الامام الحسين علیه السلام في مواجهة الانحراف‌

اشارة

عنوان : الامام الحسين عليه السلام في مواجهة الانحراف
نوع : متن
جنس : مقاله
الكترونيكي
زبان : عربي
صاحب محتوا : موسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت (ع)
توصيفگر : حسين بن علي(ع)، امام سوم
وضعيت نشر :
ويرايش : -
مشخصات فيزيكي : 1 متن الكترونيكي: بايگاني HTML؛ داده هاي الكترونيكي (8 بايگاني: 62.3KB)
خلاصه :
مخاطب :
يادداشت :
ملزومات نظام: ويندوز 98+ با پشتيباني متون؛ شيوه دسترسي: شبكه جهاني وب؛ عنوان از روي صفحه عنوان نمايش
سعد متعب
شناسه : oai:lib.ahlolbait.ir/parvan/resource/51901
تاريخ ايجاد ركورد : 1388/9/1
تاريخ تغيير ركورد : 1390/5/29
تاريخ ثبت : 1390/11/1
قيمت شيء ديجيتال : فاقد شيء ديجيتالي

المقدمة‌

لا شك أن رسالة الإسلام اعظم واكمل الرسالات الإلهية التي بعث الله بها خير خلقه علي الإطلاق، وكانت أحد أهدافها الرئيسية إقامة العدل و مواجهة الظلم بكل‌ّ انواعه واتجاهاته. ليهنأ الإنسان و يعيش بكرامة،وتتوفر له فرصة التحرك في مدارج الكمال.و لم تكن هذه المسألة خطابا او شعاراً استهلاكياً للحصول علي اكثر أنصار، و إنّما هي استراتيجية الإسلام في حركته نحو سعادة الإنسانية و إدارة الحياة و تنظيم الحقوق، و قد كان كتاب الله صريحاً في هذا المجال و الحديث و السلوك النبوي نموذجاً تطبيقياً لما جاء به الوحي.و الإمامة بعد رسول الله (ص) كانت المنهج الذي يحفظ الإسلام في‌حركته الفكرية و التطبيقية باتجاه أهداف الإسلام ليمتد الي كل‌ّ الاجيال و كل‌ّ الناس.إلاّ أن التحرك غير المسؤول الذي تلي رحلة الرسول (ص) من بعض الصحابة أدي الي تغيير الواقع الإسلامي، و اتجاه حركة الاُمة الإسلامية و نفوذ أعداء الدين، و هذه نقطة بداية المأساة و حلول الكارثة؛ حيث لم تكتف بالسيطرة علي الحكم فحسب و إنّما قامت باحتلال موقع النبوة و الإمامة، و بدأت تتخبط بشكل أضرّ بالإسلام فكرياً وعملياً، لالتزام الاجيال التي تكترث باقوالهم و افعالهم باعتبارها تمثل الدين و جزءً من نصوصه المقدسة، و لم تنته‌ِ المسألة الي هذا الحد، و إنّما قاموا بعمليات إقصاء للاسس التي يمكن الرجوع اليها لتقويم المسيرة فشملت:1 - إقصاء القرآن من الحياة، بتفسيره وفق هوي الحاكم.2 - إقصاء السنّة النبوية الشريفة.بمنع تدوينها ومنع المخلصين من الصحابة بنشر الحديث النبوي، وإعطاء المجال واسعاً للدخلاء علي‌الإسلام لنشر اباطيلهم و أكاذيبهم.3 - إقصاء الإمام الشرعي الذي اختاره الله تعالي للاُمة بعد الرسول (ص).

و في هذه الاجواء الخانقة فقدت الامة‌

اشارة

1 - الكتاب والسنة باعتبارهما المصدرين اللذين تأخذ منهما احكامها الشرعية.2 - الإمام المعصوم الذي يمثّل الرسالة الإسلامية وعياً و تطبيقاً.واختفاء الكتاب والسنة والقيادة المعصومة بأي مستوي وشكل، يساهم بأضرار و خسارات عظيمة علي الاُمة يصعب جبرانها منها:اـ ضياع التفسير الصحيح للإسلام في أجواء الضجيج و كثرة الاجتهادات.ب ـ فقدان الاُمة للقدوة الصالحة، لماكان الرسول مع الاُمة فهو القدوة و الاُسوة، ولما اختاره الله الي الرفيق الاعلي فحاجة الاُمة الي القدوة ـ بأجيالها المتعاقبة - لم تنته‌ِ.ج ـ الانقسام الي اتجاهات و مذاهب كثيرة تختلف في قرائتها للإسلام.د ـ إيجاد فرصة لنفوذ اعداء الإسلام التقليديين للانتقام من الإسلام و المسلمين.ه ـ خسارة الإنسانية للمشروع الإلهي للإنقاذ علي جميع المستويات. و في هذه الاجواء والظروف التي حذفت فيها المصادر الفكرية و التطبيقية استحدثت و توّلدت معطيات غريبة لا تنسجم مع روح الإسلام، ساهمت في تغيير الحقائق والمعايير، وألبس الإسلام ثوب الجاهلية بعد ما أفرغ من محتواه إلاّ بالمقدار الذي يقوّم السلطة الحاكمة و يمكنها من رقاب المحتمع.و انتهي الامر الي اجتهادات فردية ارتجالية حلّت مكان الاحكام الإسلامية، والتي كوّنت فيما بعد المدارس الفقهية التي خلطت جزءً من‌السنّة مع تلك الاراء فأنتجت فقه الاحكام الذي لا يبتغي إلاّ استقرار عرروشهم، وكانت من إفرازاته قانون الغلبة و السيف و الكثرة، و إقرار حكام الجور والظلمة و الطلقاء وابناء الطلقاء، و رفعوا بذلك جميع الالتزامات المفروضة علي الحاكم و ذهب ضحية ذلك خيرة ابناء الاُمة و رجالاتها المخلصين. و استولي علي الحكم الإسلامي أصحاب المواقف المخزية من الإسلام ورسول الكريم (ص) أمثال بني اُمية، وهؤلاء جعلوامن أنفسهم الممثلين لتفسير الإسلام و طرح نظرته، و أعلنوا العداء و الحرب لال بيت النبي (ص)، و للصحابة الذين لايرتضون سلوكهم المنحرف، مع كل‌ّ ذلك اعتبروا الخروج عليهم خروجاً علي الإسلام و الجماعة و شق عصا الطاعة، وأحياناً يتهم المخالف لهم بالزندقة و الكفر.فالمسألة لم تنته بالسيطرة علي السلطة، وإنما تهدر وجود الإسلام كدين للإنسانية يريد انقاذها، فإذا استمرّ الحال علي هذا المنوال فلم يبق منه بنو اُميّة شيئاً يذكر.ففي هذه الاجواء وهذه النشاطات الجادة لمحو الإسلام كانت حركة الإمام الحسين (ع) باتجاه الفكر لتحريك الوعي العام، وباتجاه الدين ونحو الإمامة و الخلافة ليحمّل الاُمة مسؤوليتها فيما يحدث، لان‌ّ الاُسلوب‌الاُموي في السياسة و الحكم، استطاع ان يجعل دور الاُمة هامشياً وتابعاً لإرادتهم، وألفت ذلك الجماهير المسلمة التي عاشت تحت ظل السلطة الاُموية وسيفها القاهر.ونتيجة للإرهاب الذي تعرّضت له الاُمة من الاُمويين أخذت بالانصراف تدريجيا عن مراقبة الحكام والاخذ علي أيديهم حين يخطئون.وبهذا تم إقصاء الاُمة عن دورها الاساسي في المراقبة والتوجيه و ممارسة دورها في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، الاداة العمليّة لتقويم الانحراف علي جميع المستويات، والاليّة السلميّة في مراحلها الاوليّة لاسترجاع الحقوق وإيقاف الظالم عند حدوده؛ ومن اجل ذلك جعل الله اللعنة علي بني اسرائيل لتركهم هذه الوظيفة بقوله تعالي: لعن الذين كفروا من بني اسرائيل علي لسان داود وعيسي بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون.ولسعة مفهوم الامر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي يشمل جميع انواع الإصلاح الفكري والسياسي والاجتماعي كان بيان الإمام الحسين (ع): «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي أريد ان آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر».فكانت ثورته (ع) لبناء اُمة قادرة علي أداء وظيفة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر والحفاظ علي جميع المستويات، سائرة علي خطي الحسين (ع) في أداء هذه الوظيفة متفاعلة مع منهجه وأهدافه تعيش هموم الإسلام، تستمد و تستلهم من حركته روح المقاومة، تفكر بالعطاء، وتحسب الربح والخسارة التي تحصل عليها المبادي و القيم الإسلامية الرفيعة.

الحسين في مواجهة الواقع المنحرف‌

اقصاء اهل البيت و ازمات المستقبل‌

لقد ساهم التسامح في مسألة الإمامة علي رسم نقطة البداية باتجاه لايلتقي مع الغايات الرساليّة، والرسالات السماويّة، فكانت بداية الافتراق و نقطة الانطلاق التي رسمها الجهل بعواقب الافعال ونتائجها باب فتنة، فُتحت و لم تُغلق، و لم تكن هذه النهاية خافية علي الواعين من الاُمة و إنما كانت واضحة النتائج لكثير منهم، ولكن قصر النظر وتفسير الخلافة علي‌أنها سلطان ومكسب أدي الي أن يدخل البعض في صراع و منافسة مع‌الائمة الشرعيّين من جهة، ومع المنافسين لهم من امثالهم، وكانت حجّتهم علي امثالهم: (من ينازعنا سلطان محمّد وميراثه، نحن اولياؤه وعشيرته. إلاّ مدل بباطل أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة).فلم ينظر الي الخلافة ألاّ من جهة كونها سلطة ومقاماً دنيوياً، و هي رؤية هابطة ومتدنية لا تحمل أي بعد حضاري وديني ورسالي؛ و لهذا كانت ضريبتها علي الاُمة باهضة جداً، وجبرانها عسير وماساتها عامّة و فسادها واسع و جرحها عميق. وكلّفت الاخطاء التي اُرتكبت عمداً من البعض بعد وفاة الرسول (ص) جهوداً ودماء وتضحيات، كان موقعهاالطبيعي ان توظّف في طريق البناء الحضاري و خدمة المجتمع الإنساني، والي يومنا هذا شغل المسلمون بتلك السيرة لإصرار البعض علي اتخاذها مبداً، وفرضها علي وعي المسلم و التزاماته باعتبارها المشروع الإسلامي.وقد رأت الاُمة الإسلامية الامتدادات او التفاعلات العمليّة عبر القرون الماضية و تأثيراتها السلبية في وعي المسلم وعناصر القوة للإسلام، والمشروع الإسلامي في إقامة العدل و القسط و محاربة الجور والظلم.ومنذ اللحظة الاُولي كان موقف أهل البيت (ع) واضحاً من هذه المسألة، وذلك لإدراكهم خطورة المصير الذي ستنتهي إليه الاُمة، ولذلك كانت تقترن مطالبتهم بحقّهم في الخلافة، مواقفهم من المنهج الانحرافي والتهديد الذي تختلقه التفاعلات والتعقيدات المستقبلية لهذا الامر، و النهاية المأساوية التي ستتعرض لها الاُمة. نتيجة تعاطيها و تسامحها مع تلك المواقف غير المبدئية التي كانت تمثل إسقاطات الذات علي الواقع الخارجي فصبغت بممارساتها الحياة بصبغتها، فأفرزت اُطروحات إنسانية ناقصة تحمل في ثناياها ازمات و مشاكل، ولدت لحظة ولادة الاراء الجديدة الغربية عن روح الإسلام، و تفاقمت الي الحد الذي وضع المجتمع الإسلامي في موقف يقتل ذرية رسوله (ص) ويعرّضهم للسبي.

امامة اهل البيت ضمان من الانحراف‌

الإمامة في مدرسة أهل البيت: عهد الهي يضعه الله حيث يشاء و هو استمرار لخط النبوة ووظائفها ولا يليق إلاّ لشخصيات معينة، اطلع الله علي كمالاتهم و استعداداتهم فانتخبهم لذلك، فالخلافة للنبي والإمامة للاُمة لم تكن سلطة و امتيازات و إنّما مسؤولية ومهمات عظيمة لا يؤديها إلاّ من عرف الله قدرتهم علي ذلك.جاء في الروايات ان الإمامة وسياسة المجتمعات كانت من وظائف الانبياء، وتجربة بني اسرائيل النموذج الاكثر وضوحا في هذا المجال، قال رسول الله (ص):«كانت بنو اسرائيل تسوسهم الانبياء كلّما ملك نبي خلفه نبي».فالإمامة مسؤولية عظمي تتحقق بها غايات الرسالة و اهدافها، و يعيش الإمام للاهداف والمبادي‌ء، و يتجرد من المسائل التي تؤثر علي أداء مسؤوليته و لهذا قال الإمام علي (ع):«لا يقيم أمرالله إلاّ من لا يصانع و لا يضارع و لا يتبع المطامع».و قد أوضح الإمام علي بن موسي الرضا (ع) وصف الإمام بقوله:«للإمام علامات: يكون أعلم الناس، و أحكم الناس، واتقي الناس، وأحلم الناس و اشجع الناس، و أسخي الناس، و أعبد الناس...»قال(ع): «إن‌ّ الإمامة اُس الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة و الزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفي‌ء والصدقات و إمضاء الحدودو الاحكام و منع الثغور والاطراف.والإمام يحلّل حلال الله ويحرّم حرام الله، و يقيم حدود الله ويذب‌ّ عن دين الله و يدعو الي سبيل ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجّة البالغة.الإمام كالشمس الطالعة للعالم، وهي بالاُفق؛ بحيث لا تنالها الايدي و الابصار، الإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجي، والبيد القفار ولجج البحار.الإمام الماء العذب علي الظمأ، و الدال علي الهدي و المنجي من الردي.والإمام النار اليفاع الحار لمن اصطلي به، والدليل في المهالك من فارقه فهالك...الإمام الامين الرفيق و الوالد الرقيق والاخ الشفيق ومفزع العباد في الداهية.الإمام أمين الله في أرضه وحجّته علي عباده وخليفته في بلاده الداعي الي الله و الذاب‌ّ عن حُرم الله.الإمام المطهر من الذنوب المبرّأ من العيوب، مخصوص بالعلم موسوم بالحلم، نظام الدين وعز المسلمين، و غيظ المنافقين و بوار الكافرين.الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب..فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و يمكنه اختياره؟فكيف لهم باختيار الإمام؟ والإمام عالم لا يجهل راع لا ينكل. معدن القدس و الطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول و هو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب.فالإمام يمثل اعلي درجات الكمال الإنساني و درجات القرب الإلهي.والإخلاص لربه والتقييد بشرائعه و العالم الذي لا يشتبه ولا تلتبس عليه الاُمور المعصوم من الزلل.ولاجل الاوصاف التي ذكرها الحديث الرضوي و غيره من الاحاديث اصبح اهل البيت كما قال النبي (ص):«النجوم أمان لاهل السماء، و اهل بيتي امان لاهل الارض، فإذا ذهبت النجوم‌اتي اهل السماء ما يكرهون، و إذا ذهب أهل بيتي أتي اهل الارض ما يكرهون» فإبعاد أهل البيت (ع) عن مواقعهم التي رتّبهم الله بها وإبعاد منهجهم عن واقع الحياة الإسلامية يساوق إبعاد الإسلام و عزله عن الحياة؛ لانهم الممثل الحقيقي للإسلام، و لذلك يفقد المجتمع بفقدهم:1 - الموجه للمسيرة الإنسانية باتجاه الكمال.2 - الرؤية الكاملة والنقية للإسلام في المجالات علي المستوي النظري.3 - المثال الاعلي للتعامل علي اساس الإسلام في جميع نواحي الحياة.

الحركة الاصلاحية في حياة الائمة‌

نريد بالائمة خصوص الإمام علي (ع) والإمام الحسن (ع)؛ لان الحديث عنهما يرتبط بالإمام الحسين (ع)، حيث كانت هذه الفترة فيها عناصر مشتركة، ومعاصرتهم (ع) لها جعلت الاحداث التي جرت معهم و المواقف منهاذات صلة وثيقة بهم.فعندما أخطأ أهل السقيفة الصواب وانتهي الامر الي إقصاء الإمام علي (ع) والائمة من بعده، وأقصيت معهم مناهج بناء المجتمع العلمية و المعنوية والعدل والحق بين افراده وتفعيل التنمية الاقتصادية، و القضاء علي الفوارق الطبقية و توفير العيش الحر الكريم، وتقوية البناء الداخلي للمجتمع، وتهذيب العادات والتقاليد من الزوائد التي لا تتفق مع الإسلام،و رفع المستوي الاخلاقي وغيرها من المسائل المهمة كانت من ضمن وظائف الإمام و أهداف الإسلام.ومن جانب آخر عمل الحكام علي غير هدي ولا كتاب، فكانت الاراء الارتجالية الفردية أحد مصادر التشريع؛ ومن هنا بدأت المخالفات تزداد كلما تقدموا في الزمان وابتعدوا عن زمان الرسالة، وكلما استحدثت مسائل جديدة، و اختلطوا مع مجتمعات غريبة عنهم بتاريخها الثقافي؛ وهذه المسائل و تراكماتها و آثارها أدت الي نقل المجتمع الي ثقافة جديدة تتضاعف فيها مسؤولية المصلح الديني؛ و لذلك عندما جاء الإمام علي (ع) الي الخلاقة واجهته عقبات كثيرة مانعة من تحقق أداء رسالته في الإصلاح في مجالاته المختلفة، لكنّه (ع) استمر بمنهجه الإصلاحي، و كان في المجالات التالية:

المجال الحقوقي‌

الغي الامتيازات الحقوقية التي جاءت نتيجة للتركيب الطبقي في المجتمع، وأقر المساواة في الحقوق و الفرص و الواجبات فكان يقول (ع):«الذليل عندي عزيز حتي آخذ الحق‌ّ له، والقوي عندي ضعيف حتي آخذ الحق منه».و قال: «أيها الناس، اعينوني علي أنفسكم، وأيم الله لانصفن المظلوم من ظالمه، و لاقودن الظالم بخزامته حتي اورده منهل الحق، وان كان كارها».

المجال الاقتصادي‌

كان العطاء علي اساس الطبقة التي ينتمي اليها المواطن، امّا في دولة علي (ع) فهو يقول: «وايّما رجل استجاب للّه وللرسول فصدّق ملتنا و دخل في‌ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده فأنتم عباد الله، و المال مال الله، يقسم بينكم بالسوية لا فضل لاحد علي أحد، وللمتقين عند الله غدا أحسن الجزاء».

المجال الاداري‌

اتّخذ منهجاً يختلف عمّا سبقه في اختيار الولاة والعمّال و وضع شروطاً لذلك:اـ الكفاءة علي أداء المسؤولية«أيها الناس، إن أحق‌ّ الناس بهذا الامر اقواهم عليه، و أعملهم بأمر الله فيه».ب ـ حسن السابقة والصلاح«ثم الصق بذوي المروءات والاحساب، و أهل البيوت الصالحة و القدم في الإسلام فإنهم اكرم اخلاقاً وأصح اعراضاً».ج) العدالة والتقوي«فاخفض لهم جناحك وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك و آس بينهم في اللحظة والنظرة؛ حتي لا يطمع العظماء في حيفك لهم ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم».د) حب المجتمع«واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم».وقد شكّلت خطب ورسائل الإمام علي (ع) أروع تجسيد لتعاليم القرآن و منهجه في بناء الفرد والمجتمع الصالح، وهو بذلك قد وضع اسس الدولة الإسلامية المبدئية والمجتمع الإسلامي النموذجي بكل تشكيلاته، و أوضح الحقوق المتبادلة بين الاُمة، وقادها بطريقة تختلف‌عما سبقه ولحقه، وتتفق مع سيرة الرسول (ص) و القرآن الكريم.و استمرّ الإمام الحسن (ع) خلال فترة خلافته علي نفس المنهج الذي كان عليه الإمام علي (ع)، و لكن جهل المجتمع وتفاعل الفتنة فرضاالصلح علي الإمام الحسن (ع) حفظاً لطائفة مؤمنة، تتبّني المنهج الحق، ولإيقاف المجتمع علي حقيقة بني اُمية عامة و معاوية خاصة، و تحقق ذلك.

الامام الحسين محمدي و علوي المنهج‌

كان الإمام الحسين (ع) يؤكّد نفس المنهج الذي كان عليه الإمام علي(ع)، والذي كان يمثل اصدق صورة للقرآن والسيرة النبوية، فالإمام الحسين (ع) كان مشروعه الإصلاحي صورة للقران و السيرة النبوية، فالإمام الحسين (ع) كان مشروعه الإصلاحي هو العمل بسيرة الرسول (ص)والإمام علي (ع)؛ ولهذا قال في وصيته لاخيه محمد بن الحنفية:«وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً، و لا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في اُمة جدي(ص) أريد أن آمر بالمعروف و انهي عن المنكر، و أسير بسيرة جدي وأبي علي بن ابي طالب، فمن قبلني بقبول الحق‌ّ، فاللّه أولي بالحق‌ّ، و من ردّ علي‌َّ هذا أصبر حتي يقضي الله بيني و بين القوم وهو خير الحاكمين».فالإمام الحسين (ع) سار علي نفس منهج الإصلاح وباتجاه نفس الهدف وإن اختلف الموقف بشكل يتناسب مع الظروف الموضوعية، والدور الخطير الذي لعبه الاُمويون في تهديد الدين و حاجة الاُمة الي مواقف تهز وجدانها الديني والإنساني، و يوقف هذا التدهور، و يعالج الانحراف ويرجع الاُمة الي موقعها الذي ينبغي ان تكون فيه، ويهز قواعد الحكم الاُموي و يكشف واقعه الحقيقي.

الانحدار الخطير

نتيجة لتراكم الاخطاء السابقة والابتعاد عن الدين و الاهتمام الحكومي بقضية الحكم و الترف، والتعامل مع ممتلكات الاُمة باعتبارها ملكاً لقريش و الاُمة تعمل لبني أُميّة، وكل‌ّ ما تتملك الاُمة فهو ملك لهم، و اضاف يزيد الي ذلك ان اشراف الاُمة عبيد له، وطلب البيعة علي ذلك و قتل من أبي.وكان الجهاز الحاكم يدير الاُمة بهذه الطريقة، ويتعامل معها بكل مالديه من انحراف فكري وسلوكي.وهذا المستوي المتدني و الانحراف الظاهري يهدّد اصل الدين ولهذا لايمكن السكوت عليه حتي أذا ادي الي التضحيات الجسام. فلاينظر في هذه المواقع الي المصلحة الشخصية وما يترتب علي التصدي لهذا الواقع المنحرف. لان‌ّ الدين ضرب من جميع الجهات و هوجم علي جميع الاتجاهات ولم يقف الاُمويون عند حدٍّ معين. وانما كانوا في حركة دائمة بالاتجاه المعاكس للدين، ولو قدّر لهذه النشاطات المعادية للإسلام ان تستمر لايبقي رجاء بسلامة الدين. ولنقضت حلقاته الواحدة بعدالاُخري، ولسيطرت مجموعة متهتكه علي مقدرات المجمتع و مقدساته بلا مخالفة.وقد أثار سلوك يزيد أشراف أهل المدينة المنوّرة عندما وفدوا عليه، حيث رجعوا يقولون: قدمنا من رجل ليس له دين يشرب الخمر،و يضرب بالطنابير، ويعزف عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسمر عنده‌الخراب - وهم اللصوص ـ و إنانشهدكم انا قد خلعناه». و قام عبد الله بن حنظلة الغسيل فقال:جئتكم من عند رجل لو لم أجد إلاّ بني هؤلاء لجاهدته بهم. وقد أعطاني واكرمني وما قبلت منه عطاءه إلاّ لاتقوّي به، فخلعه الناس، و بايعوا عبدالله بن حنظلة الغسيل علي خلع يزيد و ولوه عليهم.و كان عمّال يزيد علي طريقته بالانحراف عن الدين و التظاهر بمخالفة الشريعة و ارتكاب المحرمات، وقد ذكر ابن عبد ربّه ذلك بقوله:«(يزيد بن معاوية) صاحب طرب وجوارح وكلاب و قرود و فهود و منادمة علي الشراب، وغلب علي اصحاب يزيد و عمّاله ما كان يفعله من الفسوق، و في أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي و أظهر الناس شرب الشراب».فاشتركت تركيبة حكومية كاملة بالفسق و الاستهتار بقيم السماء و العمل علي عزل احكام الإسلام عن مسرح الحياة، ونشر ثقافة التهتك و التحلل من الالتزامات الإسلامية الظاهرية العامة فضلاً عن الالتزامات الخاصة علي الولاة و الخليفة؛ لانهم القائمون علي إقامة الإسلام وإجراء أحكامه.اتفاق هذه التشكيلة الحكومية أدت الي السقوط و الوصول الي أدني مستوي من الإنحطاط، وشكّلت اكبر خطراً علي الإسلام والاُمة الإسلامية، و أعظم حاجر عن تحقق غايات الشريعة، وأوسع ضوضاء في أجواء العقيدة.

الحسين يحطم الصمت‌

عند ما هلك معاوية وخلّف يزيد علي الاُمة بما يتصف به من مجون و فسوق وجرأة علي ارتكاب المحرمات، عاشت الاُمة حالة قلق و وجل من مستقبل هذه السلطة و خطرها علي الإسلام عقيدة شريعة و اُمة.و في هذه الاجواء المملوءة بالارهاب و الانحرافات الواسعة عن‌الإسلام، و المخاطر المحدقة بالصالحين من ابناء الاُمة، كان الإمام الحسين (ع) محط الانظار، والبقية الباقية من آل البيت (ع) وهو إمام المسلمين و قدوتهم، و الهادي لهم علي المستوي الفكري و العقائدي‌و السلوكي.طلبت الحكومة الاُموية من الإمام البيعة، وفعلها هذا خلاف لمعاهدة الصلح التي عقدت مع معاوية؛ حيث اشترط ان يكون الامر للإمام الحسن إذا هلك معاوية و إذا حدث امر للإمام الحسن (ع) فالإمام الحسين (ع). ثم إن ولاية العهد بدعة لم يألفها المسلمون و لا تتفق مع ثقافتهم، وإضافة الي ذلك لم يكن يزيد من الشخصيات المجهولة عند الاُمة و إنّما كان واضحاً و معروفاً جداً لسلوكه الشاذ عن المستوي الطبيعي، ولعدم تحفّظه من عمل المنكر و المجاهرة به.في مثل هذه الظروف المتشنجة طلب الحكم الاُموي من الإمام (ع) البيعة ليزيد، وكانت بطلب من يزيد مباشرة؛ اذ كتب الي الوليد بن عتبة ابن ابي سفيان:(امّا بعد فخذ حسيناً و عبد الله بن عمر و ابن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليس فيه رخصة حتي يبايعوا و السلام).في هذا الوقت أعلن الإمام الحسين (ع) عن موقفه من حكومة يزيد و من شخصية يزيد بقوله وهو يخاطب والي المدينة :«...إنّا اهل بيت النبوة و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و مهبط الرحمة، بنافتح الله، وبنا يختم، و يزيد شارب الخمر، وقاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، و مثلي لا يُبايع مثله، ولكن نصبح و تصبحون، وننظر وتنظرون، أينا أحق بالخلافة و البيعة».وقال لمروان بن الحكم: «علي الإسلام السلام إذا ابتليت الاُمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله (ص) يقول: الخلاقة محرّمة علي آل ابي سفيان؛ فإذا رأيتم معاوية علي منبري فابقروا بطنه، و قد رآه أهل المدينة علي المنبر فلم يبقروا فابتلاهم الله بيزيد الفاسق».بهذه المواقف الصريحة والمبدئية بدأ الإمام الحسين (ع) حركته، و عيّن الموقف من حكومة يزيد؛ فتحطم الصمت و بدأ الكلام عن شرعية و كفاءة يزيد لهذا المقام، فبدأ ولم ينته، وأسس مدرسته مواجهة مع يزيد الماضي و كل‌ّ يزيدي السلوك علي طول التاريخ.

الامام الحسين يعلم بشهادته‌

البيانات الاُولي للإمام الحسين (ع) كانت واضحة و ممتلئة بعلم الإمام بالنتيجة النهاية التي ستنتهي اليها حركته (ع)، والشخصيات المعاصرة كانت تحذّر من النتائج المرشحة للظهور، واستمرت التحذيرات للإمام‌من جميع الاطراف التي لها خبرة بتركيبة المجتمع الكوفي و طريقة تعامل الحكومة الاُموية مع معارضيها.و لم تكن هذه المسائل خفية علي الإمام (ع) وإنما كان عالماً بالذي سيحدث؛ وأخبر بذلك كما في قوله: «خط‌ّ الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة، وما اولهني الي اسلافي اشتياق يعقوب الي يوسف! وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلاة بين النواويس و كربلاء فيملان‌ّ مني اكراشاً جوفا و أجربة سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت».و هذا المستوي من العلم اشترك غير الإمام مع الإمام به لقراءة الاحداث واستعداد الشخصيات الرسمية علي ارتكاب ابشع الجرائم من‌غير حدود و قيود و التزامات، ولكن الامر الذي يفترق به الإمام عن غيره هو معرفة النتائج التي سيؤدي إليها موقفه و شهادته و انتهاك حرمته، و التأثير الذي ستخلّفه الفاجعة.

اقصاء الاسلام عن الحياة‌

اشارة

اراد الله تعالي لدينه عقيدة وشريعة ان يكونا ظابطة لفكر و سلوك الإنسان، وجعل من أنبيائه و اوليائه أئمة ليكونوا قادة العباد وساسة الاُمة، و جاء في الحديث النبوي: «كان بنوا إسرائيل تسوسهم الانبياء كلما ملك نبي خلفه نبي».السياسة الدينيّة تعتقد أن الاُمة أمانة، والإمام أمين عليها، و يتولّي قيادتها علي خط الهدي باتجاه رضا الله و رضوانه، ويتم هذا بولاية امرها و تعليمها الكتاب و الحكمة و هدايتها الي العمل الصالح، ومنعها عن‌الاعمال المانعة من الوصول الي الله. و تجنّبها الفتن و الشكوك بنشر المعرفة، والحكم في المجتمع و إرادته وفق الشريعة الإلهية (فاحكم بينهم‌بما أنزل الله ولا تتبع اهواءهم عمّا جاءك من الحق‌ّ).ولكن يمكن ان يتعرض الانبياء أو الائمة (ع) لحالات اضطهاد و استضعاف في غفلة من الاُمة أو جهل لما يؤدي إليه هذا الامر من ضرّر علي المجتمع فردا و جماعة، وعلي الدين من أهداف وغايات كبري.فعزل الائمة (ع) امر ممكن، و قد عزل عن تنفيذ مقام الإمامة بعض الانبياء وكذلك منع الانبياء: اوالائمة: عن ممارسة دورهم في قيادة المجتمع علي المستويات المذكورة، و إلقاؤهم في السجون او قتلهم‌ومحاولة إلغاء دورهم وقدرة تأثيرهم.والتاريخ يشهد علي الذين شغلوا مقام الائمة (ع) بالغوا في إزوائهم و إبعادهم عن مسرح الحياة، وأحيانا يحاولون ان يضيّعوا اسماءهم فضلاً عن مبدئهم و رسالتهم، وهذا الامر لوقدّر له الانفراد في الساحة الفكرية كما هو الحال في السلطة فسينتهي الامر الي سيادة ثقافة الحكّام واختفاءالرسالة الإلهية الاصيلة،وهذه أحد وسائل تحريف الاديان و تفريغها من محتواها وتغيير اتجاهها.وأراد الاُمويون للرسالة الإسلامية هذا المصير و هذه النهاية.ففي عصر الإمام الحسين (ع) كان الإسلام مستهدفاً، والمواقف الاُموية من القرآن والنبي(ص) وعترته واصحابه ومدينته وبيت اللهالحرام. كلها تشير علي الاتجاه و الاهداف العدائية التي يقصدونها في‌حركتهم، وخلقوا اجواءً إرهابية لدعم مخططهم العدائي تدعمه مجموعة وعاظ السلطة واصحاب الاطماع والمتخاذلون الذين لا يبالون ولايهتمون بأمر الدين، و ما يتعرض له من تهديد إذا ضمنت مصالحهم.ففي هذه الاجواء المملوءة بالإرهاب وهذه الانحرافات الكبيرة عن الإسلام، والمخاطر المحيطة بالاُمة و رجالاتها المخلصين، والهجمة الشرسة علي الإسلام عقيدة و شريعة كان إمام المسلمين الحسين (ع) و هو المسؤول عن صيانة الدين من التحريف و الاُمة من الانحراف، وقد دُعي لبيعة يزيد بن معاوية الذي عرفته الاُمة بالفجور و شرب الخمر، و قد ذكره الحاجز في كتاب التاج بقوله:«و كان ملوك الإسلام من يدمن علي شربه الخمر، يزيد بن معاوية، وكان لايمسي إلاّ سكران و لايصبح إلاّ مخموراً».

خيارات و مواقف‌

اشاره

في اليوم الاول من طلب البيعة ليزيد من الإمام الحسين (ع) نظر الإمام الي الامر فرأي امامه خيارين وقد ذكرهما عندما اشتكي لجدّه رسول الله (ص) و هو يريد الخروج من المدينة ومن جوار جدّه إذ قال:«بأبي أنت و أُمي يا رسول الله، لقد خرجت من جوارك كرهاً، وفرّق بيني وبينك‌وأخذت قهراً، أن أبايع يزيد شارب الخمر و راكب الفجور، وإن فعلت كفرت و إن أبيت قتلت، فها أنا خارج من جوارك كرها فعليك مني السلام يا رسول الله».وقد أضاف لهذين الخيارين خياراً ثالثاً في الجملة الاخيرة و هو الخروج من المدينة للتهيؤ للقيام والثورة.وقدم بعض المعترضين علي خروج الإمام الحسين (ع) الي الكوفة خياراً رابعاً، وهم لا يرون بيعة ليزيد ولا وفاء لاهل الكوفة؛ ولذلك اقترح‌عليه محمد بن الحنفية بالذهاب الي اليمن أو بعض نواحي البر، وقال ابن‌عباس: ياابن العم، إني أتصبّر و ما أصبر وأتخوّف عليك هذا الوجه الهلاك‌والاستئصال، إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم، فأن أبيت إلاّ ان تخرج‌فسر الي اليمن فإن بها حصوناً و شعاباً وهي ارض عريضة طويلة، و لابيك بها شيعة، وانت عن الناس في عزلة فتكتب الي الناس وترسل وتبث‌دعاتك فإني أرجوا أن يأتيك عند ذلك الذي تحب‌ّ في عافية).فالإمام الحسين، (ع) أمامه مجموعة من الخيارات أحلاها مرّ. و سنتعرض الي ذكرها و موقف الإمام (ع) منها و هي كالتالي:

ان يبايع يزيد

وهذا الموقف لا ينسجم مع هذه المرحلة، ولانه يعتبر نوعاً من اشكال الموافقة، فهو يعطي قوة لحكومة يزيد المعادية للإسلام، و من ثم يؤدي الي زيادة نشاط الفعاليات الاُموية ضد الإسلام وعزل اكثر لاهل البيت: و قد عبر الإمام عن هذا الموقف بالكفر بقوله:(و ان فعلت كفرت) وعبّر عنه بالذلّة كما في قوله: «ألا ان الدّعي وابن‌الدّعي ركز بين اثنتين بين السلّة و الذلّة، وهيهات منا الذلة».

لا يبايع و لا يترك المدينة او مكة‌

إذا بقي الإمام الحسين (ع) في المدينة ولم يبايع فإنه يقتل، و قد ذكرذلك بقوله:(وان أبيت قتلت). وكان كتاب يزيد الي الوليد بن عتبة يأمر بذلك. و قد كان نص الكتاب يقول: إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير والسلام.وإذا قام الإمام الحسين في مكة و لم يبايع فإن بني أُمية لايعرفون حرمة لكعبة او نبي او ابن نبي، فإذا لجأ الإمام الحسين الي الكعبة فإنّهم اضافة الي اغتياله ينتهكون بيت الله الحرام، وقد قال لابن الزبير: «أن أبي‌حدّثني أن لها كبشاً به تستحل‌ّ حرمتها فما أحب ان اكون أنا ذلك الكبش».وقال: «والله لان‌ّ اُقتل خارجاً منها بشبر أحب‌ّ الّي من أن أقتل فيها».ولم يكن هذا الامر مجرد حذر وإنما (د س عمروبن سعيد بأمر بن يزيد مع الحاج ثلاثين رجلاً من شياطين بني اُمية، وأمرهم باغتيال الحسين (ع) و لو كان متعلّقاً باستار الكعبة.فالنتيجة هي القتل اغتيالاً أوصبراً وكلاهما لا يخدم رسالة الإمام الحسين (ع).

يذهب الي اليمن‌

وقدّم هذا الاقتراح ابن الحنفيّة وابن عباس، وقد اجاب الإمام الحسين (ع) ابن عباس: «يابن عم إني أعلم أنك ناصح مشفق». و قال (ع): «والله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي؛ فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلّهم‌حتي يكونوا أذل‌ّ من فرام المرأة».واليمن حتي إذا وجد فيها شيعة للإمام الحسين (ع) إلاّ أنهم لايقاسون بالكوفة من ناحية العدة والعدد والولاء والمنعة وهم مع كل‌ّ هذا لم يخرج منهم إلاّ اليسير لنصرة الحسين (ع) فكيف باليمن؟ ثم إذا حدثت مواجهة و انتهت الي ما انتهت إليه واقعة الطف فأنها لا تخلق أثراً، لانها في موقع بعيد عن المراكز المهمة للبلاد الإسلامية.وعلي فرض ذهاب الإمام الحسين الي اليمن وبايعه أهل اليمن و خلعوا يزيد فهم لايمتلكون القدرة علي نشر دعوتهم لعوامل متعددة، منها: موقعهم الجغرافي و قلة الارتباطات وصعوبتها، وعدم وجود الكثافة السكانية، وإمكان القضاء عليهم بسهولة؛ لانهم لم يمتلكوا القدرة علي مواجهة غارات كان يوجّهها اليهم معاوية، وأهل اليمن لم يدعوا الإمام اليهم ولم يبايعوه؛ فذهابه اليهم من غير دعوة لا يجعل موقعه في مقام القوة.و المحصلة النهاية أن بني اُمية لا يتركون الإمام الحسين (ع) إذا لم يدخل في بيعة يزيد بقول الإمام الحسين (ع): «لو دخلت جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتي يقتلوني».

يرفض البيعة و يدعو لنفسه‌

فقال (ع): «مثلي لا يُبايع مثله»، وقد سبق أن وثيقة الصلح التي كتبت بين الإمام الحسن (ع) ومعاوية اشترط بها ان تكون الخلافة للإمام الحسن (ع) بعد هلاك معاوية، وإذا حدث حادث فللحسين (ع). وبيعة يزيدأحد مخالفات معاوية للمعاهدة التي عقدت بينه و بين الحسن (ع) وهذا أوّل المبررات، ثم ان يزيد فاسق وفاجر لا تنعقد له بيعة إضافة الي ذلك قول الإمام الحسين (ع) الذي نقله عن جدّه: الخلافة محرّمة علي آل ابي‌سفيان). وقد ذكر هذا في الصفحات السابقة‌وقول الرسول (ص): «من رأي سلطاناً جائراً مستحلاّ لحرام الله ناكثاً عهده مخالفاً لسنّة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل لا قول كان حقّاً علي الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان و تركوا طاعة الرحمن، واظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستاثروا بالفي‌ء، وأحلّوا حرام الله و حرّموا حلاله، وأنا أحق من غيري».فالإمام الحسين (ع) كما تقدم لايرضي البيعة ليزيد، و الاخير لابيعة له علي الشرائط المطلوبة في الإمام أوالخليفة، ثم إذا انعقدت فهي تنفسخ لانه لم يلتزم بشي‌ء من لوازمها. وقد تقدم ذكر بعض افعال يزيد.و قد خطب(ع) بأصحابه في كربلاء قائلاً: «ألا ترون الحق‌ّ لا يعمل به والي الباطل لا يتناهي عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، إنّي لا أري الموت إلاّ سعادة و الحياة مع الظالمين إلاّ برما».فالإمام المنصوب من الله تعالي اميناً علي رسالته عقيدة و شريعة يري ان الإسلام في خطر، و لايمكن السكوت لان‌ّ الإسلام مهدد، لذلك يقول (ع): «علي الإسلام السلام إذا ابتليت الاُمة براع مثل يزيد».

تأسيس خط المقاومة‌

لو استقام الامر للطغاة من دون مراقب و معترض وثائر لوحّدوا الاُمة علي اتجاه واحد، ولجمعوا كلمتهم علي رأي واحد ولعبّاوهم نحو هدف واحد، لم يكن للدين فيها موقع ولم تغب للسلطان فيها منفعة، معبأة في طاعة السلطان، فارغة من طاعة الله، و غالباً ما تكون عمليات التحريف التي تمر بها الاديان السماوية علي أيدي الحكّام الذين مسخرة لخدمة مقامهم، وهذا الفعل يساوق عملية التحريف وهو الغاء للدين و اضلال للاُمة ثم استعبادها.أما تحقيق الاهداف الإلهية للدين لا تتم إلاّ باجتباء المولي من يعرف عبوديته وإخلاصهم ومؤهلاتهم الاُخري لمقام الإمامة، وقد كان ذلك في الاديان السابقة، و في الإسلام كانت الإمامة للائمة من العترة الطاهرة، و الحسين (ع) أحد الائمة الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً، ولكنه منع من ممارسة دوره، و منعت الاُمة من انتخابه، فهل يترك الاُمة طعمة لبني اُمية و هي تسير بها باتجاه خطير و مقلق و هو إمام المسلمين، يري ان عليه ان يقف بوجه هذا الانحراف الذي يستهدف وجود الإسلام؟لم يكتف الإمام الحسين (ع) بالقيام و التضحية بنفسه و أهل بيته في مشروعه للدفاع عن الإسلام و صيانته للفترة الزمنيّة التي عاشها، و إنّما قام برسم خارطة لبناء اُمة أمينة، تلتزم الحق‌ّ قادرة علي حفظ الخط‌ّالاصيل للإسلام تكون العلامة و الدليل علي طول التاريخ الإسلامي لبيان‌الدين الحق‌ّ الذي جاء به النبي (ص) واراده الله لعباده و فرزه عن الدين المزيّف الذي اوجده الاُمويون.اُمة تتحرك بهدي القرآن و السنّة النبوية، تأمر بالمعروف وتنهي عن‌المنكر كما في قوله تعالي:(ولتكن منكم اُمة يدعون الي الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و اُولئك هم المفلحون - ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات و اُولئك لهم عذاب عظيم).و نتيجة لثورة الإمام الحسين (ع) و ما أفرزته من فكر إصلاحي ومقاومة واتجاه مقاوم؛ حدث توازن للقوي الاجتماعية التي كادت ان تكون طرفاً واحداً يضيع معه الإسلام.و تحققت اهداف الثورة بقيام طائفة، أخذت علي عاتقها مواجهة الجائرين للدفاع عن الإسلام. والاُمة بشكل منظّم و معبّأ، تتحرك علي منهج واضح وشعارات اصيلة واهداف مقدّسة.فالإمام الحسين (ع) أوجد اُمة صالحة وكتلة مؤمنة، علمها طريق المواجهة و المقاومة، و عيّن لها الاتجاه، وترك الحكم الاُموي لا يعرف الاستقرار والهدوء، فالاُمّة منفصلة عنهم انفصال رفض تام.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.