الوضوء في الكتاب و السنه/المسح علي الارجل اوغسلها في الوضوء/الارض و التربه لحسينيه

اشارة

‏عنوان و نام پديدآور : الوضوء في الكتاب و السنه/نجم الدين العسكري، المسح علي الارجل اوغسلها في الوضوء/عبدالحسين شرف الدين الموسوي، الارض و التربه لحسينيه/محمد الحسين آل كاشف الغطاء
‏مشخصات نشر : قاهره: مرتضي الرضوي الكشميري، مطبوعات النجاح، ۱۹۶۱م
‏مشخصات ظاهري : ۲۱۶ص.
‏وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي (اطلاعات ثبت)
‏شماره كتابشناسي ملي : ۲۱۲۱۶۱۲

مقدمة المجمع

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله الطاهرين.بين يدي القارئ الكريم رسالة الارض والتربة الحسينية للامام العلاّمة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، وهو من مراجع الشيعة العظام الذين أسدو خدمات جليلة للحوزة العلمية في النجف الاشرف ودفعوا بالحركة الفكرية والثقافية إلي الامام، وتركوا آثاراً قيمة.وهذه الرسالة القيمة كتبها المصنف استجابة لطلبات وردت عليه فضمّنها تاريخ التربة الحسينية وما ورد فيها من فضل. وقد نشرت بعد ذلك عدة مرات من دون تحقيق ولا تعليق ودون تخريج للاحاديث والنصوص.وقد أخذ المجمع العالمي لاهل البيت(عليهم السلام) علي عاتقه مهمة اعادة طباعتها وتقديمها إلي القراء الاعزاء بحلة رشيقة مزينة بالهوامش والتخريجات اللازمة، عسي أن يكون بذلك قد أسدي خدمة لهذا السفر ولمؤلفه الكبير.المعاونية الثقافيةللمجمع العالمي لاهل البيت(عليهم السلام)

تقدمة

اشاره

ورد علي سماحة مولانا الامام كاشف الغطاء رسالة في أول رجب سنة 1365 من الفاضل المهذب أحمد بدران (مترجم مديرية الميناء في البصرة) فذكر فيها أن جماعة من المستشرقين الانجليز مشغولون بتأليف دائرة معارف يضمّنونها شتي المعلومات والمعارف، وأنه كلف من قبل من اتصلوا به أن يبحث لهم عن مصدر يُزودهم بالمعلومات الكافية عن تأريخ التربة الحسينية، وكيف نشأت من بعد مقتل الحسين(عليه السلام). وهل كان لها تأريخ من قبل؟ وما إلي ذلك من المعلومات التي تخص هذا الموضوع، ليقوم بترجمته إلي اللغة الانجليزية فيكون مصدراً شافياً عن موضوع، هذه التربة، بعد أن يدرجها المستشزفون في دائرة معارفهم الجديدة، وهذا نص الرسالة:

الرسالة 1

سماحة حجة الاسلام الاكبر آية الله الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء دام ظله آمين.بعد أن ألثم هاتيك الانامل الشريفة التي أقر بالرق كتاب الانام لها، وأتبرّك بالدعاء لتلك الطلعة الغرّاء التي انجاب بها عن سماء الاسلام الظلْم والظلَم.أعرض لسماحتكم أن أحد المستشرقين من علماء الافرنج قد أخذ علي عاتقه تأليف دائرة معارف كبري يضمنها المنقول والمعقول؛ وقد أراد أن يلم بتأريخ التربة الحسينية إلماماً واسعاً، بحيث يكون مرجعاً للتأريخ في المستقبل. فهو يريد أن يعرف السبب الحقيقي في نشأتها، وكيف أنها وجدت بعد عهد الحسين(عليه السلام) وهي لم تكن قبله ولا في عهده، ومن أول من صلي عليها من المسلمين؟ وخلاصة الامر أنه يريد تأريخاً حقيقياً شاملاً لجميع نواحي هذه التربة الحسينية لدرجه في دائرة المعارف الانجليزية، طلب هذا العالم إلي أحد موظفي الميناء أن يزوده بهذا التأريخ، وهذا الموظف كلفني بدوره أن أتقصي ذلك، وما كان مني إلا أن يممت العالم الجليل السيد عباس شبّر، وبعد أن عرضت المسألة عليه رأي من الاجدر أن تعرض علي سماحتكم، علماً منه بأنكم خير من يقصد للاستفسار في مثل هذه المسائل، وعلي هذا فإني أضرع لسماحتكم أن تتكرموا بإرسال تأريخ مفصل عن هذه التربة الحسينية بوساطة العالم الجليل السيد عباس شبّر في البصرة لكي اتمكن من ترجمته وإرساله إلي العالم الانجليزي.وغير خفي علي سماحتكم أن في ذلك إظهاراً للحق وإزالة للباطل، ودفعاً للشبهة والشك والظن والتقول، وأن الكتاب الذي سيؤلفه هذا العالم سوف تطالعه ملايين من البشر، وسيعرفون حقيقة هذه التربة، وسيضربون عرض الحائط ما علق بأذهانهم عنها حتي الان.هذا وختاماً تكرموا يا صاحب السماحة بقبول فائق شكري واحترامي وإخلاصي، وتحيات العالم الجليل السيد عباس شبّر ودمتم ذخراً وركناً للمسلمين جميعاً.خادمكم المخلصأحمد بدرانمترجم مديرية الميناءثم كتب فضيلة السيد عباس شبّر الحسيني كتاباً ورد إلي الامام، أوضح فيه حضرته أن الاديب الفاضل صاحب الرسالة المذكور من قبل هذا قد راجعه في هذا الامر، وطلب إليه أن يهديه إلي المرجع الثقة في هذا الموضوع، فأشار عليه بذلك، ثم استعجل سماحة الامام بإنجاز هذا البحث الذي سيكون مرجعاً وثيقاً ينهل منه طالبو الحقيقة وهذا نص الرسالة:

الرسالة 2

صاحب السماحة الامام آية الله العلاّمة الاكبر الشيخ محمد الحسين دام ظله.سلام الله الاسني وتحاياه الزاكيات الحسني علي مولانا ورحمة الله وبركاته.المعروض علي خاطركم الكريم أنه سبق منذ مدة قد تكون طويلة أن الاديب اللامع أحمد بدران، وهو من شبابنا المثقف النبيل الغيور علي دينه وأمته، ووظيفته الترجمة في دائرة ميناء البصرة، أخبرني أن مستشرقاً كبيراً انجليزياً قد عزم علي المساهمة في الكتابة بموسوعة (دائرة المعارف الانجليزية الجديدة). وقد اختار أن تكون كتابته في موضوع التربة الحسينية وتأريخها عند الشيعة الامامية، ولاجل الحصول علي المعلومات الكافية راجع دائرة ميناء البصرة يطلب منها أن تأخذ له المعلومات الصحيحة عن أحد علماء الشيعة، وكانت هذه الدائرة في الوقت قد راجعت بعض المعممين، فكتب في الجواب ما لا يسمن ولا يغني، فلم يرتح هذا الشاب النبيل للجواب عندما عرض عليه للترجمة، وطلب من رئيس الادارة أن يراجع في الامر غير هذا الكاتب، بالنظر لاهمية الموضوع، فاجيب طلبه فعرض ما كتب جواباً علي ليتعرف علي رأيي، فأشرت عليه بأن يراجع سماحتكم، وقلت له: لا يجوز فيما أري لغير قلم مولانا كاشف الغطاء أن يتناول هذا الموضوع الذي يخص مائة مليون من المسلمين، وعليه فقد استمهل الادارة وكتب لسماحتكم. وقد اخبرني انه طلب ان يكون إرسال الجواب اليه بواسطتي، وهو لا يزال يسألني عن وصول الجواب، لان الادارة تلحّ عليه بالتعجيل، فالرجاء ان تتفضلوا بتحرير ما ترونه مناسباً في مثل هذا المقام مجملاً. وبالختام تقبلوا فائق الاحترام والسلام.من المخلصعباس شبّر الحسينيوكان سماحة الامام قد بدأ في تأليف رسالة وافية في هذا الموضوع، لما رأي في ذلك من إنارة أفكار القراء الاجانب، ولفت نظرهم إلي موضوع خطير من مواضيع مذهب الامامية الاثني عشرية، الذي يعد سماحته العلم الاكبر بين أعلامه، بما في ذلك من رفع الجهل أو التجاهل بحقائق مذهب الطائفة النبيلة، الذي ظهرت آثاره في التأريخ الخاص منها والعام، نتيجة لسوء البحث أو لسوء النية. وبعد أن بعث سماحته بهذه الرسالة عند إنجازها إلي فضيلة السيد عباس شبّر جاء منه الكتاب التالي:

الرسالة 3

سماحة العلاّمة الاكبر آية الله الشيخ محمد الحسين دام ظلّه العالي.السلام علي مولانا ورحمة الله وبركاته، وتحياته الصالحات المباركات، والابتهال إلي الله سبحانه من صميم القلب أن يمتّعنا والعالم الاسلامي أجمع بدوام ظلّكم علي مدي الايام:بقيتَ بقاء الدهر يا غوثَ أهله وذاك دعاء للبرية شاملتشرّفت الساعة برسالتكم العزيزة في البريد المسجل، وتلوتها بكل إعجاب وإكبار، شاكراً داعياً لسماحتكم، وسأجتمع في أقرب فرصة إن شاء الله بأحمد بدران، وأؤكدّ عليه بالاهتمام التام في هذه النفحة القدسية والعبقة السماوية التي خص بها يراع المجاهد، اليراع الذي اختاره الله سبحانه لنصرة دينه وإرشاد عباده فكان آية من آياته:يَراعٌ يُراعُ به الجاحدون ويرعي به المؤمن المتّقيحسام جراز غداة الكفاح وفي السلم كالغصن المورقتخيره الله للمعضلات وفتح مقفلها المغلقفأصبح في عصرنا المستنير معجزة الدين والمنطقوبعد، فما عساني أن أقول في نعت هذا اليراع الكريم الملهم، ووصف رشحاته التي يقصر دون إطرائها البيان وان (هذه من علاه إحدي المعالي، وما عسي أن يقال في وصف صحاح الجوهر؟ أستغفر الله ما قيمة الجوهر) إلي جانب هذه السموط الفردوسية وهي (من جوهر التراب) فاقترح علي الاستاذ أحمد بدران عرضها بعد ترجمتها علي لجنة من شبابنا المتأدب باللغتين العربية والانجليزية، لاخراج الترجمة تخريجاً عالياً كما تحبون ونحب إن شاء الله، وسوف نرسل لسماحتكم نسخة من الاصل ونسخة من الترجمة، تشرّفت قبل رسالتكم هذهِ بكتابين من سماحتكم، كان ثانيهما جواباً لكتابي الذي أرسلته إليكم، وقد كان لي شبه عزم علي زيارة النصف من شعبان، فأكون أنا جواب الجواب، ذلك ما أخّرني عن الاجابة بوقته، وكان كتابي إليكم قبل تشرّفي بكتابكم الاول. وبالختام تقبّلوا فائق الثناء والاحترام والسلام.من المخلصعباس شبرّ الحسينيثم تلاه الكتاب الرابع من فضيلة السيد عباس شبر أيضاً وهذا نصه:

الرسالة 4

سماحة العلاّمة الاكبر ملاذ الاسلام ومرجع المسلمين آية الله الشيخ محمد الحسين دام ظلّه:بك ازدانت الاعياد وافترّ ثغرها وعمّت كما عمّت مآثرك الخلقافغرّد في روض الشرور هزارها يهنّي بك الاسلام والدين والشرقابعد السلام علي مولاي ورحمة الله وبركاته، وتقديم أجمل التهاني وأزكاها وأطيب التمنيات وأعلاها بمناسبة هذا العيد السعيد، والابتهال إلي الله سبحانه أن يجعل أيامنا كلها بوجود مولانا أعياداً تتجدد بالخير والمسرة والبركات.غرَّد طير البشر لما بدا هلال شوال بأفق السعودفاسلم ودم ظلاًّ لنا شاملاً وافطر بعيد الفطر قلب الحسودسبق أن أرسلت لمولاي رسالة عرفته فيها بوصول رسالته الثمينة في التربة الحسينية، وقد دفعتها لاحمد بدران ليستنسخها ويترجمها، ولاعرض الترجمة علي لجنة أختارها ممن يجيد اللغتين، وأرسل الاصل العربي ونسخة من الترجمة لسماحتكم. وقد اجتمعت بابن بدران في شهر رمضان مرّتين، وألححت عليه بالاسراع في إنجاز الترجمة، فوعد خيراً، ولكنه أخبرني اليوم بأنه لم يكمل الترجمة بعد لطاري صحي، وأنه سيكملها في القريب العاجل، فطلبت منه أن يدفع لي الاصل العربي أو نسخة منه لارسالها مقدماً لسماحتكم لتطبع. وأخبرته بالكتاب الذي تناولته بالامس من الاستاذ الشيخ عبد الغني الخضري في ذلك، فأخبرني أن الاصل والصور التي استنسخها بالالة الطابعة في دائرة الميناء، وسيجيء إلي بنسخة بعد عطلة العيد بلا تأخير، وسأتسلمها منه وأرسلها إليكم علي الفور إن شاء الله، ثم أرسل نسخة من الترجمة بعد إكمالها وتمحيصها بأنظار اللجنة التي اختارها للنظر في مطابقتها للاصل. وختاماً تفضلوا بقبول فائق التهاني والاحترام والسلام.من المخلص الصميمعباس شبّر الحسينيوهذه الرسالة التي دبّجتها يراع الامام جواباً علي ذلك الطلب إنما هي، حقاً بحث واف في موضوع خطير لم يسبق أن اهتم به أحد من الاعلام. إما لعجز يعذر معه، أو لتعاجز إزاء خدمة هذه الطائفة وإبلاغ حقائق مذهبها إلي العالمين. أما سماحة الامام فهو الرجل الذي لم يتوان جهده في اغتنام الفرص والعمل المجيد حيال الواجب الديني المقدس، الذي لم يشأ أحد من أئمة المذهب ليوقف شيئاً من جهده لتدعيم مظاهره وبث حقائقه، إلا الصفوة القليلة من رجال العلم والفضيلة وحملة نور الايمان، ممن يعدّ سماحة الامام مولانا الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء علي رأسهم وفي مقدمتهم. فهي بحث طريف في موضوع بكر لم يسبقه إليه سابق، ولا يستطيعه لاحق. وقد توسّع فيه إلي البحث عن مطلق الارض وخيراتها وأركانها وقدسيتها بنحو بديع، ديني، أدبي، تأريخي، ثم تخلص منه إلي التربة الحسينية.وحيثما يضع سماحة هذا الامام الفذ قلمه يأت بالمعجز والمدهش، كما تشهد لذلك عامة مؤلفاته التي أنافت علي الثمانين. وستكون لهذه الرسالة السامية نتائج معنوية كبري هي أهل بمقام الامام وجهاده.حسين محمد الطيب

الرسالة

وهذا نص البيان الذي تفضل به يراع الامام ورشح به قلمه المبارك.يقول الله جل شأنه في فرقانه المجيد: (وكأيّن من آية في السماوات والارض يمرّون عليها وهم عنها معرضون) [1] .حقاً إن من أعظم تلك الايات التي نمرّ عليها في كل وقت وعلي كل حال هي هذه الارض التي نعيش عليها ونعيش منها ونعيش بها، منها بِدؤنا وإليها معادنا. (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) [2] لا نزال نمشي علي الارض، ونثير ترابها في الحرث والنسل، ونقلبها للغرس والزرع، ونتقلب عليها للضرع والمرع، ونزاولها في عامة شؤون الحياة. ولا تزال تدر علينا بخيراتها وبركاتها، ونحن ساهون لاهون، وعن آياتها معرضون، غافلون عما فيها من عظيم القدرة وباهر الصنعة ودلائل العظمة والقوة، هذا التراب الذي قد نعدّه من أحقر الاشياء وأهونها، والذي هو في رأي العين شيء واحد وعنصر فرد، كم يحتوي علي عناصر لا تحصي وخواص لا تتناهي، تنثر فيه حب القمح مثلاً فيعطيك أضعافاً من نوعه، وتنثر فيه الفول والعدس وأمثالهما من القطانيات المختلفة في الطعوم والخواص فتعيدها إليك مضاعفة مترادفة، وتغرس في نفس ذلك التراب نواة النخل وبذرة الكرم وأقلام التين والتفاح وأمثالها من الفواكه فتثمر تلك الثمار الشهية المختلفة الاذواق المتغايرة الخواص.التراب يخرج لك البطيخ بأنواعه: أصفره وأحمره وأبيضه بتلك الروائح الطبيعية العطرة وكلّه حلو منعش، ويخرج لك الحنظل وكلّه مر مهلك، كل هذا والشكل متشابه والخضرة متماثلة والماء واحد والتربة واحدة، كما في القرآن (يسقي بماء واحد) والماء ماء، ولما يستوي الشجر، التراب واحد والمستقي واحد والثمرات والنتائج مختلفة ؛ فمن أين جاء هذا الاختلاف العظيم؟ أليست كلها عناصر في الارض يأخذ كل واحد من تلك البذور ما يلائمه من تلك العناصر الكامنة في التراب المكونة لتلك الثمرة والانواع المختلفة لا يختلط واحد بالاخر ولا يشتبه نوع بنوع؟ كل ذلك علي نظام متسق، ووزن متفق، وعيار معين، كل فاكهة في فصلها وموسمها، فربيعية لا تدرك في الخريف، وخريفية لا تنضج في الصيف، وصيفية لا توجد في الشتاء. وأعظم من هذا أثراً وعبراً ما تخرجه الارض من المعادن. انظر إلي هذه المعادن الثمينة والاحجار الكريمة من الذهب والفضة والياقوت والفيروزج ونظائرها، هل هي إلا من التراب ومن ثمرات الارض؟ بل ذكر لي بعض المولعين بالصنعة القديمة «علم الكيمياء» ان الاكسير الاعظم الذي يتطلبه أهل هذا الفن وبه يحولون الفلزات من واحد لاخر حتي ينتهي إلي الذهب هو أيضاً من التراب، ولقد أبدع العارف الرباني الشيخ محمود الشبستري في رسالته المنظومة الموسوعة (كلشن راز) حيث يقول فيها:شعاع آفتاب أزجرم أفلاك نگردد منعكس جزبر سرخاكتوبودي عكس معبود ملائك از آن گشته تومسجود ملائكوملخص ترجمته: ان الشمس وهي في الفلك الرابع (علي الهيئة القديمة) لا ينعكس شعاعها إلا علي التراب، ولو لا التراب لما كان لاشعة الشمس فائدة وأثر. ثم يقول: انعكست فيك صفات معبود الملائك أيها الانسان، لهذا صرت محل سجود الملائكة. نعم نعود إلي الارض فنقول: والارض هي أم المواليد الثلاثة: الجماد، والنبات، والحيوان، وتحوطها العناية بالروافد الثلاثة: الماء، والهواء، والشمس، فهي الحياة وهي الممات وفيها الداء ومنها الدواء، وقد تحصي نجوم السماء أما نجوم الارض فلا تحصي.نعم لا تحصي نجوم الارض ولا معادن الارض ولا عناصر الارض، ولا تزال الشريعة الاسلامية قرآنها وحديثها يعظم شأن الارض وينوِّه عنها صراحة وتلميحاً فيقول: (ألمْ نجعل الارضَ - كفاتاًأحياءً وأمواتاً) [3] (والارضَ بعدَ ذلِكَ دحاها - أخرج منها ماءَها ومرعاها) [4] (فلينظرِ الانسانُ إلي طعامِه - أنا صببْنا الماءَ صبّاً - ثم شققْنا الارضَ شقّاً - فأنبتْنا فيها حبّاً وعِنباً وقَضباً - وزيتوناً ونخلاً - وحدائق غلباً - وفاكهةً وأبّاً) [5] .دع عنك ما تخرجه الارض من نبات وأشجار وحبوب وثمار ومعادن وأحجار، ولكن هلمّ إلي هذا الانسان ذي العقل الجبار، الذي سخر الاثير والبخار والكهرباء والذرة، فهل يكون إلا من التراب؟ وهل عناصره وأجزاؤه التي التام جسمه منها إلا من التراب؟ وهل يتلاشي ويعود إلا إلي التراب؟ولعلّ من أجل شرف التراب وقداسته وعظيم خيراته وبركاته كنّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وصيه وأحب الخلق اليه علياً(عليه السلام) بأبي تراب، وكانت أحب الكني إلي أمير المؤمنين(عليه السلام) [6] ، ومنها قد استخرج عبد الباقي العمري معني شعرياً عرفانياً حيث قال:خلق الله آدماً من تراب فهو ابن له وأنت أبوه [7] .ولعلّ من هنا أيضاً ينكشف سرّ تقبيل الارض بين يدي الملوك تعظيماً لهم، يعني قدس الارض التي أنشأتك ومنها تكوّنت. وقال الحكيم العارف (الخيّام) في بعض رباعياته:أي خاك أگر سينه تو بشكافند بس گوهر قيمتي است در سينه تووترجمته: أيها التراب لو يشقون عن قلبك وينظرون إلي باطنك لوجدوا فيه الكثير من الجواهر الكريمة ذوات القيمة العظيمة، وأبدع من هذا قول بعض أكابر العرفان الشامخين في (ترجيع بند) له فيه بدائع الاسرار والحكم يقول فيه:دل هل ذره كه بشكافي افتابيش در ميان بينيوترجمته: قلب كل ذرة إذا شققته ونظرت فيه تجد شمسا منيرة فيه. وقد حاول بعض الرجال البارزين من المصريين ممن له إلمام بالادب الفارسي أن يجعل هذا النظم إشارة إلي الذرة التي هي من مخترعات هذه العصور. أما هذا العاجز فلا شك أنه أراد هذه الذرة التي ملات الاجزاء ومنها تكونت الاشياء، وأراد بالشمس تلك الشمس التي أشرقت منها الشموس والاقمار فعميت عن إدراكها البصائر والابصار.نعم فهذه الارض المباركة ذات الايات الباهرة ألا تستحق التكريم والتعظيم والتعزيز والتقديس؟ وفي الاحاديث النبوية أيضاً إشارة إلي ذلك حيث يقول(صلي الله عليه وآله): «تمسحوا بالارض فإنها بكم برّة» [8] وفي آخر: «تحفّظوا من الارض فانها أمّكم» [9] و«اكرموا النخلة فإنها عمتكم» [10] و«خلق الله عزوجل النخلة من فضلة طينة آدم(عليه السلام)» [11] وهذه كلها رموز وإشارات لا تخفي مغازيها علي اللبيب، إذاً فلا يتبين من هذا سر أمر الباري جل شأنه للملائكة جميعاً أن يسجدوا لادم الذي خلقه من تراب وأنشأه من الارض، وأودع فيه جميع خواصها وعناصرها، وفيه انطوي العالم الاكبر. وقد حدثتنا الكتب السماوية عن السجود لادم بأساليبها المختلفة، فليسجدوا لادم عبادة لله وتقديساً وتكريماً للارض ذات الخيرات والبركات والمحيا والممات. ومنه تعرف أيضاً سر امتناع إبليس المخلوق من النار عن السجود للارض، والعداء والنفرة طبيعي بين النار والارض.الارض مجمعة والنار مفرقة، والجمع قوة والفرقة ضعف، الارض باردة معتدلة والنار محرقة مشتعلة، الارض نمو وزيادة والنار إفناء وإبادة، الارض يعيش بها كل حي والنار يهلك بها كل حي، إذاً فليسجد الملائكة لادم وليسجد أبناؤه لله علي الارض فإنها أمهم البرّة الحنون.ومن سموّ الارض علي النار وشرفها الذي أشرنا إلي طرف منه ومن بعض نواحيه يتضح لك أيضاً اندفاع مغالطة الشاعر القديم بشار بن برد في انتصاره لابليس في تفضيل النار علي الارض بقوله من أبيات:الارض مظلمة والنار مشرقة والنار معبودة مذ كانت الناروهذه الحجّة الواهية تستند إلي دعامتين ساقطتين، الاُولي: أن الارض مظلمة. ومما تلوناه عليك من منافع الارض وبركاتها تعرف أن الارض هي المشرقة والنار هي المظلمة، الارض حياة والحياة هي النور، والنار لا حياة فيها بل تنعدم بها الحياة وعدم الحياة ظلمة، الارض أم الحياة والنار أم الموت، وأين الحياة من الموت؟ وكفي بالنار أن الله جعلها عقاباً ومآباً للعاصين، وكفي بالارض أن جعلها جنّة عدن للمتقين.الثانية: ان النار معبودة مذ كانت النار. وهذه اسقط من سابقتها، فأن النار لم يعبدها من الامم إلاّ المجوس حتي قيل:مثل المجوسي في ظلالته تحرقه النار وهو يعبدهاوأما الارض فلم تزل معبودة علي أوليات الدهر بأصنامها وأوثانها وهياكلها ونواديها، والجميع من الارض، ولا تزال أكثر الامم وثنية إلي اليوم. وحيث تجلّي شرف الارض وقداستها، إذن فليسجد الملائكة الذين ليسوا هم من الارض لادم وليد الارض، ولا يجوز السجود في شريعة الاسلام ـ سجود عبادة ـ إلا لله وإلا علي الارض أو نبات الارض، ومن أجل ما في الارض من المواد المعقمة والعناصر المنقية، جعلها الشارع في الاسلام مطهرة من الحدث تارة، أي القذارة المعنوية التي لا يزيلها إلا الماء، فإذا لم يوجد الماء أو لم يمكن استعماله (فلمْ تجدوا ماءً فتيمَّموا صعيداً طيّباً) [12] ، اقصدوا تراباً خالصاً نظيفاً طيباً فامسحوا فيه الجبين، الذي هو واليدان أحوج الاعضاء إلي النظافة وإماطة الغبار والاكدار عنهما، لمزاولة اليد للاعمال ومباشرتها للاجسام المختلفة في الاسناخ والاوساخ فالتراب يقوم مقام الماء، التراب أخو الماء والارض أخته، ومطهرة من الخبث أخري، حتي مع التمكّن من الماء، فتطهر باطن الحذاء والقدم، وكثيراً من أمثالها، كأسفل العصا ونحوها. فلو تنجّس باطن القدم أو الحذاء ومشيت علي الارض خطوات وزالت العين طهرت القدم، ولا حاجة إلي تطهيرها بالماء [13] فالارض مسجد والارض طهور، وإليه قصد الحديث النبوي المشهور «جعلت لي الارض مسجداً وطهوراً» [14] أي أينما أدركتني الصلوة سجدت وصلّيت، ومتي أعوزني الماء بها تطهرت فهي طاهرة ومطهرة. نعم وهي مطهرة بما هو أوسع وأدق وأعمق معاني التطهير، فإنّ فيها المواد المعقمة والعناصر المهلكة لجميع جراثيم الاوبئة والامراض. ومن أجل هذه الصفة والخصوصية في الارض أوجبت الشرائع السماوية وبالاخص شريعة الاسلام دفن الاموات فيها، ولا يجوز دفن الميت في غيرها، وأن يوضع خده علي الارض، ولا يجوز حتي إلقاؤه في البحر مع التمكّن من دفنه بالارض بل ولا إحراقه بالنار، مع أن المتبادر بادئ النظر إنه أبلغ في قمع جراثيم الاموات المضرّة بالاحياء، كما يصنعه البراهمة الذين يحرقون أمواتهم، ولكن أليس من الجائز القريب أن يكون جثمان الانسان يحمل أو تحمل فيه عند مفارقته الحياة مواد من ناشرات الاوبئة التي لو أحست بحرارة النار تطايرت في الفضاء قبل أن تحترق، فتأخذ مفعولها في نشر الامراض وتلويث الهواء؟ وكذا لو ألقيت في البحار أو الانهار تنمو وتشتد، بخلاف ما لو دفنت في التراب. ولعل فيه مواد من خاصيتها تلف تلك الجراثيم المختلفة الانواع التي لو انتشرت لاهلكت كل حي حتي النبات. وقد أيّد العلم الحديث هذه النظرية، حيث اكتشف بعض علماء الغرب ـ حسبما نقل ـ أن في التراب مادة تقتل مكروب كل مرض من الامراض كالسل والتيفوئيد والملاريا وغيرهما، ولو لا تلك المادة المعقمة في التراب لا نتشر من جسد كل ميت أنواع من الامراض تقضي بالفناء علي كل الاحياء، أو لعل إليه الاشارة بقوله تعالي: (ألم نجعل الارض كفاتاً - أحياءً وأمواتاً).فقد ذكر اللغويون أن معاني «الكفت»: الجمع والضم والاماتة [15] يقال كفته الله أي أماته، فيكون المعني المشار إليه في الاية أن الارض تجمع وتضم الاحياء، ثم تجمع جراثيمها بعد الموت وتميتها، فإن تمت هذه الاستفادة فهي إحدي معجزات القرآن، وهل تري أن قدماء الفلاسفة ومتأخّريهم من اليونان والهند والفرس وغيرهم فيما استخرجوه من خواص الارض ومعادنها وحيوانها قد أحصوا كل ما أودعه الصانع الحكيم فيها من الكنوز والرموز والخزائن والدفائن؟ كلا ولا عشر معاشر منها، ولعل نسبة ما وصلوا إليه مما تمنّع عليهم نسبة الذرة من الفضاء والقطرة من الدماء، ولا يزال العلم والبحث يأتي بالعجائب ولا تنتهي حتي تنتهي الدنيا ولن تنتهي.وإنما الغرض الاشارة إلي أنّ هذه الارض هي من أعظم آيات الله الباهرة، نمرّ عليها ليلاً ونهاراً ونحن عنها معرضون، ولو عرفنا اليسير من منافعها وطبائعها لتجلّي لنا أنها الام الحنون البارّة بنا، التي ولدتنا وأرضعتنا من أخلاف نعمها وخيراتها. وما هذا البشر إلا غرس من غرسها وشجرة نامية من أشجارها، أولدتنا علي ظهرها، وغذتنا من منتوجاتها، وتردنا إلي أحشائها. وفي الحديث النبوي «إن الارض بكم برّة تتيمّمون منها، وتصلّون عليها في الحياة الدنيا، وهي لكم كفات في الممات، وذلك من نعمة الله له الحمد، وأفضل ما يسجد عليه المصلّي الارض النقية» [16] .وقد نوّه عن بعض تلك المزايا الشاعر الحكيم العربي القديم الذي أدرك أول بزوغ شمس الاسلام ولم يسلم، لانه كان قد رشّح نفسه للنبوة ولم تساعده العناية، وتخطّته إلي من هو أحق بها وأجدر، ذلك أمية بن أبي الصلت، وكان ينظم المطولات الرنانة في السماء والعالم، والمبدأ والمعاد، والقبر والبرزخ، والحشر والنشر، والافلاك والاملاك. ففي بعض مطوّلاته يقول عن الارض:الارض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا ومنها نولدوفي أخري:هي القرار فما نبغي بها بدلاً ما أرحم الارض إلا أننا كفرمنها خُلقنا وكانت أمنا خلقت ونحن أبناؤها لو أننا شكرومن الايام الزكية في شريعة الاسلام هو يوم (دحو الارض)، وهو اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام، وهو من الايام التي يستحب فيها الصيام، وفيه دحا الله الارض من تحت الكعبة (أي بسطها ومدها). وفيه دعاء جليل أوله: «اللهم داحي الكعبة، وفالق الحبة، وصارف اللَّزْبة، وكاشف كل كربة، أسألك في هذا اليوم من أيامك، التي أعظمت حقها، وأقدمت سبقها، وجعلتها عند المؤمنين وديعة وإليك ذريعة» [17] إلي آخر الدعاء. وإليه الاشارة بقوله تعالي: (والارض بعد ذلك دحاها).نعود فنقول أليست هذه الارض حرية إذاً بالتقديس والكرامة والاجلال والعظمة؟ وأن نسجد عبودية لله علي النظيف منها تكريماً لها، وشكراً لعظيم نعمته تعالي علينا بها، وتنشيطاً للحركة الفكرية للانتقال من عظمتها إلي عظمة خالقها، والتفاتاً إلي أنها مع عجز العقول والافكار والايدي العاملة في تحليل جميع عناصرها واستخراج كل جواهرها، ليست هي بالنسبة إلي سائر الكرات والكواكب والانظمة الشمسية التي أحصي منها الملايين، وما أحصي إلا اليسير منها، ما هي إلا ذرة تسبح في بحر هذا الفضاء غير المتناهي. فما أعظم الخالق؟ وما أدهش قدرته وعظمته وأبدع صنائعه وخليقته؟وكل ما ذكرنا من فضل هذه الكرة السابحة في بحر هذا الكون الذي لا ساحل له وهي الارض معلوم واضح، كما أن من المعلوم الواضح أن هذه الارض مع وحدتها وتساوي بقاعها وأجزائها ظاهراً ولكنها في الامتحان وفي ظاهر العيان أيضاً مختلفة أشد الاختلاف في البقاع والطباع والاوضاع، ففيها الطيبة والخبيثة، والحلوة والمالحة، والسبخة والمرة، وإليه الاشارة بقوله تعالي: (وفي الارض قطع متجاورات) [18] وهذا الاختلاف شيء محسوس، فقد يلقي الحارث في أرض قبضة قمح فيعود عليه ريعها بأضعاف البذر سبعين مرة، وقد يلقيه في أخري فيخيس ويحترق ولا يحصل حتي علي البذر. ولا شك أن الطيب النافع هو الحري بالكرامة والتقديس، ولا يبعد أن تكون تربة العراق علي الاجمال من أطيب بقاع الارض في دماثة طينتها وسعة سهولها، وكثرة أشجارها ونخيلها، وجريان الرافدين عليها، وما يجلبان من الابليز وهو الذهب الابريز، واللجين الجاري والياقوت والذهب الاسود. ثم لو تحرّينا هذه السهول العراقية وجدنا من القريب إلي السداد القول إن أسمي تلك البقاع، أنقاها تربة، واطيبها طينة، وأذكاها نفحة هي تربة كربلاء تلك التربة الحمراء الزكية [19] وكانت قبل الاسلام قد اتخذت نواويس ومعابد ومدافن للامم الغابرة [20] ، كما يشعر به كلام الحسين سلام الله عليه في إحدي خطبه المشهورة حيث يقول:«كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات، بين النواويس وكربلاء» [21] .وهذه التربة هي التي يسميها أبو ريحان البيروني في كتابه الجليل (الاثار الباقية) التربة المسعودة في كربلاء [22] .نعم، وإنما يعرف طيب كلّ شيء بطيب آثاره، وكثرة منافعه، وغزارة فوائده. ويدل علي طيب الارض وامتيازها علي غيرها طيب ثمارها، ورواء أشجارها، وقوة ينعها وريعها. وقد امتازت تربة كربلاء من حيث المادة والمنفعة بكثرة الفواكه وتنوعها وجودتها وغزارتها، حتي أنها في الغالب هي التي تمون أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير من الثمار اليانعة التي تختصها ولا توجد في غيرها.إذاً أفليس من صميم الحق والحق الصميم أن تكون أطيب بقعة في الارض مرقداً وضريحاً لاكرم شخصية في الدهر؟ نعم لم تزل الدنيا تمخض لتلد أكمل فرد في الانسانية وأجمع ذات لاحسن ما يمكن من مزايا العبقرية في الطبيعة البشرية وأسمي روح ملكوتية في اصقاع الملكوت وجوامع الجبروت فولدت نوراً واحداً شطرته نصفين سيد الانبياء محمداً(صلي الله عليه وآله)، وسيد الاوصياء علياً(عليه السلام) ثم جمعتهما ثانياً فكان الحسين(عليه السلام) مجمع النورين وخلاصة الجوهرين كما قال(صلي الله عليه وآله): «حسين مني وأنا من حسين» [23] ثم عقمت أن تلد لهم الانداد أبد الاباد، وإذا كان من حق الارض السجود عليها وعدم السجود علي غيرها، أفليس من الافضل والاحري أن يكون السجود علي أفضل وأطهر تربة من الارض؟ وهي التربة الحسينية، وما ذلك إلا لانها أكرم مادة وأطهر عنصراً وأصفي جوهراً من سائر البقاع. فكيف وقد انضم شرفها الجوهري إلي طيبها العنصري؟ ولما تسامت الروح والمادة وتساوت الحقيقة والصورة صارت هي أشرف بقاع الارض بالضرورة، كما صرح بذلك بعض الافاضل من كتاب هذا العصر [24] ، وشهد به الكثير من الاخبار والاثار، وإليه أشار السيد(قدس سره) في منظومة الفقه الشهيرة بالبيت المشهور:ومن حديث كربلا والكعبة لكربلا بان علوّ الرتبةوقد تلاقفت ذلك الشعراء من زمن الشهادة إلي اليوم، وتفننوا في بيان فضل هذه التربة وقداستها وشرفها واستطالتها علي جميع بقاع الارض بالفضل والشرف، ولو جمع كل ما قيل فيها لجاء مجلداً ضخماً. وفي زيارة الشهداء مع الحسين سلام الله عليه وعليهم «اشهد لقد طبتم وطابت الارض التي فيها دفنتم» [25] وقد اتفقت كلمات فقهائنا في مؤلفاتهم ـ مختصرة ومطولة ـ علي أن السجود لا يجوز إلا علي الارض أو ما ينبت منها، غير المأكول والملبوس، وأفضله السجود علي التربة الحسينية. ومن تلك المؤلفات الجليلة (سفينة النجاة) لاخينا المرجع الاعظم في عصره الشيخ أحمد كاشف الغطاء(قدس سره) وقد طبعنا في العام الماضي جزأه الاول مع تعليقاتنا عليه، وأكملنا بتوفيقه تعالي تعاليق الجزء الثاني وهو جاهز للطبع. وقد علقنا علي تلك الفقرة من الكتاب قبل أن يردنا هذا السؤال ونتصدي لتحرير هذا الجواب بما نصه بحرفه:(ولعل السر في التزام الشيعة الامامية السجود علي التربة الحسينية مضافاً إلي ما ورد في فضلها من الاخبار، ومضافاً إلي أنها أسلم من حيث النظافة والنزاهة من السجود علي سائر الاراضي، وما يطرح عليها من الفرش والبواري والحصر الملوثة والمملوءة غالباً بالغبار والمكروبات الكامنة فيها، مضافاً إلي كل ذلك لعل من جملة الاغراض العالية والمقاصد السامية أن يتذكر المصلّي حين يضع جبهته علي تلك التربة تضحية ذلك الامام بنفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ، وتحطّم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد ؛ ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة، وفي الحديث «أقرب ما يكون العبد إلي الله وهو ساجد» [26] مناسب أن يتذكر بوضع جبهته علي تلك التربة الزاكية أولئك الذين وضعوا أجسامهم عليها ضحايا للحق، وارتفعت أرواحهم إلي الملا الاعلي، ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة. ولعل هذا المقصود من أن السجود عليها يخرق الحجب السبع ـ كما في الخبر الاتي ذكره ـ فيكون حينئذ في السجود سر الصعود والعروج من التراب إلي رب الارباب، إلي غير ذلك من لطائف الحكم ودقائق الاسرار انتهي).فإذا وقفت علي بعض ما للارض والتربة الحسينية من المزايا والخواص لم يبق لك عجب واستغراب إذا قيل إن الشفاء قد يحصل من التراب، وإن تربة الحسين(عليه السلام) هي تربة الشفاء [27] كما ورد في كثير من الاخبار والاثار التي تكاد تكون متواترة كتواتر الحوادث والوقائع التي حصل الشفاء فيها لمن استشفي بها من الامراض التي عجز الاطباء عن شفائها، أفلا يجوز أن تكون تلك الطينة عناصر كيماوية تكون بلسماً شافياً من جملة من الاسقام قاتلة للميكروبات؟ وقد اتفق علماء الامامية وتضافرت الاخبار بحرمة أكل الطين إلا من تربة قبر الحسين(عليه السلام) بآداب مخصوصة وبمقدار معين، وهو أن يكون أقل من حمصة، وأن يكون أخذها من القبر بكيفية خاصة وأدعية معينة [28] .ولا نكران ولا غرابة، فتلك وصفة روحية من طبيب ربّاني، يري بنور الوحي والالهام ما في طبائع الاشياء، ويعرف أسرار الطبيعة وكنوزها الدفينة التي لم تصل إليها عقول البشر بعد. ولعل البحث والتحرّي والمثابرة سوف يوصل إليها ويكشف سرها ويحل طلسمها، كما اكتشف سر كثير من العناصر ذات الاثر العظيم مما لم تصل إليه معارف الاقدمين، ولم يكن ليخطر علي بال واحد منهم مع تقدمهم وسمو أفكارهم وعظم آثارهم. وكم من سر دفين ومنفعة جليلة في موجودات حقيرة وضئيلة لم تزل مجهولة لا تخطر علي بال ولا تمر علي خيال؟ وكفي (بالبنسلين) وأشباهه شاهداً علي ذلك. نعم لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلي أن يأذن الله للباحثين بحل رموزها واستخراج كنوزها، والامور مرهونة بأوقاتها، ولكل كتاب أجل ولكل أجل كتاب. ولا يزال العلم في تجدد، فلا تبادر إلي الانكار إذا بلغك أن بعض المرضي عجز الاطباء عن علاجهم وحصل لهم الشفاء بقوة روحية وأصابع خفية من استعمال التربة الحسينية، أو من الدعاء والالتجاء إلي القدرة الازلية، أو ببركة دعاء بعض الصالحين. نعم ليس من الحزم البدار إلي الانكار فضلاً عن السخرية، بل اللازم الرجوع في أمثال هذه القضايا والحوادث الغريبة إلي قاعدة الشيخ الرئيس المشهورة «كلما فزع سمعك من غرايب الاكوان فذره في بقعة الامكان حتي يذودك عنه قائم البرهان» هذا بعض ما تيسّر للقلم أن ينفث به مترسلاً بذكر شيء من مزايا الارض وفلسفة السجود عليها وعلي التربة الحسينية، بعد أن اتضح أن الشيعة يقولون بوجوب السجود عليها، وعدم جواز السجود علي غيرها من الارض الطاهرة النقية. وإنما يقولون إن السجود علي الارض فريضة وعلي التربة الحسينية سنّة وفضيلة؛ ومن السخافة أو العصبية الحمقاء قول بعض من يحمل أسوأ البغض للشيعة إن هذه التربة التي يسجدون عليها صنم يسجدون له. هذا مع أن الشيعة لا يزالون يهتفون ويعلنون في ألسنتهم ومؤلفاتهم أن السجود لا يجوز إلا لله تعالي، وأن السجود علي التربة سجود له عليها لا سجود لها. ولكن أولئك الضعفاء من المسلمين لا يحسنون الفرق بين السجود للشيء والسجود علي الشيء، السجود لله عز شأنه، ولكن علي الارض المقدسة والتربة الطاهرة، وسجود الملائكة كان لله وبأمر من الله تكريماً لادم، نعم قد صار السجود علي التربة الحسينية من عهد قديم شعاراً شائعاً لهذه الطائفة (الشيعية) يحملون ألواحها في جيوبهم للصلاة عليها، ويضعونها في سجّاداتهم ومساجدهم، وتجدها منثورة في مساجدهم ومعابدهم، وربما يتخيل بعض عوامهم ان الصلاة لا تصح إلا بالسجود عليها، ومنشأ هذا الانتشار ومبدأ تكوّن هذه العادة والعبادة وكيفية نشوئها ونموها، وتعيين أول من صلّي عليها من المسلمين، ثم شاعت وانتشرت هذا الانتشار الغريب هو أن في بدء بزوغ شمس الاسلام في المدينة، أعني في السنة الثالثة من الهجرة، وقعت الحرب الهائلة بين المسلمين وقريش في (أحد) وانهدّ فيها أعظم ركن للاسلام وأقوي حامية من حماته، وهو حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأخوه من الرضاعة، فعظمت مصيبته علي النبي(صلي الله عليه وآله) وعلي عموم المسلمين، ولا سيما وقد مثّلت به بنو أمية، أعني هنداً أم معاوية، تلك المثلة الشنيعة فقطعت أعضاءه واستخرجت كبده فلاكتها ثم لفظتها [29] ، وأمر النبي(صلي الله عليه وآله) نساء المسلمين بالنياحة عليه في كل مأتم [30] ، واتسع الامر في تكريمه إلي أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبرّكون به [31] ويسجدون عليه لله تعالي، ويعملون المسبحات منه. وتنص بعض المصادر أن فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) جرت علي ذلك أو لعلها أول من ابتدأ بهذا العمل في حياة أبيها رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ولعلّ بعض المسلمين اقتدي بها. وكان لقب حمزة يومئذ سيد الشهداء، وسماه النبي(صلي الله عليه وآله) أسد الله وأسد رسوله [32] ويعلق بخاطري عن بعض المصادر ما نصه تقريباً:[حمزة دفن في أحد، وكان يسمي سيد الشهداء، ويسجدون علي تراب قبره. ولما قتل الحسين(عليه السلام)صار هو سيد الشهداء وصاروا يسجدون علي تربته]انتهي.ويؤيده ما في مزار البحار للمجلسي(قدس سره) ونصه:[عن ابراهيم بن محمد الثقفي عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: إن فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) كانت سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت(عليها السلام)تديرها بيدها تكبّر وتسبّح حتي قتل حمزة بن عبد المطلب، فاستعملت تربته وعملت منها التسابيح، فاستعملها الناس، فلما قتل الحسين صلوات الله عليه عدل بالامر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية] [33] انتهي.أما أول من صلّي عليها من المسلمين بل من أئمة المسلمين فالذي استفدته من الاثار وتلقيته من حملة أخبار أهل البيت(عليهم السلام) ومهرة الحديث من أساتيذي الاساطين الذين تخرّجت عليهم برهة من العمر هو أن زين العابدين علي بن الحسين(عليهما السلام) بعد أن فرغ من دفن أبيه وأهل بيته وأنصاره أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها الجسد الشريف الذي بضعته السيوف كلحم علي وضم فشد تلك التربة في صرة وعمل منها سجادة ومسبحة، وهي السبحة التي كان يديرها بيده حين أدخلوه الشام علي يزيد، فسأله ما هذه التي تديرها بيدك؟ فروي له عن جده رسول الله(صلي الله عليه وآله) خبراً محصله: أن من يحمل السبحة صباحاً ويقرأ الدعاء المخصوص لا يزال يكتب له ثواب التسبيح وإن لم يسبح [34] ولما رجع الامام(عليه السلام) هو وأهل بيته إلي المدينة صار يتبرّك بتلك التربة ويسجد عليها، ويعالج بعض مرضي عائلته بها، فشاع هذا عند العلويين وأتباعهم ومن يقتدي بهم. فأول من صلّي علي هذه التربة واستعملها هو زين العابدين(عليه السلام)الامام الرابع من أئمة الشيعة الاثني عشر المعصومين(عليهم السلام). ويشير إلي ذلك المجلسي في البحار في أحوال الامام المزبور [35] ثم تلاه ولده محمد الباقر(عليه السلام) الخامس من الائمة(عليهم السلام) وتأثر في هذه الدعوة، فبالغ في حث أصحابه عليها ونشر فضلها وبركاتها [36] ثم زاد علي ذلك ولده جعفر الصادق(عليه السلام) فإنه نوّه بها لشيعته، وكانت الشيعة قد تكاثرت في عهده وصارت من كبريات طوائف المسلمين وحملة العلم والاثار، كما أوعزنا إليه في رسائلنا (أصل الشيعة) [37] ، وقد التزم الامام(عليه السلام)ولازم السجود عليها بنفسه. ففي (مصباح المتهجد) لشيخ الطائفة الشيخ الطوسي(قدس سره)روي بسنده أنه: كان لابي عبدالله[الصادق] خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله[الحسين] فكان إذا حضر الصلاة صبّه علي سجادته وسجد عليه، ثم قال(عليه السلام): السجود علي تربة أبي عبدالله(عليه السلام)يخرق الحجب السبع [38] ولعل المراد بالحجب السبع هي الحاءات السبع من الرذائل التي تحجب النفس عن الاستضاءة بأنوار الحق وهي: (الحقد، الحسد، الحرص، الحدة، الحماقة، الحيلة، الحقارة) فالسجود علي التربة من عظيم التواضع والتوسل بأصفياء الحق يمزقها ويخرقها ويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل وهي: (الحكمة، الحزم، الحلم، الحنان، الحصافة، الحياء، الحب). ولذا يروي صاحب الوسائل عن الديلمي قال: كان الصادق(عليه السلام) لا يسجد إلا علي تراب من تربة الحسين(عليه السلام)تذلّلاً لله تعالي واستكانة إليه [39] ولم تزل الائمة(عليهم السلام)من أولاده وأحفاده تحرّك العواطف وتحفّز الهمم وتوفّر الدواعي إلي السجود عليها والالتزام بها وبيان تضاعف الاجر والثواب في التبرّك بها والمواظبة عليها حتي التزمت بها الشيعة إلي اليوم هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام. ولم يمض علي زمن الصادق(عليه السلام) قرن واحد حتي صارت الشيعة تصنعها ألواحاً وتضعها في جيوبها كما هو المتعارف اليوم.فقد روي في الوسائل عن الامام الثاني عشر الحجة(عليه السلام) أن الحميري كتب إليه يسأله عن السجدة علي لوح من طين قبر الحسين(عليه السلام) هل فيه فضل؟ فأجاب(عليه السلام): يجوز لك وفيه الفضل. ثم سأله عن السبحة فأجاب بمثل ذلك [40] ؛ فيظهر أن صنع التربة أقراصاً وألواحاً كما هو المتعارف اليوم كان متعارفاً من ذلك العصر، أي وسط القرن الثالث حدود المائتين وخمسين هجرية، وفيها قال: روي عن الصادق(عليه السلام): «أن السجود علي طين قبر الحسين ينوّر الارضين السبع، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين كتب مسبحاً وإن لم يسبح فيها» [41] ، وليست أحاديث فضل هذه التربة الحسينية وقداستها منحصرة بالشيعة وأحاديثهم عن أئمتهم(عليهم السلام)، بل لها في أمهات كتب حديث علماء السنة شهرة وافرة وأخبار متضافرة، وتشهد بمجموعها أن لها في عصر جده رسول الله(صلي الله عليه وآله) نبأً شائعاً وذكراً واسعاً، والحسين(عليه السلام) يومئذ طفل صغير يدرج. بل لعل بعضها قبل ولادته والنبي(صلي الله عليه وآله)ينوّه بقتل الحسين(عليه السلام) وآل بيته وأنصاره فيها، وإذا أردت الوقوف علي صدق هذه الدعوي ومكانها من الصحة فراجع كتاب الخصائص الكبري للسيوطي طبع حيدر آباد سنة 1320 هـ في باب إخبار النبي بقتل الحسين(عليه السلام) [42] .فقد روي فيه ما يناهز العشرين حديثاً عن أكابر الثقات من رواة علماء السنّة ومشاهيرهم، كالحاكم [43] والبيهقي [44] وأبي نعيم [45] وأضرابهم [46] عن أم الفضل بنت الحارث وأم سلمة وعائشة وأنس، وأكثرها عن ابن عباس وأم سلمة وأنس صاحب رسول الله(صلي الله عليه وآله)وخادمه الخاص به. يقول الراوي في أكثرها: إنه دخل علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) والحسين في حجره وعينا رسول الله تهرقان الدموع وفي يده تربة حمراء، فيقول الراوي: ما هذه التربة يا رسول الله؟ فقال: أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا، وأتاني بتربة من تربته حمراء وهي هذه. وفي طائفة أخري أنه يقتل بأرض العراق وهذه تربتها وأنه أودع تلك التربة عند أم سلمة زوجته فقال(صلي الله عليه وآله): إذا رأيتيها وقد فاضت دماً فاعلمي أن الحسين قتل. وكانت تتعهدها حتي إذا كان يوم عاشوراء عام شهادة الحسين وجدتها قد فاضت دماً، فعلمت أن الحسين قد قتل. بل في هذا الكتاب (الخصائص) وفي (العقد الفريد) لابن عبد ربه أخرج البيهقي وأبو نعيم عن الزهري قال: بلغني أنه يوم قتل الحسين لم يقلب حجر من أحجار بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط [47] .وعن أم حيان: يوم قتل الحسين اظلمت الدنيا ثلاثاً ولم يمس أحدهم من زعفرانهم شيئاً إلا احترق، ولم يقلب حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط [48] .أما أحاديث التربة الحسينية وقارورة أم سلمة وغيرها وشيوع ذكرها في حياة النبي(صلي الله عليه وآله) وإخباره عن فضلها وعن قتل الحسين(عليه السلام)فيها قبل ولادة الحسين(عليه السلام) وبعد ولادته وهو طفل صغير، المروية في كتب الشيعة والتأريخ والمقاتل فهي كثيرة مشهورة متضافرة، بل متواترة لو اجتمعت لجاءت كتاباً مستقلاً [49] ومن باب الاستطراد والمناسبة نقول: إن نبينا(صلي الله عليه وآله) كما أخبر بقتل ولده الحسين(عليه السلام) في كربلاء قبل وقوعه، ودفع لزوجته أم سلمة من تربتها وأراها لجملة من أصحابه، كذلك أخبر بحوادث كثيرة ووقائع خطيرة قبل وقوعها، فوقع بعضها في حياته وبعضها بعد رحلته من الدنيا.(فمن الاول) إخباره بفتح مكة ودخولهم المسجد الحرام آمنين مطمئنين، كما في القرآن الكريم، وإخباره بغلبة الروم علي الفرس في بضع سنين كما في القرآن أيضاً، وإخباره بأن كسري قد مات أو قتل [50] ، وإخباره بالكتاب الذي مع حاطب بن بلتعة [51] ، وكثير من أمثالها.(ومن الثاني) إخباره بأن أصحابه يفتحون ممالك كسري وقيصر، وأن أصحابه يختلفون في الخلافة من بعده، وإخباره بمقتل عثمان، وشهادة أمير المؤمنين(عليه السلام) بسيف ابن ملجم، وبسم ولده الحسن(عليه السلام)، وغلبة بني أمية علي الامة، وبشهادة قيس بن ثابت الشماس، وبفتح الحيرة البيضاء، وقضية المرأة التي وهبها لبعض أصحابه، ولما فتح الحيرة خالد بن الوليد طلبها منه واستشهد بشاهدين من الصحابة فدفعها له، وهي الشماء أخت عبد المسيح بن بقيلة كبير النصاري وقسهم الاعظم، إلي كثير من أمثال هذه الوقائع التي لو جمعت لكانت كتاباً مستقلاً أيضاً.

تتمة فيها فوائد مهمة

اشاره

حيث أننا ذكرنا في صدر هذه النبذة الوجيزة جملاً تتعلق بالارض وأحوالها وناحية من شؤونها وخيراتها وبركاتها، رأينا من المناسب تعميم الفائدة بالتوسع في ذكر نواح أخري تتعلق بالارض، تشريعية أو تكوينية، حسبما يخطر علي البال مع جري القلم، ولا ندعي الاستيعاب والاحاطة، فإنه يحتاج إلي استفراغ واسع لا يساعد عليه تراكم أشغالنا ووفرة أعمالنا، وتهاجم العلل والاسقام علي قوانا، وإنما نذكر ما خطر وتيسر علي جهة الانموذج، ولعل المتتبع يجد أكثر مما ذكرنا، ويستدرك بالكثير والقليل علينا، وبالله المستعان وعليه التكلان.

ورد في جملة من أخبارنا المروية في كتب الحديث المعتبرة

اشاره

ورد في جملة من أخبارنا المروية في كتب الحديث المعتبرة، بل هي أقصي مراتب الاعتبار والوثاقة عندنا، مثل كتاب (الكافي) الذي هو أجل وأوثق كتاب عند الشيعة الامامية، نعم ورد فيه وفي أمثاله من الكتب العالية الرفيعة كعلل الشرايع للصدوق أعلي الله مقامه فضلاً عن غيره من المتأخرين (كالبحار) وغيره عدة أخبار، ولعل فيها الصحيح والموثق، مضمونها الشائع عند العوام أن الارض يحملها حوت أو ثور وضعها علي قرنه، فإذا شاء أن تكون في الارض زلزلة حرك قرنه فتزلزل الارض، مثل ما في (روضة الكافي) ما نصه: «علي بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن بعض أصحابه، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبدالله أي (الصادق(عليه السلام)) قال: «إن الحوت الذي يحمل الارض أسرَّ في نفسه أنه إنما يحمل الارض بقوته، فأرسل الله تعالي إليه حوتاً أصغر من شبر وأكبر من فتر، فدخلت في خياشيمه فصعق، فمكث بذلك أربعين يوماً، ثم إن الله عزوجل رؤف به ورحمه وخرج، فإذا أراد الله جلّ وعز بأرض زلزلة بعث ذلك الحوت إلي ذلك الحوت فإذا رآه اضطرب فتزلزلت الارض» [52] .ونقله (الوافي) [53] و(من لا يحضره الفقيه) [54] ثم عقبه صاحب الوافي الفيض الكاشاني(رحمه الله) بقوله: وسر هذا الحديث ومعناه مما لا يبلغ إليه أفهامنا [55] ونقل الشيخ الصدوق في الفقيه حديثاً: «إن زلزلة الارض موكولة إلي ملك يأمره الله متي شاء فيزلزلها» [56] ، وفي خبر آخر: «أن الله تبارك وتعالي أمر الحوت بحمل الارض وكل بلد من البلدان علي فلس من فلوسه، فإذا أراد عزوجل أن يزلزل أرضاً أمر الحوت أن يحرك ذلك الفلس فيحركه، ولو رفع الفلس لانقلبت الارض بأذن الله عزوجل» [57] إلي كثير من أمثالها التي لا نريد في هذا المجال جمعها واستقصاءها وإنما الغرض الاشارة والايماء إليها، والتنبيه علي ما هو المخرج الصحيح منها ومن أمثالها بصورة عامة، فنقول: إن أساطين علمائنا كالشيخ المفيد والسيد المرتضي ومن عاصرهم أو تأخر عنهم كانوا إذا مرّوا بهذه الاخبار وأمثالها مما تخالف الوجدان وتصادم بديهة العقول، ولا يدعمها حجّة ولا برهان، بل هي فوق ذلك أقرب إلي الخرافة منها إلي الحقيقة الواقعة، نعم إذا مرّ علي أحدهم أحد هذه الاحاديث وذكرت لديهم قالوا هذا خبر واحد لا يفيدنا علماً ولا عملاً، ولا يعملون إلا بالخبر الصحيح الذي لا يصادم عقلاً ولا ضرراً، ولذا شاع عن هذه الطبقة أنهم لا يقولون بحجّية خبر الواحد إلا إذا كان محفوفاً بالقرائن المفيدة للعلم؛ ولا بد من رعاية القواعد المقررة للعمل بالخبر المنقول عن النبي(صلي الله عليه وآله)والائمة المعصومين(عليهم السلام)وهي فائدة جليلة لا تجدها في غير هذه الاوراق.

القاعدة الكلية والضابطة المرعية

إن الاخبار عن رسول الله(صلي الله عليه وآله) والائمة المعصومين(عليهم السلام) سواء كانت من طرق رواة الامامية، أو من طرق الجماعة والسنّة، تكاد تنحصر من حيث مضامينها في أنواع ثلاثة:النوع الاول:ما يتضمن المواعظ والاخلاق وتهذيب النفس وتحليتها من الرذائل، وما يتصل بذلك من النفس والروح والعقل والملكات، ويلحق بهذا ما يتعلّق بالجسد من الصحة والمرض والطب النبوي، وخواص الثمار والاشجار والنبات والاحجار والمياه والابار، وما يتضمن من الادعية والاذكار والاحراز والطلاسم وخواص الايات وفضل السور وقراءة القرآن، بل ومطلق المستحبّات من الاقوال والافعال والاحوال. فكل خبر ورد في شيء من هذه الابواب والشؤون يجوز العمل به والاعتماد عليه لكل أحد من سائر الطبقات، ولا يلزم البحث عن صحة سنده ومتنه، إلا إذا قامت القرائن والامارات المفيدة للعلم بكذبه. وأنه من أكاذيب الدسّاسين والمفسدين في الدين.النوع الثاني:ما يتضمن حكماً شرعياً فرعياً تكليفياً أو وضعياً، وهي عامة الاخبار الواردة في أبواب الفقه من أول كتاب الطهارة، بما يشتمل عليه من الغسل والوضوء والتيمم والمياه ونحوها، وكتاب الصلوة بأنواعها الكثيرة من الفروض والنوافل من الرواتب وغيرها، ذوات الاسباب وغيرها، والزكاة والخمس وأحكام الصوم والجهاد، وأبواب المعاملات والعقود الجائزة واللازمة، وكتاب النكاح وأنواعه والطلاق وأقسامه، وما يلحق به من الخلع والطهارة وغيرهما؛ إلي أن ينتهي الامر إلي الحدود والديات وأنواع العقوبات الشرعية والجرائم والاثام المرعي فيها سياسة المدن والصالح العام. وكل الاخبار الواردة والمروية في شيء من هذه الابواب لا يجوز العمل بها والاستناد إليها إلاّ للفقيه المجتهد الذي حصلت له من الممارسة وبذل الجهد واستفراغ الوسع ملكة الاستنباط، وكملت له الاهلية مع الموهبة القدسية. نعم يجوز لاهل الفضل والمراهقين والذين هم في الطريق النظر فيها والاستفادة، منها ولكن لا يجوز لهم العمل بما يستفيدونه منها ويستظهرونه من مداليلها، ولا الفتوي علي طبقها قبل حصول تلك الملكة ورسوخها بعد المزاولة الطويلة والجهود المتمادية، مضافاً إلي الاستعداد والاهلية. نعم لا يجوز للافاضل ـ فضلاً عن العوام ـ حتي في المستحبات مطلقاً، إلا ما كان من قبيل الاذكار والادعية، فإن ذكر الله حسن علي كل حال. ويكفي في بعض المستحبات الرجاء لاصابة الواقع والرجاء بنفسه إصابة، كما يدل عليه إخبار من بلغه ثواب علي عمل فعمله رجاء ذلك الثواب أعطي ذلك الثواب وإن لم يكن الامر كما بلغه، ولكن مراجعة المجتهد حتي في مثل هذه الامور أبلغ وأحوط.النوع الثالث:ما يتضمن أصول العقائد من إثبات الخالق الازلي وتوحيده، أعني نفي الشريك عنه، وصفاته الثبوتية والسلبية، وما إلي ذلك من تقديسه وتنزيهه، وأسمائه الحسني وصفاته العليا وتعالي قدرته وعظمته، ثم النبوّة، والامامة، والمعاد وما يتصل به من البرزخ والنشر والحشر ونشر الصحف والحساب والميزان والصراط إلي جميع ما ينظم في هذا السلك، إلي أن ينتهي إلي مخلوقاته جل شأنه من السماء والعالم والنجوم والكواكب والافلاك والاملاك والعرش والكرسي؛ إلي أن ينتهي إلي الكائنات الجوية من الشهب والنيازك والسحاب والمطر والرعد والبرق والصواعق والزلازل، والارض وما تحمله وما يحملها، والمعادن والاحجار الكريمة، والبحار العظيمة وخواصها وما فيها، والانهار ومجاريها، والرياح ومهابها وانواعها، والجن والوحوش وأنواع الحيوان بحرياً أو برياً أو سمائياً، إلي أمثال ذلك مما لا يمكن حصره ولا يحصر عدّه. فإن الاخبار عن النبي(صلي الله عليه وآله) والائمة(عليهم السلام)قد تعرّضت لجميع ذلك، وقد ورد فيها من طرق الفريقين الشيء الكثير. وفي الحق أن هذا من خصائص دين الاسلام ودلائل عظمته وسعة معارفه وعلومه، فإنك لا تجد هذه السعة الواردة في أحاديث المسلمين في دين من الاديان مهما كان، ولكن الضابطة في هذا النوع من الاخبار أن ما يتعلّق منه بالعقائد واُصول الدين من التوحيد والنبوّة، فإن كان مما يطابق البراهين القطعية والادلّة العقلية والضرورية يعمل به، ولا حاجة إلي البحث عن صحة سنده وعدم صحته، وهذا مقام ما يقال إن بعض الاحاديث متونها تصحّح اسانيدها، وان كان مما لم يشهد له البرهان ولم تؤيده الضرورة، ولكنه في حيز الامكان ينظر، فإن كان الخبر صحيح السند صح الالتزام به علي ظاهره وإلا فإن أمكن صرفه عن ظاهره وتأويله بالحمل علي المعاني المعقولة تعيّن تأويله؛ وإن لم يمكن تأويله وكان مضمونه منافياً للوجدان صادماً للضرورة فمع صحة سنده لا يجوز العمل به لخلل في متنه، بل يردّ علمه إلي أهله، وان كان غير صحيح السند يضرب به الجدار ووجب إسقاطه من جمهرة الاخبار.إذا تمهدت هذه المقدمة؛ فنقول في الاخبار الواردة في الارض والحوت والثور؛ وكذا ما ورد في الرعد والبرق ونحوها، من أن البرق مخارق الملائكة، والرعد زجرها للسحاب، كما يزجر الراعي إبله أو غنمه، وأمثال ذلك مما هو بظاهره خلاف القطع والوجدان، فإن الارض تحملها مياه البحار المحيطة بها وقد سبروها وساروا حولها فلم يجدوا حوتاً ولا ثوراً، وعرفوا حقيقة البرق والرعد والصواعق والزلازل بأسباب طبيعية قد تكون محسوسة وملموسة وتكاد تضع إصبعك عليها.فمثل هذه الاخبار علي تلك القاعدة إن امكن حملها علي معان معقولة وجعلها إشارة إلي جهات مقبولة ورموزاً إلي الاسباب الروحية المسخرة لهذه، دقيقة القوي الطبيعية فنعم المطلوب. وإلاّ فالصحيح السند يردّ علمه إلي أهله، والضعيف يضرب به الجدار ولا يعمل ولا يلتزم بهذا ولا ذاك. وهنا دقيقة لا بدّ من التنبيه عليها والاشارة إليها وهي: أن من الجلي عند المسلمين عموماً بل وعند غيرهم أن الوضع والجعل والدس في الاخبار قد كثر وشاع، وامتزج المجعولات في الاخبار الصحيحة، بحيث يمكن أن يقال أن الموضوعات قد غلبت علي الصحاح الصادرة من أمناء الوحي وأئمة الدين. ويظهر أن هذه المفسدة والفتق الكبير في الاسلام قد حدث في عصر النبوّة، حتي صار النبي(صلي الله عليه وآله) يحذّر منه وينادي غير مرّة: «من كذب علي متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار» [58] ؛ وإنه «قد كثرت علي الكذابة وستكثر» [59] . ومع كل تلك المحاولات والتهويلات لم تنجع في الصد عن كثرته فضلاً عن إبادته، وقد حدث في عصره(صلي الله عليه وآله)وما يليه الشيء الكثير من الاسرائيليات وأقاصيص عن الاُمم الغابرة، ونسبة المعاصي والكبائر إلي الانبياء والمرسلين والمعصومين، واشتهر بهذه الموضوعات أشخاص مشهورون في ذلك العصر مثل عبدالله بن سلام؛ وكعب الاحبار ووهب بن منبه وأمثالهم، ثم تتابعت القرون علي هذه السخيمة، وانتشرت هذه الخصلة الذميمة، ففي كل قرن أشخاص معرفون بالجعل، وقد يعترفون به أخيراً، واشهرهم بذلك زنادقة المسلمين المشهورين مثل حمّاد الراوية وزملائه، ومثل ابن أبي العوجاء وأمثالهم [60] .ذكر العالم الّثبت العلاّمة الحبر الجليل الفلكي الرياضي الشهير (أبو ريحان) البيروني في كتابه الممتع العديم النظير ـ الاثار الباقية ـ طبع أوربا قال ما نصه في (ص: 67 ـ 68):وقد قرأت فيما قرأت من الاخبار أن أبا جعفر محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور حبس عبد الكريم بن أبي العوجاء، وهو خال معن بن زائدة وكان من المانويَّة، فكثر شفعاؤه بمدينة الاسلام [61] وألحّوا علي المنصور حتي كتب إلي محمد بالكف عنه، وكان عبد الكريم يتوقع ورود الكتاب في معناه، فقال لابي الجبار وكان منقطعاً إليه: إن أخرني الامير ثلاثة أيام فله مائة ألف درهم، فأعلم أبو الجبار محمداً، فقال الامير ذكرّتنيه وقد كنت نسيته فإذا انصرفت من الجمعة فأَذكرنيه فلما انصرف ذكّره إياه فدعا به فأمر بضرب عنقه، فلما أيقن انه مقتول قال: اما والله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أحرّمُ بها الحلال وأُحِلّ بها الحرام، ولقد فطَّرتكم في يوم صومكم، وصوَّمتكم في يوم فطركم، ثم ضربت عنقه، وورد الكتابُ في معناه بعده؛ انتهي.وذكر غيره علي ما يخطر ببالي أن بعض المحدثين قال في آخر عمره: إني وضعت في رواياتكم خمسين ألف حديث في فضل قراءة القرآن وخواص السور والايات، فقيل له تبوّأ إذاً مقعدك من النار فقد ورد عن النبي(صلي الله عليه وآله) أنه قال: من كذب علي متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار فقال: ما كذبت عليه بل كذبت له [62] ، ولم يعرف هذا الشقي أن الكذب له عنه كذب عليه. وهذا قليل من كثير مما ورد في هذا الباب [63] وهنا ملحوظة أخري غير خفية وهي أن الكثير ممن دخلوا الاسلام لم يدخلوه رغبة فيه واعتقاداً بصحته، وما دخلوه إلاّ للكيد فيه وهدم مبانيه، والعدو الداخلي أَقدر علي الاضرار من العدو الخارجي، فدسّوا في الاحاديث أخباراً واهية تشوّه صورة وجه الاسلام الجميلة ودعوته المقبولة، وتحطّ من كرامته وتلفّ من منشور رايته التي خفقت علي الخافقين.وهذا باب واسع يحتاج إلي فصل بيان لا مجال له هنا، وإنما الغرض هل يبقي وثوق بعد هذا بصدور هذه الاخبار من أئمتنا المعصومين(عليهم السلام)؟ الذين هم تراجمة الوحي ومجسمة العقول والمثل العليا، فكيف يحدّثون بما لا يقبله العقل ولا يساعده الوجدان؟ نعم يمكن تأويل قضية الارض والحوت والثور علي فرض صدورها عن الائمة(عليهم السلام) بأنها إشارة إلي أن الحوادث هي قوّة الحياة المودعة في الارض التي يحيا بها النبات والحيوان والانسان، فإن قوّة الحياة هي التي تحمل الارض، والثور إشارة إلي ما يثير تلك القوة ويستغلّها من الالات والمعدّات، إلي كثير من التأويلات والمحامل التي لسنا الان بصددها، وإنما الغرض المهم تنبيه أرباب المذاهب الاسلامية وغيرهم، بل وحتي عامة الامامية أنه لا يجوز التعويل والاعتماد علي ما في كتب الاحاديث من الاخبار المروية عن أئمتنا(عليهم السلام)، ولا يصح أن ينسب إلي مذهب الامامية ما يوجد في كتب أحاديثنا، ولو كانت في أعلي مراتب الجلالة والوثاقة، وقد اتفقت الامامية قولاً واحداً أن أوثق كتب الحديث وأعلاها قدراً وأسماها مقاماً هو كتاب (الكافي) ويليه (الفقيه) و (الاستبصار) و (التهذيب) ومع ذلك لا يصح الاعتماد علي ما روي فيها فإن فيها السقيم والصحيح، والمعوج والمستقيم، والغث والسمين، من حيث السندتارة، ومن حيث المتن أخري، ومن كلا الجهتين ثالثة. ولذا قسم أساطين الامامية في القرون الوسطي الاحاديث ـ بما فيها الكتب الاربعة المشهورة ـ إلي أربعة أقسام: الصحيح والحسن والموثوق والضعيف، ولا يتميز بعضها عن بعض إلاّ بعد الجهود واستفراغ الوسع، وللاوحدي من أعلام المجتهدين. علي أننا ذكرنا في جملة من مؤلّفاتنا أن ملكة الاجتهاد وقوة الاستنباط لا يكفي فيها مجرّد استفراغ الوسع وبذل الجهد، بل تحتاج إلي استعداد خاص يستأهل بها منحة إلهية ولطفاً ربانياً يمنحها الحق جل شأنه للاوحدي، فالاوحدي من صفوة عباده؛ ومن مجموع ما ذكرنا في هذا المقام يتّضح أن نسبة بعض كتبة العصر جملة من الامور الغريبة إلي مذهب الامامية لخبر أو رواية وجدوها في كتبهم، أو اعتمد عليها بعض مؤلفيهم لا يصحّ، ولا يصحّ جعله مذهباً للشيعة بقول مطلق، بل لعلّه رأي خاص لذلك المؤلف لا يوافقه جمهورهم وأساطين علمائهم، كما أنه لا يجوز لعوام الامامية فضلاً عن غيرهم النظر في الاخبار التي هي من النوعين الاخرين، فإنها مضلّلة لهم ومظنّة خطر عليهم، وليس هو من وظيفتهم وعملهم، بل لابدّ من إعطاء كل فن لاهله وأخذه من أربابه وأساتيذه. وبالجملة فتمييز الخبر الصريح دلالة المقبول مذهباً ليس إلا لاساتذة الفقه وجهابذة الحديث ومراجع الامة الاصحاء لا المدعين والادعياء.وما كل ممشوق القوام بثينة ولا كل مفتون الغرام جميل

مما يتعلق بالارض

اشاره

إن الشارع الحكيم في الشريعة الاسلامية قد علّق علي الارض جملة أحكام ذكرها الفقهاء في متفرق كتب الفقه؛ وقد ذكرناها في رسائلنا العملية المطبوعة (كالوجيزة) و (حواشي التبصرة) و (السفينة) و (السؤال والجواب) وغيرها، فلنذكرها هنا بالايماء والاشارة بمناسبة ذكر الارض وشؤونها وأحكامها؛ مرتبة علي حسب ترتيب الفقهاء لكتب الفقه.

كتاب الطهارة

1 ـ الارض من المطهرات العشرة، تطهّر باطن القدم وأسفل العصا وباطن النعل والحذاء ونظائرها مع المشي عليها وزوال عين النجاسة.2 ـ الاستجمار بأحجار ثلاثة طاهرة من الارض تطهّر المخرج وتغني عن الماء.3 ـ التيمّم بالصعيد وهو إما مطلق وجه الارض فيشمل الصخر والحصي والرمل وأشباهها، أو خصوص التراب علي خلاف بين الفقهاء كالخلاف بين اللغوين، ولعلّ الاول أرجح وهو بالكيفية المشروحة في كتب الفقه يغني عن الغسل والوضوء الواجبين والمستحبين في مواضع الضرورة بل ومطلقاً في بعض الموارد.4 ـ وجوب دفن الاموات في الارض بنحو يمنع ظهور رائحته ومن وصول الوحوش إليه.5 ـ تعفير خده بالارض عند دفنه.

كتاب الصلاة

1 ـ جواز الصلاة والمرور في الاراضي الواسعة المملوكة، ولو مع عدم الاستيذان من مالكها مع عدم الاضرار، وكذا جواز الوضوء والشرب من الانهار الواسعة المملوكة بغير استيذان.2 ـ وجوب السجود علي الارض الطاهرة وما تنبته غير المأكول والملبوس.3 ـ إرغام الانف بالارض عند السجود.4 ـ زلزلة الارض سبب صلاة الايات المعروفة وهي عشر ركوعات بنحو مخصوص.

الزكاة

وجوب الزكاة فيما تخرجه الارض من الغلات الاربع: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، واستحبابه فيما عدا ذلك، نصف العشر فيما تسقي بالالة، وضعفه فيما عدا ذلك.

الخمس

أحد موارد وجوب الخمس الارض المنتقلة من المسلم إلي الذمي.

البيع

إرث الزوجة في الخيار المتعلّق بالارض التي ترث فيها الزوجة المنتقلة إلي الزوج أو المنتقلة منه، وهي من معضلات المسائل وفيها أبحاث عميقة ودقيقة ولنا فيها رسالة.

المزارعة

وهي معاملة علي زرع الارض بحصّة معينة من عائدها، وهي نوع من أنواع الاجارة والاستيجار انفردت عنها بأحكام خاصة ومثلها.

المساقاة

وهي معاملة علي سقي الغروس بحصة معينة من ثمرتها.

المغارسة

وهي معاملة علي غرس في مدّة معيّنة بمقدار معين من المال أو من ثمراتها. والمشهور عند الفقهاء صحّة المعاملتين الاُوليين وبطلان الاخيرة، والاصح عندنا صحّتها أيضاً.

احياء الموات

وستأتي الاشارة الموجزة إلي بيان بعض أحكامه في الفائدة الثالثة.

الميراث

حرمان الزوجة من مطلق الارض عيناً وقيمة، سواء كانت خالية أو مشغولة ببناء وعمارة؛ أو غرس أو زرع. وترث من البناء والغروس قيمة، ومن المنقولات عيناً. وهذا مما انفردت به الامامية لاخبار خاصة عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام).هذا ما حضرنا علي جري القلم وربّما يجد المتتبع أكثر من هذا.

وهي نافعة و واسعة

اشاره

إن الاراضي التي استولي عليها المسلمون أيام الفتح وفي الصدر الاول من الاسلام لا تخلو عن كونها:(إما غامرة) وهي الموات التي لا تصلح للزرع عادة إما لان الماء يغمرها أكثر السنة، أو لانه لا يصل إليها مطلقاً أو في أيام الزرع، أو لانها سباخ. ويدخل فيها الاودية والاجام ورؤوس الجبال وسيف البحار. وكل هذه الانواع تدخل في الانفال، وهي راجعة لولي الامر يعمل فيها وفيما يوجد من المعادن في باطنها، وغيرها ما يراه صالحاً للاسلام وشؤونه وقوة جنديته وأسلحته، فلا يجوز لاحد أن يستغل شيئاً منها إلا بإذنه أو إذن خلفائه أو أمنائه علي مرور الاحقاب والاعقاب.واما (عامرة) وهي أقسام:(أولها) وأشهرها: المفتوح عنوة أي بالقهر والقوة، وهو ما أوجف المسلمون عليه بخيل وركاب، وذلك كالعراق بأجمعه، وأكثر إيران، وأكثر أراضي الشام وفلسطين وشرق الاردن ونحوها. وقد شاع واشتهر أن هذا القسم ملك أو مختص بالمسلمين، وأن تقبيله وتصريفه أيضاً لولي الامر وخلفائه، وهذا القسم هو المعروف بأرض الخراج يقبل الامام لاحاد المسلمين مقداراً منه فيزرعونه، ويأخذ منه العشر، قيمة وهو الخراج أو عيناً وهو المقاسمة، ثم يصرف ما يستوفيه من ذلك في مصالح الاسلام والمسلمين سلماً أو حرباً هجوماً أو دفاعاً مما لا مصداق له اليوم، بل وياليتنا نسلم من شرّهم ونفلت من اشراكهم.(ثانيها) الارض التي أسلم عليها أهلها اختياراً كالمدينة وكثير من أراضي اليمن.(ثالثها) الارض التي صالح عليها أهلها من أهل الذمة وهي المعروفة بأرض الجزية.وحكم هذين القسمين أنهما ملك طلق لاربابه لا شيء عليهم فيهما سوي الزكاة في غلّتهما بشروطها المعلومة.أما المفتوح عنوة فبعد اتفاق الاصحاب أنها للمسلمين ـ وأن في غلّتها مضافاً إلي الزكاة الخراج أو المقاسمة ـ اختلفوا أشد الاختلاف في ملكيتها؛ فبين قائل إنها لا تملك مطلقاً بل هي لعنوان المسلمين الكلي في جميع الطبقات إلي آخر الدهر؛ وبين قائل بأنه يملكها من تقبّلها من الامام أو السلطان بفرضه عليه من الشروط، وبين مفصّل بأنها تملك تبعاً للاثار لا مطلقاً، واستدل كل من هؤلاء علي مختاره بدليل من الاخبار ووجوده من الاعتبار وغيرهما. وارتبك القائلون بعدم الملكية مطلقاً أو الاتباع للاثار بالسيرة المستمرة من اليوم إلي يوم الاسلام الاول في البيع والشراء والوقف والرهن علي رقبة الارض، مع قطع النظر عن الاثار. وهذه العقود تتوقف علي الملكية إذ لا بيع إلا في ملك، ولا وقف إلا في ملك وهكذا. ثم لازم القولين ان المسجد إذا زال بنيانه بالكلية يزول عن المسجدية حينئذ، ويصح جعله داراً ومزرعة أو غير ذلك، بل ويجوز تنجيسه ومكث الجنب فيه إلي آخر ما هناك. وهذه اللوازم مما لا يمكن الالتزام بها أصلا.وحل عقدة هذا البحث: إن الاصحاب رضوان الله عليهم من الصدر الاول إلي اليوم قد توهموا من الاخبار وفهموا منها عدم الملكية الشخصية لاحد من الناس لشيء من المفتوح عنوة، وأنه ملك لكلّي المسلمين إلي نهاية الدهر لو أن للدهر نهاية، وغفلوا عن نقطة دقيقة في تلك الاحاديث لو التفت أحد منهم إليها لما وقع هذا الارتباك. وحاصل ما يستفاد من مجموع ما ورد من الروايات في هذا الباب هو أن الارض العامرة قسمان:(القسم الاول): هو مطلق لاربابه لا شيء عليهم فيه سوي الزكاة، وهما الارض التي أسلم عليها أهلها، والتي صالحوا عليها.(والقسم الثاني): وهو المفتوح عنوة مضافاً إلي الزكاة حق آخر لعنوان المسلمين ومصالحهم إلي يوم القيامة، لا يراد بذلك نفي الملكية مطلقاً، بل نفي الملكية المطلقة وبيان أن لها نوعاً خاصاً من الملكية، وذاك أن في عائده حقاً للمسلمين ليس في سائر الانواع، وهذه النكتة بعد التنبيه عليها جلية من الروايات والعجب غفل عنها أولئك الاعاظم.ففي خبر محمد بن شريح: سألت أبا عبدالله[أي الصادق(عليه السلام)]عن شراء الارض من أرض الخراج فكرهه، وقال: إنما أرض الخراج للمسلمين، فقالوا له: فانه يشتريها الرجل وعليه خراجها؟ فقال: لا بأس إلا أن يستحي من عيب ذلك [64] .وفي (صحيحة صفوان) قال: حدثني أبو بردة بن رجا قال: قلت لابي عبدالله(عليه السلام): كيف تري في شراء أرض الخراج؟ قال: ومن يبيع ذلك؟!! هي أرض المسلمين؛ قال: قلت يبيعها الذي هي في يده، قال: ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟! ثم قال: لا بأس اشتر [65] حقه منها ويحوّل حق المسلمين عليه ولعلّه يكون أقوي عليها وأملا بخراجهم منه [66] .أنظر كيف استنكر الامام(عليه السلام)بيعها ثم أمضاه من الذي هي بيده إذا التزم بخراجها، فليس محط النظر في كل طائفة من الاخبار الواردة في هذا الموضوع إلا المحافظة علي الخراج الذي هو حق المسلمين ومصالح الاسلام. نعم في هذا كثير من الاخبار ما يظهر منه المنع مطلقاً، مثل صحيحة ابن ربيع الشامي: «لا تشتر من أرض السواد شيئاً إلا من كانت له ذمة فإنما هو في للمسلمين» [67] ، وهو وأمثاله محمول علي ما ذكرناه.فاغتنم هذه الفائدة فإنها فريدة ومفيدة، وهي من مفرداتنا فيما أحسب. والمراد بأرض السواد العراق فإنه كان عامراً بأجمعه فمن توجه إليه يري من بعد سواداً متراكماً، وهذا السواد هو البياض حقيقة، أما بياض أراضي العراق اليوم لخرابها وعدم عمرانها فيها سواد الوجه، وحقاً ما قالوا: الظلم لا يدوم وإذا دام دمر، هذا حال العامر حال الفتح فإذا خرب وكان صالحاً للعمارة ألزم السلطان صاحب الارض بعمارتها، فإن عجز دفعها ولي الامر لمن يعمرها وتبقي علي ملك الاول ويأخذ أجرة الارض من المعمرّ الثاني ويدفع خراجها، أما لو جهل مالك الارض فلولي الامر أن يدفعها للمعمر أو تقبيلاً أو تمليكاً أو إجارة حسبما يراه من المصلحة، فلو ظهر صاحبها أخذ الاجرة، هذا حكم الموات بعد الفتح، أما الموات قبله وهو الذي أشرنا إليه في صدر هذه الفائدة وهو المعنون بكتب الفقهاء بكتاب (إحياء الموات) فقد شاع واشتهر حديث: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» [68] وربما يستكشف منه الاذن العام في الاحياء لكل أحد مسلماً كان أو غيره، وتكون ملكاً طلقاً له لا حق فيها لاحد لاخراجها ولا مقاسمة ولا غيرهما، نعم في غلّتها الزكاة بشروطها كغيرها من الاراضي المملوكة، ولكن الاصح عندنا وهو الاحوط إستئذان الامام في الاحياء أو نائبه، فإن شاء أذن له مطلقاً وإن شاء بأجرة حسبما يراه من المصلحة ووضع الارض سهولاً وحزوناً وغير ذلك. نعم اشترطوا في إحياء الموات شروطاً:1 ـ أن لا يكون مملوكاً لمسلم ومعاهد، سواء لم يعلم ملكية أحد له أو علم وباد أهله.2 ـ أن لا يكون محجراً فإن التحجير يفيد الاختصاص والاولوية.3 ـ أن لا يكون قد جري عليه إقطاع من السلطان أو الامام فإنه كالتحجير.4 ـ أن لا يكون مشعراً للعبادة كعرفة ومني وأمثالهما.5 ـ أن لا يكون حريماً لعامر من بلد أو قرية أو بستان أو مزرعة، ولا ما يحتاج إليه العامر من طريق أو شرب أو مراح أو ميدان سباق ونحوها.

تنبيه

مما يلحق بهذا البحث المشتركات العامة وأصولها ثلاثة:المياه، والمعادن، والمنافع وهي ستة منافع: المساجد، والمشاهد، والمدارس، والربط ومنها الخانات في الطرق والمنازل للمسافرين، والطرق أي الشوارع والجادات، ومقاعد الاسواق.ومعني الاشتراك هنا أن كل من سبق إلي شيء أو محل من تلك الاماكن فهو أحق به ولا يجوز لغيره مزاحمته، فلو دفعه غيره فعل حراماً قطعاً، فإن كان عيناً كالماء والمعدن فهو غصب بلا إشكال، وإن كان موضعاً كالمدرسة والخان والشارع فلا يبعد الغصب علي إشكال، وإن كان مشعراً كالمشاهد والمساجد ونحوها فالاقرب عدم تحقيق الغصبية لعدم حق مالي فيها يتحقق به الغصب، كما أوضحناه في كثير من مؤلفاتنا، وها هنا مباحث جليلة وتحقيقات دقيقة لا يسعها هذا المختصر وهي موكولة إلي محالهّا.

تشتمل علي امور

الامر الاول: كان قدماء فلاسفة الحكمة الطبيعية إلي هذه العصور الاخيرة يرون أن عناصر الاجسام المادية التي تتركب الكائنات العنصرية منها هي أربعة: الماء، والتراب، والنار، والهواء، ويسمونها (الاستقصات) وهي كلمة يونانية [69] ، ومنه نشأت النادرة الادبية المعروفة، حيث أن أحد أدباء الموصل في بغداد قال في موشحته:كرة النار علي أيدي الهواء رفعت يحملها ابن السماءاستقصات بزعم الحكماء بعضها من فوق بعض ركباليتني كنت تمام الاربع فقال له بعض النجفيين مطايبة، قال الله سبحانه في كتابه: (ويقولُ الكافرُ يا ليتني كنتُ تُراباً) [70] .نعم العناصر عند القدماء أربعة، أما اليوم وفي العلم الحديث فقد بلغت العناصر التي تتركب منها الاجسام جامدة أو سائلة أو غازاً سبعين عنصراً أو أكثر [71] ، وأكثر العناصر والمركّبات الكيماوية التي تتكون منها الارض ولا سيما الاراضي الزراعية هي: الازوت والسليس والاوكسجين وكربونات الجير المغنيسيات وأوكسيد الحديد والپوتاسا والصودا وغيرها، وتختلف مقاديرها بحسب إختلاف الاراضي، وتسمي عندهم باسم العنصر الغالب، فبعضها طينية وبعضها رملية وأخري حصوية وهكذا، وكما أن الارض والتراب تتركب من العناصر وتنحل إليها فكذلك الماء والهواء، فإن كلاً منهما يتركب من الاوكسجين والهيدروجين وغيرها بنسب متفاوتة ومقادير معينة، وكذلك الاجسام البشرية والحيوانية والنباتية. ولكل واحد من هذه العناصر مزية تخصه لا توجد في الاخر، وكل هذا مذكور ومفصل في العلوم الطبيعية بالمعني الواسع، وليس الغرض هنا إلا ذكر ما يتعلق بالارض بنحو موجز كالرمز ويطلبه من أراد التوسع من محالّه ومن أهله.الامر الثاني: فيما يتعلق بحركة الارض وسكونها وهي من مهمات المسائل الرياضية وأمهاتها. ومن المعلوم لدي كل ذي حس أن الزمان عبارة عن ليل ونهار يتقوم بهما الشهر، والسنة عبارة عن الفصول الاربعة، وكل هذه المعاني والاعتبارات متحصلة من الشمس والقمر والارض من حركة بعضها علي نفسها، ودوران بعضها علي بعض، إنما الاشكال علي أوليات الدهر، والخلاف بين أعاظم الحكماء اليونانيين الاولين وغيرهم أنه هل الشمس تدور علي الارض أو الارض تدور عليها؟ بعد الاتفاق علي أن القمر هو الدائر علي الارض ويتم دورته من المغرب إلي المشرق في سبعة وعشرين يوماً تقريباً، ومن هذه الدورة وما يلحقها يحصل الشهر. والاقوال في حركة الشمس أو الارض كثيرة قد تزيد علي ستة، ولكن المشهور منها مذهبان: الاول مذهب (فيثاغورس) الذي كان قبل المسيح بخمسمائة سنة، ثم تبعه جماعة من فلاسفة اليونان مثل (فلوطرخوس) و (ارشميدس) و (إيزاخوس). ولكن حيث أن هذا الرأي قد يتنافي مع ظاهر الحس، وما أكثر ما يخطئ الحس، فالمحسوس أن الارض واقفة والشمس والقمر يتحركان عليها كما قال الشاعر:تجري علي كبد السماء كما يجري حمام الموت بالنفسلذلك كفّرهم أهل زمانهم وبقي هذا الرأي مهجوراً ومستوراً حتي جاء (بطليموس) قبل المسيح بمائة وخمسين سنة فأيّد ما يراه العوام من سكون الارض وحركة جميع السيارات عليها، وشاع واشتهر هذا الرأي، وعليه جري حكماء الاسلام من زمن الرشيد والمأمون إلي زمن ابن سينا ونصير الدين الطوسي وأمثالهم من أعاظم فلاسفة الاسلام إلي هذه العصور الاخيرة، وفرضوا لكل واحد من السيارات فلكاً خاصاً والكوكب مركوز في ثخنه وفرضوا العالم الجسماني كلّه في ثلاث عشرة كرة:1 ـ الارض: وهي المركز الذي تدور عليه جميع الكرات والسيارات والافلاك والنيران وغيرها.2 ـ الماء: وهو غير تام الاستدارة لانحساره عن الربع المسكون من الارض، واللازم بعد اكتشاف أمريكا أن المسكون أكثر من الربع [72] .3 ـ ثم كرة الهواء محيطة بالارض والماء.4 ـ كرة النار تحيط بالجميع.5 ـ فلك القمر محيط بتلك الكرات ومتصل مقعره بمحدبها والقمر مركوز في ثخنه.6 ـ فلك عطارد.7 ـ الزهرة.8 ـ الشمس.9 ـ المريخ.10 ـ المشتري.11 ـ زحل.12 ـ فلك الثوابت.13 ـ الفلك الاطلس وهو فلك الافلاك ومحرك الكل، وينتهي عالم الاجسام بنهاية هذا الفلك الاعلي، فلا خلا ولا ملا، ويقال إن فلك البروج هو العرش، وفلك الافلاك هو الكرسي والله العالم، وألجأهم ما رصدوه من حركة القمر والسيارات وما وجدوه لما عدا النيرين من الرجوع والاقامة والاستقامة وهي الخمسة المتحيرة إلي الالتزام بأن كل فلك في ضمنه قطعات كالجوزهرات والموائل والحوامل والمثلات وغير ذلك من الفروض التي صارت بها هذه الهيئة (البطليموسية) أعقد من (ذنب الضب). وكان علماء الغرب في القرون التي انبثق فيها نور الاسلام في ظلام دامس، فلما احتكوا بالمسلمين في الحروب الصليبية وفي مدارس قرطبة وغيرها من الاندلس فتحوا عيونهم واتسعت معارفهم من القرن التاسع، وخاضوا في شتّي العلوم وأخصّها الرياضيات، وكانت الهيئة السائدة عندهم هي هيئة بطليموس ومن خالفها أحرقوه وأحرقوا كتبه.ونقل أن الفلكي (برنو) قال بحركة الارض في القرن العاشر الهجري فأجلوه عن وطنه، ثم سجنوه ست سنين ثم أحرقوه وأحرقوا كتبه، ولكن تأثر به وشيد رأيه (غاليلو) بعد القرن العاشر فاضطهدوه حتي كاد أن يهلك، ولكن بما أن الحقيقة تهتك الستور وتأبي إلا السفور، لذلك انتشر هذا الرأي حتي صار من المسلّمات التي لا تقبل الشك. وخلاصته: إن الارض كوكب سيار وكرة سابحة في هذا الفضاء حول الشمس كسائر الكواكب التي يتألف منها نظامنا الشمسي، وهي السيارات السبع وغيرها مما توصلوا إليه من الدائرات حول الشمس، ولم يكن معروفاً مثل (فلكان) و (نبتون)، ولها ـ أي الارض ـ حركتان (وضعية) و (موضعية) أي انتقالية، فأولي دورانها علي محورها نحو الشمس ومنها يحصل الليل والنهار، وتقطع بهذه الحركة في الثانية (300) كيلو متر. والثانية علي الشمس وحولها، ومنها تحصل فصول السنة: الربيع والشتاء والخريف والصيف. ومحيطها (40000) كيلو متر وقطرها (13000) وكلها تقريبية، ونسبة حجمها إلي الشمس نسبة الواحد إلي المليون وأربعمائة ألف، وتقطع في حركتها الثانية الدورة في 365 يوم، وتطوي في اليوم الواحد أكثر من خمسمائة ألف فرسخ سابحة في الفضاء تقرب من الشمس وتبعد عنها في مدار إهليجي تقريباً وهي منتفخة مستديرة في وسطها مسطحة في قطبيها وكروية في الجملة، تستمد نورها وسائر السيارات من الشمس، والشمس تفيض عليها وعلي سائر السيارات الدائرة حولها النور والحرارة.ويعجبني ما في بعض الاخبار علي ما يخطر ببالي من قول الامام الصادق(عليه السلام) لبعض أصحابه ممن يزاول علم النجوم إذ يقول للامام(عليه السلام): إن لي في النظرة في النجوم لذّة، فيقول(عليه السلام) له ممتحناً: كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ فقال: هذا شيء لم أسمعه قطّ، فقال الامام(عليه السلام): وكم تسقي الزهرة الشمس من نورها؟ إلي أن قال الامام(عليه السلام): كم تسقي؟ [73] الشمس من اللوح المحفوظ من نوره [74] .فإن النور لما كان ألطف وأخف من الماء ويجري أشد من جريانه فإنه يطوي في اللحظة الواحدة مئات الملايين من الاميال حسُن جداً التعبير عن إفاضته علي الاجسام الفاقدة له بالسقي والاستقاء، وفي هذا الخبر معان عميقة وأسرار دقيقة لا مجال لذكرها هنا، وإنما الغرض الاشارة إلي بلاغة التعبير بالسقي هنا ومناسبته للمقام. وأبلغ وأعلي منه كلمة القرآن المجيد عن دوران الكواكب في مداراتها وحركاتها في أفلاكها بقوله عز من قائل: (كلٌ في فَلك يَسبحون) [75] فإن هذا الفضاء غير المتناهي أو الذي لم تصل عقول البشر إلي منتهاه لما كان مملوءاً بالاثير أو بما هو أشف وألطف منه وهو أرق من الماء أشبه أن يكون كالبحر المتلاطم والكواكب في جريانها وحركاتها تسبح فيه وتشق عبابه.وها هنا نكتة بديعة وهي أن هذه الجملة الصغيرة لفظاً العظيمة مغزي[كل في فلك] تضمّنت نوعاً من ألطف أنواع البديع وهو (ما لا يستحيل بالانعكاس)، وألطف مثال له النادرة المشهورة في كتب الادب، وهي أن العماد الكاتب التقي ببعض أمراء عصره راكباً فرساً فقال له بديهة: (سر فلا كبا بك الفرس) فتنبه الامير لنكتته البديعة (وإنّ هذا طرده كعكسه) فأجابه بالمثل فوراً وقال له: (دام علاء العماد).هذا ما اتخطّره من عهد بعيد يوم كنا نطالع كتب الادب أيام الصبا، وهي في الحق لو كانت مع الفكرة وطول الروية فهي آية في قوة الفكر وحدة الذهن، فكيف لو صح أنها علي البديهة، ولكن لا يذهبن عنك أن البراعة في الاية الشريفة وعلوّ الاعجاز فيها رعاية مناسبة الجملة للموضوع. فإن الموضوع لما كان هو الكوكب الذي يتحرّك في فلكه ومداره حركة مستديرة ولازمها أن تعود إلي مبدئه ويدور علي نفسه وطرده كعكسه، فالموضوع معني موضوع لا يستحيل بالانعكاس، فناسب أن يعبرّ عنه بجملة لا يستحيل بالانعكاس كنفس المعني والموضوع، وهذه النكتة غاية في الاعجاز والروعة ولم يلتفت إليها أحد من الادباء والمفسّرين.ونعود إلي ما كنا فيه فنقول: تلك لمحة من حال أرضنا ونظامنا الشمسي، أما الثوابت عند أهل هذه الهيئة فهي شموس أيضاً في الفضاء، ولكل واحد منها أقمار وأراض وتوابع وأنظمة، وكل واحدة من تلك الشموس أكبر من شمسنا هذه بألوف الملايين، حسبما اكتشفوه بالالات الجديدة والارصاد المستخدمة والتلسكوبات الجبارة، وقد وزنوا النور وضبطوا مقادير سيره وانعكاساته وجاءوا بالاعاجيب المدهشة مع اعترافهم بأن نسبة ما عرفوه واكتشفوه من تلك العوالم الشاسعة النيّرة إلي ما جهلوا نسبة الومضة إلي بركان النور، والقطرة إلي البحور، ولكن كل ما اكتشفوه بآلاتهم وأرصادهم تجد الاشارة إليه في القرآن العظيم وأخبار أئمتنا(عليهم السلام) حتي كون النور، وإنه مما يوزن وله مقادير معينة أشار إليه الخبر المتقدم بقوله: «كم تسقي الشمس الارض من نورها؟» حيث يدل علي أن النور له كمية ومقدار تفيضه الشمس علي الارض.(والخلاصة) أن حركة الارض وسائر ما برهنت عليه الهيئة الجديدة هو الموافق للقرآن الكريم والسنة النبوية ولا سيما أخبار أئمتنا(عليهم السلام) وهو مما يحتاج إلي مؤلّف أو مؤلّفات.الامر الثالث: مما يتعلّق بالارض: إن الرياضيين من المسلمين بل وغيرهم فرضوا علي الفلك المحيط بالارض وما فوقها من الافلاك علي طريقتهم دوائر عظام وصغار، والدائرة العظيمة عندهم هي التي تقسم الكرة نصفين متساويين والدوائر العظام عشرة، أهمها دائرة المعدل المفروضة علي الفلك الاعلي، وتقسم الارض إلي نصف جنوبي وآخر شمالي. ودوائر منطقة البروج المنتزعة من سير الشمس السنوي علي البروج الاثني عشر من الحمل إلي الحوت، وموضع التقاطع في نقطتين بينهما وبين الاُولي يسمّيان الاعتدال الربيعي والخريفي، وأبعد نقطتين بينهما نقطتا الانقلابين الصيفي إلي الشمال والشتوي إلي الجنوب. والثالثة من الدوائر العظام دائرة نصف النهار التي تمرّ علي سمت الرأس والقدم وتقسم الفلك والارض إلي قسمين شرقي وغربي وتقاطع الاولي والثانية في نقطتين إلي آخر ما ذكر في كتب الهيئة مما ليس الغرض بيانه، وإنما المقصود بيان أنهم ذكروا أن المعمور من الارض هو الربع الشمالي فقط من خط الاستواء إلي ما يقرب من القطب الشمالي، وقسموه إلي الاقاليم السبعة، مبتدئين من جزائر الخالدات من المغرب.أما علماء الغرب فقسموا هذا الربع المعمور إلي القارات الثلاث قبلاً وهي آسيا وأفريقيا وأوربا ثم أضافوا إليها (استراليا) بعد اكتشاف (أمريكا)، فصارت القارات اليوم خمسة [76] وهي عبارة عن مجموع ما علي هذه الكرة التي نحن عليها من البلدان والعمارات؛ ثم أن القرآن ينص علي أن الارضين سبعة حيث يقول جل شأنه: (اللهُ الذي خلقَ سبعَ سماوات ومنَ الارضِ مثلهنَّ يتنزّلُ الامر بينهنَّ) [77] وقد اختلف الفقهاء والمفسرون في تعيين الاراضي المشار إليها بالاية الكريمة بين ذاهب إلي أنها الاقاليم السبعة، وآخر أنها طبقات الارض. وهي بعضها متصل ببعض لا فرجة بينهما، وقيل سبع بين كل واحدة إلي الاُخري مسيرة خمسمائة عام، وفي كل أرض منها خلق، حتي قيل في كل واحدة منها آدم وحواء ونوح وإبراهيم. وقد يوجد بعض هذا في بعض الاخبار ولكن الارجح منه إرادة الطبقات الارضية فقد ذكر علماء طبقات الارض (الجيولوجيا) أنها تتكون من طبقة طينية ومعدنية، وطبقة الادخنة والابخرة، وطبقة نارية تنفجر منها البراكين النارية، وطبقة الجليد والزمهرير، ولكن الاصح من هذا كلّه والاحري بالاعتبار ما ورد في بعض الاخبار في تفسير هذه الاية عن الامام الرضا(عليه السلام).فإن الرضا(عليه السلام) أجاب من سأله عن ترتيب السماوات السبع والارضين السبع فقال(عليه السلام): هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها قبّة، والارض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة والارض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها. إلي آخر الخبر، وفي بعضها أنه(عليه السلام) وضع يده فوق الاُخري تمثيلاً [78] .ومن الادعية الشائعة المعتبرة وذوات الشأن الدعاء المعروف بدعاء الفرج المستحب في قنوت النوافل والفرائض «سبحان الله ربّ السماوات السبع، وربّ الارضين السبع، ورب العرش العظيم» [79] .وفي بعض خطب النهج: «الحمد لله الذي لا تواري عنه سماءٌ سماءً ولا أرضٌ أرضاً» [80] .ويظهر من هذه الفقرات المتعالية ومن الاية الشريفة بل صريحها أن هذه الاراضي السبع منفصل بعضها عن بعض، بل يظهر أو صريح جملة من أخبار اُخري منها أن فيها خلائق وسكاناً، ويشهد له قوله تعالي: (يتنزّلُ الامر بينهنَّ).كما يظهر من جملة أخري أن الاراضي والكواكب السيارة أكثر من سبع، وأن له عزّ شأنه عوالم سيارات وأراضي تتجاوز مئات الاُلوف كلها موجودة فعلاً، ولا يحصي عددها إلاّ الله عزّ شأنه وجلّت عظمته.الامر الرابع في مبدأ تكوين الارض:الذي يظهر أن مجموع آثار الشريعة الاسلامية ومن بعض خطب (النهج) أن العالم الجسماني كله سماواته وأرضوه خلقت من زبد البحر، وأن أول ما خلق الله من الاجسام هو الماء [81] ولعلّه يشير إلي غاز أثيري شفاف من أحد العناصر، وانضم إليه عنصر آخر عبّرت عنه الشريعة بالدخان والزبد تقريباً للاذهان، ثم خلقت منه الكواكب والارضون خلقاً استقلالياً لا اشتقاقياً توليدياً؛ نعم يظهر من علماء الغرب أن الارض شعلة انفصلت من الشمس قبل آلاف الملايين من السنين ثم بردت وجمدت قشرتها الاولي بحيث صارت صالحة للسكني والانتفاع، والقمر قطعة من الارض، فالارض بنت الشمس والقمر ابن الارض وكل هذا حدس وتخمين وأحلام ولكنها أحلام جميلة.الامر الخامس في نهاية الارض:وقد ذكر الكثير من الفلاسفة الاقدمين والمتجدّدين أن هذه الارض لابدّ وأن تنتهي إلي الفناء والتلاشي، وذكروا أسباباً متعدّدة لذلك، منها اصطدامها بمذنّب يجعلها هباءً منثوراً، كما اصطدمت بمذنّب في طوفان نوح، حيث دفعها إلي البحار المحيطة ففاضت البحار عليها وأغرقتها. ويشهد لهذا ـ أي لتلاشي الارض ـ كثير من آيات الفرقان المجيد منها قوله: (إذا رُجَّتِ الاَرضُ رجاً - وبُسَّتِ الجبالُ بَساً - فَكانتْ هباءً مُنبثاً) [82] ولا شك أنها ترتّج باصطدامها بقوة هائلة من مذنّب أو نحوه، وحينئذ تبس الجبال ـ أي تتفتّت ـ ثم تطير وتصير هباءً في الفضاء. وهكذا الشمس والسماء والنجوم (إِذا الشمس كوِّرت - وإِذا النُّجُومُ انكَدَرَتْ) [83] وتكويرها انطفاء نورها وبرودة حرارتها وخمود نارها، وهكذا النجوم. فسبحان وارث السماوات والارضين وما فيها ومن عليها، وحيث بلغ بنا الحديث إلي نهاية الارض فلينته ما أردناه من القول عن الارض وبعض شؤونها وأحوالها.وقد جري القلم بما ذكرناه علي رسل الذهن وهفو الخاطر، ومن المعلوم العتيد والملحوظات القديمة، شاكرين حامدين لله فضله علينا بتوفيقه وألطافه، وذاكرين بالخير والجميل من حرّك قلمنا بعد الهود، وأفكارنا بعد الجمود، مع شدة المحن وتهاجم الارزاء علينا، فجزاهم الله أحسن الجزاء. اللهم عليك توكلّنا وإليك أنبنا وإليك المصير.وكان ختام هذه النبذة يوم الرابع من ذي القعدة الحرام 1365 هـ في مدرستنا العلمية في النجف الاشرف.محمد الحسين آل كاشف الغطاء

پاورقي

[1] سورة يوسف: 105.
[2] سورة طه: 55.
[3] المرسلات: 25 ـ 26.
[4] النازعات: 30 ـ 31.
[5] عبس: 24 ـ 31.
[6] صحيح مسلم، ج: 15، كتاب الفضائل، باب فضائل علي(عليه السلام)، ص: 182.
[7] الاميني، الغدير، ج: 6، ص: 338.
[8] المجلسي، بحار الانوار، ج: 82، كتاب الصلاة، باب ما يصح السجود عليه، ح: 6، ص: 158، عن المجازات البنوية.
[9] المصدر السابق، ج: 7، كتاب العدل والمعاد، باب صفة المحشر، ص: 97. [
[10] المصدر السابق، ج: 63، كتاب السماء والعالم، باب التمر، ح: 61، ص: 142.
[11] الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج: 4، ح: 5702، ص: 327.
[12] سورة النساء: 43.
[13] راجع: الوسائل للحر العاملي، ج: 1، كتاب طهارة، باب طهارة باطن القدم والنعل والخف، ص: 457 ـ 459.
[14] الكليني، الكافي، ج: 2، كتاب الايمان، باب الشرائع، ح: 1، ص: 17، وابن رشد في بداية المجتهد، ص: 65.
[15] الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ج: 1، مادة (كفت)، ص: 156.
[16] النعمان المغربي، دعائم الاسلام، ج: 1، ص: 178، والبحار للمجلسي، ج: 82، كتاب الصلاة، باب ما يصح السجود عليه، ج: 20،ص: 156 عنه.
[17] الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص: 669.
[18] سورة الرعد: 4.
[19] راجع: كامل الزيارات لابن قولويه، باب (88) فضل كربلاء وزيارة الحسين(عليه السلام)، ص: 259 ـ 271، والبحار للمجلسي، ج: 28، كتاب الفتن والملاحم، باب (2)، ح: 23، ص: 58 عنه.
[20] راجع: تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي، ج: 6، كتاب المزار، باب 22، ح: 138، ص: 73، والبحار للمجلسي، ج: 98، ح: 42، ص: 116 عنه.
[21] الاربلي، كشف الغمة، ج: 2، ص: 241، والبحار للمجلسي، ج: 44، تأريخ الحسين(عليه السلام)، ص: 367 عنه.
[22] البيروني، الاثار الباقية، ص: 329.
[23] ابن قولويه، كامل الزيارات، باب (14) حب رسول الله(صلي الله عليه وآله) الحسن والحسين(عليهما السلام)، ح: 11، ص: 52، والبحار للمجلسي، ج: 43، تأريخ الحسن والحسين(عليهما السلام)، ح: 35، ص: 271 عنه، وأخرجه الحاكم في المستدرك علي الصحيحين، ج: 3، فضائل الحسين(عليه السلام)، ص: 177، وقال حديث صحيح ولم يخرجاه.
[24] هو عبدالله العلايلي في كتابه (الامام الحسين)، والعقاد في (أبو الشهداء) في صفحة: 154 جاء فيه ما نصه: فهي (أي كربلاء) اليوم حرم يزوره المسلمون للعبرة والذكري، ويزوره غير المسلمين للنظر والمشاهدة، ولكنها لو أعطيت حقها من التنويه والتخليد لحق لها أن تصبح مزاراً لكل آدمّـي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة وحظاً من الفضيلة؛ لاننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الارض يقترن اسمها بجملة من الفضائل والمناقب أسمي وألزم لنوم الانسان من تلك التي اقترنت باسم كربلاء بعد مصرع الحسين فيها.
[25] الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص: 722، والبحار للمجلسي، ج: 98، كتاب المزار، باب 35، ص: 201 عنه.
[26] الشيخ الصدوق، ثواب الاعمال، ص: 60، والبحار للمجلسي، ج: 82، كتاب الصلاة، باب فضل السجود، ص: 163 عنه.
[27] راجع: البحار للمجلسي، ج: 75، كتاب السماء والعالم، باب تحريم أكل الطين وما يحل أكله منه، ص: 150 ـ 163.
[28] المصدر السابق.
[29] ابن الاثير، الكامل في التأريخ، ج: 2، غزوة أحد، ص: 159.
[30] ابن الاثير الجزري، أُسد الغابة، ج: 2، ص: 53.
[31] راجع: الغدير للاميني، ج: 5، زيارة حمزة، ص: 161.
[32] الصدوق، الخصال، ج: 1، باب الاربعة، ص: 204، وذخائر العقبي، ص: 230.
[33] المجلسي، بحار الانوار، ج: 98، كتاب المزار، باب تربته(عليه السلام)، ح: 64، ص: 133.
[34] المجلسي، بحار الانوار ج: 78، ص: 136 عن دعوات الراوندي.
[35] المصدر السابق، ج: 46،تأريخ علي السجاد(عليه السلام)،باب (5) مكارم أخلاقه وعلمه، ح: 75، ص: 79.
[36] المصدر السابق، ج: 98، كتاب المزار، باب تربته(عليه السلام)، ح: 83، ص: 138 عن المزار الكبير.
[37] محمد الحسين آل كاشف الغطاء، أصل الشيعة واصولها، ص: 123.
[38] الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص: 733، والبحار للمجلسي، ج: 98، ح: 74، ص: 135، وج: 82، ح: 14، ص: 153 عنه.
[39] الديلمي، ارشاد القلوب، ج: 1، باب 32، ص: 115، والوسائل للحر العاملي، ج: 5، ح: 6809، ص: 366 عنه.
[40] الطبرسي، الاحتجاج، ج: 2، أجوبته(عليه السلام) لمسائل محمد بن جعفر الحميري الفقهية، ص: 583، ووسائل الشيعة للحر العاملي، ج: 5، كتاب الصلاة، باب السجود علي تربة الحسين(عليه السلام)، ح: 6807، ص: 366 عنه.
[41] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج: 1، باب ما يصح السجود عليه، ح: 829، ص: 268، وفي الوسائل للحر العاملي، ج: 5، باب السجود علي تربة الحسين(عليه السلام)، ح: 6806، ص: 365 عنه.
[42] السيوطي، الخصائص الكبري، ج: 2، باب اخباره(صلي الله عليه وآله) بقتل الحسين(عليه السلام)، ص: 212 ـ 216.
[43] الحاكم، المستدرك علي الصحيحين، ج: 3، كتاب معرفة الصحابة، فضائل الحسين(عليه السلام)، ص: 176 ـ 180.
[44] البيهقي، دلائل النبوة، ج: 6، باب اخباره بقتل ابن بنته الحسين(عليه السلام)، ص: 468 ـ 472.
[45] ابو نعيم، دلائل النبوة، ج: 2، ذكر أخباره(صلي الله عليه وآله) عن قتل الحسين(عليه السلام)، ص: 709 ـ 710.
[46] أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ج: 1، ص: 242 و 283، ج: 3، ص: 242 و 265، ج: 6، ص: 294.
[47] ابن عبد ربه الاندلسي، العقد الفريد، ج: 5، حديث الزهـري في قتل الحسين(عليه السلام)، ص: 127.
[48] السيوطي، الخصائص الكبري، ج: 2، باب اخباره(صلي الله عليه وآله) بقتل الحسين(عليه السلام)، ص: 214.
[49] راجع علي سبيل المثال: البحار للمجلسي، ج: 44، تأريخ الحسين(عليه السلام)، باب اخبار الله بشهادته(عليه السلام)، ص: 223 ـ 249.
[50] الراوندي، الخرائج والجرائح، ج: 1، معجزات النبي(صلي الله عليه وآله)، رقم 218، ص: 132.
[51] صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب 141، وكتاب المغازي، باب 46، وكتاب التفسير، باب سورة 60، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب 161، وأحمد في مسنده، ج: 1، ص: 79.
[52] الكليني، الروضة من الكافي، ح: 365، ص: 255.
[53] الفيض الكاشاني، الوافي، ج: 3، كتاب الروضة، باب الزلزلة وعللها، ص: 126 عن الكافي.
[54] الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج: 1، ح: 1512، ص: 542.
[55] الفيض الكاشاني، الوافي، ج: 3، كتاب الروضة، باب الزلزلة وعللها، ص: 126.
[56] الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج: 1، ح: 1511، ص: 542.
[57] الصدوق، من لا يحضره الفقيه،، ج: 1، ح: 1513، ص: 543.
[58] سنن ابن ماجة، ج: 1، باب التغليظ في تعمّد الكذب علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ح: 30 و33، ص: 13.
[59] الطبرسي، الاحتجاج، ج: 2، أجوبة الجواد(عليه السلام) علي مسائل يحيي بن أكثم في مجلس المأمون، رقم 323، ص: 477، والبحار للمجلسي، ج: 2، باب 29، ح: 2، ص: 225 عنه.
[60] لمزيد الاطلاع ذكر العلاّمة الاميني عدداً كبيراً منهم، راجع الغدير للاميني، ج: 5، سلسلة الكذّابين والوضّاعين، ص: 209 ـ 275.
[61] هكذا وردت في المصدر ولعلها (السلام).
[62] القرطبي، التذكار، ص: 156، وذكره الاميني، الغدير، ج: 5، سلسلة الزهّاد والكذّابين، ص: 276 عنه.
[63] يقول البخاري صاحب الصحيح: احفظ مائتي ألف حديث غير صحيح. ذكره القسطلاني في شرحه (ارشاد الساري)، ج: 1، الفصل الخامس، ص: 59.
[64] الشيخ الطوسي، تهذيب الاحكام، ج: 7، كتاب التجارة، باب أحكام الارضين، ح: (654)3، ص: 148.
[65] هكذا في الاصل، ولعل الصواب (أن يشتري).
[66] المصدر السابق، ج: 4، كتاب الزكاة، باب الزيادات، ح: (406)28، ص: 146، والاستبصار للشيخ الطوسي، ج: 3، كتاب البيوع باب ارض الخراج، ح: (387)4، ص: 109.
[67] الطوسي، تهذيب الاحكام، ج: 7، كتاب التجارات، باب احكام الارضين، ح: (653)2، ص: 147، والاستبصار للشيخ الطوسي، ج: 3، كتاب البيوع، باب ارض الخراج، ح: (385)2، ص: 109.
[68] راجع: الكافي للكليني، ج: 5، كتاب المعيشة، باب إحياء أرض الموات، ص: 279 ـ 280، والبحار للمجلسي، ج: 73، كتاب الادب والسنن، باب اللحية والشارب، ح: 10، ص: 111.
[69] راجع: البحار للمجلسي، ج: 56، كتاب السماء والعالم، باب النار وأقسامها، ص: 331.
[70] سورة النَّبأ: 40.
[71] هذا في زمان المؤلف، أما في الوقت الحاضر فقد تجاوز عدد العناصر المائة عنصر.
[72] هذا بلحاظ الفترة التأريخية لتأليف الكتاب.
[73] هكذا في الاصل ولعل الصحيح «تستقي».
[74] المجلسي، بحار الانوار، ج: 55، كتاب السماء والعالم، باب علم النجوم والعمل به، ح: 33، ص: 250.
[75] سورة يس: 40.
[76] هذا في زمن المؤلّف، والمعروف اليوم أن القارات سبع.
[77] سورة الطلاق: 12.
[78] القمي، تفسير القمي، ج: 2، سورة الذاريات، ص: 329، والبحار للمجلسي، ج: 57، كتاب السماء والعالم، باب الارض وكيفيتها، ص: 79 عنه.
[79] الطوسي، تهذيب الاحكام، ج: 5، كتاب الحج، باب العمل والقول عند الخروج، ح: (154)17، ص: 50.
[80] نهج البلاغة، خطبة 172.
[81] راجع: علل الشرائع للشيخ الصدوق، باب 77، ح: 6، ص: 83، والبحار للمجلسي، ج: 5، كتاب العدل، باب الطينة والميثاق، ح: 23، ص: 240 عنه، والمناقب لابن شهر آشوب، ج: 4، باب إمامة الرضا(عليه السلام)، ص: 54، والبحار للمجلسي، ج: 6، كتاب العدل، باب علل الشرائع (النوادر)، ح: 6، ص: 111 عنه، ونهج البلاغة، خ: 1.
[82] سورة الواقعة: 4 ـ 6.
[83] سورة التكوير: 1 ـ 2.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.