ولادة الامام المهدی

اشارة

سرشناسه: نجفی،بشیر

عنوان و نام پديدآور: ولادة الامام المهدی/بشیر النجفی ؛ تقدیم وتحقیق مرکزالدراسات التخصصیه فی الامام المهدی

وضعيت ويراست: [ویراست2]

مشخصات نشر:[قم]: مؤسسه السیدة المعصومه، 1427ق=1385.ثامن الحجج

مشخصات ظاهری: 191ص.

فروست: سلسلة الندوات المهدویه؛ 2

شابک: 9646197469

وضعیت فهرست نویسی: در انتظار فهرستنویسی

يادداشت: طبعه الثالثه

شماره کتابشناسی ملی: 1054735

ص: 1

ولادة الامام المهدی

بشیر النجفی

تقدیم وتحقیق مرکزالدراسات التخصصیه فی الامام المهدی

ص: 2

ولاده الامام المهدی (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)

محاضرات

سماجه آیه الله العظمی المرجع الدینی الکبیر

الشیخ بشیر حسین النجفی

دام ظله الوارف

تقديم وتحقيق

مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني

الكبير الشيخ بشیر حسین النجفي دام ظلة

ومركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحیم

اللّهُمَّ کُنْ لِوَلِیِّکَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُکَ عَلَیْهِ وَ عَلى آبائِهِ فی هذِهِ السّاعَةِ وَ فی کُلِّ ساعَةٍ وَلِیّاً وَ حافِظاً وَ قائِدا وَ ناصِراً وَ دَلیلاً وَ عَیْناً حَتّى تُسْکِنَهُ أَرْضَک َطَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فیها طَویلاً

ص: 7

ص: 8

مقدمه

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذي أنزل على عبده الرسول الأمين الكتاب ليكون للعالمين نذيرة، والصلاة والسلام على من أرسله رحمة للعالمين وعلى آله الحجج البررة الميامين، واللعنة الدائمة على شانئيهم إلى قيام يوم الدين.

قال جل وعلا: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ

ص: 9

عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ »(1)، وقال عز من قائل: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ »(2).

كان من لطف الخالق ورحمته بالمؤمنين أن أغدق عليهم برسوله رحمة وإنذارة للعالمين، وأكمل هذا النعمة بأله البررة الميامين، وحفظ الأرض بإمام غائب منتظر من أن تسوخ ليحفظ أبن آدم مالبث فيهم حجة رب العالمين.

وأن بارك بعباده المؤمنين؛ نخص منهم شيعة أمير المؤمنین، بأن هداهم بعلماء أعلام إلى يوم الفصل حيث الطلعة الميمونة إذ ينتصر المؤمنین، بطلعته البهية، وغرته الحميدة، ليظهر الحق على الباطل كله فيزهقه.

وبعد.. .

بعد أن أطلعنا على الإنجاز الكبير الذي حققته (مؤسسة الأنوار النجفية للثقافة والتنمية) و(مركز الدراسات التخصصية في الإمام

ص: 10


1- الأنبياء/ 107.105 .
2- العنكبوت / 14.

المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لما قدمته للأخوة المؤمنين والقراء والمفكرين والباحثين في نشر وإعداد هذا الكتاب المبارك، ونظرا لتنامي الحاجة الماسة والكبيرة لهذا السفر الخالد، وجدنا من اللازم . بعد أخذ التأييد والمباركة من لدن سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمی الشيخ بشیر حسین النجفي الفلك: - أن يشرف المكتب على إعداد و تصحیح و تنقیح وإضافة عدة مطالب في هذا الكتاب المبارك، وذلك بعد أن منح سماحة المرجع القل: من وقته المبارك في أن يغدق علينا جميعا بأنواره وعلومه الجمة.

هذا وأوكل المكتب بعد التوكل على الله في أن ترعی مؤسسة الأنوار النجفية) إعادة طباعة هذا الكتاب خدمة منها للمؤمنين، نسأل الله أن يوفقنا جميعا بخفي ألطاف و منن صاحب العصر والزمان أنه سميع مجيب.

المكتب المركزي لسماحة المرجع الديني الكبير

آية الله العظمى الشيخ بشیر حسین النجفي دام ظله

النجف الأشرف

ص: 11

ص: 12

مقدمه

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله والصلاة على رسول الله وآله الطاهرین.

لما وقعت الغيبة الكبرى بعد رحيل آخر السفراء الأربعة (رضوان الله تعالى عليهم)، رجع المسلمون من الشيعة الإمامية الإثني عشرية إلى فقهاء أهل البيت (علیه السلام) في مسائل الحلال والحرام في أبواب الفقه كافة، بل وفي جميع الأطر المصيرية التي تحدد مسارهم الفكري والاجتماعي، وقد سبق من أهل البيت (علیه السلام) إلزام الشيعة بالرجوع إلى

ص: 13

رواة حديثهم (الفقهاء) بحسب الشروط المتوافرة في ذلك الراوي (الفقيه)، فقلدوا الفقهاء بتسديد من الإمام الغائب (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ومنذ ذلك الحين بل وفي حياة الإمام العسكري الغية وإلى اليوم بثت اليد الغاشمة من أهل الخلاف وأنصار السلاطين من أهل الجور والبدع شن الحملات التشكيكية والشبهات في صحة ولادة الإمام الثاني عشر التين وفيها بعض الطعون في طول عمره الشريف من جهة الإمكان وعدمه وغير ذلك، فتصدی علماء أهل البيت ع للرد على كل شبهة والإجابة عن كل مسألة ومن كل الوجوه باستخدام الأدلة العقلية والنقلية والإثبات بالوقائع الثابتة الصحة في قضية طول عمر عيسى اللة والخضر العينين وخاصة من جهة مولد الإمام الثاني عشر التين، فقد زاد وأعاد المخالفون والمشككون والمرتابون بالكلام طولا وعرضا من جهتين :

إنكار ذلك جملة وتفصيلا عنادة واستبدادة من جهة ولادته و محاولة أخفاء الحقيقة للوصول إلى عدم الإذعان الموجب للتصديق والإتباع بمولده المبارك باختلاق الأحاديث ونسبتها للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم)

وبقيت المسألة تثار بين حين وآخر إلى هذا اليوم، لذا تصدی سماحة آية الله العظمى الشيخ بشیر حسین النجفي (دامت ظلاله المباركة) بعقد هذا البحث في ندوات عامة ومنقولة على الهواء وموثقة الصدور بهذا

ص: 14

الكتاب للإجابة عن كل شاردة وواردة، وأية مسألة محتملة في هذا الباب، ولم يدخر من وسعه جهدة ليرفد المكتبة الإسلامية بسفر يحوي الإجابة المفصلة والشافية مدعومة بالدليل الشافي.

من هنا ولابد الإشارة إلى الجهد المبارك من قبل (مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ) في إعداد هذه المحاضرات وإخراجها ضمن سلسلة لإثبات ولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لتقوم هذه المؤسسة بطبع هذا الكتاب عدة طبعات - ومن ثم قيام (مؤسسة الأنوار النجفية للثقافة والتنمية) وبالتعاون مع (مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ) بطباعة هذا الكتاب في طبعة جديدة أضافت عليه مؤسسة الأنوار النجفية عدة إضافات وقامت بتصحيحه وتنقيحة؛ وذلك نظرا لكثرة الطلب عليه والحاجة الماسة من قبل القارئ لهذه السفر الخالد.

النجف الأشرف

مؤسسة الأنوار النجفية

ص: 15

ص: 16

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

والصلاة والسلام علی سیدنا و مولانا وإمامنا الحجة بن الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليه، الذي نتمنى أن نكون في کنف رحمته ودعائه الشريف المبارك.

ص: 17

ونحن في هذه الأيام المباركة، أيام شهر رمضان الذي هو شهر الغفران، وإذ نتشرف بوجودنا في كنف أمير المؤمنين البيعة وفي هذه الليالي المباركة، ما أحوجنا إلى أن نقوي روابطنا بإمامنا (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ولا نجد وسيلة نتوسل بها إلى ذلك أفضل وأحسن من الواسطة التي نصبها هو أرواحنا فداه، إذ جعل العلماء حجته علينا وهو حجة الله.

وفي هذه المناسبة، وبهذه النية الخالصة يقيم مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من هذه الندوة المباركة التي يلقي فيها سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ بشیر حسین النجفي دلؤلاء هذه المحاضرة بخصوص ولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

مركز الدراسات التخصصية

في الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)

ص: 18

الندوة الأولى: مقدمة في طريق إثبات الولادة

اشارة

ص: 19

ص: 20

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين...

من هوان الدنيا على الله سبحانه، ومن مصائب الدهر أن نحتاج إلى إثبات ولادة المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وما أشبه هذه المصيبة بمصيبة إثبات ولاية الإمام أمير المؤمنين اللي يوم الغدير... يوم الغدير الذي شهده مئات بل عشرات الألوف وسمعوا من النبي

ص: 21

الأعظم (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أنه قال: «من کنت مولاه فعلي مولاه(1)، بل لم يكتف بهذا القول، وإنما أخذ بيد أمير المؤمنين العة و كشف عن رأس الإمام الغ بيده وعممه بعمامته وأخذ البيعة له وبقي فترة في الغدير، ثم بعد ذلك كله نضطر إلى إثبات سند الغدير نتيجة التشكيك بعض الناس فيه.

إن المفروض أن نجتمع لنستفيد من الكلمات والنصائح والأوامر الواردة عن ولي الله الأعظم أرواحنا فداه، الذي هو أمل الإسلام، أمل الأنبياء ، أمل الرسل إلا وأمل الشهداء على مر التأريخ، بدلا من ذلك كله نضطر إلى البحث عن ثبوت ولادته التها وليست هذه المصيبة بأعظم من مصيبة كربلاء التي تحملها أهل البيت لا كما تحمل الأئمة علية أنفسهم وكذلك أصحابهم من مصائب في حياتهم.

ص: 22


1- الكافي 1: 287/ ح 1، و1: 296/ ح 4، و 4: 169/ ح 3 و 4: 7556 ح 2، و 18 27/ حب من لا يحضره الفقيه 1: 229/ ح 189، و 2: 509ح 3166؛ إكمال الدین وإتمام النعمة: 78 و 279؛ تهذيب الأحكام 3: 144/ ح 317 و 3: 293/ ح 746؛ مسند أحمد 1: 86 و 118 و 119 و 102 و 331، و 4: 281 و 370 و 372، وہ: 367 و 399 و 370 و 19، سنن ابن ماجة 1: 45/ ح 121؛ سنن الترمذي 5: 297/ح 3797، وغيرها كثير... ولزيادة الاطلاع راجع كتاب الغدير للشيخ الأميني.

وليست هذه المصيبة بأعظم من مصيبة حرماننا وحرمان المسلمين من رؤية الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في هذه الفترة، والدنيا مليئة بالمصائب، كما نقل عن الإمام الباقر (علیه السلام) أنه قال: «الجنة محفوفة بالمكاره والنار محفوفة بالشهوات»(1) ولو كانت الجنة محفوفة بالشهوات لما تخلف أحد عن السعي للوصول إلى الجنة.

نظرة على الشبهات

والشبهات التي تثار حول الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) هي شبهات واهية ضعيفة ولا تستحق أن ينظر أحد فيها.

ونحن نشير فعلا إلى بعض الشبهات وهي إنكار ولادته (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) و ونمهد المقدمات، للإجابة عليها وبعد تمهیدها نحاول أن تثبت أن حدوث ولادته وثبوتها كاد أن يكون أمرة وجدانية لا يشك فيه إلا من أبتلي بالعمش ولا يرى الشمس.

وأبرز الشبهات أن بعض المؤرخين، أو بعض أهل النسب، أو الذين يدعون أنهم من أهل الخبرة في النسب ينكر وجوده (علیه السلام)

ص: 23


1- الكافي 2: 89/ ح 7؛ وسائل الشيعة 15: 309/ ح 20900.

المادي، قائلين بأن الإمام العسكري (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لم يعلم له ولد، أو مات الإمام العسكري التالية عقيمة... كما أن أخا الإمام العسكري جعفر أنكر أن يكون للإمام العسكري النت ولدك، و كذلك أنكر ذلك الطبري وابن تيمية في منهاج السنة.

هذه عمدة الشبهات، وما عداها هي مجرد استغرابات أو مبنية على عدم معرفة حقيقة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

وهؤلاء المثيرون لهذه الشبهات أعمى الله سبحانه و تعالی بصرهم كما أعمى بصير تهم عن فهم حقيقة النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) والنبوة كذلك أعمى بصائرهم وبصيرتهم عن فهم حقيقة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

عمدة هذه الشبهات

1. إنكار بعض النسابة.

2. إنكار جعفر.

3. إن سلطات ذلك الوقت هجموا على بيت الإمام العسكري (علیه السلام) فلم يجدوا الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ابن الإمام العسكري (علیه السلام) الذي نحن الشيعة نعتقد بأنه الإمام الثاني عشر المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

ص: 24

4. أن الإمام العسكري (علیه السلام) التي أوصى بأمواله إلى والدته.

5. اختلاف أسماء أم الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

هذه هي أبرز الشبهات وعمدتها، وكأن هذه الأمور تكسبهم دليلا أو علمأ على عدم وجود الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) (العياذ بالله).

تمهيد

ونحن قبل أن نحاول الرد على هذه الشبهات نمهد بعض المقدمات التي تسهل ذلك:

المقدمة الأولى

لا شك ولا ريب أن التواتر يفيد العلم عند جل الأصوليين، إلا من شذ منهم، وهم بعض أبناء العامة.

نعم بعضهم قال بأنه يفيد علما وجدانيا، كما ربما يلوح من کلام الغزالي في كتابه المستصفى في علم الأصول، وبعض آخر ذكر بأن التواتر يفيد الاطمئنان، أي يفيد علما اطمئنانية وليس علمة وجدانيا.

ص: 25

ولم يختلف أحد من العقلاء ممن يعتني بقوله وعقله في مجال العلم في أن التواتر أفضل الأخبار وأحسن الأخبار، وهو العمدة في إثبات أمر بخبر.

وسوف لا نضيع الوقت في إثبات أن التواتر يفيد العلم، فمعلوم أن طلابنا يدرسون في الحوزات أن التواتر من اليقينيات، وهذا ما يبحث في الكتب المنطقية البدائية، الكتب التي ألفها العامة والخاصة.

فالتواتر من الأمور التي يعتمد عليها العقلاء، بل تبتني عليها أمور الدين والدنيا في الجملة، وهذا مما لا ينبغي الريب فيه.

إنما الكلام في بعض النقاط المهمة، فقد قالوا: التواتر قسم من الخبر، ويشترط في الخبر أن يكون المخبر مدركة للمخبر عنه بإحدى الحواس الظاهرة، كأن يرى بعينه أو يلمس بيده أو يسمع بأذنه وهكذا، هذا المعنى كأنه اتفق عليه الكل.

ولكن هناك موارد لا يمكن وصول الحواس الخمس إليها، فكيف يمكن إثبات مثل هذه الموارد هل يكون بالإخبار أو بالشهادة أمام القاضي أو بالخبر الواحد أو بالخبر المتواتر؟!

ص: 26

فمثلا عدالة العادل كيف يمكن إثباتها؟ خصوصا بناء على المعروف من أن العدالة ملكة، فكيف يشهد الشاهد بأن زيدة عادل، وكيف يمكن إثباته؟ فقالوا: إن هذا الخبر يعاشر زید معاشرة تكشف عن خبيات حاله بحيث يطمئن هذا المخبر - هذا الشاهد . بعدالة زيد، إذ انه يصبح مطلعة و مطمئنا من عدالته من خلال ما يشاهد من حالات وشؤون زید وعمله ومواظبته.

ومن هنا نستفيد أنه إذا كان المخبر عنه أو المخبر به من الأمور الملموسة أو المحسوسة فالخبر يشاهده، فمثلا يقول: رأيت زيدة مد يده إلى قفل فكسره وسرق الأموال التي كانت محروزة فيه، وأما إذا كان الخبر عن أمر غیر محسوس، فالشهادة والإخبار يتم تحملهما بالمعاشرة، أي بمشاهدة أمور، وتكون تلك الأمور مفيدة للاطمئنان أو العلم بأن هذا الفعل قد حصل كما في عدالة زيد.

ثبوت الأنساب

ولادة إنسان من إنسان من قبيل الأمور غير المحسوسة، فمثلا يقال: زید بن عمرو، فهل يمكن معرفة تولد زید من نطفة عمرو؟! وهل يمكن إحراز ذلك بالمشاهدة؟

ص: 27

کلا، فإن ذلك مستحيل، لأن تولد زيد من عمرو يمر بمراحل، وكثير منتلك المراحل لا يمكن إدراكها بأي من الحواس الخمس، وأما كون زيد من نطفة عمرو فإن الذي يمكن إثباته بالمشاهدة هو أن عمرة واقع زوجته فقط . لأن المواقعة أمر محسوس - وأنه قذف في رحم زوجته، وهذا الذي يمكن إحرازه في بعض الأحيان بالحواس، وأما أن زيد تكون من نطفة عمرو، فهذا مما لا سبيل لمشاهدته أبدا.

بل بعض الفقهاء من العامة والخاصة قالوا بأن نسبة المتولد على الفراش إلى صاحب الفراش هو بظاهر الإسلام؛ لأنه لا سبيل لإثبات ذلك، إذ يمكن أن تكون قطرة من نطفة شخص وقعت في مكان وامرأة خالد جلست في ذلك المكان، والرحم يجذب المني من الخارج، فربما يتكون الطفل من هذا المني الذي هو غير نطفة زوج هذه المرأة، وهذا احتمال وارد .

وهذا يثبت أنه لا يمكن إحراز أن فلان متولد من نطفة فلان، بإحدى الحواس الخمس.

ص: 28

هذه مرحلة، ثم بعد ذلك انتقلت النطفة إلى رحم الأم وهنا تمر النطفة بمراحل عديدة فهذه المراحل التي تلي انتقال النطفة إلى الرحم من أين ندر کهاا؟ حتى لو كانت المرأة عادلة مؤمنة صالحة تمام الصلاح فإنه يحتمل أن تكون نطفة شخص آخر غير زوجها، إذ إننا قلنا بأنة الرحم يجذب المني.

بل من باب تقریب المطلب نقول: بأن لأبي حنيفة فتوى نقلها الحنفية وغيرهم، وهي -أي الفتوى - موجودة في كتاب المغني لابن قدامه.(1).. وغيره، وهي أن شخصا في المشرق لو تزوج امرأة في المغرب وبعد فترة جاءت بولد ولم ير أي منهما صاحبه، قال: لا يحق لذلك الزوج أن ينكر ولادة هذاالولد من عنده، يقول: لعل الهواء حمل النطفة وأوقعها في منطقة معينة، وكانت تلك المرأة هناك وجذب رحمها تلك النطفة، فإذا أنكر الرجل كان السبيل اللعان.

ماذا يثبت لنا من هذا كله؟

يثبت أنه لا سبيل إلى إثبات ولادة شخص من شخص بالمشاهدة

ص: 29


1- المغنی لابن قدامة: 9/ 54.

فإنه غير ممكن بهذا الطريق.

أقصى ما يمكن أن يشاهده الإنسان هو أن فلانة واقع زوجته وأن زوجته أنجبت، أي خرج الطفل من رحمها بعد فترة معينة. فكيف تثبت الأنساب إذا؟

نفس الطريقة التي تثبت فيها العدالة يمكن أن نثبت من خلالها النسب، فإن العدالة بناء على أنها ملكة إنما تثبت بالمعاشرة وبالمشاهدة للأمور التي تلازم عادة الشخص التقي والعادل، كذلك هاهنا أمور ملازمة لصحة النسب إذا شاهدناها فحينئذ يثبت النسب.

فلو اعترف الوالد بأن هذا ابنه، ويثبت أنه ولد على فراشه فهذا طريق لإثبات النسب رغم إنه لا يخضع بجميع أطواره إلى المشاهدة و كذا يثبت إذا اعترف الولد بأنه ابن فلان.

فالذي يمكن مشاهدته، هو خروج الطفل من بطن أمهدون غيره من المراحل السابقة.

فإذن هذا الذي به تثبت الأنساب، وبغير هذه الطريقة لا سبيل إلى إحراز الأنساب أبدا.

ص: 30

وإلا على إحسان إلهي ظهير . وهو من أشد المتحمسين الجدد وقبله ابن تيمية وقبلهما غيرهما . إذا لم يكتف بهذا فإن عليه أن يثبت بالشواهد أنه كان هناك من يشاهد بالنظارة بالمجهر) أو بالأشعة أنه خرجت نطفة أبي إحسان إلهي ظهير من ظهره ودخلت إلى رحم أمه، وكان هناك من يشاهد كل مراحل تكوينه إلى أن صار طفلا مشؤومة وبعد ذلك خرج، ثم تثبت الشهادة أيضا أن أمه لم تغيره بغيره، هذا إذا كان هناك من يراقب طفولته ورداءته، وإلا فهو ليس ابن أبيه، أي ليس ابن من ينسب نفسه إليه.

خلاصة الكلام في هذه المقدمة هو أن نسبة شخص إلى شخص وإثبات أن فلان ابن فلان منحصر في الشهادة والاعتراف من شخص بأن فلان ابنه أو بأنه ابن فلان، أو تشهد النساء أو غير النساء على أن هذا الطفل خرج من بطن أمه.

بهذا فقط يثبت النسب إلى الأم، وأما إلى الأب فلا يمكن أن يثبت إلا بالاعتراف أو بظاهر الفراش الذي قلنا إنما يثبت بحسب الظاهر.

ص: 31

هذه المقدمة الأولى التي ينبغي أن نبقى على التفات لها في هذه المباحثة التي نعرضها للإخوان.

المقدمة الثانية: عدم الويدان لا يدل على عدم الوجود

هذه قاعدة عقلائية، إن لم تكن عقلية.

ولتوضيح هذه القاعدة نذكر هذا المثال وهو لو أن إنسانا بحث عن شيء في غرفة فلم يجده، فعدم وجدانه لا يعني بالضرورة عدم وجود ذلك الشيء في الغرفة، وخصوصا إذا كانت هناك دواع لإخفاء ذلك الشيء، أي وجود أسباب تدعو إلى إخفاء ذلك الشيء، ففي هذه الحالة عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

وعلى هذه القاعدة العقلائية بل العقلية، رتب علماء العامة والخاصة مطالب علمية كثيرة وفي مختلف أبواب علم الأصول والفقه وغيرهما ومن جملتها أنهم قالوا: بأن الجارح يقدم قوله على المعدل، فمثلا لو اختلف شخصان في عدالة أحد الرواة،

ص: 32

أحدهما يعدله - يحكم بعدالته . والآخر يحكم بفسقه، هاهنا من الذي يقدم؟

قالوا: بأن الجارح يقدم على المعدل، لأن الذي يحكم بعدالته - بناء على أن العدالة ملكة . إنما يدعي أنه عاشر هذا الرجل من قریب ورآه في قيامه وقعوده وفي صلاته وصومه، وعاش معه في جواره، وكان له صديقة لفترة طويلة ولم يجد منه إلا الحسن، أكثر من هذا لا يتمكن أن يثبت، ومن هنا اكتشف أنه عادل، وأما الجارح فيقول: أنا رأيته يشرب الخمر (العياذ بالله) أو يرتكب جريمة يعاقب عليها الشرع.

فتقدیم قول الجارح على قول المعدل ليس تكذيبة لقول المعدل، بخلاف ما إذا رجحنا قول المعدل، فإن فيه تكذيبة اللجارح، لأن المعدل يقول بأنه لا يرتكب،والجارح يقول أنا رأيته يرتكب المعصية، أو أنه يقول بأنه سمعه يدلس في الأخبار مثلا، أو أنه سمعه يفتري، أو ينسب خبرة إلى فلان مع أنه لم يره لأنه ولد بعده بكذا فترة من الزمن فهو كاذب فلا بد أن يرفض

ص: 33

خبره، وأما المعدل يقول بأنه لم ير منه ذلك، فعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

وعلى هذا الأساس قالوا بأن عدم وجدان المعدل صدور المعصية من هذا الشخص لا يعني أنه لم تصدر منه هذه المعصية.

نعم إذا كان الله تعالى هو الشاهد على عدالة أحد أو عصمة أحد، فإن الله هو علام الغيوب، و هذا مطلب آخر، فكلامنا هنا حسب الموازين الظاهرية، وفي الموازين الظاهرية القاعدة العقلائية بل العقلية، محكمة في جميع شؤون العباد والبلاد، وهي أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

ومعظم أدلة هؤلاء - إحسان إلهي ظهير وابن تيمية ومن لف الفهم - مبنية على قول بعض أهل الأنساب ممن حمل في طياته النصب لأهل البيت (علیه السلام) لين حيث قالوا: لم يعلم له خبر، أو لم يعرف له ولد، وهذا يعني أننا لم نجده، وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

ص: 34

فهذه الأخبار إن صحت، وهي - كما ستثبت - ليست صحيحة، معظمها أكاذيب إحسان إلهي ظهير وابن تيمية، نعم إن ثبتت فإنما تدل على أن من أخبر ابن تيمية ومن أخبر إحسان إلهي ظهير لم يجد دليلا على وجود الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لا أنه يتمكن من إثبات عدم وجوده.

لا يمكن إثبات عدم وجود الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، حيث إن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، هذه قاعدة عقلية وإذا لم تكن عقلية فهي عقلائية لا يمكن إنكارها.

المقدمة الثالثة: شرط عدم النصره:

ومن جملة المقدمات التي ينبغي أن ننظر فيها نقطة وردت في كلام الغزالي في أواخر بحث التواتر، حيث قال: إن الروافض يشترطون في إفادة التواتر العلم وجود المعصوم بین المخبرين.. (1). . .

ص: 35


1- المستصفی: 112.

ليت شعري من اشترط ذلك؟! هذه كتب أصول المذهب وغيرها بين أيدي العامة والخاصة، عدة الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) ، وكتب العلامة الحلي (رحمه الله علیه) في الأصول والفقه... وكتب غيرهما، كأن الغزالي - كغيره - يأخذ المذهب الجعفري وقواعده من أفواه الشوارع ولا يطلعون على المبادئ التي حققها ومصها علماؤنا الأبرار.

ليس هذا من شرائط إفادة التواتر للعلم، إذ لم يشترطه أحد، لا من أبناء العامة ولا من أبناء الخاصة، نعم السيد المرتضی (رحمه الله علیه) أضاف شرطة إلى الشرائط المعتبرة في إفادة التواتر، وهو أن العقل إنما يستفيد من التواتر، إذا كان خالية عن النصب والعداوة اتجاه شخص، وأما إذا كان في ذهنه العداوة والنصب والاعتقاد بأن الأمر ليس كذلك فإنه كلما زاد المخبرون عن ما هو خلاف عقيدته زاد تعنتا وعداوة ووحشية، كما هو حال أمثال ابن تيمية وإحسان إلهي ظهير، فعندما يرى أخبار متواترة في ولادة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يزداد تعنتة.

ص: 36

فاشتراط السيد المرتضی (رحمه الله علیه) لإفادة التواتر العلم إذا لم يكن هناك في قلب من سمع الخبر نصب وعداوة تجاه هذا الخبر، أما إذا كان مسبقا معتقد بأن الأمر ليس كذلك، فمهما أخبره الناس عن هذا الخبر فلا يصدقهم أبدا، فلا يحصل العلم بالخبر المتواتر.

نعم قد يقال أنه لا قيمة للتواتر ولا يفيد العلم إذا خالف المعصوم وشهد بخلافه إما إذا كان المخالف غیر معصوم فلا يؤثر عليه.

وقد جاءت كلمة المعصوم في كلمات الشيخ الطوسي في کتاب النيبة(1)، حيث قال بأنه لما أنكر جعفر أخو الإمام الحسن العسكري القبة الولادة، فإن هذا الإنكار لا يكون مفيدة للعلم مقابل الأخبار التي تثبت الولادة؛ لأنه ليس معصوما؛ إذ لو كان معصوما لأمكننا الاعتماد عليه النفي هذه الأخبار كلها، ولكنه لما كان غير معصوم فلا قيمة لخبره في مقابل هذه الأخبار، وهذا شيء آخر غير ما ينسبه الغزالي في مستصفاه إلى المذهب

ص: 37


1- كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 133.

الجعفري إذ يقول بأنهم يشترطون أن يكون في المخبرین المعصوم والحال إننا لم نشترط هكذا شرط.

والحمد لله رب العالمين

ص: 38

الإجابة على أسئلة الندوة الأولى

هذه بعض الأسئلة التي وجهها الحاضرون لسماحة الشيخ دام ظله بعد انتهاء الجلسة الأولى من الندوة.

س1/ ماهي الطريقة لإثبات ولادة الحجة مع وقوعها بصورة سرية؟

ج1/ نعم، هذا السؤال هو الذي من أجل الإجابة عليه اجتمعنا في هذه الجلسة الميمونة، وبعد التمهيد لهذه المقدمات نحاول أن نثبتها بالتواتر إن شاء الله.

س / هل يؤمن أبناء العامة بالمهدي ، وأنه سيظهر فی آخر الزمان؟

ص: 39

ج2/ نعم، هناك روايات كثيرة جدا، جمعها علماؤنا في مؤلفاتهم، مثل حلية الأبرار وغيرها، ومن الروايات المروية في كتب أبناء العامة يظهر أنهم يؤمنون أن في آخر الزمان سيظهر من ولد سید الرسل من يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلم وجورة، والغريب أني لم أجد في رواياتهم أنه يولد في آخر الزمان، بل كل الروايات تقول أنه يظهر في آخر الزمان، وهذا اعتراف ضمني بوجوده، والذي يظهر هو المختفي، لا أنه الذي لم يولد(1).

ص: 40


1- وقد أحسن آية الله السيد طيب الجزائري في جمعه أسماء جملة منعلماء العامة الذين قالوا بوجوده (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وإليك - عزيزي القارئ - ملخصأ بذكر أسمائهم، وذلك في الجزء الثالث من كتابه البراهين الأثنا عشر، لوجود الإمام الثاني عشر. 1. أبو سالم كمال الدين بن محمد طلحة بن محمد القرشي النصيبي، المولد سنة (582ه-) في كتابه مطالب السؤال / الباب الثاني عشر /79. 2. أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي، المتوفى سنة (808ها في الباب الخامس والعشرين /521، من كتابه كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) 3- نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي، المولد بمكنة سنة (784ه) والمتوفى سنة ( 855ه) في كتابه الفصول المهمة / الفصل الثاني عشر. 4. الفقيه الواعظ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزاغلي البغدادي الحنفي (سبط ابن الجوزي)، المتوفي سنة (104ها في كتابه تذكرة خواص الأمة/ بعد ترجمة الإمام العسكري (علیه السلام) 5. الشيخ الأكبر محي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عزي الحاتم الطائي الأندلسي، المتوفي في سنة (928 هم) صرح في الباب السادس والستين وثلاثمائة من كتابه الفتوحات. 6. الشيخ العارف الخبير أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني، المتوفی سنة (972ها في كتابه اليواقيت / البحث الخامس والستين، بعد بيان قسم من علائم ظهوره (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) . 7- الشيخ حسن العراقي المذكور، قال الشعراني في طبقاته الجزء الثاني عشر / ط مصر سنة (1205ه)، ومنهم . أي من الذين قالوا بوجود الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) - الشيخ الصالح العامي المذهب، والكشف الصحيح والحال العظيم الشيخ حسن العراقي ، 8.المحدث أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي، المتوفى سنة (974ه) في كتابه الشهير الصواعق المحرقة / في آخر الفصل الثاني، في سرد أحاديث واردة في أهل البيت عليه السلام، وبيان الأئمة الأثني عشر. 9. الشيخ العارف علي الخواص، صاحب الغرائب والكرامات. وهذا يعتقد بحياة المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، قال الشعراني في طبقاته المسماة اللواقح ومنهم أي ومن الذين قالوا بحياة المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) اي شخص أستاذي على الخواص البراسي... الخ. 10. نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي، الشاعر العارف والمؤلف المشهور وصاحب شرح الكفاية - الدائرة بين المشتغلين - الموفي حدود (198ھ)، وقد اشتهر اعتقاده بحياة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وذكر في شواهد النبوة ولادة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، و غرائب حالات ولادته، و ذكر رواية حكيمة عمة الإمام محمد الحسن العسكري (علیه السلام) وغير ذلك. 11. الحافظ محمد بن محمود البخاري المعروف بخواجة پارسا من أعيان علماء الحنفية و اکابر مشايخ النقشبندية المتوفي سنة (822ه) في كتابه فصل الخطاب على ما نقله الشيخ سليمان القنا. ورد في الحفي في ينابيع المودة/451 12. الحافظ أبو الفتح محمد بن ا "لو أن من المتوفي سنة (412 ه) و ذكر في أربعين أن المقصود بمن حفظ أربعين حديثا أي حديثة في مناقب أمير المؤمنين (علیه السلام) الغية وينقل ذلك عبد الشافعي رأس المذهب ومن جملة الأحاديث التي ذكرها ومن أحب أن يلقي الله (عز و جل) لا وقد كمل إيمانه وحسن إسلامه فليوالي أبنه صاحب الزمان المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) : وهذا لا يكاد يصرح إلا إذ كان يعتقد بحياته (علیه السلام) 13. أبو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري، العارف المحدث الفقيه صاحب التصانيف الشائعة الكثيرة المتوفى سنة (1052ه) في رسالة له في المناقب وأحوال الأئمة الأطهار، وقد ذكر قصة الولاءت بالفارسية على طبعة ما ذكر الخواجه محمد پارسا في فصل الخطاب. 14. السيد جمال الدین (جلال الدین عطاء الله بن السيد غیاث الدین فضل الله بن السدي عبد الرحمن المحدث المعروف با جلال الدين)، صاحب كتاب (معزوفة الأحباب الدائرة بين أولي الألباب، وهو كتاب فارسي بين فيه معتقده في ولادة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) . 15- الحافظ أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري. 16. الشيخ العالم الأديب الأوحد حجة الإسلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الخشاب، المتوفى سنة (597ه) والمدفون بقرب قبر بشر الحافي في بغداد صرح في كتابه في تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم وهو كتاب صغير معروف. 17- شهاب الدین بن شمس الدين بن عمر الهندي، المعروف بملك العلماء، صاحب التفسير الموسوم بالبحر المواج المتوفى سنة (869ه) صرح في كتابه الموسوم بهداية السعداء 18. العالم المعروف فضل بن روزبهان، المتوفى سنة (852ه) وهو على الرغم من شدة تعصبه وإنكاره لجملة من الأخبار الصحيحة الصريحة، وافق الإمام في هذا المطلب. 19. العالم المشهور الشيخ المحدث علي المتقي الهندي بن حسام الدين بن القاضي عبد الملك ابن قاضي خامة القرشي، مؤلف الكتاب المشهور کنز العمال في سنن الأقوال والأفعال المتوفى سنة (975ه) صرح بمطالبنا في كتابه المرقاة شرح المشكاة / بعد ذکر حدیث أثني عشرية الخلفاء. 20. الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله، المتوفى سنة (122ه) من خلفاء العباسيين، وقد نقش في الخشب الساج داخل الصفة في دابر الحائط أسماء النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) : والأئمة (علیه السلام) إلى الإمام الثاني عشر القائم بالحق. 21. العالم العابد الورع البارع الحافظ السيد سلمان بن إبراهيم الحسيني القندوزي البلخي المعروف بخواجه کلان بن محمد معروف بن السيد ترسون، المتوفى سنة (1296ه) و كان صفي الدين المذهب صوفي المشرب، صرح بذلك في كتابه ينابيع المودة 22- العارف المشهور أبو نصر أحمد الجامي النامقي بن أبي الحسن بن محمد بن جریر بن عبد الله بن ليث بن جریر بن عبد الله البجلي المعروف بزنده بیل أحمد جام، أحد الأئمة الصوفيةوالمشايخ الكشفية المتوفى سنة (529ه). 23۔ صلاح الدين الصفدي، المتوفى سنة (764ه) قال في ينابيع المودة. 24 - الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد البسطامي، المتولد سنة (808ه) ذكر ذلك في كتابه درة العارف في كلام طويل له في بيان سلسلة النبوة من آدم (علیه السلام) إلى الخاتم من كتابه علي (علیه السلام) إلى أن وصل إلى ذكر الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) . 25۔ المولوي علي أكبر بن أسد المؤودي، من متأخري علماء الهند في كتابه المكاشفات الذي جعله كالحواشي على كتاب النفحات اللمولوي عبد الرحمن الجامي 26- العارف عبد الرحمن، من مشايخ الصوفية صاحب کتاب (مرآة الأسرار). 27۔ القطب المدار الذي كتبه عبد الرحمن الصوفي، كتاب (مرآة الأسرار) لأجله. 28. الشيخ العارف سعد الدين محمد بن المؤيد بن أبي الحسين بن محمد بن حمويه المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي خليفة نجم الدين الكبري، المتوفى سنة (722ه) وقد ألف كتابة مفردة في حالاته وصفاته (علیه السلام) العليا ووافقه فيه الإمامية. 29. الشيخ العارف المتأله عامر بن عامر البصري، المتوفى سنة (696ه) المتوطن في سور بن الروم، صاحب القصيدة التائية الطويلة المسماة بذات الأنوار التي باري بها أبا حفص عمر بن الفارض المغزي الأندلسي، وقد ذكر الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في جملة أبيات قصيدته. 30. الشيخ الفاضل العارف المشهور أبو المعالي صدر الدین القونوي،المتوفي في سنة (674ه) وقد نقل ذلك عنه صاحب الينابيع. 31- شيخ مشايخ الصوفية مولوي جلال الدين الرومي، المتوفى سنة (127 ه) صاحب المشنوي المعروف ذكر ذلك في قصيدة له باللغة الفارسية. 32- الشيخ العارف محمد بن أبي بكر فريد الدين الشهير ب(العطار)، المتوفى سنة (127 ه) صاحب الدوواین، ذكر ذلك في كتاب مظهر الصفات على ما نقله عنه في كتاب ينابيع المودة في ضمن أبيات شعر بالفارسية. 33. شمس الدين التبريزي شيخ المولى جلال الدين الرومي، نسب صاحب الينابيع ذلك إليه وقال ذكره في أشعاره ولم يذكر شيئا منها. 34- السيد نعمة الله الولي، نسبة إليه في الينابيع. 35. السيد النسيمي، نسب إليه في الينابيع وذكر ذلك في جملة من شعره في مدائح أهل البيت (علیه السلام) . 36. العالم العارف الكامل السيد علي بن شهاب الدين الهمداني، المتوفى سنة (789ه) صرح بذلك في المودة العاشرة من كتابه الموسوم بالمودة في القربین 37۔ الفاضل البارع عبد الله بن محمد المغيري المدني، في كتابه الموسوم بالرياض الزاهرة في فضائل آل بيت النبي وعترته الطاهرة روى في الحديث الأخير أن من ذرية الحسين (علیه السلام) التقنية المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) المبعوث في آخر الزمان. 38۔ شيخ الإسلام والبرح الطام ومرجع الأولياء الكرام أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي، ثم المخزومي الشريف الكبير، فقد ذكر في كتابه الموسوم بصحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخبار 39۔ علامة زمانه و فرید أوانه الشيخ محمد الصبان المصري، كذا وصفه في الينابيع وقال أنه صرح بذلك في إسعاف الراغبين توفي سنة (1206ه). 40. المولوي عبد الله الأمر تسري الهندي، من علماء القرن الرابع عشر، قد نقل في كتابه أرجع المطالب في عد مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) المطبوع سنة (1239ه)، نقل عن ابن حجر المكي بلا رد عليه وذكر اسمه الشريف وكنيته وعمره عند وفاة أبيه علیها السلام.

ص: 41

ص: 42

ص: 43

ص: 44

س3/ ما هو السر الكامن في خفاء ولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) و مع قدرة الله لك على حفظه بطرق أخرى؟

ج3/ هذا السؤال غريب، كان بإمكان رب العالمين أن يحفظ موسی بن عمران ظاهرة، ولكن لم يحفظه إلا خفية مستورة، وكذلك كان بإمكانه أن يحفظ عیسی بن مریم على وجه الأرض سالما من القتل، لكنه لم يفعل إلا بإخفائه... الله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

س4/ ماهي الثمرة المترتبة لأبناء العامة على إنكار ولادة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج4/ هذا مجرد تشنيع على المذهب الجعفري وإبعاد للناس عن المذهب الحق، قائلين أن أبناء المذهب الجعفري يؤمنون بالخرافات، وأنهم لا يؤمنون بأشياء معقولة، لا أكثر ولا أقل.

وأيضا فهم إن آمنوا بوجود الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من يجب أن يؤمنوا بإمامة أبيه التي ثم الإمام علي الهادي ال وهكذا إلى الإمام الصادق الكلية وبهذا تنهار القصور الوهمية التي بنوها على

ص: 45

آراء أئمتهم الأربعة، فهم يحاولون المحافظة على تلك القصور الوهمية التي بنوها، ولذلك لا يعترفون وينكرون ذلك.

س5/ ما حكم من أنكر ولادة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج 5/ هو منکر ضرورة من ضرورات المذهب، فلا يعتبر من الشيعة الإثني عشرية، ولا أحكم بكفره ولا بنجاسته.

س6/ هل يشير القرآن الكريم إلى ولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج6 / الآيات التي استدل بها على هذا ليست فيها صراحة على الولادة، ولكن هناك آيات تدل على أن الله سبحانه يملأ الأرض قسطا وعدلا.

س7/ هل يؤمن أبناء العامة بولادة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟ وإن كانوا يؤمنون بذلك فهل يصلح إيمانهم دليلا على ولادته؟ أم يكون مجرد مؤيد لما ذهبت إليه الطائفة الحقة؟

ج7/ أغلب علماء العامة أنكروا وجود الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ولكن آمنوا أنه سيظهر في آخر الزمان من يملأ الأرض قسطا وعد(1) ، وإذا كانوا كلهم يؤمنون بولادة الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لما اجتمعنا في هذه الجلسة.

ص: 46


1- وقد ذكر بعض علمائنا جملة من أسماء من يعتقد بوجوده وحياته وقد تقدم في الهامش السابق.

س 8/ هل يتواصل وجود بعض الوكلاء أو السفراء للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ما في هذه السنوات العجاف؟ .

ج 8/ هذا السؤال لا مجال له بعدما علمنا أنه بعد وفاة السفير الخاص الرابع انقطعت النيابة الخاصة وبقيت النيابة العامة بالمعنى المعروف بين العلماء والمراجع.

س9/ ألا تظنون أن مصب الشبهات لأبناء العامة ليس مأخوذة من ولادة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أو عدم الولادة، بل من وجود المصلحة وعدمها من غيبته، وهذا واضح من کتاب منهاج السنة وغيره؟

ج9/ هناك فرق، عندهم شبهات في أصل الولادة وهناك شبهات أنه كيف يبقى شخص هذه المدة، وهذه شبهة تختلف عن تلك الشبهة، و كلامنا في هذه الندوة في الشبهة الأولى (المختصة بالولادة)، وأما أنه كيف يمكن أن يبقى فغریب، فالشيطان اللعين ولد أو خلق قبل آدم (علیه السلام) ولحد الآن هو موجود، فهل أن الله سبحانه و تعالى قادر على أن يبقي الشيطان هذه المدة ولا يقدر أن يبقي شخصة ولد بعد ولادة الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) !

ص: 47

س10/ هل تحققت معظم علامات ظهور الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟ وهل هذا هو زمن الظهور؟

ج10/ علامات ظهور الإمام كما قرر العلماء على قسمين: بعضها حتمي والآخر غیر حتمي، العلامات غير الحتمية يحتمل أن يظهر الإمام (علیه السلام) بعدها وليس ذلك مؤكدة، وهذه العلامات تقريبا كلها تحققت، وأما الحتمية فلم يظهر منها شيء لحد الآن.

أما بالنسبة لزمن الظهور فالإمام المعصوم (علیه السلام) قال: «كذب الوقاتون»(1).

س 11/ لماذا كان الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) و خصوص ابن الإمام العسكري(علیه السلام)، ألا يمكن أن يكون شخصا آخر يولد في آخر الزمان يرتبط به نسبيا؟

ج 11/ الإمكان موجود، ولكن الواقع هو خلاف ذلك، فإن الذي حدث هو أنه ابن الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) .

س 12/ هل إن رؤية الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في عصر الغيبة الكبرى ممكن وواقع أم لا، خاصة مع ورود تکذیب مدعي الرؤية؟

ص: 48


1- كتاب الغيبة للنعمانی: 301 الأحاديث 9 و 11 و 12 و 13، الإمامةوالتبصرة: 95/ ح 87

ج12/ هناك اشتباه ربما وقع الكثير فيه، وهو أن الذي ورد التكذيب في حقه هو أن يدعي أحد أنه يلتقي به (علیه السلام) وهو رسول وسفير عنه أو مبلغ عنه، هذا الذي ثبت تكذيبه أو كذبه بأمر الإمام الق، أما أنه ربما يوفق شخص ما بالتشرف برؤيته فهذا ممكن جدة، ولا يجوز لمن يحدث له هذا أن يخبر أحدة بذلك.

والحمد لله رب العالمين

ص: 49

ص: 50

الندوة الثانية شبهات في طريق الولادة

اشارة

ص: 51

ص: 52

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين... والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

وقفة على الشبهات:

وقد قدمنا في الندوة السابقة بعض المقدمات التي يجب أن ننتبه إليها في هذا الصدد، واليوم تشير إلى بعض الإشكالات الواهية التي ذكرها دعاة الضلالة مثل إحسان الهي ظهير وابن تيمية وغيرهما ممن سار على نهجهما الضال.

تذكير:

قلنا في الندوة السابقة: إن من هوان الدنيا على الله سبحانه أن نعقد الندواتلإثبات ولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وهو الإمام الذي بشر به الأنبياء عليه السابقون والرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) الأعظم من والأئمة الأطهار (علیه السلام) .

بل ووعد به رب العزة في كتابه الكريم على نحو الإيماء والإشارة كما في قوله تعالى: «ليظهره على الدين كله. . .»(1) ومعلوم

ص: 53


1- الفتح: 28.

أن هذه النبوءة وهذا الوعد لم يتحقق لغاية هذا اليوم ولا بد من أن يتحقق لأنه قد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك، والروايات من الفريقين عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) تنص على أنه (صلی الله علیه وآله وسلم) قال أنه يأتي من ولدي في بعض الروايات أو من ولد الحسين (علیه السلام) في بعض آخر منها۔ من يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورة.

والذي احتمله أن الداعي لأعداء أهل البيت (علیه السلام) وأعداء الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من إثارة مثل هذه الإشكالات أمران، حيث أنهم يتصورون . وهذا دليل على ضعف مخيلتهم:

أولا: أن يتمكنوا من صرف شيعة أهل البيت (علیه السلام) عن الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ولكن الله تعالى يريد أن يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون أو المجرمون.

ثانيا: أن بعضهم لجهلهم بمعنى الإمامة يريدون أن يعرفوا مقام الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وموضع وجوده وشخصه الشريف، حتى يتمكنوا من القضاء عليه.

ص: 54

اهل النسب:

ذكر ابن تيمية وإحسان الهي ظهير أن أهل النسب نفوا وجود عقب للإمام العسكري (علیه السلام) واصرا على ذلك كما يلاحظ ذلك، في كتاب الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير، ومنهاج السنة لابن تيمية، وحينما نطالع كلمات هذين الرجلين نريد أن نعرف من من النسابة - أي من علماء النسب - نفى ولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟ فكل واحد منهم يقول أكد علماء النسب ولم يذكرا واحدا منهم.

وقد ذكرنا إن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، وحتى لو ثبت أن أحدةمن علماء النسب نفی ولادة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، لم يكن لديه ما يقوله في هذا الصدد أكثر من أنه لم يجد، وليس له أن يثبت العدم.

ص: 55

وبعد متابعتنا لكلام هذين الناصبيين - ابن تيمية وإحسان الهي ظهير. نجد أنهما لم يذكروا من النسابة الذين ينكرون وجود الإمام الغية إلا شخص واحد وهو الحسن بن موسی النوبختي صاحب کتاب فرق الشيعة وهو متأخر عن ولادة الإمام (علیه السلام) العبة بحوالي (140) سنة وبالتالي لا يجوز الرواية عنه إلا بعد ذکر السند الذي اعتمده النوبختي في دعواه.

وقد اعترف إحسان الهي ظهير، إن هذا الرجل من أعلام القرن الرابع، وولادة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) سنة 256 هم يعني أن بينهما أكثر من 140 سنة.

علما بأن النوبختي لم يقل بعدم ولادة الإمام المهدي(علیه السلام) ، وإنما إحسان إلهي ظهير هو الكاذب في إدعائه كما سنذكر عبارة هذا الرجل ولكن إن صح ما يقوله إحسان إذ لعل عنده نسخة نحن لم نطلع عليها مثلا- فترد عليه ملاحظتان:

الأولى: إن الرجل حسب اعتراف إحسان، ولد بعد أكثر من مائة سنة من ولادة الحجة (علیه السلام) .

ص: 56

الثانية: لم يذكر سند دعواه، كيف يدعي أنه لا عقب للإمام العسكري (علیه السلام)؟ من أين عرف؟ هل نزل عليه الوحي، أم رأي في عالم الرؤيا؟!!

الظاهر أن إحسان إلهي ظهير جاهل بعلماء النسب، فإن هذا ليس من علماء القرن الرابع، بل هو من علماء القرن الثالث، فقفز به قرنأ كأنه أراد أن يضرب رأسه بفأسه هكذا هم أعداء أهل البيت (علیه السلام) دائما يتخبطون.

على أي حال، هذا الرجل ينسب إليه أنه يؤكد أن لا عقب للإمام العسكري (علیه السلام)، وهذه هي العبارة التي يريد أن يستفيد منها هذا الرجل الناصبي هذا المعنى: .

«ولد الحسن بن علي (علیه السلام) في شهر ربيع الآخر سنة 232ه وتوفي في سر من رأى (سامراء) يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة 290ه ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه (علیه السلام) وهو - أي الإمام الحسن العسكري - ابن 28 سنة وصلى عليه أبو عیسی بن المتوكل، وكانت إمامته خمس سنوات وثمانية أشهر وخمسة أيام، وتوفي ولم ير له أثر ولم يعرف له ولد ظاهر»(1)105 .

ص: 57


1- فرق الشيعة:

لم يقل لم يولد له ولد، بل قال: لم ير أثر.

يا إحسان إلهي ظهير افتح عينيك لم يقل: لم يوجد له أثر)، بل قال: (ولم ير له أثر، ولم يعرف له ولد) كما أنه لم ينف ولادة ولد للإمام العسكري (علیه السلام) بل غاية ما ذكر هو انه (علیه السلام) لم يظهر له ولد حيث قال (ولم يعرف له ولد ظاهر) وهو يحتمل أن يكون قد ولد له (علیه السلام) ولد ولكنه غير ظاهر ومعروف..

هذه العبارة التي أعتمد واستند إليها هذان الناصبيان - ابن تيمية وإحسان الهي ظهير . وعاملاه على أنه نسابة وأنه يؤكد أنه لا ولد للحسن العسكري (علیه السلام)، وقد لا حظنا أن عبارته لا تساعد على إثبات مدعاهم فانه قال لم يعرف له ولد ظاهر، ونحن أيضا نقول أنه (علیه السلام) ليس له ولد ظاهر معروف.

تقسيم الميراث:

يقول إحسان إلهي ظهير: قم میراث الإمام العسكري التي بين أخيه وأمه.

ص: 58

ويرد عليه أن هذا التقسيم المزعوم: على خلاف قاعدة مذهب الإمامية في تقسيم الإرث إذ مع وجود الأم كيف يأخذ الأخ الحصة من الميراث؟ يقول: «فاقتسم ما ظهر من میراثه أخوه» أي أن هناك كانت مواريث لم تكن ظاهرة ولم يعلم أين ذهبت هذا من جهة.

ومن جهة أخرى أن أمه علیها السلام وهي أم ولد فإن كانت ما زالت على رقيتها فليس لها میراث وإن كانت قد تحررت . هذا واقع الحال فهي قد أصبحت حرة بواسطة حرية ولدها وهو الحسن العسكري (علیه السلام) - فالميراث كله لها وليس لجعفر میراث.

وفي رواية أخرى أن الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) قد أوصى بالمال الظاهر إلى أمه لتعيش منه مدة حياتها(1)، ولم تكن هناك مسألة ميراث.

يقول هذا الرجل: في هذه الحالة تحيرت الشيعة، أي أن عامة الشيعة تحيرت وذهب كل قسم منهم إلى رأي، فيذكر هناك الآراء التي ظهرت بين الشيعة حين ذاك، ويذكر ثلاث عشرة أو أربع عشرة فرقة حسب رأي إحسان إلهي ظهير .

ص: 59


1- فرق الشيعة : 116.

أما هذا الرجل النسابة - أي النوبختي - الذي قالوا بأنه ينفي وجود عقب للإمام العسكري (علیه السلام) فعبارته في حديثه عن الفرقة الثانية عشر كما يلي:

«قالت الفرقة الثانية عشرة وهم الإمامية ليس القول كما قالت الفرق الأخرى بل الله غر وجل في الأرض حجة من ولد الحسن بن علي (علیه السلام) ، وأمر الله تعالی بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الأول والسنن الماضية ولا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين علیهما السلام ولا يجوز ذلك، ولا تكون إلا في عقب الحسن بن علي (علیه السلام) القبيلة إلى أن ينقضي الخلق، متصلا ذلك ما اتصلت أمور الله سبحانه وتعالى، ولو كان في الأرض رجلان لكان أحدهما الحجة، ولو مات أحدهما لكان الآخر الحجة ما دام أمر الله ونهيه قائمين في خلقه، ولا يجوز أن تكون الإمامة في عقب من لم تثبت له إمامة (يقصد جعفر)، ولم تلتزم العباد به حجة ممن مات في حياة أبيه . أي ممن قال بإمامة من توفي قبل الإمام الحسن (علیه السلام) - ولا في ولده، ولو جاز ذلك صلح قول أصحاب إسماعيل بن جعفر الصادق (علیه السلام) ومذهبهم، ولثبتت إمامة محمد

ص: 60

بن جعفر (علیه السلام) إذن، وكان من قال بها محقا بعد مضي جعفر بن محمد (علیه السلام)»(1).

ويقول:

«وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين، الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة أسبابه وجودة إسناده، ولا يجوز أن تخلو الأرض من حجة ولو خلت ساعة لساخت الأرض ومن عليها، ولا يجوز شيء من مقالات هذه الفرق كلها فنحن مستسلمون بالماضي، وإمامته، مقرون بوفاته . وهذا ثابت . ومعترفون بأن له خلفة قائمة من صلبه، وأن خلفه هو الإمام من بعده حتى يظهر ويعلن أمره ما ظهر وعلن أمر من مضى من آبائه ويأذن الله بذلك، إذ الأمر الله تعالى يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد من ظهوره وخفائه، كما كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول: «اللهم إنك لا تخلي الأرض من حجة لك على الخلق ظاهرة معروفة أو خائفة مستورة أو مغمورة کی لا تبطل حجتك وبيناتك»(2) وبذلك أمرنا و به جاءت الأخبار الصحيحة

ص: 61


1- فرق الشيعة: 119.
2- كذا في المصدر، ولكن المذكور في نهج البلاغة كما يلي: «اللهم بلی، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرة مشهورة أو خائفة مغمورة، لئلا تبطل حجج الله وبيناته». نهج البلاغة 4: 37/ الخطبة 167.

عن الأئمة الماضين (علیه السلام) ، لأنه ليس للعباد أن يبحثوا عن أمور الله تعالی ويقضوا بلا علم لهم ويطلبوا آثار ما ستر عنهم، ولا يجوز ذكر اسمه ولا السؤال عن مكانه حتى يأمر بذلك هو (علیه السلام) إذ هو (علیه السلام) خائف مغمور مستور بستر الله سبحانه وليس علينا البحث عن أمره، بل البحث عن ذلك وطلبه محرم ولا يحل ولا يجوز لأن في إظهار ما ستر عنا وكشفه إباحة دمه ودمائنا، وفي ستر ذلك والسكوت عنه حقنهما وصيانتهما ولا يجوز لنا ولا لأحد أن يختار إمام برأي واختيار.. إلى أخر كلامه الشریف»(1).

هذا هو مذهب النوبختي، وذاك استدلال إحسان إلهي ظهير وابن تيمية وقد لاحظنا انه ليس الأمر كما ينسبون له من إنكار وجود خلف للإمام الحسن العسكري (علیه السلام) بل يقول أن له عقبة وانه الإمام المفترض الطاعة(2) .

الاختلاف في المولد:

ومن جملة إشكالاتهم أنه اختلف في الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، فاعتبروا هذا دليلا على عدم الولادة.

ص: 62


1- فرق الشيعة: 119 و 117.
2- ثم أنهما . حسب الظاهر- لم يطلعا على أقوال علمائهم . وهذه مصيبة . فإن هناك جملة وافرة قد صرحوابولادته وتقدم ملخص بأسمائهم في الوريقات السابقة.

وهذا غریب، حيث أنهم جعلوا مجرد الاختلاف في ولادته دليلا على عدمها، أليس المسلمون اختلفوا في ولادة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) ؟! فهل يعني هذا إنكار ولادته (صلی الله علیه وآله وسلم) .

أليس القرآن الكريم قد شهد باختلاف الناس في عدد أصحاب الكهف ؟!! يقول عز وجل: (يقولون ثلاثة رابهم كلبهم..)(1) فهل يعني أن أصحاب الكهف غیر موجودین؟.

إنكار جعفر:

ومن جملة أدلتهم - بل من سخافاتهم . ما ذكروا من أنه لو كان له ولد لعلم أخوه جعفر، لأنه أقرب الناس إليه، لكنه أنكر وادعي الإمامة.

نسأل هؤلاء المنکرین هل إن إنكار عم النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لرسالته يصلح دليلا على عدم نبوته (علیه السلام) ؟

لماذا لا يعد إنكار أبي قحافة لخلافة ابنه دليلا على عدم خلافته؟ بينما يعتبر إنکار جعفر لولادة ابن أخيه دليلا؟! لقد أرسل أبو بكر إلى أبيه وقال له: لقد بايعني الناس وأنا خليفة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال له: كلامك

ص: 63


1- الكهف: 22.

متناقض؛ تقول خليفة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) تقول الناس اختاروني! اخرج من الأمر الذي أنت لست أهلا له، لماذا اختارك الناس وفيهم علي بن أبي طالب (علیه السلام)؟ قال: أنا أكبر منه سنا، قال: أنا أبوك أكبر منك سنة، إذا كانت الخلافة بكبر السن فأنا أكبر منك وإذا كانت في العمر؛ كان سلمان الفارسي أكبر منهم(1).

الاختلاف في اسم الأم

ومن جملة إشكالاتهم وسخافاتهم اختلافهم في اسم أم الإمام المنتظر. ويعاملون هذا على أنه من جملة الأدلة.

ويمكن مناقشته: بأن اختلاف الأسماء وتعددها إن كان دليلا على العدم فإن الله تعالی تسعة وتسعين اسما، بناء على أن الأسماء توقيفية، وإلا فهي غير متوقفة عند هذا العدد كما في الأسماء الواردة في دعاء الجوشن الكبير، هل يعني هذا أن الله تعالی غیر موجود (العياذ بالله) هل هذا منطق العلماء وأسلوب البحث والتحقيق ؟!!.

ص: 64


1- راجع الاحتجاج للطبرسي: 1/ 110.

إن قالوا ليس تعدد الأسماء هو الدليل بل اختلافها إذ أن الروايات نقلت أسماء مختلفة لأم الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، فلو كانت تلك المرأة ولدته لما حصل الاختلاف في اسمها بل عرف واشتهر.

نقول إضافة إلى وجود أوجه عديدة لتعدد أسمائها (سلام الله عليها) هناك رواية ذكرت أسماء أم الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وأنها ثابتة لها بأجمعها باعتبارات متعددة، فإذن يجب علينا أن نفهم أن هناك فرق بين الاختلاف في الاسم وتعدد الاسم وما نحن فيه من الثاني لا الأول، وتعدد الاسم من الأمور الشائعة لكثير من الشخصيات كما للزهراء سلام الله عليها.(1).

و تعدد أسمائها لا يقتضي عدم وجودها عند من كانت له خبرة بالتاريخ ولو بسيطة جدا، فإن الجواري كانت تتعدد أسماؤها غالبا، وأم الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أم ولد، كما هو الحال في أغلب أمهات الأئمة (علیه السلام) .

وتعدد أسمائها عليها السلام كان له أسباب، إما لعفتها أو لنزاهتها أو غيرهما، وربما تعددت الأيدي على ملكها فأدى ذلك إلى

ص: 65


1- لاحظ: میزان الاعتدال للذهبي 2: 263؛ التأريخ الكبير للبخاري: 4/ 104.

تعدد أسمائها أولا لأجل استحباب تغيير اسم المملوك عندما يشترية المشتري،وأم الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) و كانت في بلد النصارى وكان لها اسم بلغتها ثم هي أخفت اسمها وسمیت باسم جديد لها في الطريق، ثم الإمام (علیه السلام) سماها باسم آخر.

وهناك وجوه أخرى وردت في الرواية توضح أنه لماذا تعددت أسماء أم الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) (1)

عدم الظهور

ومن أدلتهم على عدم وجود الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أنه لو كان موجودة لظهر إلى العيان.

وهذا عين دليل الملاحدة الذين ينكرون وجود الله سبحانه قائلين: بأنه لو كان الله موجود لرأيناه.

وهذا أسلوب قدیم اعتمده الكفرة والملاحدة ومنه ما ورد في القرآن الكريم: «وقال فرعون یا هاما ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب»(2) أبي سلمة عالية أرى إله موسى (علیه السلام) .

ص: 66


1- لاحظ: إكمال الدين وإتمام النعمة: 432
2- غافر: 39.

اختفاء الإمام (علیه السلام) :

ومن جملة ما تشبثوا به أنه لو كان موجودة لما كان هناك داع للاختفاء.

ونحن نقول: لماذا أخفى الله سبحانه وتعالى آثار أهل الكهف؟ ولماذا أخفى ولادة موسی بن عمران (علیه السلام)؟ فهل كان سبحانه و تعالی عاجزة عن حماية موسي (علیه السلام) من فرعون إلا بالإخفاء (العياذ بالله).

هذه أبرز الإشكالات وعمدتها وقد اعتمدوا فيها على كتاب فرق الشيعة للنوبختي (رضوان الله تعالی علیه).

إثبات الولادة:

في الواقع أن هذا الرجل - النوبختي - من كبار علماء الشيعة، كما أكد النجاشي(1) وغيره، و كان معروفة بالتدين والورع والعفة والصلاح والخبرة وغير ذلك، ولكنهم أرادوا أن يتشبثوا ببعض ما ورد في كتابه لإثبات دعواهم.

ص: 67


1- رجال النجاشی: 63.

وتقدم منا أن انتساب إنسان ما إلى والده لا بد أن يكون بذکر اللازم فقط، وإلا نفس الانتساب وإقامة البينة عليه مستحيلة.

كما إن الفراش يعتبر علامة شرعية بحكم الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) : «الولد للفراش»(1) وذلك حينما يدعي غيره.

وأما أصل الإثبات فلا يكون إلا بالاعتراف أما من الوالد أو الولد أو الأم.

أما إثبات نسبته للأم فيمكن ذلك بشهادة القابلة، وبشهادة من حضر من النساء أو غير النساء عند خروج الطفل من بطن أمه.

وفي هذا النوع من طرق إثبات الولادة روایات متعددة من رواة متعددين تحمل شهادة حكيمة علىها السلام أنها كانت حاضرة في خدمة أم الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ليلة ولادة الإمام المنتظر (علیه السلام) الغية فولد الت(2).

ص: 68


1- الكافي 5: 1691ح 2؛ من لا يحضره الفقیه 3: 651/ ح 6557؛ تهذیبالأحكام 8: 198/ ح 11؛ صحيح البخاري 3: 5 و 5: 96؛ صحیح مسلم : 171؛ سنن ابن ماجة 1: 646...
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 434؛ روضة الواعظين للفتال النيسابوري: 259؛ دلائل الإمامة للطبري: 499.

وطائفة أخرى من الروايات تذكر شهادة الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) حيث قدم ولده الشريف إلى الخاصة من شيعته وقال: «هذا إمامكم بعدي وهو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا...»(1).

هاتان طائفتان من الروايات، وهناك طائفة ثالثة تحدد رتبته العددية كما عن بعض الأئمة (علیه السلام) يقول أن المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) و هو الخامس من أولاد الإمام الكاظم (علیه السلام) العلية ونحوها من الروايات.

فإذن تكون لدينا ثلاث طوائف من الروايات:

الاولی وایات: الأولى: عن الإمام العسكري (علیه السلام) قال فيها بأن هذا ابني وهو إمامكم بعدي.

الثانية: تنتهي إلى حكيمة فيها وشهادتها بذلك، وشهادة النساء بخصوص الولادة مسموعة.

الثالثة: الأئمة لية السابقون على الإمام العسكري الغية الذين أخبروا أنه بعد العدد الفلاني من الأئمة يكون الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، أو يكون منه الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه).

ص: 69


1- الغيبة للشيخ الطوسي: 357؛ إكمال الدين وإتمام النعمة: 31، وفيه: «هذا صاحبكم بعدي...

مما يثبت أن الروايات متواترة، لأنها روايات من أشخاص متعددين مختلفين لا يعرف أحدهم الآخر، فكل منهم يدخل في سند مستقل عن الآخرين.

أما أخبار الأئمة علیهم السلام ففي عقيدتنا أنهم يخبرون عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ، وأنهم أئمة، وأنهم أولياء أمر، وأنهم معصومون فما يقولونه علیهم السلام حق لا ريب فيه هذا على عقيدتنا، وعندما يذكر الإمام الرضا (علیه السلام) أن فلانة بعد فلان، وبعد فلان فلان من ولدي فالإمام الرضا (علیه السلام) - حسب مسلكهم - لا يعلم الغيب ولكن يخبر عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) له بأن التسلسل الفلاني من ولده يكون هو الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وهذا أكبر شاهد ودليل على ولادته سلام الله عليه.

وسيأتي لك المزيد من التفصيل إن شاء الله تعالی.

والحمد لله رب العالمين

ص: 70

الإجابة على أسئلة الندوة الثانية

الأسئلة

س1/ هل يمكن القول بأن الإمام منذ ولادته هو إمام ولا يمكن له تحمل أمور الإمامة حتى وفاة الإمام الأب؟

ج1/ ينبغي أن نعلم أن كل إمام لاحق يجب عليه إطاعة الإمام السابق، والإمام السابق كما هو إمام على باقي الناس كذلك هو إمام على ولده وابنه الإمام، فكما كان أمير المؤمنين (علیه السلام) إمامة على الناس كذلك كان إماما على الحسن والحسين علیهما السلام.

س2/ حديث عن الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) : «أن الأئمة بعدي اثنا عشر إماما كأسباط بني إسرائيل»(1)، ألا يعتبر هذا دليلا على وجود الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) خلافا لما ذهب إليه إحسان إلهي ظهير وابن تيمية؟

ص: 71


1- مسند أحمد 1: 398؛ مستدرك الحاكم 4: 501؛ مجمع الزوائد للهيتمي 5: 190؛ كفاية الأثر للخزاز القمي: 62؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 1: 269؛ الخصال للصدوق: 468؛ الكافي للحلبي: 99، عمدة الطالب لابن عنبة: 98؛ ولفظ ح .. بعدد، عدد، عدة نقباء، عدد أسباط بني إسرائيل....

ج2/ هذا ليس هو مورد الإشكال، إذ أن الإشكال لم يكن في عدد الأئمة، ولكن الإشكال في أن الإمام الثاني عشر (علیه السلام) التي ولد أم لم يولد. فلا يمكن جعله دليلا؟. . .

س3/ إذا كان جعفر أخو الإمام العسكري (علیه السلام) يعلم يقينا أن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسنين علیهما السلام عليها فكيف تمكن من إقناع بعض الشيعة وهم عالمون بهذا الأمر بإمامته لولا تأكده من عدم وجود الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج3/ هذا السؤال غريب وغير واضح، فكيف تمكن السامري من إقناع بني إسرائيل بأن ربهم العجل؟! هذا أولا، وثانية قصة جعفر فيها كثير من الغموض لا يسع الوقت لذكرها.

س4 / البعض يقول: إن ما يحصل في الآونة الأخيرة من أحداث هو من علامات ظهور الح.. (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج4/ علامات ظهور الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) مذكورة ومحددة في الكتب، بعضها حتمي وبعضها غیر حتمي، أما الغير حتمي فأغلبها

ص: 72

تحققت، وأما الحتمي فلم يحدث منها شيء، وأما اختلاف الناس والشيعة فهذا المعنی حاصل منذ القدم وليس بشيء جديد.

س5/ هل هناك من يتصل بالإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في زمن الغيبة بالمباشرة؟ أم أن اللقاءات الواردة مع الإمام العلية حاصلة ولكن لا يعلم الذي التقى به أنه الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟ ما هو المانع من الاتصال بالإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) مباشرة على فرض عدم الإمكان من الاتصال به؟

ج5/، أولا: قلت في الجلسة السابقة أن الأمر الممنوع هو إدعاء السفارة الخاصة، بأن يدعي شخص أنه السفير الخامس، بعد أن ثبت أن السفراء الخاصين هم أربعة فقط.

وأما الرؤية فممكنة كما حصلت لبعضهم، كما تسب أيضا لبعض الأعلام، ولكن عليه أن يخفي ولا يظهر ذلك إلا إذا أمره الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بإظهاره. ولكن معظم ما روي من القصص عمن رأى الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) إنه بعدما فارقه انتبه أن الشخص الذي التقاه هو الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وثقل أن شكل الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لا يثبت في فكر الرائي

ص: 73

أبدأ فلا يستطيع أن يحدد شكله عند رؤيته ثانية، لأن الله تعالی يريد إخفائه.

ص: 74

الندوه الثالثه: اثبات التواتر فی ولادته (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)

اشارة

ص: 75

ص: 76

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

لقد كان الكلام في دفع الشبهات التي خاض فيها أعداء أهل البيت علیهم السلام لا حول ولادة الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، كما قلنا في البحث السابق، وقد استمعنا للشبهات التي أثارها شخصان . في الواقع .۔ هما ابن تيمية الحراني الدمشقي، والثاني إحسان إلهي ظهير - وهو من وهابية باكستان - هذان الشخصان حاولا إثارة الشبهة أكثر من غيرهما، وقد بينا في الجلسة السابقة بعض تلك الشبهات التي يعتبرها بعض البسطاء أنها الدليل والمدرك على تأييد ما قالوا.

ص: 77

واليوم نحاول إثبات التواتر في ولادة الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

وقلنا في الجلسة السابقة: إن الروايات التي يمكن اللجوء إليها الإثبات التواتر على ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى والثانية :

وهي التي تنقل كلمات الأئمة علیهم السلام في تحديد هذا المولود المبارك، وأنه ابن العسكري (علیه السلام) التقنية والروايات في هذا الشأن كثيرة جدا جدا، وكثير من هذه الروايات اكتفت بالإشارة إلى صفات الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بأن له غيبة، والناس يتحيرون فيه من طفولته.

وللاختصار نذكر بعضا منها فهذا المقدار يكفينا لإثبات التواتر، كما سيتضح في نهاية الكلام إن شاء الله.

يروي الشيخ الصدوق في إكمال الدين وإتمام النعمة: إن الإمام الحسن المجتبى (علیه السلام) الكلية بعدما اضطر إلى مهادنة ابن هند .

ص: 78

معاوية - قال: «إذا خرج ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهره....»(1)

الأول الإمام علي (علیه السلام) والثاني الإمام الحسن (علیه السلام) والثالث الإمام الحسين (علیه السلام) والتاسع من ولده الإمام المنتظر (علیه السلام) .

وكذلك بسند معتبر في إكمال الدين وإتمام النعمة، قال الحسين بن علي (علیه السلام): «في التاسع من ولدي سنة من يوسف سلام الله عليه»(2)

وفي رواية أخرى قال: «قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي - التحديد بالتاسع - وهو صاحب الغيبة»(3).

وكذلك عن سيد الشهداء (علیه السلام) قال: «ما اثنا عشر مهدية أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) و آخرهم التاسع من ولدي وهو الإمام القائم بالحقيحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دین الحق على الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتد فيها

ص: 79


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 310/ ح 2.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 319 ح 1.
3- إكمال الدين وإتمام النعمة: 317، ح 2.

أقوام، ويثبت على الدين فيها آخرون، فيؤذون ويقال لهم: «متی هذا الوغد إن كنتم صادقين»، أما إن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)(1) .

وعن علي بن الحسین زین العابدين (علیه السلام) قال : «القائم منا تخفی ولادته على الناس حتى يقولوا: لم يولد بعد ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة)(2) وفي هذه الرواية رد على من ينكر ولادته (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

وعن الإمام الباقر (علیه السلام)

قال الصدوق في إكمال الدين وإتمام النعمة بسنده عن أم هاني الثقفية . وهي امرأة شريفة معروفة في ذلك الوقت -

قالت أم هاني: قلت: يا سيدي ما معنى قول الله عز وجل: (فلا أقسم بالخس * الجوار الكس)(3) قال: «نعم المسألة سألتيني يا أم هاني، هذا مولود في آخر الزمان هو المهدي من هذه العترة،

ص: 80


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 323/ ح 6.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 330/ ح 14.
3- التكوير: 15 و 16.

تكون له حيرة وغيبة يضل فيها أقوام، ويهتدي فيها أقوام، فيا طوبى لك إن أدركتيه، ويا طوبی لمن أدرکه»(1).

وروي عن الإمام الصادق (علیه السلام) روايات كثيرة بهذا المعنی:

منها: معتبرة صفوان بن مهران عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: «من أقر بجميع الأئمة علیهم السلام وجحد المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمد (صلی الله علیه وآله وسلم) نبوته.

فقيل له: يا بن رسول الله فمن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته».(2)

رواية أخرى بسند ابن محمد الحميري في حديث طويل يقول فيه: «قلت للصادق (علیه السلام): يا ابن سول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك علیهم السلام في الغيبة وصحة كونها، فأخبرني بمن تقع؟

فقال (علیه السلام) «إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي

ص: 81


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 330/ ح 14.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 333 ح 1، و: 338/ ح 1، و: 338.

طالب (علیه السلام) وآخرهم القائم بالحق بقية الله في الأرض وصاحب الزمان وخليفة الرحمن، والله لو بقى في غيبته ما بقی نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»(1).

هكذا كان الأئمة علیهم السلام يعلمون بتعليم الله تبارك و تعالی.

وروي أيضا عن الصادق (علیه السلام) : «إن الله تعالى خلق أربعة عشر نورة قبل الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا.

فقيل له: يا أبن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ومن الأربعة عشر؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال ويطهر الأرض من كل جوړ وظلم»(2).

وروي عن الإمام الكاظم (علیه السلام) أنه قال: «إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم أحد عنها.

يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة، حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله عز وجل في امتحن الله

ص: 82


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 33.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 330، ح 7.

بها خلقه، ولو علم آباؤكم وأجداد کم دينا أصح من هذا لاتبعوه.

فقلت: يا سيدي و من الخامس من ولد السابع؟

فقال: «يا بني عقولكم تضعف عن ذلك، وأحلامكم تضيق عن حمله ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه»(1).

وهناك رواية في إكمال الدين وإتمام النعمة أيضا عن عبد السلام بن صالح الهروي قال:

«سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضا علي بن موسی (علیه السلام) قصيدتي التي أولها:

مدارس آیات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق و باطل * ويجزي على النعماء والنقمات

ص: 83


1- مسائل علي بن جعفر: 320 ح 1810 الإمامة والتبصرة: 113/ح 100؛ الكافي 1: 1339ح 2؛ علل الشرائع 1: 2644/ ح 44 إكمال الدين وإتمام النعمة: 30 ح 1؛ دلائل الإمامة للطبري: 536/ ح 519، کتاب الغيبة للطوسي: 377 ح 284.

بکی الرضا (علیه السلام) الغنية بكاء شديدة، ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ فقلت: لا، يا مولاي، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملؤها عدلا كما ملئت ظلم وجورا.

فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم، المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد الطول الله عز وجل في ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

وأما (متی) فإخبار عن الوقت، فقد حدثني أبي، عن أبيه عن آبائه علیهم السلام أن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ؟ قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك ؟ فقال (صلی الله علیه وآله وسلم) : مثله مثل الساعة التي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة.(1).

ص: 84


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 372/ ح 6.

وهناك روايات عديدة عن الإمام الرضا (علیه السلام) بهذا المعنى(1). وروی الصدوق في كتابه إكمال الدين وإتمام النعمة عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي الحسني قال: «دخلت على سيدي محمد بن علي الجواد التي وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره، فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمدا (صلی الله علیه وآله وسلم) بالنبوة وخضنا بالإمامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورة وظلمة، وإن الله تبارك وتعالى يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى (علیه السلام) إذ ذهب ليقتبس لأهله نارة فرجع وهو رسول نبي.

ثم قال (علیه السلام): أفضل أعمال شیعتنا انتظار الفرج»(2).

وهناك روايات أخرى عن الإمام الجواد (علیه السلام) والإمام العسكري (علیه السلام) مؤداها واحد، فقد جاء في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة بسنده إلى محمد بن عثمان العمري رضی الله عنه يقول: سمعت أبي يقول:

ص: 85


1- راجع: إكمال الدين وإتمام النعمة: 399 الباب 35، ما روي عن الرضا علي بن موسى عليها.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 377 ح 1.

سئل أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام : «إن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»، فقال (علیه السلام): «إن هذا حق كما أن النهار حق فقيل له: يا ابن رسول الله، فمن الحجة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمد هو الإمام والحجة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقاتون، ثم يخرج؛ فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة»(1) .

وهناك روايات عديدة بهذا المعنى نكتفي بما ذكرناه.

الطائفة الثالثة والرابعة

وهي عبارة عن مجموعة من الروايات التي قمنا بجمعها دلت على وجود أشخاص رأوا الإمام وهو طفل في حجر والده، کالسيدة حكيمة عمة الإمام (علیه السلام) وأنها كانت قد شاهدت الولادة،

ص: 86


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 409/ ح 9.

أو خدم الإمام العسكري (علیه السلام) التين الذين رأوا الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وهو طفل في دار والده.

وهذه الروايات كثيرة، نذكر أسماء رواتها فقط، وهم:

محمد بن العطار،(1) الحسين بن علي،(2) حكيمة بنت محمد بن القاسم بن حمزة،(3)الكافي 1: 330.(4) جعفر بن محمد بن مسرور،(5) الحسين بن محمد(6) وهذا بنفسه قد رأى الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)

وعن علي بن محمد(7) أنه بنفسه رأي الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، وكذلك إبراهيم بن محمد بن عبد الله الذي يروي عن نسیم خادم الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) (8)"، وكذلك بهذا السند جارية الإمام (علیه السلام) الطبيعة واسمها مارية(9).

وقد ذكر الكليني رواية أخرى بسنده عن إبراهيم بن

ص: 87


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 630/ ح 12.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 632/ ح 12.
3-
4-
5- إكمال الدين وإتمام النعمة: 630/ ح 3.
6- كمال الدين وإتمام النعمة: 430.
7- کتاب الغيبة للطوسي: 393.
8- کتاب الغيبة للطوسی: 266.
9- إكمال الدين وإتمام النعمة: 630/ ح5.

محمد عن نسیم خادم الإمام التي(1).

وأورد رواية أخرى عن نسيم أيضا،(2) وعن محمد بن العطار وغيره عن إسحاق بن رباح البصري عن أبي جعفر العمري أنه رأى الإمام (علیه السلام) و طفلا في بيت والده،(3) ومحمد بن العطار عن علي الخيزراني عن جارية الإمام الحسن العسكري (علیه السلام)(4) والحميري عن محمد بن عثمان العمري أنه رأى الإمام في حجر والده،(5) محمد بن إبراهيم الكوفي، والمطهري أبو حكيم الطرفي روي قصة رؤية الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ،(6) وعن ابن وجناء الحسن إنه رأى الإمام (علیه السلام) طفلا في بيت والده،(7) وعن محمد بن الحسن الكرخي يروي عن أبي هارون - رجل من أصحاب الإمام (علیه السلام) - أنه رأى الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في حجر والده(8).

ص: 88


1- کتاب الغيبة للطوسي: 232.
2- کتاب الغيبة للطوسي: 232.
3- إكمال الدين وإتمام النعمة: 630/ ح 6.
4- إكمال الدين وإتمام النعمة: 631/ ح 7.
5- إكمال الدين وإتمام النعمة: 635/ ح 3.
6- كتاب الغيبة للطوسي: 236/ ح 203.
7- إكمال الدين وإتمام النعمة: 973/ ح 25.
8- إكمالالدين وإتمام النعمة: 673/ ح 1.

ابن المفكر الحميري، محمد بن إبراهيم عن عثمان بن سعيد العمري الذي رأى الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بنفسه(1).

أحمد بن عبد الله مهران عن أحمد بن محمد بن الحسن عن إسحاق القمي أنه رأى الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بأم عينيه(2).

عن عبد الله بن عباس العلوي والحسن بن الحسين العلوي، رؤيا الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في بيت والده(3). أبو محمد بن ضيرويه التستري وأبو سهل بن مرقد پروي عن عقيد خادم الإمام العسكري (علیه السلام) أنه رأي الإمام في حجر والده(4).

الصفار يروي عن محمد بن عبد الله المطهري عن حكيمة بنت محمد بن علي(علیه السلام) عمة الإمام العسكري (علیه السلام) تروي قصة ولادة الإمام،(5) حتى ابن زكريا يروي عن محمد بن علي عن حكيمة بنت الإمام الهادي قصة ولادة الإمام(6).

ص: 89


1- إكمال الدين وإتمام النعمة: 409/ ح 9.
2- إكمال الدين وإتمام النعمة: 979/ ح 26.
3- كتاب الغيبة للطوسي: 201/ ح 221.
4- إكمال الدين وإتمام النعمة: 473/ ح 25.
5- تاب الغيبة للطوسي: 236/ ح 204.
6- كتاب الغيبة للطوسي: 238 ح 206.

وكذلك الشيخ الطوسي في غيبته عن الشلمغاني - قبل ارتداده - يروي عن إبراهيم بن إدريس أنه رأى الإمام في بيت والده.(1) هذه الروايات عن أشخاص مختلفي الطوائف ومن مختلف الأصقاع والأمصار، كلهم قد رأوا الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وهو طفل في حجر والده، والإمام الحسن العسكري (علیه السلام) . يقول لهم: هذا ابني إمامكم وهو خليفة الله في الأرض وهو ابني، وهذا هو الذي وعد الله سبحانه وتعالى أن يملأ الأرض به قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.

فبعد هذه الشهادات كلها واختلاف الأشخاص واختلاف الرواة، ومع اختلاف الناس يمكن أن نحكم عادة باستحالة اجتماعهم واتفاقهم على الكذب.

وقد قلنا في معنى التواتر: هو أن يحصل عدد الرواة - في رواية - بحيث يمتنع اجتماعهم على الكذب عادة، ولا أتصور أن هذا النحو من التواتر تحقق واضحة إلا لجده علي بن أبي طالب (علیه السلام) في يوم الغدير. وكأن الله سبحانه أراد أن يتم الحجة على عباده بهذا التواتر الذي تحقق.

ص: 90


1- كتاب الغيبة للطوسي: 245/ ح 214

وملخص القول: قد أصبحت لدينا أربع طوائف من الروايات: الطائفة الأولى: وهي الروايات المشتركة عن المعصومين علي من زمن رسول الله إلى الإمام العسكري العي، وتذكر هذه الروايات الإمام الثاني عشر بصفاته وخصوصياته المختصة، وأنه من أولاد الإمام الحسين، وأنه يظهر الله الحق على يديه الشريفتين.

هذه الروايات فقط تذكر صفات الإمام (سلام الله عليه) كغيبته وضلال الناس فيه وحيرتهم وغيرها.

الطائفة الثانية: التي ذكر فيها أنه التاسع أو أنه السابع... وهكذا، بل في بعض الروايات ذكر اسمه الشریف.

وهذه الروايات وردت عن الإمام الحسن والإمام الحسين علیهما السلام وهكذا إلى الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) ، إمامة بعد إمام، كلهم وردت الروايات عنهم في هذه الطائفة.

الطائفة الثالثة: أولئك الذين رأوا الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وهو طفل في بیت والده أو في حجر والده الإمام العسكري (علیه السلام).

ص: 91

الطائفة الرابعة: وهم الذين سمعوا من الإمام العسكري (علیه السلام) أومن خدام الإمام أو عمة الإمام (علیه السلام) الية ولادة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه).

وهذه الروايات لا يشترك بعضها مع بعض إلا نادرة، لأن الروايات مختلفة بالسلسلة، فهذه في سلسلة وتلك في سلسلة وهذه يرويها شخص وتلك يرويها آخر، وهذه الظاهرة كانت موجودة إلى زمان كتابة كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة للشيخ الصدوق قدس سره، وقد استمرت سلسلة هذه الروايات وسجلت في كتب أصحابنا مثل: كتاب الغيبة للشيخ الطوسي قدس سره، وكتاب الغيبة للنعماني قدس سره، وكذلك كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة للشيخ الصدوق قدس سره وأيضا كتاب الكافي للشيخ الكليني قدس سره، وبعد ذلك صاحب البحار الشيخ المجلسي ثنى حيث قاموا بجمع هذه الروايات في كتبهم.

وبعد هذا التواتر ومع أجلى نصوصه هناك رواية معتبرة عن الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) نفسه: تنص على أنه ولد الإمام الحسن العسكري(علیه السلام) وابنه.

ص: 92

ومع ذلك كله يدعي ابن تيمية وإحسان إلهي وغيرهما من أصحاب الأقلام المأجورة في العصر الحديث بأن وجود الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) خرافة والعياذ بالله.

ومع المعاجز التي ظهرت عند ولادته (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ولكن لأنهم يجهلون حقيقة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يعتبرونه مثل أئمتهم الذين يدرسون ويجتهدون كعامة الناس.

فهذه الأمور لا تدركها عقولهم التي طفحت بالنفاق، ولكن القلوب المملوءة بالإيمان تقبلها و تؤمن بها.

ولست أدري كيف يعتقد المنكرون لولادة المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بحياة إبليس والخضر إلى يومنا هذا، مع أن إبليس خلق قبل آدم(علیه السلام) والخضر (علیه السلام) عاصر موسى (علیه السلام).

هذا مضافة إلى أن الشك في بقاء الإمام حية إلى يومنا هذا شك في قدرة الله سبحانه وتعالى، وما دامت الحياة والممات بيد الله سبحانه وتعالى فإذا أراد الله أن يبقي شخصا حية إلى آخر الدنيا كان

ص: 93

ذلك ووقع، هذه قدرته سبحانه وتعالى وهو «لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»(1).

ولا عما يفعل وهم ولا أظن بعد هذه المطالب التي ذكرناها يبقى عاقل شاكا بولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

اللهم اجعلنا من أنصاره والذابين عنه والمستشهدين بين يديه، اللهم أرناالطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، اللهم صل على محمد وآل محمد.

والحمد لله رب العالمين

ص: 94


1- الأنبياء: 23.

الإجابة على أسئلة الندوة الثالثة

س 1/ البعض يدعي أن هناك روايتين عن حكيمة عمة الإمام العسكري (علیه السلام) تصرح بولادة الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لكنهما ضعیفتان سند ومختلفتان مضمونة، إذ تقول إحداهما: إن الطير هو الذي أخذه و غيبه والثانية ليس فيها ذلك؟

ج1/ ذكر في إحدى الروايتين: أن الطير أخذ الإمام لفترة وجيزة ثم إن الله سبحانه وتعالى أرجعه إلى أبيه الإمام الحسن العسكري (علیه السلام)، ولا تعارض بين الروايتين، إذ أن إحداهما تذکر هذا الأمر والأخرى لا تذكره، واختلاف الروايات في بعض الخصوصيات في قصة طويلة مع وجود كثير من الروايات الدالة على وجود الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لا يكون لها أثر أبدا.

ص: 95

س / هل أن ظهور الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) له علاقة طردية بملأ الأرض ظلم و جورأ، أي كلما ملئت ظلما وجورة اقترب ظهور الإمام؟ وهل هذا الإملاء للظلم والجور حتم، أي إن لم تملأ الأرض ظلم و جورة سوف لا يظهر الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج2/ ليس المقصود من هذه الكلمات الواردة في الروايات هذا المعنى، بل المقصود من ذلك أنه بعد ما طالت الفترة وطغی الطغاة على الأرض، وبعد ارتداد الناس والإجحاف الذي حصل بحق الدين وحماته امتلأت الأرض فسادا وظلمة، وهذا الامتلاء لا يمنع أن يكون أو يبقى هناك مؤمن، وإلا من أين يأتي الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بأنصار له، فالمقصود من وراء ذلك أن المؤمنين من أمة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) لا تأخذهم الحيلة ولا يأخذهم بذلك الضعف، حيث أن امتلاء الأرض لا يعني أنه لا يبقى حق، بل الحق يظهر ولو امتلأت الأرض ظلم وجورةوفسادا.

س3/ هل يمكن التوفيق بين ما روي عندنا وما روي عند العامة أن المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يولد آخر الزمان ونحن نقول أنه مولود؟

ص: 96

ووجه التوفيق أن العامة عندهم السنة منحصرة بقول النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وحين بشر بالمهدي لم يكن مولودا!

ج3، ليس هذا التزاما بالروايات التي وردت عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) كما قلت في الجلستين السابقتين . فكلها تقول (يظهر)، (يولد آخر الزمان، ولكن ما هو المقصود بآخر الزمان؟ لقد وصف آخر الزمان بالقياس إلى عدد الأئمة علیهم السلام فهو آخر الزمان، وكلمة آخر الزمان كلمة إضافية لا يمكن تحديدها، والذي ذهب إليه جمع وما قلته بخدمتكم في الجلسة السابقة والأسبق هو أن الروايات الواردة في كتب أبناء العامة أغلبها تقول: إنه سيظهر، وهناك روايات تقول: ولد وسيظهر، وبهذا يمكن الجمع والتوفيق بين الروايات.

س4/ وردت في دعاء العهد هذه الآية من القرآن الكريم: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ»(1) فما المقصود بفساد البحر؟

ج4ليس هناك من يسكن في البحر ولكن لكون الأرض متصلة و كون القارات كذلك عبر عنها بالبر والناس الذين يعيشون في الجزر المحاطة بالماء عبر عنهم بالبحر.

ص: 97


1- الروم: 41.

س5/ قال أبو جعفر (علیه السلام) إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وكملت به أحلامهم(1)، إذا لم يكن للمعجزة دور في عصر الظهور فما هو الرد على هذا الحديث في قول الإمام: «وضع الله يده على رؤوس العباد»؟

ج5/ نعم، بالعكس ئل كثير من المحققين والعلماء: ما السبب في أن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وكذلك أمير المؤمنين لم يتمكن من فتح الأرض كلها! وكيف يتمكن الإمام المنتظر من ذلك؟ فأجاب: إن وسائل أمير المؤمنين (علیه السلام) والرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) كانت عادية طبيعية، وأما الإمام المنتظر(عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) فإنه يكون مؤيدة بالمعجزات٫ والقوة الخارقة وبذلك يتمكن من ملء الأرض عدلا وقسطا.

س6/ كيف يمكن مواجهة الدول المسماة بالعظمى التي تملك أسلحة مدمرة، القليل منها يدمر العالم، فضلا عن الكثير في حالة عدم تحقق المعجزة؟

ج/ ممكن أن ينتشر الإسلام في تلك الدول وتصبح هذه الأسلحة بأيدي المسلمين بدون تعب، أليس الله قادرة على ذلك!

ص: 98


1- لاحظ: مختصر بصائر الدرجات: 117؛ بحار الأنوار 52: 339/ ح 71.

س7/ من المعروف من خلال الروايات أن النداء في شهر رمضان والظهور في شهر محرم ألا تشكل هذه الفترة بين الشهرين خطورة على الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من قبل أعدائه؟

ج7/ الله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهو سبحانه يفعل ما فيه مصلحة للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

س8/ ما هو دورنا - نحن المكلفون - في زمن الغيبة وخصوصا في هذه الأيام التي امتلأت بالفتن؟

ج 8/ أشرنا سابقا إلى أن علينا الالتزام بالدين والتقوى، وخصوصا نحن طلاب العلوم الدينية نقدم لعامة الناس العون وبذلك نهدي الناس إلى الصراط المستقيم، والعمل معا قولا وفعلا فردية واجتماعيا.

س9/ مع إمكان وإقرار رؤية الإمام فهل عاصرتم أو سمعتم من عاصرتموه التشرف برؤيته (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في مدة حياتكم الشريفة؟

ج9/ قلنا في الجلستين السابقتين أننا منعنا من ذكر اسمه الشريف فضلا عن ذكر اللقاء به، ومن رآه إن لم يسمح له

ص: 99

الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بذكره لا يجوز له أن يذكره، نعم سمعنا ذلك لعله أكثر من سماع ولكن لا يجوز التفوه بذلك.

س10/ ورد في الروايات: إن الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يقتل قتلة الإمام الحسين (علیه السلام) ، فأين هم في زمن ظهوره؟ وورد في الأحاديث أنه يقتل قتلا كثيرة؟

ج10/ الروايات التي تتعرض إلى خصوصيات أحداث ظهوره روایات مختلفة، ويصعب التكهن بكل ما يحدث في زمان الظهور، و التي ذكرتها من هذا القبيل

س 11/ ورد في الأحاديث أنه يظهر في عدد من السنين الفردية إلى غير ذلك، أفلا يعتبر هذا توقيتا؟

ج 11/ ليس هذا توقيتا، بل هو من قبيل القول بأنه (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يظهر في آخر الزمان، والتوقيت هو ذكر اليوم والشهر والسنة.

س 12/ هل الروايات التي ذكرتموها وردت في كتب أبناء العامة مثل الصحاح وأنكروها أم لم ترد أصلا؟

ج 12/ الروايات في كتب أبناء العامة تشير بكثرة إلى، أنه (علیه السلام) سيظهر، أما ولادة شخصه فالروايات في كتبهم قليلة.

ص: 100

س13/ يقال: إن عدد أصحاب الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بعدد أصحاب بدر، فهل هذا العدد هو عدد قادة الجيوش أم عدد الناصرين للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج13/ لا أعتقد أن يكون عدد الناصرين منحصرة في (313) فقط لأن هذا غير مقبول عق”. وقد علمنا أن الإمام يريد أن يملأ الأرض عدلا وقسطة بالقوة وبالسيف فيمكن أن يكونوا قادته حسب میزاننا أو قادة جيوشه أو مثل ما يقال برلمانه المقدس.

س14/ ما اسم أم الإمامد(عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ونسبها؟

ج14/ وردت عدة أسماء: نرجس وصیقل وقيل وحكيمة وأسماء أخرى، ونسبها ينتهي إلى بعض حواريي عیسی بن مريم (علیه السلام) و كانت في بلاد الكفر والإمام بشرها فأسلمت ثم هاجرت إلى البلاد الإسلامية في قصة طويلة مذكورة في الكتب.

س 15/ هل أصحاب الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) (313) يمتازون بصفات مناصب أو مراکز اجتماعية أو مراکز رئاسية؟

ج 15/ لا يمكن التكهن بذلك، هم أتقياء شرفاء ومطيعون للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، هذه صفة جامعة بينهم، أما غير ذلك فغير مذكور في الروايات.

ص: 101

س16/ هل يشترط بهم الاجتهاد؟

ج16/ لا يشترط الاجتهاد، إنما يشترط التقوى والحكمة والشجاعة والبسالة والطاعة المطلقة.

س 17/ البعض يقول لأجل تقریب ظهور الحجة، لابد من أن ننشر الفساد والظلم في الأرض لكي نمهد للظهور، فهل هذا الرأي صحيح؟

ج17/ هذا من نفحات الشيطان، الله يكره الفساد ويكره المفسدين وسوف يأتي (سلام الله عليه) ويقطع رقاب المفسدين ويذهبون إلى النار بغير حساب.

س 18/ نأمل من سماحتكم ندوة أخرى حول إثبات إقامة دولة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وعلامات الظهور؟

ج18/ علامات الظهور قسمان بعضها تحقق فلا نحتاج إلى البحث فيها، وبعضها لم يتحقق، أما العلامات التي لم تتحقق فهي قليلة جدا مذكورة في كتب الأصحاب، مثل إكمال الدين وإتمام النعمة، والغيبة للشيخ الطوسي قدس سره و کتاب الأمالي، ولا

ص: 102

نحتاج إلى إقامة ندوة، فهذه علامات تكوينية والتكهن بها غير ممكن ولا يعلم بوقتها إلا هو سبحانه.

س19/ هل صحيح أن هناك روايات تذهب إلى أن الإمام المهدي يستشهد على يد امرأة؟

ج19/ هناك رواية لم يثبت سندها، وقد قلت قبل قليل لإخوتي: التكونوا على بينة أن الروايات التي تتعرض لبيان خصوصيات أعماله سلام الله عليه بعد ظهوره مختلفة وإثبات سندها مشكل، ولا يمكن الجزم بشيء من الخصوصيات الجزئية لما يحدث في زمان الإمام بعد ظهوره الشريف، إنما نقول: إنه يكون حكمة إسلامية حقيقية لا يخاف في دولته أحد من المؤمنين.

س20/ من هم الأبدال؟ وما هو السبيل والمنهج للوصول إلى هذه المرتبة العالية؟

ج20/ لا سبيل إلى ذلك إلا تقوى الله، ويتم ذلك تحت إشراف وهداية وإرشاد رجل عاقل فاهم عالم حتى يرشد الإنسان إلى كيفية الالتزام بتقوى الله و كيف يسري إلى تزكية

ص: 103

النفس وطهارة النفس، وكل ذلك يحتاج إلى البحث والعلم والفحص والعمل.

س 21/ ما هو رأي سماحتكم حول الولاية التكوينية للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، مع توضيح الولاية!

ج 21/ الولاية التكوينية، هذه كلمة ترددت على ألسن الناس... إن الولاية التشريعية تعني تشريع الأحكام، فالله تعالی شرع الدين والأحكام على يد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) ، والأئمة علیهم السلام كانوا موضحين ومفسرين لتلك الأحكام، نعم إذا تمكن أحد من الأئمة علیهم السلام . كما حصل ذلك لأمير المؤمنين (علیه السلام) لفترة محدودة والإمام الحسن (علیه السلام) لفترة وجيزة جدة - أشهر فقط - من إقامة سلطة ظاهرية فإنه يفتقر إلى تشريع بعض الأحكام، مثل قوانین المرور، والشرطة، والأمن والمخابرات.. ونحو ذلك، هذا المقدار من التشريعات بيد الإمام، وهذه من ملازمات الولاية العامة، أي السلطة التشريعية.

وأما الولاية التكوينية بمعنى أن يكون غير الله تعالى - كأحد المعصومين - له تصرف في الأحياء والإماتة وما إلى ذلك، فإن كان

ص: 104

المقصود به أن الله تعالی استقال (العياذ بالله) فهذا كفر وإلحاد، وقد نفى الله سبحانه وتعالى هذا المعنى، وقال في كتابه: (كل يوم هو في شأن»(1) ونسب هذا الفكر إلى اليهود لعنهم الله: «وقالت اليهود يد الله ملولة»(2)

وإن كان المقصود أن المعصوم ربما يتمكن من التصرف في التكوينيات بعنوان الإعجاز فذلك من صميم معتقدات الإمامية.

والحمد لله رب العالمين

ص: 105


1- الرحمن: 29.
2- المائدة: 14.

ص: 106

الملاحق

*لقاء أجرته مجلة (الانتظار)

الفصلية مع سماحته دام ظله

*لقاء أجراه مركز الإمام علي مع

سماحة المرجع دام ظله

ص: 107

ص: 108

*ملحق

لقاء مع سماحة المرجع الديني الكبير الشيخ بشير حسين النجفي دام ظله أجرته مجلة (الانتظار) الفصلية

س 1/ شيخنا الأجل بعد تعريفكم لمفهوم الانتظار قد يتداعى إلى الذهن أن الانتظار بحالته السلبية هو ما تعنيه المفاهيم المطروحة، وبحالته الايجابية هو ما لم تحدده رؤيتنا الفعلية للانتظار؟ إذن كيف تنظرون للانتظار بحالتيه السلبية والايجابية في ضوء روايات الأثمة علیهما السلام والواقع الفعلي المعاش والحالة النفسية التي يعيشها؟

ج1/ الانتظار من التنظر وهو توقع الشيء، والانتظار المأمور به في المقامهو توقع دولة الحق على يدي الموعود والمؤمل

ص: 109

من لدن آدم (علیه السلام) وإلى زماننا هذا، والمستفاد من الروايات أن دولة الحق موعودة وعد بها الله سبحانه عباده الصالحين وأنه يأتي يوم يحكم الحق البسيطة كلها تحت راية السلطان العادل قال الله سبحانه: «ولقد كتبنا في الثور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون * إن في هذا البلاغا لقوم عابدين»(1)

والذي ينبغي أن يلتفت إليه في هذا الشأن ضمن هذه العجالة أمور:

الأمر الأول: إن الانتظار واجب بحكم العقل والشرع، أما العقل فلما نعلم من طبيعة البشر أنه لا يندفع إلى فعل ولا ينبغي أن يندفع إليه إلا إذا أحرز أنه يؤدي إلى ما يرغب فيه ويتمناه، وتوقع الوصول إلى البغية يدفعه إلى العمل، فالتوقع والانتظار لدولة الحق على يد الإمام المنتظر ل مقدمة أساسية ومنطلق فكري وعملي نحو بذل الطاقة والجهد في سبيل الوصول إلى تلك البغية.

وأما الشرع فقد ورد الأمر بالانتظار في كثير من الروايات فبلغ حد التواتر بل في بعضها أن الانتظار من أفضل الأعمال في

ص: 110


1- الأنبياء /105-106.

عصر غاب عنه الحق عن البسيطة وأصبحت الأرض بيد الطغاة يلعبون بالصالحين وبمقدراتهم بل مقدرات الشعوب كلها حسب ما تشتهي نفوسهم وتدفع إليه أهواؤهم فعن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ضمن حدیث (انتظار الفرج عبادة) وعن أمير المؤمنين (علیه السلام)؛ وكان قد سأله رجل عن أحب الأعمال إلى الله سبحانه قال: «انتظار الفرج» وعن علي بن الحسين علیهما السلام((إن أهل زمان غيبته (علیه السلام) القائلين بإمامته المنتظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان لأن الله تعالی ذكره أعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (علیه السلام) بالسيف، أولئك المخلصون حقا وشیعتنا صدقة والدعاة إلى دين الله سرا وجهرة، وقال (علیه السلام) انتظار الفرج من أعظم الفرج، وفي رواية عن الإمام علي (سلام الله عليه) «انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، وإن أحب الأعمال إلى الله (علیه السلام) انتظار الفرج»، وعن أبي جعفر (علیه السلام) عن جده رسول الله أنه قال: «اللهم لقني إخوتي» مرتين، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا، إنكم أصحابي

ص: 111

وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم.

وعنه (علیه السلام) عن جده رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أفضل العبادة انتظار الفرج، وعن الإمام الصادق (علیه السلام) أنه قال: «من مات على هذا الأمر منتظرة له هو بمنزلة من كان مع الإمام القائم في فسطاطه ثم سكت هنيئة ثم قال: هو كمن كان مع رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) .

وعن الإمام موسى الكاظم (علیه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله (عز و جل)»، وعن الإمام الرضا (سلام الله عليه) وقد يل عن شيء من الفرج فقال: «أليس انتظار الفرج من الفرج» وغير ذلك من الروايات الشريفة المادحة للانتظار والمنتظرين والتي بلغت أكثر من سبعین رواية تدل على وجوب الانتظار.

الأمر الثاني: إن الانتظار لشيء مهم كما يدفع الإنسان إلى التهيؤ والإعداد والاستعداد لما يتوقعه وينتظره، كذلك يقض مضجع العدو المعاند للحق، وقد سطر في التاريخ كيف كان الطغاة يخافون وجود الإمام المنتظر وولادته على غرار خوف

ص: 112

فرعون من ولادة موسى حتى ذبح ما لا يعلم عدده من الأطفال ليحول دون ولادة موسی (علیه السلام) ولكن الله بالغ أمره، وقد سعى بنو العباس ومن قبلهم بنوأمية لقطع نسل الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) وذرية علي (علیه السلام) طمعا في الدنيا وحذرة من مجيء دولة الحق، وكانت أيام الغيبة الصغرى وما تلتها من الأيام موحشة ومربكة لبني العباس فكانوا يبحثون عن الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وعن وكلائه وعمن يدل عليه بحث الخرزة، فكانوا يقتلون كل من يسمعون منه كلمة تدل على إيمانه بالغائب، فبقاء العدو في قلق واضطراب وفقد الطمأنينة وتخبطه خبط عشواء من الفوائد المهمة المترتبة على الانتظار.

الأمر الثالث: لا شك في أن إقامة دولة الحق على أنقاض نظم الفساد والجور وإقامة صرح العدل بعد هدم قصور الجور والطغيان، يتوقف على الإعداد النفسي، فلو حصلت تلك الدولة من دون الإعداد النفسي الكامل وإصلاح العقول التي شوشت وانحرفت عن نهج التفكير السليم، وأصبحت ترى في كثير من الأحيان الباطل حقا والحق باط، وكذلك الأجسام التي تعودت

ص: 113

على حب الدنيا والعيون التي تأثرت وتغوشت بمباهج الحياة الدنية الخلابة، يكون مصير تلك الدولة مصير سلطة الإمام علي بن أبي طالب والإمام الحسن علیهما السلام فإن الأسباب الطبيعية لم تكن مؤاتية والنفوس لم تكن مستعدة لدولة الحق والظلمة التي سيطرت عليهم بعد وفاة رسول الله ومحو ملامح السلطة العادلة عن النفوس واختفاء جل القلوب الطيبة في تلك المدة التي جاوزت ثلاثا وعشرين سنة، فالظروف التي نعيشها اليوم تشبه تلك، فلابد من إصلاح الأنفس بزرع محب الدين وحب العدل والإنصاف و كره الظلموالفساد إعدادا للنفوس لتقبل. الحق.

الأمر الرابع: يجب إعداد الظروف الخارجية لنشر الحق وإعداد الأنصار للدين ونشر الوعي بين المسلمين أولا وبين غيرهم ثانية جلبة للنفوس الصالحة للهداية، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات الشرعية والعقلية والاجتماعية، فما لم يكن هناك أنصار بعدد واف لنصرة الحق، وما لم يكن هناك وعي كاف لاحتواء الحق، وما لم يكن هناك ما ينبغي تهيئته لاستقبال دولة الحق، لم يكن وجه لبدء إقامة

ص: 114

تلك الدولة والاستعجال في مثل هذه الأمور بالتأكيد سيأتي بنتائج وخيمة ويفوت من ذلك أعظم المقاصد.

الأمر الخامس: يجب إتمام الحجة على كل مناوئ للحق ومعاند له، لأن دولة الحق سوف تحاسبهم، فلا ينفع الانصياع للحق حين إقامة العدل ووقت المحاسبة وإنزال العقوبة على كل ظالم غاشم وغاصب و مفسد، وإلى هذا المعنى أشير في عدة آیات قرآنية منها قوله سبحانه: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(1) وقال تبارك وتعالى: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(2)، وفي هذه الآية إشارة إلى الحجج الواهية التي يتشبث بها المعاندون للحق: «وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ۖ فَقُلْ

ص: 115


1- الأنعام / 158.
2- الأعراف /71.

إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ»(1)، وفيه إشارة إلى استعجال أهل الباطل بما لا يؤمنون به ويسخرون ويستهزؤن به، وإلى هذا المعنى أيضا اشار تبارك وتعالى بقوله: «فهل ينظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانظروا إني متكم من المنظرين)(2)، وقال جل وعلا: فاعملوا على مكانتكم إنا عاملون * وانتظروا إنا منظرون)(3)، وفيها تحذير واضح للمعاندين لثلا تهدأ نفوسهم ولا تهنأ معيشتهم بما نالوا بالظلم من حقوق المظلومين، وإشارة إلى بعث الأمل في نفوس المحرومین بالبشارة لهم بالانتقام من الظالمين.

والحاصل:

إن الانتظار يشتمل على أمل للصالحين وحثهم على التمسك بالطريقة المثلى، ويحتوي على تحذير للظالمين، وبث روح التضحية والفداء للمخلصين، والدعوة إلى الحق للضالين

ص: 116


1- يونس /20.
2- الأنعام/ 108.
3- يونس/121-122.

والهداية للمنحرفين وإلزام المؤمنين بالإعداد والاستعداد لذلك اليوم العظيم اليوم الذي يظهر فيه الله الحق ويزهق الباطل على يد الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

س2/ هل تعني حالة الانتظار طقوسة تمارس من قبل المكلفين فحسب؟ أم الانتظار يعني ديناميكية العمل، الفكر، الرؤية، الموقف؟

ج2/ الانتظار بمفهومه العقلائي والشرعي لا يعني أبدأ مجرد الترقب والإتكالية واللامبالاة بما يجري حولنا، فالركود والخضوع للواقع الفاسد القائم والمحيط بالنوع البشري عامة والمؤمنين المتمسكين أو الذين يرون أنفسهم متمسكين بالدين بخوع في غير محله وانخداع بمباهج الحياة الخلابة وتسويف في الواجب المنهي عنه وهي وسيلة العاجز أو المتعاجز والخاضع الرغبات النفس وشهواتها التي تجر دائما إلى هاوية الملذات الموهومة العاجلة ويصبح الإنسان في أحضان الكسل ويؤدي به إلى رقية أهوائه بل رقية أهواء كل ظالم وطاغ ويصبح عبدا للشيطان وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: «لا تعبدوا

ص: 117

الشيطان»(1)، بل الانتظار بمفهومه الحركي الذي أشارت إليه الروايات، يعني أن يكون الإنسان دائما منشغلا في إعداد نفسه أولا وإعداد من حوله من أفراد عائلته وأسرته وعشيرته وقومه معرجا إلى من بعد عنه، وذلك استعدادا لإشعال الثورة المهدوية حين تحل ساعة الصفر.

ويجب أن يعلم أن أول خطوة في هذا السبيل تتمثل في إصلاح النفس الذي يمر بمراحل التخلية والتحلية ومرحلة الاتصال المباشر من خلال التصفية وإصلاح النفس لتتفتح عليه أبواب الرحمة الإلهية ويتمكن من تلقي الأوامر الصادرة من الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، حين تصدر ويصل الإنسان مرحلة من الاندماج الروحي مع الحب والطاعة والإخلاص بأن تصبح أنفاسه بل كل حركاته وسكناته بل حتى خلجات قلبه صعود ونزول أنفاسه طوع إرادة الشرع المقدس، ويصبح مؤمن حقة خالية من الملكات الرذيلة كالحسد والجبن والبخل والميل إلى الشهوات

ص: 118


1- یس: 60.

في غير الإطار الشرعي، فديناميكية العمل تنطلق من نفس الإنسان الحركي، حتى يصبح في حالة لا يخضع معها إلا الله (عز و جل) ولا يحب إلا ما يحبه الله ولا يكره إلا ما يبغضه الله أو يسخطه، ليكون مثالا لعائلته وأسرته ولكل من يحيط به، ويكون بكل موقف من مواقفه داعية لمبدأ المهدوية، ويكون بعمله قبل قوله وبسلو که قبل لسانه داعية للحق، ويصبح واقعه يمثل واقع سلمان وأبي ذر وعمار بن یاسر، حيث كان كل عملهم إعداد الأرضية الصالحة لتقبل سلطة علي ابن أبي طالب (علیه السلام) حينما فقدها (سلام الله عليه) نتيجة تآزر من غرته الدنيا وباع حظه من الآخرة بالأرذل الأدني في مرحلة، وأثر صغاية من صغى لضغنه ومیل من مال لصهره مع هن وهن، كما وصفه الأمير (علیه السلام) في مرحلة أخرى، فكان عمل هذه النخبة صياغة أنفسهم في القالب الإسلامي صياغة واقعية لا يخرم عملهم وسلوكهم ما رسم لهم الشرع المقدس، وفي المرحلة التالية إيصال كلمة الحق إلى كل من يمكن إيصاله إليه، وإتمام الحجة على الكل و تنبیه من يمكن تنبيهه وفضح الحكام الجائرين وإلفات الناس إلى

ص: 119

همجيتهم وابتعادهم عن جادة الصواب، وإطلاع الناس على عمق المصيبة التي هم فيها، فيجب أن يكون المؤمن في زمن الغيبة في مرحلة الانتظار مثالا لأولئك الأبطال الذين رسموا الطريق للثائرين بأحرف من نور ولونوها بل زینوها بدموعهم على الواقع المرير، وبدمائهم الزاكية أشعلوا السرج لينيروا الدرب لكل من أراد الهداية ورغب في الحق.

وأما الأدعية التي وردت في المصادر المعتبرة والتي أمرنا بالالتزام بها في زمن الغيبة الكبرى وزمن الانتظار، فهي في الواقع لا تعني الركود والخضوع للواقع الفاسد، بل إنها تعني توثيق الروابط بين المؤمن وبين ربه، ليستمد منه تعالى العون على نفسه من جهة و على الآخرين من جهة أخرى وعلى الطغاة من جهة ثالثة، ويستمد منه النور ليهتدي به إلى طريقه في ظلمات الظلم والطغيان والانحراف الخلقي والديني والإنساني، كما أن هذه الأدعية تشتمل على معان تومئ إلى ما عليه الواقع المنحرف الذي نعيشه في زمن الغيبة بل منذ اضطرار الإمام الحسن المجتبى (علیه السلام) إلى المهادنة مع ابن آكلة الأكباد، فهذه

ص: 120

الأدعية تشتمل على التوعية وإنكار المنكر وفي النتيجة هي تحث وتدعو إلى العمل بما يؤدي إلى زوال هذا الفساد عن الأرض، فهذه الأدعية ليست طقوسة تقليدية تدعو إلى الركود والانصياع للواقع الفاسد. كما يتخيل . ولا ينخدع المؤمن بالتفسير الخاطئ الذي قد تنزلق إليه الأفهام للروايات التي تدل على الابتعاد عن الفتن و مثيريها مثل: كن في الفتنة كابن اللبون إلى.. آخره، أو: الزم بيتك حتى تسمع الصيحة إلى آخر ما يدل على هذه المعاني، فإنها تعني كما يظهر بالتأمل فيها ضرورة الأخذ بعين الاعتبار - في مقام العمل لخدمة الدين وإصلاح المجتمع - الظروف التي تحيط بالإنسان، فيكون تحرك كل عاقل بملاحظة تلك الظروف، كي لا يؤدي به العمل إلىالإفساد بدلا من الإصلاح، فإن التحرك من كل شخص في كل ظرف من حيث المقتضيات والموانع والحاجات ضمن إطار يخصه ولا يعني أبدأ الانصياع لما يريد الطغاة ويطلبه شياطين الإنس والجن.

ص: 121

س3/ ماذا تعني علامات الظهور في نظركم: إنذار، بشارة، تأسيس رؤية مستقبلية جديدة؟ أم لا هذا ولا ذاك؟ إنما سرد التكهنات أو احتمالات المستقبل؟.

ج3/ علامات الظهور المنصوصة في المصادر الموثوقة تقتضي أمورا:

1. إنها تدعو حین بروزها إلى إحراز الاستعداد بمرتبة أعلى في النفس لتلقي الواقع الجديد الذي يبتدئ من بدء مرحلة ظهور الحق، ومنطلق شرارة الثورة المهدوية الشاملة.

2. إنها تبعث النفوس على أمل بقرب ظهور الحق وهو يساعد على شد العزائم ورفع المعنويات في النفوس، التي ربما تكون مفتقرة إليها.

3- تبعث تلك العلامات على الوعي إلى حالة جديدة تتطلب التكليف العملي والواقع الجديد والإعداد اللازم للمرحلة القادمة التي تكون مختلفة عما نعيشه، كما أنها إنذار لكل من استولت عليه الغفلة، ومن استهان بالواقع المهدوي جهلا منه بحقيقته، وتلك العلامات تساعد على مقاومة دواعيالخمول وبواعث

ص: 122

الركود وقطع دابر اليأس الذي ربما يتسلل إلى النفوس من طول الانتظار وشدة ظلمة المحنة التي نعيشها، كما إنها تشير إلى دنو ساعة الصفر التي تعني الاستعداد والإعداد بأعلى مرتبة ولا تعني أبدأ التكهنات التي يتشبث أو ويتعلل بها الراغبون في الركود ويتسلی بها من يرغب في ظهور الحق طمعا في الراحة الدنيوية.

س4/ إذا كنا نلمس منكم الاهتمام بمعرفة علامات الظهور، إذن كيف نتعامل سندية مع تلك الروايات، التسامح السندي أم التشدد السندي أم الحالة الوسطية التي تحفظ الإطار العام العلامات الظهور؟

ج 74 ربما يتخيل البعض أن الروايات التي تتعلق بالتاريخ سواء كانت تتحدث عما مضى من الحوادث أو تحكي عما في المستقبل القريب والبعيد، لا ينبغي الاهتمام بسندها ما لم تتضمن حكمة شرعية ويكتفي بورودها في الكتب المعتبرة، وعلى ألسنة من سبق وفحص ومص الأخبار والأحاديث، فمثلا يكتفي بوجود الرواية في الكافي ونحوه من المصادر المعتبرة لدى أهل التحقيق والتمحيص، إلا أن هذا المبدأ لا

ص: 123

ترتضيه، لأن الرواية مهما كان مضمونها فهي تشتمل على نسبة فعل إلى شخص ما أو تصفه بوصف ما ونحوها من الأمور التي لا يصح نسبتها إلى أحد ما لم يكن هناك مسوغ ومبرر، وينحصر في وثاقة الخبر أو وثاقة الراوي، نعم ربما يكون كثرة الروايات في شأن قضية معينة توجب الاطمئنان بحصولها في ظرفها وإن لم يمكن التأكد من الخصوصيات المرتبطة بها والمحيطة لها وذلك شيء آخر بعيد عن المبدأ الذي نتحدث عنه، وينبغي أن يعلم أنه ربما يجد الباحث في كلمات بعض المحققين ما مغزاه عدم ضرورة التمحيص والبحث عن سند القضايا التاريخية، ولكن ذلك ليس منه التزاما بمضمون تلك الروايات، بل يعني في معظم الأحيان ما أشرنا إليه، أو أنه يعلم قصور الأيدي في العصور المتأخرة عن التأكد من صحة الأخبار التاريخية لانعدام العلم بالوسائط التي وصلت الأخبار إلينا عن طريقهاء

وهناك مبدأ آخر . قد يظهر الميل من بعضهم إليه . وهو أن الأخبار التاريخية ومنها روایات علامات الظهور تندرج في

ص: 124

قاعدة التسامح في أدلة السنن، وهو خبط وخلط؛ لأن قاعدة التسامح . مع الشك في ثبوتها بل نفیناها في محله . مغزاها هو الالتزام بروايات من بلغ التي مفادها أنه من بلغه عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ثواب على عمل وعمل به رجاء ذلك الثواب الموعود، فالله سبحانه يمنحه ذلك الثواب کرامة للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ورفقا بالعبدومراعاة العزمه على الطاعة ورغبته في الثواب الإلهي.

وعمم بعضهم مفاد هذه الروايات لتشمل المكروهات أيضا لكن هذا المعنى كما ترى بعيد عن الروايات التاريخية، فإن تصديق الروايات والجزم بتلك القصص المروية غير داخل في مضمون تلك الروايات، بل التصديق بقضية ما من القضايا التاريخية الماضية أو المستقبلية يعني التصديق بما لم يثبت، وربما تصل الحال بالمصدق إلى الافتراء على أحد من المسلمين أو الطعن والنيل من بعضهم، وأين هذا من ذلك.

والذي نتمكن أن نقوله في هذه العجالة؛ إن الأخبار المشتملة على العلامات صنفان:

ص: 125

ما يمكن إحراز مقومات الاعتبار والحجية فيه خصوصا ممن يرى كفاية وثاقة الراوي أو وثاقة الخبر بنحو العموم، ويكتفي بكل واحد منها، فالناظر الناقد البصير قد يتمكن من إحراز وثوق الخبر من القرائن المحيطة به أو التي اشتمل الخبر عليها أو القرائن البعيدة الموجودة في بعض الروايات المعتبرة، ومغزی هذا الاتجاه الالتزام بصنف واحد من هذين الصنفين، والذي يتم من الأخبار على هذا المقياس ويخرج سليما من الخدشة بقسطاس مستقیم قليل جدا، ولنا اتجاه آخر قد ننتهجه ونرجحه وهو يتمثل في النظر إلى مجموع روایات العلامات إنها بجملتها تتحدث (ولاسيما التي تتحدث عن العلائم الحتمية مثل الخسف في البيداء والصيحة بين السماء والأرض وبزوغالشمس من المغرب و كسوف الشمس في وسط الشهر وخسوف القمر في أوله على خلاف الموازين الهندسية والجغرافيا الفلكية..)(1)، إنها

من الثوابت بنحو التواتر أن التوقيت في مسألة الظهور محال ومن يدعي ذالك فهو كاذب فقد ورد عن أئمة أهل البيت علية عن سلمة بن الخطاب،

ص: 126


1- من الثوابت بنحو التواتر أن التوقيت في مسألة الظهور محال ومن يدعي ذالك فهو كاذب فقد ورد عن أئمة أهل البيت علية عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن کثیر، قال: كنت عند أبي عبد

الله (علیه السلام) الية إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر، متی هو؟ فقال: (يا مهزم کذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون)، وعن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله اللي قال: سألته عن القائم التي فقال: (كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت الكافي للشيخ الكليني 1/ 398-399، وعن الفضيل قال: سألت أبا جعفر الي هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: (كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون) بحار الأنوار/103-52.

نعم، قد ورد أنه يظهر يوم عاشوراء الذي يصادف يوم السبت، أما في أي سنة فغير معلوم، فنلاحظ إن التوقيت الدقيق ممنوع ومستحيل ومكذب من بدعية، بيد أنه قد وردت علائم للظهور وفي جميعها لا تمت بسنة معينة، فقد روى أبو بصير عن الإمام الصادق الق، أنه قال: (يخرج القائم يوم السبت يوم (عاشوراء) ، يوم الذي قتل فيه الحسين ال) بحار الأنوار 285/52 .

وهناك أيضا قرائن و علائم للظهور ذكرت في رواياتنا متى ما تحققت يتحقق الظهور، من تلك العلائم الحتمية الوقوع التي اتفقت رواياتنا على ذكرها هي:

عن الأهوازي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله التي يقول: قبل قيام القائم الغ خمس علامات محتومات: (اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء) بحار الأنوار للعلامة المجلسي 52/ 209، هذا وذكرت الكثير من العلامات الغير حتمية) الظهوره نورد منها على سبيل الإجمال لا الحصر:

ص: 127

1) ظهور ستين شخصا يدعون النبوة بالكذب.

2) ظهور اثني عشر نفرة من السحرة يدعون الامامة.

3) خراب جدار مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود.

4) ظهور نجم ذي ذنب.

5) ظهور القحط الشديد.

6) وقوع الزلزلة والطاعون في أكثر البلاد.

7) خراب البصرة بيد شخص ملقب بصاحب الزنجز.

8) امتلاء الأرض من الظلم والفسق.

9) عود الإسلام غريبا كما بدأ غريبا.

10) تحلية المصاحف وزخرفة المساجد وتطويل المنائر.

11) اقتران بعض النجوم.

12) انهدام الكعبة.

13) خراب مسجدبراثا

14) خراب بغداد.

15) رکود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر.

16) طلوع الشمس من المغرب.

17) خروج اليماني من اليمن.

18) خروج الخراساني.

19) ظهور المغربي بمصر و تملکه الشامات.

20) اختلاف الرايات في الشام وخراب الشام من القتل والانتهاب.

21) خروج زنديق من قزوین اسمه اسم نبي يسرع الناس إلى طاعته.

22) خروج العوف السلمي من الجزيرة.

23) خروج السمرقندي المسمى بشعیب بن صالح.

24) خروج النار من المشرق.

25) ظهور حمرة شديدة في أطراف السماء.

26) وقوع القتل وإهراق الدماء في الكوفة، وفيها روایات متوافرة.

27) قتل النفس الزكيةفي ظهر الكوفة مع سبعين نفرة من الصالحين.

28) مسخ طائفة بصورة القردة والخنازير.

29) حركة رايات سود من ناحية خراسان.

30) نزول مطر شديد في جمادي الثاني ورجب بحيث لم ير مثله. هذه علامات غیر حتمية، لم نذكر الروايات والتي أشارات إلى هذه العلائم الضيق المقام عن ذكرها.

ص: 128

بجملتها تتحدث عن حدوث أمور غير طبيعية وعلى خلاف ما يقتضيه النظام الكوني القائم المعتاد والذي استأنست النفوس للتعايش معه منذ قرون جيلا بعد جيل، ومعلوم أنه كما يصعب حسب الموازين العلمية المقررة في محلها الجزم بصحة كل واحدة من هذه الأخبار، كذلك نجزم بصدق بعضها ونقطع بعدم كذبها جميعا لكثرتها وتشعب خصوصياتها واتساع دائرة رواتها ومن رويت عنه، فاحتمال التواطؤ على الكذب مرفوض بحكم العادة فعليه هي متواترة إجمالا، ونلتزم بما اتفقت عليه من

ص: 129

المعاني وأبرزها حدوث أمور كونية غير معتادة وهي تمثل إرهاصات لظهور الحق على غرار ما حدث حين ولادة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) ، کسقوط شرف طاق کسرى، وخمود نار فارس فجأة، وغور بحيرة ساوه، وفيضان وادي السماوة وغيرها.. وقد سطرها أهل التحقيق في مصادرهم، فما روي في علامات الظهور يجري في هذا المجرى، فهي تتحدث عن حدوث كوارث أو آیات مقدمة لظهور الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، فهي أشبه شيء بجلبة وهزة نسمعها قبيل وصول الجيش العرمرم بعدته وعدده، وكذلك اهتمام علمائنا الأبرار بهذه الروايات بالجمع والمبالغة في استقصائها في كتب مستقلة أو ضمن مؤلفاتهم الموسعة، ومعلوم أن هناك ارتباطا وثيقة بين التشريعات الإلهية التي تنبعث من ملاحظة المصلحة والحكمة فيها أو في مصبها وبين تسلسل الحركة الكونية والتسابق والتنافس بين الحقائق التكوينية في الانصياع للإرادة الحقيقية المنطلقة من عموم فيض المبدأ الأعلى والرحمة الشاملة والنور الحقيقي الذي أزاح بهم الظلمة عن الكائنات كلها، فاستقت الأودية وارتوت وفاضت بنور ربها

ص: 130

ودارت الممکنات في فلكها، كما يكشف ذلك تقيد التكاليف الإلزامية والاعتبارات الشرعية أو متعلقاتها بالأوضاع الكونية من حيث الزمان والمكان المحيطة بالمكلف مع الأخذ بعين الاعتبار مراحل تكونه وتدرجه في مراقي التكامل التكويني، ويوجب ذلك الارتباط الاحتراز والتدافع والتجاذب حسب تنجز التشريعات والاعتبارات المتشابكة والمتعلقة بمظهر الرحمة الربانية ومحور السعادة الكونية فتظهر بوادر الصلاح بزوال العقبات والعوائق الناشئة من طول الانحرافات من المكلفين وخروجهم الطويل عن الصراط المستقيم المانعة عن سبيل انتشار الصلاح وشموله للعالم كله ضمن إنذار وتحذير لكل معاد وإتمام الحجة على كل مناوئ

س 5/ التعارض في روايات علامات الظهور تعالج كما هو الحال في الروايات الفقهية؟ أم لديكم مبنی آخر تختصون به ؟

ج / التعارض بين الروايات التي تتحدث عن علائم الظهور يمكن معالجته بأحد الأمرين:

ص: 131

1- أن نلتزم بخبر الثقة أو الموثوق الصدور، والذي يحمل هذا الوصف قليل، فتصبح المعارضة بين الواجد لمقومات الاعتبار والفاقد لها فيرتفع موضوع المعارضة.

2. الالتزام بالقدر المتيقن والقاسم المشترك بين الروايات المختصة بهذا الشأن وحينئذ يرتفع أيضا موضوع التعارض، لا أنه يعني صرف النظر عن خصوصيات كل واحد من الروايات وهذا الذي يقتضيه الميزان العلمي، فبالنتيجة نحن ما زلنا في إطار القواعد العامة التي قررناها في الأصول وفي الدراية للتعامل مع الأخبار المتعارضة، وقد أشرنا فيما سبق أنه لا أساس ولا مسوغ للجوء إلى قاعدة التسامح.

س6/ إذا كانت التوقيعات الصادرة عن الإمام (علیه السلام) تعني معايشته و کونه حاضرة في ضمير الأحداث فعلا، فلا يعني الإعراض عن هذه التوقيعات من خلال:

1- عملية الاستنباط الفقهي.

2- التعاطي العملي مع هذه التوقيعات.

3- حالة الحضور التي يعيشها المكلف مع الإمام (علیه السلام).

ص: 132

ج6/ الشمولية في التوقيعات المروية عن المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يوقف الباحث على أمور مهمة جدأ منها: إن كثرة التوقيعات مع اختلاف طرق الوصول إلينا وفي ظروف بالغة التعقيد من جهة وتذمر السلطة الطاغية الغاشمة إبان صدورها وسعي أولئك الطغاة الحثيث في البحث عن الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) والتتبع لكل شاردة وواردة، بل كل لمحة أو إشارة ترمز إلى وجود الإمام أو ترشد إلى من يتصل به من قريب أو بعيد بكل الوسائل الإجرامية من جهة أخرى، كل ذلك يجعل الناقدعلى ثقة من أن هذه التوقيعات لم يكن أحد يتجرأ على روايتها فضلا عن الاحتفاظ بها إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان وكان مستعدة بل متحمس للتضحية بكل غال ونفيس، مما يجعل الناظر على ثقة واطمئنان بصحة سندها ووثاقة صدور جملة من هذه التوقيعات ولاسيما منها ما كان في تلكم الظروف المشار إليها مثل التوقيع المشتمل على قوله (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) : أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا... الخ» فان عقلية حسين بن روح رضوان الله عليها تصف عصر صدور هذا التوقيع وتناقل الشيعة له بأن السيف يقطر دما، فعلى هذا الأساس

ص: 133

يمكن للفقيه أن ينتقي من تلك التوقيعات ما يصلح للاعتماد عليه فيدرجه في مصادر الاستنباط.

ومع غض النظر عن هذا المعنى فإن التوقيعات تعتبر تحدي من الإمام المنتظر ومن شيعته لأولئك الطغاة الذين عميت بصائرهم وفقدوا بصيرتهم بنخوة التجبر وحب الدنيا وعميت قلوبهم باللذة الفانية بل الخيالية التي يستشعرها كل سلطان جائر، فإن هؤلاء رغم تجبرهم وجبروتهم وتوفر الوسائل التي يستعين بها السلطان الواسع السلطنة ذو الهيبة السلطوية على البحث عما پرید- رغم كل ذلك - لم يتمكن أي من أولئك من الوصول إلى غبار مركبه (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ولم يمنع ذلك شيعته عن التمسك به وعن تناقل التوقيعاتالمروية عنه (سلام الله عليه)، فهم أمام غالب منصور مؤيد بروح القدس محفوظ بعناية الله تبارك وتعالى ومحاط بحب شيعته المندفعين والمتسابقين إلى التفاني دونه (سلام الله عليه وأرواحنا لمقدمه الفداء)، وكيف لا يكون كذلك وهو الذي بيمنه رزق الورى وبجوده ثبتت الأرض والسماء وهو بالنسبة إلى العالم كالقطب من الرحی.

ص: 134

وفي ضوء ما تبين نفهم أنه يمكن الاستفادة من التوقيعات الشريفة كدليل على الحكم الشرعي وضمن عملية الاستنباط الفقهي إذا توفرت . فيما يتمسك به من التوقيعات على الحكم الشرعي - المقومات والمؤهلات المعتبرة، كما يمكن اتخاذه مؤيدة لما دل على الحكم الشرعي من الأدلة الأخرى، كما يمكن إحراز الاعتبار من خلال عمل الفقهاء المشهورين استنادا إلى مبدأ التوثيق والجبر بالعمل واكتساب الوهن والضعف من الإعراض، ولكن المبدأ الأخير الذي قبله مرفوض لدى أهل التحقيق في محله.

كما يتضح أنه يمكن الاستفادة من هذه التوقيعات في إسناد الجانب العقائدي لما نعلم من الأثر الجميل الناشئ من النظر في هذه التوقيعات متضامنا مع العقيدة والحب اللا متناهي الذي يحمله كل مؤمن تجاه هذا الإمام المظلوم أمل الحاضر والغائب ومحط نظر الشاهد والبعيد، بل هو محط أنظار كل الصالحين من الدن آدم إلى زمان حضوره وهو مضمر في كل ضمير طاهر، فكل من أحب الحق أحبه مقدار حبه له.

ص: 135

ومن الفوائد البارزة إن لم يكن من أبرزها أن هذه التوقيعات تجعل الناظر فيها والمفكر في معانيها والمترشف لرشحات فيضها يعيش في حالة خاصة يكون فيها مرتبطة بالإمام ارتباطأ وثيقة وربما يستشعر المؤمن المتأمل فيها أنه يعايش الإمام (سلام الله عليه) في غيبته فهو لديه غائب حاضر وحاضر غائب، وهذا المعنى يجعله يجسد الصفات الحميدة التي دعا الإمام إليها من خلال تلك التوقيعات وحث على الالتزام بها، فالتوقيعات تحفة نادرة في عصر الغيبة فهي ملجأ كل لاجئ ومستمسك كل متحير وهداية لكل مهتد، ومن هنا تجد علماءنا الأبرار المختصين بجمع الآثار اهتموا غاية الاهتمام بهذه التوقيعات.

س7/ دعاء الندبة ماذا يعني لسماحتكم؟ تلاوته كإحدى الطقوس العبادية أم هو حالة معايشة يعيشها المكلف مع الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج7/ دعاء الندبة يمكن النظر فيه من عدة جوانب يبدو بعضها سلبية في النظرة البدوية ولكنها مهمة حسب المقاییس العلمية التجريدية، فحينما ننظر فيه من جانب السند نجد أن غير واحد

ص: 136

من المحققين في هذا الميدان المتضلعين في علم الإسناد والأحاديث يرفضون التصديق بصحة هذا الدعاء غير أنهم لا يمنعون من قراءته کدعاء فحسب، فإن فقرات هذا الدعاء تربط العبد مع الله سبحانه شأنه في ذلك شأن كل دعاء روي بسند معتبر أو غير معتبر أو ابتدعه الداعي حسبما يملي عليه غرضه من الدعاء وتدفعه الحاجة إليه، وأما المبدأ القائل بأنه لا ينظر ولا يهتم بإسناد الأدعية فان قصد به ما قلناه فهو ما يستدعيه العلم بالقواعد في باب الدعاء، وإن كان يعني التسامح في النسبة إلى من نسب إليه إنشاء الدعاء فلا يمكن تسليمه أبدأ لتعارضه مع الموازين العلمية.

وفي ضوء ذلك تبين أن دعاء الندبة لا بأس بتلاوته والمناجاة مع الله سبحانه من خلاله وإبراز ما يحسه المكلف أثناء تلاوته لهذا الدعاء مع حضور قلبي وفكري تام بحيث تنطلق الجمل بما تحمل في طياتها من المعاني السامية من عمق ضميره، وتكون الفقرات صوت قلبه وخلجات فؤاده، فيجعل هذا الدعاء المكلف يعيش مع الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في مأساة الغيبة التي ابتليت بها

ص: 137

الأمة نتيجة انحرافها عن الطريق السليم وطغيانها من لدن مواجهة النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) من بعضهم بالتمرد والعصيان والنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) يعاني سكرات الموت بأن وجهت إليه تهمة الهجر وتلاها مؤتمر السقيفة وما ترتب عليه مما لا يعلم سلبياته ومفاسده وتفاصيله إلا الله، فدعاء الندبة تعايش مع الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ومواساة له ويدفع الإنسان إلى خلق الاستعداد وإلى الإعداد الروحي والاتصال الإيماني بالإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، فاعرف أيها المؤمن قيمة هذه المعاني وغيرها الكثير التي يلمسها الداعي ويعجز القلم عن الإحاطة بها والكشف عنها ويقصر عن وصفه، فهي تعرف باللمس الروحي والإحساس القلبي والتعايش مع الواقع، فاقرأ الدعاء واندب ما ندب عليه فيه والله الموفق.

س8/ ما الفرق بين العبارة الواردة في دعاء الندبة «وعرجت بروحه إلى سمائك»(1) وعبارة «وعرجت (به) بوجه إلى سمائك» هل تعني العبارة الأولى مخالفة مفهوم المعاد الجسماني في الفلسفة الشيعية أم هناك رؤية عرفانية يستشعرها القارئ حينئذ؟

ص: 138


1- مفاتیح الجنان / دعاء الندبة .

ج8/جميع الصفات الكمالية وغيرها التي يكسبها الإنسان بالعناية الإلهية أو التي يمنحها رب العالمين بلطف منه ومئة على من و هبه وعلى غيره محورها هو روح الإنسان والنفس التي تدبر البدن وتديره وعلاقة البدن بالروح أو النفس، كعلاقة الحاكم بالمدينة، والربان بالسفينة، والإحساسات التي يستشعرها الإنسان من الألم واللذة والارتياح والانزعاج والخوف والطمأنينة والشعور بالرفعة والانحطاط.. كل ذلك ليس للبدن بل هو للروح، وأما البدن فهو آلة هذه الإحساسات كلها، والكرامة التي يحصل عليها البدن إنما هي لأجل ارتباطه - البدن - بالروح أو النفس، ولذلك البدنالمنفصل أو الجزء منه المنفصل عن الروح انفصالا بتية وتاما لا يحس ولا يشعر بشيء مما أشرنا إليه، فتكريم البدن وشرافته إنما هو لأجل ارتباطه بروح أو نفس معينة، فاعزاز البدن لأجل ارتباطه بالنفس أو الروح، وهو من باب ما يقال شرف المكان بالمكين، وعلى هذا الأساس فالمستقبل للفيوض الإلهية إنما هو النفس أو الروح وبما أنه قرر في محله - في مقام التفرقة بين العقل والنفس - أن الأول مجرد

ص: 139

وغير مفتقر إلى المادة وإلى عالم الناسوت في أفعاله كتجرده واستغنائه عنها في ذاته بخلاف النفس فإنها وإن تجردت عن المادة والماديات ومقتضياتها في ذاتها إلا أنها تفتقر إليها مع مستلزماتها وفي تقبل الكمالات والمنح الإلهية والفيوضات الربانية ولذلك لا تثاب ولا تعذب في الدنيا وفي القبر - عالم البرزخ . وفي الآخرة إلا من خلال الجسم البرزخي أو البدن الذي تمتلكه في الدنيا ويعاد لها في الاخرة.

فتبين من ذلك كله أنه لا فرق من حيث المغزی بین التعبيرين، وأما اختيار أحدهما دون الآخر فيرتبط أولا: بالنسخ الصحيحة وغيرها للدعاء، وثانية: بالجوانب البلاغية فإنه ربما تقتضي مقتضيات البلاغة ربط العروج بالروح مباشرة وأخرى بواسطة البدن، وفي خصوص التعبيرين لو اختير ارتباط العروج بالروح ففيه دلالة على سمو الروح فقط، وبواسطته على علو البدن بخلاف التعبير الثاني؛ إذ فيه دلالة على ارتباط على المرتبة وسمو المقام وشموخ المنزلة بالبدن والروح جميعا، على أن لنا کلامة في محله مفاده أن الضمائر التي تستخدم للاشارة إلى

ص: 140

شخص فإنها تشير إلى الروح وليس إلى البدن، فمثلا حينما أقول بدي أو رأسي أو صدري فإنها كلها تشير إلى إضافة هذه المذكورات إلى الروح والمضاف إليه هو الروح حتى انه أقول بدني ويكون المضاف إليه هو الروح وليس البدن وإلا لاختل نظام الكلام، وهكذا ضمائر الخطاب والغيبة، وعلى هذا الأساس يصح أن نقول إن الفرق بين التعبيرين ينحصر في التصريح بالروح في أحدهما دون الآخر فحينئذ تكون الفائدة هي تكريم الروح بالذكر أو التبرك بطرح ما يدل عليه في لسان الداعي.

ومن ذلك كله اتضح أنه لا تعني العبارة الأولى مخالفة أو منافاة مع مفهوم المعاد الجسماني، فإن الاعتقاد به لا يتنافى مع شيء مما أشرنا إليه، ولا يسع المجال للكلام أكثر مما طرحناه.

س9/ إذا كانت هذه أهمية دعاء الندبة فهل ترون أن الفرد العراقي إبان العهد الجديد وقد رفعت محاذير الرقيب من قبل السلطة قد أدى دوره في إحياء دعاء الندبة على مستوى:

_ المجالس الخاصة المنعقدة في البيوت.

_ الحسينيات والمساجد.

ص: 141

_ المراقد المقدسة.

وما هي مسؤولية الفرد فضلا عن رجال الدين عندئذ؟

ج9/لاريب في أن دعاء الندبة مشتمل على معان خاصة، قد لا نجدها مجتمعة في سائر الأدعية الموجودة في المصادر وكتب الأدعية المتوفرة لدى عامة المؤمنين، كما أن التعابير التي يضمها هذا الدعاء تحمل في طياتها معاني بلاغية خاصة، كما يتميز هذا الدعاء بسبك خاص وأسلوب معين لتعامل الداعي مع الدعاء والمدعو بنحو يساعد على سهولة التدرج في مدارج القرب وتسلل تلك المعاني إلى أعماق الداعي وكذلك إلى المستمعين من أخوانه المؤمنين بسرعة فائقة.

وتربط تلك المعاني والتركيبات للجمل الداعي بالقوة العاطفية المنسجمة مع الإيمان بالموعود وبالوسائط، فتسحبه وتنطلق به إلى أبواب الرحمة الإلهية بأيسر أسلوب وأقرب

طريق، فيرى الداعي نفسه قد وصل إلى أبواب الرحمة ويطرقها بمطرقة الإيمان مغمورة بالعواطف منسجمة مع عدم تخليه عن عالم الناسوت مع عالم الروح فيستشعر سموة روحية وعروجة في

ص: 142

مدارج القرب الإلهي ضمن تلك المجموعات التي تشارك معه في الدعاء متمسكة بأولئك الأولياء الذين يندبهم فيندفع الروح إلى الإلحاح في الطلب بقرب قیام المنتقم من الظلمة والمحيي للشريعة والمبير للطغاة والمبيد للفساد، ومما يجعله على طريق إصلاح الفساد استعدادا للإلتحاق بركب الثائرين مع الثائر الحقيقي والأوحد المؤمل والموعود الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) .

وعلى هذا فحث الناس على إقامة المجالس والدعاء في البيوت والحسينيات والمساجد والمراقد المقدسة أمر مرغوب مطلوب، غير أنه لا تنحصر وظيفة رجال الدين في ترغیب المؤمنين في الالتزام بهذا الدعاء لأن المعاني السامية والمقاصد العالية التي ترمز إليها فقرات هذا الدعاء لا يستطيع عامة البشر استطراقها ويعجز الفرد البعيد عن العلوم العقلية والنقلية النظرية وغيرها من احتواء المعاني، ومن ثم يفقد مغزى هذا الدعاء فيكون الحث على الالتزام به سوقا للفرد إلى ما لا يعلم فالاندفاع منه لو حصل يكون وقتية، فيجب على من يتمكن من إرشاد الناس أن يحاول شرح هذا الدعاء وتوضيح معانيه وتبسيط

ص: 143

الصعاب التي تحول دون إدراك عمق مطالبه ليتمكن الداعي بعد إدراك المعاني من الانسجام مع واقع الدعاء فيحصل بالعناية الإلهية ما يرنو إليه كل عاقل ويبتغيه كل مجتهد ويقصده كل من يطمع في الفيوض الإلهية، نسأل الله أن يمدنا جميعا بالتوفيق ويمهد لنا الطريق إليه، ويسددنا في السلوك إلى مرضاته ويعيننا على تحمل المسؤوليات ويتقبل منا ما نعمل ويجزينا بأحسن مما نأمل.

س10/ كيف توصون:

- بتمتين الثقافة المهدوية؟

- تأصيل مفهوم الانتظار؟

- الموقف التأسيسي لإحياء الشعائر المهدوية كالاهتمام بدعاء الندبة وإشاعته في الوسط العراقي؟

ج10/ الثقل الأكبر في عصر الغيبة الكبرى يقع على عاتق رجال الدين وأصحاب الفكر وفرسان القلم وأبطال المنبر الحسيني وسادة ميدان الخطابة، إذ من الواضح أنه ما دام الوضع البشري عموما والإسلامي بنحو خاص على ما هو عليه وعلى ما

ص: 144

نلمسه ونشاهده لا نجده أحسن حالا أبدأ مما كان عليه إبان حدوث الغيبة الكبرى، فإن النفوس متوغلة في حب المادة كما كانت، ومعنى الإيمان لا ينزل إلى الأعماق ولا يندمج مع الروح كما كان، والدين لعق على ألسنة الناس يحوطونه ما درت معايشهم، والبلاد تحت سيطرة الجبابرة على وجه العموم كما كانت، فهناك استبداد واستئثار بالفئ، والنفوس التي تتصف أو توصف بالإيمان فارغة عن محتواه، فالنفوس محتوية على نحو العموم . عدا ما شذ وندر أو قل واندثر۔ على الصفات الرذيلة، فيقودها الحسد أو التحاسد والتباغض والأعمال التي هي أبشع من كثير من الكبائر التي سواها كالغيبة والنميمة وحب الجاه، ورأس كل بلية لحب الدنيا، ولا تجد - إلا من شذ. - أحدة يسعی في خدمة الدين، وإذا رأيت مجموعة أو طائفة مندفعة في الظاهر إلى إحياء كلمة الحق فإذا فتشت خباياهم لفررت منهم فرارك من الأسد وهربت بجلدك منهم کهربك من الحية والعقرب، فعليه يجب على كل واحد ممن يعد نفسه من رجال الدين القيام بالواجب الإلهي الملقى على عاتقه، فيجب السعی

ص: 145

في ترسيخ وتمكين الثقافة المهدوية من خلال بيان الحاجة و توضیح مناشئ الافتقار إلى الثورة المهدوية فتشتاق النفوس إلى الإمام المنتظر الموعود وترتبط به ارتباطا وثيقا من خلال توضیح حقيقة المهدي، وتقريب صورة الواقع الذي سوف يتسلط على العالم في ضوء هدى المهدي، كما يجب على من لديه صلاحية أن يسعى في إرساء المفهوم الحقيقي للانتظار، وبيان ما ينبغي أن نفعل وما يجب أن نسعى إليه في زمن الانتظار، لنخرج بالمكلفين من هوة الاتكالية والخمول إلى ميدان العمل والمبارزة مع النفس الأمارة بالسوء سعيا إلى خلق الواقع الذي يمهد النفوس لتقبل النعمة العليا المتمثلة في ظهور ولي الله الأعظم (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، كما يجب تهيئة وإعداد وتعبيد الطريق أمام الثورة المهدوية الشاملة لإصلاح العالم من أقصاه إلى أقصاه، كما يجب على من له أهلية ذلك الالتزام النفسي من جهة وإرشاد الآخرين من جهة أخرى إلى إحياء الشعائر الدينية عامة والسعي في دمج المجتمع بقدر المستطاع بالشعائر الدينية كالصلاة جماعة ولو في البيت لمن يعجز أن يخرج مع عائلته

ص: 146

إلى المساجد، والاهتمام بالدعاء الجماعي بالأدعية المألوفة والمعروفة وذات التعبيرات السلسة والمعاني السهلة التي تتسرب إلى الروح مع أدنى انفتاح في النفس لتقبل تلك المعاني مثل الدعاء الذي علمه سيد الأوصياء (علیه السلام) لتلميذه الزاهد کمیل بن زیاد رضی الله عنه والدعاء الذي أنشأه سید الشهداء (علیه السلام) يوم عرفة، ودعاء الندبة.. حتى نتمكن من أداء وظيفتنا الشرعية أولا، ودفع المجتمع إلى الإصلاح والاستصلاح ثانية، وخدمة الثورة المهدوية المرتقبة ثالثة، ومن هنا تعرف أن المهمة شاقة والطريق طويل والعوائق والموانع كثيرة والقوى خاوية، وكل ذلك لأننا نفتقد أوليات عوائد هذا العمل فهناك خمول أخذ يتسرب إلى نفوس طلاب العلوم الدينية، وهناك تخاذل ناشئ عن محب الراحة والرغبة في سرعة التخلص من المحنة والتعب أخذت تدعو إلى السطحية في الدراسة، هذا من حيث الجو الحوزوي، والعلماء ساعدهم الله لا يألون جهدا في التفكير في الاستصلاح والإصلاح إلا أن المصيبة أعظم مما نتصور، وأما على المستوى الشعبي فهم في خبطة عشواء ينتظرون من رجال الدين والمراجع

ص: 147

المعجزة ولا يلامون على ذلك إذ هذا مبلغ فكرهم ويجب أن نعطف عليهم ونبكيهم ونبكي لهم، وأما المراكز العلمية کالجامعات والكليات فحالها ليس خيرة ممن يبكي عليه فهي أولى بأن تذرف عليها الدموع حيث تجد الطلاب يدرسون بغية الوصول إلى الشهادة ومنها إلى الوظيفة، وشذ ما تجد شابا طموحة في الخروج من ربقة العبودية للغرب، فلا تجد إلا من ندر يفكر في امتلاك أزمة الأمور في البلاد الإسلامية أو يسعی في العلم لنتمكن من إدارة أنفسنا بأنفسنا، ولست أدري متى يأتي صبح هذا الليل المظلم الطويل البهيمومتى تنجلي هذه الطخية العمياء التي سادت المجتمع الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه ومتى نجد الشباب في السلك التعليمي يسعى إلى السيطرة على العلم ليسيطر على العالم أو يسعى في استنقاذ البلاد من براثن المستكبر المستأثر؟ أليس مما يدعو إلى البكاء أنا لا نعرف كيف نستغل ثرواتنا وكيف نستفيد منها؟، أليس من السخرية إنا نمتلك النفط مثلا والأراضي الخصبة ولا نعرف كيف نستخرج النفط وكيف نميز عناصره بعضها عن البعض؟

ص: 148

أليس مما يدعو إلى الإحساس بالخزي أن الشبان يفتخرون إذا تعلم أحد منهم طريق الضغط على أزرار الكمبيوتر أو تمكن من المخاطبة مع أحد عن طريق الانترنيت أو الهاتف الخلوي اليدوي وغيره ولا يستشعرون أن الفخر ليس لمن يعرف كيف يتكلم من خلال الهاتف وإنما هو لمن صنعه واستعبد كل العالم من خلال هذه الصناعة، ولمسنا من خلال استقبالنا جملة وافرة من الجامعيين الأساتذة والطلاب إنهم بعيدون عن هذه المعاني وينتظرون المعجزة من المراجع حفظهم الله ورعاهم.

واعلم أيها الأخ المؤمن، إنك ربما تحن وتطمح لسرعة ظهور الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أرواحنا لمقدمه الفداء إلا أنك لو فتشت نفسك لربما وجدت نفسك إنما تطمع في الدنيا والراحة الوقتية التي ترغب في الحصول عليها في ظل حكومة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) و لما سمعت وقرأت من شمول العدل الإلهي البسيطة كلها مع أنك غافل أن نفسك ربما تغرق في ملك أسباب الراحة في الدنيا بدون تعب وهذا الذي لن يحدث في زمان الحضور لأن الإمام

ص: 149

سوف يطالبنا بالعمل والجد والاجتهاد بالنحو الذي كان يطالب به جده رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) .

واعلم أن تحمل العدل صعب على من لم يصلح نفسه فيجب إصلاح النفس أولا ثم التفكير في الدعاء والسعي في جلب سيطرة العدل على العالم.

س11/ نعرف أن التواتر في القول أو الرواية دليل قطعي على المدعي ولكننا نجد في الواقع مشكلة يمكن أن نصطلح عليها أزمة حقيقية وهي كيفية معالجة ادعاء أهل السنة بعدم ولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ودعوی تواتره، هل هذه حجة قطعية لديهم؟

ج11/ تقرر في محله أنه يجب على الباحث التجرد عن الرواسب السلبية تجاه أية قضية يحاول البحث حولها، ونجد أن من ادعى عدم ولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من أهل السنة لم يكن بالمستوى المطلوب في هذا المجال فانصاع لدواع سلبية وبواعث العصبية ومقتضيات الحقد الدفين اتجاه ذرية علي وفاطمة يا فلم ينظر في قضية المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بعين مجردة فحصل ما حصل، ومعلوم أن الخبر الذي يدعی تواتره على قمسين

ص: 150

أحدهما: أن يكون مغزاه إثبات وجود شيء، الثاني: ما يقتضي عدم الشيء، ومن الجلي الذي لا ينبغي الارتياب فيه أن الصنف الثاني لا يثبت في معظم الأحيان إن صح السند أو تواترت الأخبار إلا عدم الوجدان، فلو ثبت وجود ذلك الشيء ولو بخبر واحد معتبر لم يكن هناك تصادم بين الخبر المتواتر النافي للوجود أو للعلم به، وبين ما دل على ثبوت ذلك الشيء، فإن جل الروايات التي نقلت عن طريق أبناء العامة وأهل السير منهم مغزاها ينحصر في أن نقلة الأخبار لم يجدوا للحسن العسكري (علیه السلام) عقبة وهو لا يثبت سوى عدم العلم بالوجود إذ لم تصل سلسلة شيء من تلك الروايات إلى نفس الإمام العسكري (علیه السلام) أو أم الإمام المنتظر (عليه وعليها السلام) يثبت عدم وجود الإمام المنتظر باعتراف والديه، فعليه دعوىالتواتر من أبناء العامة - إن صحت . لا تسمن ولا تغنيهم شيئا، فيبقى المجال واسعة لتصول وتجول أدلة الإثبات في ميدان البحث، كيف وقد ثبت بالتواتر ولادة الإمام (علیه السلام) ، وكثرة من رآه في المهد وحينما كان يحبو وحينما ترعرع وحينما بلغ یافعة إلى

ص: 151

انتهاء زمن الغيبة الصغرى بموت النائب الرابع من نوابه الأربعة رضی الله عنه الذين كانوا سفراء ووسطاء بينه وبين شيعته (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، ويزيد على ذلك أن هناك من أبناء العامة من اعترف بولادته (علیه السلام) فهذا ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ينقل عن أهل الاطلاع أن عمر الإمام المنتظر عند وفاة أبيه خمس سنين لكن آتاه الله فيها الحكمة، وابن خلكان في وفيات الأعيان قال ما نصه ضمن ترجمة العسكري (علیه السلام) أبو محمد حسن بن علي بن محمد بن علي بن موسی الرضا بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية وهو والد المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكري وأبوه علي أيضا يعرف بهذه التسمية.

وقال في منتخب الأثر: ذكر ابن شحته الحنفي في تاريخه المسمی بروضة المناظر في أخبار الأوائل: (وولد لها الحسن - يعني الحسن العسكري (علیه السلام). ولده المنتظر الثاني عشر ويقال له المهدي والقائم والحجة محمد، ولد في سنة خمس وخمسين

ص: 152

ومائتين.. إلى أن قال: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين)، وذكر ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: ولد أبو القاسم محمد الحجة ابن الحسن الخالص بسر من رأى في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة، ثم ساق نسبه الشريف من جهة أبيه إلى سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام وقال: وأما أمه فأم ولد يقال لها نرجس خير أمة، وقيل اسمها غير ذلك، وأما كنيته فأبو القاسم، وأما لقبه فالحجة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي، ونقل المحدث النوري في كتابه کشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار عن أبي سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد الشافعي في كتابه مطالب السؤول (أبو القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي المرتضی أمير المؤمنين بن أبي طالب المهدي الحجة الصالح المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ).

ص: 153

وكذلك نقل في كشف الأستار عن الحافظ أبي الفتح محمد بن أبي الفوارس الشافعي وغيره في المصدر المذكور من أقوال أهل السنة الذين آمنوا بولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ولا يقل عددهم عن ثلاثين من أهل البحث والتحقيق فمع هذه الأقوال لا يبقى مجال لأي شك في ولادة الإمام ووجوده الشريف)(1).

س 12/ ربما يكون من أهم الأدلة العقلية على وجود الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) هو قاعدة اللطف وذلك باعتبار أن الوصول إلى الكمال لا يحصل إلا بالنظام وذلك لا يتم إلا بوجود الإمام فوجوده لطف مقرب إلى الطريق المفضي إلى الكمال، ولكن هذه القاعدة العقلية لا ترتضيها مدرسة الإمام الخوئي قدس سره حسب علمنا حيث أخذت عليها بعض الإيرادات وربما غيرها من المدارس الفكرية، وعلى هذا الأساس ما هي أهمية قاعدة

ص: 154


1- ورحم الله سيدنا الأجل السيد طيب الجزائري حيث جشم نفسه وبذل جهدة يشكر عليه فرصد أسماء جملة من علماء العامة الذين صرحوا بولادته ووجوده وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في كتاب ولادة الإمام المهدي /25.

اللطف في الاستدلال على الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟ وهل يوجد لدينا دليل آخر عقليغير قاعدة اللطف يفيدنا في هذا الباب؟

ج 12/ يمكن التحدث حول هذا الموضوع في هذه العجالة ضمن نقاط:

1_ إثبات وجود الإمام في كل عصر بعد النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) أو وجود الحجة المتصف بالعصمة في كل عصر عن طريق اللطف ينحصر بثوابت العدلية؛ نظرا إلى أنهم هم القائلون بقاعدة اللطف وبامتناع تركه على الله سبحانه، فعلى فرض صحة الاستدلال بها لا يكاد يغني في مقام الإثبات عندما يكون البحث مع من لا يقول بهذه القاعدة مضافة إلى أن من أنكر إمكانية إثبات وجود الإمام بالقاعدة إنما يرفض إمكانية الاستناد إليها الشبهة اعترته.

2- محاولة إثبات وجود الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بدلیل عقلي، وينبغي أن تعلم في هذا الصدد أنه قد يختلط على من يكتفي بالنظرة السطحية في المباحث العلمية الحكم العقلي بالحكم العقلائي، فالحكم الذي لا يرجع إلى أول الأوائل (امتناع اجتماع

ص: 155

النقيضين) ويدرك العقلاء صحته فهو عقلائي وليس بعقلي، يتوقف الحكم بصحته على الترويض والتأديب والإصلاح، ومن نتائج هذا الخلط حصول التخبط وادعاء البداهة والضرورة من المتخاصمين على ثبوت ونفي الشيء واحد، فهو من بواعث التأمل في ما يصدر من الإعلام، لئلا يذهب الناظر شطط.

3- إثبات الأدلة التي أقيمت أو يمكن إقامتها في محل البحث إنما تكون عقلائية ولا تكون عقلية بالنحو الذي أشرنا إليه وينبغي التنبيه على ذلك.

4-إذا أردنا إقامة الدليل العقلائي على مسلمات الخصم جدلا فلا يستند إلى المستقلات العقلائية وتلخيصه أن الشارع المقدس قد نهى عن الظلم وقد دلت الآيات الشريفة على أن الله لا يرضى الظلم لعباده، فهو قبيح لديه، ولا ريب أنه يستحيل دفع الظلم بدون المعصوم إذ غيره لا يؤمن منه الظلم ودعوى إمكان تقویمه بغيره مفضوحة بلزوم الدور أو التسلسل وبعدم كفاية ذلك وجدانة فإن القواعد والقوانين الوضعية التي يدعي إنها عادلة أو مدعومة بمجالس تراقب تصرفات الحاكم كلها، لم

ص: 156

تتمكن من إزالة الظلم والفساد من العالم بل ولا عن منطقة واحدة بل تسببتفي ازدياد الظلم، ولأجل ذلك أقرت الإمامية العصمة في الحاكم المطلق والتنصيص من الله سبحانه لأجل امتناع إحرازه إلا من قبله.

وإذا أردنا صياغة الحجة على موازين العدلية فيمكن أن يقال: الظلم قبيح والرضا به قبيح أيضا وإبقاءه واستمراره كأصل حدوثه قبيح أيضا كل ذلك بحكم العقل والعقلاء استنادا إلى التحسين والتقبيح العقليين أو العقلائيين كما نبه الله سبحانه على قبح الرضا بالظلم بقوله تعالى: (وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنينَ شُهُودٌ)(1).

ولا ريب أن الظلم قائم وحاصل وهو نتيجة تولي الأمور من قبل المجرد عن العصمة المتأثر بالشهوات والرغبات المادية والنفسانية، وإن تمكن أحد منهم السيطرة على أهوائه سيطرة تامة فرضا فهو غير مؤيد بروح القدس ولا مسدد

ص: 157


1- البروج:7.

بالوحي الإلهي أو الإلهام، فيعثر عثرة تلو الأخرى للجهل والقصور الملازمين لغير المعصوم، هذا إن فرض خلوه عن التقصير غير المتعمد حسب الخيال أو المنتهي إلى التعمد ولو في مراحل المقدمات وإعداد الأسس، فعليه يجب في حق القادر على إزالة الظلم قطع دابره واجتثاث جذوره ولا يتم إلا بوجود إمام معصوم يتولى تأسيس قواعد يبني على أساسها المجتمع وتبني المدينة الفاضلة التي تحتوي على آراء أهل المدينة الفاضلة التي هي بغية الأنبياء ومقصد الصالحين وغاية الشهداء من تضحياتهم، وقد وعد بذلك الله سبحانه بقوله: «ليظهره على الدين كله»(1)

هذه جملة موجزة في هذا الشأن ضمن العجالة المفروضة حسب الموازين المتحكمة حالا.

س13/ قد يشكل البعض ويلقي شبهه مفادها ضعف الروايات الدالة على ولادة الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من الناحية السندية.

ص: 158


1- التوبة: 33.

والسؤال هو كيف نتعاطي مع الروايات التاريخية والعقائدية إن أصيبت بمثل هذا الخلل السندي وهل نحكم عليها كما هو العمل في روايات الأحكام حيث تصنف إلى الصحاح والموثق والحسن والضعيف؟

ج13/ النظر في سند الرواية محطة أخبار الآحاد، والروايات المروية الحاكية لولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) متواترة معني لأنها كثيرة جدأ ذكرها العلماء في مصادر الحديث والروايات مثل إكمال الدين وإتمام النعمة للشيخ الصدوق، والمجلسي في البحار وغيرهما من أبطال هذا الميدان فإنها كثيرة جدا.. وقد تقدمت الإشارة ضمن الجواب الحادي عشر إلى جملة وافرة من علماء أبناء العامة الذين اعتقدوا واثبتوا في كتبهم ولادته (علیه السلام) كالشمس في رائعة النهار، بل كالنار على المنار، ولكن ماذا نفعل في قبال من عميت بصيرتهم ومشت عيونهم بالحقد على

ص: 159

الحق ورق البغض فيهم لأهل بيت العصمة زقا«فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتي فِي الصُّدُورِ»(1)

س14/ هنالك روايات مستفيضة تفيد حرمة التصريح باسم الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وتعلل ذلك بوقوع الطلب حين ذكر الاسم وملاحقته من قبل الظالمين وهنا نتساءل:

أ- ما قيمة هذه الروايات من الناحية السندية؟

ب - هل يعني التعليل في الروايات بوقوع الطلب عدم الحرمة فيما لو ارتفع المحذور المفترض، أو أن عدم ذكر الاسم أمر تعبدي لا علاقة له بزمان دون زمان؟

ج . كيف نفهم نهي الأئمة علیهم السلام عن ذكر الاسم والحال أنه معلوم وواضح لكل أحد حتى لأعدائه، فإن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بشر به وقال: (اسمه اسمي وکنیته کنيتي)، فعلى هذا الأساس ما هي الثمرة من إخفاء الاسم مع أنه معلوم لكل أحد؟

ص: 160


1- الحج:46.

ج14/ الروايات الناهية عن التصريح باسم ولي الله الأعظم كثيرة ولا يبعد دعوى التواتر الإجمالي أو المعنوي، وذلك يغنينا عن النظر في سند كل واحدة على أنه لا يبعد أن يدعی وثاقة صدور بعضها، فعلى هذا الأساس لا ينبغي الريب في ثبوت النهي عن ذكر اسمه المقدس، وأما دعوى أن الحكم معلل أو مرتبط بإمكان وقوع البحث وتحريض الطلب على الإمام وتعريضهللاغتيال أو الأذى بنحو آخر فلا ينبغي أن يصغى إليه بعد ورود التصريح في جملة وافرة من أخبار الباب بأن اسمه اسم رسول الله وكنيته ولقبه معروفان لدى القاصي والداني والمؤمن والكافر والموالي والمعادي، على أنه بإمكان الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) إذا سأله أحد عن اسمه الشريف أن يسمي نفسه باسم آخر فإن له أسماء كثيرة يتمكن من أن يضلل به الباحث عنه، فالظاهر أن النهي عن ذكر اسمه الشريف بعنوان العلم به ممنوع تعبدة وإلا فقد صرح باسمه المقدس وما زال علماء النسب والتاريخ يصرحون بأن والده يكنى بأبي محمد.

ص: 161

وأما البحث عن الثمرة في إخفاء اسمه المقدس فيرتفع موضوعه بعد الالتزام بتعبدية الحكم المذكور، ولا يبعد أن يكون للإخفاء فوائد منها إكثار هيبة اسمه الشريف بمعنى أنه كما غیب شخصه المقدس أمرنا بإخفاء اسمه الشریف ليشتاق الناس وتتشوق القلوب إلى اسمه الشریف قبل اشتياقهم إلى ذاته المقدسة ويمكن افتراض فوائد أخرى أيضا.

س15/ نجد في هذا الوقت من ينتحل زورة شخصية معينة کو کیل خاص للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وأن هناك اتصالا يحدث بينه وبين الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) مما حدا بالبعض إلى تصديقهم ومتابعتهم فما هي نصيحتكم؟

ج15/ قد ورد في التوقيعات الشريفة المروية عنه (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بطریق التخلص من أصحابه انقطاع السفارة بينه وبين شيعته منذ وقوعالغيبة الكبرى، فمن ينتحل زورا وبهتانا شخصية معينة کو کیل خاص للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أو سفير بينه وبين شيعته وأنه يتلقى الأوامر والنواهي منه (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) مباشرة فهو كذاب أشر فاسد و مفسد ويكذب على الإمام المعصوم ويجب ردعه بكل وسيلة ممكنة وفضحه

ص: 162

وفضح نواياه ليأمن المسلمون شره ولو تمكن الحاكم الشرعي الوجب عليه تعزیره و تعزیر من يصدقه.

وأما انخداع بعض العوام و تصدیق مثل هؤلاء الباهتين فلا يستغرب، فإن الناس في كل زمان هم الناس، وقد روى القرآن الكريم قصة عبادة اليهود لعجل السامري مع وجود هارون (علیه السلام) بينهم ومیل الناس عن أشرف المخلوقات بعد رسول الله من لا يكاد يدرك شأوه ولا ينال غباره، ولكن الزمان هو الزمان يقول سيد الأوصياء (علیه السلام) : (متى اعترض في الريب مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر) ويقول (علیه السلام) : (أنزلني الدهر ثم أنزلني حتى قيل علي ومعاوية).

س16/ كيف يرتبط الإنسان من الناحية العملية بالإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

ج16/ كما أن الارتباط بالإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ممکن بل مطلوب شرعا إذ هو إمام زماننا ونحشر يوم القيامة في قيادته لقوله سبحانه:

ص: 163

«يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ»(1) ونحن نعيش تحت رعايته وسلمنا الله تعالی ویسلم سائر المؤمنين ببركته ودعائه بل بيمنه رزق الوری وبجوده ثبتت الأرض والسماء، وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أن أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ولكن ينبغي أن يعلم أن فقدان الارتباط بالإمام لا يعزى إلى انقطاع الفيض منه وانصراف عطفه عنا فإن ذلك يعاب على الكريم بل هو كآبائه الطاهرين مصدر كل خير ومنبع كل رحمة وإنما ينشأ انقطاع الفيض أو نقصانه للقصور أو التقصير فينا نحن، كما نجد سید الشهداء (علیه السلام) صرف بعض الناس عن الخروج معه إلى القتال، ودعا آخرين إلى الالتحاق به وذلك يفسر باختلاف مراتب الأشخاص و تفاوت الصلاحيات الذاتية المكتسبة والموهوبة.

ومن هذا المنطلق يجب على كل مكلف إعداد نفسه وإصلاحها ليستعد لقبول الفيوض الربانية ويطهر عيونه لتكتحل بالنظر إلى الغرة الحميدة والطلعة الرشيدة.

ص: 164


1- الإسراء: 71.

وينبغي أن نعلم أن أول الأوائل في هذا السبيل ترسيخ العقيدة بالمبادئ الإسلامية وضروريات الدين الحنيف ثم ترويض النفس بالأخلاق الحسنة بالابتعاد عن المعاصي والسعي في خلع الملكات الرذيلة والاستعانة بالمرشدين العلماء الأبرار ولو من خلال مؤلفاتهم وتزيين النفس بالمستحبات واللجوء إلى الله تعالى بكل كيانه ليعينه على نفسه ويطلب منه الثقة به تعالی ويستجديه التوكل عليه ويستفيضه العون والهداية والقوة والتسديد في السلوك إليه، وقد ورد في غير واحدة من الروايات أن ولاية أهل البيت علیهم السلام لا تدرك إلا بالتقوى والجهاد مع النفس، و ورد أيضا أن شيعتهم هم المتقون نرجو الله سبحانه أن يعيننا على أنفسنا ويهب لنا الثقة به ويجود علينا بالتوكل عليه و بالمغفرة عما سلف والعون على ما بقي.

س17/ كما هو واضح لدى سماحتكم من تواتر الروايات وإجماع المسلمين واتفاق الفرق الإسلامية جميعا على أن عيسی بن مريم يصلي خلف الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) حين ظهوره السؤال

ص: 165

هو: ما هي الدلالات والمعطيات العلمية العقائدية التي يمكن أن نستفيدها من خلال هذه الظاهرة؟

ج17/ قد جرت السنة الإلهية أن يبعث مع الهداة من كبار الأنبياء والمرسلين من يصدقهم ويكون عونا لهم بأمر من الله تعالى على تحمل المسؤوليات وقد أعان تعالى نبيه موسی (علیه السلام) بأخيه هارون (علیه السلام) استجابة لدعائه «واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركة في أمري»(1) وكذلك كان دعاء الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) ، فأعانه الله سبحانه بأبي طالب (علیه السلام) أولا في أول البعثة وبعد ذلك بابن عمه علي ابن أبي طالب (علیه السلام) وهكذا كثير من الأنبياء والرسل، فأعان الله نبيه إبراهيم (علیه السلام) بنبيه لوط التي، فلا بأس في أن يكون قد ادخر الله عیسی بن مریم (علیه السلام) الأداء هذه المهمة الصعبة المستصعبة، كما أنه يكون وجود عیسی بن مریم الكلية واقتداءه في الصلاة حجة على من يدعي أنه على دين عيسی ليلتزم بإتباع حفيد الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) ، ومن أبرز

ص: 166


1- طه: 29 - 31.

ثماره دعم موقف الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) : بعیسی بن مريم (علیه السلام) وقطع للمعاذير ودحض للأباطيل، ويكون تأكيدا على وحدة الدين من الدن آدم إلى ظهور الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وتأكيدة وتفسيرة لقوله سبحانه: «ومن يبتغ غير الإسلام دينافلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين»(1).

وفي اقتداء عیسی بن مريم (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وانضوائه تحت لوائه تأكید على أشرفية شريعة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) وأكمليتها ورد لمن يعتقد ببنوة عيسى (صلی الله علیه وآله وسلم) لله سبحانه (نستجير بالله)، وإثبات لعبوديته ليكون تفسيرة عملية لقوله سبحانه: «لن نكف المسيح أن يكون عبدا لله»(2)، وفوق كل ذلك دخول عیسی بن مریم (علیه السلام) في جيش الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وأنصاره بيان لعظمته فإن عظمة الجند يكشف عن عظمة القائد و شرافة الرعية يكشف عن شرافة السلطان، وهذه بعض ما يمكن عده من المعطيات لهذه الظاهرة الشريفة ظاهرة صلاة عيسى انه خلف المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)

ص: 167


1- آل عمران: 85.
2- النساء: 172.

س18/ كيف نتعامل مع الروايات التي تذكر مشابهة اسم أبي الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لاسم أبي النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) الاتحاد في اسم الأب وهو عبد الله، علما أن هذه الروايات لا تقتصر على أهل السنة بل بعض الشيعة أشاروا إلى ذلك تمشيا مع تلك الروايات، فما هو الاعتبار العلمي لمثل هذه الروايات من الناحية السندية والدلالية.

ج18/ الرواية التي رويت عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ودلت على أن اسمأبي الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) هو نفس اسم والد النبي الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) يعني عبد الله هذه الرواية يجب رفضها حسب الموازين العلمية وذلك:

أولا: إنها ضعيفة السند أو مقطوعة.

وثانيا: لا يمكن أن تقف في وجه الروايات الكثيرة التي حددت نسب الإمام (علیه السلام) وبينت أنه يكون الثاني عشر في سلسلة الإمامة، مثلا يقول الإمام الصادق (علیه السلام) أنه يكون المهدي هو الخامس من ولد السابع، ثم نص الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) وهو الإمام المعصوم على ابنه وأنه هو الموعود، كل هذه الروايات ترفض وتدفع تلك الرواية.

ص: 168

وثالثا: من القريب جدا أنها مفتعلة ومكذوبة على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) لأجل تأييد وتقوية سلطة بني العباس، فالمنصور الدوانیقي سعى في صرف أنظار الناس عن أولاد علي بن أبي طالب اللي وذرية رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وحاول أن يدعي أن المهدي الموعود (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) هو الخليفة من أولاد المنصور ويصفه بالعدالة والتقوى، وأن مثله في بني العباس مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية، ومن الواضح أنها محاولة يائسة وأنه كما تنبه له الرجل نفسه لبعض ما يرد على هذه المحاولة ويدفعها مثل الحديث المستفيض أن عیسی بن مریم (علیه السلام) يصلي خلف المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وأنه من ولد فاطمة وأولاد الحسين علیهما السلام هما وأنه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورة.

فالمتحصل أن هذه الرواية وإن ذكرت في بعض مجاميعنا إلا أنه لا دليل على اعتبارها بل هناك قرائن تنفيها لما أشرنا إليه.

س19/ نلاحظ في بعض الروايات الصادرة عن صادق العترة (علیه السلام) و غيره التعبير عن الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) (الخامس من ولد السابع) السؤال هو: لماذا هذا التعبير؟ ألم يكن بالإمكان قوله (علیه السلام) :

ص: 169

السادس من ولدي مثلا أو الثاني عشر منا أهل البيت كما استفاض التعبيربهذا عن الأئمة علیهم السلام، أم أن هناك إشارة إلى أوجه شبه وروابط بين الإمام الكاظم وبين المهدي أراد الإمام الصادق (علیه السلام) التلميح إليها من خلال هذا التعبير؟

ج19/ ينبغي التأمل في أن تنسيق الكلام و ترتيب الجمل تتحكم فيه عوامل عديدة بعد فرض صحتها من حيث اللغة والاعتبارات النحوية والصرفية ونعني بتلك العوامل المقتضيات البلاغية والتي يجب أن تسيطر على الأسلوب ووضع الجمل وطولها وقصرها وتقديم بعضها على البعض وإضافة بعضها أو حذف بعضها، ومن هذا المنطلق لا يبعد أن تكون غاية الإمام الصادق (سلام الله عليه) حين التعريف بالإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بأنه الخامس من ولد السابع مع الإمكان أن يقول هو السادس من ولدي أو الثاني عشر من أئمة أهل البيت علیهم السلام أنه قصد بمقتضی البلاغة ليكون الكلام أوفي في الجوانب التي يريد الإمام (علیه السلام) التأكيد عليها منها: التأكيد والتنصيص على إمامة ابنه الإمام موسی بن جعفر عليهما السلام وأن المهدي يكون من أولاده.

ص: 170

ولا يبعد أيضا أن قصده (علیه السلام) بیان بعض أوجه الشبه بين الإمام موسی بن جعفر علیهما السلام وبين الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) مثل اضطرار الإمام موسی بن جعفر علیهما السلام إلى الابتعاد عن الشيعة زمن المنصور الدوانیقي کابتعاد الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) عن شيعته، ومنها اضطرار الإمام الصادق (علیه السلام) إلى إخفاء وصيته عن كثير من الناس من كون موسی بن جعفر هو وصية والإمام من بعده واشتباه جملة من الواقفية الأجل طول سجن الإمام (علیه السلام) واحتجابه عن شيعته حتى اعتقدوا أنه الغائب الموعود، وكتعرض شيعة الإمام موسی بن جعفر للضغوط والمطاردة لأجل البحث عن الإمام الذي أوصى إليه الصادق (علیه السلام) على غرار تعرض الشيعة لمثل ذلك زمان غيبة الإمام المهدي الصغرى.

وينبغي أن نعلم أنه ربما تكون هناك «دواع بلاغية» توفرت حين كلام الإمام الصادق (علیه السلام) المذكور في مجلس الحديث واختفت تلك الدواعي بانقراضه ولم تنقل ضمن نقل الرواية إلينا وما أكثر ما يحدث مثل ذلك للمتكلمين.

ص: 171

هذا ما تيسر تقديمه في هذه العجالة ومن الله نستمد العون والعفو والتوفيق والتسديد والسلام.

ص: 172

لقاء أجراه مركز الإمام علي مع سماحة المرجع دام ظله

بسم الله المن الرحيم

سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الشيخ بشيرحسین النجفي (دام ظله الوارف)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

نقدم بين يدي سماحتكم بعض الأسئلة حول الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) وغيبته والتي هي محور أحاديث الشباب المسلم في الوقت الحاضر، وبعد تقبيل أيديكم نرجو من سماحتكم الإجابة عليها، سائلين العلي القدير دوام الصحة والعافية لكم وشكرا.

ص: 173

س1/ يرى بعض العلماء أن الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أفضل من آبائه الثمانية أولاد الإمام الحسين عليه وعليهم السلام استنادا إلى الحديث المروي عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) (تاسعهم قائمهم أفضلهم) فما هو رأي سماحتكم في الأفضلية؟

بسمه سبحانه: لا شك في أن كل إمام لاحق تجب عليه إطاعة الإمام السابق وهو مناط أفضلية المطاع على المطيع بالميزان العقلي والمعتقدات العقلية وأما الحديث الذي أشرت إليه فإن صح سنده فمقصود المعصوم من هذا الكلام أن الثاني عشر يكلف ويوفق ببسط الإسلام على وجه الأرض كلها وهذه الفضيلة اختص بها الإمام الثاني عشر كما اختص كل إمام حسبظروفه المحيطة به بما كلف به لمعالجة الأمور والدفاع عن الإسلام وقد وفق سید الشهداء بما لم يوفق به غيره من الأئمة وهكذا الإمام الصادق وفق و كلف بما يخصه ويخص عصره هذا هو المقصود والظاهر من الحديث والله العالم.

ص: 174

س 2/ الرواية التي تقول (ما منا إلا مقتول أو مسموم) تدل على أنها قاعدة في أن جميع المعصومين يخرجون من الدنيا قتلا أو سمة هل يمكن أن تصبح رواية سعيدة التميمية من ضمن هذه القاعدة؟ مع العلم إنها وردت في جامع الأخبار.

بسمه سبحانه: الرواية التي أشرت إليها غير نقية السند بل نفس کتاب جامع الأخبار المنسوب إلى الشيخ الصدوق فيه کلام، ونفس الرواية التي تقول بأن الأئمة كلهم بين قتيل بالسيف أو قتیل بالسم محط نظر لبعضهم، على أن التاريخ والحوادث التي مرت على الأئمة (عليهم السلام) كانت شاهدة على مضمونه والله والعالم.

س3/ يقول الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في رسالته للشيخ المفيد أنه مقيم الآن في وادي شمروخ وشمريخ من اليمن، وقد أثبت المسح التاريخي والجغرافي لليمن عدم وجود مثل هذا الوادي فما المقصود باليمن؟

بسمه سبحانه: بمرور الزمن تغيرت أسماء الأمكنة والقرى والمدن فمثلا أثينا عاصمة اليونان غير الأثينا التي كانت أيام

ص: 175

الحكماء والفلاسفة وهكذا كثير من البلاد، فعدم وجود واد بهذا الاسم الآن لا يعني عدم وجوده أيام صدور التوقيع الشريف الذي أشرت إليه، ثم أنه ليس في التوقيع ما يدل على أن الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) سيستمر في ذلك الوادي، ألم يكن (علیه السلام) في سامراء فترة من الزمن، أليس هو سلام الله تعالى عليه يشارك الحجاج أيام الموسم من دون أن يعرفه أحد ممن لا يريد التعرف له، فالبحث عن الوادي أو من سمى ذلك الاسم عقيم والله والعالم.

س4/ ورد في الرواية عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنه لصاحب هذا الأمر بيت من نور يزهر يسمى بيت الحمد، وقد ورد أيضا أن العبد إذا مات ولده واسترجع وحمد الله أوحي إلى الملائكة أن يبنوا بيتا له وسموه بیت الحمد، هل هناك رابطة بين البيتين؟

بسمه سبحانه: لا ارتباط بينهما واتحاد الاسم لا يقتضي وحدة المسمى نوعا أو شخصا أو وصفا والله العالم.

س5/ هناك نظرية تقول أن الإمام المهدي صلوات الله عليه مقيم في طرف الزمان أو نهايته (المثال أو البرزخ) ومنتظر أن

ص: 176

يصل إليه الخلق بالتدرج فإذا وصلوا إليه ظهر، ما هو تعليقكم على هذه النظرية؟

بسمه سبحانه: ما لم تكن النظرية مسندة بالخبر الصحيح عن أهل البيت العصمة لم يكن لها أي اعتبار بمقتضى قواعد العلم السليمة وعلى صاحب هذه النظرية أن يثبتها بالنقل الصادق وإلا فهي مردودة عليه والله العالم.

س6/ ترد في بعض الأخبار (إذا قام القائم) وبعضها (إذا ظهر القائم) والمعلوم أن اختلاف المباني يدل على اختلاف المعاني، فما معنى العبارتين وما المقصود منهما؟

بسمه سبحانه: كلمة الظهور تشير إلى انتهاء فترة تستر الإمام (سلام الله عليه) وكلمة القائم تشير إلى أنه (سلام الله عليه) ينهض بأعباء السلطة الظاهرية ويسعى من خلالها إلى تطبيق شريعة جده (صلی الله علیه وآله وسلم) على الأرض كلها والله العالم.

س7/ ذكر القمي في تفسيره أن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يطعن إبليس ويقتله وورد في بعض الأخبار أن القائم (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يقتله عند كناسة الكوفة، كيف يمكن الجمع بين الروايتين؟

ص: 177

بسمه سبحانه: قبل كل شيء يجب النظر في سند الروايتين فيسقط الضعيف ويؤخذ بالصحيح فقط، فتنتهي المعارضة وعلى فرض صحتهما فالإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، يقتل اللعين بأمر من النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وما يفعله الجيش بأمر السلطان يسند إليه وبهذا المعنى ممر قوله سبحانه: (وما مميت إذ يت ولكن الله رمی) وقوله سبحانه: (إن الذين بايعونك إنما يبايعون الله به الله فوق أيديهم من تگ فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللهسيؤتيه أجرا عظيما).

س8/ المعلوم أن الإمام إمام على من تحت العرش إلى أسفل الثرى، فهل يكون ظهوره الشريف على جميع هذه العوالم أم في عالمنا هذا فقط؟

بسمه سبحانه: لا شك أن شريعة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) عامة لقوله سبحانه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقوله سبحانه: ولكل قوم هاد) وهو المعنى المشار إليه في كثير من الآيات، والإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ، سوف يسعى في تطبيق شريعة جده في المناطق التي تخضع لتلك الشريعة حسب التشريع الإلهي، والتفصيلات لا

ص: 178

يمكن الوصول إليها إلا من خلال الأخبار التي لا يفي الموجود والمعتبر منها لكشف الحقائق كلها والله العالم.

س9/ ما وجه اختصاص نزول عیسی (على نبينا وآله السلام) للصلاة خلف الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) دون غيره من الأنبياء؟

بسمه سبحانه: سؤالك هنا أشبه بسؤال من يسأل لم كان إبراهيم (علیه السلام) متأخرة عن نبي الله نوح فإن الترتيب بين الأنبياء والرسل والحجج الإلهية خاضع للمصالح حجز الله العلم بها لنفسه، ولكن مع ذلك ينبغي أن تعلم أن معظم من أبتلي به الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) هم أهل الكتاب واليهود والنصارى، واليهود أمروا باتباع نبي الله عیسی، فوجود عیسی بن مريم في أنصارالإمام المنتظر يعتبر معجزة ودليلا على صحة نبوة الرسول الأعظم واختصاص الإمام المنتظر (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) . ولعله لأنه المكلف يبسط شريعة جده بالقوة على وجه الأرض كلها، فيكون نزول عیسی إتمامة للحجة على أهل الكتاب قبل سل السيف عليهم والله العالم.

ص: 179

س 10/ الحديث الذي يقول (إن كل راية قبل قيام القائم صاحبها طاغوت يعبد من دون الله) هل المقصود بالراية راية حرب فقط أو أعم كأن تكون راية عقيدة أو راية رئاسة؟ |

بسمه سبحانه: الظاهر من التعبير بالراية يعني إدعاء الإمامة والقيادة الدينية في قبال راية الحق وأما الحرب الدفاعية عن العقيدة ومبدأ التشيع والإسلام فهي وظيفة شرعية على عاتق كل من يتمكن أن يساهم في ذلك والله العالم.

س 11/ ما هي العلة في غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟ وما الفائدة من ذلك؟

بسمه سبحانه: علل الأفعال الإلهية لا يعلمها إلا هو ولا تعرف إلا من قبله والذي يظهر من خلال الروايات أن ما حدث إنما هو عقوبة من الله سبحانه للعباد فحرموا لطغيانهم وابتعادهم عن جادة الشريعة واتباعهم للجبابرةوالطواغيت كما حصل ذلك في حق الأئمة الذين اضطروا إلى الابتعاد عن الساحة لفقدان الناصر، وأما الفائدة في وجود الإمام غائبة فلأنه لم يؤمر الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) عند تنفيذ الأحكام بالاستعانة بالطرق الإعجازية

ص: 180

فكان اللازم على الإمام أن يغيب ويبتعد ليحمي نفسه ممن قتل آبائه وأولادهم وأتباعهم وأشياعهم حتى يتهيأ له عدد كاف من الأنصار فيستعيد ما سلب منه ومن آبائه، وأما فائدة وجوده (علیه السلام) فهي فائدة لشيعته وكذلك يرشدهم ويسددهم من حيث لا يشعرون، وفي بعض الروايات شة الانتفاع به في حال غيبته بانتفاعنا بالشمس حال استتارها بالغيوم وغيرها والله العالم.

س 12/ ما هي الوظائف الواجب إتباعها في غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

بسمه سبحانه: يجب السعي في تمهيد الطريق لظهوره (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) بالالتزام بالتقوى وتطبيق الشريعة والدعوى إليهما ليتهيأ عددكاف من الأنصار كما يجب إعداد النفس لتقبل الأحكام الشرعية الواقعية فإن الحق مر وقد جرب في زمان أمير المؤمنین والحسن علیهما السلام أنه كيف كان يصعب على الناس تحمل ذلك الحكم العادل لأن الأدوار الثلاثة التي سبقته قد غيرت المفاهيم والتبس الحق بالباطل فكان تحمل التقسيم بالسوية صعبة على الأغلب ولذلك تسلل غير واحد من صفوف ابنه الحسن المجتبی

ص: 181

إلى ابن آكلة الأكباد معاوية بن أبي سفيان فيجب علينا أن نعود أنفسنا لقبول الحق حتى تتهيأ الظروف القابلة لتحمل حكم الإمام سلام الله عليه والله العالم.

س 13/ جاء في الرواية: إن الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) يأتي بدين جدید، فما معنى ذلك؟

بسمه سبحانه: إن صحت مثل هذه الروايات فالمقصود أن الناس قد ابتعدوا عن الدين الحقيقي فتغيرت المفاهيم وتعود الناس وألفت أذهانهم وعقولهم للباطل واستأنسوا به ونسوا الحق، فإذا ظهر الدين الحقيقي تخيلوه جديدة كما اعتبرت قريش دين الإسلام شيئا جديدة مستحدثا مع أنه عین دین إبراهيم الذي كانت قريش تفتخر به، وكانوا لابتعادهم عن دین إبراهيم يتخيلون الإسلام دينة جديدة فنبههم القرآن على خطأهم بقوله سبحانه (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين). (1) والله لعالم.

ص: 182


1- الحج: 78.

س14/ كيف تتم خدمة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) أثناء الغيبة وعند الظهور؟بسمه سبحانه: أما عند حضوره أرواحنا لمقدمه الفداء فبإطاعته المطلقة بنحو لا يختلج في قلبك الإحساس بالحرج في امتثال أوامره وتطبيق أحكامه وإن كانت على خلاف هواك بأن تصبح طوع إرادته كما كان أصحاب سيد الشهداء ليه يوم عاشوراء في كربلاء المقدسة وأما في زمان غيبته أجارنا الله وإياك من سلبياتها فيتم بتمهيد الطريق لظهوره بالنحو الذي أشرنا إليه في الأجوبة السابقة والله العالم.

س 15/ کثرت في الآونة الأخيرة الأقاويل في اللقاء مع الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) لا هل يمكن التشرف بلقاء الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) في زمن الغيبة الكبری؟

بسمه سبحانه: الإمكان العقلي بل الوقوعي في الرؤية متوفر إلا أنه لا يمكن ولا يجوز أن يدعي أحد السفارة عنه بعد انتهاء سفارة السفير الرابع فمن ادعى ذلك أو ادعى أنه يتلقى الأحكام الشرعية من الإمام (علیه السلام) مباشرة فهو كذاب مفتر كذبه علیه السلام قبل أن

ص: 183

تلده أمه، والدعاوى التي تسمعها وأشرت إليها تنشأ إما بالتدسیس من أعداء الإسلام لبث الفرقة بين الشيعة وصرفهم عن الدين وأكبر من ذلك أن مثل هذه الدعاوى التي تصدر من الأغبياء والفسقة والفجرة أتباع أولئك الذين ادعوا النيابة الباطلة وسعوا في تخريب الدين وتسخيف فكرة الإمام المهدي ليظهروا الفرقة المحقة أنها تؤمن بأفکار سخيفة مثل الشلمغاني الذي لعنه الإمام على لسان سفرائه المحقين، فعلى المسلمين الابتعاد عن يدعي هذه الدعاوی وفضحهم على رؤوس الإشهاد وبيان عمق ضلالتهم للناس.

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله وغيبة إمامنا و كثرة عدونا وشدة الفتن بنا و تظاهر الزمان علينا فأعنا على ذلك بفتح منك تعجله ونصر تعزه وسلطان حق تظهره ورحمة منك تجللناها وعافية منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين.

16/ عند ظهور الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) من أول من يبايعه؟

بسمه سبحانه: ورد في الروايات أنه يكون له أنصار بعدد أنصار رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يوم بدر الكبرى يبايعونه في مكة، وفي

ص: 184

بعض الروايات أن أول من يبايعه هو جبرائيل إلا أن الروايات لم يصح سندها لدي والله وحده يعلم من يكون وأين يكون أول مبايع له والله الهادي.

17/ ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام) : (طوبی لشيعة قائمنا المنتظرین الظهوره في غيبته) ماذا يفعل الله تعالی بهؤلاء الشيعة حين ظهور الإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) ؟

بسمه سبحانه: يقر الله عيونهم برؤية طلعته الرشيدة وغرته الحميدة فيفسح لهم المجال لنيل درجة المجاهدين ويرزق السعيد منهم درجة الشهادة بين يديه ويسعد الكل يؤمئذ بنصر الله وتهدأ حرارة القلوب الحري والنفوس المحترقة بمصائب أهل البيت علیهم السلام وذلك اليوم المشهود ننتظره انتظار الغريق لمرور السفن والله الموفق.

18/ هل يشير القرآن الكريم إلى وجود الإمام الحجة حية في عالمنا هذا؟

بسمه سبحانه: الآيات التي تدل على أن الله الحجة البالغة بضميمة أن لا حجة حقيقية إلا الإمام يمكن استفادة ذلك إلا أن ذلك لا يخلو عن الخفاء والله العالم.

ص: 185

19/ ما هو السر في عدم ظهور بوادر الحمل عند أم الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه)؟ وهل كان هذا كرامة للإمام الحجة و أم لأمه؟

بسمه سبحانه: الحكمة ظاهرة كانت في إخفاء وجوده وحمله وولادته على الأعداء الذين كانوا يتربصون به لاغتياله والله العالم.

20/ نحن نعلم بأن زمن الظهور للإمام (عجل الله تعالی فرجه و الشریفه) قد بدأ منذ اليوم الأول لغيبته الكبرى ولكن السؤال: هل كل هذه الأحداث من الهرج والمرج ومنهم من قال أن محمدا ذا النفس الزكية قد قتل فعلا في ظهر الكوفة في اليوم الأول من رجب الحرام مع جمع من صحبه فهل هذا يعني بأننا الآن قد دخلنا في العد التنازلي للظهور.؟

بسمه سبحانه: لا شك في أننا منذ أمد بعيد في العد التنازلي لا تمر لحظة إلا وأننا نقترب من ساعة ظهوره غير أنه لم يعلم من تقصد بالنفس الزكية في ظهر الكوفة والأسماء التي طرحت لحد الآن لا تنطبق عليها الروايات الواردة في هذا الشأن والحق أنه لم يظهر شيء من العلامات الحتمية لظهوره الشريف والله العالم.

ص: 186

21/ كثير هي الروايات التي تناقلتها المصادر والمراجع حول ما قبل الظهور وعصر الظهور وعصر ما بعد الظهور وقد دخل الشك في بعضها وقسم لا يقر بصحتها فهذه مسندة وأخرى متواترة وثالثة ضعيفة.. ومرسلة.. الخ فعند التبع لهذا السلم المعرفي لكل رواية من هذه الروايات سنصل إلى نتائج متفاوتة قد تصل إلى حد الإبهام وعدم المعرفة الأكيدة لهذا الأمر، فما هو الحل الأمثل للوصول إلى النتائج المقنعة لهذا الأمر؟

بسمه سبحانه: يجب علينا الالتزام والخضوع لما ثبت بالدليل المعتبر وإرجاء ما لم يثبت إلى الله سبحانه لتكشف الأيام الواقع والله العالم.

ص: 187

ص: 188

محتويات الكتاب

مقدمة المكتب المركزي لسماحة المرجع (دام ظله) ...9

مقدمة مؤسسة الأنوار النجفية ..13

مقدمة / مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي....17

الندوة الأولى / مقدمة في طريق إثبات الولادة....21

نظرة على الشبهات ...23

عمدة هذه الشبهات ...24

تمهید ...25

المقدمة الأولى.....25

ثبوت الأنساب ...27

المقدمة الثانية: عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود...32

المقدمة الثالثة: شرط عدم النصب .....35

ص: 189

الإجابة على أسئلة الندوة الأولى...39

الندوة الثانية / شبهات في طريق الولادة ...53

تذكير ..53

وقفة على الشبهات ...55

أهل النسب....55

تقسيم الميراث....58

الاختلاف في المولد ...62

إنكار جعفر ....63

الاختلاف في اسم الأم ....64

عدم الظهور.....66

اختفاء الإمام ال...67

إثبات الولادة..67

الإجابة على أسئلة الندوة الثانية ...71

الندوة الثالثة / إثبات التواتر في ولادته (عج)....77

پالطائفة الأولى والثانية ....78

الطائفة الثالثة والرابعة....86

الإجابة على أسئلة الندوة الثالثة .....95

ص: 190

ملحق...109

لقاء سماحة المرجع (دام ظله) مع مجلة الانتظار ....109

لقاء أجراه مركز الإمام علي مع سماحة المرجع الله ....173

محتويات الكتاب ...189

ص: 191

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.