الزيارة

اشارة

نام كتاب: الزيارة

نويسنده: العلامة الشيخ الأميني- تحقيق: محمد الحسون

تاريخ وفات مؤلف: 1390 ه. ق.

موضوع: اعتقادات و پاسخ به شبهات

زبان: عربي

تعداد جلد: 1

ناشر: نشر مشعر

مكان چاپ: تهران

سال چاپ: 1417 ه. ق.

نوبت چاپ: 1

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص:5

ص:6

ص: 7

كتاب الغدير:

كتاب يتجدّد أثره ويتعاظم كلّما ازداد به الناس معرفة، ويمتدّ في الآفاق صيته كلّما غاص الباحثون في أعماقه وجلّوا أسراره وثوّروا كامن كنوزه ... إنّه العمل الموسوعي الكبير الّذي يعدّ بحقّ موسوعة جامعة لجواهر البحوث في شتّى ميادين العلوم: من تفسير، وحديث، وتاريخ، وأدب، وعقيدة، وكلام، وفرق، ومذاهب ...

جمع ذلك كلّه بمستوى التخصّص العلمي الرفيع وفي صياغة الأديب الذي خاطب جميع القرّاء، فلم يبخس قارئاً حظّه ولا انحدر بمستوى البحث العلمي عن حقّه.

ونظراً لما انطوت عليه أجزاؤه الأحد عشر من ذخائر هامة، لا غنى لطالب المعرفة عنها، وتيسيراً لاغتنام فوائدها، فقد تبنّينا استلال جملة من المباحث الاعتقادية وما لها صلة بردّ الشبهات المثارة ضدّ مذهب أهل البيت عليهم السلام، لطباعتها ونشرها مستقلّة، وذلك بعد تحقيقها وتخريج مصادرها وفقاً للمناهج الحديثة في التحقيق.

ص: 8

ص: 9

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

مقدّمة الإعداد

الحمدُ للَّهِ ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على خير الأنام أبي القاسم محمّد، وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.

بين يديك عزيزي القارئ بحثان مهمّان، طالما كثر الجدال والقال والقيل حولهما بين المؤيّدين والمعارضين، هما:

بحث نقل الجنائز من مكانٍ إلى آخر، سواء قبل الدفن أو بعده.

وبحث زيارة قبور ومشاهد العترة الطاهرة، والصحابة والتابعين لهم بإحسان.

تصدّى لبيانهما، وإقامة الأدلّة القاطعة على صحّتهما، وإثبات تواتر العمل بهما من قِبل المسلمين كافّة من الصدر الإسلامي الأوّل وحتى يومنا هذا، علم من أعلام الامّة الإسلاميّة، ومجاهد من مجاهيدها الكبار، هو العلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه، وأثبته في موسوعته الكبيرة «الغدير».

ص: 10

ولمّا شاء اللَّه أن تطبع هذه الأبحاث مستقلّةً، قمتُ بمراجعتها وتصحيحها، وتحويل بعض الاستخراجات من الطبعات القديمة إلى الحديثة، واستخراج الموارد التي لم يستخرجها مصنّفها؛ لعدم توفّر مصادرها لديه آنذاك.

وقد تعرّض فيهما المصنّف رحمه الله للردّ على مُبتدع هذه الأفكار، ومُنكر الحقائق الناصعة، ومُفرّق الامّة الإسلاميّة، ابن تيميّة الحرّاني، والذين تابعوه على ضلاله وطبّلوا وروّجوا لأفكاره كالقصيمي ومحمّد بن عبدالوهّاب.

والعجب من هذا الرجل كيف يُنكر مشروعيّة زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم والسفر إليهما وطلبهما، ويدّعي أنّ شدّ الرحال لزيارته صلى الله عليه و آله و سلم ليس من القربات. ويقول: مَن طاف بقبور الصالحين أو تمسّح بها كان مُرتكباً العظائم!! مُرتكباً العظائم!!

والعلّامة الأميني ليس أوّل من ردّه وتعرّض لنقض آرائه، بل سبقه في ذلك كبار علماء السُنّة، حيث ردّوا عليه في كتب مستقلّة، أو في مقالات مطوّلة جعلوها ضمن مؤلّفاتهم، كتقي الدّين السبكي الذي ألّف في ردّه «شفاء السقام في زيارة خير الأنام». و «الدرّة المضيّة في الردّ على ابن تيميّة»، وغيره والذي ستطّلع على مؤلّفاتهم في هذه الرسالة.

ومن العلماء الذين عارضوا أفكار ابن تيميّة، وأصدروا ضدّه عدّة فتاوى، وحكموا بوجوب حبسه: الشهاب بن جهيل، والبدر

ص: 11

ابن جماعة، ومحمّد بن إبراهيم بن سعداللَّه بن جماعة، وابن جرير الأنصاري الحنفي، ومحمّد بن أبي بكر المالكي، وأحمد بن عمر المقدسي الحنبلي.

وذهب البرهان بن الفركاخ الفزاري إلى تكفيره.

وقال ابن حجر الهيتمي المكّي في كتابه «الجوهر المنظّم في زيارة القبر المكرّم»، عنه: مَن هو ابن تيميّة حتى يُنظر إليه، أو يعوّل في شي ء من أمور الدّين عليه؟! وهل هو إلّاعبدٌ أضلّه اللَّه تعالى وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأرداه، وبوّأه من قوّة، الإفتراء والكذب على ما أعقبه الهوان، وأوجب له الحرمان.

والحمدُ للَّهّ ربّ العالمين أوّلًا وآخراً.

محمّد الحسّون 20/ رجب/ 1417 ه.

ص: 12

صفحة فارغة

ص: 13

نقل الجنائز إلى المشاهد

لقد كثرت الجلبة واللغط حول هذه المسألة من أُناس جاهلين بمواقع الأحكام، ذاهلين عن مصادر الفَتيا، حسبوا أنّها من مختصّات الشيعة فحسب، ففوَّقوا إليهم نبال الطّعن، وشنّوا عليهم الغارات، وهناك أغرارٌ تصدّوا للدفاع- وهم مشاركون لأولئكَ في الجهل أو الذهول- بأنّها من عمل الدهماء، فلا يحتجُّ بها على المذهب أو العلماء، وآخر حرفّ الكلم عن مواضعه ابتغاء إثبات امنيّته، ولكن وراء الكلّ حُذّاق البحث كشفوا عن تلكم السوءات.

عزب على المساكين أنَّ للشيعة موافقون من أهل المذاهب الأربعة، في جواز نقل الموتى لأغراض صحيحة، إلى غير محالِّ موتهم، قبل الدفن وبعده، مهما أوصى به الميّت أو لم يوص به.

قالت المالكيّة: يجوز نقل الميّت قبل الدفن وبعده من مكان إلى

ص: 14

آخر بشروط ثلاثة:

أوَّلها: أن لا ينفجر حال نقله.

ثانيها: أن لا تنهتك حرمته، بأن يُنقل على وجه يكون فيه تحقيرٌ له.

ثالثها: أن يكون نقله لمصلحةٍ، كأن يُخشى من طغيان البحر على قبره، أو يُراد نقله إلى مكان تُرجى بركته، أو إلى مكان قريب من أهله، أو لأجل زيارة أهله إيّاه.

فإن فُقِدَ شرط من هذه الشروط الثلاثة حرم النقل(1).

وقالت الحنابلة: لا بأس بنقل الميِّت من الجهة التي مات فيها إلى جهة بعيدة عنها، بشرط أن يكون النقل لغرض صحيح، كأن يُنقل إلى بقعة شريفة ليُدفن فيها، أو ليدفن بجوار رجل صالح، وبشرط أن يُؤمن تغيّر رائحته، ولا فرق في ذلك بين أن يكون قبل الدفن أو بعده(2).

وقالت الشافعيّة: يحرم نقل الميِّت إلى بلد آخر ليُدفن فيه، وقيل: يكره، إلّاأن يكون بقرب مكّة أو المدينة أو بيت المقدس أو بقرب قبر صالح؛ ولو أوصى بنقله إلى أحد الأماكن المذكورة لزم


1- الفقه على المذاهب الأربعة 1: 421. «المؤلّف». وانظر طبعة دار الكتب العلميّة في بيروت 1: 537.
2- الفقه على المذاهب الأربعة 1: 422. «المؤلّف». وانظر طبعة دار الكتب العلميّة في بيروت 1: 537.

ص: 15

تنفيذ وصيّته عند الأمن من التغيير، والمُراد بمكّة جميع الحرم لا نفس البلد(1).

وقالت الحنفيَّة: يُستحبٌّ أن يُدفَن الميِّت في الجهة التي مات فيها، ولا بأس بنقله من بلدة إلى اخرى قبل الدّفن عند أمن تغيّر رائحته، أمّا بعد الدفن فيحرم إخراجه، إلّاإذا كانت الأرض التي دفن فيها مغصوبة أو أُخذت بعد دفنه بشفعة(2).

ومَن سبَر التأريخ وجد الإطباق من علماء المذاهب على جواز النقل في الصّورتين عملًا، وكان من المرتكز في الأذهان نقل الجثث إلى البقاع الشريفة من أرض بيت اللَّه الحرام، أو جوار النبيّ الأعظم، أو قرب إمام مذهب، أو مرقد وليٍّ صالحٍ، أو بقعة اختصّها اللَّه بالكرامة، أو إلى حيث مجتمع أهل الميِّت؛ أو قبور ذويه.

وكان يوم نقل رفاة اولئكَ الرّجال من المذاهب الأربعة يوماً مشهوداً، تُقام فيه حفلات مكتظّة، يحضر فيها حَشدٌ من العلماء والخطباء والقرّاء وأُناس آخرين، كلّ ذلك يُنبّئ عن جوازه، وإتفاق الأُمّة الإسلاميّه عليه.


1- المنهاج المطبوع بهامش شرحه المغني 1: 357، تأليف محيي الدّين النووي الشافعي، شرح الشربيني الشافعي 1: 358، حاشيه شرح ابن قاسم العزى تأليف الشيخ ابراهيم الباجوري الشافعي 1: 280، وغيرها. «المؤلّف». وانظر الفقه على المذاهب الأربعة 1: 538.
2- الفقه على المذاهب الأربعة 1: 422. «المؤلّف». وانظر طبعة دار الكتب العلميّة في بيروت 1: 537.

ص: 16

بل كان ذلك مطّرداً منذ عهد(1) الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان بوصيَّةٍ من الميِّت أو بترجيح من أوليائه، وكاد أن يكون من المجمع عليه عملًا عند فِرَقِ المسلمين في القرون الإسلاميّة. ولو لم يكن كذلك لما اختلفت الصحابة في دفن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، بالمدينة، أو بمكّة، أو عند جدّه إبراهيم الخليل(2).

وتراه كان مشروعاً في الشرائع السّالفة، فقد مات آدم عليه السلام بمكّة ودفن في غار أبي قبيس، ثمّ حملَ نوح تابوته في السفينة، ولمّا خرج منها دفنه في بيت المقدس (3)، وفي أحاديث الشيعة أنّه دفنه في النّجف الأشرف(4).

ومات يعقوب عليه السلام بمصر ونُقل إلى الشام (5).

ونقلَ النبيّ موسى عليه السلام جثّة يوسف عليه السلام من مصر بعد دفنه بها إلى


1- بل منذ عهد النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم، كما يظهر ممّا يأتي من حديث نقل جابر أباه بعددفنه. «المؤلّف».
2- الملل والنحل للشهرستاني 1: 21 هامش الفِصل، شرح الشمائل للقارئ 2: 208، شرح الشمائل للمناوي 2: 208، السيرة الحلبية 3: 393، الصواعق المحرقة: 19. «المؤّلف».
3- تأريخ الطبري 1: 80، العرائس للثعلبي 29. «المؤلّف».
4- رواه جعفر بن محمّد بن قولويه في المزار: 38 و 7، والشيخ الطوسي بطريقه عن المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام في التهذيب 6: 22/ 51، وكذلك أخرجه السيّد ابن طاووس في المزار: 41.
5- حاشية أبي الإخلاص الحنفي 1: 168، طبعت بهامش درر الحكام. «المؤّلف».

ص: 17

فلسطين مدفن آبائه(1).

ونقلَ يوسف عليه السلام جثمان أبيه يعقوب عليه السلام من مصر ودفنه عند أهله في حبرون، في المغارة المعدّة لدفن تلك الاسرة الشريفة، كما في تأريخ الطبري 1: 161 و 169، ومعجم البلدان 3: 208، تأريخ إبن كثير 1: 174 و 197.

وقد نقلَ الإمامان السبطان صلوات اللَّه عليهما جثمان أبيهما الطاهر أمير المؤمنين سلام اللَّه عليه من الكوفة إلى حيث بقعته الآن من النجف الأشرف، وكان ذلك قبل دفنه عليه السلام(2).

غير أنَّ في دلائل النبوّة(3): أنَّ أوّل من نُقل من قبر إلى قبر عليّ ابن أبي طالب رضى الله عنه، لما استشهد يوم الجمعة سابع عشر رمضان، ومات بعد يومين، صلّى عليه ابنه الحسن رضى الله عنه، ودفن بدار الإمارة بالكوفة، وغيّب قبره، ونُقل إلى محلّ يُقال له «نجف»، فأظهره هارون الرشيد، وبنى عليه عمائر، حين وجد وحوشاً تستأنس بذلك المحلّ وتقرُّ إليه إلتجاءً من أهل الصَّيد، فسأل عن سبب ذلك من أهل قرية قريبة هناك، فأخبره شيخٌ من القرية بأنّ فيه قبر


1- شرح الشمائل للقارئ: 208، وشرح المناوئ في هامشه. «المؤلّف».
2- التهذب 6: 34/ 69.
3- محاضرة الأوائل للسكتواري: 102، ط 1300، وتمام المتون للصفدي: 151. «المؤلّف».

ص: 18

أمير المؤمنين عليّ رضى الله عنه، مع قبر نوح عليه السلام (1).

ونحن نذكر جملةً من الجثث المنقولة تحت عنوانين:

مَن نُقلت جنازته قبل الدفن

1- المقداد بن عمرو بن ثعلبة الصحابي، المتوفّى 33 ه، توفّي بالجرف، على ثلاثة أميال من المدينة، فحمل على رقاب الرِّجال حتى دُفن بالبقيع. «الاستيعاب 1: 280، اسد الغابة 4: 411، مجمع الزوائد 9: 307».

2- سعيد بن زيد القرشي العدوي، «أحد العشرة المبشّرة»، توفّي 51 2 ه بالعقيق، على عشرة أميال من المدينة، وحُمل إليها ودُفِنَ بها. «صفة الصفة 1: 140، تأريخ الشام 6: 127».

3- عبدالرَّحمن بن أبي بكر الصدّيق، توفّي بالحُبشيّ سنة 52 ه «بينها وبين مكّة ستَّة أميال»، فحُمل إلى مكّة ودُفن بها، فقدِمتْ عائشة من المدينة وأتت قبره وصلّت عليه وتمثّلت:

وكنّا كَندْمانَيْ جذيمة حِقبَةًمِنْ الدهرِ حتى قيل: لن يتصدَّعا

فلمّا تفرَّقنا كأنّي ومالكاًلِطول اجتماع لم نَبِتْ ليلةً معا

«معجم البلدان 3: 211(2).»، وأخرجه الترمذي مع زيادة.

4- سعد بن أبي وقّاص الصحابي، توفّي سنه 54- 5- 6 ه في حمراء الأسد(3)، وحُمل إلى المدينة ودُفن بها. «تأريخ بغداد 1: 146؛ صفة الصفوة 1: 140؛ تأريخ الشام 6: 108، البداية والنهاية 8: 78».

5- اسامة بن زيد الصحابي، توفّي 54 ه، بالجرف، وحُمل إلى المدينة. «صفة الصفوة 1: 210، اسد الغابة: 66».

6- أبو هريرة الصحابي الشهير المتوفّى 57 8 9 ه، توفّي بالعقيق فحمل إلى المدينة المشرَّفة. «الإصابة 4: 210».

7- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان المتوّفى 64 ه، توفّي بحوارين من قرى دمشق، وحُمل إلى دمشق ودُفن بها. «البداية والنهاية 8: 236».

8- أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم، توفّي 162 ه بالجزيرة، فحُمل إلى صور فدفن هنالك. «صفة الصفوة 2: 132».

9- جعفر بن يحيى قُتل بالغمر سنة 189 ه، وبُعث بجثَّته إلى


1- معجم البلدان، طبعة دار إحياء التراث العربي في بيروت ج 2، ص 214: «حُبْشِيّ، بالضمّ، ثمّ السكون، والشين معجمة، والياء مشدّدة: جبل بأسفل مكّة بنعمان الأراك، يُقال: به سمّيت أحابيش قريش.
2- معجم البلدان، طبعة دار إحياء التراث العربي في بيروت ج 2، ص 214: «حُبْشِيّ، بالضمّ، ثمّ السكون، والشين معجمة، والياء مشدّدة: جبل بأسفل مكّة بنعمان الأراك، يُقال: به سمّيت أحابيش قريش.
3- موضع على ثمانية أميال من المدينة المشرّفة، إليه انتهى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يوم احد في طلب المشركين. «المؤلّف». انظر معجم البلدان 2: 300.

ص: 19

ص: 20

بغداد. «شذرات الذهب 1: 337».

10- أبو الفيض ذو النون المصري، توفّي 246 ه بالحيرة، وحُمل في مركب إلى الفسطاط، ودُفن في مقابل أهل المعافر. «صفة الصفوة 4: 293».

11- هارون بن العبّاس الهاشمي، توفّي 267 ه بالرويثة «وقيل بالعرج»، ثمَّ حُمل إلى المدينة فدفن بها «تأريخ بغداد 14: 27».

12- أحمد بن محمَّد بن غالب الباهلي، توفّي ببغداد سنة 275 ه، وحُمل في تابوت إلى البصرة، وبُنيت عليه قبَّة. «تأريخ بغداد 5: 80، ميزان الاعتدال 1: 67».

13- محمَّد بن اسحاق بن إبراهيم أبو العنبس الصيمري المتوفّى 275 ه، توفي ببغداد، وحُمل إلى الكوفة فدُفِن بها.

«المنتظم 5: 99».

14- المعتمد على اللَّه الخليفة العبّاسي، توفي 279 ه ببغداد فجأة، وحُمل إلى سُرَّ من رأى ودُفن بها. «تأريخ بغداد 4: 61».

15- جعفر بن المعتضد المتوفّى 280 ه، توفّي بمدينة الدينور، وحُمل إلى بغداد. «البداية والنهاية 11: 69».

16- عليُّ بن محمّد بن أبي الشوارب أبو الحسن الأموي البصري، توفّي 282- 3 ه ببغداد فصلّي عليه، ثمَّ حُمل إلى سُرَّ من رأى وهناك تربته. «تأريخ بغداد 12: 61، المنتظم 5: 164».

17- جعفر بن محمَّد بن عرفة، توفّي في ذي الحجَّة 287 ه

ص: 21

بالعمق، أحد منازل طريق الحجّ من بغداد، وحُمل إلى بغداد ودُفن بها في المحرَّم سنة 288 ه. «المنتظم 6: 25 وغيره».

18- حسين بن عمر بن أبي الأحوص أبو عبداللَّه الكوفي المتوفّى 300 ه، توفي في بغداد وحُمل إلى الكوفة فدفن بها.

«المنتظم 6: 117، تأريخ بغداد: 818».

19- محمَّد بن جعفر أبو عمر القتّاب الكوفي المتوفّى 300 ه، توفّي ببغداد وحُمل إلى الكوفة. «المنتظم 6: 120».

20- أبو القاسم عبداللَّه بن إبراهيم المعروف بابن الأكفاني، توفّي 307 ه بالقصر وحُمل تابوته إلى مكّة ودُفن بها. «تأريخ بغداد 9: 405».

21- إبراهيم بن نجيح أبو القاسم الكوفي المتوفّى 313 ه، توفّي ببغداد وجيى ء به إلى الكوفة فدفن بها. «المنتظم 6: 197».

22- بدر بن الهيثم الكوفي القاضي، توفّي 318 ه ببغداد وحُمل إلى الكوفة فدُفن بها. «تأريخ بغداد 7: 108».

23- محمَّد بن الحسين أبو الطيّب اللخمي، توفّي 318 ه ببغداد وحُمل إلى الكوفة ودُفن بها وكان فيها أهله. «تأريخ بغداد 2: 238، المنتظم 6: 226».

24- أبو اسحاق إبراهيم بن محمَّد الخطابي العمري الكوفي، من أحفاد عمر بن الخطاب، توفّي 320 ه ببغداد وحمل إلى الكوفة ودفن بها. «تأريخ بغداد 6: 158».

ص: 22

25- اسماعيل بن العبّاس أبو علي الورّاق، توفّي 323 ه في طريق الحجّ في رجوعه منه، وحُمل إلى بغداد فدفن بها، «تأريخ بغداد 6: 301، المنتظم 6: 278».

26- عليّ بن عبدالرَّحمن الكوفي، توفّي 347 ه ببغداد وحُمل إلى الكوفة. «تأريخ بغداد 12: 32، المنتظم 6: 389».

27- أبو الحسن عليّ بن محمَّد بن الزبير الكوفي، توفّي 348 ه ببغداد وحُمل إلى الكوفة. «تأريخ بغداد 12: 81».

28- مطرف بن عيسى أبو القاسم الغسّاني الألبيري المتوفّى 356- 7 ه، مات بقرطبة فحمل إلى بلده فدن به. «بغية الوعاة: 392».

29- إبراهيم بن محمّد أبو الطيّب العطّار، توفّي 362 ه بسوسنقين (1) أو ساوة، وحُمل إلى نيسابور ودُفن بها. «تأريخ بغداد 6: 169».

30- المطيعِ للَّه الخليفة العبّاسي، توفّي 364 ه في المعسكر بدير العاقول لمّا خرج إلى واسط مع ابنه الطائعِ للَّه، وحُمل إلى بغداد ودفن بها في الرّصافة. «تأريخ بغداد 12: 379».

31- أحمد بن عطاء أبو عبداللَّه الزاهد المتوفّى 369 ه، توفّي في منواث من عكا، وحُمل إلى صفد- صور- فدفن بها. «تأريخ بغداد 4: 237، شذرات الذهب 3: 68».


1- سوسنقين: منزل بين همدان وساوة. «المؤّلف».

ص: 23

32- محمّد بن العبّاس بن أحمد أبو عبداللَّه الضبي الهراتى، توفّي 278 ه برستاق خواف من نيسابور، وأوصى أن يُحمل تابوته إلى هراة، فنقل إليها ودُفن بها «تاريخ ببغداد 3: 121، المنتظم 7: 146».

33- عليّ بن عبدالعزيز الجرجاني، توفّي 392(1) بنيسابور، وحُمل تابوته إلى جرجان ودُفن بها. «المنتظم 7: 222، البداية والنهاية 11: 332، شذرات الذهب 3: 57».

34- أبو عبداللَّه القمّي المصري المتوفّى 40 ه، توفّي عند توجّهه من مصر إلى مكّة، وحُمل إلى المدينة ودفن بها. «المنتظم 7: 248».

35- إسماعيل بن الحسن أبو القاسم الصرصري المتوفّى 403 ه، توفّي ببغداد وحُمل إلى صرصر بعد أن صلّى عليه أبو الحامد الاسفرائيني. «تأريخ بغداد 6: 312».

36- أبو نصر فيروز بهاءالدين المتوفّى 403 ه، توفّي بأرجان وحُمل إلى الكوفة. ودفن بالمشهد، «المنتظم 7: 264».

37- أبو إسحاق الأسفرائيني الشافعي (2) توفّي 418 ه بنيسابور، ثمَّ نقل إلى بلده ودفن بمشهده. «البداية والنهاية 12: 24، شذرات الذهب 3: 210».

38- أبو القاسم الحسين بن علي المغربي المتوفّى 418 ه، توفّي


1- وقد يُقال في تأريخ وفاته غير هذا. «المؤلّف».
2- أحد أركان الشافعية وفقيهها الكبير.

ص: 24

بميافارقين وحُمل إلى مشهد أمير المؤمنين ودفن بها.

«المنتظم 8: 33».

39- أبو بكر البيهقي الحافظ الكبير، توفّي 458 ه بنيسابور ونُقل تابوته إلى بيهق. «المنتظم 8: 24، البداية والنهاية 12: 94».

40- محمّد بن أحمد بن مشارة أبو عبداللَّه الأصبهاني الشافعي، توفّي 464 ه ببغداد وحُمل إلى دُجيل، «المنتظم 8: 275، البداية والنهاية 12: 105».

م 41- عليّ بن أبي نصر الموصلي المتوفّى 479 ه، توفّي ببغداد وحُملت جنازته إلى الموصل، فكان يوماً مشهوداً.

«المنتظم 9: 32».

42- أبو بكر محمّد بن عبداللَّه الناصحي النيسابوري، إمام الحنفيّة في وقته، توفّي 484 ه، بطريق الري وحُمل تابوته إلى نيسابور، وقيل: حُمل إلى إصبهان ودفن بها. «الجواهر المضيّة 2: 64».

43- القاضي أبو أحمد القسم بن مظفّر الشهرزوري المتوفّى 489 ه، توفّي بمدائن كسرى وحُمل إلى الاسكندرية فدفن عند امَّه.

«شذرات الذهب 3: 393».

44- أبو بكر أحمد بن علي العلبي الحنبلي توفّي 503 ه في عرفات فحمل إلى مكّة وطيف به حول البيت، ودُفن بها إلى جانب الفضيل بن عياض، ولمّا بلغ خبره إلى بغداد صلّى الناس

ص: 25

عليه صلاة الغائب فامتلأ الجامع من الناس «المنتظم 9: 164، صفة الصفوة 2: 279، شذرات الذهب 4: 6».

45- الحافظ أبو الغنائم محمّد بن علي النرسي الكوفي المقري، توفّي 510 ه بالحلّة وحُمل إلى الكوفة فدفن بها.

«المنتظم 9: 189».

46- أبو بكر محمود بن مسعود قاضي القضاة الشعيبي الحنفي المفتي، توفّي 514 ه بسمرقند وحُمل تابوته إلى بخارى. «الجواهر المضيّة 2: 162».

47- أبو إسحاق الغزّي إبراهيم بن عثمان، توفّي 524 ه فيما بين مرو وبلخ من بلاد خراسان، وحُمل إلى بلخ ودُفن بها «شذرات الذهب 4: 68».

48- القاضي بهاء الدّين إبن الشهرزوري، توفّي 537 ه بحلب وحُمل إلى صفّين ودفن بها «حلية الأولياء 1: 212».

49- أبوسعد أحمد بن محمَّد الحافظ الأصبهاني، توفّي 540 ه، بنهاوند ونُقل إلى إصبهان. «المنتظم 10: 117، شذرات الذهب 4: 125».

50- أحمد بن محمَّد أبو المعالي إبن البسر البخاري المتوفّى 542 ه، توفّي بسرخس وحمل إلى مرو، ثمَّ حُمل إلى بخارا فدفن بها.

«المنتظم 10: 127».

51- المظفّر بن أردشير أبو منصور العبادي، توفّي 547 ه

ص: 26

بعسكر مكرم ثمَّ حُمل إلى بغداد فدُفنَ في دكَّة الجنيد.

«المنتظم 10: 151».

52- أبو الحسن محمّد بن المبارك البغدادي الفقيه الشافعي، توفّي 552 ه ببغداد ونُقل إلى الكوفة ودُفن بها «شذرات الذهب 4: 164».

53- صدر الدّين أبو بكر الخجندي الأصبهاني الشافعي، توفّي 552 ه بقرية بين همدان والكرخ وحُمل إلى اصبهان ودُفن بسيلان «المنتظم المنتظم 10: 179، شذران الذهب 4: 163».

54- محمّد بن عبدالرحيم الأنصاري أبو عبداللَّه المالكي الغرناطي، توفّي 569 ه بأشبليَّة وحُمل إلى غرناطة فدفن بها «الديباج المذهّب: 287».

55- عبداللطيف الفقيه الشافعي الإصبهاني، توفّي 580 ه بهمدان وحُمل إلى إصبهان ودُفن بها «شذرات الذهب 4: 163».

56- ضياء الدين عيسى الهكاري الفقيه، توفّي 585 ه في الخروبة قريباً من عكّا، فنُقل إلى القدس فدفن بها «البداية والنهاية 12: 334».

57- أبو الفضل حسين بن أحمد الهمداني اليزدي، من أئمّة الحنفيّة، توفّي 591 ه بمدينة قوص من صعيد مصر وحُمل ميتاً إلى مصر ودفن بتربة الحنفيَّة «الجواهر المضيّة 1: 207».

58- أبو الفضائل القسم بن يحيى بن الشهرزوري المتوفّى

ص: 27

599 ه، توفّي بحماة وحُمل إلى دمشق فدفن بها. «شذرات الذهب 4: 342».

59- مسعود بن صلاح الدّين المتوفّى 606 ه توفّي بمدرسة رأس العين فحمل إلى حلب فدفن بها. «البداية والنهاية 13: 55».

60- إبن حمدون تاج الدين أبو سعد الحسن بن محمّد المتوفّى 608 ه توفّي بالمدائن وحُمل إلى مقابر قريش فدفن بها. «البداية والنهاية 13: 62».

61- قطب الدّين العادل المتوفّى 619 ه، توفّي بالفيّوم ونُقل إلى القاهرة. «البداية والنهاية 13: 99».

62- أبو الفضائل الحسن بن محمّد العدوي العمري، توفّي 650 ه ببغداد وحُمل إلى مكّة فدفن بها. «شذرات الذهب 5: 250».

63- سيف الدين أبو الحسن القيمري، توفّي 653 ه بنابلس ونُقِلَ فدفن بقبَّته الّتي بقرب مارستانة بالصالحيّة «شذرات الذهب 5: 16».

64- الملك الناصر داود بن المعظّم، توفّي 655 ه بقرية البويضا من دمشق، وحُمل منها إلى الشام ودُفن بسفح قاسيون «البداية والنهاية 13: 198».

65- جمال الدّين صرصري الفقيه الحنبلي، توفّي ببغداد 656 ه وحُمل إلى صرصر ودُفن بها «مختصر طبقات الحنابلة: 51».

66- الشيخ محمّد القونوي المصري، توفّي 672 ه بمصر وأوصى

ص: 28

أن يُنقل تابوته إلى دمشق يُدفن عند الشيخ محيي الدين العربي شيخه «طبقات الأخيار 1: 177».

67- أبو الخير رمضان بن الحسين السرماري، المدرِّس الحنفي، توفّي في البحر 675 ه ونُقلَ إلى مدينة أنبار ودُفن بها بعد موته بتسعة أيّام «الجواهر المضيّة 1: 243».

68- الملك السعيّد بركة المتوفّى 678 ه، توفّي في كرك ونقل إلى دمشق ودفن بها. «روضة المناظر» لابن الشحنة.

69- نجم الدّين عبدالرّحيم القاضي إبن البارزي الشافعي الفقيه البصير، توفّي 683 ه في تبوك فحمل إلى المدينة فدفن بها.

«شذرات الذهب 5: 382».

70- يوسف بن أبي نصر الدمشقى إبن السفاري المحدِّث تُوّفي 699 ه بدمشق في زمن التتار، ووضع في تابوت، فلمّا أمن الناس نُقل إلى يثرب ودفن بها. «شذرات الذهب 5: 454».

71- شرف الدين أبو عبداللَّه محمّد بن محمّد الحرّاني المعروف بابن النجيح، الفقيه الناسك المتوفّى 723 ه، توفّي في وادي بن سالم، فحمل إلى المدينة فغسّل وصلّي عليه في الرّوضة ودفن بالبقيع «البداية والنهاية 14: 110».

72- أبو الحسن علي بن يعقوب المصري نور الدّين الشافعي، إمام الشافعيّة المتوفّى 724 ه توفِّي في ديروط- إحدى حواضر مصر- وحُمل إلى القرافة ودُفن بها «البداية والنهاية 14: 115».

ص: 29

73- كمال الدّين ابن الزملكاتي شيخ الشافعيَّة، توفّي 727 ه بمدينة بلبيس وحُمل إلى القاهرة ودُفن بالقرافة «البداية والنهاية 14: 132».

74- عبدالقادر بن عبدالعزيز الحنفي، أحد أعلام المذهب، توفّى 737 ه بالرميلة وحُمل إلى بيت المقدس «الجواهر المضيّة 1: 324».

75- محمّد بن محمّد التلمساني المقري، أحد مجتهدي الماليكّة في القرن الثامن، توفّي بفاس ونُقل إلى بلدة تلماس «نيل الإبتهاج المطبوع في هامش الديباج، 250».

76- محمّد بن يوسف الكرماني ثمّ البغدادي شمس الدّين، شارح صحيح البخاري المتوفّى 786 ه توفّي بطريق الحج فنقل إلى بغداد ودفن بقبر أعدّه لنفسه. «بغيةالوعاة: 110، مفتاح السّعادة 1: 171».

77- عزّ الدّين أبو جعفر أحمد بن أحمد الاسحاقي الحلبي الشافعي، الرئيس الجليل المتوفّى 803 ه، توفّي في مرحلتين من حلب في إحدى أعمالها ونُقل إلى حلب فدفن عند أهله «شذرات الذهب 7: 24».

78- الأمير عماد الدّين أبو الفداء إسماعيل العنابي الدمشقي المتوّفى 930 ه، توفّي في قرية دمر وحُمل إلى دمشق ودفن بالعنابة.

«شذرات الذهب 8: 172».

ص: 30

79- شهاب الدّين أحمد البخاري المكّي، إمام الحنفيّة المتوّفى 938- 48 ه، توفّي ببندر جدّة وهو قاض بها فحُمل إلى مكّة ودُفن بالمعلى «شذرات الذهب 8: 228».

80- أبو الحسن علي بن أحمد الكيزواني المتوفّى 955 ه، توفّي بين مكّة والطائف وحُمل إلى مكّة فدفن بها «شذرات الذهب 8: 307»(1).

مَن نُقل مِنْ مَدفن إلى مدفن

1- عبداللَّه بن عمرو بن حزام- حرام- الأنصاري، والد الصحابي العظيم جابر ابن عبداللَّه، استشهد هو وصديقه عمرو بن الجموح الأنصاري باحد، ودُفنا في قبرٍ واحدٍ، فلم تطبْ نفس جابر فأخرج أباه بعد ستّة أشهر.

قال جابر رضى الله عنه: دُفن مع أبي رجل، فلم تطب نفسي حتّى أخرجته فجعلته في قبر على حدَّة. وزاد أبو داود والبيهقي:

فأخرجته بعد ستَّة أشهر، فما أنكرتُ منه شيئاً إلّاشعيرات كنَّ في لحيته ممّا يلي الأرض(2).


1- أحسب أنّ غير واحدٍ من هؤلاء حُمل بعد الدفن ونُقل من مدفن إلى مدفن. «المؤلّف».
2- صحيح البخاري 2: 247، سنن أبي داود 2: 72، سنن النسائي 4: 84، سنن البيهقي 4: 58، الاستيعاب 1: 368، اسد الغابة 3: 232، الإصابة 2: 350. التاج في الجمع بين الصحاح 1: 410.

ص: 31

وأخرج الحاكم في «المستدرك 3: 203»، بإسنادٍ صحَّحه عن جابر قال: أصبحنا «يوم احد»، فكان «أبي» أوّل قتيل، فدفنته مع آخر في قبر، ثمّ لم تطبْ نفسي أن أتركه مع آخر في قبرٍ، فاستخرجته بعد ستَّة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته غير اذنه.

قال ناصف في «التاج 1: 409»، بعد ذكر حديث جابر ونقل جنازة سعد وسعيد المذكورين: ففيها جواز نقل الميِّت قبل الدفن وبعده إلى محلٍّ آخر، ويجب نقله إذا طلبه مالك القبر، أو خاف الغرق أو التغيير؛ ويجوز نقله من وسط قومٍ أشرار، فأصل النقل جائزٌ للحاجة.

2- عبداللَّه بن سلمة بن مالك بن الحارث البلدي الأنصاري، استشهد باحد، فجاءت امّه أنيسة بنت عدي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فقالت: يا رسول اللَّه إنّ إبني عبداللَّه بن سلمة وكان بدريّاً قُتل يوم احد، أحببت أن أنقله فآنس بقربه. فأذنَ لها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في نقله، فعدَّلته بالمجذر بن ديار(1) على ناضح له في عباءة فمرَّت بهما، فعجب لهما الناس وكان عبداللَّه ثقيلًا جسيماً، وكان المجذر قليل اللحم، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: «سوّى ساوى ما بينهما عملهما».


1- كذا، ولعلّه: زيادة، كما يأتي. «المؤلّف».

ص: 32

«اسد الغابة 3: 177، الإصابة 2: 321، و 4: 245».

3- المجذر بن زياد بن عمرو بن أحزم البلوي، استشهد باحد، وحملته أنيسة امّ عبداللَّه بن سلمة معه بإجازة صريحة من المُشرَّع الأعظم كما مرّ.

4- طلحة بن عبيداللَّه التميمي «أحد العشرة المبشَّرة» المقتول في حرب الجمل سنة 36 ه، ودفن بالبصرة في ناحية ثقيف. روى الحافظ إبن عساكر أنَّ عائشة بنت طلحة رأتْ أباها في المنام فقال لها: يا بنيّة حوِّليني من هذا المكان فقد أضرَّ بي الندى، فأخرجته بعد ثلاثين سنة أو نحوها وهو طريٌّ لم يتغيّر منه شي ء، فدفن في الهجرتين في البصرة. وفي رواية: أنَّهم اشتروا داراً من دور آل أبي بكر فدفنوه فيها.

«تأريخ الشام 7: 87، تأريخ إبن كثير 7: 247، عمدة القاري 4:

63».

5- المدفونون في جوار مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، قال العيني في عمدة القارئ ج 4، 63: أمر عثمان رضى الله عنه بقبور كانت عند المسجد أن تحوَّل إلى البقيع وقال: توسّعوا في مسجدكم».

6- شهداء احد، روى إبن الجوزي في «صفة الصفوة 1: 147» عن جابر قال: لمّا أراد معاوية أن يجري عينه الّتي باحد كتبوا إليه:

إنّا لا نستطيع أن نجريها إلّاعلى قبور الشهداء. فكتب: أنبشوهم.

وفي نوادر الحكيم الترمذي ص 227: أمر منادياً فنادى فيهم:

من كان له قتيلٌ فليخرج إليه، قال جابر: فرأيتهم يحملون على

ص: 33

أعناق الرّجال كأنّهم قومٌ نيامٌ، وأصاب المسحاة طرف رِجل حمزة فانبعثت دماً.

وقال إبن الجوزي في ص 194: عن جابر قال: صرخ بنا إلى قتلانا يوم احد حين أجرى معاوية العين، فأخرجناهم بعد أربعين سنة ليَّنة أجسادهم، تتثنّى أطرافهم.

7- جعفر بن المنصور المتوفّى 150 ه، ودفن أوَّلًا بمقابر بني هاشم من بغداد، ثمَّ نقل منها إلى موضع آخر.

«تاريخ إبن كثير 10: 107».

8- نقلت: «سنة 647 ه» توابيت جماعة من الخلفاء إلى الترب من الرّصافة، خوفاً عليهم من أن تغرق محالّهم، منهم: المقتصد بن الأمير أبي أحمد المتوكّل، وذلك بعد دفنه بنيف وخمسين وثلاثمائة سنة، ونُقل ولده المكتفي، وكذا المقتفي إبن المقتدر باللَّه.

«البداية والنهايه 13: 177».

9- أبو النجم بدر الكبير المتوفّى 311 ه، توفِّي بشيراز، ثمّ نبش وحُمل إلى بغداد.

«المنتظم 6: 180».

10- محمّد بن علي أبو علي بن مقلة البغدادي المتوفّى 328 ه، دفن في دار السلطان، ثمَّ سأل أهله تسليمه إليهم، فنبش وسلّم إليهم، فنبش وسلّم إليهم، فدفنه إبنه أبو الحسين في داره، ثمَّ نبشته زوجته المعروفة بالديناريَّة ودفنته في دارها.

ص: 34

«المنتظم 6: 311».

11- جعفر بن الفضل أبو الفضل المعروف بابن حِنْزَابة(1)، الوزير المحدَّث، المتوفّى 371- 391 ه، دفن بالقرافة، وقيل: بداره، وقيل: إنّه كان قد اشترى بالمدينة النبويّة داراً فجعل له فيها تربة، فلمّا نُقل إليها تلقَّته الأشراف؛ لإحسانه إليهم، فحملوه وحجّوا به ووقفوا به بعرفات، ثمَّ أعادوه إلى المدينة فدفنوه بتربته.

«البداية والنهاية 11: 329، وفيّات الأعيان 1: 121».

12- إبن سمعون محمّد بن أحمد، الإمام الواعظ الشهير، توفّي يوم الخميس 14 ذي القعدة سنة 387 ه، ودفن في داره في شارع الغتابيين، فلم يزل هناك حتى نُقل يوم الخميس الحادي عشر من رجب سنة 426 ه، فدفن في مقبرة أحمد بن حنبل «إمام الحنابلة»، وأكفانه لم تبل.

«تأريخ بغداد 1: 277، البداية والنهايه 11: 223، وفيّات الأعيان 2: 28».

13- أبو الحسن محمّد بن عمر الكوفي، توفّي 390 ه ببغداد، ثمَّ حُمل بعد ذلك لسنة أو أقلّ إلى الكوفة «بيئة أهله» فدفن بها.

«تأريخ بغداد 3: 34».


1- بكسر الحاء المهملة، وسكون النون، وفتح الزاء المعجمه، وبعد الألف باء موحّدة، ثمّ هاء ساكنة، وهي أمّ أبيه. وفي تأريخ ابن خلّكان: خنزانة. «المؤلّف». وفيات الأعيان 1: 214.

ص: 35

14- أبو بكر محمّد بن الطيّب الباقلاني، المتكلّم الأشعري الشافعي، توفّي سنة 403 ه ودفن في داره بدرب المجوس من نهر طابق، ثمَّ نُقل بعد ذلك فدفن في مقبرة باب حرب.

«المنتظم 7: 265، البداية والنهاية 11: 351، وفيات الأعيان 2: 56».

15- أبو بكر محمّد بن موسى الخوارزمي، الفقيه الحنفي، إنتهت إليه الرياسة في المذهب، توفّي 403 ه ودفن في منزله بدرب عيده، ونُقل سنة 408 ه إلى تربته بسويقة غالب ودفن بها.

«تأريخ بغداد 3: 247».

16- أبو حامد أحمد بن محمّد الإسفرائيني، إمام الشافعيّة في عصره (1)، توفّي سنة 406 ه ودفن بداره، ثمَّ نُقل إلى مقبرة باب حرب سنة 410- 16 ه.

«تأريخ بغداد 4: 370، المنتظم 7: 278، البداية والنهاية 12: 3».

17- أبو الحسن عليّ بن عبدالعزيز إبن حاجب النعمان المتوفى سنة 421 ه، دفن في داره ببركة زلزل، ثمَّ نُقل تابوته إلى مقابر قريش فدفن بها ليلة الجمعة 25 ذي القعدة سنة 425 ه.

«تأريخ بغداد 12: 32، المنتظم 8: 52».


1- ذكر ابن خلّكان عن القدوري إنّه أفقه وأنظر من الشافعي. «المؤلّف». وفيّات الأعيان 1: 470.

ص: 36

18- الخليفة القادر باللَّه، توفّي في ذي الحجّة سنة 422 ه، ودُفن في داره، ثمّ نُقل تابوته بعد سنة إلى الرصافة فدفن بها لخمس خلون من ذي القعدة سنة 422 ه.

«تأريخ بغداد 4: 38، المنتظم 8: 61، 68».

19- أحمد بن محمّد أبو الحسين القدوري البغدادي الحنفي «شيخ الحنفيّة بالعراق، انتهت إليه رياسة المذهب»، توّفي ببغداد 428 ه، ودُفن بداره في درب أبي خلف، ثمّ نُقل إلى تربة في شارع المنصور، فدفن بجانب أبي بكر الخوارزمي الفقيه الحنفي.

«شذرات الذهب 3: 233».

20- أبو طاهر جلال الدّين المتوفّى 435 ه، توفّي ببغداد ودفن في بيته، ثمّ نقل تابوته في سادس شهر رمضان سنة 436 ه إلى تربة لهم في مقابر قريش.

21- عبدالسيّد بن محمّد، الشهير بابن الصبّاع «إمام الشافعيّة في عصره»، توفّي سنة 447 ه في المنتظم: 477، ودُفن بداره في الكرخ ثمّ نُقل إلى باب حرب.

«المنتظم 9: 13، البداية والنهاية 12: 126».

22- أبو نصر أحمد بن مروان الكردي، توفّي سنة 453 ه، ودُفن في جامع المحدّثة، وقيل: في القصر السدلي، ثمّ نُقل إلى القبّة المعروفة بهم، الملاصقة بجامع المحدّث.

«وفيّات الأعيان 1: 59».

ص: 37

23- أحمد بن محمّد أبو الحسن السمناني القاضي الحنفي، المتوفّى 466 ه، توفّى ببغداد ودُفن بداره نهر القلائين شهراً ثمّ نُقل إلى تربته بشارع المنصور، ثمّ نقل منها إلى الخيزرانيّة.

«المنتظم 8: 287، الجواهر المضيّة 1: 96».

24- القائم بأمر اللَّه الخليفة، توّفي 467 ه، ودُفن عند أجداده، ثمّ نُقل إلى الرّصافة، وقبره يُزار إلى الآن.

«البداية والنهاية 12: 110 و 115».

25- الحسن بن عبدالودود أبو علي الشامي، المتوفّى 467 ه، دُفن في داره بسكّة الخرقي، ثمّ أُخرج بعد ذلك فدُفن في مقبرة جامع المدينة.

«المنتظم 8: 295».

26- أحمد بن عليّ بن محمّد، قاضي دمشق، توفّي 468 ه، ودُفن في داره، ثمّ نُقل إلى مقبرة الباب الصغير.

«تأريخ الشام 1: 410».

27- أبو عبداللَّه الدامغاني الحنفي، قاضي القضاة الفقيه الكبير، توفّي 478 ه ودُفن بداره بدرب العلّابين، ثمّ نقل إلى مشهد أبي حنيفة.

«المنتظم 9: 24، البداية والنهاية 12: 129».

28- أبو المعالي عبدالملك بن عبداللَّه الجويني، إمام الحرمين، الفقيه الشافعي، توّفي 478 ه، بنيسابور، ودفن في داره، ثمّ نُقل بعد

ص: 38

سنين إلى مقبرة الحسين فدفن إلى جانب والده، وكان أصحابه المقتبسون من علمه نحو أربعمائة يطوفون في البلد وينوحون عليه.

«وفيّات الأعيان 1: 313، المنتظم 9: 20، البداية والنهاية 12: 128، شذرات الذهب 3: 360».

29- محمّد بن هلال أبو الحسن الصّابي، الملقّب بغرس النعمة المتوفّى 480 ه، توفّي ببغداد ودفن في داره بشارع إبن عوف، ثمّ نقل إلى مشهد علي عليه السلام.

«المنتظم 9: 49».

30- أبو محمّد رزق اللَّه بن عبدالوهّاب التميمي، توفّي 588 ه ودفن في داره بباب المراتب، ثمّ نقل بعد ذلك إلى مقبرة أحمد لمّا توفّي ابنه أبو الفضل سنة 491 ه.

«مناقب أحمد لابن الجوزي: 525، المنتظم له 9: 89».

31- محمّد بن أبي نصر أبو عبداللَّه الأندلسي الحافظ المشهور، توفّي 488 ه ودفن في مقبرة باب أبرز من قبّة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ثمّ نُقل بعد ذلك في صفر سنة 491 ه إلى مقبرة باب حرب ودفن عند قبر بشر بن الحارث المعروف بالحافي.

«وفيّات الأعيان 2: 60، المنتظم 9: 96».

32- طراد بن محمّد العبّاسي البغدادي المتوفّى 491 ه، دفن بداره في باب البصرة، ثمّ نُقل في ذي الحجّة سنة 422 ه إلى مقابر

ص: 39

الشهداء(1) فدفن بها.

«المنتظم 9: 186، شذرات الذهب 4: 39».

33- أبوالحسن عقيل بن أبي الوفاء عليّ شيخ الحنابلة، توفّي 510 ه، وقيل 13 قبل والده، ودفن في داره، فلمّا مات والده نُقل معه إلى دكّة الإمام أحمد.

«المنتظم 9: 186، شذرات الذهب 4: 39».

34- محمّد بن محمّد أبو حازم الفقيه الحنبلي، توّفي 527 ه ودُفن بداره بباب الأزج، ونُقل سنة 534 ه إلى مقبرة أحمد فدفن عند أبيه.

«المنتظم 10: 34، شذرات الذهب 4: 82، مختصر طبقات الحنابلة: 33».

35- الحسين بن حميد التميمي «أحد رجالات الحديث» توفّي 531 ه ودُفن في داره بباب البريد، ثمّ نُقل إلى جبل قاسيون.

«تأريخ الشام 4: 284».

36- أحمد بن جعفر أبو العبّاس الحربي المتوّفى 534 ه، دُفن بالحربيّة، ثمّ نُقل بعد ذلك إلى مقبرة باب الحرب.

«المنتظم 10: 86».


1- يُقال: فيها قوم من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كانوا شهدوا معه قتال الخوارج بالنهروان وارتثوا في الوقعة، ثمّ لمّا رجعوا أدركهم الموت في ذلك الموضع فدفنهم عليّ هناك «تأريخ بغداد 1: 126، المنتظم 10: 98».

ص: 40

37- الشيخ أبو يعقوب يوسف الهمداني، توفّي 535 ه ودُفن بيامن على طريق مرو مدّة، ثمّ حُملت جثّته إلى مرو ودُفن بها.

«وفيّات الأعيان 2: 524، طبقات الأخيار 1: 117».

38- أحمد بن محمّد بن علي، أبو جعفر العدل البغدادي المتوّفى 536، وكان يسرد الصّوم إلّاالأيّام المحرّم صومها، دُفن في داره بخرابة الهراس، ثمّ نُقل بعد مدَّة إلى مقبرة باب الحرب.

«المنتظم 10: 97».

39- عليّ بن طرّاد أبو القاسم الزينبي البغدادي، المتوفّى 538 ه، دُفن بداره الشاطئيّة بباب الراتب، ثمّ نُقل إلى تربته بالحربيّة ليلة الثلاثاء سادس عشر رجب سنة أربع وأربعين(1)، وجمع على نقله الوعّاظ فوعظوا في داره إلى وقت السحر، ثمّ اخرج والقرّاء معه والعلماء والشموع الزائدة في الحدّ.

«المنتظم 10: 109، 166».

40- شيخ الإسلام محمّد بن محمّد الخلمي المفتي الحنفي، إنتهت إليه الرياسة في المذهب، توفّي 544 ه، ودفن ببلخ، ثمّ نُقل إلى ناحية خلم فقبر به.

«الجواهر المضيّة 2: 130».

41- عليّ بن محمّد أبو الحسن الدريني، توفّي 549 ه ودُفن في


1- كذا في المنتظم 10: 109، وقال في صحيفة 166: إنّ نقله كان في رجب سنة 551 ه. «المؤلّف».

ص: 41

داره برحبة الجامع، ثمّ نقل إلى باب أبرد قريباً من المدرسة الناجية سنة 574 ه.

«وفيّات الأعيان 1: 245».

42- جمال الدّين محمّد بن عليّ بن أبي منصور، توفّي 559 ه ودُفن بالموصل، ثمّ حمل إلى مكّة وطيف به حول الكعبة، وكان بعد أن صعدوا به ليلة الوقفة إلى جبل عرفات، وكانوا يطوفون به كلّ يوم مراراً مدّة مقامهم بمكّة، ثمّ حُمل إلى المدينة المنوّرة ودفن بها في رباط بناه في شرقي مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم (1)، بعد أن طيف به حول حجرة الرّسول صلى الله عليه و آله و سلم مراراً، «الكامل في التأريخ 11: 124.

وفيّات الأعيان 2: 188، البداية والنهاية 12: 249».

43- عمر بن بهليقا الطحّان المتوفّى 560 ه دُفن على باب جامع عمّره بعيداً من حائطه، ثمّ نبش بعد أيّام واخرج فدفن ملاصقاً لحائط الجامع، ليشتهر ذكره بأنّه بنى الجامع.

«المنتظم 10: 212».

44- محمّد بن إبراهيم أبو عبداللَّه الكناني الشافعي المصري «الورع الزاهد»، توفّي بمصر سنة 562 ه ودُفن بالقرب من قبّة الإمام الشافعي بالقرافة الصغرى، ثمّ نُقل إلى سفح المقطّم بقرب الحوض المعروف بامّ مودود، وقبره مشهورٌ هناك يزار، وزرته مراراً.


1- في تأريخ ابن خلّكان: دفن بالبقيع. «المؤلّف».

ص: 42

«وفيّات الأعيان 2: 121».

45- جعفر بن عبدالواحد أبو البركات الثقفي المتوّفى 563 ه، كان أبوه قد أقام في القضاء أشهر ثمّ مات فدفن بدار بدرب بهروز، فلمّا مات الوالد اخرجا فدفنا عند رباط الزوزني المقابل لجامع المنصور «المنتظم 10: 224».

46- مهذّب الدّين سعداللَّه بن نصر بن الدّجاجي، الفقيه الحنبلي، توفّي 564 ه ودُفن بمقبرة الرباط، ثمّ نُقل بعد خمسة أيّام فدفن عند والديه بمقبرة الإمام أحمد.

«البداية والنهاية 12: 259، شذرات الذهب 4: 213».

قال ابن الجوزي في المنتظم ج 10، ص 228: دُفن إلى جانب رباط الزوزني في إرضاء الصوفيّة، لأنّه أقام عندهم مدّة حياته، فبقي على هذا خمسة أيّام، وما زال الحنابلة يلومون ولده على هذا ويقولون: مثل هذا الرّجل الحنبلي أيّ شي ء يصنع عند الصوفيّة؟! فنبشه بعد خمسة أيّام بالليل وقال: كان قد أوصى أن يدفن عند والديه، ودَفَنه عندهما.

قال الأميني: انظر لأيّ غايات تُنبش القبور عند القوم، وتُنقل الجنائز من مدفن إلى مدفن.

47- الخليفة المستنجد باللَّه، توفّي 566 ه في ثامن ربيع الآخر، ودفن بدار الخلافة،، ثمّ نُقل إلى الترب من الرّصافة في عشيّة الإثنين ثامن وعشرين من شعبان سنة وفاته.

ص: 43

المنتظم 10: 235 البداية والنهاية 12: 262».

48- الأمير نجم الدّين أيّوب الدويني، توفّي 568 ه ودُفن عند أخيه بالقاهرة، ثمّ نقلا سنة 579- 580 ه إلى المدينة المنوَّرة.

«البداية والنهاية 12: 272، شذرات الذهب 4: 211، 227».

49- الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكي، توفّي 569 ه ودُفن في بيته بقلعة دمشق، ثمّ نُقل إلى مدرسته.

«وفيّات الأعيان 2: 206، الجواهر المضيّة 1582، شذرات الذهبب 4: 231».

50- أحمد بن عليّ بن المعمّر، أبو عبداللَّه الطاهر الحسيني المتوفّى 569 ه، دفن بداره من الحريم الطاهري مدّه، ثمّ نُقل إلى مشهد الصبيان بالمدائن.

«المنتظم 10: 247».

51- جلال الدّين بن جمال الدّين الأصبهاني، توفّي 574 ه بمدينة دُنيسر(1)، وحُمل إلى الموصل ودفن بها، ثمّ نُقل إلى المدينة ودُفن في تربة والده.

«وفيات الأعيان 2: 188».

52- الخليفة الناصر لدين اللَّه أبو العبّاس أحمد ابن المستضي ء


1- مدينة بالجزيرة الفراتيّة. «المؤلّف». في معجم البلدان: ج 2، ص 478: بضمّ أوّله، بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان، ولها اسم آخر يقال لها: فوج حصار.

ص: 44

بأمر اللَّه، المتوفى يوم الأحد آخر يوم من شهر رمضان سنة 622 ه، وكان يوماً مشهوداً.

«البداية والنهاية 13: 106».

53- الخليفة الظاهر بأمر اللَّه العبّاسي المتوفّى 623 ه، دفن في دار الخلافة، ثمّ نُقل إلى الترب من الرّصافة، وكان يوماً مشهوداً.

«البداية والنهاية 13: 113- 114».

54- شرف الدّين عيسى الحنفي «المتصلّب فى مذهبه» مؤلّف «السهم المصيب» في الردّ على الخطيب البغدادي، توفّي سنة 624 ه بدمشق ودُفن بقلعتها، ثمّ نُقل إلى جبل الصالحيّة ودُفن في مدرسته، وكان نقله سنة 627 ه.

«الجواهر المضيّة 1: 402، مرآة الجنان 4: 58».

55- أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن مظفّر الدّين صاحب إربل، توفّي 630 ه ونُقل إلى قلعة إربل ودُفن بها، ثمّ حُمل بوصيّة منه إلى مكّة شرّفها اللَّه تعالى، وكان قد أعدّ له بها قبّة تحت الجبل يُدفن فيها، فلمّا توجّه الرّكب إلى الحجاز سنة 631 ه سيّروه في الصحبة، فاتّفق أن رجع الحاجّ تلك السنة من ليّنة ولم يصلوا إلى مكّة، فردّوه ودفنوه بالكوفة بالقرب من المشهد.

«وفيّات الأعيان 2: 9».

56- أبو العبّاس أحمد بن عبدالسيّد الأربلي، توفّي 631 ه ودفن بظاهر الرها بمقبرة باب حرّان، ثمّ نقله ولده إلى الديار المصرية فدفنه في تربته بالقرافة الصغرى سنة 637 ه.

ص: 45

«وفيّات الأعيان 1: 63».

57- الأشرف موسى بن العادل المتوفّى 645 ه، توفّى يوم الخميس رابع محرّم بالقلعة المنصورة ودفن بها حتى نجزت تربته الّتي بُنيت له شمالي الكلاسة، ثمّ حوّل إليها في جمادى الاولى.

«البداية والنهاية 13: 146».

58- الكامل محمّد بن العادل المتوفّى 635 ه، توفّي 22 من رجب، ودفن بالقلعة حتّى كملت تربته الّتي بالحائط الشمالي من الجامع ذات الشبّاك الّذي هناك قريباً من مقصورة إبن سنان، ونُقل إليها ليلة الجمعة الحادي والعشرين من رمضان من سنة وفاته.

«البداية والنهاية 13: 149».

59- الخليفة المستنصر باللَّه العبّاسي المتوفّى 640 ه، دفن بدار الخلافة، ثمّ نُقل إلى الترب من الرّصافة.

«البداية والنهاية 13: 159».

60- الأمير عزّ الدّين، توفّي 645 ه في مصر ودفن بباب النصر، ثمّ نُقل إلى تربته الّتي فوق الورّاقة.

«البداية والنهاية 13: 174».

61- الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب المتوفّى 647 ه، توفّي ليلة النصف من شعبان ودفن بالمنصور، ونقل إلى تربته بمدرسته سنة 649 ه.

«البداية والنهاية 13: 181».

62- الشيخ الحسن بن محمّد بن الحسن العدوي العمري، الإمام

ص: 46

الحنفي، من ولد عمر بن الخطاب، توفّي 650 ه، ببغداد ودفن بداره في الحريم الطاهري، ثمّ نُقل إلى مكّة ودفن بها، وكان أوصى بذلك، وجعل لمن يحمله ويدفنه بمكّة خمسين ديناراً.

«الجواهر المضيّة: 202».

63- الشيخ أبو بكر بن قوّام البالسي، توفّى 658 ه ببلاد حلب ودفن بها، ثمّ نقل تابوته ودفن بجبل قاسيون في أوّل سنة 670 ه.

«شذرات الذهب 5: 695».

64- الملك السعيد ابن الملك الطاهر أبو المعالي المتوفّى 678 ه دفن أوّلًا عند قبر جعفر، ثمّ نقل إلى دمشق فدفن في تربة أبيه سنة 680 ه.

«البداية والنهاية 13: 290».

65- سعد الدين التفتازاني المتوّفى 791- 2 توفّى يوم الإثنين الثاني والعشرين من المحرّم بسمرقند، ثمّ نُقل إلى سرخس ودفن بها يوم الأربعاء التّاسع من جمادى الاولى سنة 792 ه.

«مفتاح السّعادة 1: 177».

66- الشيخ زين الدين الخافي المتوفّى 738 ه، دفن بقرية مالين من أعمال خراسان، ثمّ نُقل بأمرٍ منه إلى درويش آباد ودفن هناك ومقامه معمورٌ.

«روضة الناظرين: 135».

67- الشيخ محمّد بن سليمان الجزولي المالكي توفّي 870 ه، ونقل تابوته بعد سبع وسبعين سنة ولم يتغيّر منه شي ء.

ص: 47

«نيل الابتهاج: 317».

68- عبدالرحمن بن أحمد الجامي المتوّفى 898 ه، توفّي بهراة ودفن بها، ولمّا توجّهت الطائفة الأردبيليّة إلى خراسان، أخذه إبنه من قبره ودفنه في ولاية اخرى، فأتت الطائفة إلى قبره وفتّشوه فلم يجدوا جسده، فأحرقوا ما فيه من الأخشاب.

«شذرات الذهب 7: 361».

69- الشيخ حسين بن أحمد الخوارزمي العابد المتوفّى 958 ه، توفّي بحلب في عشر شعبان ودفن بها في تابوت، ثمّ نُقل بعد أربعة أشهر إلى دمشق ولم يتغيّر أصلًا ودفن بها.

«شذرات الذهب 8: 321».

70- يأتي في بيان البناء على قبر أبي حنيفة إمام الحنفيّة عن إبن الجوزي، أنّهم كانوا يطلبون الأرض الصلبة لأساس القبّة فلم يبلغوا إليها إلّابعد حفر سبعة عشر ذراعاً في ستّة عشر ذراعاً، فخرج من هذا الحفر عظام الأموات الّذين كانوا يطلبون جوار النعمان أربعمائة صَنّ (1)، ونقلت جميعها إلى بقعة كانت ملكاً لقوم فحفر لها ودفنت.

مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُص عَليكَ (2)


1- الصَنّ: شبه السلّة، جمعها صِنان. «المؤلّف». الصحاح 6: 2152 «صنن».
2- غافر: 78.

ص: 48

زيارة مشاهد العترة الطاهرة

الدُّعاء، الصّلاة فيها، التوسّل والتبرُّك بها

قد جرت السيرة المطَّردة من صدر الإسلام، منذ عصر الصحابة الأوَّلين والتابعين لهم بإحسان، على زيارة قبور ضمّت في كنفها نبيّاً مرسلًا، أو إماماً طاهراً، أو وليّاً صالحاً، أو عظيماً من عظماء الدّين، وفي مقدّمها قبر النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله و سلم.

وكانت الصلاة لديها، والُّدعاء عندها، والتبرُّك والتوسّل بها، والتقرُّب إلى اللَّه، وابتغاء الزلفة لديه بإتيان تلك المشاهد، من المتسالم عليه بين فِرق المسلمين، من دون أيّ نكير من آحادهم، وأيّ غميزةٍ من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم، حتى ولد الدهر

ص: 49

ابن تيميّة الحرّاني، فجاء كالمغمور مستهتراً يهذي ولا يبالي؛ فترِهَ وأنكر تلكم السنّة الجارية، سنّة اللَّه الّتي لا تبديل لها ولن تجد لسنّة اللَّه تحويلا(1) وخالف هاتيك السيرة المتَّبعة، وشذَّ عن تلكم الآداب الإسلامية الحميدة، وشدّد النكير عليها بلسانٍ بذيّ، وبيانٍ تافه، ووجوهٍ خارجة عن نطاق العقل السليم، بعيداً عن أدب العلم، أدب الكتابة، أدب العفّة، وأفتى بحرمة شدّ الرحال لزيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، وعدَّ السفر لأجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة.

فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه، فقابلوه بالطعن والردّ الشديد، فأفرد هذا بالوقيعة عليه تأليفاً حافلًا(2)، وجاء ذلك يزيِّف آراءه ومعتقداته في طيّ تآليفه القيِّمة(3)، وهناك ثالثٌ يترجمه بعُجره وبُجره، ويعرِّفه للملا ببدعه وضلالاته.

وقد أصدر الشاميون فتياً، وكتبَ عليها البرهان ابن الفركاخ اللفزاري نحو أربعين سطراً بأشياء، إلى أن قال بتكفيره ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل، وكتبَ تحتَ خطّه كذلك المالكي، ثمَ


1- فاطر: 43.
2- كشفاء السقام في زيارة خير الأنام لتقي الدّين السبكي، والدرّة اللمضيّة في الردّ على ابن تيميّة للسبكي أيضاً، والمقالة المرضيّة لقاضي قضاة المالكيّة تقي الدّين أبي عبداللَّه الأخنائي، ونجم المهتدى ورجم المقتدى للفخر ابن المعلّم القرشي، ودفع الشبه لتقي الدّين الحصني، والتحفة المختارة في الردّ على منكر الزيارة لتاج الدّين الفاكهاني المتوفى 834 ه، وتأليف أبي عبداللَّه محمّد بن عبد المجيد الفاسي المتوّفى 1229 ه.
3- كالصواعق الإلهيّة في الردّ على الوهّابية للشيخ سليمان بن عبدالوهّاب في الردّ على أخيه محمّد بن عبدالوهّاب النجدي، والفتاوى الحديثيّة لابن حجر، والمواهب اللدنيّة للقسطلاني، وشرح المواهب للزرقائي، وكتب اخرى كثيرة.

ص: 50

عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعيّة بمصر البدر بن جماعة فكتبَ على ظاهر الفتوى:

الحمد للَّه، هذا المنقول باطنها جوابٌ عن السؤال عن قوله: إنّ زيارة الأنبياء والصّالحين بدعة. وما ذكره من نحو ذلك ومن أنّه لا يرخَّص بالسفر لزيارة الأنبياء باطلٌ مردودٌ عليه، وقد نقل جماعةٌ من العلماء أنّ زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فضيلةٌ وسنّةٌ مجمعٌ عليها، وهذا المفتي المذكور- يعني إبن تيميّة- ينبغي أن يُزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمّة والعلماء، ويُمنع من الفتاوى الغريبة، ويُحبس إذا لم يمتنع من ذلك، ويُشهر أمره، ليتحفّظ الناس من الإقتاء به.

وكتبه محمّد بن إبراهيم بن سعداللَّه بن جماعة الشافعي.

وكذلك يقول محمّد ابن الجريري الأنصاري الحنفي: لكنْ يُحبس الآن جزماً مطلقاً.

وكذلك يقول محمّد بن أبي بكر المالكي: ويبالغ في زجره حسبما تندفع تلك المفسدة وغيرها من المفاسد.

وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي.

راجع دفع الشبه: 45 47.

وهؤلاء الأربعة هم قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيّام تلك الفتنة في سنة 726 ه(1).


1- راجع تكملة السيف الصقيل للشيخ محمّد زاهد الكوثري: 155. «المؤلّف».

ص: 51

وكان من معاصريه مَنْ ينهاه عن غيِّه كالذهبي، فإنَّه كتَبَ إليه ينصحه، وإليك نصّ خطابه إيّاه:

الحمد للَّه على ذلَّتي، يا ربّ ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ عليَّ إيماني، واحُزناه على قلّة حزني، وواأسفاه على السنّة وأهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء، واحزناه على فقد اناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال وأخ مونس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتبّاً لمن شغله عيوب الناس عن عيبه.

إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينيك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذمّ العلماء وتتَّبع عورات الناس؟ أمع علمك بنهي الرَّسول صلى الله عليه و آله و سلم: «لا تذكروا موتاكم إلّا بخير، فإنّهم قد أفضوا إلى ما قدّموا»(1)، بل أعرف أنَّكَ تقول لي لتنصر نفسك: إنّما الوقيعة في هؤلاء الّذين ما شمّوا رائحة الإسلام، ولا عرفوا ما جاء به محمّد صلى الله عليه و آله و سلم وهو جهاد، بل واللَّه عرفوا خيراً كثيراً ممّا إذا عُمل به فقد فاز، وجهلوا شيئاً كثيراً ممّا لا يعنيهم،


1- إتحاف السّادة المتّقين للزبيدي 7: 49- 491 و 10: 374، المغني عن حمل الأسفارللعراقي 3: 122 و 4: 477، كنز العمّال 15: 680/ 42712. وفي سنن النسائي 4: 52، باب النهي عن ذكر الهُلّاك إلّابخير: «لا تذكروا هُلكاكم إلّابخير».

ص: 52

ومِنْ حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

يا رجل! باللَّه عليك كفّ عنّا، فإنَّك محجاج عليم اللسان لا تقرُّ ولا تنام. إيّاكم والغلوطات في الدّين، كره نبيّك صلى الله عليه و آله و سلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال: «إنَّ أخوف ما أخاف على امّتي كلّ منافق عليم اللسان»(1)، وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان في عبارات اليونسيَّة والفلاسفة، وتلك الكفريّات الّتي تعمي القلوب.

واللَّه قد صرنا ضحكةً في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريّات الفلسفيّة؟ لنردَّ عليها بعقولنا، يا رجل! قد بلعت «سموم» الفلاسفة وتصنيفاتهم مرّات، وكثرة إستعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن واللَّه في البدن.

واشوقاه إلى مجلس يُذكر فيه الأبرار، فعند ذكر الصّالحين تنزل الرَّحمة، بل عند ذكر الصّالحين يذكرون بالازدارء واللعنة، كان سيف الحجّاج ولسان إبن حزم شقيقين فواخيتهما، باللَّه خلّونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدّوا في ذكر بدعٍ كنّا نعدّها من أساس الضّلال، قد صارت هي محض السنَّة وأساس التوحييد، ومَنْ لم يعرفها فهو كافرٌ أو حمارٌ، ومَنْ لم يكفر فهو أكفر من فرعون وتعدّ النَّصارى مثلنا.

واللَّه في القلوب شكوكٌ، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيدٌ، يا خيبة من اتّبعك فإنَّه معرضٌ للزندقة والإنحلال، لا سيّما


1- مسند أحمد بن حنبل 1: 22، كنزل العمّال 10: 186/ 28969، إتحاف السّادةالمتّقين للزبيدي، 1: 22، السلسة الصحيحة للألباني: 1013.

ص: 53

إذا كان قليل العلم والدّين باطوليّاً شهوانيّاً، لكنّه ينفعك ويُجاهد عندك بيده ولسانه وفي الباطن عدوٌّ لكَ بحاله وقلبه.

فهل معظم أتباعك إلّاقعيدٌ مربوطٌ خفيف العقل؟ أو عاميٌّ كذّابٌ بليد الذِّهن؟ أو غريبٌ واجم قويُّ المكر؟! أو ناشفٌ صالحٌ عديم الفهم، فإن لم تصدِّقني ففتِّشهم وَزِنهم بالعدم.

يا مسلم! أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟! إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار؟! إلى كم تعظِّمها وتصغِّر العباد؟! إلى متى تخاللها وتمقت الزهّاد؟! إلى متى تمدح كلامك بكيفيَّة لا تمدح- واللَّه- بها أحاديث الصحيحين، ياليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كلِّ وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار، أو بالتأويل والإنكار.

أما آن لك أن ترعوي؟! أما حان لك أن تتوب وتنيب؟!

أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟! بلى- واللَّه- ما أدَّكر أنَّك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت.

فما أظنّك تقبل على قولي، ولا تصغي إلى وعظي، بل لك همَّةٌ كبيرةٌ في نقض هذه الورقة بمجلّدات، وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتّى أقول: البتَّة سكتُّ، فإذا كان هذا حالك عندي، وأنا الشفوق المحبّ الوادن، فكيف حالك عند أعدائك؟! وأعداؤك- واللَّه- فيهم صلحاء وعقلاء، وفضلاء، كما أنّ أولياءك فيهم فجرةٌ وكذبةٌ وجهلةٌ وبطلةٌ وعورٌ وبقرء.

ص: 54

قد رضيتُ منك بأن تسبَّني علانية وتنتفع بمقالتي سرّاً، فرحم اللَّه امرءاً أهدى إليَّ عيوبي، فإنّي كثير العيوب غزير الذنوب، الويل لي إن أنا لا أتوب، ووافضيحتي من علّام الغيوب؛ ودوائي عفو اللَّه ومسامحته وتوفيقه وهدايته، والحمد للَّه ربِّ العالمين، وصلّى اللَّه على سيّدنا محمّد خاتم النبيين، على آله وصحبه أجمعين(1).

فمن هنا وهناك بادوا عليه ما أبدعته يده الأثيمة من المخاريق التافهة، والآراء المحدثة الشاذَّة عن الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس، ونودي عليه بدمشق: من إعتقد عقيدة إبن تيميّة حلّ دمه وماله (2). فذهبتْ تلكم البدع السخيفة إدراج الرِّياح كذلك يضرب اللَّه الحقّ والباطل فأمّا الزَّبد فيذهب جفاء وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض (3).

ثمّ قيَّض المولى سبحانه في كلّ قرن وفي كلّ قطر رجالًا نصروا الحقيقة، وأحيوا كلمة الحق، وأماتوا بذرة الضَّلال، وقابلوا تلكمم الأضاليل الُمحدثة بحجج قويَّة، وبراهين ساطعة.


1- تكملة السيف الصقيل للكوثري: 190 كتبه من خط قاضي القضاة برهان الدّين بن جماعة وكتبه هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد ابن العلائي، وقد كتبه من خطّ الذهبي. وذكر شطراً من العزامي في الفرقان 129. «المؤلّف».
2- الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني 1: 147.
3- الرعد: 17.

ص: 55

فجاءت الامّة الإسلاميَّة تتبع الطريق المهيع، وتسلك جَدد السبيل، تباعاً وراء الكتاب والسنَّة، تعظِّم شعائر اللَّه ومن يعظِّم شعائر اللَّه فإنَّها من تقوى القلوب (1). إلى أن ألقى الشرّ جرانه، وجاد الدهر بولائد الجهل، وربَّتهم أيدي الهوى، وأرضعتهم امَّهات الضَّلال، وشاغلتهم رجالات الفساد، وتمثَّلوا في الملأ بشراً سويّاً، وسجيَّتهم الضَّلال، فجاسوا خلال الديار، وضلّوا وأضلّوا واتَّبعوا سبيل الغي وصدّوا عن سبيل اللَّه.

ومن اولئك الجماهير «القصيمي» صاحب (الصِّراع)، حذا حذو إبن تيميَّة، واتَّخد وتيرته، واتَّبع هواهه فجاء في القرن العشرين كشيخه يموِّه، ويدجِّل، ويتسدَّج، ويتحرَّش بالسباب المقذع، ويقذف مخالفيه بالكفر والردَّة، ويرميهم بكلِّ معرَّة ومسبَّة، ويُري المجتمع أنَّ هاتيك الأعمال من الزِّيارة والدعاء عند القبور المشرَّفة والصلاة لديها والتبرُّك والتوسّل والإستشفاع بها كلّها من آفات الشيعة، وهم بذلك ملعونون خارجون عن ربقة الإسلام، وبَسَطَ القول في هذه كلّها بألسنة حداد، مقذعاً مستهتراً، خارجاً عن أدب المناظرة والجدال.

قال في «الصِّراع» ج 1، ص 54:

وبهذا الغلوّ الّذي رأيت من طائفة الشيعة في أئمّتهم، وبهذا التأليه الّذي سمعت منهم لعليّ وولده، عبدوا القبور وأصحاب


1- الحج: 32.

ص: 56

القبور، وأشادوا المشاهد، وأتوها من كلِّ مكانٍ سحيق وفجٍّ عميق، وقدّموا لها النذور والهدايا والقرابين، وأراقوا فوقها الدماء والدموع، ورفعوا لها خالص الخضوع والخشوع،، وأخلصوا لها ذلك وخصّوها به دون اللَّه ربّ الموحِّدين.

وقال في ج 1، ص 178:

الأشياء المشروعة كالصَّلاة والسَّلام على الرَّسول الكريم، لا فرق فيها بين القرب والنأي، فإنّها حاصلةٌ في الحالتين، وأمّا مشاهدة القبر الشريف نفسه، ومشاهدة الأحجار نفسها، فلا فضل فيها ولا ثواب بلا خلاف بين علماء الإسلام، بل إنَّ مشاهدته عليه الصلَّاة والسّلام حينما كان حيّاً لا فضل لها بذاتها، وإنَّما الفضل في الإيمان به التعلّم منه والإقتداء به والنهج منهجه ومناصرته، وبالإجمال انَّ أحداً من الناس لن يستطيع أن يثبت لزيارة القبر الشريف فضلًا ما، وهذا واضحٌ من سيرة المسلمين الأوَّلين. إلى آخر خلافاته ومخاريقه. انتهى.

لعلَّ القارئ يزعم من شدَّة الرَّجل هذه وحدَّته في النكير، والجلبة واللغط في القول- الّتي هي شنشةٌ يُعرف بها ابن تيميّة شيخ البدع والضلال والمرجع الوحيد في هذه الخزايات والخزعبلات- أنَّ لكلامه مقيلًا من الحقيقة، ورمزاً من الصِّدق، ذاهلًا عن أنَّ أعلام المذاهب الإسلاميَّة في القرون الخالية، منذ القرن الثامن من يوم إبن تيميَّة وبعده يوم محمّد بن عبدالوهّاب

ص: 57

الّذي أعاد لتلكم الدوارس جدَّتها وحتّى العصر الحاضر، أنكروا على هذه السفسطات والسفاسف، وحكموا بكفر مَنْ ذهَبَ إلى هذه الآراء المضلّة والمعتقدات الشاذَّة عن سيرة المسلمين، وشنّوا عليه الغارة وبالغوا في الردِّ عليه.

والقارئ جدُّ عليم بأنَّ هذه اللهجة القارصة ليست مِنْ شأن مَنْ أسلم وجهه للَّه وهو محسن، وآمن بالنبي الطاهر، واعتنق بما جاء به من كتاب وسنَّة، ولا تسوِّغها مكارم الأخلاق ومبادى ء الإنسانيّة ولا يُحبِّذها أدب الإسلام المقدَّس».

أيجوز لمسلم أن يسويّ بين مشاهدة الأحجار وبين رؤية النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم في حال حياته؟!

أيسوغ له أن لا يرى لزيارته حيّاً وميّتاً قيمة ولا كرامةً؟ ولا يعتبر لها فضلًا ما، وينعق بذلك في الملأ الديني؟!

أليست من السيرة المطَّردة بين البشر أنَّ كلَّ ملّة من الملل تستعظم زيارة كبرائها وزعمائها، وتراها فضلًا وشرفاً، وتعدُّها للزائر مفخرةً ومحمدةً، وتكثر إليها رغبات أفرادها؛ لما يرون فيها من الكرامة؟

وقد جرت على هذه سيرة العقلاء من الملل والنحل، وعليه تصافقت الأجيال في أدوار الدنيا، وكان يقدِّر الناس سلفاً وخلفاً أعلام الدّين بالزِّيارة والتبرُّك بهم.

قال أبو حاتم: كان أبو مسهر عبدالأعلى الدمشقي الغسّاني

ص: 58

المتوفّى 218 ه إذا خرج إلى المسجد اصطفَّ الناس يُسلّمون عليه ويُقبِّلون يده (1).

وقال أبو سعد: كان أبو القاسم سعد بن علي شيخ الحرم الزنجاني المتوفّى 471 ه إذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبِّلون يده أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود(2).

وقال ابن كثير في تأريخه 12: 120: كان النّاس يتبرّكون به ويُقبِّلون يده أكثر ممّا يقبِّلون الحجر الأسود.

وكان أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي المتوفّى 476 ه كلّما مرَّ على بلدة خرج أهلها يتلقّونه بأولادهم ونسائهم يتبرّكون به، ويتمسَّحون بركابه، وربّما أخَذوا من تراب حافر بغلته، ولمّا وصل إلى ساوة خرج إليه أهلها وما مرَّ بسوق منها إلّانثروا عليه من لطيف ما عندهم (3).

وكان الشريف أبو جعفر الحنبلي المتوفّى 472 ه يدخل عليه فقهاء وغيرهم ويقبِّلون يده ورأسه(4).

وكان الحافظ أبو محمّد عبدالغني المقدسي الحنبلي المتوفّى 600 ه إذا خرج في مصر يوم الجمعة إلى الجامع لا يقدر يمشي من


1- تأريخ الخطيب البغدادي 11: 73.
2- تذكرة الحفّاظ للذهبي 3: 346، صفة الصفوة لابن الجوزي 2: 151.
3- البداية والنهاية لابن كثير 12: 123، شذرات الذهب 3: 350.
4- البداية والنهاية 121: 119.

ص: 59

كثرة الخلق، يتبرَّكون به ويجتمعون حوله. «شذرات الذهب 4: 346».

وكان أبو بكر عبدالكريم بن عبداللَّه الحنبلي المتوفّى 635 ه منقطعاً عن النّاس في قريته، يقصده الناس لزيارته والتبرُّك به.

«شذرات الذهب 5: 171».

وكان الحافظ أبو عبداللَّه محمّد بن أبي الحسين اليونيني الحنبلي المتوفّى 658 ه من الحرمة والتقدُّم ما لم ينله أحدٌ، وكانت الملوك تقبِّل يده وتقدّم مداسه. «شذرات الذهب 5: 294».

وكان الجزري محمَّد بن محمَّد المتوفّى 832 ه، توفّي بشيراز، وكانت جنازته مشهودة، تبادر الأشراف والخواص والعوام إلى حملها وتقبيلها ومسّها تبرُّكاً بها، ومَنْ لم يمكنه الوصول إلى ذلك كان يتبرَّك بمن تبرَّك بها. «مفتاح السَّعادة 1: 394».

وكان لأهل دمشق في الشيخ مسعود بن عبداللَّه المغربي المتوفّى 985 ه كبير إعتقاد، يتبرَّكون به ويقبِّلون يديه، قال النجم الغزَّي:

ولقد دعالي ومسح على رأسي، وأنا أجد بركة دعائه الآن.

«شذرات الذهب 5: 294».

فما ظنَّك بزيارة سيِّد ولد آدم ومَنْ نيطت به سعادة البشر ورقيّة وتقدُّمه؟ وهذه ملائكة السَّماوات تزور ذلك القبر الشريف كلَّ يوم، فما من يوم يطَّلع إلّانزل سبعون ألفاً من الملائكة حتّى يحفوا بقبره صلى الله عليه و آله و سلم ويصلّون عليه، حتّى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم،

ص: 60

فصنعوا مثل ذلك حتّى إذا انشقَّت عنه الأرض (1).

وشتّان بين هذا الرأي جالقصيمي ج الفاسد، وبين قول الشيخ تقيِّ الدين السبكي في الشفاء، ص 96: إنَّ من المعلوم من الدّين وسير السَّلف الصّالحين التبّرك ببعض الموتى من الصّالحين، فكيف بالأنبياء والمرسلين، ومن إدَّعى أنَّ قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين سواء فقد أتى أمراً عظيماً نقطع ببطلانه وخطأه فيه، وفيه حطُّ لدرجة النبيَّ صلى الله عليه و آله و سلم إلى درجة مَنْ سواه من المسلمين، وذلك كفرٌ متيقَّنٌ، فإنَّ من حطَّ رتبة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم عمّا يجب له فقد كفر؟.

والخطب الفظيع، وقل: الفاحشة المبيَّنة أنَّ الرجل يحذو حذو إبن تيميَّة، و يرى ما يهذو به من البدع والضَّلالات من سيرة المسلمين الأوَّلين، كأنَّ القرون الإسلاميَّة تدهورت وتقلّبت على سيرتها الاولى، وشذَّت الامّة عنها، فلم يبق عاملًا بتلك السيرة إلّا الرَّجل (القصيمي) وشيخه في ضلاله (إبن تيميَّة).

وانظر إلى الرَّجل كيف يرى زيارة القبور واتيانها والدعاء عندها من الرَّدة والكفر عند جميع المسلمين على إختلاف مذاهبهم


1- أخرجه الدارمي في سننه 1: 44، وذكره القسطلاني في «المواهب اللدنية»، وابن حجر في «الجوهر المنظم» عن الدارمي، وابن المبارك، واسماعيل القاضي، والبيهقي، وذكر الزرقاني في «شرح المواهب 5: 340»، ما أسقط منه القسطلاني، وذكره الحمزاوي في كنز المطالب: 223. «المؤلّف».

ص: 61

ناشئةً عن الغلوَّ في التشيّع والتأليه لعليٍّ وولده؟! وقد مرَّ عنه في صفحة 45: أنَّ الشيعة يرون عليّاً وولده أنبياء يوحى إليهم.

إنْ كلّها إلّاشنشنة الرعونة، وصبغة الإحن والشحناء في كلِّ أمويٍّ لفَّ عجاجته على الشيعة وعلى أئمتَّها، فها نحن نقدِّم بين يدي القارئ سيرة المسلمين في زيارة النبيِّ الأقدس وغيره، منذ عصر الصحابة الأوَّلين والتابعين لهم بإحسان حتّى اليوم: ليهلك من هلك عن بيِّنة ويحيى من حىَّ عن بيِّنة(1).

الحثّ على زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم

أخرج أئمَّة المذاهب الأربعة وحفّاظها في الصِّحاح والمسانيد أحاديث جمَّة في زيارة قبر النبيِّ الأعظم صلوات اللَّه عليه وآله، ونحن نذكر شطراً منها:

(1)

عن عبداللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي»(2).


1- الأنفال: 42.
2- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: ابن حجر في تلخيص الحبير 2: 267، والسيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 64، والدر المنثور 1: 237، والدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 158، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، والزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 407 و 10: 363، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 651/ 42582.

ص: 62

أخرجته امَّةٌ من الحفّاظ وأئمَّة الحديث منهم:

1- عُبيد بن محمّد أبو محمَّد الورَّاق النيسابوري المتوفّى 255 ه.

2- ابن أبي الدنيا أبو بكر عبداللَّه بن محمَّد القرشي المتوفّى 281 ه.

3- الدولابي أبو بشر محمَّد الرازي المتوفّى 310 ه، في «الكنى والأسماء 2: 64».

4- محمَّد بن إسحاق أبو بكر النيسابوري المتوفّى 311 ه، الشهير بابن خزيمة، أخرجه في صحيحه.

5- الحافظ محمَّد بن عمرو أبو جعفر العقيلي المتوفّى 322 ه، في كتابه.

6- القاضي المحاملي أبو عبداللَّه الحسين البغدادي المتوفّى 330 ه.

7- الحافظ أبو أحمد بن عدي المتوفّى 365 ه، في «الكامل»(1).

8- الحافظ أبو الشيخ أبو محمَّد عبداللَّه بن محمَّد الأنصاري المتوفّى 369 ه.


1- الكامل في الضعفاء 6: 2350.

ص: 63

9- الحافظ أبو الحسن عليّ بن عمر الدار قطني المتوفّى 385 ه، في سننه(1).

10- أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي المتوفّى 450 ه، في «الأحكام السلطانيَّة: 105».

11- الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458 ه، في «السنن»(2) وغيره.

12- القاضي أبو الحسن عليّ بن الحسن الخلعي الشافعي المتوفّى 492 ه، في فوائده.

13- الحافظ إسماعيل بن محمَّد بن الفضل القرشي الأصبهاني المتوفّى 535 ه.

14- القاضي عياض المالكي المتوفّى 544 ه، في «الشفاء»(3).

15- الحافظ أبو القاسم عليّ بن عساكر المتوفّى 571 ه في تأريخه في ج باب مَنْ زار قبره صلى الله عليه و آله و سلم ج، وهذا الباب أسقطه المهذِّب من الكتاب في طبعه، واللَّه يعلم سرّ تحريفه هذا وما أضرمته سريرته.

16- الحافظ أبو طاهر أحمد بن السلفي المتوفّى 576 ه.

17- أبو محمَّد عبد الحقّ بن عبد الرَّحمن الأندلسي المتوفّى


1- سنن الدار قطني 2: 278/ 194.
2- السنن الكبرى 2: 177.
3- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 195.

ص: 64

581 ه، في الأحكام الوسطى والصغرى (1).

18- الحافظ إبن الجوزي المتوفّى 597 ه، في (مثير الغرام الساكن).

19- الحافظ عليّ بن المفضَّل المقدسي الإسكندراني المالكي المتوفّى 611 ه.

20- الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى 648 ه.

21- الحافظ أبو محمَّد عبد العظيم المنذري المتوفّى 656 ه.

22- الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي القرشي الأموي المالكي المتوفّى 662 ه، في كتابه «الدلائل المبينة في فضائل المدينة».

23- الحافظ أبو محمَّد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705 ه.

24- الحافظ أبو الحسين هبة اللَّه بن الحسن.

25- أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسيني في كتاب «أخبار المدينة».

26- أبو عبداللَّه محمَّد بن محمَّد العبدري الفاسي المالكي، الشهير بابن الحاجّ المتوفّى 737 ه، في «المدخل 1: 261».

27- تقيُّ الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي المتوفّى


1- قال في خطبة الأحكام الصغرى: إنّه تخيرها صحيح الإسناد معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات وتداولها الثقات. وقال في خطبة الوسطى: إنّ سكوته عن الحديث دليل على صحته ... الخ. راجع «شفاء السقام: 9».

ص: 65

756 ه، بسط القول في ذكر طرقه في «شفاء السقام: 3 11».

وقال في ص 8: والرواة جميعهم إلى موسى بن هلال ثقاتٌ لا ريبة فيهم، وموسى بن هلال قال إبن عدي: أرجو أنَّه لا بأس به، وهو من مشايخ أحمد، وأحمد لم يكن يروي إلّاعن ثقة، وقد صرَّح الخصم بذلك في الردِّ على البكري.

ثمَّ ذكر شواهد لقوَّة سنده فقال: وبذلك تبيَّن أنَّ أقل درجات هذا الحديث أن يكون حسناً إن نوزع في دعوى صحَّته. إلى أن قال: وبهذا، بل بأقلَّ منه يتبيَّن إفتراء مَنْ إدَّعى أنّ جميع الأحاديث الواردة في الزِّيارة موضوعةٌ.

فسبحان اللَّه، أما استحى من اللَّه ومن رسوله في هذه المقالة التي لم يسبقه إليها عالمٌ ولا جاهلٌ، لا من أهل الحديث ولا من غيرهم؟! ولا ذكَرَ أحدٌ موسى بن هلال ولا غيره من رواة حديثه هذا بالوضع ولا اتَّهمه به فيما علمنا، فكيف يستجيز مسلمٌ أن يُطلق على كلِّ الأحاديث- التي هو واحدٌ منها- أنَّها موضوعةٌ؟! ولم ينقل إليه ذلك عن عالم نقله، ولا ظهر على هذا الحديث شي ءٌ من الأسباب المقتضية للمحدِّثين للحكم بالوضع، ولا حكم متنه ممّا يخالف الشريعة، فمن أيِّ وجهٍ يحكم بالوضع عليه لو كان ضعيفاً؟ فكيف وهو حسنٌ وصحيحٌ.

28- الشيخ شعيب عبداللَّه بن سعد المصري، ثمَّ المكي، الشهير بالحريفيش، المتوفّى 801 ه، في «الروض الفائق 2: 137».

ص: 66

29- السيِّد نور الدين عليُّ بن عبداللَّه الشافعي القاهري السمهودي (1)، المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 394».

30- الحافظ جلال الدين عبد الرَّحمن السيوطي المتوفّى 911 ه، في «الجامع الكبير كما في ترتيبه 8: 99».

31- الحافظ أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة» من طريق الدار قطني؛ وقال: وراه عبد الحقّ في أحكامه الوسطى والصغرى وسكت عنه، وسكوته عن الحديث فيها دليلٌ على صحَّته.

32- الحافظ إبن الدبيع أبو محمَّد الشيباني المتوفّى 944 ه، في «تمييز الطيب من الخبيث: 162».

33- الشيخ شمس الدّين محمَّد الخطيب الشربيني المتوفّى 977 ه، في «المغني 1: 494، عن صحيح إبن خزيمة».

34- زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى 1031 ه، في «كنوز الحقائق: 141، وشرح الجامع الصغير للسيوطي 6: 140».

35- الشيخ بعد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1078 ه، في «مجمع الأنهر 1: 157».

36- أبو عبداللَّه محمَّد بن عبد الباقي الزرقاني المصري المالكي المتوفّى 1122 ه، في «شرح المواهب 8: 298»، نقلًا عن أبي الشيخ


1- السمهود: قرية كبيرة غربي نيل مصر. «المؤلّف».

ص: 67

وإبن أبي الدنيا.

37- الشيخ إسماعيل بن محمّد الجراحي العجلوني المتوفّى 1162 ه، في «كشف الخفاء 2: 250»، نقلًا عن أبي الشيخ، وإبن أبي الدنيا، وإبن خزيمة.

38- الشيخ محمَّد بن علي الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 325»، نقلًا عن غير واحد من أئمَّة الحديث.

39- الشيخ محمّد بن السيِّد درويش الحوت البيروتي المتوفّى 1276 ه، في «حسن الأثر: 246».

40- السيّد محمّد بن عبد اللَّه الدمياطي الشافعي المتوفّى 1307 ه، في «مصباح الظلام 2: 144».

41- عدَّةٌ من فقهاء المذاهب الأربعة في مصر اليوم في الفقه على المذاهب الأربعة(1).

(2)

عن عبداللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ جاءني زائراً لا تعمله إلّا زيارتي كان حقّاً عليَّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة».

وفي لفظ: «لا تحمله إلّازيارتي».

وفي آخر: «لم تنزعه حاجةٌ إلّازيارتي».

وفي رابع: «لا ينزعه إلّازيارتي، كان حقّاً على اللَّه عزَّوجلّ».


1- الفقه على المذاهب الأربعة 1: 540.

ص: 68

وفي خامس للغزالي: «لا يهمّه إلّازيارتي».

أخرجه جمعٌ من الحفّاظ(1) لا يُستهان بهم وبعدَّتهم منهم:

1- الحافظ أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي المتوفّى بمصر 353 ه، في كتابه «السنن الصِّحاح» جعل في آخر كتاب الحجّ باب «ثواب مَنْ زار قبر النبيّ»، ولم يذكر في الباب هذا الحديث.

قال السبكي في «شفاء السقام، ص 16»: وذلك منه حكمٌ بأنَّه مجمعٌ على صحَّته بمقتضى الشّرط الذي شرطه في الخطبة، وابن السكن هذا إمامٌ، حافظٌ، ثقةٌ، كثير الحديث، واسع الرِّحلة، إلخ.

قال في خطبة كتابه: أمّا بعد، فإنَّك سألتني أن أجمع لك ما صحَّ عندي من السنن المأثورة التي نقلها الأئمَّة من أهل البلدان، الذين لا يطعن عليهم طاعن فيما نقلوه، فتدَّبرت ما سألتني عنه فوجدتُ جماعة من الأئمّة قد تكلّفوا ما سألتني من ذلك، وقد وعيتُ جميع ما ذكروه، وحفظتُ عنهم أكثر ما نقلوه، وإقتديتُ بهم وأجبتك إلى ما سألتني من ذلك، وجعلته أبواباً في جميع ما يحتاج إليه من أحكام المسلمين.

فأوَّل مَنْ نصبَ نفسه لطلب صحيح الآثار البخاري، وتابعه


1- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: أبي نعيم الأصفهاني في تأريخ أصفهان 2: 219، والهيثمي في مجمع الفوائد 4: 2، والزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والسيوطي في الدر المنوثر 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 12: 256/ 34928.

ص: 69

مسلم وأبو داود والنسائي، وقد تصفَّحت ما ذكروه وتدَّبرت ما نقلوه فوجدتهم مجتهدين فيما طلبوه، فما ذكرته في كتابي هذا مجملًا فهو ممّا أجمعوا على صحَّته، وما ذكرته بعد ذلك ممّا يختاره أحدٌ من الأئمَّة الذين سميَّتهم، فقد بيَّنت حجَّته في قبول ما ذكره، ونسبته إلى إختياره دون غيره، وما ذكرته مما يتفرَّد به أحدٌ من أهل النقل للحديث فقد بيَّنت علّته ودللت على إنفراده دون غيره، وباللَّه التوفيق.

2- الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفَّي 360 ه، أخرجه في معجمه الكبير(1).

3- الحافظ أبو بكر محمّد بن إبراهيم المقري الإصبهاني المتوفّى 381 ه، في معجمه.

4- الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385 ه، أخرجه في أماليه.

5- الحافظ أبو نعيم الإصبهاني المتوفَّي 402 ه.

6- القاضي أبو الحسن عليِّ بن الحسن الخلعي الشافعي المتوفّى 492 ه، صاحب «الفوائد».

7- حجَّة الإسلام أبو حامد الغزالي الشافعي المتوفَّي 505 ه، في «إحياء العلوم 1: 246».


1- المعجم الكبير 12: 291.

ص: 70

8- الحافظ إبن عساكر المتوفَّي 571 ه، صاحب «تأريخ الشام».

9- الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفَّي 648 ه.

10- الحافظ يحيى بن علي القرشي الأموي المالكي المتوفّى 662 ه.

11- الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد في كتابه.

12- تقيُّ الدين السبكي الشافعي المتوفَّي 756 ه، فصَّل القول في طرق هذا الحديث وأخرجه من طرق شتَّى وصحَّحه في «شفاء السِّقام: 13 16».

13- السيِّد نور الدين علي بن عبداللَّه الشافعي القاهري السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 396»، ذكره من طرق شتّى، منها طريق الحافظ إبن السكن، فقال: ومقتضى ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث ممّا أجمع على صحَّته. ثمَّ قال: قلتُ: ولهذا نقلَ عنه جماعةٌ منهم الحافظ زين الدّين العراقي:

أنّه صحّحه. إلخ.

14- أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيّة»، وقال: صحّحه إبن السكن.

15- الشيخ محمّد الخطيب الشربيني المتوفّى 977 ه، في «مغني

ص: 71

المحتاج، شرح المنهاج 1: 494»، وقال: رواه إبن السكن في سننه الصّحاح المأثورة.

16- الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1078 ه، في «مجمع الأنهر 1: 157».

(3)

عن عبداللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ حجّ فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي»(1)، وفي غير واحد من طرقه زيادة:

«وصحبني»، أخرجه جمعٌ من الحفّاظ منهم:

1- الحافظ عبد الرزّاق أبو بكر الصنعاني المتوفّى 211 ه.

2- الحافظ أبو العبّاس الحسن بن سفيان الشيباني المتوفّى 303 ه.

3- الحافظ أبو يعلى أحمد بن عليّ الموصلي المتوفّى 307 ه، في مسنده.

4- الحافظ أبو القاسم عبداللَّه بن محمّد البغوي المتوفّى 317 ه.

5- الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى 360 ه(2).


1- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، والألباني في أرواء الغليل 4: 335، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، وابن حجر في المطالب العالية: 1254، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12368.
2- المعجم الكبير 12: 407.

ص: 72

6- الحافظ أبو أحمد بن عدي المتوفّى 365 ه، في «الكامل»(1).

7- الحافظ أبو بكر محمّد بن إبراهيم المقري المتوفّى 381 ه.

8- الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385 ه، في سننه(2) وغيرها.

9- الحافظ أبو بكر البيهقي الموفّي 458 ه، في سننه 5: 246».

10- الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفّى 571 ه، في تأريخه.

11- الحافظ ابن الجوزي المتوفّى 597 ه، في «مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن».

12- الحافظ أبو عبداللَّه ابن النجّار البغدادي المتوفّى 643 ه، في كتابه «الدرَّة الثمينة في أخبار المدينة».

13- الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى 648 ه.

14- الحافظ أبو محمَّد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705 ه.

15- أبو الفتح أحمد بن محمَّد بن أحمد الحدّاد في كتابه.

16- الحافظ أبو الحسين المصري.


1- الكامل في الضعفاء 2: 790.
2- سنن الدار قطني 2: 278/ 193.

ص: 73

17- وليُّ الدين الخطيب التبريزي في «مشكاة المصابيح» المؤلَّف 737 ه، في باب حرم المدينة، في الفصل الثالث.

18- تقيّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، بسط القول في طرقه في «شفاء السِّقام: 16 21، ورواه عن كثير من هؤلاء الحفّاظ المذكورين وغيرهم.

19- الشيخ شعيب عبد اللَّه المصري الحريفيش المتوفّى 801 ه، في «الرّوض الفائق 2: 137».

20- السيِّد نور الدّين السمهودي المتوفّى 911 ه، فصَّل القول في طرقه في «وفاء الوفاء 2: 397».

21- الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفّى 911 ه، في «الجامع الكبير كما في ترتيبه 8: 99».

22- قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المتوفّى 1069 ه، في «شرح الشفاء للقاضي عياض 3: 567».

23- الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1078 ه، في «مجمع الأنهر 1: 157».

24- الشيخ محمّد الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 325».

25- السيّد محمّد بن عبد اللَّه الدمياطي الشافعي المتوفّى 1307 ه، في «مصباح الظلام 2: 144».

(4)

عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ حَجَّ البيت ولم يزرني فقد

ص: 74

جفاني»(1)، أخرجه جمعٌ منهم:

1- الحافظ أبو حاتم محمّد بن حبّان التميمي البستي المتوفّى 354 ه، في «الضعفاء».

2- الحافظ ابن عدي المتوفّى 365 ه، في «الكامل»(2).

3- الحافظ الدار قطني المتوفّى 385 ه، في كتابه (3) أحاديث مالك التي ليست في الموطَّأ.

4- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 765 ه، من غير طريق في «شفاء السقام: 22»، وردَّ حكم ابن الجوزي على الحديث بالوضع.

5- السيِّد نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 398».

6- أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة» نقلًا عن ابن عدي، وابن حبّان، والدار قطني.

7- الشيخ إسماعيل الجراحي العجلوني المتوفّى 1162 ه، في «كشف الخفاء 2: 278»، نقلًاعن ابن عدي، وابن حبّان، والدار قطني.


1- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: ابن الجوزي في الموضوعات 2: 217، والقيسراني في تذكرة الموضوعات: 791، والألباني في السلسلة الضعيفة: 45، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12369.
2- الكامل في الضعفاء 7: 2480.
3- سنن الدار قطني 2: 278.

ص: 75

8- السيِّد المرتضى الزبيدي الحنفي المتوفّى 1205 ه، في «تاج العروس 10: 74».

9- الشيخ محمّد الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 325».

(5)

عن عمر مرفوعاً: «مَنْ زار قبري «أو مَنْ زارني» كُنتُ له شفيعاً «أو شهيداً»(1)، ومن مات في أحد الحرمين بعثه اللَّه عزَّوجلَّ في الآمنين يوم القيامة»(2)، أخرجه:

1- الحافظ أبو داود الطيالسي المتوفّى 204 ه، في مسنده 1: 12.

2- الحافظ أبو نعيم الإصبهاني المتوفّى 430 ه.

3- الحافظ البيهقي المتوفّى 458 ه، في «السنن الكبرى 5: 245».


1- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: السيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 72 والدر المنثور 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12371، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والعجلوني في كشف الخفاء 2: 346.
2- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الدارقطني في سننه 2: 278/ 193، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237 و 2: 55، والفتني في تذكرة الموضوعات: 72، والمتقي الهندي في كنز العمال 12: 271/ 35005، والزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416.

ص: 76

4- الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفّى 571 ه، في «تأريخ الشام».

5- الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى 648 ه.

6- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السقام 9: 22».

7- نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 399».

8- أبو العبّاس القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة».

9- الحافظ ابن الدبيع المتوفّى 944 ه، في «تمييز الطيّب: 162».

10- زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى 1031 ه، في «كنوز الحقائق: 141».

11- الشيخ إسماعيل العجلوني المتوفّى 1162 ه، في «كشف الخفاء 2: 278».

(6)

عن حاطب بن أبي بلتعة مرفوعاً: «مَنْ زارني بعد موتي فكأنَّما زارني في حياتي، ومَنْ مات في أحد الحرمين بُعث يوم

ص: 77

القيامة من الآمنين»(1)، أخرجه:

1- الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385 ه، في «السنن»(2).

2- الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458 ه(3).

3- الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفّى 571 ه.

4- الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى 648 ه.

5- الحافظ أبو محمَّد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705 ه.

6- أبو عبد اللَّه العبدري المالكي ابن الحاجّ المتوفّى 737 ه، في «المدخل».

7- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السقام 9: 25».

8- الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801 ه، في «الروض الفائق 2: 137».


1- وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 266، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12372، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 117، والسيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 159.
2- سنن الدار قطني 2: 278/ 193.
3- السنن الكبرى 5: 245.

ص: 78

9- نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 399».

10- أبو العبّاس القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة» عن البيهقي.

11- الجراحي العجلوني المتوفّى 1162 ه، في «كشف الخفاء 2:

551»، عن ابن عساكر والذهبي، وحكى عن الأخير إنَّه قال: إنَّ هذا الحديث من أجود أحاديث الباب إسناداً.

12- الشيخ محمَّد الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 325».

13- الشيخ محمَّد بن درويش الحوت البيروتي المتوفّى 1276 ه، في «حسن الأثر: 246».

(7)

عن عبداللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ حجَّ حجَّة الإسلام وزار قبري، وغزا غزوةً وصلّى عليَّ في بيت المقدس، لم يسأله اللَّه عزَّ وجلَّ فيما إفترض عليه»(1).


1- وأخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الشوكاني في الفوائد المجموعة: 109، والفتني في تذكرة الموضوعات: 73، الألباني في السلسلة الضعيفة: 204، والقاضي عياض المالكي مِن الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.

ص: 79

أخرجه الحافظ محمَّد بن الحسين بن أحمد أبو الفتح الأزدي المتوفّى 374 ه، في فوائده، ورواه عنه الحافظ السلفي أبو طاهر الإصبهاني المتوفّى 576 ه، بإسناده، وأخرجه بالطريق المذكور تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السقام: 25»، وذكره السيِّد السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 400»، والشيخ محمَّد بن علي الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 326».

(8)

عن أبي هريرة مرفوعاً: «مَنْ زارني بعد موتي فكأنَّما زارني وأنا حيُّ، ومَنْ زارني كنتُ له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة»، أخرجه:

1- الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه المتوفّى 416 ه.

2- الحافظ أبو سعد أحمد بن محمَّد بن الحسن الإصبهاني المتوفّى 540 ه.

3- أبو الفتوح سعيد بن محمَّد اليعقوي في فوائده سنة 552.

4- الحافظ أبوسعد عبدالكريم السمعاني الشافعي المتوفّى 562 ه.

5- ابن الأنماطي إسماعيل بن عبداللَّه الأنصاري المالكي المتوفّى 619 ه.

6- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السقام: 26».

ص: 80

7- السيِّد نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 400».

(9)

عن أنس بن مالك مرفوعاً: «مَنْ زارني بالمدينة مُحتسباً كنت له شفيعاً».

وفي رواية اخرى عنه أيضاً:

«مَنْ مات في أحد الحرمين بُعث من الآمنين يوم القيامة، ومَنْ زارني مُحتسباً إلى المدينة كان في جواري يوم القيامة».

وفي لفظ ثالث له زيادة: «وكنتُ له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».

أخرجته امَّةٌ من الحفّاظ(1)، منهم:

1- ابن أبي فُديك محمَّد بن إسماعيل المتوفّى 200 ه.

2- ابن أبي الدنيا أبو بكر القرشي المتوفّى 281 ه.

3- الحافظ أبو عبد اللَّه الحاكم النيسابوري المتوفّى 405 ه(2).

4- الحافظ أبوبكر البيهقي المتوفّى 458 ه، في «شعب الإيمان»(3).


1- أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416 و 10: 364، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 652/ 42584، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237.
2- مستدرك الصحيحين 3: 416.
3- شعب الإيمان 6: 216.

ص: 81

5- القاضي عياض المالكي المتوفّى 544 ه، في «الشفاء»(1).

6- الحافظ عليُّ بن الحسن، الشهير بابن عساكر، المتوفّى 571 ه.

7- الحافظ ابن الجوزي المتوفّى 597 ه، في «مثير الغرام الساكن».

8- الحافظ عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705 ه.

9- أبو عبداللَّه العبدري المالكي ابن الحاجّ المتوفّى 737 ه، في «المدخل 1: 261».

10- شمس الدين أبو عبداللَّه الدمشقي الحنبلي، المعروف بابن القيِّم الجوزيَّة المتوفّى 751 ه، في «زاد المعاد 2: 47».

11- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السِّقام: 27».

12- السيِّد نور الدين السَّمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 400».

13- أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة».

14- جلال الدين السيوطي المتوفّى 911 ه، في «الجامع الكبير» كما في ترتيبه 8: 99.


1- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.

ص: 82

15- الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1078 ه، في «مجمع الأنهر 1: 157»، بلفظ: «مَنْ زارني إلى المدينة متعمِّداً كان في جواري إلى يوم القيامة».

16- الشيخ محمَّد الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 326».

17- أبو عبداللَّه الزرقاني المالكي المتوفّى 1122 ه، في «شرح المواهب 8: 299».

18- الجراحي العجلوني المتوفّى 1162 ه، في كشف الخفاء 2: 251.

19- السيِّد أحمد الهاشمي في مختار الأحاديث النبويّة: 169.

20- السيِّد محمَّد بن عبداللَّه الدمياطي الشافعي المتوفّى 1307 ه، في «مصباح الظلام 2: 144».

21- الشيخ منصور علي ناصف في «التاج 2: 216».

(10)

عن أنس بن مالك مرفوعاً: «مَنْ زارني ميِّتاً فكأنَّما زارني حيّاً، ومَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة، وما مِنْ أحدٍ من امَّتي له سعة ثمَّ لم يزرني فليس له عذرٌ»، أخرجه:

1- الحافظ أبو عبداللَّه محمَّد بن محمود إبن النجّار المتوفّى 643 ه، في كتابه «الدرَّة الثمينة في فضائل المدينة».

2- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السِّقام: 28».

3- الحافظ زين الدين العراقي المتوفّى 806 ه، أشار إليه كما في

ص: 83

«المواهب».

4- السيِّد نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 400».

5- أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة».

6- العجلوني المتوفّى 1162 ه، في «كشف الخفاء 3: 278».

(11)

عن ابن عبّاس مرفوعاً: «مَنْ زارنِي في مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومَنْ زارني حتّى ينتهي إلى قبري كنتُ له يوم القيامة شهيداً»، أو قال: «شفيعاً».

أخرجه الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّى 322 ه، في كتاب «الضعفاء» في ترجمة فضالة بن سعيد المازني، والحافظ ابن عساكر المتوفّى 571 ه، كما في «شفاء السِّقام: 21»، و «وفاء الوفاء 2: 401» و «نيل الأوطار، للشوكاني 4: 325، 326».

(12)

عن عليّ أمير المؤمنين مرفوعاً وغير مرفوع: «مَنْ زار قبري بعد مماتي فكأنَّما زارني في حياتي، ومَنْ لم يزر قبري فقد

ص: 84

جفاني»(1)، أخرجه:

1- أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر الحسني في كتابه «أخبار المدينة».

2- أبو سعيد عبد الملك بن محمَّد النيسابوري الخر كوشي المتوفّى 406 ه، في «شرف المصطفى».

3- الحافظ ابن عساكر المتوفّى 571 ه.

4- الحافظ أبو عبد اللَّه ابن النجّار المتوفّى 643 ه، في كتاب «الدرَّة الثمينة».

5- الحافظ عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705 ه.

6- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السّقام: 29».

7- الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801 ه، في «الروض الفائق 2: 137».

8- السيّد نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 401».

9- زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى 1031 ه، في «كنوز الحقائق: 141».


1- أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: البيهقي في سنة الكبرى 5: 245، والطبراني في معجمه الكبير 12: 406، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، وابن حجر في المطالب العالية: 1253.

ص: 85

(13)

عن بكر بن عبداللَّه مرفوعاً: «مَنْ أتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة، ومَنْ مات في أحد الحرمين بُعث آمناً».

أخرجه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسني في كتابه «أخبار المدينة» كما في «شفاء السِّقام، للسبكي: 30»، و «وفاء الوفاء، للسمهودي 2: 402».

(14)

عن عبداللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ زارني بعد موتي فكأنّما زارني في حياتي»(1)، أخرجه:

1- الحافظ سعيد بن منصور النسائي أبو عثمان الخراساني المتوفّى 227 ه(2).

2- الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى 260 ه(3).


1- أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 266، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12372، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 117، والعجلوني في كشف الخفاء 2: 347، والسيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 159.
2- سنن ابن منصور 2: 116.
3- المعجم الكبير 12: 406.

ص: 86

3- الحافظ أبو أحمد بن عدي المتوفّى 365 ه(1).

4- الحافظ أبو الشيخ الأنصاري المتوفّى 369 ه.

5- الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385 ه(2).

6- الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458 ه(3).

7- القاضي عياض المالكي المتوفّى 544 ه(4).

8- قاضي القضاة الخفاجي الحنفي المتوفّى 1069 ه، في «شرح الشفاء 3: 565»، نقله عن البيهقي والدار قطني والطبراني وابن منصور.

9- زين الدين عبد الرؤف المناوي المتوفّى 1031 ه، في «كنوز الحقائق: 141»، بلفظ: «مَنْ زار قبري بعد موتي».

10- العجلوني المتوفّى 1162 ه، في «كشف الخفاء 2: 251»، نقلًا عن أبي الشيخ والطبراني وابن عدي والبيهقي.

(15)


1- الضعفاء 6: 2350.
2- سنن الدار قطني 2: 278/ 193.
3- السنن الكبرى 5: 245.
4- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.

ص: 87

عن ابن عبّاس مرفوعاً: «مَنْ حجَّ إلى مكّة ثمَّ قصدني في مسجدي كُتبت له حجّتان مبرورتان».

أخرجه الفردوس في مسنده كما في «وفاء الوفاء 2: 401»، و «نيل الأوطار 4: 326».

(16)

عن رجل من آل الخطَّاب مرفوعاً: «مَنْ زارني متعمِّداً كان في جواري يوم القيامة، ومَنْ مات في أحد الحرمين بعثه اللَّه في الآمنين جمن الآمنين ج» وزاد الشحامي عقب قوله جيوم القيامةج:

«ومَنْ سكن المدينة وصبر على بلائها كنتُ له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».

روي بإسنادٍ فيه مِن الحفّاظ(1):

1- الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّى 322 ه.

2- الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385 ه(2).

3- الحافظ أبو عبداللَّه الحاكم المتوفّى 405 ه.

4- الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458 ه، في «شعب الإيمان».

5- الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفّى 571 ه.

6- الحافظ أبو محمّد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705 ه،


1- أخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 136/ 12373.
2- سنن الدار قطني 2: 278.

ص: 88

وأخرجه من طريق هؤلاء الحفّاظ.

7- وليُّ الدين الخطيب العمري التبريزي في «مشكاة المصابيح»، المؤلَّف 737 ه، في باب حرم المدينة في الفصل الثالث.

8- تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756 ه، في «شفاء السِّقام: 24»، وقال: مرسلٌ جيِّدٌ، ورواه عنه.

السيِّد نور الدين السمهودي في «وفاء الوفاء 2: 399».

(17)

عن عبداللَّه بن عمر مرفوعاً: «مَنْ زارني إلى المدينة كُنتُ له شهيداً وشفيعاً».

أخرجه الحافظ الدار قطني بإسناده في «السنن»(1) كما «وفاء الوفاء 2: 398».

(18)

رُوي عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: «مَنْ وجد سعةً ولم يفد جيغد ج إليَّ فقد جفاني»(2).

ذكره ابن فرحون في مناسكه، والغزالي في «الإحياء 1: 246»،


1- لم أعثر عليه في الطبعة المتوفّرة لدينا من سنن الدار قطني.
2- وأخرجه أيضاً الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75.

ص: 89

والقسطلاني في «المواهب اللدنيَّة»، والعجلوني في «كشف الخفاء 2: 278».

(19)

قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ زارني بعد وفاتي وسلّم عليَّ ردّدتُ عليه السَّلام عشراً، وزاره عشرة من الملائكة، كلّهم يسلّمون عليه، ومَنْ سلّم عليَّ في بيته ردَّ اللَّه تعالى عليَّ روحي حتّى اسلّم عليه».

ذكره الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801 ه، في «الروض الفائق 2: 137».

(20)

عن أبي عبداللَّه محمّد بن العلاء رحمه اللَّه قال: دخلتُ المدينة وقد غلب عليَّ الجوع، فزرتُ قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وسلّمتُ عليه وعلى الشيخين رضي اللَّه عنهما وقلت: يا رسول اللَّه جئت وبي من الفاقة والجوع مالا يعلمه إلّااللَّه عزَّوجلّ وأنا ضيفك في هذه الليلة، ثمَّ غلبني النوم فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه و آله و سلم في المنام فأعطاني رغيفاً فأكلتُ نصفه، ثمَّ إنتبهت من المنام وفي يدي نصفه الآخر، فتحقَّق عندي قول النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ رآني في المنام فقد رآني حقّاً، فإنَّ الشيطان لا يتمثَّل بي، ثمَّ نوديت: يا أبا عبداللَّه! لا يزور قبري

ص: 90

أحدٌ إلّاغُفر له ونال شفاعتي غداً».

ذكره الشيخ شعيب الحريفيش في «الروض الفائق 2: 138»، فقال في المعنى:

مَنْ زارَ قبرَ محمَّدٍنالَ الشَفاعةَ في غَدِ

باللَّه كرِّر ذكرَهُ وحديثَهُ يا مُنشدي

واجعلْ صلاتَكَ دائِماًجَهراً عليهِ تَهتدي

فهو الرَّسولُ المصطفى ذو الجُودِ والكَفِّ النَدي

وهو المشفَّعُ في الورى مِنْ هَولِ يومِ الموعِدِ

والحوضُ مخصوصٌ بِهِ في الحَشِر عَذبِ المورِدِ

صلّى عَليه رَبَّناما لاحَ نحِمُ الفَرْقدِ

(21)

مرفوعاً عنه صلى الله عليه و آله و سلم: «لا عُذرَ لمن كان له سعة من امَّتي ولم يزرني».

رواه الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده في «مجمع الأنهر، في شرح ملتقي الأبحر 1: 157»، وعدَّه من أدلّة الباب من دون غمز فيه.

(22)

عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: «مَنْ زار قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كان في جوارهِ».

ص: 91

أخرجه ابن عساكر كما في «نيل الأوطار، للشوكاني 4: 326».

فلعلّك باخعُ نفسك على آثارِهِم إنْ لَمْ يُؤمِنوا بِهذا الحدِيثِ أسفا(1)

فبأيِّ حديثٍ بعده يُؤمِنون (2)

كلمات أعلام المذاهب الأربعة

حول زيارة النبيِّ الأقدس صلى الله عليه و آله و سلم وهي أربعون كلمة:

1- قال أبو عبداللَّه الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني الشافعي المتوفّى 403 ه، في كتابه (المنهاج في شعب الإيمان) بعد ذكر جملة من تعظيم النبيِّ: فأمّا اليوم فمِن تعظيمه زيارته.

2- قال أبو الحسن أحمد بن محمَّد المحاملي الشافعي المتوفّى 425 ه، في «التجريد»: ويستحبُّ للحاجِّ إذا فرغ من مكّة أن يزور قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم.

3- قال القاضي أبو الطيّب طاهر بن عبداللَّه الطبري المتوفّى 450 ه: ويستحبّ أن يزور النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم بعد أن يحجَّ ويعتمر.

4- قال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي المتوفّى 450 ه، في «الأحكام السلطانيَّة: 105»: فإذا عاد جوليُّ الحاجِ ج سار بهم على طريق المدينة لزيارة قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، ليجمع لهم بين حجّ بيت


1- الكهف: 6.
2- الأعراف: 185.

ص: 92

اللَّه عزَّوجلَّ وزيارة قبر رسول اللَّه، رعايةً لحرمته وقياماً بحقوق طاعته، وذلك وإن لم يكن من فروض الحجِّ فهو من مندوبات الشرع المستحبَّة، وعبادات الحجيج المُستحسنة.

وقال في الحاوي: أمّا زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فمأمورٌ بها ومندوبٌ إليها.

5- حكى عبد الحقِّ بن محمَّد الصقيلي المتوفّى 466 ه، في كتابه جتهذيب الطالب ج عن الشيخ أبي عمران المالكي أنَّه قال: إنَّما كره مالك أن يُقال: زرنا قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم؛ لأنَّ الزيارة مَن شاء فعلها ومَن شاء تركها، وزيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم واجبةٌ. قال عبد الحقِّ: يعني من السنن الواجبة جفي «المدخل 1: 256» ج يريد وجوب السنن المؤكّدة.

6- قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفّى 476 ه، في «المهذَّب»: ويستحبُّ زيارة قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم (1).

7- قال أبو الخطّاب محفوظ بن أحمد الكلوداني، الفقيه البغدادي الحنبلي، المتوفّى 510 ه، في كتاب «الهداية»: وإذا فرغ من الحجِّ استحبَّ له زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وقبر صاحبيه.

8- قال القاضي عياض المالكي المتوفّى 544 ه، في «الشفاء»:

وزيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم سُنَّةٌ مجمعٌ عليها، وفضيلةٌ مُرغَّبٌ فيها. ثمَّ ذكر


1- المهذّب في فقه الإمام الشافعي 1: 240.

ص: 93

عدّة من أحاديث الباب فقال: قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: وممّا لم يزل مِنْ شأن مَنْ حجَّ المزور(1) بالمدينة، والقصد إلى الصَّلاة في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، والتبرّك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطن قدميه والعمود الذي إستند إليه ومنزل جبريل بالوحي فيه عليه، ومَنْ عمره وقصده من الصحابة وأئمَّة المسلمين؛ والإعتبار بذلك كلّه(2).

9- قال ابن هبيرة المتوفّى 560 ه، في كتاب «إتِّفاق الأئمَّة»:

إتَّفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم اللَّه تعالى على أنَّ زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم مستحبة «المدخل، لابن الحاجّ 1: 256».

10- عقد الحافظ إبن الجوزي الحنبلي المتوفّى 597 ه، في كتابه «مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن» باباً في زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وذكر حديثي ابن عمر وأنس المذكورين في أحاديث الباب.

11- قال أبو محمَّد عبد الكريم بن عطاء اللَّه المالكي المتوفّى 612 ه، في مناسكه: فصلٌ: إذا كمل لك حجّك وعمرتك على الوجه المشروع، لم يبق بعد ذلك إلّاإتيان مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم للسَّلام على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، والدعاء عنده، والسَّلام على صاحبيه،


1- قيل: بكسر الميم، وسكون الزاء وفتح الواو، مصدر ميمي بمعنى الزيارة شرح الشفاءللخفاجي. «المؤلّف».
2- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 197.

ص: 94

والوصول إلى البقيع وزيارة مافيه من قبور الصحابة والتابعين، والصَّلاة في مسجد الرَّسول، فلا ينبغي للقادر على ذلك تركه.

12- قال أبو عبداللَّه محمَّد بن عبداللَّه بن الحسين السامري الحنبلي، المعروف بابن أبي سنينة المتوفّى 616 ه، في كتاب «المستوعب»: باب زيارة قبر الرَّسول صلى الله عليه و آله و سلم. وإذا قدم مدينة الرَّسول صلى الله عليه و آله و سلم استحبَّ له أن يغتسل لدخولها. ثمَّ ذكر أدب الزيارة، وكيفيَّة السّلام والدُّعاء والوداع.

13- قال الشيخ موفّق الدين عبداللَّه بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفَّي 620 ه، في كتابه المغني (1): فصلٌ: يستحبُّ زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، ثمَّ ذكر حديثَي ابن عمر وأبي هريرة من طريق الدار قطني وأحمد.

14- قال محيي الدين النووي الشافعي المتوفَّي حدود 677 ه، في «المنهاج» المطبوع بهامش شرحه المغني: ج 1، ص 494: ويسنُّ شرب ماء زمزم، وزيارة قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بعد فراغ الحجّ.

15- قال نجم الدين بن حمدان الحنبلي المتوفّى 695 ه، في «الرّعاية الكبرى» في الفروع الحنبليَّة: ويسنّ لمن فرغ عن نسكه زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وقبر صاحبيه رضي اللَّه عنهما، وله ذلك بعد


1- شرح مختصر الخرقي في فروع الحنابلة، تأليف الشيخ أبي القاسم عمر الحنبلي المتوفّى 334 ه، والشرح المذكور من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها. «المؤلّف».

ص: 95

فراغ حجِّة وإن شاء قبل فراغه.

16- قال القاضي الحسين: إذا فرغ من الحجِّ فالسنَّة أن يقف بالملتزم ويدعو، ثمَّ يشرب من ماء زمزم، ثمَّ يأتي المدينة ويزور قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم: (الشفاء)(1).

17- قال القاضي أبو العبّاس أحمد السروجي الحنفي المتوفَّي 710 ه، في «الغاية»: إذا انصرف الحاجّ والمعتمرون من مكّة فليتوجَّهوا إلى طيبة مدينة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وزيارة قبره، فإنَّها من أنجح المساعي.

18- قال الإمام القدوة إبن الحاجّ محمَّد بن محمَّد العبدري القيرواني المالكي المتوفّى 737 في جالمدخل ج في فصل زيارة القبور 1: 257 وأمّا عظيم جناب الأنبياء والرُّسل صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين فيأتي إليهم الزائر، ويتعيَّن عليه قصدهم من الأماكن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتَّصف بالذلِّ والإنكسار والمسكنة، والفقر والفاقة والحاجة، والإضطرار والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم وإلى مُشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره؛ لأنّهم لا يبلون ولا يتغيّرون، ثمَّ يثني على اللَّه تعالى بما هو أهله، ثمَّ يُصلّي عليهم ويترضّى على أصحابهم، ثمَّ يترّحم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثمَّ يتوسَّل إلى اللَّه تعالى بهم في


1- الشفاء بتعيرف حقوق المصطفى 2: 202.

ص: 96

قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم، ويطلب حوائجه منهم، ويجزم بالإجابة ببركتهم، ويقرِّي حسن ظنِّه في ذلك، فإنَّهم باب اللَّه المفتوح، وجرتْ سنّته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم».

ومَنْ عجز عن الوصول فليرسل بالسَّلام عليهم، ويذكر ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك، فإنَّهم السّادة الكرام، والكرام لا يردُّون مَنْ سألهم، ولا مَنْ توسّل بيهم، ولا مَنْ قصدهم، ولا مَنْ لجأ إليهم. هذا الكلام في زيارة الأنبياء والمرسلين عليهم الصَّلاة والسَّلام عموماً.

ثمَّ قال: فصلٌ: وأمّا في زيارة سيِّد الأوَّلين والآخرين صلوات اللَّه عليه وسلامه، فكلُّ ما ذكر يزيد عليه أضعافه، أعني في الإنكسار والذلّ والمسكنة؛ لأنَّه الشافع المُشفَّع الذي لا تردُّ شفاعته، ولا يخيب مَنْ قصده، ولا مَنْ نزل بسحاته، ولا مَنْ استعان أو استغاث به، إذ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قطب دائرة الكمال وعروس المملكة.

إلى أن قال: فمن توسَّل به، أو استغاث به، أو طلب حوائجه منه، فلا يُردُّ ولا يخيب؛ لما شهدت به المعاينة والآثار، ويحتاج إلى الأدب الكلِّي في زيارته عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد قال علماؤنا رحمة اللَّه عليهم: إنَّ الزائر يشعر نفسه بأنَّه واقفٌ بين يديه عليه الصَّلاة والسَّلام كما هو في حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته، أعني

ص: 97

في مشاهدته لُامّته ومعرفته بأحوالهم ونيّاتهم وعزائمهم وخواطرهم، ذلك عنده جليٌّ لا خفاء فيه.

إلى أن قال: فالتوسّل به عليه الصَّلاة والسَّلام هو محلّ حطّ أحمال الأوزار، وأثقال الذنوب والخطايا؛ لأنَّ بركة شفاعته عليه الصَّلاة والسَّلام وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنبٌ، إذ أنَّها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره، وليلجأ إلى اللَّه تعالى بشفاعة نبيِّه عليه الصَّلاة والسَّلام من لم يزره، اللّهمَّ لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك آمين ربّ العالمين.

ومَنْ اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول اللَّه عزَّوجلَّ:

ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسهم جؤك فاستغفروا اللَّه واستغفر لهم الرَّسول(1) الآية؟ فمَن جاءه ووقف ببابه وتوسّل به وجد اللَّه توّاباً رحيماً؛ لأنَّ اللَّه مُنزَّهٌ عن خلف الميعاد، وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله وإستغفر ربّه، فهذا لا يشكُّ فيه ولا يرتاب إلّاجاحدٌ للدين معاندٌ للَّه ولرسوله صلى الله عليه و آله و سلم، نعوذ باللَّه من الحرمان.

19- ألَّفَ الشيخ تقيّ الدين السبكي الشافعي المتوفّى 756 ه، كتاباً حافلًا في زيارة النبيِّ الأعظم في 187 صحيفة وأسماه (شفاء السِّقام في زيارة خير الأنام) ردّاً على ابن تيميّة، وذكر كثيراً من


1- النساء: 64.

ص: 98

أحاديث الباب، ثمَّ جعل باباً في نصوص العلماء من المذاهب الأربعة على إستحبابها، وانَّ ذلك مجمعٌ عليه بين المسلمى.

وقال في ص 48: لا حاجة إلى تتّبع كلام الأصحاب في ذلك مع العلم بإجماعهم وإجماع سائر العلماء عليه، والحنفيّة قالوا: إنَّ زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم من أفضل المندوبات والمستحبّات، بل يقرب من درجة الواجبات، وممَّن صرَّح بذلك أبو منصور محمّد بن مكرم الكرماني في مناسكه؛ وعبداللَّه بن محمود بن بلدحي في شرح المختار، وفي فتاوى أبي الليث السمر قندي في باب أداء الحجّ.

وقال في ص 59: كيف يتخيَّل في أحد من السَّلف منعهم من زيارة المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم وهم مجمعون على زيارة سائر الموتى، وسنذكر ذلك وما ورد من الأحاديث والآثار في زيارتهم.

وحكى في ص 61 عن القاضي عياض وأبي زكرّيا النووي إجماع العلماء والمسلمين على استحباب الزيارة.

وقال ص 63: وإذا استحبَّ زيارة قبر غيره صلى الله عليه و آله و سلم فقبره أولى؛ لما له من الحقِّ ووجوب التعظيم.

فإن قلتَ: الفرق جيعني بين زيارة قبر النبيِّ وغيره ج أنَّ غيره يُزار للإستغفار له؛ لاحتياجه إلى ذلك كما فعل النبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم في زيارته أهل البقيع، والنبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم مُستغنٍ عن ذلك.

قلتُ: زيارته صلى الله عليه و آله و سلم إنَّما هي لتعظيمه والتبرُّك به، ولتنالنا الرَّحمه بصلاتنا وسلامنا عليه، كما إنّا مأمورون بالصّلاة عليه والتسليم

ص: 99

وسؤال الوسيلة، وغير ذلك ممّا يعلم أنَّه حاصلٌ له صلى الله عليه و آله و سلم بغير سؤالنا، ولكنَّ النبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم أرشدنا إلى ذلك لنكون بدعائنا له متعرِّضين للرَّحمة التي رتَّبها اللَّه على ذلك.

فإن قلتَ: الفرق أيضاً أنَّ غيره لا يُخشى فيه محذورٌ، وقبره صلى الله عليه و آله و سلم يُخشى الإفراط في تعظيمه أن يُعبد.

قلتُ: هذا كلامٌ تقشعرُّ منه الجلود، ولولا خشية إغترار الجهّال به لماذكرته، فإنّ فيه تركاً لما دلّت عليه الأدلّة الشرعيّة بالآراء الفاسدة الخياليَّة، وكيف تقدّم على تخصيص قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «زوروا القبور»(1)؟ وعلى ترك قوله: «مَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي»(2)؟ وعلى مخالفة إجماع السّلف والخلف بمثل هذا الخيال الذي لم يشهد به كتاب ولا سنَّة؟ بخلاف النهي عن أتِّخاذه مسجداً، وكون الصحابة إحترزوا عن ذلك المعنى المذكور؛ لأنَّ ذلك قد ورد النهي فيه، وليس لنا أن نشرِّع أحكاماً من قبلنا، أم لهم شركاء


1- صحيح مسلم 2: 672/ 977، سنن أبي داود 2: 218- 219، باب زيارة القبور، سنن الترمذي 3: 370/ 1054، سنن النسائي 4: 89 باب زيارة القبور، مسند أحمد 2: 441، سنن البيهقي 4: 70 و 76، مصنّف ابن أبي شيبة 3: 343.
2- تلخيص الحبير 2: 267، اللآلي المصنوعة 2: 64، الدر المنثور 1: 237، الدررالمنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 158، مجمع الزوائد 4: 2، أتحاف السّادة المتقين 4: 417 و 10: 363، تذكرة الموضوعات: 75، كنز العمال 15: 651/ 42582، الكامل في الضعفاء 6: 2350، سنن الدار قطني 2: 278/ 194، السنن الكبرى 2: 177، الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 195.

ص: 100

شرّعوا لهم من الدِّين مالم يأذن به اللَّه؟

فَمَنْ منع زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فقد شرّع من الدين والتعظيم والوقوف عند الحدّ الذي لا يجوز مجاوزته بالأدلَّة الشرعيَّة، وبذلك يحصل الأمر من عبادة غير اللَّه تعالى، ومَنْ أراد اللَّه ضلاله من أفراد من الجهّال فلن يستطيع أحدٌ هدايته.

فمَنْ ترك شيئاً من التعظيم المشروع لمنصب النبوَّة زاعماً بذلك الأدب مع الريوبيّة، فقد كذب على اللَّه تعالى، وضيَّع ما أمر به في حقّ رسله، كما أنَّ مَنْ أفرط وجاوز الحدَّ إلى جانب الربوبيَّة فقد كذب على رسل اللَّه، وضيَّع ما امروا به في حقِّ ربِّهم سبحانه وتعالى، والعدل حفظ ما أمر اللَّه به في الجانبين، وليس في الزِّيارة المشروعة من التعظيم ما يُفضي إلى محذور.

وعقدَ في ص 75 87 باباً في كون السفر إلى الزِّيارة قربةً، وبسط القول فيه، وأثبته بالكتاب والسنَّة والإجماع والقياس، وإستدلَّ عليه من الكتاب بقوله تعالى: ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا اللَّه وإستغفر لهم الرَّسول لوجدوا اللَّه توّاباً رحيماً(1) بتقريب صدق المجيي ء وعدم فرق بين حياته صلى الله عليه و آله و سلم ومماته.

ومِنْ السنَّة بعموم قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «من زار قبري»(2)، وصريح


1- النساء: 64.
2- أخرجه الدار قطني في سننه 2: 287/ 194، والبيهقي في سننه الكبرى 2: 177، والقاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 195، والشوكاني في نيل الأوطار 4: 325، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 267، والسيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 64 والدر المنثور 1: 237 و الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 158، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، والزبيدي في أتحاف السّادة المتّقين 4: 417 و 10: 363، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 651/ 42582.

ص: 101

صحيحة ابن السكن: «مَنْ جاءني زائراً لا تعمله حاجة إلّا زيارتي»(1)، وبما دلَّ من السنَّة على خروج النبيِّ من المدينة لزيارة القبور، وإذا جاز الخروج إلى القريب جاز إلى البعيد، فقد ثبت في صحيح خروجه صلى الله عليه و آله و سلم إلى البقيع (2) بأمرٍ من اللَّه تعالى وتعليم عائشة كيفيَّة السَّلام على أهل البقيع. وخروجه إلى قبور الشهداء(3).

ثمَّ قال: الرابع: الإجماع؛ لاطباق السَّلف والخلف، فإنَّ الناس لم يزالوا في كلِّ عام إذا قضوا الحجَّ يتوجَّهون إلى زيارته صلى الله عليه و آله و سلم، ومنهم مَنْ يفعل ذلك قبل الحجِّ هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة كما ذكرناه في الباب الثالث.

وذلك أمرٌ لا يُرتاب فيه، وكلّهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه،


1- أخرجه في كتابه السنن الصحاح، كما حكاه عنه السبكي في شفاء السقام: 16.
2- أخرجه مسلم في صحيحه. «المؤلّف». أنظر صحيح مسلم 2: 672.
3- أخرجه أبو داود في سننه 1: 319. «المؤلّف».

ص: 102

وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة، وينفقون فيه الأموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أنَّ ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على ممرِّ السنين وفيهم العلماء والصّلحاء وغيرهم، يستحيل أن يكون خطأ، وكلّهم يفعلون ذلك على وجه التقرُّب به إلى اللَّه عزَّوجلَّ، ومن تأخَّر عنه من المسلمين فإنَّما يتأخَّر بعجز أو تعويق المقادير مع تأسّفه عليه وودِّه لو تيسَّر له، ومَنْ إدَّعى أنَّ هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطي ء.

20- قال زين الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر القريشي العثماني المصري المراغي المتوفّى 816 ه، في (تحقيق النصرة في تأريخ دار الهجرة): وينبغي لكلِّ مسلم إعتقاد كون زيارته صلى الله عليه و آله و سلم قربةً عظيمةً، للأحاديث الواردة في ذلك، ولقوله تعالى:

ولو أنَّهم إذ ظلموا جاؤك فاستغفروا اللَّه وإستغفر لهم الرَّسول (1) الآية؛ لأنّ تعظيمه لا ينقطع بموته.

ولا يقال: إنَّ إستغفار الرَّسول لهم إنَّما هو في حياته وليست الزيارة كذلك؛ لما أجاب به بعض الأئمَّة المحقِّقين أنَّ الآية دلّت على تعليق وجدان اللَّه تعالى توّاباً رحيماً بثلاثة امور: المجيي ء، وإستغفارهم، وإستغفار الرَّسول لهم. وقد حصل إستغفار الرَّسول


1- النساء: 64.

ص: 103

لجميع المؤمنين؛ لأنَّه قد إستغفر للجميع قال اللَّه تعالى: وإستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات (1)، فإذا وجد مجيئهم وإستغفارهم كملت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة اللَّه تعالى ورحمته. (المواهب اللدنيَّة للقسطلاني).

21- قال السيِّد نور الدين السَّمهودي المتوفّى 911 ه، في «وفاء الوفاء 2: 412»، بعد ذكر أحاديث الباب: وأمّا الإجماع: فأجمع العلماء على إستحباب زيارة القبور للرِّجال، كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهريَّة بوجوبها.

وقد إختلفوا في النساء وقد إمتاز القبر الشريف بالأدلّة الخاصَّة به كما سبق، قال السبكي: ولهذا أقول إنَّه لا فرق في زيارته صلى الله عليه و آله و سلم بين الرِجال والنساء.

وقال الجمال الريمي في «التقفية»: يُستثنى- أي من محلِّ الخلاف- قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وصاحبيه، فإنَّ زيارتهم مُتسحبَّةٌ للنساء بلا نزاع، كما اقتضاه قولهم في الحجِّ: يُستحبّ لمن حجَّ أن يزور قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، وحينئذٍ فيقال معاياة قبور يستحبُّ زيارتها للنساء بالإتِّفاق، وقد ذكر ذلك بعض المتأخِّرين وهو الدمنهوري الكبير، وأضاف إليه قبور الأولياء والصَّالحين والشهداء، ثمَّ بسط القول في أنَّ السفر للزيارة قربةٌ كالزيارة نفسها.


1- غافر: 55.

ص: 104

22- قال الحافظ أبو العبّاس القسطلاني المصري المتوفّى 923 ه، في «المواهب اللدنيَّة»: الفصل الثاني في زيارة قبره الشَّريف ومسجده المنيف: إعلم أنَّ زيارة قبره الشَّريف من أعظم القربات وأرجى الطاعات والسبيل إلى أعلى الدرجات، ومَنْ إعتقد غير هذا فقد إنخلع من ربقة الإسلام، وخالف اللَّه ورسوله وجماعة العلماء الأعلام، وقد أطلق بعض المالكيَّة وهو أبو عمران الفاسي كما ذكره في «المدخل» عن «تهذيب الطالب» لعبد الحقّ:

أنَّها واجبةٌ، قال: ولعلّه أراد وجوب السُنن المؤكّدة.

وقال القاضي عياض: إنَّها من سُنن المسلمين، مجمعٌ عليها، وفضيلةٌ مرغَّبٌ فيها، ثمَّ ذكر جملةً من الأحاديث الواردة في زيارته صلى الله عليه و آله و سلم فقال: وقد أجمع المسلمون على إستحباب زيارة القبور كما حكاه النووي و أوجبها الظاهريَّة، فزيارته صلى الله عليه و آله و سلم مطلوبةٌ بالعموم والخصوص كما سبق، ولأنَّ زيارة القبور تعظيمٌ، وتعظيمه صلى الله عليه و آله و سلم واجبٌ، ولهذا قال بعض العلماء: لا فرق في زيارته صلى الله عليه و آله و سلم بين الرِّجال والنساء وإن كان محل الإجماع على إستحباب زيارة القبور الرِّجال، وفي النساء خلافٌ، الأشهر في مذهب الشافعي الكراهة.

قال ابن حبيب من المالكيَّة: ولا تدع في زيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم والصَّلاة في مسجده، فإنَّ فيه من الرغبة ما لا غنى بك وبأحد عنه، وينبغي لمن نوى الزيارة أن ينوي مع ذلك زيارة مسجده الشريف

ص: 105

والصَّلاة فيه؛ لأنَّه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشدّ الرحال إلّا إليها، وهو أفضلها عند مالك. وليس لشدِّ الرِّحال إلى غير المساجد الثلاثة فضلٌ؛ لأنَّ الشَّرع لم يجيي ء به، وهذا الأمر لا يدخله قياسٌ؛ لأنّ شرف البقعة إنَّما يُعرف بالنصِّ الصريح عليه، وقد ورد النصُّ في هذه دون غيرها.

وقد صحَّ عن عمر بن عبد العزيز كان يبرد البريد للسَّلام على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، فالسفر إليه قربةٌ، لعموم الأدلَّة، ومَنْ نذر الزيارة وجبت عليه كما جزم به ابن كج من أصحابنا، وعبارته: إذا نذر زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم لزمه الوفاء وجهاً واحداً. إنتهى.

إلى أن قال: وللشيخ تقيِّ الدين إبن تيمية هنا كلامٌ شنيعٌ عجيبٌ، يتضمَّن منع شدِّ الرِّحال للزيارة النبويَّة، وأنَّه ليس من القرب، بل يضدُّ ذلك، وردَّ عليه الشيخ تقيّ الدين السبكي في «شفاء السِّقام»، فشفى صدور المؤمنين.

23- ذكر شيخ الإسلام أبو يحيى زكريّا الأنصاري الشافعي المتوفّى 925 ه، في «أسنى المطالب» شرح «روض الطالب»- لشرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني-: ج 1، ص 501، ما يستحبّ لمن حجَّ وقال: ثمَّ يزور قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم ويسلّم عليه وعلى صاحبيه بالمدينة المشرَّفة، ثمَّ ذكر شطراً من أدلّتها وجملة من آداب الزيارة.

24- قال إبن حجر الهيتمي المكي الشافعي المتوفّى 973 ه، في

ص: 106

كتابه (الجوهر المنظّم في زيارة القبر المكرَّم) ص 12 طسنة 1279 بمصر- بعد ما إستدلَّ على مشروعيَّة زيارة قبر النبيِّ بعدَّة أدلّة منها الإجماع- فإن قلتَ: كيف تحكي الإجماع على مشروعيَّة الزيارة والسفر إليها وطلبها، وابن تيميَّة من متأخِّري الحنابلة منكرٌ لمشروعيَّة ذلك كلّه، كما رآه السبكي في خطِّه؟! وقد أطال ابن تيميَّة الإستدلال لذلك بما تمجه الأسماع، وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السَّفر لها إجماعاً وأنَّه لا تقصّر فيه الصَّلاة، وأنّ جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعةٌ، وتبعه بعض مَنْ تأخَّر عنه من أهل مذهبه.

قلتُ: مَنْ هو ابن تيميَّة؟ حتّى يُنظر إليه أو يُعوَّل في شي ء من امور الدِّين عليه، وهل هو إلّاكما قال جماعة من الأئمَّة- الذين تعقَّبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة، حتَّى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعزّ بن جماعة-: عبدٌ أضلّه اللَّه تعالى وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأراده، وبوَّأه من قوَّة الإفتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان ولقد تصدّى شيخ الإسلام وعالم الأنام، المجمع على جلالته وإجتهاده وصلاحه وإمامته، التقيُّ السبكيُّ قدَّس اللَّه روحه ونوَّر ضريحه، للردِّ عليه في تصنيفُ مستقلّ، أفاد فيه وأجاد، وأصاب وأوضح بباهر حججه طريق الصَّواب.

ص: 107

ثمَّ قال: هذا وما وقع من ابن تيميَّة ممّا ذكر وإن كان عثرةً لاتُقال أبداً، ومصيبةً يستمرُّ شؤمها سرمداً، وليس بعجيب فإنَّه سوَّلت له نفسه وهواه وشيطانه أنَّه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب، وما درى المحروم أنَّه أتى بأقبح المعائب، إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة، وتدارك على أئمَّتهم- سيَّما الخلفاء الراشدين- بإعتراضات سخيفة شهيرة، حتّى تجاوز إلى الجناب الأقدس المنزَّه سبحانه عن كلِّ نقص والمستحقِّ لكل كمال أنفس، فنسب إليه الكبائر والعظائم، وخرق سياج عظمته بما أظهره للعامَّة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل مَنْ لم يعتقد ذلك من المتقدِّمين والمتأخرين، حتّى قام عليه علماء عصره وألزموا السّلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحبسه إلى أن مات، وخمدت تلك البدع، وزالت تلك الضَّلالات، ثمَّ إنتصر لهُ أتباعٌ لم يرفع اللَّه لهم رأساً، ولم يظهر لهم جاهاً ولا بأساً، بل ضُربت عليهم الذلَّة والمسكنة وباءوا بغضب من اللَّه ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.

25- قال الشيخ محمَّد الخطيب الشربيني المتوفّى 977 ه، في «مغني المحتاج: 1، 357»: ومحلّ هذه الأقوال(1) في غير زيارة قبر سيِّد المرسلين، أمّا زيارته فمن أعظم القربات للرِّجال والنساء، وألحقَ الدمنهوري به قبور بقيّة الأنبياء والصّالحين والشهداء،


1- يعني الأقوال في زيارة القبور للنساء من الندب والكراهة والحرمةوالإباحة. «المؤلّف».

ص: 108

وهو ظاهرٌ وإن قال الأذرعي: لم أره للمتقدِّمين، قال ابن شهبة:

فإن صحَّ ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وأخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنَّهم أولى بالصّلة من الصالحين. إنتهى.

والأولى عدم إلحاق بهم، لما تقدَّم من تعليل الكراهة(1).

وقال في ص 494، بعد بيان مندوبيَّة زيارة قبره الشريف صلى الله عليه و آله و سلم وذكر جملةً من أدلّتها: ليس المراد إختصاص طلب الزيارة بالحجِّ، فإنَّها مندوبةٌ مطلقاً كما مرَّ بعد حجّ أو عمرة أو قبلهما أو لامع نسك؛ بل المراد جيعني من قول المصنِّف بعد فراغ الحجِ ج تأكّد الزيارة فيها لأمرين:

أحدهما: أنَّ الغالب على الحجيج الورود من آفاق بعيدة، فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة.

والثاني: لحديث «مَنْ حجَّ ولم يزرني فقد جفاني»، رواه ابن عدي في الكامل(2) وغيره (3). وهذا يدلُّ على أنَّه يتأكّد للحاجِ


1- من أنّها مظنّة لطلب بكائهن و رفع أصواتهن، لما فيهن من رّقة القلب وكثرة الجزع. قال الأميني: هذا التعليل عليل جداً، كما يأتي بيانه في كلمة ابن حجر في زيارة القبور. «المؤلّف».
2- الكامل في الضعفاء 7: 248.
3- منهج الدار قطني في سننه 2: 278، والسبكي في شفاء السقام: 22، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 398، والشوكاني في نيل الأوطار 4: 325، والسيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 72 والدر المنثور 1: 237، والتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12371.

ص: 109

أكثر من غيره، وحكم المعتمر حكم الحاجّ في تأكّد ذلك.

26- قال الشيخ زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى 1031 ه، في شرح الجامع الصغير 6 ص 140: وزيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم الشريف من كمالات الحجِّ، بل زيارته عند الصوفيَّة فرضٌ، وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيّاً. قال الحكيم: زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم هجرة المضطرِّين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضاً فإنصرفوا، فحقيقٌ أن لا يخيّبهم، بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم.

وقال في شرح الحديث الأوَّل المذكور ص 93: إنَّ أثر الزيارة إمّا الموت على الإسلامُ مطلقاً لكلِّ زائر، وإمّا شفاعةٌ تخصُّ الزائر أخصَّ من العامّة، وقوله: شفاعتي» في الإضافة إليه تشريفٌ لها، إذ الملائكة وخواصُّ البشر يشفعون، فللزائر نسبةٌ خاصّةٌ، فيشفع هو فيه بنفسه، والشفاعة تعظم بعظم الزائر.

27- جعل الشيخ حسن بن عمّار الشرنبلالي في «مراقي الفلاح بإمداد الفتاح» فصلًا في زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وقال: زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم من أفضل القربات وأحسن المستحبّات، تقرب من درجة مالزم من الواجبات، فإنَّه صلى الله عليه و آله و سلم حرَّض عليها وبالغ في الندب إليها فقال:

«مَنْ وجد سعةً فلم يزرني فقد جفاني»(1)، وقال صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ زار


1- تدقّمت مصادره في الصفحة.

ص: 110

قبري وجبت له شفاعتي»(1)، وقال صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ زارني بعد مماتي فكأنَّما زارني في حياتي»(2)، إلى غير ذلك من الأحاديث.

وممّا هو مقرّرٌ عند المحقِّقين إنّه صلى الله عليه و آله و سلم حيٌّ يُرزق ممتّعٌ بجميع الملاذِّ والعبادات، غير أنّه حُجب عن أبصار القاصرين عن شرف المقامات، ورأينا أكثر الناس غافلين عن أداء حقِّ زيارته، وما يسنُّ للزائر من الجزئيّات والكليّات أحببنا أن نذكر بعد المناسك وآدابها ما فيه نبذة من الآداب تتميماً لفائدة الكتاب، ثمَّ ذكر شيئاً كثيراً من آداب الزائر والزيارة كما يأتي.

28- وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري المتوفّى 1069 ه، في شرح الشفاء 3 ص 566: وأعلم أنَّ هذا الحديث(3) هو الذي دعا ابن تيميّة ومن معه كابن القيِّم إلى مقالته الشنيعة التي كفّروه بها، وصنّف فيها السبكي مُصنّفاً مستقلًا، وهي منعه من زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وشدّ الرحال إليه، وهو كما قيل:


1- تقدّمت مصادره في الصفحة.
2- تقدّمت مصادره في الصفحة.
3- حديث شدّ الرحال إلى المساجد المؤلّف».

ص: 111

لمهبط الوحي حقّاً ترحل النجبُ وعند ذاك المرجّى ينتهي الطلبُ

فتوهّم أنَّه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها، فإنَّها لا تصدر عن عاقل، فضلًا عن فاضل سامحه اللَّه تعالى.

وأمّا قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «لا تتَّخذوا قبري عيداً»، فقيل: كره الإجتماع عنده في يوم معينّ على هيئة مخصوصة، وقيل: المراد لا تزوره في العام مرَّة فقط، بل أكثروا الزيارة له(1).

وأمّا إحتماله للنهي عنها فهو بفرض أنّه المراد محمولٌ على حالة مخصوصة، أي لا تتَّخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الأعياد، بل لا يُؤتى إلّاللزيارة والسَّلام والدعاء ثمَّ ينصرف.

وقال في صحيفة 577 في شرح حديث: «لا تجعلوا قبري عيداً»: أي كالعيد بإجتماع الناس، وقد تقدَّم تأويل الحديث وأنَّه لا حُجّة فيه لما قاله ابن تيميّة وغيره، فإنَّ إجماع الامّة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه، فإنّه نزعةٌ شيطانيّة.

29- قال الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1087 ه، في (مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر) ج 1 ص 157: من أحسن المندوبات، بل يقرب من درجة الواجبات، زيارة قبر نبيِّنا وسيِّدنا محمّد صلى الله عليه و آله و سلم، وقد حرَّض عليه السلام على زيارته وبالغ في الندب إليها بمثل قوله عليه السلام: «مَنْ زار قبري». فذكرَ ستَّة مِن أحاديث الباب ثمَّ قال:

فإنّ كان الحجُّ فرضاً فالأسن أن يبدأ به إذا لم يقع في طريق الحاجّ


1- هذا المعنى ذكره غير واحد من أعلام القوم المؤلّف».

ص: 112

المدينة المنوَّرة ثمَّ يثني بالزيارة، فإذا نواها فلينوِ معها زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، ثمَّ ذكر جملةً كبيرةً من آداب الزائر.

30- قال الشيخ محمّد بن علي بن محمّد الحصني، المعروف بعلاء الدين الحصكفي الحنفي المفتي بدمشق المتوفّى 1088 ه، في (الدُّرِّ المختار في شرح تنوير الأبصار) في آخر كتاب الحجّ: وزيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم مندوبةٌ بل قيل: واجبةٌ لمن له سعةٌ، ويبدأ بالحجِّ لو فرضاً ويخيّر لو نفلًا مالم يمرُّ به، فيبدأ بزيارته لا محالة، ولينوِ معه زيارة مسجده صلى الله عليه و آله و سلم.

31- قال أبو عبداللَّه محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي المصري المتوفّى 1122 ه، في «شرح المواهب: ج 8، ص 299: قد كانت زيارته مشهورةً في زمن كبار الصحابة معروفةً بينهم؛ لمّا صالح عمر بن الخطاب أهل بيت المقدس جاءه كعب الأحبار فأسلم ففرح به وقال: هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبره صلى الله عليه و آله و سلم وتتمتَّع بزيارته؟ قال: نعم.

32- قال أبو الحسن السندي محمَّد بن عبد الهادي الحنفي المتوفّى 1138 ه، في شرح سنن ابن ماجة 2 ص 268: قال الدميري:

فائدةٌ: زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم من أفضل الطاعات وأعظم القربات، لقوله صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي»(1)(2)(3)(4)، رواه


1- حديث شدّ الرحال إلى المساجد المؤلّف».
2- حديث شدّ الرحال إلى المساجد المؤلّف».
3- هذا المعنى ذكره غير واحد من أعلام القوم المؤلّف».
4- تقدّمت مصادره في الصفحة 61- 62.

ص: 113

الدارقطني وغيره وصحّحه عبد الحقِّ، ولقوله صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ جائني زائراً لا تحمله حاجة إلّازيارتي كان حقّاً عليَّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة»(1)، رواه الجماعة منهم الحافظ أبو علي ابن السكن في كتابه المسّمى بالسنن الصِّحاح، فهذان إمامان صحَّحا هذين الحديثين، وقولهما أولى من قول مَنْ طعن في ذلك.

33- قال الشيخ محمّد بن علي الشوكاني المتوفّى 1250 ه، في «نيل الأوطار 4: 324»: قد إختلفت فيها جفي زيارة النبيِ ج أقوال أهل العلم، فذهب الجمهور إلى أنّها مندوبةٌ، وذهب بعض المالكيَّة وبعض الظاهريَّة إلى أنّها واجبةٌ، وقالت الحنفيَّة: إنّها قريبةٌ من الواجبات، وذهب ابن تيميّة الحنبلي حفيد المصنِّف المعروف بشيخ الإسلام إلى أنّها غير مشروعة، ثمَّ فصَّل الكلام في الأقوال إلى أن قال في آخر كلامه:

وإحتجَّ أيضاً من قال بالمشروعيَّة بأنّه لم يزل دأب المسلمين القاصدين للحجِّ في جميع الأزمان على تباين الديار وإختلاف المذاهب، الوصول إلى المدينة المشرَّفة لقصد زيارته، ويعدّون ذلك من أفضل الأعمال، ولم ينقل أنَّ أحداً أنكر ذلك عليهم فكان إجماعاً.


1- تقدّمت مصادره في الصفحة 67- 68.

ص: 114

34- قال الشيخ محمّد أمين بن عابدين المتوفّى 1253 ه، في (ردِّ المحتار على الدرِّ المختار) عند العبارة المذكورة ج 2 ص 263:

مندوبةٌ بإجماع المسلمين كما في «الباب» إلى أن قال: وهل تستحبّ زيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم للنِّساء؟ الصحيح: نعم بلا كراهة بشروطها على ما صرَّح به بعض العلماء، أمّا على الأصحِّ من مذهبنا- وهو قول الكرخي وغيره من أنَّ الرخصة في زيارة القبور ثابتةٌ للرِّجال والنساء جميعاً- فلا إشكال، وأمّا على غيره فذلك نقول بالإستحباب لإطلاق الأصحاب، جبل قيل: واجبةٌج ذكره في شرح اللباب، وقال: كما بيَّنته في «الدرَّة المضيَّة في الزِّيارة المصطفويَّة» وذكره أيضاً الخير الرملي في حاشية «المنح» عن ابن حجر وقال: وانتصر له. نعم عبارة اللباب والفتح وشرح المختار أنّها قريبةٌ من الوجوب لمن له سعةٌ، إلى أن قال:

قال ابن الهمام: والأولى فيما يقع عند العبد الضعيف تجريد النيّة لزيارة قبره عليه الصّلاة والسّلام، ثمَّ يحصل له إذا قدم زيارة المسجد، أو يستمنح فضل اللَّه تعالى في مرَّة اخرى ينويها؛ لأنَّ في ذلك زيادة تعظيمه صلى الله عليه و آله و سلم وإجلاله. ويوافقه ظاهر ما ذكرناه من قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ جاءني زائراً لا تعمله حاجة اذلّا زيارتي كان حقّاً عليَّ أن أكون شفيعاً له يوم القيامة». إنتهى.

ونقل الرَّحمتي عن العارف الملّا جامي أنّه أفرز الزِّيارة عن الحجِّ حتّى لا يكون له مقصدٌ غيرها في سفره، ثمَّ ذكر حديث: «لا تشدّ الرِّحال إلّالثلاثة مساجد»(1) فقال: والمعنى كما أفاده في «الإحياء»


1- صحيح البخاري 2: 76، صيح مسلم 2: 1014/ 1397، سنن النسائي 2: 73، مسندأحمد 2: 234، المعجم الكبير للطبراني 2: 310.

ص: 115

أنّه لا تُشدّ الرِّحال لمسجد من المساجد إلّالهذه الثلاثة؛ لما فيها من المضاعفة، بخلاف بقيَّة المساجد فإنّها متساويةٌ في ذلك، فلا يردّ أنَّه قد تشدّ الرِّحال لغير ذلك كصلة رحم وتعلّم علم، وزيارة المشاهد كقبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وقبر الخليل عليه السلام وسائر الأئمّة.

35- قال الشيخ محمّد بن السيِّد درويش الحوت البيروتي المتوفّى 1276 ه، في تعليق «حسن الأثر: ص 246»: زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم مطلوبةٌ؛ لأنّه واسطة الخلق، وزيارته بعد وفاته كالهجرة إليه في حياته، ومَنْ أنكرها فإن كان ذلك إنكاراً لها من أصلها فخطاؤه عظيم، وإن كان لما يعرض من الجهلة ممّا لا ينبغي فليبيّن ذلك.

36- قال الشيخ إبراهيم الباجوري الشافعي المتوفّى 1277 ه، في حاشيته على شرح ابن الغزي على متن الشيخ أبي شجاع في الفقه الشافعي ج 1 ص 347: ويسنُّ زيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم ولو لغير حاجّ ومعتمر كالذي قبله، ويسنُّ لمن قصد المدينة الشريفة لزيارته صلى الله عليه و آله و سلم أن يكثر من الصَّلاة والسَّلام عليه في طريقه، ويزيد في ذلك إذا رأى حرم المدينة وأجشارها، ويسأل اللَّه أن ينفعه بهذه الزيارة ويتقبَّلها منه، ثمَّ ذكر جملةً كثيرةً من آداب الزِّيارة وألفاظها.

37- جعل الشيخ حسن العدوي الحمزاوي الشافعي المتوفّى 1303 ه، خاتمة في كتاب (كنز المطالب) ص 179- 239 لزيارة

ص: 116

النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، وفصّلَ فيها القول وذكرَ مطلوبيّتها كتاباً وسنّةً وإجماعاً وقياساً، وبسط الكلام في شدِّ الرِّحال إلى ذلك القبر الشريف، وذكر جملةً من آداب الزائر ووظائف الزِّيارة، وقال في ص 195 بعد نقل جملة من الأحاديث الواردة في أنَّ النبيَّ صلى الله عليه و آله و سلم يسمع سلام زائريه ويردّ عليهم:

إذا علمت ذلك علمت أنَّ ردَّه صلى الله عليه و آله و سلم سلام الزائر عليه بنفسه الكريمة صلى الله عليه و آله و سلم أمرٌ واقعٌ لا شكَّ فيه، وإنّما الخلاف في درِّه على المسلّم عليه من غير الزائرين، فهذه فضيلةٌ اخرى عظيمةٌ ينالها الزائرون لقبره صلى الله عليه و آله و سلم، فيجمع اللَّه لهم بين سماع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لأصواتهم من غير واسطة وبين ردِّه عليهم سلامهم بنفسه.

فأنّى لمن سمع لهذين بل بأحدهما أن يتأخَّر عن زيارته صلى الله عليه و آله و سلم؟! أو يتوانى عن المبادرة إلى المثول في حضرته صلى الله عليه و آله و سلم؟! تاللَّه ما يتأخَّر عن ذلك مع القدرة عليه إلّامَن حقَّ عليه البعد من الخيرات، والطرد عن مواسم أعظم القربات، أعاذنا اللَّه تعالى من ذلك بمنِّه وكرمه آمين.

وعُلم من تلك الأحاديث أيضاً أنَّه صلى الله عليه و آله و سلم حيٌّ على الدوام، إذ من المحال العادي أن يخلو الوجود كلّه عن واحد يُسلّم عليه في ليلٍ أو نهارٍ، فنحن نؤمن ونصدِّق بأنّه صلى الله عليه و آله و سلم حيٌّ يُرزق، وأنَّ جسده الشريف لا تأكله الأرض، وكذا سائر الأنبياء عليهم الصَّلاة والسّلام، والإجماع على هذا.

ص: 117

38- قال السيِّد محمّد بن عبداللَّه الجرداني الدمياطي الشافعي المتوفّى 1307 ه، في «مصباح الظلام: ج 2، ص 145»: قال بعضهم: ولزائر قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم عشر كرامات:

أحداهنَّ: يُعطي أرفع المراتب، الثانية: يبلغ أسنى المطالب، الثالثة: قضاء المآرب، الرابعة: بذل المواهب، الخامسة: الأمن من المعاطب، السادسة: التطهير من المعايب، السابعة: تسهيل المصائب، الثامنة: كفاية النوائب، التاسعة: حسن العواقب، العاشرة: رحمة ربّ المشارق والمغارب.

وما أحسن ما قيل:

هنيئاً لمن زار خير الورى وحطّ عن النفس أوزارها

فإنَّ السَّعادة مضمونةٌلمن حلَّ طيبة أو زارها

وبالجملة فزيارة قبره صلى الله عليه و آله و سلم من أعظم الطاعات وأفضل القربات، حتّى أنَّ بعضهم جرى على أنّها واجبة، فينبغي أن يحرص عليها، وليحذر كلَّ الحذر من التخلّف عنها مع القدرة، وخصوصاً بعد حجَّة الإسلام، لأنَّ حقّه صلى الله عليه و آله و سلم على امَّته عظيمٌ، ولو أنَّ أحدهم يجي ء على رأسه أو على بصره من أبعد موضع من الأرض لزيارته صلى الله عليه و آله و سلم لم يقم بالحقِّ الذي عليه لنبيِّه، جزاه اللَّه عن المسلمين أتمَّ الجزاء.

زُر مَنْ تحبُّ وإن شطّت بك الدارُوحال من دونه تربٌ وأحجارُ

ص: 118

لا يمنعنّك بُعدٌ عن زيارته إنَّ المحبَّ لمن يهواه زوّارٌ

ويسنُّ لمن قصد المدينة الشريفة (إلخ)، ثمَّ فصّل القول في آداب الزيارة، وذكر التسليم على الشيخين، وزيارة السيِّدة فاطمة وأهل البقيع والمزارات المشهورة، وهي نحو ثلاثين موضعاً كما قال.

39- قال الشيخ عبد الباسط ابن الشيخ علي الفاخوري مفتي بيروت في (الكفاية لذوي العناية) ص 125: الفصل الثاني عشر في زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وهي متأكّدةٌ مطلوبةٌ، ومستحبّة محبوبةٌ، وتسنُّ زيارته في المدينة كزيارته حيّاً، وهو في حجرته حيٌّ يردُّ على مَنْ سلّم عليه السّلام. وهي من أنجح المساعي وأهمِّ القربات وأفضل الأعمال وأزكى العبادات، وقد قال صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي»(1)، ومعنى «وجبت» ثبتت بالوعد الصّادق الذي لا بدَّ من وقوعه وحصوله.

وتحصل الزِّيارة في أيِّ وقتٍ، وكونها بعد تمام الحجّ أحبُّ، ويجب على من أراد الزيارة التوبة من كلِّ شي ء يخالف طريقته وسننه صلى الله عليه و آله و سلم.

ثمَّ ذكر شطراً وافراً من آداب الزِّيارة والزِّيارة الاولى الآتية في الآداب؛ فقال: ومن عجز عن حفظ هذا فليقتصر على بعضه وأقلّه


1- تقدّمت مصادره في الصفحة.

ص: 119

السّلام عليك يا رسول اللَّه. ثمَّ ذكر زيارة الشيخين إلى أن قال:

ويستحبُّ التبرُّك بالاسطوانات التي لها فضلٌ وشرفٌ وهي ثمانية:

أسطوانة محلِّ صلاته صلى الله عليه و آله و سلم، وإسطوانة عائشة رضي اللَّه عنها وتسمّى إسطوانة القرعة، واسطوانة التّوبة محلّ إعتكافه صلى الله عليه و آله و سلم، وإسطوانة السرير، وإسطوانة عليّ رضى الله عنه، وإسطوانة الوفود، وإسطوانة جبريل عليه السلام، وإسطوانة التهجّد.

40- قال الشيخ عبد المعطي السَّقا في «الإرشادات السنيّة» ص 260: زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم إذا أراد الحاجُّ أو المعتمر الإنصراف من مكّة أدام اللَّه تشريفها وتعظيمها، طلب منه أن يتوجّه إلى المدينة المنوَّرة للفوز بزيارته عليه الصّلاة والسّلام، فإنّها من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، وأنجح المساعي المشكورة، ولا يختصُّ طلب الزيارة بالحاجّ غير أنّها في حقِّه آكد.

والأولى تقديم الزِّيارة على الحجّ إذا إتّسع الوقت، فإنّه ربّما يعوقه عنها عائقٌ، وقد ورد في فضل زيارته صلى الله عليه و آله و سلم أحاديث منها قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «مَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي»(1)، وينبغي الحرص عليها، وعدم التخلّف عنها عند القدرة على أدائها خصوصاً بعد حجّة الإسلام، لإنَّ حقّه صلى الله عليه و آله و سلم على امَّته عظيمٌ.

وينبغي لمريد الزيارة أن يُكثر من الصّلاة والسَّلام عليه صلى الله عليه و آله و سلم في


1- تقدّمت مصادره في الصفحة 61- 62.

ص: 120

طريق ذهابه إليها، وإذا وصلها إستحبَّ له أن يغتسل ثمَّ يتوضَّأ أو يتيمّم عند فقد الماء، ثمَّ ذكر جملةً من آداب الزيارة ولفظاً مختصراً من زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم والشيخين.

41- قال الشيخ محمّد زاهد الكوثري في (تكملة السيف الصقيل) ص 156: والأحاديث في زيارته صلى الله عليه و آله و سلم في الغاية من الكثرة، وقد جمع طرقها الحافظ صلاح الدين العلائي في جزء كما سبق، وعلى العمل بموجبها استمرَّت الامّة، إلى أن شذَّ ابن تيميَّة عن جماعة المسلمين في ذلك، قال عليّ القاري في شرح «الشفاء»:

وقد فرط ابن تيميّة من الحنابلة حيث حرَّم السفر لزيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، كما أفرط غيره حيث قال: كون الزيارة قربةً معلومٌ من الدين بالضرورة، وجاحده محكومٌ عليه بالكفر. ولعلَّ الثاني أقرب إلى الصَّواب، لأنَّ تحريم ما أجمع العلماء فيه بالإستحباب يكون كفراً، لأنّه فوق تحريم المباح المتّفق عليه.

فسعيه في منع الناس من زيارته صلى الله عليه و آله و سلم، يدلُّ على ضغينةٍ كامنةٍ فيه نحو الرَّسول صلى الله عليه و آله و سلم، وكيف يتصوّر الإشراك بسبب الزيارة والتوسّل في المسلمين الذين يعتقدون في حقِّه عليه السلام أنَّه عبده ورسوله، وينطقون بذلك في صلاتهم نحو عشرين مرَّة في كلِّ يوم على أقلِّ تقدير، إدامة لذكرى ذلك؟

ولم يزل أهل العلم ينهون العوام عن البدع في كلِّ شؤونهم، ويرشدونهم إلى السنّد في الزيارة وغيرها إذا صدرت منهم بدعةٌ

ص: 121

في شي ء، ولم يعدّهم في يوم من الأيّام مشركين بسبب الزِّيارة أو التوسّل، كيف؟ وقد نقذهم اللَّه من الشِّرك وأدخل في قلوبهم الإيمان. وأوَّل من رماهم بالإشراك بتلك الوسيلة هو ابن تيميّة، وجرى خلفه من أراد استباحة أموال المسلمين ودماءهم لحاجة في النفس، ولم يخف ابن تيميّة من اللَّه في رواية عدِّ السفر لزيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم سفر معصية لا تقصر فيه الصّلاة عن الإمام ابن الوفاء ابن عقيل الحنبلي- وحاشاه عن ذلك- راجع كتاب «التذكرة» له تجد فيه مبلغ عنايته بزيارة المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم والتوسّل به كما هو مذهب الحنابلة.

ثمَّ ذكر كلامه وفيه القول بإستحباب قدوم المدينة وزيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، وكيفيّة زيارته وزيارة الشيخين، وكيفيّة زيارتهما، وإتيان مسجد قبا والصَّلاة فيه، وإتيان قبور الشهداء وزيارتهم، وإكثار الدعاء في تلك المشاهد. ثمَّ قال: وأنت رأيت نصّ عبارته في المسألة على خلاف ما يعزو إليه ابن تيميّة.

42- قال فقهاء المذاهب الأربعة المصريّين في (الفقه على المذاهب الأربعة): ج 1 ص 590: زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم أفضل المندوبات، وقد ورد فيها أحاديث. ثمَّ ذكروا ستَّة من الأحاديث، وجملةً من أدب الزائر، وزيارة للنبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، واخرى للشيخين.

هُدوا إلى الطيِّب مِنَ الْقول وَهُدوا إلى صِراطِ الْحميدِ(1)


1- الحجّ: 24.

ص: 122

فروع ثلاثة

هذه الفروع تُعطينا درس التسالم من أئمَّة المذاهب على رجحان زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وإستحبابها، ومحبوبيَّة شدِّ الرحال إليها من أرجاء الدنيا، ألا وهي:

1- إختلفت الآراء من فقهاء المذاهب الأربعة في تقديم أيٍّ من الحجّ والزِّيارة على الآخر:

فقال تقيُّ الدين السبكي في «شفاء السقام: ص 42»: إختلف السَّلف رحمهم اللَّه في أنَّ الأفضل البدأة بالمدينة قبل مكّة، أو بمكّة قبل المدينة.

وممَّن نصَّ على هذه المسألة وذكر الخلاف فيها الإمام أحمد رحمه اللَّه في كتاب المناسك الكبير من تأليفه، وهذه المناسك رواها الحافظ أبو الفضل جبإسناده(1) ج عن عبداللَّه بن أحمد عن أبيه، وفي هذه المناسك سُئل عمَّن يبدأ بالمدينة قبل مكّة؟ فذكر بإسناده عن عبدالرَّحمن بن يزيد وعطاء ومجاهد أنَّهم قالوا: إذا أردت مكّة فلا


1- ذكره كاملا ونحن حذفناه روماً للإختصار. «المؤلّف».

ص: 123

تبدأ بالمدينة وأبدأ بمكّة، وإذا قضيت حجَّك فأمرر بالمدينة إن شئت.

وذكر بإسناده عن الأسود قال: احبّ أن يكون نفقتي وجهازي وسفري أن أبدأ بمكّة.

وعن إبراهيم النخعي: إذا أردتَ مكّة فاجعل كلَّ شي ء لها تبعاً.

وعن مجاهد: إذا أردت الحجَّ أو العمرة فابدأ بمكّة، واجعل كلَّ شي ء لها تبعاً.

وعن إبراهيم: قال إذا حججت فابدأ بمكّة ثمَّ مر بالمدينة بعدُ.

وذكر الإمام أحمد أيضاً بإسناده عن عدي بن ثابت: أنَّ نفراً من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كانوا يبدأون بالمدينة إذا حجّوا يقولون:

فهل من حيث أحرم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم؟ وذكر ابن أبي شيبة في فضيلة هذا الأمر أيضاً، وذكر بإسناده عن علقمة والأسود وعمرو ابن ميمون: أنَّهم بدأوا بالمدينة قبل مكّة، إلى أن قال: وممَّن نصّ على هذه المسألة من الأئمة أبو حنيفة رحمه اللَّه وقال: والأحسن أن يُبدأ بمكّة.

وقال الشيخ علي القاري في شرح «المشكاة: ج 3، ص 284»:

الأنسب أن تكون الزِّيارة بعد الحجِّ، كما هو مقتضى القواعد الشرعيَّة من تقديم الفرض على السنَّة(1)، وقد روى الحسن عن أبي حنيفة تفصيلًا حسناً وهو: أنّه إن كان الحجٍّ فرضاً فالأحسن للحاجّ أن يبدأ بالحجِّ ثمَّ يثني بالزِّيارة، وإن بدأ بالزِّيارة جاز. وإن كان الحجٍّ نفلًا فهو بالخيار فيبدأ بأيِّهما شاء. إنتهى.


1- هذه القاعدة إنّما تؤخذ في موارد تزاحم الأمرين لا مطلقاً، والمقام ليس منها كما لايخفى، فإنّ الحج فريضة مؤقوتة، فلا بأس بتقديم المندوب عليها قبل ظرفها. «المؤلّف».

ص: 124

ثمَّ قال: والأظهر أنَّ الإبتداء بالحجِّ أولى؛ لإطلاق الحديث (1) ولتقديم حقِّ اللَّه على حقّه، ولذا تُقدَّم تحيَّة المسجد النبويِّ على زيارة المشهد المصطفوي.

2- من المتسالم عليه بين فرق المسلمين سلفاً وخلفاً جواز إستنابة النائب وإستئجار الأجير لزيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم لمن عاقه عنها عذرٌ، وقد إستفاض عن عمر بن عبد العزيز أنَّه كان يبرد إليه صلى الله عليه و آله و سلم البريد من الشام ليقرأ السّلام على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم ثمَّ يرجع، وفي لفظ:

كان يبعث بالرَّسول قاصداً من الشام إلى المدينة.

ذكره البيهقي في شعب الإيمان، وأبو بكر أحمد بن عمرو النيلي المتوفّى 287 ه، في مناسكه، والقاضي عياض في «الشفاء»، والحافظ ابن الجوزي في (مثير الغرام الساكن)، وتقيّ الدين السبكي في «شفاء السِّقام: ص 41»، وغيرهم.

وقال يزيد بن أبي سعيد مولى المهري: قد مُت على عمر بن عبد العزيز فلمّا ودَّعته قال: لي إليك حاجةٌ، إذا أتيت المدينة سترى قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فأقرأه منّي السَّلام (الشفاء للقاضي(2)، والشفاء للسبكي ص 41).

وقال أبو الليث السمر قندي الحنفي في الفتاوي في باب الحجِّ:

قال أبو القاسم: لمّا أردتُ الخروج إلى مكّة قال القاسم بن غسّان:


1- يعني الحديث الثالث من أحاديث الزيارة وقد مرّ في صفحة. «المؤلّف».
2- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 198.

ص: 125

إنَّ لي إليك حاجة، إذا أتيتَ قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فاقرأه منّي السَّلام، فلمّا وضعت رجلي في مسجد المدينة ذكرت (شفاء السقام ص 41).

قال عبد الحقّ بن محمّد الصقلي المالكي المتوفّى 466 ه، في «تهذيب الطالب»: رأيتُ في بعض المسائل التي سُئل عنها الشيخ أبو محمّد بن أبي زيد: قيل له في رجل إستوجر بمال ليحجَّ به، وشرطوا عليه الزِّيارة، فلم يستطع تلك السنة أن يزور لعذر منعه من تلك؟ قال: يردُّ من الااجرة بقدر مسافة الزِّيارة.

قال عبد الحقّ: وقال غيره من شيوخنا: عليه أن يرجع نائبه حتّى يزور. ثمَّ قال: إن استؤجر للحجّ لسنة بعينها فها هنا يسقط من الاجرة ما يخصّ بالزيارة، وإن استؤجر على حجَّة مضمونة في ذمَّته فهاهنا يرجع ويزور، وقد إتَّفق النقلان.

وقالت الشافعيَّة: إنَّ الإستئجار والجعالة إن وقعا على الدعاء عند قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم أو على إبلاغ السَّلام، فلا شكَّ في جواز الإجارة والجعالة، كما كان عمر بن عبد العزيز يفعل. وإن كانا على الزِّيارة لا يصحّ؛ لأنَّها عملٌ غير مضبوط. (شفاء السقام ص 50).

وقال أبو عبد اللَّه عبيد اللَّه بن محمّد العكبري الحنبلي، الشهير بابن بطَّة المتوفّى 387 ه، في كتاب «الإبانة»: حسبك دلالة على إجماع المسلمين وإتّفاقهم على دفن أبي بكر وعمر مع النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم أنَّ كلّ عالم من علماء المسلمين وفقيه من فقهائهم ألَّف كتاباً في المناسك، ففصَّله فصولًا وجعله أبواباً يذكر في كلِّ باب فقهه،

ص: 126

ولكلِّ فصل علمه وما يحتاج الحاجُّ إلى علمه «إلى أن قال»: حتّى يذكر زيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فيصف ذلك فيقول: ثمَّ تأتي القبر فتستقبله وتجعل القبلة وراء ظهرك، إلى أن قال: وبعدُ أدركنا الناس ورأيناهم وبلغنا عمَّن لم نره أنَّ الرجل إذا أراد الحجَّ فسلّم عليه أهله وصحابته قالوا له: وتقرأ على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم وأبي بكر وعمر منّا السَّلام، فلا ينكر ذلك أحدٌ ولا يخالفه (شفاء السقام 45).

قال الأميني: وذكر أبو منصور الكرماني الحنفي. والغزالي في «الإحياء» والفاخوري في «الكفاية» وشرنبلالي في مراقي الفلاح، والسبكي، والسمهودي، والقسطلاني، والحمزاوي العدوي وغيرهم: أنَّ النائب يقول: السَّلام عليك يا رسول اللَّه من فلان بن فلان يستشفع بك إلى ربِّك بالرَّحمة والمغفرة فإشفع له.

3- قال العبدري المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد: وأمّا النذر للمشي إلى المسجد الحرام أو المشي إلى مكّة، فله أصلٌ في الشَّرع وهو الحجُّ والعمرة، وإلى المدينة لزيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس، وليس عندهم حجّ ولا عمرة.

فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه، فالكعبة متَّفقٌ عليها، واختلف أصحابنا وغيرهم في المسجدين الآخرين:

قال ابن الحاجِّ في «المدخل 1: 256»، بعد نقل هذه العبارة:

وهذا الذي قاله مسلّمٌ صحيحٌ لا يرتاب فيه إلّامشركٌ أو معاندٌ للَّه ولرسوله صلى الله عليه و آله و سلم.

ص: 127

وقال تقيُّ الدين السبكي في «شفاء السقام: 53»، بعد ذكر كلام العبدري المذكور: قلت: الخلاف الذي أشار إليه في نذر إتيان المسجدين لا في الزِّيارة.

وقال ص 71 بعد كلام طويل حول نذر العبادات وجعلها أقساماً: إذا عرفتَ هذا فزيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم) قربةٌ؛ لحثِّ الشرع عليها وترغيبه فيها، وقد قدّمنا أنَّ فيها جهتين: جهة عموم، وجهة خصوص.

فأمّا من جهة الخصوص، وكون الأدلَّة الخاصَّة وردت فيها بعينها، فيظهر القطع بلزومها بالنذر، إلحاقاً لها بالعبادات المقصودة التي لا يؤتى بها إلّاعلى وجه العبادة، كالصّلاة والصَّدقة والصَّوم والإعتكاف، ولهذا المعنى- واللَّه أعلم- قال القاضي ابن كج رحمه اللَّه: إذا نذر أن يزور قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فعندي أنَّه يلزمه الوفاء وجهاً واحداً.

إلى أن قال: وإذا نظرنا إلى زيارة النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم من جهة العموم خاصَّة، وإجتماع المعاني الَّتي يقصد بالزِّيارة فيه، فيظهر أن يقال: إنَّه يلزم بالنذر قولًا واحداً، ويحتمل على بعدٍ أن يقال: إنَّه كما لو نذر زيارة القادمين وإنشاء السَّلام، فيجري في لزومها بالنذر ذلك.

وقبل هذه كلّها تنبأك عمّا نرتأيه الآداب المسنونة الآتية للزائر، فإنَّها تتفرَّع على استحباب الزِّيارة، ومندوبيَّة شدِّ الرِّحال إلى روضة النبيِّ الأقدس صلى الله عليه و آله و سلم.

ص: 128

أدب الزائر عند الجمهور

نذكُر نصَّ ما وقفنا عليه في المصادر(1) 1- إخلاص النيّة وخلوص الطويّة، ف «إنّما الأعمال بالنيّات»، فينوي التقرُّب إلى اللَّه تعالى بزيارة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، ويستحب أن ينوي مع ذلك التقرُّب بالمسافرة إلى مسجده صلى الله عليه و آله و سلم، وشدِّ الرحال إليه والصّلاة فيه. قاله ابن الصّلاح والنووي من الشافعيّة، ونقله شيخ الحنفيّة الكمال بن الهمام عن مشايخهم.

2- أن يكون دائم الأشواق إلى زيارة الحبيب الشفيع.

3- أن يقول إذا خرج من بيته: بسم اللَّه، وتوكّلت على اللَّه، ولا حول ولا قوَّة إلّاباللَّه. اللّهمَّ إليك خرجتُ وأنت أخرجتني، اللّهمَّ سلّمني وسلّم منّي ورُدَّني سالماً في ديني كما أخرجتني، اللّهمَّ إنِّي أعوذ بك أن أضلّ أو اضلّ، أو أذلَّ أو اذلّ، أو أظلم أو اظلم، أو أجهل أو يُجهل عليّ، عزَّ جارك وجلَّ ثناؤك وتبارك إسمك ولا إله غيرك.

4- الإكثار في المسير من الصَّلاة والتسليم على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، بل يستغرق أوقات فراغه في ذلك من القربات.


1- أفرد جمال الدين عبد اللَّه الفاكهي المكي الشافعي المتوفّى 972 ه، آداب زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بالتأليف وسمّاه حسن التوسل في آداب زيارة أفضل الرسل جمع فيه أربعاً وتسعين أدباً من آداب الزائر، وقد صفحنا عن كثير منها؛ لكونه أدب المسافر لا يخص بالزيارة، طبع في هامش الأتحاف للشبراوي بمصر سنة 1318 ه. «المؤلّف».

ص: 129

5- يتتبّع ما في طريقه من المساجد والآثار المنسوبة إلى النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، فيحييها بالزّيارة ويتبرَّك بالصّلاة فيها.

6- إذا دنا من حرم المدينة وشاهد أعلامها ورباها وآكامها، فليستحضر وظائف الخضوع والخشوع مستبشراً بالهنا وبلوغ المنى، وإن كان على دابّة حرَّكها تباشراً بالمدينة، ولا بأس بالترجّل والمشي عند رؤية ذلك المحلّ الشريف كما يفعله بعضهم؛ لأنَّ وفد عبد القيس لمّا رأوا النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم نزلوا عن الرّواحل ولم ينكر عليهم، وتعظيمه بعد الوفاة كتعظيمه في الحياة.

وقال أبو سليمان داود المالكي في الإنتصار: إنَّ ذلك يتأكّد فعله لمن أمكنه من الرِّجال، وأنّه يستحبُّ تواضعاً للَّه تعالى وإجلالًا لنبيِّه صلى الله عليه و آله و سلم.

وحكى القاضي عياض في «الشفاء»: إنَّ أبا الفضل الجوهري (1) لمّا ورد المدينة زائراً وقرب من بيوتها وترجَّل باكياً منشداً:

ولمَّا رأينا رسم مَن لم يدع لنافؤاداً لعرفان الرسوم ولا لبّا

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامةًلمن بانَ عنه أن نلمَّ به ركبا

وقد ضمّنها القاضي عياض في قصيدة نبويَّة له يقول بعدهما:

وتهنا بأكناف الخيام تواجداًنُقبِّلها طوراً ونرشفها حُبّا

ونُبدي سروراً والفؤاد بحبِّهاتقطّع والأكباد أورى بها لهبا

اقدِّم رِجلًا بعد رِجلٍ مهابةًوأسحب خدِّي في مواطنها سحبا

وأسكب دمعي في مناهل حبِّهاوارسل حبّاً في أماكنها النجبا

وأدعو دعاء البائس الواله الذي براه الهوى حتّى بدا شخصه شجبا

7- إذا بلغ حرم المدينة الشريفة فليقل بعد الصّلاة والتسليم:

اللّهمَّ هذا حرم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم الذي حرَّمته على لسانه، ودعاك أن تجعل فيه من الخير والبركة مثلي ما في حرم البيت الحرام، فحرِّمني على النار، وآمنِّي من عَذابك يوم تبعث عبادك، وارزقني من بركاته ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك، ووفّقني لحسن الأدب وفعل الخيرات وترك المنكرات، ثمَّ تشتغل بالصّلاة والتسليم.

وقال الغزالي في الإحياء 1 ص 246: إذا وقع بصره على حيطان المدينة وأشجارها قال: اللّهمَّ هذا حرم رسولك، فاجعله لي وقايةً من النّار، وأماناً من العذاب وسوء الحساب.


1- عبداللَّه بن الحكيم الرندي الأندلسي، من علماء الحديث والقراءات والعربية، وله شعررائق. «المؤلّف».

ص: 130

ص: 131

وفي «مراقي الفلاح» للفقيه شر نبلالي: فإذا عاين حيطان المدينة المنوّرة يصلّي على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم ثمَّ يقول: اللّهمَّ هذا حرم نبيِّك ومهبط وحيك، فامنن عليَّ بالدخول فيه، واجعله وقايةً لي من النّار وأماناً من العذاب، واجعلني من الفائزين بشفاعة المصطفى يوم المآب.

8- إن كانت طريقه على ذي الحليفة فلا يجاوز المعرَّس حتّى ينيخ به، وهو مستحبّ كما قاله أبو بكر الخفّاف في كتاب (الأقسام والخصال) والنووي وغيرهما.

9- الغسلُ لدخول المدينة المنوَّرة من بئر الحرَّة أوغيرها، والتطيّب، ولبسُ الزائر أحسن ثيابه. وقال الكرماني من الحنفيّة، فإن لم يغتسل خارج المدينة فليغتسل بعد دخولها.

قال ابن حجر: ويسنُّ له كمالًا في الأدب أن يلبس أنظف ثيابه والأكمل الأبيض إذ هو أليق بالتواضع المطلوب متطيِّباً، وقد يقع لبعض الجهلة عند الرؤية للمدينة نزولهم عن رواحلهم مع ثياب المهنة والتجرُّد عن الملبوس فينبغي زجره؛ نعم: النزول عن الرَّواحل عند رؤية المدينة من كمال الأدب لكن بعد التطيّب ولبس النظيف.

وقال الفقيه شرنبلالي في «مراقي الفلاح»: ويغتسل قبل الدخول أو بعده قبل التوجّه للزِّيارة إن أمكنه، ويتطيَّب ويلبس أحسن ثيابه تعظيماً للقدوم على النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم، ثمَّ يدخل المدينة

ص: 132

ماشياً إن أمكنه بلا ضرورة.

10- أن يقول عند دخوله من باب البلد: بسم اللَّه ما شاء اللَّه لا قوَّة إلّاباللَّه، ربّ أدخلني مُدخل صِدْق، وأخرجني مُخرج صدْقٍ، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً؛ حسبي اللَّه آمنت باللَّه توكلّت على اللَّه لا حول ولا قوّة إلّاباللَّه، اللّهمَّ إنني أسألك بحقِّ السائلين عليك، وبحقِّ ممشاي هذا إليك فإنّي لم أخرج بطراً ولا أشراً ولا رياء ولا سمعةً، خرجت إتِّقاء سخطك وإبتغاء مرضاتك، أسألك أن تُنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت.

وقال شيخ زاده في «مجمع الأنهر: ج 1، ص 157»: إذا دخل المدينة قال: ربِّ أدخلني مُدخل صِدْق. الآية، اللّهمَّ إفتح لي أبواب فضلك ورحمتك، فارزقني زيارة قبر رسولك المجتبى عليه السلام ما رزقت أولياءك وأهل طاعتك، وإغفر لي وارحمني ياخير مسؤول.

11- لزوم الخشوع والخضوع لمّا شاهد القبّة مستحضراً عظمتها، يمثِّل في نفسه مواقع أقدام رسول اللَّه، فلا يضع قدمه عليه إلّا مع الهيبة والسكينة والوقار.

12- عدم الإخلال بشي ء ممّا أمكنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغضب عند إنتهاك حرمةٍ من حرمه أو تضييع شي ء من حقوقه صلى الله عليه و آله و سلم.

13- إذا شاهد المسجد والحرم الشريف فليزدد خضوعاً

ص: 133

وخشوعاً يليق بهذا المقام، ويقتضيه هذا المحلّ الذي ترتعد دونه الأقدام، ويجتهد في أن يوفي للمقام حقَّه من التعظيم والقيام.

14- الأفضل أن يدخل الزائر إلى الحضرة الشريفة من باب جبرئيل، وجرت عادة القادمين من ناحية باب السَّلام بالدخول.

15- يقف بالباب لحضةً لطيفةً، كما يقف المستأذن في الدُّخول على العظماء، قاله الفاكهي في «حسن الأدب: 56»، والشيخ بعد المعطي السقافي «الإرشادات السنيَّة: 261».

16- إذا أراد الدخول فليفرغ قلبه وليصف ضميره، ويقدِّم رجله اليمنى ويقول: أعوذ باللَّه العظيم وبوجهه الكريم وبنوره القديم من الشيطان الرَّجيم، بسم اللَّه والحمد للَّه ولا حول ولا قوَّة إلّا باللَّه ما شاء اللَّه لا قوَّة إلّاباللَّه، اللّهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمّد عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً؛ اللّهمَّ إغفر لي ذنوبي وإفتح لي أبواب رحمتك، ربِّ وفِّقني وسدِّدني وأصلحني وأعنّي على ما يُرضيك عنّي، ومُنَّ عليَّ بحسن الأدب في هذه الحضرة الشريفة، السَّلام عليك أيّها النبيُّ ورحمة اللَّه تعالى وبركاته؛ السَّلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين.

ولا يترك ذلك كلّما دخل المسجد أو خرج منه، إلّاأنَّه يقول عند خروجه: وإفتح لي أبواب فضلك، بدل قوله: أبواب رحمتك.

وقال القاضي عياض: قال ابن حبيب: يقول إذا دخل مسجد الرَّسول: بسم اللَّه وسلامٌ على رسول اللَّه، السَّلام علينا من ربِّنا،

ص: 134

وصلّى اللَّه وملائكته على محمّد، اللّهمَّ إغفر لي ذنوبي، وإفتح لي أبواب رحمتك وجنَّتك، واحفظني من الشَّيطان الرَّجيم (1).

17- قال القاضي في «الشفاء»: ثمَّ أقصد إلى الرَّوضة- وهي ما بين القبر- والمنبر واركع فيهما ركعتين قبل وقوفكَ بالقبر، تحمد اللَّه تعالى فيهما وتسأله تمام ما خرجت إليه والعون عليه، وإن كانت ركعتاك في غير الرَّوضة أجزأتاك، وفي الرَّوضة أفضل (2).

وقال القسطلاني في «المواهب»: يستحبّ أن يصلّي ركعتين قبل الزِّيارة، قيل: وهذا ما لم يكن مروره من جهة وجهه الشريف، وإلّا إستحبَّ الزِّيارة أوَّلًا، قال في «تحقيق النصرة»: وهو إستدراكٌ حسنٌ، ورخَّص بعضهم تقديم الزيارة مطلقاً، وقال ابن الحاجّ: كلُّ ذلك واسعٌ.

وقال شرنبلالي في «مراقي الفلاح»: فتسجد شكراً للَّه تعالى بأداء ركعتين غير تحيَّة المسجد، شكراً لما وفَّقك اللَّه تعالى ومَنَّ عليك بالوصول إليه.

وقال الحمزاوي في «كنز المطالب: ص 211»: يبدأ بتحيَّة المسجد ركعتين خفيفتين بقل يا أيّها الكفارون وقل هو اللَّه أحد، وأن يكون بمصلّاه صلى الله عليه و آله و سلم، فإن لم يتيسَّر له فما قرب منه ممّا يلي المنبر من جهة الرَّوضة.


1- الشفاء بتعريف حقوق المصطوفى 2: 201.
2- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 201.

ص: 135

18- ينبغي للزائر أن يكون واقفاً وقت الزِّيارةكما هو الأليق بالأدب، فإذا طال فلا بأس متأدِّباً جاثياً على ركبتيه، غاضّاً لطرفه في مقام الهيبة والإجلال، فارغ القلب مستحضراً بقلبه جلالة موقفه، وأنَّه صلى الله عليه و آله و سلم حيٌّ ناظرٌ إليه ومطَّلعٌ عليه.

وقال الخفاجي في شرح «الشفاء: ج 3، ص 571»: ويستحبُّ القيام في حال الزِّيارة كما نبَّه عليه المصنّف (يعني القاضي عياض) بقوله: يقف. وهو أفضل من الجلوس عند الجمهور، ومن خيَّر بينهما أراد الجواز دون المساواة، فإن جلسَ فالأفضل أن يجثو على ركبتيه ولا يفترش ولا يتربَّع؛ لأنَّه أليق بالأدب.

19- يقف كما يقف في الصَّلاة واضعاً يمينه على شماله، قاله الكرماني الحنفي، وشيخ زاده في «مجمع الأنهر»(1)، وغيرهما ورآه ابن حجر أليقاً.

20- يتوجَّه إلى القبر الكريم مُستعيناً باللَّه تعالى في رعاية الأدب في هذا الموقف العظيم، فيقف ممثِّلًا صورته الكريمة في خياله بخشوع وخضوع تامّين بين يديه صلى الله عليه و آله و سلم محاذاة الوجه الشريف مستدبر القبلة، ناظراً في حال وقوفه إلى أسفل ما يستقبل من جدار الحجرة الشريفة، مُلتزماً للحياء والأدب التامِّ في ظاهره وباطنه، عالماً بأنَّه صلى الله عليه و آله و سلم عالمٌ بحضوره وقيامه وزيارته وأنَّه يبلغه سلامه وصلاته.


1- مجمع الأنهر: 158.

ص: 136

وقال ابن حجر: إستدبار القبلة واستقبال الوجه الشريف، هو مذهبنا ومذهب جمهور العماء.

وقال الخفاجي في شرح «الشفاء: ج 3، ص 171»: إستقبال وجهه صلى الله عليه و آله و سلم وإستدبار القبلة مذهب الشافعي والجمهور، ونُقل عن أبي حنيفة، وقال ابن الهمام: ما نُقل عن أبي حنيفة أنَّه يستقبل القبلة مردودٌ بما روي عن ابن عمران: من السنَّة أن يستقبل القبر المكرَّم ويجعل ظهره للقبلة، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة، وقول الكرماني: إنَّ مذهبه بخلافه ليس بشي ء؛ لأنّه صلى الله عليه و آله و سلم حيٌّ في ضريحه يعلم بزائره، ومَن يأتيه في حياته إنّما يتوجَّه إليه.

وقال في شرح قول ابن أبي مليكة(1) (مَنْ أحبّ أن يكون وجاه النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم فيجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه): هو إرشادٌ لكيفيَّة الزيارة، و أن يكون بينه وبين القبر فاصلٌ. فقيل: إنَّه يبعد عنه بمقدار أربعة أذرع، وقيل: ثلاثة وهذا على أنَّ البعد أولى وأليق بالأدب كما كان في حياته صلى الله عليه و آله و سلم، وعليه الأكثر، وذهب بعض المالكيَّة إلى أنَّ القرب أولى. وقيل: يعامل معاملته في حياته، فيختلف ذلك بإختلاف الناس، وهذا بإعتبار ما كان في العصر الأوَّل، وأمّا اليوم فعليه مقصورةٌ تمنع من دنوِّ الزائر فيقف عند الشبّاك.


1- عبداللَّه بن عبيداللَّه المتوفّى 117 ه، أخرج له أصحاب الصاح الستّ. «المؤلّف».

ص: 137

21- لا يرفع في الزِّيارة صوته ولا يخفيه بل يقتصد، وخفض الصَّوت عنده صلّى اللَّه عليه أدبٌ للجميع، أخرج القاضي عياض بإسناده عن ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم) فقال له مالك: يا أمير المؤمنين! لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإنَّ اللَّه تعالى أدَّب قوماً فقال: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيِ (1) الآية، ومدح قوماً فقال: إنَّ الَّذين يغضّون أصواتهم عند رسول اللَّه(2) الآية، وذمَّ قوماً فقال:

إنَّ الذين ينادونك من وراء الحجرات(3) الآية، وإنَّ حرمته ميِّتاً كحرمته حيّاً.

فإستكان لها أبو جعفر وقال: يا أبا عبداللَّه أستقبل القبلة وأدعوا، أم أستقبل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم؟

فقال: ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى اللَّه تعالى يوم القيامة؟! بل إستقبله وإستشفع به فيشفعك اللَّه تعالى، قال اللَّه تعالى: ولو انَّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا اللَّه (4) الآية.(5).(6)


1- الحجرات: 2.
2- الحجرات: 3.
3- الحجرات: 4.
4- النساء 64.
5- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 201.
6- العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير 10 الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

ص: 138

زيارة النّبي الأقدس

22- يقول: السَّلام عليكَ يا رسول اللَّه، السَّلام عليكَ يا نبيَّ اللَّه، السَّلام عليكَ ياخيرةَ اللَّه، السَّلام عليكَ يا حبيب اللَّه، السَّلام عليكَ يا سيِّد المرسلين وخاتم النبيِّين، السَّلام عليكَ يا خيرة الخلائق أجمعين، السَّلام عليكَ يا قائد الغرِّ المحجَّلين، السَّلام عليكَ وعلى آلك وأهل بيتك وأزواجك وأصحابك أجمعين، السَّلام عليكَ وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وجميع عباد اللَّه الصالين، جزاك اللَّه عنّا يا رسول اللَّه أفضل ما جزى به نبيّاً ورسولًا عن امَّته، وصلّى عليك كلّما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون، أفضل وأكمل ما صلّى على أحدٍ من الخلق أجمعين.

وأشهد أن لا إله إلّااللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنَّك عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأشهد أنّك بلّغت الرِّسالة، وأدّيت الأمانة، ونصحت الامَّة، وكشفت الغمَّة، وجاهدت في اللَّه حقَّ جهاده.

اللّهمَّ آته الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السّائلون.

اللّهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمّد نبيِّك ورسولك النبيِّ الامّيِّ، وعلى آل سيِّدنا محمّد وأزواجه وذرّيته، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على سيِّدنا محمّد النبيِّ الامّيِّ وعلى آل محمَّد كما

ص: 139

باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميدٌ مجيد.

زيارة أخرى

حكاها ابن فرحون عن ابن حبيب (1):

السّلام عليكَ أيَّها النبيُّ ورحمة اللَّه وبركاته، صلّى اللَّه عليكَ وسلّم يا رسول اللَّه، أفضل وأزكى وأعلى وأنمى صلاةٍ صلّاها على أحدٍ من أنبيائه وأصفيائه، أشهدُ يا رسول اللَّه أنّك قد بلّغت ما ارسلتَ به، ونصحتَ الامّة، وعبدتَ ربّك حتّى أتاك اليقين، وكنتَ كما نعتك اللَّه في كتابه حيث قال: لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤفٌ رحيم(2)، فصلوات اللَّه وملائكته وجميع خلقه في سماواته وأرضه عليك يا رسول اللَّه.

زيارة ثالثة

إتَّفق عليها أعلام المذاهب الأربعة(3):

السّلام عليكَ يا نبيَّ اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، أشهدُ أنّك رسول اللَّه، فقد بلّغت الرّسالة، وأدَّيتَ الأمانة، ونصحتَ الامَّة، وجاهدت في أمر اللَّه حتى قبض اللَّه روحك حميداً محموداً، فجزاك اللَّه عن


1- عبدالملك بن حبيب القرطبي الإمام الجليل الثقة، مصنّف كتاب «الواضحة». «المؤلّف».
2- التوبة: 128.
3- في الفقه على المذاهب الأربعة 1: 591. «المؤلّف».

ص: 140

صغيرنا وكبيرنا خير الجزاء، وصلّى عليك أفضل الصّلاة وأزكاها، وأتمَّ التحيّة وأنماها، اللّهمَّ أجعل نبيّنا يوم القيامة أقرب النبيِّين إليك، وإسقنا من كأسه، وارزقنا من شفاعته، وإجعلنا من رفقائه يوم القيامة، اللّهمَّ لا تجعل هذا آخر العهد بقبر نبيِّنا صلى الله عليه و آله و سلم، وإرزقنا العود إليه ياذا الجلال والإكرام.

الزيارة الرابعة

رواية الغزالي

السّلام عليكَ يا رسول اللَّه، السّلام عليكَ يا نبيَّ اللَّه، السَّلام عليك يا أمين اللَّه، السّلام عليكَ يا حبيب اللَّه، السّلام عليك يا صفوة اللَّه، السّلام عليك يا خيرة اللَّه، السّلام عليك يا أحمد، السّلام عليكَ يا محمّد، السّلام عليك يا أبا القاسم، السّلام عليك يا ماحي، السَّلام عليكَ يا عاقب، السّلام يا حاشر، السّلام عليك يا بشير، السّلام عليك يا نذير، السّلام عليك يا طهر، السّلام عليك يا طاهر، السّلام عليك يا أكرم ولد آدم، السّلام عليك يا سيِّد المرسلين، السّلام عليك يا خاتم النبيِّين، السّلام عليك يا رسول ربِّ العالمين، السّلام عليكَ يا قائد الخير، السّلام عليك يا فاتح البرّ، السّلام عليك يا نبيّ اللَّه، السّلام عليك يا هادي الامّة، السّلام عليك يا قائد الغرّ المحجّلين، السّلام عليك وعلى أهل بيتك الذين أذهب اللَّه عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيراً، السّلام عليك وعلى

ص: 141

أصحابك الطيِّبين وعلى أزواجك الطّاهرات امّهات المؤمنين.

جزاك اللَّه عنّا أفضل ما جزى نبيّاً عن قومه ورسولًا عن امَّته، وصلّى عليك كلّما ذكرك الذاكرون، وكلّما غفل عنك الغافلون، وصلّى عليك في الأوّلين والآخرين أفضل وأكمل وأعلى وأجلَّ وأطيب وأطهر ما صلّى على أحدٍ من خلقه كما استنقذنا بكَ من الضّلالة، وبصَّرنا بك من العماية، وهدانا بك من الجهالة.

أشهد أن لا إله إلّااللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّك عبد اللَّه ورسوله وأمينه وصفيّه وخيرته من خلقه، وأشهد أنَّك قد بلّغت الرِّسالة، وأدّيتَ الأمانة، ونصحتَ الامّة، وجاهدتَ عدوّك، وهديتَ امّتك، وعبدتَ ربّك حتّى أتاك اليقين، فصلّى اللَّه عليك وعلى أهل بيتك الطيِّبين وسلّم وشرّف وكرّم وعظّم (1).

زيارة خامسة

رواية القسطلاني:

السّلام عليك يا رسول اللَّه، السَّلام عليك يا نبيَّ اللَّه، السَّلام عليك يا حبيب اللَّه، السَّلام عليك يا خيرة اللَّه، السَّلام عليك يا صفوة اللَّه، السَّلام عليك يا سيِّد المرسلين وخاتم النبيين، السَّلام عليك يا قائد الغرّ المحجّلين، السَّلام عليك وعلى أهل بيتك الطيِّبين الطاهرين، السَّلام عليك وعلى أزواجك الطاهرات امَّهات


1- إحياء علوم الدين 1: 259.

ص: 142

المؤمنين، السَّلام عليكَ وعلى أصحابك أجمعين، السَّلام عليكَ وعلى سائر الأنبياء وسائر عباد اللَّه الصّالين.

جزاك اللَّهُ أفضلَ ما جزى نبيّاً ورسولًا عن امَّته، وصلّى اللَّه عليكَ كلّما ذَكرَكَ الذاكِرون، وغفل عن ذِكره الغافلون، وأشهد أنْ لا إله إلّااللَّه، وأشهد أنَّك عبده ورسوله وأمينه وخيرته من خلقه، وأشهد أنَّك قد بلّغت الرِّسالة، وأدَّيت الأمانة، ونصحتَ الامَّة، وجاهدت في اللَّه حق جهاده.

قال: ومَن ضاق وقته عن ذلك فليقل ما تيسَّر منه.

زيارة سادسة

رواية الباجوري:

قال: يُسلّم عليه صلى الله عليه و آله و سلم بلا رفع صوت قائلًا:

السَّلام عليكَ يا رسول اللَّه، السَّلام عليك يا نبيَّ اللَّه، السَّلام عليك يا حبيب اللَّه، أشهد أنّك رسول اللَّه حقّاً، بلّغتَ الرِّسالة، وأدّيتَ الأمانة، ونصحتَ الامّة، وكشفتَ الغمّة، وجلوت الظّلمة، ونطقت بالحكمة، وجاهدتَ في سبيل اللَّه حقَّ جهاده، جزاك اللَّه عنّا أفضل الجزاء.

زيارة اخرى سابعة

ذكرها شرنبلالي الحنفي في «المراقي»:

السّلام عليكَ يا سيِّدي يا رسول اللَّه، السّلام عليكَ يا نبيَّ اللَّه،

ص: 143

السّلام عليكَ يا حبيب اللَّه، السّلام عليكَ يا نبيَّ الرَّحمة، السّلام عليكَ يا شفيع الامّة، السّلام عليكَ يا سيِّد المرسلين، السّلام عليك يا خاتم النبيِّين، السّلام عليك يا مزمِّل، السّلام عليكَ يا مدَّثِّر، السّلام عليكَ وعلى اصولك الطيِّبين وأهل بيتك الطاهرين الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً، جزاك اللَّه عنّا أفضل ما جزى نبيّاً عن قوله ورسولًا عن امَّته.

أشهد أنّك رسول اللَّه بلّغت الرِّسالة، وأدَّيت الأمانة، ونصحت الامّة، وأوضحت الحجّة، وجاهدت في سبيل اللَّه حقَّ جهاده، وأقمتَ الدِّين حتّى أتاك اليقين، صلّى اللَّه عليك وسلّم وعلى أشرف مكان شرَّف بحلول جسمك الكريم فيه صلاةً، وسلاماً دائمين من ربِّ العالمين، عدد ما كان وعدد ما يكون بعلم اللَّه، صلاة لا إنقضاء لأمرها.

يا رسول اللَّه! نحن وفدك وزوّار حرمك تشرّفنا بالحلول بين يديك، وجئنا من بلادٍ شاسعةٍ وأمكنةٍ بعيدةٍ، نقطع السهل والوعر بقصد زيارتك لنفوز بشفاعتك، والنظر إلى مآثرك ومعاهدك، والقيام بقضاء بعض حقِّك والإستشفاع بك إلى ربِّنا، فإنَّ الخطايا قد قصمت ظهورنها، والأوزار قد أثقلت كواهلنا وأنت الشافع المشفَّع الموعود بالشفاعة العظمى والمقام المحمود والوسيلة، وقد قال اللَّه تعالى: ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا اللَّه وإستغفر لهم الرَّسول لوجدوا اللَّه توّاباً رحيماً.

ص: 144

وقد جئناك ظالمين لأنفسنا، مستغفرين لذنوبنا، فاشفع لنا إلى ربِّك، واسأله أن يميتنا على سنّتك، وأن يحشرنا في زمرتك، وأن يوردنا حوضك، وأن يسقينا بكأسك غير خزايا ولا نادمين، الشَّفاعة الشَّفاعة يا رسول اللَّه ج تقولها ثلاثاًج، ربَّنا إغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًاّ للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤف رحيم.

زيارة ثامنة

رواية شيخ زاده في «مجمع الأنهر»:

السَّلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته، السّلام عليك يا رسول اللَّه، السّلام عليكَ يا خير خلق اللَّه، السّلام عليك يا سيِّد ولد آدم، إنِّي أشهد أن لا إله إلّااللَّه، وحده لا شريك له، وأشهد أنّك عبده ورسوله وأمينه، أشهد أنّك قد بلّغت الرِّسالة، وأدَّيت الأمانة، ونصحت الامّة، وكشفت الغمَّة، فجزاك اللَّه عنّا خيراً، جزاك اللَّه عنّا أفضل ما جزى نبيّاً عن امَّته اللّهمَّ أعط سيِّدنا ورسولك محمّداً الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وأنزله المنزل المبارك عندك، سبحانك أنت ذو الفضل العظيم.

ثمَّ يسأل اللَّه تعالى حاجته، وأعظم الحاجات حسن الخاتمة وطلب المغفرة، ويقول:

ص: 145

السَّلام عليك يا رسول اللَّه، أسألك الشفاعة الكبرى، وأتوسّل بك إلى اللَّه تعالى في أن أموت مسلماً على ملّتك وسنّتك، وأن احشر في زمرة عباد اللَّه الصّالحين. ثمَّ ذكر السّلام على الشيخين (1).

زيارة تاسعة

رواية الفاكهي:

السَّلام عليك أيّها النبيُّ الكريم- ثلاثاً- السَّلام عليك يا رسول اللَّه، السَّلام عليك يا نبيّ اللَّه، السّلام عليك يا خيرة اللَّه، السّلام عليك يا حبيب اللَّه، السَّلام عليكَ يا سيِّد المرسلين، السَّلام عليك يا خاتم النبيِّين، السَّلام عليك يا خير الخلائق أجمعين، السَّلام عليكَ يا إمام المتّقين، السَّلام عليكَ يا قائد الغرّ المحجّلين، السّلام عليكَ يا رحمةً للعالمين، السَّلام عليكَ يا منّة اللَّه على المؤمنين، السَّلام عليكَ يا شفيع المذنبين، السَّلام عليك يا هادياً إلى صراطٍ مستقيم، السَّلام عليكَ يا من وصفه اللَّه بقوله: وإنَّك لعلى خلق عظيم (2) وبالمؤمنين رؤفٌ رحيم، السَّلام عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلك وأهل بيتك وأزواجك وأصحابك أجمعين وعباد اللَّه الصالحين ورحمة اللَّه وبركاته.

جزى اللَّه محمَّداً كما هو أهله، جزاك اللَّه عنّا يا رسول اللَّه أفضل


1- مجمع الأنهر 1: 159.
2- القلم: 4.

ص: 146

ما جزى نبيّاً عن قومه و رسولًا عن امتَّه، وصلّى اللَّه عليك كلّما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، أفضل وأكمل ما صلّى على أحد من خلقه أجمعين.

وأشهد أن لا إله إلّااللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنَّك عبده ورسوله وخيرته من خلقه، فإنَّك قد بلّغت الرِّسالة، وأدَّيتَ الأمانة، ونصحتَ الامَّة، وجاهدت في اللَّه حقَّ جهاده، وكما نصَّ اللَّه في كتابه، اللّهمَّ آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، اللّهمَّ صلِّ على محمَّد عبدك ونبيِّك ورسولك النبيِّ الامِّيّ، وعلى آل محمَّد، وأزواجه وذريَّته كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّدٍ وأزواجه وذريَّته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميدٌ مجيدٌ، ربّنا آمنّا بما أنزلتَ وأتّبعنا الرَّسول فاكتبنا مع الشاهدين، الحمد اللَّه الذي أقرَّ عيني برؤيتك يا رسول اللَّه، وأدخلني بروضتك وحضرتك يا حبيب اللَّه.

فإن عجز عن ذلك كلّه أتى بما أمكنه.

الدعاء عند رأس النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم

23- يقف عند رأسه الشريف ويقول: اللّهمَّ إنّك قلتَ وقولك الحقُّ: ولو إنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا اللَّه وإستغفر لهم الرَّسول لوجدوا اللَّه توّاباً رحيماً، وقد جئناك سامعين قولك،

ص: 147

طائعين أمرك، مستشفعين بنبيك، ربنا إغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلٍّا للّذين آمنوا، ربّنا إنَّك رؤوفٌ رحيم، ربنّا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار، سبحان ربِّنا ربِّ العزَّة عمّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد للَّه ربِّ العالمين. ويدعو بما يحضره من الدعاء، ذكره شرنبلالي الحنفي في «مراقي الفلاح»، وغيره في غيرها.

دعاء آخر عنه رأسه صلى الله عليه و آله و سلم رواية «الغزالي»

يقف عند الرأس مستقبل القبلة بين القبر والاسطوانة، وليحمد اللَّه عزَّوجلَّ، وليمجِّده، وليكثر من الصّلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ثمَّ يقول:

اللّهمَّ إنَّك قلت وقولك الحقّ: ولو إنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا اللَّه وإستغفر لهم الرَّسول لوجدوا اللَّه توّاباً رحيماً(1)، اللّهمَّ إنّا سمعنا قولك، وأطعنا أمرك، وقصدنا نبيَّك، مستشفعين به إليك في ذنوبنا، وما أثقل ظهورنا من أوزارنا، تائبين من زللنا، معترفين بخطايانا وتقصيرنا، فتب اللّهمَّ علينا وشفِّع نبيّك هذا فينا، وارفعنا بمنزلته عندك وحقهِّ عليك، اللّهمَّ إغفر للمهاجرين والأنصار، وإغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد من قبر نبيِّك ومن حرمك يا أرحم


1- النساء: 64.

ص: 148

الراحمين.

ثمَّ يأتي الرَّوضة فيصلّي فيها ركعتين ويكثر من الدعاء ما استطاع لقوله صلى الله عليه و آله و سلم: «ما بين قبري ومنبري روضةٌ من رياض الجنَّة ومنبري على حوضي»(1).

وقال العدوي الحمزاوي في «كنز المطالب: ص 216»: ومن أحسن ما يقول بعد تجديد التوبة في ذلك الموقف الشريف، وتلاوة:

ولو إنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا اللَّه وإستغفر لهم الرَّسول الآية: نحن وفدك يا رسول اللَّه وزوّارك، جئناك لقضاء حقِّك، وللتبرّك بزيارتك، والإستشفاع بك ممّا أثقل ظهورنا، وأظلم قلوبنا. جوزاد الشيخ علي القاري الحنفي في شرح الشمائل:

فليس لنا شفيعٌ غيرك نؤمِّله، ولا رجاء غير بابك نصله، فاستغفر لنا وإشفع لنا إلى ربِّك يا شفيع المذنبين، وأسأله أن يجعلنا من عباده الصّالحين ج.

يا خير من دُفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهنَّ القاع والأكمُ

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ

قال الأميني: هذه مأخوذةٌ عن حكاية حكاها محمّد بن حرب الهلالي عن أعرابيّ أتى قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وزاره ثمَّ قال ما يقرب


1- أحياء علوم الدين 1: 259.

ص: 149

ممّا ذكره، رواها ابن النجّار، وابن عساكر، وابن الجوزي، والقسطلاني «في المواهب»، والسبكي في «شفاء السِّقام»، والخالدي في «صلح الأخوان: 54»، وقال: تلقّى هذه الحكاية العلماء بالقبول، وذكرها أئمّة المذاهب الأربعة في المناسك مستحسنين لها، وذكر جمعٌ تضمين أبي الطِّيب أحمد بن عبد العزيز المقدسي البيتين المذكورين بقوله:

أقول والدمع من عينيّ منسجمُ لما رأيتُ جدار القبر يُستلم

والناس يغشونه باكٍ ومنقطع من المهابة أو داعٍ فملتزمُ

فما تمالكتُ أنْ ناديت من حرق في الصدر كادت لها الأحشاء تضطرمُ

جيا خير من دُفنت بالقاع أعظمه ج

إلى آخر البيتين.

وفيه شمس التّقى والدين قد غربت من بعدما أشرقت من نيرها الظلمُ

حاشا لوجهك أن يبلى وقد هُديت في الشرق والغرب من أنواره الاممُ

ص: 150

فإنْ تمسَّك أيدي الترب لامسةًفأنت بين السَّماوات العلى علمُ

لقيتَ ربَّك والإسلام صارمه ماضٍ وقد كان بحر الكفر يلتطمُ

فقمتَ فيه مقام المرسلين إلى أنْ عزَّ فهو على الأديان محتكمُ

لئن رأيناه قبراً إنَّ باطنه لروضةٌ من رياض الخلد تبتسمُ

طافت به من نواحيه ملائكةٌتغشاه في كلِّ ما يوم وتزدحمُ

لو كنتُ أبصرته حيّاً لقلت له لا تمش إلّاعلى خدّي لك القدمُ

الصلاة على النبيّ الطاهر صلى الله عليه و آله و سلم

24- أخرج البخاري بإسناده مرفوعاً: «مَنْ صلّى عليَّ عند قبري وكّل اللَّه به ملكاً يبلّغني، وكفى أمر دنياه وآخرته، وكنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة»(1).

قال المجد: ويأتي «الزائر» بأتمِّ أنواع الصَّلاة وأكمل كيفيّاتها، والإختلاف في ذلك مشهورٌ، قال: والَّذي أختاره لنفسي:


1- ذكره الخطيب الشربيني في المغني 1: 494. «المؤلّف».

ص: 151

اللّهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمّد وآله وصحبه وأزواجه عدد ما خلقت، وعدد ما أنت خالقٌ، وزنة ما خلقت، وزنة ما أنت خالق، وملأ ما خلقت، وملأ ما أنت خالق، وملأ سماوتك، وملأ أرضك، ومثل ذلك، وأضعاف ذلك، وعدد خلقك، وزنة عرشك، ومنتهى رحمتك، ومداد كلماتك، ومبلغ رضاك، وحتّى ترضى، وعدد ما ذكرك به خلقك في جميع ما مضى، وعدد ما هم ذاكروك فيما بقي في كلِّ سنة وشهر وجمعة ويوم وليلة وساعة من السّاعات ونسيم ونفَس ولمحة وطرفة من الأبد إلى الأبد، أبد الدنيا والآخرة، وأكثر من ذلك لا ينقطع أوَّله ولا ينفد آخره.

يقوله مرَّةً أو ثلاث، ثمَّ يقول: اللّهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمّد وعلى آل سيِّدنا محمّد.

روي (1) عن ابن أبي فديك (2) قال: سمعتُ بعضَ من أدركت يقول: بلغنا أنَّه من وقف عند قبر النبيِّ صلى الله عليه و آله و سلم. فقال: إنَّ اللَّه وملائكته يصلّون على النبيِّ يا أيّها الَّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما، صلّى اللَّه تعالى على محمّد وسلّم. وفي رواية: صلّى اللَّه عليك يا محمّد. يقولها سبعين مرَّة، ناداه ملك: صلّى اللَّه عليك يا فلان لم


1- أخرجه البيهقي، والقاضي عياض في الشفاء، والسبكي في الشفاء، والعبدري في المدخل، وجمع آخرون. «المؤلّف».
2- محمّد بن إسماعيل من مسلم بن فديك المتوفّى 200 ه، إمام ثقة يروى عنه الأئمة الستة أصحاب الصحاح. «المؤلّف».

ص: 152

تسقط لك اليوم حاجة(1).

قال السَّمهودي: قال بعضهم: الأولى أن يقول: صلّى اللَّه وسلّم عليكَ يا رسول اللَّه، وإن كانت الرواية «يا محمّد» تأدُّباً، لأنَّ من خصائصه صلّى اللَّه تعالى عليه وسلّم أن لا يُنادي بإسمه، بل يُقال:

يا رسول اللَّه، يا نبيَّ اللَّه، ونحوه، والذي يظهر أنَّ هذا في نداء لا يقترن به الصَّلاة والسَّلام.

التوسل والإستشفاع بقبره الشريف صلى الله عليه و آله و سلم

25- ثمَّ يرجع الزائر إلى موقفه الأوَّل قبالة وجه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فيتوسَّل به في حقِّ نفسه، ويستشفع إلى ربِّه سبحانه وتعالى، ويكثر الإستغفار والتضرُّع بعد قوله: ياخير الرسل أنَّ اللَّه أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه: ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا اللَّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللَّه توابا رحيما(2)، وإنّي جئتك مستغفراً من ذنوبي متشفعا بك إلى ربي، ويقول:

نحن وفدك يارسول اللَّه وزوّارك، جئناك لقضاء حقك والتبرك بزيارتك والإستشفاع بك إلى ربك تعالى، فإنّ الخطايا قد أثقلت ظهورنا، وأنت الشافع المشفع الموعود بالشفاعة العظمى والمقام


1- السنن الكبرى للبيهقي 2: 177، الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 202.
2- النساء: 64.

ص: 153

المحمود، وقد جئناك ظالمين لأنفسنا، مستغفرين لذنوبنا، سائلين منك أنْ تغفر لنا إلى ربك، فأنت نبينا وشفيعنا، فاشفع لنا إلى ربك، واسأله أنْ يميتنا على سنتك ومحبتك، ويحشرنا في زمرتك، وأن يوردنا حوضك غير خزايا ولانادمين.

قال القسطلاني في «المواهب اللدنية»: وينبغي للزائر له صلى الله عليه و آله و سلم أنْ يكثر من الدعاء والتضرع والإستغاثة والتشفع والتوسل به صلى الله عليه و آله و سلم فجدير بمن استشفع به يشفعّه اللَّه فيه.

قال: وإنّ الإستغاثة هي طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به إغاثته أنْ يحصل له الغوث، فلا فرق بين أنْ يعبّر بلفظ الإستغاثة، أو التوسل، أو التشفع، أو التوجه، أو التجوه، لانهما من الجاه والوجاهة ومعناهما علو القدر والمنزلة، وقد يُتوسل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه.

قال: ثمَّ إنَ كلًا من الإستغاثة، والتوسل، والتشفّع، والتوجّه بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم كما ذكره (تحقيق النصرة ومصباح الظلام) واقع في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة، ثمَّ فصّل ما وقع من التوسّل والإستشفاع به صلى الله عليه و آله و سلم في الحالات المذكورة.

وقال الزرقاني في شرح «المواهب: ج 8، ص 317»: ونحو هذا في منسك العلامة خليل، وزاد: وليتوسّل به صلى الله عليه و آله و سلم ويسأل اللَّه تعالى بجاهه في التوسّل به إذ هو محطّ جبال الأوزار وأثقال الذنوب: لأنّ

ص: 154

بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس اللَّه بصيرته، وأضلّ سريرته، ألم يسمع قوله تعالى: ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا اللَّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللَّه توابا رحيما(1)، الآية؟

قال: ولعلّ مراده التعريض بابن تيمية.

قال الأميني: هناك جماعة من الحفّاظ وأعلام أهل السنّة بسطوا القول في التوسّل وقالوا: إنَ التوسل بالنبي جائز فى كلّ حال قبل خلقه وبعده في مدّة حياته في الدنيا وبعد موته في مدّة البرزخ وبعد البعث فى عرصات القيامة والجنة، وجعلوه على ثلاثة أنواع:

1- طلب الحاجة من اللَّه تعالى به أو بجاهه أو لبركته، فقالوا:

إنَ التوسل بهذا المعنى جائز في جميع الأحوال المذكورة.

2- التوسّل به بمعنى طلب الدّعاء منه، وحكموا بأن ذلك جائز في الأحوال كلّها.

3- الطلب من النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم ذلك الأمر المقصود، بمعنى أنه صلى الله عليه و آله و سلم قادر على التسبب فيه بسؤاله ربه وشفاعته إليه، فيعود إلى النوع الثاني في المعنى، غير أن العبارة مختلفة، وعدّوا منه قول القائل للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: أسألك مرافقتك في الجنة، وقول عثمان ابن أبي العاص:

شكوت إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم سوء حفظي للقرآن، فقال «أُدن مني


1- النساء: 64.

ص: 155

ياعثمان» وضع يده على صدري وقال: «أخرج ياشيطان من صدر عثمان»، فما سمعت بعد ذلك شيئاً إلّاحفظته.

وقال السبكي في «شفاء الأسقام»: والآثار في ذلك كثيرة أيضاً (إلى أنْ قال): فلا عليك في تسميته توسّلًا، أو تشفعاً، أو إستغاثة، أو تجوها، أو توجهها، لأن المعنى في جميع ذلك سواء.

قال الأميني: لايسعنا إيقاف الباحث على جلّ ماوقفا عليه من كلمات ضافية لأعلام المذاهب الأربعة في المناسك وغيرها حول التوسّل بالنبي الأقدس صلى الله عليه و آله و سلم ولو ذكرناها برمتها لتأتي كتاباً حافلًا، وقد بسط القول فيه جمع لايستهان بعدتهم منهم:

1- الحافظ ابن الجوزي المتوفّى 597 ه في كتاب (الوفاء في فضائل المصطفى) جعل فيه بابين في المقام: باب التوسّل بالنبي، وباب الإستشفاء بقبره.

2- شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن النعمان المالكي المتوفّى 673 ه في كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام)، قال الخالدي في صلح الإخوان: هو كتاب نفيس نحو عشرين كراساً.

وينقل عنه كثيراً السيد نور الدين السمهودي في «وفاء الوفاء» في الجزء الثاني في باب التوسّل بالنبي الطاهر.

3- ابن داود المالكي الشاذلي، ذكر في كتابه (البيان والإختصار) شيئاً كثيراً مما وقع للعلماء والصلحاء من الشدائد، فالتجئوا إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فحصل لهم الفرج.

ص: 156

4- تقي الدين السبكي المتوفّى 756 ه في «شفاء السقام: 120- 133».

5- السيد نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه في «وفاء الوفاء 2: 419- 431».

6- الحافظ أبو العباس القسطلاني المتوفّى 923 ه في «المواهب اللدنية».

7- أبو عبد اللَّه الزرقاني المصري المالكي المتوفّى 1122 ه في شرح المواهب 8: 317.

8- الخالدي البغدادي الموفي 1299 ه في (صلح الإخوان)، وهو أحسن ماألف في الموضوع، فقد جمع شوارده في سبعين صحيفة، وأفرد له رسالة رداً على كلمة السيد محمود الآلوسي في التوسّل بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم، طبعت في عشرين صحيفة بمطبعة «نخبة الأخبار» سنة 1306.

9- العدوي الحمزاوي المتوفّى 1303 ه، في «كنز المطالب: 198».

10- العزامي الشافعي القضاعي في (فرقان القرآن) المطبوع مع (الأسماء والصفات) للبيهقي في 140 صحيفة، وهو كتاب قيّم أدّى للكلام حقّه.

أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة(1)


1- الاسراء: 57.

ص: 157

التبرك بالقبر الشريف

بالتزام وتمريغ وتقبيل

26- لم نجد في المقام قولًا بالحرمة لأحد من أعلام المذاهب الأربعة ممّن لهم ولآرائهم قيمة في المجتمع، وإنما القائل بالنهي عنه من أولئك يراه تنزيهاً لاتحريماً، ويقول بالكراهة مستنداً إلى زعم أنّ الدنو من القبر الشريف يخالف حسن الأدب، ويحسب أنّ البُعد منه أليق به، وليس من شأن الفقيه النابه أنْ يُفتي في دين اللَّه بمثل هذه الإعتبارات التى لا تُبنى على أساس، وتختلف باختلاف الأنظار والآراء.

نعم، هناك أُناس (1) شذّت عن شِرعة الحق وحكموا بالحرمة، قولًا بلا دليل، وتحكّماً بلا برهان، ورأياً بلا بّينة، وهم معروفون في الملأ بالشذوذ، ولا يُعبأ بهم وبآرائهم.

فهانحن نقدم بين يدي القارئ ما يوقفه على الحقيقة، ويريه


1- هم ابن تيمية ومن لفّ لفّه. «المؤلّف».

ص: 158

صواب الرأي، وجدد الطريق، وعند جُهينة الخبر اليقين.

1- أخرج الحافظ ابن عساكر في «التحفة» من طريق طاهر بن يحيى الحسيني قال: حدثني أبي عن جدي عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي رضى الله عنه قال: «لمّا رمس رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم جاءت فاطمة رضي اللَّه عنها فوقفت على قبره صلى الله عليه و آله و سلم وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعت على عينيها وبكت، وأنشأت تقول:

ماذا على من شم تربة أحمدأن لا يشم مدى الزمان غواليا

صُبّت علي مصائب لو أنهاصُبّت على الأيام صرن لياليا

ورواه ابن الجوزي في «الوفاء» وابن سيد الناس في السيرة النبوية 2: 340، والقسطلاني في «المواهب» مختصراً، والقاري في شرح «الشمائل 2: 210»، والشبراوي في «الإتحاف: 9»، والسمهودي في «وفاء الوفاء 2: 444»، والخالدي في «صلح الإخوان: 57»، والحمزاوي في «مشارق الأنوار: 63»، والسيد أحمد زيني دحلان في «السيرة النبوية 3: 391»، وعمر رضا كحالة في «أعلام النساء 3: 1205».

وذكر البيتين لها سلام اللَّه عليها ابن حجر في «الفتاوى الفقهية 2: 18»، والخطيب الشربيني في تفسيره 1: 394، والقسطلاني في «ارشاد الساري 2: 390».

2- عن أبي الدرداء قال: إنَ بلالًا مؤذن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم رأى في منامه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وهو يقول: ماهذه الجفوة يابلال؟! أما آن لك أنْ تزورني يابلال؟! فانتبه حزيناً وجلًا خائفاً فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين رضي اللَّه عنهم فجعل يضمهما ويقبلهما. الحديث.

أخرجه الحافظ بن عساكر في «تاريخ الشام» مسنداً بطريق في

ص: 159

موضعين- كما في «شفاء السقام: 39- 40»، في ترجمة ابراهيم بن محمد الأنصاري، 2: 256 وفي ترجمة بلال. غير أنّ مهذِّب الكتاب حذف الإسناد في الموضع الأوّل وأبقى المتن، وأسقطه رأساً سنداً ومتناً في الثاني، وقد أخطأ وأساء على الحديث وعلى الكتاب.

ورواه الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي في «الكمال» في ترجمة بلال، وأبو الحجاج المزي في «التهذيب»، والسبكي في «شفاء السقام: 39»، وقال: روينا ذلك بإسناد جيد، و لاحاجة إلى النظر في الإسنادين اللذين رواه ابن عساكريهما، وإن كان رجالهما معروفين مشهورين.

وذكره ابن الأثير في «أسد الغابة 1: 208»، والسمهودي في «وفاء الوفاء 2: 408»، وقال: سند جيد، و 443 وقال: إسناده جيد، والقسطلاني في «المواهب اللدينة»، والخالدي في «صلح الإخوان: 57»، والحمزاوي في «مشارق الأنوار: 57».

3- عن علي أمير المؤمنين عليه السلام قال: «قدم علينا اعرابي بعدما دفنّا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وحثا من ترابه على رأسه وقال: يارسول اللَّه قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن اللَّه سبحانه فوعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك: ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا اللَّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللَّه توابا رحيما(1) وقد ظلمت وجئتك


1- النساء: 64.

ص: 160

تستغفر لي، فنودي من القبر: قد غفر لك، أخرجه:

1- الحافظ أبو سعيد عبد الكريم السمعاني المتوفّى 573 ه

2- الحافظ أبو عبد اللَّه بن نعمان المالكي المتوفّى 683 ه في «مصباح الظلام».

3- أبو الحسن علي بن ابراهيم بن عبد اللَّه الكرخي.

4- الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801 ه في «الروض الفائق 2: 137».

5- السيد نور الدين السمهودي المتوفّى 911 ه في «وفاء الوفاء 2: 412».

6- أبو العباس القسطلاني المتوفّى 922 ه في «المواهب اللدنية».

7- الشيخ داود الخالدي المتوفّى 1299 ه في «صلح الإخوان: 540».

8- الشيخ حسن الحمزاوي المالكي المتوفّى 1303 ه في «مشارق الأنوار: 57».

4- عن داود بن أبي صالح: أقبل مروان يوماً فوجد رجلًا واضعاً وجهه (جبهته) على القبر، فأخذ مروان برقبته ثمَّ قال: هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فاذا أبو أيوب الأنصاري، فقال: نعم

ص: 161

إنّي لم آت الحجر إنما جئت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ولم آت الحجر، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يقول: «لاتبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله».

أخرجه الحاكم في «المستدرك 4: 515»، وصحّحه هو والذهبي في تلخيصه، ورواه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسيني في «أخبار المدينة» باسناد آخر عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب كما في «شفاء السقام، للسبكي: 113»، قال السبكي بعد حكايته: فإن صحّ هذا الإسناد لم يُكره مس جدار القبر، وإنما أردنا بذكره القدح في القطع بكراهة ذلك.

وذكره السيد نور الدين السمهودي في «وفاء الوفاء 2: 410- 443»، نقلًا عن إمام الحنابلة أحمد قال: رأيته بخط الحافظ أبي الفتح المراغي المدني.

وأخرجه الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد 4: 2»، نقلًا عن أحمد.

قال الأميني: إنَّ هذا الحديث يُعطينا خبراً بأن المنع عن التوسّل بالقبور الطاهرة إنما هو من بدع الأمويين وضلالاتهم منذ عهد الصحابة، ولم تسمع أذن الدنيا قط صحابياً ينكر ذلك غير وليد بيت أمية مروان الغاشم، نعم الثور يحمي أنفه بروقه، نعم بعلّة الورشان يأكل رطب الوشان، نعم لبني أمية عامة ولمروان خاصة ضغينة على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم منذ يوم لم يبق صلى الله عليه و آله و سلم في الأسرة الأموية حرمة إلّاانتهكها، ولا ناموساً إلّامزقه، ولا ركناً إلّا أباده، وذلك بوقيعته صلى الله عليه و آله و سلم فيهم، وهو لا ينطق عن الهوى إنْ هو إلّاوحي

ص: 162

يوحى علّمه شديد القوى. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه و آله و سلم قوله: «إذا بلغت بنو أمية أربعين اتخذوا عباد اللَّه خولًا، ومال اللَّه دغلًا».

وصحَّ عنه صلى الله عليه و آله و سلم قوله: «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا اتخذوا دين اللَّه دغلًا، وعباد اللَّه خولًا، ومال اللَّه دولًا».

وصحَّ عنه صلى الله عليه و آله و سلم قوله لمّا استأذن الحكم بن أبي العاص عليه:

«عليه لعنة اللَّه وعلى من يخرج من صلبه إلّاالمؤمن منهم وقليل ماهم، يشرفون على الدنيا ويضعون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة، يُعطون في الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق» ..

وصحَّ عنه صلى الله عليه و آله و سلم قوله لمّا أُدخل عليه مروان بن الحكم: «هو الوزغ بن الوزغ، الملعون ابن الملعون».

وصحَّ عن عائشة قولها: إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: «لعن اللَّه أبا مروان ومروان في صلبه، فمروان فضض من لعنة اللَّه عز وجل».

وصحَّ عن عبد اللَّه بن الزبير: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لعن الحكم وولده (1).

فحقيق على مروان أنْ يري الأمة الاسلامية أنه يُحامي عن التوحيد وقد رام أن يخذلها عن نبيها ويصغّره عندها، وكيف يروقه نبيّ كان هذا هتافه فيه وفي أبيه وجده وأصله وشجرته؟ تلك الشجرة الملعونة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.


1- هذه الأحاديث أخرجها جمع من الحفاظ بطرقهم، وقد جمعها الحاكم وصححها في «المستدرك 4: 479- 482». «المؤلّف».

ص: 163

فلا يحق لمسلم أنْ يحذو حذو تلك الأمة الملعونة بقولهم ويتخذ برأيهم ويتبع اثر أولئك الرجال الذين اتخذوا دين اللَّه دغلًا، وعباد اللَّه خولًا، وكتاب اللَّه حولًا.

5- عن أبي خيثمة (زهير بن حرب الثقة المأمون المتوفّى 234 ه) قال: حدثنا مصعب بن عبد اللَّه، حدثنا اسماعيل بن يعقوب التيمي قال: كان ابن المنكدر(1) يجلس مع أصحابه قال: وكان يصيبه الصمات، فكان يقوم كما هو يضع خده على قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم ثمَّ يرجع، فعوتب في ذلك قال: إنّه ليصيبني خطرة فاذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن فيتمرغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك فقال: إنّي رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم في هذا الموضع (يعني موضع النوم)(2).

6- قال العز بن جماعة الحموي الشافعي المتوفّى 819 ه في كتاب «العلل والسؤالات» لعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه رواية أبي علي بن الصوف عنه، قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ويتبرك بمسه ويقبله، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب اللَّه تعالى؟ قال: لابأس به (وفاء الوفاء 2: 443).

7- قال العلامة أحمد بن محمد المقري المالكي المتوفّى 1041 ه


1- محمد بن المنكدر القرشي التيمي أبو عبد اللَّه المدني، أحد الأئمة الأعلام من التابعين، توفي 130 ه. «المؤلّف».
2- وفاء الوفاء: 2: 444. «المؤلّف».

ص: 164

في «فتح المتعال بصفة النعال» نقلًا عن ولي الدين العراقي، قال: أخبر الحافظ أبو سعيد بن العلا قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر(1) وغيره من الحفاظ أنَّ الأمام أحمد بن حنبل سُئل عن تقبيل قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وتقبيل منبره؟

فقال: لابأس بذلك.

قال: فأريناه التقيَّ ابن تيمية، فصار يتعجب من ذلك ويقول:

عجبت من أحمد، عندي جليل هذا كلامه أو معنى كلامه. وقال:

وأيّ عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به؟(2)، وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فما بالك بمقادير الصحابة؟ وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ وما أحسن ماقاله مجنون ليلى:

أمر على الديار ديار ليلى أُقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا

8- ذكر الخطيب ابن حملة أنَّ عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف (3)، وأنّ


1- هو الحافظ محمّد بن ناصر أبو الفضل البغدادي، توفي سنة 550 ه، قال ابن الجوزي في المنتظم 10: 163 كان حافظاً متقناً ثقة لا مغمز فيه. «المؤلّف».
2- ذكره ابن الجوزي في مناقب أحمد 455، و ابن كثير في تأريخه 10: 331. «المؤلّف».
3- وفي «الشفاء» للقاضي: رؤى ابن عمر واضعاً يده على قبر محمد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من المنبر، ثم وضعها عليه وجهه. «المؤلّف».

ص: 165

بلالًا رضي اللَّه تعالى عنه وضع خديه عليه أيضاً. ورأيت في كتاب «السؤالات» لعبد اللَّه بن الإمام أحمد (وذكر ماتقدم عن ابن جماعة ثمَّ قال): ولاشك أن الإستغراق في المحبة يحمل على الإذن في ذلك، والمقصود من ذلك كلّه الإحترام والتعظيم، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته، فأناس حين يرونه لايملكون أنفسهم بل يبادرون إليه، وأناس فيهم أناة يتأخرون، والكلّ محل خير(1).

9- قال شيخ مشايخ الشافعية الشافعي الصغير محمد بن أحمد الرملي 1004 ه في شرح «المنهاج»: ويكره أنْ يجعل على القبر مظلة، وأن يقبل التابوت الذي يجعل فوق القبر واستلامه وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء. نعم، إنْ قُصد التبرّك لا يكره، كما أفتى به الوالد رحمه اللَّه تعالى، فقد صرحوا(2) بأنه إذا عجز عن استلام الحجر سن له أنْ يشير بعصا وأن يقبلها(3).

10- قال أبو العباس أحمد الرملي الكبير الأنصاري شيخ الشيوخ في حاشية «روض الطالب» المطبوعة في هامش «أسنى


1- وفاء الوفاء للسمهودي: 2: 444.
2- أخرج الحميدي في الجمع بين الصحيحين وأبو داود في مسنده أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كان يشير إلى الحجر الأسود بمحجنته ويقبل المحجن. «المؤلّف».
3- حكاه الشبراملسي الشيخ أبي الضياء المتوفّى 1087 ه في حاشية «المواهب اللدنية» والحمزاوي في «كنز المطالب: 19».

ص: 166

المطالب» 1: 331 عند قول المصنف في أدب مطلق زيارة القبور (أن يدنو منه دنوه منه حياً): قال في المجموع: ولا يستلم القبر ولا يقبله، ويستقبل وجهه للسلام، والقبلة للدعاء وذكره أبو موسى الأصبهاني قال شيخنا: نعم: إنْ كان قبر نبيّ أو ولي أو عالم واستلمه أو قبله بقصد التبرك فلا بأس به.

11- نقل الطيب الناشري عن محب الدين الطبري الشافعي: أنه يجوز تقبيل القبر ومسّه، قال: وعليه عمل العلماء الصالحين وأنشد:

لو رأينا لسليمى أثراًلسجدنا ألف ألف للأثر(1)

12- قال القاضي عياض المالكي في «الشفاء» بعد كلام طويل في تعظيم قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: وجدير لمواطن عُمّرت بالوحي والتنزيل، وتردّد بها جبرئيل وميكائيل، وعرجت منها الملائكة والرّوح، وضجّت عرصاتها بالتقديس والتسبيح، واشتملت تربتها على سيّد البشر، وانتشر عنها من دين اللَّه وسنّة نبيه ماانتشر، مدارس آيات ومساجد وصلوات، ومشاهد الفضائل والخيرات، ومعاهد البراهين والمعجزات، ومناسك الدين، ومشاعر المسلمين، ومواقف سيّد المرسلين، ومتبوء خاتم النبيين حيث انفجرت النبوة، وأين فاض عبابها، ومواطن تهبط الرسالة،


1- وفاء الوفاء 2: 444.

ص: 167

وأول أرض مس جلد المصطفى ترابها، أنْ تعظّم(1) عرصاتها، وتنسّم نفحاتها، وتقبّل ربوعها وجدرانها.

يادار خير المرسلين ومن به هُدى الأنام وخصّ بالآيات

عندي لأجلك لوعة وصبابةوتشوّق متوقد الجمرات

وعليّ عهد إنْ ملأت محاجري من تلكم الجدران والعرصات

لأعفِّرنَّ مصون شيبي بينهامن كثرة التقبيل والرَّشفات

لولا العوادي والأعادي زرتهاأبداً ولو سحباً على الوجنات

لكن سأهدي من حفيل تحيّتي لقطين تلك الدار والحجرات

.... الخ

13- قال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المتوفّى 1069 ه في شرح «الشفاء 3: 577»، عند قول القاضي: ونقل من كتاب أحمد بن سعيد الهندي فيمن وقف بالقبر أنْ لايلصق به ولايمسّه بشي ء من جسده، فلا يقبله فيكره مسّه وتقبيله وإلصاق صدره لأنه ترك أدب، وكذا كلّ ضريح يُكره فيه، وهذا أمر غير مجمع عليه، ولذا قال أحمد والطبري: لابأس بتقبيله والتزامه، وروي أن أبا أيوب الأنصاري كان يلتزم القبر الشريف، قيل:

وهذا لغير من لم يغلبه الشوق والمحبة، وهو كلام حسن.

وقال في 3: 571 عند قول ابن أبي مليكة- من أحب أنْ يكون


1- أن وما بعدها في تأويل مصدر على أنه خبر قوله: جدير في أول الكلام. «المؤلّف».

ص: 168

وجاه النبيّ فيجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه:

هو إرشاد لكيفية الزيارة، وأن يكون بينه وبين القبر فاصل، فقيل إنّه يبعد عنه بمقدار أربعة أذرع. وقيل: ثلاثة، وهذا مبني على أنّ البعد أولى وأليق بالأدب كما كان في حياته صلى الله عليه و آله و سلم وعليه الأكثر، وذهب بعض المالكية إلى أن القرب أولى. وقيل: يعامله معاملته في حياته، فيختلف ذلك باختلاف الناس، وهذا باعتبار ماكان في العصر الأوّل، وأما اليوم فعليه مقصورة تمنع من دنو الزائر، فيقف عند الشباك.

14- نقل عن ابن ابي الصيّف اليماني، أحد علماء مكة من الشافعية، جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين.

15- قال الحافظ ابن حجر: استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل كلّ من يستحق التعظيم من آدمي وغيره، فأما تقبيل يد الآدمي فسبق في الأدب، وأما غيره فنقل عن أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وقبره فلم ير به بأساً واستبعد(1) بعض أتباعه صحته عنه(2).

16- قال الزرقاني المصري المالكي في شرح «المواهب: ج 8،


1- المستبعد هو ابن تيمية أو من شاكله من أهل الأهواء المضلة الذين لا يعتنا بهم وبآرائهم في دين اللَّه. «المؤلّف».
2- وفاء الوفاء للسمهودي: 2: 444.

ص: 169

ص 315»: تقبيل القبر الشريف مكروه، إلّالقصد التبرّك فلا كراهة كما اعتقده الرملي.

17- قال الشيخ ابراهيم الباجوري الشافعي في حاشيته على شرح ابن قاسم الغزّي على متن الشيخ أبي شجاع في الفقه الشافعي 1: 6 إنّه: يُكره تقبيل القبر واستلامه، ومثله التابوت الذي يجعل فوقه، وكذلك تقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء، إلّاأن قصد به التبرّك بهم فلا يكره، وإذا عجز عن ذلك لازدحام ونحوه، كاختلاط الرجال بالنساء كما يقع في زيارة سيدي أحمد البدوي، وقف في مكان يتمكن فيه من الوقوف بلا مشقة، وقرأ ما تيسر، وأشار بيده أو نحوها، ثمَّ قبل ذلك، فقد صرحوا بأنه إذا عجز عن استلام الحجر الأسود يُسنّ له أنْ يُشير بيده أو عصا ثمَّ يقبلها.

18- قال الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المالكي في «كنز المطالب: 20» و «مشارق الأنوار: 66»، بعد نقل عبارة الرملي المذكور: ولامريّة حينئذ أنَّ تقبيل القبر الشريف لم يكن إلّا للتبرك، فهو أولى من جواز ذلك لقبور الأولياء عند قصد التبرك، فيحمل ماقاله العارف على هذا المقصد، لاسيما وأن قبره الشريف روضة من رياض الجنة.

19- قال الشيخ سلامة العزامي الشافعي في «فرقان القرآن:

ص 133»: وقال (يعني ابن تيمية): من طاف بقبور الصالحين أو

ص: 170

تمسح بها كان مرتكباً أعظم العظائم.

وأتى بكلام ملتبس، فمرة يجعله من الكبائر، واخرى من الشرك إلى مسائل من أشباه ذلك، قد فرغ العلماء المحققون والفقهاء المدققون من بحثها وتدوينها قبل أن يولد هو بقرون، فيأبى إلّا أنْ يخالفهم، وربما ادّعى الإجماع على مايقول، وكثيراً ما يكون الإجماع قد انعقد قبله على خلاف قوله، كما يعلم ذلك من أمعن في كلامه وكلام من قبله وكلام من بعده ممن تعقبه من أهل الفهم المستقيم والنقد السليم، واليك مثالًا:

التمسح بالقبر أو الطواف به من عوام المسلمين، فأهل العلم فيه على ثلاثة أقوال: الجواز مطلقاً، والمنع مطلقاً على وجه كراهة التنزيه الشديدة ولكنها لاتبلغ حدّ التحريم، والتفصيل بين من غلبه شدة شوق إلى المزور فتنتفي عنه هذه الكراهة، ومن لا فالأدب تركه.

وأنت إذا تأمّلت في الأمور التي كفر بها المسلمين وجعلها عبادة لغير اللَّه، وجدت حجته ترجع إلى مقدمتين:

صدقت كبرا هما وهي: كلّ عبادة لغير اللَّه شرك، وهي معلومة من الدين بالضرورة، ثمَّ يسوق عليه الأدلة بالآيات الواردة في المشركين.

وكذبت صغراهما، وهي قوله: كلّ نداء لمّيت أو غائب، أو طواف بقبر أو تمسح به، أو ذبح أو نذر لصاحبه- الخ- فهو عبادة لغير اللَّه، ثمَّ يسوق الآيات والأحاديث الصحاح التي لم يفهمها أو

ص: 171

تعمّد في تأويلها على غير وجهها.

ثم يخرج من هذا القياس الذي فسدت احدى مقدمتيه بنتيجة لامحالة كاذبة وهي: أنّ جمهور المسلمين إلّاإيّاه ومن شايعه مشركون كافرون، وقد أجاد تلخيص هذا المذهب وأدلته وتزييفها منطقياً وأصولياً كلّ الإجادة سيّد أهل التحقيق وتاج أهل التدقيق الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن عبد المجيد الفاسي سنة تسع وعشرين ومائتين وألف، في مؤلف رّد به على ذلك المذهب، ينطق بعلّو كعب هذا الإمام.

إلى أنْ قال: ولقد تعدّى هذا الرجل حتّى على الجناب المحمّدي فقال: إنَّ شدّ الرحال إلى زيارته معصية، وإنّ من ناداه مستغيثاً به عليه الصّلاة والسّلام بعد وفاته فقد أشرك، فتارة يجعله شركاً أصغر، واخرى يجعله شركاً أكبر وإن كان المستغيث ممتلى ء القلب بأنه لاخالق ولامؤثر إلّااللَّه، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم إنّما ترفع إليه الحوائج ويُستغاث به، على أنّ اللَّه جعله منبع كلّ خير، مقبول الشفاعة، مستجاب الدعاء، صلى الله عليه و آله و سلم كما هي عقيدة جميع المسلمة مهما كانوا من العامّة. اه

وأخبر جمال الدين عبد اللَّه بن محمّد الأنصاري المحدّث قال:

رحلنا مع شيخنا تاج الدين الفاكهاني (1) إلى دمشق، فقصد زيارة


1- الفقيه المالكي المتضلع من الفقه وأصوله والأدب، له تآليف قيمة توفي 734 ه. «المؤلّف».

ص: 172

نعل سيدنا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم التي بدار الحديث الأشرفيّة بدمشق، وكنت معه فلمّا رأى النعل المكرّمة حسر عن رأسه وجعل يقبّله ويمرّغ وجهه عليه ودموعه تسيل وأنشد:

فلو قيل للمجنون: ليلى ووصلهاتريد أم الدنيا وما في طواياها؟

لقال: غبار من تراب نعالهاأحبُّ إلى نفسي وأشفى لبلواها(1)

20- أخرج محبّ الدين الطبري في «الرياض النضرة 2: 54»، حديثاً طويلًا فيما اتفق بالأبواء بين عمر بن الخطاب لمّا خرج حاجاً في نفر من أصحابه وبين شيخ استغاث به، وفيه: لمّا انصرف عمر ونزل ذلك المنزل واستخبر عن الشيخ وعرف موته، فكأني أنظر إلى عمر وقد وثب مباعداً ما بين خطاه حتى وقف على القبر- قبر الشيخ- فصلى عليه ثمَّ اعتنقه وبكى.

فلو جاز لمثل عمر الوقوف على قبر رجل عادي واعتناقه والبكاء عليه، فما وازع الأمة عن الوقوف على قبر رسولها الكريم واعتناقه والبكاء عليه أو قبور عترته الطاهرة؟!.

أولئك الذين هدى اللَّه فبهداهم اقتده (2)


1- الديباج المذهب: 187.
2- الأنعام: 90.

ص: 173

زيارة أبي بكر بن أبي قحافة

لفظ الفقه على المذاهب الأربعة 1: 551

27- ثمَّ يقف حيث يحاذي رأس الصديق رضى الله عنه ويقول:

السّلام عليك ياخليفة رسول اللَّه، السّلام عليك ياصاحب رسول اللَّه في الغار، السّلام عليك يارفيقه في الأسفار، السلام عليك ياأمينه في الأسرار، جزاك اللَّه عنا أفضل ما جزى اماماً عن أمة نبيه، ولقد خلفته بأحسن خلف، وسلكت طريقه ومنهاجه خير سلك، وقاتلت أهل الردّة والبدع، ومهّدت الإسلام، ووصلت الأرحام، ولم تزل قائماً للحقّ ناصراً لأهله حتى أتاك اليقين، والسّلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته، اللّهمَّ أمتنا على حبّه ولاتخّيب سعينا في زيارته برحمتك ياكريم.

زيارة عمر بن الخطاب

28- ثمَّ يتحول حتى يحاذي قبر عمر رضى الله عنه ويقول:

السلام عليك ياأمير المؤمنين، السلام عليك يامظهر الإسلام، السلام عليك يامكسّر الأصنام، جزاك اللَّه عنّا أفضل الجزاء،

ص: 174

ورضي اللَّه عمن استخلفك، فقد نصرت الإسلام والمسلمين حيّاً وميتاً، فكفلت الأيتام، و وصلت الأرحام، وقوي بك الإسلام، وكنت للمسلمين اماماً مرضيا وهاديا مهديا، جمعت شملهم، وأغنيت فقيرهم، وجبرت كسرهم، السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته.

قال الأميني: هذه الزيارة هي التي ذكرها شرنبلالي الفقيه الحنفي في «مراقي الفلاح» وغير واحد من السلف، غير أن أعلام اليوم زادوا فيها ماراقهم من فضائل الشيخين، وليس هناك أي وازع من ذلك، إذ في وسع الزائر سرد جمل الثناء على المزور بكل مايعلم من مناقبه، وقد أطبقت الأمة الاسلامية على هذا في قرونها الخالية حتى اليوم.

زيارة اخرى

رواية القسطلاني

ينتقل عن يمينه قدر ذراع فيسلّم على أبي بكر رضى الله عنه، لأنّ رأسه بحذاء منكب النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فيقول:

السلام عليك ياخليفة سيد المرسلين، السلام عليك يامن أيّد اللَّه به يوم الردة الدين، جزاك اللَّه عن الإسلام والمسلمين خيراً، اللّهمَّ ارض عنه وارض عنا به.

ثم ينتقل عن يمينه قدر ذراع فيسلم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيقول:

السلام عليك ياأمير المؤمنين، السلام عليك يامن أيّد اللَّه به الدين، جزاك اللَّه عن الإسلام والمسلمين خيراً، اللّهمَّ ارض عنه وارض عنّا به.

ص: 175

زيارة اخرى

لفظ الباجوري

يتأخّر صوب يمينه قدر ذراع فيسلّم على أبي بكر رضى الله عنه فيقول:

السلام عليك ياخليفة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، جزاك اللَّه عن أمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم خيراً.

ثمّ يتأخر أيضاً قدر ذراع فيسلم على عمر رضى الله عنه فيقول مثل ماتقدم، ثم يرجع إلى موقفه الأوّل قبالة وجهه صلى الله عليه و آله و سلم ويتوسّل به إلى ربه.

زيارة الشيخين

بلفظ واحد

ثم يرجع قدر نصف ذراع فيقول:

السلام عليكما ياضجيعي رسول اللَّه ورفيقيه، ووزيريه، ومشيريه، والمعاونين له على القيام في الدين، القائمين بعده بمصالح المسلمين، وجزاكما اللَّه أحسن الجزاء.

وزاد شرنبلالي الحنفي في «مراقي الفلاح»: جئناكما نتوسّل بكما إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ليشفع لنا ويسأل ربنا أنْ يتقبّل سعينا ويحينا على ملته ويميتنا عليها ويحشرنا في زمرته.

زيارة الشيخين بلفظ آخر

ذكرها ابن حبيب في ذيل زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم

السلام عليكما ياصاحبي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، يا أبابكر وياعمر

ص: 176

جزاكما اللَّه عن الإسلام وأهله أفضل ماجزى وزيري نبيّ على وزارته في حياته، وعلى حسن خلافته إياه في امته بعد وفاته، فقد كنتما لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وزيري صدق في حياته، وخلفتماه بالعدل والإحسان في امته بعد وفاته، فجزاكما اللَّه على ذلك مرافقته في جنته وإيانا معكم برحمته.

زيارة الشيخين بلفظ ثالث

رواية الغزالي

السلام عليكما ياوزيري رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، والمعاونين له على القيام بالدين مادام حياً، والقائمين في امته بعده بأمور الدين، تتبعان في ذلك آثاره، وتعملان بسنّته، فجزاكما اللَّه خير ماجزى وزيري نبيّ عن دينه.

وهناك ألفاظ اخرى في «مجمع الأنهر» وغيره وفي المذكور غنىً وكفاية، قال ابن الحاج في «المدخل 1: 256»، يثني عليهما بما حضره، ويتوسّل بهما إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم ويقدمهما بين يديه في حوائجه.

29- ولايقف في الحرم الأقدس طويلًا بل بمقدارالصّلاة والدعاء تأدّباً منه، فهذا مستحب عنده.

وداع الحرم الأقدس

30- ثمَّ إذا فرغ الزائر من أشغاله وعزم على الخروج من المدينة،

ص: 177

فالمستحب أن يأتي القبر الشريف، ويعيد دعاء الزيارة كما سبق ويودّع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، ويسأل اللَّه عز وجل أنْ يرزقه العودة إليه، ويسأل السلامة في سفره، ثمَّ يصلي ركعتين في الروضة الصغيرة، وهي موضع مقام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قبل أنْ زيدت المقصورة في المسجد، فاذا خرج فليخرج رجله اليسرى أولًا ثمَّ اليمنى وليقل:

اللّهمَّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، ولا تجعله آخر العهد بنبيّك، وحطّ أوزاري بزيارته، وأصبحني في سفري السلامة، ويسرّ رجوعي إلى أهلي ووطني سالماً يا أرحم الراحمين.

ويقول: اللّهمَّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى ومن العمل ما تحبُّ وترضى، اللّهمَّ كن لنا صاحباً في سفرنا وخليفةً على أهلنا، اللّهمَّ ذلِّل لنا صعوبة سفرنا وأطوعنا بعده، اللّهمَّ إنّا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في الأهل والمال، اللّهمَّ أصحبنا بنصح وأقلبنا بذمّة، اكفنا ما أهمَّنا ومالا نهتمّ له، ورجِّعنا سالمين مع القبولِ والمغفرة والرضوانِ، ولاتجعله آخر العهد بهذا المحلِّ الشريف.

ويُعيد السّلام والدُّعاء المتقدِّم في الزيارة ويقول بعده:

اللّهمَّ لاتجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك صلى الله عليه و آله و سلم وحضرته الشريفة، ويسرّ لي العود إلى الحرمين سبيلًا سهلة، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

وزاد الشربيني في «المغني»: وردّنا إلى أهلنا سالمين غانمين.

ص: 178

وقال الكرماني من الحنفيّة: إذا اختار الرجوعُ يستحبُّ له أن يأتي القبر الشريف ويقول بعد السلام والدّعاء:

ودَّعناك يا رسول اللَّه غير مودّع ولا سامحين بفرقتك، نسألك أن تسأل اللَّه تعالى أن لايقطع آثارنا من زيارة حرمك، وأن يُعيدنا سالمين غانمين إلى أوطاننا، وأن يُبارك لنا فيما وهب لنا، وأن يرزقنا الشكر على ذلك، اللّهمَّ لاتجعل هذا آخر العهد من زيارة قبر نبيّك صلى الله عليه و آله و سلم.

ثمَّ يتوجّه إلى الروضة ويصلّي ركعتين عند الخروج، ويسأل اللَّه العود.

زيارة أئمّة البقيع وبقية المزارات فيها

31- ويُستحبّ بعد زيارته عليه السلام أن يخرج جالزائرج إلى البقيع كلَّ يوم، ويوم الجمعة آكد كما قال الفاكهي، وفي إحياء العلوم: يسحبّ أن يخرج كلّ يوم إلى البقيع (1) وكذا قال النووي والفاخوري وزاد الأخير: ويخصُّ يوم الجمعة يأتي المشاهد والمزارات فيزور العباس ومعه الحسن بن علي، وزين العابدين، وابنه محمّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، ويزور أميرالمؤمنين سيدنا عثمان، وقبر إبراهيم بن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وعمّته صفيّة، وكثيراً من الصحابة والتابعين، خصوصاً سيّدنا مالكاً وسيدنا نافعاً ويقول:


1- إحياء علوم الدين 1: 260.

ص: 179

سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار، سلامٌ عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون. ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص.

وقال النووي يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السابقون وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل البقيع الغرقد، اللهم لاتحرمنا أجرهم، ولاتفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم.

وزاد القاضي حسين: اللهم ربَّ هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحاً منك وسلاماً منّي، اللهم برّد مضاجعهم عليهم واغفر لهم(1).

وقال إبن الحاجّ في «المدخل 1: 265»: هو بالخيار إن شاء أن يخرج إلى البقيع ليزور مَن فيه اقتداء بالنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فإذا أتى إلى البقيع بدأ بثالث الخلفاء عثمان بن عفّان رضى الله عنه، ثمَّ يأتي قبر العبّاس عمَّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، ثمَّ يأتي من بعده من الأكابر، وينوي امتثال السنّة في كونه عليه الصلاة والسلام كان يزور أهل البقيع الغرقد، وهذا نصٌّ في الزيارة، فدلّ على أنّها قربةٌ بنفسها مستحبّة، معمولٌ بها في الدين، ظاهرةٌ بركتها عند السلف والخلف.

قال الأميني: إنّ المشاهد المقصودة بالبقيع كانت مشهودة قبل استيلاء يد العيث والفساد الأثيمة عليها، وهي كثيرة جمعها وبسط


1- وفاء الوفاء، للسمهودي 2: 448.

ص: 180

القول فيها السمهودي في «وفاء الوفاء 2: 101- 105، وهناك فوائد هامّة.

زيارة شهداء أُحد

32- يستحبّ للحاجّ أن يزور شهداء أُحد، قال النووي وشرنبلالي وغيرهما: أفضلها وأحسنها يوم الخميس خصوصاً قبر سيّدنا حمزة.

وقال الفاخوري في «الكفاية»: ويخصُّ بها يوم الإثنين.

وقال إبن حجر: ويسنُّ له أن يأتي متطهّراً قبور الشهداء بأُحد ويبدأ بسيّد الشهداء حمزة رضى الله عنه.

وقال الفاكهي في «حسن الأدب: 83»: وقد ورد: «زوروهم وسلّموا عليهم، والذي نفسي بيده لايسلّم عليهم أحدٌ إلّاردّوا عليه إلى يوم القيامة»، ولا يخفى أنَّ ردّهم السلام دعاءٌ بالسلامة ودعاؤهم مستجابٌ.

زيارة حمزة عمّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم

فيقول وهو في غاية الأدب والإجلال:

السلام عليك يا عمَّ المصطفى، السلام عليك يا سيّد الشهداء، السلام عليك يا أسداللَّه، السلام عليك يا أسد رسول اللَّه، رضي اللَّه عنك وأرضاك، وجعل الجنّة منقلبك ومثواك، السلام عليكم أيّها الشهداء ورحمة اللَّه وبركاته.

ص: 181

قال إبن جبير في رحلته ص 153: وحول الشهداء جبجبل أُحدج تربةٌ حمراء، هي التربة التي تنسب إلى حمزة، ويتبرّك الناس بها.

زيارة بقيّة الشهداء

ثمَّ يتوجّه إلى قبور الشهداء الباقين- والمشهور من الشهداء المكرّمين الذين استشهدوا يوم أُحد وهم سبعون رجلًا- فيقول:

السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، السلام عليكم يا شُهداء، السلام عليكم يا سعداء، رضي اللَّه عنكم وأرضاكم.

قال الحمزاوي في «كنز المطالب: 230»: ويتوسّل بهم إلى اللَّه في بلوغ آماله؛ لأنّ هذا المكان محلّ مهبط الرحمات الربّانية، وقد قال خير البريّة عليه الصلاة وأزكى التحيّة: «إنّ لربّكم في دهركم نفحات ألا فتعرّضوا لنفحات ربّكم»، ولاشكّ ولا ريب أنّ هذا المكان محلُّ هبوط الرّحمات الإلهيّة، فينبغي للزائر أن يتعرّض لهاتيك النفحات الإحسانيّة، كيف لا؟ وهم الأحبّة والوسيلة العظمى إلى اللَّه ورسوله، فجديرٌ لمن توسّل بهم أن يبلغ المنى، وينال بهم الدرجات العلى، فإنّهم الكرام لايخيب قاصدهم وهم الأحياء، ولا يُردُّ من غير إكرام زائرهم.

وقال السمهودي في «وفاء الوفاء 2: 113»: وقد سرد إبن النجّار أسماءهم، فتبعه ليسلّم عليهم من شاء بأسمائهم:

حمزة بن عبدالمطلب، عبداللَّه بن جحش، مصعب بن عمير،

ص: 182

عمارة بن زياد، شماس بن عثمان، عمر بن معاذ، الحارث بن أنس، سلمة بن ثابت، عمر بن ثابت، ثابت بن وقش، رفاعة بن وقش، حسيل بن جابر، صيفي بن قبطي، الحباب بن قبطي، عُباد بن سهل، الحارث بن أوس، أياس بن أوس، عُبيد بن التهان، حبيب ابن زيد، يزيد بن حاطب، أبو سفيان بن الحارث، أنيس بن قتادة، حنظلة بن أبي عامر، أبو حيّة بن مسلمة، عُبيد اللَّه بن جبير، أبوسعد بن خيثمة، عبداللَّه بن مسلمة، سُبيع بن حاطب، عمرو بن قيس، قيس بن عمرو، ثابت بن عمرو، عامر بن مخلد، أبوهبيرة بن الحارث، عمرو بن مطرف، أوس بن ثبت، أنس بن النضر، قيس ابن مخلد، عمرو بن أياس، سليم بن الحارث، نعمان بن عبد، خارجة بن زيد، سعد بن ربيع، أوس بن الأرقم، مالك بن سنان، سعد بن سويد، علبة بن ربيع، ثعلبة بن سعد، نقيب بن فروة، عبداللَّه بن عمرو، ضمرة الجهني، نوفل بن عبداللَّه، عبّاس بن عبادة، نعمان بن مالك، المحذر بن زياد، عبادة بن الحسحاس، رفاعة بن عمرو، عبداللَّه بن عمرو، عمرو بن الجموح، خلّاد بن عمرو، أبو أيمن مولى عمرو، عبيدة بن عمرو، عنترة مولى عبيدة، سهل بن قيس، ذكوان بن عبد قيس، عُبيد بن المُعلّى، مالك بن نميلة، الحارث بن عدي، مالك بن أياس، أياس بن عدي، كيسان مولى بني النجار.

ومن أراد الوقوف على تفصيل أسماء هؤلاء الشهداء السعداء

ص: 183

وعرفان أُسرهم فعليه بسيرة إبن هشام 2: 75- 81، وللسمهودي في «وفاء الوفاء 2: 114- 119» حول قبور شهداء أُحد كلمةٌ ضافية فيها فوائد جمّة.

33- قال الكمال بن الهمام محقّق الحنفيّة: ويزور جبل أُحد نفسه، ففي الصيح: «أُحد جبلٌ يحبّنا ونحبّه»(1).

قال الأميني: جعل البخارى في صحيحه في آخر غزوة أُحد باباً في حديث: «أُحد يحبّنا ونحبّه»(2).

34- ويستحبّ استحباباً مؤكّداً- كما قال النووي- أن يأتي مسجد قباء، وفي يوم السبت أولى، وقال الفاكهي: في السبت، فالإثنين، فالخميس أولى، سيّما صبيحة سابع عشر رمضان لحديث في ذلك. فيصلّي ويقول بعد دعائه بما أحبّ:

يا صريح المستصرخين، يا غياث المستغيثين، يا مفرّج كرب المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرّين، صلِّ على سيّدنا محمّد وآله، واكشف كربي وحزني كما كشفت عن رسولك حزنه وكربه في هذا المقام، يا حنّان يا منّان، يا كثير المعروف والإحسان، يا دائم النعم، يا أرحم الراحمين، ولا حول ولا قوّة إلّاباللَّه العليّ العظيم.

وقد صحّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: «من خرج حتّى يأتي هذا المسجد- يعني مسجد قباء- فيصلّي فيه كان كعدل عمرة»


1- صحيح البخاري 5: 132، المعجم الكبير للطبراني 7: 106، مجمع الزوائد 4: 13.
2- صحيح البخاري 5: 131- 132، باب 79 «أحد يُحبّنا».

ص: 184

جمستدرك الصحيحين 3: 12 ج صحّحه الحاكم والذهبي.

وأخرج الطبراني مرفوعاً: «مَن توضأ فأسبغ الوضوء، ثمّ عمد إلى مسجد قباء لايريد غيره، ولا يحمله على الغدو إلّاالصلاة في مسجد قباء، فصلّى فيه أربع ركعات، يقرأ في كلّ ركعة بأم القرآن، كان له كأجر المعتمر إلى بيت اللَّه» «مجمع الزوائد 4: ص 11».

35- التبرُّك بما بقي من الآثار النبويّة والأماكن الشريفة كما في «مراقي الفلاح» وغيرها، قال الخطيب الشربيني في «المغني 1: 495»: يسنُّ أن يأتي سائر المشاهد بالمدينة، وهي نحو ثلاثين موضعاً يعرفها أهل المدينة، ويسنُّ زيارة البقيع وقباء، وأن يأتي بئر أريس فيشرب منها ويتوضأ وكذلك بقيّة الآبار السبعة، وقد نظمها بعضهم في بيت قال:

أريس وغرس رومة وبضاعةكذا بصّة قل بيرحاء مع العهنِ

قال الأميني هذا البيت لأبي الفرج ناصر الدين المراغي، وقبله قوله:

إذا رمِتَ آبار النبيّ بطيبةفعدتّها سبعٌ مقالًا بلا وهنِ (1)

36- قال الفاخوري في الكفاية لذوي العناية، ص 130:

ويستحبُّ أن يستصحب معه هديّة من تمر المدينة وماء آبارها من غير تكلّف ولا مفاخرة، وإذا قفل منصرفاً قاصداً وطنه وكبّر في طريقه على كلِّ مرتفع ثلاثاً، ثمَّ يقول:


1- يوجد تفصيل الكلام حول هذه الآبار في وفاء الوفاء 2: 119- 149.

ص: 185

لا إله إلّااللَّه وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلّ شي ء قدير، آئبون تائبون عابدونَ ساجدونَ لربّنا حامدونَ، صدق اللَّه وعده ونَصَر عبده وأعزّ جنده وهَزَمَ الأحزاب وحده.

وقال الشيخ زاده في «مجمع الأنهر: ج 1، ص 158: ثمَّ ينصرف باكياً حزيناً على فراق الحضرة النبويّة، ومن السنن أن يكبّر على كلّ شرف من الأرض ويقول: آئبون تائبون عابدون ... الخ.

فهل ينظرون إلّاسنة الأولين فلن تجد لسنة اللَّه تبديلا ولن تجد لسنة اللَّه تحويلا(1)

المصادر

أخذنا مامر من الآداب والزيارات من مناسك أعلام المذاهب الأربعة وكتبهم الفقهية، فمن ابتغى الوقوف على تفصيل مالم نذكر مصدره مّما ذكر فعليه بما يلي من الكتب:

التأليف المؤلّف

احياء العلوم 1: 246 حجة الإسلام أبو حامد الغزالي

التذكرة أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي

المستوعب ابن أبي سنينة السامري الحنبلي

المدخل ج 1 أبو عبد اللَّه العبدري المالكي

شفاء السقام 52 119 تقي الدين السبكي الشافعي


1- فاطر: 43.

ص: 186

وفاء الوفاء 2: 431- 455 نور الدين السمهودي الشافعي

المواهب اللدنية أبوالعباس القسطلاني الشافعي

أسنى المطالب 1: 501 أبو يحيى الأنصاري الشافعي

الجوهر المنظم ابن حجر الهيثمي الشافعي

مغني المحتاج 1: 494 الخطيب الشربيني الشافعي

حسن التوسّل مؤلف في الآداب جمال الدين الفاكهي الشافعي

الشفاء القاضي عياض المالكي

مراقي الفلاح في خاتمته، مخطوط أبو البركات الشرنبلالي الحنفي

شرح الشفاء القاضي الخفاجي الحنفي

مجمع الأنهر(1) 1: 156 عبد الرحمن شيخ زاده

مفتاح السعادة 3: 73 المولى أحمد طاش كبرى زاده

شرح المواهب 8: 297- 335 أبو عبد اللَّه الزرقاني المالكي

الحاشية(2) 1: 348 الشيخ ابراهيم الباجوري الشافي

كنز المطلب 183- 224 الشيخ حسن العدوي الشافعي

الكفاية 125- 131 عبد الباسط الفاخوري المفتي

الإرشادات السنية 260 عبد المعطي السقا الشافعي

الفقه على المذاهب الأربعة(3) عدة من فقهاء المذاهب


1- في شرح ملتقى الأبحر للشيخ ابراهيم الحلبي المتوفّى 956 ه
2- على شرح ابن الغزي في الفقه الشافعي. «المؤلّف».
3- على شرح ابن الغزي في الفقه الشافعي. «المؤلّف».

ص: 187

الحث على زيارة القبور

ورد في السنّة الصحيحة المتفق عليها الأمر بزيارة القبور والحثّ عليها، وأصفقت آراء أعلام المذاهب الإسلامية على الفتيا بمفاده وأنّها تستحب، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها كما نصّ عليه غير واحد، أخذاً بظاهر الأمر، واليك جملة من تلك النصوص:

1- عن بريدة مرفوعاً: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها»، وزاد الترمذي «فقد أذن اللَّه لنبيه صلى الله عليه و آله و سلم في زيارة قبر أمه».

أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في سننه وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في السنن 4: 89، والحاكم في المستدرك 1: 374 عن الصحيحين للبخاري ومسلم، والبغوي في مصابيح السنة 1: 116 وعدّه من الصحاح، والمنذري في الترغيب والترهيب 4: 118، وابن الدبيع في تيسير الوصول 4: 210 وقال: أخرجه الخمسة إلّاالبخاري.

2- عن عبيد اللَّه بن مسعود مرفوعاً في حديث: «ألا فزوروا القبور فانها تزهد في الدنيا وتذكر بالآخرة».

ص: 188

أخرجه ابن ماجة في سننه 1: 476، وأبو الوليد محمد بن عبد اللَّه الأزرقي في أخبار مكة 2: 170، والحاكم في المستدرك 1: 375 وصحّحه، والمنذري في الترغيب والترهيب 4: 118 وقال: اسناد صحيح، والبيهقي في السنن الكبرى 4: 77.

3- عن أنس بن مالك مرفوعاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الموت».

أخرجه الحاكم في «المستدرك 1: 375» وصحّحه.

4- عن ابن عباس مرفوعاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولاتقولوا هجراً»(1).

أخرجه الطبراني في الكبير(2) والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي 3: 58.

5- عن زيد بن الخطاب في حديث مرفوعاً: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء منكم أنْ يزور فليزر».

رواه الطبري في الكبير(3) و نقله عنه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 58.

6- عن أبي هريرة مرفوعاً: «فزوروا القبور فانها تذكّر (تذكّركم) الموت».

أخرجه مسلم في صحيحه(4)، وأحمد في مسنده 1: 441، وابن


1- رواه مسلم في صحيحه 2: 671- 679، والنسائي في سننه 4: 89، وأبو داود في سننه 3: 218- 3235، والحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين 1: 374، والبيهقي في سننه الكبرى 4: 77.
2- المعجم الكبير 11: 253.
3- المعجم الكبير 11: 254.
4- صحيح مسلم 2: 671- 976.

ص: 189

ماجة في السنن 1: 476، وأبو داود في سننه 2: 72، والنسائي في السنن 4: 90، والحاكم في المستدرك 1: 376، والبيهقي في سننه الكبرى 4: 76، والمنذري في الترغيب والترهيب 4: 118.

7- عن بريدة مرفوعاً: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وليزدكم زيارتها خيراً».

أخرجه الحاكم في المستدرك 1: 376، وصّححه هو والذهبي، والبيهقي في سننه 4: 76.

8- عن أنس بن مالك مرفوعاً: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء أن يزر قبراً فليزره، فإنّه يرق القلب، ويدمع العين، ويذكّر الآخر، ولاتقولوا هجراً».

أخرجه أحمد في مسنده 3: 237- 250، والحاكم في المستدرك 1: 376 وصحّحه هو وأقرّه الذهبي، والبيهقي في سننه الكبرى 4: 77.

9- عن زيد بن ثابت مرفوعاً: «زوروا القبور ولا تقولوا هجراً».

أخرجه الطبراني في الصغير كما في مجمع الزوائد 3: 58.

10- عن أبي ذر مرفوعاً: «زر القبور تذكر بها الآخرة».

أخرجه الحاكم في المستدرك 1: 377 وقال: حديث رواته عن

ص: 190

آخرهم ثقات، والمنذري في الترغيب والترهيب 4: 118.

11- عن أبي سعيد الخدري مرفوعاًفي حديث: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولاتقولوا مايسخط الرب».

أخرجه البزار والهيثمي في مجمع الزوائد 3: 58 وقال: رجاله رجال الصحيح.

12- عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجراً».

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى 4: 77.

13- عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّ بها عبرة».

أخرجه أحمد في مسنده 3: 38. والحاكم في المستدرك 1: 375 وصحّحه هو الذهبي، والبيهقي في سننه الكبرى 4: 77، والمنذري في الترغيب والترهيب 4: 118 وقال: رواته محتجّ بهم في الصحيح. والهيثمي في مجمع الزوائد 3: 58 وقال: رجاله رجال الصحيح.

14- عن طلحة بن عبد اللَّه قال: «خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يريد قبور الشهداء (إلى أنْ قال): فلما جئنا قبور الشهداء قال: هذه قبور اخواننا».

أخرجه أبوداود في سننه 1: 319، والبيهقي في السنن الكبرى 5: 249.

15- عن علي أمير المؤمنين مرفوعاًفي حديث: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكّركم الآخرة».

ص: 191

أخرجه أحمد في مسنده 1: 145، والهيثمي في مجمع الزوائد 3: 58، وأخرجه أحمد بلفظ أخصر في المسند 1: 452 من طريق عبد اللَّه بن مسعود.

16- أخرج أبو الوليد محمد بن عبد اللَّه الأزرقي في أخبار مكة 2: 170 قال: أخبرني ابن أبي مليكة في حديث رفعه إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: «ايتوا موتاكم فسلّموا عليهم أو صلّوا (شك الخزاعي) فإنّ بكم عبرة».

17- عن بريدة مرفوعاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنّ في زيارتها تذكرة».

أخرجه أبو داود في «سننه 2: 72».

18- عن ثوبان مرفوعاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها واجعلوا زيارتكم لها صلاة عليهم واستغفاراً لهم».

رواه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد 3: 58.

19- عنه صلى الله عليه و آله و سلم: «من أراد أنْ يزور قبراً فليزره، ولا يقول إلّا خيراً فإنّ الميت يتأذّى مّما يتأذى منه الحي».

ذكره الشيخ شعيب الحريفيش في الروض الفائق في المواعظ والرقائق 1: 19.

20- عن جابر مرفوعاً: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».

أخرجه الخطيب في تاريخه 13: 264.

ص: 192

21- عن أم سلمة مرفوعاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّ لكم فيها عبرة».

أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 3: 58.

22- عن عائشة: كان صلى الله عليه و آله و سلم يخرج إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ماتوعدون غداً مؤجلون، وإنّابكم إنْ شاء اللَّه لاحقون، اللّهمَّ اغفر لأهل بقيع الغرقد).

أخرجه مسلم في صحيحه. والبيهقي في السنن 4: 79 و 5، 249، والشربيني في المغني 1: 357 وغيرهم.

23- عن عائشة: إنَ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم نهى عن زيارة القبور ثمَّ رخّص فيها، أحسبه قال: «فإنّها تذكّر الآخرة».

أخرجه البزار والهيثمي في مجمع الزوائد 3: 58 وقال: رجاله ثقات.

24- عن عائشة قالت: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم عن زيارة القبور ثمَّ قال: «زوروها فإنّ فيها موعظة».

أخرجه الخطيب في تاريخه 14: 228.

25- عن عائشة في حديث مرفوعاً: «ألا فزوروا اخوانكم وسلّموا عليهم فإنّ فيهم عبرة».

رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الهيثمي 3: 58.

26- كانت فاطمة رضي اللَّه عنها تزور قبر عمّها حمزة كلّ جمعة

ص: 193

فتصلي وتبكي عنده.

أخرجه البيهقي في سننه 4: 78، والحاكم في المستدرك 1: 377، وقال: هذا الحديث رواته عن آخرهم ثقات، ثمَّ قال: وقد استقصيت في البحث عن زيارة القبور تحرياً للمشاركة في الترغيب، وليعلم الشحيح بذنبه أنّها سنّة مسنونة، وصلى اللَّه على محمد وآله أجمعين.

قال الأميني: وهناك أحاديث اخرى لم نطل بذكرها المقام توجد في الأضاحي والأشربة من كتب الفقه والحديث.

فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين(1).

أدب زوار القبور

1- أنْ يكون الزائر على طهارة.

2- أنْ يأتي من قبل رجلي الميت لا من قبل رأسه.

3- أنْ يستقبل الميت بوجهه عند الزيارة.

4- أنْ يزور قائماً ويدعو له كذلك.

5- قراءة ما تيسر من القرآن، ويستحب قراءة يس والتوحيد.

6- دعاء الميت مستقبلًا القبلة.

7- الجلوس لدى القراءة مستقبل القبلة.


1- الطور: 34.

ص: 194

8- رش القبر بالماء الطاهر.

9- التصدّق عن الأموات.

10- أنْ يكون الزائر حافياً ولا يطأ القبور.

القول في الزيارة

1- عن عائشة رضي اللَّه عنها مرفوعاً: قال صلى الله عليه و آله و سلم: أتاني جبريل فقال: إنَ ربك يأمرك أنْ تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: كيف أقول لهم يارسول اللَّه؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم اللَّه المستقدمين منا والمستأخرين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون».

أخرجه مسلم في صحيحه(1) وجمع آخر من الفقهاء والحفّاظ(2).

وفي رواية: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون، أسأل اللَّه لنا ولكم العافية.

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى 4: 79.

2- عن أبي هريرة رضى الله عنه أنَّ النبيّ أتى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون».


1- صحيح مسلم 2: 671- 975.
2- منهم الطبراني في معجمه الكبير 2: 33، والهيثمي في مجمع الفوائد 3: 60، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 301- 36866.

ص: 195

رواه أحمد(1) ومسلم وأبو داود(2) والنسائي (3).

3- عن ابن عباس قال: مر رسول اللَّه بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: «السلام عليكم ياأهل القبور، يغفر اللَّه لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر».

رواه الترمذي(4) والبغوي في المصابيح 1: 116.

4- عن بريدة قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يعلّمهم إذا خرجوا للمقابر:

«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون، وأنتم لنا فرط ونحن لكم تبع نسأل اللَّه العافية».

سنن البيهقي 4: 79.

5- عن مجمع بن حارثة قال: خرج النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم في جنازة حتى انتهى إلى المقبرة فقال: «السلام على أهل القبور (ثلاث مرات) من كان منكم من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع، عافانا اللَّه واياكم».

مجمع الزوائد 3: 60.


1- مسند أحمد بن حنبل 2: 375.
2- سنن أبي داود 3: 219- 3237.
3- سنن النسائي 1: 94. ورواه أيضاً في صحيحه 2: 669- 974، والبهقي في سننه 4: 78.
4- سنن الترمذي 30: 369- 1053.

ص: 196

6- قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في زيارة قبور في الكوفة: «السلام عليكم ياأهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا سلف فارط، ونحن لكم تبع عما قليل لاحق، اللّهمَّ اغفر لنا وتجاوز عنا وعنهم، طوبى لمن أراد المعاد، وعمل الحسنات، وقنع بالكفاف، ورضي عنه اللَّه عزّوجل».

أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 9: 299. وذكره الجاحظ في البيان والتبيين 3: 99 بلفظ يقرب من هذا.

7- كان علي بن أبي طالب «أمير المؤمنين» كرم اللَّه وجهه إذا دخل المقبرة قال: «السلام عليكم ياأهل الديار الموحشة والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات، اللّهمَّ اغفر لنا ولهم، وتجاوز بعفوك عنا وعنهم» ثمَّ يقول: «الحمد للَّه الذي جعل لنا الأرض كفاتاً أحياءً وأمواتاً، والحمد للَّه الذي منها خلقنا، واليها معادنا، وعليها محشرنا، طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل الحسنات، وقنع بالكفاف، ورضي عن اللَّه عز وجل».

العقد الفريد 2: 6.

8- قال الفيروز آبادي صاحب القاموس في «سفر السعادة» 75:

ومن العادات النبوية زيارة القبور والدعاء والإستغفار، ومثل هذه الزيارة مستحب، وقال: إذا رأيتم المقابر فقولوا: «السلام عليكم أهل الديار «إلى آخر ما ذكر»، ثمَّ قال: وكان يقرأ وقت الزيارة من نوع الدّعاء الذي كان يقرؤه في صلاة الميت.

ص: 197

9- وقف محمد بن الحنفية على قبر الحسن بن علي «الإمام» رضي اللَّه عنهما فخنقته العبرة، ثمَّ نطق فقال: رحمك اللَّه أبامحمد، فلئن عزّت حياتك فلقد هدّت وفاتك، ولنعم الروح روح ضمّه بدنك، ولنعم البدن بدن ضمّه كفنك، وكيف لايكون كذلك وأنت بقية ولد الأنبياء، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، غذّتك أكفّ الحقّ، ورُبيت في حجر الإسلام، فطبت حيّاً وطبت ميتاً، وإنْ كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك ولاشاكّة في الخيار لك».

العقد الفريد 2: 8.

10- وقف عليّ بن أبي طالب «أميرالمؤمنين» على قبرخبّاب فقال:

«رحم اللَّه خبّاباً، لقد أسلم راغباً، وجاهد طائعاً، وعاش مجاهداً، وابتلي في جسمه أحوالًا، ولن يضيع اللَّه أجر من أحسن عملًا».

العقد الفريد 2: 7.

11- قامت عائشة على قبر أبيها أبي بكر الصديق فقالت: نضّر اللَّه وجهك، وشكر صالح سعيك، فقد كنت للدنيا مذلًا بإدبارك عنها، وللآخرة معزّاً بإقبالك عليها، ولئن كان رزؤك أعظم المصائب بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وأكبر الأحداث بعده، فإنّ كتاب اللَّه تعالى قد وعدنا بالثواب على الصبر في المصيبة، وأنا تابعة له في الصبر فأقول: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، ومستعيضة بأكثر الإستغفار لك، فسلام اللَّه عليك توديع غير قالية لحياتك، ولا

ص: 198

رازئة على القضاء فيك».

المستطرف 2: 338.

12- كان الحسن البصري إذا دخل المقبرة قال: اللّهمَّ ربّ هذه الأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أدخل عليها روحاً منك وسلاماً منّا.

العقد الفريد 2: 6.

13- قام ابن السمّاك على قبر أبي سليمان داود بن نصير الطائي المتوفّى 165 ه فقال: ياداود! كنت تسهر ليلك إذا الناس نائمون، وكنت تسلم إذا الناس يخوضون، وكنت تربح إذ الناس يخسرون، حتى عدّ فضائله كلها.

صفة الصفوة 3: 82.

هناك ألفاظ كثيرة في زيارة القبور لدة ماذكر، نقلت عن الأئمة وأعلام المذاهب الأربعة، تنبأنا عن أنّ الزائر في وسعه أنْ يزور الميت ويدعو له بأي لفظ شاء وأراد، وله سرد ما يروقه من مناقبه وفضائله، وذكر ما يوجه إليه عطف المولى سبحانه ويستوجب له رحمته، والألفاظ المذكورة في زيارة النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله و سلم وزيارة الشيخين تثبت ما نرتأيه.

كلمات حول زيارة القبور

لأعلام العامة فيها فوائد جمة

1- قال ابن الحاج أبو عبد اللَّه العبدري المالكي المتوفّى 738 ه

ص: 199

في «المدخل: ج 1، ص 254»: وصفة السلام على الأموات أنْ يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، رحم اللَّه المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون، أسأل اللَّه لنا ولكم العافية، ثمَّ يقول:

اللّهمَّ اغفر لنا ولهم.

وما زدت أو نقصت فواسع، والمقصود الإجتهاد لهم في الدعاء، فانهم أحوج الناس لذلك لانقطاع أعمالهم، ثمَّ يجلس في قبلة الميت ويستقبله بوجهه، وهو مخّير في أنْ يجلس في ناحية رجليه إلى رأسه أو قبال وجهه، ثمَّ يثني على اللَّه تعالى بما حضره من الثناء، ثمَّ يصلي على النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم الصّلاة المشروعة، ثمَّ يدعو للميت بما أمكنه، وكذلك يدعو عند هذه القبور عند نازلة نزلت به أو بالمسلمين، ويتضرّع إلى اللَّه تعالى في زوالها وكشفها عنه وعنهم.

وهذه صفة زيارة القبور عموماً، فإن كان الميت المزار ممّن ترجى بركته فيتوسّل إلى اللَّه تعالى به، وكذلك يتوسّل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، بل يبدأ بالتوسّل إلى اللَّه تعالى بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم إذ هو العمدة في التوسّل، والأصل في هذا كله، والمشرّع له، فيتوسّل به صلى الله عليه و آله و سلم وبمن تبعه باحسان إلى يوم الدين.

وقد روى البخاري عن أنس رضى الله عنه: أنّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس فقال: اللّهمَّ كنا نتوسّل اليك بنبيك صلى الله عليه و آله و سلم فتسقينا، وإنّا نتوسّل اليك بعم نبيك فاسقنا، فيسقون.

ص: 200

ثم يتوسّل بأهل تلك المقابر، أعني بالصالحين منهم، في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه، ثمَّ يدعو لنفسه ولوالديه ولمشايخه ولأقاربه ولأهل تلك المقابر ولأموات المسلمين ولأحيائهم وذريتهم إلى يوم الدين، ولمن غاب عنه من اخوانه، ويجار إلى اللَّه تعالى بالدعاء عندهم، ويكثر التوسّل بهم إلى اللَّه تعالى لأنه سبحانه وتعالى اجتباهم وشرفهم وكرمهم، فكما نفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر.

فمن أراد حاجة فليذهب اليهم ويتوسّل بهم، فانهم الواسطة بين اللَّه تعالى وخلقه، وقد تقرر في الشرع وعلم ماللَّه تعالى بهم من الإعتناء وذلك كثير مشهور، ومازال الناس من العلماء والأكابر، كابراً عن كابر مشرقاً مغرباً يتبركون بزيارة قبورهم ويجدون بركة ذلك حسّاً ومعنىً، وقد ذكر الشيخ الإمام أبو عبد اللَّه بن نعمان رحمه اللَّه في كتابه المسمى بسفينة النجاة لأهل الإلتجاء في كرامات الشيخ أبي النجاء في أثناء كلامه على ذلك ماهذا لفظه:

تحقّق لذوي البصائر والإعتبار إنَّ زيارة قبور الصالحين محبوبة لأجل مع الإعتبار، فإنّ بركة الصالحين جارية بعد مماتهم كما كانت في حياتهم، والدعاء عند قبور الصالحين والتشفع بهم معمول به عند علمائنا المحققين من أئمة الدين.

ولا يعترض على ماذكر من أنْ من كانت له حاجة فليذهب اليهم وليتوسّل بهم بقوله عليه الصّلاة والسلام: «لاتُشد الرحال

ص: 201

إلّا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى»(1) وقد قال الامام الجليل أبو حامد الغزالي رحمه اللَّه تعالى في كتاب آداب السفر من كتاب الإحياء له ما هذا نصه:

القسم الثاني وهو أنْ يسافر لأجل العبادة، أمّا لجهاد أو حج.

إلى أنْ قال: ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء وقبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء، وكلّ من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته، ويجوز شدّ الرحال لهذا الغرض.

ولايمنع من هذا قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «لاتُشد الرحال إلّالثلاثة مساجد:

المسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى» لأنّ ذلك في المساجد لأنها متماثلة بعد هذه المساجد، و إلّافلا فرق بين زيارة الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل وان كان يتفاوت في الدرجات تفاوتاً عظيماً بحسب اختلاف درجاتهم عند اللَّه عز وجل، واللَّه تعالى أعلم.

2- قال عز الدين الشيخ يوسف الأردبيلي الشافعي المتوفّى 776 ه في «الأنوار لأعمال الأبرار» في الفقه الشافعي، ج 1، ص 124: ويستحب للرجال زيارة القبور، وتكره للنساء. والسنة أنْ يقول: سلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إنْ شاء اللَّه عن قريب


1- صحيح البخاري 2: 76، صحيح مسلم 2: 1014- 1397، سنن النسائي 2: 73، مسندأحمد 2: 234، المعجم الكبير للطبراني 2: 310.

ص: 202

بكم لاحقون، اللّهمَّ لاتحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم. وأن يدنو من القبر كما كان يدنو من صاحبه حيّاً، وأن يقف متوجهاً إلى القبر، وأن يقرأ ويدعو، فإنّ الميت كالحاضر يُرجى له الرحمة والبركة، والدعاء عقيب القراءة أقرب إلى الأجابة.

3- قال الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم المصري الحنفي 969- 70 ه في البحر الرائق شرح كنز الدقائق- للامام النسفي- 2: 195: قال في البدايع:

ولابأس بزيارة القبور والدعاء للأموات إنْ كانوا مؤمنين، من غير وطء القبور؛ لقوله صلى الله عليه و آله و سلم: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها»، ولعمل الأمة من لدن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم إلى يومنا هذا.

وصرح في «المجتني» بأنها مندوبة، وقيل: تحرم على النساء، والأصحّ أنّ الرخصة ثابتة لهما، وكان صلى الله عليه و آله و سلم يعلّم السلام على الموتى:

السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. ذكره إلى آخره، ثمَّ ذكر قراءة القرآن عند القبور شيئاً من أدب الزيارة.

4- أجاب بن حجر المكي الهيثمي المتوفّى 973 ه في الفتاوى الكبرى الفقهية 2: 24 لمّا سُئل رضى الله عنه عن زيارة قبور الأولياء في زمن معين مع الرحلة اليها، هل يجوز مع أنه يجتمع عند تلك القبور مفاسد كثيرة، كاختلاط النساء بالرجال، واسراج السرج الكثيرة، وغير ذلك؟ بقوله:

ص: 203

زيارة قبور الأولياء قربة مستحبة وكذا الرحلة اليها، وقول الشيخ أبي محمد: لاتستحب الرحلة إلّالزيارته صلى الله عليه و آله و سلم، ردّه الغزالي بأنّه قاس ذلك على منع الرحلة لغير المساجد الثلاثة مع وضوح الفرق، فإنّ ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل، فلا فائدة في الرحلة اليها.

وأمّا الأولياء فانهم متفاوتون في القرب من اللَّه تعالى ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم، فكان للرحلة اليهم فائدة أيّ فائدة، فمن ثمَّ سنّت الرحلة اليهم للرجال فقط بقصد ذلك وانعقد نذرها، كما بسطت الكلام على ذلك في «شرح العباب» بما لامزيد على حسنه وتحريره.

وما أشار إليه السائل من تلك البدع أو المحرمات، فالقربات لاتترك لمثل ذلك، بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع، بل وإزالتها إنْ أمكنه، وقد ذكر الفقهاء في الطواف المندوب فضلا عن الواجب أنه يُفعل ولو مع وجود النساء، وكذا الرمي، لكن أمروه بالبعد عنهنّ، وكذا الزيارة يفعلها لكن يبعد عنهنّ وينهي عما يراه محرماً، بل ويُزيله إنْ قدر كما مر.

هذا إنْ لم تتيسر له الزيارة إلّامع وجود تلك المفاسد، فإنّ تيسرت مع عدم المفاسد، فتارة يقدر على ازالة كلها أو بعضها فيتأكد له الزيارة مع وجود تلك المفاسد ليزيل منها ماقدر عليه، وتارة لا يقدر على ازالة شي ء منها فالأولى له الزيارة في غير زمن

ص: 204

تلك المفاسد، يلزمه اطلاق منع نحو الطواف والرمي، بل والوقوف بعرفة أو مزدلفة والرمي إذا خشي الإختلاط أونحوه، فلمّا لم يمنع الأئمة شيئاً من ذلك مع أنَّ فيه اختلاطاً أيّ اختلاط، وانمّا منعوا نفس الإختلاط لا غير فكذلك هنا.

ولاتغتّر بخلاف من أنكر الزيارة خشية الإختلاط، فانّه يتعين حمل كلامه على مافصلناه وقررناه، و إلّالم يكن له وجه، وزعم إنَ زيارة الأولياء بدعة لم تكن في زمن السلف ممنوع، وبتقدير تسليمه فليس كلّ بدعة يُنهى عنها، بل قد تكون البدعة واجبة فضلًا عن كونها مندوبة، كما صرحوا به.

5- قال الشيخ محمد الخطيب الشربيني المتوفّى 977 ه في «المغني 1: 357»: يسّن الوضوء لزيارة القبور كما قاله القاضي حسين في شرح الفروع، ويسلّم الزائر للقبور من المسلمين مستقبلًا وجهه، ويقرأ عنده من القرآن ما تيسر، ويدعو له عقب القراءة رجاء الإجابة لأنّ الدّعاء ينفع الميت وهو عقب القراءة أقرب إلى الإجابة، وعند الدّعاء يستقبل القبلة، وإنْ قال الخراسانيون باستحباب استقبال وجه الميت.

قال المصنّف: ويستحب الإكثار من الزيارة، وأنْ يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل، انتهى ملخّصاً.

6- قال الملا علي الهروي القاري الحنفي المتوفّى 1014 ه في «المرقاة شرح المشكاة 2: 404»، في زيارة القبور: الأمر فيها(1)


1- العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير 10 الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

ص: 205

للرخصة أو الاستحباب، وعليه الجمهور، بل ادّعى بعضهم الإجماع، بل حكى ابن عبد البّر عن بعضهم وجوبها.

7- قال الشيخ أبو البركات حسن بن عمار بن علي، المكنّى بابن الإخلاص الوفائي الشرنبلالي الحنفي المتوفّى 1069 ه في حاشية(1) غرر الأحكام المطبوعة بهامش درر الأحكام 1: 168:

زيارة القبور مندوبة للرجال، وقيل: تحرم على النساء، والأصحّ أنّ الرخصة ثابتة لهما، ويستحب قراءة يس، لما ورد: «من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفّف اللَّه عنهم يومئذ، وكان له بعدد مافيها حسنات»(2).

وقال في «مراقي الفلاح»: فصل في زيارة القبور: ندب زيارتها من غير أنْ يطأ القبور للرجال والنساء فتندب لهن أيضاً على الأصحّ، والسنّة زيارتها قائماً والدعاء عندها قائماً، كما كان يفعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في الخروج إلى البقيع ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون، أسأل اللَّه لي ولكم العافية.

ويستحب للزائر قراءة سورة يس، لما ورد عن أنس رضى الله عنه أنّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: «من دخل المقابر فقرأ سوة يس (يعني وأهدى ثوابها للأموات) خفّف اللَّه عنهم يومئذ العذاب،


1- تُسمى غنية ذوي الأحكام في بغية الأحكام.
2- انظر كنز العمال 15: 650- 42577.

ص: 206

ورفعه»(1). وكذا يوم الجمعة يرفع فيه العذاب عن أهل البرزخ، ثمَّ لا يعود على المسلمين وكان له (أي للقارئ) بعدد مافيها (رواية الزيلعي: من فيها من الأموات) حسنات.

وعن أنس أنّه سأل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فقال: يارسول اللَّه إنّا نتصدق عن موتانا ونحجّ عنهم وندعوا لهم، فهل يصل ذلك اليهم؟

فقال: «نعم ليصل ذلك اليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أُهدي إليه»، رواه أبو حفص السكيري.

إلى أنْ قال: وعن علي رضى الله عنه: «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: من مرّ على المقابر فقرأ قل هو اللَّه أحد احدى عشر مرة، ثمَّ وهب أجرها للأموات، أُعطي من الأجر بعدد الأموات»(2). رواه الدارقطني.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن أنّه قال: «من دخل المقابر فقال: اللّهمَّ رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ادخل بها روحاً من عندك وسلاماً مني.

استغفر له كلّ مؤمن مات منذ خلق اللَّه آدم».

وأخرج ابن أبي الدنيا بلفظ: «كتب له بعدد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات».

8- قال الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين المتوفّى 1253 ه في «ردّ المحتار على الدر المختار» في الفقه الحنفي 1: 630 بعد بيان


1- انظر كنز العمال 15: 650- 42577.
2- كنز العمال 15: 655- 42596.

ص: 207

استحباب زيارة القبور: وتُزار في كل اسبوع كما في «مختارات النوازل»، فقد قال محمد بن واسع: الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة يوماً قبله ويوماً بعده، فتحصّل أنّ يوم الجمعة أفضل. انتهى.

وفيه: يستحب أنْ يزور شهداء جبل أحد، لما روي ابن أبي شيبة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كلّ حول، فيقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار»، والأفضل أنْ يكون ذلك يوم الخميس متطهراً مبكراً، لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي. انتهى.

قلت: استفيد منه ندب الزيارة وإنْ بعد محلها، وهل تندب الرحلة لهاكما أعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده وزيارة السيد البدوي وغيره من الأكابر الكرام؟! لم أَرَ من صرّح به من أئمتنا، ومنع منه بعض الشافعية إلّالزيارته صلى الله عليه و آله و سلم قياساً على منع الرحلة لغير المساجد الثلاثة، وردّه الغزالي بوضوح الفرق.

ثمّ ذكر محصّل قول الغزالي فقال: قال ابن حجر في فتاواه: ولا تُترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد، كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك؛ لأنّ القربات لاتُترك لمثل ذلك، بل على الانسان فعلها وانكار البدع، بل وازالتها إنْ أمكن. انتهى.

قلت: ويؤيده ما مرّ من عدم ترك اتباع الجنازة وإن كان معها

ص: 208

نساء ونائحات، إلى أنْ قال:

قال في الفتح: والسنّة زيارتها قائماً، والدعاء عندها قائماً، كما كان يفعله صلى الله عليه و آله و سلم في الخروج إلى البقيع، ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون.

وفي شرح «اللباب» للملا علي القاري: ثمَّ من آداب الزيارة ماقالوا من أنّه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفّى لا من قبل رأسه؛ لأنّه أتعب لبصر الميت، بخلاف الأوّل؛ لأنّه يكون مقابل بصره.

لكن هذا إذا أمكنه، وإلّا فقد ثبت أنّه عليه السلام قرأ أول سورة البقرة عند رأس ميت وآخرها عند رجليه.

9- قال الشيخ ابراهيم الباجوري المتوفّى 1277 ه في حاشيته على شرح ابن الغزّي 1: 277: تندب زيارة القبور للرجال لتذكّر الآخرة، وتكره من النساء لجزعهنّ وقلة صبرهنّ، ومحل الكراهة فقط إنْ لم يشتمل اجتماعهنّ على محرم و إلّاحرم، ويُستثنى من ذلك قبر نبينا صلى الله عليه و آله و سلم فتندب لهنّ زيارته وينبغي كما قال ابن الرفعة:

إنَ قبور الأنبياء والأولياء كذلك.

ويندب أنْ يقول الزائر: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون، ونسأل اللَّه لنا ولكم العافية، اللّهمَّ لاتحرمنا أجرهم، ولاتفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم. وأن يقرأ ما تيسر من القرآن كسورة يس، ويدعو لهم ويهدي ثواب ذلك لهم، وأن يتصدق عليهم، وينفعهم ذلك فيصل ثوابه لهم، ويسّن أنْ يقرب

ص: 209

من المزور كقربه منه حياً. وأن يسلّم عليه من قبل رأسه، ويكره تقبيل القبر، إلى آخر مامرّ ص 154.

10- قال الشيخ عبد الباسط ابن الشيخ علي الفاخوري المفتي ببيروت في كتابه (الكفاية لذوي العناية) 80: يسّن زيارة القبور للرجال، وتكره للنساء إلّاالقبر الشريف، وكذا قبور بقية الأنبياء والصالحين. و يُسنّ أنْ يقول الزائر: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السابقون وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون، وأن يقرأ ماتيسر من القرآن كسورة يس، وأن يدعو للميت بعد القراءة.

وأن يقول: اللّهمَّ أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان، وأن يقرب من القبر كقربه منه لو كان حياً.

11- قال الشيخ عبد المعطي السقا في «الإرشادات السنية: 111»: زيارة قبور المسلمين مندوبة للرجال لخبر مسلم:

«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فإنّها تذكّركم الآخرة»(1)، أمّا زيارة النساء فمكروهة إنْ كانت لقبر غير نبيّ وعالم وصالح وقريب، أمّا زيارة قبر النبيّ ومن ذكر معه فمندوبة لهنّ بدون محرم إنْ كانت القبور داخل البلد، ومع محرم إنْ كانت خارجه، ومحل ندب زيارتهنّ أو كراهتها إذا أذن لهنّ الحليل أو الولي وأمنت الفتنة ولم يترتب على اجتماعهنّ مفسدة كما هو الغالب، بل المتحقق في هذا الزمان، و إلّافلا ريبة في تحريمها.


1- تقدمت مصادره في الصفحة:

ص: 210

ويستحب الإكثار من الزيارة، لتحصيل الاعتبار والعظة وتذكر الآخرة، وتتأكّد الزيارة عشّية يوم الخميس ويوم الجمعة بتمامه، ويكره يوم السبت.

وينبغي للزائر أنْ يقصد بزيارته وجه اللَّه واصلاح فساد قلبه، وأن يكون على طهارة، رجاء قبول دعائه لنفسه وللميت، وأن يسلّم على من بالمقبرة بقوله: السلام عليكم دار قوم مؤمنين «وذكره إلى آخره» ثمَّ إذا وصل إلى قبر ميّته قرب منه ووقف مستقبلًا وجهه خاشعاً قائلًا: السلام عليك. ثمَّ يقرأ عنده ماتيسر من القرآن كسورة الفاتحة وسورة يس وسورة تبارك وسورة الإخلاص والمعوذتين.

والأفضل أنْ يكون وقت القراءة جالساً مستقبل القبلة، قاصداً نفع الميت بمايتلوه، وأن يكثر من التصدق، وأن يرّش القبر بالماء الطاهر، وأن يضع عليه جريداً أخضر ونحوه كالريحان والبريسم، وتتأكّد زيارة الأقارب والدعاء لهم سيّما الوالدين، فقد ورد في الحث على زيارتهما والدعاء لهما أخبار كثيرة صحيحة.

12- قال منصور علي ناصف في «التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول 1: 418»: الأمر «في زيارة القبور» للندب عند الجمهور، وللوجوب عند ابن حزم ولو مرّة واحدة في العمر.

وقال في 419: زيارة النساء للقبور جائزة بشرط الصبر وعدم الجزع وعدم التبرّج، وأن يكون معها زوج أو محرم، منعاً للفتنة،

ص: 211

لعموم الحديث (الأول)، ولقول عائشة: كيف أقول لهم يارسول اللَّه؟ ... الخ. ولزيارة عائشة لقبر أخيها عبد الرحمن، فلما اعترضها عبد اللَّه قالت: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم عن زيارة القبور ثمَّ أمر بزيارتها، رواه أحمد(1) وابن ماجة(2).

13- قال فقهاء المذاهب الأربعة مؤلفوا كتاب الفقه على المذاهب الأربعة 1: 424: زيارة القبور مندوبة للاتعاظ وتذكّر الآخرة، وتتأكد يوم الجمعة ويوماً قبلها ويوماً بعدها(3). وينبغي للزائر الإشتغال بالدعاء والتضرع، والإعتبار بالموتى، وقراءة القرآن للميت، فإنّ ذلك ينفع الميت على الأصحّ، وممّا ورد أنْ يقول الزائر عند رؤية القبور:

اللّهمَّ ربّ الأرواح الباقية، والأجسام البالية، والشعور الممزقة، والجلود المنقطعة، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أنزل عليها روحاً منك وسلاماً مني.

وممّا ورد أيضاً أنْ يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إنْ شاء اللَّه بكم لاحقون.


1- مسند أحمد 2: 214.
2- سنن ابن ماجة 1: 500- 1570.
3- الحنابلة قالوا: لا تتأكد الزيارة في يوم دون يوم، والشافعية قالوا: تتأكد من عصر يوم الخميس إلى طلوع شمس يوم السبت، وهذا قول راجح عند المالكية، وكذا في هامش الفقه على المذاهب الأربعة. «المؤلّف».

ص: 212

ولافرق في الزيارة بين كون المقابر قريبة أو بعيدة، بل يندب السفر لزيارة الموتى، خصوصاً مقابر الصالحين، أمّا زيارة قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فهي من أعظم القرب. وكما تندب زيارة القبور للرجال تندب أيضاً للنساء العجائز اللاتي لايُخشى منهنّ الفتنة إنْ لم تؤد زيارتهنّ إلى الندب أو النياحة، وإلّا كانت محرمة.

النذور لأهل القبور

إنّ لابن تيميّة ومن لفّ لفّه في المسألة هثهثة، أتوا فيها بالمهاجر، ورموا مخالفيهم من فرق المسلمين بمهجرات، وقد مرّ عن القصيمي ص 90 أنّها من شعائر الشيعة الناشئة عن غلوهم في أئمتهم وتأليههم لعلي وولده.

إنّ هذا إلّااختلاق وليس إلّاالهث والهتر، وماشذّت الشيعة في المسألة عمّا أصفقت عليه الأمة الإسلامية سلفاً وخلفاً، فقد بسط الخالدي فيها القول في كتابه «صلح الإخوان: 102- 109»، ومجمل ذلك التفصيل: إنَّ المسألة تدور مدار نيات الناذرين، وانّما الأعمال بالنّيات، فإن كان قصد الناذر الميت نفسه والتقرب إليه بذلك، لم يجز قولًا واحداً. وإن كان قصده وجه اللَّه تعالى وانتفاع الأحياء بوجه من الوجوه وثوابه لذلك المنذور له الميت، سواء عيّن وجها من وجوه الإنتفاع أو أطلق القول فيه، ويكون هناك ما يطرد الصرف فيه في عرف الناس من مصالح القبر أو أهل بلده أو

ص: 213

مجاوريه أو الفقراء عامّة أو أقرباء الميت أو نحو ذلك، ففي هذه الصورة يجب الوفاء بالنذور.

وحكى القول بذلك عن الأذرعي، والزركشي، وابن حجر الهيثمي المكي، والرملي الشافعي، والقباني البصري، والرافعي، والنووي، وعلاء الدين الحنفي، وخير الدين الرملي الحنفي، والشيخ محمد الغزّي، والشيخ قاسم الحنفي.

وذكر الرافعي نقلًا عن صاحب «التهذيب» وغيره: أنه لو نذر أنْ يتصدق بكذا على أهل بلد عينه، يجب أنْ يتصدّق به عليهم.

قال: ومن هذا القبيل ما ينذر بعثه إلى القبر المعروف بجرجان، فإنّ ما يجتمع منه على مايحكى يقسّم على جماعة معلومين، وهذا محمول على أنّ العرف اقتضى ذلك، فنزل النذر عليه. ولاشك أنّه إذا كان عرف حمل عليه، وإن لم يكن عرف فيظهر أنْ يجري فيه خلاف وجهين:

أحدهما: لايصح النذر، لأنّه لم يشهد له الشرع، بخلاف الكعبة والحجرة الشريفة.

والثاني: يصحّ إذا كان مشهوراً بالخير، وعلى هذا ينبغي أنْ يصرف في مصالحه الخاصة به ولا يتعدّاها، واستقرب السبكي بطلان النذر في صورة عدم العرف هناك للصرف.

راجع فتاوى السبكي 1: 294.

وقال العزامي في «فرقان القرآن: 133»: وقال (يعني ابن

ص: 214

تيمّية): من نذر شيئاً للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أو غيره من النبيين والأولياء من أهل القبور، أو ذبح له ذبيحة، كان للمشركين الذين يذبحون لأوثانهم وينذرون لها، فهو عابد لغير اللَّه، فيكون بذلك كافراً.

ويطيل في ذلك الكلام، واغترّ بكلامه بعض من تأخّر عنه من العلماء ممّن ابتلى بصحبته أو صحبة تلاميذه.

وهو منه تلبيس في الدين، وصرف إلى معنى لا يريده مسلم من المسلمين، ومن خبر حال من فعل ذلك من المسلمين وجدهم لايقصدون بذبائحهم ونذورهم للميتين من الأنبياء والأولياء إلّا الصدقة عنهم، وجعل ثوابها اليهم، وقد علموا أن اجماع أهل السنة منعقد على أنّ صدقة الأحياء نافعة للأموات واصلة بهم، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة:

فمنها ماصحّ عن سعد أنه سأل النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: يانبيّ اللَّه إنَّ أمي قد أفتلتت، وأعلم أنّها لو عاشت لتصدّقت، أفإن تصدّقت عنها أينفعها ذلك؟ قال: «نعم»، فسأل النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أيّ الصدقة أنفع يارسول اللَّه؟ قال: «الماء»، فحفر بئراً وقال: هذه لأم سعد(1).

فهذه اللام هي الداخلة على الجهة التي وجهت اليها الصدقة، لاعلى المعبود المتقرب إليه، وهي كذلك في كلام المسلمين، فهم سعديون لاوثنيون، وهي كاللام في قوله: انما الصدقات


1- مسند أحمد 6: 7.

ص: 215

للفقراء(1)، لا كاللام التي في قول القائل: صلّيت للَّه ونذرت للَّه، فاذا ذبح للنبيّ أو نذر الشي ء له فهو لا يقصد إلّاأنْ يتصدق بذلك عنه ويجعل ثوابه إليه، فيكون من هدايا الأحياء للأموات المشروعة المثاب على اهدائها، والمسألة مبسوطة في كتب الفقه وفي كتب الردّ على هذا الرجل ومن شايعه. انتهى.

فالنذر بالذبح وغيره للأنبياء والأولياء أمر مشروع سائغ من سيرة المسلمين عامة، من دون أي اختصاص بفرقة دون أخرى، وانما يثاب به الناذر إنْ كان للَّه وذبح المنذور بالذبح باسم اللَّه.

قال الخالدي: بمعنى إنَ الثواب لهم والمذبوح منذور لوجه اللَّه، كقول الناس: ذبحت لميتي، بمعنى تصدّقت عنه، وكقول القائل:

ذبحتُ للضيف، بمعنى أنه كان السبب في حصول الذبح. انتهى.

وليس أيّ وازع من جواز نذر الذبح ولزوم الوفاء به إنْ كان على الوجه المذكور، ولا يتصور من مسلم وغيره.

وربما يستدل في المقام بما أخرجه أبو داود السجستاني في سننه 2: 80 باسناده عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أنْ ينحر أبلًا ببوانة(2)، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فأخبره فقال صلى الله عليه و آله و سلم: «هل كان فيها وثن يعبد من أوثان الجاهلية؟» قالوا: لا قال: «فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟» قالوا: لا، قال


1- التوبة 60.
2- بضم الموحدة وتخفيف الواو. هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر. «المؤلّف».

ص: 216

رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: «أوف بنذرك، فإنّه لا وفاء لنذر في معصية اللَّه تعالى ولا فيه ما لا يملك ابن آدم».

وبما أخرجه أبو داود في السنن 2: 81 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت: يارسول اللَّه إنّي نذرت أنْ أضرب على رأسك الدف. قال: «أوفي نذرك»، قالت: إنّي نذرت أنْ أذبح بمكان كذا وكذا مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية، قال: «لصنم؟» قالت: لا، قال: «لوثن؟»، قالت: لا، قال: «أوفي بنذرك»(1).

وفي «معجم البلدان 2: 300»: وفي حديث ميمونة بنت كردم:

أنّ أباها قال للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: إنّي نذرت أنْ أذبح خمسين شاة على بوانة. فقال صلى الله عليه و آله و سلم: «هناك شي ء من هذه النصب؟» فقال: لا، قال:

«فأوف بنذرك» فذبح تسعاً وأربعين، وبقيت واحدة فجعل يعدو خلفها ويقول: اللّهمَّ أوف بنذري حتّى أمسكها، فذبحها «وهذا معنى الحديث لالفظه».

قال الخالدي في «صلح الأخوان: 109»، بعد ذكر حديثي أبي داود: وأمّا استدلال الخوارج بهذا الحديث على عدم جواز النذر في أماكن الأنبياء والصالحين، زاعمين أنّ الأنبياء والصالحين أوثان والعياذ باللَّه وأعياد من أعياد الجاهلية، فهو من ضلالهم وخرافاتهم وتجاسرهم على أنبياء اللَّه وأوليائه حتّى سموهم أوثاناً،


1- على القارئ أن يمعن النظر في صدر هذا الحديث ويعرف مكانة النبيّ الأقدس في السنن، حاشا نبيّ القداسة عن هذه المخازي. «المؤلّف».

ص: 217

وهذا غاية التحقير لهم، خصوصاً الأنبياء، فإنّ من انتقصهم ولو بالكناية يكفّر ولا تقبل توبته في بعض الأقوال، وهؤلاء المخذولون بجهلهم يسمون التوسّل بهم عبادة، ويسمونهم أوثاناً، فلاعبرة بجهالة هؤلاء وضلالاتهم، واللَّه أعلم. انتهى.

كما لا عبرة بجهالة ابن تيمية، ومن لفّ لفّه وضلالاتهم.

أولئك الذين طبع اللَّه على قلوبهم واتبعوا أهواءهم(1).

القبور المقصودة بالزيارة

التوسّل والتبّرك بها، الدّعاء والصلاة لديها،

ختم القرآن لمدفونيها

هناك قبور تُقصد بالزيارة، وقد قُصدت في القرون الإسلامية منذ يومها الأول، ولأعلام المذاهب الأربعة حولها كلمات، يأخذ الباحث منها دروساً عالية من شتّى النواحي، ويقف بها على فوائد جمّة، منها: عرفان سيرة المسلمين وشعارهم في القرون الخالية حول زيارة القبور، والتوسّل والتبّرك بها، والدعاء والصلاة لديها، وختم القرآن لمدفونيها، واليك نبذة منها:

1- بلال بن حمامة الحبشي، مؤّذن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم المتوفّى سنة 20 ه، قبره بدمشق، وفي رأس القبر المبارك تاريخ. باسمه رضى الله عنه، والدعاء في هذا الموضع المبارك مستجاب، قد جرّب ذلك كثير من


1- النحل 108.

ص: 218

الأولياء وأهل الخير المتبركين بزيارتهم. «رحلة ابن جبير: 229».

2- سلمان الفارسي، الصحابي العظيم المتوفّى 36 ه، قال الخطيب البغدادي في تاريخه 1: 163: قبره الآن ظاهر معروف بقرب ايوان كسرى عليه بناء، وهناك خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته والنظر إليه في أمر مصالحه، وقد رأيت الموضع وزرته غير مرّة.

وقال ابن الجوزي في «المنتظم 5: 75»: قال القلانسي وسمنون:

زرنا قبر سلمان وانصرفنا.

3- طلحة بن عبيد اللَّه، المقتول يوم الجمل سنة 36 ه، قال ابن بطوطة في رحلته 1: 116: مشهد طلحة بن عبيد اللَّه أحد العشرة رضي اللَّه عنهم، وهو بداخل المدينة وعليه قبّة ومسجد، وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وأهل البصرة يعظّمونه تعظيماً شديداً وحقّ له، ثمّ عدّ مشاهداً في البصرة لجملة من الصحابة والتابعين فقال: وعلى كلّ قبر منها قبّة مكتوب فيها اسم صاحب القبر ووفاته.

4- الزبير بن العوام المتوفّى 36 ه، قال ابن الجوزي في «المنتظم 7: 187»: فمن الحوادث في سنة 386 ه أنّ أهل البصرة في شهر المحرّم ادّعوا أنهم كشفوا عن قبر عتيق فوجدوا فيه ميّتاً طرّياً بثيابه وسيفه وأنّه الزبير بن العوام، فأخرجوه وكفّنوه ودفنوه بالمربد بين الدربين، وبنى عليه الأثير أبو المسك عنبر بناءً وجعل

ص: 219

الموضع مسجداً، ونُقلت إليه القناديل والآلات والحصر والسّمادات، وأقيم فيه قوّام وحفظة ووقف وقوفاً.

5- أبو أيّوب الأنصاري الصّحابي المتوفّى 52 ه بالروم، قال الحاكم في «المستدرك 3: 458»: يتعاهدون قبره ويزورونه، ويستسقون به إذا قحطوا. وذكره ابن الجوزي في «صفة الصفوة 1: 187».

وقال الخطيب البغدادي في تاريخه 1: 154: قال الوليد: حدثني شيخ من أهل فلسطين: أنه رأى بنيّة بيضاء دون حائط القسطنطينية فقالوا: هذا قبر أبي أيّوب الأنصاري صاحب النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فأتيت تلك البنيّة فرأيت قبره في تلك البنيّة وعليه قنديل معلّق بسلسلة.

وفي تاريخ ابن كثير 8: 59: وعلى قبره مزار ومسجد، وهم «أيّ الروم» يعظّمونه.

وقال الذهبى في «الدول الإسلامية 1: 22»: فالروم تعظّم قبره ويستشفعون إلى اليوم به.

6- رأس الحسين «الإمام السبط الشهيد» بمصر، قال ابن جبير المتوفّى 614 ه في رحلته 12: هو في تابوت فضّة مدفون تحت الأرض قد بُني عليه بنيان حفيل يُقصر الوصف ولا يحيط الإدراك به، مجلّل بأنواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعاً أبيض ومنه ما هو دون ذلك، قد وضع أكثرها في أتوار فضّة

ص: 220

خالصة ومنها مذهّبة، وعلّقت عليه قناديل فضّة، وحفّ أعلاه كلّه بأمثال التفافيح ذهباً في مصنع شبيه الروضة، يقيد الأبصار حسناً وجمالًا، فيه من أنواع الرخام المجزّع الغريب الصنعة البديع الترصيع مالايتخّيله المخيّلون، ولا يحقّ أدنى وصفه الواصفون.

والمدخل إلى هذه الروضة على مثالها في التأنّق والغرابة، حيطانه كلّها رخام على الصفة المذكورة، وعن يمين الرّوضة المذكورة وشمالها بنيان من كليهما المدخل اليها وهما أيضاً على تلك الصفة بعينها، والأستار البديعة الصنعة من الديباج معلقة على الجميع.

ومن أعجب ماشاهدناه في دخولنا إلى هذا المسجد المبارك حجر موضوع في الجدار الذي يستقبله الداخل، شديد السواد والبصيص، يصف الأشخاص كلها كأنه المرآة الهندية الحديثة الصقل،

وشاهدنا من استلام الناس للقبر المبارك، واحداقهم به وانكبابهم عليه، وتمسّحهم بالكسوة التي عليه، وطوافهم حوله مزدحمين داعين باكين، متوسّلين إلى اللَّه سبحانه وتعالى ببركة التربة المقدّسة، ومتضّرعين بمايُذيب الأكباد، ويصدع الجماد، والأمر فيه أعظم و مرأى الحال أهول، نفعنا اللَّه ببركة ذلك المشهدالكريم.

وانّما وقع الإلماع بنبذة من صفته مستدّلًا على ما وراء ذلك، اذ لا ينبغي لعاقل أن يتصدّى لوصفه؛ لأنّه يقف موقف التقصير

ص: 221

والعجز، وبالجملة فما أظن في الوجود كلّه مصنعاً أحفل منه، ولا مرأى من البناء أعجب ولا أبدع، قدّس اللَّه العضو الكريم الذي فيه بمنّه وكرمه.

وفي ليلة اليوم المذكور بتنا بالجبّانة المعروفة بالقرافة، وهي أيضاً احدى عجائب الدنيا، لما تحتوي عليه من مشاهد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، وأهل البيت، والصحابة رضوان اللَّه عليهم، والتابعين والعلماء والزهّاد والأولياء ذوي الكرامات الشهيرة والأنباء الغريبة، وانّما ذكرنا منها ما أمكنتنا مشاهدته.

فمنها: قبر ابن النبيّ صالح، وقبر روبيل بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم خليل الرحمن صلوات اللَّه عليهم أجمعين، وقبر آسية امرأة فرعون رضي اللَّه عنها، ومشاهد اهل البيت رضي اللَّه عنهم أجمعين مشاهد أربعة عشر من الرجال وخمس من النساء، وعلى كلّ واحد منها بناء حفيل، فهي بأسرها روضات بديعة الإتقان عجيبة البنيان، قد وكّل بها قوم يسكنون فيها ويحفظونها، ومنظرها منظر عجيب، والجرايات متصلة لقوامها في كلّ شهر، ثمّ ذكر تفصيل المشاهد.

عقد الشبرواي الشيخ عبد اللَّه الشافعي المتوفّى 1172 ه في كتابه- الإتحاف بحب الأشراف- ص 25 40 باباً في ذلك المشهد، وذكر فيه زيارته وشطراً من الكرامات له واحياء يوم الثلاثاء بزيارته وقال: والبركات في هذا المشهد مشاهد مرئية، والنفحات

ص: 222

العائدة على زائريه غير خفّية، وهي بصحّة الدعوى ملّية، والأعمال بالنيّة، ولأبي الخطاب بن دحية في ذلك جزء لطيف مؤلف.

واستفتى القاضي زكي الدين عبد العظيم في ذلك فقال: هذا مكان شريف، وبركته ظاهرة، والاعتقاد فيه خير والسلام.

وما أجدر هذا المشهد الشريف والضريح الأنور المنيف بقول القائل:

نفسي الفداء لمشهد أسراره من دونها ستر النبّوة مسبل

ورواق عزّ فيه أشرف بقعةطلّت تُحار لها العقول وتذهل

تغضى لبهجته النواظر هيبةويرد عنه طرفه المتأمل

حسدت مكانته النجوم فودّ لوأمسى يجاوره السّماك الأعزل

وسما علوّاً أنْ تقبّل تربه شفة فأضحى بالجباه يُقبّل

وقال في ذكر الكرامات: منها أنّ رجلًا يقال له شمس الدين القعويني، كان ساكناً بالقرب من مشهد، وكان معلم الكسوة الشريفة حصل له ضرر في عينيه فكفّ بصره، وكان كلّ يوم إذا

ص: 223

صلّى الصبح في مشهد الإمام الحسين يقف على باب الضريح الشريف ويقول: ياسيدي انا جارك قد كفّ بصري وأطلب من اللَّه بواسطتك أنْ يردّ علي ولو عيناً واحدة.

فبينما هو نائم ذات ليلة إذ رأى جماعة أتوا لزيارة الحسين رضى الله عنه، فدخل معهم ثمّ قال ماكان يقوله في اليقظة، فالتفت الحسين إلى جده صلى الله عليه و آله و سلم وذكر له ذلك على سبيل الشفاعة عنده في الرجل، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم للامام علي رضى الله عنه، ياعلي كحّلهُ، فقال: سمعاً وطاعة، وأبرز من يده مكحلة ومروداً وقال له: تقدّم حتى أكحلك، فتقّدم فلوّث المرود ووضعه في عينه اليمنى فأحسّ بحرقان عظيم، فصرخ صرخة عظيمة، فاستيقظ منها وهو يجد حرارة الكحل في عينه، ففتحت عينه اليمنى، فصار ينظر بها إلى أنْ مات، وهذا الذي كان يطلبه. فاصطنع هذه البسط التي تُفرش في مشهد الإمام الحسين رضى الله عنه، وكتب عليها وقفاً، ولم تزل تُفرش حتّى تولّى مصر الوزير المعظم محمد باشا الشريف من طرف حضرة مولانا السلطان محمد خان نصره اللَّه، فجدّد بسطاً أخرى، وهي التي تُفرش إلى الآن.

ثمّ ذكر كرامة أخرى وقعت للشيخ أبي الفضل نقيب السادة الخلوتيّة، وقال بعد بيان اختصاص يوم الثلاثاء بزيارة ذلك المشهد: ولنذكر في هذا الباب نبذة من القصائد التي مدحتُ بها آل البيت الشريف، و توسّلت فيها بساكن هذا المشهد المنيف، فمّما قلت له:

ص: 224

آل طه ومن يقل آل طه مستجيراً بجاهكم لايُردُّ

حبّكم مذهبي وعقد يقيني ليس لي مذهب سواه وعقد

منكم استمد بل كلّ من في الك- ون من فيض فضلكم يستمد

بيتكم مهبط الرسالة وال- وحي ومنكم نور النبوة يبدو

ولكم في العلا مقام رفيع مالكم فيه آل يس ندُّ

يابن بنت الرسول من ذا يضاهي- ك افتخاراً وأنت للفخر عقد؟

ياحسيناً هل مثل أمّك أمّ لشريف؟ أو مثل جدّك جدّ؟

رام قوم أنْ يلحقوك ولكن بينهم في العلا وبينك بُعد

خصّك اللَّه بالسعادة في دني- اك ثمّ بالشهادة بعد

لك في القبر ياحسيناً مقام ولأعداك فيه خزي وطرد

ص: 225

ياكريم الدارين يامن له الده- ر على رغم من يعاند عبد

أنت سيف على عداك ولكن فيك حلم وما لفضلك حد

كل من رام حصر فضلك غرّفضل آل النبيّ ليس يُعدّ

طيبة فاقت البقاع جميعاًحين أضحى فيها لجدّك لحد

ولمصر فخر على كلّ مصرولها طالع بقبرك سعد

مشهد أنت فيه مشهد مجدكم سعى نحوه جواد مجدُّ

وضريح حوى علاك ضريح كله مندل يفوح وندّ(1)

مدد ماله انتهاء وسرّلايُضاهى ورونق لا يُحدّ

رحمات للزائرين توالت و جزيل من العطاء ورفد


1- المندل: العود الطيب الرائحة، ج: منادل. الند بالفتح والكسر: عود يتبخر به. «المؤلّف».

ص: 226

رضي اللَّه عنكم آل طه ودعاء المقلّ مثلي جهد

وسلام عليكم كلّ وقت ماتغنّت بكم تُهام ونجد

أنا في عرض تربة أنت فيهاياحسيناً وبعد حاشا أردّ

أنا في عرض جدّك الطاهر ال- طهر إذا ماالزمان بالخطب يعدو

أنا في عرض من يعول كلّ ال- رسل عليه ومالهم عنه بدّ

أنا في عرض من أتته غزال فحماها والخصيم خصم ألدّ

أنا في عرض جدّك المصطفى من كلّ عام له الرحال تُشدُّ

وقلت فيهم أيضاًرضي اللَّه تعالى عنهم:

آل بيت النبيّ مالي سواكم ملجأ أرتجيه للكرب في غدْ

لست أخشى ريب الزمان وأنتم عمدتي في الخطوب ياآل أحمدْ

ص: 227

من يضاهي فخاركم آل طه؟وعليكم سرادق العزّ ممتدْ

كل فضل لغيركم فاليكم يابني الطهر بالاصالة يُسندْ

لاعدمنا لكم موائد جودكل يوم لزائريكم تُجدّدْ

ياملوكاً له لواء المعالي وعليهم تاج السعادة يُعقدْ

أيّ بيت كبيتكم آل طه!طهّر اللَّه ساكنيه ومجّدْ

روضة المجد والمفاخر أنتم وعليكم طير المكارم غرّدْ

ولكم في الكتاب ذكر جميل يهتدي منه كلّ قار ويسعدْ

وعليكم أثنى الكتاب وهل بع- د ثناء الكتاب مجد وسوددْ؟!

ولكم في الفخار يا آل طه منزل شامخ رفيع مشيّدْ

قد قصدناك يابن بنت رسول اللَّه والخير من جنابك يقصدْ

ص: 228

ياحسيناً ما مثل جدّك عطفاًلمحبّ بالخير منك تعوّدْ

كل وقت يودّ يلثم قبراًأنت فيه بمقلتيه ويشهدْ

سادتي أنجدوا محبّاً أتاكم مطلق الدمع في هواكم مقيّدْ

وأغيثوا مقصّراً ماله غي- ر حماكم إن أعضل الأمر واشتدْ

فعليكم قصرت حبّي وحاشابعد حبّي لكم أقابل بالردْ

يالهي مالي سوى حبّ آل البي- ت آل النبيّ طه الممجّدْ

أنا عبد مقصّر لست أرجوعملًا غير حبّ آل محمدْ

... الخ

وقال في المشهد الحسيني أيضاً:

يانديمي قم بي إلى الصهباءواسقنيها في الرّوضة الغنّاء

حيث مجرى الخليج والماء فيه يتثنّى كالحيّة الرقشاء

ص: 229

هاتها يانديم صرفاً ودعني من صريع الهوى قتيل الماء

وأدرها ممزوجة بالتهاني غير ممزوجة بماء السماء

هاتها يانديم من غير خلطان خلط الدواء عين الداء

وألقني يانديم تحت الأثيلات سحيراً إذا أردت لقائي

في كثيب من الجزيرة يختال دلالًا في حلّة خضراء

روضة راضها النسيم سحيراًباعتلال سحّت به واعتلاء

ولطيف النسيم يعبث بالغص- ن فيهتز هزّة استهزاء

ياخرير الخليج تفديك نفسي فلكم نلتُ في حماك منائي

يانديمي جدّد بذكراه وجدي وأحي ذاك الغرام بالأغراء

هات حدّث عن نيل مصر ودعني من فرات ودجلة فيحاء

ص: 230

وأعد لي حديث لذّات مصرفحديث اللّذات عنّي نائي

انّ مصر الأحسن الأرض عندي وعلى نيلها قصرت رجائي

وغرامي فيها وغاية قصدي أن أرى سادتي بني الزهراء

وإلى المشهد الحسيني أسعى داعياً راجياً قبول دعائي

يابن بنت الرسول انّي محبّ فتعطّف واجعل قبولي جزائي

ياكرام الأنام ياآل طه!حبّكم مذهبي وعقد ولائي

ليس لي ملجأ سواكم وذخرأرتجيه في شدّتي ورخائي

... الخ

وقال فيه أيضا:

ياآل طه من أتى حبكم مؤملًا احسانكم لا يُضام

لذنا بكم ياآل طه وهل يُضام من لاذ بقوم كرام؟

ص: 231

تزدحم الناس بأعتابكم والمنهل العذب كثير الزحام

من جاءكم مستمطراً فضلكم فاز من الجود بأقصى مرام

ياسادتي يابضعة المصطفى يامن لهم في الفضل اعلى مقام

أنتم ملاذي وعياذي ولي قلب بكم ياسادتي مستهام

وحقّكم إنّي محب لكم محبّة لايعتريها انصرام

وقفت في أعتابكم هائماًوما على من هام فيكم ملام

ياسبط طه ياحسيناً على ضريحك المأنوس منّي السلام

مشهدك السامي غدا كعبةلنا طواف حوله واستلام

بيت جديد حلّ فيه الهدى فصار كالبيت العتيق الحرام

تفديك نفسي ياضريحاً حوى حسيناً السبط الإمام الهمام

ص: 232

انّي توسّلت بما فيك من عزّ ومجد شامخ واحتشام

يازائراً هذا المقام اغتنم فكم لمن يسعى إليه اغتنام؟

ينشرح الصدر إذا زرته وتنجلي عنه الهموم العظام

كم فيه من نور ومن رونق كأنه روضة خير الأنام

... الخ

وقال الحمزاوي العدوي المتوفّى 1303 ه في «مشارق الأنوار: 92»، بعدكلام طويل حول مشهد الإمام الحسين الشريف:

واعلم أنه ينبغي كثرة الزيارة لهذا المشهد العظيم متوسّلًا به إلى اللَّه، ويطلب من هذا الإمام ما كان يطلب منه في حياته، فإنّه باب تفريج الكروب، فبزيارته يزول عن الخطب الخطوب، ويصل إلى اللَّه بأنواره والتوسّل به كلّ قلب محجوب، ومن ذلك ما وقع لسيدي العارف باللَّه تعالى سيدي محمد شلبي شارح «العزيّة» الشهير ابن الست، وهو أنه قد سرقت كتبه جميعها من بيته قال: فتحّير عقله و اشتدّكر به، فأتى إلى مقام ولي نعمتنا الحسين منشداً لأبيات استغاث بها، فتوجه إلى بيته بعد الزيارة ومكثه في المقام مدة فوجد كتبه في محلها قد حضرت من غير نقص لكتاب منها، وها هي الأبيات:

ص: 233

أيحوم حول من التجا لكم أذى؟أو يشتكي ضيماً وأنتم سادته؟!

حاشا يُردّ من انتمى لجنابكم ياآل أحمد! أو تسرّ شوامته

لكم السيادة من ألست بربكم ولكم نطاق العزّ دارت هالته

هل ثمّ باب للنبيّ سواكم من غيركم من ذي الورى ريحانته؟!

تبّاً لطرف لا يشاهد مشهداًيحوي الحسين وتستلمه سلامته

فالزم رحاباً ضم سبط محمدماأمّه راج وعيقت حاجته

هاخادماً للحبّ يرفع حاجةمّما يلاقي من بلايا هالته

أمدّنا اللَّه من فيض أمداده، ومتّعنا من فيض قربه، وتقبيل أعتابه، وذكر لبعضهم في ذلك المشهد قوله:

منزل كمّل الإله سناه تتوارى البدور عند لقاه

خصّه ربّنا بما شاء في الأرض تعالى من في السماء اله

صانه زانه حماه وقاه وكساه بمنّه ورضاه

ان غدا مسكناً لعزّة آل الب- يت من ثمّ قدره وعلاه

الامام الحسين أشرف مولى أيّد الدين سرّه ووقاه

ص: 234

مدحته آيّ الكتاب وجاءت سنّة الهاشمي طرز حلاه

وهناك كلمات ضافية ليم ما ذكر حول مشهد الرأس الشريف لوجمعتها يد التأليف لأتت كتاباً حافلًا، ومّمن أفرده بالتأليف الشيخ عبد الفتّاح بن أبي بكر الشهير بالرسام الشافعي له رسالة:

نور العين في مدفن رأس الحسين.

7- عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي المتوفّى 101 ه، قبره بدير سمعان يُزار. «طبقات الحفاظ 1: 114».

8- أبو حنيفة النعمان بن ثابت امام الحنفية المتوفّى 150 ه، قبره في الأعظمية ببغداد مزار معروف، روى الخطيب في تاريخه 1: 123 عن علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول:

إنّي لأتبرك بأبي حنيفة وأجي ء إلى قبره في كلّ يوم- زائراً- فاذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت اللَّه تعالى الحاجة عند، فما تبعد حتى تُقصى.

وذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة 2: 199، والكردري في مناقبه 2: 112، وطاش كبرى زادة في مفتاح السعادة 2: 82، والخالدي في صلح الأخوان 83 نقلًا عن السفيري وابن جماعة.

وقال ابن الجوزي في «المنتظم 8: 245»: في هذه الأيام «يعني سنة 459 ه» بنى أبو سعد المستوفي الملقّب شرف الملك مشهد أبي حنيفة، وعمل لقبره ملبناً وعقد القبّة، وعمل المدرسة بازائه وأنزلها الفقهاء ورتّب لهم مدّرساً، فدخل أبو جعفر ابن البياضي إلى الزيارة فقال ارتجالًا:

ص: 235

ألم تر أنْ العلم كان مضيّعاًفجمّعه هذا المغيّب في اللحد؟!

كذلك كانت هذه الأرض ميتةفأنشرها جود العميد أبي سعد

ثم قال: قال المصنّف قرأت بخط أبي الوفاء ابن أبي عقيل قال:

وضع أساس مسجد بين يدي ضريح أبي حنيفة بالكلس والنورة وغيره، فجمع سنة ستّ وثلاثين وأربعمائة وأنا ابن خمس سنين أو دونها بأشهر، وكان المنفق عليه تركي قدم حاجاً، ثمّ قدم أبو سعد المستوفي وكان حنفياً متعصباً وكان قبر أبي حنيفة تحت سقف عمله بعض امراء التركمان، وكان قبل ذلك وأنا صبي عليه خربشت خاصا له وذلك في سني سبع أو ثمان وثلاثين قبل دخول الغزو بغداد سنة سبع وأربعين، فلما جاء شرف الملك سنة ثلاث وخمسين عزم على احداث القبة وهي هذه، فهدم جميع أبنية المسجد وما يحيط بالقبر وبنى هذا المشهد، فجاء بالقطّاعين والمهندسين وقدّر لها ما بين الوف آجر، وابتاع دوراً من جوار المشهد وحفر أساس القبة، وكانوا يطلبون الأرض الصلبة فلم يبلغوا اليها إلّابعد حفر سبعة عشر ذراعاً في ستة عشر ذراعاً فخرج من هذا الحفر عظام الأموات الذين كانوا يطلبون جوار النعمان أربعمائة صنّ، ونقلت جميعها إلى بقعة كانت ملكاً لقوم فحفر لها ودفنت.

ص: 236

إلى أنْ قال: أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عببد الجبار الصيرفي قال: سمعت أبا الحسن بن المهتدي يقول: لا يصح أن قبر أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه، وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون أبا حنيفة لا يعّينون موضعاً.

وقال ابن خلكان في تاريخه 2: 297، قبره مشهور يزار، بُني عليه المشهد والقبة سنة 459 ه.

وقال ابن جبير في رحلته 180: وبالرصافة مشهد حفيل البنيان، له قبّة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه.

وقال ابن بطوطة في رحلته 1: 142: قبر الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه عليه قبّة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ماعدا هذه الزاوية. ثمّ عد جملة من قبور المشايخ ببغداد فقال: وأهل بغداد لهم في كلّ جمعة لزيارة شيخ من هؤلاء المشايخ ويوم لشيخ آخر يليه، وهكذا إلى آخر الإسبوع.

وقال الذهبي في «الدول 1: 79»: وقبره عليه مشهد كبير وقبّة عالية ببغداد.

وقال ابن حجر في «الخيرات الحسان»(1) في مناقب الإمام أبي حنيفة في الفصل الخامس والعشرين: إنّ الإمام الشافعي أيام كان


1- حكاه عنه السيد أحمد زيني دحلان في خلاصة الكلام 252 والدرر السنية.

ص: 237

هو ببغداد كان يتوسّل بالامام أبي حنيفة، ويجيي ء إلى ضريحه يزور فيسلّم عليه، ثمّ يتوسّل اللَّه تعالى به في قضاء حاجاته.

وقال: قد ثبت أن الإمام أحمد توسّل بالامام الشافعي حتى تعجّب ابنه عبد اللَّه بن الإمام أحمد فقال له أبوه: إنَّ الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولمّا بلغ الإمام الشافعي: أن أهل المغرب يتوسّلون بالامام مالك، لم ينكر عليهم.

9- مصعب بن الزبير المتوفّى 157 ه، قال ابن الجوزي: زارت العامّة قبره بمسكن كما يُزار قبر الحسين عليه السلام. «المنتظم لابن الجوزي 7: 206».

10- ليث بن سعد الحنفي امام مصر توفيّ 175 ه، ودفن بالقرافة الصغرى وقبره يُزار رأيته غير مرّة. «الجواهر المضيئة 417».

11- مالك بن أنس امام المالكية المتوفّى 179 ه، قبره ببقيع الغرقد في المدينة المنوّرة، قال ابن جبير في رحلته 153: عليه قبّة صغيرة مختصرة البناء. وقد مرّ ص 140: إنَّ الفقهاء عدّوا زيارته من آداب من زار قبر النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله و سلم.

12- الإمام الطاهر موسى بن جعفر عليهما السلام المدفون بالكاظمية الشهيد سنة 183 ه، أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه 1: 120 باسناده عن أحمد بن جعفر ابن حمدان القطيعي قال: سمعت الحسن بن ابراهيم أبا علي الخلّال (شيخ الحنابلة في عصره) يقول: ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت

ص: 238

به إلّاسهّل اللَّه تعالى ما أحب.

وفي «شذرات الذهب 2: 48»: توفيّ ببغداد الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي بن موسى الرضا الحسيني أحد أشراف الإثني عشر اماماً الذين تدّعي فيهم الرافضة العصمة، ودُفن عند جدّه موسى، ومشهدهما ينتابه العامة بالزيارة.

13- الإمام الطاهر أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام، قال أبوبكر محمد بن المؤمّل: خرجنا مع امام أهل الحديث ابي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا، وهم اذ ذاك متوافرون إلى علي بن موسى الرضا بطوس، قال:

فرأيت من تعظيمه- يعني ابن خزيمة- لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحّيرنا. «تهذيب التهذيب 7: 388».

14- عبد اللَّه بن غالب الحداني البصري المقتول سنة 183 ه، قتل يوم التروية، كان الناس يأخذون تراب من قبره كأنّه مسك يصّيرونه في ثيابهم. «حلية الأولياء 2: 258، تهذيب التهذيب 5: 345».

15- عبد اللَّه بن عون أبو عون الخزّار البصري، قال محمد بن فضالة: رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم في النوم فقال: زوروا ابن عون فإنّ اللَّه يحبه. «حلية الأولياء 3: 39، تهذيب التهذيب 5: 348».

16- عليّ بن نصر بن علي الأزدي أبو الحسن البصري المتوفّى 189 ه، مشهده بالبصرة معروف يُزار. هامش الخلاصة 235.

ص: 239

17- معروف الكرخي 200- 1- 4 ه، قال ابراهيم الحربي: قبر معروف الترياق المجرّب.

وعن الزهري أنّه قال: قبر معروف الكرخي مجرّب لقضاء الحوائج، ويقال: انّه من قرأ عنده مائة مرة قل هو اللَّه أحد وسأل اللَّه ما يريد قضى اللَّه حاجته.

وروي عن أبي عبد اللَّه المحاملي إنّه قال: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة، ماقصده مهموم إلّافرّج اللَّه همّه. «تاريخ بغداد 1: 122».

وقال ابن الجوزي في «صفة الصفوة 2: 183»: عن أحمد بن الفتح قال: سألت بشراً «التابعي الجليل» عن معروف الكرخي فقال: هيهات، حالت بيننا وبينه الحجب.

إلى أنْ قال: فمن كانت له إلى اللَّه حاجة فليأت قبره وليدع، فإنّه يُستجاب له إن شاء اللَّه تعالى. وقال: قبره ظاهر يُتبرك به في بغداد، وكان ابراهيم الحربي يقول: قبر معروف الترياق مجرّب.

وقال في «المنتظم 8: 248»: بُنيت تربة قبر معروف في ربيع الأوّل سنة 460 ه، وعقد مشهداً راجاً بالجص والآجر.

وقال ابن خلكان في تاريخه 2: 224: وأهل بغداد يستسقون بقبره ويقولون: قبر معروف ترياق مجرّب. وقبره مشهور يُزار.

وذكر في 369 عن مرآة الزمان لأبي المظفر سبط ابن الجوزي:

إنّه سمع مشايخه ببغداد يحكون أنّ عون الدين قال: كان سبب

ص: 240

ولايتي المخزن اننّي ضاق مابيدي حتّى فقدت القوت أيّاماً، فأشار علي بعض أهلي أنْ أمضي إلى قبر معروف الكرخي رضى الله عنه فأسأل اللَّه تعالى عنده، فإنّ الدّعاء عنده مستجاب. قال: فأتيت قبر معروف فصليت عنده ودعوت، ثمّ خرجت لأقصد البلد يعني بغداد. إلى آخر ماذكر من قصته.

وفي طبقات الشعراني 1: 61: يستسقى بقبره، وقبره ظاهر يُزار ليلًا ونهاراً.

18- عبيداللَّه بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال الخطيب البغدادي في تاريخه 1: 123: باب البردان فيها أيضاً جماعة من أهل الفضل، وعند المصلى المرسوم بصلاة العيد قبر كان يُعرف بقبر النذور ويقال: المدفون فيه رجل من ولد علي بن أبي طالب رضى الله عنه، يتبرك الناس بزيارته، ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته.

حدثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال:

حدثني أبي قال: كنت جالساً بحضرة عضد الدولة ونحن مخيّمون بالقرب من مصلّى الأعياد في الجانب الشرقي من مدينة السلام، نريد الخروج معه إلى همذان في أول يوم نزل المعسكر، فوقع طرفه على البناء الذي على قبر النذور، فقال لي: ماهذا البناء؟

فقلت: هذا مشهد النذور، ولم أقل: قبره، لعلمي بطيرته من دون هذا، واستحسن اللفظة.

ص: 241

وقال: قد علمت أنّه قبر النذور وانما أردت شرح أمره.

فقلت: هذا يُقال أنّه قبر عبيد اللَّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وإنّ بعض الخلفاء أراد قتله خفّياً فجعلت له هناك زُبية وسيّر عليها وهو لايعلم، فوقع فيها وهيل عليه التراب حيّاً.

وانما شهر بقبر النذور، لأنّه مايكاد يُنذر له نذر إلّاصحّ وبلغ الناذر مايريد، ولزمه الوفاء بالنذور، وأنا أحد من نذر له مراراً لا أحصيها كثرة نذوراً على أمور متعذّرة، فبلغتها ولزمني النذر فوفيت به.

فلم يتقبّل هذا القول، وتكلّم بما دلّ على أنّ هذا انما يقع منه اليسير اتفاقاً، فيتسوّق العوام باضعافه ويسيّرون الأحاديث فيه، فأمسكت فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني في غدوة يوم وقال: اركب معي إلى مشهد النذور، فركبت وركب في نفر من حاشيته إلى أنْ جئت به إلى الموضع، فدخله وزار القبر وصلى عنده ركعتين، سجد بعدهما سجدة أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد، ثمّ ركبنا معه إلى خيمته وأقمنا أياماً ثمّ رحل ورحلنا معه يريد همذان فبلغناها وأقمنا فيها معه شهوراً.

فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدّثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد؟

فقلت: بلى.

ص: 242

وقال لي: إنّي خاطبتك في معناه بدون ماكان في نفسي اعتماداً لاحسان عشرتك، والذي كان في نفسي في الحقيقة أنّ جميع ما يُقال فيه كذب، فلما كان بعد ذلك بمديدة طرقني أمر خشيت أنْ يقع ويتم، وأعملت فكري في الإحتيال لزواله ولو بجميع ما في بيوت أموالي وسائر عساكري، فلم أجد لذلك فيه مذهباً، فذكرت ما أخبرتني به في النذر لمقبرة النذور فقلت: لم لا أجرب ذلك؟

فنذرت: إن كفاني اللَّه تعالى ذلك الأمر أنْ أحمل لصندوق هذا المشهد عشرة آلاف درهم صحاحاً، فلما كان اليوم جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر، فتقدمت إلى أبي القاسم عبد العزيز ابن يوسف- يعني كاتبه- أنْ يكتب إلى أبي الريّان- وكان خليفته في بغداد- يحملها إلى المشهد. ثمّ التفت إلى عبد العزيز- وكان حاضراً- فقال له عبد العزيز: قد كتبت بذلك ونفذ الكتاب.

19- أبو عبد اللَّه محمد بن ادريس الشافعي امام الشافعية المتوفّى 204 ه، دُفن بالقرافة الصغرى، وقبره يُزار بها بالقرب من المقطم.

«وفيات الأعيان 2: 30».

وقال الجزري في «طبقات القراء 2: 97»: والدعاء عند قبره مستجاب، ولمّا زرته قلت:

زرت الإمام الشافعي لأن ذلك نافعي

لأنال منه شفاعةأكرم به من شافع

وقال الذهبي في «دول الإسلام 2: 105»: إنَّ الملك الكامل عمّر

ص: 243

قبّة على ضريح الشافعي رحمة اللَّه عليه.

20- أبو سليمان الداراني المتوفّى 205 ه «أحد الأئمة» دُفن في قرية داريا، في قبلتها، وقبره بها مشهور وعليه بناء وقد جدّد مزاره في زماننا هذا. «البداية والنهاية 10: 259».

21- السيدة نفيسة ابنة أبي محمد الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب، توفيت سنة 208 ه ودُفنت بدرب السباع وقبرها معروف باجابة الدّعاء عنده، وهو مجرب رضي اللَّه عنها. «وفيات الأعيان 2: 302».

22- أحمد بن حنبل امام الحنابلة المتوفّى 241 ه، قبره ظاهر مشهور يُزار ويتبرّك به. كذا في مختصر طبقات الحنابلة 11، وقال الذهبي في «دول الإسلام 1: 114»: ضريحه يُزار ببغداد.

وحكى ابن الجوزي في «مناقب أحمد: 297»، عن عبد اللَّه بن موسى قال: خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد فاشتدّت الظلمة، فقال أبي: يابنيّ تعال حتّى نتوسّل إلى اللَّه تعالى بهذا العبد الصالح حتى يضى ء لنا الطريق، فإني منذ ثلاثين سنة ما توسلت به إلّا قضيت حاجتي، فدعا أبي وأمّنت على دعاءه فأضاءت السماء كأنها ليلة مقمرة حتى وصلنا إليه.

وقال في ص 418: عن أبي الحسن التميمي، عن أبيه، عن جده:

إنّه حضر جنازة أحمد بن حنبل قال: فمكثت طول اسبوع رجاء أنْ أصل من ازدحام الناس عليه، فلما كان بعد اسبوع وصلت إلى قبره.

ص: 244

قال في «المنتظم 10: 283»: وفي أوائل جمادي الآخرة- سنة 574 ه- تقدّم أمير المؤمنين بعمل لوح ينصب على قبر الإمام أحمد ابن حنبل، فعمل ونقضت السترة جميعها وبنيت بآجر مقطوع جديدة وبنى له جانبان، ووقع اللوح الجديد وفي رأسه مكتوب: هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا المستضي ء بأمر اللَّه أمير المؤمنين، وفي وسطه: هذا قبر تاج السنة وحيد الأمة العالي الهمة العالم العابد الفقيه الزاهد الإمام أبي عبد اللَّه أحمد ابن محمد بن حنبل الشيباني رحمه اللَّه، وقد كتب تاريخ وفاته وآية الكرسي حول ذلك، ووعدت بالجلوس في جامع المنصور فتكلمت يوم الإثنين سادس عشر جمادي الأولى، فبات في الجامع خلق كثير وختمت ختمات واجتمع للمجلس بكرة ما حزر بمائة ألف وتاب خلق كثير وقطعت شعور ثمّ نزلت فمضيت إلى زيارة قبر أحمد فتبعني من حزر بخمسة آلاف.

وقال ابن بطوطة في الرّحلة 1: 142: قبره لاقبّة عليه، ويُذكر أنّها بنيت على قبره مراراً فتهدمت بقدرة اللَّه تعالى، وقبره عند أهل بغداد معظّم.

وفي مختصر طبقات الحنابلة 37: تقدّم أمير المؤمنين في سنة 527 ه(1)، بعمل لوح ينصب على قبر الإمام أحمد، وحصل


1- في هذا التاريخ تصحيف، ولم يكن يولد فيه المستضي ء بأمر اللَّه القائم بعمل اللوح وكان أوائل بلوغ ابن الجوزي الحلم، فالصحيح ما مر من كلمة ابن الجوزي. «المؤلّف».

ص: 245

للشيخ أبي الفرج وللحنابلة التعظيم الزائد، وجعل الناس يقولون للشيخ: هذا كله بسببك.

اللَّه يزور أحمد بن حنبل كلّ عام لنصرته كلامه

روى ابن الجوزي في «مناقب أحمد: 454»، قال: حدّثني أبوبكر بن مكارم ابن أبي يعلى الحربي- وكان شيخاً صالحاً- قال:

كان قد جاء في بعض السنين مطر كثير جدّاً قبل دخول رمضان بأيّام، فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت على عادتي إلى قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره، فرأيت قبره قد التصق بالأرض مقدار ساف (1) أو سافين.

فقلت: انما يتم هذا على قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث، فسمعته من القبر وهو يقول: لا، بل هذا من هيبة الحق عزّ وجلّ، لأنّه عزّ وجلّ قد زارني، فسألته عن سرّ زيارته ايّاي في كلّ عام فقال عزّ وجلّ: ياأحمد لأنك نصرت كلامي، فهو يُنشر ويُتلى في المحاريب.

فأقبلت على لحده أُقبّله ثمّ قلت: ياسيدي ما السرّ في إنّه لايقبّل


1- الساف والسافة: الصف من الطين أو اللبن، ج: آسف وسافات. «المؤلّف».

ص: 246

قبر إلّاقبرك؟ فقال لي: يابُني ليس هذا كرامة لي ولكن هذا كرامة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لأنّ معي شعرات من شعره صلى الله عليه و آله و سلم، ألا ومن يحبّني يزورني في شهر رمضان، قال ذلك مرتين.

من يزور أحمد غفر اللَّه له

أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه 2: 460 عن أبي بكر بن أنزويه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في المنام ومعه أحمد بن حنبل فقلت: يارسول اللَّه من هذا؟ فقال: هذا أحمد وليّ اللَّه ووليّ رسول اللَّه على الحقيقة، وأنفق على الحديث ألف دينار. ثمّ قال: من يزوره غفراللَّه له؛ ومن يبغض أحمد فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللَّه.

وأخرج الخطيب البغدادي عن عبد العزيز قال: سمعت أبا الفرج الهندبائي يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدّة فرأيت في المنام قائلًا يقول لي: تركت زيارة قبر امام السنّة؟.

«تاريخ بغداد 4: 423، مناقب أحمد لابن الجوزي: 481».

قال ابن الجوزي: وفي صفر سنة 542 ه رأى رجل في المنام قائلًا يقول له: من زار أحمد بن حنبل غُفر له. قال: فلم يبق خاصّ ولاعامّ إلّازاره وعقدت يومئذ مجلساً فاجتمع فيه ألوف من الناس. «البداية والنهاية 12: 323».

فضل زوار قبر أحمد

أخرج ابن الجوزي في «مناقب أحمد: 481»، عن أحمد بن

ص: 247

الحسين، عن أبيه قال: قال الشيخ أبو طاهر ميمون: يابُنيّ رأيت رجلًا بجامع الرصافة في شهر ربيع الأول من سنة ستين وأربعمائة فسألته فقال: قد جئت من ستمائة فرسخ. فقلت: في أيّ حاجة؟

قال: رأيت وأنا ببلدي في ليلة جمعة كأنّي في صحراء أو في فضاء عظيم، والخلق قيام وأبواب السماء قد فُتحت وملائكة تنزل من السماء تلبس أقواماً ثياباً خضراً ويطير بهم في الهواء، فقلت: من هؤلاء الذين اختصّوا بهذا؟ فقالوا لي: هؤلاء الذين يزورون أحمد ابن حنبل، فانتبهت ولم ألبث أنْ أصلحت أمري وجئت إلى هذا البلد وزرته دفعات وأنا عائد إلى بلدي إن شاء اللَّه.

بركة قبر أحمد وجواره

أخرج بن الجوزي في مناقب أحمد 482 عن أبي يوسف بن بختان- وكان من خيار المسلمين- قال: لمّا مات أحمد بن حنبل رأى رجل في منامه كأنّ على كلّ قبر قنديلًا فقال: ماهذا؟ فقيل له:

أما علمت أنّه نور لأهل القبور ينّورهم بنزول هذا الرجل بين أظهرهم وقد كان فيهم من يعذّب فرحم.

وباسناده عن عبيد بن شريك قال: مات رجل مخنّث، فرُئي في النوم فقال: قد غُفر لي، دفن عندنا أحمد بن حنبل فغفر لأهل القبور.

وباسناده في ص 483 عن أبي علي الحسن بن أحمد الفقيه قال:

ص: 248

لمّا ماتت أمّ القطعيي دفنها في جوار أحمد بن حنبل، فرآها بعد ليال فقالت: يابُنيّ رضي اللَّه عنك فلقد دفنتني في جوار رجل ينزل على قبره في كلّ ليلة- أوقالت في كلّ ليلة جمعة- رحمة تعم بجميع أهل المقبرة وأنا منهم.

قال: قال أبو علي: وحكى أبو ظاهر الجمّال- شيخ صالح- قال:

قرأت ليلة وأنا في مقبرة أحمد بن حنبل قوله تعالى: فمنهم شقيّ وسعيد(1)، ثمّ حملتني عيني فسمعت قائلًا يقول: ما فينا شقيّ والحمد للَّه ببركة أحمد.

وقال: بلغني عن بعض السلف القدماء قال: كانت عندنا عجوز من المتعبّدات قد خلت بالعبادة خمسين سنة، فأصبحت ذات يوم مذعورة فقالت: جاءني بعض الجنّ في منامي فقال: إنّي قرينك من الجنّ وإنّ الجنّ استرقت السمع بتعزية الملائكة بعضها بعضاً بموت رجل صالح يقال له: أحمد بن حنبل. وتربته في موضع كذا، وإنّ اللَّه يغفر لمن جاوره فإن استطعت أنْ تجاوريه في وقت وفاتك فافعلي، فاني لك ناصح وإنك ميتة بعده بليلة، فماتت كذلك، فعلمنا أنّه منام حقّ.

قال الأميني: هذه نماذج من كلمات الحنابلة في زيارة قبر امامهم أحمد وبركة جواره، وهذه سيرتهم المطّردة فيها وفي زيارة قبور


1- هود 105.

ص: 249

مشايخهم كما يأتي، فشتّان بينها وبين ماتره ابن تيميّة ومن لفّ لفّه، فانهم شذوا عن تلكم الآراء، وأتوا بأحداث تافهة، وعزوا إلى الإسلام ما لا يُرصف به.

23- ذو النون المصري المتوفّى 246 ه، دفن في القرافة الصغرى وعلى قبره مشهد مبني، وفي المشهد قبور جماعة من الصالحين، وزرته غير مرّة. قاله ابن خلكان في تاريخه 1: 109.

24- بكار بن قتيبة بن أسد الثقفي البكراوي البصري الحنفي الفقيه بمصر سنة 270 ه، دفن بالقرافة وقبره مشهور يُزار ويُتبرك به، ويقال: إنَّ الدّعاء عند قبره مستجاب. «الجواهر المضيئة 1: 170».

25- ابراهيم الحربي المتوفّى 285 ه، دُفن في بيته، وقبره ظاهر يتبرّك الناس به. قاله ابن الجوزي في مناقب أحمد 509، وصفة الصفوة 2: 232.

26- اسماعيل بن يوسف أبو عليّ الديلمي، قال المعافي: الناس يزورون قبره وراء قبر معروف الكرخي، وبينهما قبور يسيرة، وقد زرته مراراً. «صفوة الصفوة 2: 233».

27- عليّ بن محمد بن بشّار أبو الحسن المتوفّى 313 ه، قبره ببغداد اليوم ظاهر يتبرّك به. «المنتظم 6: 199».

28- يعقوب بن اسحاق أبو عوانة النيسابوري ثمّ الأسفرائيني الحافظ الشهير المتوفّى 316 ه، قال الذهبي في تذكرته 3: 3: قبر

ص: 250

أبي عوانة مشهد مبني باسفرائين يُزار وهو بداخل المدينة.

وقال الحافظ ابن عساكر: إنَّ قبر أبي عوانة باسفرائين مزار العالم ومتبرّك الخلق، وبجنب قبره قبر الراوية عنه أبي نعيم، وقريب من مشهده مشهد الإمام أبي اسحاق الأسفرائيني، والعوام يتقرّبون إلى مشهد أبي اسحاق أكثر مّما يتقربون إلى أبي عوانة، وهم لايعرفون قدر هذا الإمام الكبير المحدث أبي عوانة، لبعد العهد بوفاته وقرب العهد بوفاة أبي اسحاق، وكان جدّي إذا وصل إلى مشهد الأستاذ أبي اسحاق لا يدخله احتراماً، بل كان يُقبّل عتبة المشهد، وهي مرتفعة بدرجات، ويقف ساعة على هيئة التعظيم والتوقير، ثمّ يعبر عنه كالمودع لعظيم الهيبة والقدر، وإذا وصل إلى مشهد أبي عوانة كان أشدّ تعظيماً له واجلالًا وتوقيراً ويقف أكثر من ذلك رحمهم اللَّه أجمعين. «وفيات الأعيان 2: 469 ملخّصاً».

29- أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد ابن طباطبا المصري المتوفّى 348 ه، دُفن بمصر وقبره معروف ومشهور باجابة الدعاء، رُوي إنَّ رجلًا حجّ وفاتته زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فضاق صدره لذلك، فرآه صلى الله عليه و آله و سلم في نومه فقال له: إذا فاتتك الزيارة فزر قبر عبد اللَّه بن أحمد بن طباطبا، وكان صاحب الرؤيا من أهل مصر. «وفيات الأعيان 1: 282».

30- الحافظ أبو الفضل صبح بن أحمد التميمي السمسار المتوفّى

ص: 251

384 ه، الدعاء عند قبره مستجاب. «شذرات الذهب 3: 109».

31- الحافظ أبو الحسن علي بن محمد العامري المتوفّى 403 ه، عكف الناس على قبره ليالي يقرأون القرآن ويدعون له، وجاء الشعراء من كلّ أوب يرثون ويترحمّون. «البداية والنهاية 11: 351».

32- أبو سعيد عبد الملك بن محمد الخركوشي المتوفّى 406 ه، قبره بنيسابور مشهور يُزار ويتبرّك به. «شفاء السقام للسبكي 29».

33- محمد بن الحسن أبو بكر ابن فورك الأصبهاني المتوفّى 406 ه، دفن بالحيرة من نيسابور ومشهده بها ظاهر يزار ويُستسقى به وتجاب الدعوة عنده. «وفيات الأعيان 2: 57».

34- أبو علي الحسن بن أبي الهبيش المتوفّى 420 ه، قال ابن الجوزي في «المنتظم 8: 46»: قبره ظاهر بالكوفة وقد عمل عليه مشهد، وقد زرته في طريق الحج.

35- أبو جعفر بن أبي موسى المتوفّى 470 ه، «كان امام الحنابلة في وقته بلا مدافعة» نُبش قبر أحمد بن حنبل ودفن فيه، ولزم الناس قبره، فكانوا يبيتون عنده كل ليلة أربعاء ويختمون الختمات فيقال: إنّه قرى ء على قبره تلك الأيام عشرة آلاف ختمة.

«شذرات الذهب 3: 337».

وقال ابن الجوزي في «المنتظم 8: 317»: كان الناس يبيتون

ص: 252

هناك كلّ ليلة أربعاء ويختمون الختمات، وتخرج المتعيّشون فيبيعون المأكولات، وصار ذلك فرجة للناس، ولم يزالوا كذلك إلى أنْ جاء الشتاء فامتنعوا، فختم على قبره في تلك المدة أكثر من عشرة آلاف ختمة.

وقال ابن كثير: دفن إلى جانب الإمام أحمد، فاتّخذت العامة قبره سوقاً ليلة أربعاء يترددون إليه. «البداية والنهاية 12: 119».

36- المعتمد على اللَّه أبو القاسم محمد بن المعتضد اللخمي الأندلسي 488 ه، اجتمع عند قبره جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدونه بالمدائح ويجزل لهم المنائح، فرثوه بقصائد مطوّلات وأنشدوها عند قبره وبكوا عليه، فمنهم أبو بحر رثاه بقصيدة منها:

قبّلت في هذا الثرى لك خاضعاًوجعلت قبرك موضع الانشاد

ولمّا فرغ من انشادها قبّل الثرى ومرّغ جسمه وعفّر خدّه، فأبكى كلّ من حضر. «شذرات الذهب 3: 390».

37- نصر بن ابراهيم المقدسي المتوفّى 490 ه، توفيّ بدمشق ودفن بباب الصغير وقبره ظاهر يُزار، قال النووي: سمعنا الشيوخ يقولون: الدّعاء عند قبره يوم السبت مستجاب(1). «3: 396».

38- أبو الحسن علي بن الحسن المصري فقيه الشافعية المتوفّى


1- 1.

ص: 253

492 ه، قال ابن الأنماطي: قبره بالقرافة يُعرف باجابة الدّعاء عنده. «شذرات الذهب 3: 399».

39- عليّ بن اسماعيل بن محمد المتوفّى 559 ه، قبره بفاس من مزاراتها بها المجاب عنده الدّعاء قاله السّاحلي، وفي «نيل الإبتهاج: 198»: زرت قبره مراراً بفاس.

40- الخضر بن نصر الأربلي الفقيه الشافعي المتوفّى 567 9 ه، قال ابن كثير في تاريخه 12: 287، نقلًا عن تاريخ بن خلكان: قبره يُزار وقد زرته غير مرّة، ورأيت الناس ينتابون قبره ويتبركون به (1).

41- نور الدين محمود بن زنكي المتوفّى 569 ه، قال ابن كثير:

قبره بدمشق يُزار، ويحلّق بشباكه ويطيب ويتبرك به كلّ مار فيقول: قبر نور الدين الشهيد. «البداية والنهاية 12: 284».

وفي شذرات الذهب 4: 231: روي أنّ الدّعاء عند قبره مستجاب ويقال: دفن معه ثلاث شعرات من لحيته صلى الله عليه و آله و سلم فينبغي لمن زاره أنْ يقصد زيارة شي ء منه صلى الله عليه و آله و سلم.

42- القاسم بن فيرة الشاطبي المتوفّى 590 ه، دُفن بالقرافة وقبره مشهور يُقصد للزيارة، وقد زرته مرات وعرض علي بعض أصحابي الشاطبية عند قبره ورأيت بركة الدّعاء عند قبره بالاجابة رحمه اللَّه ورضي عنه. «طبقات القرّاء 2: 23».

43- أحمد بن جعفر الخزرجي أبو العباس السبتي نزيل مراكش


1- في هذه العبارة زيادة وتغيير على ما في تاريخ ابن خلكان 1: 189.

ص: 254

والمتوفّى بها سنة 601 ه، قبره معروف مزار مزاحم عليه مجرب الإجابة، زرته مراراً لاتحصى، وجرّبت بركته غير مرة.

وقال ابن الخطيب السلماني في كلام له: ويبلغ وارد ذلك المزار في اليوم الواحد ثمانمائة مثقال ذهب عين؛ وربما وصل بعض الأيام ألف دينار، وتصرف كلها في ذوي الحاجات المحتفّين به من أهالي تلك الديار.

قال صاحب «نيل الإبتهاج» بعد كلام طويل حول هذا المزار:

قلت: وإلى الآن مازال الحال على ماكان عليه في روضته من ازدحام الخلق عليها وقضاء حوائجهم، وقد زرته ما يزيد على خمسمائة مرة، وبتّ هناك ما ينيف على ثلاثين ليلة، وشاهدت بركته في الأمور. ثمّ ذكر قصة يهودي توسّل به وقضيت حاجته.

راجع «نيل الأبتهاج: 62».

44- محمد بن أحمد الحنبلي أبو عمرو المقدسي المتوفّى 607 ه، قبره يُزار، ولمّا دفن رأى بعض الصالحين في منامه تلك الليلة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وهو يقول: من زار أبا عمرو ليلة الجمعة فكأنما زار الكعبة، فاخلعوا نعالكم قبل أنْ تصلوا إليه. «شذرات الذهب 5: 30».

45- سيف الدين أبو الحسن القميري المتوفّى 653 ه بنابلس، الدّعاء عند قبره مستجاب. «شذرات الذهب 5: 161».

46- اسحاق بن يحيى أبو ابراهيم الأعرج المتوفّى بفاس 683 ه

ص: 255

الدعاء عند قبره مستجاب. «نيل الابتهاج: 100».

47- الشيخ أحمد بن علي البدوي المتوفّى 675 ه، دفن بطندنة وجعلوا على قبره مقاماً، واشتهرت كراماته وكثرت النذور إليه.

«شذرات الذهب 5: 346».

48- الشيخ حسين الجاكي المتوفّى 730 ه، قبره ظاهر يُزار كلّ ليلة أربعاء وصبيحتها. «طبقات الأخيار 2: 2».

49- الشيخ أحمد بن علوان، قال اليافعي في مرآته 4: 357:

ومن كراماته أنّ ذرية الفقهاء الذين كانوا ينكرون عليه صاروا يلوذون عند النوائب بقبره ويستجيرون من خوف السلطان به، وإلى ذلك وبعض مناقبه الحميدة أشرت في قصيدة. ثمّ ذكر خمسة أبيات.

50- أبو علي بن بنان، يتبرّك أهل بلد «دير العاقول» بزيارة قبره. «تاريخ بغداد 14: 427».

51- أبو عبد اللَّه القرشي الأندلسي توفيّ ببيت المقدس، قبره مقصود بالزّيارة. «شذرات الذهب 4: 342».

52- الشيخ أبو بكر بن عبد اللَّه العيدروس باعلوي توفيّ سنة 914 ه بعدن، وقبره بها أشهر من الشمس الضاحية، يُقصد للزيارة والتبرّك من الأماكن البعيدة، سبعة في «تريم» يعتقد أهل زبيد أنّ من زارهم سبعة أيام متوالية قضيت حاجته، قال الشيخ علي بن أبي بكر في الثناء عليهم:

ص: 256

بباب سهام سبعة من مشايخ لقاصدهم ذخر وكنز لمقلل

فيونس ابراهيم مرزوق جبرتي وأفلح مياد كذا ابن الرضاالولي

زيارتهم نجح لكلّ حوائجي وفي الخلد سكنى للذي زار مقبل

«تريم» بها منهم ألوف عديدةبساحة بشّار شموس الهدى قل

زيارة كلّ منهم صحّ أنّهالما شئت من جلب ودفع محصل

وإنْ قيل ترياق جرّباوفي ربع بشّار شفى كلّ معضل

إلى آخر الأبيات. «النور السافر 80- 81. شذرات الذهب 8: 64».

توجد في المعاجم وكتب التراجم والتاريخ أضعاف ماذكر من القبور المزورة اقتصرنا بالمذكور روماً للاختصار.

منتهى القول في زيارة القبور

هذا قليل من كثير مّما تداول بين أجيال المسلمين منذ عهدهم المتقادم، من لدن عهد الصحابة الأولين والتابعين لهم باحسان، ثمّ

ص: 257

في أدوراهم المتتابعة من زيارة قبر نبيهم الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم ومراقد الأئمة والأولياء والصالحين والعلماء وشدّ الرحال اليها، والتوسّل والاستشفاع بها، وفي الزائرين علماء أعلام وأئمة يقتدى بهم في المذاهب، على أنّ نقلة هذه الأقاويل علماء وقادة ارتضوا تلكم الأعمال بنقلهم لها في مقام فضيلة المقبورين وأرباب هاتيك المشاهد، فعلى ذلك وقع التسالم بين فرق المسلمين في قرونهم المتطاولة، وذلك يُنبي ء عن الإجماع المتحقق بين طبقات الأمة الإسلامية على استحسان ذلك كله وكونه سنّة متّبعة.

وأنت أيها القارئ الكريم إذا أعرت لما تلوناه عليك أذناً واعية، فهل تجد لما يصفه ابن تيميّة ومن يرقص لماله من مكاء وتصديةٍ (نظراء القصيمي) مقيلًا من الصدق؟

فهل كان المسلمون الأولون يرون مايأتون به من الأعمال في مشاهد الموتى كفريّة ثمّ يتقرّبون به إلى اللَّه تعالى؟ حاشا لا نتّهم فرق المسلمين عامّة بمثل هذه الفرية الشائنة.

وهل تجد شيئاً من هاتيك الأعمال مختصّاً بالشيعة فحسب؟

لاها اللَّه.

وهل الأعمال التي تأتي بهاالشيعة عند القبور- وقد زعم الرجل أنّها كاشفة عن الغلوّ والتأليه لعلي وولده- غير مايأتي به أهل السنة وفي مقدمهم أئمتهم عند تلكم المزارات من لدن عصر الصحابة حتى اليوم، من سرد ألفاظ زيارة جامعة الفضائل المزور،

ص: 258

ومن الدّعاء عند قبره، والصلاة لديه، وختم القرآن عنده واهداءه إليه، والتوسّل والإستشفاع به، وطلب قضاء الحاجة من اللَّه تعالى بوسيلته، والتبرّك به بالتزام أو تمريغ أو تقبيل، وتعظيمه بكلّ مااقتضته حرمته واستوجبه خطره.

فلو صحّت أحلام ابن تيميّة وتابعيه، وتكون هذه الأعمال بدعة وضلالًا وغلّواً أو تأليهاً، وفاعلها خارجاً عن ربقة الإسلام، لم يبق عندئذ معتنق بالاسلام منذ يومه الأوّل إلّاابن تيميّة ومن لفّ لفّه.

فحقيق على القارئ الآن أنْ يقف على كلمة «القصيمي» الأخرى، ويكون على بصيرة من أنّ الشيعة ليس بينها وبين المذاهب الأربعة قطّ اختلاف في هذه المواضع الهامّة، وإنّما هي مّماتسالمت عليه الأمة الإسلامية جمعاء. غير أنّ كتّاب الهواهي هاج هائجهم على الشيعة فأجّجوا عليهم نيران الإحن والشحناء، وجاؤا يقطّعون كلمة التوحيد بأقلام مسمومة، ويشقّون عصا المسلمين، ويلقون الخلاف بينهم أولئك الذين طبع اللَّه على قلوبهم واتّبعوا أهوائهم (1).

ذكر في الصراع 2: 648، قول العلّامة الأمين من قصيدة له:

لابدع أنْ كان الدعاءإليه في- ها صاعداً وبغيرهالم يصعد

ثمّ قال: هذا القول عند جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ونحلهم من أقوال الردّة والكفر الواضح، ونعوذ باللَّه من الخذلان.

وقبل هذا البيت:

وكذاالصّلاة لدى القبور تبرّكاًبذوي القبور فليس بالصنع الرّدي

إنّ الأئمة من سلالة هاشم ثقل النبيّ وقدوة للمقتدي

قالوا: الصّلاة لدى محلّ قبورنافي الفضل تعدل مثلها في المسجد

عنهم روته لنا الثقات فبالهدى عنهم إذا شئت الهداية فاقتد

شرف المكان بذي المكان محقّق وأخو الحجا في ذاك لم يتردّد

خيرّ عبادة ربّنا في مثله من غيره فإليه فاعمد واقصد

وكذلكم طلب الحوائج عندهامن ربّنا أرجى لنيل المقصد

بركاتها تُرجى لداع أنهابركات شخص في الضريح موسّد


1- محمّد: 16.

ص: 259

ص: 260

لابدع أنْ كان الدّعاء إليه... الخ

فقال: والقصيدة أغلبها من هذا النوع الفاحش المناقض لدين الإسلام ولغيره من أديان اللَّه. انتهى.

وعدّ القول بالشفاء، وإجابة الدّعاء عند قبر الحسين السبط عليه السلام من آفات الشيعة في 2: 21.

كبرتْ كلمة تخرج من أفواههم إنْ يقولون إلّاكذباً(1).


1- الكهف 5.

ص: 261

المصادر

1- اتحاف السادة المتّقين، للزبيدي، بيروت.

2- احياء علوم الدين، للغزالي، دار الندوة الجديدة.

3- ارواء القليل، للألباني، المكتبة الإسلامية.

4- البداية والنهاية، لابن الأثير، دار الفكر.

5- تأريخ اصفهان، لأبي نعيم، بيروت.

6- تأريخ بغداد، للخطيب البغدادي، بيروت.

7- تذكرة الموضوعات، لابن القيسراني، السلفية.

8- تذكرة الموضوعات، للفتني، بيروت.

9- الترغيب والترهيب، للمنذري، مصطفى الحلبي.

10- تلخيص الجير، لابن حجر، الفنيّة المتحدة.

11- التهذيب، للشيخ الطوسي، المكتبة الاسلامية.

12- الدر المنثور، للسيوطي، دار الفكر.

ص: 262

13- الدرر المنتثرة، للسيوطي، مصطفى الحلبي.

14- السلسلة الصحيحة، للألباني، المكتب الإسلامي.

15- السلسلة الضعيفة، للألباني، المكتب الإسلامي.

16- سنن أبي داود، دار الفكر.

17- سنن ابن ماجة، دار الفكر.

18- سنن الترمذي، احياء التراث العربي.

19- سنن الدارقطني، دار المحاسن.

20- السنن الكبرى للبيهقي، دار الفكر.

21- سننن النسائي، احياء التراث العربي.

22- الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض، دار الفيحاء.

23- الصحاح، للجوهري، دار العلم للملايين.

24- صحيح البخاري، احياء التراث العربي.

25- صحيح مسلم، دار الفكر.

26- الفقه على المذاهب الأربعة، لعبد الرحمن الجزري، دار الكتب العلمية.

27- الفوائد المجموعة، للشوكاني، السنّة المحمدية.

28- الكامل في الضعفاء، لابن عدي، دار الفكر.

29- كشف الخفاء، للعجلوني، دار التراث العربي.

30- كنز العمال، للهندي، الرسالة.

ص: 263

31- اللآلى ء المصنوعة، للسيوطي، دار الكتاب العربي.

32- مجمع الزوائد، للهيثمي، دار الكتاب العربي.

33- مستدرك الصحيحين، للنيسابوري، دار الفكر.

34- مسند أحمد بن حنبل، دار الفكر.

35- مصنّف ابن أبي شيبة، دار الفكر.

36- المطالب العالية، لابن حجر، التراث الاسلامي.

37- معجم البلدان، لياقوت الحموي، دار احياء التراث العربي.

38- المعجم الكبير، للطبراني، دار احياء التراث العربي.

39- المنتظم، لابن الجوزي، دار الكتب العلمية.

40- المهذّب في فقه الشافعي، للفيزوآيادي الشيرازي، دار المعرفة.

41- نيل الأوطار، للشوكاني، دار الجيل.

42- وفيات الأعيان، لابن خلكان، دار صادر.(1)

هوامش

[1] ( 1) الفقه على المذاهب الأربعة 1: 421.« المؤلّف».

وانظر طبعة دار الكتب العلميّة في بيروت 1: 537.

[2] ( 2) الفقه على المذاهب الأربعة 1: 422.« المؤلّف».

وانظر طبعة دار الكتب العلميّة في بيروت 1: 537.

[3] ( 1) المنهاج المطبوع بهامش شرحه المغني 1: 357، تأليف محيي الدّين النووي الشافعي، شرح الشربيني الشافعي 1: 358، حاشيه شرح ابن قاسم العزى تأليف الشيخ ابراهيم الباجوري الشافعي 1: 280، وغيرها.« المؤلّف».

وانظر الفقه على المذاهب الأربعة 1: 538.

[4] ( 2) الفقه على المذاهب الأربعة 1: 422.« المؤلّف».

وانظر طبعة دار الكتب العلميّة في بيروت 1: 537.

[5] ( 1) بل منذ عهد النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم، كما يظهر ممّا يأتي من حديث نقل جابر أباه بعددفنه.« المؤلّف».

[6] ( 2) الملل والنحل للشهرستاني 1: 21 هامش الفِصل، شرح الشمائل للقارئ 2: 208، شرح الشمائل للمناوي 2: 208، السيرة الحلبية 3: 393، الصواعق المحرقة: 19.« المؤّلف».

[7] ( 3) تأريخ الطبري 1: 80، العرائس للثعلبي 29.« المؤلّف».

[8] ( 4) رواه جعفر بن محمّد بن قولويه في المزار: 38 و 7، والشيخ الطوسي بطريقه عن المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام في التهذيب 6: 22/ 51، وكذلك أخرجه السيّد ابن طاووس في المزار: 41.

[9] ( 5) حاشية أبي الإخلاص الحنفي 1: 168، طبعت بهامش درر الحكام.« المؤّلف».

[10] ( 1) شرح الشمائل للقارئ: 208، وشرح المناوئ في هامشه.« المؤلّف».

[11] ( 2) التهذب 6: 34/ 69.

[12] ( 3) محاضرة الأوائل للسكتواري: 102، ط 1300، وتمام المتون للصفدي: 151.« المؤلّف».

[13] ( 1) معجم البلدان، طبعة دار إحياء التراث العربي في بيروت ج 2، ص 214:« حُبْشِيّ، بالضمّ، ثمّ السكون، والشين معجمة، والياء مشدّدة: جبل بأسفل مكّة بنعمان الأراك، يُقال: به سمّيت أحابيش قريش.

[14] ( 1) معجم البلدان، طبعة دار إحياء التراث العربي في بيروت ج 2، ص 214:« حُبْشِيّ، بالضمّ، ثمّ السكون، والشين معجمة، والياء مشدّدة: جبل بأسفل مكّة بنعمان الأراك، يُقال: به سمّيت أحابيش قريش.

[15] ( 2) موضع على ثمانية أميال من المدينة المشرّفة، إليه انتهى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يوم احد في طلب المشركين.« المؤلّف».

انظر معجم البلدان 2: 300.


1- العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير 10 الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

ص: 264

[16] ( 1) سوسنقين: منزل بين همدان وساوة.« المؤّلف».

[17] ( 1) وقد يُقال في تأريخ وفاته غير هذا.« المؤلّف».

[18] ( 2) أحد أركان الشافعية وفقيهها الكبير.

[19] ( 1) أحسب أنّ غير واحدٍ من هؤلاء حُمل بعد الدفن ونُقل من مدفن إلى مدفن.« المؤلّف».

[20] ( 2) صحيح البخاري 2: 247، سنن أبي داود 2: 72، سنن النسائي 4: 84، سنن البيهقي 4: 58، الاستيعاب 1: 368، اسد الغابة 3: 232، الإصابة 2: 350. التاج في الجمع بين الصحاح 1: 410.

[21] ( 1) كذا، ولعلّه: زيادة، كما يأتي.« المؤلّف».

[22] ( 1) بكسر الحاء المهملة، وسكون النون، وفتح الزاء المعجمه، وبعد الألف باء موحّدة، ثمّ هاء ساكنة، وهي أمّ أبيه. وفي تأريخ ابن خلّكان: خنزانة.« المؤلّف».

وفيات الأعيان 1: 214.

[23] ( 1) ذكر ابن خلّكان عن القدوري إنّه أفقه وأنظر من الشافعي.« المؤلّف».

وفيّات الأعيان 1: 470.

[24] ( 1) يُقال: فيها قوم من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كانوا شهدوا معه قتال الخوارج بالنهروان وارتثوا في الوقعة، ثمّ لمّا رجعوا أدركهم الموت في ذلك الموضع فدفنهم عليّ هناك« تأريخ بغداد 1: 126، المنتظم 10: 98».

[25] ( 1) كذا في المنتظم 10: 109، وقال في صحيفة 166: إنّ نقله كان في رجب سنة 551 ه.« المؤلّف».

[26] ( 1) في تأريخ ابن خلّكان: دفن بالبقيع.« المؤلّف».

[27] ( 1) مدينة بالجزيرة الفراتيّة.« المؤلّف».

في معجم البلدان: ج 2، ص 478: بضمّ أوّله، بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان، ولها اسم آخر يقال لها: فوج حصار.

[28] ( 1) الصَنّ: شبه السلّة، جمعها صِنان.« المؤلّف».

الصحاح 6: 2152« صنن».

[29] ( 2) غافر: 78.

[30] ( 1) فاطر: 43.

ص: 265

[31] ( 2) كشفاء السقام في زيارة خير الأنام لتقي الدّين السبكي، والدرّة اللمضيّة في الردّ على ابن تيميّة للسبكي أيضاً، والمقالة المرضيّة لقاضي قضاة المالكيّة تقي الدّين أبي عبداللَّه الأخنائي، ونجم المهتدى ورجم المقتدى للفخر ابن المعلّم القرشي، ودفع الشبه لتقي الدّين الحصني، والتحفة المختارة في الردّ على منكر الزيارة لتاج الدّين الفاكهاني المتوفى 834 ه، وتأليف أبي عبداللَّه محمّد بن عبد المجيد الفاسي المتوّفى 1229 ه.

[32] ( 3) كالصواعق الإلهيّة في الردّ على الوهّابية للشيخ سليمان بن عبدالوهّاب في الردّ على أخيه محمّد بن عبدالوهّاب النجدي، والفتاوى الحديثيّة لابن حجر، والمواهب اللدنيّة للقسطلاني، وشرح المواهب للزرقائي، وكتب اخرى كثيرة.

[33] ( 1) راجع تكملة السيف الصقيل للشيخ محمّد زاهد الكوثري: 155.« المؤلّف».

[34] ( 1) إتحاف السّادة المتّقين للزبيدي 7: 49- 491 و 10: 374، المغني عن حمل الأسفارللعراقي 3: 122 و 4: 477، كنز العمّال 15: 680/ 42712. وفي سنن النسائي 4: 52، باب النهي عن ذكر الهُلّاك إلّابخير:« لا تذكروا هُلكاكم إلّابخير».

[35] ( 1) مسند أحمد بن حنبل 1: 22، كنزل العمّال 10: 186/ 28969، إتحاف السّادةالمتّقين للزبيدي، 1: 22، السلسة الصحيحة للألباني: 1013.

[36] ( 1) تكملة السيف الصقيل للكوثري: 190 كتبه من خط قاضي القضاة برهان الدّين بن جماعة وكتبه هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد ابن العلائي، وقد كتبه من خطّ الذهبي. وذكر شطراً من العزامي في الفرقان 129.« المؤلّف».

[37] ( 2) الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني 1: 147.

[38] ( 3) الرعد: 17.

[39] ( 1) الحج: 32.

[40] ( 1) تأريخ الخطيب البغدادي 11: 73.

[41] ( 2) تذكرة الحفّاظ للذهبي 3: 346، صفة الصفوة لابن الجوزي 2: 151.

[42] ( 3) البداية والنهاية لابن كثير 12: 123، شذرات الذهب 3: 350.

[43] ( 4) البداية والنهاية 121: 119.

[44] ( 1) أخرجه الدارمي في سننه 1: 44، وذكره القسطلاني في« المواهب اللدنية»، وابن حجر في« الجوهر المنظم» عن الدارمي، وابن المبارك، واسماعيل القاضي، والبيهقي، وذكر الزرقاني في« شرح المواهب 5: 340»، ما أسقط منه القسطلاني، وذكره الحمزاوي في كنز المطالب: 223.« المؤلّف».

[45] ( 1) الأنفال: 42.

ص: 266

[46] ( 2) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: ابن حجر في تلخيص الحبير 2: 267، والسيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 64، والدر المنثور 1: 237، والدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 158، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، والزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 407 و 10: 363، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 651/ 42582.

[47] ( 1) الكامل في الضعفاء 6: 2350.

[48] ( 1) سنن الدار قطني 2: 278/ 194.

[49] ( 2) السنن الكبرى 2: 177.

[50] ( 3) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 195.

[51] ( 1) قال في خطبة الأحكام الصغرى: إنّه تخيرها صحيح الإسناد معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات وتداولها الثقات. وقال في خطبة الوسطى: إنّ سكوته عن الحديث دليل على صحته ... الخ. راجع« شفاء السقام: 9».

[52] ( 1) السمهود: قرية كبيرة غربي نيل مصر.« المؤلّف».

[53] ( 1) الفقه على المذاهب الأربعة 1: 540.

[54] ( 1) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: أبي نعيم الأصفهاني في تأريخ أصفهان 2: 219، والهيثمي في مجمع الفوائد 4: 2، والزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والسيوطي في الدر المنوثر 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 12: 256/ 34928.

[55] ( 1) المعجم الكبير 12: 291.

[56] العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير (10) الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

[57] ( 1) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، والألباني في أرواء الغليل 4: 335، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، وابن حجر في المطالب العالية: 1254، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12368.

[58] ( 2) المعجم الكبير 12: 407.

[59] ( 1) الكامل في الضعفاء 2: 790.

[60] ( 2) سنن الدار قطني 2: 278/ 193.

[61] ( 1) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: ابن الجوزي في الموضوعات 2: 217، والقيسراني في تذكرة الموضوعات: 791، والألباني في السلسلة الضعيفة: 45، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12369.

[62] ( 2) الكامل في الضعفاء 7: 2480.

[63] ( 3) سنن الدار قطني 2: 278.

ص: 267

[64] ( 1) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: السيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 72 والدر المنثور 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12371، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والعجلوني في كشف الخفاء 2: 346.

[65] ( 2) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الدارقطني في سننه 2: 278/ 193، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237 و 2: 55، والفتني في تذكرة الموضوعات: 72، والمتقي الهندي في كنز العمال 12: 271/ 35005، والزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416.

[66] ( 1) وأخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 266، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12372، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 117، والسيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 159.

[67] ( 2) سنن الدار قطني 2: 278/ 193.

[68] ( 3) السنن الكبرى 5: 245.

[69] ( 1) وأخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الشوكاني في الفوائد المجموعة: 109، والفتني في تذكرة الموضوعات: 73، الألباني في السلسلة الضعيفة: 204، والقاضي عياض المالكي مِن الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.

[70] ( 1) أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416 و 10: 364، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 652/ 42584، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237.

[71] ( 2) مستدرك الصحيحين 3: 416.

[72] ( 3) شعب الإيمان 6: 216.

[73] ( 1) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.

[74] ( 1) أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: البيهقي في سنة الكبرى 5: 245، والطبراني في معجمه الكبير 12: 406، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، وابن حجر في المطالب العالية: 1253.

[75] ( 1) أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 266، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12372، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 117، والعجلوني في كشف الخفاء 2: 347، والسيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 159.

[76] ( 2) سنن ابن منصور 2: 116.

[77] ( 3) المعجم الكبير 12: 406.

[78] ( 1) الضعفاء 6: 2350.

ص: 268

[79] ( 2) سنن الدار قطني 2: 278/ 193.

[80] ( 3) السنن الكبرى 5: 245.

[81] ( 4) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.

[82] ( 1) أخرجه غير الذين ذكرهم العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 136/ 12373.

[83] ( 2) سنن الدار قطني 2: 278.

[84] ( 1) لم أعثر عليه في الطبعة المتوفّرة لدينا من سنن الدار قطني.

[85] ( 2) وأخرجه أيضاً الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75.

[86] ( 1) الكهف: 6.

[87] ( 2) الأعراف: 185.

[88] ( 1) المهذّب في فقه الإمام الشافعي 1: 240.

[89] ( 1) قيل: بكسر الميم، وسكون الزاء وفتح الواو، مصدر ميمي بمعنى الزيارة( شرح الشفاءللخفاجي).« المؤلّف».

[90] ( 2) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 197.

[91] ( 1) شرح مختصر الخرقي في فروع الحنابلة، تأليف الشيخ أبي القاسم عمر الحنبلي المتوفّى 334 ه، والشرح المذكور من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها.« المؤلّف».

[92] ( 1) الشفاء بتعيرف حقوق المصطفى 2: 202.

[93] ( 1) النساء: 64.

[94] ( 1) صحيح مسلم 2: 672/ 977، سنن أبي داود 2: 218- 219، باب زيارة القبور، سنن الترمذي 3: 370/ 1054، سنن النسائي 4: 89 باب زيارة القبور، مسند أحمد 2: 441، سنن البيهقي 4: 70 و 76، مصنّف ابن أبي شيبة 3: 343.

[95] ( 2) تلخيص الحبير 2: 267، اللآلي المصنوعة 2: 64، الدر المنثور 1: 237، الدررالمنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 158، مجمع الزوائد 4: 2، أتحاف السّادة المتقين 4: 417 و 10: 363، تذكرة الموضوعات: 75، كنز العمال 15: 651/ 42582، الكامل في الضعفاء 6: 2350، سنن الدار قطني 2: 278/ 194، السنن الكبرى 2: 177، الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 195.

[96] ( 1) النساء: 64.

ص: 269

[97] ( 2) أخرجه الدار قطني في سننه 2: 287/ 194، والبيهقي في سننه الكبرى 2: 177، والقاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194- 195، والشوكاني في نيل الأوطار 4: 325، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 267، والسيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 64 والدر المنثور 1: 237 و الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: 158، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، والزبيدي في أتحاف السّادة المتّقين 4: 417 و 10: 363، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 651/ 42582.

[98] ( 1) أخرجه في كتابه السنن الصحاح، كما حكاه عنه السبكي في شفاء السقام: 16.

[99] ( 2) أخرجه مسلم في صحيحه.« المؤلّف».

أنظر صحيح مسلم 2: 672.

[100] ( 3) أخرجه أبو داود في سننه 1: 319.« المؤلّف».

[101] ( 1) النساء: 64.

[102] ( 1) غافر: 55.

[103] ( 1) يعني الأقوال في زيارة القبور للنساء من الندب والكراهة والحرمةوالإباحة.« المؤلّف».

[104] ( 1) من أنّها مظنّة لطلب بكائهن و رفع أصواتهن، لما فيهن من رّقة القلب وكثرة الجزع.

قال الأميني: هذا التعليل عليل جداً، كما يأتي بيانه في كلمة ابن حجر في زيارة القبور.« المؤلّف».

[105] ( 2) الكامل في الضعفاء 7: 248.

[106] ( 3) منهج الدار قطني في سننه 2: 278، والسبكي في شفاء السقام: 22، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 398، والشوكاني في نيل الأوطار 4: 325، والسيوطي في اللآلي المصنوعة 2: 72 والدر المنثور 1: 237، والتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/ 12371.

[107] ( 1) تدقّمت مصادره في الصفحة.

[108] ( 1) تقدّمت مصادره في الصفحة.

[109] ( 2) تقدّمت مصادره في الصفحة.

[110] ( 3) حديث شدّ الرحال إلى المساجد( المؤلّف».

[111] ( 1) هذا المعنى ذكره غير واحد من أعلام القوم( المؤلّف».

[112] ( 1) تقدّمت مصادره في الصفحة 61- 62.

[113] ( 1) تقدّمت مصادره في الصفحة 67- 68.

[114] ( 1) صحيح البخاري 2: 76، صيح مسلم 2: 1014/ 1397، سنن النسائي 2: 73، مسندأحمد 2: 234، المعجم الكبير للطبراني 2: 310.

[115] ( 1) تقدّمت مصادره في الصفحة.

[116] ( 1) تقدّمت مصادره في الصفحة 61- 62.

[117] ( 1) الحجّ: 24.

ص: 270

[118] ( 1) ذكره كاملا ونحن حذفناه روماً للإختصار.« المؤلّف».

[119] ( 1) هذه القاعدة إنّما تؤخذ في موارد تزاحم الأمرين لا مطلقاً، والمقام ليس منها كما لايخفى، فإنّ الحج فريضة مؤقوتة، فلا بأس بتقديم المندوب عليها قبل ظرفها.« المؤلّف».

[120] ( 1) يعني الحديث الثالث من أحاديث الزيارة وقد مرّ في صفحة.« المؤلّف».

[121] ( 2) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 198.

[122] ( 1) أفرد جمال الدين عبد اللَّه الفاكهي المكي الشافعي المتوفّى 972 ه، آداب زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بالتأليف وسمّاه( حسن التوسل في آداب زيارة أفضل الرسل) جمع فيه أربعاً وتسعين أدباً من آداب الزائر، وقد صفحنا عن كثير منها؛ لكونه أدب المسافر لا يخص بالزيارة، طبع في هامش الأتحاف للشبراوي بمصر سنة 1318 ه.« المؤلّف».

[123] ( 1) عبداللَّه بن الحكيم الرندي الأندلسي، من علماء الحديث والقراءات والعربية، وله شعررائق.« المؤلّف».

[124] ( 1) الشفاء بتعريف حقوق المصطوفى 2: 201.

[125] ( 2) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 201.

[126] ( 1) مجمع الأنهر: 158.

[127] ( 1) عبداللَّه بن عبيداللَّه المتوفّى 117 ه، أخرج له أصحاب الصاح الستّ.« المؤلّف».

[128] ( 1) الحجرات: 2.

[129] ( 2) الحجرات: 3.

[130] ( 3) الحجرات: 4.

[131] ( 4) النساء 64.

[132] ( 5) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 201.

[133] العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير (10) الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

[134] ( 1) عبدالملك بن حبيب القرطبي الإمام الجليل الثقة، مصنّف كتاب« الواضحة».« المؤلّف».

[135] ( 2) التوبة: 128.

[136] ( 3) في الفقه على المذاهب الأربعة 1: 591.« المؤلّف».

[137] ( 1) إحياء علوم الدين 1: 259.

[138] ( 1) مجمع الأنهر 1: 159.

[139] ( 2) القلم: 4.

ص: 271

[140] ( 1) النساء: 64.

[141] ( 1) أحياء علوم الدين 1: 259.

[142] ( 1) ذكره الخطيب الشربيني في المغني 1: 494.« المؤلّف».

[143] ( 1) أخرجه البيهقي، والقاضي عياض في الشفاء، والسبكي في الشفاء، والعبدري في المدخل، وجمع آخرون.« المؤلّف».

[144] ( 2) محمّد بن إسماعيل من مسلم بن فديك المتوفّى 200 ه، إمام ثقة يروى عنه الأئمة الستة أصحاب الصحاح.« المؤلّف».

[145] ( 1) السنن الكبرى للبيهقي 2: 177، الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 202.

[146] ( 2) النساء: 64.

[147] ( 1) النساء: 64.

[148] ( 1) الاسراء: 57.

[149] ( 1) هم ابن تيمية ومن لفّ لفّه.« المؤلّف».

[150] ( 1) النساء: 64.

[151] ( 1) هذه الأحاديث أخرجها جمع من الحفاظ بطرقهم، وقد جمعها الحاكم وصححها في« المستدرك 4: 479- 482».« المؤلّف».

[152] ( 1) محمد بن المنكدر القرشي التيمي أبو عبد اللَّه المدني، أحد الأئمة الأعلام من التابعين، توفي 130 ه.« المؤلّف».

[153] ( 2) وفاء الوفاء: 2: 444.« المؤلّف».

[154] ( 1) هو الحافظ محمّد بن ناصر أبو الفضل البغدادي، توفي سنة 550 ه، قال ابن الجوزي في المنتظم 10: 163 كان حافظاً متقناً ثقة لا مغمز فيه.« المؤلّف».

[155] ( 2) ذكره ابن الجوزي في مناقب أحمد 455، و ابن كثير في تأريخه 10: 331.« المؤلّف».

[156] ( 3) وفي« الشفاء» للقاضي: رؤى ابن عمر واضعاً يده على قبر محمد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من المنبر، ثم وضعها عليه وجهه.« المؤلّف».

[157] ( 1) وفاء الوفاء للسمهودي: 2: 444.

[158] ( 2) أخرج الحميدي في الجمع بين الصحيحين وأبو داود في مسنده أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كان يشير إلى الحجر الأسود بمحجنته ويقبل المحجن.« المؤلّف».

[159] ( 3) حكاه الشبراملسي الشيخ أبي الضياء المتوفّى 1087 ه في حاشية« المواهب اللدنية» والحمزاوي في« كنز المطالب: 19».

[160] ( 1) وفاء الوفاء 2: 444.

[161] ( 1) أن وما بعدها في تأويل مصدر على أنه خبر قوله:( جدير) في أول الكلام.« المؤلّف».

[162] ( 1) المستبعد هو ابن تيمية أو من شاكله من أهل الأهواء المضلة الذين لا يعتنا بهم وبآرائهم في دين اللَّه.« المؤلّف».

[163] ( 2) وفاء الوفاء للسمهودي: 2: 444.

[164] ( 1) الفقيه المالكي المتضلع من الفقه وأصوله والأدب، له تآليف قيمة توفي 734 ه.« المؤلّف».

[165] ( 1) الديباج المذهب: 187.

[166] ( 2) الأنعام: 90.

ص: 272

[167] ( 1) إحياء علوم الدين 1: 260.

[168] ( 1) وفاء الوفاء، للسمهودي 2: 448.

[169] ( 1) صحيح البخاري 5: 132، المعجم الكبير للطبراني 7: 106، مجمع الزوائد 4: 13.

[170] ( 2) صحيح البخاري 5: 131- 132، باب 79« أحد يُحبّنا».

[171] ( 1) يوجد تفصيل الكلام حول هذه الآبار في وفاء الوفاء 2: 119- 149.

[172] ( 1) فاطر: 43.

[173] ( 1) في شرح ملتقى الأبحر للشيخ ابراهيم الحلبي المتوفّى 956 ه

[174] ( 2) على شرح ابن الغزي في الفقه الشافعي.« المؤلّف».

[175] ( 3) على شرح ابن الغزي في الفقه الشافعي.« المؤلّف».

[176] ( 1) رواه مسلم في صحيحه 2: 671- 679، والنسائي في سننه 4: 89، وأبو داود في سننه 3: 218- 3235، والحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين 1: 374، والبيهقي في سننه الكبرى 4: 77.

[177] ( 2) المعجم الكبير 11: 253.

[178] ( 3) المعجم الكبير 11: 254.

[179] ( 4) صحيح مسلم 2: 671- 976.

[180] ( 1) الطور: 34.

[181] ( 1) صحيح مسلم 2: 671- 975.

[182] ( 2) منهم الطبراني في معجمه الكبير 2: 33، والهيثمي في مجمع الفوائد 3: 60، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 301- 36866.

[183] ( 1) مسند أحمد بن حنبل 2: 375.

[184] ( 2) سنن أبي داود 3: 219- 3237.

[185] ( 3) سنن النسائي 1: 94. ورواه أيضاً في صحيحه 2: 669- 974، والبهقي في سننه 4: 78.

[186] ( 4) سنن الترمذي 30: 369- 1053.

[187] ( 1) صحيح البخاري 2: 76، صحيح مسلم 2: 1014- 1397، سنن النسائي 2: 73، مسندأحمد 2: 234، المعجم الكبير للطبراني 2: 310.

[188] العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير (10) الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

[189] ( 1) تُسمى غنية ذوي الأحكام في بغية الأحكام.

[190] ( 2) انظر كنز العمال 15: 650- 42577.

[191] ( 1) انظر كنز العمال 15: 650- 42577.

[192] ( 2) كنز العمال 15: 655- 42596.

[193] ( 1) تقدمت مصادره في الصفحة:

[194] ( 1) مسند أحمد 2: 214.

ص: 273

[195] ( 2) سنن ابن ماجة 1: 500- 1570.

[196] ( 3) الحنابلة قالوا: لا تتأكد الزيارة في يوم دون يوم، والشافعية قالوا: تتأكد من عصر يوم الخميس إلى طلوع شمس يوم السبت، وهذا قول راجح عند المالكية، وكذا في هامش الفقه على المذاهب الأربعة.« المؤلّف».

[197] ( 1) مسند أحمد 6: 7.

[198] ( 1) التوبة 60.

[199] ( 2) بضم الموحدة وتخفيف الواو. هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر.« المؤلّف».

[200] ( 1) على القارئ أن يمعن النظر في صدر هذا الحديث ويعرف مكانة النبيّ الأقدس في السنن، حاشا نبيّ القداسة عن هذه المخازي.« المؤلّف».

[201] ( 1) النحل 108.

[202] ( 1) المندل: العود الطيب الرائحة، ج: منادل. الند بالفتح والكسر: عود يتبخر به.« المؤلّف».

[203] ( 1) حكاه عنه السيد أحمد زيني دحلان في خلاصة الكلام 252 والدرر السنية.

[204] ( 1) في هذا التاريخ تصحيف، ولم يكن يولد فيه المستضي ء بأمر اللَّه القائم بعمل اللوح وكان أوائل بلوغ ابن الجوزي الحلم، فالصحيح ما مر من كلمة ابن الجوزي.« المؤلّف».

[205] ( 1) الساف والسافة: الصف من الطين أو اللبن، ج: آسف وسافات.« المؤلّف».

[206] ( 1) هود 105.

[207] ( 1).

[208] ( 1) في هذه العبارة زيادة وتغيير على ما في تاريخ ابن خلكان 1: 189.

[209] ( 1) محمّد: 16.

[210] ( 1) الكهف 5.

[211] العلامة الشيخ الأميني - تحقيق: محمد الحسون، من فيض الغدير (10) الزيارة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1417 ه. ق..

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.