الهائل في جزيرة العرب، و كانت تحمل الي البشرية وهجاً ساطعاً، انار قلوب الناس و عقولهم في الشرق و الغرب،و دخل كل بيت، وبهذا النور اذهب الله عن الناس ظلمات الجاهلية؛فتحول هذا النور الي إيمان و إخلاص و عطاء و يقين، و قيم، و تضحية و صلاة، ودعاء، والي مدارس للعلم ومساجد للعبادة، انتشرت علي وجه الارض، والي ثورات و حركات للمظلومين علي الظالمين، كما اُحرقت‌هذه النار عروش الطغاة و الجبابرة في فارس و الروم و مصر، وكسرت الاغلال و القيود من معاصم الناس و أقدامهم، و أطلقتهم من أسر الظالمين.واقتدح رسول الله (ص) هذه النار في جزيرة العرب، ثم‌عمّت الدنيا كلّها، فلم يمض علي هذه القدحة خمسون سنة؛ حتي كانت هذه النار تنير مشارق الارض و مغاربها.اقتدحها رسول الله (ص) في هذا الوسط الجاهلي من جزيرة العرب،و لم ينتق لهذه الدعوة طبقة معينة، و انما فجّر كوامن الفطرة والعقل في‌نفوس من استجاب منهم لهذه الدعوة، و جعل منهم قوة هائلة هزمت جيوش الفرس والروم، واطاحت بعروش كسري و قيصر.تماماً كما يستخرج المهندس من صخرة معتمة باردة النور و الحرارة، و كما تعطينا الخشبة المعتمة الباردة النور والحرارة.كذلك فجّر رسول الله (ص) كوامن الفطرة والعقل والضمير في نفوس هؤلاء الناس الخاملين في الجزيرة فجعل منهم قمماً في الصلاح والتقوي‌والقوّة والصمود والإيمان والخشوع، استطاعوا فيما بعد ان ينشروا هذه‌الدعوة علي وجه الارض، ويكونوا سادة وائمة وقادة للبشرية، بعد أن‌كانوا منزوين عن الحضارات في رقعة صحراوية غير ذات زرع.اجل، ثم لم يمض خمسون سنة علي وفاة رسول الله (ص) الذي اقتدح هذه النار فيهم ليحرق بها عروش الظالمين، حتي حرق الناس بهذه النار ابيات آل رسول الله (ص)، و حرقوا بها باب علي و فاطمة، و حرقوا بها خيام اهل بيت رسول الله (ص) في كربلاء.فاي‌ّ حق اضاعه هؤلاء الناس؟وكيف ردّوا لرسول الله (ص) الجميل؟يا حسرة علي العباد!!وقد قال الله تعالي لهم: (قل لا اسالكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربي).

فاصبحتم البا لاعدائكم علي اوليائكم‌

وهذه هي الردّة الثانية، و هي اعظم من الاولي. و تحدّث الإمام (ع) عن‌الردّة الاولي في قوله (ع): «سللتم علينا سيفاً لنا في ايمانكم...» في الردّة الاولي تحوّلت السيوف من جانب اهل بيت رسول الله الي جانب اعداء اهل‌البيت و خصومهم، و قد حدّدها الفرزدق عندما التقي بالحسين (ع) في‌الطريق الي العراق بشكل دقيق حيث قال للإمام (ع): «قلوبهم معك و سيوفهم عليك». وهو تشخيص دقيق للحالة النفسية والسياسية للناس يومئذٍ؛ فقدكانت قلوبهم مع الحسين (ع) حتي ذلك الوقت، ولكن مواقفهم السياسية كانت لبني اُمية.. وهذه هي البداية، وهي الردّة الاولي.و الحالة السوية أن تتوافق القلوب و السيوف في جانب الحق‌ّ فإذا تخالفت السيوف والقلوب فتلك هي المحطة الاولي للردّة.و المحطة الثانية للردّة، هي أن تتوافق القلوب و السيوف علي عداءو قتال أهل البيت (ع).و هذا هو الذي يحدّثنا عنه الإمام (ع) في هذه الفقرة:«فأصبحتم إلباً لاعدائكم علي اوليائكم».والإلب: القوم يجمعهم عداء واحد.ولابد من توضيح وشرح لهذه الكلمة:إن (الاُمة) مجموعة من الناس، يجمعهم ولاء واحد و براءة واحدة،و هذا هو اسلم وادق‌ّ تعبير للامة.وهذه الامة يجمعها الولاء لله و لرسوله و لائمّة المؤمنين (إنّما وليكم‌الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون) فمن يقبل بهذا الولاء، فهو من هذه الاُمة، ومن يرفض هذا الولاء او بعضه،فليس من هذه الاُمة.و تجمع هذه الاُمة براءة من الطاغوت الذي امرنا الله تعالي ان نكفربه، و براءة من المشركين؛ فمن تبرا منهما دخل في هذه الامة، و من لم يتبرا منهما لم يدخل في هذه الاُمة: (ان اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت).فيقول لهم الإمام (ع) يوم عاشوراء: لقد كانت تجمعنا بكم براءة واحدة من اعداء الله، وعداء واحد لهم، وولاء واحد لاولياء الله، و قد اصبحتم اليوم: (إلباً لاعدائكم علي اوليائكم).يجمعكم بأعدائكم العداء لاوليائكم، بعكس ما يجب ان يكون تماماً. و الحالة السويّة ان يجمعكم باوليائكم العداء لاعدائكم، و هذه ردّة كاملة بعد الردّة الاولي، وهي المحطة الثانية من الردّة، و هو تعبير دقيق جداً لحال الناس الذين خاطبهم الحسين (ع) في عاشوراء.و هذا هو الانقلاب في بؤرتي (الحب والبغض) او (الولاء و البراءة).و هو أقصي درجات الردّة في شخصية الانسان.

بغير عدل افشوه فيكم و لا امل اصبح لكم فيهم‌

يقول لهم الإمام (ع): إن‌ّ الذي تغيّر هو القلوب، تحولت من الهدي الي الضلال، ومن أولياء الله الي أعداء الله، وانقلبت من الولاء الي البراءة، و من البراءة الي الولاء دون أن يتغيّر بنو امية عمّا كانوا عليه.«بغير عدل افشوه فيكم»:هاهم بنو امية يمارسون الظلم، كما كانوا يمارسونه من قبل، و امعنوا في الظلم و الضلال، وأسرفوا علي أنفسهم في ذلك ايّما إسراف.فلم يحدث انقلاب في واقع بني امية، إنما الذي حدث ردّة في القلوب، من محور الولاء الي البراءة، ومن محور البراءة الي الولاء. فإن هؤلاء الناس انقلبوا من ولاء اهل البيت الي ولاء بني أمية، دون أن يتغيراهل بيت الرسالة: عمّا كانوا عليه من الهدي و الصلاح، او يتغير بنوأمية عمّا كانوا عليه من الضلال والظلم.ولكن الناس انقلبوا من البراءة من بني أمية الي البراءة من اهل‌البيت (ع) و قتالهم، ومن الولاء لاهل البيت: الي الولاء لبني أميّة.«و لا امل اصبح لكم فيهم»:و كما لم يكن هذا الانقلاب بسبب حصول انقلاب في بني أمية من الظلم الي العدل، كذلك لم يكن بسبب أن‌َّ الناس اصبح لهم أمل في عدل بني أمية بعد ذلك.اذن، لم ينخدع الناس ببني اُمية حينما والوهم، و قاتلوا أعداءهم و خصومهم.فإن لم يكن الناس مخدوعين، فماذا جري في نفوسهم حتي انقلبوا من آل رسول الله الي آل اُمية؟ إن‌َّ الذي حدث هو أن بني اُمية اذلّوهم بالإرهاب و الطمع.و فرق بين الخداع والإذلال؛ فإن‌ّ الذي ينخدع بعدوّه: يُحِب‌ُّ عدوه و يواليه و يحارب اعداءه خطاً، وهذا عجز في الوعي و المعرفة، و ليس ذُلاًو عجزاً في الكرامة. و اما الذي يوالي عدوّه ويعطيه سيفه وماله ثم يعطيه قلبه وحبه وهو يعلم انه له عدوّ فهذا هو الذل‌ّ بعينه و انعدام الكرامة.و هذا لن يكون في امة إلا بالإذلال، والإذلال قد يكون بالإرهاب و القوة، و قد يكون بالمال والذهب.و قد استعمل بنو أمية كلا الامرين: الإذلال بالقوّة و الإرهاب و الإذلال بالمال و السلطان فأذلوا الناس، نعم استعملوا التغرير والاعلام والخداع، إلاّ أن إسرافهم في الظلم و الترف و المعصية كان اظهر من أن يخفي علي احد.

ويحكم، اهولاء تقصدون و عنا تتخاذلون؟

وهذه اعجب ردّة في حياة الإنسان؛ ينقلب فيها الإنسان علي نفسه،فيحب عدوّه و يعادي وليّه، وهو بمعني أن ينسي الإنسان نفسه.لان‌ّ نفس الإنسان حب وبغض، يحب اولياءه يبغض أعداءه، فإذا نسي الإنسان نفسه، نسي من يجب ان يحب و من يجب ان يبغض،و اعظم من ذلك ان ينقلب عنده الحب والبغض، فيحب عدوّه و يبغض وليه.و هذه الحالة هي التي يعاقب الله بها الذين ينسونه، فينسيهم أنفسهم (نسوا الله فانساهم انفسهم).و الذين خاطبهم الحسين (ع) يوم عاشوراء، كانوا من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، ونسوا حبهم وبغضهم، فأحبوا بني اُمية، وكان عليهم أن يعادوهم، لما جنت ايديهم من الظلم والعصيان، وقاتلوا اولياءهم الذين‌امر الله تعالي المسلمين بمودّتهم و اتباعهم في آيات محكمات من‌كتابه.و لست أدري ماذا في هذا الخطاب من الم يعتصر قلب الإمام (ع)؟الم نابع من الإشفاق عليهم لهذه الحالة التي وصلوا اليها من البؤس، و ليس لان‌ّ الإمام فقد نصرتهم له في محنته.

يا عبيد الامة و شذاذ الافاق (الاحزاب)

هذه اخلاقية العبيد، إن العبيد ولاؤهم لمن يشتريهم، ليس لولائهم اصل ثابت، فمن يشتريهم من سوق النخاسة يستحق ولإهم، كانوا يحبونهم ام يحقدون عليهم، فيتحول ولاؤهم من مولي الي مولي في سوق‌النخاسة في لحظة واحدة، عندما يدفع المولي الجديد الثمن الي المولي‌القديم، و عندما يدفع المولي القديم السوط الي المولي الجديد.إنهم في ساعة واحدة ينسون ولاءهم وحبهم القديم، ليقدّموا الي المولي الجديد ولاءهم الجديد.(وشذّاذ الاحزاب) إن‌ّ الناس ولاؤهم لاحزابهم، في السرّاء و الضرّاء، و في الهزيمة و الانتصار، ولكن شذّاذ الاحزاب، ولاؤهم للمنتصر دائماً،حقاً كان ام باطلاً.و هذه حالة ولاء سياسية عائمة، لها مدلولات نفسية خطيرة، تكشف عن فقدان الاصالة والقيم في النفس، و التبعية المطلقة للمنتصر و القاهر،و الانسلاخ الكامل من الذات والقيم.

فسحقا لكم يا عبيد الامة، و شذاذ الاحزاب‌

وهنا يدعو عليهم الإمام (ع) بالبعد من رحمة الله، و السحق هو البعد،و الإمام (ع) ينطق هنا في هذا الدعاء عن سنن الله؛ ذلك ان لرحمة الله تعالي منازل في حياة الإنسان، تنزل عليه منها الرحمة، فاذا ابتعد الانسان عن هذه المنازل ابتعد عن رحمة الله، وهذه سنة الله في عباده، ولنتامل في هذه‌السنة: إن بين رحمة الله الهابطة علي الناس و منازل هذه الرحمة علاقة متبادلة.فالرحمة النازلة تُفَعّل مواضع نزولها، فإذا نزل المطر علي أرض اخضرت و أثمرت وأينعت وازدهرت وآتت اُكلها. وهذا هو فعل(الرحمة النازلة) بـ (مواضع نزولها).و مواضع الرحمة تستنزل الرحمة، و لا تنزل الرحمة علي مواضعها إلاّ إذا كانت مؤهلة لنزول الرحمة، و هذا التاهيل هو (الطلب التكويني) لرحمة الله بلسان الاستعداد، ولابد من هذا التاهل والاستعداد لقبول الرحمة حتي تنزل الرحمة، وبعكسه الإعراض عن رحمة الله، فإنه يدفع الرحمة ويُبعّدها. و الرحمة الإلهية نازلة لا تنقطع، ولكن هناك عوامل لاستقبال رحمة الله، تستنزل الرحمة، و عوامل لرفض رحمة الله.تاملوا في دعاء العبد الصالح نوح (ع) علي قومه: (و قال نوح رب‌ّ لا تذرعلي الارض من الكافرين دياراً، إنّك إن تذرهم يُضلّوا عبادك و لا يلدوا إلاّ فاجراً كفّاراً).وهو دعاء عجيب، ينطق فيه نوح (ع) بسنن الله في نزول الرحمة و انقطاعها، لقد نضب فيهم كل استعداد لقبول الخير، وكل استعداد بطلب‌الرحمة: (ولا يلدوا إلا فاجراً كفّاراً) فعلي ماذا تنزل رحمة الله؟إن لرحمة الله تعالي في حياة الانسان منازل تتنزّل عليها، فإذا انعدمت هذه المنازل و نضب معينها في نفس الإنسان، فلا يبقي لرحمة الله تعالي موضع في حياة الإنسان، فيستحقون عندئذٍ البعد من رحمة الله.و الحسين (ع) يدعو الله تعالي علي أولئك الناس يوم عاشوراء؛ لان‌هذه القلوب فقدت كل‌ّ القيم التي هي منازل الرحمة في نفوسهم، فلم يبق‌لنزول رحمة الله موضع في نفوس هؤلاء و حياتهم، فيقول لهم: (فسحقاً ياعبيد الاُمة).

غدر قديم و شجت عليه اصولكم‌

في هذه الحالة يتحول الشر من حالة طارئة عارضة الي حالة أصيلة عريقة داخل النفس، وكما ان للخير عراقة وأصالة كذلك للشر عراقة واصالة، وجذور الخير تمتد الي الفطرة والعقل والضمير والقلب، وجذورالشر تمتد الي الهوي، وعندما يتاصّل الشر و الهوي في النفس يفقدصاحبه كل منابع الخير في نفسه، وتنضب في قلبه وضميره و عقله و فطرته كل جذور الخير وأصول الخير.و يدخل عامل الوراثة في تاصيل حالة الخير و حالة الشر معاً. و لست اقول: إن الوراثة عامل قهري في تاصيل الخير والشر، ولكن اقول: إن عامل الوراثة له دور هام في تاصيل الخير والشر.إن الوراثة تنقح الخير و تنقح الشر، ولكن من دون إجبار و قهر.و من هنا فإن البشرية تنشطر الي شطرين: الشجرة الطيّبة و الشجرة الخبيثة، كل منهما شجرة، و للشجرة جذور و ثمار، و تتشابه الجذور و الثمار في الشجرة، إن الجذور أصل الشجرة والثمار فرعها، و الشجرة واسطة في نقل الخصائص من الجذور الي الثمار.و كذلك الشجرة الطيّبة والشجرة الخبيثة، كل منهما ينقلان الطيّب و الخبيث من الاسلاف الي الابناء فيتعرق في كل منهما الخير والشر.و بالتالي فهاتان الشجرتان تشكلان خطين في تاريخ البشر: خطّاً صاعداً، مستمراً في الصعود، وخطّاً هابطاً مستمراً في السقوط. الاسرة‌النمرودية في سقوط، والاسرة الإبراهيمية في صعود. والاسرة الموسوية في صعود، والاسرة الفرعونية في سقوط.و قانون الوراثة ينقّح هذا الصعود، وذلك الهبوط، لا ينقل فقط‌خصائص الخير والشر من الاسلاف الي الابناء، و إنما ينقّحه و يصفّيه،و يفرز الشرّ عن الخير، ويفرز الخير عن الشر، وكلما يمر الزمن علي هاتين الاسرتين تتسع الفاصلة بينهما، حتي إذا خلصت نفوسهم عن‌الخير، و نضب معين الخير في نفوسه، نزل عليهم العذاب؛ لانهم لايستحقون الرحمة عندئذٍ كما حدث في عهد نوح (ع). و الذي حدث في‌عهد نوح (ع) يحدث في اي وقت آخر؛ فتنتهي الاسرة الخبيثة و تسقط،فتبدا دورة جديدة من التاريخ.إن قانون الوراثة ينقل خصائص الطيّب و الخبيث من جيل الي جيل،و ينقّح الطيّب و الخبيث معاً.و الي هذا القانون، (قانون الوراثة) يشير الإمام الحسين (ع): «اجل و الله غدر فيكم قديم، وشجت عليه اصولكم، وتازّرت عليه فروعكم، فكنتم اخبث ثمر،شجي للناظر و أكلة للغاصب».(وشجت: اشتبكت، تازرت: هاجت).يقول لهم الإمام (ع): إن هذا الغدر والخبث فيكم أصيل و عريق، ورثه الابناء من الآباء، اشتبكت عليه أصولكم وتازّرت وهاجت و تفتحت عليه فروعكم، فأنتم أخبث ثمر للشجرة الخبيثة.و يبقي أن نضيف الي هذا: أن الوراثة هنا، في القيم والسلوك لا ينطبق مع الوراثة الحياتية (البايولوجية)، وقانون الوراثة الحياتية لا ينطبق بالضرورة علي قانون الوراثة في القيم و السلوك والافكار.و قد يتخالفان تماماً، كما حدث ذلك في ابن نوح (ع). إن وراثة العمل، و هي غير الوراثة البايولوجية، و تعبير القرآن عن ابن نوح (ع) تعبير دقيق،(إنّه عمل غير صالح)، و إن كان من ذرية نوح (ع)، وهو إمام الصالحين.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.