الحسين علیه السلام ريحانة النبي صلي الله علیه و آله و سلم بطل الاسلام الخالد

اشارة

عنوان و نام پديدآور : الحسين ريحانه النبي صلي الله بطل الاسلام الخالد/كمال معاش

مشخصات نشر : قم: ناجي جزائري، 1427ق=2007م=1386.

مشخصات ظاهري : 301ص.

وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي (اطلاعات ثبت)

شماره كتابشناسي ملي : 1197035

الاهداء

إلي من بكتْ عليه ملائكةُ السماء.إلي من بكتْ عليه السمواتُ العلي.إلي من بكت عليه الجنُّ والإنسُ والوحشُ في الفلا.إلي من ضريحه مبعث العَبرة والبكاء.إلي من نظر إليه الرسول (ص) ففاضتْ عيناهُ بالدموع.إلي من أصبحِ قبلة الرزايا.إلي من قبَّل ثغره خاتم الأنبياء.إلي من صار كتف النبي (ص) له مرتقي.إلي من تربته جُعلت للشفاء.إلي من هو سفينة للنجاة.إلي من تزيّن عرش الله باسمه.إلي من غدا مدرسة للعظماء.إلي من تحت قبته يستجاب الدعاء.إلي من مرقده للآمال يرتجي.إلي أبي عبد الله وسيد الشهداء.أهدي هذا المجهود المتواضع رمزاً للولاء.فسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.

المقدمة

أهزوجة حب لقمر كربلاءما سر هذا الألق الروحي الجاذب للنفوس النزّاعة لقدسية كربلاء... وكيف نفهم ما تعنيه ثورة سيّد الشهداء إذا لم نكن حسينيين قلباً قالباً..؟!ومن رحاب حبّ الشهيد الحسين (عليه السلام) تطلّ المحبّة الفوّاحة ناشرة ضياءها بين السطور، ساطعة أنوارها خلف الكلمات، توحي لمسطرها روعة ما قام به سبط النبي، وتصوّر لسريرته النقية هلع السرائر والحنايا من هول الفاجعة.ملحمة إنسانية روحانية لم يشهد لها التاريخ شبيهاً رقت درجات فوق مستوي الملحمة؛ لأنّها استمدت عزمها من عزمة عترة النبي وآل بيته الأخيار، فكانت هزَّة مهَّدت لثورة روحيّة تذكِّر المسلمين خاصّة والمؤمنين عامّة،بمعني أنه ينتصب المؤمن كالطود الصلب في وجه المتاجرين بالدين وموقظي الفتنة لأغراض دنيويّة ليست بذات قيمة حيال استمرارية صفاء الشريعة والسنّة قرناً بعد قرن مجللة بالغار وهادية بالحقّ؛ لأنّ خير الأمم أُمّة هُدِيتْ إلي الحقّ فهدت به... والتزمته بالعدل [1] .ومن هذا الفهم لأهمّيّة هداية الحقّ ننظر إلي اجتهاد الشيخ كمال معاش في كتابه (الحسين ريحانة النبي) حيث قدّم إضافة متواضعة لخدمة أهداف كربلاء ليكون من الحائزين لنعمة المنافحة عن هيوليّة

حركته العظيمة التي وزّعت سناها علي توالي القرون كما توزّع بلّورة صافية ضوء الشمس المنعكس عليها، فتتداعي إليها القلوب، وتشخص ناحيتها الأبصار... تيمناً بقول الرسول (صلي الله عليه آله): (إنّما مثلُ أهلِ بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك - أو غرق -) [2] .والمقصود في هذا القول الكريم ليس من ركبها ركوباً مادّياً في حينها أو تخلّف عنها في ساعتها، بل يشمل هذا المغزي كافّة الأجيال التالية التي تستلهم سيرة أهل البيت، وتسير علي هديها، فتكون كمن تركب سفينتها لتنجو في أي وقت صحت عزيمتها، ومن ينافح عن مصداقيّة حركة الحسين بقلمه وفكره ووجدانه بعد أربعة عشر قرناً من حدوث الملحمة يكون كمن شارك فيها حقاً، باسترجاعه لمبادئها ورفضه لمنطق الهدم، وبذلك يكون بمقياس المعني النبوي المقصود مشاركاً، كالقاسم وأخيه العباس وأخوته وآل عقيل وعابس والحجاج وسويد وبرير والحر وكل الذين جاهدوا جهاداً مادّياً إلي جانب الحسين، وسقوا غرسه الشهادة في صحراء كربلاء بدمائهم الزكية، وقد أخرج ابن ماجة وأبو يعلي عن الحسين (عليه السلام) قوله: سمعت رسول الله (صلي الله عليه آله) يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة وإن قدم عهدها فيحدث لها استرجاعاً إلاّ أعطاه الله ثواب ذلك).والمؤلف الشيخ كمال يهدي سطوره المتواضعة إلي من تربته جعلت للشفاء، إلي من نظر إليه الرسول (صلي الله عليه آله) ففاضت عيناه بالدموع، ويؤكّد في مقدّمته حقيقة خالدة بقوله: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن رجل حرب أو مجرّد بطل مواقف وميادين فحسب، بل نتج عن نهضته الرائدة مسيرة عباديّة جهادية سياسيّة تظللت في ظل مبادئ مقدسة مستوحاة من روح نصوص الشريعة الإلهية، وهذا القول يتّفق مع ما أوردته

في كتابي (الحسين في الفكر المسيحي) [3] ، من أن واقعة كربلاء لم تكن موقعة عسكرية انتهت بانتصار وانكسار، بل كانت رمزاً لموقف أسمي لا دخل له بالصراع بين القوّة والضعف، بين العضلات والرماح بقدر ما كانت صراعاً بين الشكّ والإيمان، بين الحقّ والظلم.يقول الحسين (عليه السلام): (إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي.. أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر). وفي هذا الإعلان انسجام الإنسان مع الحقّ، وقد آثر الحسين صلاح أُمّة جدّه الإنسانيّة الهاديّة بالحق، العادلة به علي حياته، فكان في عاشوراء رمزاً لضمير الأديان علي مرّ العصور، فاستشهاده وسيرته عنوان صريح لقيمة الثبات علي المبدأ ولعظمة المثالية في أخذ العقيدة وتمثلها.فالشكر كل الشكر للشيخ كمال معاش علي مسعاه، (وقُل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) [4] .انطون باراالكويت 27 / 7 / 2001 م

مقدمة المؤلف

عندما نتأمل شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) في التاريخ نراها شخصية متميزة سواء في أخلاقه أو أفعاله أو أقواله أو صمته أو مواقفه، كل ذلك يدفعنا إلي تأمّلات ثاقبة من خلال أحاديثه العطرة والتي هي بلسم للقلوب، لاشك أنّ القرآن الكريم معجزة النبي محمد (صلي الله عليه آله)، بينما الحسين (عليه السلام) هو صوت القرآن وحركته التي قادها وجسّدها علي أرض الواقع بطف كربلاء حركة قرآنية ورسالية وثورة إنسانية.ومن الخطأ أن نفكر بأنّ الحسين (عليه السلام) كان حكراً علي طائفة، وإنما هو إمام لكل المسلمين؛ لأنه استشهد من أجل دين الله، ودفاعاً عن حقوق العباد، بل هو حامل رسالة جده الحبيب المصطفي محمد (صلي الله عليه آله)، فهو للعالم أجمع بمختلف أديانه ومذاهبه وطوائفه وطبقاته، إنّه لملايين البشر؛ لأنّ

البشرية عقدتْ آمالها علي شخصيّته وإنسانيته (عليه السلام)، لأنّ رسالته رسالة إنسانية قبل كل شيء.ولم يكن الإمام الحسين (عليه السلام) رجل حرب، أو مجرد بطل مواقف وميادين فحسب، كما لم تكن واقعة كربلاء حادثة عابرة في التأريخ، وإنما اقترن الحسين (عليه السلام) وحركة نهضته الرائدة بهدف سام أعلي نتجت منه مسيرة عبادية جهادية سياسية تظللت في ظل مبادئ مقدسة مستوحاة من روح نصوص الشريعة الإلهية والرسالة المحمدية. لقد أراد الحسين (عليه السلام) أن يحررنا من عبودية الطاغوت إلي عبودية الله سبحانه وتعالي ليُعبِّر عن إرادته وكرامته، ولكي نتنفس الحرية بكل طلاقة كما قال أبوه علي (عليه السلام): (ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً) [5] .وقد سار الإمام الحسين (عليه السلام) علي نهج جده رسول الله (صلي الله عليه آله)، وأبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، لينقذ الأمّة من براثن الجهل والظلمات، إلي عالم النور.وبدورنا نقدم هذه الأوراق الحسينية المتواضعة إلي سيدي ومولاي حجة الله علي الأرض أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) ليكون لنا ذخراً وشرفاً وشفاعة في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.المؤلف6 / ذو القعدة / 1421ه_

شخصية الحسين

الإمام الحسين (عليه السلام) شخصية مثالية متميزة ليس لها في الوجود نظير، فقد تغذي في حجر جده المصطفي (صلي الله عليه و آله وسلم) العطف والحب والحنان، وفي ظل أُمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) وجد الأُمومة الرؤوفة، وهي مهجة قلب الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وترعرع مع أبيه علي (عليه السلام)، ومنه تلقي الرعاية والعناية والمعرفة، وعاش مع أُخوته وأولاده أعواماً مليئة بالحب المتبادل والاحترام المقدس.وبعبارة أُخري أنه تخرج من جامعة الحبيب المصطفي م_حمد (صلي الله

عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، حيث شملتهم العناية الإلهية بقول_ه تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً [6] .وحديث الكساء أكبر شاهد علي مكانتهم ومنزلتهم عند الله تعالي، وكتب وأحاديث أهل السنة تصرح بذلك والتي منها: عن أُم سلمة أنَّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) جَلَّلَ علي الحسن والحسين وعليٍّ وفاطمة كساءً، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتي، أذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: إنكِ إلي خير. قال: هذا حديث حسن، وهو أحسن شيءٍ رُويَ في هذا الباب [7] .وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن فاطمة الزهراء (عليها السلام): قالت:... فقال الله عز وجل: يا ملائكتي ويا سُكانَ سماواتي إنِّي ما خلقتُ سماءً مَبنْيَّةً ولا أرضاً مَدْحِيَّةً ولا قَمَراً مُنيراً ولا شَمْساً مُضيئةً ولا فَلَكاً يَدُور ولا بَحْراً يَجْري وَلا فُلْكاً يَسْري إلاَّ في مَحَبَّةِ هؤلاءِ الخَمْسَةِ الذين هُمْ تحت الكِساءِ. فَقَال الأمينُ جَبرائيل: يا رَبِّ وَمَنْ تحت الكِساء؟ فقال عَزَّ وَجَلَّ: هم أهلُ بيتِ النبوَّةِ وَمَعْدِنُ الرِّسالةِ، هُمْ فاطمةُ وأَبوها وَبَعْلُها وَبَنُوها... [8] .وأحاديث الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) في حق ولديه الحسن والحسين شاهدة علي علاقة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بهما، ومنها التي رواها أهل السنة في صحاحهم وكتبهم، منها:عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: دخلت علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وعنده أُبيّ بن كعب. فقال لي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): مرحباً بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرض. قال أُبيّ: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟ قال: يا أُبيّ

والذي بعثني بالحق نبيّاً، إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، وإنه المكتوب علي يمين العرش، أنه مصباح هدي وسفينة نجاة، وإمام غير وهن، وعز وفخر، وعلم وذخر. وإن الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكيّة، خُلقت من قبل ان يكون م_خلوق في الأرحام، ما يدعو بهنَّ م_خلوق إلاّ حشره الله عزّ وجلّ معه، وكان شفيعه في آخرته، وفرّج الله عنه كربه، وقضي بها دينه، ويسَّر أمره، وأوضح سبيله، وقوّاه علي عدوّه، ولم يهتك ستره... [9] .عن أنس بن مالك قال: كتب النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) لرجل عهداً، فدخل الرجل يسلِّم علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والنبي (صلي الله عليه وآله وسلم) يصلّي، فرأي الحسن والحسين يركبان علي عنقه مرَّة ويركبان علي ظهره مرَّةويمران بين يديه ومن خلفه. فلما فرغ (صلي الله عليه وآله وسلم) من الصلاة قال له الرجل: ما يقطعان الصلاة؟ فغضب النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)ناوِلْني عَهْدَك فأخذه ومزَّقه، ثم قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)من لم يرحم صغيرنا، ولم يُوَقِّر كبيرنا، فليس منّا ولا أنا منه [10] .عن مدرك بن زياد قال: كنت مع ابن عباس في حائطٍ، فجاء الحسن والحسين فسألا الطعام، فأكلا ثم قاما، فأمسك لهما ابن عباس الركاب، فقلت: أتمسك الركاب لهذين وأنت أكبر منهما؟ فقال: ويحك هذان ابنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أوَليس هذا مما أنعم الله عليَّ به أن أمسك لهما وأسوّي عليهما [11] .وقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)سمّي هارون ابنيه شبراً وشبيراً، وإني سمّيت ابني الحسن والحسين بما

سمّي به هارون ابنيه [12] .في حديث أسماء بنت عميس في م_جيء رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي بيت فاطمة، عندما ولد الحسين (عليه السلام). قالت أسماء: فجاءني النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال: يا أسماء هلّمي بابني. فدفعته في خرقة بيضاء. فأذَّن في أذنه اليمني وأقام في اليسري، ووضعه في حجره وبكي!قالت أسماء، قلت: فداك أبي وأمي ممَّ بكاؤك؟ قال: علي ابني هذا. قلت: ولد الساعة وتبكيه؟! قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي. ثم قال: يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا، فإنها قريبة عهد بولادة. ثم قال لعليّ: أي شيء سمَّيت ابني؟ فقال: ما كنت لاسبقك باسمه يا رسول الله... قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): ولا أنا اسبق باسمه ربّي.ثم هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا م_حمد العليّ الأعلي يقرأ عليك السلام، ويقول: عليّ منك بمنزلة هارون من موسي ولا نبيّ بعدك، فسمّ ابنك هذا باسم ابن هارون. قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): وما اسم ابن هارون؟ قال: شبير. قال: لساني عربيّ يا جبرئيل. قال: سمّه الحسين... [13] .وقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة ما سمّيت العرب بهما في الجاهلية [14] .عن أبي رافع، عن أبيه قال: رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أذن في أُذن الحسين حين ولدته فاطمة (رضي الله عنها) [15] .عن عبد العزيز بإسناده، عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) جالساً فأقبل الحسن والحسين، فلما رآهما (صلي الله عليه وآله وسلم) قام لهما، واستبطأ بلوغَهُما، فاستقبلهما

وحملهما علي كتفيْه وقال: (عليه السلام)نِعْمَ المطيُّ مطيُّكما، ونِعْمَ الراكبان أنتما [16] عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حامل الحسين بن علي علي عاتقه فقال رجل: نِعْمَ المركب ركبت يا غلام، فقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)ونِعْمَ الراكب هو [17] .عن جابر قال: دخلت علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو يصلي والحسن والحسين علي ظهره، وقلت: نعم الجمل جملكما، ولما فرغ قال: (عليه السلام)نعم. نعم العدلان أنتما [18] .وقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إن الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا [19] .وقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)خيرُ رجالكم علي بن أبي طالب، وخيرُ شبابكم الحَسَن والحُسَيْن، وخير نسائكم فاطمة بنت م_حمد [20] .عن جعفر بن م_حمد، عن أبيه قال:(صلي الله عليه وآله وسلم)بايع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وهم صغار، ولم يُبايع قطّ صغيرٌ إلا هم(عليهم السلام) [21] .وروي عن جعفر بن م_حمد الصادق (عليه السلام) أنه قال: اصطرع الحسن والحسين (عليهما السلام) بين يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): إيهاً حسن، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا رسول الله استنهضت الكبير علي الصغير، فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): هذا جبرائيل (عليه السلام) يقول للحسين: إيهاً حسين خذ الحسن(عليه السلام) [22] .فشخصية الحسين (عليه السلام) وهو فتيً كانت بلا حدود، وقد ورثها من جده وأبيه وأُمه وأخيه (عليهم السلام)، فكانت قوته وجرأته قد ظهرت منذ صباه، فقد ورد عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنّه قال: أتيت عمر بن الخطاب وهو

يخطب علي المنبر فصعدت إليه، فقلت له: انزل عن منبر أبي واذهب إلي منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي منبر، منبر أبيك والله لا منبر أبي، ثم قال لي: من علمك هذا؟ فقلت: والله ما علمني أحد. فقال: لا تزال تأتينا، فجئت يوماً وهو خال بمعاوية وابن عمر علي الباب فرجعت، فلقيني فقال: ألم أقل لك تأتينا؟ قلت: قد جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر علي الباب قال: أفأنت مثل ابن عمر؟ وهل أنبت علي رؤوسنا الشعر إلاّ الله ثم أنتم، إذا جئت فلا تستأذن(عليهم السلام) [23] .كل هذا إشارة إلي أهليتهم للإمامة والخلافة وهم صغار؛ لقول النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا(عليه السلام) وقول الحسين (عليه السلام) لعمر كلام خطير للغاية، حيث نبهه علي عدم التصدي للخلافة؛ لأنّ صعود المنبر معناه تزعم الخلافة.عن هشام بن م_حمد قال: لما أُجري الماء علي قبر الحُسَيْن. نضب بعد أربعين يوماً، وامتحي أثر القبر فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّه حتي وقع علي قبر الحسين وبكي، وقال: بأبي وأُمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتاً، ثم بكي، وانشأ يقول:أرادوا ليخفوا قبره عن وليِّه فطيب تراب القبر دلّ علي القبر [24] .وأما نظمه (عليه السلام) فمن ذلك ما نقله عنه ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح، وهو أن_ّه (عليه السلام) لما أحاطت به جموع ابن زياد (لعنه الله) [25] وقتلوا من قتلوا من أصحابه، ومنعوهم الماء كان له ولد صغير فجاءه سهم فقتله، فرمله الحسين (عليه السلام)، وحفر له بسيفه، وصلي عليه، ودفنه وقال شعراً منه:غدر القوم وقدماً رغبوا عن ثواب الله رب الثقلينقتلوا قدماً علياً وابنه حسن

الخير كريم الأبوينحسداً منهم وقالوا اقبلوا نقتل الآن جميعاً للحسينخيرة الله من الخلق أبي ثم أُمّي فأنا ابن الخيرتينفضة قد صفيت من ذهب فأنا الفضة وابن الذهبينمن له جد كجدي في الوري أو كشيخي فأنا ابن القمرينف_اطم الزهراء أُمّ_ي وأبي قاصم الكفر ببدر وحنين [26] .

اخلاق الحسين

من صفات المعصوم القائد والإمام الاتصاف بالخلق الرفيع، وهذه ميزة متجسدة في خلق الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، باعتباره صاحب مسيرة كبري لتركيز إسلام جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وفيما يلي بعض ما روي في هذا الباب:روي عن الحسن بن علي قال (عليهما السلام):وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها، فدُلَّ علي الحسين (عليه السلام)، فدخل المسجد فوجده مصلياً فوقف بإزائه وأنشأ:لم يخب الآن من رجاك ومن حرَّك من دون بابك الحلقهأن_ت ج_واد وأنت مع_ت_مد أبوك قد كان قاتل الفسقهلو لا الذي كان من أوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقهقال: فسلَّم الحسين (عليه السلام) وقال: يا قنبر، هل بقي من مال الحجاز شيء؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار. فقال: هاتها قد جاء من هو أحقٌّ بها منّا، ثم نزع برديه ولفَّ الدنانير فيها، وأخرج يده من شقِّ الباب حياءً من الأعرابيِّ وأنشأ:خذها فإنّي إليك معتذر واعلم بأنّي عليك ذو شفقهلو كان في سيرنا الغاة عصا أمست سمانا عليك مندفقهلكنَّ ريب الزمان ذو غير والكف منِّي قليلة النفقهقال: فأخذها الأعرابيُّ وبكي، فقال له: لعلك استقللت ما أعطيناك. قال: لا ولكن كيف يأكل التراب جودك؟، وولي وهو يقول:مطهرون نقيات جيوبهم تجري الصلاة عليهم أينما ذكرواوأنتم أنتم الأعلون عندكم علم الكتاب وما جاءت به السورمن لم يكن علوياً حين تنسبه فماله في جميع الناس مفتخر

[27] .ومن أخلاقه (عليه السلام): مرَّ الحسين بمساكين يأكلون في الصفة. فقالوا: الغداء، فنزل وقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)إن الله لا يحب المتكبرين(عليهم السلام) فتغدّي معهم، ثم قال لهم: (صلي الله عليه وآله وسلم)قد أجبتكم فأجيبوني(عليهم السلام)، قالوا: نعم، فمضي بهم إلي منزل_ه فقال للرباب: (صلي الله عليه وآله وسلم)أخرجي ما كنت تدّخرين(عليهم السلام) [28] .قال أنس: كنت عند الحسين (عليه السلام) فدخلتْ عليه جارية فحيته بطاقة ريحان، فقال لها: (عليه السلام)أنت حر لوجه الله(عليه السلام) فقلت له: تجيئك جارية تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال: (عليه السلام)كذا أدّبنا الله، قال الله: وإذا حييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردُّوها وكان أحسن منها عتقها(عليه السلام) [29] .عن علي بن موسي، عن آبائه (عليهم السلام): (عليه السلام)أنّ الحسين بن علي دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها إلي غلام له فقال: يا غلام اذكرني هذه اللقمة إذا خرجت، فأكلها الغلام، فلما خرج الحسين قال: يا غلام اللقمة. قال: أَكلتها يا مولاي. قال: أنت حر لوجه الله تعالي. فقال له رجل: اعتقته يا سيدي؟ قال: نعم، سمعت جدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: من وجد لقمة ملقاة فمسح منها ما مسح وغسل منها ما غسل وأكلها لم يسغها في جوفه حتي يعتقه الله من النار، ولم أكن لأستعبد رجلاً أعتقه الله من النار(عليه السلام) [30] .رويَ أنّ أعرابياً من البادية قصد الحسين (عليه السلام) فسلَّم عليه فرد (عليه السلام)، فسأله حاجة وقال: سمعت جدك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)إذا سألتم حاجةً فاسألوها من أحد أربعة، إما من عربي شريف، أو مولي كريم، أو حامل القرآن، أو ذي

وجه صبيح(عليه السلام) فأما العرب فشرفت بجدك، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل، وأما الوجه الصبيح فإنّي سمعت جدك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلي الحسن والحسين(عليه السلام) فقال الحسين له: (صلي الله عليه وآله وسلم)ما حاجتك؟(عليهم السلام) فكتبها علي الأرض، فقال له الحسين: (عليه السلام)سمعت أبي علياً (عليه السلام) يقول قيمة كل امرئ ما يحسنه، وسمعت جدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: المعروف بقدر المعرفة، فأسألك عن ثلاث خصال. فإن أجبتني عن واحدة فلك ثلث ما عندي، وإن أجبتني عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي، وإن أجبتني عن الثلاث فلك كل ما عندي، وقد حملت إليَّ صرة م_ختومة وأنت أولي بها(عليه السلام) فقال: سل عما بدا لك، فإن أجبت وإلاّ تعلمت منك، فأنت من أهل العلم والشرف، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.فقال الحسين: (عليه السلام)أي الأعمال أفضل؟(عليه السلام).قال: الإيمان بالله والتصديق برسوله.قال: (عليه السلام)فما نجاة العبد من الهلكة؟(عليه السلام).قال: الثقة بالله.قال: (عليه السلام)فما يزين المرء؟(عليه السلام).قال: علم معه حلم.قال: (عليه السلام)فإن أخطأه؟(عليه السلام).قال: فمال معه كرم.قال: (عليه السلام)فإن أخطأه ذلك؟(عليه السلام).قال: فقر معه صبر.قال: (عليه السلام)فإن أخطأه ذلك؟(عليه السلام).قال: فصاعقة تنزل عليه من السماء فتحرقه، فضحك الحسين (عليه السلام)، ورمي له بالصرّة وفيها ألف دينار، وأعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مائتا درهم، وقال: (عليه السلام)يا أعرابي أعط الذهب إلي غرمائك، واصرف الخاتم في نفقتك(عليه السلام) فأخذ ذلك الأعرابي وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته [31] .هذه الأخلاق العالية لم تصدر من إنسان عادي، بل هي أخلاق الأنبياء والأوصياء، وإنّها لدليل علي أهليته للإمامة والخلافة والرئاسة.ومن

أخلاقه (عليه السلام): لما التقي الحسين (عليه السلام) وأصحابه مع الحر بن يزيد التميمي حتي وقف هو وخيله مقابل الحسين في حَرّ الظهيرة والحسين وأصحابه معتمون متقلدو أسيافهم، فقال الحسين لفتيانه: (عليه السلام)اسقوا القوم وارووهم من الماء، ورشِّفوا الخيل ترشيفاً(عليه السلام) فقام فتيانه فرشفوا الخيل ترشيفاً، فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتي أرووهم، وأقبلوا يملؤون القصاع والأتوار والطِّساس من الماء ثم يدنونها من الفرس، فإذا عبَّ فيه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت عنه، وسقوا آخر حتي سقوا الخيل كلها. ولما حضر وقت الصلاة قال الحسين (عليه السلام) للحر: (عليه السلام)أتريد أن تصلي بأصحابك؟(عليه السلام).قال: لا، بل تصلّي ونصلّي بصلاتك [32] .نعم، هذه أخلاق الحسين (عليه السلام) يسقي أعداءه الماء، ويرشف خيلهم اقتداءً بأبيه علي (عليه السلام) في واقعة صفين عندما استولي (عليه السلام) علي الماء سمح لهم بالسقي والشرب، بعكس معاوية وأصحابه حينما كانوا مستولين علي الماء منعوا علياً وأصحابه منه، وهكذا في واقعة الطف لما أمر عبيد الله بن زياد جيش عمر بن سعد بأن يمنعوا الماء عن الحسين وأصحابه وأهل بيته، وقد تم ذلك بالفعل. عندما أقبل الحر بن يزيد علي أهل الكوفة وهو عند الحسين فقال: لأُمكم الهَبل والعُب_ْر، دعوتموه حتي إذا أتاكم أسلمتموه فصار في أيديكم كالأسير! قد حلأتموه ونساءه وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنصاري والمجوس، وتتمرغ فيه خنازير السواد، لبئسما خلفتم به م_حمداً في ذريته، فدعوا هذا الرجل يمضي في بلاد الله، أما أنتم مؤمنون؟ وبنبوة م_حمد مصدقون؟ وبالمعاد موقنون؟ لا أسقاكم الله يوم الظماء [33] .وكتب ابن زياد إلي عمر بن سعد يأمره أن يمنع الحسين ومن معه الماء، فأرسل عمر بن سعد

عمرو بن الحجاج علي خمسمائة فارس، فنزلوا علي الشريعة وحالوا بين الحسين وبين الماء، وذلك قبل قتل الحسين بثلاثة أيام، ونادي ابن حصين الأزديّ: يا حسين، أما تنظر إلي الماء؟ لا تذوق منه قطرة حتي تموت عطشاً، فقال الحسين: اللهم اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً، قال فمرض فيما بعد فكان يشرب الماء القُلّة ثم يقيء ثم يعود فيشرب،... فمازال كذلك حتي مات. وذكر البلاذري: فمات ابن حصين بالعطش، كان يشرب حتي يبغر [34] فيما يروي، فمازال ذاك دأبه حتي لفظ نفسه [35] .ويقال: إنّ عمرو بن الحجاج قال: يا حسين، هذا الفرات تلغ فيه الكلاب، وتشرب منه الحمير والخنازير، والله لا تذوق منه جرعة حتي تذوق الحميم في نار جهنم [36] .ونادي المهاجر بن أوس التميمي: يا حسين، ألا تري إلي الماء يلوح كأنّه بطون الحيّات، [37] والله لا تذوقه أو تموت، فقال الحسين: (عليه السلام)إنّي لأرجو أن يوردنيه الله، ويحلئكم المضبوط في جل المصادر [38] عنه(عليه السلام) [39] .هذا موقف معسكر يزيد بن معاوية من الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه لما منعوهم الماء، وإن دل علي شيء إنما يدل علي قساوة قلوبهم إضافة إلي مروقهم من الدين، فبالأمس كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لا يتحمل عطش ولده الحسين (عليه السلام) لما طلب منه الماء، وهذا ما رويَ عن جابر قال: كنا مع النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ومعه الحسين بن علي فعطش فطلب له النبي ماء فلم يجده فأعطاه لسانه فمصه حتي رويَ [40] .

كلمات الحسين

ومن كلماته (عليه السلام) التي دوَّت في تاريخ البشرية وكانت مدرسة للأجيال ولكل الأحرار والمفكرين والعظماء، بل مدرسة لا يمكن التخلي عنها هي:قوله

(عليه السلام) (عليه السلام)الناس عبيد الدنيا، والدين لعق علي ألسنتهم يحوطونه ما درَّتْ معائشهم، فإذا م_حّصوا بالبلاء قلَّ الديانون. ثم قال لهم: (عليه السلام)أهذه كربلاء؟(عليه السلام). قالوا: نعم. فقال: (عليه السلام)هذه موضع كرب وبلاء، هاهنا مناخ ركابنا، وم_حط رحالنا، ومسفك دمائنا(عليه السلام) [41] .وقول_ه (عليه السلام) - م_خاطباً أصحابه بعد أن حمد الله وأثني عليه -:(عليه السلام)أيها الناس خط الموت علي ولد آدم م_خط القلادة علي جيد الفتاة، وما أولهني إلي أسلافي اشتياق يعقوب إلي يوسف، وخُيِّر لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفاً، وأجربة سغباً، لا م_حيص عن يوم خط بالقلم، رضي الله رضانا أهل البيت، نصبر علي بلائه ويوفينا أُجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لحمته، هي م_جموعة لنا في حضرة القدس، تقرّ بهم عينه، وينجز لهم وعده، فمن كان باذلاً فينا مهجته وموطّناً علي لقاء الله نفسه فليرحل معي، فأنا راحل مصبحاً إن شاء الله تعالي(عليهم السلام) [42] .وقوله (عليه السلام) - لما خرج من منزله ذات ليلة وأتي قبر جده (صلي الله عليه وآله وسلم) -:(عليه السلام)السلام عليك يا رسول الله، أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك، وسبطك والثقل الذي خلّفته في أُمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيعوني ولم يحفظوني، وهذه شكواي إليك حتي ألقاك صلّي الله عليك(عليه السلام) [43] .وقوله (عليه السلام) - في وصية إلي أخيه م_حمد بن الحنفية -:(عليه السلام)بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصي به الحسين بن علي بن أبي طالب لأخيه م_حمد بن الحنفية، المعروف بابن الحنفية أنّ الحسين بن علي يشهد أن لا إله

إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ م_حمداً عبده ورسوله، جاء بالحق من عنده، وأنّ الجنة حق، والنار حق، وانّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، وأنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم) أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهي عن المنكر، وأسير بسيرة جدُي م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم) وسيرة أبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولي بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتي يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين(عليهم السلام) [44] .وقول_ه (عليه السلام) - للوليد بن عتبة والي المدينة عندما طلب من الحسين (عليه السلام) البيعة ليزيد -:(عليه السلام)أيها الأمير إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة وم_ختلف الملائكة ومهبط الرحمة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل نفس معلن بالفسق، فمثلي لا يبايع لمثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة(عليه السلام) [45] .وقول_ه (عليه السلام): (عليه السلام)ويزيد رجل فاسق معلن بالفسق، يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب والفهود، ون_حن بق_ية آل الرسول، لا والله لا ي_كون ذلك أبداً(عليه السلام) [46] .وقوله (عليه السلام) - لما نزل عمر بن سعد بالحسين وأيقن انهم قاتلوه -:(عليه السلام)أمّا بعد، إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، واستمرت جداً فلم يبق منها إلاّ صُبابة كصُبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعي الوبيل، ألا ترون أنّ الحق لا يُعمل به، وأنّ الباطل لا يُتناهي عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله مُحقّاً، فإنّي لا أري الموت إلاّ سعادة والحياة مع

الظالمين إلاّ برماً(عليه السلام) [47] .وقال (عليه السلام): (عليه السلام)أيها الناس اعلموا أنّ الدنيا دار فناء وزوال متغيرة بأهلها من حال إلي حال، معاشر الناس عرفتم شرائع الإسلام، وقرأتم القرآن، وعلمتم أنّ م_حمداً رسول الملك الديّان، ووثبتم علي قتل ولده ظلماً وعدواناً، معاشر الناس أما ترون إلي ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيَّات يشربه اليهود والنصاري والكلاب والخنازير، وآل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) يموتون عطشاً(عليه السلام).وقوله (عليه السلام) - يعظ به أهل العراق -: (عليه السلام)الحمد لله خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرّنكم هذه الدنيا فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم علي أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنَّبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم)، ثم إنّكم زحفتم علي ذرّيته وعترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبّاً لكم ولما تريدون، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم، فبعداً للقوم الظالمين،... اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني فإنه لا يحل لكم قتلي، ولا انتهاك حرمتي، فإني ابن نبيكم، وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم: (عليه السلام)الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة(عليه السلام) [48] .وقوله (عليه السلام) - في احتجاجه علي أهل الكوفة: (عليه السلام)أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا؟ ثم ارجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح ويحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست أنا ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأوّل المؤمنين بالله والمصدّق

برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وبما جاء به من عند ربه؟ أوليس حمزة سيد الشهداء عمي؟ أوليس الشهيد جعفر الطيار في الجنة عمي؟ أو لم يبلغكم ما قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني بما أقول وهو الحقّ والله ما تعمّدت كذباً مذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله، وإن كذبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي والبراء بن عازب أو زيد بن أرقم أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لي ولأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ فإن كنتم في شك من هذا فتشكون في أني ابن بنت نبيكم؟ فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص من جراحة؟... لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أُقرّ إقرار العبيد(عليه السلام) [49] .وقول_ه (عليه السلام): (عليه السلام)ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبي الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنين، حجور طابت وحجور طهرت، أُنوف حميّة ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام علي مصارع الك_رام، ألا ق_د أعذرت وأنذرت، ألا وإن_ي زاحف بهذه الأُسرة مع قلة العدد وكثرة العدو، وخذلان الناصر، وخذلة الأصحاب(عليه السلام) [50] .وقول_ه (عليه السلام) لعبد الله بن الزبير: (عليه السلام)أما أنا فلا أُبايع أبداً؛ لأن الأمر كان لي بعد أخي الحسن فصنع معاوية ما صنع،

وكان حلف لأخي الحسن أن لا يجعل الخلافة لأحد من ولده وأن يردّها عليَّ إن كنت حياً، فإن كان معاوية خرج من دنياه ولم يف لي ولا لأخي بما ضمن فقد جاءنا ما لا قرار لنا به، أتظن أبا بكر أني أُبايع ليزيد، ويزيد رجل فاسق معلن بالفسق يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود ونحن بقية آل الرسول، لا والله لا يكون ذلك أبداً(عليه السلام) [51] .وقول_ه (عليه السلام) لمروان بن الحكم: (عليه السلام)ويحك أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق لقد قلت شططاً من القول يا عظيم الزلل، لا ألومك علي قولك لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص؛ فإن من لعنه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لا يمكن له ولا منه إلاّ أن يدعو إلي بيعة يزيد(عليه السلام) [52] .وقوله (عليه السلام) اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كُلِّ شدة، وأنت فيما نزل بي ثقة، وأنت وليُّ كلِّ نعمة، وصاحبُ كلِّ حسنة. وقال لعُمر وجندِه لا تعجلوا، والله ما أتيتكُم حتي أتتني كتبُ أماثلكم بأنَّ السُّنَّةَ قد أُميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عُطِّلت؛ فاقدم لعلَّ يُصلح بك الأُمّة، فأتيتُ؛ فإذْ كرهتُم ذلك، فأنا راجع، فارجعوا إلي أنفسكم؛ هل يصلح لكم قتلي، أو يحلُّ دمي؟ ألستُ ابنَ بنتِ نبيكم وابنَ ابنِ عمه؟ أوَليس حمزةُ والعباسُ وجعفر عمومتي؟ ألم يبلغكم قولُ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فيَّ وفي أخي: (عليه السلام)هذان سيِّدا شباب أهل الجنة(عليه السلام) [53] .وقول_ه (عليه السلام): لما جمع أصحابه بعد رجوع عمر: (عليه السلام)أما بعد فإني لا أعلم أصحاباً أوفي ولا خيراً من أصحابي،

ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً عني خيراً، ألا وإنّي لأظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، وإنّي قد أذنت لكم جميعاً فانطلقوا في حلّ ليس عليكم مني ذِمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً، ثم تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتي يفرّج الله، فإنّ القوم يطلبونني، ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري(عليهم السلام) [54] .لذا ورد: أنّ الفرزدق لقيه (عليه السلام) وهو متوجه إلي الكوفة فقال له: يا ابن رسول الله كيف تركن إلي أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل؟ فترحَّم علي مسلم بن عقيل وقال: أما إنّه صار إلي رحمة الله تعالي ورضوانه، وقضي ما عليه، وبقي ما علينا، وأنشد يقول:وإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة فإنّ ثواب الله أعلي وأنبلوإن تكن الأبدان للموت أُنشئت فقتل امرئ بالسيف في الله أفضلُوإن تكن الأرزاق قسماً مقدراً فقلّة حرص المرء في الكسب أجملوإن تكن الأموال للترك جمعها فما بال متروك به المرء يبخل [55] .

الحسين ثمرة النبوة

أصبح الحسين (عليه السلام) المثل الأعلي للفداء والتضحية ونبراساً للحق، ومناراً للهدي تستضيء به الأُمة الإسلامية من أجل بناء م_جتمع إسلامي متكامل.فقد جسَّد قول جده الرسول الأكرم م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين مني وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً(عليه السلام) [56] ، وقول النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين منّي(عليه السلام) بدليل آية المباهلة: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم... [57] وأما قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)وأنا من حسين(عليه السلام)، يريد أنّ بقاء شريعته كان بسبب نهضة ولده الحسين (عليه السلام)، ولولا

هذه النهضة المباركة لأعاد الأُمويون المسلمين إلي الجاهلية الأولي، وهذا يظهر واضحاً جلياً من خلال سيرتهم، فهذا يزيدهم الطاغي نراه م_جاهراً بكفره، ومظهراً لشركه بقوله:ل_ي_ت أشياخي ببدرٍ ش_هدوا جزَعَ الخزرج من وقع الأسلْقد قتلنا القوم من ساداتهم وع_دل_نا م_يْل ب_درٍ ف_اع_تدلْف_أه__لّوا واس_ته_لّوا ف_رحاً ثم قالوا: ي_ا ي_زي_د لا ت_شلْلستُ من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعلْلع_ب_ت ه_اش_م ب_الم_لك ف_لا خبرٌ ج_اء ولا وحي ن_زل [58] .هذا هو المروق من الدين، وقول من لا يرجع إلي الله وإلي دينه ولا إلي كتابه ولا إلي رسوله، ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله، ثم من أغلظ ما انتهك وأعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مع موقعه من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ومكانه منه، ومنزلته من الدين والفضل، وشهادة رسول الله له ولأخيه بسيادة شباب أهل الجنة نعم، عمل كل ذلك اجتراءً علي الله، وكفراً بدينه، وعداوةً لرسوله، وم_جاهدةً لعترته، واستهانةً بحرمته، فكأنّما يقتل به وبأهل بيته قوماً من كفار أهل الترك والديلم، لا يخاف من الله نقمةً، ولا يرقب منه سطوةً، فبتر الله عمره، واجتثَّ أصله وفرعه، وسلبه ما تحت يده، وأعدَّ له من عذابه وعقوبته ما استحقه بمعصيته [59] .ولكن الحسين (عليه السلام) بتلك الدماء الزاكية زلزل عروش الظالمين، وهدَّم طغيانهم، ورست قواعد الدين الحنيف حتي يومنا هذا، وكل ما عندنا من إسلام ومسلمين بفضل تضحية وبطولة الإمام الحسين (عليه السلام)، وأصبح الإسلام م_حمدي الوجود وحسيني البقاء، وهذا ما أكّده وأجمع عليه روَّاد الفكر وحملة العلم في أرجاء المعمورة، حتي قال رئيس جامع الأزهر الشيخ

م_حمد عبده: لولا الحسين لما بقي لهذا الدين من أثر. إضافة إلي انعدام الرؤية الواضحة في تمييز الحق، فثورة الحسين هي السبب في بقاء الدين، حيث وقف (عليه السلام) أمام أئمة الفسق والجور والفساد في أرجاء العالم الإسلامي الذين عاثوا في الأرض فساداً، أمثال يزيد بن معاوية المتكبِّر الخميِّر صاحب الديوك والفهود والقرود، وأخذه البيعة له علي خيار المسلمين بالقهر والسطوة والوعيد والإخافة والتهديد والرهبة.فلا يلام الشيعة الإمامية - أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) - بت_عظيمهم الشعائر الحسينية في أيام عاشوراء، كإقامة ال_مراسم الت_ي تذكِّرنا بثورة الحسين (عليه السلام).ونري في مقابل ذلك كتب معاوية إلي سائر الأمصار طالباً منهم أن يفدوا عليه ليري رأيهم في بيعة يزيد، وممن حضر - يزيد بن المقُفّع قام فقال: أمير المؤمنين هذا، وأشار إلي معاوية، فإن هلك فهذا، وأشار إلي يزيد، فمن أبي فهذا، وأشار إلي سيفه، فقال معاوية: اجلس فأنت سيد الخطباء [60] .كتب يزيد بن معاوية إلي الوليد بن عتبة في صحيفة صغيرة كأنّها أُذن فأرة: أما بعد، فخذ الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب أخذاً عنيفاً ليست فيه رخصة، فمن أبي عليك منهم فاضرب عنقه، وابعث إليَّ برأسه [61] .وكتب الحر إلي ابن زياد يعلمه بنزول الحسين (عليه السلام) بأرض كربلاء: فانظر ما تري في أمره. فكتب عبيد الله بن زياد كتاباً إلي الحسين (عليه السلام) يقول فيه: أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين علي حكمي، أو تقتله والسلام.هذا منطق يزيد بن معاوية وعندما أُدخل نساء الحسين

والرأس بين يديه جعلت فاطمة وسكينة تتطاولان لتنظرا إلي الرأس، وجعل يزيد يستره عنهما، فلما رأينه صرخن وأعلن بالبكاء، فبكت لبكائهن نساء يزيد وبنات معاوية، فولولن وأعلن، فقالت فاطمة - وكانت أكبر من سكينة (رضي الله عنهما) -: بنات رسول الله سبايا يا يزيد يسرك هذا؟ [62] .هذا ونري في مقابل تلك الشعائر موجة إلحادية بكل قواها تحاول طمس معالم الدين والعودة إلي الجاهلية الأُولي، وهذا ما حدث بعد رحيل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، وما صرَّح به أبو سفيان صخر بن حرب في دار عثمان عقيب الوقت الذي بويع فيه عثمان، ودخل داره ومعه بنو أُمية فقال أبو سفيان: أفيكم أحد من غيركم؟ وقد كان عَمِيَ، قالوا: لا، قال يا بني أُمية تَلَقَّفُوها تلقُّف الكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم، ولتصيَرنَّ إلي صبيانكم وراثة... فقام عمار في المسجد فقال: يا معشر قريش، أما إذ صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم هاهنا مرة وهنا مرةً فما أنا بآمِنٍ من أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله.وقام المقداد فقال: ما رأيت مثل ما أودي به [63] أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذاك يامقداد بن عمرو؟ فقال: إنّي - والله - لأُحبّهم لحبّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إيّاهم، وإنّ الحق معهم وفيهم، يا عبد الرحمن أعجب من قريش - وإنّما تطوُّلُّهم علي الناس بفضل أهل هذا البيت - قد اجتمعوا علي نزع سلطان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بعده من أيديهم، أما ولايم الله يا عبد الرحمن لو أجد

علي قريش أنصاراً لقاتلتهم كقتالي إيّاهم مع النبي (عليه الصلاة والسلام) يوم بدر [64] .ولما رأي عمر بن الخطاب نزاع القوم علي خلافة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم). قال: هيهات لا يجتمع اثنان في قرن، والله لا ترضي العرب أن يؤمّروكم ونبيُّها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولِّي أمرها من كانت النبوة فيهم وولي أمرهم منهم، ولنا بذلك علي من أبي من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان م_حمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته [65] .وذكر ابن عساكر في تأريخه: لما دخل أبو سفيان علي عثمان بعدما عمي وقال: هل هنا أحد؟ فقالوا: لا. فقال: اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، والملك غاصبيَّة، واجعل أوتاد الأرض لبني أُميَّة.وجاء في الاستيعاب عن الحسن: أنَّ أبا سفيان دخل علي عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال: صارت إليك بعد تيم وعديّ، فأَدرها كالكرة، وأجْعَلْ أَوتادَها بني أُمية، فإنّما هو الملك ولا أَدري ما جَنّة ولا نار [66] .أبو سفيان بن حَرْب وأشياعه من بني أميّة، الملعونين في كتاب الله، ثم المعلومنين علي لسان رسول الله في عِدّة مواطن، وعدّة مواضع، لماضي علم الله فيهم وفي أمرهم، ونفاقهم وكفر أحلامهم؛ فحارب م_جاهداً، ودافع مكابداً، وأقام منابذاً، حتي قهره السيف، وعلا أمر الله وهم كارهون؛ فتقول بالإسلام غير منطوٍ عليه، وأسرَّ الكفر غير مقلع عنه، فعرفه بذلك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) والمسلمون، وميّز له المؤلفة قلوبهم، فقبله وولده علي علم منه؛ فمّما لعنهم الله به علي لسان نبيّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وأنزل به كتاباً قوله: والشَّجَرةُ الملعُونَةَ في القُرآنِ ونُخوِّفُهُم فما يزيُدهُمْ إلاَّ طُغياناً كَبيراً [67] ولا اختلاف بين أحد أنه

أراد بها بني أميّة.ومنه قول الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد رآه مقبلاً علي حمار، ومعاويةَ يقودُ به، ويزيد ابنه يسوق به: (لعن الله القائد والراكب والسائق).ومنه ما يرويه الرواة من قوله: يا بني عبد مناف تلقّفوها تلقّف الكرة، فما هناك جنة ولا نار. وها كفر صُراح يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت الذين الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داود وعيسي بن مريم ذلك بما عَصَوْه وكانوا يعتدون [68] .ومنه ما يروون من وقوفه علي ثنيّة أحُد بعد ذهاب بصره، وقوله لقائده: ها هنا ذببنا م_حمداً وأصحابه [69] .ومن خطبة لعلي (عليه السلام) لما رفع أهل الشام المصاحف علي الرماح: (عليه السلام)عباد الله، إنّي أحقّ من أجاب إلي كتاب الله، ولكنَّ معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، أنا أعرف بهم منكم، قد صحبتهم أطفالاً، وصحبتهم رجالاً، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال، إنّها كلمة حق يراد بها الباطل، إنّهم - والله - ما رفعوها ثم لا يرفعونها ولا يعملون بما فيها، وما رفعوها لكم إلاّ خديعة ووهن ومكيدة، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعةً واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه، ولم يبق إلاّ أن يقطع دابر الذين ظلموا(عليه السلام) [70] .ومن كتاب لقيس بن سعد بن عبادة أمير الخزرج إلي معاوية: أما بعد، فإنّما أنت وثني ابن وثني، دخلت في الإسلام كرها، وأقمت فيه فرقاً، وخرجت منه طوعاً، ولم يجعل الله لك فيه نصيباً، لم يقدم إيمانك ولم يحدث نفاقك، ولم تزل حرباً لله ولرسوله وحزباً من أحزاب المشركين، وعدواً لله ولنبيه وللمؤمنين من عباده.ولو سارت الأُمة الإسلامية في خطي الإمام الحسين (عليه

السلام) الذي سار علي نهج جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لكان خيراً للأُمة الإسلامية في نهضتها ومسيرتها.لعلَّ البعض يتصوّر أنّ نهضته وثورته كانت م_جرد فتنة وقعت بين الظالم يزيد بن معاوية المعلن بالفسق والفجور وبين سبط الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم).هذا التصور ناشئ من عدم الرؤية التأريخية، فعليه أن يكون جاداً في البحث الدقيق في م_جاري التأريخ وأحداثها التي حدثت في الأُمة الإسلامية بعد رحيل النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).فكل من كانت له بصيرة نافذة يري الحسين (عليه السلام) ريحانة الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وفلذة كبده وسيد شباب أهل الجنة، وقد ترعرع في حجر النبوة والإمامة، وأما يزيد فقد نشأ في أحضان الغواني والفجور والخمور، فلما عُرض علي الحسين (عليه السلام) البيعة ليزيد رفض الحسين (عليه السلام) من البداية قائلاً: (عليه السلام)إنّا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة وم_ختلف الملائكة، ويزيد رجل فاسق فاجر قاتل النفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله(عليه السلام) هذه الكلمات التي هزَّت عرش يزيد الفجور الذي أباح المدينة ثلاثة أيام بقيادة مسلم بن عقبة المري الذي أخاف المدينة ونهبها، وقَتل أهلها، وبايعه أهلها علي أنّهم عبيد ليزيد، وسماها نتنه، وقد سماها رسول الله طَيْبه، وقال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)مَنْ أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين(عليه السلام) فسمي مسلم هذا لعنه الله بمجرم ومسرف لما كان من فعله. وكانت وقعة الحرة عظيمة قتل فيها خلق كثير من الناس من بني هاشم وسائر قريش والأنصار، وراح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف من سائر الناس ممن أدركه الإحصاء دون من لم يعرف. وافْتُضَّ فيها ألف عذراء، فإنّا لله وإنّا إليه

راجعون. ورميه الكعبة بالمجانيق، فتواردت أحجار المجانيق والعرادات [71] علي البيت، ورمي مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتان... وانهدمت الكعبة، واحترقت البنية، ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المجانيق [72] .وكان سبب خلع أهل المدينة له أنّ يزيد أسرف في المعاصي. وأخرج الواقدي من طرق أنّ عبد الله بن حنظلة بن الغسيل قال: والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء! إنّه رجل ينكح أُمهات الأولاد والبنات والأخوات، ويشرب الخمر، ويَدَعُ الصلاة [73] .وذكر أبو إسحاق الاسفرايني في كتابه: وأما ما كان من أمر يزيد بن معاوية، فإنه أقام بدمشق خليفة مكان أبيه، وأطاعة جميع العربان... وطغي وتجبّر وعمّ ظلمه سائر الأماكن والبلاد، وصار يقتل الأنفس، وينهب الأموال، وبسلبها، وظهر منه الجور والظلم في سائر الأفعال، وقد كان ابن زياد أظلم وأطغي من يزيد، فنزل البصرة بعسكره، وأقام بالكوفة نائباً، يحكم من تحت أمره، وأقام هو بالبصرة بالظلم والجور، وقتل النفس، ونهب الأموال، وقتل جميع الرجال والأبطال، وعم ظلمه سائر العباد [74] .وإقدامه علي قتل سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي (عليهما السلام) وريحانة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وإخوته وأولاده وأصحابه وسبي نسائه، فأصبح الحسين من أعظم الثائرين انتصاراً وبطولة وتضحية ومدرسة وشعاراً، وراحت كل الأقلام إسلاميةً وغيرها تشيد بكتاباتها بعظمة الحسين (عليه السلام)، أمثال: (انطون بارا) الكاتب المسيحي في كتابه (الحسين في الفكر المسيحي)، يقول: رؤيا الفكر المسيحي لثورة الحسين. دلالة كافية علي إنسانية هذه الثورة، لأنّ هذه الثورة إنسانيةٌ أولاً وآخراً، فالفكر المسيحي يُقدِّس آل البيت (عليهم السلام) كما المسلم. إنّ الفكر المسيحي العربي يستمد تراثه الفكري من تراث عربي إسلامي. كيف أمكن الربط بين ثورة

الإمام الحسين وبين فكر أهل الكتاب، إذ لم يسبق هذا الربط أي اهتمام فكري مسيحي بعلم من أعلام الإسلام.فشخصية الحسين م_حيط واسع من المُثُلِ الأدبية والأخلاق النبوية، وثورته فضاء واسع من المعطيات الأخلاقية والعقائدية، ولعلَّنا نتمثل أهم سِمَةٍ من سمات العظمة في هذه الشخصية من قول جده الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين مني وأنا من حسين(عليه السلام) فارتقت إنسانية السبط إلي حيث نبوة الجد (عليه السلام)أنا من حسين(عليه السلام) وهبطت نبوة الجدَّ إلي حيث إنسانية السبط (عليه السلام)حسين مني(عليه السلام).وإذا كان العالم المسيحيُّ الغربي له مآخذ علي الإسلام فإنّما ينظر إلي هذه المآخذ من كُوَي مثالب عهود بني أُميَّة والتشويهات التي استهدفت أُمة الإسلام فيما بعدها، حيث نظر الحكام إلي الدنيا والملك بالشكل الذي صوَّره معاوية بعد احتلاله الكوفة؛ إذ قال: إنّي لم أُقاتلكم لكي تُصلُّوا أو تصوموا... بل قاتلتكم لكي أتأمر عليكم [75] .هذا المظهر الخاجي لجوهر الصراع الذي استشري بعد ذلك بين أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وبين ذرَّية أبي سفيان، فأهل البيت يرون أنّ الخلافة مركب يقود إلي الآخرة وفق أحكام الله، وبنو أُميَّة يتطلعون إليها باعتبارها مركباً يقود للجاه والسلطان وانقياد الدنيا وفق أهواء النفس ومطالبها. وبين أحكام الله وبين أهواء النفس أحدث الانقسام المربع في جسد أُمّة الإسلام، والتفّ الأبناء ح__ول الرم_ز الأق_رب لما تهيأت له أنفسهم منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة [76] فالفكر المسيحي الغربي لا يعي هذا التناقض الصارخ بين الحق المقهور وبين الباطل المنتصر.كيف صارت الشهادة التي أقدم عليها الحسين (عليه السلام) وآل بيته وصحبه الأطهار رمزاً للحق والعدل، وكيف صار الذبيح بأرض كربلاء نوراً لا ينطفئ

لكل متطلع باحث عن الكرامة التي خص بها سبحانه وتعالي، والسيرة العطرة لحياة سيد شباب أهل الجنة، واستشهاده الذي لم يسجل التاريخ شبيهاً له، كانا عنواناً صريحاً لقيمة الثبات علي المبدأ.أحد القساوسة قال: (لو كان الحسين لنا لرفعنا له في كل بلدٍ بيرقاً، ولنصبنا له في كل قرية مِنبراً، ولدعونا الناس إلي المسيحية باسم الحسين) [77] .ونقل لي عندما كنت في لبنان عن بولس سلامه صاحب ملحمة الغدير عن طريق ولده بأنّ والده عندما كان يقرأ واقعة الطف كانت دموعه تسيل علي خده مع أنّه مسيحي، وعالم المكتبات مليء بكتب تتحدث عن شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته التي جاءت لخلاص الإنسان من عبودية الطغاة إلي عبودية الله تعالي.وشتان بين الشجرتين: شجرة طيِّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وشجرة خبيثة أُجتثَّت من فوق الأرض مالها من قرار، وما أبعد ما بين الشجرتين: شجرة مباركة زيتونة، والشجرة الملعونة في القرآن: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاّ فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن [78] بتأويل من النبي الأعظم (صلي الله عليه وآله وسلم) بلا اختلاف بين اثنين في أنّهم - بنو أميَّة - هم المراد من الشجرة الملعونة كما ورد ذلك في كتب الحديث والتاريخ [79] .وعن سعيد بن المسيب قال: رأي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بني أُميَّة علي المنابر فساءه ذلك، فأوحي الله إليه إنما هي دني_ا أعطوه_ا فق_رت عين_ه، وه_ي ق_ول_ه: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [80] يعني بلاء للناس [81] .ومن الرؤيا التي رآها النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فوجم لها، فما رُئي ضاحكاً بعدها، فأنزل الله: وما جعلنا الرؤيا التي أرْيناك إلا فتنة للناس.فذكروا أنه رأي

نفراً من بني أميّة ينزون علي منبره [82] .

الحسين شبيه الرسول

عن عليّ (رضي الله عنه) قال: (عليه السلام)من سرّه أن ينظر إلي أشبه الناس برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ما بين عنقه إلي وجهه فلينظر إلي الحسن بن عليّ، ومن سرّه أن ينظر إلي أشبه الناس برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ما بين عنقه إلي كعبه خلقاً ولوناً فلينظر إلي الحسين بن عليّ(عليه السلام) [83] .عن عليّ (عليه السلام) قال: الحسين أشبهُ برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) من صدره إلي قدميه(عليهم السلام) [84] .عن أنس بن مالك قال: كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين فجعل يقول بقضيب له في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً قلت: أما إنه كان من أشبههم برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) [85] .عن أنس قال: كان الحسن والحسين أشبههم برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) [86] .عن ابن الضحّاك قال: كان جسد الحسين شبه جسد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) [87] .وقال سفيان بن عُيَيْنَة: قلت لعُبَيد الله بن أبي يزيد: رأيتَ الحُسين بن عليّ؟ قال: نعم، أسود الرأس واللحية إلاّ شُعيرات هاهنا في مُقَدَّم لحيته، فلا أدري أخضب وترك ذلك المكان شَبَهاً برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أو لم يكن شابَ غير ذلك [88] .

سجود النبي

روي ابن حازم بسنده قال: خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) للصلاة وهو حامل أحد ابنيه الحسن أو الحسين، فتقدّم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ثم وضعه عند قدمه اليمني، فسجد سجدة أطال_ها، ف_رفعت رأسي من بين الناس فإذا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ساجد وإذا الغلام راكب علي ظهره، فعدت فس_جدت،

فلم_ا انصرف رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ق__ال الناس: ي_ا رسول الله، لق_د سج_دت ف_ي صلاتك هذه س_جدة ما كنت تسجدها، أفشيء أُمرت به أو كان يوحي إليك؟ قال: (عليه السلام)كلّ ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتي يقضي حاجته(عليه السلام) [89] .عن عبد الله قال: كان النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين علي ضهره، فإذا منعوهما أشار إليهم أن دعوهم، فلما قضي الصلاة، وضعهما في حجره فقال: من أَحبني فليحب هذين [90] .عن أبي بُريدة قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين (عليهما السلام) عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم ق_ال: (عليه السلام)صدق الله إنّما أموالكم وأولادكم فتنة [91] فنظرت إلي هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتي قطعت حديثي ورفعتهما(عليه السلام) [92] .عن أبي سعيد قال: جاء الحسين يشتدّ ورسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يصلّي فالتزم عنق رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، فقام به، وأخذ بيده، فلم يزل ممسكها حتي رجع [93] .عن زينب بنت جحش قالت: قام النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) يصلّي واحتضنه - يعني الحسين - فكان إذا ركع وسجد وضعه، وإذا قام حمله، فلما جلس جعل يدعو ويرفع يديه ويقول، فلما قضي الصلاة قلت: يا رسول الله، لقد رأيتك تصنع اليوم شيئاً ما رأيتك تصنعه. قال: (عليه السلام)إنّ جبريل أتاني فأخبرني أنّ ابني يقتل. قلت: فأرني إذاً فأتاني بتربة حمراء(عليه السلام) [94] .كلّ ذلك إشارة إلي منزلة ومكانة الإمام الحسين (عليه السلام)

عند رسول الله (ص)، وعلي المسلمين أن يحافظوا علي ما كان يكنّه النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) لولده الحسين (عليه السلام)، حيث قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط(عليه السلام) [95] والإسلام الذي وصلنا إلي هذا اليوم هو ببركة ثورة الحسين (عليه السلام) في كربلاء، لأنّ الإسلام م_حمدي الوجود وحسيني البقاء.

اهل بيت النبي

رحمتُ الله وبركاته عليكم أهل البيت [96] فروع النبوة والرسالة، وينابيع السماحة والبسالة، صوفة آل أبي طالب، وسراة بني لؤي [97] بن غالب، الذين حياهم الروح الأمين، وحلاّهم الكتاب المبين، لولا هم ما عبد الرحمن، ولا عهد الإيمان، وعقد الأمان [98] .عن أنس بن مالك قال: سُئل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أي أهل بيتك أحبّ إليك؟ قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)الحسن والحسين(عليهم السلام)، وكان يقول لفاطمة: (عليه السلام)ادعي ابني فيشمّهما ويضمّهما إليه(عليه السلام) [99] .عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في حَجَّته يوم عرفة وهو علي ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: (عليه السلام)يا أيّها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي(عليهم السلام) [100] .عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ بباب فاطمة (رضي الله عنها) ستّة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: (صلي الله عليه وآله وسلم)الصلاة يا أهل البيت إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً(عليهم السلام) [101] .قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)اللهمّ إنّك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي إبراهيم وآل إبراهيم،

اللهمّ إنّهم مني وأنا منهم، فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليَّ وعليهم - يعني عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً(عليه السلام) [102] .قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إنّ لكلّ نبيّ أب عصبة ينتمون إليها، إلاّ ولد فاطمة فأنا وليُّهم، وأنا عصبتُهم، وهم عترتي، خُلِقوا من طينتي، ويل للمكذّبين بفضلهم، من أحبَّهم أَحبهُ الله، ومن أبغضَهُم أبغضَهُ الله(عليه السلام) [103] .عن أبي بَرْزَة قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)لا تزول قدما عبدٍ حتي يُسأل عن أربعة، عن جسده فيما أبلاهُ، وعُمُرِهِ فيما أَفْنَاه، وماله من أين اكتسبَهُ وفيما أنفقه، وعن حُبِّ أهل البيت(عليهم السلام) فقيل: يا رسول الله فما علامة حُبِّكُمْ؟ فضرب بيده علي منكب علي (رضي الله عنه) [104] .وأنشد الشيخ أبو بكر بن فضل الله الحلي الواعظ في المعني لبعضهم:ياحبّذا دوحة في الخلد ثابتة ما في الجنان لها شبه من الشجرالمصطفي أصلها والفرع فاطمة ثم اللقاح عليٌّ سيّد البشروالهاشميان سبطاها لها ثمر والشيعة الورق الملتفّ بالثمرهذا حديث رسول الله جاء به أهل الرواية في العالي من الخبرإنّي بحبّهم أرجو النجاة غداً والفوز مع زمرة من أحسن الزمر [105] .عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بإذنيَّ وإلاّ فصّمتا وهو يقول: (عليه السلام)أنا شجرة، وفاطمة حملها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، والمحبّون أهل البيت ورقها من الجنّة حقّاً حقّاً(عليه السلام) [106] .وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إن الله تعالي اصطفي العرب من جميع الناس، واصطفي قريشاً من العرب، واصطفي بني هاشم من قريش، واصطفاني من قريش، واختارني في نفر من أهل بيتي عليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين(عليه السلام) [107] .عن

أُمّ سَلَمة قالت: خرج رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي صرحة هذا المسجد فقال: (عليه السلام)ألا لا يحلّ هذا المسجد لجُنُب ولا حائضٍ إلاّ لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وعليّ وفاطمة والحَسَن والحُسَيْن، ألاَ قد بيّنت لكم الأسماء أن تضلّوا(عليه السلام) [108] .عن ابن مسعود قال: بينما نحن جلوس عند النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) إذ دخل عليه فتية من قريش، فتغيرّ لونه، ورئي في وجهه كآبة، فقلنا: يا رسول الله، لا نزال نري في وجهك شيئاً نكرهه، فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إنّا أهل بيت اختار الله تعالي لنا الآخرة علي الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً(عليه السلام) [109] .وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إنّما مثلُ أهلِ بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من رَكبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك(عليه السلام) [110] فإذا كان ركوب سفينة نوح نجاة من الغرق فسفينة الحسين (عليه السلام) نجاة من النار؛ لأنهّ (عليه السلام) من أهل بيت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).قالت عائشة خرج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) غداة وعليه مِرْط مُرَحَّلٌ من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً [111] .عن ابن عباس قال: خرج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قبل موته بأيام يسيرة إلي سفر له، ثم رجع وهو متغير اللون م_حمرّ الوجه، فخطب خطبة بليغة موجزة، وعيناه تهملان دموعاً قال فيها: (عليه السلام)أيها الناس، إني خلّفت فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي وأرومتي ومزاج مائي

وثمرتي ولن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض، ألا وإني انتظرهما، ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلاّ ما أمرني ربي أن أسألكم به المودّة في القربي، فانظروا لا تلقوني علي الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم، ألا وإنه سترد عليّ في القيامة ثلاث رايات من هذه الأُمة، راية سوداء مظلمة، فتقف عليّ، فأقول من أنتم؟ فينسون ذكري، ويقولون أهل التوحيد من العرب، فأقول: أنا أحمد نبي العرب والعجم، فيقولون: نحن من أُمتك يا أحمد، فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربّي؟ فيقولون: أما الكتاب فضيّعناه ومزّقناه، وأما عترتك فحرصنا علي أن ننبذهم عن جديد الأرض، فأُولي وجهي عنهم، فيصدرون ظماء عطاشي مسودّة وجوههم، ثم ترد عليَّ راية أُخري أشدّ سواداً من الأُولي، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون كالقول الأول، بأنهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني وقالوا: نحن أُمتك، فأقول لهم: كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون أما الأكبر فخالفناه، وأما الأصغر فخذلناه ومزّقناهم كل ممزق. فأقول لهم: إليكم عنّي، فيصدرون ظماء عطاشي مسودّة وجوههم، ثم ترد عليّ راية أُخري تلمع نوراً، فأقول لهم من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوي، نحن أُمّة م_حمد، ونحن بقيّة أهل الحق الذين حملنا كتاب ربنا فحللنا حلاله وحرمنا حرامه، وأجبنا ذرية م_حمد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا، وقاتلنا معهم، وقتلنا من ناواهم، فأقول لهم: أبشروا، فأنا نبيكم م_حمد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم، ثم اُسقيهم من حوضي فيصدرون رواء. ألا وإنّ جبرئيل قد أخبرني بأنّ أُمّتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء، ألا فلعنة الله علي قاتله وخاذله آخر الدهر(عليه السلام) [112] .عن زيد بن أرقم قال: جاء النبي

(صلي الله عليه وآله وسلم) إلي بيت فاطمة، فأخذ بعضادتي الباب وفي البيت عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فقال: (عليه السلام)أنا حربٌ لمن حاربتم، وسلمٌ لمن سالمتم(عليه السلام) [113] .

محبة الحسين

لقد احتل الإمام الحسين (عليه السلام) الصدارة عند جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأصبح م_حطّ م_حبّته، والكثير من أحاديث الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) تدلّ علي منزلة ومكانة وعظمة الإمام الحسين (عليه السلام)، منها:عن أبي أيّوب الأنصاري قال: دخلت علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) والحَسَن والحُسَيْن يلعبان بين يديه في حجره، فقلت: يا رسول الله أتحبهما؟ قال: (عليه السلام)وكيف لا أُحبّهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمّهما(عليه السلام) [114] .عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) للحسين بن علي: (عليه السلام)من أحبّ هذا فقد أحبّني(عليه السلام) [115] .عن علي (عليه السلام): أنَّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): أخذ بيد الحسن والحسين فقال: (عليه السلام)من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة(عليه السلام) [116] .عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أنه كان يأخذه والحسن ويقول: (عليه السلام)اللّهمّ إنّي أُحبهما فأحبّهما(عليه السلام) [117] .عن سلمان (رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبه أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار(عليه السلام) [118] .عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني - يعني حسناً وحسيناً - (عليه السلام) [119] .عن

أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ومعه الحسن والحسين هذا علي عاتقه وهذا علي عاتقه، وهو يلثم - أي يقبل - هذا مرةً وهذا مرة حتي انتهي إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله، إنك تحبهما؟ فقال: (عليه السلام)نعم، من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني(عليه السلام) [120] .عن أبي هريرة قال: دخل الاقرع بن حابس علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فرآه يُقَبِّل إمّا حسناً أو حسيناً. فقال تُقبّله، ولي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم. فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إنّه من لا يَرحم لا يُرحم(عليه السلام) [121] .عن البراء قال: إنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أبصر حسناً وحسيناً فقال: (عليه السلام)اللهمّ إني أحبهما فأحبهما(عليه السلام) [122] .عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حامل الحسين بن علي علي عاتقه وهو يقول: (عليه السلام)اللهم إني أُحبه فأحبه(عليه السلام) [123] .عن أُسامة بن زيد قال: طرقت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو مشتمل علي شيء لا أدري ما هو، فلمّا فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ قال: فكشفه فإذا حسن وحسين(عليهما السلام) علي وركَيْه فقال: (عليه السلام)هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهمّ إني أُحِبُّهما فأَحِبَّهُما وأَحِبَّ من يُحبُّهما(عليه السلام) [124] .عن أبي هريرة قال: ما رأيت الحسين بن علي إلا فاضت عيناي دموعاً... فجلس رسول الله في المسجد.. فأتي حسين يشتد حتي وقع في حجره ثم أدخل يده في لحية رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)،

فجعل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يفتح فم الحسين فيدخل فاه في فيه ويقول: (صلي الله عليه وآله وسلم)اللهم إني أحبه فأحبه(عليهم السلام) [125] .وقال يونس بن أبي إسحاق بسنده: بينما عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظِلّ الكعبة إذ رأي الحسين بن علي مقبلاً فقال: هذا أحبّ أهل الأرض إلي أهل السماء اليوم(عليهم السلام) [126] .عن رجاء بن ربيعة قال: كنت في مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إذ مرّ الحسين بن علي فسلم، فرد عليه القوم السلام وسكت عبد الله بن عمرو، ثم رفع ابن عمرو صوته بعد ما سكت القوم فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم أقبل علي القوم فقال: ألا أُخبركم بأحب أهل الأرض إلي أهل السماء؟ قالوا: بلي. قال: هو هذا المقفي - أي الذاهب المولي - والله ما كلمته كلمة ولا كلمني كلمة منذ ليالي صفين، ووالله لأن يرضي عني أحب إليَّ من أن يكون لي مثل أُحد... - فلما اجتمع ابن عمرو بالحسين (عليه السلام) بعد ما أذن له - فقال الحسين (عليه السلام): (عليه السلام)أكذاك يا ابن عمرو، أتعلم أنّي أحبّ أهل الأرض إلي أهل السماء؟(عليه السلام) قال: إي وربّ الكعبة، إنّك لأحب أهل الأرض إلي أهل السماء. قال: (عليه السلام)فما حملك علي أن قاتلتني وأبي يوم صفين؟ والله لأبي خير منّي(عليه السلام) [127] .عن زيد بن أبي زياد قال: خرج رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) من بيت عائشة فمر علي بيت فاطمة فسمع النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) حسيناً يبكي، فقال: (عليه السلام)أَلَمْ تَعْلَمِي أنَّ بُكاءَهُ يُؤْذيني؟(عليه السلام) [128] .فعلاقة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)

بولده الحسين (عليه السلام) علاقة متميزة وفريدة مليئة بالحب والعطف والحنان، حتي أن بكاءه كان يؤذيه، ومن خلال الحديث الشريف نري أنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) لا يتحمل سماع بكاء ولده الحسين (عليه السلام)، أسفي عليك يا رسول الله لو كنت حاضراً في كربلاء كي تري ماذا صنعت أُمتك بولدك الحسين (عليه السلام)، حيث داست كل القيم والمبادئ، وأدارت ظهرها لك يا رسول الله ولأحاديثك، كأنّها وضعت أصابعها في آذانها كما صنعت الجاهليّة الأُولي حيث وضع_وا أص_ابعهم في آذان_هم حتي لا ي_س__معوا ك_لام الله، تعالي: وإِنِّي كلما دَعَوْتُهُم لتغِفرَ لَهُم جَعَلوا أصابعَهُم في ءَاذَانِهم واستغْشَوا ثيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكبْرَوُا استِكْبار [129] إنّها تجربة جاهلية ثانية، حيث أعرضوا عن القرآن الناطق.لقد وصل الأمر بهم أنّهم لم يكتفوا بقتل الحسين (عليه السلام) و إخوته وأولاده وأصحابه وسبي نسائه وحرق خيامه، بل حرموهم الماء حتي وصل بهم العطش إلي الموت، ولم يرحموا حتي الطفل الرضيع، فهذا عبد الله الرضيع. عندما عرضه الحسين (عليه السلام) ليسقوه شربة ماء وكان يبكي من شدة العطش فكان مصيره الذبح من الوريد إلي الوريد، حتي صيروه كالطير المذبوح، بل راحوا يصبون حقدهم بحزّ الرؤوس، بدءاً برأس الحسين (عليه السلام) نكاية به وبغضاً لأبيه، ولجدّه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهذا يظهر جليّاً من قولهم للحسين (عليه السلام) لما طلب منهم الماء: لا تذوق الماء حتي تموت عطشاناً بغضاً لأبيك، وكان جدّه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يطيل النظر إلي ولده الحسين (عليه السلام)، وكانت دموعه تسيل علي خدّه وهو يقول (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين منّي وأنا من حسين(عليه السلام).هل هذا جزاء الرسول (صلي الله عليه

وآله وسلم) الذي أنقذهم من دياجير الظلمات إلي عالم النور؟! وكما قالت فاطمة (عليها السلام) في خطبتها المعروفة في مسجد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): وكنتم علي شفا حفرة من النار [130] ، مذقة الشارب، ونهزة الطامع [131] ، وقبسة العجلان [132] ، وموطئ الأقدام [133] ، تشربون الطرْق، وتقتاتون القد [134] ، أذلّة خاسئين، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم [135] فأنقذكم الله تبارك وتعالي بمحمد (صلي الله عليه وآله وسلم) بعد اللتيا والتي(عليهم السلام) [136] [137] .إنّ فاطمة (عليها السلام) جاءت إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهي تبكي فقال: (عليه السلام)ما يبكيك؟ قالت: ضاع مني الحسين فلا أجده(عليه السلام) فقام النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد أغرورقت عيناه، وذهب ليطلبه، فلقيه يهودي فقال: يا م_حمد ما لك تبكي؟ فقال: (عليه السلام)ضاع ابني(عليه السلام) فقال: لا تحزن فإني رأيته علي تلّ كذا نائماً... [138] .عن يعلي بن مرّة العامري قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط(عليه السلام) [139] .عن يعلي العامريِّ قال: إنّه خرج مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي طعام دعوا له. قال فاستقبل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أمام القوم وحسين مع الغلمان يلعب، فأراد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أن يأخذه فطفق الصبي يفرّ هاهنا مرة وهاهنا مرة، فجعل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يضاحكه حتي أخذه. قال: فوضع إحدي يديه تحت قفاه والأُخري تحت ذقنه، فوضع فاه علي فيه يقبّله، فقال: (عليه السلام)حُسينٌ منّي وأنا من حُسينٍ، أحَبَّ اللهُ

من أحَبَّ حُسَيناً، حُسينٌ سبط من الأسباط(عليه السلام) [140] .عن عائشة قالت: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) جائعاً لا يقدر علي ما يأكل. فقال لي: (عليه السلام)هات ردائي(عليه السلام) فقلت: أين تريد؟ قال: (عليه السلام)إلي فاطمة ابنتي فأنظر إلي الحسن والحسين فيذهب ما بي من جوع(عليه السلام) فخرج، حتي دخل علي فاطمة، فقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)يا فاطمة أين ابناي؟(عليهم السلام) فقالت: (صلي الله عليه وآله وسلم)يا رسول الله، خرجا من الجوع وهما يبكيان(عليهم السلام) فخرج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في طلبهما، فرأي أبا الدرداء فقال: (عليه السلام)يا عويمر، هل رأيت ابني(عليه السلام) قال: نعم يا رسول الله، هما نائمان تحت ظِلّ حائط بني جدعان. فانطلق النبي فضمّهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما، فقال له أبو الدرداء: دعني أحملهما. فقال: (عليه السلام)يا أبا الدرداء، دعني امسح الدموع عنهما، فو الذي بعثني نبيّاً لو قطرت قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في أُمّتي إلي يوم القيامة(عليه السلام).ثم حملهما وهما يبكيان وهو يبكي، فجاء جبرئيل فقال: السلام عليك يا م_حمد، ربّ العزّة يقرئك السلام ويقول: ما هذا الجزع؟ فقال: (عليه السلام)يا جبرئيل ما أبكي من جزع، بل أبكي من ذلّ الدنيا(عليه السلام).فقال جبرئيل: إن الله تعالي يقول: أيسرّك أن أُحوّل لك أُحداً ذهباً، ولا ينقص لك ممّا عندي شيء؟ قال: (عليه السلام)لا(عليه السلام) قال: لِمَ؟ قال: (عليه السلام)لأنّ الله لم يحبّ الدنيا، ولو أحبّها لما جعل للكافر أكلة(عليه السلام) فقال جبرئيل: يا م_حمد ادعُ بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت، فدعا بها، فلما حملت إذا فيها ثريد ولحم كثير، فقال: كل يا م_حمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك. قالت: فأكلوا وشبعوا... [141]

.

جنة الحسين

عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم):(عليه السلام) الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة(عليه السلام) [142] .عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خير منهما(عليه السلام) [143] .عن حذيفة قال: رأينا في وجه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) تباشير السرور، فقلنا: يا رسول الله، لقد رأينا اليوم في وجهك تباشير السرور، فقال: (عليه السلام)ومالي لا أُسرّ وقد أتاني جبريل فبشّرني أنّ حسناً وحسيناً سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما أفضل منهما(عليه السلام) [144] .عن جابر بن عبد الله قال: من سرَّه أن ينظر إلي رجل من أهل الجنة فلينظر إلي الحسين بن عليّ فإني سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقوله [145] .عن جابر، أنه قال - وقد دخل الحسين المسجد -: (عليه السلام)من أحبَّ أن يَنظُرَ إلي سيِّدِ شباب ِ أهل الجنّة، فلينظر إلي هذا(عليه السلام) سمعته من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) [146] .عن علي (عليه السلام) قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)شكوت إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حسد الناس إيّاي، فقال: يا عليّ، إنّ أول أربعة يدخلون الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا. قال عليّ: قلت: يا رسول الله، فأين شيعتنا؟ قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)شيعتكم من ورائكم(عليه السلام) [147] .عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لمّا أُسري بي إلي السماء رأيت علي باب الجنة مكتوباً بالذهب لا إله إلاّ الله، م_حمد حبيب الله، علي ولي الله، فاطمة أَمة

الله، الحسن والحسين صفوة الله، علي مبغضيهم لعنة الله، مهما ذكر الله(عليهم السلام) [148] .قال رس__ول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)بي أنذرتم، ثم بعلي بن أبي طالب اهتديتم، وقرأ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد [149] وبالحسن أُعطيتم الإحسان، وبالحسين تسعدون، وبه تشقون، ألا وإنّ الحسين باب من أبواب الجنة من عانده حرّم الله عليه رائحة الجنة(عليه السلام) [150] .قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)لمّا استقرّ أهل الجنة قالت الجنة: يا ربّ أليس وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك؟ قال: ألم أُزينك بالحسن والحسين؛ قال: فماست الجنة ميساً [151] كما تميس العروس في خدرها(عليهم السلام) [152] .قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)هلم يا بلال وناد في الناس واجمعهم لي في المسجد، فلما اجتمعوا قام علي قدميه، وخطب الناس بخطبة أبلغ فيها، حمد الله وأثني عليه بما هو أهله ومستحقّه، ثم قال: يا معشر المسلمين، هل أدلُّكم علي خير الناس جدَّاً وجدَّة؟(عليه السلام) قلنا: بلي يا رسول الله. قال: (عليه السلام)الحسن والحسين جدّهما رسول الله خاتم المرسلين، وجدّتهما خديجةُ بنت خُوَيلد سيدة نساء أهل الجنة. ألا أدُلُّكم علي خير الناس أباً وأُمّاً؟(عليه السلام) قالوا: بلي يا رسول الله. ق_ال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب، وأُمُّهما فاطمة بنت خديجة وهي سيدة نساء العالمين. هل أدلُّكم علي خير الناس عمَّاً وعمةً؟(عليه السلام) قالوا: بلي يا رسول الله، قال: (عليه السلام)الحسن والحسين عمّهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أُمُّ هانئ بنت أبي طالب. أيها الناس عل أدلُّكم علي خير الناس خالاً وخالةً؟(عليه السلام) قالوا: بلي يا رسول الله. قال: (عليه

السلام)الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وخالتهما زينب بنت رسول الله(عليه السلام) ثمّ قال: (عليه السلام)اللهمّ إنّك تعلمُ أنَّ الحسن والحسين في الجنة، وجدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأباهما في الجنة، وأُمهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، وعمّهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، ومن يحبهما في الجنة، ومن يبغضهما في النار(عليهم السلام) [153] .هذه الأحاديث تدلّ علي مكانة الحسين (عليه السلام) عند الله تعالي وعند رسوله لشموله بالعناية الإلهيّة الخاصّة، وأنها رسالة إلي العالم ليقتدوا برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في م_حبّته وعلاقته بولده الحسين (عليه السلام)؛ لأنه يحمل رسالة جده (صلي الله عليه وآله وسلم)، وأنّ نهج الحسين (عليه السلام) هو نهج جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، فالمحبة له في الواقع هو حفظ الرسالة من الانحراف، وأكثر من ذلك جعل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) مساواة النظر إليه هو نفس النظر إلي ولد الحسين (عليه السلام).لقد ترك الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) هذه الأمانة الإلهيّة السماويّة في أعناقنا من خلال وصاياه، ولكن سرعان ما انقلبت الأُمّة علي سبط النبوّة والإمامة، وأرادوا الحطّ من شأن الحسين (عليه السلام) في واقعة الطفّ وم_خالفة المشيئة الإلهيّة، ويأبي الله إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون [154] .

ابراهيم فداء للحسين

لقد قدّم الرسول الكريم (صلي الله عليه وآله وسلم) ابنه إبراهيم فداءً لولده الحسين (عليه السلام) وهو ابن ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهذا إن دلَّ علي شيءٍ فإنما يدل علي مكانة الإمام الحسين (عليه السلام) علي الرسالة والرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد جاءت كتب التاريخ والحديث ملأي بالروايات التي تشير

إلي ذلك، منها:عن أبي العباس قال: كنت عند النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وعلي فخذه الأيسر ابنه إبراهيم وعلي فخذه الأيمن الحسين بن عليّ، تارةً يقبّل هذا وتارة يقبل هذا، إذ هبط عليه جبرائيل (عليه السلام) بوحي من رب العالمين، فلما سري عنه قال: (عليه السلام)أتاني جبرائيل من ربي فقال: يا م_حمد، إنّ ربّك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمعهما لك، فافدِ أحدهما بصاحبه، فنظر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي إبراهيم فبكي ونظر إلي الحسين فبكي، ثم قال: إن إبراهيم أُمّه أَمة ومتي مات لم يحزن عليه غيري، وأُمّ الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمّي لحمي ودمي، ومتي مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنتُ أنا عليه، وأنا أُوثر حزني علي حزنهما، يا جبرئيل، تقبض إبراهيم فديته بإبراهيم(عليه السلام) قال: فقبض بعد ثلاث، فكان النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) إذا رأي الحسين مقبلاً قبَّله وضمه إلي صدره ورشف ثناياه وقال: (عليه السلام)فديت من فديته بابني إبراهيم(عليه السلام) [155] .عن أنس قال: لقد رأيت إبراهيم وهو يكيد بنفسه [156] بين يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فدمعت عينا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، فقال: (عليه السلام)تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يُرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون(عليه السلام) [157] .

امامة الحسين

الإمامة هي امتداد النبوة، وكما أن النبوة منصب عظيم من قبل الله تعالي كذلك الإمامة، فلابد أن تحمل الإمامة شرائط النبوة لكل من تصداها والتي منها العصمة. وقد ذهبت الإمامية إلي أن الأئمة كالأنبياء في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش من الصغر إلي الموت عمداً وسهواً؛ لأنّهم حفظة الشرع والقوامون به حالهم في

ذلك كحال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)؛ ولأنّ الحاجة إلي الإمام إنما هي للانتصاف للمظلوم من الظالم ورفع الفساد وحسم مادّة الفتن، وأن الإمام لطف من قبل الله تعالي ليمنع القاهر من التعدّي، ويحمل الناس علي فعل الطاعات واجتناب المحرّمات. وذهب أهل السنّة إلي جواز إمامة الفسّاق والعصاة والسرّاق كما قال الزمخشري، وهو من أفضل علمائهم، فأيّ عاقل يرضي لنفسه الانقياد الديني والتقرّب إلي الله تعالي بامتثال أوامر من كان يفسق طول وقته، وهو غائص في المعاصي وأنواع الفواحش [158] .وقد أشار الله تعالي في كتابه إلي عصمة الإمامة: وإذ ابتلي إبراهيم ربُّهُ بكلماتٍ فأَتَمهُنَّ قال إنّي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذّريّتي قال لا ينال عهدي الظالمين [159] فإنّه دالّ علي كون الإمامة من عهد الله تعالي، وعلي اعتبار عصمة الإمام حين الإمامة وقبلها؛ لأنّ كل عاصٍ ظالم لقوله تعالي: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون [160] .عن ابن عباس قال: معناها أنّه كائن لا ينال عهده من هو في رتبة ظالم، ولا ينبغي أن يوليه شيئاً من أمره.وعن م_جاهد في قوله لا ينال عهدي الظالمين قال: لا أجعل إماماً ظالماً يقتدي به [161] .فالإمام يجب أن يكون معصوماً عن الضلال والمعصية، وإلاّ كان غير مهتد بنفسه كما يدلّ عليه قوله تعالي: وجعلناهم أئّمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات [162] فأفعال الإمام خيرات يهتدي إليها لا بهداية من غيره، بل باهتداء من نفسه بتأييد إلهي وتسديد رباني، ومن ليس بمعصوم فلا يكون إماماً هادياً إلي الحق.والمراد بالظالمين مطلق من صدر عنه ظلم، من شرك أو معصية وإن كان منه في برهة من عمره، سواء في الجاهليّة أو الإسلام ثم تاب وصلح،

فلابدّ أن لا يكون ظالماً في جميع عمره.وإبراهيم (عليه السلام) حينما سأل الإمامة لبعض ذرّيتّه أجابه المولي سبحانه: أنه لا ينال عهدي الظالمين من عبد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً للناس ولو تاب بعد ذلك وأصلح.وفي الدرّ المنثور عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق(عليه السلام) [163] .فأئمة أهل البيت (عليهم السلام) هم المعنيون بهذه الآية الشريفة، وقد صرَّحت الأحاديث الشريفة من النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بأن الأئّمة من بعده اثنا عشر خليفة، وقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سَمُرَةَ يقول: سمعتُ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)لا يزال الإسلام عزيزاً إلي اثني عشر خليفة(عليه السلام) ثم قال كلمةً لم أفْهَمْهَا. فقلت لأبي: مَا قال؟ فقال: (عليه السلام)كلّهم من قريش(عليه السلام) [164] .وهذا الحديث شاهد علي وجود الإمامة حتي قيام الساعة، ومصداقيّة هذا الحديث الشريف هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، أولّهم الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم الإمام المهدي (عجل الله تعالي وجوده الشريف) بينما أهل السنّة طبَّقوا الاثني عشر خليفة وجعلوا مصداقيّتها في الخلفاء الأربعة وخامسهم عمر بن عبد العزيز، ثم توقفوا أكثر من ثلاثة عشر قرناً لم يظهر لهم خليفة سادس، فتبيّن أنّ مصداقيّة الاثني عشر خليفة كلّهم من قريش في أئمة أهل البيت (عليهم السلام).وقد ثبت أنه لا يوجد أحد أحقّ وأولي بهذا الأمر من علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث توفرت فيه شرائط النبوة والتي منها العصمة، ولم يدعِ أحدٌ من الصحابة العصمة إلاّ علياً (عليه السلام)، وقد صرح أبو بكر بذلك عندما قال: أما والله ما أنا بخيركم، ولقد

كنت لمقامي هذا كارهاً، ولوددت أن فيكم من يكفيني، أفتظنّون أنّي أعمل فيكم بسنّة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ إذن لا أقوم بها، إن رسول الله كان يُعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإنّ لي شيطاناً يعتريني، ولقد قلّدت أمراً عظيماً ما لي به طاقة ولا يد. [165] .وذكر أبو إسحاق الاسفرايني في كتابه: لما مرض معاوية أرسل خلف ولده يزيد فقال يزيد: ومن يكون الخليفة من بعدك فقال له: يا يزيد أنت الخليفة، ثم أوصاه بعدة وصايا منها:وأوصيك يا بني بالحسين وأولاده وأخوته وأولاد إخوته وجميع عشيرته وجميع بني هاشم، الوصية التامة، لأن الخلافة يا بني ليست لنا وإنما هي له ولأبيه وجده من قبله ولأهل بيته من بعده، ولا تستخلف يا يزيد إلا مدة يسيرة حتي يبلغ الحسين مبالغ الرجال، ويمضي إلي مكة في أحسن حال، ويكون هو الخليفة أو من يشاء من أهل بيته، وترجع الخلافة إلي أهلها لأننا يا بني ليس لنا خلافة بل نحن عبيد له ولأبيه وجده، ولا تنفق يا ولدي نفقة إلا وللحسين نصفها، واحذر يا ولدي من غضبه عليك، فإنه إن غضب عليك يغضب عليك الله ورسوله، فإن جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) هو الشفي_ع ي__وم القيامة في الأولين والآخرين، وله الشفاعة العظمي من الأنس والجن أجمعين، ولواء الحمد بيده، وأمه فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) هي سيدة النساء، وجدته خديجة الكبري، وهم الذين أظهروا الدين وهدانا الله ب_هم ل_ي الصراط المستقيم، فاحذر يا بني من غضبهم فإن بغضبهم يغضب الله عليك ورسوله [166] .وإنكار إمامة أهل البيت (عليهم السلام) إنكار للنبوّة، وإنكار النبوّة إنكار لربوبيّة الربّ كما قال النبي (صلي الله عليه

وآله وسلم): (عليه السلام)يا علي، من أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي، ومن أنكر نبوتي فقد أنكر ربوبيّة الربّ(عليه السلام) [167] والقرآن الكريم عبَّر عن إنكار الإمامة بالانقلاب لقول_ه تعالي: وما مُحمدٌ إلاّ رَسولٌ قَدْ خلَتْ مِن قبلهِ الرُّسلُ أفإِن مات أو قُتل انقلبتُم علي أعقابِكم [168] لأنّ الإمامة أصل من أُصول الدين.وقد نصَّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) علي إمامة الحسن والحسين (عليه السلام) حيث قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا(عليه السلام) وقال تعالي: والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرِّياتنا قرَّة أعين [169] ولا يسبق النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في فضيلة، وليس أحقّ بهذا الدعاء بهذه الصيغة منه وذرِّيّته، فقد وجبت لهم الإمامة.ويستدلُّ علي إمامتهما بما رواه الفريقان من نصِّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) علي إمامة الاثني عشر، وإذا ثبت ذلك فكلُّ من قال بإمامة الاثني عشر قطع بإمامتهما، ويدلُّ أيضاً ما ثبت بلا خلاف أنّهما دعوا الناس إلي بيعتهما والقول بإمامتهما.ويستدلُّ أيضاً بأنَّ طريق الإمامة لا يخلو إمّا أن يكون هو النصُّ أو الوصف والاختيار، وكلُّ ذلك قد حصل في حقّهما، فوجب القول بإمامتهما.ويستدلُّ أيضاً بما قد ثبت بأنّهما خرجا وادَّعيا ولم يكن في زمانهما غير معاوية ويزيد، وهما قد ثبت فسقهما، بل كفرهما [170] ، فيجب أن تكون الإمامة للحسن والحسين (عليهما السلام).ومن كلام لعلي (عليه السلام): واللهِ ما معاويةُ بأَدهي مِنِّي؛ ولكنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ، ولوْلا كراهيةُ الغَدْرِ لكنتُ من أدهي الناسِ، ولكنْ كُلُّ غُدَرََةٍ فُجَرَةٌ، وكل فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ؛ ولِكُلِّ غادِرٍ لواءٌ يُعْرَفُ بهِ يَوْمَ القيامةِ(عليهم السلام) [171] .ومن كلامٍ لعلي (عليه السلام) لأصحابه في بيان حقيقة معاوية بن

أبي سفيان حيث وصفه قائلاً: أَما إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُم بَعْدي رَجُلٌ رَحْبُ البُلْعُوم مُنْدَحِقُ البَطْنِ، يَأْكُلُ ما يِجِدُ، وَيَطْلُبُ مالا يَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ! أَلاَ وَإِنَّهُ سَيَأمُرُكُم بسبِّي والبَراءَ مِنِّي، فأمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي [172] فإِنّّهُ لي زَكَاةٌ وَلكُمْ نَجاةٌ، وَأَمّا البَراءَةُ فلا تَتَبرّءوا مِنِّي فإنِّي وُلدِْتُ علي الفطرةِ، وَسَبقْتُ إلي الإيمانِ والهِجْرَةِ(عليهم السلام) [173] .قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يطلع من هذا الفجّ رجل من أمتي، يُحشر علي غير ملتي(عليهم السلام) فطلع معاوية [174] .وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)إذا رأيتم معاوية علي منبري، فاقتلوه(عليهم السلام).وفي الحديث المرفوع المشهور أنه قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي: يا حنّان يا منّان، الآن وقد عصيتُ قبلُ وكنتُ من المفسدين(عليهم السلام).ويستدلُّ أيضاً بإجماع أهل البيت (عليهم السلام) لأنهم أجمعوا علي إمامتهما وإجماعهم حجّة.ويستدلُّ بالخبر المشهور أنّه قال (عليه السلام): (صلي الله عليه وآله وسلم)ابناي هذان إمامان قاما وقعدا(عليهم السلام) لأنّه أوجب لهما الإمامة سواء نهضا بالجهاد أو قعدا عنه، وسواء دعيا إلي أنفسهما أو تركا ذلك.؛ فبالعصمة والنصوص وكونهما أفضل الخلق يستدلُّ علي إمامتهما.وكانت الخلافة في أولاد الأنبياء (عليهم السلام) وما بقي لنبيّنا ولد سواهما، ويمكن البرهنة علي إمامتهما ببيعة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لهما؛ لأنه لم يبايع صغيراً غيرهما، وبنزول آيات من القرآن بحقّهما وبإيجاب ثواب الجنّة علي عملهما مع ظاهر الطفوليّة منهما وذلك بقوله تعالي: ويطعمون الطعام [175] فعمّهما بهذا القول مع أبويهما وبإدخالهما ف_ي ال_مباهلة. ق_ال ابن علاّن المعتزليُّ: هذا يدلُّ علي أنّهما كانا مكلّفين في تلك الحال؛ لأنَّ ال_مباهلة لا ت_جوز

إلاّ مع البالغين.وقال أصح_ابنا: إنَّ صغ_ر السنِّ ع_ن حدِّ البلوغ لا يناف_ي كمال ال_عقل، وب__لوغ ال_ح_لم ح__دُّ لت__علّق الأح_ك_ام الش_رعية، ف_كان ذل_ك لخرق العادة، فثبت بذلك أنّهما كانا حجّة الله لنبيّه في المباهلة مع طفوليّتهما، ولو لم يكونا إمامين لم يحتجَّ الله بهما مع صغر سنّهما علي أعدائه، ولم يتبيّن في الآية ذكر قبول دعائهما، ولو أنَّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وجد من يقوم مقامهم غيرهم لباهل بهم، أوجمعهم معهم، فاقتصاره عليهم يبيّن فضلهم ونقص غيرهم.وقد قدَّمهم في الذكر علي الأنفس ليبيّن لطف مكانهم، وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنّهم مقدَّمون علي الأنفس معدُّون بها، وفيه دليل لا شيء أقوي منه هو أنّهم أفضل خلق الله.واعلم أنَّ الله تعالي قال في التوحيد والعدل: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم [176] وفي ال_نبوَّة والإم_امة قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم [177] وفي الشرعيّات قل تعالوا أتل ما حرَّم ربّكم [178] وقد أجمع المفسّرون بأنَّ المراد بأبنائنا الحسن والحسين (عليهما السلام).قال أبو بكر الرازيُّ: هذا يدلُّ علي أنّهما ابنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأنَّ ولد الابنة ابنٌ علي الحقيقة [179] .قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية(عليهم السلام). الإمام هو خليفة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، وممثله في أُمته في تبليغ أحكام الشريعة، فإذا غفل المسلم معرفة إمامه ولم يستهد به ضلّ عن نهج الإمام، ومات كافراً منافقاً. وقد أشعر الحديث بضرورة وجود الإمام ووجوب معرفته مدي الحياة؛ لأنّ إضافة الإمام إلي الزمان تستلزم استمراريّة الإمامة وتجدّدها عبر الأزمنة والعصور.قال الله عز وجل: أَطيعوا اللهَ وأَطيعُوا

والرسُولَ وأُولي الأَمْرِ مِنكُمْ [180] فكان علي صلوات الله عليه، ثم صار من بعده حسن، ثم حسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده م_حمد بن علي، وهكذا يكون الأمر، إن الأرض لا تصلح إلاّ بإمام، ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وأحوج ما يكون أحدكم إلي معرفته إذا بلغت نفسه ها هنا، وأهوي بيده إلي صدره. يقول: حينئذ لقد كان علي أمر أحسن(عليه السلام) [181] .وقد كان عمرو بن عبيد اجتمع مع هشام بن الحكم، وهشام يذهب إلي القول بأن الإمامة نصٌّ من الله ورسوله علي علي بن أبي طالب (رضي الله تعالي عنه) وعلي مَنْ يلي عصره من ولده الطاهرين كالحسن والحسين ومن يلي أيامهم، وعمرو يذهب إلي أن الإمامة اختيار من الأُمّة في سائر الأعصار، فقال هشام لعمرو بن عبيد: لم خلق الله لك عينين؟ قال: لأنظر بهما إلي ما خلق الله من السماوات والأرض وغير ذلك، فيكون ذلك دليلاً عليه، فقال هشام: فلم خلق الله لك سمعاً؟ قال: لأسمع به التحليل والتحريم والأمر والنهي، فقال له هشام: لم خلق الله لك لساناً؟ فقال عمرو: لأَعبّر به عما في قلبي، وأُخاطب به من افترض عليَّ أمره ونهيه. قال هشام: فلم خلق الله لك قلباً؟ قال عمرو: لتكون هذه الحواسّ مؤدّية إليه، فيكون مميّزاً بين منافعها ومضارّها. قال هشام: فكان يجوز أن يخلق الله سائر حواسّك ولا يخلق لك قلباً تؤدّي هذه الحواسّ إليه؟ قال عمرو: لا، فقال هشام: ولم؟ قال: لأنّ القلب باعث لهذه الحواسّ علي ما يصلح له، فلو لم يخلق الله فيها انبعاثاً من نفسها استحال أن لا يخلق لها باعثاً يبعثها علي ما خلقت له

إلا بخلق القلب، فيكون هو الباعث لها علي ما تفعله، والمميز لها بين مضارّها ومنافعها، ويكون الإمام من الخلق بمنزلة القلب من سائر الحواسّ إذا كانت الحواسّ راجعة إلي القلب لا إلي غيره، ويكون سائر الخلق راجعين إلي الإمام لا إلي غيره، فلم يأت عمرو بفرق يعرف [182] .وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لا يفتون برأيهم كما يفتي الناس في أُمور الدين، وقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (عليه السلام)يا جابر، لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأُصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر [183] ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم(عليه السلام) [184] .عن سلمان المحمّدي قال: دخلت علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وإذا الحسين علي فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: (عليه السلام)إنك سيّد ابن سيّد أخو سيّد أبو السادة، إنّك إمام ابن إمام أخو إمام أبو الأئمة، إنك حجّة ابن حجّة أخو حجّة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم(عليه السلام) [185] .عن أبي المهزم قال: كنّا مع جنازة امرأة، ومعنا أبو هريرة، فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة، فصلي عليها، فلما أقبلنا أعيا الحسين (عليه السلام) فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الحسين (عليه السلام): يا أبا هريرة، وأنت تفعل هذا(عليهم السلام) فقال أبو هريرة: دعني - فو الله - لو علم الناس منك ما أعلم لحملوك علي رقابهم [186] .

الحسين وعالم الرؤيا

عن أُم الفضل بنت الحارث أنها دخلت علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا رسول الله أني رأيت البارحة

حُلماً منكراً. قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)وما هو؟(عليهم السلام) قالت: إنه شديد. قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأنّ قطعة من جسدك قُطعت ووُضِعت في حجري، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)رأيت خيراً، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك(عليهم السلام) فولدت فاطمة الحسين (عليه السلام) فكان في حجري كما قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فدخلت يوماً إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، فوضعته في حجره، ثم حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) تهريقان من الدموع، فقلت: يا نبيّ الله، بأبي أنت وأُمي ما لك تبكي؟ قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)أتاني جبرئيل (عليه السلام) فأخبرني أن أُمتي ستقتل ابني هذا(عليه السلام) فقلت: هذا؟! فقال: (عليه السلام)نعم وأتاني بتُربةٍ من تُربته حمراء(عليه السلام) [187] .عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فيما يري النائم بنصف النهار وهو قائم أشعث أغْبر بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأُمي يا رسول الله ما هذا؟ فقال: (عليه السلام)دم الحسين وأصحابه لم أزل ألْتَقِطُهُ منذ اليوم(عليه السلام) فأحصي ذلك اليوم فوجدوه وقد قتل في ذلك اليوم، فاستشهد الحسين كما قال له (صلي الله عليه وآله وسلم) بكربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة، ويعرف الموضع أيضاً بالطفّ. قتله سنان بن أنس النخعي، وقيل غيره [188] .وقد ذكر ابن أعثم في كتابه رؤيا الحسين (عليه السلام) قال: وسار الحسين حتي نزل الثعلبيّة وذلك في وقت الظهيرة، فنزل وترك أصحابه؛ ثم وضع الحسين (عليه السلام) رأسه ونام؛ ثم انتبه من نومه باكياً فقال له

ابنه علي الأكبر: ما لك تبكي يا أبت لا أبكي الله لك عيناً، فقال الحسين (عليه السلام): يا بُنيّ، إنها ساعة لا تكذب فيها الرؤيا، أعلمك أني رأيت فارساً علي فرس حتي وقف عليَّ فقال: يا حسين إنّكم تسرعون المسير والمنايا بكم تسرع إلي الجنة، فعلمت أنّ أنفسنا قد نعيت إلينا، فقال له ابنه: يا أبت ألسنا علي الحق؟ قال: بلي يا بُني، والذي ترجع العباد إليه فقال عليٌّ (رضي الله عنه): إذاً لا نبالي بالموت، فقال الحسين (عليه السلام): جزاك الله عني يا بُنيّ خيراً جزي به ولد عن والد [189] .عن سلمي الأنصارية قالت: دخلت علي أُم سلمة زوج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت الآن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في المنام وعلي رأسه ولحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟ قال: (عليه السلام)شهدت قتل الحسين آنفاً(عليه السلام) [190] .عن الشعبي قال: رأيت في النوم كأن رجالاً نزلوا من السماء مع_هم حراب يتتبعون قتلة الحسين (رضي الله عنه) فما لبثت أن نزل المختار فق_ت_لهم [191] .هذا وقد التقيت قريباً بأحد الأُخوة اليمنيّين فسرد لي قصّة رآها في عالم الرؤيا، وهي كالآتي:رأيت في عالم الرؤيا في يوم مقتل سيدنا الحسين (عليه السلام) - أي يوم العاشر من شهر م_حرم - أني مسافر من أرض إلي أرض، فوجدت نفسي في صحراء كبيرة، ورأيت جيشاً قد سدَّ الأرض - أي ملأها - خيولاً وأسلحة ورجالاً، ورأيت في الجهة المقابلة رجلاً علي فرس ووراءه نساء وأطفال سمعته يقول: (صلي الله عليه وآله وسلم)هل من مغيث يغيثنا، هل من م_جير يجيرنا، هل من موحدٍ يخاف الله فينا، هل

من ذابٍّ يذبُّ عن حرم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)(عليهم السلام) فقلت في نفسي هذا سيدي الحسين (عليه السلام)، هؤلاء هم آل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، فجئت إليه وقلت له لبيك وسعديك يا ابن رسول الله سأُقاتل عنكم م_خافةً من الله، وحبّاً لنبيكم، وم_خافة من النار، فقال: خذ بارك الله فيك، وأعطاني سيفاً لم أر أحسن منه، وكان شديد اللمعان، فنظرت إلي وجه سيدي الحسين (عليه السلام) ول_ه لحية سوداء شديدة السواد شبيه بسواد الكحل، إلاّ أنه به شعرات بيض يشعّ منها نور عجيب كنور المصباح الأبيض، وحانت مني التفاتة إلي جبهته الكريمة فرأيت نوراً يسطع منها كنور الشمس، بل أقوي، فأحرق عيني، فصرخت بأعلي صوتي: قد عميت عيني، فمسح بيده اليمني الكريمة علي عيني، فردَّ لي بصري، وأصبح بصري قوياً، وقال لي: قاتل بارك الله فيك(عليهم السلام) فقاتلت الأعداء قتال المستميتين، وقد قتلت منهم ما يقارب الثلاثين فارساً، وكنتُ أضربهم بالسيف فيموتون، وهم يضربونني وتخرج الدماء منّي ولكني لا أموت.وكان سيدي الحسين (عليه السلام) يقاتل علي الجهة اليمني، فحال الفرسان بيني وبين الحسين (عليه السلام)، فرأيتهم أحاطوا به، فحاولت أن أمضي إليه لأخلصه منهم، وهم يحيطون بي من كل مكان، فرأيتهم قد أثخنوه بالجراح، وسقط بأبي وأُمي علي الأرض. والعجيب في الأمر أن جواد سيّدنا الحسين (عليه السلام) لا يفرّ عنه ولا يهرب، وكان الجواد متعلّقاً بسيدنا الحسين (عليه السلام) كتعلق الأُمّ بولدها، وبقي يدافع عنه ويضرب برجليه كل فارس يقترب من جسد الحسين (عليه السلام)، ورأيتُ نوراً يخرج من الجواد، وكان قد أصيب بجراحات كثيرة يخرج منها نور، وبدا لي كأنّه ليس من خيول الأرض، حيث إنه كان مطيعاً

لسيدنا الحسين (عليه السلام)، وكانت دموعه تسيل علي خديه، ويكثر النظر إلي السماء وينظر إلي سيدنا الحسين وهو مُلقيً علي الأرض، فيأتيه ويشم جراحات الحسين (عليه السلام)، ثمّ يلطّخ جبينه بدمه (عليه السلام).انشغلت بالقتال ولم أر الجواد، وجعلت أنظر إلي الحسين (عليه السلام) وقد اشترك في قتله ثلاثة، أحدهم ضربه برمح، والآخر بسيف ضربات، ثمّ نزل الثالث - وكان الإمام (عليه السلام) ملقيً علي الأرض - فضرب برجله صدر الحسين (عليه السلام)، ثم أمسك برأس الحسين وذبحه كما تذبح الشاة، فجئت إلي الرجل وأمسكته من رقبته ودفعته عن جسد سيدي الحسين (عليه السلام)، وقلت: لعنك الله أتدري من قتلت؟! هذا سيد شباب أهل الجنة، هذا ابن سيد المرسلين وحبيب ربّ العالمين، كأنّي أُلهمت وقلت ذلك علي الطبيعة، فقال: أعطوني مالاً، وقالوا: اقتله فقتلته فاستيقظتُ من النوم مرعوباً م_حزوناً، وقد توقّف شعر رأسي، وأصابني حزن وبكاء عظيم. بعد ذلك أعطاني الله قوة عجيبة في بصري، فصرت أري النملة السوداء في الغرفة الظلماء، كأنما في وضح النهار، وصرت أري أُموراً عجيبة.واستمرّ في حديثه قائلاً: كنت أبكي علي سيدنا الحسين (عليه السلام) في ذات ليلة، وكانت ليلة جمعة، فدعوت الله عزّ وجلّ أن يبلّغ روحه مني السلام، وأنا في أرض بعيدة لا أستطيع زيارة قبر سيدنا الحسين (عليه السلام)، وفي عالم الرؤيا جاءني رجل مرتدياً عمامةً مثل عمامتكم ولباسكم في المنام، وقال لي: أتريد أن تزور الحسين؟قلت: نعم. قال: قم، فأخذ بيدي وذهب بي إلي مكان في منزلي لا يوجد فيها أثاث ولا فرش، بل أرض خالية. قال لي: انظر، فإذا أنا بحفرة في وسط المنزل فقال لي انظر هذا قبر الحسين (عليه السلام)، بحبك للحسين وآله يسّر

لك قبره وأنت في بيتك، فنزلت إلي هذه الحفرة، فوجدت فيها حفرة ثانية داخل تلك الحفرة الأُولي، فنزلت، فرأيت جسداً بدون رأس، ولمسته بيديَّ هاتين، فرأيت أنه لا يوجد موضع من جسده إلاّ وفيه ضربة سيف، أو طعنة برمح، وكان مقطّع الأعضاء قطعة قطعة.والعجيب في الأمر أنّ هذه الأوصال المقطعة م_خيطة بخيوط سود، ويخرج منها دم قانٍ كأنّه قتل في هذه الساعة، وتفوح منه رائحة طيّبة أطيب من رائحة المسك، لم أشمّ مثلها قبل ذلك اليوم.فجعلت أبكي عليه، واجتمع أهلي علي صوت بكائي، وكان ضمن من اجتمع من أهلي هو خالي، وكان يشكو ألماً في رجله اليمني لا يستطيع المشي، فقلت لهم وأنا أبكي داخل القبر: انظروا ما فعل بنو أُميّة لعنهم الله، لقد قطعوا جسده الشريف تقطيعاً وأنا في حالة بكاء شديد، لقد فصلوا رأسه عن بدنه، فبكي أهلي بكاءً شديداً، فاستيقظت من نومي، وقد زاد حزني وبكائي وحبي للحسين وآل الحسين (عليه السلام).وفي الصباح جاء خالي لزيارتنا، فإذا هو سالم معافي، فأخبرت أهلي بهذه الرؤيا، فازدادوا يقيناً وحباً لآل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) [192] .وأما الدليل الشرعي علي الرؤيا في المنام فقد تطرق القرآن الكريم وأشار إليها، منها قول_ه تعالي: إذ قال يُوسُفُ لأَبيه يا أبتِ إني رأيت أَحدَ عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يا بني لا تقصص رؤياك علي أخوتك فيكيدوا لك كيداً إنَّ الشيطانَ للإنسان عدوٌ مبين [193] و:فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أَنَّي أذبُحك فانظر ماذا تري قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين [194] و:وما جعلنا الرُّؤيا التي أريناك إلاَّ فتنةً للناسِ والشجرةَ

الملعونةَ في القُرآن [195] .وذكر مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي(عليه السلام) [196] .ولما كان الحسين (عليه السلام) ملاحقاً من قبل عمّال يزيد بن معاوية لرفضه بيعة يزيد راح يشكو من ظلمه إلي قبر جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).وقد ذكر أحمد بن أعثم في كتابه قائلاً: وخرج الحسين بن علي من منزله ذات ليلة وأتي إلي قبر جده (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)السلام عليك يا رسول الله! أنا الحسين بن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك وسبطك في الخلق الذي خلفت علي أُمّتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذولني وضيّعوني، وأنهم لم يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتي ألقاك، صلي الله عليك وسلم(عليهم السلام). ثمّ وثب قائماً، وصفّ قدميه، ولم يزل راكعاً وساجداً.ورجع الحسين إلي منزله مع الصبح. فلمّا كانت الليلة الثانية خرج إلي القبر أيضاً، فصلي ركعتين، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: اللهمّ إن هذا قبر نبيّك م_حمد،وأنا ابن بنت نبيّك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهمّ إنّي أُحبّ المعروف وأكره المنكر، وأنا أسألك - يا ذا الجلال والإكرام - بحقّ هذا القبر ومن فيه ما اخترت لي من أمري هذا ما هو لك رضي(عليهم السلام).قال: ثم جعل الحسين يبكي حتي إذا كان في بياض الصبح وضع رأسه علي القبر فأغفي ساعة، فرأي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه، حتّي ضمّ الحسين (عليه السلام) إلي

صدره، وقبّل بين عينيه، وقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)يا بني يا حسين(عليهم السلام)، كأنك عن قريب أراك مقتولاً مذبوحاً بأرض كرب وبلاء بين عصابة من أمتي، وأنت في ذلك عطشان لا تُسقي، وظمآن لا تُروي، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، فما لهم عند الله من خلاق، حبيبي يا حسين إنّ أباك وأُمّك وأخاك قد قدموا عليّ، وهم إليك مشتاقون، وإنّ لك في الجنة درجات لن تنالها إلاّ بالشهادة(عليهم السلام). قال: فجعل الحسين ينظر في منامه إلي جده (صلي الله عليه وآله وسلم)، ويسمع كلامه، وهو يقول: (صلي الله عليه وآله وسلم)يا جدّاه، لا حاجة لي في الرجوع إلي الدنيا أبداً، فخذني إليك، واجعلني معك إلي منزلك(عليهم السلام). قال: فقال له النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)يا حسين، إنّه لابدّ لك من الرجوع إلي الدنيا حتي ترزق الشهادة، وما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم...(عليهم السلام).قال: فانتبه الحسين من نومه فزعاً مذعوراً، فقص رؤياه علي أهل بيته وبني عبد المطّلب، فلم يكن ذلك اليوم في شرق ولا غرب أشدّ غماً من أهل بيت الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، ولا أكثر منه باكياً وباكية [197] .

ارادة الله شاءت

لمّا هلك معاوية بن أبي سفيان طلب يزيد بن معاوية من عماله في جميع الأمصار تجديد البيعة له، ولكنّ الحسين (عليه السلام) رفض بيعة يزيد لكونه متلبّساً بالفسق والفجور والخمور، إضافة إلي أنه ليس أهلاً للخلافة والإمامة؛ لكونه من الشجرة الملعونة في القرآن الكريم، وشجب المسلمون هذا العمل الشنيع، ومصادر كتبهم تصرح بذلك.ولهذا الأمر قرر الحسين (عليه السلام) الخروج إلي العراق، وقد نصحه بعض الصحابة

والتابعين بعدم الخروج إلي العراق إلاّ أنه (عليه السلام) رفض ذلك، لأنّه لا يريد م_خالفة الإرادة الإلهيّة، فكان خروج الإمام الحسين (عليه السلام) مستنداً إليها، أي إنه سار بأمر من قبل الله تعالي كما تصرح أحاديث الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وإخبار جبرائيل النبيَّ (صلي الله عليه وآله وسلم) بذلك، ولقد أشرنا إلي بعض تلك الروايات من طرق أهل السنة في واقعة فاجعة الطفّ.وإليك بعض النصائح التي وجهت إليه، منها:عن الشعبي قال: إنّ ابن عمر كان بماء له فقدم المدينة فأُخبر بخروج الحسين فلحقه علي مسيرة ثلاث ليال من المدينة، فقال له: أين تريد؟ قال: (عليه السلام)العراق(عليه السلام) قال: لا تأتهم؛ لأنّك بضعة من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، والله لا يليها منكم أحد أبداً، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير لكم. فقال له الحسين: (عليه السلام)هذه بيعتهم وكتبهم(عليهم السلام) فاعتنقه ابن عمر وبكي وقال: أستودعك الله من قتيل والسلام [198] .ومن وصايا م_حمّد بن الحنفيّة إلي الحسين (عليه السلام) عند خروجه: أشير عليك أن تنجو بنفسك عن يزيد بن معاوية، وعن الأمصار ما استطعت... فقال له الحسين (عليه السلام) (صلي الله عليه وآله وسلم)يا أخي، والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوي لما بايعت يزيد بن معاوية(عليهم السلام) وقد قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)اللهمّ لا تبارك في يزيد(عليهم السلام) ثم قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)وإني قد عزمت علي الخروج إلي مكة(عليهم السلام) [199] .وعن ابن سعد بسنده قال: فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله، إني لكَ ناصحٌ ومُشفِقٌ، وقد بلغني أنه كاتَبَكَ قومٌ من شيعتك فلا

تخرجْ إليهم، فإني سمعتُ أباك يقول بالكوفة: (صلي الله عليه وآله وسلم)والله لقد مَلِلْتُهم ومَلُّوني، وأبغضتهم وأبغضوني، وما بلوتُ منهم وَفَاءً، ولا لهم ثَبَاتٌ ولا عَزْمٌ ولا صَبْرٌ علي السيف(عليهم السلام) [200] .وأتاه عبد الله بن عباس ومعه جماعة من أهل ذوي الحنكة والتجربة والمعرفة بالأُمور فقال له: يا ابن عم، إنّ الناس قد أرجفوا بأنّك سائر إلي العراق؟ فقال: (عليه السلام)نعم(عليه السلام) قال ابن عباس: فإني أُعيذك بالله من ذلك، أتذهب - رح_مك الله - إلي قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم... ف_لا آمن أن يغ_رّوك ويكذّبوك وي_خذلوك ويُست_نفروا إليك فيكونوا أشدّ الناس عليك.قال الحسين (عليه السلام): وإني استخير الله وأنظر.ثم عاد ابن عباس إليه فقال: يا ابن عم، إنّي أتصبّر فلا أصبر، إنّي أتخوّف عليك الهلاك، إن أهل العراق غدر فأقم بهذا البلد، فإنك سيد أهل الحجاز... إلاّ فإن في اليمن جبالاً وشعاباً وحصوناً ليس لشيء من العراق مثلها، واليمن أرض طويلة عريضة، ولا بيك بها شيعة فَأَتِها، ثم ابثث دعاتك وكتبك يأتك الناس.فقال له الحسين: (صلي الله عليه وآله وسلم)يا ابن عم، أنت الناصح الشفيق ولكني قد أزمعت المسير ونويته(عليهم السلام) فقال ابن عباس: فإن كنت سائراً فلا تسر بنسائك وأصبيتك، فوالله إني لخائف أن تقتل...ثم خرج ابن عباس من عنده، فمرَّ بابن الزبير وهو جالس فقال له: قرّت عينُك يا ابن الزبير بشخوص الحسين عنك وتخليته إيّاك والحجاز، ثم قال:ي__ا لَ_كِ من قُ__بّ___رةٍ ب_م_عمَرِ خَلا لكِ الجَوُّ فبيضي واصفُريونَقِّري ما شئتِ أن تُنقِّري [201] . قالوا: ولما كتب أهل الكوفة إلي الحسين (عليه السلام) بما كتبوا به فاستحفّوه للشخوص، جاءه عمرو بن عبد الرحمن المخزومي بمكّة فقال له: بلغني

أنّك تريد العراق، وأنا مشفق عليك من مسيرك؛ لأنك تأتي بلداً فيه عماله وأُمراؤه، ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبيد الدينار والدرهم! فلا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره، ومن أنت أحب إليه ممن يقاتلك معه وذلك عند البذل وطمع الدنيا، فقال له الحسين (عليه السلام): جزاك الله خيراً من ناصح نصحت، ويقضي الله(عليهم السلام) [202] .وكتب إليه عبد الله بن جعفر يُحذِّره ويُناشده الله، فكتب إليه: (صلي الله عليه وآله وسلم)إنّي رأيتُ رؤيا، رأيت فيها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأمرني بأمرٍ أنا ماضٍ له(عليهم السلام) [203] .وقالوا: وعرض ابن الزبير علي الحسين (عليه السلام) أن يقيم بمكّة فيبايعه ويبايعه الناس، كأنما أراد بذلك أن لا يتّهمه، وأن يعذر في القول، فقال الحسين: (عليه السلام)لأن أُقتل خارجاً من مكّة بشبر أحبّ إليَّ من أن أُقتل فيها، ولأن أُقتل خارجاً منها بشبرين أحب إليَّ من أن أُقتل خارجاً منها بشبر(عليه السلام) [204] .فقام ابن الزبير وخرج من عنده، فقال الحسين (عليه السلام) لجماعة كانوا عنده من خواصه: إن هذا الرجل - يعني ابن الزبير - ليس في الدنيا شيء أحب إليه من أن أخرج من الحجاز، وقد علم أن الناس لا يعدلون بي مادمت فيه إني خرجت منه لتخلوا له [205] .وهذه النصحية عكس نصيحته عندما رأي اختلاف أهل مكة إلي الحسين (عليه السلام) لما وردها، لأنه أراد أن يتخلص منه حتي يتوجه أهل مكة إليه، فقدم إليه نصيحة مغشوشة كما ذكرها المسعودي في تاريخه.وبلغ ابن الزبير أنه - يعني الحسين - يريد الخروج إلي الكوفة وهو أثقل الناس عليه، قد غمّه مكانه بمكّة؛ لأنّ الناس ما كانوا يعدلونه بالحسين، فلم يكن

شيء يُؤتاه أحبّ إليه من شخوص الحسين عن مكة، فأتاه فقال: أبا عبد الله ما عندك؟ فو الله لقد خفت في ترك جهاد هؤلاء القوم علي ظلمهم واستذلالهم الصالحين من عباد الله، فقال الحسين: (عليه السلام)قد عزمتُ علي إتيان الكوفة(عليه السلام) فقال: وفَّقَكَ الله، أما لو أن لي بها مثل أنصارك ما عدلْتُ عنها، ثمّ خاف أن يتّهمه [206] .وخرج الحسين (عليه السلام) وعبد الله بن الزبير من ليلتها إلي مكّة، فقدما مكّة، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطّلب، ولزم ابن الزبير الحِجْر، ولبس المَعَافريَّ، وجعل يُحَرِّض الناس علي بني أُميَّة، وكان يغدو ويروح إلي الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك، وكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك ويقول لا تفعل [207] .قال الحسين (عليه السلام) لابن عباس: (صلي الله عليه وآله وسلم)فإن_ي مس_توطن هذا الحرم - ي_عني مكّة - ومقيم فيه أبداً ما رأيت أهله يحبّوني وينصروني، فإذا هم خذلوني، استبدلت بهم غيرهم، واستعصمت بالك_لمة التي قالها إبراهيم الخليل (عليه السلام) يوم أُلقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل، فكانت النار عليه برداً وسلاماً(عليهم السلام) [208] .فلما أصبح الحسين (عليه السلام) وإذا برجل من الكوفة يكني أبا هرة الأزدي، أتاه فسلّم عليه، ثمّ قال: يا ابن بنت رسول الله، ما الذي أخرجك عن حرم الله، وحرم جدّك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ فقال الحسين (عليه السلام): (صلي الله عليه وآله وسلم)يا أبا هرة إنّ بني أُميّة أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم الله يا أبا هرة لتقتلني الفئة الباغية، وليلبسهم الله ذلاً شاملاً وسيفاً قاطعاً، وليسلطن الله عليهم من يذلّهم حتي

يكونوا أذلّ من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهن فحكمت في أموالهم وفي دمائهم(عليهم السلام) [209] .وقالوا: وكان زهير بن القين البَجَلي بمكّة - وكان عثمانيّاً - فانصرف من مكة متعجّلاً، فضمّه الطريق وحسيناً، فكان يسايره ولا ينازله، ينزل الحسين في ناحية وزهير في ناحية، فأرسل الحسين إليه في إتيانه، فأمرته امرأته دملم بنت عمرو أن يأتيه فأبي، فقالت: سبحان الله، أيبعث إليك ابن بنت رسول الله فلا تأتيه؟! فصار إليه ثمّ انصرف إلي رحله، قال لامرأته: أنت طالق، فالحقي بأهلك فإني لا أُحب أن يصيبك بسببي إلاّ خير، ثمّ قال لأصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني وإلاّ فإنّه آخر العهد، وصار مع الحسين [210] .هذا الرجل لقد وصل به الموقف الحسيني إلي طلاق زوجته، هذا هو العشق الإلهي للشهادة من أجل نصرة الإسلام، فكلّ واحد منّا إمّا أن ينضمّ إلي معسكر الحسين (عليه السلام) أو إلي معسكر يزيد بن معاوية؛ لأنّه صراع بين الحقّ والباطل والخير والشرّ ولا ثالث لهما، أليس كذلك؟وكان موقف الحرّ واضحاً للعيان في واقعة الطف يوم عاشوراء، وذلك لمّا زحف عمر نحو الحسين أتاه الحرّ بن يزيد فقال له: أصلحك الله، أمقاتل أنتَ هذا الرجل؟ قال له: إي إي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي... فأقبل يدنو نحو الحسين قليلاً قليلاً، وأخذتْه رِعدة، فقال له رجل من قومه يقال له المهاجر بن أَوْس: والله إنّ أمرك لمريب! والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل ما أراه الآن! ولو قيل مَنْ أشجعُ أهل الكوفة لما عدوتُك. فقال له: إنّي - والله - أُخيّر نفسي بين الجنّة والنار، ووالله لا أختار علي الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحُرّقت، ثمّ ضرب

فرسه فلحق بالحسين (عليه السلام) فقال له جعلني الله فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستُك عن الرجوع، وسايرتك في الطريق، وج_عج_عت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردّونعليك ما عرضتَ عليهم أبداً، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم، ولا يرون أني خرجت من طاعتهم، وإني لو سولت لي نفسي أنهم يقتلونك ما ركبت هذا منك، وإني قد جئتك تائباً مما كان منِّي إلي ربي، ومواسياً لك نفسي، حتي أموت بين يديك، أفتري ذلك لي توبة. قال: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك، ما اسمك قال: أنا الحرّ بن يزيد قال: أنت الحرّ كما سمتك أمك، أنت الحرّ إن شاء الله في الدنيا والآخرة أنزل قال: أنا لك فارساً خير مني راجلاً، أقاتلهم علي فرسي ساعة وإلي النزول ما يصير آخر أمري قال الحسين: فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.ثم قال: يا ابن رسول الله كنت أول خارج عليك، فأذن لي أن أكون أوّل قتيل بين يديك، فلعلي أن أكون مما يصافح جدّك م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم) غداً في القيامة. فقال له الحسين (عليه السلام): إن شئت فأنت ممن تاب الله عليه وهو التواب الرحيم [211] .قال الراوي: هذا ما كان من أمر الحسين ونزوله بأرض كربلاء وأما ما كان من أمر ابن زياد، فإنه أتاه رجل من عسكر الحر من غير علمه وقال اعلم أيها الأمير أن الحسين نزل في أرض كربلاء... فعند ذلك اطلق منادياً في الكوفة: يا معشر الناس من يأت برأس الحسين، فله ملك الري عشر سنين، وأرسل في

البصرة منادياً بمثل ذلك، فقام إليه عمر بن سعد، وقال: أنا آتيك برأسه. فقال له: امضِ وامنعه من شرب الماء وائتني برأسه. فقال: سمعاً وطاعة فعند ذلك، عقد له الراية والإمرة علي ستة آلاف فارس.وسار قاصداً كربلاء، لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) وهناك ينبري لنا في ميدان الطف، موقف (الحر بن يزيد الرياحي) الذي سيبقي عالقاً في ذاكرة تاريخ الأحرار في العالم، لما لموقفه من أثر بالغ لفعله في النفوس، حيثُ أن الحُرَّ تَركَ وراء ظهره زعامة قبيلته (تميم) ومنصبه الدنيوي فهو (قائد لشرطة بن زياد) ووجيه من وجهاء الكوفة، وشجعاتها، لم يَمُت للإمام الحسين (عليه السلام) بصلة قربي سوي الدين.. فتراه إنحازَ لمعسكر ابن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ليختم حياته بنصرته، والذود عن حرم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مضحياً بحياته دونهم، ليبقي خالداً ما بقي في الحياة نبض لقلب.بينما نري (عمر بن سعد) موقفاً مغايراً لموقف الحر، بالرغم من أن لعمر هذا صلة قرابة بالإمام الحسين (عليه السلام) ولكن الدنيا أغرته، فأعمت بصيرته واستسلم لها طائعاً لضعف إيمانه بالله والدين الحنيف، فرضيَّ بعافيتها وقدمها علي سعادة الآخرة، طمعاً بملكِ الري، الذي وعده به (ابن زياد) فتهالَك دونه، وقاد البغاة لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وبلغ ولوغه في الإثم، أن يحرق الخيام، ويسبي عيال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ويحمل رأس الحسين، علي قناة، إلي الكوفة، أملاً في إمارة الري، فلا بلغ مناه وأذله الله في الدنيا والآخرة.وشتان ما بين موقف الحر العظيم في نبذة الانحراف والإنصياع إلي أوامر السلطة الباغية، وموقف ابن سعد الوضيع، الذي تبع هوي نفسه قائلاً:فو الله ما أدري

وإني لواق_ف أفك_ر في أمري علي خطرينأأترك ملك الري والري منيتي أم أرجع م_أثوماً بقتل حسينفإن صدقوا فيما يقولون إنني اتوب إلي الرحمن من سنتينوإن ك_ذب_وا ف_زن_ا ب_دن_يا دنية وم_ل_ك ع_قيم دائم الحج_ل_ينألا إن_ما ال__دنيا لخير معجلٍ وما عاقل باع الوجود بدين [212] .وهكذا سقته تلك النفس الأمارة بالسوءِ الذلةِ والهوان، فنبذه ابن زياد صاحبه وانكر وعده له واقتصاص المختار منه ثأراً للإمام الحسين (عليه السلام) فمضي إلي جهنم بوجهٍ كالحٍ، وهذا مصير كل مَن يبيع آخرته بدنياه، وشتان ما بين الموقفين، فأين الثري من الثريا، وهل مِن مُعتبر.أي_نَ مَنْ خ_ان_وا حسيناً أينُهم سَ__جّلَ ال_ت_اري_خُ ع_اراً ف_ع_لَ_هُ_مْهل تري يا صاحبي قبراً لهم فوق هذي الأرض في عرضٍ وطول

فاجعة الطف

قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: مصرع الحسين (عليه السلام) يسكب المدامع من الأجفان، ويجلب الفجائع، ويثير الأحزان، ويلهب النيران الموجودة في أكباد ذوي الإيمان، بما أجرته الأقدار للفجرة من الإجتراء، وفتكها واعتدائها علي الذريّة النبويّة بسفح دمائها وسفكها، واستبائها مصونات نسائها وهتكها. كيف لا وهم رجال الذرّيّة النبويّة بنجيعها م_خضوبة، وأبدانها علي التراب مسلوبة، وم_خدّرات حرائرها سبايا منهوبة، فكم كبيرة من جريمة ارتكبوها واجترموها، وكم من نفس معصومة ازهقوها واخترموها، وكم من كبد حرّي ضعوها ورود الماء المباح وحرموها، ثم احتزوا رأس سبط رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) [213] .هذا مع علمهم بأنها الذريّة النبويّة المسؤول لها المودة بصريح القرآن وصحيح الاعتقاد، فلو نطقت السماء والأرض لرثت لها ورثتها، ولو اطلعت عليها مردة الكفر لبكتها وندبتها، ولو حضرت مصرعها عتاة الجاهلية لابكتها ونعتها، ولو شهدت وقعتها بغاة الجبابرة لاغاثتها ونصرتها.فيا لها مصيبة أنزلت الرزية بقلوب الموحّدين فأورثتها، وبليّة أحلّت الكآبة بنفوس المؤمنين سلفاً وخلفاً

فاحزنتها، فوا لهفتاه لذرية نبوية طل دمها، وعترة م_حمدية فل م_خذمها، وعصبة علوية خذلت فقتل مقدمها، وزمرة هاشمية استبيح حرمها واستحل م_حرمها [214] .لذا ورد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (عليه السلام)قام عندي جبريل من قبل فحدّثني أن الحسين يقتل بشطّ الفرات، وقال: هل لك أن أُشمّك من تربته؟ قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا(عليه السلام) [215] .عن ابن سُحَيم عن أبيه قال: سمعت أنس بن الحارث يقول: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره(عليهم السلام).قال: فخرج أنس بن الحارث إلي كربلاء، فقُتل مع الحسين (عليه السلام) [216] .عن ابن عباس قال: كان الحسين جالساً في حجر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال جبريل: أتحبُّه؟ فقال: (عليه السلام)وكيف لا أُحبه وهو ثمرة فؤادي؟(عليهم السلام) فقال: أما إن أُمتك ستقتله، ألا أُريك من موضع قبره؟ فقبض قبضة فإذا تربته حمراء [217] .عن أُمّ سلمة أنّها قالت: كان جبرئيل (عليه السلام) عند النبي والحسين بن علي معي، فغفلت عنه، فذهب إلي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، وجعله النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) علي فخذه، فقال له جبرئيل: أتحبّه يا م_حمد؟ فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)نعم(عليه السلام) فقال: أما إن أُمّتك ستقتله، وإن شئت أريتك تربة الأرض التي يقتل فيها، فبسط جناحيه إلي الأرض وأراه أرضاً يقال لها كربلاء، تربة حمراء بطفّ العراق [218] .عن أُمّ الفضل قالت: قال لي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) والحسين في حجره:

(عليه السلام)إنّ جبريل (عليه السلام) أخبرني أنّ أُمّتي تقتل الحسين(عليه السلام) [219] .عن عبد الله بن عمرو قال: إن معاذ بن جبلة أخبره قال: خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مصفرّ اللون فقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)أنا م_حمد أُوتيت جوامع الحكم فواتحها وخواتمها، فأطيعوني مادمت بين أظهركم... يزيد لا بارك الله في يزيد، ثمّ ذرفت عيناه بالدموع(عليهم السلام) ثمّ قال: (عليه السلام)نعي إليَّ الحسين، ثمّ أُتيت بتربته وأُخبرت بقتله وقاتله أو قتلته، والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم، وسلّط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعاً(عليه السلام) ثم قال: (عليه السلام)آه لف_راخ آل م_حم_د م_ن خ__ليفة مس__تخلف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف(عليه السلام) [220] .وعن يحيي الحضرمي قال: إنّه سار مع عليّ (رضي الله عنه) وكان صاحب مطهرته، فلمّا حاذي نينوي وهو منطلق إلي صفين فنادي علي: (عليه السلام)صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله(عليه السلام) وهو بشطّ الفرات، فقلت: وما ذاك؟ قال: (عليه السلام)دخلت علي النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وإذا عيناه تذرفان قلت يا نبي الله أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل (عليه السلام) آنفاً فأخبرني أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات. قال: فقال: هل لك أن أُشمك من تربته؟ قلت: نعم. قال: فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا(عليه السلام) [221] .ذكر الحاكم الجشمي: أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لما سار إلي صفين نزل بكربلاء وقال لابن عباس: (عليه السلام)أتدري ما هذه البقعة؟(عليه السلام) قال: لا. قال: (عليه السلام)لو عرفتها لبكيت بكائي(عليه السلام) ثمّ بكي بكاءً شديداً،

ثمّ قال: (عليه السلام)مالي ولآل أبي سفيان(عليه السلام) ثمّ التفت إلي الحسين وقال: (عليه السلام)صبراً يا بني، فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقي بعده(عليه السلام) [222] .عن أنس بن مالك قال: استأذن مَلَكُ القَطْرِ والمطر ربّه عزّ وجلّ أن يزور النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، فإذن له، فجاءه وهو في بيت أُمّ سلمة، فقال: (عليه السلام)يا أُمّ سلمة احفظي علينا الباب، لا يدخل علينا أحد(عليه السلام) فبينما هم علي الباب إذ جاء الحسين ففتح الباب، فجعل يتقفز علي ظهر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) - يعلو رقبة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ويعبث به والملك ينظر - يلتثمه ويقبّله، فقال له الملك: أتحبه يا م_حمد؟ قال: (عليه السلام)إي والله إنّي لأُحبّه(عليه السلام) قال: أما إنّ أُمتك ستقتُلهُ وإن شئت أن أُريك من تربة المكان الذي يقتل فيها، قال: فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأتاه بسِهْلة حمراء، فأخذته أُمّ سلمة فجعلته في طرف ثوبها قال: فكنّا نسمع يقتل بكربلاء [223] .عن عائشة قالت: دخل الحسين بن علي (رضي الله عنهما) علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو يوحي إليه، فنزا علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو منكبّ، وهو علي ظهره، فقال جبرئيل لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): أتحبّه يا م_حمد؟ قال: (عليه السلام)يا جبريل ومالي لا أُحبّ ابني(عليه السلام) قال: فإنّ أُمّتك ستقتله من بعدك، فمدّ جبريل (عليه السلام) يده فأتاه بتربة بيضاء، فقال: في هذه الأرض يقتل ابنك هذا، واسمها الطفّ [224] ، فلما ذهب جبريل (عليه السلام) من عند رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) خرج رسول الله (صلي الله

عليه وآله وسلم) والتزمه في يده يبكي فقال: (عليه السلام)يا عائشة، إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطفّ، وأن أُمّتي ستفتن بعدي(عليه السلام) ثمّ خرج إلي أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وعمار وأبو ذرّ وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: (عليه السلام)أخبرني جبريل (عليه السلام) أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني أنّ فيها مضجعه(عليه السلام) [225] .عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لمّا ثقل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في مرضه والبيت غاصّ بمن فيه قال: ادعوا لي الحسن والحسين فجاءا، فجعل يلثمهما حتي أُغمي عليه، فجعل عليٌ يرفعهما عن وجه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ففتح عينيه وقال: دعهما يتمتعا مني واتمتع منهما فستصيبهما بعدي أثرة...(عليهم السلام) [226] .عن الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) قال: أتينا مع علي بن أبي طالب فمررنا بأرض كربلاء، فقال علي (عليه السلام): (عليه السلام)ههنا مناخ ركابهم وموضع رحالهم ومهراق دمائهم، فتية من آل م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم) يقتلون في هذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض(عليه السلام) [227] .عن عليّ (رضي الله عنه) قال: (عليه السلام)ليقتلنّ الحسين قتلاً، وإني لأعرف التربة التي يقتل فيها قريباً من النهرين(عليه السلام) [228] .لمّا أُحيط بالحسين بن علي قال: (عليه السلام)ما اسم هذه الأرض؟(عليه السلام) قيل: كربلاء فقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)صدق النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إنها أرض كَرْبٍ وبَلاء(عليه السلام) [229] .عن أبي وائل، عن أُمّ سلمة قالت: كان الحسن والحسين (رضي الله عنهما) يلعبان بين يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في بيتي،

فنزل جبريل (عليه السلام) فقال: يا م_حمد، إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك، وأومأ بيده إلي الحسين، فبكي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وضمّه إلي صدره، ثمّ قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)يا أُمّ سلمة، وديعةٌ عِنْدَكِ هذه التربةُ(عليه السلام) فشمّها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقال: (عليه السلام)وَيْحَ كُرْب وبلاء(عليه السلام) قالت: وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)يا أُمّ سلمة إذا تحوَّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنَّ ابني قد قُتل(عليه السلام) قال: فجعلتها أُم سلمة في قارورة، ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول: إنّ يوماً تحوّلين دماً ليوم عظيم [230] .وكان أوّل صارخة صرخت في المدينة أُمّ سلمة، زوج رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) كان دفع إليها قارورة فيها تربة؛ وقال لها: إنّ جبرائيل أعلمني أنّ أُمّتي تقتل الحسين. وأعطاني هذه التربة وقال لي: إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أنّ الحسين قد قتل وكانت عندها. فلّما حضر ذلك الوقت، جعلت تنظر إلي القارورة في كلّ ساعة، فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت: واحسيناه وابن رسول الله؛ فتصارخن النساء من كلّ ناحية، حتي ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قطّ [231] .قالت أُمّ سلمة: فأصبته يوم قتل الحسين (عليه السلام)، وقد كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلاً يقول:أيّها القاتلون جهلاً حسيناً أبشروا بالعذاب والتذليلِكل أهل السماء يدعو عليكم م_ن ن_بيٍّ ومَل_ك وق_ب_يلِقد لعنتم علي لسان ابن داود وموسي وحامل الإنجيلقالت: فبكيت وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دماً [232] .عن شهرْ بن حَوْشب قال: كنت عند أُمّ سلمة زوج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) حين أتاها قتل

الحسين، فقالت: قد فعلوها! ملأ الله بيوتَهم وقبورَهم ناراً، ووقعت مغشيَّةً عليها فقمنا [233] .وعن بن أبي عمّار عن أُمّ سلمة قال: سمعت الجنّ تنوح علي الحسين بن عليّ (رضي الله عنهما) [234] .عن الفقيمي قال: كان الجصّاصون إذا خرجوا من السحر سمعوا نوح الجن علي الحسين (رضي الله عنه):مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدودأبواه في عليا قريش وجدُّه خير الجدود [235] .أما بلاؤه في القتال فقد أبلي بلاءً حسناً، ولم يتمكّنوا منه حتي أُثخن بالجراح وسقط علي الأرض، فحزّوا رأسه يوم عاشوراء عام 61 ه_، ولمّا وضع الرأس بين يدي عبيد الله بن زياد أنشد قاتله سنان بن أنس النخعي لعنه الله تعالي:املأ ركابي فضّة أو ذهبا إنّي قتلت السيد المحجّباومن يصلّي القبلتين في الصبا وخيرهم إذ يذكرون النسباق_ت___لت خي__ر الن___اس أُمّاً وأبا فقال له عمر بن سعد: أشهد أنّك م_جنون، ما صَحْت قط، أدخلوه إليّ، فلمّا دخل حذفه بالقضيب وقال: يا أحمق أتتكلّم بهذا الكلام؟ والله، لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك!وأرسل ع_مر بن سعد - خذله الله - بالرأس إلي ابن زياد مع س__نان ب_ن أنس قاتل الحسين (عليه السلام)، فلمّا وضع الرأس بين يدي عب__يد الله بن زياد - وأنش_د الأبي_ات -، فغض___ب عب__ي_د الله ب__ن زي_اد من ق_وله وق_ال: إذا علمت ذلك فلم ق_تلت_ه؟ والله، لان_لت منّي خيراً ولألحقنّك به، ثمّ قدّمه وضرب عنقه [236] .عن ابن أبي نُعْمٍ قال: إنّ رجلاً من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يُصيبُ الثوْبَ؛ فقال ابن عمر: اُنظروا إلي هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وقد سمعتُ رسول الله (صلي الله

عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)هُمَا رَيْحانتايَ من الدنيا(عليه السلام) [237] .وروي أنّه سأله عن المحرم بقتل الذباب فقال: يا أهل العراق، تسألون عن قتل الذباب وقد قتلتم الحسين بن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) [238] .وأُخذ ثَقَل الحُسين، وأخذ رجل حليَّ فاطمة بنت الحسين وبكي، فقالت: لم تبكي؟ فقال: أأَسلبُ بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ولا أبكي؟ قالت: فدعه، قال: أخاف أن يأخذه غيري [239] .عن الزهري قال: إنه لم يُرفع تلك الليلة التي صبيحتها قُتل الحسين بن علي بن أبي طالب حجرٌ في بيت المقدس إلاّ وُجد تحته دم عبيط [240] . قال عبد الملك: صدقت، حدثني الذي حدثك، وإني وإياك في هذا الحديث لقرينان [241] .وممّا ظهر يوم قتله من الآيات:عن أُمّ سلمة قالت: لمّا قتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم علي البيوت والجدر. قالت وبلغني أنه كان بخراسان والشام والكوفة.وعن مروان - مولي هند بنت المهلَّب - قال: حدّثني بوّاب عبيد الله بن زياد، أنّه لمّا جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً [242] .عن م_حمد بن سيرين قال: لم تر هذه الحمرة التي في آفاق السماء حتي قتل الحسين بن علي (رضي الله تعالي عنهما) [243] .وعن هشام بسنده قال: تعلم هذه الحمرة في الأُفق مِمَّ؟ هو من يوم قتل الحسين (عليه السلام) [244] .عن أبي قب_يل ق_ال: إنّ السماء أظ_لمت يوم ق_تل الحسين ح_تي رأوا الكواكب [245] .عن الأسود بن قيس قال: أحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة أشهر يُري ذلك في آفاق السماء، كأنّها الدم [246] .عن معمر قال: أوّل ما عُرف الزُّهري تكلَّم في

م_جلس الوليد بن عبد الملك فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنه لم يُقلبَ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط [247] .أرسل عبد الملك إلي رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال: نعم، ما كشف عن حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط [248] .عن أبي بكر الشاهد بسنده قال: أرسل عبد الملك إلي ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذٍ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط [249] .عن ابن سيرين قال: لم تبك السماء علي أحد بعد يحيي بن زكريا إلاّ علي الحسين بن علي (عليه السلام) [250] .عن عيسي بن الحرث الكندي قال: لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام إذا صلّينا العصر نظرنا إلي السماء علي أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلي الكواكب يضرب بعضها بعضاً [251] .وذهبوا برأسه إلي عبيد الله بن زياد فوضعوه بين يديه فجعل ينكت بقضيب في يده علي ثناياه وعنده أنس بن مالك جالس فقال له: يا هذا، ارفع قضيبك قد طالما رأيت رسول الله يُقبِّل هذه الثنايا [252] .عن أنس قال: لما قُتل الحسين جيء برأسه إلي عبيد الله بن زياد، فجعل ينكت بقضيب علي ثناياه، وقال: إن كان لحسن الثغر، فقلت: أما والله لأسوءنّك، فقلت: لقد رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يُقبّل موضع قضيبك من فيه [253] .وروي ابن أبي الدنيا: أنّه كان عنده زيد بن أرقم فقال له: ارفع قضيبك، فو الله لطالما رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقبل ما بين هاتين الشفتين، ثم جعل

زيد يبكي فقال ابن زياد: أبكي الله عينيك لولا أنّك شيخ قد خرفت لضربت عنقك. فنهض وهو يقول: أيها الناس، أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمرَّتم ابن مرجانة، والله ليقتلنّ خياركم، ويستعبدون شراركم، فبعداً لمن رضي بالذّلة والعار [254] .وقال سبط بن الجوزي وغيره: المشهور أنّه جمع أهل الشام وجعل ينكت الرأس بالخيزران، وليس العجب إلاّ من ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب، وحمل آل النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) علي أقتاب الجمال، أي موثقين في الحبال والنساء مكشفات الرؤوس والوجوه [255] .وقال ابن الجوزي: وحكمته أنّ غضبنا يؤثّر حمرة الوجه، والحق تنزه عن الجسمية. فأظهر تأثير غضبه علي من قتل الحسين (عليه السلام) بحمرة الأُفق إظهاراً لعظم الجناية. قال: وأنين العباس وهو مأسور ببدر منع النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) النوم، فكيف بأنين الحسين (عليه السلام)؟ ولمّا أسلم وحشي قاتل حمزة قال له النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)غيِّب وجهك عنّي فأني لا أُحبُّ أن أري من قتل الأحبّة(عليه السلام) هذا والإسلام يجبّ ما قبله، فكيف بقلبه (صلي الله عليه وآله وسلم) أن يري من ذبح الحسين (عليه السلام) وأمر بقتله، وحمل أهله علي أقتاب الجمال؟ [256] .ولمّا بلغ أهل المدينة قتل الحسين (عليه السلام) خرجت زينب ابنة عقيل بن أبي طالب في نساء من بني هاشم خرجن معها وهي حاسرة تلوي ثوبها وتقول:م_اذا ت_ق_ول_ون إنْ ق_ال النبيُّ لكم م_اذا ف_ع_ل_ت_م وأن_ت_م آخ_ِرُ الأُممبعتَرتِي وب_أه_ل_ي ب_عد مُ_فْ_تَ_قَ_دِي منهم أُساري وقتلي ضُرِّجُوا بِدَمما كان هذا جزائي إذ نَصَحْتُ لكم أن تخْلفوني بَشرٍّ في ذوي رَحمي والحرم [257] .ضَيَّ_ع_ت_ُم ح_ق__ن_ا واللهُ أوج_ب_ه وقد رعي الفيل حق البيت والحرم [258] .عن أبي

المعالي بسنده قال عن أشياخ له قالوا: غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنائسها مكتوباً:أترجو أُمّةٌ قتلت حُسيناً شفاعةَ جدّه يومَ الحسابفقلنا للروم: من كتب ه_ذا في كني_س_تكم؟ ق_الوا: قبل مبعث نبيكم بثلاثمائة عام [259] .وحكي الشيخ نصر الله بن يحيي مشارف الصاغة وكان من الثقاة الخيِّرين، قال: رأيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) في المنام، فقلت: يا أمير المؤمنين، تقولون يوم فتح مكة من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثمّ يتم ولدك الحسين يوم كربلاء منهم ماتم، فقال لي (عليه السلام): (عليه السلام)أما سمعت أبيات ابن الصيفي التميمي في هذا المعني؟(عليه السلام) فقلت: لا. فقال: (عليه السلام)اذهب إليه واسمعها(عليه السلام). فاستيقظت من نومي مفكراً، ثمّ إنّي ذهبت إلي دار ابن الصيفي وهو الحيص بيص الشاعر الملّقب بشهاب الدين، فطرقت عليه الباب فخرج عليَّ فقصصت عليه الرؤيا، فأجهش بالبكاء، وحلف بالله إن كان سمعها مني أحد، وإن نظمتها إلاّ في ليلتي هذه، ثم أنشد:ملكنا فكان العفو منا سجيّة ف_ل_ما ملك_تم سال بال_دم أب_طحوحللتم قتل الأساري وطالما غدونا علي الأسري نعف ونصفحوحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح [260] .وقد رثاه الناس بمراث كثيرة، ومن أحسن ما أورده الحاكم النيسابوري:جاؤوا برأسك يا ابن بنت م_حمد م_ت__زمّلاً ب_دم_ائ_ه ت_زم_ي_لاف_ك_أنّم_ا بك يا اب_ن بن_ت م_حمد قتلوا جهاراً عامدين رسولاق_ت_ل_وك ع_ط_ش_ان_اً ولم يترقّبوا ف_ي ق_ت_لك التنزيلَ والتأويلاوي_ك_بّرون ب_أن قُت_ل_ت وإنّم_ا قتلوا بك التكبير والتَّهليلا [261] .وللإمام الشافعي (150 - 204 ه_) قصائد عدّة في مدح ورثاء آل البيت، ومن قصائده المعروفة في رثاء الحسين ما مطلعها:تأوُّه قلب_ي والف_ؤاد كئي_ب وأرق نومي فالسهاد عجيبفمن مبلغ عني الحسين رسالة وإن ك_رهتها أنفس وقلوبذبيح ب_لا جرم كأنّ

ق_ميص_ه صبيغ بماء الأرجوان خضيبفللسيف إعوال وللرمح رنة وللخيل من بعد الصهيل نحيبت_زل_زل_ت ال_دن_يا لآل م_ح_م_د وكادت لهم صم الجبال تذوبوغارت نجوم واقشعرت كواك بوه_تك اس_تار وشق جيوبلئن كان ذنبي حب آل م_حمد فذلك ذنب لست عنه أتوب [262] .وقال أبو دهبل الجمحي:وإِنَّ قَتيِلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هاشمٍ أذلَّ رقاباً من قريش فذلَّتوكانوا رجاءً ثمّ اضحوا رزيّة لقد عظمت تلك الرازيا وجلّتوع_ند غ_نيٍ قَطَرةٌ من دمائ_نا سنجزيهمُ يوماً بها حيثُ حلّتمَرَرْتُ علي أبياتِ آلِ مُحمَّدٍ فلم أر من أمثالها يوم حلّت [263] .عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال: لمّا قُتل الحسين بن علي (عليه السلام) جاء غراب، فوقع في دمه، وتمرّغ ثمّ طار، فوقع بالمدينة علي جدار فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب - وهي الصغري - ونعب الغراب فرفعت رأسها فنظرت إليه، فبكت بكاء شديداً، وأنشأت تقول:نعب الغراب فقلت م_ن تنعاه وي__لك يا غ_رابقال الإمام ف_ق_ل_ت م_ن؟ قال الموف_ّق ل_لص_وابقلت: الحسين؟ فقال لي ملقي عي وجه ال_ترابإنّ الحسين بكربلا بين الأس___ن__ّة وال__ض__رابف__ابك الحس___ين بعبرة تُرضي الإله مع الثوابث_مّ اس__تق_لّ به الج_ناح ف__لم ي__طق ردّ الج_وابومن الغريب إذ يري البعض أنّ مقتل الحسين (صلي الله عليه وآله وسلم) كان خروجاً عن طاعة يزيد بن معاوية لأنه في رأيهم اجتهد وأخطأ وله أجر واحد، أو كما قال القاضي الأندلسي ابن العربي بأن الحسين قتل بسيف جدّه!ومن المعروف أنّ يزيد بن معاوية كان مستبدّاً طاغياً، ومارقاً نزقاً، قتل الإمام الحسين بن علي سبط رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، واستباح المدينة، وضرب الكعبة بالمنجنيق، وهو لا يمكن تبريره لا بسنّة نبويّة ولا بحنكة سياسيّة؛ لأنّ قتل الحسين (عليه السلام) كان في الحقيقة م_حاولة

فاشلة لاغتيال فكر أهل البيت وتشويه مبادئهم التي هي فكر ومبادئ الإسلام الحنيف.يبقي سؤال يطرح نفسه دوماً وهو: لماذا يقيم المسلمون المآتم بذكري عاشوراء منذ قرون عديدة وإلي اليوم؟ لقد قتل الحسين ومات يزيد فهل هناك فائدة من إعادة الماضي وتكرار الخلاف؟الجواب: هو أنّ الحقيقة والواقع غير ذلك، فمازال المرء يجد أمامه دوماً حسيناً ويزيد في كل زمان ومكان، وهما يتصارعان، وهو صراع بين الحقّ والباطل، وإنّ هذا النزاع هو في الواقع تجسيد للصراع بين الخير والشر الذي ما زال قائماً، وعلينا أن نختار أحد الموقفين إمّا اتّخاذ موقف الحسين أو يزيد.لقد خرج الحسين واعداً ومتحدّياً وداعياً بحقيقة هدفه، فكان بطلاً، وبذلك سجّل أوّل قوّة تحدٍّ، وأوّل نموذج صادق ثوري في تأريخ المسلمين، قدم حياته وهو مظلوم، وتحول مقتله إلي شهادة، وتحوّلت الشهادة إلي مدرسة ومشعل حرّيّة ينير درب الثائرين [264] .

رأس الحسين

واقعة الطفّ كان لها صدي عالمياً ولشناعتها فقد استنكرها الجميع من مسلمين وغيرهم، ولم يرتضها العقل البشري، لأنها لم تنسجم مع قوانين الكون ومبادئه الإنسانية، وقد أحدثت هذه الجريمة زلزالاً في عالم الكون، وقد نقل لنا التاريخ شواهد كثيرة منها:دخل علي يزيد بن معاوية رأس الجالوت فرأي الرأس بين يديه فقال: أيّها الخليفة، رأس من هذا؟ قال: هذا رأس الحسين. قال: فمن أُمّه؟ قال: فاطمة بنت م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم). قال: فبم استوجب القتل؟ قال: أهل العراق كتبوا إليه ودعوه أن يجعلوه خليفة فقتله عاملي عبيد الله بن زياد، فقال رأس الجالوت: ومن أحق منه بالخلافة وهو ابن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ فما أكفركم؟! وقال: اعلم يا يزيد، أن بيني وبين داود مائة وثلاثة جّداً واليهود يعظّموني،

ولا يرون التزويج إلا برضاي، ويأخذون التراب من تحت أقدامي، ويتبركون به، وأنتم بالأمس كان نبيكم بين أظهركم، واليوم وثبتم علي ولده فقتلتموه، فتباً لكم ولدينكم، فقال يزيد: لولا أن بلغني عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)من قتل معاهداً كنت خصمه يوم القيامة(عليهم السلام) لقتلتك لتعرّضك، فقال رأس الجالوت: يا يزيد، يكون خصم من قتل معاهداً ولا يكون خصم من قتل ولده، ثمّ قال رأس الجالوت: يا أبا عبد الله، اشهد لي عند جدّك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ م_حمداً عبده ورسوله، فقال له يزيد: الآن خرجت من دينك ودخلت في دين الإسلام، فقد برئنا منك، ثم أمر بضرب عنقه [265] .عن أبي الأسود قال: لقيت رأس الجالوت [266] فقال: إن بيني وبين داود سبعين أباً، وإن اليهود إذا رأوني عظَّموني، وعَرفوا حقي، وأوجبوا حِفْظي، وإن ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد قتلتم ابنه [267] .وعن زيد بن أرقم قال: كنت عند عبيد الله بن زياد لعنه الله إذ أُتي برأس الحسين بن علي، فوضع في طست بين يديه، فأخذ قضيباً فجعل يفتر به عن شفته وعن أسنانه، فلم أر ثغراً أحسن منه كأنّه الدرّ، فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء، فقال: ما يبكيك أيّها الشيخ؟ قلت: يبكيني ما رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقبِّل بعض موضع هذا القضيب ويلثمه ويقول: (عليه السلام)اللّهُمّ إُنّي أُحبّه فأَحِبَّه(عليه السلام) [268] .عن المنهال بن عمر قال: أنا والله رأيت رأس الحسين حين حمل وأنا بدمشق، وبين يدي الرأس رجل يقرأ سورة الكهف حتي بل__غ ق__وله تعالي: أَم

حَسِبْتَ أنَّ أصح__ابَ الكَ__هْفِ والرقيم كانوا من آياتِنا عَجَبا [269] . فان__طق الله ال__رأس بلس__ان ذرب، فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي(عليهم السلام) [270] .عن عليّ بن الحسين زين العابدين أنّه قال: (عليه السلام)لمّا أُتي برأس الحسين (عليه السلام) إلي يزيد كان يتّخذ م_جالس الشرب، ويأتي برأس الحسين فيضعه بين يديه ويشرب عليه، فحضر ذات يوم أحد م_جالسه رسول ملك الروم، وكان من أشراف الروم وعظمائها فقال: يا ملك العرب رأس من هذا؟ فقال له يزيد: مالك ولهذا الرأس؟ قال: إني إذا رجعت إلي ملكنا يسألني عن كل شيء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه، فقال يزيد: رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال: ومن أُمّه؟ قال: فاطمة الزهراء. قال: بنت من؟ قال: بنت رسول الله فقال الرسول: أف لك ولدينك، ما دين أخسّ من دينك، اعلم أنّي من أحفاد داود وبيني وبينه آباء كثيرة والنصاري يعظّموني، ويأخذون التراب من تحت قدمي تبركاً؛ لأني من أحفاد داود، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله وما بينه وبين رسول الله إلاّ أُمّ واحدة، فأي دين هذا؟ثمّ قال له الرسول: يا يزيد، هل سمعت بحديث كنيسة الحافر؟ فقال يزيد: قل حتي اسمع، فقال: إنّ بين عمان والصين بحراً مسيرته سنة ليس فيه عمران إلاّ بلدة واحدة في وسط الماء طولها ثمانون فرسخاً وعرضها كذلك، وما علي وجه الأرض بلدة أكبر منها، ومنها يحمل الكافور والياقوت والعنبر وأشجار العود، وهي في أيدي النصاري لا ملك لأحد فيها من الملوك، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة، أعظمها كنيسة الحافر في م_حرابها حقّة من ذهب معلّقة فيها حافر يقولون: إنّه حافر حمار كان يركبه عيسي، وقد زُيّنت حوالي

الحقة بالذهب والجواهر والديباج والابرسيم، وفي كل عام يقصدها عالم من النصاري، فيطوفون حول الحقة ويزورونها ويقبّلونها ويرفعون حوائجهم إلي الله ببركتها، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون انه حافر حمار كان يركبه عيسي نبيهم، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم، لا بارك الله فيكم ولا في دينكم.فقال يزيد لأصحابه: اقتلوا هذا النصراني، فإنّه يفضحنا إن رجع إلي بلاده، ويشنع علينا، فلما أحسّ النصراني بالقتل قال يا يزيد: أتريد قتلي؟!قال نعم.قال: فاعلم أنّي رأيت البارحة نبيكم في منامي وهو يقول لي: يا نصراني أنت من أهل الجنة. فعجبت من كلامه حتي نالني هذا، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن م_حمداً عبده ورسوله، ثمّ أخذ ال_رأس وض_مّه إلي_ه، وج_عل يبكي حتي قتل(عليهم السلام) [271] .روي أنّه كان في م_جلس يزيد هذا حبر من أحبار اليهود فقال: يا أمير المؤمنين، من هذا الغلام؟ قال: علي بن الحسين. قال: فمن الحسين؟ قال: ابن عليّ بن أبي طالب. قال: فمن أُمّه. قال: فاطمة بنت م_حمّد، فقال له الحبر: يا سبحان الله! فهذا ابن بنت نبيّكم قتلتموه في هذه السرعة، بئسما خلفتموه في ذرّيّته، فو الله لو ترك نبيّنا موسي بن عمران فينا سبطاً لظننت أنا كنا نعبده من دون ربنا، وأنتم فارقتم نبيكم بالأمس فوثبتم علي ابنه وقتلتموه، سوأة لكم من أُمّة، فأمر يزيد به فوجئ بحلقه ثلاثاً، فقام الحبر وهو يقول: إن شئتم فاقتلوني، وإن شئتم فذروني، إني أجد في التوراة: من قتل ذريّة نبي فلا يزال ملعوناً أبداً ما بقي، فإذا مات أصلاه اللهُ نار جهنّم.قال بعض العلماء: إن اليهود حرموا الشجرة التي كان منها عصا موسي أن يخبطوا بها، وإن يوقدوا منها النار، تعظيماً لعصا

موسي، وإن النصاري يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس العود الذي صلب عليه عيسي، وان المجوس يعظمون النار لاعتقادهم فيها إنها صارت برداً وسلاماً علي إبراهيم بنفسها، وهذه الأمة قد قتلت أبناء نبيها، وقد أوصي الله تعالي بمودتهم ومولاتهم، فقال عزَّ من قائل: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي [272] .وخرج علي بن الحسين ذات يوم فجعل يمشي في سوق دمشق فاستقبله المنهال بن عمرو الضبابي فقال: (صلي الله عليه وآله وسلم)كيف أمسيت يا بن رسول الله؟ فقال: أمسيت - والله - كبني إسرائيل في آل فرعون، يُذبِّحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، يا منهال أمست العرب تفتخر علي العجم بأن م_حمداً (صلي الله عليه وآله وسلم) عربي، وأمست قريش تفتخر علي سائر العرب بأنّ م_حمداً قرشي منها، وأمسينا آل بيت م_حمد ونحن مغصوبون مظلومون مقهورون مقتولون مشردون مطرودون، فإنا لله وإنا إليه راجعون علي ما أمسينا يا منهال(عليهم السلام) [273] .

جزاء من قتل الحسين

إن من صفات الله تعالي العدل فلذلك جَعل يومَ المعاد يوماً للجزاء ولإحقاق الحق وإن الله تعالي يمهل ولا يهمل فإن لم ينتقم لعباده الصلحاء في دار الدُنيا فهو مقتص لهم من خصومهم في الآخرةِ وأنه ناصرٌ مؤيَد لعبادهِ الصالحين. فقد روي أن قومَ نبي الله صالح قد عقروا ناقته فأنزل الله عذابه الرباني عليهم بعد ثلاثة أيام (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعدٌ غير مكذوب) [274] .عقروا ناقة نبيه فأنزل غضبه عليهم منتصراً لنبيه، فكيف لا ينصرُ مَن يُنبري للثأر من قتله أولاد الأنبياء والأوصياء.. وهو ينتقمُ لمِن ضحي بدمه وآل بيته وأولاده من أجل بسط شريعة الله علي الأرض والحكمُ بدستوره.. إن الله غضب للإمام الحسين

فكسفت الشمس لمصرعه ومطرت السماء دماً عبيطاً... وكادت الأرض أن تميدَ بأهلها واشتد غضبه علي البغاة العصاة يوم رفعوا رؤوس آل البيت علي أسنة الرماح يطوفون بهم البلدان وسبي بنات وحفيدات المصطفي نكاية بآل م_حمد الذي هدم أصنامهم وقتل رجالهم العتاة البغاة الخارجين عن إرادة السماء.عن السُّدِّي قال: أتيت كربلاء لأبيع التمر بها، فعمل لنا شيخ من طيّء طعاماً، فتعشّينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شَرِكَ أحدٌ في قتل الحسين إلاّ مات بأسوأ ميتَة. قال: ما أكذبكم يا أهل العراق! أنا ممَّن شَرِكَ في ذلك. فلم يبرح حتي دنا من المصباح وهو متَّقد بنفط، فذهب يُخرج الفتيلة بأصبعه، فأخذتِ النارُ فيها، فذهب يُطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فغدا فألقي نفسه في الماء، فرأيته كأنَّه حُمَمَة [275] .وع_ن أب_ي رجاء العط_اردي أن_ه ك_ان يقول: لا تسبُّوا علياً ولا أهل بي__ت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، إن جاراً لنا من بني ال_هُجي_م ق_دم م_ن الك_وفة ف_ق_ال: أل_مْ تَروْا هذا الفاسق ابن الفاسق، إن الله قتله - يعني الحسين رضي الله ع_نه - فرماهُ الله بكوكبين في عينيه، وطمس الله بصره. قال: أبو رجاء: فأنا رأيته - لعنه الله - [276] .وعن هشام بن الكلبي عن أبيه قال: كان رجل يقال له: زُرْعة، شهد قتل الحسين، فرمي الحسينَ بسهم فأصاب حنكَه، وكان الحسين دعا بماء ليشرب، فرماه، فحال بينه وبين الماء، فقال: اللهم أظِمئْه. قال: فحدثني مَنْ شهد موته وهو يصيح من الحرِّ في بطنه ومن البرد في ظهره، وبين يديه الثلج والمراوح، وهو يقول: اسْقُوني، أهلكَني العطش، فيؤتي بالعُسِّ العظيم فيه السويق والماء واللبن، لو شربه خمسة لكفاهم، فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني، أهلكني

العطش. قال: فانقَدَّ بطنُه كانقداد البعير [277] .عن أبي م_حمد الهلالي قال: شرك منا رجلان في دم الحسين بن علي (رض_ي الله عن_هما) ف_أما أح_دهما ف_ابتلي ب_العطش فكان لو شرب راويةً ما رَوِيَ... [278] .وعن أبي زُرْعة بسنده قال: جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين، فرأيته أعمي يقاد [279] .قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم، فقام قوم يذكروا، وقام سنان بن أنس فقال: أنا قاتل حسين، فقال: بلاء حسن، ورجع إلي منزله، فاعُتقل لسانه وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث في مكانه [280] .وقال الأعمش: أحدث رجل من أهل الشام علي قبر الحسين بن عليّ، فأبرص من ساعته [281] .وعنه أيضاً قال: تغوط رجل من بني أسد علي قبر الحسين بن علي، قال: فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجُذام ومرض وفقر [282] .وروي سبط بن الجوزي: أن شخصاً علّق رأس الحسين (عليه السلام) في لبب فرسه فرؤي بعدَ أيام ووجهه أشد سواداً من القار، ومات علي أقبح حالة. ويقال: إن رجلاً أنكر ذلك، فوثبت النار علي جسده، فحرقته.وعن الزهري أنّه لم يبق أحد ممّن قتل الحسين إلاّ عوقب في الدنيا قبل الآخر، أما بالقتل أو سواد الوجه أو تغيير الخلقة، أو زوال الملك في مدة يسيرة [283] .

زيارة قبر الحسين

زيارة قبور الشهداء والأولياء والعظماء والأنبياء والخلفاء والعلماء والمصلحين عملٌ م_حبوبُ عقلاً وشرعاً؛ لأنّ تقديس العظماء والأبطال بعد موتهم نزعة فطريّة وسنّة عقلائيّة سائدة في كل أنحاء العالم وبين جميع الأُمم والشعوب علي م_ختلف المستويات منذ أقدم العصور، فمنذ عصر حمورابي وإلي هذا اليوم ينصبون التماثيل والنصب التذكارية في الساحات كالجندي المجهول الذي يرمز إلي التضحية والفداء، وحتي الشعوب غير المسلمة تنحت التماثيل لرجالها الصالحين والمصلحين

في الساحات العامة؛ وذلك تكريماً لهم، وزيارة الملوك والرؤساء والقادة ووض__ع أكل__يل ال__زهور ع__لي قبورهم، تعظيماً لهم.فحرمة الإنسان ميتاً كحرمته حياً كما وردَ في الحديث الشريف قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً سويا(عليهم السلام) [284] .ومن ذلك الحديث النبوي نستنبط أن للأمواتِ حقّ الزيارة علينا مثلما كانوا أحياءً يرزقون فقد جُبلت البشرية علي ذلك وقد وردت أحاديث نبويّة تحثُ علي زيارتهم فالأموات ينتظرون منّا الصدقة والعمل الصالح والعلم الذي ينتفعُ به وزيارتهم وقراءة الفاتحة ترحماً علي أرواحهم يعتبرُ عملاً صالحاً.. نكافأُ عليه بالأجر والثواب. فلِمَ لا نقتفي الأثرَ في حصاد الفضائل ومنها زيارة الأولياء الصالحين.والأُمّة الإسلامية تمتلك رصيداً كبيراً من عمالقة الدنيا وأفذاذ التاريخ وعظماء الرجال تمجّدهم، وتستعيد ذكرياتهم، وتقف علي مراقدهم وقفة المستلهم لمعاني الخير وروح البطولة والعطاء. فإذا كانت زيارة قبور العظماء والأبطال وأضرحة الشهداء سيرة عقلائيّة وسنّة نبويّة لا تخص قوماً أو أُمّة فلا يلام أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) عندما يزورون أئمتهم، بالأخصّ رمز الإنسانية والحريّة والإباء سبط هذه الأُمّة وسيد شباب أهل الجنّة الحسين بن علي (عليه السلام)، وهو أبو الأحرار وقدوة الأبطال والمثل الأعلي؛ لذا نري النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) يشيرون في أحاديثهم إلي زيارة القبور لما فيها من آثار تربويّة واجتماعية. وقد ذكر العلاّمة الأميني في كتابه (الغدير: ج 5 ص 93) عشرات المصادر من صحاح المسلمين ومسانيدهم تؤكّد شرعية زيارة القبور، ونحن نشير إلي بعضها:عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)من زار قبري، وجبت له شفاعتي(عليه السلام) [285] .وعنه أيضاً: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم):

(عليه السلام)من حجّ فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي(عليهم السلام) [286] .وقال سليمان بن سحيم رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في النوم فقلت: يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك ويسلمون عليك أتفقه سلامهم؟ قال: (عليه السلام)نعم. وأرد عليهم(عليه السلام) [287] .عن أبي هريرة قال: زار النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قبر أمه، فبكي وأبكي من حَوْلَهُ [288] .عن جعفر بن م_حمد بن أبيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)أنّ فاطمة بنت م_حمد (صلي الله عليه وآله وسلم) كانت تزور قبر عمّها حمزة في الأيّام فتصلّي وتبكي عنده(عليهم السلام) [289] .وقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعةٍ غفر له وكتب برّاً(عليه السلام) [290] .قال ابن أبي مليكة: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) (عليه السلام)زوروا موتاكم، وسلّموا عليهم، وصلّوا عليهم، فإن لكم فيهم عبرة(عليه السلام) [291] .وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)ما الميت في قبره إلا كالغريق المتغوّث، ينتظر دعوة تلحقه من أبيه أو أخيه أو صديق له، فإذا لحقته كان أحبّ إليه من الدنيا وما فيها(عليه السلام) [292] .وأردف الغزالي في كتابه: زيارة القبور مستحبّة علي الجملة للتذكر والاعتبار، وزيارة قبور الصالحين مستحبّة لأجل التبرك مع الاعتبار [293] .عن ابن بُريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يُعلِّمهم إذا خرجوا إلي المقابر أن يقولوا: (صلي الله عليه وآله وسلم)السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، وأنتم لنا فرط، ونحن لكم تبعاً، نسأل الله لنا ولكم العافية(عليهم السلام) [294] .عن عائشة أنّها قالت:

كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) كلما كان ليلتها من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يخرج من آخر الليل إلي البقيع، فيقول: (صلي الله عليه وآله وسلم)السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأَتاكم ما تُوعدون غداً مؤجَّلون، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد(عليهم السلام) [295] .ونحن نقتدي برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو أعظم قدوة لنا؛ والتاريخ يشهد بأنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) كان يزور قبور البقيع وشهداء أُحد، بل يحث المسلمين علي زيارة القبور من أجل العظة والعبرة. هذه الخصوصية لمجرد أنّه يحمل هوية مسلم، فكيف بالحسين (عليه السلام) وهو ابن أوّل من أسلم، وقد أسلم كثيراً من الناس ببركة ثورته الإنسانية بواقعة الطف، وهو سيد الشهداء وسبط رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأبو الأئمة أبو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)، ويكفينا قول جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)حسين مني وأنا من حسين(عليه السلام). فزيارة الحسين (عليه السلام) هو زيارة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، وشفاعة الحسين (عليه السلام) هو شفاعة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، لأنه بضعته (صلي الله عليه وآله وسلم).من الروايات التي أشارت إلي زيارة قبر الحسين منها:عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): كأني بالقصور قد شيدتْ حول قبر الحسين، ولا تذهب الأيام والليالي حتي يسار إليه من الآفاق، وذلك عند انقطاع ملك بني مروان(عليه السلام) [296] .سئل جعفر بن م_حمد، عن زيارة قبر الحسين. فقال: أخبرني أبي قال: من زار قبر الحسين بن علي

(عليهما السلام) عارفاً بحقه كتبه الله في عليّين، ثمّ قال: إن حول قبره سبعين ألف ملك شعثاً غبرا يبكون عليه إلي أن تقوم الساعة [297] .ع_ن أن_س ب_ن مالك قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إن موسي بن عم__ران سأل ربه عز وجل زيارة قبر الحسين بن علي، فزاره في سبعين ألف من الملائكة(عليه السلام) [298] .عن عطية العوفي قال: خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري زائراً قبر الحسين بن علي فلما وردنا كربلاء، دنا جابر من شاطئ الفرات، فاغتسل، ثمّ اتزر بإزار وارتدي بآخر، ثمّ فتح صرّة فيها سعد فنثره علي بدنه، ثمّ إنّه لم يخط خطوة إلاّ ذكر فيها الله تعالي حتي إذا دنا من القبر قال: المسنيه يا عطية، فألمسته، فخر علي القبر مغشياً عليه، فرششت عليه شيئاً من الماء، أفاق قال: يا حسين، يا حسين، يا حسين، ثلاثاً، ثمّ قال: حبيب لا يجيب حبيبه، وأنّي لك بالجواب وقد شخبت أوداجك علي أثباجك، وفرّق بين رأسك وبدنك، فأشهد أنك ابن خاتم النبيين، وابن سيد الوصيّين، وحليف التقي، وسليل الهدي، وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء...قال عطية: ثمّ جال ببصره حول القبر فقال: السلام عليكم أيتّها الأرواح الطيبة التي بفناء الحسين أناخت برحله، أشهد أنكم قد أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وعبدتم الله حتي أتاكم اليقين [299] .فزيارة الحسين (عليه السلام) لها الخصوصيّة المتميّزة، فعند وقوفك أمام ضريحه المقدّس بكلّ خشوع واحترام تأخذك الهيبة، وتشدّك بالدين الحنيف، حيث تتجسد أمامك رسالة الأنبياء، ومواقفهم الرساليّة، ومواجهتهم لفراعنة عصرهم، ووقوفك أمام ضريحه المقدس سرعان ما ينقلك إلي عصر النبوّة والرسالة، عصر جبرائيل،

عصر نزول القرآن، عصر إسلام رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وبوقوفك أمام ضريحه المقدّس تستلهم منه الشجاعة والشهامة والبطولة والإباء، ووقوفك أمام ضريحه المقدس يذكّرك بفرعون عصره يزيد بن معاوية، يزيد الخمر والفجور، ذلك الذي رفع لواء جاهلية جدّه أبو سفيان، جاهلية ملؤها القساوة والأنانية والعصبية العمياء والحقد لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام).نعم سيدي يا أبا عبد الله موقفك يذكّرني بموقف رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أمام فرعون عصره أبي سفيان، حيث أصبح هو وأحفاده لعنة التاريخ، ولازالت لعنة الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) سُنّة جارية إلي هذا اليوم تأخذ م_جراها، كما نصَّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ذلك في أحاديثه. منها:ما ذكره الطبري في تاريخه: قد رأي (صلي الله عليه وآله وسلم) أبا سفيان مقبلاً علي حمار، ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه يسوق به. قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)لعن الله القائد والراكب والسائق(عليه السلام) [300] .وعن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية. فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)اللَّهُمّ العن التابع والمتبوع، اللَّهُمّ عليك بالأُقيعس(عليه السلام) فقال ابن البراء لأبيه: من الأُقيعِس؟ قال: معاوية. وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)إذا رأيتم معاوية يخطب علي منبري، فاقتلوه(عليه السلام). قال أبو سعيد الخدري: فلم نفعل ولم نفلح [301] .عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب علي منبري فاضربوا عنقه(عليهم السلام). قال: الحسين فما فعلوا ولا أفلحوا.عن ابن قال: قال رسول الله (صلي

الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)يموت معاوية علي غير الإسلام(عليهم السلام).عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)يموت معاوية علي غير مِلَّتي(عليهم السلام) [302] .سيدي - أبا عبد الله - بقتلك استقام دين جدك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وبزيارتك يا سيدي ثبتت أركان العقيدة، وبزيارتك سيدي معانٍ جسام، فبها نتحدّي الباطل والمنكر، وهذا ما يخشاه كل ظالمٍ وطاغٍ وسفّاك، فزيارتك سيدي تذكّرنا بعظمة الله تعالي، بل بتقرّبك إليه سبحانه وتعالي.أما كيفية زيارة الإمام الباقر (عليه السلام) لجده الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) نشير إلي مقتطفات من زيارته (عليه السلام) مراعاةً للاختصار:عن م_حمد بن علي (عليهما السلام) قال: فإذا أتيت قبر أبي عبد الله - يعين الحسين بن علي (عليهما السلام) - فاغتسل من الفرات موضع الدالية، ثم إئت وعليك السكينة والوقار حتي تنتهي إلي باب الحير، ثمَّ قل:(بسم الله وبالله وعلي ملة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمك الله يا أبا عبد الله، ولعن الله من قتلك وانتهك حرمتك، أشهد أنّ الذين خالفوك وحاربوك وقتلوك ملعونون علي لسان النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).والسلام عليك وعلي أبيك وأمك، وأشهد أنك قد بلغت من الله ما أمرت به، ولم تخشي أحداً غيره، وعبدته حتي أتاك اليقين.أشهد أنكم كلمة التقوي، وأبواب الهدي، والعروة الوثقي، والحجة علي من بقي ومن تحت الثري.اللهمَّ العن الذين بدّلوا دينك، واتهموا رسولك، وصدّوا عن سبيلك، ورغبوا عن أمرك.أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وتلوت القرآن حقّ تلاوته.السلام علي ملائكة الله المقرَّبين،

السلام علي أنبياء الله المرسلين، الذين هم في خلقه مقيمين.اللهمَّ صلِّ علي م_حمد وعلي آل م_حمد ولا تجعله آخر العهد من زيارة قبر وليّك وابن رسولك وصلي الله عليه وعلي آله ورحمة الله وبركاته [303] .فسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تُبعث حَيَّا. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اشعار

مقتطفات من قصيدة للشاعر الشهير السيد حيدر الحلي

كفاني ضني أن أري في الحسين فأغضبت الله في قتل_هعشية أنهضها بغيها بجمع من الأرض سدّ الفروجوسامته يركب أحدي اثنتين وأما يري مذعناً أو تموتفقال لها اعتصمي بالإبا إذا لم تجد غير لبس الهوانرأي القتلَ صبراً شعار الكرام فشَّمَر للحرب عن معركٍتزيد الطلاقة في وجهه ولمّا قضي للعلا حقّهاترجل للموت عن سابق عفيراً متي عاينته الكماةفما أجلت الحرب عن مثله تريب المحيا تظنّ السماغريباً أري يا غريب الطفوف اتقضي فداك حشي العالمينألست زعيم بني غالب شفت آل مروان أضغانه_اوأرضت بذلك شيطانه_ا فجاءته تركب طغيانهافغطي النجود وغيطانها وقد صرت الحرب أسنانهانفسٌ أبي العزّ إذعانها فنفس الأبيّ وما زانهافبالموت تنزع جثمانها وفخراً يُزيّن لها شأنهابه عَرَك الموت فرسانها إذا غيّر الخوف ألوانهاوشيّد بالسيف بنيانها له أخلت الخيل ميدانهايختطف الرعب ألوانها صريعاً يجبن شجعانهابأنّ علي الأرض كيوانها توسّد خدّك كثبانهاخميص الحشاشة ظمئانها ومطعام فهر ومطعانها [304] .

مقتطفات من ملحمة الغدير لشاعر المسيحية بولس سلامة

وقف الظامئ الحسين ونادي يا جنود العراق عُرا كلماتيأوَليس الرسول جدِّي، وأُمّي خير بنتِ وأطهر الزوجاتوأسمها يُمْن كلّ فاطمة في الأر ض تأتي في الأعصر المقبلاتأُمّها جدّتي خديجة كانت وردة المشرقين في السيّداتبيتها مهبط النبوّة، إذ جبري_ _ل يأتي بالوحي والآياتشهدت للرسول والجوّ خنَّ_ _اقٌ فكانت باكورة المسلماتأوَليس الضرغام حمزة عمّي أسد الله كاشف الكرباتكفّه ما تشاء سمر العوالي قلبه للسماح والمكرماتأوَلستُ الحسين نجل عليّ وعليٌّ أُنشودة للحداةيذكرون اسمه فتخشع أُسد البي_ _د، من هيبةٍ لذاك الرفاتأعلم الناس، أطهر الناس كفّاً وأعزُّ الفرسان في الصهواتأوّل المسلمين يحمل بند الحم_ _د، يومَ الأشرار في الغمراتيمنع الحوض غب هولٍ وحشر يوم تأتي النفوس مبترداتوهو مولي لكلّ من قال هيّا لفلاحٍ، ومن دعا لصلاةأيّ شيء أنتم فلولا جدودي ما عرفتم (مني) ولا (عرفات)ليس

غيري في الأرض سبط نبي فلماذا تطفون نور الهداةكذّبوني إذا قدرتم، فنور الشم_ _س دون الوضاء من بيّناتي [305] .

مقتطفات من القصيدة العينية للشاعر الكبير م_حمد مهدي الجواهري

فِداءٌ لمَثواكَ مِنْ مَضجعِ بأعبقَ من نَفَحاتِ الجِناورَعياً ليَومِكَ يومِ (الطُفوفِ) وحُزناً عليكَ بِحَبسِ النُفوسِوصَوناً لمجدِك مِنْ أن يُنال تعاليتَ من مُفزِعٍ للحتُوفِشَمَمتُ ثَراكَ فَهَبَّ النسيمُ وعفّرتُ خدّي بحَيثُ استراوخِلتُ وقد طارَتِ الذّكرَياتُ وطُفْتُ بِقَبْركَ طَوْفَ الخَيالِكأنَّ يَداً من وَراءِ الضّري_ تَمُدُّ إلي عَالَمٍ بالخُنولتُبدِلَ مِنهُ جَديبَ الضّميرِ ويا بنَ التي لم يَضَعْ مِثلُهاويابنَ البط_ين بِلا بِطنَةٍ ويا غُصْنَ (هاشم) لم يَنفَتِحْتَمَثّلتُ (يَومَكَ) في خاطِري وجدّتُكَ في صُورةٍ لم أُرَعْوأن تُطعِمَ المَوتَ خَيْرَ البنينَ تَنوَّوَ بالأبلجِ الأروَعنِ رَوحاً، ومن مِسكها أضوَعِ وسقياً لأرضِكَ مِن مَصْرَعِعلي نهجِكَ النيِّرِ المَهيَعِ بما أنتَ تأباهُ مِنْ مُبدَعِوبُورِكَ قَبرُكَ مِن مَفزَعِ نَسيمُ الكَرامةِ مِن بلقَعِحَ خَدٌّ تَفَرَّي ولمْ يَضْرَعِ بِروحِي إلي عالَمٍ أرْفَعِبِصَومَعَةِ المُلهِمِ المُبدعِ _حِ حَمراءَ (مَبْتُورَةَ الإصبِعِعِ والضّيمِ ذيِ شَرَقٍ مُترعِ بآخَر مُعشوشِبٍ مُمرِعِكَمِثلِكَ حَملاً ولم يُرضعِ ويابن الفَتَي الحاسِرِ الأنزَعِبأزهر مِنكَ ولم يُفرعِ وَوَددتُ (صَوْتَك) في مَسمَعيبأعظَمَ مِنها ولا أروعِ مِنَ (الأكهلين) إلي الرُّضَّعِوقال الفرزدق في الحسين (عليه السلام): هذا الحسين بن فاطمة الزهراء بنت م_حمّد (عليهم السلام) هذا والله ابن خيرة الله، وأفضل من مشي علي وجه الأرض بعد م_حمّد. ثمّ أنشد أبياتاً في مدح آل بيت رسول الله (عليهم السلام):هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرمُهذا ابن خير عباد الله كلّهم هذا التقي النقي الطاهر العلمُهذا حسين رسول الله والده أمست بنور هداه تهتدي الأُممُهذا ابن فاطمة الزهراء عترتها في جنة الخلد م_جريا بها القلمُإذا رأته قريش قال قائلها إلي مكارم هذا ينتهي الكرمُيكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطِيم إذا ما جاء يستلمُبكفّه

خيزران ريحه عبق بكف أروع في عرنينه شممُيغضي حياءً ويغضي من مهابته فلا يكلّم إلاّ حين يبتسمُينشقّ نور الدجي عن نور غرته كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلمُمشتقّة من رسول الله نبعته طابت أرومته الخيم والشيمإن عدّ أهل الندي كانوا أئمّتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هُمُلا يستطيع جواد بعد جودهم ولا يدانيهم قوم وإن كرموافجدّه من قريش في أرومتها م_حمّد وعليٌّ بعده عَلم [306] .وأنشد بعض الشعراء في الحسين بن علي (عليه السلام) ريحانة رسول ربّ العالمينولا البارد العذب الفرات أسيغه ولا ظلّ يهنيني الغداة طعاميقولون لي صبراً جميلاً وسلوة ومالي إلي الصبر الجميل حراملقد هدَّ جسمي رزء آل م_حمّد وتلك الرزايا والخطوب عظاموأبكت جفوني بالفرات مصارع لآل النبيّ المصطفي وعظامعظام بأكناف الفرات زكيّة لهنّ علينا حرمة وذمامفكم حرّة مسبية فاطميّة وكم من كريم قد علاه حُساملآل رسول الله صلّت عليهم ملائكة بيض الوجوه كرامأفاطم أشجاني بنوك ذووا العلا فشبت وإنّي صادق لغلاموأصبحت لا التذّطيب معيشة كأنّ عليَّ الطيّبات حراموكيف اصطباري بعد آل مُ_حمّد وفي القلب منهم لوعة وسقام [307] .

مقتطفات من القصيدة العينية للشاعر السيد م_حمد رضا القزويني

توارثتُ حُبَّكَ عبرَ الدموع فأودعتُه في حنايا الضلوعوما أنْ ذكرتُكَ بالوجدِ إلاَّ وحرَّم ذِكرُك طيبَ الهجومفيا من ورِثتَ كيان الرسو ل وسرَّ البتول وحبَّ الجموعوأشرقتَ نوراً بعمقِ الزما ن فهامَ الزّمانُ بذاك الطلوعوألفاكَ طِفلاً بحجرِ النبيّ فبأهي السماءَ بذاك الرضيعيُحيط بجنبيهِ أهلُ الكساءِ وكلٌّ يقبّلُهُ في خشوعفهاجَ الملائكُ في بَهجة وطافوا من العرش طوف الخضوعوجبريلُ يهبط بالبُشريات وفطرسُ يسأله عن شفيعفناداه دونكَ مهدَ الحسين تَنَلْ عنده بانفراجٍ سريعفيا أيها المهد ماذا حويتَ فأمَّلَهُ كلُّ قلب مروعلقد عرفتكَ مَلاكُ السما وما سوف تلقي بُعيد الشفيعفقلبُ النبي سعيدٌ به وبالحسن السبطِ زهيرِ الربيعفنادي النبي

وسمع الزما ن يصيحُ له بين تلك الجموع(إمامان قاما هما في الخطوب وإن قعدا) عند أمرٍ فضيعفيا من حملتَ جمالَ النبيِّ وهيبةَ حيدرةٍ في الطلوعومنْ فاطم كلَّ معني الجلالِ وسراً تكامَنَ بين الضلوعتقاسمتَ والمُجتبي في الحياة دَورَيْن فازدهرا في الربوعفذاك أتم له حجة بصُلعٍ أميَّةَ غير خَنوعبأن معاويةَ لم يُرِدْ لهذي الرسالة غير النزوعسوي أن يُحكَّمَ فوق الرقابِ وإن فاضَ أنهارها بالنجيعفيجتثَّ ما قد بناه الرسول ويُرغمَ أصحابَهُ بالخضوعفلما تراءي لدي المسلمين وبانت جرائمهم للجميعوإن يزيداً تولّي الزِمامَ يُحيط به كل وغدٍ ضليعنهضتَ علي قِلَّةِ الناصرين لتنقِذَ ديناً هوي للهجوعوقدَّمت لله أبهي الوجوه من الغرر الزهِر غيرَ جزوعمن الصَّحب لا مثلهم في الصحاب عهدنا لموسي ولا في اليسوعولا عرفَ الدهرُ من عصبة تسارع للموت سيرَ الولوعوأبناك كلّ عَلٍ أشوسٍ أطل عليهم كزهر طليعفقدَّمتَهم كرماً للإله ولم تُبقِ حتي دماء الرضيعتراموا حواليك شُمَّ الأنوف من كل أزهرَ شهمٍ صريعفشيَّدتَ صرحك ترقي به إلي العرش في خير سد منيعفيا من أُصيبت به أمةٌ بما لم تُصبه بأمرٍ فجيعفقد قطَّعوا فيك قلبَ النبي وداسوا لفاطمَ خيرَ الضلوعوأنت تصارعُ حرَّ الظّما وسيفاً علاك لوغد وضيعسألتُ الملاكَ ملاكَ السماءِ من الوافدين لمهد الرضيعفهلاّ عرفتِ الحسيَن الذبيحَ علي الأرض ظلَّ برأس قطيعووعد الإله لآت لنا ومهديُّنا عازم للطلوعوثاراتنُا من دماء الحسين وكلِّ شهيد بقتل فجيعهنالك حيث يعود الحسين يفوح لنا مثل زهر الربيع

پاورقي

[1] لاحظ نصوص الآيات الواضحة لقوله تعالي: (وممن خَلقْنا أُمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلون). سورة الأعراف: الآية 181.

[2] كنزل العمال: ج 12 ص 98 ح 34169، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 104.

[3] الحسين في الفكر المسيحي: ص 173 وما بعدها.

[4] سورة التوبة: الآية 105.

[5] نهج البلاغة: ص

401، من وصية له لابنه الحسن (عليهما السلام) رقم 31/ 87.

[6] سورة الأحزاب: الآية 33.

[7] المعجم الصغير: ج 1 ص 176 ح 177؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 699 ح 3871، ص 663 ح 3787؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 384؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2580؛ انظر المعجم الكبير وفيه وحامتي: أي خاصة الرجل من أهله وولده وذوي قرابته، حامة الإنسان: خاصته ومن يقرب منه، لسان العرب: ج 12 ص 153 م.

[8] مفاتيح الجنان: ص 405 حديث الكساء؛ ينابيع المودة: ص 125.

[9] فرئد السمطين: ج2 ص 155، ح 447. [

[10] ذخائر العقبي: ص 229.

[11] فرائد المسطين: ج 2 ص 72 ح 395.

[12] المعجم الكبير: ج 3 ص 97 - 2778؛ كنز العمال: ج 12 ص 117 - 34271، انظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 2 ص 159 ح 769، الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج1 ص 384؛ أنساب الأشراف: ج 3 ص 144؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 96 ح 2773؛ الأغاني: ج 16 ص 145؛ أسد الغابة: ج 2 ص 24؛ ذخائر العقبي: 208؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 118 ح 3411؛ بُغية الطلب: ج 6 ص 2566.

[13] فرائد السمطين: ج 2 ص 103 ح 412.

[14] الصواعق المحرقة: ص 192.

[15] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 179.

[16] ذخائر العقبي: ص 226.

[17] سنن الترمذي: ج 5 ص 661 ح 3784؛ سير أعلام النبلاء ج 4 ص 385 رقم:270؛ ينابيع المودة: ص 262، ص 194؛ أسد الغابة: ج 2 ص 16.

[18] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 385؛ ينابيع المودة: ص 263؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 99؛ بغية الطلب: ج 6

ص 2574.

[19] الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 332؛ الفصول المهمة: ص 152؛ ينابيع المودة: ص 193؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 129 ح 3419؛ كنز العمال: ج 12 ص 113 ح 34251؛ النهاية: ج 2 ص 288.

[20] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 167 ح 3505؛ كنز العمال: ج 12 ص 102 ح 34191.

[21] العقد الفريد: ج 4 ص 351؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 180 ح 3517.

[22] الفصول المهمة: ص 169؛ الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 332؛ ذخائر العقبي: ص 233؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 165ح 3500؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 405 رقم:270؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 105؛ أسد الغابة: ج 2 ص 26؛ نور الأبصار: ص 221.

[23] تهذيب التهذيب: ج3 ص 436؛ الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 333، ينابيع المودة: ص 197؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 175 ح 3517؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 145؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 405 - 270، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)أي بُنيّ، لو جعلت تأتينا وتغشانا، تهذيب الكمال: ج 6 ص 404؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2584.

[24] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 245 ح 3547؛ سير أعلام النبلاء: ج 3 ص 317 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)انمحي بدل امتحي؛ كفاية الطالب: ص 397؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 444؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2657.

[25].

[26] الفصول المهمة: ص 177؛ مقتل الحسين لأبي م_خنف: ص 134 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)بعد جدي فأنا ابن الخيرتين كتاب الفتوح: ج 5 ص 210؛ نور الأبصار: ص

242.

[27] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 185 ح 3517؛ مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 65؛ بغية الطلب:ج 6 ص 2593.

[28] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 181 ح 3517.

[29] الفصول المهمة: ص 175.

[30] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 148؛ ذخائر العقبي: ص 231.

[31] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 156.

[32] أنساب الأشراف: ج 3 ص 169؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 302؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 551؛ الأخبار الطوال: ص 249.

[33] أنساب الأشراف: ج 3 ص 189؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 326؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 564؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 252.

[34] يبغر: أي كان يشرب إلي أن يمتلئ جوفه من الماء فما يروي، ولا يسكن عطشه.

[35] لفظ أنفاسه: أي حتي مات، يقال: لفظ فلان نفسه.

[36] أنساب الأشراف: ج3 ص181؛ الكامل في التاريخ: ج2 ص556؛ تاريخ الطبري: ج4 ص311.

[37] (الحيتان) وهو جمع حوت، والكلام كناية عن شعشعة الماء وتموجه.

[38] يحلئكم: أي يطردكم عنه ويمنعكم عن وروده.

[39] أنساب الأشراف: ج 3 ص 181.

[40] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 152.

[41] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 237؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2613.

[42] نفس المصدر: ج 2 ص 5.

[43] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 186؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 396؛ الفصول المهمة: ص 180؛ مقتل الحسين لأبي م_خنف: ص 24.

[44] كتاب الفتوح: ج 5 ص 33.

[45] مقتل الحسين للخوارزمي: ص 184؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 18.

[46] نفس المصدر: ص 182.

[47] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 195؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 114 ح 2842، العقد الفريد: ج 4 ص 348؛

تاريخ الطبري: ج 4 ص 305، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 5؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 217 ح 3543؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 423 - 270 حلية الأولياء: ج 2 ص 39 - 132؛ ذخائر العقبي: ص 255؛ حياة الصحابة: ج 3 ص 541؛ استشهاد الحسين: ص 97.

[48] مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 1 ص 252.

[49] تاريخ الطبري: ج 4 ص 323؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 561؛ أنساب الأشراف: ج 3 ص 188 وفيه: ((ولا أفر فرار العبيد))؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 253.

[50] مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 2 ص 7؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 219 ح 3543؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2588.

[51] مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 1 ص 182.

[52] كتاب الفتوح: ج 5 ص 24.

[53] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 417 رقم: 270.

[54] الكامل في التاريخ: ج 2 ص559؛ مقاتل الطالبيين: ص112؛ استشهاد الحسين: ص110.

[55] الفصول المهمة: ص 178؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 125؛ بغية الطالب: ج 6 ص 25-95؛ نور الأبصار: ص 242.

[56] سنن الترمذي: ج 5 ص 658 ح 3775.

[57] سورة آل عمران: الآية 61.

[58] ينابيع المودة: ص 379؛ تاريخ الطبري: ج 5 ص 623.

[59] تاريخ الطبري: ج 11 ص 358.

[60] العقد الفريد: ج 4 ص 338.

[61] كتاب الفتوح: ج 5 ص 10.

[62] الفصول المهمة: ص 188، ص 192؛ نور الأبصار: ص 231.

[63] أودي به: ذهب به.

[64] مروج الذهب: ج 2 ص 360.

[65] تاريخ الطبري: ج 2 ص 457.

[66] الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 4 ص 1679.

[67] سورة الإسراء: الآية 60.

[68] سورة المائدة: الآية 78.

[69] تاريخ الطبري: ج 5 ص

621؛ تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 232.

[70] تاريخ الطبري: ج 5 ص 49.

[71] العرادات: جمع عرادة، وهي آلة من آلات الحرب، وهي منجنيق صغير، والمنجنيق: سلاح قديم يعتمد علي رمي الحجارة.

[72] مروج الذهب: ج 3 ص 81؛ تاريخ الخلفاء: ص 209.

[73] تاريخ الخلفاء: ص 209.

[74] نور العين في مشهد الحسين: ص 10.

[75] روي أبو الحسن المدائني: أنّه قد خرج علي معاوية قوم من الخوارج بعد دخوله الكوفة وصلح الحسن (عليه السلام)، فخطب معاوية أهل الكوفة فقال: يا أهل الكوفة، أتروْني قاتلتكم علي الصلاة والزكاة والحجّ وقد علمت أنّكم تصلُّون وتزكّون وتحجّون، ولكنّني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلي رقابِكم... وكل شرط شرطته - أي للحسن (عليه السلام) - فتحت قدميَّ هاتين. شرح نهج البلاغة: ج16 ص14، ترجمة الحسن بن علي (عليه السلام).

[76] سورة آل عمران: الآية 152.

[77] الحسين في الفكر المسيحي: ص 24.

[78] سورة الإسراء: الآية 60.

[79] التسهيل لعلوم التنزيل: ج 2 ص 174؛ الكشاف: ج 2 ص 455؛ الدر المنثور: ج 5 ص 309 __ ص 310؛ تفسير البيضاوي: ج 1 ص 575؛ مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 2 ص 522؛ م_جمع الزوائد: ج 5 ص 240؛ الخلفاء الراشدون: ص 209 __ 210.

[80] سورة الإسراء: الآية 60.

[81] تاريخ مدينة دمشق: ج 57 ص 266 ح 11989؛ شواهد التنزيل: ج 2 ص 457.

[82] تاريخ الطبري: ج 5 ص 621.

[83] المعجم الكبير: ج 3 ص 95 - 2768 - 2769؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 660 ح 3779؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 384؛ أنساب الأشراف: ج 2ص 453 ح 289؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 126 ح 3416؛ بغية الطلب: ج 6 ص

2574.

[84] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 402 - 270؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 396 - هامش الإصابة -؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ص 90؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 659 ح 3778؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 400؛ نور الأبصار: ص 220.

[85] المعجم الكبير: ج 3 ص 118 ح 2854؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 659 ح3778؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 400، ومعني يقول: القول هنا يطلق علي الفعل؛ كفاية الطالب: ص 396؛ كتاب التاريخ الكبير:ج 2 ص 381 ح 2846؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2577 و ص 2632.

[86] الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 333؛ حياة الحيوان الكبري: ج 1 ص 185.

[87] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 188.

[88] تهذيب الكمال: ج 6 ص 400؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 402 رقم: 270.

[89] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 165 وبذيله تلخيص للحافظ الذهبي - كتاب معرفة الصحابة - قال الحاكم: هذا آخر ما أدي إليه اجتهاد من ذكر مناقب أهل بيت رسول الله ما يصح منها بالأسانيد المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 180؛ تهذيب التهذيب: ج 2 ص 346.

[90] فرائد السمطين: ج 2 ص 107 ح 414.

[91] سورة التغابن: الآية 15.

[92] سنن الترمذي: ج 5 ص 658 ح 3774؛ تهذيب التهذيب: ج 2 ص 346؛ ذخائر العقبي: ص 228؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 403؛ ينابيع المودة: ص 263؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 161 ح 3490؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 385 رقم: 269؛ أسد الغابة: ج 2 ص 16؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 94.

[93] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 189.

[94]

م_جمع الزوائد: ج 9 ص 191.

[95] أنساب الأشراف: ج 2 ص 453؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 404 - 270؛ الفصول المهمة: ص 169.

[96] سورة هود: الآية 73.

[97] من أجداد النبي 2.

[98] دُرر السّمط في خبر السّبط: ص 61.

[99] سنن الترمذي: ج 5 ص 657 ح 3772؛ ذخائر العقبي: ص 214؛ كنز العمال: ج 12 ص 116 ح 34265. [

[100] سنن الترمذي: ج 5 ص 662 ح 3786.

[101] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 158؛ شواهد التنزيل: ج 2 ص 11 ح 637.

[102] كنز العمال: ج 12 ص 101 ح 34186.

[103] كنز العمال: ج 12 ص 98 ح 34161، وص 114 ح34253؛ مقتل الحسين: ج 1 ص 89.

[104] المعجم الأوسط: ج 3 ص 104 ح 2212.

[105] كفاية الطالب: ص 383.

[106] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 168 ح 3506؛ انظر: كفاية الطالب: ص 383؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2582.

[107] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 172 ح 3513.

[108] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 166 ح 3502؛ كنز العمال: ج 12 ص 101 ح 34183.

[109] الفصول المهمة: ص 171.

[110] كنز العمال: ج 12 ص 98 ح 34169؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج1 ص 104.

[111] صحيح مسلم: ج 5 ص 37 ح 2424 باب فضائل أهل بيت النبي؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 663 ح 3787؛ سنن الكبري: ج5. مرط: كساء. المرحل: هو الموشي المنقوش عليه صور ورحال الإبل؛ ينابيع المودة: ص 197.

[112] مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 1 ص 164.

[113] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 99؛ انظر سنن الترمذي: ج 5 ص 699 ح 3870؛ ينابيع المودة: ص 193؛ سير أعلام النبلاء: ج 14

ص 386 رقم: 269؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص157 ح 3481؛ تاريخ بغداد: ج 7 ص 137؛ بقية الطلب: ج 6 ص 2576، وفيه: أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم.

[114] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 130 ح 3422؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 403 رقم: 270؛ كفاية الطالب: ص 379.

[115] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 188.

[116] الرياض النضرة في مناقب العشرة: ج 2 ص 189؛ كنز العمال: ج 12 ص 96 رقم: 34161، ص 103 ح 34196؛ ينابيع المودة: ص 192؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2578 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)كان معي في الجنّة، المرء مع من أحبّ، المرء مع من أحبّ، المرء مع من أحبّ.

[117] صحيح البخاري: ج 3 ص 1369 ح 3537 باب مناقب الحسن والحسين (رضي الله عنهما)؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 155 ح 3476؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب - هامش الإصابة: ج 1 ص 376.

[118] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 166 - كتاب معرفة الصحابة؛ ينابيع المودة: ص 198 و ص 262؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 404 رقم: 270.

[119] مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 13 ص 260 ح 7876؛ السنن الكبري: ج 5 ص 49؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 152 ح 3469.

[120] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 166 - كتاب معرفة الصحابة -؛ الصواعق المحرقة: ص 192، مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 15 ص 420 ح 9673 - 2 / 440؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 91.

[121] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 102.

[122] سنن الترمذي: ج 5 ص 661 ح 3782؛ ينابيع المودة:

ص 193.

[123] الفصول المهمة: ص 170؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 399؛ المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 177؛ كنز العمال: ج12 ص 125 ح 34311؛ نور الأبصار: ص 221.

[124] سنن الترمذي: ج 5 ص 656 ح 3769؛ كنز العمال: ج 12 ص 114 ح 34255؛ الصواعق المحرقة: ص 191؛ ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي: ص 211؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 92؛ أسد الغاية: ج 2 ص 162.

[125] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 178؛ مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 1 ص 149.

[126] تهذيب التهذيب: ج 2 ص 346؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 179 ح 3517؛ الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 333؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 406.

[127] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 189.

[128] أنساب الأشراف: ج 3 ص 144؛ م_جمع الزوائد: ج 9 ص 204؛ الفصول المهمة: ص 169؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 116 - 2847 -؛ ينابيع المودة: ص 266؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص171 ح 3512؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 405 رقم: 270؛ ذخائر العقبي: ص 246؛ كفاية الطالب: ص 389؛ نور الأبصار: ص 221.

[129] سورة نوح: الآية 7.

[130] شفا كل شيء: طرفه وشفيره، أي كنتم علي شفير جهنم مشرفين علي دخولها لشرككم وكفركم.

[131] أي كنتم قليلين أذلاّء يتخطّفكم الناس بسهولة.

[132] والقبسة - بالضم - شعلة من نار يقتبس من معظمها، والإضافة إلي العجلان لبيان القلّة والحقارة.

[133] ووطئ الأقدام: مثل مشهور في المغلوبيّة والمذلّة.

[134] الطرق: ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر، والقد: يقد من جلدٍ غير مدبوغ، والمقصود وصفهم بخباثة المشرب وجشوبة المأكل لعدم اهتدائهم إلي ما يصلحهم في

دنياهم ولفقرهم.

[135] الخاسئ: المبعد المطرود، والتخطف: استلاب الشيء وأخذه بسرعة اقتبس من قوله تعالي: واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم الناس فَأَواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيّبات لعلّكم تشكرون سورة الأنفال: الآية 26. وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الخطاب في تلك الآية لقريش خاصّة، فالمراد بالناس سائر العرب أو الأعمّ.

[136] اللتيا والتي: وهما كنايتان عن الواهية الصغيرة والكبيرة.

[137] الاحتجاج: ص 97، احتجاج فاطمة الزهراء علي القوم.

[138] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 144.

[139] أنساب الأشراف: ج 3 ص 142؛ الفصول المهمة: ص 169؛ ينابيع المودة: ص 264، ص193؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 658 ح 3775؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 404 - 270؛ ذخائر العقبي: ص 231؛ أسد الغابة: ج 2 ص 26.

[140] سنن الترمذي: ج 5 ص 658 ح 3775؛ مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 29 ص 102 ح17561؛ تهذيب التهذيب: ج 2 ص 346؛ المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 177 - كتاب معرفة الصحابة؛ كنزل العمال: ج 12 ص 129 رقم: 34328، ص 115 ح34264؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 146؛ الصواعق المحرقة: ص 192؛ ينابيع المودة: ص 264؛ ذخائر العقبي: ص 231؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 402؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2583، نور الأبصار: ص 220، كتاب التاريخ الكبير: ج 8 ص 414 ح 3536، باب يعلي؛ فرائد السمطين: ج 2 ص 130 ح 429.

[141] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 129.

[142] سنن الترمذي: ج 5 ص 656 ح3768؛ مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 18 ص 138 ح 11594 - المسند: 3 /62، ص 301 -

11777 - المسند: 3 / 82؛ ص 161 ح 11618 -؛ المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 166، كتاب معرفة الصحابة؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 391؛ الفصول المهمة: ص 152؛ كنز العمال: ج 12 ص 112 ح 34246؛ الصواعق المحرقة: ص 191؛ تاريخ بغداد: ج 2 ص 184 وص 185، ج 4 ص 207 وج 6 ص 372 و ج 9 ص 232؛ ينابيع المودة: ص 262؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 130 ح 3423؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 403 رقم: 270؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 376، هامش الإصابة؛ السنن الكبري: ج 5 ص 50 ح 8169 /9؛ المعجم الأوسط: ج 3 ص 2211؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 92؛ ذخائر العقبي: ص 225؛ أسد الغابة: ج 2 ص 15؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2578؛ فرائد السمطين: ج 2 ص 98 ح 409.

[143] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 167، كتاب معرفة الصحابة؛ كنز العمال: ج 2 ص 112 ح 34247 وص 115 ح 34259 -؛ الصواعق المحرقة: ص 191؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 133 ح 3429.

[144] كنز العمال: ج 2 ص 107 ح 34017 وص 113 ح 34249 وص 102 ح 34192؛ تاريخ بغداد: ج 10 ص 231؛ ينابيع المودة: ص 195؛ حلية الأولياء: ج 4 ص 190، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)وإنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة؛ السنن الكبري: ج 5 ص 95 ح 8365 / 1؛ كفاية الطالب: ص 380؛ ذخائر العقبي: ص 224.

[145] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 190؛ ميزان الاعتدال: ج 2 ص 40 رقم: 2737

-؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 147؛ ينابيع المودة: ص 262؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 137 ح 34166؛ ذخائر العقبي: ص 225؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2583، نور الأبصار: ص 220.

[146] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 403 رقم: 270.

[147] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 169 ح 3508؛ كنز العمال: ج 12 ص 98 ح 34166 وص 104 ح 34205؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 109.

[148] كفاية الطالب: ص 381؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 108.

[149] سورة الرعد: الآية 7.

[150] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 145.

[151] الميس: التبختر،ماس يميس ميساً: تبختر واختال، لسان العرب: ج 6 ص 224 (صلي الله عليه وآله وسلم)ميس أي: إنَّ الجنّة تبخترت وافتخرت بتزيّنها بالحسن والحسين.

[152] تاريخ بغداد: ج 2 ص 238؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 103.

[153] ذخائر العقبي: ص226؛ كفاية الطالب: ص378؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج1 ص 112.

[154] سورة التوبة: الآية 32.

[155] تاريخ بغداد: ج 2 ص 204.

[156] يكيد بنفسه: أي يجود بها، لسان العرب: ج 3 ص 383، كيد.

[157] الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 57؛ ذخائر العقبي: ص 264.

[158] دلائل الصدق: ج 2 ص 3 (صلي الله عليه وآله وسلم)بتصرّف.

[159] سورة البقرة: الآية 124.

[160] سورة البقرة: الآية 229.

[161] تفسير الدر المنثور: ج 1 ص 118.

[162] سورة الأنبياء: الآية 73.

[163] تفسير الدر المنثور: ج 1 ص 118.

[164] صحيح مسلم: ج 4 ص 101، كتاب الإمارة، ح 1821، رقم 7؛ فرائد السمطين: ج 2 ص 147 ح 442.

[165] تاريخ الطبري: ج 2 ص 450، ص 460؛ الطبقات الكبري: ج 3 ص 183، ص 212؛ الكامل في التاريخ: ج

2 ص 15، ذكر استقالة أبي بكر من البيعة؛ الإمامة والسياسة: ج 1 ص 16؛ الرياض النضرة في مناقب العشرة: ج 1 ص 253؛ شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 169؛ العقد الفريد: ج 4 ص 61؛ الأخبار الموفقيات ص 579 ح 379.

[166] نور العين في مشهد الحسين: ص 5.

[167] بحار الأنوار: ج 42 ص 191 ح1.

[168] سورة آل عمران: الآية 144.

[169] سورة الفرقان: الآية 74.

[170] انظر شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 233، قيل لعلي (عليه السلام)، حين أراد أن يكتب الكتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام: أَتُقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون؟! فقال علي (عليه السلام): (صلي الله عليه وآله وسلم)ما أقرّ لمعاوية ولأصحابه أنّهم مؤمنون ولا مسلمون. وذكر المسعودي: وكان يسمّي يزيد الخمير، وكتب إلي ابن الزبير: ادعوا إلهيك في السماء فإنّني أدعو عليك رجال عكَّ وأشْعر كيف النجاة أبا خُبَيْب منهم فاحتل لنفسك قبل اتْي العسكر وذكر أيضاً: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقُرُود وفهود ومنادمة علي الشراب وجلس ذات يوم علي شرابه، وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين (عليه السلام)، فأقبل علي ساقيه فقال: اسقني شربةً تروِّي مُشَاشِي ثم مِلْ فاسق مثلها ابن زياد صاحب السرّ والأمانة عندي لتسديد مغنمي وجهادي ثمّ أمر المغنين فغنّوا له. مروج الذهب: ج 3 ص 79. جوارح: أي طيور جوارح كالنسر والعقاب والبازي وسواها. المشاش: النفس.

[171] نهج البلاغة: ص 318 رقم 200 قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج 10 ص 211 رقم 193: والفجرة والكفرة: الكثير الفجور والكفر، وقوله (عليه السلام): لكل غادر لواء يُعرف به يوم القيامة؛ مرويّ عن النبي 2.

[172] كلام الإمام (عليه السلام) يحمل علي الترخيص وليس الالزام،

فترخيص الإمام (عليه السلام) لأصحابه بالسب كاشف عن التخيير، فيظهر لهم سب الإمام (عليه السلام) حتي يدفع عن نفسه القتل والضرر، لأهمية الملاك.

[173] نهج البلاغة: ص92 ج رقم 57، عن أبي عبيدة قال: كتبَ معاويةُ إلي علي بن أبي طالب: يا أبا الحسن! إن لي فضائل كثيرةً، وكان أبي سيداً في الجاهلية، وصرتُ ملكاً في الإسلام، وأنا صهرُ رسول الله وخال المؤمنين، وكاتبُ الوحي، فقال علي: أبا الفضائل تفخَرُ عليَّ ابن آكلةِ الأكبار؟ ثم قال: اكتب يا غلام: وحمزةُ سيدُ الشهداء عَميِّ محمد النبيُّ أخي وصهري يطير مع الملائكة ابن أُمي وجعفر الذي يُمسي ويُضحي منوط لحمُها بدمي ولحمي وبنت محمد سَكْني وعِرسي فأيكم له سهمٌ كسهمي وسبطا أحمدٍ ولداي منها صغيراً ما بلغتُ أوان حِلْمي سَبَقْتُكُم إلي الإسلام طُراً فقال معاوية: أخفوا هذا الكتابَ لا يقرأ أهل الشام، فيميلون إلي ابن أبي طالب. كنز العمال: ج 13 ص 112 ح 36366.

[174] تاريخ الطبري: ج 5 ص 621.

[175] سورة الدهر: الآية 7.

[176] سورة آل عمران: الآية 64.

[177] سورة آل عمران: الآية 61.

[178] سورة الأنعام: الآية 151.

[179] بحار الأنوار: ج 43 ص 277.

[180] سورة النساء: الآية 59.

[181] ينابيع المودّة: ص 137.

[182] مروج الذهب: ج 4 ص 115.

[183] كابر عن كابر: أي ورثته عن آبائي وأجدادي كبيراً عن كبير في العزِّ والشرف.

[184] بحار الأنوار: ج 2 ص 172 ح 3.

[185] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 146؛ انظر: ينابيع المودة: ص 198، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)خديه بدل عينيه.

[186] كفاية الطالب: ص 381.

[187] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 176، كتاب معرفة الصحابة؛ الفصول المهمة: ص 170؛ البداية والنهاية: م_جلد 3 ج 6 ص 262؛ ينابيع

المودة: ص 261؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 159؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 196 ح 3537؛ كفاية الطالب: ص 377؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 397؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 125؛ نور الأبصار: ص 221.

[188] المعجم الكبير: ج 3 ص 110 ح 2822؛ الصواعق المحرقة: ص 193؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 395 ح 556؛ ذخائر العقبي: ص 253؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 126؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 439؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 427 رقم: 270 تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 237 ح 3547؛ أسد الغابة: ج 2 ص 30؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2635؛ تاريخ الخلفاء: ص 208؛ م_جمع الزوائد: ج 9 ص 196.

[189] كتاب الفتوح: ج 5 ص 123.

[190] سنن الترمذي: ج 5 ص 657 ح 3771؛ تهذيب التهذيب: ج 2 ص 356؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 126؛ كفاية الطالب: ص 390؛ الصواعق المحرقة: ص 193؛ ذخائر العقبي: ص 253؛ أسد الغابة: ج 2 ص 29؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 238 ح 3547؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 427 رقم: 270؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 250؛ تاريخ الخلفاء: ص 208؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2644.

[191] المعجم الكبير: ج 3 ص 113 ح 2833.

[192] التقيت به ليلة الثامن من شهر ربيع الأول سنة 1422 ه_ المصادف ليلة الجمعة (المؤلف).

[193] سورة يوسف: الآية 4 و 5.

[194] سورة الصافات: الآية 102.

[195] سورة الإسراء: الآية 60.

[196] صحيح مسلم: ج 4 ص 451 ح 2266، باب قول النبي (عليه الصلاة والسلام): (صلي الله عليه وآله وسلم)من رآني في

المنام فقد رآني؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2644 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)لا يتصوّر بي.

[197] كتاب الفتوح: ج 5 ص 26.

[198] أنساب الأشراف: ج 2 ص 466؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 221؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 125؛ ذخائر العقبي: ص 256؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2604؛ تاريخ الخلفاء: ص 206.

[199] كتاب الفتوح: ج 5 ص 30.

[200] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 411 رقم: 270؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 413.

[201] أنساب الأشراف: ج 2 ص 465 ح 293؛ الأخبار الطوال: ص 244؛ بغية الطلب: ج6 ص 2611.

[202] أنساب الأشراف: ج 2 ص 465، أنه (عليه السلام) أجاب ابن عباس بما أقنعه، وأنّه لو لم يخرج لكانوا يستحلّون به حرمة الكعبة!! الفصول المهمة: ص 185؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 415؛ الأخبار الطوال: ص 244؛ الفصول المهمة: ص 183؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 202 ح 3542.

[203] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 414 رقم: 270.

[204] أنساب الأشراف: ج 2 ص 467، هذا الحديث أيضاً دالّ علي أنه (عليه السلام) كان يعلم بأنه يقتل، وإنما خرج من مكة لئلا يقتل فيها فيستحلّ به حرمة الحرم.

[205] الفصول المهمة: ص 184.

[206] مروج الذهب: ج 3 ص 67.

[207] تهذيب الكمال: ج 6 ص 415.

[208] كتاب الفتوح: ج 5 ص 44.

[209] المصدر نفسه: ص 123.

[210] أنساب الأشراف: ج 2 ص 470.

[211] الكامل في التاريخ: ج 2 ص 563؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 324؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 9.

[212] الفصول المهمة: ص 187؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 261.

[213] الفصول المهمة: ص 187؛ مطالب السؤول في مناقب آل

الرسول: ص 261.

[214] مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 261.

[215] المعجم الكبير: ج 3 ص 105 ح 2811؛ كنز العمال: ج 12 ص 127 ح 34321؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 189 ح 3520.

[216] ذخائر العقبي: ص 250؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 224 ح 3543؛ كنز العمال: ج 12 ص 126 ح 34314؛ كفاية الطالب: 386؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 125.

[217] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 194؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 106 ح2813؛ كنز العمال: ج 12 ص 126 ح 34313 وح 34315؛ الصواعق المحرقة: ص 192؛ البداية والنهاية: م_جلد 3 ج 6 ص 261.

[218] الفصول المهمة: ص 170؛ نور الأبصار: ص 221.

[219] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 ص 179 كتاب معرفة الصحابة؛ كنز العمال: ج 12 ص 123 ح 34300، ص 127 ح 34319؛ الصواعق المحرقة: ص 192.

[220] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 160.

[221] تهذيب التهذيب: ج 2 ص 347؛ م_جمع الزوائد: ج 9 ص 190؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 170؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 126؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 407؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 407 رقم: 270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 187 ح 3517 وح 3518 و 3519؛ إحقاق الحق: ج 8 ص 148؛ ذخائر العقبي: ص 253؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2596.

[222] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 162.

[223] المعجم الكبير: ج 3 ص 106 ح 2813، البداية والنهاية م_جلد 3 ج 6 ص 260؛ العقد الفريد: ج 4 ص 350؛ م_جمع الزوائد: ج 9 ص 190 - 193؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 160؛

سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 408 رقم: 270؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 125؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 189 ح 3521 وح 3522 وح 3523؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 408؛ ذخائر العقبي: ص 251؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2600؛ النهاية: ج 2 ص 428، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)السِّهْلة رملٌ خَشِن ليس بالدُّقاق النَّاعِم.

[224] الطف: سمي به لأنه طرف البر مما يلي الفرات والمعركة جرت يومئذٍ قريباً منه؛ لسان العرب: ج 9 ص 221 (صلي الله عليه وآله وسلم)طفف.

[225] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 190؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 107 ح 2815؛ البداية والنهاية م_جلد 3 ج 6 ص 261؛ الصواعق المحرقة: ص 192 أخرجه ابن سعد.

[226] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 114.

[227] الصواعق المحرقة: ص 192؛ شرح نهج البلاغة: ج 3 ص 169؛ الفصول المهمة: ص 171؛ الأخبار الطوال: ص253؛ الخصائص الكبري: ج2 ص 126 إحقاق الحق: ج 8 ص 143؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 262؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2625؛ نور الأبصار: ص 221.

[228] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 193؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 110 ح2824؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 409 رقم:270؛ إحقاق الحق: ج 8 ص 149.

[229] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 195؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 2812؛ الفصول المهمة: ص 188؛ ذخائر العقبي: ص 255؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 423 رقم: 270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 220 ح 3543؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2598.

[230] تهذيب التهذيب: ج 2 ص 347؛ م_جمع الزوائد: ج 9 ص 192؛ المعجم الكبير: ج 3

ص 108 ح 2817؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 582؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 163؛ ذخائر العقبي: ص 252؛ كفاية الطالب: ص384؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2599.

[231] تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 245.

[232] الصواعق المحرقة: ص 193؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 580؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 358؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2650؛ استشهاد الحسين: ص 157.

[233] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 429 - 270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 238.

[234] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 202، البداية والنهاية: م_جلد 3 ج 6 ص 263، المعجم الكبير: ج 3 ص 122 ح 2868؛ كفاية الطالب: ص 399؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 441؛ الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 335؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 127؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 429 - 270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 239 وص242 ح 3547؛ ذخائر العُقبي: ص 255 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)لمّا قتل الحسين (رضي الله عنه) ناحت عليه الجنُّ ومُطِرنا دماً؛ حياة الصحابة: ج 3 ص 743.

[235] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 428 رقم: 270؛ تاريخ الخلفاء: ص 208؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2651 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)فله بياض في الخدود.

[236] أنساب الأشراف: ج 2 ص 502؛ م_جمع الزوائد: ج 9 ص 197؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 117 ح 2852؛ العقد الفريد: ج 4 ص 348؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 393؛ مروج الذهب: ج 3 ص 73؛ الفصول المهمة: ص 190؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 573؛ مقتل أبي م_خنف: ص 201؛

تهذيب الكمال: ج 6 ص 428؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 422 رقم:270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 252 ح 3547 أسد الغابة: ج 2 ص 28 وفيه أوقر بدل املأ؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 221؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 265 بغية الطلب: ج 6 ص 2571؛ نور الأبصار: ص 229؛ استشهاد الحسين: ص 145؛ مقاتل الطالبيين: ص 119.

[237] صحيح البخاري: ج 5 ص 2234 ح 5648، كتاب الأدب، باب رحمة الولد؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 657 ح 3770؛ أنساب الأشراف: ج 3 ص 227؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 127؛ الفصول المهمة: ص 170؛ الصواعق المحرقة: ص 196؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 400؛ الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 332؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 402 رقم:270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 130 ح 3421؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 90؛ أسد الغابة: ج 2 ص 26؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 250؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2576؛ نور الأبصار: ص 221؛ حياة الحيوان الكبري: ج 1 ص 185.

[238] الفصول المهمة: ص 170؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 91؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 250؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2577 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)وقال النبي 2: هما ريحانتاي من الدنيا؛ فرائد السمطين: ج 2 ص 109 ح 415.

[239] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 418 رقم: 270.

[240] دم عبيط: طري شديد الحمرة.

[241] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 199؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 119 ح 2856؛ العقد الفريد: ج 4 ص 353؛ سير

أعلام النبلاء: ج 4 ص 426 رقم:270؛ كفاية الطالب: ص 400؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 126؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 229 ح 3545.

[242] تهذيب الكمال: ج 6 ص 433؛ ذخائر العقبي: ص 249؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 425 رقم:270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 229 ح 3545؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2636.

[243] حلية الأولياء: ج 2 ص 276 رقم: 193 ابن سيرين؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 228 ح 3545. وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)لم تكن تري؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2639؛ تاريخ الخلفاء: ص 207.

[244] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424 رقم: 270؛ المحاسن والمساوئ: ص 63.

[245] أنساب الأشراف: ج 2 ص 505؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 227 ح 3545.

[246] عن الأسود بن قيس قال: أحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة أشهر يُري ذلك في آفاق السماء كأنّها الدم.

[247] تهذيب الكمال: ج 6 ص 434؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2637؛ نور الأبصار: ص 233.

[248] كفاية الطالب: ص 399.

[249] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 229 ح 3545.

[250] كفاية الطالب: ص 393؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424 رقم: 270؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2634.

[251] م_جمع الزوائد: ج 9 ص 200؛ أنساب الأشراف: ج 3 ص 209؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 433؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424 رقم:270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 227 ح 3545؛ تاريخ الخلفاء ص 207.

[252] أنساب الأشراف: ج 3 ص 207؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 125 ح2878؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 293؛ الكامل في التاريخ: ج 2

ص 577؛ البداية والنهاية: م_جلد 3 ج 6 ص 265؛ مروج الذهب: ج 3 ص 73؛ الفصول المهمة: ص 191؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 423 رقم: 270؛ الأخبار الطوال: ص 259؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 240.

[253] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 235 ح 3545؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 426 رقم: 270؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2633؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 410.

[254] الأخبار الطوال: ص 260؛ أسد الغابة: ج 2 ص 21؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2631؛ نور الأبصار: ص 229؛ الصواعق المحرقة: ص 198؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 410؛ الاتحاف بحب الأشراف: ص 53.

[255] الصواعق المحرقة: ص 198؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 574.

[256] الصواعق المحرقة: ص194.

[257] مروج الذهب: ج 3 ص 80؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 294؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 579؛ مقتل أبي م_خنف: ص 161؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 76؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 429؛ كفاية الطالب: ص 397؛ تذكرة الخواص: ص 267؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 245.

[258] مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 2 ص 76؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 422.

[259] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 242 ح 3547؛ ذخائر العقبي: ص 248؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 421؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2653؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 395 ح 556؛ كفاية الطالب: ص 394؛ الخصائص الكبري: ج 2 ص 127؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 442 وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)فقالوا: منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل أن يبعث

نبيّكم بستّمائة عام؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج2 ص 93 وفيه: فوجدنا في الحائط صخرة فيها مكتوب: اترجو أُمّة قتلت حسيناً شفاعة جده يوم الحساب فلا والله ليس لهم شفيع وهم يوم القيامة في العذاب.

[260] الفصول المهمة: ص 194؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2656؛ نور الأبصار: ص 232؛ حياة الحيوان الكبري: ج 1 ص 185.

[261] أنساب الأشراف: ج 3 ص 221؛ تهذيب التهذيب: ج 2 ص 353؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 124 ح 2875؛ البداية والنهاية: م_جلد 3 ج 2 ص 264.

[262] مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 2 ص 126؛ تراجيديا كربلاء: ص 57؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 424.

[263] أنساب الأشراف: ج 3 ص 220؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 580؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 294؛ مروج الذهب: ج 3 ص 220؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 447؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب - هامش الإصابة -: ج 1 ص 379؛ أسد الغابة: ج 2 ص 29؛ تاريخ مدينة دمشق: ج14 ص259 ح3547؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 429 رقم: 270؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 422؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2668؛ مقاتل الطالبيين: ص 121، أي وجدتها موحشة خالية بعد أن رأيتها مؤنسة مأهولة.

[264] تراجيد يا كربلاء: ص 18.

[265] مقتل الحسين لأبي م_خنف: ص 202.

[266] الجالوت: الجالية من اليهود أي الذين جلوا عن أوطانهم ببيت المقدس، ورأس الجالوت: رئيسهم، وكان من ولد داود (عليه السلام)؛ العقد الفريد: ج 4 ص 351.

[267] العقد الفريد: ج 4 ص 351؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 414.

[268] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 236 ح 3545؛ سير أعلام النبلاء:

ج 4 ص426 رقم: 270.

[269] سورة الكهف: الآية 9.

[270] الخصائص الكبري: ج 2 ص 127.

[271] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 72؛ الصواعق المحرقة: ص 198؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 413.

[272] سورة الشوري: الآية 23. مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 101.

[273] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 71.

[274] سورة هود: الآية 65.

[275] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 425 رقم:270؛ تاريخ مدينة دمق: ج 14 ص 231،ص 234 ح 3545؛ ذخائر العقبي: ص 248؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 436؛ كفاية الطالب: ص 393؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2641.

[276] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 425 رقم: 270؛ ذخائر العقبي: ص 248؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 436، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)بلهجيم بدل: الهجيم؛ كفاية الطالب: ص 400؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2642؛ تاريخ الخلفاء ص 207.

[277] ذخائر العقبي: ج 246؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)ظَمِّئه بدل أظِمئْه؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 430؛ كفاية الطالب: ص 391؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2620.

[278] ذخائر العقبي: ص 247؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 438؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2621.

[279] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 227 ح 3545؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 433.

[280] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 231 و234 ح 3545.

[281] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 244 ح 3547؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 444.

[282] تاريخ مدينة دمشق: ص 244 ح 3547؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 444.

[283] نور الأبصار: ص 233.

[284] تهذيب الأحكام: ج 1 ص 419 ح 43.

[285] سنن الدارقطني: ج 2 ص

278، باب المواقيت؛ إحياء علوم الدين: ج 4 ص 490؛ الوفا بأحوال المصطفي: ص 817 ح 1530.

[286] السنن الكبري: ج 5 ص 245؛ باب زيارة قبر النبي؛ سنن الدار قطني: ج 2 ص 278 وفيه (صلي الله عليه وآله وسلم)وفاتي بدل موتي؛ الوفا بأحوال المصطفي: ص 816 ح 1529.

[287] إحياء علوم الدين: ج 4 ص 490.

[288] صحيح مسلم: ج 2 ص 365 ح 976، باب استئذان النبي ربّه عزّ وجلَّ في زيارة قبر أُمّه.

[289] إحياء علوم الدين: ج 4 ص 490 وص 491.

[290] المصدر نفسه.

[291] المصدر نفسه.

[292] إحياء علوم الدين: ج 4 ص 490 وص 491.

[293] إحياء علوم الدين: ج 4 ص 490.

[294] السنن الكبري، للبيهقي: ج 4 ص 79؛ صحيح مسلم: ج 2 ص 365 ح 975.

[295] صحيح مسلم: ج 2 ص 363 ح 974، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها. بقيع الغرقد: مقبرة لأهل المدينة سميت بذلك لغرقد كان فيه وهو ما عظم من العوسج، لسان العرب: ج 3 ص 325، غرقد. وإطلاق لفظ الأهل علي ساكن المكان من حي وميت؛ السنن الكبري: ج 4 ص 79.

[296] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 166.

[297] فرائد السمطين: ج 2 ص 174 ح 461؛ ذخائر العقبي: ص 151؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 169.

[298] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 169.

[299] المصدر نفسه: ص 167.

[300] تاريخ الطبري: ج 5 ص 622.

[301] النصائح الكافية: ص 72؛ وقعة صفين: ص 217، انظر كتاب الفتوح: ج 5 ص 24: أقبل الحسين علي مروان وقال: ويحك أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق! لقد قلت شططاً من القول يا عظيم الزلل لا ألومك علي قولك لأنك اللعين

الذي لعنك رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص، فإن من لعنه رسول الله لا يمكن له ولا منه إلاّ أن يدعو إلي بيعة يزيد ثم قال:إليك عني يا عدو الله فإنّا أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) والحقّ فينا، وبالحق تنطق ألسنتنا، وقد سمعت جدّي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (صلي الله عليه وآله وسلم)الخلافة محرّمة علي آل أبي سفيان، وعلي الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية علي منبري فافقروا بطنه، فوالله لقد رآه أهل المدينة علي منبر جدّي فلم يفعلوا ما أُمروا به، قاتلهم الله بابنه يزيد، زاده الله في النار عذاباً.

[302] وقعة صفين: ص 216 - 218.

[303] فرائد السمطين: ج 2 ص 175 ح 462.

[304] رياض المدح والرثاء: ص 61.

[305] عيد الغدير: ص 190.

[306] كتاب الفتوح: ج 5 ص 126. ثم أقبل الفرزدق علي ابن عمّه فقال: والله لقد قلت فيه هذه الأبيات غير متعرّض إلي معروفه غير أنّي أردت الله والدار الآخرة.

[307] كفاية الطالب: ص 401؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 260؛ وفيه: أنشدنا محمد بن الفضل الفُرَاوي قال: أنشدت لبعض الشعراء في مرثية الحسين بن علي (عليه السلام).

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.