نزول سورة هل أتي

اشارة

سرشناسه : حسيني ميلاني، علي 1326 -

عنوان قراردادي : نزول سوره هل اتي.فارسي

عنوان و نام پديدآور : نزول سوره'' هل اتي '' در شان اهل بيت مصطفي صلوات الله عليهم اجمعين: پژوهشي در نزول سوره '' دهر ''/ علي حسيني ميلاني؛ ترجمه و ويرايش هيئت تحريريه الحقايق.

مشخصات نشر : قم: مركز حقايق اسلامي 1390.

مشخصات ظاهري : 96ص.

فروست : سلسله پژوهش هاي اعتقادي؛ 32.

شابك : 978-600-5348-49-1‮

يادداشت : كتابنامه : ص. 89 - 95 ؛ همچنين به صورت زيرنويس.

موضوع : خاندان نبوت در قرآن

موضوع : قرآن. سوره دهر -- شان نزول -- احاديث

موضوع : تفاسير (سوره دهر)

موضوع : قرآن -- شان نزول -- احاديث

شناسه افزوده : مركز الحقائق الاسلاميه

رده بندي كنگره : ‮ BP71/9 ‮ /ح55ن4041 1390

رده بندي ديويي : ‮ 297/157

شماره كتابشناسي ملي : 2367207

المقدمة … ص: 4

قال عزّوجلّ:

«وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 7

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصّلاة والسلام علي خير خلقه وأشرف بريّته محمّد وآله الطاهرين، ولعنة اللَّه علي أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.

وبعد، فهذه رسالةٌ وضعتها بتفسير آياتٍ من سورة الدهر النازلة في أهل البيت عليهم الصّلاة والسلام علي ضوء روايات أهل السنّة، وقد سمّيتها ب (نزول سورة هل أتي في أهل بيت المصطفي وجعلتها في فصلين، سائلًا اللَّه تعالي أن ينفع بها عموم المؤمنين، واللَّه ولي التوفيق.

علي الحسيني الميلاني

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 11

إعلم أنّ والآيات المقصود بها الاستدلال في هذه السورة هي قوله تعالي «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ

كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً* عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً* يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً» إلي قوله تعالي «إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً» «1»

.فقد نزلت هذه الآيات في أهل بيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، أعني: عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، عليهم الصلاة والسلام … وذلك:

إنّ الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، فنذر عليّ عليه السلام صوم ثلاثة أيّام، وكذا فاطمة الطاهرة، وخادمتهم فضّة، لئن بَرِئا؛ فبَرِي ء الحسن والحسين عليهما السلام وليس عندهم قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعاً، فخبزته خمسة أقراص،

__________________________________________________

(1) سورة الدهر 76: 5- 22.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 12

لكلّ واحدٍ قرصاً، وصلّي عليّ صلاة المغرب، فلمّا أتي المنزل ووضع الطعام بين يديه للإفطار، أتاهم مسكين وسألهم، فأعطاه كلّ منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً.

ثمّ صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعاً آخر، فلمّا قدّم بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم وسألهم القوت، فأعطاه كلّ واحدٍ منهم قوته.

فلمّا كان اليوم الثالث من صومهم، وقدّم الطعام للإفطار، أتاهم أسير وسألهم القوت، فأعطاه كلّ واحدٍ منهم قوته.

ولم يذوقوا في الأيّام الثلاثة سوي الماء.

فرآهم النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في اليوم الرابع، وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة قد التصق بطنها يظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها فقال:

واغوثاه يا اللَّه، أهل بيت محمّد يموتون جوعاً.

فهبط جبرئيل فقال: خذ ما هنّاك تعالي به في أهل بيتك.

فقال: وما آخذ يا جبرئيل؟

فأقرأه: «هَلْ أَتَي .

أقول:

هذا هو الخبر في شأن نزول السورة

في أهل البيت، كما ذكر بعض علمائنا، والقدر المهمّ في وجه الاستدلال هو نزول الآيات في

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 13

حقّهم بسبب إطعامهم ما كان عندهم من الطعام ثلاثة أيّام المسكين واليتيم والأسير، ويقاؤهم بلا طعام وهم صيّام.

وقد اتّفق الفريقان علي نزول السورة في أهل البيت عليهم السلام؛ فأصل الخبر موجود في كتب كلا الفريقين في التفسير والحديث والتراجم والمناقب، وإن اختلفت ألفاظ الخبر في بعضها عن البعض الآخر.

فقيل:

«معلوم أنّ سورة الدهر مكّية بالاتّفاق، وعليّ لم يدخل بفاطمة إلّا بعد غزوة بدر، وولد له الحسن في الثانية من الجهرة، والحسين في السنة الرابعة من الهجرة، بعد نزول سورة الدهر بسنين كثيرة، فقول من يقول: إنّها نزلت فيهم، من الكذب الذي لا يخفي علي من له علم بنزول القرآن وأحوال آل البيت، رضي اللَّه عنهم.

وقال القرطبي في تفسيره 19/ 182 في صدد آية: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ»: والصحيح أنّها نزلت في جميع الأبرار، ومن فعل فعلًا حسناً، فهي عامّة».

قال: «وقد ذكر النقّاش والثعلبي والقشيري وغير واحدٍ من المفسّرين، في قصّة عليّ وفاطمة وجاريتهما حديثاً لا يصحّ ولا يثبت.

قال الحافظ ابن حجر في تخريج الكشّاف: 180 رواه الثعلبي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 14

من رواية القاسم بن بهرام، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.

ومن رواية الكلبي عن ابن عبّاس في قوله تعالي «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً» وزاد في أثنائه شعراً لعليّ وفاطمة رضي اللَّه عنهما».

ثمّ قال: «قال الحكيم الترمذي: هذا حديث مزوّق مفتعل لا يروج إلّا علي أحمق جاهل.

ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي عبداللَّه

السمرقندي، عن محمّد بن كثير، عن الأصبغ بن نباتة … فذكره بشعره وزيادة ألفاظ.

ثمّ قال: وهذا لا نشكّ في وضعه».

أقول:

ويتلخّص هذا الكلام في كلمتين:

الأُولي إنّ سورة الدهر مكّية، نزلت قبل أن يتزوّج أميرالمؤمنين من الزهراء في المدينة، وقبل ولادة الحسنين، بسنينٍ كثيرة.

والثانية: إنّ هذا الحديث مفتعل عند الحكيم الترمذي، وموضوع عند ابن الجوزي.

والعمدة هي الكلمة الأُولي …

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 15

والأصل في هذا الكلام، هو ابن تيمية المُلقّب عند أتباعه ب «شيخ الإسلام».

وتحقيق الكلام في نزول السورة المباركة، في فصلين:

الفصل الأوّل: في سند الحديث ورواته من أهل السُنّة.

والفصل الثاني: في دلالته؛ وسنتكلّم فيه علي الإشكالين المذكورين بالتفصيل، مع الاكتفاء بالإشارة إلي غيرهما ممّا قيل.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 16

الفصل الأوّل: سند الحديث ورواته … ص: 16

اشارة

لقد ورد حديث نزول السورة المباركة في كثيرٍ من كتب أهل السُنّة المعتمدة، في مختلف العلوم، من التفسير والحديث والمناقب وتراجم الصحابة …

من رواته من الصحابة والتابعين: … ص: 16

فمن رواته من الصحابة والتابعين، كما في كتب أهل السُنّة:

أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

وعبداللَّه بن العبّاس.

وزيد بن أرقم.

وسعيد بن جبير.

والأصبغ بن نباتة.

وقنبر مولي أميرالمؤمنين.

والحسن.

ومجاهد.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 17

وعطاء.

وأبو صالح.

وقتادة.

والضحّاك.

هذا، والخبر مشهور برواية ابن عبّاس، رواه عنه: سعيد بن جبير، ومجاهد، والضحّاك، وأبو صالح، وعطاء … وهؤلاء أئمّة أئمّة المفسّرين عند القوم.

من رواته من أئّمة التفسير والحديث: … ص: 17

ومن رواته من أكابر العلماء الأعلام في مختلف القرون، نكتفي بذكر جماعةٍ، وهم:

1- الحسين بن الحكم الحبري الكوفي، المتوفّي سنة 286، رواه في تفسيره.

2- أبو جعفر الطبري، المتوفّي سنة 310، علي ما في كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب.

3- ابن عبدربّه القرطبي المالكي، المتوفّي سنة 328، في كتاب العقد حيث ورد الحديث في احتجاج المأمون، وسنذكره.

4- سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّي سنة 360، كما في طريق الحافظ أبي نعيم والحافظ الحسكاني.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 18

5- أبو عبيداللَّه المرزباني، المتوفّي سنة 384، كما في طريق الحافظ الحسكاني.

6- أبو عبداللَّه الحاكم النيسابوري المتوفّي سنة 405، كما في طريق الحافظ الحسكاني، وفي كفاية الطالب: رواه في مناقب فاطمة.

7- عبدالغني بن سعيد، المتوفّي سنة 409- والمترجم له في أغلب المصادر كما في هامش سير أعلام النبلاء 17/ 268 وقال الذهبيع: «وقد كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدّث بها الناس، ونوديّ أمامها: هذا نافي الكذب عن رسول اللَّه» - وقد رواه الحافظ الحسكاني، عن أبي نعيم، عنه …

8- أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني، المتوفّي سنة 410، رواه في تفسيره كما في غير واحدٍ من الكتب كالدرّ المنثور.

9- أبو نعيم الأصفهاني، المتوفّي سنة 430، رواه في ما نزل في عليّ، وعنه غير واحدٍ كالحافظ الحسكاني.

10- أبو إسحاق الثعلبي، المتوفّي سنة 427، رواه

في تفسيره الكبير.

11- أبو محمّد الحسن بن عليّ الجوهري، المتوفّي سنة 454، رواه عنه الحافظ الحسكاني.

12- عبيداللَّه بن عبداللَّه الحافظ المعروف بالحكم الحسكاني، المتوفّي سنة 470، رواه في كتابه شواهد التنزيل علي قواعد التفضيل.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 19

13- الفقيه المحدّث ابن المغازلي الشافعي الواسطي، المتوفّي سنة 483، رواه في كتابه مناقب عليّ بن أبي طالب.

14- علي بن أحمد الواحدي، المتوفّي سنة 481، رواه في تفسيره.

15- أبو عبداللَّه الحميدي الحافظ، المتوفّي سنة 488، رواه في فوائده كما في كفاية الطالب.

16- الحسين بن مسعود البغوي، المتوفّي سنة 516، رواه في تفسيره.

17- جار اللَّه محمود بن عمر الزمخشري، المتوفّي سنة 638، رواه في تفسيره الكشّاف.

18- أبو الفضل محمّد بن ناصر السلامي البغدادي، المتوفّي سنة 550، رواه عنه ابن الجوزي.

19- المتوفّق بن أحمد الخطيب الخوارزمي المكّي، المتوفّي سنة 568، رواه في مناقب أمير المؤمنين.

20- أبو موسي المديني، المتوفّي سنة 581، رواه في الذيل كما في أُسد الغابة وغيره.

21- الفخر الرازي، المتوفّي سنة 606، رواه في تفسيره الكبير.

22- أبو عمرو ابن الصلاح، المتوفّي سنة 643، رواه، كما في

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 20

كفاية الطالب.

23- الشيخ محمّد بن طلحة الشافعي، المتوفّي سنة 652، رواه في كتابه مطالب السؤول.

24- سبط ابن الجوزي، المتوفّي سنة 654، رواه في كتابه تذكرة الخواص.

25- أبو عبداللَّه الكنجي الشافعي، المقتول سنة 658، رواه في كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب.

26- نظام الدين الأعرج النيسابوري، من أعلام العلماء في القرن السابع، في تفسيره المعروف.

27- القاضي البيضاوي، المتوفّي سنة 685، في تفسيره الشهير.

28- محبّ الدين الطبري المكّي الشافعي، المتوفّي سنة 694، رواه في الرياض النضرة.

29- حافظ الدين النسفي، المتوفّي سنة 701

أو 710، في تفسيره.

30- أبو إسحاق الحمويني- شيخ الحافظ الذهبي- المتوفّي سنة 722، رواه في كتابه فرائد المسطين.

31- علاء الدين الخازن، المتوفّي سنة 741، في تفسيره.

32- القاضي عضد الدين الإيجي، المتوفّي سنة 756، في

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 21

كتابه المواقف في علم الكلام.

33- ابن حجر العسقلاني، الحافظ، المتوفّي سنة 852، في الإصابة، بترجمة فضّة.

34- جلال الدين السيوطي، المتوفّي سنة 911، في تفسيره الدرّ المنثور.

35- أبو السعود العمادي، المتوفّي سنة 982، في تفسيره المعروف.

36- عبدالملك العصامي، المتوفّي سنة 1111، في سمط النجوم العوالي.

37- القاضي الشوكاني، المتوفّي سنة 1173، في تفسيره فتح القدير.

38- شهاب الدين الآلوسي، المتوفّي سنة 1270، في تفسيره الكبير روح المعاني.

ومن نصوص الحديث بالأسانيد: … ص: 21

* أمّا الرواية عن أمير المؤمنين عليه السّلام، فهي عند الحافظ القاضي الحسكاني «1» حيث قال:

__________________________________________________

(1) وسنترجم له في ذيل قوله تعالي «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 22

«أخبرنا أحمد بن الوليد بن أحمد- بقراءتي عليه من أصله- قال: أخبرني أبي أبو العبّاس الواعظ، حدّثنا أبو عبداللَّه محمّد بن الفضل النحوي- ببغداد، في جانب الرصافة، إملاءً سنة 331- حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا البصري، حدّثنا الهيثم بن عبداللَّه الرمّاني، قال: حدّثني عليّ ابن موسي الرضا، حدّثني أبي موسي عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب، قال:

لمّا مرض الحسن والحسين عادهما رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم فقال لي: يا أبا الحسن! لو نذرت علي ولديك للَّه نذراً أرجو أن ينفعهمااللَّه به، فقلت: علَيَّ للَّه نذر لئن بري حبيباي من مرضهما لأصو منّ ثلاثة أيّام، فقالت فاطمة: وعليَّ للَّه نذر لئن بري ولداي

من مرضهما لأصومنّ ثلاثة أيّام، وقالت جاريتهم فضّة: وعلَيَّ للَّه نذر لئن بري سيّداي من مرضهما لأصومنَّ ثلاثة أيّام … » وذكر حديث إطعامهم المسكين واليتيم والأسير، قال:

«فلمّا كان اليوم الرابع، عمد عليّ- والحسن والحسين يرعشان كما يرعش الفرخ- وفاطمة وفضّة معهم، فلم يقدروا علي المشي من الضعف، فأتوا رسول اللَّه، فقال: إلهي هؤلاء أهل بيتي يموتون جوعاً، فارحمهم يا ربّ واغفر لهم، هؤلاء أهل بيتي فاحفظهم ولا تنسهم.

فهبط جبرئيل وقال: يا محمّد! إنّ اللَّه يقرأ عليك السلام

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 23

ويقول: قد استجبت دعاءك فيهم، وشكرت لهم، ورضيت عنهم، واقرأ «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً- إلي قوله- إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً»» «1».

* وأمّا الرواية عن زيد بن أرقم، فهي عند الحافظ القاضي الحسكاني أيضاً، رواها بسنده:

«عن زيد بن أرقم، قال: كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يشدّ علي بطنه الحجر من الغرث، فظلّ يوماً صائماً ليس عنده شي ء، فأتي بيت فاطمة، والحسن والحسين يبكيان، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: يا فاطمة! أطعمي ابنيّ.

فقالت: ما في البيت إلّا بركة رسول اللَّه.

فألعقهما رسول اللَّه بريقه حتّي شبعا وناما.

واقترض لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ثلاثة أقراص من شعير، فلمّا أفطر وضعاها بين يديه، فجاء سائل فقال: أطعموني ممّا رزقكم اللَّه.

فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! قم فأعطه.

قال: فأخذت قرصاً فأعطيته.

ثمّ جاء ثانٍ، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: قم يا

__________________________________________________

(1) شواهد التنزيل 2/ 394- 397.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 24

عليّ! فأعطه؛ فقمت فأعطيته.

وبات رسول اللَّه طاوياً وبتنا طاوين، فلمّا أصبحنا أصبحنا مجهودين،

ونزلت هذه الآية: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً».

ثمّ إنّ الحديث بطوله اختصرته في مواضع» «1».

* أمّا الرواية عن ابن عبّاس، فهي المشهورة كما ذكرنا من قبل، ومن ذلك:

* وما رواه الحبري: «حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حِبّان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله:

«وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ … »: نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام، أطعم عشاه وأفطر علي القراح» «2».

* والواحِدي: «قال عطاء: عن ابن عبّاس، وذلك أنّ عليّ بن أبي طالب- رضي اللَّه عنه- آجر نفسه يسقي نخلًا بشي ءٍ من شعير ليلةً، حتّي أصبح، فلمّا أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلمّا تمّ إنضاجه أتي مسكين، فأخرجوا إليه الطعام، ثمّ عمل الثلث الثاني، فلمّا تمّ إنضاجه أتي يتيم فسأل

__________________________________________________

(1) شواهد التنزيل 2/ 407- 408.

(2) تفسير الحبري: 326.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 25

فأطعموه، ثمّ عمل الثلث الباقي، فلمّا تمّ إنضاجه أتي أسير من المشركين فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك.

وهذا قول الحسن وقتادة» «1».

* وابن مردويه: «حدّثني محمّد بن أحمد بن سالم، حدّثني إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري، حدّثني محمّد بن النعمان بن شبل، حدّثني يحيي بن أبي روق الهمداني، عن أبيه، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس … » فذكر الحديث، وفيه نزول الآية في أهل البيت عليهم السلام «2».

* وأبو نعيم: «أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، أخبرنا بكر بن سهل الدمياطي، أخبرنا عبد الغني بن سعيد، عن موسي بن عبدالرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالي «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ» قال: وذلك أنّ عليّ بن أبي طالب آجر نفسه ليسقي نخلًا بشي ءٍ

من شعير ليلةً، حتّي أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلمّا تمّ إنضاجه أتي مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثمّ عملا الثلث الثاني، فلمّا تمّ إنضاجه أتي يتيم، فسأل فأطعموه، ثمّ عملا الثلث الباقي، فلمّا تمّ

__________________________________________________

(1) التفسير البسيط 4/ 401.

(2) ورواه الخطيب الخوارزمي بسنده إلي ابن مردويه في المناقب.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 26

إنضاجه أتي يتيم، فسأل فأطعموه، ثمّ عملا الثلث الباقي، فلمّا تمّ إنضاجه أتي أسير من المشركين، فسأل فأطعموه. وطووا يومهم ذلك» «1».

* والحاكم الحسكاني.. رواه بأسانيد كثيرة «2».. ذكرنا واحداً منها.

ومنها: قوله: «حدّثني محمّد بن أحمد بن عليّ الهمداني، حدّثنا جعفر بن محمّد العلوي، حدّثنا محمّد، عن محمّد بن عبداللَّه بن عبيداللَّه، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالي «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ» قال: نزلت في عليّ وفاطمة، أصبحا وعندهم ثلاثة أرغفة، فأطعموا مسكيناً ويتيماً وأسيراً، فباتوا جياعاً، فنزلت فيهم هذه الآية» «3».

ومنها: الحديث بسند آخر، سنذكره فيما بعد إن شاء اللَّه.

* والبغوي: «أنبأنا أحمد بن إبراهيم الخوارزمي، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي، أنبأنا عبداللَّه بن حامد … » إلي آخره كما سنذكره في الكلام حول أسانيد الثعلبي.

* وسبط ابن الجوزي: «أنبأنا أبو المجد محمّد بن أبي المكارم

__________________________________________________

(1) رواه الحاكم الحسكاني عن أبي نعيم، في شواهد التنزيل 2/ 405.

(2) شواهد التنزيل 2/ 394- 408.

(3) شواهد التنزيل 2/ 403.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 27

القزويني- بدمشق سنة 642- قال: أنبأنا أبو منصور محمّد بن أسعد بن محمّد العطّاري، أنبأنا الحسين بن مسعود البغوي … » «1» إلي آخره كا تقدّم.

* وابن المغازلي الواسطي: «أخبرنا

أبو طاهر محمّد بن عليّ بن محمّد البيّع، أخبرنا أبو عبداللَّه أحمد بن محمّد بن عبداللَّه بن خالد الكاتب، حدّثنا أحمد بن جعفر بن محمّد بن سلم الختلّي، حدّثني عمر ابن أحمد، قال: قرأت علي أُمّي فاطمة بنت محمّد بن شعيب بن أبي مدين الزيّات، قالت: سمعت أباك أحمد بن روح يقول:

حدّثني موسيس بن بهلول، حدّثنا محمّد بن مروان، عن ليث بن أبي سليم، عن طاووس في هذه الآية «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ … »: نزلت في عليّ بن أبي طالب، وذلك أنّهم صاموا وفاطمة وخادمتهم، فلمّا كان عند الإفطار- وكانت عندهم ثلاثة أرغفة- قال: فجلسوا ليأكلوا، فأتاهم سائل فقال: أطعموني فإنّي مسكين، فقام عليّ فأعطاه رغيفه، ثمّ جاء سائل فقال: أطعموا اليتيم، فأعطته فاطمة الرغيف، ثمّ جاء سائل فقال: أطعموا الأسير، فقامت الخادمة فأعطته الرغيف.

وباتوا ليلتهم طاوين، فشكر اللَّه لهم، فأنزل فيهم هذه

__________________________________________________

(1) تذكرة خواصّ الأُمّة: 313.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 28

الآيات» «1».

* والحمويني، رواه بأسانيد له عن عبداللَّه بن عبدالوهّاب الخوارزمي، بسنده عن القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس … بطوله، المشتمل علي الأشعار … «2».

* وأبو عبداللَّه الكنجي، رواه بإسناده الآتي ذكره، عن الأصبغ، باللفظ المشتمل علي الأشعار كذلك «3».

* وستأتي في غضون البحث أسانيد أُخري

من كلمات العلماء حول الحديث: … ص: 28

ثمّ إنّ غير واحدٍ من العلماء يصرّحون بشهرة هذا الخبر، وينسبون روايته إلي عموم المفسّرين:

* وقال القرطبي: «وقال أهل التفسير: نزلت في عليّ وفاطمة- رضي اللَّه عنهما- وجارية لهما اسمها فضّة» «4».

* وقال سبط ابن الجوزي «قال علماء التأويل: فيهم

__________________________________________________

(1) مناقب عليّ بن أبي طالب: 272- 274.

(2) فرائد المسطين 2/ 53- 56.

(3) كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي

طالب: 345- 349.

(4) تفسير القرطبي 19/ 120.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 29

نزل … » «1».

* وقال الآلوسي: «والخبر مشهور» «2».

بل لم يذكر بعضهم قولًا غيره، كالنسفي، قال- بعد الآيات، حتّي «وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً* وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا» «3»

-: «نزلت في عليّ وفاطمة وفضّة جارية لهما، لمّا مرض الحسن والحسين رضي اللَّه عنهما نذروا صوم ثلاثة أيام، فاستقرض عليّ رضي اللَّه عنه من يهودي ثلاثة أصوع من الشعير، فطحنته فاطمة رضي اللَّه عنها كلّ يوم صاعاً وخبزت، فآثروا بذلك ثلاث عشايا علي أنفسهم مسكيناً ويتيماً وأسيراً، ولم يذوقوا إلّا الماء في وقت الإفطار» «4».

الحديث في الأشعار: … ص: 29

ثمّ إنّ بعض العلماء والشعراء نظموا هذه المنقبة العظيمة والفضيلة الكريمة في أشعارهم، فمن ذلك:

* الشعر الذي ذكره السيّد رحمة اللَّه.

__________________________________________________

(1) تذكرة خواصّ الأُمة: 313.

(2) روح المعاني 29/ 157.

(3) سورة الدهر 76: 11- 12.

(4) تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن 4/ 348.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 30

* وقول السيّد الحميري:

ومن أنزل الرحمن فيهم «هل أتي لمّا تصدّوا للنذور وفاءا

من خمسة جبريل سادسهم وقد مدّ النبيّ علي الجميع عباءا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً فأثابه ذو العرض منه ولاءا

* وقول ابن الجوزي، قال سبطه: سمعت جدّي ينشد في مجالس وعظه ببغداد في سنة 596 بيتين ذكرهما في كتاب تبصرة المبتدي وهما:

أهوي عليّاً وإيماني محبتّه كم مشرك دمه من سيفه وكفا

إن كنت ويحك لم تسمع فضائله فاسمع مناقبه من «هل أتي وكفي

* وقول ابن طلحة الفقيه الشافعي:

هم العروة الوثقي لمعتصم بها مناقبهم جاءت بوحي وإنزالِ

مناقب في الشوري وسورة «هل أتي وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 31

وهم أهل بيت المصطفي فودادهم

علي الناس مفروض بحكمٍ وإسجالِ

وقول آخر:

إلي مَ إلي مَ وحتي متي أعاتب في حبّ هذا الفتي

وهل زوّجت غيره فاطمةٌ وفي غيره هل أتي «هل أتي

فوائد في الحديث وكلمات العلماء: … ص: 31

وهنا فوائد لا بأس بالتعرّض لها:

الأُولي

روي ابن عبدربه القرطبي المالكي- المتوفّي سنة 328- خبراً طويلًا في احتجاج المأمون العبّاسي علي أربعين فقيهاً في مسألة المفاضلة، وكان من جملة ما احتجّ به المأمون عليهم نزول سورة «هل أتي في أميرالمؤمنين عليه السّلام، وذلك أنّه قال من كان يخاطبه منهم- وهو الراوي للخبر-:

«يا إسحاق! هل تقرأ القرآن؟!

قلت: نعم.

قال: إقرأ علَيَّ «هَلْ أَتَي عَلَي الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 32

مَّذْكُوراً».

فقرأت منها حتّي بلغت: «يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً» إلي قوله: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً».

قال: علي رسلك، في من أُنزلت هذه الآيات؟

قلت: في عليّ.

قال: فهل بلغك أنّ عليّاً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال: إنّما نطعمكم لوجه اللَّه؟! وهل سمعت اللَّه وصف في كتابه أحداً بمثل ما وصف به عليّاً؟

قلت: لا.

قال: صدقت، لأنّ اللَّه جلّ ثناؤه عرف سيرته.

يا إسحاق! ألست تشهد أنّ العشرة في الجنّة؟!

قلت: بلي يا أميرالمؤمنين.

قال: أرأيت لو أنّ رجلًا قال: واللَّه ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا؟ ولا أدري إن كان رسول اللَّه قاله أم لم يقله؟ أكان عندك كافراً؟!

قلت: أعوذ باللَّه.

قال: أرأيت لو أنّه قال: ما أدري هذه السورة من كتاب اللَّه أم لا؟

كان كافراً؟

قلت: نعم.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 33

قال: يا إسحاق! أري بينهما فرقاً» «1».

الثانية:

أثبت غير واحدٍ من أكابر الحفّاظ- بالاستناد إلي هذا الحديث- وجود «فضّة» خادمة أهل البيت، فذكروها في كتبهم في «السحابة» كما سيأتي.

الثالثة:

قال سبط ابن

الجوزي- بعد رواية الحديث-:

«فإن قيل: فقد أخرج هذا الحديث جدّك في (الموضوعات) وقال: أخبرنا به ابن ناصر …

ثمّ قال جدّك: قد نزّه اللَّه ذينك الفصيحين عن هذا الشعر الركيك، ونزّهمهما عن منع الطفلين عن أكل الطعام. وفي إسناده الأصبغ بن نباتة متروك الحديث.

والجواب: أمّا قوله: (قد نزّه اللَّه ذينك الفصيحين عن هذا الشعر الركيك) فهذا علي عادة العرب في الرجز كقول القائل: واللَّه لو لا اللَّه ما اهتدينا، ونحو ذلك، وقد تمثّل به النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم.

وأمّا قوله عن الأصبغ بن نباتة، فنحن ما رويناه عن الأصبغ، ولا له ذكر في إسناد حديثنا، وإنّما أخذوا علي الأصبغ زيادة زادوها في

__________________________________________________

(1) العقد الفريد 5/ 59.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 34

الحديث، وهي أنّ رسول اللَّه قال في آخره: اللّهمّ أنزل علي آل محمّد كما أنزلت علي مريم بنت عمران. فإذا جفنة تفور مملوءةً ثريداً مكلّلةً بالجواهر. وذكر ألفاظاً من هذا الجنس.

والعجب من قول جدّي وإنكاره، وقد قال في كتاب (المنتخب): يا علمآء الشرع! أعلمتم لِمَ آثرا وتركا الطفلين عليهما أثر الجوع؟! أتراهما خفي عليهما خبر: ابدأ بمن تعول؟! ما ذاك إلّا لأنّهما علما قوّة صبر الطفلين، وأنّهما غصنان من شجرة الظلّ عند ربّي، وبعضٌ من جملة: فاطمة بضعة منّي. وفرخ البطّ سابح» «1».

الرابعة:

ذكر غير واحدٍ من العلماء: أنّ السؤال كانوا ملائكة من عند ربّ العالمين، أراد بذلك امتحان أهل البيت «2».

وبهذا وسابقه أيضاً تسقط شبهة بعض النواصب بأنّ الإفاق وتجويع النفس إلي هذا الحدّ غير جائز. كما سيأتي.

الخامسة:

قال غير واحدٍ: إن اللَّه تعالي ذكر في هذه السورة جميع ما يتعلّق بنعيم الجنّة ولذّاتها إلّا الحور، وما ذلك إلّا غيرةً علي الزهراء عليها

__________________________________________________

(1)

تذكره خواصّ الأُمة: 315- 316.

(2) تفسير النيسابوري- بهامش تفسير الطبري 29/ 112، كفاية الطالب: 348 عن الحافظ أبي عمرو ابن الصلاح وغيره.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 35

السلام، واحتراماً لها «1».

من أسانيد الحديث المعتبرة: … ص: 35

ثمّ إنّ جملةً من أسانيد الحديث صحيحة معتبرة، علي ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل المعتمدين عند القوم … من ذلك:

الحديث في تفسير الحبري، الذي رواه الحافظ الحسكاني عن طريقه حيث قال:

«أخبرنا أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد الجوهري- قراءةً عليه ببغداد من أصله- حدّثنا أبو عبيداللَّه محمّد بن عمران بن موسي بن عبيد المرزباني- قراءةً عليه في شعبان سنة 311- حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبيداللَّه الحافظ- قراءةً عليه في قطيعة جعفر- قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري، حدّثنا حسن بن حسين، حدّثنا حِبّان بن عليّ، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس … » «2».

فأمّا الحسكاني فستأتي ترجمته.

وأمّا أبو محمّد الجوهري، المتوفّي سنة 454:

__________________________________________________

(1) تذكرة خواصّ الأُمّة: 316، روح المعاني 29/ 157.

(2) تفسير الحبري: 326، شواهد التنزيل 2/ 406.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 36

فقد قال الخطيب: «كتبنا عنه وكان ثقة أميناً كثير السماع» «1».

وقال ابن الجوزي: «كان ثقة أميناً» «2».

وقال ابن الأثير: «بغدادي، ثقة، مكثر» «3».

وأما المرزباني، المتوفّي سنة 384:

فقد ذكر الخطيب: «ليس حاله عندنا الكذب، وأكثر ما عيب عليه مذهبه، وتدليسه للإجازة» «4».

وقال العتيقي: «كان معتزليّاً ثقة» «5».

وأما أبو الحسن عليّ بن محمّد المذكور، المتوفّي سنة 330:

فقد ترجمه الخطيب كذلك وقال: «روي عنه الدار قطني ومن بعده، وحدّثنا عنه أبو الحسين بن المتيّم، وكان ثقة أميناً، حافظاً عارفاً.

أخبرني عبيداللَّه بن أبي الفتح، عن طلحة بن محمّد بن جعفر، قال: مات أبو الحسن عليّ بن محمّد

بن عبيد الحافظ الثقة، في شوّال

__________________________________________________

(1) تاريخ بغداد 7/ 393.

(2) المنتظم 8/ 127.

(3) اللباب في الأنساب 1/ 313.

(4) تاريخ بغداد 3/ 135.

(5) سير أعلام النبلاء 16/ 448.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 37

سنة 330 وكان عنده بيت علم» «1».

و «قطيعة جعفر» محلّة من محلّات بغداد كان يسكنها.

وأمّا الحبري، المتوفّي سنة 286: فهو ثقة عند الحاكم والذهبي، بل حكما بالصحّة علي شرط الشيخين لِما هو في سنده «2».

وأمّا حسن بن حسين: فهو العرني الكوفي، وهو أيضاً من رجال المستدرك حيث روي عنه وحكم بصحّة الحديث، ووافقه الذهبي في تلخيصه «3» … وتكلُّم بعضهم فيه لأجل تشيّعه غير مسموع.

وأمّا حِبّان بن عليّ، المتوفّي سنة 171: فمن رجال ابن ماجة.

وقال ابن خراش: «قال يحيي بن معين: حبّان بن عليّ ومندل بن عليّ صدوقان».

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن سليمان بن أبي شيخ، عن حجر ابن عبد الجبّار بن وائل بن حجر: «ما رأيت فقيهاً بالكوفة أفضل من حبّان ابن عليّ».

__________________________________________________

(1) تاريخ بغداد 12/ 73- 74.

(2) المستدرك علي الصحيحين وتلخيصه 1/ 13، 507، 3/ 138 و 151 و 211.

(3) المستدرك علي الصحيحين وتلخيصه 3/ 211.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 38

وقال عبداللَّه بن أحمد، عن أبيه: «حِبّان أصحّ حديثاً من مندل».

وقال الخطيب: «كان صالحاً ديّناً».

وقال العجلي: «صدوق».

وذكره ابن حبّان في الثقات.

وقال الذهبي- بعد كلام من ضعّفه-: «قلت: لكنّه لم يترك» «1».

وأمّا الكلبي، فهو محمّد بن السائب، المتوفّي سنة 146: وهذا الرجل- وإن تكلّم فيه بعضهم- من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة.

وقال ابن حجر، عن ابن عديّ: «حدّث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير».

فيظهر من مجموع كلماتهم أنّ الطعن عليه يختصّ بأحاديثه في غير

التفسير، أمّا في التفسير فمرضيّ عندهم، وقد روي عنه أكابر الأئمّة، كسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبداللَّه بن المبارك، وابن جريج، وشعبة، ومحمّد بن إسحاق، وغيرهم «2»، وفيهم من لا يروي إلّا عن ثقة، كشعبة بن الحجّاج، كما ذكروا بتراجمه.

وأمّا أبو صالح: فهرو باذام مولي أُمّ هاني ء بنت أبي طالب عليه السلام، وهو من رجال أربعةٍ من الكتب الستّة، ووثّقه غير واحدٍ من

__________________________________________________

(1) تهذيب الكمال 5/ 339، تاريخ بغداد 8/ 255، ميزان الاعتدال 1/ 449.

(2) تهذيب الكمال 25/ 246، تهذيب التهذيب 9/ 159، طبقات المفسّرين 2/ 149.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 39

الأئمّة.

وعن يحي القطّان: «لم أرَ أحداً من أصحابنا ترك أبا صالح مولي أُمّ هاني ء».

وهذا القدر يكفينا للاحتجاج بحديثه.

وتكلّم فيه بعضهم لأجل التدليس.

أقول:

وهكذا يمكن تصحيح غيره من الأسانيد … ولكنّا لضيق المجال نرجي ء ذلك إلي وقت آخر، فنكتفي بما ذكرناه، وبتصحيح السند الذي طعن فيه ابن الجوزي. وباللَّه التوفيق.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 40

الفصل الثاني: الدلالة … ص: 40

اشارة

قال العلّامة الحلّي طاب ثراه في نزول سورة الدهر ودلالتها علي إمامة أميرالمؤمنين عليه السّلام: «وهي تدلّ علي فضائل جمّة لم يسبقه إليها أحد ولا يلحقه أحد، فيكون أفضل من غيره، فيكون هو الإمام».

فقال ابن تيميّة في الجواب:

«إنّ هذا الحديث من الكذب الموضوع باتّفاق أهل المعرفة بالحديث، الّذين هم أئمّة هذا الشأن وحكّامه، وقول هؤلاء هو المعوّل في هذا الباب، ولهذا لم يُروَ هذا الحديث في شي ء من الكتب التي يرجع إليها في النقل، لا في الصحاح ولا في المسانيد ولا في الجوامع ولا السنن، ولا رواه المصنّفون في الفضائل وإن كانوا قد يتسامحون في رواية أحاديث ضعيفة …

إنّ الدلائل علي كذب هذا كثيرة، منها: إنّ

عليّاً إنّما تزوّج فاطمة بالمدينة … وسورة «هَلْ أَتَي» مكّيّة باتّفاق أهل التفسير

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 41

والنقل، لم يقل أحد منهم إنّها مدينّة» «1».

أقول:

قد أشرنا إلي أنّ الأصل في الاعتراضين السابقين هو: ابن تيميّة، كما أشرنا إلي أنّ العمدة هو الاعتراض الأوّل منهما، وذلك، لأنّ كون السورة مكّية من أهمّ الأدلّة علي دعوي كذب الحديث … كما في هذا الكلام …

هل سورة الدهر مكّيّة؟ … ص: 41

يقول ابن تيميّة: «مكّية باتّفاق أهل التفسير والنقل، لم يقل أحد منهم إنّها مدنيّة».

لكن في تفسير البغوي: «مدنيّة، وآياتها إحدي وثلاثون» «2».

وكذا في غيره من التفاسير، كالآلوسي، قال: «قال مجاهد وقتادة مدنيّة كلّها.

وقال الحسن وعكرمة والكلبي: مدنيّة إلّا آية واحدة فمكيّة وهي «وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً» «3»

.__________________________________________________

(1) منهاج السُنّة 7/ 177- 179، الطبعة الحديثة.

(2) معالم التنزيل 5/ 495.

(3) سورة الدهر 76: 24.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 42

وقيل: مدنيّة إلّا من قوله تعالي «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ … » «1»

» «2».

بل كونها «مدنيّة» هو قول الجمهور، كما قال الإمام القاضي الشوكاني «3» … ونسبه إلي الجمهور أيضاً القرطبي في تفسيره «4» والإمام ابن عادل، فيما نقله عنه الآلوسي وقال: «وعليه الشيعة» «5».

أقول:

فكيف يقال: «هي مكّية باتّفاق أهل التفسير والنقل»؟! و «لم يقل أحد منهم إنّها مدنيّة»؟!

ولا بأس بالتنويه بشأن «البغوي» بين المفسّرين القائلين بكون سورة الدهر مدنيّة لا مكيّة، وذلك لأن ابن تيميّة يعتمد علي تفسيره في منهاج السُنّة، وينصُّ علي أنّ البغوي لم يذكر فيه شيئاً من الأحاديث الموضوعة- بزعمه- التي يرويها الثعلبي «6».

وتلخص: أنّ سورة الدهر مدنيّة، وليست بمكيّة.

فسقط عمدة دليلهم علي ردّ الحديث.

__________________________________________________

(1) سورة الدهر 76: 24.

(2) روح المعاني 29/ 150.

(3) فتح القدير 5/ 343.

(4)

تفسير القرطبي 19/ 118.

(5) روح المعاني 29/ 150.

(6) منهاج السُنّة 7/ 12 الطبعة الحديثة.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 43

النظر في كلام ابن حجر في تخريج الكشّاف: … ص: 43

فلنعد إلي الكلام حول السند:

قال الحافظ ابن حجر: «أخرجه الثعلبي من رواية القاسم بن بهرام، عن ليث بن ابي سليم، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.

ومن رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس».

أقول: وهذه أسانيد الثعلبي في تفسيره:

«نزلت في عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين- رضي اللَّه عنهم- وكان القصّة فيه ما أخبرنا به الشيخ أبو محمّد الحسن بن أحمد بن محمّد بن عليّ الشيباني العدل- قراءةً عليه في صفر سنة 387- قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن بن الشرقي، حدّثنا أبو محمّد عبداللَّه بن محمّد بن عبدالوهّاب الخوارزمي- ابن عمر بن الأحنف «1» - في سنة 258، قال: حدّثنا أحمد بن حمّاد المروزي، حدّثنا محبوب بن حميد القصري «2» - وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة- قال: حدّثنا القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس رضي اللَّه عنه.

__________________________________________________

(1)

كذا، وفي أُسد الغابة: «ابن عمّ الأحنف».

(2) كذا، وفي أُسد الغابة: «البصري».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 44

وأخبرنا عبداللَّه بن حامد، أخبرنا أبو محمّد أحمد بن عبداللَّه المزني، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن سهيل، عن عليّ بن مهران الباهلي- بالبصرة- حدّثنا أبو مسعود عبدالرحمن بن فهر بن هلال، حدّثني القاسم بن يحي الغنوي، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس رضي اللَّه عنه.

قال أبو الحسن ابن مهران: وحدّثني محمّد بن زكريّا البصري، حدّثني شعيب بن واقد المزني، حدّثنا القاسم بن مهران، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس رضي اللَّه عنه …

» «1».

أقول:

وأخرجه الحافظ أبو موسي المديني بسندين له عن: «عبداللَّه بن محمّد بن عبدالوهّاب الخوارزمي، بإسناده المذكور، عن القاسم، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس … ».

ورواه الحافظ ابن الأثير، عن أبي موسي … «2».

ورواه الحافظ سبط ابن الجوزي، من طريق الحافظ البغوي، عن الثعلبي، عن عبداللَّه بن حامد، بالسند المتقدّم، عن ابن عبّاس … «3».

__________________________________________________

(1) الكشف والبيان في تفسير القرآن- مخطوط.

(2) أُسد الغابة 5/ 530.

(3) تذكرة خواصّ الأُمّة: 313.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 45

أقول:

والحافظ ابن حجر لم يتكلّم علي هذا الأسانيد بشي ء، غير أنّه أورد عن الحكيم الترمذي قوله:

«ومن الأحاديث التي تنكرها القلوب … ».

وأنت تري أن ليس في هذا الكلام دليلٌ علمي يصغي إليه ويعبأ به، أمّا أنّ قلب الرجل ينكر هذا الحديث، فماذا نفعل بقلبٍ طبع اللَّه عليه «1»؟!!

ثمّ من هو الحكيم الترمذي؟! وما قيمة آرائه وأحكامه؟!

موجز ترجمة الحكيم الترمذي: … ص: 45

هو: محمّد بن عليّ بن الحسن، المعروف بالحكيم الترمذي، المحدّث الصوفي، ذكره أبو نعيم في (الحلية)، والسلمي في طبقات الصوفيّة وكذا غيرهما في الكتب المؤلَّفة في تراجم الصوفيّة، وقد ذكروا أنّ علماء «ترمذ» نفوه منم «ترمذ»، وأخرجوه منها، وشهدوا عليه بالكفر.

ومن هنا أورده الحافظ ابن حجر في لسان الميزان، قال:

__________________________________________________

(1) لا نريد الخروج عن البحث والاستطراد بذكر بعض الموارد التي عجزوا فيها عن الجواب الصحيح، وفقدوا المقاييس العلميّة المعتمدة لرد فضائل أميرالمؤمنين وأهل البيت عليهم السلام، والتجؤوا إلي الاستدلال بإنكار القلب، ويا له من دليلٍ مقبول!!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 46

«وذكره القاضي كمال الدين ابن العديم صاحب تاريخ حلب في جزءٍ له سمّاه الملحة في الردّ علي أبي طلحة، قال فيه: وهذا الحكيم الترمذي لم يكن من أهل الحديث،

ولا رواية له، ولا أعلم له تطرّقاً ولا صناعة، وإنّما كان فيه الكلام علي إشارات الصوفية والطرائق، ودعوي الكشف عن الأُمور الغامضة والحقائق، حتّي خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء، واستحقّ الطعن عليه بذلك والإزراء، وطعن عليه أئمّة الفقهاء والصوفيّة، وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضيّة، وقالوا:

إنّه أدخل في علم الشريعة ما فارق بن الجماعة، وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة، وحشّاها بالأخبار التي ليست بمرويّة ولا مسموعة، وعلّل فيها جميع الأُمور الشرعية التي لا يعقل معناها، بعللٍ ما أضعفها وما أوهاها».

قال ابن حجر: «قلت: ولعمري لقد بالغ ابن العديم في ذلك، ولو لا أنّ كلامه يتضمّن النقل عن الأئمّة أنهم طعنوا فيه لما ذكرته» «1».

قلت:

وما نحن فيه من هذا القبيل، فقد تكلّم في هذا الحديث الشريف علي إشارات الصوفيّة ودعوي الكشف عن الأُمور الغامضة والحقائق، حيث ادّعي أنّه من الأحاديث التي تنكرها القلوب!!

__________________________________________________

(1) لسان الميزان 5/ 308- 309.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 47

النظر في كلام ابن الجوزي في الموضوعات: … ص: 47

ثمّ قال ابن حجر:

«ورواه ابن الجوزي في الموضوعات … ثمّ قال: وهذا لا نشكّ في وضعه».

أقول:

قال ابن الجوزي في الموضوعات: «أنبأنا محمّد بن ناصر، قال: أنبأنا أبو عبداللَّه محمّد بن أبي نصر الحميدي، قال: أنبأنا أبو عليّ الحسن ابن عبدالرحمن البيّع، قال: أنبأنا أبو القاسم عبيداللَّه بن محمّد السقطي، قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدقّاق، أنبأنا عبداللَّه بن ثابت، حدّثنا أبي، عن الهذيل بن حبيب، عن أبي عبداللَّه السمرقندي، عن محمّد بن كثير الكوفي، عن الأصبغ بن نباتة، قال:

مرض الحسن والحسين … ».

ثمّ قال ابن الجوزي:

«وهذا حديث لا يشكّ في وضعه، ولو لم يدلّ علي ذلك إلا الأشعار الركيكة والأفعال التي يتنزّه عنها أُولئك السادة.

قال يحيي بن معين: أصبغ بن نباتة

لا ييساوي شيئاً، وقال أحمد بن حنبل: حرَقنا حديث محمّد بن كثير، وأمّا أبو عبداللَّه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 48

السمرقندي فلا يوثق به» «1».

أقول:

ورواه الحافظ أبو عبداللَّه الكنجي بإسناده من طريق الحافظ الحميدي كذلك، فقال: «أخبرنا أبو طالب عبداللطيف بن محمّد القبيطي البغدادي بها، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن عبدالباقي بن سليمان، أخبرنا الحافظ محمّد بن أبي نصر الحميدي، أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عبدالرحمن المعروف بالشافعي بمكّة، أخبرنا … ».

ثمّ قال الحافظ الكنجي: «هكذا رواه الحافظ أبو عبداللَّه الحميدي في فوائده، وما رويناه إلّا من هذا الوجه، ورواه الحاكم أبو عبداللَّه في مناقب فاطمة عليها السلام، ورواه ابن جرير الطبري أطول من هذا، في سبب نزول «هل أتي ولم يحضرني في وقت الإملاء نسخته» «2».

فرواة الحديث بهذا السند حفّاظ ومحدّثون كبار، وأمّا أبو عبداللَّه الحميدي فمن أشهرهم:

__________________________________________________

(1) الموضوعات 1/ 390- 392.

(2) كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب: 345- 348.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 49

ترجمة أبي عبداللَّه الحميدي: … ص: 49

له تراجم حسنة ومبسوطة في كثيرٍ من الكتب التي يرجع إليها في معرفة الشخصيّات الكبار والحوادث المهمّة، أمثال:

المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم- لابن الجوزي- 9/ 96، معجم الأُدباء- لياقوت الحموي- 18/ 282، تذكرة الحفّاظ- للذهبي- 4/ 1218، الوافي بالوفيّات- للصفدي- 4/ 317، مرآة الجنان- لليافعي- 3/ 149، النجوم الزاهرة- لابن تغري بردي 5/ 156، تتمّة المختصر في أخبار البشر- لابن الوردي- 2/ 17، الكامل في التاريخ- لابن الأثير- 10/ 245.

وكذا في غير هذه الكتب، ولم نجد في شي ءٍ منها طعناً علي الرجل أو غمزاً في علمه وثقته وورعه عندهم …

ونكتفي هنا بذكر موجز ترجمته في سير أعلام النبلاء:

«الحميدي: الإمام القدوة، الأثري،

المتقن، الحافظ، شيخ المحدّثين، أبو عبداللَّه بن أبي نصرة الأندلسي، استوطن بغداد، وكان من بقايا أصحاب الحديث علماً وعملًا وعقداً وانقياداً، رحمة اللَّه عليه.

قال أبو نصر ابن ماكولا: لم أرَ مثل صديقنا أبي عبداللَّه الحميدي في نزاهته وعفّته وورعه وتشاغله بالعلم، صنّف تاريخ الأندلس.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 50

وقال يحيي بن إبراهيم السلماسي، قال أبي: لم ترَ عيناي مثل الحميدي، في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه علي نشر العلم، وكان ورعاً تقيّاً، إماماً في الحديث وعلله ورواته، متحقّقاً بعلم التحقيق والأُصول علي مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسُنّة …

قال اسلفي: سألت أبا عامر العبدري عن الحميدي فقال: لا يُري مثله قطّ، وعن مثله لا يُسأل، جمع بين الفقه والحديث والأدب، ورأي علماء الأندلس، وكان حافظاً.

توفّي سنة 458» «1».

ثمّ إنّ الكلام علي ما ذكره ابن الجوزي من وجوه: … ص: 50

أوّلًا: إنّ دليله علي كذب الحديث هو اشتماله علي الأشعار والأفعال، وهذا باطل، لأنّ الاستدلال إنّما هو بأصل الحديث وسبب نزول السورة المباركة.

وثانياً: إنّ هذه الأشعار والأفعال إنّما جاءت في الخبر باللفظ الذي أورده، وليست في جميع ألفاظه، فالتذرّع بها لتكذيب الخبر باطل من أصله.

__________________________________________________

(1) سير أعلام النبلاء 19/ 120- 127.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 51

وثالثاً: نقل الخبر بأحد ألفاظه وأسانيده، والطعن في ثبوت أصل الخبر بسبب التكلّم في أحد أسانيده، ليس من شأن العلماء المنصفين الأتقياء، لكن هذا من ابن الجوزي كثير!

ورابعاً: لقد توقّف العلماء المحقّقون عن قبول آراء ابن الجوزي في الموضوعات وتعقّبوا كثيراً منها وخطّؤوه فيها، حتّي قالوا بعدم جواز التعويل عليه في هذا الباب.

كلماتٌ في ابن الجوزي والموضوعات: … ص: 51

فكان من المناسب أن نورد هنا شيئاً ممّا قالوه فيه، وفي كتابه الموضوعات:

قال ابن الأثير وابن الوردي والدياربكري، بترجمته: «كان كثير الوقيعة في الناس، لا سيّما في العلماء المخالفين لمذهبه» «1».

وقال الذهبي: «قرأت بخطّ الموقاني أن ابن الجوزي شرب البلاذر، فسقطت لحيته فكانت قصيرة جدّاً، وكان يخضبها بالسواد، وكان كثير الغلط في ما يصنّفه، فإنّه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره.

قلت: نعم، له وهم كثير في تواليفه، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحويل إلي مصنّف آخر، ومن أنّ جلّ علمه من كتب صحف

__________________________________________________

(1) راجع حوادث سنة 597 من الكامل في التاريخ وتتمّة المختصر والخميس.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 52

ما مارس فيها أرباب العلم كما ينبغي» «1».

وقال السيوطي والداوودي بترجمته: «قال الذهبي في التاريخ الكبير: لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة اطّلاعه وجمعه» «2».

وسيأتي قول ابن حجر الحافظ «ان ابن الجوزي حاطب ليلٍ لا ينتقد ما يحدّث به».

وأمّا

كتابه الموضوعات فقد تكلّم فيه كبار علماء الحديث:

كالنووي، وابن الصلاح، وابن جماعة، والزين العراقي، وابن كثير، وابن حجر، والسخاوي، والسيوطي …

قال ابن كثير: «وقد صنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتاباً حافلًا في الموضوعات، غير أنّه أدخل فيه ما ليس منه، وأخرج عنه ما كان يلزمه ذكره، فسقط عليه ولم يهتد إليه» «3».

وقال ابن حجر بعد إثبات حديث سدّ الأبواب إلّا باب عليّ، وأنّ ابن الجوزي أدرجه في الموضوعات: «أخطأ في ذلك خطأاً شنيعاً».

__________________________________________________

(1) تذكرة الحفّاظ 4/ 1342- 1348 رقم 1098.

(2) طبقات الحفّاظ: 478، طبقات المفسّرين 1/ 274.

(3) الباعث الحثيث: 75.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 53

قال: «لأنّ «فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ» «1»

، وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم علي الحديث بالبطلان، بل يتوقّف فيه إلي أن يظهر لغيره ما لم يظهر له … » «2».

وقال السخاوي: «ربّللَّه ا أدرج فيها الحسن والصحيح ممّا هو في أحد الصحيحين فضلًا عن غيرهما، وهو توسّع منكر نشأ عنه غاية الضرر، من ظنّ ما ليس بموضوع- بل هو صحيح- موضوعاً ممّا قد يقلّده فيه العارف تحسيناً للظنّ به حيث لم يبحث فضلًا عن غيره، ولذا انتقد العلماء صنيعه إجمالًا، والموقع له استناده في غالبه بضعف راويه الذي رمي بالكذب مثلًا، غافلًا عن مجيئه من وجهٍ آخر» «3».

وخامساً: إنّه علي فرض التنزّل، فإنّ طعنه في الحديث في (موضوعاته) معارَض بأنّه نقله في (تبصرته) ولم يتعقّبه «4».

وسادساً: إنّه لا وجه للتكلّم في «محمّد بن كثير الكوفي» و «الأصبغ ابن نباتة» إلّا «التشيّع»، وقد تقرّر أنّ «التشيّع» بل «الرفض»

__________________________________________________

(1) سورة يوسف 12: 76.

(2) القول السمدد في الذب عن المسند: 19.

(3) فتح المغيث- شرح ألفيّة الحديث- 1/ 236.

(4) روح

المعاني 29/ 158.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 54

غير مضرّ عندهم، وبه نصّ الحافظ ابن حجر العسقلاني «1».

ترجمة الأصبغ بن نباتة: … ص: 54

فأمّا «الأصبغ بن نباتة» فهو من أشهر التابعين، وقد تقرّر عندهم عدالة التابعين كالصحابة، عملًا بما يروونه عن النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم من قوله: «خير القرون قرني ثمّ الّذين يلونهم» «2».

وقال الحاكم: «النوع الرابع عشر من هذا العلم: معرفة التابعين، وهذا نوع يشتمل علي علومٍ كثيرة، فإنّهم علي طبقاتٍ في الترتيب، ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يفرّق بين الصحابة والتابعين، ثمّ لم يفرّق أيضاً بين التابعين وأتباع التابعين، قال اللَّه عزّوجلّ «وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

وقد ذكرهم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم … فخير الناس قرناً- بعد الصحابة- من شافه أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم، وحفظ عنهم الدين والسُنن، وهم قد شهدوا الوحي

__________________________________________________

(1) مقدّمة فتح الباري: 398 و 410.

(2) سورة التوبة 9: 100.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 55

والتنزيل … » «1».

ثمّ إنّه من رجال ابن ماجة، وروي عنه جماعة من الأكابر، ووثّقه بعض الأعلام كالعجلي «2» … وتكلّم فيه غير واحدٍ، وكلّ كلماتهم تعود إلي كونه من شيعة عليّ عليه السلام وروايته لفضائله، كقول ابن حبّان: «فتن بحبّ عليّ بن أبي طالب، فأتي بالطامّات في الروايات فاستحقّ من أجلها الترك»، وقول ابن عديّ: «لم أُخرّج له هاهنا شيئاً، لأنّ عامّة ما يرويه عن عليّ لا يتابعه أحد عليه» «3».

فهذا هو السبب في ترك بعض القوم حديثه.

ثمّ تأمّل في كلام ابن عديّ بعد

ذلك: «وإذا حدّث عن الأصبغ ثقة فهو عندي لا بأس بروايته، وإنّما أتي الإكار من جهة من روي عنه، لأنّ الراوي عنه لعلّه يكون ضعيفاً»؛ لتعرف الاضطراب منه ومن أمثاله عندما يريدون ردّ حديث رجلٍ بلا دليل وسبب سوي التشيّع!!

ترجمة محمّد بن كثير: … ص: 55

وأمّا «محمّد بن كثير الكوفي» فكذلك.

فابن حنبل يقول: «حَرَقنا حديثه».

__________________________________________________

(1) معرفة علوم الحديث: 41.

(2) تهذيب الكمال 3/ 308.

(3) تهذيب الكمال 3/ 310، تهذيب التهذيب 1/ 316.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 56

ويحيي بن معين- وهو الذي نقل كلامه ابن الجوزي في القدح في الأصبغ- يقول: «هو شيعي لم يكن به بأس، سمعت أنا منه» «1».

فالرجل ثقة، لكن تشيّعه يبرّر لأحمد- كما قالوا- لأن يحرق حديثه! ولابُدّ وأن يُترك حديثه وهو يروي عن الأعمش، عن عديّ بن ثابت، عن زرّ، عن عبداللَّه بن مسعود، عن عليّ: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: «من لم يقل عليٌّ خير الناس فقد كفر» «2».

مكابرات أُخري … ص: 56

فظهر أنّ ما ذكروه إن هو إلّا مكابرات عن قبول الحقّ، لأنّ السورة كما تقدّم مدنيّة لا مكّية، ولأنّ الاستدلال إنّما هو بأصل الخبر لا بالأشعار الواردة في أحد ألفاظه … لو سلّمنا ورد الإشكال فيها.

* وكأنّ ابن تيمية يعلم بأنّ ما ذكره لا يكفي لردّ الحديث، فيضطرّ إلي أن يكذب؛ فينفي وجود خادمة لأهل البيت اسمها «فضّة» ليكون دليلًا علي كذب أصل الخبر!

إنّه يقول: «إّ عليّاً وفاطمة لم يكن لهما جارية اسمها فضّة، بل ولا لأحدٍ منم أقارب النبيّ صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم، ولا نعرف أنّه

__________________________________________________

(1) الجرح والتعديل 8/ 68، تاريخ بغداد 3/ 191، وغيرهما.

(2) تاريخ بغداد 3/ 192.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 57

كان بالمدينة جارية اسمها فضّة، ولا ذكر ذلك أحد من أهل العلم، الّذين ذكروا أحوالهم دقّها وجلّها، ولكن فضّة هذه بمنزلة ابن عقب الذي يقال: إنّه كان معلّم الحسن والحسين، وأنّه أُعطي تفّاحةً كان فيها علم الحوادث المستقبلة، ونحو ذلك من الأكاذيب التي

تروج علي الجهّال … وهكذا هذه الجارية فضّة … » «1».

أقول:

انظر إصراره علي التكذيب بقلّة حياء … وهو الكاذب!!

وإليك عبارة الحافظ ابن الأثير: «فضّة النوبيّة، جارية فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم: أخبرنا أبو موسي كتابةً … » فأورد الحديث بإسناده عن ابن عبّاس «2».

وعبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني: «فضّة النوبيّة، جارية فاطمة الزهراء … أخرج أبو موسي في الذيل، والثعلبي في تفسير سورة «هل أتي ، من طريق عبداللَّه بن عبدالوهّاب الخوارزمي ابن عمّ الأحنف … » قال: «وذكر ابن صخر في فوائده وابن بشكوال في كتاب المستغيثين من طريقه، بسندٍ له من طريق الحسين بن العلاء، عن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ:

__________________________________________________

(1) منهاج السُنّة 7/ 182- 183 الطبعة الحديثة.

(2) أُسد الغابة في معرفة الصحابة 5/ 530.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 58

إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أخدم فاطمة ابنته جاريةً اسمها فضّة النوبيّة، وكانت تشاطرها الخدمة، فعلّمها رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم دعاءً تدعو به … » «1».

هذا، وكأنّ بعض أتباع ابن تيميّة يقصرون عنه في الصلافة، فلا يقلّدونه في كلّ شي ء، خوفاً من الفضيحة!!

* ومكابرة أُخري تجدها عند ابن روزبهان الخنجي- وهو الآخر صاحب الردّ علي العلّامة الحلّي في كتابه نهج الحقّ.

إنّه يقول: «ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول السورة ما ذكره، ولكن أنكره علي هذه الرواية كثير من المحدّثين وأهل التفسير، وتكلّموا في أنّه هل يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلي هذا الحدّ، ويجوّع نفسه وأهله، حتّي يشرف علي الهلاك؟ وقد قال اللَّه تعالي

«وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ»

«2»

والعفو ما كان فاضلًا من نفقة العيال، وقال رسول اللَّه اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم: خير الصدقة ما يكون صفواً عفواً» «3».

أقول:

فهو لا يدّعي كون السورة مكّيّة، ولا يدّعي كون الحديث

__________________________________________________

(1) الإصابة في معرفة الصحابة 4/ 387.

(2) سورة البقرة: 2: 219.

(3) إبطال الباطل. راجع: إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل 3/ 170.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، نزول سورةهل أتي، ص: 59

موضوعاً … وإنّما يشكّك فيه من هذه الناحية، ولو كان هناك ومجالٌ لأن يقال مثل هذا في مقابلة استدلال الإماميّة لقاله المتأخّرون والمعاصرون، الّذين لا يوجد عندهم إلّا الاجترار والتكرار!!

وهذا التشكيك واضح الاندفاع نقضاً وحلّاً، ويكفي للجواب عنه ما تقدّم في الفوائد.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.