وصية النبي

اشارة

سرشناسه : كعبي علي موسي عنوان و نام پديدآور : وصيه النبي صلي الله عليه و آله علي موسي العكبي.

مشخصات نشر : قم مركز الرساله موسسه آل البيت 1424ق 1382.

مشخصات ظاهري : ‮ص 152 .

فروست : سلسله المعارف الاسلاميه 44.

شابك : 2800ريال 964-319-425-6

يادداشت : عربي موضوع : محمد (ص) ، پيامبر اسلام، 53 قبل از هجرت - 11ق. -- وصيتنامه

شناسه افزوده : موسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث (قم)

رده بندي كنگره : BP142/2 /ك7و6 1382

رده بندي ديويي : 297/215

شماره كتابشناسي ملي : م 83-282

مقدمة المركز

الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام علي أشرف الأنبياء و المرسلين، و آله الطيّبين الطاهرين.. و بعد:إنّ من أكثر الاُمور وضوحاً في حياة الشعوب و الأمم، اتفاقها علي جملة من المبادئ الإنسانية لا سيماذات الصلة المباشرة بحقوق الناس، و الحفاظ علي توازن المجتمع إزاء التحولات الحتمية في مستقبل تاريخه، بصيرورة تلك المبادئ إلي سلوك معتاد بعد تحقق الاستجابة الطوعية لها، و التحرك علي ضوئها، حيث لم تترك معلقة في الفضاء، و إنما اُنزِلت إلي أرض الواقع، و عاشتها البشرية كحقيقة ثابتة جيلاً بعد جيل، حيث تناغت اصولها مع الفطرة، و انسجمت أهدافها مع رغبة الإنسان و طموحه و تطلعاته.و لعل من أبرز تلك المبادئ التي تحولت إلي سلوك دائم في حياة الناس جميعاً هو مبدأ الوصيّة الذي كُتب له الخلود، و هكذا كل مبدء لا تعرف قيمته ما لم يكن سلوكاً، فارتكاز الوصية في ضمير الإنسان و شعوره، و انسجامها مع رغبة الإنسان في أبقاء نوع علاقة له مع الحياة القائمة بعد مغادرتها، هي رغبة فطرية يتساوي فيها السيد و المسود؛كل ذلك أدّي إلي انعكاس شعور الإنسان بالحاجة إلي

الوصية علي تنظيم شؤون حياته, و استباق الموت باختيار الرجل الكفوء الذي يمكن أن تُسند إليه المهام التي لم يسمح عمر الموصي بمباشرتها بنفسه.و لدور الوصية العظيم في حفظ الحقوق و توازن المجتمع، بادرت الشريعة الغراء اليتنظيمها تنظيماً واعياً و دقيقاً، و بهذا لم تعد الوصية حاجة من حاجات الإنسان الضرورية فحسب، بل مطلباً إسلامياً أكيداً، لابدّ من توخي الدقة فيه، واتخاذ السبل اللازمة لا نجاره.و تبرز حيوية الوصية بإكسابها الموصي نفسه حياة معنوية بعد وفاته، بابقاء رأيه سارياً بحيث يمكن استنطاقه كلّما دعت الحاجة إليه، و يُعرف ثقلها من متعلقها، و هو عادة ما يكون في تناسب طردي مع شخص الموصي و موقعه، فالفلاح مثلاً يوصي في أرضه، و التاجر في تجارته، و الرجل الثري في أمواله، و الملك في مملكته، بل كل راع في رعيته، و هكذا تخرج الوصية عن الأفق الضيق الذي تعيشه أغلب الوصا يا كلما كان موقع الموصي خطيراً و من خلال هذا المقياس يمكن تقريب صورة الوصي أيضاً؛ لأن عهد المصلح العظيم لاَخر في تنفيذ مشاريعه الكبري بعد وفاته كافٍ في تصور حجم الثقة المتبادلة بينهما، و الجزم بأنها لم تكن وليدة في ساعات احتضار المصلح؛ إذ لابدّ [ صفحه 6] و أن تكون عن مباشرة و معاشرة و خبرة طويلة اطلع عليها ذلك العظيم الراحل علي قدرات وصيه التي استوعبت جهات مشاريعه الكبري كلها، مع وعيه الكامل بطبيعة تلك المشاريع و أهدافها.و لما كانت مسؤوليات الأنبياء عليهم السلام من أجلّ المسؤوليات و أخطرها علي الإطلاق، بحيث لا يمكن تأهيل أيّ إنسان بالمقاييس البشرية كلّها إلي احتلال مركز النبوّة؛ لحصره بالاختيار الإلهي للصفوة من عباده. لذا صار القول بأن

وصايا الأنبياء عليهم السلام كانت عادية أو أخلاقية لا غير، كالقول بتنصّلهم عليهم السلام عن رسالاتهم و تركهم اُممهم هملاً كالسوائم! و هو كما تري.. لا يقوله من عرف دور الأنبياء و أدرك خطورة موقعهم و ثقل وجودهم في حياة الراجح علي ثقل كل شيء فيها. ناهيك عن سيدهم و أشرفهم و القيمة الكبري في هذا الوجود نبينا محمّد صليَّ الله عليه و آله، فهل يعقل مع هذا أن تكون وصيته صليَّ الله عليه و آله عادية؟!أليس معني هذا اتهامهُ صلَّي الله عليه و آله با همال توازن المجتمع الإنساني برمته في حين أنه اُرسل لانقاذه؟و اتهامه صلَّي الله عليه و آله كذلك بعدم الحرص علي مستقبل رسالته!! إذ لم يعمل علي ترسيخ قناعات المؤمنين برسالته علي منح الثقة للقيادة الرسالية الآتية بعده لتتمكّن بدورها من الحفاظ علي القواعد الرسالية التي تنظم دور المجتمع في حركة أفراده تجاه الدين الفتي، مع الوعي الكامل بأهداف الرسالة و عاياتها.ثم كيف يكون ذلك، وليس في تاريخ الأنبياء عليهم السلام نبي لم يوصِِ إلي وصي معين ليقوم مقامه في حمل الأمانة و أدائها للناس نقية ناصعة؟ و في تاريخنا الإسلامي ما يدل بوضوح علي أن وصية كل نبي سابق ليست كلمة مجردة عن محتواها، و انما هي موقف ورسالة، و علي الأتباع و عيها و التزامها و تحمّل المسؤولية في ايجاد الأرضية الصالحة لتطبيقها لا منعها أو تحريفها.و مع التدرّج في خطورة وصايا الأنبياء عليهم السلام كلّ من موقعه، نصل بالنتيجة إلي أعظمها و أخطرها في وصية نبينا صلَّي الله عليه و آله باعتبار موقعه بينهم عليهم السلام و منزلة رسالته بين رسالاتهم، مع علمه صلَّي الله عليه و

آله بأن الأنبياء الذين رحلوا إلي اللّه قبله لم ينقطع خبر السماء بموتهم، ولا النبوة بمغادرتهم، في حين كان رحيله صلَّي الله عليه و آله اُفولاً لشمس النبوة، ووفاة لجميع الأنبياء، و انقطاعاً لنزول الوحي بخبرالسماء. و لا شكّ أنه يعلم بكل هذا كما [ صفحه 7] يعلم بأن الذي أرسله بالهدي و دين الحق لم يقل له انك ستبقي إلي يوم يُبعثون، و إنما قال له: (إنك ميّت و إنّهم ميتون).فعلام لا يكون النبي الخاتم إذن من أكثر الأنبياء حرصاً علي بيان مركز القيادة _ في وصيته _ من بعده؟إن ابتداء دور الخلافة بعد وفاة الرسول صلَّي الله عليه و آله مباشرة، و انطلاق وصية النبي صلَّي الله عليه و آله من النقطة التي تمثل انتهاء مرحلة النبوة في التاريخ لا يساعد علي تصور اغفال عقل الكون كله للدور الجديد الآتي بعده، الأمر الذي يؤكد اعطاء وصيته صلَّي الله عليه و آله خصوصية زائدة تختلف عن جميع وصايا الأنبياء السابقين عليهم السلام.و نظرة أمينة لا خائنة في فكر أهل البيت عليهم السلام _ باعتبارهم المعنيين بوصية النبي صلَّي الله عليه و آله دون غيرهم _ كافية لكشف الحقيقة لمن أرادها في عدم تنازل هذا الفكر النقي عن الوصية، و لا التخلّي عن حمايتها، أو الاستهانة بمركزها؛ إذ تبنّي مسؤولية الدفاع عنها و الدعوة إليها، و تأكيد ثقلها في حاضر الأمة و مستقلبها، كل هذا مع فسح المجال للتفكير بجدية معطياتها، و دراسة أسبابها و تاريخها، و كيف صُمّت الآذان يوم الدار عن سماعها، و كيف منع النبي في رزية يوم الخميس من كتابتها!أمن الغرابة إذن لو انتفضت مُثُل الإسلام و قيمه العليا؛ لتحمي تلك

الوصية ممّا لحقها _ في تاريخها _ من صدٍّ، و لقلقة، و منع، و تشويه، و تزوير، و تحرسها بأشدِّ ما يكون وفاءً للنبي صلَّي الله عليه و آله، و تعبيراً عن الالتزام بخط الوصي عليّ عليه السلام؟و أمّا القول بفوات أوان الحديث عن تلك الوصية؛ إذ قد مضي التاريخ بكل ما فيه عليها، و لم يعد بالإمكان إعادتها إلي واقع الحياة، ولا إعطاء صاحب الوصية حقّه و هو في جوار ربّه. و انها قضية قد انتهت، ولا معني لاثارتها من جديد بماتتركه حساسيتها من تأثيرات سلبية علي واقع المسلمين!! فهو خطأ عظيم؛ لأن بحث الوصية لا يعني حصرها بإطارها التاريخي، بل المقصود تعميمها إلي حياتنا العملية؛ لأن ارتباطنا بالوصي هو ارتباطنا بالموصي، و القرآن لم يؤقت زمناً للارتباط بالنبي صلَّي الله عليه و آله و إنما أمر بالتمسّك به في كل آنٍ و زمان، و من ثَمَّ فإن تمسّكنا بالوصي لا يعني تمسكنا بالفترة التي عاشها الوصي، بل يعني ذلك تمسكنا بخط الوصي الذي لا يحده زمان دون آخر، حيث اقتحم القرون و تجاوز العصور حتي صار مقياساً للصحيح من العقيدة، و أضحت [ صفحه 8] العقائد الإسلامية برمتها مضطرة اليترسّم فكره و روحه باعتبار أنه فكر الإسلام و روحه.و إذ كان علي المسيرة الإسلامية المعاصرة بكل فصائلها أن تستمد مقوماتها الأساسية من فكر الإسلام و مبادئه، فكيف يمكنها أن تضبط مواقع خطواتها في مسرح الحياة، و هي لم تعرف بعدُ قيمة وصية النبي صلَّي الله عليه و آله؟إن الجهل بأهميتها و ضرورتها في تلك المسيرة، نذير بالابتعاد الكلي عن الخط الرسالي الواضح الذي أراده النبي صلَّي الله عليه و آله لأمته في وصيته.و

أمّا منعها أو تجميدها تمهيداً اليإلغائها من الفكر الديني و التطبيق الواقعي بحجة فوات أوانها! فإنما هو دعوة إلي إلغاء دور الدين من الواقع الحياة، أو شلّ حركته و تعطيله من أن يأخذ مداه الرحب في حركة الواقع، وموقعه الكبير في صلب المسيرة الإسلامية المعاصرة. و علي العكس تكون المحافظة عليها باستمرار وجودها محافظة علي الدين فكراً و شريعة و عقيدة، و إحياءً للحق، و إعلاناً بالتزامه كمنهجٍٍ في الحياة؛ باعتبار كون الوصية المعبّر الواقعي عن قوة الرسالة فاعليتها في رسم معالم الطريق. الأمر الذي يتطلب اعادة النظر في تقييم تلك المسيرة و تشخيص أخطائها باكتشاف نوع العلاقة القائمة بين تأثيرات العهدين الجاهلي و الإسلامي الأول في عدم فسحهما المجال أمام وصية النبي صلَّي الله عليه و آله، لتأخذ دور ها كما ينبغي، و تقف الأمة علي منابع خيرها، و تعرف مطالع نورها في حاضرها و مستقبلها، و حينئذٍ ستُدرَك قيمة الأساليب التي استخدمها أهل البيت عليهم السلام و من سار بركبهم من الجيل الطلائعي الأول في كيفية المقاومة لألوان التحدّي التي جابهتها وصية النبي في ميدان الصراع السياسي بعد وفاة الرسول صلَّي الله عليه و آله.و كتاب «وصية النبي صلَّي الله عليه و آله» علي صغر حجمه استطاع أن يضع الوصية في مكانها الفسيح من الفكر الديني، مسلّطاً الضوء علي تاريخها، متتبعاً جذورها وحيثياتها في العهد النبوي الشريف، و ما جري مجراها علي لسان النبي صلَّي الله عليه و آله في تأكيد و حصر الأمر بعليّ عليه السلام دون سواه، مع العناية في وسائل إثبات اُفقها السياسي، و محاولات الالتفاف حولها أو التشكيك في مضمونها و جدواها، ونحو ذلك مما مرّ عليها و لها،

حتي جاء بالحقيقة الكاملة _ لمن أراد معرفتها _ من القرآن، والحديث، و السيرة، و التاريخ، و الأدب. آملين أن يؤدّي دوره المطلوب في وعي الأمة.و اللّه الهادي الي سواء السبيل. مركز الرسالة [ صفحه 9]

المقدمة

الحمد للّه ربّ العالمين، و سلامه علي عباده المصطفين محمد و آله الميامين.و بعد: أكّدت الشريعة علي الوصية باعتبارها حاجة ماسّة من حاجات الإنسان و المجتمع، و تنطوي علي أهمية خاصة، تتمثّل في سلامة تصرفات الوصي بعد وفاة الموصي بعيداً عن إثارة المشاكل و النزاعات التي قد تنشأ داخل محيط الأسرة أو القبيلة أو المجتمع نتيجة التسابق في الاستيلاء علي المواريث و الحقوق.و تسهم الوصية في نقل خبرات و تجارب السلف اليالخلف، و تساعد علي ديمومة العلاقات الشخصية و الأسرية و الاجتماعية.و لم تكن الوصية أمراً مستحدثاً من قبل المشرّع الإسلامي، إذ مارسها الإنسان علي وفق اُسلوبه الخاص في جميع العصور، سواء أكان قريباً من التشريع أو بعيداً عنه، مؤمناً بالدين أو غير مؤمنٍ به، و ذلك لارتباطها بالفطرة الإنسانية و سيرة العقلاء التي تنزع اليوصية الآباء للأبناء، و الماضين للتالين، و الكبار للصغار، و الراحلين للمقيمين...و قد جرت العادة أن الإنسان إذا شعر بدنو أجله أو أراد سفراً، فإنه يعهد لمن يخلفه في تولي شؤون من يخلفهم، و إذا أراد رئيس قبيلة أو جماعة السفر فإنه يستخلف من ينوبه حتي يعود.و في تاريخ النبوات منذ أبينا آدم عليه السلام إلي نبينا الخاتم صلَّي الله عليه و آله لم نجد أحداً من الأنبياء (صلوات اللّه عليهم) تخلف عن العهد لم يليه في الخلافة علي اُمته؛ ليكون حجةً للّه علي العباد، و وريثاً للنبوة، وحافظاً لرسالتها و هكذا فعل

النبي صلَّي الله عليه و آله في وصيته لعلي عليه السلام.و علي ضوء المهمة الخطيرة الملقاة علي عاتق الوصي في قيادة الأمة و ديمومة حركة الرسالة، لابدّ أن يكون نسخةً ناطقة من النبي في علمه و منزلته و كلّ ما يحمله [ صفحه 10] من مقومات تميّزة عن سائر أفراد الأمة، و تؤهّله لمثل هذا المنصب الخطير، فاختيار الوصي لابدّ أن يكون علي ضوء الاصطفاء الإهلي كما هو الحال في النبوة، و أن يقترن ذلك بالعناية النبوية و المؤهلات الذاتية كالعصمة و السابقة و الفضل و غيرها.و هكذا كان شأن نبينا المصطفي صلَّي الله عليه و آله في تعيينه لوصيه علي بن أبي طالب عليه السلام منذ تباشير الدعوة الإسلامية في يوم الدار و حديث الانذار، عند نزول قوله تعالي: (وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ أَلْأَقْرَبِينَ) [1] ثمّ لأجل تأصيل هذا المبدأ العقائدي في وجدان الأمة و حركتها، بادر إلي التصريح بالنص علي القائد الرسالي بعده في مناسبات عديدة، كان آخرها في مرض موته صلَّي الله عليه و آله حينما أراد أن يثبت ذلك بكتابٍ لا تضلّ الأمة بعده أبداً، فوقع النزاع و كثر اللغط و أخيراً مُنع الكتاب.و منذ ذلك الحين تنكر من تنكر لوصية النبي صلَّي الله عليه و آله، و لم يدّخر الحاكمون وسعاً في تجنيد كل القوي لأجل طمس مفهوم الوصية و كتمانه، حتي توارث ذلك أجيال من الناس تعرّض فيها ذلك المفهوم للتحريف و التغيير و الحذف و الإسقاط، و مع هذا فقد بقي الكثير الدال علي ان الوصية لعلي عليه السلام تشمل الخلافة و المرجعية الفكرية و السياسية علي حدٍّ سواء.و بالنظر لما يترتب علي هذا الموضوع من آثار عقائدية تتجاوز

اُطر الزمان و المكان فقد سلطنا الضوء عليه بحوث عدّة ضمن أربعة فصول: تناولنا في الفصل الأول معني الوصية و بيان أركانها و أقسامها و تشريعها في الفكر الديني إسلاماً كان أو غيره. و خصصنا الثاني للأحاديث و الآثار و المدونات النقلية بالوصية مع التأكيد علي خصيصة الاصطفاء في شخص الولي، و بيان شبيهه من الأوصياء السابقين عليهم السلام. و جاء الفصل الثالث بما اخترناه من أشعار الصحابة في الوصية، ّوبيّنا في الفصل الرابع موقف الأُمّة من الوصية متمثلة في فصائلها المختلفة، مع الاشارة إلي الأساليب المتبعة في إنكار الوصية و كتمانها و الشبهات المثارة حولها. [ صفحه 11]

معني الوصية و تشريعها

معني الوصية

الوصية في اللغة

للوصية في اللغة عدّة معانٍ نذكر منها:1_ مصدر وَصَي يصي، بمعني الوصل، و سمّيت وصية لاتصالها بأمر الميت، حيث إنّ الموصي يصل تصرّفه بعد الموت بتصرّفه حال الحياة.و منه يقال: وَصَي الرجلُ وصياً: وصله، و وَصَي الشيءُ يصي: إذا اتصل، و وَصَي الشيء بغيره وصياً: وصله، و تواصي النبت: إذا اتّصل، و تواصي القومُ: أوصي بعضهم بعضاً، و تواصوا به: أوصي أولهم آخرهم، قال تعالي: (وَ تَوَاصَوْا ِبِالْحَقِّ وَ تَوَاصَوْا ِبِالصَّبْرِ) [2] و منه أيضاً: فَلاة واصية: تتّصل بفَلاة اُخري، و أرض واصية: متّصلة النبات.2_ اسم مصدر بمعني العهد و ما أوصيت به، يقال: أوصي الرجل و وصّاه توصيةً: عَهِدَ إليه، و أوصيت له و أوصيت إليه: إذا جعلته وصيك، و الاسم [ صفحه 12] الوَصاة و الوَصاية و الوِصاية.و الوصيّ: الذي يُوصي، و الذي يُوصي له، و هو من الأضداد، قال ابن سيدة: الوصي: المُوصي و المُوصي، و الاُنثي وصيّ، و جمعها جميعاً أوصياء.قال ابن منظور: و قيل لعليّ عليه السلام وصيّ... ثم استشهد

بقول كُثَيِّر في محمد بن الحنفية لمّا حبسه عبد اللّه بن الزبير في خمسة عشر رجلاً من أهله في سجن عارم:تُخَبّر مَن لا قيتَ أنّك عائذٌ وصيّ النبيّ المصطفي و ابنُ عمّهِبل العائذُ المحبوسُ في سجن عارم و فكّاك أغلالٍ و قاضي مغارم [3] .قال المبرّد: أراد ابن وصيّ النبي صلّي الله عليه و آله، و العرب تقيم المضاف إليه في هذا الباب مقام المضاف [4] .و قال الزَّبيدي: و الوصي كغني، لقب علي رضي الله عنه [5] .و قال أبو رياش أحمد بن إبراهيم القيسي، المتوفّي سنة 339 ه_ في شرحه لهاشميات الكميت عند قوله:و وصيّ الوصيّ ذي الخطّة الف__ص______ل و مُردي الخصوم يوم الخصامِ ِقال أبو رياش: و وصيّ الوصيّ: يعني الحسن بن علي عليهما السلام، و الوصيّ: أمير [ صفحه 13] المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام [6] .و كان هذا اللقب يطلق علي أمير المؤمنين علي عليه السلام إطلاق الأسماء علي مسمياتها، و قد أكثر الشعراء من ذكره منذ صدر الإسلام و إلي اليوم.قال المبرّد عند قول الكميت بن زيد الأسدي: و الوصيّ الذي أمال التَّجُو بيّ [7] به عرشَ اُمَّةٍ لانهدامِقال: قوله الوصي، فهذا شيء كانوا يقولونه و يكثرون فيه، ثمّ استشهد علي ذلك بعدّة أبيات، منها أبيات كُثيّر المتقدمة، و قول عبيداللّه بن قيس الرُّقيّات في أبيات جاء فيها:و عليّ و جعفرٌ ذوالجناحي_ __نِ هُناكَ الوصيّ والشهداءُ و قول أبي الأسود الدؤلي:أُحبُّ محمداً حبّاً شديداً و عباساً و حمزةَ و الوصيّا [8] و توسّع الأستاذ محمد محمود الرافعي في شرح بيت الكميت المتقدم (و الوصي الذي أمال التجوبي..) حيث قال: و الوصي هنا: الذي يوصي له، و يقال

للذي يوصي أيضاً، و هو من الأضداد، و المراد به علي كرم اللّه وجهه، سمّي وصياً لأنّ رسول اللّه صلّي الله عليه و آله وصّي له، فمن ذلك ما روي عن أبي بريده، عن أبيه مرفوعاً أنه قال: «لكلّ نبي وصيّ، و إنّ علياً وصيي و وارثي».ثمّ أورد الأبيات التي استشهد بها المبرّد في هذا المقام. [ صفحه 14] و قال عند بيت الكميت الذي يقول فيه: و الوصيّ الوليّ و الفارسُ المُعلمُ تحت العُجاجِ غيرُ الكَهامالولي: يعني وليّ العهد بعد رسول الله صلّي الله عليه و آله، و المعلم: الذي علّم مكانه في الحرب بعلامةٍ أعلمها، و الكهام: الكليل من الرجال و السيوف، يقال: سيف كهام [9] .3_ ووردت الوصية في القرآن الكريم بمعني الفرض أيضاً، ومنه قوله تعالي: يُوصِكُمُ آللّهُ فِي أََوْلَادِكُم [10] معناه: يفرض عليكم؛ لأنّ الوصية من اللّه تعالي إنّما هي فرض، و الدليل علي ذلك قوله تعالي: (وَ لاَ تَقْتُلُوا آلنَّفْسَ آلَّتِي حَرَّمَ آللّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ) [11] و هذا من الفرض المحكم علينا [12] .

الوصية في الاصطلاح

للوصية في اصطلاح الفقهاء عدّة تعريفات ذات علاقة بالمعني اللغوي المتقدّم، نذكر منها:1_ تمليك عين أو منفعة أو تسليط علي تصرف بعد الموت [13] . [ صفحه 15] 2_ تنفيذ حكم شرعي من مكلّف أو في حكمه بعد وفاته [14] .3_ الأمر بالشيء و العهد به في الحياة و بعد الموت [15] .4_ الأمر بالتصرف بعد الموت [16] .و يري بعض الفقهاء أنّ الجامع بين التعريفات المتقدمة هو العهد و إن اختلف متعلّقه باختلاف الخصوصيات.قال السيد السبزواري قدّس سرّه: الوصية الشائعة بين الناس علي اختلاف مللهم و أديانهم، أوضح من أن يعرّفها

الفقهاء بهذا التعريفات، فإيكال بيان مفهومها إلي مرتكزاتهم أحسن و أولي لأنّهم يرون قوام الوصية بالعهد في جميع أنحائها و أقسامها، و إن اختلف متعلّق العهد إلي أُُمور و أقسام، ففي تمليك العين و المنفعة عهدٌ من الموصي بتمليكها، و كذا في الوصاية بالقيمومة و الولاية عهد بهما، واختلاف المتعلّق لا يوجب الاختلاف في حقيقة الوصية، فالجامع بين تمام الأقسام هو العهد، إلّا أنّ متعلّقه يختلف باختلاف الخصوصيات [17] .و بما أن الوصية تنصرف في كافة أقسامها إلي معني العهد، فوصية النبي صلّي الله عليه و آله إلي أمير المؤمنين عليه السلام لا تخرج عن هذا الإطار، و عليه سنسلط الضوء في هذا البحث لدراسة خصوصيات عهد النبي صلّي الله عليه و آله اليوصيّة و بيان متعلّق ذلك العهد، [ صفحه 16] و بكلمة اُخري ماذا أراد النبي صلي الله عليه و آله من تعيين الوصي، و ما هي المهام الملقاة علي الوصي بعد رحيل النبي صلّي الله عليه و آله، و هل هذا أمرٌ مستحدَث في الإسلام أم أن له جذوراً في الشرائع السماوية السابقة؟

اركان الوصية

للوصية أربعة أركان إذا توفّرت تحقّقت الوصية، و هي كما يلي:1_ الموصي: و هو متعلّق الوصية، و يعتبر فيه كمال العقل والحرية و البلوغ و الاختيار.2_ المُوصي به: و هو الذي يوصي، و يعتبر فيه الملك، و تصحّ الوصية بكلّ ما يكون فيه غرض عقلائي محلّل من عينٍ أو منفعةٍ أو حقّ قابل للنقل.و سنأتي علي بيان متعلّق وصية النبي صلّي الله عليه و آله إلي أمير المؤمنين عليه السلام خلال هذا البحث و نبين خصوصياته، و عندها سيتضح لنا هل هو الخلافة و الزعامة علي الأمّة كما تقتضيه

الأدلّة الصحيحة التي تُعني بتحديد ذلك المتعلّق عند الفريقين، أو هو شيء آخر كما يدّعي بعض من تعرّض لبيان مفهوم وصية النبي صلي الله عليه و آله إلي أمير المؤمنين عليه السلام.3_ المُوصي له: و يشترط وجوده حين إنشاء الوصية، و إلاّ فلاوصية لمعدوم.4_ الوصيّ: و هو الشخص المعهود إليه إجراء و تنفيذ وصايا الميت المختلفة و تنجيزها، وله حقّ التصرف فيما كان الموصي متصرّفاً فيه، من أخراج حقّ و استيفائه، أو ولاية علي طفل أو مجنون يملك الولاية عليه، إلي آخره. و يعتبر فيه البلوغ و الإسلام و العقل.«و من ثم يبدو واضحاً أن الوصي مما تختلف و لا يته سعةً وضيقاً بحسب اختلاف ولاية الموصي سعة وضيقاً، فأوصياء سائر الناس إنما تكون و لا يتهم [ صفحه 17] مقصورة علي الأموال من الدور و العقار و نحوهما، أو علي الأطفال و المجانين و من في حكمهم من السفهاء الذين كان للموصي ولاية عليهم.و أما أوصياء الأنبياء، فتكون وصايتهم عامة علي جميع الأمة ذكرها و أُنثاها، حرّها و عبدها، كبيرها و صغيرها، و علي جميع ما في أيديهم من الأموال منقولها و غير منقولها؛ ذلك لأن كل نبي إنما هو أولي بأُمته من أنفسهم، فيكون أولي بأموالهم بالأولوية القطعية، و إذا كان النبي أولي بهم و بأموالهم، كان الوصي كذلك.و من ثمّ فإن الأدلة علي أن الإمام علي بن أبي طالب أنما هو وصي رسول اللّه صلّي الله عليه و آله إنما هي من الأدلّة القوية و الحجج الجليّة علي أن لعليّ عليه السلام ما كان ثابتاً للنبي صلّي الله عليه و آله من الولاية العامة لي المؤمنين أنفسهم و أموالهم جميعاً، و هذا

هو معني الإمام أو الخليفة» [18] .

اقسام الوصية

ذكر الفقهاء أقساماً كثيرة للوصية نذكر منها:أولاً: تقسيمها بلحاظ متعلّقها إلي قسمين:1_ وصية تمليكية: و تشمل تمليك عين أو منفعة أو تسليط علي حقّ أو فكّ ملك.2_ وصية عهدية: و تشمل عهداً متعلّقاً بالغير، أو عهداً متعلّقاً بنفسه، كالوصية بما يتعلّق بتجهيزه.ثانياً: و تنقسم باعتبار الأحكام التكليفية إلي خمسة أنواع: [ صفحه 18] 1_ الوصية الواجبة. 2_ الوصية المندوبة. 3_ الوصية المحرمة. 4_ الوصية المكروهة. 5_ الوصية المباحة. [19]

تشريع الوصية

تشريعها قبل الإسلام

اشاره

لقد رافقت الوصية الشرائع الإلهية منذ أبينا آدم عليه السلام إلي سيدنا النبي المصطفي الخاتم صلّي الله عليه و آله، و أشارت آيات القرآن الكريم اليأن الأنبياء كانوا يشدّدون علي الوصية بإقامة شعائر الدين و تقوي اللّه و توحيده و طاعته، قال تعالي: (وَ وَصَّي بِها إِبْرَاهِيمُ بَنيهِ وَ يَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ آللّهَ آصْطَفَي لَكُمُ آلدِّينَ فَلاَتَمُو تُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُم مُسْلِمُونَ) [20] .و أكّدت مصادر الحديث و التاريخ و السيرة و كتب العهدين علي تواتر عهود الأنبياء و الأوصياء إلي مَن يخلفهم في هداية الناس إلي الحقّ و العمل الصالح و حسن العبادة، و يكون حجة علي العباد و إماماً لهم ووارثاً للعلم النبوي و أميناً علي رسالة ربّه التي اصطفاها لهم.و لم يشذّ عن هذه القاعدة أحدٌ من الأنبياء و الرسل، فقد جاء في الحديث عن رسول اللّه صلّي الله عليه و آله أنه قال: «لكلّ نبي وصيّ و وارث، و إن عليّاً وصيي و وارثي» [21] و ذلك لأن اللّه تعالي لا يمكن أن يخلي الأرض من قائمٍ له بحجّة علينااانن [ صفحه 19] الناس يعرف الحلال والحرام و يُهتدي به إلي سبيل اللّه، كما ورد في الصحيح من الأقوال:«أنّ الأرض

لا تخلو من قائمٍ للّه بحجّة» [22] .و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «اللّهم بلي، لا تخلو الأرض من قائمٍ للّه بحجة، إما ظاهراً مشهوراً، و إمّا خائفاً مغموراً، لئلا تبطل حجج اللّه و بيّناته» [23] .و عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «ما زالت الأرض إلّا و للّه فيها الحجة، يعرف الحلال و الحرام، و يدعو الناس إلي سبيل اللّه» [24] .و يظهر من مجموع ما ذكرته كتب الحديث و التاريخ و العهدين من تاريخ أوصياء الأنبياء عليهم السلام ان كل واحد منهم قد استخلفه نبي زمانه وعهد إليه بأمر شريعته و رعاية اُمته من بعده، بحيث تتسع مسؤوليته في خلافة النبوة و الزعامة علي جميع من تشمله دعوة تلك النبوة و تدبير شؤونهم وهدايتهم إلي سواء السبيل.

وصايا الأنبياء في أسفار العهدين

لم تكن أخبار الوصية مقصورة علي مصادر التراث الإسلامي و حسب، بل حظيت بسهمٍ وافرٍ من الأخبار في أسفار التوراة و الإنجيل المتدواولين في عصر نا الحاضر، و فيما يلي إشارة إلي بعضٍ منها: [ صفحه 20] 1_ جاء ذكر الأوصياء في الاصحاح الخامس من سفر التكوين [25] مرتّبين من شيث إلي نوح عليهم السلام و بأسماء مقاربة لما ورد في مصادر التاريخ التي سنذكر لاحقاً بإذن اللّه.2_ و جاء في آخر الاصحاح (27) من سفر العدد خبر تعيين يسوع (يوشع ابن نون) وصياً لموسي عليه السلام و فقاً لأمراللّه تعالي [26] .3_ وجاء في الاصحاح الأول من سفر الملوك الأول ذكر وصية نبي الله داود عليه السلام إلي ولده سليمان عليه السلام بأن يكون رئيساً علي بني إسرائيل و يهوذا [27] .و ذكر في الاصحاح الثاني من السفر المذكور وصية داود إلي ولده

سليمان عليه السلام بأن يعمل بشريعة موسي بن عمران [28] .4_ جاء في الاصحاح العاشر من إنجيل متّي ذكر وصية عيسي عليه السلام إلي الحواريين، و كان أو لهم شمعون (سمعان) بطرس [29] ، و تكرّر ذلك أيضاً في آخر اصحاح من إنجيل يوحنا [30] .

وصايا الأنبياء في كتب الحديث و التاريخ
اشاره

نقل كثير من المحدثين والمؤرخين مزيداً من وصايا الأنبياء إلي من يخلفهم في استكمال مسيرة النبوة لإقامة شعائر الدين و تدبير شؤون الخلق و هدايتهم [ صفحه 21] إلي سواء السبيل، كما أكدت بعض الأحاديث و الأخبار علي تواتر الوصية و اتصالها منذ عهد آدم عليه السلام إلي نبينا الخاتم صلّي اللّه عليه و آله و ذكروا بعض التفاصيل المتعلّقة بأسماء الأوصياء و الأحداث التي واكبت حياتهم.

وصايا الأنبياء في كتب الحديث

نقل المحدّثون روايات مستفيضة عن عدد الأوصياء و استقصاء أخبارهم و محتوي وصاياهم، نشير إلي مضمون بعضها مختصراً محيلين إلي المصادر.1_ عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في حديث طويل يذكر فيه الأوصياء منذ هبة اللّه وصي آدم عليه السلام إلي الإمام القائم عليه السلام [31] .2_ و في حديث عن سلمان رضي الله عنه عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يذكر فيه الأوصياء منذ آدم عليه السلام إلي الإمام القائم عليه السلام [32] .3_ و عن أم هاني بنت أبي طالب عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه جعل لكلّ نبي وصياً؛ شيث وصي آدم، و شمعون وصي عيسي، و علي وصيي، و هو خير الأوصياء في الدنيا و الآخرة...» [33] .4_ وفي حديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ذكر فيه اتصال الوصية منذ هبة اللّه [ صفحه 22] وصيّ آدم عليه السلام الي سام بن نوح عليه السلام [34] .5_ و في حديث آخر عنه عليه السلام جاء فيه: «فلمّا انقضت نبوة آدم عليه السلام واستكمل أيامه، أوصي اللّه تعالي إليه، أن يا آدم قد قضيت نبوتك، واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك

و الايمان و الاسم الأعظم و ميراث العلم و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك، عند هبة اللّه ابنك، فإني لم أقطع العلم و الايمان و الاسم الأعظم و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك إلي يوم القيامة، ولن أدع الأرض إلّا و فيها عالم يُعرَف به ديني، و تُعرَف به طاعتي، و يكون نجاةً لمن يولد بينك و بين نوح...» [35] .6_ و في حديث آخر عنه عليه السلام ذكر فيه وصية موسي عليه السلام إلي فتاه يوشع بن نون [36] .و هناك أحاديث اُخري وردت في مصادر الحديث تتضمّن ذكر الأوصياء، فقد أفرد ابن بابويه القمي (ت / 329 ه_) في كتابه (الإمامة و التبصرة) باباً تحت عنوان (الوصية من لدن آدم) ذكر فيه الأوصياء من لدن آدم عليه السلام إلي أمير المؤمنين عليه السلام [37] .و ذكر الطبري صاحب (المسترشد) المعاصر للطبري صاحب التاريخ جملة [ صفحه 23] احتجاجات في موضوع الوصية ضمّها عدة أحاديث، وجاء فيه ذكر الأوصياء من آدم عليه السلام إلي شمعون وصي عيسي عليه السلام [38] .و عقد الشيخ الصدوق باباً في (الفقيه) تحت عنوان (الوصية من لدن آدم عليه السلام) ذكر فيه عدة أحاديث في هذا المجال، و جعل في (إكمال الدين) باباً تحت عنوان (اتصال الوصية من لدن آدم عليه السلام و أن الأرض لا تخلو من حجة للّه عزّوجلّ علي خلقه إلي يوم القيامة).و ذكر العلّامة المجلسي عدة أحاديث و أخبار في هذا الخصوص في الباب الثاني من كتاب الإمامة من (بحار الأنوار) و عنوانه (باب في اتصال الوصية و ذكر الأوصياء من لدن آدم عليه السلام إلي آخر الدهر) [39] .

وصايا الأنبياء في كتب التاريخ و السيرة و التفسير

فيما

يلي نذكر بعض المؤرخين و المفسرين ممن تناول أخبار الأوصياء مرتّبين حسب التسلسل التاريخي:1_ ابن سعد (ت / 230 ه_) ذكر اتصال الوصية من آدم إلي نوح عليه السلام في رواية عن ابن عباس، جاء فيها أولاً ذكر شيث ابن آدم (و هو هبة اللّه) قال: و هو بالعربية شث، و بالسريانية (شاث)، و بالعبرانية (شيث) و إليه أوصي آدم صلوات اللّه عليه [40] ... و ولد شيثُ بن آدم أنوشَ و نفراً كثيراً، و إليه أوصي شيث، فولد أنوشُ قينانَ و نفراً كثيراً و إليه الوصية، فولد قينانُ مهاليلَ و نفراً [ صفحه 24] معه و إليه الوصية، فولد مهلاليلُ يرذَ _ و هو اليارذ _ و نفراً معه و إليه الوصية... فولد اليارذُ خنوخَ و هو إدريس النبي عليه السلام و نفراً معه، و هو أول نبي بُعث في الأرض بعد آدم عليه السلام... فولد خنوخُ متو شلخَ و نفراً معه و إليه الوصية، فولد متوشلخُ لُمكَ و نفراً معه و إليه الوصية، فولد لمكُ نوحاً صلّي اللّه عليه و سلّم [41] .2_ اليعقوبي، (ت/ 292ه_)، ذكر أسماء الأوصياء منذ عهد آدم عليه السلام إلي الحواريين أوصياء عيسي عليه السلام، و ترجم لهم بالتفصيل و شرح الأحداث التي وقعت في أيامهم [42] .3_ الطبري، العامي (ت /310 ه_)، ذكر تعاقب الأوصياء منذ آدم إلي نوح عليهما السلام [43] .و روي بالاسناد عن محمّد بن أسحاق، قال: لما حضرت آدم عليه السلام الوفاة دعا ابنه شيثاً فعهد إليه عهده، و علّمه ساعات الليل و النهار، و أعلمه عبادة الخلق في كل ساعة منهنّ... و كتب وصيته، فكان شيث وصيّ أبيه آدم عليه السلام، و

صارت الرياسة من بعد وفاة آدم لشيث، فأنزل اللّه عليه فيما روي عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله خمسين صحيفة [44] .و جاء فيه أيضاً رواية عن ابن إسحاق ذكر فيها وصية عيسي عليه السلام إلي [ صفحه 25] الحواريين، و بثّه إياهم في الأرض دعاةً إلي اللّه تعالي. [45] 4_ المسعودي (ت / 346 ه_)، ذكر أسماء الأوصياء من شيث (هبة اللّه) وصي آدم عليه السلام إلي سام وصي نوح عليه السلام [46] .و أفراد كتاباً في هذا الموضوع بعنوان (إثبات الوصية) أثبت فيه إتصال الوصية منذ آدم عليه السلام إلي النبي المصطفي الخاتم صلّي اللّه عليه و آله ثمّ إلي الأوصياء من بعده وصولاً إلي الإمام المنتظر القائم (صلوات اللّه عليه) و استخلص ذلك من عدة روايات و أخبار من الحديث و التاريخ. [47] 5_ الثعلبي (ت / 427 ه_) أورد عن سالم بن أبي الجعد، قال: لما مضي من عمر آدم عليه السلام مائة و ثلاثون سنة، وذلك بعد ما قتل قابيل هابيل بخمس سنين ولد له شيث، وتفسيره هبة اللّه، يعني أنه خَلَف اللّه من هابيل، و علّمه اللّه ساعات الليل والنهار و عبادة الخلق في كل ساعة منها، و أنزل اللّه عليه خمسين صحيفة، و كان وصيّ آدم و ولي عهده [48] .و قال: ذكر أهل التاريخ و أصحاب الأخبار أن آدم عليه السلام مرض قبل موته أحد عشر يوماً، وأوصي إلي ابنه شيث، و كتب وصيته و دفعها إلي شيث، و أمره أن يخفي ذلك عن ولد قابيل [49] .و ذكر وصية عيسي عليه السلام إلي الحواريين، و قال: كانوا أصفياء عيسي بن [ صفحه 26] مريم

عليه السلام و أولياءه و أرضياءه و أنصاره و وزراءه، و كانوا اثني عشر رجلاً. [50] 6_ ابن عبدالبرّ المالكي (ت / 463 ه_)، ذكر وصية آدم عليه السلام إلي ابنه شيث (هبة اللّه) [51] .7_ المقدسي (ت/ 507 ه_، ذكر وصي آدم عليه السلام و قال: كان شيث وصي آدم و ولي عهده و خليفته من بعده [52] .و قال عن يوشع بن نون: كان خليفة موسي و ولي عهده، و لما مات يوشع ابن نون استخلف كالب بن يوفنا [53] .8_ البغويّ (ت / 516 ه_)، ذكر في تفسيره الآية (31) من سورة المائدة وصية آدم عليه السلام إلي ابنه شيث، قال: فلمّا مضي من عمر آدم عليه السلام مائة و ثلاثون سنة _ و ذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين _ ولدت له حواء شيثاً، واسمه عبداللّه، يعني أنه من خَلف هابيل، و علّمه اللّه سبحانه و تعالي ساعات الليل و النهار، و علّمه عبادة الخلق في كلّ ساعته منها، و أنزل عليه خمسين صحيفة، فصار وصيّ آدم و وليّ عهده [54] .9_ الشهرستاني (ت/ 548 ه_)، ذكر قول اليهود في وصية موسي عليه السلام وقال: قالوا: كان موسي عليه السلام قد أفضي بأسرار التوراة و الألواح إلي يوشع بن نون وصيه و فتاه والقائم بالأمر من بعده، ليفضي بها إلي أولاد هارون؛ لأن الأمر [ صفحه 27] كان مشتركاً بينه و بين أخيه هارون عليه السلام، إذ قال تعالي حكاية عن موسي عليه السلام في دعائه حين أُوحي إليه أولاً: (وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [55] و كان هو الوصي، فلما مات هارون في حال حياة موسي انتقلت الوصية إلي يوشع بن

نون وديعةً ليوصلها إلي شبير و شبر ابني هارون قراراً، و ذلك أن الوصية و الإمامة بعضها مستقرّ و بعضها مستودع. [56] 10_ ابن الجوزي (ت/ 597 ه_)، ذكر أسماء الأوصياء منذ عهد آدم عليه السلام إلي متوشلخ وصيّ إدريس عليه السلام [57] و أخرج رواية محمّد بن أسحاق التي قدمناها عن الطبري، و فيها وصية آدم عليه السلام إلي ولده شيث (هبة اللّه) [58] .و نقل عن علماء السير أن موسي عليه السلام توفي بعد هارون بثلاث سنين، و أوصي إلي يوشع عليه السلام [59] .و عن الزهري أنه قال: لما حضرت يوشع الوفاة استخلف كالب بن يوفنّا، و عن القرظي، قال: فوليهم كالب زماناً يقيم فيهم من طاعة اللّه ما كان يقيم يوشع حتي قبضه اللّه عزّوجلّ علي منهاج يوشع [60] .و نقل في تفسير الآية (14) من سورة يس قوله تعالي: (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) عن مقاتل أنه قال: و اسم هذا الثالث شمعون، وكان من الحواريين، و هو وصي [ صفحه 28] عيسي عليه السلام [61] .11_ الرازي (ت / 606 ه_)، أشار في تفسير الآيتين (25 و 26) من سورة المائدة إلي كون يوشع بن نون وصي موسي عليه السلام و قال: قال قوم: إنّ هارون مات في التيه، ثم مات موسي بعده بسنة، و بقي يوشع بن نون، و كان ابن اخت موسي و وصيه بعد موته، و هو الذي فتح الأرض المقدسة. [62] 12_ ابن الأثير الجزري (ت / 630 ه_)، ذكر تفاصيل وصية آدم عليه السلام إلي ولده شيث، و ذكر الأوصياء من عهد آدم اليإدريس عليه السلام، و توسّع في تفاصيل الأحداث التي كانت في عهدهم، ثمّ ذكر

الأوصياء من بعد إدريس إلي نوح عليهما السلام و بين وصية نوح إلي ولده سام [63] و وصية عيسي إلي الحواريين و انه بثهم في الأرض رسلاً من اللّه و أمرهم أن يبلغوا عنه ما أمره اللّه به، فتفرقوا حيث أمرهم [64] .13_ ابن كثير (ت / 774 ه_)، ذكر وفاة آدم عليه السلام و وصيته إلي ابنه شيث وقال: و معني شيث هبة اللّه، وسمّاه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل هابيل.و عن محمّد بن إسحاق قال: لما حضرت آدم الوفاة عهد إلي ابنه شيث، و علّمه ساعات الليل و النهار، وعلّمه عبادات تلك الساعات، و أعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك. [ صفحه 29] قال: و لما توفي آدم عليه السلام و كان ذلك يوم الجمعة، جاءته الملائكة بحنوط و كفن من عند اللّه عزّوجلّ و من الجنة، و عزّوا ابنه و وصيه شيثاً عليه السلام [65] .ثمّ قال: فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام... فلما حانت وفاته أوصي إلي ابنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثمّ بعده ولده قينن [66] ، ثمّ من بعده ابنه مهلاييل... فلمّا مات قام بالأمر بعده ولده يرد، فلما حضرته الوفاة أوصي إلي ولده خنوخ و هو إدريس علي المشهور [67] .14_ السيوطي (ت/ 911 ه_) قال: ذكر أئمة التاريخ أن آدم عليه الصلاة و السلام أوصي لابنه شيث، و كان فيه و في بنيه النبوة و الدين، و اُنزل عليه تسع و عشرون صحيفة، و أنه جاء إلي أرض مصر، و كانت تُدعي بايلون فنزلها هو و أولاد أخيه، فسكن شيث فوق الجبل، و سكن أولاد قابيل أسفل الوادي، و استخلف

شيث ابنه أنوش، و استخلف أنوش ابنه قونان، واستخلف قونان ابنه مهلائيل، واستخلف مهلائيل ابنه يرد، و دفع الوصية إليه، و علّمه جميع العلوم، و أخبره بما يحدث في العالم... إلي أن قال: و ولد ليرد أخنوخ، و هو إدريس عليه الصلاة و السلام... و دفع إليه أبوه وصية جده والعلوم التي عنده... [68] . [ صفحه 30]

تشريع الوصية في الإسلام
القرآن الكريم

جاء ذكر الوصية في العديد من آيات القرآن الكريم، منها قوله تعالي: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ آلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً آلْوَصِيَّةُ) [69] .و قوله: (وَ آلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ) [70] .و قوله: (فَلأُمِّهِ آلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِيِ بِهَا) [71] و قوله: (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ آلْمَوْتُ حِينَ آلْوَصِيَّةِ آثْنَانِ) [72] و غيرها.و المشهور بين العلماء أنّ الآية الاُولي تدلّ علي وجوب الوصية، و أنّ لسان الآية لسان الوجوب، ثم قالوا: انها منسوخة بآية المواريث، وهي قوله تعالي:(يُوصِيكُمُ آللّهُ فِي أَوْلَادِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ آلْأُنْثَيَيْنِ) [73] فانّ الأخيرة نزلت بعد الأولي، و بالسُّنّة فقد ورد في الحديث:«لا وصية لوارث» [74] .و ذكر بعضهم أنها لو كانت منسوخة فالمنسوخ إنّما هو الفرض دون الندب [ صفحه 31] و أصل المحبوبية [75] و ذكر بعض آخر أن الوجوب المذكور في الآية الشريفة كان في بدء الأمر و أوائل تغيير الشريعة لمواريث الجاهلية، فالحكمة اقتضت أن يكون التغيير تدريجياً بنحو الوصية أولاً ثم بأحكام المواريث.قال السيد السبزواري رحمه الله: و الحق أن الوصية غير منسوخة بشيء، لا بآية المواريث و لا بالسنة الشريفة، و آية الوصية تدلّ علي محبوبيتها، و الكتابة يُراد بها هنا مطلق الثبوت الأعمّ من الوجوب و الندب، فقد تكون

الوصية واجبة كما في الوصية بالحقوق الواجبة، وقد تكون مندوبة كما في الوصية بالتبرعات، و في الأخيرة يشترط أن لا تكون أكثر من ثلث المال، و في الاُولي لا يشترط فيها ذلك، بل لابدّ و أن تخرج من جميع المال، و لا ربط لآية الإرث بآية الوصية، و هما موضوعان مختلفان، فأين يتحقّق النسخ؟ مع أن الإرث متأخّر عن الدين والوصية.و أمّا الاستدلال بالسنّة علي نسخ آية الوصية، ففيه أولاً: عدم ثبوته كما ذكر جمع من علماء الفريقين، و ثانياً: أن حديث «لا وصية لوارث» يمكن حمله علي أنه لا وصية لوارث إذا كان أكثر من الثلث... [76] أما فيما يتعلّق بخصوص الوصية بالخلافة فانّ الآيات المتقدمة و غيرها التي تحثّ علي الوصية و تأمر بها و تحذّر من إهمالها في اُمور الدنيا و حطامها الزائل، تدلّ علي أن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا يمكن أن يترك اُمته بلا وصي يبيّن لهم أحكام الدين و يقتفي أثر سيد المرسلين، و هو السبّاق إلي التعبّد بأوامر الوحي و نواهيه و جميع ما فيه، فكيف يترك الوصية و قد اُوحي بها إليه وجعلها اللّه حقّاً علي المتقين؟ [ صفحه 32] ثمّ أنه نزل في القرآن الكريم ما يجري مجري الوصية بالخلافة الإسلامية في آية البلاغ؛ قوله تعالي: (يَا أَيُّهَا آلرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُُنزِِلَ إِلَيْكَ مِن رَبَّكَ وَ إِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) [77] ،فكان تبليغ هذا الأمر بحجم تبليغ الرسالة، فأيّ أمر خطير هذا الذي أشارت إليه الآية؟روي الواحدي من طريق الأعمش باسناده اليأبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا آلرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِليْكَ مِن رَبِّكَ)

يوم غدير خمّ في علي بن أبي طالب رضي عنه اللّه. [78] واستقصي الحاكم الحسكاني طرق حدث أبي سعيد الخدري بأسانيد متصلة، ثمّ قال: و طرق هذا الحديث مستقصاة في كتاب (دعاء الهداة إلي أداء حق الموالاة) من تصنيفي في عشرة أجزاء. [79] و عن ابن مسعود، قال: كنّا نقرأ علي عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: (يا أيُّها الرَّسولُ بلِّغ ما أُُنزِل إليك من ربِّك أن عليّاً مولي المؤمنين و إن لم تفعل فما بلَّغتَ رسالته) [80] .إذن فإن تنصيب علي عليه السلام للخلافة في جانب و تبليغ الرسالة في جانب آخر متوازنان، فإذا لم ينصب علياً عليه السلام فلم يبلغ الرسالة، باعتبار أنه ترك الكيان [ صفحه 33] الإسلامي في مهبّ الريح، و لم يخلّف أحداً ليرعاه أو يقويه من بعده.

السنة المطهرة

وردت أحاديث نبوية مستفيضة تدلّ علي أن الوصية فريضة محكمة و سنّة ثابتة، و تؤكد أن علي كلّ مسلم أن يوصي قبل معاينة الموت، نذكر منها:1_ قوله صلّي اللّه عليه و آله: «الوصية حقّ علي كلّ مسلم» [81] 2_ قوله صلّي اللّه عليه و آله: «المحروم من حُرِم الوصية» [82] . 3_ و قوله صلّي اللّه عليه و آله: «ما حقّ امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلّا و وصيته مكتوبة عنده» [83] . و حاشا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أن يأمر بالشيء و يؤكّده ثمّ يتركه و لا يأتمر به، بل هو السبّاق إلي الطاعات و مرشد الاُمّة و دليلها إلي كلّ برّ و خير.قال الشوكاني: و كيف يظنّ برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أن يترك الحالة الفضلي _ أعني

تقديم التنجيز قبل هجوم الموت، و بلوغها الحلقوم _ و قد أرشد إلي ذلك و كرّر و حذّر، و هو أجدر الناس بالأخذ بما ندب إليه [84] .أما من حيث وصيته بخصوص الخلافة فانه صلّي اللّه عليه و آله عيّن وصيه منذ تباشير [ صفحه 34] الدعوة الإسلامية حين نزلت (و أنذِرْ عشيرَتَكَ الأقرَبِينَ) [85] فكان علي ابن أبي طالب عليه السلام دون غيره من أفراد الأمة، و لم يزل بعد ذلك يكرّر وصيته و يؤكّدها بعهود لفطية كثيرة سنذكرها في الفصل الثاني من هذا البحث.و أراد صلي اللّه عليه و آله و هو في المحتضر أن يكتب وصيته إلي علي عليه السلام تأكيداً لعهوده اللفظية السابقة، و توثيقاً لنصوصه القولية عليه، فقال صلّي اللّه عليه و آله: «ائتوني بداوة و فرطاس أكتب لكم كتاباً، لن تضلوا بعدي أبداً» فتنازعوا و لا ينبغي عند نبيّ تنازع فقالوا: ما شأنه أهجر، أو إن رسول اللّه غلبه الوجع، و عندها علم صلّي اللّه عليه و آله أنه لم يبقَ بعد قولهم هذا أثر لذلك الكتاب غير الفتنة و الاختلاف، فقال لهم: «قوموا عنّي» أو «دعوني فالذي أنا فيه خير» [86] و اكتفي بعهوده اللفظية و بلاغاته السابقة بلفظ الوصية تارة، و الولاية اُخري، والخلافة أو الإمامة ثالثة، و بالنصّ الصريح علي الوصية لأمير المؤمنين عليه السلام.قال الشاعر: أوصي النبي فقال قائلهم و رأي أبا بكر أصاب و لم قد ظلّ يهجر سيدُ البشرِ يهجر و قد أوصي اليعمرِ.

العقل

من الضرورات العقلية أن يحرص كلّ رسول علي الرسالة التي بُعث بها، [ صفحه 35] فيقيم عليها وصياً و قيماً بوحي من اللّه سبحانه حتي لا تضيع الرسالة بموته،

و إلّا يلزم نقض الغرض من رسالته والجهود التي بذلها في دعوة الناس إليها، و نقض الغرض من أي ذي عقل قبيح فكيف من سيّد العقلاء و الحكماء؟إن العقل يحيل علي نبينا الخاتم صلّي اللّه عليه و آله أن يترك أمر دينه و اُمّته هملاً دون أن يبيّن قوله الفصل في تعيين الوصي الذي يعهد إليه بالخلافة؛ ذلك لأنّ الدين لم يزل في تباشير دعوته غضاً طرياً، فلو ألقي الحبل علي الغارب لترتّب علي ذلك ما لا يحمد عقباه بسبب ميول الأهواء، و اختلاف الآراء المؤدية اليالوقوع في الفتنة و التنازع والفساد.يقول السيد عبد اللّه شبّر: إن العقل السليم يحيل علي اللّه و رسوله الكريم صلّي اللّه عليه و آله مع كونه المبعوث إلي كافة الأنام، وشريعته باقية إلي يوم القيامة أن يهمل اُمّته، مع نهاية رأفته و غاية شفقته بهم و عليهم، و يترك فيهم كتاباً في غاية الأجمال و نهاية الاشكال، له وجوه عديدة و محامل كثيرة، يحمله كلّ منهم علي هواه و رأيه و أحاديث كثيرة عن صاحب الرسالة صلّي اللّه عليه و آله فيها الصحيح والمكذوب، و الضعيف و الموضوع، ثم لا يعين لهذا الأمر الخطير رئيساً يرجعون إليه في هذه المشكلات، ويركنون إليه في سائر الأمور.و إن العقل ليحكم باستحالة ذلك في شرع اللّه تعالي و حكمته، و لقد قرّب اللّه سبحانه ذلك من أفهام الناس، فأوجب الوصية علي كلّ مسلم إذا حضره الموت، لكي لا يدع أهله في اختلاف و تخاصم في إرثه و متروكاته، فكان لابدّ من وصية تضمن فضّ هذا النزاع إن أمكن حصوله.فكيف تصور الحال إذن مع اُمّة كاملة، و نبيها آخر الأنبياء؟و هل يستسيغ العقل

أن يتركها اللّه تعالي و رسوله بلا إمام موصي إليه، [ صفحه 36] و حافظ و قيّم و وليّ من بعده صلي اللّه عليه و آله؟ مع أنّ رأفة اللّه سبحانه بعباده، و رأفة النبي باُمّته لا تقاسان برأفة الفرد اليأهله و أطفاله. [87] و أيضاً: فم العقل يحكم بضرورة الوصيّة من النبي بالأولوية القطعية، و ذلك لأنه (إذا كانت الوصية ثابتة في حطام زائل، فما بالها تُنفي في خلافة راشدة و شريعة خالدة متكفّلة بصلاح النفوس و النواميس و الأموال و الأحكام والأخلاق و الصالح العام و السلام و الوئام، و من المسلم قصور الفهم البشري العادي عن غايات تلكم الشؤون، فلا منتدح و الحالة هذه أن يعين الرسول الأمين عن ربّه خليفته من بعده ليقتصّ أثره في اُمّته) [88] .و أيضاً: فمن المستحيل أن يكون النبي نفسه سبباً لضلال الأمّة و وقوع الفتنة بينها، ولا شكّ أن السكوت عن الوصية يسبّب ذلك؛ لأنّ ترك الناس باهمال الوصية في مستقبل قيادتهم هو دليل علي التفريط و مثار للفتنة و التنازع، و هذا حكم عقلي مسلّم ورد علي لسان بعض الصحابة، ولا يمكن نسبة التفريط لكل رجل محترم فكيف ينسب إذن إلي أشرف الأنبياء و المرسلين صلّي اللّه عليه و آله؟!روي أن عائشة قالت لبعد اللّه بن عمر حينما أخبرها بأن أباه في المحتضر:يا بني أبلغ عمر سلامي، و قل له: لا تدع اُمة محمّد بلا راعٍ، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً، فاني أخشي عليهم الفتنة. [89] و قال عبداللّه بن عمر لأبيه: لو استخلفت؟ قال: من قال؟ تجتهد فانك لست لهم بربّ، أرأيت لو أنك بعثت إلي قيم أرضك، ألم تكن تحبّ أن

يستخلف [ صفحه 37] مكانه حتي يرجع إلي الأرض؟ قال: بلي، قال: أرأيت لو بعثت إلي راعي غنمك، ألم تكن تحبّ أن يستخلف رجلاً حتي يرجع؟ قال: بلي [90] .و ليت شعري كيف صارت عائشة و عبداللّه بن عمر أعلم بمآل الأمور و نتائج عدم الاستخلاف من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله؟ و هل هما أحرص علي مصلحة الاُمّة و ضمان مستقبلها من نبي الرحمة؟! كلا وحاشا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من هذه الأوهام، فانه صلّي اللّه عليه و آله قد نصّ علي خليفته من بعده و بلّغ اُمّته بأنه علي بن أبي طالب عليه السلام، وفي ذات الوقت عهد إليه أن الأمّة ستغدر به بعده [91] ، و قال له: «أما إنك ستلقي بعدي جهداً» فقال علي عليه السلام: «في سلامة من ديني؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «في سلامة من دينك» [92] و أخذ بيده و قد بكي فقال علي عليه السلام: «ما يبكيك يا رسول اللّه؟» قال عليه السلام: «ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلّا من بعدي» [93] .و لقد تحقق ما أخبر به النبي الصادق الأمين صلّي اللّه عليه و آله، و دُفِع الوصيّ عن حقّه، و قد صرح عليه السلام بذلك مراراً، سيما في خطبته الشقشقية [94] المعروفة، و في غيرها أيضاً حيث قال: «فو اللّه ما زلت مدفوعاً عن حقّي، مستأثراً عليَّ، منذ قبض اللّه نبيه صلّي اللّه عليه و آله حتي يوم الناس هذا» [95] .و قال عليه السلام: «أما الاستبداد علينا بهذا المقام و نحن الأعلون نسباً، [ صفحه 38] و الأشدون برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله نوطاً،

فانها كانت أَثرَة، شحّت عليها نفوس قوم، و سخت عنها نفوس آخرين، و الحكم للّه و المَعْوَد إليه القيامة» [96] .و من الاُمور المستفادة من سيرة النبي صلّي اللّه عليه و آله و غيرها في أثبات الوصية، و التي لو تأمّلها المسلم فإنه سيُسلّم بمسألة الوصية دون الرجوع إلي مزيد من الأدلة و البراهين، ما يأتي:أولاً_ لقد اُمِر النبي صلّي اللّه عليه و آله أن يقتدي بالأنبياء الذين قبله، في قوله تعالي: (أُولئِكَ آلَّذِينَ هَدَي آللّهُ فَبِهُدَاهُمُ آقْتَدِهْ) [97] و قال تعالي: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِنَ آلرُّسُلِ) [98] و رأينا أن الأنبياء السابقين قد عهدوا إلي من يخلفهم في تبليغ الشريعة و رعاية الأمة من بعدهم، ولم يكن خلفاؤهم إلّا أوصياءهم، فكيف يخالف نبينا صلّي اللّه عليه و آله ذلك أو يقصّر في الامتثال، و هو أشرف الأنبياء و خاتمهم، و قد اجتمعت فيه خصال الكمال و صفات الشرف التي تفرّقت فيهم، و دينه أجمع الأديان، و رسالته أشمل الرسالات و أكملها، فكيف يتركها غضّة طرية تتجاذبها الأهواء و النزاعات؟!ثانياً_ (قد جرت عادة الرسول صلّي اللّه عليه و آله أنه متي سافر عن المدينة أو غاب عنها، عيّن خليفته عليها، فكيف يترك الاستخلاف في غيبة الوفاة؟ مع علمه أنّه خاتم الأنبياء و الرسل، و أن التكليف لم يرتفع عن العباد بموته، بل هو باقٍ إلي يوم القيامة) [99] . [ صفحه 39] و كان من جملة الذين استخلفهم رسول اللّه علي المدينة خلال المغازي ابن اُمّ مكتوم، و أبو لبابة رفاعة بن عبدالمنذر [100] و سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، و زيد بن حارثة، و أبو سلمة المخزومي، و عبداللّه بن رواحة، و

أبو رهم الغفاري و غيرهم [101] .و استخلف علياً عليه السلام في تبوك، و كانت آخر غزواته.روي البخاري و مسلم عن سعد بن أبي وقاص، قال: خلف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: «يا رسول اللّه، تخلّفني في النساء و الصبيان؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «أما ترضي أنت تكون مني بمنزلة هارون من موسي غير أنه لا نبي بعدي» [102] .إذن لقد كان دأب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أنه لم يترك المدينة دون أن يستخلف عليها حتي و لو كانت الغزوة عند أطرافها كالخندق أو علي بُعد ميلٍ عنها كاُحد، فكيف يمكن أن نتصور أنه يترك أمته أبد الدهر دون أن يستخلف عليها؟!هذا، و للشهيد الصدر رضي اللّه عنه ثلاث تصورّات حول مستقبل الرسالة بعد الرسول صلّي اللّه عليه و آله، و قد ناقشها نقاشاً عقلياً مستنيراً بالواقع التاريخي، و طبيعة الأحداث التي اكتنفت البعثة في صدرها الأول، و معطيات الواقع الفكري لرجالها، و يمكن تلخيص تلك التصورات بما يلي: [ صفحه 40] 1_ أن يقف الرسول صلّي اللّه عليه و آله من مستقبل الرسالة موقفاً سلبياً، و يكتفي بممارسة دوره في قيادة الأمّة و الرسالة و توجيهها فترة حياته، و يتركها في مستقبلها للظروف والصدف، وهذه السلبية لا يمكن افتراضها في النبي صلّي اللّه عليه و آله لأنها انما تنشأ من أحد أمرين لا ينطبقان عليه.الأول: الاعتقاد بأن هذه السلبية و الاهمال لا يؤثران علي مستقبل الرسالة، و أنّ الأمة التي سوف تخلف الدعوة قادرة علي التصرف بالشكل الذي يحيي الدعوة و يضمن عدم الانحراف، و هذا الاعتقاد لا مبرر

له من الواقع اطلاقاً، بل إن طبيعة الأشياء كانت تدلّ علي خلافه.الثاني: انه بالرغم من شعوره بخطر هذه السلبية لا يحاول تحصين الدعوة ضد ذلك الخطر، لأنه ينظر إليها نظرة مصلحية، فلا يهمه إلّا أن يحافظ عليها ما دام حياً ليستفيد منها ويستمتع بمكاسبها و لا يُعني بحماية مستقبلها بعد وفاته، و هذا التفسير لا يمكن أن يصدق علي النبي صلّي اللّه عليه و آله لإخلاصه لرسالته و تفانيه فيها و تضحيته من أجلها حيي آخر لحظة من حياته و هو يسيّر جيش اُسامة، فهو يعيش هموم مستقبلها، و يشعر بالخطر المحدق بها، و يخطط لسلامتها من الأخطار المرتقبة بعد وفاته، فأراد أن يكتب لاُمته كتاباً يكون عصمة لها عن الضلالة، و جنّة تدرأ عنها عوامل الفرقة و الاختلاف، فحيل بينه و بين ما أراد!!2_ أن يخطط الرسول القائد صلّي اللّه عليه و آله للمستقبل، و يتّخذ موقفاً إيجابياً، فيجعل القيمومة علي الدعوة و قيادة التجربة للاُمة الممثّلة علي أساس نظام الشوريي في جيلها الأول الذي يضمّ مجموع المهاجرين و الأنصار.و الملاحظ أن طبيعة الأشياء و الوضع العام الثابت عن الرسول صلّي اللّه عليه و آله و الرسالة و الصحابة يدحض هذه الفرضية، و ينفي أن يكون النبي صلّي اللّه عليه و آله قد انتهج [ صفحه 41] هذا الطريق؛ لأنه يتطلب أن يقوم الرسول صلّي اللّه عليه و آله بعملية توعية للاُمّة علي نظام الشوري وحدوده و تفاصيله، و أن يعطيه طابعاً دينياً مقدساً، و أن يعدّ المجتمع الإسلامي إعداداً فكرياً و روحياً لتقبل هذا النظام.و الملاحظ أن النبي صلّي اللّه عليه و آله لم يمارس عملية التوعية علي نظام الشوري و تفاصيله التشريعية

أو مفاهيمه الفكرية، لأن هذه العملية لو كانت قد انجزت، لا نعكست في الأحاديث المأثورة عن النبي صلّي اللّه عليه و آله، و لتجسّدت في ذهنية أصحابه.و قد انقسم أصحابه من بعده إلي فئتين:الفئة التي انحازت إلي أهل البيت عليهم السلام، و من الواضح أنهم كانوا يؤمنون بالوصاية و الأمامة و يؤكّدون علي القرابة، و لم ينعكس منهم الإيمان بفكرة الشوري.والفئة التي تمثّلها السقيفة و الخلافة التي قامت بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و هؤلاء أيضاً لم يكونوا يؤمنون بالشوري، فابو بكر عهد بها إلي عمر، و عمر عهد بها الي ستة أشخاص، فلم يكن أصحاب هذا الاتجاه ممن يبني ممارسته الفعلية علي أساس الشوري، و لم يكن لديه فكرة محددة عن هذا النظام فكيف يمكن أن نتصّور أن النبي صلّي الله عليه وآله مارس عملية توعية علي هذا النظام تشريعياً و فكرياً، و أعدّ جيل الصحابة لتسلّم قيادة الاُمّة علي أساسه، ثمّ لا نجد تطبيقاً واقعياً له أو مفهوماً محدداً عنه؟! و عليه فإنه صلّي اللّه عليه و آله لم يكن قدح الشوري كنظام بديل علي الاُمّة بعد وفاته.3_ أن يقف النبي صلّي اللّه عليه و آله مستقبل الرسالة بعد وفاته موقفاً إيجابياً، فيختار بأمرٍ من اللّه سبحانه شخصاً معيَّناً، فيعدّه اعداداً رسالياً و قيادياً خاصاً، لتتمثّل فيه المرجعية الفكرية و الزعامة السياسية للتجربة، ويواصل بعده [ صفحه 42] و بمساندة القاعدة الشعبية الواعية من المهاجرين و الأنصار قيادة الأمة وبناءها عقائدياً و تقويتها باستمرار نحو المستوي الذي يؤهلها لتحمل المسؤوليات القيادية.و لم يكن هذا الشخص المنصوب لتسليم مستقبل الدعوة و تزعمها فكرياً وسياسياً، إلّا علي بن أبي طالب عليه السلام

الذي أراده لذلك اللّه تعالي، و رسوله الكريم صلّي اللّه عليه و آله، هذا فضلاً عن عمق وجوده في كيان الدعوة، و انه المسلم الأول و المجاهد الأول في سبيلها عبر كفاحها المرير ضد كلّ أعدائها، و عمق وجوده في حياة القائد الرسول صلّي اللّه عليه و آله و انه ربييه الذي فتح عينيه في حجره، و نشأ في كنفه، و هيّأله من فرص التفاعل معه و الاندماج بخطه ما لم يتوفر لأيّ إنسان آخر [103] . [ صفحه 43]

وصية النبي في الحديث و الأثر

الأحاديث الصريحة بالوصية

تمهيد

إن الإمامة رئاسة عامة في اُمور الدين و الدنيا نيابةً عن النبي [104] ، و وجوبها في كل زمان أمرٌ توافقت عليه كلمة الاُمّة بكلّ فصائلها [105] ، لكنهم اختلفوا في السبيل المؤدّي إليها؛ فذهب أغلب الفرق الي أن الأمر محصور في قريش، وللمسلمين أن يختاروا من قريش ما شاءوا، وذهب الخوارج الي أن الأمر متروك للمسلمين في أن يختاروا من بينهم مَن يرونه أهلاً للامامة من قريش أو غيرها.و تعتقد الإمامية أن الإمامة منصب إلهي لا يُنال إلّا بتعيين من السماء، و بنصّ النبي المرسل، و أن ذلك من صميم واجب النبي صلّي اللّه عليه و آله؛ لأنه بُعِث رحمةً للعالمين، فلابدّ أن يعهد الي من يأتمنه علي دين اللّه و رسالة ربّه، ليقوم بأمرهم من بعده، و يجمع كلمتهم، و ينظم أمرهم، و يرفع أسباب الخلاف من بينهم. [ صفحه 44] و أجمعوا علي أن الرسول المصطفي صلّي اللّه عليه و آله قد بلّغ ما اُنزل إليه من ربّه تمام البلاغ، و أنه لم يفارق الاُمّة حتي أرشدهم الي وصيه من بعده، و نصّ علي أخيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام

في مناسبات عديدة و مواضع شتي، لتعميق وعي الاُمّة في هذه الاتجاه، و تأصيل هذا المبدأ في حركتها و وجدانها. و لهم في هذا الاتجاه أحاديث و آثار صريحة في هذا المعني، نذكر منها:

الأحاديث النبوية

اشاره

هناك مزيد من الأحاديث النبوية المصرحة بالوصية، و قد بلغت من الكثرة بحيث أفردها بعض الأعلام بتصنيف خاص. [106] و فيما يلي نذكر أهم الأحاديث الصريحة بذكر الوصية لأمير المؤمنين علي عليه السلام و نحرص علي أن تكون من مصادر العامة:1_ روي كثير من المحدثين و المؤرخين و أصحاب السير حديث الدار الشريف و هو صريح بالايصاء و الاستخلاف معاً و قصة الحديث: أنه في بدء الدعوة الإسلامية، و بعد نزول قوله تعالي: (وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) [107] دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بني عبد المطلب الي دار عمّه أبي طالب مرّتين، و بعد أن أطعمهم و سقاهم توجّه إليهم قائلاً: «يا بني عبدالمطلب، و اللّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم، إني جئتكم بخير الدنيا و الاَخرة، و قد أمرني اللّه تعالي أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني علي هذا الأمر، علي أن يكون أخي و وصيي وخليفتي فيكم؟» و في رواية:«و خليفتي من بعدي». [ صفحه 45] فاحجم القوم عنها جميعاً، فقال علي عليه السلام و كان أحدثهم سناً: «أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه» فأخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله برقبته، ثم قال: «ان هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا» فقام القوم يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لا بنك و تطيع [108] .2_ و عن أنس بن مالك، قال:

قلنا لسلمان: سل النبي صلّي اللّه عليه و آله عن وصيه، فقال له سلمان: يا رسول اللّه، من وصيك؟ قال: «يا سلمان من كان وصيّ موسي؟»قال: يوشع بن نون. قال: «فان وصيي و وارثي، يقضي ديني، و ينجز موعدي، علي بن أبي طالب» [109] . [ صفحه 46] و في رواية: «إن وصيي و موضع سري، و خير من أترك بعدي، و ينجز عدتي، و يقضي ديني، علي بن أبي طالب» [110] .3_ وعن بريدة، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «لكلّ نبي وصيّ ووارث، و إنّ علياً وصيي ووارثي» [111] .4_ و عن أبي أيوب الأنصاري، قال: إن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله مرض مرضةً، فدخلت عليه فاطمة صلّي اللّه عليها تعوده و هو ناقه من مرضه، فلما رأت ما برسول اللّه من الجهد و الضعف خنقتها العبرة حتي خرجت دمعتها، فقال لها:«يا فاطمة، إن اللّه عزّوجلّ اطلع الي الأرض اطلاعةً فاختار منها أباك، فبعثه نبياً، ثم اطلع إليها ثانيةً فاختار منها بعلك، فأوحي إليّ فأنكحته و اتخذته و صياً».الي أن قال: «يا فاطمة، إنا أهل بيت اُعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين و لا الاَخرين قبلنا: نبينا أفضل الأنبياء و هو أبوك، و وصينا خير [ صفحه 47] الأوصياء و هو بعلك...» [112] .و روي نحوه عن أمير المؤمنين عليه السلام، و ابن عباس، و أبي سعيد الخدري، و علي بن علي الهلالي عن أبيه، و غيرهم [113] .5_ و عن أنس بن مالك، قال: قال لي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «يا أنس، اسكب لي وضوءاً» ثم قام فصلّي ركعتين. ثم قال: «يا

أنس، أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجلين، و خاتم الوصيين». قال أنس: قلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار _ و كتمته _ إذ جاء عليّ. فقال: «من هذا يا أنس؟» فقلت: عليّ. فقام مستبشراً فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، و يمسح عرق علي بوجهه، فقال علي: «يا رسول اللّه، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بي من قبل؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «و ما يمنعني و أنت تؤدّي عني، و تسمعهم صوتي، و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي؟» [114] . [ صفحه 48] 6_ و عن سلمان قال: سمعت حبيبي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول: «كنت أنا و علي نوراً بين يدي اللّه عزوجل قبل أن يخلق آدم بأربعه عشر ألف عام، فلما خلق اللّه آدم قسّم ذلك النور جزءين: فجزءٌ أنا و جزء عليّ» [115] .قال ابن أبي الحديد: رواه أحمد في (المسند) و في كتاب (فضائل علي عليه السلام)، و ذكره صاحب كتاب (الفر دوس) و زاد فيه: «ثم انتقلنا حتي صرنا في عبدالمطلب، فكان لي النبوة، و لعليّ الوصية» [116] .و في لفظ آخر: «ففيّ النبوة، و في عليّ الخلافة» [117] .

دلالة الأحاديث

نكتفي بهذا القدر من الأحاديث النبوية المصرحة بذكر الوصية، و نبيّن الآن دلالتها، و نبدأ باستدلال الفاضل المقداد السيوري علي خلافة علي عليه السلام [ صفحه 49] بالحديث الأول.قال: قوله صلّي اللّه عليه و آله: «أنت أخي ووصيي و خليفتي من بعدي و قاضي ديني» والا ستدلال به من وجهين:الأول: «أنت وصيي» و هذا لا ينكره أحد، فأما أن يريد بذلك التصرّف في كل ما كان

للنبي صلّي اللّه عليه و آله أن يتصرّف فيه، أو بعضه. و الثاني باطل لاطلاق اللفظ و عدم تقييده و عدم قرينة دالة علي التقييد. فلو اُريد لكان تلبيساً، و هو غير جائز منه صلّي اللّه عليه و آله، فتعين الأول , و هو المطلوب؛ لأنا لا نريد بالإمامة إلّا ذلك.و الثاني: قوله «قاضي ديني» علي رواية كسر الدال، و هو صريح في خلافته عليه السلام [118] .و في لاأحاديث الستة المتقدمة إضاءات كثيرة تدلنا علي بيان متعلق وصية النبي صلّي اللّه عليه و آله اليأمير المؤمنين عليه السلام يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:1_ في الحديث الأول دلالة علي أصالة مفهوم الوصية و امتداده التاريخي الي أول البعثة النبوية المباركة، حينما دعا النبي صلّي اللّه عليه و آله عشيرته الأقربين يوم الأنذار، مما يعبّر عن أهمية هذا المفهوم و خطورته و عمقه في مسيرة الرسالة، و يؤكد ممارسة النبي صلّي اللّه عليه و آله للاعداد الرسالي لشخص الوصي كي يهيئه لزعامة الأمة من بعده بأمر من اللّه، لما تقدّم من أن الإمامة منصب إلهي، و يدحض [ صفحه 50] حجّة القائلين بأن متعلق الوصية لا يتجاوز رعاية الأولاد و الأهل و قضاء الديون و غيرها من العهود الواردة في الوصايا العامة.2_ و في الحديث الرابع دلالة علي أن اختيار الوصي هو اختيار إلهي لا يتدخل فيه أحد، فهو تعالي يختار النبي صلّي اللّه عليه و آله من بين أهل الأرض كافة، ثم يختار الوصي علي نسق اختيار النبي، ثم يوحي الي النبي بتعيينه خليفةً من بعده، و ليس ثمة خليفة للنبي غير وصيه.و يدلّ عليه أيضاً ما رواه ابن اسحاق في سيرته عن سلمان رضي اللّه

عنه أنه سأل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه إنه ليس من نبي إلّا وله وصيّ و سبطان، فمن وصيك و سبطاك؟ فلم يجبه صلّي اللّه عليه و آله... الي أن قال: «سألتني عن شيء لم يأتني فيه أمر، و قد أتاني أن اللّه عزّوجل قد بعث أربعة اَلاف نبي، و كان أربعة آلاف وصي، و ثمانية اَلاف سبط، فو الذي نفسي بيده لأنا خير النبيين، و إن وصيي لخير الوصيين، و سبطاي خير الأسباط» [119] .و سنأتي علي بيان دليل الاصطفاء الإلهي في شخص أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام في مبحث خاص من هذا الفصل.3_ تشتمل الأحاديث المتقدمة علي جملة أدلة جلية علي أن المراد بلفظ الوصي هو القائد الرسالي و الخليفة الذي يلي الرسول صلّي اللّه عليه و آله في اُمته.منها: اقتران لفظ الوصي الوارد في الأحاديث بألفاظ اُخري تدلّ علي المضمون السياسي والقيادي، كالخليفة والوزير و موضع السرّ و قاضي الدين و منجز الوعد و غيرها. [ صفحه 51] و منها: التأكيد علي وجوب الطاعة للوصي بقوله صلّي اللّه عليه و آله: «اسمعوا له و أطيعوا» كما في الحديث الأول، هذا الوجوب من مقتضيات الإمامة، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا آلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا آللّهَ وَ أَطِيعُوا آلرَّسُولَ وَ أُولِي آلْأَمْرِ مِنْكُم) [120] .و يدلّ عليه أيضاً ما رواه أبو ذر عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال: «من أطاعني فقد أطاع اللّه، و من عصاني فقد عصي اللّه، و من أطاع علياً فقد أطاعني، و من عصي علياً فقد عصباني» [121] .و منها: التأكيد علي الوظائف القيادية للإمام مثل «تؤدي عني، و تسمعهم صوتي، و تبين لهم

ما اختلفوا فيه بعدي».و يدلّ عليه ما جاء في الصحيح عن أنس: أن النبي صلّي اللّه عليه و آله قال لعلي: «أنت تبين لأُمتي ما اختلفوا فيه بعدي» [122] .و منها: التأكيد علي الخصال القيادية للوصي و منها كونه موضع سرّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و خير ن يترك بعده، و كونه عليه السلام خيرالأوصياء و خاتمهم. و جميع ذلك ن الدلالات الالتزامية علي أن لفظ الوصي لا ينفك عن معني الإمامة والخلافة.

احاديث أهل البيت

جاءت أحاديث أهل البيت عليهم السلام لتؤكد بأن أمير المؤمنين علياً عليه السلام هو خاتم الوصيين و سيدهم، و أول المؤمنين باللّه، و وارث النبوة، و تصرّح بعمق وجود الوصيين و سيدهم، و أول المؤمنين بأللّه، و وارث النبوة، و تصرّح بعمق وجود الوصي في تاريخ الرسالة فقد كان يري مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الضوء قبل [ صفحه 52] الرسالة و يسمع الصوت.كما ركّزت علي بيان فضل أهل البيت عليهم السلام و أن لهم حق الوصية و الوراثة، و لهم خصائص حق الولاية، و لا يقاس بهم أحد من أفراد الاُمّة، و أنهم أهل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و أولياؤه و أوصياؤه و ورثته و أحقّ الناس بمقامه، و فيما يلي بعض نصوصها:1_ عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: «أيها الناس، اسمعوا قولي و اعقلوه عني، فان الفراق قريب؛ أنا إمام البرية، ووصي خير الخليفة، و زوج سيدة نساء الاُمّة، و أبو العترة الطاهرة و الأئمة الهادية. أنا أخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ووصيه و وليه و وزيره و صاحبه و صفيه و

حبيبه و خليله. أنا أمير المؤمنين، و قائد الغرّ المحجلين، و سيّد الوصيين» [123] .2_ و عن عبداللّه بن الحسن بن الحسن، قال: كتب عليُّ عليه السلام اليمحمد بن أبي بكر و أهل مصر.. و ذكر الكتاب، و ممّا جاء فيه موضّحاً الفرق بين نفسه المقدّسة و بين معاوية الوغد الزنيم: «و تأمّلوا و اعلموا أنه لا سوي إمام الهدي و إمام الردي، ووصيّ النبيّ، جعلنا اللّه و إياكم ممن يحبّ و يرضي..» [124] .ورواه الشيخ الطوسي بالاسناد عن أبي إسحاق الهمداني [125] .3_ و عن حكيم بن جبير، قال: خطب علي عليه السلام فقال في أثناء خطبته: «أنا عبداللّه و أخو رسوله، لا يقولها أحد قبلي و لا بعدي إلّا كذب، ورثت نبي [ صفحه 53] الرحمة، و نكحت سيدة نساء هذه الاُمّة، و أنا خاتم الوصيين» [126] .4_ و حينما ناظر عبداللّه بن عباس الخوارج، كان من جملة قولهم: و زعم أنه وصيّ، فضيّع الوصية. فأجابهم أمير المؤمنين عليه السلام: «و أمّا قولكم: إني كنت وصياً فضيعت الوصية، فإن اللّه عزّوجلّ يقول: (وَ لِلّهِ عَلَي آلنَّاسِ حِجُّ آلْبَيْتِ مَنِ آسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَن كَفَرَ فَإِنَّ آللّهَ غَنَيٌّ عَنِ آلْعَالَمِينَ) [127] أفرأيتم هذا البيت لو لم يحجُج إليه أحد، كان البيت يكفر؟ إن هذا البيت لو تركه من استطاع إليه سبيلاً كفر، و أنتم كفرتم بترككم إياي، لا أنا كفرتُ بتركي لكم» [128] .و ممّا يعزّز جواب أمير المؤمنين عليه السلام قول النبي صلّي اللّه عليه و آله له عليه السلام: «يا علي أنت بمنزلة الكعبة تؤتي و لا تأتي» [129] فواجب علي الناس أن يقصدوه و لا يقصد هو أحداً، وأن يسألوه

و لا يسأل أحداً، ويمتارون منه العلم و لا يمتار من أحد.5_ و قال عليه السلام في خطبة له: «لا يقاس بآل محمد صلّي اللّه عليه و آله من هذه الاُمّة أحد، و لا يسوّي بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً هم أساس الدين، و عماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حق الولاية، و فيهم الوصية و الوراثة» [130] .6_ و عن زيد بن الحسن و علي بن الحسين عليه السلام، قال: خطب الحسن عليه السلام [ صفحه 54] الناس حين قُتل علي بن أبي طالب عليه السلام، فحمد اللّه و أثني عليه، و ممّا جاء في خطبته: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فانا الحسن ابن علي، و أنا ابن النبي، و أنا ابن الوصي، و أنا ابن البشير، و أنا ابن النذير، و أنا أبن الداعي الياللّه بإذنه، و أنا ابن السراج المنير...» [131] .و عن أبي الطفيل، قال: خطبنا الحسن بن علي بن أبي طالب، فحمد اللّه و أثني عليه، و ذكر أمير المؤمنين علياً رضي عنه اللّه خاتم الأوصياء و وصيّ سيد الأنبياء و أمين الصدّيقين و الشهداء... ثم ذكر الخطبة بطولها [132] .7_ و خاطب الإمام الحسين الشهيد عليه السلام في العاشر من المحرم سنة 61 ه_ أهل الكوفة قائلاً: «أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثمّ ارجعوا اليأنفسكم و عاتبوها، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم صلّي اللّه عليه و آله، وابن وصيه، و ابن عمّه، و أول المؤمنين باللّه، و المصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه؟» [133] .8_ و عن أبي

عثمان النهدي: أن الحسين عليه السلام كتب اليرؤوس الأخماس بالبصرة و اليالأشراف، كتاباً و أرسله مع سليمان مولاه، جاء فيه: «أما بعد، فإنّ اللّه اصطفي محمّداً صلّي اللّه عليه و آله علي خلقه، و أكرمه بنبوته، و اختاره لرسالته، ثمّ قبضه اللّه إليه و قد نصح لعباده، و بلَغ ما أُرسِل به صلّي اللّه عليه و آله، و كنا أهله و أولياءه و أوصياءه و ورثته، و أحقّ الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا [ صفحه 55] بذلك، فرضينا و كرهنا الفرقة، و أحببنا العافية، و نحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحقّ علينا ممَن تولّاه...» [134] .9_ و أخرج العلّامة إبراهيم بن محمّد الصنعاني في كتابه (إشراق الاصباح) عن محمد بن علي الباقر، عن آبائه عليهم السلام، عنه صلّي اللّه عليه و آله من حديث طويل، و فيه: «و هو _ يعني علياً _ وصيي و وليي» [135] .10_ و عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، قال: «كان علي عليه السلام يري مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قبل الرسالة الضوء و يسمع الصوت، و قال له صلّي اللّه عليه و آله. لو لا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكاً في النبوة، فإن لا تكن نبياً فإنك وصيّ نبي و وراثه، بل أنت سيّد الأوصياء و إمام الأتقياء» [136] .

احاديث الصحابة

أكّدت أحاديث و أقوال الصحابة و غيرهم علي أن أمير المؤمنين عليه السلام هو وصي سيد المرسلين و أخوه و وزيره و خليفته من بعده، و المطّلع علي سرّه، ووراث علمه و الإمامة من بعده، و قاضي دينه و منجز وعده، و أوّل الناس اتباعاً له، و أُقرابهم عهداً به، و

أنه وصي الأوصياء، و وارث علم الأنبياء، و الصدّيق الأكبر الذي كملت به الفضائل و السابقة و القرابة، و أن أولاده المعصومين هم الأوصياء بعده.و هي بمجموعها شهادات ضافية من عمق التاريخ الإسلامي تكشف عن أصالة مبدأ الوصية و شدّة ارتباطه بوجدان الأُمة منذ الرعيل الأول و حتي [ صفحه 56] اليوم، كما تعكس مدي اهتمام النبي صلّي اللّه عليه و آله و حرصه علي تبليغ هذا الأمر الخطير الذي يتعلّق بمستقبل الرسالة و ديمومتها، و فيما يلي نذكر بعضها:1_ عن عطاء، قال: سألت جابر بن عبداللّه، ما كانت منزلة علي بن أبي طالب رضي عنه اللّه فيكم؟ قال: منزلة الوصي... [137] .2_ و كتب محمّد بن أبي بكر اليمعاوية بن أبي سفيان في جواب رسالة له: فكيف _ يا لك الويل _ تعدل نفسك بعليّ، و هو وارث رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و وصيه، و أبو ولده، أول الناس له اتّباعاً، و أقربهم به عهداً، يخبره بسرّه، و يطلعه علي أمره، و أنت عدّوه و ابن عدوّه... [138] .3_ و كان أبو ذرّ رضي عنه اللّه يقعد في مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أيام عثمان و يخطب الناس، و كان من جملة قوله: (إِنَّ آللّهَ آصْطَفَي آدَمَ وَ نْوحاً و آلَ إبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَي آلْعَالَمِينَ - ذُرِّيَّتً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَ آللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [139] .محمّد صلّي اللّه عليه و آله الصفوة من نوح، فالأول من إبراهيم، و السلالة من إسماعيل، و العترة الهادية من محمّد صلّي اللّه عليه و آله... هم فينا كالسماء المرفوعة، و كالكعبة المستورة، أو كالقلبة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو كالقمر

الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجر الزيتونة أضاء زيتها، و بورك زبدها، و محمّد صلّي اللّه عليه و آله وارث علم آدم و ما فُضّل به النبيون، و علي بن أبي طالب وصيّ محمّد صلّي اللّه عليه و آله، و وارث [ صفحه 57] علمه، أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها، أما لو قدّمتم من قدّم اللّه، و أخّرتم من أخّر اللّه، و أقررتم الولاية و الوراثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم و من تحت أقدامكم [140] ... اليآخر كلامه الذي يدّل علي أنه لا يريد بلفظ الوصي غير الخليفة الذي يلي الأمر بعد الرسول صلّي اللّه عليه و آله.4_ و عن الفضل بن العباس بن ربيعة، قال: كبّر معاوية لما بلغه وفاة الحسن عليه السلام، و كبّر أهل الخضراءن ثمّ كبّر أهل المسجد، فدخل عبداللّه بن عباس علي معاوية فقال له: علمت _ يا بن عباس _ أن الحسن توفي؟ قال: ألذلك كبّرت؟ قال: نعم. قال ابن عباس: أما و اللّه ما موته بالذي يؤخّر أجلك، و لا حفرتك بسادّة حفرته، و لئن أُصبنا به فقد أُصبنا قبله بسيّد المرسلين و إمام المتقين و رسول ربّ العالمين، ثمّ بعده بسيّد الأوصياء، فجبر اللّه تلك المصيبة، و رفع تلك العثرة... [141] . 5_ و قال عبداللّه بن عباس رضي عنه اللّه في جوابه لكتاب معاوية: و أما قولك: إني لوبايعني الناس لأسرعت اليطاعتي، فقد بايع الناس علياً، و هو أخو رسول اللّه، و ابن عمّه، ووصيه، و وزيره، و هو خير منّي، فلم تستقم له... [142] .6_ و قال حجر بن عدي و جماعة ممن كان معه حين خيّر و هم بين القتل

أو البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام: إن الصبر علي حدّ السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه، ثمّ القدوم علي اللّه و علي نبيّه و علي وصيه أحبّ إلينا من دخول النار [143] . [ صفحه 58] 7_ و خرج طارق بن شهاب الأحمسي [144] يستقبل علياً عليه السلام و قد صار بالربذة طالباً عائشة و أصحابها، فقال: أأدعُ علياً، و هو أول المؤمنين إيماناً باللّه، و ابن عمّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و وصيه... [145] 8_ و لما جمع علي عليه السلام الناس بالكوفة و خاطبهم بشأن المسير اليصفين لحرب معاوية، قام عمرو بن الحمق الخزاعي [146] و خاطبه بقوله: و اللّه _ يا أمير المؤمنين _ إني ما أحببتك و لا بايعتك علي قرابةٍ بيني و بينك، ولا إرادة مال تؤتينيه ولا التماس سلطان ترفع ذكري به، ولكنني أحببتك بخصال خمس: أنك ابن عم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، ووصيه، وأبو الذريّة التي بقيت فينا من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و أسبق الناس اليالإسلام، و أعظم المهاجرين سهماً في الجهاد [147] .9_ و عن أبي مخنف، قال: لما بلغ حذيفة بن اليمان [148] أن علياً عليه السلام قد قدم ذا قار و استنفر الناس، دعا أصحابه فو عظهم، و ذكّرهم اللّه، و زهدّهم في الدنيا، و رغّبتهم في الآخرة، ثمّ قال: الحقوا بأمير المؤمنين، و وصيّ سيد المرسلين، فإنّه من الحقّ أن تنصروه [149] .10_ وجاء في كتاب عمرو بن العاص اليمعاوية حين دعاه اليموازرته في محاربة إمام الهدي علي عليه السلام: فأمّا ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من [ صفحه 59] عنقي،

و التهوّر في الضلالة معك، و إعانتي إياك علي الباطل، و اختراط السيف في وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و هو أخو رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و وصيه، ووارثه، و قاضي دينه، و منجز وعده، و صهره علي ابنته سيدة نساء العالمين، و أبو السبطين الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، فلن يكون، أمّا ما نسبت أخا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و وصيه اليالبغي والحسد لعثمان، و سميّت الصحابة فَسقَة، و زعمت أنه أشلاهم علي قتله، فهذا كذب و غواية. [150] .و لكن لم يلبث ابن النابغة إلّا و قد ربط مصيره مع ابن هند في حرب الوصيّ عليه السلام.11_ و قال مالك بن الحارث الأشتر النخعي رضي عنه اللّه، في خطبةٍ له عند بيعة أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس، هذا وصي الأوصياء، و وارث علم الأنبياء، العظيم البلاء، الحسن العناء، الذي شهد له كتاب اللّه بالايمان، ورسوله بجنة الرضوان، من كلمت فيه الفضائل، و لم يشكّ في سابقته و علمه و فضله الأواخر و لا الأوائل. [151]

الأوصياء اثنا عشر

بيّن النبي المصطفي صلّي اللّه عليه و آله خلفاءه من بعده في حديث متفق عليه بين كل فصائل الاُمّة، حيث قال صلّي اللّه عليه و آله: «إني تارك فيكم الثقلين _ أو خليفتين _ كتاب اللّه، و عترتي أهل بتي، و انهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض» [152] . [ صفحه 60] فهما خليفتان تجمعهما خصلتان: العصمة، والبقاء اليقيام الساعة، و العترة هم أئمة أهل البيت عليهم السلام دون سواهم، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام في أحد خطبه: «ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، و

أترك فيكم الثقل الأصغر» [153] .ثمّ صرّح النبي صلّي اللّه عليه و آله بعد خلفائه من عترتهن فذكر أنهم كعدّة نقباء بني إسرائيل، و أكّد علي تواصلهم مع الأُمّة اليقيام الساعة، حيث جاء في الصحيح أنه صلّي اللّه عليه و آله قال: «لا يزال الدين قائماً حتي تقوم الساعة، و يكون عليهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش» [154] .كما عيّن أسماءهم و رتّبهم مراتبهم ابتداءً من أولهم، و هو أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام، و انتهاءً اليآخر هم و هو الإمام الحجّة المنتظر صاحب الزمان (عجل اللّه تعالي فرجه) في عدّة نصوص صحيحة مروية عنه صلّي اللّه عليه و آله.قال الشيخ الصدوق: قد وردت الأخبار الصحيحة بالأسانيد القوية أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أوصي بأمر اللّه تعالي اليعلي بن أبي طالب، و أوصي علي بن أبي [ صفحه 61] طالب الي الحسن، و أوصي الحسن الي الحسين، و أوصي الحسين الي عليّ بن الحسين، و أوصي علي بن الحسين الي محمّد بن علي الباقر، و أوصي محمّد بن علي الباقر الي جعفر بن محمّد الصادق، و أوصي جعفر بن محمد الصادق الي موسي بن جعفر، و أوصي موسي بن جعفر الي ابنه علي بن موسي الرضا، و اوصي علي بن موسي الرضا الي ابنه محمّد بن علي، و أوصي محمّد بن علي الي ابنه علي بن محمّد، و أوصي علي بن محمّد الي ابنه الحسن بن علي، و أوصي الحسن بن علي الي ابنه حجّة اللّه القائم بالحق. [155] .و هكذا نصّ كل وصي علي اللاحق له ضمن سلسلة متصلة متتابعة، و قد صحّت بذلك أحاديث الإمامية و

تناقلتها نفائس مصادرهم، و هي كثيرة، و من أهم المصادر التي عنيت بترتيب النصوص علي الأئمة عليهم السلام:1_ الكافي، لثقة الإسلام الكليني، المتوفي سنة 328 أو 329 ه_.2_ الإمامة و التبصرة من الحيرة، لابن بابويه القمي،، المتوفي سنة 329 ه_.3_ إثبات الوصية، للمسعودي، المتوفي سنة 346 ه_.4_ إثبات النص علي الأئمة، أو نصوص الأئمة، للشيخ الصدوق، المتوفي سنة 381 ه_.5_ كفاية الأثر في النص علي الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، للخزاز، من أعلام القرن الرابع.6_ الارشاد، للشيخ المفيد، المتوفي سنة 413 ه_.7_ الاستبصار في النص علي الأئمة ألاطهار، للكراجكي، المتوفي سنة 449 ه_. [ صفحه 62] 8_ روضة الواعظين، للفتال النيسابوري، المتوفي سنة 508 ه_.9_ إعلام الوري بأعلام الهدي، لأمين الإسلام أبي علي الطبرسي، المتوفي سنة 548 ه_.10_ اتفاق صحاح الأثر في إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، لابن البطريق، المتوفي سنة 600 ه_.11_ استقصاء النظر في إمامة الأئمة الاثني عشر، لابن ميثم البحراني، المتوفي سنة 679 ه_.12_ كشف الغمة في معرفة الأئمة عليهم السلام، لأبي الحسن الاربلي، المتوفي سنة 687ه_.13_ إثبات الهداة، للحر العاملي، المتوفي سنة 1104 ه_.14_ الانصاف في النص علي الأئمة الاثني عشر من آل محمد الأشراف، للسيد هاشم البحراني، المتوفي سنة 1107 ه_.و غيرها كثير أظهرت الحق لسائله و أنارت الطريق لسابله.

اهل البيت هم الأوصياء

تقدّم في كلام أمير المؤمنين عليه السلام أنه وصف أهل البيت عليهم السلام بأن«فيهم الوصية والوراثة» و جاء في كلام الإمام الحسن عليه السلام: «و كنا أهله و أولياءه و أوصياءه» و نضيف هنا:1_ روي ثقة الإسلام الكليني بالاسناد عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «من سرّه أن يحيا حياتي، و

يموت مماتي، و يدخل الجنة التي و عدنيها ربّي، و يتمسّك بقضيب غرسه ربي بيده، فليتولّ علي بن أبي طالب و أوصياءه من بعده، فانهم لا يدخلونكم في باب ضلال، و لا يخرجونكم من باب هدي، فلا تعلموهم فانهم أعلم منكم، و اني سألت ربّي [ صفحه 63] ألّا يفرق بينهم و بين الكتاب حتّي يردا الحوض» [156] .2_ وروي الصدوق بالاسناد عن عبداللّه بن عباس، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «أنا سيّد النبيين، و علي بن أبي طالب سيّد الوصيين، و إن أوصيائي بعدي اثنا عشر، أوّلهم علي بن أبي طالب، و آخرهم القائم» [157] .3_ و عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «أنا سيّد النبيين، و وصيي سيد الوصيين، وأوصياؤه سادة الأوصياء...» [158] .4_ و عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: «إن أقرب الناس الي اللّه عزّوجل، و أعلمهم به، وأرأفهم بالناس محمد صلّي اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام، فادخلوا أين دخلوا، و فارقوا من فارقوا _ عني بذلك حسيناً و ولده عليهم السلام _ فإن الحق فيهم، و هم الأوصياء، و منهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم» [159] .5_ و عن الإمام الهادي عليه السلام في (الزيارة الجامعة) التي يزار بها الأئمة الاثني عشر عليهم السلام: «السلام علي محالّ معرفة اللّه، و مساكن بركة اللّه، و معادن حكمة اللّه، و حَفَظة سرّ اللّه، و حَمَلة كتاب اللّه، و أوصياء نبي اللّه، و ذرية رسول [ صفحه 64] اللّه صلّي الله عليه وآله و رحمة اللّه و بركاته [160] .6_ وجاء عن جابر بن يزيد الجعفي، أنه كان إذا

حدّث عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليه السلام يقول: حدّثني وصيّ الأوصياء. [161] 7_ و جاء عن هارون الرشيد أنه وصف الأئمة عليهم السلام من أمير المؤمنين الي الأمام الكاظم عليه السلام بالأوصياء، فقد دخل عليه علي بن حمزة الكسائي، فأخبره الرشيد باختلاف الأمين والمامون، وما يقع بينهما من سفك الدماء و هتك الستور و كثرة القتلي، فقال له الكسائي: أيكون ذلك _ يا أمير المؤمنين _ لأمر رؤي في أصل مولدهما، أو لأثرٍ وقع لأمير المؤمنين في أمرهما؟ فقال: لا و اللّه إلّا بأثر واجب حمله العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء [162] .و جاء في (الأخبار الطوال) أن الداخل عليه كان الأصمعي، و أنه قال للرشيد: يا أمير المؤمنين، هذا شيء قضي به المنجمون عن مولدهم، أو شيء آثرته العلماء في أمرهما؟ قال الرشيد: بل شيء آثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما.قالوا: فكان المأمون يقول في خلافته: قد كان الرشيد سمع جميع ما جري بيننا من موسي بن جعفر بن محمّد، فلذلك قال ما قال [163] . [ صفحه 65]

مدونات في الوصية

اشاره

حظيت الوصية كغيرها من المفردات و المفاهيم المهمة في ثقافتنا الإسلامية بالتأليف و التصنيف، لتأكيد هذا المفهوم النبوي و تعميق وجوده في أذهان الاُمّة عبر العصور، و فيما يلي بعض تلك المصنفات مرتبة حسب الحروف مع بيان المصادر التي ذَكَرتها:1_ إثبات الوصية _ لمحمّد بن النعمان الأحول، المعروف بمؤمن الطاق، من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام. [164] 2_ إثبات الوصية _ منسوب الي العلّامة الحلي (ت / 726 ه_)، و قد سمّاه المؤلف (الحجج القوية في بيان الوصية). [165] 3_ إثبات الوصية لأمير المؤمنين عليه السلام _ لأبي

سعيد أحمد بن رُميح المروزي. [166] 4_ إثبات الوصية لعلي عليه السلام _ للشيخ الصدوق (ت / 381ه_). [167] 5_ إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب عليه السلام _ لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت / 346 ه_). [168] 6_ التحفة البهية في إثبات الوصية _ للسيد هاشم البحراني [ صفحه 66] (ت/ 1107 ه_)، الذي قال عنه: ذكرت فيه ما يزيد علي أربعمائة و خمسين حديثاً من طرق الخاصة و العامة، و ذكرت في مقدمة هذا الكتاب المصنفين الذين صنفوا في إثبات الوصية و الأوصياء، و هم اثنان و عشرون مصنّفاً من الرجال المعتبرين و المشايخ المشهورين، و لكلّ رجلٍ منهم مصنف [169] .7_ الرسالة في إثبات الوصاية _ للشهيد زيد بن علي بن الحسين عليه السلام (ت/ 122 ه_) [170] . و لعلّه الآتي تحت عنوان (الوصية و الإمامة).8_ العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين عليه السلام _ للقاضي المحدث محمّد ابن علي الشوكاني (ت / 1250 ه_). [171] 9_ علي عليه السلام و الوصية _ للشيخ نجم الدين العسكري، الذي ذكر فيه (182) حديثاً تنصّ علي أن علياً عليه السلام وصيّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و خليفته و إمام اُمته من بعده [172] .10_ الوصيّ _ للسيد علي نقي الحيدري، الذي جمع فيه (100) حديث نبوي صريحة بالوصية [173] .11_ الوصية _ لأكثر من مؤلف، منهم: أبو العباس أحمد بن يحيي بن قافة [ صفحه 67] الكوفي، و عيسي بن المستفاد البجلي، و محمد بن سنان الزاهري، و المفضل بن عمر [174] .12_ الوصية في الإمامة _ لإبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال الثقفي، (ت/ 283

ه_). [175] 13_ الوصية و الإمامة _ لزيد بن علي عليه السلام الشهيد سنة 122 ه_. [176] 14_ الوصية و الإمامة _ لأبي الحسن علي بن رئاب الكوفي، من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم عليهما السلام. [177] 15_ الوصية و الردّ علي من أنكرها _ لهشام بن الحكم، (ت / 199 ه_)، من أصحاب الامامين الصادق و الكاظم عليهما السلام. [178] و غيرما ذكرناه كثير [179] .و أفردها جمع آخر من المصنفين في أبواب أو فصول من مصنفاتهم، منهم: ابن شهر آشوب، و العلّامة المجلسي، والسيد الهاشم البحراني، و الشهيد [ صفحه 68] التستري [180] و غيرهم كثير.و توسّع السيد هاشم البحراني في ذكر أحاديث الوصية، فقد جعلها في بابين من كتابه (غاية المرام) كليهما تحت عنوان: في أن علياً عليه السلام وصي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و بنيه الأحد عشر هم الأوصياء و الأئمة عليهم السلام بنص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله.الأول: من طريق العامة، و ضمّنه سبعين حديثاً، والثاني: من طريق الخاصة، و فيه مائة و عشرة أحاديث [181] .

الأحاديث الجارية مجري الوصية

اشاره

هناك مزيد من النصوص الصحيحة المتعاضدة التي تجري مجري الوصية في كونها تؤكّد و تبين جملة مفاهيم تنسجم مع معني الوصية كالخللافة والوزارة والولاية والقيادة و السيادة والإمامة والإمرة و غيرها ممّا يؤكد أن الوصية تعني المرجعية السياسية و الروحية و الفكرية الثابتة من اللّه جلّ و علا للوصي دون غيره من أفراد الأُمة، و فيما يلي نذكر بعض تلك المفاهيم مدعمة بالنصوص:

الخلافة

عن ابن عباس، قال: قال النبي صلّي اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام: «أما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنك لست بنبيّ، إنه لا ينبغي ان أذهب إلّا و أنت [ صفحه 69] خليفتي» [182] .ثانياً: الإمامة1_ عن زيد بن ارقم، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «ألا أدلكم علي ما إن تسالمتم عليه لم تهلكوا؟ إن وليكم اللّه، و إن إمامكم علي بن أبي طالب، فناصحوه و صدّقوه، فإن جبرئيل أخبرني بذلك» [183] .2_ و عن أسعد بن زرارة، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «اُوحي إليّ في عليّ ثلاث: إنه سيّد المسلمين، و إمام المتقين، و قائد الغرّ المحجّلين» [184] .3_ و عن أنس بن مالك و أبي برزة الأسلمي: أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال: «إن ربّ العالمين عهد إليّ عهداً في علي بن أبي طالب فقال: إنه راية الهدي، و منار الايمان و إمام أوليائي، و نور جميع من أطاعني» [185] .

الولاية

1_ ما تواتر نقله عند الفريقين من قوله صلّي اللّه عليه و آله في خطبة الغدير الشهيرة و هو آخذ بيد عليّ عليه السلام: «ألتسم تعلمون أني أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟» قالوا: بلي. قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ و الِ من والاه، وعادِ من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله» [186] . و اشتهر عن عمر ابن الخطاب أنه لقي [ صفحه 70] علياً عليه السلام فقال له: هنيئاً لك يابن أبي طالب، أصبحت مولاي و مولي كلّ مؤمن و مؤمنة [187] .والمراد بالمولي في الحديث الأولي بالتصرّف، و هو

الذي فهمه الصحابة المعاصرون لصدور النصّ، و منهم حسان بن ثابت حيث أنشد: يناديهم يوم الغدير نبيهم بُخمّ و أسمع بالرسول منادياالي أن يقول: فقال له قم يا علي فانني رضيتك من بعدي إماماً و هادياً [ صفحه 71] فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا لهُ أنصار صدق مواليا [188] .و منهم قيس بن سعد بن عبادة حيث قال: وعلي إمامنا و إمام يوم قال النبي: من كنت مولا إن ما قاله النبي علي الأُم_ّ_ لسوانا أتي به التنزيلُ ه فها مولاه، خطب جليلُ __ةِ حتمُ ما فيه قالٌ و قيلُ [189] و منهم عمرو بن العاص حيث قال: و كم قد سمعنا من المصطفي وفي يوم خمّ رقي منبراً و في كفّهُ معلناً ألستُ بكم منكم في النفوس فأنحله إمرة المؤمنين وصايا مخصصة في علي يبلّغ والركبُ لم يرحلِ ينادي بأمر العزيز العلي بأولي فقالوا بلي فافعلِ من اللّه مُستخلف المُنحِلِ [190] 2_ و عن عمران بن حصين، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «إنّ عليّاً منّي و أنا [ صفحه 72] منه، و هو وليّ كلّ مؤمن بعدي» [191] .3_ وعن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «من يريد أن يحيا حياتي، و يموت موتي، ويسكن جنّة الخلد التي و عدني ربّي، فليتولّ علي بن أبي طالب، فانه لن يخرجكم من هدي،و لن يدخلكم في ضلالة» [192] .و هو صريح بأمر التمسّك بولايته.4_ و عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «أُوصي من آمن بي و صدّقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولّاه فقد تولّاني، و من

أحبّه فقد أحبّني، و من أحبّني فقد أحبّ اللّه، و من أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه عزّوجلّ» [193] .و هذا الحديث يدل علي أن المراد بالولاية هنا أو لوية التصرّف، لا المحبّة كما قيل، لأنه صلّي اللّه عليه و آله ذكر الولاية أولاً، ثمّ عطف عليها بذكر المحبة، و ذلك يقتضي المغايرة.

الوراثة

1_ عن ابن أبي أوفي _ في حديث المؤاخاة _ قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام: «والذي بعثني بالحق، ما أخرتك إلّا لنفسي، و أنت منّي بمنزلة هارون من موسي غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي» قال: «ما أرث منك يا نبي اللّه؟» قال: «ما ورثت الأنبياء من قبلي» قال: [ صفحه 73] «و ما ورثت الأنبياء من قبلك؟» قال: «كتاب ربّهم، وسنّة نبيهم» الحديث [194] .2_ عن أبي إسحاق، قال: سألت قثم بن العباس: كيف ورث علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله دونكم؟ قال: لأنه كان أولنا به لحوقاً، و أشدّنا به لزوقاً [195] .و واضح أن السبق الي الإسلام و شدّة القرب من النبيّ صلّي اللّه عليه و آله لا يقتضيان حجب الأقرب في النسب عن حقّه في الإرث، فلابدّ أنّه يعني به الارث المتعلق بالخلافة النبوية و مقتضياتها من الكتاب و العلم كما في الحديث الأول، و الاعداد النبوي و السابقة كما في هذا الحديث، و ليس الإرث بالمدلول الفقهي المتعارف.و من هنا كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في حياة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «... واللّه إني لأخوه ووليه و ابن عمّه ووارث علمه، فمن أحقّ به منّي؟» [196] أي في خلافته.

الوزارة

1_ عن أسماء بنت عميس، قالت: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «اللهمّ إني أقول كما قال أخي موسي: اللهم اجعل لي وزيراً من أهلي، أخي علياً، اشدد به أزري، و أشركه في أمري، كي نسبّحك كثيراً، و نذكرك كثيراً، إنك كنت بنا بصيراً» [197] . [ صفحه 74] و الأمر في قوله صلّي

اللّه عليه و آله: «و أشركه في أمري» يتعلّق بالمهام التبليغية في حركة الرسالة والأداء عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و غير ذلك من مواقع الإمامة و القيادة.2_ و عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام: «ألا اُرضيك يا علي؟» قال: «بلي يارسول اللّه» قال: «أنت أخي و وزيري، تقضي ديني، و تنجز موعدي، و تبرئ ذمّتي...» [198] .3_ قال ابن أبي الحديد: و يدلّ علي أنه وزير رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من نص الكتاب و السنة، قول اللّه تعالي: (وَ اجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي -هَارُونَ أَخِي - اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي - وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [199] و قال النبي صلّي اللّه عليه و آله في الخبر المجمع علي روايته بين سائر فرق الإسلام: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي، إلّا أنه لا نبي بعدي» [200] فأثبت له جميع مراتب هارون من موسي، فاذن هو وزير رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و شادّ أزره، ولو لا أنه خاتم النبيين لكان شريكاً في أمره. [201]

الامرة

1_ عن جابر بن عبداللّه، قال: سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و هو آخذ بضبع علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه و هو يقول: «هذا أمير _ إمام _ البَرَرة، و قاتل الفَجَرة، [ صفحه 75] منصور من نصره، مخذول من خذله>> [202] .2_ عن بريدة الأسلمي، قال: أمرنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أن نسلّم علي عليّ بإمرة المؤمنين [203] . و إمرة المؤمنين لا يمكن تأويلها بغير معني الخلافة و القيادة.

مظاهر الاصطفاء

اشاره

ذكرنا في دلالة أحاديث الوصية أن اختيار الوصي هو اختيار إلهي لا يتدخّل فيه أحد، ذلك لأن الوصية امتداد لحركة النبوة و القيام بأعباء استكمال المسيرة النبوية في قيادة الأُمّة و حفظ رسالتها، والوصي خليفة النبي و وارث علمه و حامل أسراره، فلابدّ أن يمتلك مؤهلات و مزايا خاصة ليست في غيره من سائر الناس تؤهّله لتسنّم الخلافة و نيل شرف الوصاية، و تلك المزايا هي مظاهر للاصطفاء الإلهي تتجسّد في شخص الوصيّ دون غيره من أفراد الأُمّة.و من يتعمّق في دراسة خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يجد [ صفحه 76] مظاهر الاصطفاء و العناية الإلهية واضحة فيه معدومة في غيره، و كلّها تشهد له بالخلافة و الولاية بعد ابن عمّه المصطفي صلّي اللّه عليه و آله، و فيما يلي نذكر بعضها:

الولادة في البيت

فقد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد _ رضي اللّه عنها _ ولدت أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة [204] . و تلك فضيلة باهرة و منقبة عظيمة اختصّ بها دون سواه، و نال بها شرف الاصطفاء في خصوصية الزمان، والتفرّد في شرف المكان. أما من حيث تجليات الاصطفاء في زمان الولادة، فقد شاءت الارادة الإلهية أن يطلّ الوصيّ علي الدنيا في وقت ارها صات النبوة، و تباشير الرحمة، حيث كان المصطفي صلّي اللّه عليه و آله يسمع الهتاف من السماء، و يسلّم عليه الحجر والشجر، و هو في ربيعه الثلاثين، و كان منقطعاً الي عبادة ربه (ففي خارج البيت العتيق كانت الارادة الإلهية تهيء للناس رسولاً كريماً يتحدّي عالم الأوثان، و في داخل البيت كانت الارادة الإلهية قد هيأت للمصطفي خليلياً أدار ظهره للأصنام منذ [ صفحه

77] اللحظة الأولي للولادة) [205] .أما تجليات الاصطفاء في اختيار الكعبة المشرفة مكاناً لولادة الوصيّ عليه السلام، فلا ريب أن اللّه تعالي قد طهره بأن جعل مولده في أعظم بيوت عبادته، و معلوم أن ولادته عليه السلام في بيت العبادة بما يكتنفها من ظواهر إعجازية خارجة عن المألوف و عن موارد المصادفة، كانشقاق جدارالبيت، وخروج الوليد شاخصاً بوجهه الي السماء، مستقبلاً الأرض بكفيه، ناطقاً باسم اللّه، مديراً ظهره للأصنام، كل ذلك دليل علي أن تلك الولادة في مكانها و كيفيتها و زمانها، كانت اصطفاءً تتجلّي فيه المشيئة الإلهية، و أن الوصي كان محل العناية الربانية منذ يوم ولادته (وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [206] .

التربية النبوية

و من مظاهر الاصطفاء في شخص علي عليه السلام هو حصوله علي شرف التربية النبوية منذ نعومة أظفاره حتي رحيل المصطفي صلّي اللّه عليه و آله الي رحمة ربّه حيث كان آخر الناس عهداً به.تربّي عليّ في حجر النبي صلّي اللّه عليه و آله بعيداً عن أباطيل الجاهلية، و دون أن تُلبسه من مدلهمات ثيابها، أو تنجسه بأنجاسها، فقد ولد في الجاهلية مسلماً و أحزر قصب السبق اليالإيمان بالإسلام، مكرماً وجهه عن الشرك وعبادة الأوثان، و تلقّته يد البنوة لتحنو عليه منذ الصغر، فكان النبي صلّي اللّه عليه و آله يلي تربيتهن و يراعيه في نومه و يقظته و يحمله علي صدره وعاتقه، و يحبوه بألطافه و تحفه، [ صفحه 78] و يقول: «هذا أخي و ناصري، و صفيي وصيي، و ذخيرتي و كهفي» [207] .و كان علي عليه السلام يتبعه ابتاع الظلّ، مقتد ياً بمكارم أخلاق معلّمه العظيم، و عظمة نفسه، و طهره

و نقائه، و حسن سيرته، و بذلك تهيّأت له فرص التفاعل مع النبي صلّي اللّه عليه و آله و الاندماج بخط رسالته ما لم يتهيأ لغيره، قال عليه السلام: «قد علمتم موضعي من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بالفرابة القريبة و المنزلة الخصيصة، وضعني في حجره و أنا وليد، يضمني الي صدره، و يكنفني في فراشه، ويُمسني جسده، و يشمني عرفه، و كان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه،... و لقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً، و يأمرني بالاقتداء به...» [208] .و من مظاهر شرف الاصطفاء، هو انتقال الوصي منذ السادسة من عمره الي بيت النبي صلّي اللّه عليه و آله، ذكر البلاذري و علي بن الحسين الأصفهاني: أن قريشاً أصابها أزمة و قحط، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لعمّيه حمزة و العباس «ألا نحمل ثقل أبي طالب في هذا المَحْل؟» فجاءوا إليه، وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم، فقال: دعوا لي عقيلاً، و خذوا من شئتم، فأخذ العباس طالباً، وأخذ حمزة جعفراً، و أخذ محمّد صلّي اللّه عليه و آله علياً عليه السلام و قال لهم: «قد أخذت _ من اختاره اللّه لي عليكم _ علياً» [209] .إذن فقد شاءت عناية الربّ أن يعيش الوصيّ عليه السلام في كنف النبي صلّي اللّه عليه و آله، و أن يمتاز من دون سائر أفراد الأُمّة بعمق وجوده في حياة النبيّ القائد صلّي اللّه عليه و آله، فهو [ صفحه 79] ربيبه، تأدّب علي يديه، و تعلّم خصال نفسه الزكية، و كان من ثمار تلك العناية الإلهية و التربية النبوية إن صارت شخصية الوصي

عليه السلام نسخة ناطقة بشمائل النبي صلّي اللّه عليه و آله و سيرته و عبادته و علمه و شجاعته و كرمه و زهده و صبره و هديه، و أن ينال الذروة العليا من مبادئ الاستقامة و الشرف و العظمة و السيادة، و أن يتحلّي بخصائص فريدة و مناقب فذّة و مزايا عجيبة. قال صلّي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام: «أنت مني، و أنا منك» [210] و قال صلّي اللّه عليه و آله: «ما من نبيّ إلّا وله نظير في اُمته، و علي نظيري». [211] .

السبق الي الإسلام و التقدم الي الإيمان

ليس في حياة علي عليه السلام يوم للشرك أو الوثنية، بل ولد في الإسلام دفعة واحدة و الي الأبد، فكان مثار أُعجوبة و دهشة أبدية، أن يولد علي عليه السلام مسلماً في زمن الجاهلية، و ذلك شرف عظيم لا يداني، و مظهر من مظاهر الاصطفاء لا يضاهي.و حينما بلغ علي عليه السلام العاشرة، كان الوحي قد أمر الرسول صلّي اللّه عليه و آله بالدعوة، فكان عليّ عليه السلام ربيب الوحي و غرسة النبوة، يري نور الوحي و الرسالة: و يشمّ عبق النبوة، و يسبق الناس الي الايمان بالواحد الأحد، والتصديق بالنبي الخاتم صلّي اللّه عليه و آله، و التقدّم الي محراب الصلاة مع ابن عمّه المبعوث رحمةً للعالمين.قال أمير المؤمنين عليه السلام: «و لقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه و لا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله [ صفحه 80] و خديجة، و أنا ثالثهما، أري نور الوحي و الرسالة، و أشمّ ريح النبوه، و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلّي اللّه

عليه و آله، فقلت: يار سول اللّه، ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، و تري ما أري، إلّا أنك لست بنبي، و لكنك لوزير، وإنّك لعلي خير...» [212] .وقال عليه السلام: «أنا عبداللّه و أخو رسول اللّه، و أنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلّا كاذب، صلّيت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الأُمّة» [213] .

السبق في العلم

و من مظاهر الاصطفاء سبق عليّ عليه السلام لكلّ من عاصره من الصحابة و غيرهم في العلم، فلقد أودع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عليّاً عليه السلام سنَّتَه كاملةً و كان أعلم الناس بها، كما في حديث عائشة [214] ، و علّمه ألف بابٍ من العلم، يُفتح له من كل باب ألف باب [215] ، و كان يخصّه بمفاهيم الرسالة و خصائصها، و يختلي به و يناجيه لساعات طويلة من الليل و النهار، فكان له من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله مدخلان: مدخل بالليل و مدخل بالنهار [216] ، ويأتيه كل سحر و كلّ غداة [217] ، و كان عليه السلام يقول: «إذا سألت رسول اللّه أبنأني _ أو أعطاني _ و إذا سكّت [ صفحه 81] ابتد أني» [218] .و في كلّ ذلك كان صلّي اللّه عليه و آله يمارس دور الاعداد الفكري و القيادي لأمير المؤمنين عليه السلام، و يبلغ أصحابه في هذا الاتجاه، حيث قال صلّي اللّه عليه و آله: «أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب». [219] .و قال صلّي اللّه عليه و آله: «قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فاُعطي علي تسعة أجزاء، و الناس جزءاً

واحداً». [220] .و قال ابن عباس رضي اللّه عنه: و اللّه لقد اُعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، و أيم اللّه لقد شارككم في العشر العاشر. [221] .و من هنا تميّز من بين الصحابة بقوله عليه السلام علي المنبر: «سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض» [222] قال سعيد بن المسيب و ابن شبرمة وغيرهما: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلّي اللّه عليه و آله يقول سلوني إلّا علي [223] ، و ذلك لأنه لا يجترئ علي هذه الدعوي إلّا من يثق بنفسه بأن عنده [ صفحه 82] جواباً لكلّ ما يُسأل عنه، و في ذلك كفاية في الدلالة علي سبقة و أرجحيّته في العلم.و من هنا أيضاً صار علي عليه السلام ملجأً و مفزعاً لكل من يعضل عليه شيء من شؤون العلم، و لم يرجع هو و لا مرة واحدة الي أحدٍ منهم، حتي أن عمر قال: لا أبقاني اللّه لمعضلة ليس لها أبو الحسن. و قال: لو لا علي لهلك عمر. [224] قال العقاد: كانت فتاواه مرجعاً للخلفاء و الصحابة في عهود أبي بكر و عمر و عثمان، و ندرت مسألة من مسائل الشريعة لم يكن له رأي فيها يُؤخذ به، أو تنهض له الحجة بين أفضل الآراء، الي أن قال: و قيل لا بن عباس: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر الي البحر المحيط [225] .

العصمة

و من مظاهر الاصطفاء في شخص عليّ عليه السلام هو أنه نظير النبي صلّي اللّه عليه و آله في الطهارة و العصمة، و ذلك أمر اختصّ به أهل البيت عليهم السلام دون أفراد الأُمّة،

قال تعالي: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهرَُكُمْ تَطْهِيراً) [226] و المراد بأهل البيت الذين نزلت فيهم هذه الآية هم: النبي صلّي اللّه عليه و آله و علي و الحسن و الحسين و فاطمة الزهراء عليهم السلام [227] . [ صفحه 83] و إنما جعل اللّه سبحانه هذه المَلَكَة في الأوصياء مثلما جعلها في الأنبياء، لأنه جعل مقامهم في الأُمّة مقام الأنبياء في وجوب الاقتداء بأفعالهم و أقوالهم، و بما أن الحكيم لا يجوز منه أن يوجب علي عباده الاقتداء بما هو قبيح أو غير مأمون منه فعل القبيح، فلا بدّ أن يكون الوصي معصوماً كالنبي من جميع القبائح، منزّهاً من الخطايا و الآثام، مسدّداً من اللّه، مصوناً من هفوات الآراء و خطرات الأهواء، و لذلك نفي تعالي أن ينال هذا العهد من كان ظالماً، قال تعالي: (لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمينَ) [228] و من مصاديق الظلم عبادة الأصنام، قال تعالي: (إِنَّ الشِّركَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [229] .قال الإمام الصادق عليه السلام في الآية الأولي: «أبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم الي يوم القيامة، فصارت في الصفوة» [230] .و قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لمّا علم إبراهيم عليه السلام أن عهد اللّه _ تبارك و تعالي اسمه _ بالإمامة لا ينال عَبَدة الأصنام قال: (وَ اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَام)» [231] .و عن عبداللّه بن مسعود في حديث عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال: «أنا دعوة أبي إبراهيم، و كان من دعاء إبراهيم عليه السلام (وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ [ صفحه 84] الْأصْنَامَ)... فانتهت الدعوة إليّ و الي أخي علي، لم يسجد أحدٌ منّا لصنم قطّ، فاتخذني نبياً،

و علياً وصياً» [232] .

مزايا فريدة

خصّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علياً عليه السلام بمزايا جمّة لم تكن في غيره، و النبي صلّي اللّه عليه و آله (مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَي - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَي) [233] فلا يمكن تفسير تلك المزايا و الخصائص إلّا بكونها من مظاهر الاصطفاء الإلهي و العناية الربانية، و فيما يلي نذكر بعضها:1_ خصّه النبي صلّي اللّه عليه و آله ليلة الهجرة بالمبيت علي فراشه ليؤدي الأمانات عنه صلّي اللّه عليه و آله. و يتجشم الهجرة بمن بقي من نساء بني هاشم و المستضعفين من المؤمنين.2_ و خصّه بالمصاهرة من سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام، بعد أن تقدّم لخطبتها غيره فردّهم، و منهم أبو بكر و عمر [234] ، و قال صلّي اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه تبارك و تعالي أمرني أن أزوّج فاطمة من علي» [235] .3_ و اختص علي عليه السلام بكون ذرية النبي صلّي اللّه عليه و آله من صلبه، و قال صلّي اللّه عليه و آله: «إن اللّه عزّوجلّ جعل ذرية كلّ نبي في صلبه، و إن اللّه عزّوجلّ جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب» [236] . [ صفحه 85] 4_ وخصّه النبي صلّي اللّه عليه و آله بالمؤاخاة، و قال له: «أنت أخي في الدنيا و الآخرة» [237] .5_ و خصّه بالراية في ساحة الجهاد، فدفع إليه رايته في بدر و هو ابن عشرين سنة [238] ، و كان علي عليه السلام صاحب راية المهاجرين في المواطن كلّها [239] .و دفع إليه رايتين، تطلّع إليها كل من حضر من الصحابة، فكان لعلي عليه السلام شرف الاختصاص بهما دون

غيره، و هما: راية الفتح في مكة، وراية الفتح في خيبر.و في راية خيبر بعث صلّي اللّه عليه و آله أبا بكر، فعاد و لم يصنع شيئاً، وبعث بعده عمر، فعاد يجبّن أصحابه و يحبّنونه [240] . فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «لأُعطين الراية غداً رجلاً يفتح اللّه علي يديه، يحبّ اللّه و رسوله، و يحبه اللّه و رسوله، كراراً غير فرار» فبات الناس يدوكون [241] ليلتهم أيّهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، كلّهم يرجو أن يعطاها، فأعطاها علياً عليه السلام [242] .6_ و خصّه بالتبليغ عنه صلّي اللّه عليه و آله، فقد أرسل أبوبكر ليبلّغ براءة في الموسم، [ صفحه 86] فسار بها ثلاثاً، ثم أردفه بعلي عليه السلام، فأخذها منه و سار، ورجع أبوبكر و هو يقول: يا رسول اللّه، أحدث فيّ شيء؟ قال صلّي اللّه عليه و آله: «لا، و لكن أُمرت أن لا يبلغها إلّا أنا أو رجل مني» و في رواية: «لا يبلّغ عنّي إلّا أنا أو رجل مني» [243] .7_ و خصّه بفتح بابه الي المسجد بعد أن أمر بسدّ الأبواب الشارعة الي المسجد، فكان يحلّ له عليه السلام و لأهل بيته ما يحلّ النبي صلّي اللّه عليه و آله دون أفراد الأُمّة.و تكلّم بذلك الناس، فقال صلّي اللّه عليه و آله:«أما بعد، فاني اُمر ت بسدّ هذه الأبواب إلّا باب علي، و قال فيه قائلكم، و إنّي و اللّه ما سددت شيئاً ولا فتحته، و لكني اُمرت بشيء فاتبعته» [244] .8_ و خصّه بالمناجاة يوم الطائف بأمر اللّه تعالي، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه!

فقال صلّي اللّه عليه و آله: «ما أنا انتجيته، و لكن اللّه انتجاه» [245] .9_ و في فتح مكّة اختصه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بأن أصعده علي منكبيه، و ألقي صنم قريش الأكبر، و النبي صلّي اللّه عليه و آله يقول: «جاء الحق و زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً» [246] .10_ و في مناظرة النبي صلّي اللّه عليه و آله لنصاري نجران اختصّ النبي صلّي اللّه عليه و آله علياً و فاطمة والحسن و الحسين عليهما السلام بالمباهلة، فكانوا المعنيين بقوله تعالي: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْْعُ أَبْنَاءَنَا وَ أَبْنَاءَكُمْ وَ نِسَاءَنَا وَ نِسَاءَكُمْ وَ أنفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ) [247] فجعل [ صفحه 87] علياً كنفسه صلّي اللّه عليه و آله [248] ، فكان أمير المؤمنين عليه السلام هو الذي تفرّد من بين رجال الأُمة بشرف الاصطفاء الإلهي لهذه المنزلة العظيمة.11_ و خصّه بالقتال علي تأويل القرآن، و قال صلّي اللّه عليه و آله: «إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت علي تنزيله» فاستشرف لها القوم و فيهم أبوبكر وعمر، فقال أبو بكر: أنا هو؟ قال صلّي اللّه عليه و آله: «لا». قال عمر: أنا هو؟ قال صلّي اللّه عليه و آله: «لا، و لكن خاصف النعل» [249] يعني علياً عليه السلام و كان يخصف نعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله.12_ و خصّه بكونه الهادي للأُمّة من بعده، قال علي عليه السلام في قوله تعالي: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) [250] : رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله المنذر، و أنا الهادي. [251] و عن ابن عباس: وضع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يده علي صدره

فقال: «أنا المنذر» ثم أومأ الي منكب علي عليه السلام و قال: «أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي» [252] .13_ و اختص عليه السلام بكونه أحبّ الخلق الي اللّه تعالي و الي رسوله صلّي اللّه عليه و آله، كما [ صفحه 88] في حديث الطائر المشوي وغيره. [253] 14_ و اختص عليه السلام بكونه قسيم الجنة و النار يوم القيامة. [254] 15_ و اختص عليه السلام بكون حبّه حباً للّه تعالي و رسوله صلّي اللّه عليه و آله، فقد جاء في الصحيح عنه صلّي اللّه عليه و آله أنه قال: «من أحبّ علياً فقد أحبني، و من أبغض علياً فقد أبغضني» [255] .و قال صلّي اللّه عليه و آله «حبيبك حبيبي، و حبيبي حبيب اللّه، و عدوّك عدوّي، و عدوي عدوّ اللّه، و الويل لمن أبغضك بعدي» [256] .16_ وعهد إليه النبي صلّي اللّه عليه و آله بأُمورٍ لم يعهدها الي غيره، وهذا هو معني الوصية علي ما تقدّم في أوّل البحث، قال ابن عباس: كنا نتحدّث أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عهد الي علي سبعين عهداً لم يعهدها الي غيره. [257] 17_ وجعله مع القرآن في كفّة واحدة حيث قال صلّي اللّه عليه و آله: «علي مع القرآن، و القرآن مع علي، لا يفترقان حتي يردا علي الحوض» [258] .الي غير ذلك من المزايا الفريدة التي لو أتينا عليها جميعاً لطال بنا المقام، و كلّها تحكي أن الوصية ليست المظهر الوحيد الذي اختص اللّه تعالي به وليه، بل له عليه السلام خصائص اُخري كانت مثار إعجاب و غبطة المؤمنين و حسد المنافقين [ صفحه 89] والذين في قلوبهم

مرض له عليه السلام، بل و تمنّي بعضهم ول واحدة منها، لتكون أحبّ إليه من حمر النعم، أو من الدنيا و ما فيها.قال عمر بن الخطاب: لقد أُعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها أحب إليّ من أن أُعطي حمر النعم. قيل: و ما هنّ؟ قال: تزويجه فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و سكناه المسجد مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يحلّ له ما يحلّ له، و الراية يوم خيبر [259] .و قال معاوية لسعد بن أبي وقاص: ما يمنعك أن تسبّ ابن أبي طالب؟ فقال: لا أسبّه ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، لأن تكون لي واحدة أحبّ إليّ من حمر النعم، و ذكر حديث الكساء، و حديث المنزلة، والراية يوم خيبر [260] .و قال سعد في حديث آخر: إن علي بن أبي طالب أُعطي ثلاثة لأن أكون اُعطيت إحداهنّ أحبّ إليّ من الدنيا و ما فيها، ثم ذكر حديث الغدير، و الراية يوم خيبر، و سدّ الأبواب دون بابه [261] . (وَاللَّهُ يَخْتَضُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [262] [ صفحه 90]

اوجه التشابه بين وصي موسي و وصي محمد

اشاره

تقدّم في أحاديث الوصية أنه حينما سأل سلمان رضي اللّه عنه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن وصيه، قال له صلّي اللّه عليه و آله: «من كان وصي موسي؟» فأجاب سلمان: يوشع بن نون، ثمّ عقّب صلّي اللّه عليه و آله بذكر وصيه علي بن أبي طالب عليه السلام.و لم تكن هذه المقارنة عبثاً، بل إنها تحكي عن مزيدٍ من أوجه التشابه و التماثل بين وصيّ موسي عليه

السلام و وصي محمّد صلّي اللّه عليه و آله، و فيما يلي نذكر بعض الأوجه المستقاة من الحديث و السنّة:

السبق الي الإيمان

يتميّز أمير المؤمنين عليه السلام من بين سائر أفراد الاُمّة بعمق وجوده في كيان الرسالة، فهو المسلم الأول، و المصلّي الأول، و المجاهد الأول في تاريخ الإسلام، و هكذا كان يوشع عليه السلام، فقد جاء في الحديث عن ابن عباس: قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «السبّاق _ أو السُّبّق _ ثلاثة: فالسابق الي موسي يوشع بن نون، و السابق الي عيسي ياسين، و السابق الي محمّد صلّي اللّه عليه و آله علي ابن أبي طالب» [263] . [ صفحه 91] و قال المفجّع البصري في هذه الخصلة من التشابه: و له من صفات يوشع عندي كان هذا لمّا دعا الناس موسي و عليّ قبل البريّة صلّي كان سبقاً مع النبي يصلّي رُتبٌ لم أكن لهنّ نسيّا سابقاً قادحاً زناداً و ريّا خائفاً حيث لا يعاين ريّا ثاني اثنين ليس يخشي ثويّا [264]

رد الشمس

ردّت الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام مرتين؛ مرة في حياة النبي صلّي اللّه عليه و آله، و ذلك حينما تغشي الوحي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، فتوسّد فخذ أمير المؤمنين عليه السلام، ففاتته صلاة العصر [265] . و مرّة اُخري في زمان خلافته، لمّا أراد أن يعبر الفرات ببابل حينما عاد من قتال الخوارج، فاشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابّهم ورحالهم، ففاتتهم الصلاة معه عليه السلام، فشكوا ذلك إليه، فسأل اللّه تعالي أن يردّ الشمس، فأجابه اللّه تعالي الي ذلك. [266] و رُدّت الشمس ليوشع بن نون وصي موسي عليه السلام حينما فاتته الصلاة في وقتها [267] ، و قيل: بل ردّت له حينما خرج لقتال الجبّارين في مدائن الشام، فأدركه [ صفحه 92] المساء و

قد بقيت منهم بقية، فدعا اللّه تعالي، فردّ عليه الشمس، وزاد في النهار ساعة حتي استأصلهم و دخل مدينتهم و جمع غنائمهم. [268] و ذكر كثير من الشعراء هذه الفضيلة مقارنين بين عليّ و يوشع عليهما السلام، منهم: السيد الحميري حيث قال: ردّت عليه الشمس لمّا فاته حيّي تبلّج نورها في وقتها و عليه قد رُدّت ببابل مرّة إلّا ليوشع أو [269] له ولردّها وقت الصلاة و قد دنت للمغربِ للعصر ثم هوت هويّ الكوكبِ اُخري و ما رُدّت لخلق معربِ و لحبسها تأويل أمر معجبِ [270] و قال ابن أبي الحديد: يامن له رُدّت ذُكاء و لم يَفُز بنظيرها من قبلُ إلّا يوشعُ [271] 3_ قتال الجبّارينعهد موسي عليه السلام الي يوشع بأنه يقاتل الجبارين في بلاد الشام، فقاتلهم في [ صفحه 93] بيت المقدس و أريحا والبلقاء حتي مكّنه اللّه منهم [272] ، و عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السلام بأنه يقاتل المارقين والناكثين والقاسطين [273] ، فقاتل الجبّارين و أئمّة الضلال من هذه الأمّة.و جاء في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قرأ هذه الآية في يوم الجمل (وَ إِن نَكَثُوا أَيْمَانَهُم مِن بَعْدْ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ آلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ) [274] ثمّ قال: «و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة واصطفي محمّداً صلّي اللّه عليه و آله بالنبوة إنهم لأصحاب هذه الآية، و ما قوتلوا مذنزلت» [275] .

خروج الصفراء علي يوشع، و الحميراء علي علي

اشاره

حينما قام يوشع بالأمر بعد موسي عليه السلام خرجت عليه صفراء _ أو صفوراء _ بنت شعيب، زوجه موسي عليه السلام فقالت: أنا أحقّ منك بالأمر، و تبعها بعض

منافقي بني إسرائيل، فقاتلهم يوشع، و ظفر بهم، و قتل مقاتليهم و هزم الباقين، و أسر صفراء و عفا عنها، و أحسن صونها حتي أوصلها مع حرسٍ من النساء الي قومها [276] ، و هكذا كان الأمر مع عائشة حينما خرجت علي أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. [ صفحه 94] و إذا كانت بنت شعيب الخارجة علي إمام زمانها صفراء، فإن بنت أبي بكر التي خرجت علي إمام زمانها كانت حمراء، فانظر كيف أصبح اللون علامة لهما، وهو وجه من التشابه العجيب بينهما! و هذا من مصاديق قوله صلّي اللّه عليه و آله: «يكون في هذه الاُمة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و حذو القذّة بالقذّة» [277] .

الفتوة

كان يوشع فتي موسي عليه السلام، وقد جاء في الذكر العزيز (وَ إذْ قَالَ مُوسَي لِفَتَاهُ) [278] و جاء أيضاً (فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ) [279] قيل: إن المراد به يوشع بن نون وصي موسي عليه السلام، و به وردت الرواية، و قيل: سمّي فتيً لأنه كان يلازمه سفراً وحضراً، أو لأنه كان يخدمه. [280] و هكذا كان أمير المؤمنين عليه السلام فتي محمّد المصطفي صلّي اللّه عليه و آله، و قد جاء في الرواية أن جبرئيل نادي يوم اُحد مراراً:لا سيف إلّا ذو الفقا رو لا فتي إلّا عليو ذلك حينما قتل علي عليه السلام أصحاب الألوية يوم فرّ الجمع عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، فقال جبرئيل لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «إنّ هذه للمواساة»، فقال صلّي اللّه عليه و آله: «و ما يمنعه وهو منّي و أنا منه» فقال جبرئيل: و أنا منكما. [281] [ صفحه 95]

السبق في العلم

ورد في الحديث أن موسي عليه السلام أوصي الي يوشع؛ لأنه كان أعلم اُمّته بعده، و أن النبي صلّي اللّه عليه و آله أوصي الي علي عليه السلام لأنه أعلم اُمته بعده.فقد روي الطبراني عن سلمان رضي اللّه عنه قال: قلت يا رسول اللّه، لكل نبي وصيّ، فمن وصيك، فسكت عنّي، فلما كان بعدُ رآني، فقال: «يا سلمان» فأسرعت إليه، قلت: لبيك. قال: «تعلم من وصي موسي؟» قلت: نعم، يوشع ابن نون. قال: «لِم؟» قلت: لأنه كان أعلمهم. قال: «فإن وصيي و موضع سري و خير من أترك بعدي و ينجز عدتي و يقضي ديني علي بن أبي طالب» [282] .و قد ثبت أن علياً عليه السلام أعلم الأُمّة و أقضاها بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و لم يسبقه أحد في هذا المضمار، وقد قدّمنا ذلك في المبحث الثالث (مظاهر الاصطفاء).

اتباعه هم الفرقة الناجية

ورد في الحديث عن علي عليه السلام: «افترقت اليهود علي احدي و سبعين فرقة، سبعون منها في النار و واحدة ناجية في الجنة، و هي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسي عليه السلام... و تفترق هذه الأمة علي ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون فرقة في النار و واحدة في الجنة، و هي التي اتبعت وصي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و ضرب بيده علي صدره» [283] . [ صفحه 96]

ليلة الشهادة و أحداثها

قال الحسن عليه السلام خطيباً في الليلة التي قتل بها أمير المؤمنين عليه السلام، فكان مما قال: «لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون و لا يدركه الآخرون، ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسي بن مريم، و التي توفي فيها يوشع ابن نون..» [284] .و من حوادث ليلة الشهادة ما رواه ابو بصير عن أبي عبداللّه عن أبيه الباقر عليهما السلام، قال: «لما كانت الليلة التي قتل فيها علي عليه السلام لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلّا وجد تحته دم عبيط حتي طلع الفجر، و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون» [285] .و روي ابن شهاب عن عبدالملك: أنه لم يرفع حجر من بيت المقدس إلّا وجد تحته دم، و ذلك في الصبيحة التي قُتِل فيها علي عليه السلام [286] .9_ مدّة بقائه بعد النبي صلّي اللّه عليه و آلهروي الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبداللّه بن مسعود، قال: قلت للنبي صلّي اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، من يغسّلك إذا متّ؟ قال: «يغسّل كل نبي وصيه» قلت: فمن وصيك يا رسول اللّه؟ قال: «علي بن أبي طالب» قلت: كم يعيش بعدك

يا رسول اللّه؟ قال: «ثلاثين سنة، فإن يوشع بن نون وصي موسي عاش بعد موسي ثلاثين سنة...» [287] . [ صفحه 97]

عدد الأئمة بعده

روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن الامام الصادق عليه السلام _ في حديث _ قال: «استتر الأئمة بعد يوشع بن نون الي زمان داود عليه السلام أربعمائة سنة، و كانوا أحد عشر، و كان قوم كلّ واحد منهم يختلفون إليه في وقته، و يأخذون عنه معالم دينهم حتي انتهي الأمر الي آخرهم، فغاب عنهم، ثم ظهر لهم فبشّر هم بداود عليه السلام، و أخبرهم أن داود عليه السلام و الذي يطهّر الأرض من جالوت و جنوده، ويكون فرجهم في ظهوره» [288] .و كذلك كان عدد الأئمة بعد أمير المؤمنين عليه السلام أحد عشر إماماً، و قد مارست الاُمّة في شأنهم شتي أنواع التغييب القسري عن ممارسة دورهم القيادي الذي جعله اللّه لهم، فكان نصيبهم السجن أو القتل أو السمّ، لكن مع ذلك فرضوا مرجيتهم الفكرية حتي علي فقهاء البلاطات في كثير من الحالات المدونة في مصادر الحديث و التاريخ، و تربّي علي أيديهم أجبالاً من أصحابهم المتقين الذين كانوا يختلفون إليهم. و يأخذون عنهم معالم دينهم حتي انتهي الأمر اليآخر هم، وهو الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام. المنتظر لإقامة دولة الحق و العدل والسلام، و محق أسس الجور والظلم و لباطل، و (لِلّهِ آلْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ آلْمُؤْمِنُونَ) [289] .

مظاهر اخري من التشابه بينهما

جاء في الرواية عن الصادق عليه السلام أن يوشع بن نون اُتي بقوم بعد وفاة موسي عليه السلام، شهدوا أن لا إله إلّا اللّه و لم يقرّوا أن موسي رسول اللّه، فجعلهم في [ صفحه 98] حفيرة و أوقد لهم في حفيرة ثانية، ثم استتابهم مرّة بعد اُخري، فلم يتوبوا فقتلهم بالدخان، و هكذا فعل بمثلهم أمير المؤمنين عليه السلام

في الكوفة. [290] فهذه بعض أوجه التشابه بين يوشع و أمير المؤمنين عليهما السلام، و يستطيع المتتبّع أن يجد المزيد، ولو لم يكن ثمة دليل آخر علي الوصية لأمير المؤمنين عليه السلام غير هذه الأوجه التي ذكرناها لكانت كافية في إثبات المراد.(إِنَّ فِي ذلِكَ لّذِكْرَي لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَي آلسَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ) [291] [ صفحه 99]

الوصية في الشعر العربي

اشاره

إنّ الشعر العربي يعدّ ديوان العرب و سجّل مآثرهم و أيامهم، و قد دوّن الرعيل الأول من شعراء صدر الإسلام الأحداث الكبري و الوقائع العظمي التي مرت بها الدعوة الإسلامية منذ تباشير نشأتها الأولي، وعكسوا في أشعارهم مفاهيم الإسلام و مصطلحاته التي ألفوها من خلال صحبتهم للنبي المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سماعهم كلام الوحي علي لسانه.و كانت الوصية من المفاهيم المهمة التي حظيت بنصيب وافر في ديوان الشعر العربي منذ فجر الرسالة و الي اليوم، و قد تسالم علي نقلها أهل العلم و رواة الأخبار علي الاتفاق و التواطؤ جيلاً بعد جيل بشكل لا يمكن لأحدٍ إنكاره أو دفعه إلّا مكابرة أو عناداً.و قد عبّر ابو العباس المبرّد عن كثرة النصوص الشعرية الواردة في الوصية بقوله: فهذا شيء كانوا يقولونه ويكثرون فيه. [292] .و ذكر ابن أبي الحديد في معرض شرحه لقول أمير المؤمنين عليه السلام عن أهل البيت عليهم السلام: «و فيهم الوصية و الوراثة» اثنين و عشرين نصاً من الشعر المقول في [ صفحه 100] صدر الإسلام، المتضمن كونه عليه السلام وصي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و قد نقلها جميعاً عن كتابين [293] فقط، ثم قال في آخرها: والأشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جداً و لكنّا

ذكرنا منها هاهنا بعض ما قيل في هذين الحزبين، فأما ما عداهما فانه يجلّ عن الحصر، و يعظم عن الإحصاء و العدّ، و لو لا خوف الملالة و الإضجار لذكرنا من ذلك مايملأ أوراقاً كثيرة. [294] و قد اقتصرت في هذا الفصل علي الأشعار التي أنشدها الصحابة دون غيرهم لتكون شواهد تاريخية دامغة، بالغة في الحجة، قاطعة لذرائع المتذرّعين و المؤوّلين، لما تضمّنته من نصوص صريحة في الدلالة علي أن الوصية أمرٌ معروف في صدر الإسلام، و أنها تعني الاستخلاف و ولاية الأمر بعد الرسول صلّي اللّه عليه و آله، و قد رتّبت أسماء الشعراء علي حروف الهجاء:

الاشعث بن قيس الكندي

صحابي، أسلم سنة 16ه_، و ارتدّ بعد النبي صلّي اللّه عليه و آله، و اُخذ أسيراً، ثم أطلقه أبوبكر، و شهد اليرموك، و استعمله عثمان علي أذربيجان، و شهد صفين مع علي عليه السلام، و كان ممن ألزمه بالتحكيم، و توفي سنة 40 ه_، و قيل: 42 ه_. اُسد الغابة 1: 151 / 185مما قيل علي لسان الأشعث في صفّين: أتانا الرسول الوصيّ رسول الوصيِّ وصيِّ النبي عليّ المهذّب من هاشمِ وخيرالبرية من قائمِ [ صفحه 101] وزير النبيّ و ذو صهره و خير البرية في العالمِ [295] .و مما قيل علي لسانه أيضاً: أتانا الرسول رسول عليّ رسول الوصيِّ وصيِّ النبيّ وزير النبيّ و ذو صهره فسرّ بمقدمه المسلمونا له السبق و الفضل في المؤمنينا و سيف المنية في الظالمينا [296] .

جرير بن عبدالله البجلي

من أعيان الصحابة، سكن الكوفة، وقدم الشام برسالة أمير المؤمنين عليه السلام الي معاوية، والتحق بمعاوية الطليق، وتوفي سنة 54ه_. الاصابة 1: 232 / 1136، سير أعلام النبلاء/ الذهبي 2: 530 / 108 _ مؤسسة الرسالة _ بيروت _ 1405 ه_، معجم رجال الحديث / السيد الخوئي 4: 41 _ بيروت _ ط 3_ 1403 ه_قال حينما ورده كتاب علي عليه السلام بعد البيعة: فصلي الاله علي أحمدٍ وصلي علي الطهر من بعده علياً عنيت وصيّ النبيّ له الفضل السبق والمكرما رسول المليك تمام النِّعمْ خليفتنا القائم المدّعمْ يجالد عنه غواة الأممْ ت و بيت النبوة لا يُهتَضمْ [297] [ صفحه 102] و كان فيما كتب الي شرحبيل بن السمط الكندي رئيس اليمانية، و كان من أصحاب معاوية: شرحبيل يا بن السمط لا تتبع الهوي فمالك في الدنيا من الدين من بدلْالي

أن يقول: و ما لعليّ في ابن عفان سقطةٌ وصيّ رسول اللّه من دون أهله بأمرٍ، ولا جلبٌ عليه، ولا قَتَلْ و فارسه الحامي به يُضرَب المَثَلْ

حجر بن عدي الكندي

أنشد في يوم الجمل: يا ربّنا سلّم لنا عليا المؤمن المسترشد المرضيا لا أخطل الرأي ولا غبيا فانه كان له وليا سلّم لنا المهذّب النقيا واجعله هادي اُمةٍ مهديا واحفظه ربّ حفظك النبيا ثمّ ارتضاه بعده وصياو في البيت الأخير دلالة واضحة علي أن معني الوصية الخلافة و لا يمكنوقعة صفين: 48 _ 49، شرح ابن أبي الحديد 1: 149.كان من خيار الصحابة، و يسمّي حجر الخير، و فد علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و شهد القادسية، و كان رئيساً قائداً شجاعاً، عابداً زاهداً مستجاب الدعوة، عارفاً باللّه، مطيعاً له، مجاهراً بالحق، مقاوماً للظلم، شهد الجمل و صفين مع أمر المؤمنين عليه السلام، و قتله معاوية الوغد اللئيم صبراً في مرج عذراء مع أصحابٍ له سنة 51 ه_. اُسد الغابة 1: 565 / 1093، أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين 7: 302 _ دار التعارف _ بيروت _ 1420ه_، الأعلام / الزركلي 2: 169 _ دار العلم للملايين _ بيروت.وقعة صفين: 381، الفتوح / ابن أعثم 3: 145، شرح ابن أبي الحديد 1: 145. [ صفحه 103] صرفه أو تأويله الي معني آخر.

حسان بن ثابت الأنصاري

من أعيان الصحابة، شاعر النبي صلّي اللّه عليه و آله، توفي قبل الأربعين للهجرة، وقيل غير ذلك. راجع: اُسد الغابة 1: 7 / 1153قال يمدح علياً عليه السلام علي لسان الأنصار: جزي اللّه عنا والجزاء بكفّه سبقت قريشاً بالذي أنت أهله غضبت لنا إذ قام عمروٌ بخطبة حفظت رسول اللّه فينا وعهده ألست أخاه في الهدي و وصيّه أبا حسنٍ عنّا و من كأبي حسن فصدرك مشروح و قلبك ممتحنْ أمات بها التقوي و أحيا بها الإحنْ إليك فمن

أولي به منك مَن و مَنْ و أعلم منهم بالكتاب و بالسنن [298] .

خزيمة بن ثابت الأنصاري

صحابي جليل، معروف بذي الشهادتين، شهد بدراً و المشاهد كلها، و شهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنين عليّ عليه السلام و استشهد في صفين سنة 37 ه_. اُسد الغابة 2: 164 / 1446.قال في أمير المؤمنين عليه السلام: فديت علياً إمام الوري وصيّ الرسول و زوج البتول سراج البرية مأوي التقي إمام البرية شمس الضحي [299] و قال في بيعة أمير المؤمنين عليه السلام: [ صفحه 104] إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا وصي رسول اللّه من دون أهله أبو حسنٍ مما نخاف من الفتنْ و فارسه قد كان في سالف الزمنْ [300] و قال في أبيات يخاطب بها عائشة يوم الجمل: أعائش خلّي عن عليّ و عيبه وصيّ رسول اللّه من دون أهله بما ليس فيه إنّما أنت والدهْ و أنت علي ما كان من ذاك شاهدْ [301] و قال في يوم الجمل أيضاً: يا وصيّ النبي قد أجلتِ الحر و استقامت لك الاُمور سوي الشا ب الأعادي و سارت الأظعانُ م و في الشام يظهر الاذعانُ [302]

زحر بن قيس بن مالك الجعفي

له إدراك، و كان من الفرسان، و كان مع أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، فاذا نظر إليه قال: من سرّه أن ينظر الي الشهيد الحيّ فلينظر الي هذا، و استعمله أمير المؤمنين عليّ عليه السلام علي المدائن. الإصابة 1: 576 / 2966.أضربكم حتي تقرّوا لعلي من زانه اللّه و سماه الوصي خير قريش كلّها بعد النبي ان الولي حافظ ظهر الوليكما الغوي تابع أمر الغوي [303] [ صفحه 105]

زفَر بن زيد الأسدي

صحابي، كان سيد بني أسد في وقته، و ثبت علي إسلامه حين ظهر طليحة و ادّعي النبوة، اُسد الغابة 2: 306 / 1754.و قال حينما رأي تنكّب الناس عن وصية النبي صلّي اللّه عليه و آله: فحوطوا علياً واحفظوه فانه و إن تخذلوه و الحوادث جمّةٌ وصيّ و في الإسلام أول أولُ فليس لكم عن أرضكم متحولُ [304] .

زياد بن لبيد الأنصاري

صحابي، خرج الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و أقام معه بمكّة، حتي هاجر معه الي المدينة، شهد بدراً و المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و استعمله النبيّ صلّي اللّه عليه و آله علي حضرموت. توفّي في أوّل ايام معاوية الوغد اللئيم. اُسد الغابة 2: 325 / 1809.قال يوم الجمل و قد شهدها مع علي عليه السلام: كيف تري الأنصار في يوم الكلبْ و لا نبالي في الوصيّ من غضبْ هذا عليّ وابن عبد المطلبْ إنا اُناس لا نبالي من عطبْ و إنّما الأنصار جدّ لا لعبْ ننصره اليوم علي من قد كذبْ [305] .يعني: علي عائشة و طلحة و الزبير و جندهم الكذّابين الناكثين.9_ عبادة بن الصامت الأنصاري [306] يا للرجال أخّروا علياً عن رتبة كان لها مرضيا [ صفحه 106] اليس كان دونهم وصياً [307] وفي الشطر الأخير يحتج الشاعر علي الذين أخّروا عليّاً عليه السلام عن رتبته في الخلافة التي ارتضاها له اللّه تعالي و رسوله صلّي اللّه عليه و آله، بكونه وصياً من دونهم، و الوصية تقتضي التقديم؛ لأنها لا تعني شيئاً غير الخلافة.

عبدالرحمن بن حنبل

صحابي، شاعر، أصله من اليمن، و مولده بمكّة، شهد وقعة أجنادين، شهد مع أمير المؤمنين عليّ عليه السلام الجمل و صفّين، و استُشهد في صفّين سنة 37 ه_، الإصابة 2: 395/ 5107، الأعلام / الزركلي 3: 305. لعمري لئن بايعتم ذا حفيظة أبا حسن فارضوا به و تمسّكوا عليّاً وصي المصطفي و وزيره علي الدين معروف العفاف موفّقا فليس لمن فيه يري العيب منطقا و أول من صلّي لذي العرش و اتّقي [308] .

عبدالله بن أبي سفيان الهاشمي

هو عبداللّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب بن هاشم، أبوالهياج، ذكره البغوي في الصحابة، و قال الواقدي في مقتل الإمام الحسين عليه السلام: إن أبا الهياج قتل معه عليه السلام، و كان شاعراً مجيداً، و قد ور د مع أمير المؤمنين عليّ عليه السلام الي المدائن. اُسد الغابة 3: 267 / 2980، الاصابة 3: 320.قال في جواب الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط: و كان ولي الأمر بعد محمدٍ عليٌّ و في كل المواطن صاحبه [ صفحه 107] وصي رسول اللّه حقاً و صنوه و أول من صلّي و من لان جانبه [309] .و له أيضاً و لعلّه من نفس القصيدة: و منّا علي ذاك صاحب خيبرٍ وصيّ النبي المصطفي و ابن عمّه و صاحب بدرٍ يوم سالت كتائبه فمن ذا يدانيه و من ذا يقاربه [310] .

عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي

صحابي جليل، و كان سيد قومه، أسلم قبل الفتح، و شهد الفتح و حنيناً و الطائف و تبوك مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و صحب أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام فكان من أفاضل أصحابه و أعيانهم، شهد الجمل معه عليه السلام، و قُتل مع أخيه عبدالرحمن في صفّين سنة 37 ه_. اُسد الغابة 3: 184، 2832.قال في يوم الجمل: يا قوم للخطّة العظمي التي حدثت الفاصل الحُكم بالتقوي إذا ضربت حرب الوصي و ما للحرب من آسي تلك القبائل أخماساً لأسداسِ [311] .

عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب

قال في صفّين يصف أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام: وصيّ رسول اللّه من دون أهله فدونكه إن كنت تبغي مهاجراً وفارسه إن قيل هل من منازل أشمُّ كنصل السيف غير حلاحل [312] . [ صفحه 108]

اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب

أنشد عليه السلام في صفين جواباً لعمرو بن العاص و معاوية من قصيدة طويلة جاء فيها: يا عجباً لقد سمعت منكراً يسترقّ السمع و يغشي البصرا أن يقرنوا وصيّه والأبترا كذباً علي اللّه يشيب الشعرا ما كان يرضي أحمدٌ لو خُبّرا شاني الرسول واللعين الأخزرا [313] .

عمرو بن العاص السهمي

من قصيدة له طويلة كتبها الي معاوية حينما امتنع عن إرسال خراج مصر: معاوية الحال لا تجهل فبي حاربوا سيد الأوصياء و عن سبل الحقّ لا تعدلِ بقولي دمٌ طُلّ من نعثلِ [314] .

قيس بن سعد بن عبادة

صحابي جليل، كان سيد الأنصار غير مدافع، و يحمل رايتهم في مغازي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و صحب أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام في خلافته فولّاه مصر سنة 36 _ 37، وشاركه في حروبه، و توفي سنة 60 ه_ بعد أن صحب الإمام الحسن عليه السلام. اُسد الغابة 4: 450 / 4348، اعلام الزركلي 5: 206.أنشد في الكوفة لمّا نزل الإمام الحسن عليه السلام و عمار رضي اللّه عنه يستحثّان أهل الكوفة علي نصرة أمير المؤمنين عليه السلام في حرب الجمل: رضينا بقَسم اللّه إذكان قَسمنا علياً و أبناء الرسول محمّدِ [ صفحه 109] و قلنا لهم أهلاً و سهلاً و مرحباً أتاكم سليلُ المصطفي و وصيُّه نمدّ يدينا من هَوَيً و تودّد و أنتم بحمد اللّه عارٍ عن الهَدِّ [315] .17_ المغيرة بن الحارث بن عبدالمطلب [316] يا عصبة الموت صبراً لا يهولكم فيكم وصيّ رسول اللّه قائدكم جيش ابن حربٍ فإنّ الحقّ قد ظهرا و صهره و كتاب اللّه قد نشرا [317] .18_ المنذر بن أبي حميصة الوادعي [318] .قال في قصيدة أنشدها أمير المؤمنين عليه السلام: ليس منّا من لم يكن لك في اللّ__ ___ه وليّاً يا ذالولا و الوصيّهْ [319] 19_ النعمان بن عجلان الأنصاري [320] .قال في أمر السقيفة رادّاً علي عمرو بن العاص: و كان هواناً في عليّ و إنّه فذاك بعون اللّه يدعو الي الهدي وصيّ النبي المصطفي وابن عمّه لأهلٌ

لها يا عمرو من حيث لاتدري وينهي عن الفحشاء و النكر و قاتل فرسان الضلالة والكفرِ [321] . [ صفحه 110] و أنشد في صفين: كيف التفرّق والوصيّ إمامنا و ذروا معاوية الغوي وتابعوا لا كيف إلّا حيرة و تخاذلا دين الوصيّ لتحمدوه آجلا [322] .

ابوالهيثم بن التيهان

و هو مالك بن التيهان الأنصاري الأوسي، صحابي جليل، كان يقول بالتوحيد في الجاهلية، وأحد النقباء الاثني عشر، شهد بدراً و اُحداً و المشاهد كلها مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، وكان شاعراً مجيداً، شهد صفين مع أمير المؤمنين عليّ صلّي اللّه عليه و آله، و استشهد هو و أخوه عبيد فيها سنة 37 ه_. صفة الصفوة / ابن الجوزي 1: 212 / 34_ دار المعرفة _ بيروت _ 1420 ه_، اُسدالغابة 5: 15 و 6: 341، المحبّر / ابن حبيب: 268 _ دار الآفاق الجديدة _ بيروت، الاستيعاب 3: 369.قال حين مسير أمير المؤمنين عليه السلام لحرب البصرة: يا وصيّ النبيّ نحن من الحقّ ليس منّا من لم يكن لك في اللّ_____ه علي مثل بهجةٍ الإصباحِ وليّاً علي الهدي والفلاحِ [323] .و أنشد في الجمل قصيدة منها: قل للزبير و قل لطلحةَ إنّنا إنّ الوصيّ إمامنا و ولينا نحن الذين شعارنا الأنصارُ برح الخفاء وباحت الأسرارُ [324] .فهذه عشرون شهادة علي الوصية من عمق تاريخ الإسلام، و كلّها علي لسان الصحابة، وقد رأينا في جملة منها ربط مفهوم الوصية بالخلافة و الإمامة و ولاية الأمر بعد الرسول صلّي اللّه عليه و آله، بلا فصل، ولا يمكن اتهامهم بقلّة الفهم أو [ صفحه 111] السذاجة، سيّما و قد عاصروا الرسول صلّي اللّه عليه و آله فكانوا أولي

من غيرهم في فهم مراده صلّي اللّه عليه و آله.و لقد كان من بين الذين ذكروا الوصية في أشعارهم من أعداء علي صلّي اللّه عليه و آله الذين شهروا السيف في وجهه، و الفضل ما شهدت به الأعداء، و منهم: عاصم ابن الدلف الذي أنشد في حرب البصرة و هو آخذ بخطام جمل عائشة: نحن بني ضبّة أعداء علي ذاك الذي يُعرف قدماً بالوصي [325] و هو يشير الي قدم هذا المصطلح و عمق وجوده في تاريخ علي عليه السلام المشرق.و فيهم أيضاً ممّن صار فيما بعد في صفّ أعداء علي عليه السلام كالاشعث بن قيس و عمر و بن العاص، فكانت تلك الأشعار حجة لأمير المؤمنين عليه السلام يوم يلقاهما علي الحوض فيذودهما عنه.و للمتأخرين عن عصر الصحابة أشعار كثيرة في الوصية، نذكر منهم مرتّبين علي الحروف: أبو الأسود الدؤلي، بديع الزمان الهمذاني، القاضي التنوخي، الحسن بن الحجاج، الحسن بن النضر الفهري، ابن حماد، الحماني، الخطيب الخوارزمي،ابن دريد، دعبل بن علي الخزاعي، ابن الرومي، سعيد بن قيس الهمداني، سفيان بن مصعب العبدي، السيد الحميري، الشريف الرضي، الشريف المرتضي، الصاحب بن عباد، ابو العباسي الضبي، عبدالرحمن بن ذؤيب، عبيداللّه بن قيس الرقيات، عثمان بن أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام، عمر بن حارثة الأنصاري، عمرو بن اُحيحة، أبو فراس الحمداني، أبوالفضل الصنوبري، الفضل بن العباس بن ربيعة اللهبي، أبوالقاسم الزاهي، قطب الدين [ صفحه 112] الراوندي، كثير عزّة، كشاجم، الكميت الأسدي، المأمون العباسي، المفجع البصري، مهيار الديلمي، ابن منير الطرابلسي، النجاشي، قاضي القضاة يحيي ابن أبي المعالي محمد القرشي الأموي الشافعي [326] ، و غيرهم كثير. [ صفحه 113]

موقف الامة من الوصية

اشاره

لما كانت الوصية تعني ولاية العهد والقيام

بالأمر بعد الرسول صلّي اللّه عليه و آله علي ما بيّناه في الفصول المتقدّمة، و خالفها جمهور الصّحابة... فقد أصبحت الاُمّة متفرقةً بشأنها الي ثلاث فرق:

المؤمنون بالوصية

فالفرقة الأولي: هم الذين آمنوا بالوصيّة و سلّموا لأمرها و دافعوا عنها، و حكموا بعدم شرعية السقيفة لتناسي رموزها تلك الوصية، و هؤلاء يمثلون خطاً أصيلاً يؤمن بمرجعية الكتاب و عترة النبي صلّي اللّه عليه و آله الي قيام يوم الدين، تمسّكاً بوصية النبي صلّي اللّه عليه و آله في آخر حياته حيث قال: «ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فاُجيب، و أنا تار ك فيكم الثقلين: أولهما كتاب اللّه، فيه الهدي و النور، فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به... و أهل بيتي، أُذكّركم اللّه في أهل بيتي، أُذكركم اللّه في أهل بيتي» [327] .وفي لفظ آخر: «... و لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما» [328] . و في آخر: «فلا تقدمو هما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهما فانهما أعلم منكم» [329] . [ صفحه 114] و هو واضح الدلالة علي إيجاب طاعة أهل البيت عليهم السلام و عدم التقصير عنهم أو التقدّم عليهم، و جعلهم مع القرآن في كفّة واحدة من حيث العصمة و العلم و بقاء المرجعية الي يوم الدين.و هؤلاء هم الشيعة الإمامية في تاريخهم الممتد منذ فجر الرسالة و الي اليوم، و تابعهم بعض أعلام العامة ممن عرفوا الحقّ و ساروا تحت لوائه و كل ما مرّ في الفصول السابقة من مثبتات الوصية، من القرآن و السنّة و العقل، و الأدب و التاريخ و غير ذلك يرسم الصورة الواضحة لهذا الاتجاه.

المؤولون لها

و الفرقة الثانية: هم الذين اتّبعوا أهل السقيفة و جعلوا يبرّرون عملهم، و هؤلاء قد اختلفوا فيما بينهم في كيفيّة التبرير و رفع اليد عن أحاديث الوصيّة و

التخلّي عن مضامينها المتواترة.فمنهم من لم يجد بدّاً من الاعتراف بصحّة الأحاديث و ثبوتها و بمفادها، و هو العهد الي الإمام عليه السلام، فزعم أنه عهدٌ لا بالإمامة و الولاية، و يأتي علي رأس هؤلاء غالب المعتزلة وبعض العامة الذين صحّت عندهم الطرق في رواية أحاديث الوصية، فاضطروا الي تأويلها علي ما سيأتي بيانه.قال ابن أبي الحديد المعتزلي عند شرحه لقول أمير المؤمنين عليه السلام في أهل البيت عليهم السلام: «و فيهم الوصية و الوارثة» قال: أما الوصية فلا ريب عندنا أن عليّاً عليه السلام كان وصي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و إن خالف في ذلك من هو منسوب عندنا الي العناد، و لسنا نعني بالوصية النصّ و الخلافة، و لكن أُموراً أُخري لعلّها إذاالمحرقة: 150 _ باب 11 _ فصل 1_، الدر المنثور / السيوطي 2: 285 عند تفسير الآية 203. [330] و ممّا لا شكّ فيه أنه ليس ثمة معني أشرف و أجلّ من العهد بالمرجعية السياسية و الفكرية و الروحية له عليه السلام، و لو وُجد لذكره ابن أبي الحديد في معرض شرحه.و منهم جماعة حاولوا تحريف معني «الوصية» عن «العهد» ثمّ تحيّروا في تأويلها بما يتناسب و عقيدتهم في الخلافة بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.لقد اضطرّ هذا الصنف من الناس الي التمحّل في التأويل و صرف معني الوصية الي غير العهد و الإمرة و الخلافة، و ذلك حين خانتهم محاولات التضعيف والتشكيك التي اعتمدها آخرون كما سيأتي، حتي و لو كان التأويل باهتاً و مخالفاً لاعتبارات اللغة و التاريخ و الواقع، و فيما يلي نذكر بعض تأويلاتهم:1_ في تأويل المعني اللغوي للوصي، فحينما

وجد اللغويون أن عليّاً عليه السلام موصوفٌ بالوصي، راحوا يتأولون هذا اللفظ بعيداً عن معني العهد، حيث قالوا:والوصي كغني، لقب علي رضي اللّه عنه، سمّي به لا تصال سببه و نسبه و سمته بنسب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سببه و سمته [331] ، و ذلك أمر معلوم لا يحتاج معه الي أن، يلقب بالوصي بسبب ذلك الاتصال.هذا مع أن الصحابة لم يفهموا من معني الوصي إلّا العهد بالخلافة و الإمامة بعد النبي صلّي اللّه عليه و آله، حيث قال حجر بن عدي رضي اللّه عنه. يا ربّنا سلّم لنا عليّا فانه كان له وليا سلّم لنا المهذّب النقيا ثم ارتضاه بعده وصيا [332] [ صفحه 116] 2_ أوّل الطبراني مفهوم الوصية في حديث سلمان الذي رواه عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و فيه: «فإن وصيي و موضع سري و خير من أترك بعدي و ينجز عدتي و يقتضي ديني علي بن أبي طالب».قال الطبراني: قوله «وصيي» يعني أنه أوصاه في أهله لا بالخلافة، و قوله «خير من أترك بعدي» يعني من أهل بيته صلّي اللّه عليه و آله. [333] و لا دليل في الحديث علي اختصاص الوصية في أهله، بل إن كونه موضع سرّه و خير من يترك بعده صلّي اللّه عليه و آله من الدلالات الالتزامة علي أن الوصية بالإمامة و الخلافة.و لا دليل أيضاً علي اختصاص أفضليته علي أهل بيته دون سواهم من الأُمّة، و قد ثبت أنه عليه السلام أفضل البرية بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في أحاديث صحيحة لا مجال للشك و الترديد فيها، منها حديث المنزلة و حديث الطير و قوله

صلّي اللّه عليه و آله: علي خير البرية» [334] و قوله صلّي اللّه عليه و آله «علي خير البشر» [335] فضلاً عن آية المباهلة في قوله تعالي: (وَ أَنْفُسَنَا وَ أَنْفُسَكُمْ) [336] حيث دعا النبي صلّي اللّه عليه و آله علياً عليه السلام فحكم له بأنه نفسه [337] ، و غير ذلك كثير. [338] علي أنه لو قلنا _ كما زعموا _ باختصاص افضليته عليه السلام في أهل البيت عليهم السلام فسيكون فضل أمير المؤمنين علي سائر الخلق بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أوضح و أتمّ، [ صفحه 117] بلحاظ أفضلية أهل البيت عليهم السلام علي الناس أجمعين، ولو لم يكن فيهم إلّا حديث الثقلين، و السقيفة، و باب حطّة، لكفي.و خلاصة ما نقوله بشأن الطبراني و غيره ممن سيأتي: اننا نقبل منكم روايتكم، ولا كرامة بتأويلكم.3_ أوّل المحب الطبري حديث بريدة عن النبي صلّي اللّه عليه و آله: «لكل نبي وصي ووارث، و إن علياً وصيي ووارثي» قال: أخرجه الحافظ أبوالقاسم البغوي في معجم الصحابة، و إن صحّ هذا الحديث، فالتوريث محمول علي ما رواه معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال: قال علي رضي اللّه عنه: «يا رسول اللّه: و ما أرث منك؟» قال:«ما يرث النبيون بعضهم من بعض؛ كتاب اللّه و سنة نبيه» حملاً للمطلق علي المقيد، و هذا توريث غير التوريث المتعارف، فيحمل الايصاء علي نحوٍ من ذلك؛ كالنظر في مصالح المسلمين علي أي حال كان خليفة أو غير خليفة، و مساعدة اُولي الأمر، و ذَكَر أحاديث أخري حمل عليها معني الوصية. [339] و لا شك أن وراثة الكتاب والسنة هما من أهم لوازم الخلافة و الإمامة، فكيف

يمكن أن يكونا دليلاً علي عدم وراثتها؟ و قد كان علي عليه السلام يقول: «... و اللّه إني لأخوه ووليه و ابن عمّه ووارث علمه، فمن أحق به منّي» [340] أي في خلافته، حيث جعل الارث العلمي واحداً من لوازم الخلافة.أما حمل الوصية علي النظر في مصالح المسلمين ومساعدة اُولي الأمر، فان الأول لا يتمكن منه إلّا إذا كان مطلق اليد، والثاني أمر يشترك فيه كافة المسلمين. [ صفحه 118] علي أن القول بمساعدته عليه السلام أولي الأمر بموجب الوصية باطل بالضرورة إذ الثابت أن عليّاً عليه السلام هو ولي الأمر بحديث الغدير المتواتر، و حاشا لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من هذا التناقض، إذ كيف ينصبه وليّاً و خليفة علي أبي بكر وعمر و سائر المسلمين ثمّ يوصّيه بمساعدة من بيعتهم فلتة الي أبد الآبدين؟!قال الشوكاني في معرض ردّه علي تأويل المحب الطبري: والحامل له علي هذا الحمل حديث عائشة السابق، والواجب علينا الايمان بأن علياً عليه السلام وصي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، ولا يلزمنا التعرض للتفاصيل الموصي بها، فقد ثبت أنه أمره بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين، وعينّ له علاماتهم، و أودعه جملاً من العلوم، و أمره باُمور خاصة، فجَعْل الموصي بها فرداً منها ليس من دأب المنصفين. [341] .4_ و حذا المتأخرون حذو المتقدمين في التأويل، ففي رواية الطبري لحديث الدار في (تهذيب الآثار):((فأيكم يؤازرني علي أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم)) ثم قوله صلّي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام: «إن هذا أخي ووصيي و خليفتي فيكم...».قال محقق الكتاب: و لفظ الوصي في هذه الأخبار بمعزل عمّا تقوله الشيعة من أن علياً

هو الوصي، بمعني وصايته علي المؤمنين بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، بل هو بالمعني العام في الوصية المعروفة عند المسلمين، وسياق كلام أبي جعفر دال علي ذلك في فقه هذه الأخبار، فمن أخرجه من معناه الي معني ما تقوله الشيعة فقد أعظم الفرية. [342] [ صفحه 119] و لقد خانه التضعيف و التشكيك بالحديث، و تصورّ أنه أحسن صنعاً حينما فسّر الوصية بالمعني العام، ناسياً أن وصي النبي العام هو خليفته، ولا فصل في المقام بين الأمرين، إذ ليس في تاريخ الأنبياء عليهم السلام وصي عام و وصي خاص، و نبينا صلّي اللّه عليه و آله ليس بدعاً من الرسل. الأمر الذي يتّضح معه مَن أعظم الفرية حقاً حقاَ.

المنكرون لها

اشاره

و الفرقة الثالثة: هم الذين كذبوا بأحاديث الوصية من الأساس، لأنّهم علموا أنَّ شيئاً من تلك التأويلات لا يجدي نفعاً، و لأن التصديق بها أو تصحيح طرقها يزلزل شرعية الخلافة، و يضع مزيداً من علامات الاستفهام أمام مشروعية جميع الحكومات التي تلت عصر الرسالة سواء أكانت سقيفيّة أم أُموية أم عباسية، ومن هنا فقد اجتمع هؤلاء علي الإنكار و الكتمان والتضعيف و غيرها من الأساليب.روي الطبري في حوادث سنة 169 من تاريخه بالاسناد عن أبي الخطاب قال: لما حضرت القاسم بن مجاشع التميمي [343] الوفاة، أوصي الي المهدي، فكتب (شَهِدَ آللّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إلي آخر الآيتين 18و 19 من سورة آل عمران، ثم كتب: والقاسم بن مجاشع يشهد بذلك، و يشهد أن محمّداً عبده و رسوله صلّي اللّه عليه و آله و أن علي بن أبي طالب وصي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ووارث الإمامة بعده.قال: فعرضت الوصية

علي المهدي، فلما بلغ هذا الموضع رمي بها و لم ينظر [ صفحه 120] فيها [344] و ذلك لأن التسليم بها يعني تسليم العرش الذي يجلس عليه، هذا مع أن العباسين قد جاءوا بشعارات علوية، كان علي رأسها: الرضا من آل محمّد صلّي اللّه عليه و آله، فكيف بغيرهم؟و يميل أصحاب هذا الاتجاه الي رفض الوصية بالكلية، و إثارة المزيد من الشبهات حولها، و استخدام مختلف أساليب الكتمان و التحريف و التأويل، و تكذيب الأحاديث والأخبار الواردة فيها، و نسبة رواتها الي الضعف والكذب و الرفض، لإسقاطها من الاعتبار، إيغالاً منهم في تكذيب الصحيح الثابت عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و كذباً علي الأُمّة بتزييف أقوال الرسول صلّي اللّه عليه و آله و نسبة أشياء موضوعة إليه في الوقت الذي يعلمون فيه قوله صلّي اللّه عليه و آله المتواتر: «من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» و فيما يلي نذكر بعض أساليبهم:

اساليب هذا الاتجاه

اسلوب التكتم و الإنكار

و يأتي علي رأس الذين تبنّوا هذا الاتجاه و حرّكوا عجلته عائشة في حديث رواه البخاري و غيره مفاده إنكار الوصية لعلي عليه السلام، و هذا نصّه:عن الأسود، قال: ذكروا عند عائشة أن عليّاً رضي اللّه عنه كان وصياً، فقالت: متي أوصي إليه، و قد كنت مسندته الي صدري؟ أو قالت: حجري، فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري، فما شعرتُ أنه قدمات، فمتي أوصي إليه؟ [345] . [ صفحه 121] و قد ادّعت تلك المرأة الحاقدة علي وصيّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله في خبر (الصحيحين)! أمرين:أحدهما: أنها آخر الناس عهداً برسول اللّه، و قد أكّدته بأخبار أخري تفرّدت بها، منها قولها: مات النبي صلّي اللّه عليه و

آله و إنه لبين حاقنتي و ذاقنتي [346] ، و قولها: توفّي النبي صلّي اللّه عليه و آله في بيتي و في يومي و بين سحري و نحري [347] .و هذا الادعاء معارض بعدّة أحاديث عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، و الإمام علي بن الحسين عليه السلام، و اُمّ سلمة، و ابن عباس، و عمر بن الخطاب، و عائشة نفسها، و عبداللّه بن عمرو، و حذيفة بن اليمان، والشعبي و غيرهم، و كلّها تصرّح بأن عليّاً عليه السلام هو آخر الناس عهداً برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و أنه صلّي اللّه عليه و آله قال: «ادعوا لي حبيبي» أو «أخي» فدعوا عليّاً عليه السلام، فجعل يسارّه و يناجيه و هو مسنده الي صدره، و قال عليه السلام:((علّمني ألف باب من العلم، يفتح لي كل باب الف باب))و لم يزل يحتضنه حتي قُبض في حجره، و هو الذي تولّي غسله و كفنه و دفنه. [348] قال أمير المؤمنين عليه السلام: «و لقد قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و إن رأسه لعلي صدري، و لقد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها علي وجهي، و لقد وليت [ صفحه 122] غسله و الملائكة أعواني» [349] .و في الصحيح عن اُمّ سلمة، قالت: و الذي أحلف به، إن كان علي رضي اللّه عنه لأقرب الناس عهداً برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، عدنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله غداةً، و هو يقول: «جاء علي، جاء علي؟» مراراً، فقالت فاطمة رضي اللّه عنها: «كأنك بعثته في حاجة؟» قالت: فجاء بعدُ، قالت اُم سلمة: فظننت أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا

عند الباب، وكنت من أدناهم الي الباب، فأكبّ عليه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و جعل يسارّه و يناجيه، ثمّ قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من يومه ذلك، فكان علي أقرب الناس به عهداً [350] .قال سبط ابن الجوزي: هذا الحديث رواه أحمد بن حنبل في (الفضائل) [351] و لم يطعن فيه أحد، و هو حديث صحيح، و لو كان معلولاً لتكلموا فيه...ثم قال:: قول اُمّ سلمة مثبت، و قول عائشة نا في، و متي اجتمع المثبت و النافي قدّم المثبت باجماع الأُمّة [352] . مضافاً اليأن حديث أُمّ سلمة رضي اللّه عنها مقدّم علي حديث عائشة عند التعارض، لما ثبت عن أُمّ سلمة من وفور العقل وصواب الرأي و سموّ المقام والفضيلة [353] . بينما ثبت عن عائشة أنها أحدثت بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، فقد قيل لها: ندفنك مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله؟ فقالت: إني قد أحدثت [ صفحه 123] بعده، فادفنوني مع أخواتي، فدفنت بالبقيع. [354] والآخر: أن النبي صلّي اللّه عليه و آله لم يوصِ لأمير المؤمنين علي عليه السلام و فيه:1_ إن الذين ذكروا عند عائشة أن علياً عليه السلام وصيّ، لابدّ أنهم من جيل الصحابة أو من الذين أدركوهم، و أنهم سمعوا بهذا الأمر، فجاءوا متسائلين، ربما للاحتجاج عليها بسبب خروجها علي أمير المؤمنين عليه السلام، و لم يبيّن الراوي ظروف صدور الحديث، المهم إن التساؤل بهذا الموضوع يدلّ علي كون الوصية أمراً متداولاً منذ عصر الرسالة، و هو جزء لا يتجزّأ من الثقافة الإسلامية و الفكر النبوي الأصيل.2_ إن الوصية المسؤول عنها في هذا الخبر هي الخلافة،

لهذا جابهت السؤال بالرفض والانكار الشديدين؛ لأن الجواب بالايجاب يفضي اليالقول بخلافة أهل البيت عليهم السلام، و التي كانت عائشة في صدد التصدّي لها، ولو كانت الوصية عامة، أو في اُمور شخصية كالأهل و الديون والأولاد _ كما يقال _ لما أنكرتها عائشة.و يدلّ علي ذلك ما نقله ابن حجر عن الزهري فيما رواه جماعة منهم عروة بن الزبير قال: كأنّ عائشة أشارت الي ما أشاعته الرافضة أن النبي صلّي اللّه عليه و آله أوصي الي علي بالخلافة. [355] 3_ إن هذه الدعوي معارضة بالأحاديث والأخبار الصحيحة المصرحة بالوصية لأمير المؤمنين عليه السلام، و قد ذكرناها في الفصلّين المتقدمين، ولو صحّ خبرها هذا فهو يعني نفي الوصية حال الوفاة، ولا يمنع ذلك من أن تكون قبل [ صفحه 124] الوفاة.قال سبط ابن الجوزي: إن قول عائشة «ما قبض إلّا بين سحري و نحري» لا ينافي الوصية؛ لأن في تلك الحالة لا يقدر الإنسان علي الكلام، و إنما يكون قبيل ذلك، فيحمل علي أنه أوصي إليه في ذلك الوقت، فلما ثقل قبض بين سحرها و نحرها توفيقاً بين الأقوال. [356] .و علّق الإمام السندي علي الحديث في حاشيته علي سنن النسائي بالقول:لا يخفي أن هذا لا يمنع الوصية قبل ذلك، ولا يقتضي أنه مات فجأة بحيث لا تمكن منه الوصية و لا تتصور، فكيف و قد عُلِم أنه صلّي اللّه عليه و آله عَلِم بقرب أجله قبل المرض، ثمّ مرض أياماً.. [357] .4_ و تتساءل عائشة: (متي أوصي إليه؟) فنقول لها: منذ تباشير الدعوة الإسلامية في حديث الدار حيث لم تكوني بعد نطفة في رحم اُمّك يا عائشة، و حتي مرض موته صلّي اللّه عليه و

آله حيث أراد أن يكتب الوصية، ليؤكّد عهده اللفظي بكتاب لا تضلّ الأمّة بعده، فمنع عمر بن الخطاب ذلك الكتاب بزعم أن النبي صلّي اللّه عليه و آله يهجر أو غلبه الوجع. [358] .و قد أكّد عمر أنه صلّي اللّه عليه و آله أراد أن يوصي الي علي عليه السلام بالخلافة في حواره مع ابن عباس وفيه: قال عمر لا بن عباس: هل بقي في نفس علي شيء من أمر الخلافة؟ فقال ابن عباس: نعم. فقال عمر:... و لقد أراد رسول اللّه في مرضه أن يصرّح [ صفحه 125] باسمه، فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطةً علي الإسلام... [359] و من سخرية الأقدار أن يكون ابن الخطاب أشفق من النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و أكثر حيطة منه علي الإسلام!!5_ إن المنقول عن عائشة في إنكار الوصية لعلي عليه السلام لا يمكن الوثوق به، لما ثبت من أنها حاربت علياً عليه السلام لما بويع بالخلافة، و شهرت في وجهه السيف بالبصرة، فكيف إذن تذكر ما يثبت خلافته و هي أشدّ الأُمّة تأليباً عليه.قال ابن عباس: إن عائشة لا تطيب له نفساً بخير. [360] و في الخبر المشهور: أنه لما جاءها نعي أمير المؤمنين عليه السلام استبشرت و تمثّلت بقول الشاعر: فإن يكُ نائياً فلقد نعاه غلام ليس في فيه الترابُفقالت لها زينب بنت اُمّ سلمة: ألعليّ تقولين هذا؟ فقالت: إن أنسي!! فإذا نسيت فذكّروني، ثم خرّت ساجدة شكراً علي ما بلغها من قتله عليه السلام و رفعت رأسها و هي تقول: فألقت عصاها استقر بها النوي كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ [361] هذا فضلاً عن ثبوت تلوّنها و تقلّبها فمرّة تقول: اقتلوا نعثلاً فقد كفر،

و مرّة تصيح يا لثارات عثمان!، ولعلّ هذا و نظائره من سيرتها هو الّذي حمل زياد بن [ صفحه 126] لبيد الأنصاري علي اتّهامها بالكذب كما مرّ في أبياته في الوصية، فراجع.

اسلوب ابعاد الوصية عن العهد النبوي

رغم اُسلوب التكتم الذي اتبعه أصحاب هذا الاتجاه، فقد ترشحت بعض الأخبار و الأشعار المصرحة بالوصية، فتصدّوا لها بالانكار، وشادوا إنكارهم علي أساس كون الوصية أمراً محدثاً و مفهوماً طارئاً لا ينتمي الي زمان النبوة، ولا يمت بصلة الي الفكر الإسلامي، و ذلك من خلال ادّعاءين باطلين:الادعاء الأوّل: أن الوصية من إبدعات عبداللّه بن سبأ.و أقدم من نقل هذا الادعاء علي ما وجدنا هو الطبري في تاريخه، و قد رواه عن السري؛ عن شعيب، عن سيف بن عمر، عن عطية، عن يزيد الفقعسي، و ذكر فيه أنّ ابن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء، فأسلم أيام عثمان، ثم تنقل في حواضر الإسلام يحاول إضلالهم، فبثّ عقيدة الرجعة و الوصية، و كان من جملة أقواله في الوصية: إنه كان ألف نبي، و لكلّ نبي وصي، و كان علي وصي محمّد، ومحمّد خاتم الأنبياء، و علي خاتم الأوصياء،.. الخ. [362] .و جاء بعد الطبري أقوام و كأنهم وجدوا في هذه الرواية خير وسيلةٍ لتبرير عمل أهل السقيفة و أقوي ذريعة للتنصّل عمّا أراده اللّه و حكم به و أعلن عنه رسوله و أوصي به...!!! منهم: ابن كثير، و ابن الأثير، و ابن خلدون، والمقريزي [363] . [ صفحه 127] و كثير من المتأخرين [364] ، الذين ربطوا بين الفكر الإمامي الأصيل والمزاعم اليهودية، و زادوا علي من تقدّم أنّ الوصية من صنع اليهود، ومنهم انتقلت الي المسلمين!! و غير ذلك من الترهّات بل السخافات التي

روّجتها النفوس المريضة و حاولت بشتّي الطرق الملتوية صرف الناس عن مبدأ الوصية وجديّتها.و خلاصة القول في هذا الهراء:1_ إن رواية الطبري التي يستند إليها المروّجون لهذا الادعاء لا قيمة لها من الناحية العلمية؛ لأنها موضوعة لا أصل لها، و تخالف الواقع التاريخي و مسلّمات التاريخ، فضلاً عن أنّ الطبري قد تفرّد بنقلها.و قد رواها الطبري عن السري، و هو إما السري بن إسماعيل، وهو كذّاب متروك ليس بشيء، أو السري بن عاصم، و هو كذاب وضّاع يسرق الحديث [365] ، ورواها السري عن شعيب بن إبراهيم، و هو [ صفحه 128] مجهول [366] ، و رواها شعيب عن سيف بن عمر، و هو ضعيف، ليس بشيء، متروك الحديث، متهم بالزندقة، عامة أحاديثه منكرة لا يتابع عليها، وضّاع، و ساقط الرواية [367] ، ورواها سيف عن عطية، عن يزيد الفقعسي، وكلاهما مجهولان.تري فهل رأيت حياتك كلّها مثل هذا الاسناد المضحك، بل التحفة في التفاهة؟!2_ إن هذه الرواية هي من مبتدعات المتزلفين الي سلاطين بني اُمية، دسّوها في التاريخ لخدمة أغراض السياسة الاموية في تشييد السقيفة و مواجهة فكر أهل البيت عليهم السلام الأصيل.قال د. طه حسين: إن خصوم الشيعة أيام الأُمويين و العباسيين قد بالغوا في أمر عبد اللّه بن سبأ هذا، ليشكّكوا في بعض ما نسب من ألاحداث الي عثمان و ولاته من ناحية، و ليشنّعوا علي علي و شيعته من ناحية اُخري، فيردّوا بعض أُمور الشيعة الي يهودي أسلم كيداً للمسلمين، و ما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة علي الشيعة! [368] و ذكر في موضع آخر أن ابن سبأ قد اختُرع بأَخَرةَ حين كان الجدال بين الشيعة و غيرهم من الفرق الإسلامية، فأراد

خصوم الشيعة أن يدخلوا في اُصول هذا المذهب عنصراً يهودياً إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم. [ صفحه 129] ثم استنتج من خلال عدّة أدلة أن ابن سبأ مجرد و هم لا حقيقة له، و أنه شخص أدخره خصوم الشيعة للشيعة، و لا وجود له في الخارج [369] ، و قد تابعه غير واحد من المستشرقين والباحثين [370] ممن شككوا في شخصية ابن سبأ، و اعتبروا قصته خرافة لا وجود لها في التاريخ الإسلامي، ولا يصلح علي إثباتها دليل علمي قاطع، و قد أفرد السيد مرتضي العسكري دراسة موسعة خاصة بهذا الموضوع تحت عنوان (عبداللّه بن سبأ و أساطير اُخري) انتهي فيها الي القول بأسطورة هذه الشخصية و اختلاقها!3_ إن إنكار وجود ابن سبأ و إن كان غير صحيح كما تريي، الا أن الدور الذي أعطي له دور خيالي، في حين أنه من رؤوس الغلاة الذين ادعوا ألاأُ لوهية لعلي عليه السلام، وادعي هو النبوة لنفسه، وقد استتابه أمير المؤمنين عليه السلام فلم يتب، فقتله و أصحابه حرقاً بالنار، و قد لعنه أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم [371] ، و قد ذكر بعض المؤرخين ما يؤيد هذا أيضاً [372] .

ان الوصية من صنع متكلمي الشيعة في القرن الثاني

قالوا: أول من ابتدعها هشام بن الحكم (191 ه_) و لم تكن معروفة قبله لا من ابن سبأ و لا من غيره، و إن كلمة الوصي الواردة في قوله صلّي اللّه عليه و آله: «أنت أخي [ صفحه 130] و وصيي» في حديث الدار، هي من صنع الشيعة الذين وضعوها بدلاً من كلمة وزيري. [373] و هو إيغال في التجنّي علي التاريخ الذي حفظ لنا الوصية منذ فجر الرسالة، بل و حتي علي أُولئك

الذين ادعوا أن التشيع ينتمي الي عبداللّه بن سبأ.ثمّ إن الرواية العامية للحديث جاءت بلفظ «أنت أخي و وصيي» من مصادر معتبرة و أسانيد لا غبار عليها. [374] و لم يكن هذا الادعاء و ليد اليوم، كما يتبين من ردّ الشوكاني (1250 ه_) عليه بقوله: اعلم أن جماعة من المبغضين للشيعة عدّوا قولهم أنّ علياً وصي لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من خرافاتهم، و هذا إفراط و تعنّت يأباه الإنصاف، و كيف يكون الأمر كذلك و قد قال بذلك جماعة من الصحابة، كما ثبت في الصحيحين أن جماعة ذكروا عند عائشة أن علياً وصيّ، و كما في غيرهما. [375] و تلقّف هذا الادعاء المتهافت بعض المتأثّرين بفُتات الفكر السلفي فردّدوه [ صفحه 131] و نسجوا علي منواله لأغراض فاسدة. [376] .

اسلوب الحذف و التحريف

اشاره

و من الأساليب المتبعة من قبل أصحاب هذا الاتجاه هو حذف مالم يرق لهم من الأحاديث و الأخبار او تحريفها و محو آثارها، و هو أسلوب يجا في أمانة العلم و التاريخ، و يبعد الباحث عن فهم الواقع التاريخي علي حقيقته، و إليك أمثلة حول موضوع الوصية:1_ جاء في حديث الدار أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله قال مشيرا اليً علي عليه السلام: «إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا» و قد أخرجه الخازن في تفسيره و الطبري في تاريخه عن ابن إسحاق [377] ، وليس له عين و لا أثر في سيرة ابن هشام مع أنها تهذيب لسيرة ابن إسحاق، مما يعني حذف الحديث في سيرة ابن هشام إمّا منه و إمّا من غيره، و اللّه العالم.2_ و الحديث المتقدم ذكره محمّد حسين هيكل في

كتاب (حياة محمّد) في الطبعة الأُولي وحذفه في الطبعة الثانية. [378] .3_ و حذف الطبري في تفسيره و ابن كثير ألفاظ الحديث الدالة علي الخلافة والوصية وأثبتا بدلها (كذا و كذا) فجاء اللفظ بهذه الصورة المحرّفة: [ صفحه 132] «أيّكم يؤازرني علي هذا الأمر علي أن يكون كذا و كذا؟» فقال: «إن هذا أخي و كذا و كذا، فاسمعوا له و أطيعوا» [379] و كذا فعل غير الطبري و ابن كثير دون أن يضع (و كذا). [380] 4_ و الحديث ذكره الخازن في تفسيره، و أسقطه محمّد علي قطب من مختصر تفسيرالخازن [381] .5_ و تعرّض طنطاوي الي ذكر قصة حديث الدار، و لكنه لم يذكر لفظ الحديث كاملاً، بل اكتفي بوضع (الخ) [382] .6_ حديث سلمان رضي اللّه عنه الذي جاء فيه: يا رسول اللّه، إنه ليس من نبي إلّا وله وصي و سبطان... الخ، و قد قدّمناه في الفصل الثاني، هذا الحديث مثبت في القسم المطبوع من سيرة ابن إسحاق [383] ، و ليس له أثر في سيرة ابن هشام.7_ حديث سلمان رضي اللّه عنه الذي جاء فيه: «كنت أنا و علي نوراً بين يدي اللّه... الخ» قال ابن أبي الحديد: رواه أحمد في (المسند) و في كتاب (فضائل علي عليه السلام)، و ذكره صاحب كتاب (الفردوس) و زاد فيه: «ثم انتقلنا حتي صرنا في عبدالمطلب، فكان لي النبوة، و لعلي الوصية» [384] و لم نجد هذه الزيادة في [ صفحه 133] طبعتين من (الفردوس) [385] .8_ خطبة الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء نقلها الطبري وغيره بهذااللفظ:«أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثم ارجعوا الي أنفسكم و عاتبوها، فانظروا هل يحلّ لكم

قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم صلّي اللّه عليه و آله و ابن وصيّه و ابن عمّه... الخ» [386] هذه الخطبة أوردها ابن كثير بعد أن حذف منها و حرفها أسوأ تحريف «راجعوا أنفسكم و حاسبوها، هل يصلح لكم قتال مثلي، و أنا ابن بنت نبيكم، وليس علي وجه الأرض ابن بنت نبي غيري، و علي أبي، و جعفر ذو الجناحين عمي...الخ» [387] .9_ و تعرّض شعر الوصية للحذف و التحريف أيضاً بهدف إسقاط هذا المفهوم من ديوان الشعر العربي، فقد حُذِف بيتان من أكثر طبعات ديوان المتنبي، و هما قوله حين عُوتب علي ترك مدح علي أمير المؤمنين عليه السلام: و تركت مدحي للوصي تعمّداً و إذا استطال الشيء قام بنفسه إذ كان نوراً مستطيلاً شاملا و صفات ضوء الشمس تذهب باطلاحتي أن الأستاذ عبدالرحمن البر قوقي ذكر البيتين في الطبعة ذات الجزءين ج 2 ص 546، و حذفهما في الطبعة ذات الأربعة أجزاء [388] .فانظر أي يد تلك التي أو تمنت علي ودائع التراث؟! [ صفحه 134] 10_ و حذف بيت يصرّح بالوصية من قصيدة الصحابي النعمان بن عجلان مع أبيات اُخر في رواية ابن عبدالبر و ابن حجر و ابن الأثير [389] و غيرهم، وورد البيت في رواية ابن بكار و ابن أبي الحديد [390] في نفس القصيدة، و البيت هو: وصيّ النبي المصطفي و ابن عمّه و قاتل فرسان الضلالة و الكفر

اسلوب تضعيف الروايات والطعن بالرواة

تضعيف الروايات

تعرّضت أحاديث الوصية و رواتها لموجة من التشكيك و الطعن حتي لا يكاد يسلم منها إلّا النزر اليسير من قبل من ضاقت بهم السبل و أعجزتهم الحيل في الإنكار و الكتمان فوصفوها بكونها موضوعة أو باطلة أو

في إسنادها ظلمات [391] ، و ما الي ذلك من الأوصاف التي لا تليق بروح البحث العلمي، و ذلك لأجل تنفير الباحث و إبعاده عن الحقيقة، وفيما يلي نورد جملة من أقوال أصحاب هذا الاتجاه:1_ أحمد بن عمر القرطبي الأنصاري (656 ه_) ذكر أن الأحاديث التي تساق في أن الرسول صلّي اللّه عليه و آله أوصي من وضع الشيعة [392] ، و قد مرّ في الفصل الثاني [ صفحه 135] أن جميع الأحاديث التي ذكرناها هي من طرق العامة، و قد أكد الأستاذ عبدالفتاح عبدالمقصود صحّة الروايات الواردة في الوصية، ووصفها بالكثرة في كتب أهل السنة [393] .2_ ابن تيمية الحراني (728ه_) قال في حديث الانذار: وحديث الانذار إذا كان في بعض كتب التفسير التي يُنقل فيها الصحيح و الضعيف مثل: تفسير الثعلبي، والواحدي، والبغوي، بل و ابن جرير، وابن أبي حاتم، لم يكن مجرّد رواية واحد من هؤلاء دليلاً علي صحّته [394] .و قد مرّ من أورد الحديث من المحدثين و من صححه في الفصل الثاني، و فيهم من ذكره ابن تيمية، ثم ان ابن تيمة وصف ابن جرير في موضع آخر بأنه لا يروي الأحاديث الموضوعة و لا الضعيفة، و قال عن البغوي: لماكان البغوي عالماً بالحديث لم يذكر في تفسيره شيئاً من هذه الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي، و لا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبي [395] . فما بال رواية ابن جرير و البغوي و غيرهما هنا ليست دليلاً علي صحة حديث الدار؟ بالتأكيد لأنها تفضي الي تصحيح قوله صلّي اللّه عليه و آله في علي عليه السلام: «وصيي و خليفتي من بعدي».3_ ابن كثيرالدمشقي (774 ه_) قال: أما ما

يفتريه كثير من جهلة الشيعة والقصّاص الأغبياء من أنه صلّي اللّه عليه و آله أوصي الي علي بالخلافة، فكذب و بهت و افتراء عظيم، يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة و ممالأتهم بعده علي ترك إنفاذ [ صفحه 136] وصيته و إيصالها الي من أوصي إليه، و صرفهم إياها الي غيره، لا لمعني و لا لسبب [396] ... الي آخر كلامه الذي أوضح فيه سبب تكذيبه حديث الوصية و غيره من ألاحاديث الدالة علي أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام وإمامته بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و هو ما يلزم منه من تخوين الصحابة و تركهم إنفاذ وصيته صلّي اللّه عليه و آله، و قد تبيّن في الصحيحين أن عمر بن الخطاب منع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله أن يكتب وصيته التي توخّي فيه الهدي و إنقاذ الأمة من الضلال، فما المانع من الممالأة علي وصيه بعد وفاته صلّي اللّه عليه و آله، سيما و أنه صلّي اللّه عليه و آله قد عهد الي علي عليه السلام بأن الأمة ستغدر به بعده [397] ، و أخبره بضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلّا بعده صلّي اللّه عليه و آله [398] .كما أخبر صلّي اللّه عليه و آله باعتراف أصحابه من بعده فيما يسمّونه بالصحيحين و انه لا ينجو منهم يوم القيامة إلّا كهمل النعم كنايةً عن القلّة القليلة جدّاً.و قد صرّح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بممالأة القوم علي اهتضام حقّه الذي جعله اللّه له في عدّة مواضع من كلامه و خطبه و كتبه، منها قوله عليه السلام: «اللهمّ إني استعديك علي قريش و من أعانهم، فانهم قطعوا رحمي، و

صغّروا عظيم منزلتي، و أجمعوا علي منازعتي أمراً هو لي، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه، و في الحق أن تتركه!» [399] . [ صفحه 137] و في الخطبة الشقشقية [400] التي تشتمل علي شكوي أمير المؤمنين عليه السلام من تظاهر القوم عليه، كفاية لمن التمس الحقّ و اهتدي به.و عقّب ابن كثير علي حديث الوصية الذي رواه الطبراني عن سلمان رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله وفيه: «فإن وصيي و موضع سري وخير من أترك بعدي و ينجز عدتي و يقضي ديني علي بن أبي طالب».قال ابن كثير بعد ذكر تاويل الطبراني الذي قّدمناه: إن هذا الحديث منكر جداً، و لا يصحّ سنده قولاً واحداً،و أمراً واكداً، ففي رجاله من لا يعرف رأساً، و فيهم المتكلّم فيه بأساً، و في تأويل الطبراني _ يبدو صحة الحديث، و إن كان غير صحيح _ نظر، واللّه أعلم [401] .و هذا الحديث رواه أحمد بن حنبل في (الفضائل) بلفظ «إن وصيي و وارثي و منجز وعدي علي بن أبي طالب عليه السلام» [402] .و قال سبط ابن الجوزي: فإن قيل: قد ضعّفوا حديث الوصية؟فالجواب: إن الحديث الذي ضعفوه في إسناده إسماعيل بن زياد، تكلّم فيه الدارقطني، و إنما تكلّم فيه لأنه روي في الحديث زيادة بعد قوله: منجز وعدي «و هو خير من أترك بعدي» والحديث الذي ذكرناه رواه أحمد في (الفضائل)، و ليس في إسناده ابن زياد، ولا هذه الزيادة، فذاك حديث، و هذا آخر [403] .و هكذا اتضح لك من هو الغبي المعاند و للحقّ جاحد. [ صفحه 138] 4_ ابن خلدون (808 ه_). قال في الفصل الثلاثين

من مقدمته: والأمر الثاني هو شأن العهد مع النبي صلّي اللّه عليه و آله و ما تدعيه الشيعة من وصيته لعلي رضي اللّه عنه و هو أمر لم يصحّ و لا نقله أحد من أئمة النقل.ثم قال: والذي وقع في الصحيح من طلب الدواة و القرطاس ليكتب الوصية، و أن عمر منع من ذلك، فدليل واضح علي أنه لم يقع، و كذا قول عمر حين طعن و سئل في العهد، فقال: إن أعهد فقد عهد من هو خير مني، يعني أبابكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني، يعني النبي صلّي اللّه عليه و آله لم يعهد [404] .و قال في تاريخه: ذهب كثير من الشيعة الي أن النبي صلّي اللّه عليه و آله أوصي في مرضه لعلي، و لم يصح ذلك من وجه يعوّل عليه، و قد أنكرت هذه الوصية عائشة، و كيي بأنكارها [405] .أما قوله: «أمر لم يصح و لا نقله أحد» و قوله: «لم يصح ذلك من وجه» فهو افتراء، و تجاهل لصحيح السنة، و عناد للحق.و أما قوله: «والذي وقع في الصحيح من طلب الدواة» فانه جعل منع عمر عن كتابة الوصية دليلاً علي عدم وقوع العهد، ولم يتعرض الي أن إرادة النبي صلّي اللّه عليه و آله كانت الكتابة، و هي دليل علي العهد لو لا منع عمر، و قد اعترف عمر بأن النبي صلّي اللّه عليه و آله أراد أن يصرح باسم علي عليه السلام في الوصية، فمنع هو من ذلك [406] . ثم إن العهد بالخلافة إذا لم يقع كتابةً فقد وقع لفظاً في مناسبات عديدة استغرقت جميع مراحل تاريخ النبوة. [ صفحه 139] و أما

قول عمر: «إن أترك فقد ترك من هو خير مني» فهو مغالطة سافرة، لأنه مانع من أن يقع العهد، لا أن النبي صلّي اللّه عليه و آله قد ترك فاستنّ عمر بسنته. و يكفي في المقام أنه اعترف علي نفسه بمنع النبي الأعظم صلّي اللّه عليه و آله من كتابة وصيته، الأمر الذي يكشف عن عدم صحّة الاحتجاج بكلامه، لا سيّما و هو في تلك الحال، و من يدري فلعلّه كان يهجر هجراً؟و أما قوله: «و قد أنكرت هذه الوصية عائشة، و كفي بإنكارها»! فهو من مضحكات ابن خلدون حقّاً، إذ كان عليه أن يثبت صدق عائشة أوّلاً، و عدم وجود ما ينير في تاريخها الياختلاف هذه الأكذوبة ثانياً، مع مقارنة هذا الإنكار بأدلّة الوصية و مثبتهاتها ثالثاً، و لكن من ينكر أحاديث الإمام المهدي عليه السلام حتي صار سخرية عند محدّثي أهل السنة [407] لا جرم عليه في تمسّكه بإنكار من ركبت لقتال الوصي و سبط النبي صلّي اللّه عليه و آله جملاً و بغلاً!

تخبط و تناقض

لقد أوقع التشكيك و التضعيف كثيراً من الباحثين المتأخرين بالتهافت والاضطراب، لأنهم ساروا علي خطي الأولين و سلكوا نهجهم في الشكّ و الرفض لمبدأ الوصية دون أدني تدبّر و تعمّق، و بعيداً عن متطلّبات البحث العلمي النزيه، ففي الوقت الذي تجد بعضهم يشكّك في نسبة نهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام لما ذُكِر فيه من الوصية و الوصي [408] ، تجد الآخر يقول: إننا لا نجد في [ صفحه 140] خطب علي و كلامه و مراسلاته التي ضمّها نهج البلاغة و صفه بهذا اللفظ، أي (الوصيّ) [409] .و في ذلك دلالة علي التخبّط الأعمي و التناقض المفضوح، و أنّهم

لم يخضعوا القضية لميزان النقد الصحيح، و إنّما تناولوها علي أساس متبنّياتهم المذهبية المقيتة.

طعن الرواة

و تكلّموا في غالب رواة الوصية ونبزوهم بعدم الثقة و الضعف و الجهالة و الكذب والوضع والرفض و الترك و غيرها [410] ، و جعلوا رواية حديث الوصية من علامات غلو الراوي في مذهبه [411] ، و دليلاً علي رفضه و كذبه [412] و إن كان من أهل الثقة و الصدق و الجلالة، و نذكر علي سبيل المثال:

ابراهيم بن محمد بن ميمون

روي عنه أبوبكر بن أبي شيبة و غيره، و ذكره ابن حبان في الثقات [413] .و قال إبراهيم بن أبي بكر بن شيبة: سمعت عمّي عثمان بن أبي شيبة يقول:لو لا رجلان من الشيعة ما صحّ لكم حديث. فقلت له: من هما يا عمّ؟ قال: [ صفحه 141] إبراهيم بن محمد بن ميمون، وعباد بن يعقوب [414] .و مع ذلك قال الذهبي: لا أعرفه، روي حديثاً موضوعاً فاسمعه: روي محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة عنه، عن علي بن عابس، عن الحارث بن حصيرة، عن القاسم بن جندب، عن أنس أن النبي صلّي اللّه عليه و آله قال لي: «أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين و سيد المسلمين، و قائد الغرّ المحجّلين، وخاتم الوصيين...» [415] فكان هذا الحديث سبباً في تضعيفه و عدم معرفة الذهبي له.

جابر بن يزيد الجعفي

قال سفيان: ما رأيت أورع منه في الحديث، و قال شعبة: جابر الجعفي صدوق في الحديث. و قال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكوا في أن جابراً ثقة. و وصفه الذهبي بأنه أحد أوعية العلم [416] . و روي له أبو داود والترمذي و ابن ماجة، و مع ذلك فقد ضعفوه، و تركوا حديثه [417] و نهوا عن كتابته، و اتهموه بالكذب في الحديث تارة، و بالرفض اُخري [418] .والسبب في ذلك لأنه كان إذا حدث عن الإمام الباقر عليه السلام يقول: حدثني [ صفحه 142] وصي الأوصياء. قال ابن عيينة: سمعت من جابر ستين حديثاً، ما أستحلّ أن أروي عنه شيئاً، يقول حدثني وصي الأوصياء.و قال الحميدي: سمعت ابن أكثم الخراساني يسأل سفيان: أرأيت يا أبا محمّد الذي عابوا علي جابر الجعفي؛ قوله: حدثني

وصي الأوصياء... [419] .

خالد بن عبيد العتكي، أبو عاصم البصري

قال الذهبي: كان ذا وقار و جلالة. و قال أحمد بن سيار: كان شيخاً نبيلاً، و كان العلماء يعظمونه، وكان ابن المبارك ربما سوّي عليه ثيابه إذا ركب. و قال العلاء بن عمران: كانوا لا ينكرون روايته عن أنس، وقال ابن عدي: ليس في أحاديثه حديث منكر جداً. وروي له ابن ماجة.و مع ذلك فقد جعله ابن حبان في الضعفاء، و قال: يروي عن أنس نسخة موضوعة ما لها اُصول... منها: عن أنس، عن سلمان، قال: رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لعلي: «هذا وصيي و موضع سري وخير من أترك بعدي» [420] .

عبدالغفار بن القاسم، أبو مريم الأنصاري

و صفوه بالاعتناء بالعلم و بالرجال، و قال شعبة: لم أرَ أحفظ منه، و قال ابن عدي: سمعت ابن عقدة يثني علي أبي مريم و يطريه، وتجاوز الحدّ في مدحه حتي قال: لو ظُهر علي أبي مريم ما اجتمع الناس الي شعبة [421] .قال ابن كثير بعد إيراده حديث الدار: تفرّد به عبدالغفار بن القاسم، أبو [ صفحه 143] مريم، و هو كذّاب شيعي، اتهمه علي بن المديني و غيره بوضع الحديث، و ضعّفه الباقون. [422] و لو سلّمنا بقول ابن كثير، فإن حديث الدار روي من طرق اُخري صحيحة ليس فيها عبدالغفار بن القاسم [423] ، لكنه أغمض عنها و ادّعي تفرّد أبي مريم برواية الحديث.

علي بن هاشم بن البريد

و صفه الذهبي: بالإمام الحافظ الصدوق، و وثّقه ابن معين، و يعقوب السدوسي، و علي بن المديني و طائفة. و قال أبو زرعة: صدوق، و جعله ابن حبان في الثقات. و أخرج له مسلم في صحيحه و الأربعة في سننهم، و البخاري في الأدب المفرد، و ذكره في تاريخه الكبير. و قال أحمد بن حنبل و النسائي: ليس به بأس [424] .و مع ذلك فقد جعله العقيلي في الضعفاء. و نقل عن عيسي بن يونس، قال: هم أهل بيت تشيّع و ليس ثمّ كذب... ثم قال: روي عن سلمان: «إن أفضل الأنبياء نبينا، و إن أفضل الأوصياء وصينا، و إن أفضل الأسباط سبطانا» [425] [ صفحه 144] ومن هنا جاء تضعيفه.

عمارة بن جوين، أبو هارون العبدي

روي له البخاري في كتاب أفعال العباد، و كذلك الترمذي و ابن ماجة. و قد ضعفوه و اتهموه بالكذب لأنه كانت عنده صحيفة يقول: هذه صحيفة الوصي. [426] .قال ابن عبد البر: قد تحامل بعضهم فنسبه الي الكذب، روي ذلك عن حماد ابن زيد، وكان فيه تشيّع، و أهل البصرة يفرطون فيمن يتشيّع بين أظهر هم لأنهم عثمانيون [427] .

محمد بن الحسين الأزدي

قال ابن حجر: محلّة الصدق. و نقل الخطيب عن محمّد بن جعفر بن علان أنه ذكره بالحفظ و حسن المعرفة بالحديث و أثني عليه.و رموه بالضعف لما نُقِل في تاريخ حلب لابن العديم أنه قدم علي سيف الدولة ابن حمدان، فأهدي له كتاباً في مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، قال ابن العديم: و فيه أحاديث منكرة... منها: «يوشع وصي موسي، وعلي وصي محمّد، و محمّد أفضل من موسي، فوصيه أفضل من وصيه» [428] .

الحاكم أبو عبدالله محمد بن عبدالله النيسابوري صاحب (المستدرك)

وصفه علماء الجرح و التعديل بأنّه شيخ المحدّثين و صاحب التصانيف، و أنه [ صفحه 145] إمام صدوق، ثقة في الحديث [429] .و مع ذلك فقد اتّهموه بالتشيّع تارة وبالرفض اُخري لتصحيحه أحاديث في فضل أهل البيت عليهم السلام و إمامتهم. قال الذهبي: و من شقاشقه... قوله: إن عليّاً وصي. [430]

ناصح بن عبدالله الكوفي

قال الذهبي: و كان من العابدين، ذكره الحسن بن صالح، فقال: رجل صالح، نعم الرجل. و أخرج حديثه الترمذي وابن ماجة.و قد وصفوه بالضعف و عدم الثقة و تركوا حديثه لما رواه عن سماك بن حرب، عن أبي سعيد الخدري، عن سلمان، قال: قلت: يا رسول اللّه لكل نبي وصيّ، فمن وصيك؟ فسكت عنّي، فلما كان بعدُ قال: «يا سلمان، إنّ وصيي، و موضع سرّي، و خير من أترك بعدي، ينجز موعدي، و يقتضي ديني؛ علي ابن أبي طالب» [431] .

اسلوب اثارة الشبهات

تعرّضنا في هذا الفصل لبعض الشبهات المثارة حول الوصية، و قد ذكرنا جوابها، و هناك شبهة قديمة ذكرها الخوارج و كثير من المتأخرين مفادها: لو كان علي عليه السلام وصياً لما حكّم الحكمين.روي الذهبي عن أبي عمرو الأوزاعي: أنه لما قدم عبداللّه بن علي علي السفاح الشام و قتل بني اُمية، بعث إليّ و قال: و يحك، أو ليس الأمر لنا ديانةً؟ [ صفحه 146] قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أوصي لعلي؟ قلت: لو أوصي إليه لما حكّم الحكمين، فسكت و قد اجتمع غضباً، فجعلت أتوقع رأسي يسقط بين يدي، فقال بيده هكذا: أو مأ أن أخرجوه، فخرجت. [432] و قبل الجواب يتّضح من هذا الخبر أن عبداللّه بن علي قائد العباسيين كغيره من رجال الأُمّة يفهم أن الوصيّ هو الذي يقوم بالأمر بعد النبي صلّي اللّه عليه و آله ديانةً لا شوري ولا اختياراً. هذا مع أن الوصية لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام لا تصحّح شرعية الخلافة العباسية بأي شكل من الأشكال كما أراد عبداللّه بن علي، لأنّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام لم يوصِ

إليهم، ولا هم ورّاثه الشرعيون.أما الجواب فبا مكان الخوارج والأوزاعي أن يقولوا: لو كان وصياً لما بايع الشيخين و لما حضر الشوري، و لكل ذلك جواب يثبته واقع التاريخ الذي فرض علي الوصي العمل بوصية أخيه وعهده إليه بالصبر عند خذلان الأمّة، فكان عليه السلام يقول: «و صبرت علي أخذ الكظم وعلي أمرّ من طعم العلقم» [433] و قال عليه السلام: «و طفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء، أو أصبر علي طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، و يشيب فيها الصغير، و يكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربّه، فرأيت أن الصبر علي هاتا أحجي، فصبرتُ و في العين قذيً، و في الحلق شَجيً، أري تراثي نهباً...» [434] .و ذلك لأنه عليه السلام آثر بقاء الإسلام الذي نذر حياته و خاض الغمرات لأجله، فتراه في أحرج المواقف التي واجهته بعد البيعة يقول: «سلامة الدين [ صفحه 147] أحبّ إلينا من غيره» [435] .و ثبت عنه عليه السلام بخصوص مسألة التحكيم أنه نصح أصحابه من الدخول في هذه الحكومة، و أمرهم بالمناجزة و الثبات في الحرب، و بيّن لهم أن رفع المصاحف خدعة و مناورة لجأ إليها معاوية حين بان في أصحابه الفشل و الوهن، و أحسّ فيهم الجزع من الحرب.قال عليه السلام: «عباد اللّه، إني أحقّ من أجاب الي كتاب اللّه، و لكن معاوية و عمرو بن العاص و ابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة و ابن أبي سرح، ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن، إني أعرفُ بهم منكم، صحبتهم أطفالاً و صحبتهم رجالاً، فكانوا شرّ أطفال و شرّ رجال، إنها كلمة حقّ يُراد بها باطل، وما رفعوا لكم إلّا خديعة و مكيدة» [436] .و لكن

السواد الأعظم من أصحابه عليه السلام و كانوا زهاء عشرين ألفاً، أبوا إلّا التحكيم، و خرجوا عن الطاعة «و لا رأي لمن لا يطاع» [437] فوافقهم عليه السلام تسكيناً لشغبهم لا استصلاحاً لرأيهم، فالوصي عليه السلام لم يحكّم الحكمين، بل إن غالبية جيشه الذين صاروا خوارج فيما بعد، هم الذين أصروا علي التحكيم.ثم أنّهم ندموا علي خطل الرأي، ولكنّهم ارتكبوا حماقة أُخري حيث جعلوا التحكيم ذنباً اقترفه علي عليه السلام، فذكّرهم عليه السلام نهيه لهم عن قبول التحكيم قائلاً: «و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم عليّ إباء المخالفين، حتي [ صفحه 148] صرفت رأيي الي هواكم، و أنتم معاشر أخفّاء الهام، سُفهاء الأحام» [438] .و لمّا أراد عليه السلام أن يبعث أبا موسي الي الحكومة، أتاه رجلان من الخوارج، و هما زُرعة بن البُرج الطائي، و حُر قوص بن زهير السعدي، فدخلا عليه، فقالا له: لا حكمُ الاّ للّه، فقال عليّ: لا حكم الّا للّه، فقال له حُرْ قوص: تُبْ من خطيئتك، وارجع عن قضيّتك، و اخرج بنا الي عدوّنا نقاتلهم حتي نلقي ربّنا.فقال لهم عليّ: قد أردتكم علي ذلك فعصيتموني، و قد كتبنا بيننا و بينهم كتاباً، و شرطنا شروطاً، و أعطينا عليها عهودَنا و مواثيقنا، و قد قال اللّه عزّوجلّ:(وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَ لَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [439] . فقال له حُر قوص: ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه؛ فقال عليّ: ما هو ذنب و لكنه عَجْز من الرأي، وضعفٌ من الفعل، وقد تقدّمت إليكم فيما كان منه، و نهيتُكم عنه.و بهذا يتبيّن مقدار ما يمتلكه

الأوزاعي من علم بشأن التحكيم، و من يدري فلعلّه كان علي رأي الخوارج المارقين.والحمدللّه ربّ العالمين و سلامٌ علي عبادهالذين اصطفي محمّد و آله الميامين

پاورقي

[1] سورة الشعراء: 26 / 214.

[2] سورة العصر: 103/ 3.

[3] لسان العرب 15: 394 _ وصي _ أدب الحوزة _ قم.

[4] الكامل في اللغة و الأدب 2: 151 _ مؤسسة المعارف _ بيروت _.و قد روي سبط ابن الجوزي (في تذكرة الخواص: 265 _ مؤسسة أهل البيت عليهم السلام بيروت _ 1401 ه_) هذا البيت بلفظ لا يحتاج اليهذا التأويل، و هو: سميُّ نبيّ اللّه و ابنُ وصيّه و فكّاك أغلال وقاضي مغارمِ .

[5] تاج العروس 10: 392 _ وصي _ المطبعة الخيرية _ مصر.

[6] شرح هاشميات الكميت: 33 _ عالم الكتب _ بيروت _ 1406 ه_.

[7] التَّجُوبي: يريد به عبدالرحمن ابن ملجم لعنه اللّه، و هو قاتل أمير المؤمنين عليه السلام. و تجوب: بطن من حمير، و عدادهم في مراد.

[8] الكامل في اللغة و الأدب 2: 151 _ 152.

[9] شرح الهاشميات / الرافعي: 29 _ 30 _ القاهرة. [

[10] سورة النساء: 4 / 11.

[11] سورة الأنعام: 6 / 151.

[12] لسان العرب 15: 395 _ وصي _، و راجع في المعني اللغوي: معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 6: 166 _ وصي _ دار الفكر _ بيروت، مفردات الراغب: ص 525 المكتبة المرتضوية، صحاح الجوهري 6: 2525 _ وصي _ دار العلم للملايين، العين/ الخليل 7: 177 _ وصي _ دار الهجرة _ إيران، القاموس المحيط/ الفيروزآبادي 4: 403 _ وصي _ دار الجيل _ بيروت.

[13] الشرائع / المحقق الحلّي 2: 189 _ مؤسسة اسماعيليان _ قم، المختصر النافع /المحقق

الحلّي: ص 263 مؤسسة البعثة _ قم.

[14] جامع المقاصد / المحقق الكركي 10: 7 _ 8 _ مؤسسة آل البيت عليهم السلام _ قم.

[15] فتح القدير / الشوكاني 1: 178 _ عالم الكتب _ بيروت.

[16] الشرح الكبير/ ابن قدامة 6: 414 _ دار الكتاب العربي _ بيروت.

[17] مهذب الأحكام 22: 132 _ مؤسسة المنار _ قم.

[18] منهاج الكرامة / العاملي: 167.

[19] راجع التفصيل في الوصية و أحكامها في الفقه الإسلامي / محمد جعفر شمس الدين: 95 _ 112 _ دارالتعارف _ بيروت.

[20] سورة البقرة: 2 / 132.

[21] سيأتي تخريج الحديث في الفصل الثاني.

[22] فتح الباري / ابن حجر 6: 385، دار إحياء التراث العربي _ بيروت.

[23] نهج البلاغة/ تحقيق صبحي الصالح: 497 / ح 147، شرح ابن أبي الحديد 18: 347 _ دار إحياء الكتب العربية _ مصر _ 1378 ه_، المعيار و الموازنة / الاسكافي: 81 _ مؤسسة المحمودي _ بيروت.

[24] الكافي / الكليني 1: 178 / 3 _ كتاب الحجة _ باب

[25] الكتاب المقدس: 6 _ العهد القديم.

[26] الكتاب المقدس: 260 _ العهد القديم.

[27] الكتاب المقدس: 529 _ 530 _ العهد القديم.

[28] الكتاب المقدس: 531 _ العهد القديم.

[29] الكتاب المقدس: 17 _ العهد الجديد.

[30] الكتاب المقدس: 188 _ العهد الجديد.

[31] الفقيه / الشيخ الصدوق 4: 129/ 1_ دار الكتب الإسلامية _ طهران _ 1390ه_، الإمامة و التبصرة: 21 _ 24، الأمالي / الصدوق: 486 / 661 _ مؤسسة البعثة _ قم، إكمال الدين / الصدوق 211 / 1 _ مؤسسة النشر الإسلامي _ قم _ 1405 ه_، أمالي الطوسي: 442/ 991 _ مؤسسة البعثة _ قم.

[32] كفاية الأثر / الخزاز: 147 _ نشر

بيدار _ قم _ 1401 ه_.

[33] المسترشد / محمّد بن جرير الإمامي: 283 / 94 _ مؤسسه الثقافة الإسلامية لكوشانبور _ 1415 ه_.

[34] تفسير العياشي 2: 28/ 1237 مؤسسة البعثة _ قم، قصص الأنبياء/ الراوندي: 62/ 43 _ مشهد 1409 ه_.

[35] تفسيرالعياشي 2: 32/ 1238، روضة الكافي / الكليني 8: 113 / 92، إكمال الدين: 213 / 2.

[36] تفسير العياشي 3: 98 / 2666/ إكمال الدين: 217 / 2.

[37] الإمامة و التبصرة: 21 _ 24.

[38] المسترشد: 57 _ 90 _ الباب العاشر.

[39] الفقيه 4: 129 باب 72، إكمال الدين: 211 _ 241 باب 22، بحار الأنوار 23: 57 باب 2 _ دار الكتب الإسلامية _ طهران.

[40] الطبقات الكبري 1: 37 _ دار صادر _ بيروت.

[41] الطبقات الكبري 1: 39 _ 40.

[42] تاريخ اليعقوبي 1: 7 _ 80 _ دار صادر _ بيروت _ و جاء فيه مهائيل ويرد و أخنوخ ومتوشلح بدلاً عما تقدّم في الطبقات.

[43] تاريخ الطبري 1: 164 _ بيروت _ تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم.

[44] تاريخ الطبري 1: 152.

[45] تاريخ الطبري 1: 602 _ 603.

[46] أخبار الزمان / المسعودي: ص 75 _ 102 _ بيروت.

[47] راجع: إثبات الوصية/ المسعودي: ص 13 _ 77 _ المطبعة الحيدرية _ النجف.

[48] عرائس المجالس / الثعلبي: ص 40 _ المكتبة الثقافية _ بيروت.

[49] عرائس المجالس: ص 41.

[50] عرائس المجالس: ص 351.

[51] التمهيد/ ابن عبد البرّ 10: 32 _ وزارة الأوقاف _ المغرب.

[52] البدء و التاريخ / المقدسي 3: 11 _ مكتبة الثقافة الدينية.

[53] البدء و التاريخ 3: 96 _ 97.

[54] معالم التنزيل / البغوي 2: 243 _ دار الفكر _ بيروت _ 1405 ه_.

[55] سورة طه:

20/ 32.

[56] الملل و النحل / الشهرستاني 1: 192 _ مكتبة الانجلو المصرية _ القاهرة.

[57] المنتظم / ابن الجوزي 1: 230 و 235 _ دار الكتب العلمية _ بيروت _ 1412ه_.

[58] المنتظم 1: 226 _ 227.

[59] المنتظم 1: 376.

[60] المصدر السابق نفسه 1: 379.

[61] زاد المسير في علم التفسير / ابن الجوزي 6: 276 _ دار الكتب العلمية _ بيروت.

[62] تفسير الرازي 11: 206 _ دار الفكر _ بيروت.

[63] الكامل في التاريخ / ابن الأثير 1: 43 _ 58 _ دار الكتب العلمية _ بيروت.

[64] الكامل في التاريخ 1: 245.

[65] قصص الأنبياء / ابن كثير: ص 60 _ دار القلم _ بيروت _ 1407 ه_، البداية و النهاية / ابن كثير 1: 98 مكتبة المعارف _ بيروت.

[66] تقدّم عن أغلب المصادر: قينان.

[67] قصص الأنبياء: 62، البداية و النهاية 1: 99.

[68] روح المعاني / الآلوسي 6: 201 _ دار إحياء التراث العربي 1405 ه_ عن (حسن المحاضرة).

[69] سورة البقرة: 2 / 180.

[70] سورة البقرة: 2 / 240.

[71] سورة النساء: 4 / 11.

[72] سورة المائدة: 5 / 106.

[73] سورة النساء: 4 / 11.

[74] راجع: تفسير القرطبي 2: 254 _ 262 _ دار الكتاب العربي _ 1422 ه_، تفسير الرازي 5: 64 _ دار الفكر _ بيروت _ 1415 ه_، تفسير ابن كثير 1: 223 _ دار إحيا التراث العربي _ 1420 ه_.

[75] الميزان في تفسير القرآن / العلّامة الطباطبائي 1: 439 _ مؤسسة الأعلمي _ بيروت.

[76] مواهب الرحمن / السبزواري 2: 380 _ 381 _ مؤسسة المنار _ قم.

[77] سورة المائدة: 5/ 67.

[78] أسباب النزول / الواحدي: 115 _ عالم الكتب _ بيروت، فتح القدير / الشوكاني

2: 60 _ دار إحياء التراث العربي، المنار / محمد رشيد رضا 6: 463 _ دار المعرفة _ بيروت.

[79] شواهد التنزيل / الحسكاني: 181 _ 193 _ مؤسسة الأعلمي _ بيروت _ 1393 ه_.

[80] الدرّ المنثور / السيوطي 3: 117 _ دار الفكر _ 1403 ه_، فتح القدير 2: 60.

[81] المقنعة/ المفيد: 666 _ كتاب الوصية _ باب الوصية و وجوبها _ جماعة المدرسين _ قم، وسائل الشيعة / الحرّ العاملي 13: 352 / 24544 _ مؤسسة آل البيت عليهم السلام _ قم.

[82] كنز العمال / المتقي الهندي 16: 613 / 46051 _ مؤسسة الرسالة ت بيروت _ 1405 ه_.

[83] صحيح مسلم 3: 1249 / 16275 _ أوّل كتاب الوصية _ دار الفكر _ بيروت _ 1398 ه_.

[84] العقد الثمين / الشوكاني: 37 _ مركز الغدير _ قم _ 1419ه_.

[85] سورة الشعراء: 26 / 214، وسيأتي الحديث في الفصل الثاني.

[86] راجع: صحيح البخاري _ 7: 219 / 30 _ كتاب المرضي _ باب قول المريض: قوموا عنّي _ عالم الكتب _ بيروت 1406 ه_، صحيح مسلم 3: 1257، 1259 _ كتاب الوصية _ باب 5، مسند أحمد 1: 222 و 324 _ دار الفكر _ بيروت.

[87] حق اليقين / عبداللّه شبّر 1: 38 _ مطبعة العرفان _ صيدا _ 1352 ه_.

[88] الغدير / الأميني 7: 172 _ دار الكتب الإسلامية _ طهران.

[89] الإمامة و السياسة / ابن قتيبة 1: 23 _ مكتبة مصطفي بابي الحلبي _ مصر _ 1388 ه_.

[90] طبقات ابن سعد 3: 343.

[91] مستدرك الحاكم 3: 140 _ حيدر آباد _ الهند.

[92] مستدرك الحاكم 3: 140.

[93] مستدرك الحاكم 3: 139، مسند أبي يعلي

1: 426 / 305 _ دار المأمون _ ط 2، مجمع الزوائد / الهيثمي 9: 118 _ 121 _ مؤسسة المعارف _ بيروت _ 1406 ه_.

[94] الخطبة الثانية من نهج البلاغة.

[95] نهج البلاغة/ تحقيق صبحي الصالح: 53 / خ 6.

[96] نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: 231 / خ 162.

[97] سورة الأنعام: 6 / 90.

[98] سورة الأحقاف: 46 / 9.

[99] حق اليقين 1: 38. [

[100] راجع: اُسد الغابة/ ابن الأثير 2: 272، 280 و 6: 279 _ دار إحيا التراث العربي _ بيروت _ 1417 ه_.

[101] التنبيه و الاشراف / المسعودي: 202 _ 236 _ دار الصاوي _ القاهرة.

[102] صحيح البخاري 5: 89 / 202 _ كتاب بدء الخلق _ باب غزوة تبوك، صحيح مسلم 4: 1870 / 2404 _ كتاب فضائل الصحابة _ باب فضل علي عليه السلام.

[103] مختصر من: بحث حول الولاية/ الشهيد الصدر قدس سره _ دار التعارف _ بيروت _ 1399 ه_.

[104] الإمامة في أهم الكتب الكلامية / الميلاني: 44 و 151.

[105] الفصل في الملل و النحل / ابن حزم 4: 87.

[106] راجع الفقرة (خامساً) من هذا المبحث بعنوان (مدوّنات في الوصية).

[107] سورة الشعراء: 26 / 214.

[108] تاريخ الطبري 2: 217، تهذيب الآثار (مسند الإمام علي عليه السلام)/ الطبري: 62 _ 63 القاهرة، الكامل في التاريخ 1: 586 _ 587، مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور 17: 310 _ دار الفكر _ بيروت _ 1404 ه_، السيرة الحلبية / برهان الدين الحلبي 1: 461 _ دار المعرفة _ بيروت _ 1400 ه_، معالم التنزيل / البغوي 4: 278 تفسيرالخازن 3: 371 _ 372 _ دار المعرفة _ بيروت، شرح ابن أبي

الحديد 13: 210 و 244 و صححه أبو جعفر الإسكافي، شواهد التنزيل 1: 372 _ 373، كنز العمال 13: 131 / 36419 أخرجه عن ابن اسحاق، و ابن جرير، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، و أبي نعيم و البيهقي معاً في (الدلائل). و أخرجه الشيخ الأميني من عدّة مصادر اُخري في الغدير2: 394 _ 408 _ مركز الغدير _ قم _ 1416 ه_.

[109] فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 2: 615/ 1052 _ مركز البحث العلمي _ مكة المكرمة _ 1403 ه_، الرياض النضرة / المحبّ الطبري 3: 119 _ دار المعرفة _ بيروت _ 1418 ه_، ذخائر العقبي / المحبّ الطبري: 71 فصل ذكر اختصاصه عليه السلام بالوصاية و الإرث _ دار المعرفة _ بيروت، تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي: 48، كفاية الطالب / الكنجي: 292 _ باب.(74) _ دار إحيا تراث أهل البيت عليهم السلام _ ط 3 _ طهران _ 1404 ه_، مجمع الزوائد / الهيثمي 9: 113 _ مؤسسة المعارف بيروت _ 1406 ه_.

[110] المعجم الكبير / الطبراني 6: 221 / 6063 _ دار إحياء التراث العربي _ 1404 ه_، جامع المسانيد والسنن / ابن كثير 5: 383 / 3633 _ دار الفكر _ بيروت _ 1415 ه_، مجمع الزوائد 9: 116، منتخب كنز العمال بها مش مسند أحمد / المتقي الهندي ه: 32 _ دار الفكر _ بيروت.

[111] تاريخ دمشق / ابن عساكر 42: 392 _ دار الفكر _ 1415ه_، الرياض النضرة 3: 119، ذخائر العقبي: 71، مناقب علي عليه السلام / ابن المغازلي: 201 / 238 _ دار الأضواء _ 1403 ه_، فتح الباري، 8: 150،

الفردوس / الديلمي 3: 336 / 5009 _ دار الكتاب العربي _ 1407 ه_، كفاية الطالب: 620، وسيلة المتعبدين / الملّا 5: 162 _ القسم الثاني _ حيدر آباد _ الهند _ 1400 ه_.

[112] المعجم الكبير / الطبراني 4: 171/ 4046 و 4047، المناقب/ ابن المغازلي: 101 / 144، المناقب/ الخوارزمي: 63، مجمع الزوائد 8: 253، كفاية الطالب: 296 _ باب (77)، كنز العمال 11: 604 / 32923، منتخب كنز العمال _ بهامش مسند أحمد 5: 31.

[113] المعجم الكبير / الطبراني 3: 57 / 2675، مجمع الزوائد 8: 253 و 9: 165، المناقب/ الخوارزمي: 206، مقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 67 _ مكتبة المفيد _ قم، ذخائر العقبي: 136، المناقب / ابن المغازلي: 151، البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام / الكنجي: 502 _ باب (90) أخرجه عن الدار قطني _ مطبوع مع (كفاية الطالب) للمؤلف _ طهران _ 1404 ه_.

[114] حلية الأولياء / أبو نعيم 1: 66 _ 67 _ دار إحياء التراث العربي _ 1421 ه_، شرح ابن أبي الحديد 9: 169، المناقب / الخوارزمي: 42، كفاية الطالب: 212 _ باب (54) و قال: هذا حديث حسن عال، تاريخ دمشق / ابن عساكر 42: 386 _ دار الفكر، فرائد السمطين / الجويني 1: 145 / 109 مؤسسة المحمودي _ 1398 ه_، العقد الثمين / الشوكاني: 41، اليقين/ ابن طاوس: 478 _ باب (188) دار الكتاب _ قم.

[115] فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 2: 662 / 1130، الفردوس 3: 332 / 4884، تاريخ دمشق / ابن عساكر 42: 67، المناقب / الخوارزمي: 88، كفاية الطالب: 315_ باب (87) و قال: هكذا

أخرجه محدث الشام في تاريخه، في الجزء (350) قبل نصفه، و لم يطعن في سنده، و لم يتكلّم عليه، و هذا يدل علي ثبوته.

[116] شرح ابن أبي الحديد 9: 171، و أخرجه ابن المغازلي في المناقب: 89/ 132 _ بلفظ: فأخرجني نبياً، و أخرج علياً وصياً.

[117] الفردوس 2: 191 / 2952، المناقب/ ابن المغازلي: 87/ 130، و في ج 5 من نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار للسيد علي الميلاني بحث وافٍ لسند هذا الحديث و دلالته.

[118] اللوامع الإلهية / الفاضل المقداد: 281، و نحو ذلك قال العلّامة في كشف المراد: 396 (منشورات شكوري _ قم) في رواية كسر الدال، و قال الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي (2: 166 _ دار الكتب الإسلامية _ قم): و في بعض الروايات «و قاضي ديني» بكسر الدال، و هذه الرواية صريحة بالإمامة؛ لأن القاضي بمعني الحاكم، و إذ كان حاكماً في جميع الدين، فهو الإمام.

[119] سيرة ابن إسحاق: 124 _ 125 _ دار الفكر _ بيروت.

[120] سورة النساء: 4/ 59.

[121] مستدرك الحاكم 3: 121 و 128و صححه.

[122] مستدرك الحاكم 3: 122 _ و صححه علي شرط الشيخين.

[123] الفقيه / الصدوق 4: 301 / 914.

[124] شرح ابن أبي الحديد 6: 71.

[125] الأمالي / الطوسي: 30 / 31 _ مؤسسة البعثة _ قم.

[126] شرح ابن أبي الحديد 2: 287.

[127] سورة آل عمران: 3 / 97.

[128] تاريخ اليعقوبي 2: 193 _ دار صادر _ بيروت.

[129] اسد الغابة 4: 122.

[130] نهج البلاغة: 47 / الخطبة.

[131] المستدرك / الحاكم 3: 172، ذخائر العقبي: 138، الذرية الطاهرة / الدولابي: 110 / 114 _ جماعة المدرسين _ قم.

[132] مجمع الزوائد 9: 149.

[133] تاريخ الطبري 5:

424، الكامل في التاريخ 2: 419 حوادث سنة 61 ه_.

[134] تاريخ الطبري 5: 357.

[135] العقد الثمين / الشوكاني: 41.

[136] شرح ابن أبي الحديد 13: 210.

[137] تاريخ واسط/ الرزاز / 154 _ عالم الكتب _ بيروت _ 1406 ه_.

[138] مروج الذهب / المسعودي 3: 12 _ دار الهجرة _ قم _ ط 2 _ 1404 ه_، وقعة صفين/ نصر بن مزاحم: 119 _ المؤسسة العربية الحديثة _ مصر، شرح ابن أبي الحديد 3: 189.

[139] سورة آل عمران: 3/ 33 و 34.

[140] تاريخ اليعقوبي 2: 171.

[141] مروج الذهب 2: 430.

[142] الفتوح / ابن أعثم _ المجلد الثاني: 150 _ دار الكتب العلمية _ ط 1 _ 1406 ه_.

[143] مروج الذهب 3: 4.

[144] صحابي، ترجم له ابن الأثير في اُسد الغابة 3: 67.

[145] شرح ابن أبي الحديد 1: 226.

[146] صحابي، راجع: اُسد الغابة 4: 230.

[147] شرح ابن أبي الحديد 3: 181.

[148] صحابي، راجع: اُسد الغابة 1: 572.

[149] شرح ابن أبي الحديد 2: 188.

[150] المناقب / الخوارزمي: 129، تذكرة الخواص: 86.

[151] تاريخ اليعقوبي 2: 179.

[152] صحيح مسلم 4: 1873 و 1874 _ كتاب فضائل الصحابة، سنن الترمذي.5: 662/ 3786 و 663/ 3788 _ دار إحياء التراث العربي _ بيروت، مصابيح السنة / البغوي 4: 185 / 4800 و 190 / 4816، فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 603/ 1035، مسند أحمد 3: 14 و 17، 4: 367 و 371 و 5: 182 و 189.

[153] نهج البلاغة/ تحقيق صبحي الصالح: 119 / خ 87.

[154] صحيح مسلم 3: 1453 _ كتاب الامارة، سنن أبي داود 4: 106 / 4280 _ دار إحياء السنة النبوية، مصابيح السنة / البغوي 4: 137/ 4680

_ دار المعرفة _ ط 1_ 1407 ه_، جامع الأصول/ الجزري 4: 440 / 442 _ دار إحياء التراث العربي _ ط 4 _ 1404 ه_.

[155] من لا يحضره الفقيه 4: 177.

[156] الكافي 1: 209 / 6 باب ما فرض اللّه و رسوله صلّي اللّه عليه و آله من الكون مع الأئمة عليهم السلام _ كتاب الحجة.

[157] إكمال الدين: 280 / 29، عيون أخبار الرضا عليهم السلام / الشيخ الصدوق 1: 52 / 31 _ المطبعة الحيدرية _ النجف _ 1390 ه_، ورواه القندوزي عن جابر، في ينابيع المودة 3: 105 _ باب 77 _ بيروت.

[158] الفقيه 4: 129/ 1 باب 72.

[159] إكمال الدين: 328 / 8.

[160] التهذيب/ الشيخ الطوسي 6: 96 / 177 _ دار الكتب الإسلامية _ طهران _ ط 4.

[161] ميزان الاعتدال / الذهبي 1: 383 _ دار الفكر _ بيروت، تهذيب التهذيب / ابن حجر 2: 43 _ دار الفكر _ ط 1 _ 1404 ه_.

[162] مروج الذهب 3: 351 _ دار الهجرة _ قم، الفتوح / ابن أعثم _ المجلد الرابع: 416.

[163] الأخبار الطوال / أبو حنيفة الدينوري: 566 _ دار الكتب العلمية _ بيروت.

[164] معالم العلماء / ابن شهر آشوب: 95 / 658، الفهرست / الطوسي: 131 / 583.

[165] مطبوع، نشر دار الكتب التجارية _ النجف _ 1370 ه_.

[166] معالم العلماء / ابن شهر آشوب: 24 / 117.

[167] رجال النجاشي: 389 / 1049.

[168] رجال النجاشي: 254 / 665، مطبوع عدّة مرّات.

[169] ذكر ذلك في كتابه (غاية المرام): 168 _ الطبعة الحجرية، و راجع: الذريعة / آقا بزرك 26: 162 / 815 دار الأضواء _ بيروت _ 1403 ه_، رياض

العلماء / عبداللّه أفندي 5: 302 مكتبة السيد المرعشي _ قم _ 1401 ه_.

[170] تدوين السنة الشريفة / السيد محمّد رضا الجلالي: 158.

[171] نشر مركز الغدير _ قم _ 1419 ه_.

[172] مطبوع في دار الزهراء _ بيروت _ 1398 ه_.

[173] الوصي: 11 _ 96 _ مطبعة المعارف _ بغداد _ 1375 ه_. نشر مكتبة أهل البيت العامة، 1375 ه_.

[174] راجع: رجال النجاشي: 298 / 809 و 328 / 888 _ قم _ 1407 ه_، معالم العلماء/ ابن شهر آشوب: 124 / 836 _ النجف _ 1380 ه_، الذريعة 25: 102 _ 103.

[175] رجال النجاشي: 17/ 19، معالم العلماء: 4/1.

[176] مطبوع بتحقيق الدكتور حسن محمد تقي سعيد _ مجلة الموسم _ العدد 2 _ 1989 م _ ص 671 _ مجلة تراثنا _ العدد 27 _ ص 117.

[177] رجال النجاشي: 250 / 657.

[178] فهرست ابن النديم: 218، رجال النجاشي: 433/ 1164، معالم العلماء: 128 / 862.

[179] راجع: أصل الشيعة و أصولها / كاشف الغطاء: 223 _ 224 _ مؤسسة الإمام علي عليه السلام _ قم _ 1415 ه_، مصادر نهج البلاغة / عبدالزهراء الحسيني 1: 149 _ 150 _ دار الأضواء _ بيروت _ 1405 ه_.

[180] المناقب / ابن شهر آشوب 3: 58 _ 64 _ دار الأضواء _ بيروت _ 1421 ه_، بحار الأنوار 38: 1 _ 26، غاية المرام/ البحراني: 152 و 168، إحقاق الحق / التستري 4: 71 _ 127 _ مكتبة السيد المرعشي _ قم.

[181] راجع: غاية المرام _ المقصد الأول _ الباب (22) و (23)، و سنورد قائمة بأسماء الكتب الواردة في الوصية في آخر هذا المبحث.

[182] مسند أحمد 1: 331،

مستدرك الحاكم 3: 133 _ 134 و صححه، مجمع الزوائد 9: 123، الاصابة 2: 509.

[183] شرح ابن أبي الحديد 3: 98.

[184] المستدرك / الحاكم 3: 137 _ 138 _ و قال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

[185] حلية الأولياء 1: 69، شرح ابن أبي الحديد 9: 168.

[186] حديث الغدير كثير الطرق جداً؛ رواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقاً، و ابن جرير الطبري من نيف وسبعين طريقاً و ابن عقدة من مائة و خمس طرق، و الجزري المقرئ من ثمانين طريقاً، و أبو سعيد السجستاني من مائة و عشرين طريقاً، و الحافظ أبوبكر الجعابي من مائة و خمسة و عشرين طريقاً، و الحافظ أبو العلاء العطار الهمداني من مائتين و خمسين طريقاً، راجع: اقبال الأعمال / السيد ابن طاوس: 672 في دعاء ليلة الغدير، و سنن الترمذي 5: 633/ 3713، سنن ابن ماجة 1: 45/ 121 _ دار الفكر _ بيروت، مستدرك الحاكم 3: 109 و 134 و 371 و 533، مصابيح السنة 4: 172 / 4767، مسند أحمد 1: 84 و 88 و 119و 152 و 331، و 4: 368 و 370و 372 و 5: 347و 358 و 361، فضائل الصحابة / احمد بن حنبل 2: الحديث 947 و 959 و 967 و 1007 و 1021 و 1048 و 1167 و 1206 بطرق صحيحة، أمالي الشجري 1: 145 و 146 بعدة طرق، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان / ابن بلبان 9: 42/ 6891 _ دار الكتب العلمية _ بيروت، المعجم الكبير / الطبراني 4: 273 _ دار إحياء التراث العربي، و 5: 166_167و170، الصواعق المحرقة: 43 _ 44 و صححه / الهيتمي _ مكتبة

القاهرة، 1385 ه_، و اُنظر: الغدير/ العلّامة الأميني 1: 313 و ما بعدها و غيرها كثير.

[187] مسند أحمد 4: 281، تفسير الرازي 12: 53، تذكرة الخواص: 36.

[188] الجمل / المفيد: 220 _ دار المفيد _ 1414 ه_، الارشاد / المفيد 1: 177 _ دار المفيد _ 1414 ه_، الفصول المختارة / السيد المرتضي 209 و 235 _ دار الأضواء _ بيروت _ 1405 ه_، المناقب / الخوارزمي: 80، مقتل الحسين/ الخوارزمي 1: 47، تذكرة الخواص: 39، المناقب / ابن شهر آشوب 3: 37، كنز الفوائد / الكراجكي 1: 268 _ دار الأضواء _ بيروت، كشف الغمة / الاربلي 1: 319 _ تبريز _ إيران، كفاية الطالب: 64، و خرجها الأميني في الغدير 2: 65 من (26) مصنّفاً.

[189] الفصول المختارة: 236، كنز الفوائد 2: 98، تذكرة الخواص: 39، المناقب / ابن شهر آشوب 3: 37، و خرّجها الأميني في الغدير 2: 113 من عدّة مصادر.

[190] الغدير 2: 173 _ 174 عن عدّة مصادر.

[191] خصائص النسائي: 23 _ مطبعة التقدّم _ القاهرة، مسند أحمد 4: 438، سنن الترمذي 5: 632 / 3712.

[192] مستدرك الحاكم 3: 128 و صححه.

[193] ترجمة عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق / ابن عسار 2: 597 و 598 _ مؤسسة المحمودي _ بيروت _ 1398 ه_، مجمع الزوائد 9: 111، المناقب / لابن المغازلي: 230 / 277/ كنز العمال 11: 610 / 32953.

[194] ترجمة عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 1: 123 / 148، الرياض النضرة 3: 119، تذكرة الخواص: 31، نظم درر السمطين / الزرندي: 95 _ مطبعة القضاء _ النجف _ ط 1 _ 1377 ه_.

[195] المستدرك / الحاكم 3: 125،

و صححه.

[196] المستدرك / الحاكم 3: 126.

[197] الرياض النضرة 3: 101، فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 2: 678 /1158، شواهد التنزيل 1: 479 _ 483، تذكرة الخواص: 30، ترجمة عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 1: 120 / 147.

[198] المعجم الكبير / الطبراني 12: 321/ 13549، مجمع الزوائد 9: 124.

[199] سورة طه: 20 / 29 _ 32.

[200] راجع: صحيح البخاري 5: 89 / 202، صحيح مسلم 4: 1870 / 30 _ 32، مسند أحمد 1: 170 و 177 و 179، سنن الترمذي 5: 638 / 3724، سنن ابن ماجة 1: 45/ 121 _ دار الفكر _ بيروت.

[201] شرح ابن أبي الحديد 13: 211.

[202] المستدرك / الحاكم 3: 129، الصواعق المحرقة: 125 باب 9 _ مكتبة القاهرة _ ط 2 _ 1385ه_، ترجمة الإمام عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 476 / 1004 و 478 / 1005، الجامع الصغير/ السيوطي 2: 177 / 5591 _ دار الفكر _ بيروت.

[203] ترجمة الإمام عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 260 / 784، تلخيص الشافي 2: 45، أمالي الطوسي: 331 / 661، اليقين في إمرة أمير المؤمنين عليه السلام / ابن طاوُس: 132 _ باب 3، و 1762 _ باب 176، و 229 _ باب 69، و 362 _ باب 128 _ دار الكتاب _ قم _ 1413 ه_.

[204] راجع: مستدرك الحاكم 3: 483، مناقب ابن الغازلي: 6/ 3، الفصول المهمة/ ابن الصباغ المالكي: 30 _ دار الكتب التجارية _ النجف، تذكرة الخواص: 10، كفاية الطالب: 405 _ 406، روضة الواعظين / الفتال النيسابوري: 81 _ منشورات الرضي _ قم، كشف الغمة 1: 59، العمدة /

ابن البطريق: 27 / 8 _ جماعة المدرسين _ قم _ 1407 ه_، أمالي الطوسي 706/ 1511، علل الشرائع / الصدوق: 1 135 / 3_ المكتبة الحيدرية _ النجف _ 1385ه_، معاني الأخبار / الصدوق: 62 / 10 _ جماعة المدرسين _ قم، أمالي الصدوق 194 / 206، إرشاد القلوب / الديلمي: 211 _ منشورات الشريف الرضي _ قم، كشف اليقين/ العلّامة الحلي: 17 _ وزارة الثقافة و الارشاد _ إيران _ 1416 ه_، نهج الحق / العلّامة الحلي: 233 _ دار الهجرة _ قم _ 1407 ه_.

[205] علي بن أبي طالب سلطة الحق/ عزيز السيد جاسم: 15 _ مؤسسة سينا للنشر _ مصر _ و مؤسسة الانتشار العربي _ بيروت _ 1997 م.

[206] سورة البقرة: 2 / 105.

[207] اثبات الوصية: 121، كنز الفوائد 1: 255.

[208] نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: 300 / خ 192.

[209] شرح ابن أبي الحديد 1: 15.

[210] صحيح البخاري 4: 22 و 5: 87، سنن الترمذي: 635 / 3716، مصابيح السنة / البغوي 4: 172 / 4765.

[211] الرياض النضرة 3: 103، ذخائر العقبي: 64.

[212] نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: 301 / خ 192.

[213] المستدرك / الحاكم 3: 111 _ 112.

[214] الصواعق المحرقة: 127.

[215] ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 485 / 1012.

[216] مسند أحمد 1: 80، سنن ابن ماجة 2: 1222 / 3708.

[217] مسند أحمد 1: 85 وو 107.

[218] مستدرك الحاكم 3: 125 و صححه علي شرط الشيخين: الصواعق المحرقة: 123، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 486 / 1013.

[219] المستدرك / الحاكم 3: 126 و 127 و صححه، جامع الأصول 9: 473

/ 6489، الصواعق المحرقة: 122، اُسد الغابة 4: 22، تاريخ بغداد / الخطيب 11: 49 و 50 _ مطبعة السعادة _ مصر _ 1349 ه_، البداية و النهاية 7: 372 و غيرها كثير.

[220] حلية الأولياء 1: 68، مناقب ابن المغازلي: 287 / 328، كنز العمال 11: 615 / 32982.

[221] الاستيعاب بهامش الإصابة / ابن عبدالبر 3: 40 _ مكتب السعادة بمصر.

[222] نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: الخطبة (189).

[223] الصواعق المحرقة: 127، شرح ابن أبي الحديد 7: 46، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 3: 31 / 1054.

[224] الاستيعاب / ابن عبدالبر 3: 39 بهامش الاصابة، الاصابة / ابن حجر 2: 509 _ مكتب السعادة بمصر، اُسد الغابة 4: 23.

[225] عبقرية الإمام علي عليه السلام: 47 _ دار الكتاب _ ط 1.

[226] سورة الأحزاب: 33 / 33.

[227] راجع: صحيح مسلم 4: 1883 / 2424، تفسير الرازي 8: 80، سنن الترمذي 5: 351 / 3205 و 5: 663 / 3787 و غيرها كثير.

[228] سورة البقرة: 2 124.

[229] سورة لقمان: 31/ 13.

[230] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 216 / 1.

[231] الاحتجاج / الطبرسي: 251 _ منشورات المرتضي، مشهد، و الآية من سورة إبراهيم: 14 / 35.

[232] مناقب علي عليه السلام/ ابن المغازلي: 276 / 322، أمالي الطوسي: 379 / 811.

[233] سورة النجم: 53 / 3 _ 4.

[234] راجع: المعجم الكبير / الطبراني 22: 409 / 1021.

[235] المعجم الكبير 22: 407 / 1020 / الصواعق المحرقة: 124.

[236] المعجم الكبير 3: 44 / 2630، الصواعق المحرقة: 124.

[237] سنن الترمذي 5: 636 / 3720، الصواعق المحرقة: 122.

[238] مستدرك الحاكم 3: 111.

[239] الاصابة 2: 30.

[240] مستدرك الحاكم 3:

27و صححه، تاريخ الطبري 3: 93.

[241] داك القوم: ماجوا و اختلفوا.

[242] الصواعق المحرقة: 121، والحديث صحيح و قد ورد بألفاظ متعددة، راجع: صحيح البخاري 5: 87/ 197 و 198 _ كتاب الفضائل، و 5: 279 / 231، كتاب المغازي، صحيح مسلم 4: 1871/ 32 _ 34 _ كتاب الفضائل، سنن الترمذي 5: 638 / 3724 و غيرها.

[243] مسند أحمد 1: 3 و 331، 3: 212 و 283، سنن الترمذي 5: 636 / 3719.

[244] مستدرك الحاكم 3: 125 و صححه، الصواعق المحرقة: 124.

[245] سنن الترمذي 5: 639 / 3726، مصابيح السنة 4: 175 / 4773.

[246] مستدرك الحاكم 2: 367، مسند أحمد 1: 84 و 151.

[247] سورة آل عمران: 3 / 61.

[248] معالم التنزيل / البغوي 1: 480، و راجع أيضاً: صحيح مسلم 4: 1871، سنن الترمذي 5: 225 / 2999، مصابيح السنة 4: 183 / 4795، الصواعق المحرقة: 121 و غيرها.

[249] مستدرك الحاكم 3: 123 _ و صححه علي شرط الشيخين، مسند أحمد 3: 82.

[250] سورة الرعد: 13 / 7.

[251] مستدرك الحاكم 3: 129 _ 130 و صححه علي شرط الشيخين.

[252] تفسير الرازي 19: 20، تفسير الطبري 13: 130 _ دار إحياء التراث العربي _ 1421 ه_، تفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري 14: 68 _ دار المعرفة _ 1403 ه_، روح المعاني / الآلوسي 13: 108.

[253] مستدرك الحاكم 3: 130 _ 131 و صححه علي شرط الشيخين.

[254] الصواعق المحرقة: 126.

[255] مستدرك الحاكم 3: 130 _ و صححه.

[256] مستدرك الحاكم 3: 128 _ و صحهه.

[257] حلية الأولياء 1: 71، مجمع الزوائد 9: 116.

[258] مستدرك الحاكم 3: 124 و صححه، الصواعق المحرقة: 124.

[259] مستدرك الحاكم 3: 125 _

و صححه، الصواعق المحرقة: 127.

[260] مستدرك الحاكم 3: 108 و 109.

[261] مستدرك الحاكم 3: 116 _ 117.

[262] سورة البقرة: 2 / 105.

[263] المعجم الكبير / الطبراني 11: 77 / 11152، الصواعق المحرقة: 125، شرح ابن أبي الحديد 13: 225، الآحاد و المثاني / أبوبكر الشيباني 1: 150. دار الراية _ الرياض، ذخائر العقبي: 58، كنز العمال 11: 601 / 32896.

[264] ديوان المفجع: 137 _ دار الزهراء _ بيروت _ 1405 ه_، بحار الأنوار 39: 63.

[265] راجع: الصواعق المحرقة: 128، ترجمة عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 283، المناقب / ابن المغازلي: 96 _ 98، المناقب / الخوارزمي: 217، الرياض النضرة 3: 121، البداية و النهاية 6: 86 و 282، الارشاد / المفيد: 345، الفقيه 1: 130 / 610، تاج العروس _ مادة يشع _.

[266] الفقيه 1: 130 / 661، الارشاد / المفيد 1: 346، بحار الأنوار 41: 171 / 8 و 174.

[267] الفقيه 1: 130 / 608.

[268] راجع: الكامل في التاريخ 1: 154 _ 155، البداية والنهاية 6: 281، قصص الأنبياء (عرائس المجالس)/ الثعلبي: 220 _ منشورات المكتبة الثقافية _ بيروت، قصص الأنبياء / ابن كثير: 441، وفيات الأعيان / ابن خلكان 7: 227 _ منشورات الشريف الرضي _ 1364ه_، البدء والتاريخ 3: 96، بحار الأنوار 13: 375 و 58: 256 / 47.

[269] قال السيد المرتضي رحمي اللّه في شرحه لبائية السيد الحميري: معني (أو) هاهنا معني الواو، فكأنّه قال: إلّا ليوشع و له، كما قال اللّه تعالي: (فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (سورة البقرة: 2/ 74) علي أحد التأويلات في الآية. بحار الأنوار 41: 190.

[270] الإرشاد /المفيد 1: 347.

[271] القصائد العلويات / ابن

أبي الحديد: 140 _ مؤسسة الأعلمي _ بيروت.

[272] راجع المصادر المتقدّمة في ردّ الشمس ليوشع عليه السلام.

[273] المستدرك / الحاكم 3: 139 _ 140.

[274] سورة التوبة: 9 / 12.

[275] قرب الاسناد / السيد الحميري: 96/ 327 _ مؤسسة آل البيت عليهم السلام _ قم، تفسير العياشي 2: 219 / 1790.

[276] راجع: إكمال الدين: 27: و 154، إثبات الوصية / المسعودي: 52، بحار الأنوار 13: 366 / 8 و 369 / 15.

[277] الفقيه 1: 130/ 609.

[278] سورة الكهف: 18/ 60.

[279] سورة الكهف: 18/ 62.

[280] تفسيرالميزان 13: 338.

[281] شرح ابن أبي الحديد 14: 251، تاريخ الطبري 2: 514، الإرشاد / المفيد 1: 87،الأغاني/ أبو الفرج الأصفهاني 15: 192 _ دار إحياء التراث العربي، المناقب/ ابن المغازلي: 197 / 234.

[282] المعجم الكبير/ الطبراني 6: 221 / 6063، أمالي الصدوق: 63 / 25.

[283] كتاب سليم: 175/ 39 مؤسسة البعثة _ طهران، أمالي الطوسي: 523 / 1159، الاحتجاج / الطبرسي: 263.

[284] شرح ابن أبي الحديد 13: 225 و 16: 30، البداية و النهاية 7: 333، الذرية الطاهرة: الدولابي: 115 / 124_ جماعة المدرسين _ قم _ 1407 ه_، الكامل في التاريخ 3: 265.

[285] بحار الأنوار 13: 368/ 12 و 42: 302 / 2.

[286] المستدرك / الحاكم 3: 113.

[287] إكمال الدين: 27، بحارالأنوار 13: 367/ 10 و 22: 512 / 12و 32: 280 / 227.

[288] إكمال الدين: 154 / 17، بحار الأنوار 13: 445 / 10.

[289] سورة الروم: 30/ 4.

[290] راجع متن الرواية مفصلاً في الكافي 4: 181 / 7 _ باب النوادر _ كتاب الصيام، وسائل الشيعة 10: 249 / 13336.

[291] سورة ق: 50 / 37.

[292] الكامل في اللغة و

الأدب 2: 151.

[293] و هما كتاب (وقعة الجمل) لأبي مخنف لوط بن يحيي، و قال فيه ابن أبي الحديد: و أبو مخنف من المحدثين و ممن يري صحة الامامة بالاختيار، وليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها. و الكتاب الثاني (صفين) لنصر بن مزاحم بن يسار المنقري، قال: و هو من رجال الحديث، شرح ابن أبي الحديد 1: 147.

[294] شرح ابن أبي الحديد 1: 150.

[295] وقعة صفّين: 24، شرح ابن أبي الحديد 1: 148، المناقب / لابن شهر آشوب 3: 61.

[296] وقعة صفّين: 23، شرح ابن أبي الحديد 1: 147.

[297] الفتوح / أبن اعثم 2: 305، وقعة صفين: 18، مناقب ابن شهر آشوب 3: 63، الفصول المختارة: 218 و 235، و في شرح نهج البلاغة 1: 147 منسوب الي زحر ابن قيس.

[298] الأخبار الموفقيات / الزبير بن بكار: 598 _ منشورات الشريف الرضي _ قم _ 1416ه_، شرح ابن أبي الحديد 6: 35، تاريخ اليعقوبي 2: 128.

[299] أخبار شعراء الشيعة / المرزباني: 42 الطبعة 1413 ه_ _ شركة الكتبي _ بيروت، المناقب / لابن شهر آشوب 3: 9.

[300] المستدرك / الحاكم 3: 124 / 4595، الفتوح / لابن أعثم 2: 275، شرح ابن أبي الحديد 13: 231.

[301] شرح ابن أبي الحديد 1: 146، و البيت شاهد علي مستوي عائشة من الحقّ و الدين.

[302] شرح ابن أبي الحديد 1: 146.

[303] شرح ابن أبي الحديد 1: 147.

[304] شرح ابن أبي الحديد 13: 232، الفصول المختارة: 218.

[305] شرح ابن أبي الحديد 1: 145.

[306] من فضلاء الصحابة، و أحد النقباء الاثني عشر، شهد العقبة الأولي والثانية، و شهد بدراً و اُحداً والمشاهد كلّها مع النبيّ صلّي اللّه عليه و

آله، توفّي سنة 34 بالرملة. اُسد الغابة 3: 158/ 2789.الي الفضل بن العباس.

[307] المسلك في أصول الدين / المحقق الحلي: 197 _ استانه قدس _ ط 1 ت 1414 ه_، المجموع الرائق / هبة اللّه الموسوي 2: 51 _ ط 1 طهران _ 1417، بيت الأحزان / عباس القمّي: 68 _ دار الحكمة _ قم _ ط 1 _ 1412ه_.

[308] الفصول المختارة: 218، الفتوح / لابن أعثم 2: 277، كفاية الطالب: 127 باب 25، شرح ابن أبي الحديد 1: 143.

[309] الفصول المختارة: 217 و 235، شرح ابن أبي الحديد 13: 231، و في كفاية الطالب: 127 و مناقب ابن شهر آشوب 3: 64 نُسِب البيتان الي الفضل بن العباس.

[310] شرح ابن أبي الحديد 1: 143.

[311] شرح ابن أبي الحديد 1: 146.

[312] شرح ابن أبي الحديد 1: 150، وقعة صفين: 416 من قصيدة طويلة منسوبة.

[313] الفتوح / ابن أعثم 3: 133، وقعة صفين: 43، شرح ابن أبي الحديد 1: 148 و 2: 69.

[314] الغدير 2: 173 عن عدّة مصادر.

[315] الجمل / المفيد: 246 _ 247، الغدير 2: 126 _ 127 و الهدّ: الجبان.

[316] صحابي جليل، ابن عمّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، اُسد الغابة 5: 259، الإصابة 3: 452.

[317] وقعة صفين: 385، شرح ابن أبي الحديد 1: 149.

[318] صحابي، أدرك النبي صلّي اللّه عليه و آله، و هو أول من جعل سهم البراذين دون سهم العراب، فبلغ عمر فاعجبه، و شهد صفين مع علي عليه السلام. الإصابة 3: 503 / 8465.

[319] وقعة صفين: 436، شرح ابن أبي الحديد 8: 77.

[320] صحابي جليل، كان شاعر الأنصار و أحد ساداتهم، اُسد الغابة 5: 349 / 5247، الإصابة

3: 562 / 8746.

[321] الأخبار الموفقيات: 593، شرح ابن أبي الحديد 6: 31.

[322] وقعة صفين: 365، شرح ابن أبي الحديد 1: 149.

[323] الأمالي / المفيد: 155 _ دار المفيد _ بيروت _ 1414 ه_.

[324] الفتوح / ابن أعثم 2: 307، شرح ابن أبي الحديد 1: 143.

[325] الفتوح 1: 481، و في الفتوح 2: 321 و شرح ابن أبي الحديد 1: 144 منسوب الي غلام من بني ضبّة.

[326] راجع:البداية و النهاية/ ابن كثير 13: 258 حوادث سنة 668، تاريخ الطبري 4: 426، ديوان أبي فراس: 313 _ المستشارية الثقافية _ سورية _ 1408 ه_، ديوان دعبل: 129، 225، 231، 248 و 262 _ نشر الشريف الرضي _ قم، ديوان الصاحب بن عباد: 96، 301 _ مؤسسة قائم آل محمّد صلّي اللّه عليه و آله _ 1412 ه_، ديوان المفجع البصري: 134، شذرات الذهب/ ابن العماد 5: 328_ حوادث سنة 668 _ دار إحياء التراث العربي _ بيروت، شرح ابن أبي الحديد 1: 144 و 149 و 6: 54، شرح الهاشميات / أبو رياش القيسي: 33، الفتوح / ابن أعثم 3: 226 و 5: 129، القصائد الهاشميات: 18 _ مؤسسة الأعلمي _ بيروت، الكامل في اللغة والأدب / المبرد 2: 151 _ 152، مصادر نهج البلاغة / عبد الزهراء الحسيني 1: 138 _ 149، مقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي: 170، المناقب / ابن شهر آشوب 3: 62 _ 64، وقعة صفين: 137 و 146 و 365و 382 و 416.

[327] صحيح مسلم 4: 1873 / 2408، كتاب فضائل الصحابة _ بعدة طرق.

[328] سنن الترمذي 5: 663 / 3786 و 3788، مستدرك الحاكم 3: 148 و صححه.

[329] المعجم

الكبير / الطبراني 3: 66 / 3681 و 5: 167 / 4971، الصواعق(115) لمحث أشرف و أجلّ.

[330] شرح ابن أبي الحديد 1: 139 _ 140.

[331] تاج العروس 10: 392 مادة _ وصي _، لسان العرب 15: 394 مادة _ وصي _.

[332] وقعة صفين: 381، الفتوح / ابن أعثم 3: 145، شرح ابن أبي الحديد 1: 145.

[333] المعجم الكبير 6: 221 / 6063.

[334] ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 443 / 959، مناقب الخوارزمي: 62.

[335] ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 444 / 962 _ 966، تاريخ بغداد 7: 421.

[336] سورة آل عمران: 3 / 61.

[337] راجع: صحيح مسلم 4: 1871 / 32، سنن الترمذي 5: 638 / 3724، مسند أحمد 1: 185، مستدرك الحاكم 3: 150 و غيرها.

[338] راجع: رسالة (التفضيل) للشيخ المفيد، ضمن الجزء السابع من سلسلة مؤلفاته.

[339] ذخائر العقبي: 71، الرياض النضرة 3: 119.

[340] المتسدرك / الحاكم 3: 126.

[341] العقد الثمين: 42.

[342] تهذيب الآثار: هامش صفحة 63 مسند علي عليه السلام.

[343] قائد عباسي معروف، كان من النقباء الذين اختارهم محمّد بن علي صاحب الثورة في أول الدعوة العباسية، و نصبه أبو مسلم قاضياً و إماماً للصلاة منذ سنة 100 ه_ و شارك في حروب بني العباس سنة 129 و ما بعدها، وكان علي ميسرة أبي مسلم في فتوحاته، و بقي و فياً لهم حتي وفاته سنة 169. راجع: تاريخ الطبري _ حوادث سنة 100 و 129 و ما بعدها.

[344] تاريخ الطبري 4: 176.

[345] صحيح البخاري 4: 47 / 4 _ الباب الأول من كتاب الوصايا، و 5: 37/ 442 _ كتاب المغازلي _ باب مرض النبي صلّي اللّه عليه

و آله و وفاته. و أخرجه مسلم في الصحيح 3 1257 / 1636_ كتاب الوصية _ باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه.

[346] صحيح البخاري 5: 33/ 433 _ كتاب المغازي _ باب مرض النبي صلّي اللّه عليه و آله و وفاته.

[347] صحيح البخاري 5: 36 / 438 _ نفس الكتاب و الباب المتقدم.

[348] راجع: الطبقات الكبري / ابن سعد 2: 262 ذكر من قال توفي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في حجر علي بن أبي طالب عليه السلام، البداية والنهاية/ ابن كثير 7: 359، ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 484 / 1012 و 3: 17 / 1036 _ 1040، ذخائر العقبي: 72، كنز العمال 7: 252 و 253 و 255 و 16: 228.

[349] نهج البلاغة: 311 / خ 197.

[350] المستدرك / الحاكم 3: 39 و قال: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه. و قال الذهبي في التلخيص: صحيح. و راجع أيضاً: مسند أحمد 6: 300، ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق 3: 18/ 1038، مجمع الزوائد 9: 115 و صححه.

[351] فضائل الصحابة 3: 686 / 1171.

[352] تذكرة الخواص: 48.

[353] راجع: المراجعات / عبدالحسين شرف الدين: المراجعة (75 _ 78).

[354] المعارف / ابن قتيبة: 134 _ نشر الشريف الرضي _ قم _ 1415.

[355] فتح الباري في شرح صحيح البخاري / ابن حجر 8: 122.

[356] تذكرة الخواص: 48.

[357] سنن النسائي 6: هامش ص 241 _ دار الكتاب العربي _ بيروت.

[358] راجع: صحيح البخاري 7: 219 / 30 _ كتاب المرضي، صحيح مسلم 3: 1257 و 1259 _ كتاب الوصية، مسند أحمد 1: 222 , 324.

[359] شرح ابن

أبي الحديد 12: 20 _ 21.

[360] الطبقات / ابن سعد 2: 232.

[361] الجمل / المفيد: 159، الشافي 4: 355 _ مؤسسة الصادق _ طهران، تلخيص الشافي 4: 157، و راجع: تاريخ الطبري 5: 150، مقاتل الطالبيين: 26 _ النجف _ 1385 ه_، الطبقات الكبري 3: 40، تذكرة الخواص: 165.

[362] تاريخ الطبري 4: 340 _ حوادث سنة 35 ه_.

[363] البداية و النهاية 7: 167، الكامل في التاريخ 3: 46، تاريخ ابن خلدون 3: 215 _ دار الفكر _ بيروت _ 1408 ه_، الخطط / المقريزي 2: 352 _ دار صادر _ بيروت.

[364] منهم: د. حسن إبراهيم حسن في (تاريخ الإسلام السياسي: 347 _ مكتبة النهضة المصرية _ 1964 م)، و (تاريخ الدولة الفاطمية: 22 و 25)، ود سليمان العودة في) عبد الله بن سأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الاسرم: 232)، ود. عبدالعزيز محمد نور ولي في (أثر التشيع علي الروايات التاريخية: 19 _ دار الخضيري _ المدينة _ 1417 ه_)، و علي مصطفي الغرابي في (تاريخ الفرق الإسلامية: 17 _ القاهرة _ 1378 ه_)، و محمّد أبو زهرة في (تاريخ المذاهب الإسلامية: 46 _ دار الفكر العربي _ 1976 م)، الشيخ محمّد الخضري في (تاريخ الدولة الأموية: 359 _ دار القلم _ بيروت _ 1406 ه_)، و محمّد رشيد رضا في (السنة و الشيعة: في عدة صفحات) و محمّد فريد و جدي في (دائرة معارف القرن العشرين 5: 18 _ 19 _ دار الفكر _ بيروت) ود. مصطفي حلمي في (نظام الخلافة بين أهل السنة و الشيعة: 157 _ دار الدعوة _ ط 1_ 1408ه_) وغيرهم كثير.

[365] ميزان الاعتدال 2: 117، لسان الميزان /

ابن حجر 3: 12 _ مؤسسة الأعلمي_ بيروت _ 1406 ه_.

[366] ميزان الاعتدال 2: 275، السان الميزان 3: 145.

[367] ميزان الاعتدال 2: 256، تهذيب التهذيب 4: 259 _ دار الفكر _ بيروت _ 1404 ه_.

[368] الفتنة الكبري / طه حسين: 134.

[369] عليّ وبنوه: المجموعة الكاملة / طه حسين 4: 518 _ 519.

[370] راجع: نظرية الإمامة لدي الشيعة الاثني عشرية / د. أحمد محمود صبحي: 37 _ دار المعارف _ مصر.

[371] لا حظ: رجال الكشي: 106 / 170 _ 174 _ كلية الإلهيات _ جامعة مشهد.

[372] راجع: البدء و التاريخ / المقدسي 5: 125/ المعارف / ابن قتيبة: 622، الفصل في الملل و النحل / ابن حزم 4: 186 _ مكتبة المثني _ بغداد.

[373] الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية / د. محمّد عمارة: 155 _ 158 _ المؤسسة العربية للدراسات و النشر _ ط 1 _ 1977 م.

[374] راجع: تاريخ الطبري 2: 217، معالم التنزيل /البغوي 4: 278، شرح ابن أبي الحديد 13: 210 و 244، الكامل في التاريخ 1: 586 _ 587، تفسير الخازن 3: 371 _ 372، و صححه الشيخ أبو جعفر الاسكافي في نقض العثمانية: 303، وشهاب الدين الخفاجي في نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض 3: 35، و حكي السيوطي في جمع الجوامع، كما في ترتيبه (6/ 396) تصحيح ابن جريرله. راجع: الغدير 2: 395 _ 396.

[375] العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين عليه السلام: 45.

[376] راجع: الشعية والتصحيح/ موسي الموسوي: 15 _ 16 _ لوس أنجلس _ 1987 م _ تطور الفكر السياسي الشيعي من الشوري الي ولاية الفقيه / أحمد الكاتب: 56 _ دار الشوري _ ط 1_

1997 م.

[377] تفسير الخازن 3: 371، تاريخ الطبري 2: 217.

[378] تفسير الكاشف / مغنية 5: 522 _ دار العلم للملايين _ بيروت _ ط 3 _ 1981 م، الغدير 2: 396 و 406 _ 407.

[379] تفسيرالطبري 19: 140، تفسير ابن كثير 3: 356، البداية و النهاية 3: 40.

[380] الدر المنثور / السيوطي 6: 328.

[381] مختصر تفسير الخازن 2: 899 _ دار المسيرة _ بيروت.

[382] الجواهر 13: 103 _ مصطفي البابي الحلبي _ مصر _ 1347 ه_.

[383] سيرة ابن إسحاق: 125.

[384] شرح ابن أبي الحديد 9: 171.

[385] الفردوس 3: 283 / 4451 _ دار الكتب العلمية _ 1406 ه_، و 3: 332 / 4884 _ دار الكتاب العربي _ 1407 ه_.

[386] تاريخ الطبري 5: 424، الكامل في التاريخ 2: 419، حوادث سنة 61 ه_.

[387] البداية والنهاية 8: 179.

[388] مصادر نهج البلاغة / عبدالزهراء الحسيني 1: 146.

[389] الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 549، اسد الغابة 5: 349، الاصابة 3: 562.

[390] الأخبار الموفقيات: 593، شرح ابن أبي الحديد 6: 31.

[391] راجع: الموضوعات / ابن الجوزي 1: 374 _ 377، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة / الشوكاني: 386 _ 387 و 402 _ دار الكتاب العربي _ 1406 ه_.

[392] فتح الباري 5: 361.

[393] السقيفة والخلافة: 142 _ دار غريب، القاهرة _ 1977 م_.

[394] منهاج السنة 4: 80 _ المكتبة العلمية _ بيروت.

[395] منهاج السنة 2: 90.

[396] البداية و النهاية 7: 225.

[397] مستدرك الحاكم 3: 140 و صححه، تذكرة الحفاظ 3: 995، تاريخ بغداد 11: 216، شرح ابن أبي الحديد 6: 45، الخصائص الكبري 2: 235 _ دار الكتب العلمية _ بيروت _ 1405 ه_.

[398] مستدرك الحاكم 3: 139، مسند أبي

يعلي 1: 426 / 305.

[399] نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: 246 / خ 172.

[400] و هي الخطبة الثالثة من نهج البلاغة.

[401] جامع المسانيد و السنن / ابن كثير 5: 383/ 3633.

[402] فضائل الصحابة 2: 615/ 1052.

[403] تذكرة الخواص: 48.

[404] المقدمة / ابن خلدون: 212 _ دار إحياء التراث العربي _ بيروت _ 1419 ه_.

[405] تاريخ ابن خلدون 3: 215.

[406] راجع جداله مع ابن عباس في شرح ابن أبي الحديد 12: 20 _ 21.

[407] راجع كتاب: المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي للسيّد ثامر العميدي، و هو الإصدار الأوّل من إصدارات مركز الرسالة، ستجد فيه سخرية أعلام أهل السنّة من ابن خلدون في إنكاره أحاديث المهدي عليه السلام.

[408] أثر التشيع في الأدب العربي / محمّد سيد كيلاني: 66 _ القاهره.

[409] الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية / د. محمد عمارة: 33.

[410] راجع: اللآلئ المصنوعة / السيوطي 1: 358، 362 _ دار المعرفة _ بيروت، الموضوعات / ابن الجوزي 1: 374 _ 377.

[411] تهذيب الكمال/ المزي 5: هامش صفحة 48 _ مؤسسة الرسالة _ بيروت _ ط 4 _ 1406 ه_.

[412] ميزان الاعتدال 1: 521 / 1943.

[413] الثقات / ابن حبان 8: 74 _ مؤسسة الكتب الثقافية _ بيروت.

[414] لسان الميزان 1: 107 / 318.

[415] ميزان الاعتدال 1: 64 / 211.

[416] راجع: تاريخ الإسلام / الذهبي و فيات سنة 121 _ 140: 59، تهذيب الكمال 4: 467 _ 468، تهذيب التهذيب2: 47، ميزان الاعتدال 1: 379.

[417] راجع: صحيح مسلم 1: 25 من المقدمة.

[418] راجع: ضعفاء العقيلي 1: 192 _ دار الكتب العلمية _ بيروت _ 1404 ه_، تهذيب الكمال 4: 469، ميزان الاعتدال 1: 380، تاريخ الإسلام /

الذهبي: 60، تهذيب التهذيب 2: 47 _ 49.

[419] ميزان الاعتدال 1: 383، تهذيب التهذيب 2: 43، ضعفاء العقيلي 1: 194، تهذيب الكمال 4: 470 _ الهامش.

[420] ميزان الاعتدال 1: 634 / 2443، تهذيب التهذيب 3: 91 / 194.

[421] لسان الميزان 4: 42 / 123.

[422] البداية و النهاية 3: 40.

[423] راجع: ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 1: 99 / 137، تاريخ الطبري 2: 219، خصائص النسائي: 18، مسند أحمد 1: 159، شواهد التنزيل 1: 420 / 580 و غيرهم.

[424] سير أعلام النبلاء 8: 342 / 92، تهذيب التهذيب 7: 342 / 634، ضعفاء العقيلي 3: 255 _ الهامش.

[425] ضعفاء العقيلي 3: 255 / 1260.

[426] تهذيب التهذيب 7: 361 / 671، ميزان الاعتدال 3: 174 / 6018، تهذيب الكمال 21: 234.

[427] تهذيب التهذيب 7: 362.

[428] لسان الميزان 5: 139 / 465.

[429] راجع: سير أعلام النبلاء 17: 162.

[430] ميزان الاعتدال 3: 608.

[431] ميزان الاعتدال 4: 240 / 8988، تهذيب التهذيب 10: 258 / 721.

[432] تذكرة الحفّاظ / الذهبي 1: 181 _ دار إحياء التراث العربي.

[433] نهج البلاغة / صبحي الصالح: 68 الخطبة 26.

[434] نهج البلاغة / صبحي الصالح: 48 الخطبة 3.

[435] الأخبار الموفقيات: 581 عن محمّد بن إسحاق، شرح ابن أبي الحديد 6: 21.

[436] وقعة صفين: 489، راجع الهامش أيضاً.

[437] نهج البلاغة / صبحي الصالح: 71 _ الخطبة 27.

[438] نهج البلاغة / صبحي الصالح: 80 / الخطبة 36.

[439] سورة النحل: 16 / 91.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.