لمحات من حياه الامام الهادي عليه السلام

اشارة

سرشناسه : سيبويه محمدرضا

عنوان و نام پديدآور : لمحات من حياه الامام الهادي عليه السلام تاليف محمدرضا سيبويه مشخصات نشر : مشهد: آستانه الرضويه المقدسه مجمع البحوث الاسلاميه 1413ق = 1371.

مشخصات ظاهري : [135] ص شابك : بها:820ريال ؛ بها:820ريال وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي يادداشت : كتابنامه ص [135]؛ همچنين به صورت زيرنويس موضوع : علي بن محمدنقي ع ، امام دهم ق 254 - 212

شناسه افزوده : آستان قدس رضوي بنياد پژوهشهاي اسلامي رده بندي كنگره : BP49 /س 9ل 8

رده بندي ديويي : 297/9583

شماره كتابشناسي ملي : م 72-1781

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين، و الصلاة و السلام علي محمد و آله الأئمة المعصومين، و اللعنة الدائمة الأبدية علي أعدائهم و مناوئيهم و منكري فضائلهم أجمعين. و بعد : فقد رأيت لزاما علي أن أبذل ما بوسعي بذله لكي أقدم مجهودا ضئيلا حول شخصية قائد من قادتنا الميامين الذين كرسوا حياتهم في سبيل اعلاء كلمة الله، و خدمة المصالح الاسلامية الكبري، و مواصلة رسالة السماء، تلك الرسالة التي هي امتداد لروح الرسالة المحمدية السمحاء المهداة الي البشرية جمعاء، ألا و هو عاشر أئمة أهل البيت سيدنا و امامنا علي بن محمد الهادي النقي صلوات الله عليه و علي آبائه الطاهرين، و حيث أن كتابة مبسطة تشمل الجوانب المختلفة، و الأبعاد المثالية لحياة هذه الشخصية العظيمة كانت قليلة، و كلما كانت هناك فهي في امهات الكتب التاريخية و السير الكبري، و التي لم تكن في متناول عامة الناس خصوصا شبابنا المتعطش للتطلع علي حياة قادته العظام، و بما أني سبق و أن أقدمت علي الكتابة حول لمحة يسيرة من حياة ثامن أئمة أهل

البيت الامام الرضا عليه السلام، و ذكرت هناك أنه ان وفقني الله أن أكتب لمحات حول سائر المعصومين عليهم السلام، ولكنني لم اوفق الي أن بدر لي أن اقدم هذا المجهود اليسير من حياة الامام الهادي عليه السلام، و قد [ صفحه 6] اعتمدت علي المصادر المذكورة في الهوامش، مقتصرا علي ايراد النصوص، تاركا ذكر الرواة و الاضافات الي المطولات؛ حذرا من التطويل الممل. كما و رتبته حسب الجوانب في أبعاد شخصيته عليه السلام، آملا أن يكون مقبولا عنده، و بذلك موفيا بعض الحق من عظيم حقوقه، خدمة للاسلام و المسلمين، و الله الهادي الي سواء السبيل. محمدرضا سيبويه مشهد المقدسة [ صفحه 7]

اسمه و اسم أبيه

علي بن محمد الجواد عليهماالسلام.

اسماء أجداده

علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

امه

ام ولد اسمها سمانة المغربية، و في المناقب يقال : ان امه المعروفة بالسيدة ام الفضل [1] .

تاريخ مولده

اختلف المؤرخون في يوم ولادته، فقال الكفعمي في المصباح : ولد يوم الجمعة ثاني رجب سنة 212 للهجرة [2] و قيل : خامسه، و قال ابن عياش : يوم الثلاثاء الخامس من رجب سنة أربع عشر [3] . [ صفحه 8] و في كشف الغمة : اما مولده ففي رجب من سنة 214 للهجرة [4] . و قال الشيخ في المصباح : انه ولد في السابع و العشرين من ذي الحجة [5] . و قال الكليني : انه ولد في منتصف ذي الحجة سنة(212)من الهجرة [6] . و الذي يقوي عندنا أنه كان في شهر رجب كما دل علي ذلك الدعاء الوارد عن المعصوم (ع) «اللهم اني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني و ابنه علي بن محمد المنتجب... الخ» [7] .

محل ولادته

قال المفيد، و ابن شهرآشوب في المناقب : كان مولده بصرياء من مدينة الرسول (ص) [8] . و قال السيد الامين في كتابه (في رحاب أئمة أهل البيت) : هكذا في كثير من النسخ (صريا) بصاد مهملة وراء و مثناة تحتية بعدها ألف، و في بعض النسخ بباء موحدة، و لم نجد لها ذكرا في معجم البلدان و لا في كتب اللغة، الا أن في المناقب نقل عن كتاب الجلاء، و الشفاء : أن صريا قرية أسسها موسي بن جعفر عليهماالسلام علي ثلاثة أميال من المدينة [9] .

كنيته

أبوالحسن، و يقال له أيضا : أبوالحسن الثالث، و هي اصطلاح روائي معروف عند أئمة الحديث يمتاز بها عمن يشترك معهم في هذه الكنية. [ صفحه 9]

القابه

قال ابن طلحة : هي الناصح، المتوكل، الفتاح، النقي، المرتضي [10] . و في المناقب : النجيب، المرتضي، الهادي، النقي، العالم، الفقيه، الأمين، المؤتمن، الطيب، العسكري؛ و عرف هو و ابنه بالعسكريين [11] . قال الصدوق في العلل : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون : ان المحلة التي كان يسكنها الامامان علي بن محمد و الحسن بن علي عليهماالسلام بسر من رأي كانت تسمي عسكرا فلذلك قيل لكل واحد منهما : العسكري [12] . و قيل : نسبة الي عسكر سر من رأي الذي بناه المعتصم لما كثر عسكره و ضاقت عليه بغداد فانتقل الي هذا الموضع بعسكره [13] . ولكنه عليه السلام اشتهر : بالهادي و النقي، و يقال له : الفقيه العسكري [14] .

نقش خاتمه

قد ذكروا لنقش خاتمه عليه السلام ألفاظا متعددة، و لعله كان له كل ذلك، منها : حفظ العهود من أخلاق المعبود؛ و قيل : الله ربي و هو عصمتي من خلقه؛ و قيل : من عصي هواه بلغ مناه [15] .

بوابه

عثمان بن سعيد العمري. [ صفحه 10]

شاعره

العوفي، و الديلمي، و محمد بن اسماعيل بن صالح الصيمري.

اما صفاته، ففي خلقه و حليته

قال صاحب الفصول المهمة : صفته أسمر اللون [16] .

في أخلاقه و أطواره

قال في المناقب : و كان أطيب الناس بهجة (مهجة)، و أصدقهم لهجة، و أملحهم من قريب، و أكملهم من بعيد، اذا صمت علته هيبة الوقار، و اذا تكلم سماه البهاء، و هو من بيت الرسالة و الامامة، و مقر الوصية و الخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة، و ثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة [17] . و في شذرات الذهب : كان فقيها اماما متعبدا [18] . و قال عبيدالله بن يحيي بن خاقان في وصف ولده الحسن العسكري عليهماالسلام لرجل : لو رأيت أباه لرأيت رجلا جليلا (جزلا [19] خ ل) نبيلا خيرا فاضلا [20] .

فضائله و مناقبه

الامامة : هي الرئاسة العامة لشؤون الدنيا و الدين، و هي منصب رباني و عهد الهي لا يمنحها الا لمن توفرت فيه المؤهلات و الشرائط المطلوبة من حيث العلم و العصمة و الفضيلة كما أنها مرتبة فوق النبوة حيث حصلت لبعض الانبياء و هم اولوالعزم من [ صفحه 11] الرسل، و انما نالوا هذه المرتبة العظيمة بعدما اتخذهم الله عزوجل أنبياء و اختار لهم الرسالة كما حصلت لابراهيم عليه السلام حيث انه بعد نيله النبوة و الخلة قال عز من قائل مخاطبا اياه : «اني جاعلك للناس اماما قال و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين» [21] ، و كذلك ما ورد عن زيد الشحام، قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : ان الله تبارك و تعالي اتخذ ابراهيم عليه السلام عبدا قبل أن يتخذه نبيا، و ان الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، و ان الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، و ان الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه اماما، فلما جمع له

الأشياء قال : اني جاعلك للناس اماما... الخ [22] . فبعد الوقوف علي عظم شأنها نجد أن كل من تصدي لها كان من الصفوة التي اختارهم الله لذلك، و من جملتهم هو الامام الهادي عليه السلام كما دلت النصوص الواردة في حقه و المؤهلات المتوفرة فيه من العلم و الحكمة و سائر الصفات الحميدة.

النص علي امامته

اما النصوص الدالة علي امامته فنكتفي بما ورد منها في البحار. 1- عن الصقر بن دلف قال : سمعت أباجعفر محمد بن علي الرضا عليهماالسلام يقول : ان الامام بعدي ابني علي أمره أمري، و قوله قولي، و طاعته طاعتي، و الامامة بعده في ابنه الحسن [23] . اقول : في هذا الخبر اشارة الي دفع دخل مقدر و هو أن الامامة لا تكون الا للحسن العسكري (ع) دون اخيه السيد محمد (ع) مع ما كان له من الفضل و جلالة القدر، و لعل من يشاهده يظن بأنه الامام بعد أبيه، و لو أنه توفي في حياة أبيه. [ صفحه 12] 2- عن الخيراني، عن أبيه قال : كنت ألزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي و كلت بها و كان احمد بن [محمد بن] عيسي الاشعري يجي ء في السحر من آخر كل ليلة ليتعرف خبر علة ابي جعفر عليه السلام و كان الرسول الذي يختلف بين ابي جعفر عليه السلام و بين [أبي] [24] اذا حضر قام احمد و خلا به [أبي]. قال الخيراني : فخرج ذات ليلة و قام أحمد بن محمد بن عيسي عن المجلس و خلا أبي بالرسول و استدار احمد و وقف حيث يسمع الكلام فقال الرسول لأبي : ان مولاك يقرئك السلام و يقول لك : اني ماض و الأمر

صائر الي ابني علي و له عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي ثم مضي الرسول و رجع أحمد الي موضعه، فقال لأبي : ما الذي قال لك؟ قال : خيرا، قال : [فانني] قد سمعت ما قال [لك]، و أعاد [اليه] ما سمع، فقال له أبي : قد حرم الله عليك ما فعلت، لأن الله تعالي يقول : «و لا تجسسوا» [25] فأما اذا سمعت فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج اليها يوما ما، و اياك أن تظهرها [لأحد] الي وقتها [26] . قال : [فلما أصبح أبي كتب] نسخة الرسالة في عشر رقاع [بلفظها] و ختمها و دفعها الي عشرة من وجوه العصابة و قال [لهم] : ان حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها و اعملوا بما فيها، [قال] : فلما مضي أبوجعفر عليه السلام [ذكر أبي أنه] لم يخرج من منزله حتي قطع علي يديه نحو من أربعمائة انسان و اجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج [الرخجي] [27] يتفاوضون في [هذا] الأمر فكتب محمد بن الفرج الي أبي يعلمه باجتماع القوم عنده و أنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم اليه، و سأله [ صفحه 13] أن يأتيه، فركب أبي و صار اليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي : ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع : أحضروا الرقاع فأحضروها، [وفضها] [28] و قال لهم : هذا ما امرت به، فقال بعضهم : قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم أبي : قد أتاكم الله عزوجل به هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة و سأله أن يشهد بما عنده

: فتوقف أبوجعفر أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبي الي المباهلة، فقال : لما حقق عليه، قال : قد سمعت ذلك و هذا مكرمة كنت احب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم، (فاما مع المباهلة فلا طريق الي كتمان الشهادة) [29] فلم يبرح القوم حتي قالوا بالحق جميعا [30] . و في الكافي أورد نص الوصية فمن أحب الاطلاع عليها فليراجع هناك. 3- عن عيون المعجزات : روي أن أباجعفر عليه السلام لما أراد الخروج من المدينة الي العراق و معاودتها أجلس أباالحسن في حجره بعد النص عليه و قال له : ما الذي تحب أن اهدي اليك من طرائف العراق؟ فقال عليه السلام : سيفا كأنه شعلة نار، ثم التفت الي موسي ابنه و قال له : ما تحب أنت؟ فقال : فرسا، فقال عليه السلام : أشبهني أبوالحسن، و أشبه هذا امه [31] . 4- عن الكليني باسناده قال : لما خرج أبوجعفر عليه السلام من المدينة الي بغداد في الدفعة الاولي من خرجتيه، قلت له عند خروجه : جعلت فداك اني أخاف عليك في هذا الوجه، فالي من الأمر بعدك؟ فكر بوجهه الي ضاحكا و قال : ليس [الغيبة] حيث ظننت في هذه السنة، فلما استدعي به الي المعتصم صرت اليه فقلت له : جعلت فداك فأنت خارج فالي من هذا الأمر من بعدك؟ فبكي حتي اخضلت لحيته ثم التفت الي فقال : عند هذا يخاف علي، الأمر من بعدي الي ابني علي [32] . [ صفحه 14] من هذا الخبر نستلخص بأن الحكام الطواغيت عندما كانوا يطلبون أئمتنا و يجلبونهم الي مقر حكومتهم فانما كان لأجل الترصد لاعمالهم و القضاء

عليهم لا غير، و الا لم يكونوا مشغوفين بلقياهم بل كان وجود الامام أثقل شي ء علي كاهل النظام الطاغوتي، لذلك تجد كل واحد من هؤلاء الطواغيت كان يتعامل معاملة سيئة مع امام زمانه و بالتالي يؤدي به الي القضاء عليه، لأنه يري فيه الواقعية و الشرعية عكس ما يحمله هو، و لاحساسه بالخطر علي سلطانه و حكمه. لذلك و عندما كانوا يجلبون وسط ظروف غامضة كانت الشيعة تضطرب خوفا علي حياتهم و مستقبل مسيرتهم فيبادرون الي الأئمة للاستفسار عن الامام الذي سيخلفهم لكي لا يضلوا حياري من بعده.

عناية الحكام لصرف الامامة عن هذا البيت

قال المسعودي : و قام أبوالحسن بأمر الله جل و علا في سنة عشرين و مائتين و له ست سنين و شهور في مثل سن أبيه عليهماالسلام بعد ملك المعتصم بسنتين، فروي الحميري : عن محمد بن سعيد مولي لولد جعفر بن محمد قال : قدم عمر بن الفرج الرخجي [33] و له مواقف صلفة مع آل الرسول، ففي الكافي عن محمد بن سنان قال : دخلت علي أبي الحسن عليه السلام - يعني الهادي - فقال : يا محمد! حدث بآل فرج حدث؟ فقلت : مات عمر، فقال : الحمدلله - حتي أحصيت له أربعا و عشرين مرة - فقلت : يا سيدي لو علمت أن هذا يسرك لجئت حافيا أعدو اليك. قال يا محمد : أولا تدري ما قال لعنه الله لمحمد بن علي أبي؟ قال : قلت : لا، قال : خاطبه في شي ء فقال : أظنك سكران، فقال أبي : اللهم ان كنت تعلم أني أمسيت لك صائما فأذقه طعم الحرب، و ذل الأسر. فوالله ان ذهبت الأيام حتي حرب ماله، و ما كان

له، ثم اخذ أسيرا و هو ذا قدمات - لا رحمه الله - و قد أدال الله عزوجل منه و ما زال يديل [34] أولياءه من أعدائه. (البحار 50 : 221- الكافي 1 : 496 / 9). و من مظالمه ما ذكره أبوالفرج الاصفهاني حيث قال : استعمل المتوكل علي المدينة و مكة عمر بن الفرج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، و منع الناس من البر بهم، و كان لا يبلغه أن أحدا أبر أحدا منهم بشي ء و ان قل الا أنهكه عقوبة و أثقله غرما. حتي كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرقعنه و يجلسن علي مغازلهن عواري حواسر.. الخ (مقاتل الطالبيين : 396 طبع النجف - البحار 50 : 100/ه) قال المسعودي : في سنة 233 سخط المتوكل علي عمر بن الفرج، و أخذ منه مالا و جواهرا مائة ألف و عشرين ألف دينار ثم صالحه علي مقدار... و غضب عليه مرة ثانية، ثم أمر أن يصفع في كل يوم فاحصي ما صفع فكانت ستة الآف صفعة [35] ،... ثم غضب عليه ثالثة و أحدر الي بغداد، و أقام بها حتي مات. (مروج الذهب 4 : 117 - البحار 50 : 221). و الظاهر أن محمد بن الفرج الرخجي هو أخوه الا أنه شتان ما بينهما، و هذا من اصحاب أبي الحسن الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام له كتاب المسائل، و يظهر من بعض الأخبار أنه كان وكيل أبي الحسن الهادي (ع) كما في الخرائج، و سكن بغداد الجانب الغربي ثم خرج الي سر من رأي و قبض بها. (هامش البحار 50 : 141).

المدينة حاجا بعد مضي أبي جعفر عليه السلام فأحضر جماعة من أهل المدينة [ صفحه 15] و المخالفين المعاندين لأهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال لهم : ابغوا لي رجلا من أهل الأدب و القرآن و العلم لا يوالي أهل هذا البيت لأضمه الي هذا الغلام، و اوكله بتعليمه، و أتقدم اليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه و يعسونه [36] ، فسموا له رجلا من أهل الأدب يكني أباعبدالله، و يعرف بالجنيدي متقدما عند أهل المدينة في الأدب و الفهم، ظاهر الغضب [37] و العداوة، فأحضره عمر بن الفرج و أسني له الجاري من مال السلطان، و تقدم اليه بما أراد، و عرفه أن السلطان أمره باختيار مثله و توكيله بهذا الغلام. قال : فكان الجنيدي يلزم أباالحسن في القصر بصريا، فاذا كان الليل أغلق الباب و أقفله و أخذ المفاتيح اليه فمكث علي هذه مدة، و انقطعت الشيعة عنه و عن [ صفحه 16] الاستماع منه و القراءة عليه، ثم اني لقيته في يوم جمعة فسلمت عليه، و قلت له : ما قال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه، فقال منكرا علي : تقول الغلام و لا تقول الشيخ الهاشمي! انشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟ قلت : لا، قال : فاني و الله أذكر له الحزب من الأدب أظن أني قد بالغت فيه، فيملي علي بابا فيه أستفيده منه. ثم لقيته بعد ذلك فسلمت عليه و سألته عن خبره و حاله، ثم قلت ما حال الفتي الهاشمي؟ فقال لي : دع هذا القول عنك، هذا و الله خير أهل الأرض و أفضل من خلق الله، انه لربما هم بالدخول فأقول

له : تنظر حتي تقرأ عشرك، فيقول لي : أي السور تحب أن أقرأها، أنا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ اليه [فيهذها] [38] بقراءة لم أسمع أصح منها من أحد قط، و جزم أطيب من مزامير داود النبي عليه السلام الذي اليها من قراءته يضرب المثل، قال : ثم قال : هذا مات أبوه بالعراق، و هو صغير بالمدينة و نشأ بين هذه الجواري السود فمن أين علم هذا. قال : ثم ما مرت به الأيام و الليالي حتي لقيته فوجدته قد قال بامامته و عرف الحق و قال به [39] .

ابرز ملامح صفاته

لقد كان الامام الهادي عليه السلام كآبائه حاويا لمكارم الأخلاق و محامد الصفات و قد سجل لنا التاريخ نماذج كثيرة منها في أبعادها و صورها، و ها نحن نسرد منها ما يتيسر لنا استقصاؤه من السير مقتصرين علي نقل المتون و محل الشاهد بحذف الأسناد، و هي علي أقسام : أحدها : العلم : و سنبين ما ظهر من علومه و بليغ حكمه ان شاءالله في فصل مستقل. [ صفحه 17] ثانيها : الحلم : و يكفي في اثبات ذلك ما صدر منه تجاه بريحة الذي سعي عليه عند المتوكل، و سيأتي فيما بعد تفصيله أيضا [40] . ثالثها : السخاء و الكرم : قال في المناقب : دخل أبوعمرو عثمان بن سعيد و أحمد بن اسحاق الاشعري و علي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري عليه السلام فشكي اليه أحمد بن اسحاق دينا عليه، فقال : يا عمرو - و كان وكيله - ادفع اليه ثلاثين ألف دينار و الي علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار وخذ أنت ثلاثين ألف دينار،

(قال) : فهذه معجزة لا يقدر عليها الا الملوك و ما سمعنا بمثل هذا العطاء [41] . و في المناقب : قال اسحاق الجلاب : اشتريت لأبي الحسن عليه السلام غنما كثيرة يوم التروية فقسمها في أقاربه [42] . و لعل هذا يدل علي اهتمام الامام (ع) بأمر الاضحية حيث يقدم لأقاربه أغناما ليتمكنوا من تضحيتها يوم الاضحي، و الحال أنهم كانوا غير متمكنين من الاضحية لو لم يفعل الامام ذلك. رابعها : الهيبة و العظمة في قلوب الناس : في اعلام الوري : بسنده عن محمد بن الحسن الأشتر العلوي قال : كنت مع أبي علي باب المتوكل و أنا صبي في جمع من الناس ما بين طالبي الي عباسي و جعفري، و نحن وقوف اذ جاء أبوالحسن فترجل الناس كلهم حتي دخل، فقال بعضهم لبعض : لمن نترجل [43] ، لهذا الغلام، و ما هو بأشرفنا و لا بأكبرنا و لا بأسننا [44] ؟ و الله لا ترجلنا له! فقال أبوهاشم الجعفري : و الله لتترجلن له صغرة اذا رأيتموه فما هو الا أن أقبل [ صفحه 18] و بصروا به حتي ترجل له الناس كلهم، فقال لهم أبوهاشم : أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟ فقالوا له : و الله ما ملكنا أنفسنا حتي ترجلنا [45] .

معاجزه و كراماته

للأئمة عليهم السلام معاجز و كرامات يمتازون بها عن سائر الناس لما ثبت لهم من الولاية التكوينية، و كيف لا تكون لهم هذه و الحال نري أنه يقول جل و علا في الحديث القدسي : (عبدي أطعني أجعلك مثلي.. أنا أقول للشي ء كن فيكون، أطعني فيما أمرتك تقول للشي ء كن فيكون) [46] و هم في الواقع

و الحقيقة في الاطاعة لله عزوجل لا يشابههم أحد و لا يضاهي مرتبتهم بشر، و لذلك سجل التاريخ لهم صورا من المعاجز و الكرامات، و من جملتهم هو الامام الهادي عليه السلام فها نحن نسرد ما ورد عنه في هذا الحقل. اما المعاجز 1- البحار : عن اسحاق الجلاب [47] قال : اشتريت لأبي الحسن عليه السلام غنما كثيرة فدعاني فأدخلني من اصطبل [48] داره الي موضع واسع لا أعرفه، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن أمرني به. فبعثت الي أبي جعفر [49] و الي والدته و غيرهما ممن أمرني ثم استأذنته في الانصراف الي بغداد الي والدي، و كان ذلك يوم التروية، فكتب الي : تقيم غدا عندنا [ صفحه 19] ثم تنصرف قال : فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده و بت ليلة الأضحي في رواق له : فلما كان في السحر أتاني فقال لي : يا اسحاق قم، فقمت ففتحت عيني فاذا أنا علي بابي ببغداد فدخلت علي والدي و أتاني أصحابي فقلت لهم : عرفت بالعسكر، و خرجت الي العيد ببغداد [50] . 2- البحار : عن زرارة حاجب المتوكل أنه قال : وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند الي المتوكل يلعب بلعب الحق [51] لم ير مثله، و كان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد بن الرضا فقال لذلك الرجل : ان أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زكية. قال : تقدم بأن يخبز رقاق خفاف و اجعلها علي المائدة و أقعدني الي جنبه ففعل و أحضر علي بن محمد عليهماالسلام و كانت له مسورة [52] عن يساره كان عليها صورة أسد، و جلس اللاعب الي جانب المسورة فمد علي بن محمد

عليهماالسلام يده الي رقاقة فطيرها ذلك الرجل و مد يده الي اخري فطيرها فتضاحك الناس. فضرب علي بن محمد عليهماالسلام يده علي تلك الصورة التي في المسورة، و قال : خذه فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل و عادت في المسورة كما كانت. فتحير الجميع و نهض علي بن محمد عليهماالسلام فقال له المتوكل : سألتك الا جلست ورددته، فقال : و الله لا تري بعدها أتسلط أعداء الله علي أولياء الله، و خرج من عنده فلم ير الرجل بعد ذلك [53] . أقول : لم يكن هذا منه بعجيب و لا بعيد ألم يلق موسي عليه السلام عصاه فتصير [ صفحه 20] ثعبانا تلقف ما يأفكون من الحبال و العصي؟ بحيث لم تكبر العصا و لم ترد ما التقمتها، فهم ورثة الأنبياء، و عندهم معاجز أكثر مما عند الأنبياء. 3- البحار : روي أن أباهاشم الجعفري قال : ظهرت في أيام المتوكل امرأة تدعي أنها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال المتوكل : أنت امرأة شابة و قد مضي من وقت رسول الله صلي الله عليه و آله ما مضي من السنين، فقالت : ان رسول الله صلي الله عليه و آله مسح علي و سأل الله أن يرد علي شبابي في كل أربعين سنة، و لم أظهر للناس الي هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت اليهم. فدعي المتوكل مشايخ آل أبي طالب و ولد العباس و قريش و عرفهم حالها، فروي جماعة وفاة زينب في سنة كذا، فقال لها : ما تقولين في هذه الرواية؟ فقالت كذب وزور فان أمري كان مستورا عن الناس، فلم يعرف لي حياة و

لا موت، فقال لهم المتوكل : هل عندكم حجة علي هذه المرأة غير هذه الرواية؟ فقالوا : لا، فقال : هو بري ء من العباس ان لا أنزلها عما ادعت الا بحجة. قالوا : فأحضر ابن الرضا عليه السلام فلعل عنده شيئا من الحجة غير ما عندنا فبعث اليه فحضر فأخبره بخبر المرأة فقال : كذبت فان زينب توفيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا قال : فان هؤلاء قد رووا مثل هذه و قد حلفت أن لا أنزلها الا بحجة تلزمها. قال : و لا عليك فها هنا حجة تلزمها و تلزم غيرها، قال و ما هي؟ قال : لحوم بني فاطمة محرمة علي السباع فأنزلها الي السباع فان كانت من ولد فاطمة فلا تضرها فقال لها : ما تقولين؟ قالت : انه يريد قتلي قال : فها هنا جماعة من ولد الحسن و الحسين عليهماالسلام فأنزل من شئت منهم، قال : فوالله لقد تغيرت وجوه الجميع، فقال بعض المبغضين : هو يحيل علي غيره لم لا يكون هو؟ فمال المتوكل الي ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع، فقال : يا أباالحسن لم لا تكون أنت ذلك؟ قال : ذاك اليك، قال : فافعل! قال : أفعل فاتي بسلم و فتح عن السباع و كانت ستة من الأسد فنزل أبوالحسن اليها فلما دخل و جلس صارت الاسود اليه فرمت بأنفسها بين يديه، و مدت بأيديها و وضعت رؤوسها بين يديه فجعل يمسح علي رأس كل واحد منها، [ صفحه 21] ثم يشير اليه بيده الي الاعتزال فتعتزل ناحية حتي اعتزلت كلها و أقامت بازائه. فقال له الوزير

: ما هذا صوابا فبادر باخراجه من هناك، قبل أن ينتشر خبره فقال له : يا أباالحسن ما أردنا بك سوءا و انما أردنا أن نكون علي يقين مما قلت فاحب أن تصعد فقام و صار الي السلم و هي حوله تتمسح بثيابه. فلما وضع رجله علي أول درجة التفت اليها و أشار بيده أن ترجع، فرجعت و صعد فقال : كل من زعم أنه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس، فقال لها المتوكل : انزلي : قالت : الله الله ادعيت الباطل، و أنا بنت فلان حملني الضر علي ما قلت، قال المتوكل : ألقوها الي السباع فاستوهبتها والدته [54] . 4- البحار : روي أبومحمد البصري عن أبي العباس خال شبل كاتب ابراهيم بن محمد قال : كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي : يا أبامحمد لم أكن في شي ء من هذا الأمر (أي أمر الولاية و القول بالامامة) و كنت أعيب علي أخي و علي أهل هذا القول عيبا شديدا بالذم و الشتم الي أن كنت في الوفد الذين أوفد المتوكل الي المدينة في احضار أبي الحسن عليه السلام فخرجنا الي المدينة. فلما خرج و صرنا في بعض الطريق و طوينا المنزل و كان منزلا صائغا شديد الحر فسألناه أن ينزل فقال : لا، فخرجنا و لم نطعم و لم نشرب فلما اشتد الحر و الجوع و العطش فبينما و نحن اذ ذلك في أرض ملساء لا نري شيئا و لا ظل و لا ماء نستريح فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه قال : و ما لكم أحسبكم جياعا و قد عطشتم؟ فقلنا : اي و الله يا سيدنا قد عيينا قال : عرسوا [55]

! و كلوا و اشربوا. فتعجبت من قوله و نحن في صحراء ملساء لا نري فيها شيئا نستريح اليه، و لا ماءا و لا ظلا، فقال : ما لكم عرسوا، فابتدرت الي القطار لانيخ [56] ثم التفت و اذا أنا [ صفحه 22] بشجرتين عظيمتين تستظل تحتهما عالم من الناس و اني لأعرف موضعهما أنه أرض براح [57] فقراء و اذا بعين تسيح علي وجه الأرض أعذب ماء و أبرده. فنزلنا و أكلنا و شربنا و استرحنا، و ان فينا من سلك ذلك الطريق مرارا فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، و جعلت أحد النظر اليه و أتأمله طويلا و اذا نظرت اليه تبسم وزوي وجهه عني. فقلت في نفسي : و الله لأعرفن هذا كيف هو؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي و وضعت عليه حجرين و تغوطت في ذلك الموضع و تهيأت للصلاة، فقال أبوالحسن عليه السلام استرحتم؟ قلنا : نعم، قال : فارتحلوا علي اسم الله، فارتحلنا. فلما أن سرنا ساعة رجعت علي الأثر فأتيت الموضع فوجدت الأثر و السيف كما وضعت و العلامة و كأن الله لم يخلق ثم شجرة و لا ماءا و لا ظلالا و لا بللا فتعجبت من ذلك، و رفعت يدي الي السماء فسألت الله الثبات علي المحبة و الايمان به و المعرفة منه؛ و أخذت الأثر فلحقت القوم. فالتفت الي أبوالحسن عليه السلام و قال : يا أباالعباس فعلتها؟ قلت : نعم يا سيدي لقد كنت شاكا و أصبحت أنا عند نفسي من أغني الناس في الدنيا و الآخرة، فقال : هو كذلك هم معدودون معلومون لا يزيد رجل و لا ينقص. (بيان) : «هم معدودون» أي الشيعة

و أنت كنت منهم [58] . 5- البحار : داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت عليه بسر من رأي و أنا اريد الحج لاودعه فخرج معي، فلما انتهي الي آخر الحاجز نزل، فنزلت معه، فخط بيده الأرض خطة شبيهة بالدائرة، ثم قال لي : يا عم خذ ما في هذه يكون في نفقتك، و تستعين به علي حجك فضربت بيدي فاذا سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال [59] . [ صفحه 23] 6- البحار : الحسين بن علي : أنه أتي النقي عليه السلام رجل خائف و هو يرتعد و يقول : ان ابني اخذ بمحبتكم و الليلة يرمونه من موضع كذا و يدفنونه تحته، قال : فما تريد؟ قال : ما يريد الأبوان، فقال : لا بأس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا. فلما أصبح أتاه ابنه فقال : يا بني ما شأنك؟ قال : لما حفروا القبر و شدوا لي الأيدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة، و سألوا عن بكائي فذكرت لهم، فقالوا : لو جعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك و تخرج و تلزم تربة النبي عليه السلام؟ قلت : نعم، فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل و لم يسمع أحد جزعه و لا رأوا الرجال و أوردوني اليك و هم ينتظرون خروجي اليهم، و ودع أباه و ذهب. فجاء أبوه الي الامام و أخبره بحاله، فكان الغوغاء تذهب و تقول : وقع كذا و كذا و الامام عليه السلام يتبسم و يقول : انهم لا يعلمون ما نعلم [60] . 7- البحار : عن محمد بن داود القمي و محمد الطلحي قالا : حملنا مالا من خمس و نذر و هدايا و جواهر اجتمعت

في قم و بلادها، و خرجنا نريد بها سيدنا أباالحسن الهادي عليه السلام فجاءنا رسوله في الطريق أن ارجعوا فليس هذا وقت الوصول فرجعنا الي قم و أحرزنا ما كان عندنا فجاءنا أمره بعد أيام أن قد أنفذنا اليكم ابلا عيرا فاحملوا عليها ما عندكم، و خلوا سبيلها. قال : فحملناها و أودعناها الله فلما كان من قابل، قدمنا عليه فقال : انظروا الي ما حملتم الينا فنظرنا فاذا المنايح [61] كما هي [62] . 8- البحار : عن هاشم بن زيد قال : رأيت علي بن محمد صاحب العسكر [63] و قد اتي بأكمه [64] فأبرأه، و رأيته تهيي ء من الطين كهيئة الطير و ينفخ فيه فيطير فقلت له : لا [ صفحه 24] فرق بينك و بين عيسي عليه السلام فقال : أنا منه و هو مني. محمد بن سنان الرامزي قال : كان أبوالحسن علي بن محمد عليهماالسلام حاجا و لما كان في انصرافه الي المدينة، وجد رجلا خراسانيا واقفا علي حمار له ميت يبكي و يقول : علي ماذا أحمل رحلي فاجتاز عليه السلام به فقيل له : هذا الرجل الخراساني ممن يتولاكم أهل البيت فدني من الحمار الميت فقال : لم تكن بقرة بني اسرائيل بأكرم علي الله تعالي مني و قد ضرب ببعضها الميت فعاش ثم و كزه برجله اليمني و قال : قم باذن الله فتحرك الحمار ثم قام و وضع الخراساني رحله و أتي به المدينة، و كلما مر عليه السلام أشاروا عليه باصبعهم، و قالوا : هذا الذي أحيا حمار الخراساني [65] .

كراماته

كراماته عليه السلام فوق حد الاحصاء الا أنا نقدم نماذج منها. 1- البحار : عن النوفلي قال :

سمعته يقول : اسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفا و انما كان عند آصف منه حرف واحد، فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه و بين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتي صيره الي [حضرة] سليمان ثم بسطت له الأرض في أقل من طرفة عين، و عندنا منه اثنان و سبعون حرفا، و حرف واحد عندالله عزوجل استأثر به في علم الغيب، [و يتعجب ما وهبه الله لنا بقدرته و اذنه] [66] . 2- البحار : عن كافور الخادم قال : قال لي الامام علي بن محمد عليهماالسلام : اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لأتطهر منه للصلاة، و أنفذني في حاجة و قال : اذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا اذا تأهبت للصلاة و استلقي عليه السلام لينام و أنسيت ما قال لي و كانت ليلة باردة فحسست به و قد قام الي الصلاة و ذكرت أنني لم أترك السطل، فبعدت عن الموضع خوفا من لومه و تألمت له حيث يشقي بطلب الاناء [ صفحه 25] فناداني نداء مغضب فقلت : انا لله أيش [67] عذري أن أقول نسيت مثل هذا و لم أجد بدا من اجابته. فجئت مرعوبا فقال : يا ويلك أما عرفت رسمي أنني لا أتطهر الا بماء بارد فسخنت لي ماء فتركته في السطل؟ فقلت : و الله يا سيدي ما تركت السطل و لا الماء، قال : الحمدلله و الله لا تركنا رخصة و لا رددنا منحة، الحمدلله الذي جعلنا من أهل طاعته، و وفقنا للعون علي عبادته، ان النبي صلي الله عليه و آله يقول : ان الله يغضب علي من لا يقبل رخصة [68] . 3- البحار

: عن كافور الخادم قال : كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنائع صنوف من الناس و كان الموضع كالقرية و كان يونس النقاش يغشي سيدنا الامام عليه السلام و يخدمه. فجاءه يوما يرعد فقال : يا سيدي اوصيك بأهلي خيرا قال : و ما الخبر؟ قال : عزمت علي الرحيل قال : و لم يا يونس؟ و هو عليه السلام متبسم، قال : قال موسي بن بغا [69] وجه الي بفص ليس له قيمة أقبلت أن أنقشه فكسرته باثنين و موعده غدا و هو موسي بن بغا اما ألف سوط أو القتل، قال : امض الي منزلك الي غد فما يكون الا خيرا. فلما كان من الغد وافي بكرة يرعد فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفص قال : امض اليه فما تري الا خيرا، قال : و ما أقول له يا سيدي؟ قال : فتبسم و قال : امض اليه و اسمع ما يخبرك به، فلن يكون الا خيرا. قال فمضي و عاد يضحك قال : قال لي يا سيدي : الجواري اختصمن فيمكنك أن تجعله فصين حتي نغنيك؟ فقال سيدنا الامام عليه السلام : اللهم لك الحمد اذ جعلتنا ممن يحمدك حقا فأيش قلت له؟ قال : قلت له : أمهلني حتي أتأمل أمره كيف [ صفحه 26] أعمله؟ فقال أصبت [70] . 4- البحار : عن خير الكاتب قال : حدثني سميلة الكاتب و كان قد عمل أخبار سر من رأي قال : كان المتوكل يركب الي الجامع و معه عدد ممن يصلح للخطابة، و كان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة و كان المتوكل يحقره فتقدم اليه أن يخطب

يوما فخطب فأحسن فتقدم المتوكل يصلي فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر فجآء فجذب منطقته [71] من ورائه و قال : يا أميرالمؤمنين من خطب يصلي فقال المتوكل : أردنا أن نخجله فأخجلنا. و كان أحد الأشرار فقال يوما للمتوكل : ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد فلا يبقي في الدار الا من يخدمه و لا يتعبونه بشيل ستر و لا فتح باب، و لا شي ء، و هذا اذا علمه الناس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا، دعه اذا دخل يشيل الستر لنفسه و يمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة، فتقدم أن لا يخدم و لا يشال بين يديه ستر، و كان المتوكل ما رئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله. قال : فكتب صاحب الخبر اليه : أن علي بن محمد دخل الدار فلم يخدم و لم يشل أحد بين يديه سترا فهب هواء رفع الستر له، فدخل فقال : اعرفوا خبر خروجه، فذكر صاحب الخبر هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتي خرج فقال : ليس نريد هواء يشيل الستر شيلوا الستر بين يديه [72] . 5- البحار : روي أبوهاشم الجعفري : أنه كان للمتوكل مجلس بشبابيك كيما تدور الشمس في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوت، فاذا كان يوم السلام جلس في ذلك المجلس فلا يسمع ما يقال له و لا يسمع ما يقول لاختلاف أصوات تلك الطيور، فاذا وافاه علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام سكتت الطيور فلا يسمع منها صوت [ صفحه 27] واحد الي أن يخرج فاذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في

أصواتها. قال : و كان عنده عدة من القوابج [73] في الحيطان [فكان يجلس في مجلس له عال، و يرسل تلك القوابج تقتتل، و هو ينظر اليها و يضحك منها، فاذا وافي علي بن محمد عليهماالسلام ذلك المجلس لصقت القوابج بالحيطان] فلا تتحرك من مواضعها حتي ينصرف فاذا انصرف عادت في القتال [74] . 6- البحار : روي عن محمد بن الفرج قال : قال لي علي بن محمد عليهماالسلام : اذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها، وضع الكتاب تحت مصلاك، ودعه ساعة، ثم أخرجه و انظر، قال : ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه موقعا فيه [75] . 7- البحار : عمن سماه الكليني قال : كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أن الرجل يحب أن يفضي الي امامه ما يحب أن يفضي الي ربه، قال : فكتب : ان كان لك حاجة فحرك شفتيك فان الجواب يأتيك [76] . 8- البحار : روي عن أبي محمد الطبري قال : تمنيت أن يكون لي خاتم من عنده عليه السلام فجاءني نصر الخادم بدرهمين، فصغت خاتما فدخلت علي قوم يشربون الخمر فتعلقوا بي حتي شربت قدحا أو قدحين، فكان الخاتم ضيقا في اصبعي لا يمكنني ادارته للوضوء فأصبحت و قد افتقدته، فتبت الي الله [77] . 9- البحار : روي أن المتوكل... أمر العسكر و هم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأي أن يملأ كل واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر، و يجعلوا بعضه علي بعض في وسط تربة واسعة هناك، ففعلوا. فلما صار مثل جبل عظيم و اسمه تل المخالي [78] صعد فوقه و استدعي أباالحسن [ صفحه 28] و استصعده، و قال : استحضرتك

لنظارة خيولي، و قد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف [79] و يحملوا الأسلحة و قد عرضوا بأحسن زينة، و أتم عدة، و أعظم هيبة، و كان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه و كان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج علي الخليفة. فقال له ابوالحسن عليه السلام : و هل أعرض عليك عسكري؟ قال : نعم، فدعي الله سبحانه فاذا بين السماء و الأرض من المشرق و المغرب ملائكة مدججون [80] فغشي علي الخليفة فلما أفاق قال أبوالحسن عليه السلام : نحن لا نناقشكم في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شي ء مما تظن [81] .

قضاوه الحوائج و عطاياه

لا شك أن أئمتنا عليهم السلام كانوا في طليعة من يهتم بقضاء حوائج الناس و تقديم العون لهم كما هو ظاهر من كلماتهم في الحث و الترغيب علي قضاء الحوائج و بذل العطاء للمعوزين، و هنا نود أن نسرد صورا ناصعة مما تقدم به الامام الهادي عليه السلام في هذا المضمار. 1- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : خرجت مع أبي الحسن عليه السلام الي ظاهر سر من رأي يتلقي بعض القادمين فأبطأوا فطرح لأبي الحسن عليه السلام غاشية السرج فجلس عليها، و نزلت عن دابتي و جلست بين يديه و هو يحدثني فشكوت اليه قصر يدي و ضيق حالي فأهوي بيده الي رمل كان عليه جالسا فناولني منه كفا و قال : اتسع بهذا يا أباهاشم و اكتم ما رأيت فخبأته معي و رجعنا فأبصرته فاذا هو يتقد [ صفحه 29] كالنيران ذهبا أحمر. فدعوت صائغا الي منزلي و قلت له : اسبك لي هذه السبيكة فسبكها و قال لي : ما رأيت ذهبا

أجود من هذا، و هو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه؟ قلت : كان عندي قديما تدخره لنا عجائزنا علي طول الأيام [82] . 2- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : أصابتني ضيقة شديدة فصرت الي أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام فأذن لي فلما جلست قال : يا أباهاشم أي نعم الله عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟ قال أبوهاشم : فوجمت فلم أدر ما أقول له. فابتدأ عليه السلام فقال : رزقك الايمان فحرم بدنك علي النار، و رزقك العافية فأعانتك علي الطاعة، و رزقك القنوع فصانك عن التبذل، يا أباهاشم انما ابتدأتك بهذا لأني ظننت أنك تريد أن تشكولي من فعل بك هذا، و قد أمرت لك بمائة دينار فخذها [83] . 3- البحار : قال محمد بن طلحة : خرج عليه السلام يوما من سر من رأي الي قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه فقيل له قد ذهب الي الموضع الفلاني فقصده فلما وصل اليه قال له ما حاجتك؟ فقال : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاية جدك علي بن أبي طالب عليه السلام و قد ركبني دين فادح أثقلني حمله، و لم أر من أقصده لقضائه سواك. فقال له أبوالحسن : طب نفسا و قر عينا ثم أنزله فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبوالحسن عليه السلام : اريد منك حاجة الله الله أن تخالفني فيها، فقال الأعرابي : لا اخالفك، فكتب أبوالحسن عليه السلام ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح علي دينه، و قال : خذ هذا الخط فاذا وصلت الي سر من رأي احضر الي و عندي جماعة، فطالبني به و

أغلظ القول علي في ترك ايفائك [84] اياه، الله الله في مخالفتي [ صفحه 30] فقال : أفعل، و أخذ الخط. فلما وصل أبوالحسن الي سر من رأي، و حضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة و غيرهم، حضر ذلك الرجل و أخرج الخط و طالبه و قال كما أوصاه، فألان أبوالحسن عليه السلام له القول و رفقه، و جعل يعتذر، و وعده بوفائه و طيبة نفسه، فنقل ذلك الي الخليفة المتوكل فأمر أن يحمل الي أبي الحسن عليه السلام ثلاثون ألف درهم. فلما حملت اليه تركها الي أن جاء الرجل فقال : خذ هذا المال و اقض منه دينك، و أنفق الباقي علي عيالك و أهلك، و أعذرنا. فقال له الأعرابي : يا ابن رسول الله و الله ان أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالته، و أخذ المال و انصرف [85] . قال الأربلي في كشف الغمة بعد سرده للخبر المتقدم : و هذه منقبة من سمعها حكم له بمكارم الاخلاق و قضي له بالمنقبة المحكوم بشرفها بالاتفاق [86] . كما و نحن نترك التعليق عليه الي ما يستوحي منه القاري ء الكريم من معاني السمو الذاتي. 4- البحار : دخل أبوعمر و عثمان بن سعيد و أحمد بن اسحاق الأشعري و علي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري، فشكي اليه أحمد بن اسحاق دينا عليه فقال يا أباعمرو - و كان وكيله - ادفع اليه ثلاثين ألف دينار، و الي علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار، و خذ أنت ثلاثين ألف دينار. فهذه معجزة لا يقدر عليها الا الملوك، و ما سمعنا بمثل هذا العطاء [87] .

معرفته بالمغيبات

أما معرفته بالمغيبات

و اخباره بها فمما تظافرت به الأخبار و لم يكن ذلك منه [ صفحه 31] ببعيد اذ هو من أهل بيت ارتضاهم الباري جل و علا و أوقفهم علي مكنون علمه كما تشير الآية الكريمة لذلك «عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا، الا من ارتضي من رسول» [88] ، و قوله تعالي «ولكن الله يجتبي من رسله من يشآء» [89] ، قال البيضاوي : أي ما كان الله ليؤتي أحدكم علم الغيب فيطلع علي ما في القلوب من كفر و ايمان ولكنه يجتبي لرسالته من يشاء فيوحي اليه و يخبره ببعض المغيبات، أو ينصب له ما يدل عليها [90] . و قال الطبرسي في تفسير قوله تعالي : «فلا يظهر علي غيبه أحدا» ثم استثني فقال : «الا من ارتضي من رسول» يعني الرسل فانه يستدل علي نبوتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية و معجزة لهم، و معناه أن من ارتضاه و اختاره للنبوة و الرسالة فانه يطلعه علي ما شاء من غيبه علي حسب ما يراه من المصلحة [91] . و علم الغيب المنفي عن الخلق ما يكون بالاصطلاح الخاص و الامور الخاصة كما ورد في الخبر عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : ان لله علمين : علم استأثر به في غيبه فلم يطلع عليه نبيا من أنبيائه و لا ملكا من ملائكته و ذلك قول الله تعالي : «ان الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت» [92] ، و له علم قد أطلع عليه ملائكته فما أطلع عليه ملائكته فقد أطلع عليه محمدا و

آله، و ما أطلع عليه محمدا و آله فقد أطلعني عليه يعلمه الكبير منا و الصغير الي أن تقوم الساعة [93] . و قال العلامة المجلسي رحمه الله : قد عرفت مرارا أن نفي علم الغيب عنهم معناه [ صفحه 32] أنهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالي بوحي أو الهام. و الا فظاهر أن عمدة معجزات الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام من هذا القبيل، و أحد وجوه اعجاز القرآن أيضا اشتماله علي الاخبار بالمغيبات [94] . و قال المفيد رحمه الله في كتاب المسائل : أقول : ان الأئمة من آل محمد عليهم السلام قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد و يعرفون ما يكون قبل كونه، و ليس ذلك بواجب في صفاتهم و لا شرطا في امامتهم، و انما أكرمهم الله تعالي به و أعلمهم اياه للطف في طاعتهم و التسجيل بامامتهم [95] . و لذلك أن الله لا يحجب عنهم شيئا من أحوال شيعتهم و يعلمون علم المنايا و البلايا و ما في الضمائر، كما و يعلمون فصل الخطاب كما ورد في زيارة الجامعة (و فصل الخطاب عندكم) و المواليد، فقد ورد في كل ذلك أخبار و روايات فراجع كتب الحديث و السيرة فانك تجدها مشحونة بالعديد منها. و بما أن الامام الهادي عليه السلام هو واحد منهم لذلك ورد عنه في هذا الحقل ما يثبت لنا ذلك و اليكم نبذة مما ورد في هذا الباب. 1- البحار : عن المنصوري، عن عم أبيه قال : دخلت يوما علي المتوكل و هو يشرب فدعاني الي الشرب فقلت : يا سيدي ما شربته قط قال : أنت تشرب مع علي بن محمد قال : فقلت

له : ليس تعرف من في يدك انما يضرك و لا يضره و لم أعد ذلك عليه. قال : فلما كان يوما من الأيام قال لي الفتح بن خاقان : قد ذكر الرجل - يعني المتوكل - خبر مال يجيي ء من قم، و قد أمرني أن أرصده لأخبره له فقل لي من أي طريق يجي ء حتي أجتنبه فجئت الي الامام علي بن محمد فصادفت عنده من أحتشمه فتبسم و قال لي : لا يكون الا خيرا يا أباموسي لم لم تعد الرسالة الأولة؟ فقلت : أجللتك يا سيدي، فقال لي : المال يجي ء الليلة و ليس يصلون اليه فبت عندي. [ صفحه 33] فلما كان من الليل و قام الي ورده قطع الركوع بالسلام و قال لي : قد جاء الرجل و معه المال و قد منعه الخادم الوصول الي فاخرج خذ ما معه، فخرجت فاذا معه زنفيلجة [96] فيها المال فأخذته و دخلت به اليه فقال : قل له : هات الجبة التي قالت لك القمية انها ذخيرة جدتها، فخرجت اليه فأعطانيها فدخلت بها اليه فقال لي : قل له : الجبة التي أبدلتها منها ردها الينا فخرجت اليه فقلت له ذلك فقال : نعم كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة و أنا أمضي فأجي ء بها فقال : اخرج فقل له : ان الله تعالي يحفظ لنا و علينا هاتها من كتفك فخرجت الي الرجل فأخرجتها من كتفه فغشي عليه فخرج اليه فقال له : كنت شاكا فتيقنت [97] . (بيان) : «و لم اعد ذلك عليه» أي علي أبي الحسن عليه السلام و هو المراد بالرسالة الأولة، لأن الملعون لما ذكر ذلك ليبلغه عليه السلام سماه

رسالة [98] . 2- البحار : عن أبي علي بن راشد قال : قدمت علي أحمال فأتاني رسوله - يعني رسول الامام - قبل أن أنظر في الكتب أن أوجهه بها اليه : «سرح الي بدفتر كذا» و لم يكن عندي في منزلي دفتر أصلا قال : فقمت أطلب مالا أعرف بالتصديق له فلم أقع علي شي ء فلما ولي الرسول قلت : مكانك فحللت بعض الأحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به الا أني علمت أنه لم يطلب الا حقا فوجهت به اليه [99] . 3- البحار : عن هارون بن الفضل قال : رأيت أباالحسن عليه السلام في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال : انا لله و انا اليه راجعون، مضي أبوجعفر! فقيل له : و كيف عرفت ذلك؟ قال : تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها [100] . 4- البحار : أبويعقوب قال : رأيت محمد بن الفرج ينظر اليه أبوالحسن عليه [ صفحه 34] السلام نظرا شافيا فاعتل من الغد، فدخلت عليه فقال : ان أباالحسن عليه السلام قد أنفذ اليه بثوب فأرانيه مدرجا تحت ثيابه، قال : فكفن فيه و الله [101] . 5- البحار : روي عن محمد بن الفرج أنه قال : ان أباالحسن كتب الي : اجمع أمرك، و خذ حذرك، قال : فأنا في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد فيما كتب به الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا مصفدا بالحديد، و ضرب علي كل ما أملك. فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن عليه السلام و أنا في الحبس «لا تنزل في ناحية الجانب الغربي» فقرأت الكتاب فقلت في

نفسي : يكتب الي أبوالحسن عليه السلام بهذا و أنا في الحبس ان هذا العجيب! فما مكثت الا أياما يسيرة حتي افرج عني و حلت قيودي، و خلي سبيلي. و لما رجع الي العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبوالحسن عليه السلام و خرج الي سر من رأي قال : فكتبت اليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليرد علي ضياعي، فكتب الي سوف يرد عليك، و ما يضرك أن لا ترد عليك. قال علي بن محمد النوفلي : فلما شخص محمد بن الفرج الي العسكر كتب له برد ضياعه، فلم يصل الكتاب اليه حتي مات [102] . 6- البحار : روي عن خيران الأسباطي قال : قدمت المدينة علي أبي الحسن عليه السلام فقال لي : ما فعل الواثق؟ قلت : هو في عافية، قال : و ما يفعل جعفر؟ قلت : تركته أسوأ حالا في السجن، قال : و ما يفعل ابن الزيات؟ قلت : الأمر أمره و أنا منذ عشرة أيام خرجت من هناك، قال : مات الواثق، و قد قعد المتوكل جعفر، و قتل ابن الزيات، قلت : متي؟ قال : بعد خروجك بستة أيام و كان كذلك [103] . [ صفحه 35] 7- البحار : حدث جماعة من أهل اصفهان منهم أبوالعباس أحمد بن النضر و أبوجعفر محمد بن علوية قالوا : كان باصفهان رجل يقال له : عبدالرحمن و كان شيعيا قيل له : ما السبب الذي أوجب عليك القول بامامة علي النقي دون غيره من أهل الزمان؟ قال : شاهدت ما أوجب علي، و ذلك أنني كنت رجلا فقيرا و كان لي لسان و جرأة، فأخرجني أهل اصفهان سنة من السنين مع

قوم آخرين الي باب المتوكل متظلمين. فكنا بباب المتوكل يوما اذ أخرج الأمر باحضار علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فقلت لبعض من حضر : من هذا الرجل الذي قد أمر باحضاره؟ فقيل : هذا رجل علوي، تقول الرافضة بامامته ثم قال : و يقدر أن المتوكل يحضره للقتل، فقلت : لا أبرح من ها هنا حتي أنظر الي هذا الرجل أي رجل هو؟ قال : فأقبل راكبا علي فرس، و قد قام الناس يمنة الطريق و يسرتها صفين ينظرون اليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل، فأقبل يسير بين الناس و هو ينظر الي عرف دابته لا ينظر يمنة و لا يسرة، و أنا دائم الدعاء. فلما صار الي أقبل بوجهه الي و قال : استجاب الله دعاءك، و طول عمرك، و كثر مالك و ولدك، قال : فارتعدت و وقعت بين أصحابي فسألوني و هم يقولون : ما شأنك؟ فقلت : خير و لم اخبر بذلك. فانصرفنا بعد ذلك الي اصفهان، ففتح الله علي وجوها من المال، حتي أنا اليوم أغلق بابي علي ما قيمته ألف ألف درهم، سوي مالي خارج داري، و رزقت عشرة من الأولاد و قد بلغت الآن من عمري نيفا [104] و سبعين سنة و أنا أقول بامامة الرجل علي الذي علم ما في قلبي، و استجاب الله دعاءه في ولي [105] . 8- البحار : روي هبة الله بن أبي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كاتب نصراني و كان من أهل كفر توثا [106] يسمي يوسف بن يعقوب و كان بينه و بين والدي [ صفحه 36] صداقة،

قال : فوافي فنزل عند والدي فقال له : ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟ قال : دعيت الي حضرة المتوكل و لا أدري ما يراد مني الا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار، و قد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا عليهم السلام معي فقال له والدي : قد وفقت في هذا. قال : و خرج الي حضرة المتوكل و انصرف الينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا فقال له والدي : حدثني حديثك، قال : صرت الي سر من رأي و ما دخلتها قط فنزلت في دار و قلت احب أن اوصل المائة الي ابن الرضا عليه السلام قبل مصيري الي باب المتوكل و قبل أن يعرف أحد قدومي، قال : فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب و أنه ملازم لداره فقلت : كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا؟ لا آمن أن يبدر بي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره. قال : ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري و أخرج في البلد و لا أمنعه من حيث يذهب لعلي أقف علي معرفة داره من غير أن أسأل أحدا، قال : فجعلت الدنانير في كاغذة و جعلتها في كمي و ركبت فكان الحمار يتخرق الشوارع و الأسواق يمر حيث يشاء الي باب دار، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار، فقيل : هذه دار ابن الرضا! فقلت : الله أكبر دلالة و الله مقنعة. قال : و اذا خادم أسود قد خرج فقال : أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت : نعم، قال : انزل فنزلت فأقعدني في الدهليز فدخل فقلت في نفسي

: هذه دلالة اخري من أين عرف هذا الغلام اسمي و ليس في هذا البلد من يعرفني و لا دخلته قط. قال : فخرج الخادم فقال : مائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها! فناولته اياها قلت : و هذه ثالثة ثم رجع الي و قال : ادخل، فدخلت اليه و هو في مجلسه وحده فقال : يا يوسف ما آن لك؟ فقلت : يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفي، فقال : هيهات انك لا تسلم ولكن سيسلم ولدك فلان، و هو من شيعتنا، يا يوسف ان أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم، كذبوا و الله انها لتنفع أمثالك امض فيما وافيت له فانك ستري ما تحب، قال : فمضيت الي باب المتوكل فقلت كل [ صفحه 37] ما أردت فانصرفت. قال هبة الله : فلقيت ابنه بعد هذا - يعني بعد موت والده - و الله و هو مسلم حسن التشيع فأخبرني أن أباه مات علي النصرانية، و أنه أسلم بعد موت أبيه، و كان يقول : أنا بشارة مولاي عليه السلام [107] . 9- البحار : اسحاق بن عبدالله العلوي العريضي [108] قال : ركب أبي و عمومتي الي أبي الحسن علي بن محمد و قد اختلفوا في الأربعة أيام التي تصام في السنة، و هو مقيم بصريا قبل مصيره الي سر من رأي، فقال : جئتم تسألوني عن الأيام التي تصام في السنة؟ فقالوا : ما جئنا الا لهذا، فقال : اليوم السابع عشر من ربيع الأول، و هو اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلي الله عليه و آله، و اليوم السابع و العشرون من

رجب، و هو اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلي الله عليه و آله، و اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة، و هو اليوم الذي دحيت فيه الأرض، و اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، و هو يوم الغدير [109] . 10- البحار : الطبري باسناده قال : حدثني أبوالحسن محمد بن اسماعيل بن أحمد القهقلي الكاتب بسر من رأي سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة قال : حدثني أبي قال : كنت بسر من رأي أسير في درب الحصا فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع و هو منصرف من دار موسي بن بغا فسايرني و أفضي الحديث الي أن قال لي : أتري هذا الجدار؟ تدري من صاحبه؟ قلت : و من صاحبه؟ قال : هذا الفتي العلوي الحجازي - يعني علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام و كنا نسير في فناء داره. قلت ليزداد : نعم فما شأنه؟ قال : ان كان مخلوق يعلم الغيب فهو، قلت : فكيف ذلك؟ قال : أخبرك عنه باعجوبة لن تسمع بمثلها أبدا و لا غيرك من الناس ولكن لي الله [ صفحه 38] عليك كفيل وراع أن لا تحدث به أحدا فاني رجل طبيب، ولي معيشة أرعاها عند السلطان و بلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا [110] منه لئلا ينصرف اليه وجوه الناس فيخرج هذا الأمر عنهم - يعني بني العباس - قلت : لك علي ذلك فحدثني به، و ليس عليك بأس انما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم قال : نعم اعلمك. اني لقيته منذ أيام و هو علي فرس أدهم [111] و عليه ثياب سود و

عمامة سوداء و هو أسود اللون، فلما بصرت به وقفت اعظاما له و قلت في نفسي - لا و حق المسيح ما خرجت من فمي الي أحد من الناس - قلت في نفسي ثياب سوداء، و دابة سوداء و رجل أسود [سواد في] سواد في سواد، فلما بلغ الي نظر الي و أحد النظر و قال : قلبك أسود مما تري عيناك من سواد في سواد في سواد. قال أبي رحمه الله : فقلت له : أجل فلا تحدث به أحدا، فما صنعت و ما قلت له؟ قال أسقطت في يدي فلم احر جوابا، قلت له : فما ابيض قلبك لما شاهدت؟ قال : الله أعلم. قال أبي : فلما اعتل يزداد بعث الي فحضرت عنده فقال : ان قلبي قد ابيض بعد سواد فأنا أشهد أن لا اله الا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله و أن علي بن محمد حجة الله علي خلقه، و ناموسه الأعظم، ثم مات في مرضه ذلك، و حضرت الصلاة عليه رحمه الله [112] . 11- البحار : عن فاطمة ابنة الهيثم قالت : كنت في دار أبي الحسن عليه السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قد سروا به، فقلت : يا سيدي مالي أراك غير مسرور؟ فقال : هوني عليك فسيضل به خلق كثير [113] . [ صفحه 39] أقول : هو جعفر المشهور ب (الكذاب) الذي ادعي الامامة بعد أخيه الحسن بن علي عليهماالسلام مع عدم وجود نص عليه، و لعله كان يعلم بوجود ولد لأخيه يقوم مقامه، و قد انكشف له الأمر عند تقدمه للصلاة

علي جثمان أخيه برؤية الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف، و قضيته معروفة فلتراجع في محلها. 12- البحار : حدث محمد بن شرف قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام أمشي بالمدينة فقال لي : ألست ابن شرف؟ قلت : بلي، فأردت أن أسأله عن مسألة فابتدأني من غير أن أسأله فقال : نحن علي قارعة الطريق و ليس هذا موضع مسألة [114] . 13- البحار : محمد بن الفضل البغدادي قال : كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أن لنا حانوتين خلفهما لنا والدنا رضي الله عنه، و أردنا بيعهما و قد عسر ذلك علينا، فادع الله يا سيدنا أن ييسر الله لنا بيعهما باصلاح الثمن، و يجعل لنا في ذلك الخيرة، فلم يجب عنهما بشي ء و انصرفنا الي بغداد و الحانوتان قد احترقا [115] . 14- البحار : أيوب بن نوح قال : كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أن لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب الي : اذا ولد فسمه محمدا، قال : فولد ابن فسميته محمدا [116] . 15- البحار : أيوب بن نوح قال : كتبت الي أبي الحسن عليه السلام : قد تعرض لي جعفر بن عبد الواحد القاضي و كان يؤذيني بالكوفة أشكو اليه ما ينالني منه من الأذي، فكتب الي : تكفي أمره الي شهرين، فعزل عن الكوفة في شهرين و استرحت منه [117] . 16- البحار : قال : و كان ليحيي بن زكريا حمل فكتب اليه : أن لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا، فكتب اليه : رب ابنة خير من ابن، فولدت له ابنة [118] . 17- البحار : محمد بن الريان بن الصلت قال : كتبت الي

أبي الحسن عليه [ صفحه 40] السلام أستأذنه في كيد عدو، و لم يمكن كيده، فنهاني عن ذلك و قال كلاما معناه : تكفاه، فكفيته و الله أحسن كفاية : ذل و افتقر و مات أسوأ الناس حالا في دنياه و دينه [119] . 18- البحار : أبوالحسن سعيد بن سهل البصري و كان يلقب بالملاح قال : و كان يقول بالوقف [120] جعفر بن القاسم الهاشمي البصري و كنت معه بسر من رأي اذ رآه أبوالحسن عليه السلام في بعض الطرق، فقال له : الي كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها؟ فقال لي جعفر : سمعت ما قال لي علي بن محمد؟ قد و الله قدح في قلبي شيئا. فلما كان بعد أيام حدث لبعض أولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها، و دعا أباالحسن معنا، فدخلنا فلما رأوه أنصتوا اجلالا له، و جعل شاب في المجلس لا يوقره، و جعل يلغط [121] و يضحك، فأقبل عليه و قال له : يا هذا تضحك مل ء فيك و تذهل عن ذكر الله و أنت بعد ثلاثة من أهل القبور؟ قال : فقلنا هذا دليل حتي ننظر ما يكون. قال : فأمسك الفتي و كف عما هو عليه، و طعمنا و خرجنا، فلما كان بعد يوم اعتل الفتي و مات في اليوم الثالث من أول النهار، و دفن في آخره [122] . 19- البحار : و عن سعيد أيضا قال : اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض أهل سر من رأي و أبوالحسن عليه السلام معنا، فجعل رجل يعبث و يمزح، و لا يري له جلالة فأقبل علي جعفر فقال : أما انه لا يأكل من هذا الطعام، و

سوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عليه عيشه، قال : فقدمت المائدة قال جعفر : ليس بعد هذا خبر، قد أبطل قوله، فوالله لقد غسل الرجل يده و أهوي الي الطعام فاذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي و قال له : الحق امك فقد وقعت من فوق البيت، و هي بالموت، قال جعفر : فقلت و الله [ صفحه 41] لا وقفت بعد هذا و قطعت عليه [123] . 20- البحار : روي أن رجلا من أهل المدائن كتب اليه يسأله عما بقي من ملك المتوكل فكتب عليه السلام : بسم الله الرحمن الرحيم «قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون - ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون - ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون» [124] فقتل في أول الخامس عشر [125] . 21- البحار : أحمد بن يحيي الأودي قال : دخلت مسجد الجامع لاصلي الظهر، فلما صليته رأيت حرب بن الحسن الطحان و جماعة من أصحابنا جلوسا فملت اليهم فسلمت عليهم و جلست، و كان فيهم الحسن بن سماعة [126] فذكروا أمر الحسن بن علي عليهماالسلام و ما جري عليه ثم من بعد زيد بن علي و ما جري عليه و معنا رجل غريب لا نعرفه فقال : يا قوم عندنا رجل علوي بسر من رأي من أهل المدينة ما هو الا ساحر أو كاهن فقال له ابن سماعة : بمن يعرف؟ قال : علي بن محمد بن الرضا. فقال له الجماعة : فكيف تبينت ذلك منه؟ قال

: كنا جلوسا معه علي باب داره و هو جارنا بسر من رأي نجلس اليه في كل عشية نتحدث معه، اذ مر بنا قائد من دار السلطان، و معه خلع و معه جمع كثير من القواد و الرجالة و الشاكرية [127] و غيرهم. فلما رآه علي بن محمد وثب اليه و سلم عليه و أكرمه فلما أن مضي قال لنا : هو فرح بما هو فيه و غدا يدفن قبل الصلاة. فعجبنا من ذلك فقمنا من عنده فقلنا هذا علم الغيب فتعاهدنا ثلاثة ان لم يكن [ صفحه 42] ما قال أن نقتله و نستريح منه، فاني في منزلي و قد صليت الفجر اذ سمعت غلبة فقمت الي الباب فاذا خلق كثير من الجند و غيرهم، و هم يقولون مات فلان القائد البارحة سكر و عبر من موضع الي موضع فوقع واندقت عنقه فقلت : أشهد أن لا اله الا الله و خرجت أحضره و اذا الرجل كان كما قال أبوالحسن ميت، فما برحت حتي دفنته و رجعت فتعجبنا جميعا من هذه الحال، و ذكر الحديث بطوله [128] [فأنكر الحسن بن سماعة ذلك لعناده، فاجتمعت الجماعة الذين سمعوا هذا معه فوافقوه و جري من بعضهم ما ليس هذا موضعا لاعادته] [129] . 22- البحار : زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال : مرضت فدخل علي الطبيب ليلا و وصف لي دواء آخذه في السحر كذا و كذا يوما، فلم يمكني تحصيله من الليل، و خرج الطبيب من الباب، فورد صاحب أبي الحسن عليه السلام في الحال و معه صرة فيها ذلك الدواء بعينه فقال لي : أبوالحسن يقرئك السلام و يقول : خذ هذا الدواء

كذا يوما، فشربت فبرئت [130] . 23- البحار : عن أحمد بن عيسي الكاتب قال : رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله فيما يري النائم كأنه نائم في حجري، و كأنه دفع الي كفا من تمر عدده خمس و عشرون تمرة، قال : فما لبثت الا و أنا بأبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام و معه قائد فأنزله في حجرتي و كان القائد يبعث و يأخذ من العلف من عندي فسألني يوما : كم لك علينا؟ قلت : لست آخذ منك شيئا فقال لي : أتحب أن تدخل الي هذا العلوي فتسلم عليه؟ قلت : لست أكره ذلك [131] . فدخلت فسلمت عليه، و قلت له : ان في هذه القرية كذا و كذا من مواليك فان أمرتنا بحضورهم فعلنا، قال : لا تفعلوا قلت : فان عندنا تمورا جيادا فتأذن لي أن أحمل [ صفحه 43] لك بعضها فقال : ان حملت شيئا يصل الي ولكن احمله الي القائد فانه سيبعث الي منه فحملت الي القائد أنواعا من التمر و أخذت نوعا جيدا في كمي و سكرجة [132] من زبد فحملته اليه، ثم جئت فقال القائد : أتحب أن تدخل علي صاحبك؟ قلت : نعم فدخلت فاذا قدامه من ذلك التمر الذي بعثت به الي القائد فأخرجت التمر الذي كان معي و الزبد فوضعته بين يديه، فأخذ كفا من تمر فدفعه الي و قال : لوزادك رسول الله صلي الله عليه و آله لزدناك، فعددته فاذا هي كما رأيت في النوم لم يزد و لم ينقص [133] . 24- البحار : الحسن بن علي الوشاء قال : حدثتني ام محمد مولاة أبي الحسن

الرضا بالحير و هي مع الحسن بن موسي قالت : جاء أبوالحسن عليه السلام قد رعب حتي جلس في حجر ام أبيها بنت موسي، فقالت له : ما لك؟ فقال لها : مات أبي و الله الساعة، فقالت له : لا تقل هذا، قال : هو و الله كما أقول لك، فكتبنا ذلك اليوم فجاءت وفاة أبي جعفر عليه السلام في ذلك اليوم [134] . 25- البحار : وجه المتوكل عتاب بن أبي عتاب الي المدينة بحمل علي بن محمد عليهماالسلام الي سر من رأي و كانت الشيعة يتحدثون أنه يعلم الغيب و كان في نفس عتاب من هذا شي ء فلما فصل من المدينة رآه و قد لبس لبادة، و السماء صاحية، فما كان بأسرع من أن تغيمت و أمطرت فقال عتاب : هذا واحد. ثم لما وافي شط القاطول [135] رآه مقلق القلب، فقال له : ما لك يا أباأحمد؟ فقال : قلبي مقلق بحوائج ألتمستها من أميرالمؤمنين، قال له : فان حوائجك قد قضيت، فما كان بأسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه، فقال : الناس يقولون : انك تعلم الغيب و قد تبينت من ذلك خلتين [136] . [ صفحه 44] أقول : قد جاء في الرواية التي أوردناها في فصل (ما جري عليه) : أن الذي جلبه من المدينة بأمر المتوكل هو يحيي بن هرثمة، و لعل عتاب أيضا كان مع الفوج الذي خرجوا لجلبه عليه السلام لأن يحيي خرج و معه جماعة من عمال المتوكل. 26- البحار : قال علي بن مهزيار : وردت العسكر و أنا شاك في الامامة، فرأيت السلطان قد خرج الي الصيد في يوم من الربيع الا أنه صائف، و

الناس عليهم ثياب الصيف، و علي أبي الحسن عليه السلام لبادة و علي فرسه تجفاف [137] لبود، و قد عقد ذنب الفرس [138] و الناس يتعجبون منه، و يقولون : ألا ترون الي هذا المدني و ما قد فعل بنفسه؟ فقلت في نفسي : لو كان هذا اماما ما فعل هذا. فلما خرج الناس الي الصحراء لم يلبثوا الا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد الا ابتل حتي غرق بالمطر، و عاد عليه السلام و هو سالم من جميعه، فقلت في نفسي : يوشك أن يكون هو الامام، ثم قلت : اريد أن أسأله عن الجنب اذا عرق في الثوب، فقلت في نفسي : ان كشف وجهه فهو الامام، فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال : ان كان عرق الجنب في الثوب و جنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه، و ان كانت [139] جنابته من حلال فلا بأس، فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة [140] . و هناك رواية اخري مشابهة لهذه الرواية الا أنها تختلف في بعض المطالب مع سابقتها لذلك أحببنا ايرادها اتماما للفائدة و هي كما يلي : 27- البحار : عن علي بن يقطين بن موسي الأهوازي قال : كنت رجلا أذهب مذاهب المعتزلة، و كان يبلغني من أمر أبي الحسن علي بن محمد ما أستهزي ء به و لا أقبله، فدعتني الحال الي دخولي بسر من رأي للقاء السلطان فدخلتها، فلما كان يوم وعد السلطان الناس أن يركبوا الي الميدان. [ صفحه 45] فلما كان من غد ركب الناس في غلائل القصب، بأيديهم المراوح [141] و ركب أبوالحسن عليه السلام في زي الشتاء و عليه لباد و برنس [142] ،

و علي سرجه تجفاف طويل و قد عقد ذنب دابته، و الناس يهزؤن به و هو يقول : ألا «ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب» [143] . فلما توسطوا الصحراء، و جاوزوا بين الحائطين، ارتفعت سحابة و أرخت عزاليها [144] ، و خاضت الدواب الي ركبها في الطين، و لوثتهم أذنابها، فرجعوا في أقبح زي و رجع أبوالحسن عليه السلام في أحسن زي، و لم يصبه شي ء مما أصابهم فقلت : ان كان الله عزوجل أطلعه علي هذا السر فهو حجة. ثم انه لجأ الي بعض السقائف، فلما قرب نحي البرنس، و جعله علي قربوس سرجه ثلاث مرات [145] ثم التفت الي و قال : ان كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال، و ان كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام، فصدقته و قلت بفضله و لزمته. (بيان) : الغلالة : بالكسر شعار تحت الثوب، (القصب) : محركة ثياب ناعمة من كتان،... و المراد (من التجفاف) هنا ما يلقي علي السرج وقاية من المطر، و الظاهر أن المراد بالسر ما أضمر من حكم عرق الجنب كما مر في الأخبار السابقة، و يحتمل أن يكون المراد به نزول المطر... الخ [146] .

معرفته باللغات

من جملة المميزات التي لابد و أن تتوفر في الأئمة عليهم السلام معرفتهم باللغات [ صفحه 46] الحية حتي يتمكنوا من التفاهم و التخاطب مع جميع أفراد البشر علي اختلاف لغاتهم، لأنهم سفراء الله علي خلقه و خلفاؤه علي عباده، كيف و قد أقدرهم علي فهم لغات الحيوانات و الطيور حيث يقول الله عزوجل في كتابه العزيز عن لسان سليمان «علمنا منطق الطير» [147] ، و لقد أثبتت لنا المصادر المعتمدة في روايات عديدة

تكلمهم بلغات مختلفة. و من هنا سجلت لنا كتب السيرة عن الامام الهادي عليه السلام تكلمه بلغات مختلفة كالفارسية و التركية و الهندية و غيرها، و ها نحن نورد نماذج منها. 1- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت بالمدينة حتي مر بها بغا [148] أيام الواثق في طلب الأعراب فقال أبوالحسن عليه السلام : اخرجوا بنا حتي ننظر الي تعبية هذا التركي. فخرجنا فوقفنا فمرت تعبيته فمر بنا تركي فكلمه أبوالحسن عليه السلام بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافر دابته قال : فحلفت التركي و قلت له : ما قال لك الرجل؟ قال : هذا نبي؟ قلت : ليس هذا بنبي قال : دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد الا الساعة [149] . 2- البحار : عن علي بن مهزيار، عن الطيب الهادي عليه السلام قال : دخلت عليه فابتدأني فكلمني بالفارسية [150] . 3- البحار : عن علي بن مهزيار، قال : أرسلت الي أبي الحسن عليه السلام غلامي و كان سقلابيا [151] فرجع الغلام الي متعجبا فقلت : ما لك يا بني؟ قال : كيف [ صفحه 47] لا أتعجب؟ ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا! فظننت أنه انما دار بينهم [152] . 4- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فكلمني بالهندية فلم احسن أن أرد عليه، و كان بين يديه ركوة [153] ملأ حصا فتناول حصاة واحدة و وضعها في فيه و مصها مليا ثم رمي بها الي فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتي تكلمت بثلاثة و سبعين لسانا أولها الهندية [154] . 5- البحار : عن أبي هاشم قال : كنت

عند أبي الحسن عليه السلام و هو مجدر فقلت للمتطبب : «آب كرفت» ثم التفت الي و تبسم و قال : تظن أن لا يحسن الفارسية غيرك؟ فقال له المتطبب : جعلت فداك تحسنها؟ فقال : أما الفارسية هذا فنعم، قال لك : احتمل الجدري ماء [155] . 6- البحار : عن داود بن أبي القاسم قال : دخلت علي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام فقال لي : كلم هذا الغلام بالفارسية فانه زعم أنه يحسنها، فقلت للخادم «زانوي تو چيست» فلم يجب فقال له : يسألك و يقول : ركبتك ما هي؟ [156] . و في رواية اخري قال : كلمه بالفارسية فقال للغلام «نام تو چيست» فسكت الغلام فقال له أبوالحسن عليه السلام : يسألك ما اسمك [157] . فهذه جملة مما ورد في تكلمه عليه السلام بلغات مختلفة، و هناك رواية اخري تشير الي أنه عليه السلام كان يتكلم مع الحيوانات و يفهم كلامها. 7- البحار : روي عن أحمد بن هارون قال : كنت جالسا أعلم غلاما من غلمانه [ صفحه 48] في فازة [158] داره، اذ دخل علينا أبوالحسن عليه السلام راكبا علي فرس له، فقمنا اليه فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه فأخذ عنان فرسه بيده فعلقه في طنب من أطناب الفازة ثم دخل فجلس معنا فأقبل علي و قال : متي رأيك أن تنصرف الي المدينة؟ فقلت : الليلة قال : فأكتب اذا كتابا معك توصله الي فلان التاجر، قلت : نعم قال : يا غلام هات الدوات و القرطاس، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار اخري. فلما غاب الغلام صهل الفرس و ضرب بذنبه فقال له بالفارسية : ما هذا الغلق [159] ؟ فصهل الثانية

فضرب بيده، فقال له بالفارسية : [لي حاجة أريد أن أكتب كتابا الي المدينة فاصبر حتي أفرغ، فصهل الثالثة و ضرب بيده، فقال له بالفارسية : ] [160] اقلع فامض الي ناحية البستان و بل هناك ورث و ارجع فقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه و أخرج العنان من موضعه ثم مضي الي ناحية البستان حتي لا نراه في ظهر الفازة فبال وراث و عاد الي مكانه، فدخلني من ذلك ما الله به عليم، فوسوس الشيطان في قلبي. فقال : يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت ان ما أعطي الله محمدا و آل محمد أكثر مما أعطي داود و آل داود، قلت : صدق ابن رسول الله صلي الله عليه و آله فما قال لك؟ و ما قلت له فقد فهمته، فقال : قال لي الفرس : قم فاركب الي البيت حتي تفرغ عني قلت : ما هذا الغلق؟ قال : قد تعبت قلت : لي حاجة أريد أن أكتب كتابا الي المدينة فاذا فرغت ركبتك قال : اني اريد أن أروث و أبول و أكره أن أفعل ذلك بين يديك، فقلت : اذهب الي ناحية البستان فافعل ما أردت ثم عد الي مكانك، ففعل الذي رأيت. ثم أقبل الغلام بالدوات و القرطاس، و قد غابت الشمس، فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتي أظلم الليل فيما بيني و بينه، فلم أر الكتاب، و ظننت أنه أصابه الذي [ صفحه 49] أصابني فقلت للغلام : قم فهات شمعة من الدار حتي يبصر مولاك كيف يكتب، فمضي؛ فقال للغلام : ليس [لي] [161] الي ذلك حاجة. ثم كتب كتابا طويلا الي أن غاب الشفق، ثم

قطعه فقال للغلام : أصلح و أخذ الغلام الكتاب و خرج الي الفازة ليصلحه ثم عاد اليه و ناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوبا أو غير مقلوب، فناولني، فقمت لأذهب فعرض في قلبي قبل أن أخرج من من الفازة اصلي قبل أن آتي المدينة قال : يا أحمد صل المغرب و العشاء الآخرة في مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و أطلب الرجل في الروضة فانك توافقه ان شاء الله. قال : فخرجت مبادرا فأتيت المسجد و قد نودي العشاء الآخرة، فصليت المغرب ثم صليت معهم العتمة، و طلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته الكتاب و أخذه و فضه ليقرأه فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعي بسراج فأخذته و قرأته عليه في السراج في المسجد، فاذا خط مستوليس حرف ملتصقا بحرف و اذا الخاتم مستوليس بمقلوب فقال لي الرجل : عد الي غدا حتي أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فجئت به اليه، فقال : أليس قد وجدت الرجل حيث قلت؟ قلت : نعم قال : أحسنت [162] .

استجابة دعواته

و أما دعواته عليه السلام و آثار الاجابة فيها فكثيرة و نذكر هنا موارد منها. 1- البحار : المنصوري، عن عم أبيه قال : قصدت الامام عليه السلام يوما فقلت : يا سيدي ان هذا الرجل قد أطرحني و قطع رزقي و مللني و ما أتهم في ذلك الا علمه بملازمتي لك، و اذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضل علي بمسألته، فقال : تكفي ان شاء الله. [ صفحه 50] فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولا فجئت و الفتح علي الباب قائم فقال :

يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل هذا الرجل مما يطلبك، فدخلت و اذا المتوكل جالس علي فراشه فقال : يا أباموسي نشغل عنك و تنسينا نفسك أي شي ء لك عندي؟ فقلت : الصلة الفلانية و الرزق الفلاني و ذكرت أشياء فأمر لي بها و بضعفها. فقلت للفتح : وافي علي بن محمد الي ها هنا؟ فقال : لا، فقلت : كتب رقعة؟ فقال : لا، فوليت منصرفا فتبعني فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاء. فلما دخلت اليه عليه السلام قال لي : يا أباموسي! هذا وجه الرضا، فقلت : ببركتك يا سيدي : ولكن قالوا لي : انك ما مضيت اليه و لا سألته، فقال : ان الله تعالي علم منا أنا لا نلجأ في المهمات الا اليه و لا نتوكل في الملمات الا عليه و عودنا اذا سألناه الاجابة، و نخاف أن نعدل فيعدل بنا. قلت : ان الفتح قال لي : كيت و كيت، قال عليه السلام : انه يوالينا بظاهره، و يجانبنا بباطنه الدعاء لمن يدعوبه : اذا أخلصت في طاعة الله، و اعترفت برسول الله صلي الله عليه و آله و بحقنا أهل البيت و سألت الله تبارك و تعالي شيئا لم يحرمك، قلت : يا سيدي فتعلمني دعاء أختص به من الأدعية فقال عليه السلام : هذا الدعاء كثيرا أدعو الله به و قد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي، و هو : «يا عدتي عند العدد، و يا رجائي و المعتمد، و يا كهفي و السند، و يا واحد يا أحد، يا قل هو الله أحد، و أسألك اللهم

بحق من خلقته من خلقك و لم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، أن تصلي عليهم و تفعل بي كيت و كيت» [163] . 2- البحار : روي أن أباهاشم الجعفري [164] كان منقطعا الي أبي الحسن بعد أبيه [ صفحه 51] أبي جعفر و جده الرضا عليهم السلام فشكي الي أبي الحسن عليه السلام ما يلقي من الشوق اليه اذا انحدر من عنده الي بغداد ثم قال : يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع ركوب الماء [خوف الأسفار و البطء عنك] [165] فسرت اليك علي الظهر و مالي مركوب سوي برذوني هذا علي ضعفه، فادع الله أن يقويني علي زيارتك، فقال : قواك الله يا أباهاشم و قوي برذونك. قال الراوي : و كان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد و يسير علي ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأي، و يعود من يومه الي بغداد اذا شاء علي ذلك البرذون، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت [166] . 3- البحار : روي أبوهاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأي برص فتنغص عليه عيشه، فجلس يوما الي أبي علي الفهري فشكي اليه حاله فقال له : لو تعرضت يوما لأبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فسألته أن يدعو لك لرجوت أن يزول عنك. فجلس له يوما في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكل فلما رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك فقال : تنح عافاك الله و أشار اليه بيده تنح عافاك الله تنح عافاك الله ثلاث مرات فأبعد الرجل و لم يجسر أن يدنو منه و انصرف، فلقي الفهري فعرفه الحال و ما قال، فقال : قد دعا لك

قبل أن تسأل فامض فانك ستعافي فانصرف الرجل الي بيته فبات تلك الليلة فلما أصبح لم ير علي بدنه شيئا من ذلك [167] . 4- البحار : روي أنه أتاه رجل من أهل بيته يقال له معروف، و قال : أتيتك فلم [ صفحه 52] تأذن لي، فقال : ما علمت بمكانك و اخبرت بعد انصرافك و ذكرتني بمالا ينبغي فحلف ما فعلت. فقال أبوالحسن عليه السلام : فعلمت أنه حلف كاذبا فدعوت الله عليه : اللهم انه حلف كاذبا فانتقم منه، فمات الرجل من الغد [168] . و من جملة ما ورد في هذا الحقل هذه الرواية التي سنوردها و ان ناسبت فصل ما جري عليه من المتوكل الا أنها لما كانت مشتملة علي الدعاء الذي دعا به و كان سريع الاجابة و قد وصفه بالكنوز التي نتوارثها من آبائنا و هو دعاء المظلوم علي الظالم، لذلك نورد الرواية و الدعاء. 5- البحار : عن زرافة حاجب المتوكل و كان شيعيا أنه قال : كان المتوكل لحظوة الفتح بن خاقان عنده و قربه منه دون الناس جميعا و دون ولده و أهله، و أراد أن يبين موضعه عندهم فأمر جميع مملكته من الأشراف من أهله و غيرهم، و الوزراء و الامراء و القواد و سائر العساكر و وجوه الناس، أن يزينوا بأحسن التزيين و يظهروا في أفخر عددهم و ذخائرهم، و يخرجوا مشاة بين يديه و أن لا يركب أحد الا هو و الفتح بن خاقان خاصة بسر من رأي و مشي الناس بين أيديهما علي مراتبهم رجالة و كان يوما قائظا شديد الحر و أخرجوا في جملة الأشراف أباالحسن علي بن محمد عليهماالسلام و

شق عليه ما لقيه من الحر و الزحمة. قال زرافة : فأقبلت اليه و قلت له : يا سيدي يعز و الله علي ما تلقي من هذه الطغاة، و ما قد تكلفته من المشقة و أخذت بيده فتوكأ علي و قال : يا زرافة ما ناقة صالح عندالله بأكرم مني أو قال بأعظم قدرا مني، و لم أزل اسائله و أستفيد منه و احادثه الي أن نزل المتوكل من الركوب، و أمر الناس بالانصراف. فقدمت اليهم دوابهم فركبوا الي منازلهم و قدمت بغلة له فركبها و ركبت معه الي داره فنزل و ودعته و انصرفت الي داري و لولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم و الفضل، و كانت لي عادة باحضاره عند الطعام، فحضر عند ذلك، و تجارينا الحديث و ما جري من [ صفحه 53] ركوب المتوكل و الفتح، و مشي الأشراف و ذوي الأقدار بين أيديهما و ذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام و ما سمعته من قوله «ما ناقة صالح عندالله بأعظم قدرا مني». و كان المؤدب يأكل معي فرفع يده، و قال : بالله انك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له : والله اني سمعته يقوله، فقال لي : اعلم أن المتوكل لا يبقي في مملكته أكثر من ثلاثة أيام و يهلك فانظر في أمرك واحرز ما تريد احرازه و تأهب لأمرك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث، أو سبب يجري، فقلت له : من أين لك ذلك؟ فقال لي : أما قرأت القرآن في قصة الناقة و قوله تعالي : «تمتعوا في داركم ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب» [169] و لا

يجوز أن تبطل قول الامام. قال زرافة : فوالله ما جاء اليوم الثالث حتي هجم المنتصر، و معه بغاء و وصيف و الأتراك علي المتوكل، فقتلوه و قطعوه، و الفتح بن خاقان جميعا قطعا حتي لم يعرف أحدهما من الآخر، و أزال الله نعمته و مملكته، فلقيت الامام أباالحسن عليه السلام بعد ذلك و عرفته ما جري مع المؤدب و ما قاله، فقال : صدق انه لما بلغ مني الجهد رجعت الي كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون و السلاح و الجنن، و هو دعاء المظلوم علي الظالم، فدعوت به عليه فأهلكه الله، فقلت : يا سيدي ان رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه و هو : [اللهم انك أنت الملك المتعزز بالكبرياء، المتفرد بالبقاء، الحي القيوم المقتدر القهار، الذي لا اله الا أنت، أنا عبدك و أنت ربي ظلمت نفسي، و اعترفت باساءتي و أستغفر اليك من ذنوبي، فانه لا يغفر الذنوب الا أنت] [170] ، اللهم اني و فلانا عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرنا و مستودعنا، و تعلم منقلبنا و مثوانا و سرنا و علانيتنا، و تطلع علي نياتنا و تحيط بضمائرنا، علمك بما تبديه كعلمك بما تخفيه، [ صفحه 54] و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره و لا ينطوي عليك شي ء من امورنا، و لا يستتر دونك حال من أحوالنا، و لا لنا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب يفوتك منا، و لا يمتنع الظالم منك بسلطانه، و لا يجاهدك عنه جنوده [171] و لا يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك [172] متعزز بكثرة أنت مدركه أين ما سلك، و قادر عليه أين لجأ، فمعاذ المظلوم

منا بك، و توكل المقهور منا عليك و رجوعه اليك، و يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الأفنية، و يطرق بابك اذا غلقت دونه الأبواب المرتجة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافلة. تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك و تعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له فلك الحمد سميعا بصيرا لطيفا قديرا. اللهم انه قد كان في سابق علمك و قضائك، و ماضي حكمك و نافذ مشيتك في خلقك أجمعين، سعيدهم و شقيهم، و فاجرهم و برهم، أن جعلت لفلان بن فلان علي قدرة فظلمني بها، و بغي علي لمكانها، و تعزز علي بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر علي بعلو حاله التي جعلتها له و غره املاؤك له، و أطغاه حلمك عنه. فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم أقدر علي الانتصار لضعفي، و الانتصاف منه لذلي، فوكلته اليك و توكلت في أمره عليك، و تواعدته بعقوبتك، و حذرته سطوتك، و خوفته نقمتك فظن أن حلمك عنه من ضعف، و حسب أن املاءك له من عجز، و لم تنهه واحدة عن اخري، و لا انزجر عن ثانية باولي، ولكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه ولج في عدوانه، و استشري في طغيانه، جراءة عليك يا سيدي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن القوم الظالمين، و قلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذل بعقابه، مغلوب مبغي علي مقصود وجل خائف مروع [ صفحه 55] مقهور، قد قل صبري و

ضاقت حيلتي، و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت علي الجهات الا جهتك والتبست علي اموري في رفع مكروهه عني، و اشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه و خذلني من استنصرته من عبادك، و أسلمني من تعلقت به من خلقك طرا، و استشرت نصيحي فأشار علي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا عليك. فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا عالما أنه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك، أنتجز وعدك في نصرتي، و اجابة دعائي، فانك قلت و قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل «و من [عاقب بمثل ما عوقب به ثم] بغي عليه لينصرنه الله» [173] و قلت جل جلالك و تقدست أسماؤك «ادعوني أستجب لكم» [174] و أنا فاعل ما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني. و اني لأعلم يا سيدي أن لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن أن لك وقتا تأخذ فيه من الغاضب للمغضوب، لأنك لا يسبقك معاند و لا يخرج عن قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي و هلعي لا يبلغان بي الصبر علي أناتك، و انتظار حلمك، فقدرتك يا مولاي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل أحد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان أنظرته، و قد أضرني يا رب حلمك عن فلان بن فلان، و طول أناتك له و امهالك اياه و كاد القنوط يستولي علي لولا الثقة بك، و اليقين بوعدك. فان كان في قضائك النافذ، و قدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكف مكروهه عني، و ينتقل

عن عظيم ما ركب مني، فصل علي محمد و آل محمد، و أوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل ازالته نعمتك التي أنعمت بها علي، و تكديره معروفك الذي صنعته عندي. و ان كان في علمك به غير ذلك، من مقام علي ظلمي، فأسألك يا ناصر المظلوم [ صفحه 56] المبغي عليه اجابة دعوتي، فصل علي محمد و آل محمد، و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، و أفجئه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، و أسلبه نعمته و سلطانه و فل [175] عنه جنوده و أعوانه و مزق ملكه كل ممزق، و فرق أنصاره كل مفرق، و أعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال [176] عزه الذي لم يجازه بالاحسان، و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و أهلكه يا مهلك القرون الخالية، و أبره يا مبير الامم الظالمة [177] ، و اخذله يا خاذل الفئات الباغية، و ابتره عمره و ابتزه [178] ملكه، وعف أثره، و اقطع خبره و أطفي ء ناره و أظلم نهاره، و كور شمسه، و أهشم شدته [179] وجذ سنامه [180] و أرغم أنفه، و لا تدع له جنة الا هتكتها، و لا دعامة الا قصمتها و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته. وأره أنصاره و جنده عباديد [181] بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤوس بعد الظهور علي الامة، و اشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة و الأفئدة اللهفة، و الامة المتحيرة، و البرية الضائعة، و أدل [182] ببواره الحدود المعطلة، و الأحكام المهملة، و السنن الدائرة، و المعالم المغيرة

[183] ، و الآيات المحرفة و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المساجد المهدومة. و أشبع به الخماص الساغبة و أروبه اللهوات اللاغبة [184] ، و الأكباد الظامئة، [ صفحه 57] و أرح به الأقدام المتعبة، و أطرقه بليلة لا اخت لها، و ساعة لا شفاء منها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و أبح حريمه، و نغص نعمته [185] ، وأره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي هي فوق كل قدرة، و سلطانك الذي هو أعز من سلطانه، و اغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد و امنعني بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، و ابتله بفقر لا تجبره، و بسوء لا تستره، و كله الي نفسه فيما يريد، انك فعال لما تريد. و أبرئه من حولك و قوتك، و أحوجه الي حوله و قوته، و أذل مكره بمكرك و ادفع مشيته بمشيتك، و اسقم جسده، و أيتم ولده، و أنقص أجله، و خيب [186] أمله، و أدل دولته، و أطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه، وصير كيده في ضلال، و أمره الي زوال، و نعمته الي انتقال، و جده في سفال [187] ، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبة أمره الي شر حال، و أمته بغيظه اذا أمته، و أبقه لحزنه ان أبقيته، وقني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و المحه [188] لمحة تدمر بها عليه، فانك أشد بأسا و أشد تنكيلا [189] . الدعاء بتمامه ذكرناه هنا لأهميته و سرعة الاجابة منه حيث لم يمض علي المتوكل ثلاثة أيام و قتل و عجل الله بروحه الي

النار و بئس المصير. و يظهر من هذه الرواية أن ذلك اليوم الذي دعا المتوكل أن يسير الامام عليه السلام ماشيا في موكبه يوم الفطر، و في رواية اخري يوم السلام. و لعل ذلك كان يوم عيد الفطر [ صفحه 58] حيث كان المرسوم أن يتقدم الوزراء و القادة و كبار الشخصيات لأجل السلام علي الخليفة، و أراد المتوكل أن يظهر ابهته للامام، و الدليل علي ذلك ما ذكره المسعودي في قوله : (ثم قتل المتوكل... ليلة الأربعاء لثلاث ساعات خلت من الليل، و ذلك لثلاث خلون من شوال سنة سبع و أربعين و مائتين) [190] ، فسرعان ما خذله الله و كان ذلك نهاية المطاف من مظالمه. 6- البحار : عن اليسع بن حمزة القمي قال : عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة أنه جاء علي بالمكروه الفظيع حتي تخوفته علي اراقة دمي و فقر عقبي فكتبت الي سيدي أبي الحسن العسكري عليه السلام أشكو اليه ما حل بي فكتب الي لا روع عليك و لا بأس فادع الله بهذه الكلمات يخلصك الله وشيكا مما وقعت فيه و يجعل لك فرجا فان آل محمد صلي الله عليه و آله يدعون بها عند اشراف البلاء و ظهور الأعداء و عند تخوف الفقر و ضيق الصدر قال اليسع بن حمزة : فدعوت الله بالكلمات التي كتب الي سيدي بها في صدر النهار فوالله ما مضي شطره حتي جاءني رسول عمرو بن مسعدة فقال لي : أجب الوزير فنهضت و دخلت عليه. فلما بصر بي تبسم الي و أمر بالحديد ففك عني و الأغلال فحلت مني و أمرني بخلعة من فاخر ثيابه و أتحفني بطيب ثم أدناني و قربني و

جعل يحدثني و يعتذر الي ورد علي جميع ما كان استخرجه مني و أحسن رفدي وردني الي الناحية التي كنت أتقلدها و أضاف اليها الكورة التي تليها [191] . قال : و كان الدعاء : يا من تحل بأسمائه عقد المكاره، و يا من يفل بذكره حد الشدائد، و يا من يدعي بأسمائه العظام من ضيق المخرج الي محل الفرج، ذلت لقدرتك الصعاب، و تسببت بلطفك الأسباب، و جري بطاعتك القضاء، و مضت علي ذلك الأشياء، فهي [ صفحه 59] بمشيتك دون قولك مؤتمرة، و بارادتك دون وحيك منزجرة، و أنت المرجو للمهمات، و أنت المفزع للملمات [192] لا يندفع منها الا ما دفعت، و لا ينكشف منها الا ما كشفت و قد نزل بي من الأمر ما قد فدحني ثقله، و حل بي منه ما بهظني حمله، و بقدرتك أوردت علي ذلك، و بسلطانك وجهته الي فلا مصدر لما أوردت و لا ميسر لما عسرت، و لا صارف لما وجهت، و لا فاتح لما أغلقت، و لا مغلق لما فتحت و لا ناصر لمن خذلت، الا أنت. صلي علي محمد و آل محمد، و افتح لي باب الفرج بطولك، و اصرف عني سلطان الهم بحولك، و أنلني حسن النظر فيما شكوت، و ارزقني حلاوة الصنع فيما سألتك، وهب لي من لدنك فرجا وحيا، و اجعل لي من عندك مخرجا هنيئا، و لا تشغلني بالاهتمام عن تعاهد فرائضك، و استعمال سنتك فقد ضقت بما نزل بي ذرعا، و امتلأت بحمل ما حدث علي جزعا، و أنت القادر علي كشف ما بليت به، و دفع ما وقعت فيه، فافعل بي ذلك و ان كنت غير مستوجبه

منك يا ذا العرش العظيم، و ذا المن الكريم، فأنت قادر يا أرحم الراحمين، آمين رب العالمين [193] .

ما ظهر من علومه و متقن كلماته و حكمه

أما ما ظهر منه عليه السلام من العلوم و الحكم فهو فوق حد الاستقصاء الا أننا في هذا المختصر و علي نحو العجالة نسرد يسيرا مما اقتطفناه من امهات الكتب و ذلك لمن يروم الاطلاع عليها و الانتفاع بها و الا تعاظ منها، و هو علي نحوين : الأول : في كلماته الناصعة و حكمه المتقنة. 1- البحار : من دلائل الحميري [194] عن فتح بن يزيد الجرجاني قال : ضمني و أبا [ صفحه 60] الحسن طريق منصرفي من مكة الي خراسان و هو سائر الي العراق فسمعته و هو يقول : من اتقي الله يتقي، و من أطاع الله يطاع، قال : فتلطفت الي الوصول اليه، فسلمت عليه فرد علي السلام و أمرني بالجلوس و أول ما ابتدأني به أن قال : يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، و من أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق، و ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه، و أني يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه، و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحده، و الأبصار عن الاحاطة به، جل عما يصفه الواصفون، و تعالي عما ينعته الناعتون نأي في قربه، و قرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، و في قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال كيف، و أين الأين فلا يقال أين، اذ هو منقطع الكيفية و الأينية، هو الواحد الأحد الصمد، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، فجل جلاله، أم كيف

يوصف بكنهه. و أما ما ورد عنه عليه السلام في الرسالة : محمد، و قد قرنه الجليل باسمه، و شركه في عطائه، و أوجب لمن أطاعه جزاء طاعته اذ يقول : «و ما نقموا الا أن أغنهم الله و رسوله من فضله» [195] و قال يحكي قول من ترك طاعته و هو يعذبه بين أطباق نيرانها و سرابيل قطرانها : «يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسولا» [196] أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال : «أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و اولي الأمر منكم» [197] و قال : «ولو ردوه الي (الله و الي) الرسول و الي أولي الأمر منهم» [198] و قال : «ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها» [199] و قال : «فسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا [ صفحه 61] تعلمون» [200] . يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله و الرسول و الخليل و ولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا، فنبينا أفضل الأنبياء، و خليلنا أفضل الأخلاء و وصيه أكرم الأوصياء، اسمهما أفضل الأسماء، و كنيتها (اي النبي و الوصي) أفضل الكني و أحلاها، لو لم يجالسنا الا كفؤ لم يجالسنا أحد ولو لم يزوجنا الا كفؤ لم يزوجنا أحد، أشد الناس تواضعا، و أعظمهم حلما، و أنداهم كفا، و أمنعهم كنفا، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما، فاردد اليهما الأمر و سلم اليهم، أماتك الله مماتهم، و أحياك حياتهم، اذا شئت رحمك الله. قال فتح : فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت : يا ابن رسول الله أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري

أمرها ليلتي، قال : سل و ان شرحتها فلي، و ان أمسكتها فلي، فصحح نظرك و تثبت في مسألتك و أصغ الي جوابها سمعك، و لا تسأل مسألة تعنت و اعتن بما تعتني به، فان العالم و المتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، منهيان عن الغش، و أما الذي اختلج في صدرك ليلتك فان شاء العالم أنباك باذن الله، ان الله لم يظهر علي غيبه أحدا الا من ارتضي من رسول، فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم، و كل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه، كيلا تخلو أرضه من حجة يكون معه علم يدل علي صدق مقالته، و جواز عدالته. يا فتح عسي الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك و شككك في بعض ما أنبأتك حتي أراد ازالتك عن طريق الله و صراطه المستقيم، فقلت : من أيقنت أنهم كذا فهم أرباب؟ معاذ الله انهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله، داخرون راغبون فاذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به، فقلت : جعلت فداك [ صفحه 62] فرجت عني و كشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع بخلدي [201] أنكم أرباب قال : فسجد أبوالحسن عليه السلام و هو يقول في سجوده : «راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا)، قال : فلم يزل كذلك حتي ذهب ليلي، ثم قال : يا فتح كدت أن تهلك، و ما ضر عيسي اذا هلك من هلك فاذهب اذا شئت رحمك الله. قال : فخرجت و أنا فرح بما كشف الله عني من اللبس بأنهم هم، و حمدت الله علي ما قدرت عليه، فلما كان في المنزل الآخر دخلت

عليه و هو متك، و بين يديه حنطة مقلوة [202] يعبث بها و قد كان أوقع الشيطان في خلدي أنه لا ينبغي أن يأكلوا و يشربوا اذ كان ذلك آفة و الامام غير مأوف؟ فقال : اجلس يا فتح فان لنا بالرسول اسوة كانوا يأكلون و يشربون و يمشون في الأسواق و كل جسم مغذو بهذا الا الخالق الرازق لأنه جسم الأجسام و هو لم يجسم، و لم يجزأ بتناه، و لم يتزايد، و لم يتناقص، مبرأ من ذاته ما ركب في ذات من جسمه، الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، منشي ء الأشياء، مجسم الأجسام، و هو السميع العليم، اللطيف الخبير، الرؤوف الرحيم، تبارك و تعالي عما يقول الظالمون علوا كبيرا، لو كان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب، و لا الخالق من المخلوق، و لا المنشي ء من المنشأ ولكنه فرق بينه و بين من جسمه و شيأ الأشياء اذ كان لا يشبهه شي ء يري، و لا يشبه شيئا [203] . 2- البحار و غيره : جملة من كلماته القصار : 1- ابقوا النعم [204] بحسن مجاورتها و التمسوا الزيادة فيها [205] بالشكر عليها، و اعلموا أن النفس أقبل شي ء لما أعطيت و أمنع شي ء لما منعت [206] ، [فاحملوها علي مطية لا تبطأ [ صفحه 63] اذا ركبت، و لا تسبق اذا تقدمت، أدرك من سبق الي الجنة و نجا من هرب الي النار] [207] . 2- الأخلاق تتصفحها المجالسة. 3- اذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن يظن بأحد سوءا حتي يعلم ذلك منه، و اذا كان زمان الجور أغلب

فيه من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا ما لم يعلم ذلك منه. 4- اذكر حسرات التفريط بأخذ تقديم [208] الحزم. 5- اذكر مصرعك بين يدي أهلك و لا طبيب يمنعك و لا حبيب ينفعك. 6- (و قال لشخص و قد أكثر من افراط الثناء عليه) أقبل علي شأنك [209] فان كثرة الملق يهجم علي الظنة، و اذا حللت من أخيك في محل الثقة فاعدل عن الملق الي حسن النية. 7- ان الظالم الحالم يكاد أن يعفي علي ظلمه بحلمه، و ان المحق السفيه يكاد أن يطفي ء نور حقه بسفهه. 8- ان الله جعل الدنيا دار بلوي و الآخرة دار عقبي و جعل بلوي الدنيا لثواب الآخرة سببا و ثواب الآخرة من بلوي الدنيا عوضا. 9- اياك و الحسد فانه يبين فيك و لا يعمل في عدوك. 10- (و قال عليه السلام مما رواه الغلامي) : الثناء الغلبة علي الأدب، و رعاية الحسب. 11- الحسد ما حي [210] الحسنات، [و الزهو] [211] جالب المقت، و العجب صارف عن [ صفحه 64] طلب العلم داع الي الغمط [212] و الجهل [213] ، و البخل أذم الأخلاق، و الطمع سجية سيئة، و الهزء فكاهة السفهاء و صناعة الجهال، و العقوق يعقب القلة و يؤدي الي الذلة. 12- الحكمة لا تنجع [214] في الطباع الفاسدة. 13- خير من الخير فاعله، و أجمل من الجميل قائله، و أرجح من العلم حامله، و شر من الشر جالبه، و أهول من الهول راكبه. 14- الدنيا سوق ربح فيها قوم و خسر آخرون. 15- راكب الحرون [215] أسير نفسه، و الجاهل أسير لسانه. 16- السهر ألذ للمنام، و الجوع يزيد في طيب

الطعام - يريد به الحث علي قيام الليل و صيام النهار. 17- الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر، لأن النعم متاع و الشكر نعم و عقبي. 18- شر من المرء رزية سوء الخلف. 19- العتاب مفتاح التقالي [216] . و العتاب خير من الحقد. 20- (و قال لرجل ذم اليه ولدا له) : العقوق ثكل من لم يثكل. 21- الغضب علي من تملك لؤم. 22- الغني قلة تمنيك و الرضا بما يكفيك، و الفقر شره [217] النفس و شدة القنوط [218] [و الدقة اتباع اليسير و النظر في الحقير] [219] . [ صفحه 65] 23- (و قال عليه السلام للمتوكل في جواب كلام دار بينهما) : لا تطلب الصفاء ممن كدرت عليه، و لا الوفاء لمن غدرت به، و لا النصح ممن صرفت سوء ظنك اليه، فانما قلب غيرك كقلبك له. 24- ما استراح ذو الحرص. 25- و قال له و قد سأله [المتوكل] [220] عن العباس [221] ، ما تقول بنو أبيك فيه؟ فقال : ما يقولون في رجل فرض الله طاعته علي الخلق و فرض طاعة العباس عليه. 26- مخالطة الأشرار تدل علي أشرار من يخالطهم، و الكفر للنعم امارة البطر و سبب للغير، و اللجاجة مسلبة للسلامة و مؤدية الي الندامة... و التسوف مغضبة للاخوان مورث الشنآن [222] ... 27- المراء يفسد الصداقة القديمة، و يحل العقدة الوثيقة، و أقل ما فيه أن يكون فيه المغالبة، و المغالبة اس أساس القطيعة [223] . 28- المصيبة للصابر واحدة، و للجازع اثنتان. 29- المقادير تريك ما لم يخطر ببالك. 30- من اتقي الله يتق، و من أطاع الله يطع، و من أطاع الخالق

لم يبال سخط المخلوقين. 31- من أقبل مع أمر ولي مع انقضائه. 32- من آمن مكر الله و أليم أخذه تكبر حتي يحل به قضاؤه و نافذ أمره، و من كان علي بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا و لو قرض و نشر. 33- من جمع لك وده و رأيه فاجمع له طاعتك. [ صفحه 66] 34- من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. 35- من لم يحسن أن يمنع، لم يحسن أن يعطي. 36- من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره. 37- الناس في الدنيا بالأموال و في الآخرة بالأعمال. 38- الهزل فكاهة [224] السفهاء و صناعة الجهال. 39- قال الغلامي : و سألته عن الحلم، فقال عليه السلام : هو أن تملك نفسك و تكظم غيظك، و لا يكون ذلك الا مع القدرة. قال : و سألته عن الحزم، فقال عليه السلام : هو أن تنتظر فرصتك و تعاجل ما أمكنك [225] . الثاني : فيما ظهر من علومه و ما كشفه من الغوامض مثل مسألة الجبر و التفويض : 1- البحار : قال أبوعبدالله الزيادي : لما سم المتوكل، نذر لله ان رزقه الله العافية أن يتصدق بمال كثير، فلما عوفي اختلف الفقهاء في المال الكثير فقال له الحسن حاجبه : ان أتيتك يا أميرالمؤمنين بالصواب فما لي عندك؟ قال عشرة آلاف درهم و الا ضربتك مائة مقرعة قال : قد رضيت فأتي أباالحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال : قل له : يتصدق بثمانين درهما فأخبر المتوكل فسأله ما العلة؟ فأتاه فسأله قال : ان الله تعالي قال لنبيه صلي الله عليه و آله : «لقد نصركم الله في مواطن كثيرة» [226]

فعددنا مواطن رسول الله صلي الله عليه و آله فبلغت ثمانين موطنا، فرجع اليه فأخبر ففرح و أعطاه عشرة آلاف درهم [227] . 2- البحار : قال المتوكل لابن السكيت [228] سل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي [ صفحه 67] فسأله فقال : لم بعث الله موسي (عليه السلام) بالعصا؟ و بعث عيسي عليه السلام بابراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتي؟ و بعث محمدا (صلي الله عليه و آله) بالقرآن و السيف؟. فقال أبوالحسن عليه السلام : بعث الله موسي عليه السلام بالعصا و اليد البيضاء في زمان الغالب علي أهله السحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم و بهرهم، و أثبت الحجة عليهم، و بعث عيسي عليه السلام بابراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتي باذن الله في زمان الغالب علي أهله الطب فأتاهم من ابراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتي باذن الله فقهرهم و بهرهم، و بعث محمدا صلي الله عليه و آله بالقرآن و السيف في زمان الغالب علي أهله السيف و الشعر فأتاهم من القرآن الزاهر و السيف القاهر ما بهر به شعرهم و بهر [229] سيفهم و أثبت الحجة به [230] عليهم. فقال ابن السكيت : فما الحجة الآن؟ قال : العقل يعرف به الكاذب علي الله فيكذب. فقال يحيي بن أكثم : ما لابن السكيت و مناظرته؟ و انما هو صاحب نحو و شعر و لغة، و رفع قرطاسا فيه مسائل، فأملأ علي بن محمد عليهماالسلام علي ابن السكيت جوابها و أمره أن يكتب. سألت عن قول الله تعالي «قال الذي عنده علم من الكتاب» [231] فهو آصف بن برخيا. و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف [232] آصف، ولكنه أحب

أن يعرف امته [ صفحه 68] من الجن و الانس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه ذلك، لئلا يختلف في امامته و ولايته من بعده، و لتأكيد الحجة علي الخلق. و أما سجود يعقوب لولده فان السجود لم يكن ليوسف و انما كان ذلك من يعقوب و ولده طاعة لله تعالي و تحية ليوسف عليهماالسلام كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم عليه السلام فسجود يعقوب و ولده و يوسف معهم شكرا لله تعالي باجتماع الشمل، ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت : «رب قد أتيتني من الملك» [233] الآية. و أما قوله : «فان كنت في شك مما أنزلنا اليك فسئل الذين يقرءون الكتاب» [234] فان المخاطب بذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و لم يكن في شك مما أنزل الله اليه، ولكن قالت الجهلة : كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة و لم لم يفرق بينه و بين الناس في الاستغناء عن المأكل و المشرب، و المشي في الأسواق، فأوحي الله الي نبيه صلي الله عليه و آله فاسأل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك الا و هو يأكل الطعام، و يشرب الشراب، و لك بهم اسوة يا محمد. و انما قال : «فان كنت في شك» و لم يكن [235] للنصفة كما قال : «قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم» [236] و لو قال : «تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم» لم يكونوا يجيبون الي المباهلة، و قد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته و ما هو من الكاذبين و كذلك عرف

النبي صلي الله عليه و آله بأنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه. و أما قوله : «و لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام» [237] الآية فهو كذلك لو [ صفحه 69] أن أشجار الدنيا أقلام و البحر مداد يمده سبعة أبحر حتي انفجرت الأرض عيونا كما انفجرت في الطوفان، ما نفدت كلمات الله و هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين برهوت و عين طبرية، و حمة ما سبذان [238] ، تدعي لسان، و حمة افريقية تدعي بسيلان، و عين باحوران، و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصي. و أما الجنة ففيها من المآكل و المشارب و الملاهي، و ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين و أباح الله ذلك لآدم، و الشجرة التي نهي الله آدم عنها و زوجته أن لا يأكلا منها شجرة الحسد، عهد الله اليهما أن لا ينظرا الي من فضل الله عليهما، و علي خلائقه بعين الحسد «فنسي و لم نجد له عزما» [239] . و أما قوله : «أو يزوجهم ذكرانا و اناثا» [240] فان الله تعالي زوج الذكران المطيعين و معاذ الله أن يكون الجليل العظيم عني ما لبست علي نفسك بطلب الرخص لارتكاب المحارم «و من يفعل ذلك يلق أثاما - يضعف له العذاب يوم القيمة و يخلد فيه مهانا» [241] ان لم يتب. فأما شهادة امرأة وحدها التي جازت فهي القابلة التي جازت شهادتها مع الرضا فان لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة لأن الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فان كان وحدها قبل قولها مع يمينها. و أما قول علي

عليه السلام في الخنثي فهو كما قال : يرث من المبال، و ينظر اليه قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة و تقوم الخنثي خلفهم عريانة، و ينظرون الي المرآة فيرون الشي ء و يحكمون عليه. و أما الرجل الناظر الي الراعي و قد نزا علي الشاة، فان عرفها ذبحها و أحرقها و ان [ صفحه 70] لم يعرفها قسمها الامام نصفين وساهم بينهما، فان وقع السهم علي أحد القسمين فقد انقسم النصف الآخر ثم يفرق الذي وقع عليه السهم نصفين فيقرع بينهما فلا يزال كذلك حتي يبقي اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم عليها ذبحت و أحرقت و قد نجي سائرها و سهم الامام سهم الله لا يخيب. و أما صلاة الفجر و الجهر فيها بالقراءة لأن النبي صلي الله عليه و آله كان يغلس [242] بها فقراءتها من الليل. و أما قول أميرالمؤمنين عليه السلام بشر قاتل ابن صفية [243] بالنار لقول رسول الله صلي الله عليه و آله، و كان ممن خرج يوم النهروان، فلم يقتله أميرالمؤمنين عليه السلام بالبصرة لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان. و أما قولك ان عليا عليه السلام قاتل أهل صفين مقبلين و مدبرين، و أجهز علي جريحهم و أنه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجهز علي جريحهم، و كل من ألقي سيفه و سلاحه آمنه، فان أهل الجمل قتل امامهم و لم يكن لهم فئة يرجعون اليها، و انما رجع القوم الي منازلهم غير محاربين، و لا محتالين، و لا متجسسين و لا مبارزين، فقد رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيه رفع السيف و الكف عنهم اذ لم يطلبوا عليه أعوانا. [ صفحه 71] و أهل صفين يرجعون

الي فئة مستعدة و امام منتصب، يجمع لهم السلاح من الرماح، و الدروع، و السيوف، و يستعد لهم، و يسني لهم العطاء و يهيي ء لهم الأموال، و يعقب مريضهم، و يجبر كسيرهم، و يداوي جريحهم، و يحمل راجلهم و يكسو حاسرهم، و يردهم فيرجعون الي محاربتهم و قتالهم. فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتهم، اذ لم تكن لهم فئة يرجعون اليها، و الحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم، و يجهز علي جريحهم فلا يساوي بين الفريقين في الحكم، و لو لا أميرالمؤمنين عليه السلام و حكمه في أهل صفين و الجمل، لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبي ذلك عرض علي السيف. و أما الرجل الذي أقر باللواط بذلك متبرعا من نفسه، و لم تقم عليه بينة و لا أخذه سلطان و اذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله، أما سمعت الله يقول لسليمان «هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب» [244] فبدأ بالمن قبل المنع. فلما قرأه ابن أكثم قال للمتوكل : ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شي ء بعد مسائلي، فانه لا يرد عليه شي ء بعدها الا دونها، و في ظهور علمه تقوية للرافضة [245] . 3- البحار : روي عن جعفر بن رزق الله قال : قدم الي المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيي ابن أكثم : الايمان يمحو ما قبله، و قال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكل الي علي بن محمد النقي يسأله فلما قرأ الكتاب : كتب : يضرب حتي يموت. فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب

اليه يسأله عن العلة فقال : «بسم الله الرحمن الرحيم [ صفحه 72] فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده و كفرنا بما كنا به مشركين» [246] السورة، قال : فأمر المتوكل فضرب حتي مات [247] . 4- البحار : أورد سبط ابن الجوزي في التذكرة قال يحيي بن هبيرة [هرثمة] : تذاكر الفقهاء بحضرة المتوكل من حلق رأس آدم عليه السلام؟ فلم يعرفوا من حلقه، فقال المتوكل : أرسلوا الي علي بن محمد بن علي الرضا، فأحضروه فحضر فسألوه، فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عن جده، عن أبيه قال : ان الله أمر جبرئيل أن ينزل بياقوتة من يواقيت الجنة فنزل بها فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرما [248] . 5- البحار : كتب اليه محمد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود علي الزجاج، قال : فلما نفذ الكتاب حدثت نفسي أنه مما أنبتت الأرض، و أنهم قالوا لا بأس بالسجود علي ما أنبتت الأرض قال : فجاء الجواب : لا تسجد عليه و ان حدثت نفسك أنه مما تنبت الأرض، فانه من الرمل و الملح، و الملح سبخ [249] . 6- البحار : أبوالحسن بن سهلويه البصري المعروف بالملاح قال : دلني أبوالحسن و كنت واقفيا فقال : الي كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها، فقدح في قلبي شيئا و غشي علي و تبعت الحق [250] .

رسالته في مسألة الجبر و التفويض

و مما اثر عنه عليه السلام ما ورد في أهم المسائل الكلامية التي أصبحت مثارا للجدل و البحث و المناورات القولية بين المتخاصمين حولها و هي مسألة الجبر و التفويض [ صفحه 73]

حيث بين القول الفصل و ما هو الحق و الصواب حرصا منه عليه السلام لرفع الفتنة و دفعا لما اختلج في الأذهان من الاختلاف فيها، و اليك نص الرسالة. 1- البحار و الاحتجاج : و مما أجاب به أبوالحسن علي بن محمد العسكري عليهماالسلام في رسالته الي أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض أن قال : اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك : أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها. فهم في حالة الاجتماع [251] عليه مصيبون، و علي تصديق ما أنزل الله مهتدون، و لقول [252] النبي صلي الله عليه و آله : لا تجتمع امتي علي ضلالة. فأخبر صلي الله عليه و آله أن ما اجتمعت عليه الامة و لم يخالف بعضها بعضا هو الحق، فهذا معني الحديث لا ما تأوله الجاهلون [253] و لا ما قاله المعاندون من ابطال حكم الكتاب، و اتباع حكم الأحاديث المزورة و الروايات المزخرفة و اتباع [254] الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب، و تحقيق الآيات الواضحات النيرات، و نحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب، و يهدينا الي الرشاد. ثم قال عليه السلام : فاذا شهد الكتاب بتصديق خبر و تحقيقه فأنكرته طائفة من الامة و عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة، فصارت بانكارها و دفعها الكتاب كفارا ضلالا، و أصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلي الله عليه و آله حيث قال : اني مستخلف فيكم خليفتين : كتاب الله و عترتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض. و اللفظة الاخري عنه في هذا

المعني بعينه قوله صلي الله عليه و آله : اني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و انهما لم يفترقا حتي يردا علي الحوض أما [ صفحه 74] انكم ان تمسكتم [255] بهما لن تضلوا. فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله : «انما وليكم الله و رسوله و الذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون» [256] ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليه السلام : أنه تصدق بخاتمه و هو راكع فشكر الله ذلك له و أنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله صلي الله عليه و آله قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه. و قوله صلي الله عليه و آله : علي يقضي ديني و ينجز موعدي، و هو خليفتي عليكم من بعدي. و قوله صلي الله عليه و آله حيث استخلفه علي المدينة فقال : يا رسول الله أتخلفني علي النساء و الصبيان؟ فقال : أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي. فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار و تحقيق هذه الشواهد، فلزم [257] الامة الاقرار بها اذا [258] كانت هذه الأخبار وافقت القرآن [259] ، و وافق القرآن هذه الأخبار فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله و وجدنا كتاب الله لهذه الأخبار موافقا، و عليها دليلا، كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه الا أهل العناد و الفساد. ثم قال عليه السلام : و مرادنا و قصدنا الكلام في الجبر و التفويض و شرحهما و بيانهما، و

انما قدمنا ما قدمنا ليكون [260] اتفاق الكتاب و الخبر اذا اتفقا دليلا لما أردناه، و قوة لما نحن مبينوه من ذلك ان شاء الله. [ صفحه 75] فقال : الجبر و التفويض بقول [261] الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام عند ما سئل عن ذلك فقال : لا جبر و لا تفويض، بل أمر بين الأمرين [262] . و قيل : فماذا يا ابن رسول الله؟ فقال : صحة العقل، و تخلية السرب، و المهلة في الوقت، و الزاد قبل [263] الراحلة، و السبب المهيج للفاعل علي فعله، فهذه خمسة أشياء فاذا نقص العبد منها خلة [264] كان العمل عنه مطرحا بحسبه و أنا أضرب لكل باب من هذه الأبواب الثلاثة و هي : الجبر، و التفويض، و المنزلة بين المنزلتين مثلا يقرب المعني للطالب، و يسهل له البحث من شرحه و يشهد به القرآن بمحكم آياته، و يحقق تصديقه عند ذوي الألباب و بالله العصمة و التوفيق. ثم قال عليه السلام : فأما الجبر : فهو قول من زعم أن الله عزوجل جبر العباد علي المعاصي و عاقبهم عليها، و من قال بهذا القول فقد ظلم الله و كذبه ورد عليه قوله : «و لا يظلم ربك أحدا» [265] و قوله جل ذكره : «ذلك بما قدمت يداك و أن الله ليس بظلام للعبيد» [266] مع آي كثيرة في مثل هذا، فمن زعم أنه مجبور علي المعاصي فقد أحال بذنبه علي الله عزوجل و ظلمه في عظمته له، و من ظلم ربه فقد كذب كتابه، و من كذب كتابه لزمه (الكفر) باجماع [267] الامة فالمثل المضروب في ذلك : مثل رجل ملك عبدا مملوكا لا

يملك الا نفسه، و لا يملك عرضا من عروض الدنيا، و يعلم مولاه ذلك منه، فأمره علي علم منه بالمصير الي السوق لحاجة يأتيه بها و لم يملكه ثمن ما يأتيه به، و علم المالك أن علي الحاجة رقيبا لا يطمع أحد في أخذها منه الا بما يرضي به من الثمن، و قد [ صفحه 76] وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل و النصفة و اظهار الحكمة و نفي الجور، فأوعد عبده ان لم يأته بالحاجة أن [268] يعاقبه، فلما صار العبد الي السوق، و حاول أخذ الحاجة التي بعثه (المولي للاتيان) [269] بها، وجد عليها مانعا يمنعه منها الا بالثمن، و لا يملك العبد ثمنها، فانصرف الي مولاه خائبا بغير قضاء حاجته [270] ، فاغتاظ مولاه لذلك و عاقبه علي ذلك، فانه كان ظالما متعديا مبطلا لما وصف من عدله و حكمته و نصفته، و ان لم يعاقبه كذب نفسه، أليس يجب أن لا يعاقبه؟ و الكذب و الظلم ينفيان العدل و الحكمة، تعالي الله عما يقول المجبرة علوا كبيرا. ثم قال العالم عليه السلام - بعد كلام طويل - : فأما التفويض الذي أبطله الصادق عليه السلام و خطأ من دان به، فهو قول القائل : ان الله عزوجل فوض الي العباد اختيار أمره و نهيه و أهملهم. و في هذا كلام [271] دقيق لم يذهب الي غوره و دقته الا الأئمة المهدية عليهم السلام من عترة آل الرسول صلوات الله عليهم فانهم قالوا : لو فوض الله أمره اليهم علي جهة الاهمال لكان لازما له رضا ما اختاروه و استوجبوا به [من] [272] الثواب، و لم يكن عليهم فيما اجترموا العقاب اذ كان الاهمال واقعا،

و تنصرف هذه المقالة علي معنيين : اما أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه اختيارهم بآرائهم - ضرورة - كره ذلك أم أحب [273] ، فقد لزمه الوهن، أو يكون جل و تقدس عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي عن ارادته ففوض أمره و نهيه اليهم، و أجراهما علي محبتهم، اذ عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي علي ارادته فجعل الاختيار اليهم في الكفر و الايمان، و مثل ذلك : مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه و يعرف له فضل ولايته و يقف عند أمره و نهيه و ادعي مالك العبد أنه [ صفحه 77] علي معصيته أليم العقاب، فخالف العبد ارادة مالكه، و لم يقف عند أمره و نهيه، فأي أمر أمره به أو نهي [274] نهاه عنه لم يأتمر علي ارادة المولي، بل كان العبد يتبع ارادة نفسه، و بعثه في بعض حوائجه و فيما الحاجة له فصار العبد بغير تلك الحاجة خلافا علي مولاه و قصد ارادة نفسه و اتبع هواه، فلما رجع الي مولاه نظر الي ما أتاه فاذا هو خلاف ما [275] أمره فقال العبد : اتكلت علي تفويضك الأمر الي فاتبعت هواي و ارادتي لأن المفوض اليه غير محظور عليه لاستحالة اجتماع التفويض و التحظير. [ثم قال عليه السلام : فمن زعم أن الله فوض قبول أمره و نهيه الي عباده فقد أثبت عليه العجز، و أوجب عليه قبول كل ما عملوا من خير أو شر، و أبطل أمر الله تعالي و نهيه] [276] . ثم قال عليه السلام : ان الله خلق الخلق بقدرته و ملكهم استطاعة ما تعبدهم به من الأمر و النهي، و قبل منهم اتباع أمره و

نهيه [277] و رضي بذلك لهم [278] ، و نهاهم عن معصيته، و ذم من عصاه و عاقبه عليها، و لله الخيرة في الأمر و النهي يختار ما يريده و يأمر به، و ينهي عما يكره، و يثيب و يعاقب بالاستطاعة التي يملكها عباده لاتباع أمره و اجتناب معاصيه لأنه العدل، و منه النصفة و الحكومة، بالغ الحجة بالاعذار و الانذار، و اليه الصفوة يصطفي من يشاء من عباده، اصطفي محمدا صلوات الله عليه و آله و بعثه بالرسالة الي خلقه، و لو فوض اختيار اموره الي عباده لأجاز لقريش اختيار امية بن أبي الصلت [279] و أبي مسعود الثقفي [280] اذ كانا عندهم أفضل من محمد صلي الله عليه و آله [ صفحه 78] قاهر قادر عزيز حكيم، فأمر عبده و نهاه، و وعده علي اتباع أمره عظيم الثواب و أوعده لما قالوا : «لولا نزل هذا القرآن علي رجل من القريتين عظيم» [281] يعنونهما بذلك، فهذا هو : القول بين القولين ليس بجبر و لا تفويض، بذلك أخبر أميرالمؤمنين عليه السلام حين سأله عباية بن ربعي الأسدي [282] عن الاستطاعة. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : تملكها من دون الله أو مع الله؟ فسكت عباية بن ربعي. فقال له : قل يا عباية، قال : و ما أقول؟. قال : ان قلت تملكها مع الله قتلتك، و ان قلت : تملكها من دون الله قتلتك. قال : و ما أقول يا أميرالمؤمنين؟ قال : تقول : تملكها بالله الذي يملكها من دونك، فان ملككها كان ذلك من عطائه، و ان سلبكها كان ذلك من بلائه، و هو المالك لما ملكك، و المالك لما عليه أقدرك، أما سمعت

الناس يسألون الحول و القوة حيث يقولون : لا حول و لا قوة الا بالله؟. فقال الرجل : و ما تأويلها يا أميرالمؤمنين؟ قال : لا حول لنا عن [283] معاصي الله الا بعصمة الله، و لا قوة لنا علي طاعة الله الا بعون الله، قال : فوثب الرجل و قبل يديه و رجليه. ثم قال عليه السلام : في قوله تعالي : «و لنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلو أخباركم» [284] و في قوله : «سنستدرجهم من حيث لا [ صفحه 79] يعلمون» [285] و في قوله : «أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون» [286] و قوله : «و لقد فتنا سليمان» [287] و في قوله [288] : «فانا قد فتنا قومك من بعدك و أضلهم السامري» [289] و قول موسي عليه السلام : «ان هي الا فتنتك» [290] و قوله : «ليبلوكم في مآ ءاتكم» [291] و قوله : «ثم صرفكم عنهم ليبتليكم» [292] و قوله : «انا بلونهم كما بلونا أصحاب الجنة» [293] و قوله : «ليبلوكم أيكم أحسن عملا» [294] و قوله : «و اذ ابتلي ابراهيم ربه بكلمات» [295] و قوله : «و لو يشآء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض» [296] ان جميعها جاءت في القرآن بمعني الاختبار. ثم قال عليه السلام : فان قالوا : ما الحجة في قول الله تعالي : «يضل من يشآء و يهدي من يشآء» [297] و ما أشبه ذلك؟. قلنا : فعلي مجاز هذه الآية يقتضي معنيين : أحدهما [أنه اخبار] [298] عن كونه تعالي قادرا علي هداية من يشاء و ضلالة من يشاء، و لو أجبرهم علي أحدهما لم يجب

لهم [ صفحه 80] ثواب، و لا عليهم عقاب علي ما شرحناه. و المعني الآخر : أن الهداية منه التعريف كقوله تعالي : «و أما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي» [299] و ليس كل آية مشتبهة في القرآن كانت الآية حجة علي حكم الآيات اللاتي أمر بالأخذ بها و تقليدها، و هي قوله : «هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن أم الكتاب و أخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغآء الفتنة و ابتغآء تأويله» [300] الآية، و قال : «فبشر عباد - الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هديهم الله و أولئك هم أولوا الألباب» [301] وفقنا الله و اياكم لما يحب و يرضي، و يقرب لنا و لكم الكرامة و الزلفي، و هدانا لما هو لنا و لكم خير و أبقي، انه الفعال لما يريد، الحكيم [الجواد] [302] المجيد [303] .

امره بصناعة الساعة

لا شك أن أئمتنا عليهم السلام لهم الخبرة الفائقة في مختلف العلوم و شتي مجالات الصناعة و المخترعات الحديثة الا أنهم أو كلوا هذه الأمور الي فهم الآخرين ممن يتعاقبونهم في الزمن ليبلغوا الي ما هو الحال، لأن أهدافهم و برامجهم الاصلاحية كانت أسمي من أن يصرفوا طاقاتهم في هذه المجالات و ان بدرت منهم بوادر فيها كما نشاهد في كلمات أميرالمؤمنين عليه السلام الاشارة الي بعضها امثال الكهرباء و الفضاء، و من هنا يثبت لنا التاريخ ما حدا بالامام الهادي عليه السلام في أمره بصناعة مقدر [ صفحه 81] الساعات و اليك نص الخبر. البحار : عن ابراهيم بن مهزيار قال : كان أبوالحسن عليه السلام كتب الي علي بن مهزيار، يأمره أن يعمل له

مقدار الساعات فحملناه اليه في سنة ثمان و عشرين [304] فلما صرنا بسيالة [305] كتب يعلمه قدومه و يستأذنه في المصير اليه و عن الوقت الذي نسير اليه فيه، و استأذن لابراهيم فورد الجواب بالاذن أنا نصير اليه بعد الظهر، فخرجنا جميعا الي أن صرنا في يوم صائف شديد الحر و معنا مسرور غلام علي بن مهزيار. فلما أن دنوا من قصره اذا بلال قائم ينتظرنا و كان بلال غلام أبي الحسن عليه السلام قال : ادخلوا فدخلنا حجرة و قد نالنا من العطش أمر عظيم فما قعدنا حينا حتي خرج الينا بعض الخدم و معه قلال من ماء أبرد ما يكون فشر بنا ثم دعا بعلي بن مهزيار فلبث عنده الي بعد العصر ثم دعاني فسلمت عليه و استأذنته أن يناولني يده فأقبلها فمد يده فقبلتها و دعاني و قعدت ثم قمت فودعته. فلما خرجت من باب البيت ناداني عليه السلام فقال : يا ابراهيم فقلت : لبيك يا سيدي فقال : لا تبرح فلم أزل جالسا و مسرور غلامنا معنا، فأمر أن ينصب المقدار ثم خرج عليه السلام فالقي له كرسي فجلس عليه و القي لعلي بن مهزيار كرسي عن يساره فجلس، و قمت أنا بجنب المقدار فسقطت حصاة (من حصيات المقدار) فقال مسرور : «هشت» فقال عليه السلام : «هشت» ثمانية، فقلنا : نعم يا سيدنا. فلبثنا عنده الي المساء ثم خرجنا فقال لعلي : رد الي مسرورا بالغداة فوجهه اليه فلما أن دخل قال له بالفارسية : «بار خدا جون؟» [306] ، فقلت له : «نيك» [307] يا [ صفحه 82] سيدي فمر نصر فقال : «در ببند»، در ببند» [308] فأغلق الباب ثم ألقي رداءه

علي يخفيني من نصر حتي سألني عما أراد فلقيه علي بن مهزيار فقال له : كل هذا خوفا من نصر؟ فقال : يا أبا الحسن يكاد خوفي منه خوفي من عمرو بن قرح [309] .

ما جري عليه من حكام زمانه

أما ما جري عليه من حكام زمانه و طواغيت عصره من الظلم و التعدي و التبعيد الشي ء الكثير، و نحن نذكر هنا ما أثبته التاريخ في طياته و لعل الكثير منها قد عفي عليها كر الزمان و آفات الحدثان و اليكم ما ورد في هذا الباب.

سبب اشخاصه من المدينة

روي أن بريحة العباسي صاحب الصلاة بالحرمين كتب الي المتوكل : ان كان لك في الحرمين (يعني مكة و المدينة) حاجة فأخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس الي نفسه و اتبعه خلق كثير، ثم كتب اليه بهذا المعني زوجة المتوكل [310] ، كما أن بريحة تابع الكتب في هذا المعني [311] . و جاء في الارشاد : أنه كان سبب شخوص أبي الحسن عليه السلام من المدينة الي سر من رأي أن عبدالله بن محمد كان يتولي الحرب و الصلاة في مدينة الرسول صلي الله عليه و آله فسعي بأبي الحسن الي المتوكل، و كان يقصده بالأذي، و بلغ أباالحسن عليه السلام سعايته به فكتب الي المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه و كذبه فيما سعي به، فتقدم المتوكل باجابته عن كتابه و دعائه فيه الي حضور العسكر [312] علي جميل من [ صفحه 83] الفعل و القول [313] . فنفذ اليه يحيي بن هرثمة و معه الكتاب يعرفه أنه قد اشتاق اليه و سأله القدوم عليه... و كتب الي بريحة يعرفه ذلك [314] . و في الواقع كان عمل المتوكل نفاقا سياسيا و خداعا محضا لأنه من أشد الناس عداوة لعلي و ذريته عليهم السلام، فسؤاله القدوم عليه له وجوه. أولا : كان تصديقا لما كتبه اليه عامله و بقية السعاة، و ثانيا : بجلبه عليه السلام الي

سامراء تكون جميع حركات الامام و سكناته ملحوظة من قبل عيونه. و ثالثا : عدم تمكن القواعد الشعبية من مواليه الاستفادة من وجوده الشريف بحرية تامة و الي غير ذلك من الوجوه، و يؤيد ما قلنا ما أورده سبط ابن الجوزي في التذكرة : قال علماء السير : و انما أشخصه المتوكل من مدينة الرسول الي بغداد، لان المتوكل كان يبغض عليا و ذريته، فبلغه مقام علي بالمدينة، و ميل الناس اليه، فخاف منه، فدعي يحيي بن هرثمة، و قال : اذهب الي المدينة، و انظر في حاله و أشخصه الينا [315] ... فخرجت نسخة الكتاب و هي : «بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فان أميرالمؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك، موجب لحقك، مؤثر من الامور فيك و في أهل بيتك ما يصلح الله به حالك و حالهم، و يثبت به [من] عزك و عزهم، و يدخل الأمن عليك و عليهم يبتغي بذلك رضا ربه، و أداء ما فرض عليه فيك و فيهم. فقد رأي أميرالمؤمنين صرف عبدالله بن محمد عما كان يتولي من الحرب و الصلاة بمدينة الرسول، اذ كان علي ما ذكرت من جهالته بحقك، و استخفافه بقدرك، و عندما قرفك به و نسبك اليه من الأمر الذي قد علم أميرالمؤمنين براءتك منه و صدق نيتك في [ صفحه 84] برك و قولك و أنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه. و قد ولي أميرالمؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل، و أمره باكرامك و تبجيلك، و الانتهاء الي أمرك و رأيك، و التقرب الي الله و الي أميرالمؤمنين بذلك، و أميرالمؤمنين مشتاق اليك، يحب احداث العهد بك، و النظر الي

وجهك. فان نشطت لزيارته و المقام قبله ما أحببت، شخصت و من اخترت من أهل بيتك و مواليك و حشمك علي مهلة و طمأنينة، ترحل اذا شئت، و تنزل اذا شئت و تسير كيف شئت، فان أحببت أن يكون يحيي بن هرثمة مولي أميرالمؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحيلك، و يسيرون بمسيرك، فالأمر في ذلك اليك، و قد تقدمنا اليه بطاعتك. فاستخر الله حتي توافي أميرالمؤمنين فما أحد من اخوته و ولده و أهل بيته و خاصته ألطف منه منزلة و لا أحمد له أثرة و لا هو لهم أنظر، و عليهم أشفق، و بهم أبر، و اليهم أسكن منه اليك، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته. و كتب ابراهيم بن العباس في جمادي الاخري سنة ثلاث و أربعين و مائتين [316] . و أمر يحيي بالمسير اليه [317] و قال له : اختر ثلاثمائة رجل ممن تريد و اخرجوا الي الكوفة، فخلفوا أثقالكم فيها، و اخرجوا الي طريق البادية الي المدينة، فأحضروا علي بن محمد بن الرضا الي عندي مكرما معظما مبجلا [318] . قال يحيي : ففعلت و خرجنا و كان في أصحابي قائد من الشراة [319] و كان لي كاتب يتشيع و أتا علي مذهب الحشوية [320] و كان الشاري يناظر ذلك الكاتب و كنت أستريح الي مناظرتهما لقطع الطريق. [ صفحه 85] فلما صرنا الي وسط الطريق قال الشاري للكاتب : أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من الأرض بقعة الا و هي قبر أو سيكون قبرا؟ فانظر الي هذه البرية [321] أين من يموت فيها حتي يملأها الله قبورا كما تزعمون؟ قال :

فقلت للكاتب : هذا من قولكم؟ قال : نعم، قلت : صدق أين [من] [322] يموت في هذه البرية العظيمة حتي تمتلي ء قبورا و تضاحكنا ساعة اذ انخذل الكاتب في أيدينا [323] . فقدم يحيي المدينة، و بدأ ببريحة، و أوصل الكتاب اليه، ثم ركبا جميعا الي أبي الحسن عليه السلام و أوصلا اليه كتاب المتوكل فاستأجلها ثلاثة أيام [324] .

ردود الفعل من الناس حول جلبه

قال يحيي : فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا علي علي عليه السلام و قامت الدنيا علي ساق، لأنه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد، لم يكن عنده ميل الي الدنيا. قال يحيي : فجعلت اسكنهم و أحلف لهم : أني لم اؤمر فيه بمكروه، و أنه لا بأس عليه، ثم فتشت منزله، فلم أجد فيه الا مصاحف و أدعية و كتب العلم، فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي، و أحسنت عشرته [325] . فلما وصل الكتاب اليه و قرأه قال : انزلوا و ليس من جهتي خلاف، قال : فلما صرت اليه من الغد و كنا في تموز أشد ما يكون من الحر فاذا بين يديه خياط و هو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين [326] له و لغلمانه، ثم قال للخياط : اجمع عليها جماعة من [ صفحه 86] الخياطين، و اعمد علي الفراغ منها يومك هذا و بكر بها الي في هذا الوقت ثم نظر الي و قال : يا يحيي اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم و اعمد علي الرحيل غدا في هذا الوقت. قال : فخرجت من عنده و أنا أتعجب من الخفاتين و أقول في نفسي : نحن في تموز و حر الحجاز و انما

بيننا و بين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب؟ ثم قلت في نفسي : هذا رجل لم يسافر، و هو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه الي مثل هذه الثياب و العجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا. فعدت اليه من [327] الغد في ذلك الوقت، فاذا الثياب قد احضرت، فقال لغلمانه : ادخلوا و خذوا لنا معكم لبابيد و برانس [328] ثم قال : ارحل يا يحيي، فقلت في نفسي : هذا أعجب من الأول أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتي أخذ معه اللبابيد و البرانس؟ فخرجت و أنا أستصغر فهمه [329] . و خرج عليه السلام متوجها نحو العراق، و أتبعه بريحة مشيعا، فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة : قد علمت وقوفك علي أني كنت السبب في حملك، و علي حلف بأيمان مغلظة لئن شكوتني الي أميرالمؤمنين أو [الي] [330] أحد من خاصته لأجمرن نخلك، و لأقتلن مواليك و لأغورن [331] عيون ضيعتك و لأفعلن و لأصنعن، [فالتفت اليه] [332] أبوالحسن عليه السلام فقال له : ان أقرب عرضي اياك علي الله البارحة، و ما كنت لأعرضك عليه ثم أشكوك [333] الي غيره من خلقه. [ صفحه 87] فانكب عليه [334] بريحة و ضرع اليه و استعفاه فقال له : قد عفوت عنك وسار [335] . (قال يحيي) : فسرنا [336] حتي اذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة و اسودت و أرعدت و أبرقت حتي اذا صارت علي رؤوسنا أرسلت علينا بردا [337] مثل الصخور، و قد شد علي نفسه و علي غلمانه الخفاتين و لبسوا اللبابيد و البرانس، فقال لغلمانه

: ادفعوا الي يحيي لبادة و الي الكاتب برنسا و تجمعنا و البرد يأخذنا حتي قتل من أصحابي ثمانين رجلا و زالت [السحاب] [338] و رجع الحر كما كان. فقال لي : يا يحيي أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات من أصحابك، فهكذا يملأ الله البرية قبورا. قال يحيي : فرميت نفسي عن دابتي و عدوت اليه، و قبلت ركابه و رجله، و قلت : أنا أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله، و أنكم خلفاء الله في أرضه، و قد كنت كافرا و انني الآن قد أسلمت علي يديك يا مولاي، قال يحيي : و تشيعت و لزمت خدمته الي أن مضي [339] .

ما ظهر من كراماته في الطريق

روي عن يحيي بن هرثمة قال : رأيت من دلائل أبي الحسن عليه السلام الأعاجيب في طريقنا منها أنا نزلنا منزلا لا ماء فيه فأشفينا نحن و دوابنا و جمالنا من العطش علي التلف، و كان معنا جماعة و دفعة عظيمة و قوم قد تبعونا من المدينة، فقال أبوالحسن عليه السلام : كأني أعرف علي أميال موضع ماء، فقلنا له : ان نشطت و تفضلت [ صفحه 88] عدلت بنا اليه، و كنا معك، فعدل بنا عن الطريق فسرنا نحو ستة أميال فأشرفنا علي واد كأنه زهو [340] الرياض فيه عيون و أشجار و زروع و ليس فيها زارع و لا فلاح، و لا أحد من الناس، فنزلنا و شربنا و سقينا دوابنا، و أقمنا الي بعد العصر، ثم تزودنا و ارتوينا و ما معنا من القرب و رجعنا راحلين، فلم نبعد أن عطشت و كان لي مع بعض غلماني كوز فضة يشده في

منطقته، و قد استسقيته فلجلج لسانه بالكلام، و نظرت فاذا هو قد نسي الكوز في المنزل الذي كنا [فيه] [341] فرجعت أضرب بالسوط علي فرس لي جواد سريع، و أغذ [342] السير حتي أشرفت علي الوادي، فرأيته جدبا يابسا قاعا محلا، لا ماء فيه و لا زرع، و لا خضرة، و رأيت موضع رحالنا وروث دوابنا و بعر الجمال و مناخاتهم [343] و الكوز موضوع في موضعه الذي تركه الغلام، فأخذته و انصرفت فلم أعرفه شيئا من الخبر. فلما قربت [من] القوم و العسكر وجدته عليه السلام [واقفا] ينتظرني، فتبسم عليه السلام و لم يقل لي شيئا و لا قلت له سوي ما سأل من وجود الكوز، فأعلمته أني قد وجدته [344] .قال يحيي : و خرج عليه السلام في يوم صائف آخر و نحن في صحو و شمس حامية تحرق، فركب من مضربه و عليه ممطر و ذنب دابته معقود و تحته لبد طويل فجعل كل من في العسكر و أهل القافلة يضحكون تعجبا، و يقولون : هذا الحجازي ليس يعرف الزي، فما سرنا أميالا حتي ارتفعت سحابة من ناحية القبلة، و أظلمت و أظلتنا بسرعة، و أتي من المطر الهاطل كأفواه القرب، فكدنا نتلف و غرقنا حتي جري الماء من ثيابنا الي [ صفحه 89] أبداننا، و امتلأت خفافنا، و كان أسرع و أعجل من أن يمكن أن يحط و يخرج اللبابيد، فصرنا شهرة و ما زال عليه السلام يتبسم تبسما ظاهرا تعجبا من أمرنا [345] . و هناك رواية اخري مناسبة لهذا المقام تقدمت في حقل معاجزه عليه السلام. و قال يحيي : و صارت اليه في بعض المنازل امرأة معها ابن لها مرقود العين، و لم

تزل تستدل و تقول : معكم رجل علوي دلوني عليه حتي يرقي عين ابني هذا فدللناها عليه، ففتح عليه السلام الصبي حتي رأيتها فلم أشكك أنها ذاهبة فوضع يده عليها لحظة يحرك شفتيه، ثم نحاها فاذا عين الغلام مفتوحة صحيحة ما بها قلبة [346] . قال يحيي : فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهري - و كان واليا علي بغداد - [فخرج و جملة القواد فتلقوه] [347] ، و قال لي : يا يحيي! ان هذا الرجل قد ولده رسول الله، و المتوكل من تعلم، فان حرضته عليه قتله، و كان رسول الله خصمك يوم القيامة، فقلت له : و الله ما وقفت منه الا علي كل أمر جميل [348] . و عن محمد بن أحمد الحلبي [349] القاضي قال : حدثني خضر بن محمد البزاز و كان شيخا مستورا [350] ثقة يقبله القضاة و الناس، قال : رأيت في المنام كأني علي شاطي ء الدجلة بمدينة السلام في رحبة الجسر و الناس مجتمعون خلق كثير يزحم بعضهم بعضا و هم يقولون : قد أقبل بيت الله الحرام، فبينا نحن كذلك اذ رأيت البيت بما عليه من الستائر و الديباج و القباطي قد أقبل مارا علي الأرض يسير حتي عبر الجسر من الجانب الغربي الي الجانب الشرقي و الناس يطوفون به و بين يديه حتي دخل دار خزيمة و هي التي آخر من ملكها بعد عبيدالله بن عبدالله بن طاهر... [ صفحه 90] فلما كان بعد أيام خرجت في حاجة [حتي] [351] انتهيت الي الجسر، فرأيت الناس مجتمعين و هم يقولون : قد قدم ابن الرضا عليه السلام من المدينة، فرأيته قد عبر من الجسر

علي شهري [352] تحته كبير يسير عليه سيرا رفيقا و الناس بين يديه و خلفه، و جاء حتي دخل دار خزيمة بن حازم، فعلمت أنه تأويل الرؤيا التي رأيتها [353] .

الامام الهادي في سامراء

(قال يحيي) : ثم صرت به الي سر من رأي [354] (فتلقاه جلة أصحاب المتوكل) [355] فبدأت بوصيف التركي فأخبرته بوصوله، فقال : و الله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها الا سواك، فتعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق [356] . فلما وصل اليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يقال له : خان الصعاليك [357] ، فأقام فيه يومه. و في هذا الخان الأشنع يلتقي به أحد مواليه فيبدي تأثره للامام و هو صالح بن سعيد [ صفحه 91] حيث يقول : دخلت علي أبي السحن عليه السلام فقلت : جعلت فداك في كل الامور أرادوا اطفاء نورك و التقصير بك، حتي أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك فقال : ها هنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده فقال : انظر فنظرت فاذا أنا بروضات آنقات، و أنهار جاريات، و روضات ناضرات، فيهن خيرات عطرات، و ولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، و أطيار، و ظباء، و أنهار تفور، فحار بصري و التمع و حسرت عيني، و كثر عجبي فقال عليه السلام لي : حيث كنا فهذا لنا (عتيد) يا ابن سعيد، لسنا في خان الصعاليك [358] . و قال يحيي : فلما دخلت علي المتوكل سألني عنه فأخبرته بحسن سيرته و سلامة طريقه و ورعه و زهادته و اني فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف و كتب العلم، و أن أهل المدينة خافوا عليه [359] . (فلما دخل علي

المتوكل) أعظمه و أكرمه و مهد له [360] و أحسن جائزته، و أجزل بره [361] ، (هذا بحسب الظاهر و مراوغة منه)، ثم تقدم المتوكل بافراد دار له فانتقل اليها [362] . و أقام أبوالحسن عليه السلام مدة مقامه بسر من رأي مكرما في ظاهر حاله، يجتهد المتوكل في ايقاع حيلة به، فلا يتمكن من ذلك [363] ، و قد عاصره مدة أربع عشرة سنة [364] ، و له معه أحاديث يطول ذكرها و قد تقدم بعضها و بقي نبذ منها. [ صفحه 92]

ما ظهر من معاجزه و كراماته في مجلس المتوكل

فمن جملتها ما ظهر منه من الكرامة و الشأن ما لم يتمكن الحساد من مشاهدته. 1- البحار : روي : عن سلمة الكاتب قال : قال خطيب يلقب بالهريسة للمتوكل : ما يعمل أحد بك ما تعمله بنفسك في علي بن محمد، فلا في الدار الا من يخدمه، و لا يتعبونه بشيل [365] الستر لنفسه، فأمر المتوكل بذلك فرفع صاحب الخبر أن علي بن محمد عليهماالسلام دخل الدار، فلم يخدم و لم يشل أحد بين يديه الستر فهب هواء فرفع الستر حتي دخل و خرج، فقال : شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء. و في تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح بن الحكم بياع السابري قال : كنت واقفيا فلما أخبرني حاجب المتوكل بذلك أقبلت أستهزي ء به اذ خرج أبوالحسن عليه السلام فتبسم في وجهي من غير معرفة بيني و بينة، و قال : يا صالح ان الله تعالي قال في سليمان «فسخرنا له الريح تجري بأمره رخآء حيث أصاب» [366] و نبيك و أوصياء نبيك أكرم علي الله تعالي من سليمان، قال : و كأنما انسل

من قلبي الضلالة، فتركت الوقف [367] . 2- البحار : روي أبوسعيد، قال : حدثنا أبوالعباس الكاتب و نحن في داره بسامرة فجري ذكر أبي الحسن فقال : يا أباسعيد اني احدثك بشي ء حدثني به أبي قال : كنا مع المعتز و كان أبي كاتبه فدخلنا الدار، و اذا المتوكل علي سريره قاعد، فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه، و كان عهدي به اذا دخل رحب به و يأمر بالقعود فأطال القيام، و جعل يرفع رجلا و يضع اخري و هو لا يأذن له بالقعود. و نظرت الي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقبل علي الفتح بن خاقان و يقول : هذا [ صفحه 93] الذي تقول فيه ما تقول، و يردد القول، و الفتح مقبل عليه يسكنه و يقول : مكذوب عليه يا أميرالمؤمنين و هو يتلظي [368] و يقول : و الله لأقتلن هذا المرائي الزنديق [369] و هو يدعي الكذب، و يطعن في دولتي ثم قال : جئني بأربعة من الخزر [370] فجي ء بهم و دفع اليهم أربعة أسياف، و أمرهم أن يرطنوا بألسنتهم اذا دخل أبوالحسن، و يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه، و هو يقول : و الله لاحرقنه بعد القتل، و أنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر. فما علمت الا بأبي الحسن قد دخل، و قد بادر الناس قدامه، و قالوا : قد جاء و التفت فاذا أنا به و شفتاه يتحر كان، و هو غير مكروب و لا جازع، فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه عن السرير اليه، و هو سبقه، وانكب عليه فقبل بين عينيه و يده، و سيفه بيده، و هو يقول : يا سيدي

يا ابن رسول الله يا خير خلق الله يا ابن عمي يا مولاي يا أباالحسن! و أبوالحسن عليه السلام يقول : اعيذك يا أميرالمؤمنين بالله اعفني من هذا، فقال : ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت قال : جاءني رسولك فقال : المتوكل يدعوك؟ فقال : كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي من حيث شئت، يا فتح! يا عبيدالله! يا معتز! شيعوا سيدكم و سيدي. فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون، ثم قال لهم : لم لم تفعلوا ما امرتم؟ قالوا : شدة هيبته، رأينا حوله أكثر ن مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك عما أمرت به، و امتلأت قلوبنا من ذلك، فقال المتوكل : يا فتح هذا صاحبك، وضحك في وجه الفتح وضحك الفتح في [ صفحه 94] وجهه، فقال : الحمدلله الذي بيض وجهه، و أنار حجته [371] . أقول : و انما دعاهم المتوكل لكي يتبين منهم أيضا السبب من عدم هجومهم عليه و قتله بعد ما أمرهم بذلك و استعدوا لتنفيذ أوامره، و أنه هو نفسه الذي رأي ذلك أم لا؟. و يظهر أنه رأي ما رآه الخزر أيضا حيث دعاه الي أن يخضع و يتذلل أمام الامام بتلك الكلمات التي صدرت منه، بعد ما غضب عليه غاية الغضب، بحيث جعل يقذفه بكلمات بذية و يحلف علي قتله و حرقه. و مع كل هذه المشاهد التي كانت تظهر منه عليه السلام من الكرامات لم يزدادوا الا طغيانا و حقدا و حسدا. 3- البحار : و عن الجهني قال : حضر مجلس المتوكل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحق

[372] فأعجبه، فقال له المتوكل : يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فاذا حضر فالعب عنده بما يخجله. قال : فلما حضر أبوالحسن عليه السلام المجلس، لعب الهندي فلم يلتفت اليه فقال له : يا شريف ما يعجبك لعبي؟ كأنك جائع، ثم أشار الي صورة مدورة في البساط علي شكل الرغيف، و قال : يا رغيف مر الي هذا الشريف، فارتفعت الصورة فوضع أبوالحسن عليه السلام يده علي صورة سبع في البساط و قال : قم فخذ هذا فصارت الصورة سبعا و ابتلع الهندي و عاد الي مكانه في البساط فسقط المتوكل لوجهه و هرب من كان قائما [373] . 4- البحار : روي : أن المتوكل قيل له : ان أبالحسن يعني علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يفسر قول الله عزوجل «يوم يعض الظالم علي يديه» [374] الآيتين في الأول و الثاني، قال : فكيف الوجه في أمره؟ قالوا : تجمع له الناس و تسأله بحضرتهم [ صفحه 95] فان فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره، و ان فسرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه، قال : فوجه الي القضاة و بني هاشم و الأولياء، و سئل عليه السلام، فقال : هذان رجلان كني عنهما، و من بالستر عليهما أفيحب أميرالمؤمنين أن يكشف ما ستره الله؟ فقال : لا احب [375] . 5- البحار : و دخل عليه السلام يوما علي المتوكل فقال : يا اباالحسن من أشعر الناس؟ و كان قد سأل قبله لابن الجهم فذكر شعراء الجاهلية و شعراء الاسلام فلما سأل الامام عليه السلام قال : فلان بن فلان العلوي - قال ابن الفحام - : و أخوه الحماني [376] قال : حيث يقول : لقد

فاخرتنا من قريش عصابة بمط خدود و امتداد أصابع فلما تنازعنا المقال قضي لنا عليهم بما يهوي نداء الصوامع ترانا سكوتا و الشهيد بفضلنا عليهم جهير الصوت في كل جامع فان رسول الله أحمد جدنا و نحن بنوه كالنجوم الطوالع قال : و ما نداء الصوامع يا أباالحسن؟ قال : أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل كثيرا، ثم قال : هو جدك لاندفعك عنه [377] .

الدفاع عن أبي طالب

روي الحسين بن حمدان الحضيني في كتاب الهداية في الفضائل : عن علي بن عبيد [ صفحه 96] الله الحسيني قال : ركبنا مع سيدنا أبي الحسن عليه السلام الي دار المتوكل في يوم السلام، فسلم سيدنا أبوالحسن عليه السلام و أراد أن ينهض، فقال له المتوكل : اجلس يا أباالحسن الي اريد أن أسألك، فقال له : ما يعلمه الا الله، فقال له : فعن علم الله أسألك، فقال له : و من علم الله أخبرك. قال : يا أباالحسن ما رواه الناس أن أباطالب يوقف اذا حوسب الخلائق بين الجنة و النار، و في رجله نعلان من نار يغلي منهما دماغه لا يدخل الجنة لكفره، و لا يدخل النار لكفالته رسول الله صلي الله عليه و آله و صده قريشا و السير علي يده حتي ظهر أمره. قال له أبوالحسن عليه السلام : ويحك لو وضع ايمان أبي طالب في كفة و وضع ايمان الخلائق في الكفة الاخري لرجح ايمان أبي طالب علي ايمانهم جميعا، قال له المتوكل : و متي كان مؤمنا؟ قال له : دع مالا تعلم و اسمع مالا ترده المسلمون جميعا و

لا يكذبون به. اعلم أن رسول الله صلي الله عليه و آله لما حج حجة الوداع فنزل بالأبطح بعد فتح مكة، فلما جن عليه الليل أتي القبور قبور بني هاشم، و قد ذكر أباه و امه و عمه أباطالب، فداخله خوف عظيم عليهم ورقد فأوحي الله اليه أن الجنة محرمة علي من أشرك بي، و اني أعطيك يا محمد ما لم أعطه أحدا غيرك، فادع أباك و امك و عمك فانهم يجيبونك و يخرجون من قبورهم أحياء لم يمسهم عذابي لكرامتك علي، فادعهم الي الايمان بالله و الي رسالتك و موالاة أخيك علي و الأوصياء منه الي يوم القيامة فيجيبونك و يؤمنون بك، فأهب لك كل ما سألت و أجعلهم ملوك الجنة كرامة لك يا محمد. فرجع النبي صلي الله عليه و آله الي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : قم يا أباالحسن فقد أعطاني ربي هذه الليلة ما لم يعطه أحدا من خلقه، أبي و امي و أبيك عمي و حدثه بما أوحي الله اليه و خاطبه به، و أخذ بيده و صار الي قبورهم فدعاهم الي الايمان بالله و به و بآله عليهم السلام و الاقرار بولاية علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليه السلام فآمنوا بالله و برسوله و أميرالمؤمنين و الأوصياء منه، فقال عليه السلام : فآمنوا بالله [ صفحه 97] و برسوله و أميرالمؤمنين و الأئمة عليهم السلام منه واحدا بعد واحد الي يوم القيامة. فقال لهم رسول الله صلي الله عليه و آله : عودوا الي الله ربكم و الي الجنة، فقد جعلكم الله ملوكها، فعادوا الي قبورهم، فكان و الله أميرالمؤمنين عليه السلام يحج عن أبيه و امه، و عن أب رسول الله صلي الله عليه و

آله و امه حتي مضي، و مضي الحسن و الحسين عليهماالسلام بمثل ذلك، و كل امام منا يفعل ذلك الي أن يظهر الله أمره. فقال له المتوكل لعنه الله : قد سمعت هذا الحديث أن أباطالب في ضحضاح من نار، أفتقدريا أبالحسن أن تريني أباطالب بصفة حتي أقول له و يقول لي. قال أبوالحسن عليه السلام : ان الله سيريك أباطالب الليلة في منامك و تقول له و يقول لك. قال له المتوكل : سننظر صدق ما تقول، قال له أبوالحسن عليه السلام ما أقول لك الا حقا و لا تسمع مني الا صدقا. قال له المتوكل : أليس في هذه الليلة؟ قال له : بلي، قال : فما أقبل الليل، قال المتوكل : اريد ألا أري أباطالب الليلة في منامي فأقتل علي بن محمد بادعائه الغيب و كذبه، فماذا أصنع؟ فمالي الا أن أشرب الخمر و آتي الذكور من الرجال و الحرام من النساء، فلعل أباطالب لا يأتيني، ففعل ذلك كله و بات في جنابات. فرأي أباطالب في النوم، فقال له : يا عم حدثني كيف كان ايمانك بالله و برسوله بعد موتك؟ قال : ما حدثك به ابني علي بن محمد عليهماالسلام في يوم كذا و كذا، فقال : يا عم تشرحه لي، فقال أبوطالب : فان لم أشرحه لك تقتل عليا و الله قاتلك. فحدث أبوالحسن عليه السلام بما رآه المتوكل في منامه و ما فعله من القبائح لئلا يري أباطالب في نومه. فلما كان بعد ثلاثة أيام أحضره فقال له يا أباالحسن : قد حل لي دمك، قال له : و لم؟ قال : في ادعائك الغيب و كذبك علي الله أليس قلت لي

: انني أري أباطالب في منامي تلك الليلة، فأقول له و يقول لي، فتطهرت و تصدقت و صليت لكي أري أباطالب في منامي فأسأله فلم أره في ليلتي و عملت هذه الأعمال الصالحة في الليلة الثانية و الثالثة. [ صفحه 98] فلم أره فقد حل لي قتلك و سفك دمك. فقال له أبوالحسن عليه السلام : يا سبحان الله ويحك ما أجرأك علي الله، ويحك سولت لك نفسك اللوامة حتي أتيت الذكور من الغلمان و المحرمات من النساء، و شربت الخمر لئلا تري أباطالب في منامك فتقتلني، فأتاك و قال لك و قلت له، وقص عليه ما كان بينه و بين أبي طالب في منامه حتي ما غادر منه حرفا، فأطرق المتوكل ثم قال : كلنا بنوهاشم و سحركم يا آل أبي طالب من دوننا عظيم، فنهض أبوالحسن عليه السلام [378] . 6- في ثاقب المناقب : عن محمد بن حمران، عن ابراهيم بن بلطون، عن أبيه قال : كنت أحجب المتوكل فأهدي له خمسون غلاما من الحبشة، و أمرهم أن يسلموا و أحسن اليهم، فلما تمت سنة كاملة كنت واقفا بين يديه اذ دخل عليه أبوالحسن علي بن محمد النقي عليهماالسلام، فلما أخذ مجلسه أمرني أن أخرج الغلمان من بيوتهم، فأخرجتهم، فلما بصروا بأبي الحسن عليه السلام سجدوا له بأجمعهم، فلم يتمالك المتوكل أن قام يجر رجله حتي تواري خلف الستر، ثم نهض أبوالحسن عليه السلام، فلما علم المتوكل بذلك خرج الي و قال : ويلك يا بلطون ما هذا الذي فعل هؤلاء الغلمان؟ فقلت : و الله ما أدري؟ فقال : سلهم فسألتهم عما فعلوه فقالوا : هذا رجل يأتينا كل سنة فيعرض علينا الدين و يقيم عندنا عشرة

أيام و هو وصي نبي المسلمين، فأمرني بذبحهم عن آخرهم. فلما كان وقت العتمة صرت الي أبي الحسن عليه السلام فاذا خادم علي الباب، فنظر الي فلما بصر بي قال : ادخل، فدخلت فاذا هو جالس، فقال : يا بلطون ما صنع بالقوم، فقلت : يا ابن رسول الله قد ذبحوا و الله عن آخرهم، فقال لي : كلهم؟ فقلت : [ صفحه 99] أي و الله نعم، فقال عليه السلام : تحب أن تراهم؟ قلت : نعم يا ابن رسول الله، فأومأ بيده أن ادخل الستر، فدخلت فاذا أنا بالقوم قعود و بين أيديهم فاكهة يأكلون منها [379] . 7- و روي : أنه دخل دار المتوكل فقام يصلي فأتاه بعض المخالفين فوقف حياله، فقال له : الي كم هذا الرياء فأسرع الصلاة و سلم ثم التفت اليه فقال : ان كنت كاذبا مسخك الله فوقع الرجل ميتا فصار حديثا في الدار [380] .

نذر ام المتوكل له

مرض المتوكل من خراج [381] خرج به، فأشرف منه علي التلف، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة، فنذرت امه ان عوفي أن يحمل الي أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام مالا جليلا من مالها. و قال له الفتح بن خاقان [382] : لو بعثت الي هذا الرجل - يعني أباالحسن - فسألته فانه ربما كان عنده صفة شي ء يفرج الله به عنك، قال : ابعثوا اليه فمضي الرسول و رجع، فقال : خذوا كسب [383] الغنم فديفوه بماء ورد، وضعوه علي الخراج فانه نافع باذن الله. فجعل من بحضرة المتوكل يهزأ من قوله، فقال لهم الفتح : و ما يضر من تجربته ما قال، فوالله اني لأرجو الصلاح به، فاحضر الكسب، وديف بماء

الورد و وضع علي الخراج، فانفتح و خرج ما كان فيه، و بشرت ام المتوكل بعافيته فحملت الي أبي الحسن عليه السلام عشرة الآف دينار تحت ختمها فاستقل [384] المتوكل من علته. [ صفحه 100] فلما كان بعد أيام سعي البطحائي [385] بأبي الحسن عليه السلام الي المتوكل فقال : عنده سلاح و أموال، فتقدم المتوكل الي سعيد الحاجب أن يهجم ليلا عليه، و يأخذ ما يجد عنده من الأموال و السلاح، و يحمل اليه. فقال ابراهيم بن محمد : قال لي سعيد الحاجب : صرت الي دار أبي الحسن عليه السلام بالليل و معي سلم، فصعدت منه الي السطح، و نزلت من الدرجة الي بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل الي الدار فناداني أبوالحسن عليه السلام من الدار : يا سعيد مكانك حتي يأتوك بشمعة، فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة من صوف و قلنسوة منها و سجادته علي حصير بين يديه و هو مقبل علي القبلة فقال لي : دونك بالبيوت. فدخلتها و فتشتها فلم أجد فيها شيئا، و وجدت البدرة مختومة بخاتم ام المتوكل [386] و كيسا مختوما معها، فقال أبوالحسن عليه السلام : دونك المصلي فرفعت فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس، فأخذت ذلك و صرت اليه. فلما نظر الي خاتم امه علي البدرة بعث اليها، فخرجت اليه، فسألها عن البدرة، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له : كنت نذرت في علتك ان عوفيت أن أحمل اليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها اليه و هذا خاتمك علي الكيس ما حركها. و فتح الكيس الآخر و كان فيه أربعمائة دينار، فأمر أن يضم الي البدرة بدرة اخري و قال لي : احمل ذلك

الي أبي الحسن واردد عليه السيف و الكيس بما فيه، فحملت ذلك اليه و استحييت منه، و قلت : يا سيدي عز علي بدخول دارك بغير اذنك، ولكني مأمور [ صفحه 101] به، فقال لي : «و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» [387] .

في السعاية عليه و احضاره في مجلس الشراب

قال المسعودي : سعي الي المتوكل بعلي بن محمد الجواد عليهماالسلام أن في منزله كتبا و سلاحا من شيعته من أهل قم، و أنه عازم علي الوثوب بالدولة، فبعث اليه جماعة من الأتراك، فهجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا و وجدوه في بيت مغلق عليه، و عليه مدرعة من صوف، و هو جالس علي الرمل و الحصي و هو متوجه الي الله تعالي يتلو آيات من القرآن. فحمل علي حاله تلك الي المتوكل و قالوا له : لم نجد في بيته شيئا و وجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة، و كان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه و الكأس في يد المتوكل. فلما رآه هابه و عظمه و أجلسه الي جانبه، و ناوله الكأس التي كانت في يده فقال : و الله ما خامر [388] لحمي و دمي قط، فاعفني فأعفاه، فقال أنشدني شعرا، فقال عليه السلام : اني لقليل الرواية للشعر، فقال : لابد أن تنشدني، فأنشده عليه السلام و هو جالس عنده : باتوا علي قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فلم تنفعهم [389] القلل و استنزلوا بعد عز عن معاقلهم فاودعوا [390] حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد دفنهم [391] أين الأسرة [392] و التيجان و الحلل؟ أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار و الكلل؟ [ صفحه 102] فأفصح القبر عنهم حين

ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طالما أكلوا دهرا و ما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل [393] قد اكلوا و طالما عمروا دورا لتحصنهم ففارقوا الدور و الأهلين و انتقلوا و طالما كنزوا الأموال و ادخروا فخلفوها علي الأعداء و ارتحلوا أضحت منازلهم قفرا معطلة و ساكنوها الي الأجداث قد رحلوا قال : فبكي المتوكل حتي بلت لحيته دموع عينيه، و بكي الحاضرون، و ضرب المتوكل بالكأس الأرض و تنغص عيشه في ذلك اليوم و دفع الي علي عليه السلام أربعة الآف دينار، ثم رده الي منزله مكرما [394] .

ولع المتوكل بأمر البناء

و حين جري الكلام حول جرائم المتوكل و تصرفاته اللا انسانية يجدر بنا الآن أن نشير الي جهة اخري لمعت في حياته، و هي ولعه بأمر البناء. لقد كان المتوكل من أكثر الخلفاء العباسيين عناية بأمر البناء و تشييد القصور لنفسه و لحاشيته، و يبدو أنه كان ذا هواية كبيرة في تشييد الأبنية، و صرف المبالغ الطائلة في ذلك، فقد قام بتخطيط مدينة خارج سامراء سماها المتوكلية، و ان باء مخططه بعد صرف المبالغ الطائلة و تشييد المباني بالفشل لعدم صلاحية المكان للسكن كما هو مذكور في التاريخ، و قد نبه الامام الهادي عليه السلام لذلك كما جاء في اثبات الوصية للمسعودي حيث قال : حدث الحميري عن النوفلي قال : قال أبوالحسن عليه السلام : يا علي ان هذا الطاغية يبتدي ء ببناء مدينة لا يتم له بناؤها، و يكون حتفه فيها علي يدي بعض فراغنة الأتراك [395] . [ صفحه 103] و بجانب هذه الأعمال قام أيضا ببناء مساجد أمثال جامع سامراء الكبير و جامع أبي دلف كل ذلك رياءا و تمويها علي تصرفاته و

اسرافه من بيت المال لامتصاص نقمة الجماهير التي كانت تعاني الفقر و الحرمان. و من أشهر القصور التي شيدها قصر الجعفري و هو بالقرب من سامراء بموضع يسمي الماحوزة [396] ... و قد ذكره المسعودي أيضا عن النوفلي حيث قال : قال : و كان من أمر بناء المتوكل القصر المسمي (بالجعفري) و ما أمر به بني هاشم من الأبنية ما يحدث به [397] . و نستشف من الأخبار التاريخية أن بناء القصر كلف الحاكم العباسي المتوكل أموالا طائلة، ذكر أبوالفداء : أن المتوكل أنفق في عمارته أموالا تجل عن الحصر، و قدر بمليوني دينار [398] . و لعل من موارد التمويه ما تقدم به من عطاء الي الامام الهادي عليه السلام لبناء دار له، ففي اثبات الوصية : و وجه الي أبي الحسن عليه السلام بثلاثين ألف درهم و أمره أن يستعين بها في بناء دار فخطت و رفع أساسها رفعا يسيرا، فركب المتوكل يوما يطوف في الأبنية فنظر الي داره لم ترتفع فأنكر ذلك و قال لعبيدالله بن يحيي بن خاقان وزيره علي رد : علي يمينا [399] أكدها لئن ركبت و لم ترتفع دار علي بن محمد لأضربن عنقه، فقال له عبيدالله بن يحيي : يا أميرالمؤمنين لعله في ضيقة، فأمر له بعشرين ألف درهم، فوجه بها عبيدالله مع ابنه أحمد و قال : حدثه بما جري، فصار اليه فأخبره بالخبر، فقال : ان ركب الي البناء، فرجع أحمد بن عبيدالله الي أبيه فعرفه ذلك فقال عبيدالله : ليس و الله يركب [400] . [ صفحه 104] و هناك عشرات القصور التي أمر ببنائها حيث ذكر الحموي معظمها في معجمه فقد قال عند تعدادها : من

الأبنية الجليلة مثل ما بناه المتوكل فمن ذلك القصر المعروف بالعروس أنفق عليه (ثلاثين مليون درهم)، و القصر المختار (خمسة ملايين درهم)، و الوحيد (مليوني درهم)، و الجعفري المحدث (عشرة ملايين درهم)، و الغريب (عشرة ملايين درهم)، و الصبح و المليح كل منهما (خمسة ملايين درهم)،... و الجوسق في ميدان الصخر خمسمائة الف درهم [401] ، الي غيرها من القصور و المباني، فمن أحب أن يطلع عليها فليراجع كتب التاريخ و السير فانها مشحونة بآثار و أعمال هؤلاء.

الامام الهادي في الحبس

و بعد سعاية السعاة ضده قرر أن يحبس الامام في سجون خاصة ارضاء لحقده الدفين، فجري عليه ما جري، و لم يتورع من تعذيبه روحيا، و حاول قتله الا أن الله حفظه من كيده، و في هذا المضمار وردت روايات نوردها هنا لنكون قد أعطينا المصادر المثبتة في ذلك. 1- البحار : عن الصقر بن أبي دلف الكرخي قال : لما حمل المتوكل سيدنا أباالحسن العسكري عليه السلام جئت أسأل عن خبره، قال : فنظر الي الزرافي [402] و كان حاجبا للمتوكل، فأمر أن ادخل اليه، فادخلت اليه، فقال : يا صقر ما شأنك؟ فقلت : خير أيها الاستاذ، قال : اقعد، [قال الصقر : ] فأخذني ما تقدم و ما تأخر [403] ، [ صفحه 105] و قلت : أخطأت في المجي ء. قال : فوحي [404] الناس عنه ثم قال لي : ما شأنك و فيم جئت؟ قلت : لخبر ما [405] ، فقال : لعلك [جئت] تسأل عن [خبر] مولاك؟ فقلت له : و من مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين، فقال : اسكت! مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني علي مذهبك، فقلت : الحمدلله. فقال : أتحب أن

تراه؟ فقلت : نعم، قال : اجلس حتي يخرج صاحب البريد من عنده. قال : فجلست فلما خرج، قال لغلام له : خذ بيد الصقر و أدخله الي الحجرة التي فيها العلوي المحبوس، و خل بينه و بينه، قال : فأدخلني الي الحجرة و أومأ الي بيت فدخلت فاذا هو [عليه السلام] جالس علي صدر حصير و بحذاه قبر محفور، قال : فسلمت عليه [406] فرد علي [السلام] ثم أمرني بالجلوس [فجلست] [407] ثم قال لي : يا صقر ما أتي بك؟ قلت : سيدي جئت أتعرف خبرك؟ قال : ثم نظرت الي القبر فبكيت، فنظر الي فقال : يا صقر لا عليك لن يصلوا الينا بسوء الآن، فقلت : الحمدلله. ثم قلت : يا سيدي حديث يروي عن النبي صلي الله عليه و آله لا أعرف معناه، قال : و ما هو؟ فقلت : قوله صلي الله عليه و آله (لا تعادوا الأيام فتعاديكم) ما معناه؟ فقال : نعم، الأيام نحن ما قامت السماوات و الأرض. فالسبت اسم رسول الله صلي الله عليه و آله، و الأحد كناية عن أميرالمؤمنين عليه السلام و الاثنين الحسن و الحسين عليهماالسلام، و الثلاثاء علي بن الحسين، و محمد بن علي، و جعفر بن محمد عليهم السلام، و الأربعاء موسي بن جعفر، و علي بن موسي، [ صفحه 106] و محمد بن علي و أنا، و الخميس ابني الحسن بن علي، و الجمعة ابن ابني، و اليه تجتمع [408] عصابة الحق و هو الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا. فهذا معني الأيام، فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ثم قال عليه السلام : ودع و اخرج، فلا

آمن عليك [409] . و هناك رواية اخري تشابه هذه الرواية من حيث المضمون الا أنها مختلفة من حيث المروي عنه و الشخص المنفذ لأوامر المتوكل و أنه كان من المعادين للامام عليه السلام و هي : 2- البحار : عن ابن أرومة قال : خرجت أيام المتوكل الي سر من رأي فدخلت علي سعيد الحاجب و دفع المتوكل أباالحسن اليه ليقتله، فلما دخلت عليه قال أتحب أن تنظر الي الهك؟ قلت : سبحان الله الذي لا تدركه الأبصار، قال : هذا الذي تزعمون أنه امامكم! قلت : ما أكره ذلك، قال : قد امرت بقتله، و أنا فاعله غدا، و عنده صاحب البريد، فاذا خرج فادخل اليه و لم ألبث أن خرج، قال : ادخل. فدخلت الدار التي كان فيها محبوسا فاذا بحياله قبر يحفر، فدخلت و سلمت و بكيت بكاءا شديدا فقال : ما يبكيك؟ قلت : لما أري، قال : لا تبك لذلك، لا يتم لهم ذلك، فسكن ما كان بي فقال : انه لا يلبث أكثر من يومين، حتي يسفك الله دمه و دم صاحبه الذي رأيته، قال : فوالله ما مضي غير يومين حتي قتل. ثم سأله عن حديث رسول الله صلي الله عليه و آله المتقدم و أجابه عليه السلام نعم ان لحديث رسول الله صلي الله عليه و آله تأويلا... و ذكره الخ [410] . 3- البحار : عن أبي سالم أن المتوكل أمر الفتح بسبه فذكر الفتح له ذلك، فقال : قل «تمتعوا في داركم ثلاثة أيام» الآية و أنهي ذلك الي المتوكل، فقال : أقتله [ صفحه 107] بعد ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث قتل المتوكل و الفتح

[411] . و نستنتج من هذه الروايات أنه كيف كانوا يتعاملون مع الامام عليه السلام و يخضعونه للتعذيب النفسي مرة و للسب و الاهانة اخري و الي غير ذلك من سوء المعاملة مع من كان حجة الله في الأرضين. 4- البحار : العمي [412] في كتاب الواحدة قال : حدثني أخي الحسين بن محمد قال : كان لي صديق مؤدب لولد بغا [413] . قال : فقلت : يا رسول الله و من ذلك الرجل؟ قال : الذي خلصته من السباع، فقلت : يا رسول الله سل ربك أن يطيل عمري، فرفع [414] يده نحو السماء، و قال : اللهم أطل عمره، و أنسي ء في أجله، فقلت : يا رسول الله خمس و تسعون سنة، فقال : خمس و تسعون سنة. فقال رجل كان بين يديه : و يوقي من الآفات؛ فقال النبي صلي الله عليه و آله : و يوقي من الآفات، فقلت للرجل : من أنت؟ فقال : أنا علي بن أبي طالب، فاستيقظت من نومي، و أنا أقول : علي بن أبي طالب. و كان بغا كثير التعطف و البر علي الطالبيين، فقيل له : من [415] كان ذلك الرجل الذي خلصته من السباع؟ قال : كان اتي المعتصم بالله برجل قد رمي ببدعة، فجرت بينهم في الليل مخاطبة في خلوة، فقال لي المعتصم : خذه فألقه الي السباع، فأتيت بالرجل الي السباع لالقيه اليها، و أنا مغتاظ عليه، فسمعته يقول : اللهم انك تعلم أني ما تكلمت الا فيك، و لا نصرت الا دينك، و لا اتيت الا من توحيدك، و لم ارد [بذلك] غيرك تقربا اليك بطاعتك، و اقامة الحق علي من خالفك،

أفتسلمني؟. قال : فارتعدت و داخلني له رقة، و علي قلبي منه وجع، فجذبته عن طرف بركة السباع، و قد كدت أن أزخ به فيها، و أتيت به الي حجرتي فأخفيته [فيها] و أتيت المعتصم فقال : هيه؟ فقلت : ألقيته، قال : فما سمعته يقول؟ قلت : أنا أعجمي و كان يتكلم بكلام عربي ما كنت أعلم ما يقول؟ و قد كان الرجل أغلظ للمعتصم في خطابه. فلما كان في السحر قلت للرجل : قد فتحت الأبواب و أنا مخرجك مع رجال الحرس، و قد آثرتك علي نفسي، و وقيتك بروحي، فاجهد ألا تظهر في أيام المعتصم، قال : نعم، قلت : فما خبرك؟ قال : هجم رجل من عماله في بلادنا علي ارتكاب المحارم و الفجور، و اماتة الحق و نصر الباطل، فسري ذلك الي فساد الشريعة، و هدم التوحيد، فلم أجد عليه ناصرا، فهجمت عليه في ليلة فقتلته، لأن جرمه كان مستحقا في الشريعة أن يفعل به ذلك، فأخذت فكان ما رأيت - مروج الذهب 4 : 184 - البحار 50 : 218 / 5. أو وصيف، الشك مني، فقال لي : قال لي [ صفحه 108] الأمير منصرفه من دار الخليفة : حبس أميرالمؤمنين هذا الذي يقولون ابن الرضا اليوم، و دفعه الي علي بن كركر، فسمعته يقول : أنا أكرم علي الله من ناقة صالح «تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب» و ليس يفصح بالآية و لا بالكلام. أي شي ء هذا؟ قلت أعزك الله توعد، أنظر ما يكون بعد ثلاثة أيام. فلما كان من الغد أطلقه و اعتذر اليه، فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه باغر

و يغلون و أوتامش [416] و جماعة معهم فقتلوه و أقعدوا المنتصر ولده خليفة [417] . و من جملة المضايقات علي الامام عليه السلام هي منع السلطات القواعد الشعبية من اللقاء به، و التحدث معه، و فصله عنهم، حتي كانوا يأتون و يترصدون مظان تواجده و لو عند باب المتوكل ليشاهدوه كما في هذه الرواية. عن أبي القاسم بن القاسم، عن خادم علي بن محمد عليهماالسلام قال : كان المتوكل يمنع الناس من الدخول الي علي بن محمد، فخرجت يوما و هو في دار المتوكل فاذا جماعة من الشيعة جلوس خلف الدار، فقلت : ما شأنكم جلستم ها هنا قالوا : ننتظر انصراف مولانا لننظر اليه و نسلم عليه و ننصرف، قلت لهم : اذا رأيتموه تعرفونه؟ قالوا : كلنا نعرفه. فلما وافي أقاموا اليه فسلموا عليه، و نزل فدخل داره، و أراد أولئك الانصراف، فقلت : يا فتيان اصبروا حتي أسألكم أليس قد رأيتم مولاكم؟ قالوا : نعم، قلت : [ صفحه 109] فصفوه، فقال واحد : هو شيخ أبيض الرأس مشرب بحمرة، و قال آخر : لا تكذب ما هو الا أسمر أسود اللحية، و قال الآخر : لا لعمري ما هو كذلك هو كهل ما بين البياض و السمرة، فقلت : أليس زعمتم أنكم تعرفونه انصرفوا في حفظ الله [418] . و لما تطرقنا حول ظلم و جور الطاغية المتوكل يجدر بنا أن نذكر مواجهة جريئة لأحد أولاد محمد بن الحنفية يتحدي بها المتوكل و هي كما جاء في البحار : عن ابن قولويه باسناده الي محمد بن العلاء السراج قال : أخبرني البختري قال : كنت بمنبج [419] بحضرة المتوكل، اذ دخل عليه

رجل من أولاد محمد بن الحنفية حلو العينين، حسن الثياب، قد قرف عنده بشي ء فوقف بين يديه و المتوكل مقبل علي الفتح يحدثه. فلما طال وقوف الفتي بين يديه و هو لا ينظر اليه قال له : يا أميرالمؤمنين ان كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الأدب، و ان كنت قد أحضرتني ليعرف من بحضرتك من أوباش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا. فقال له المتوكل : و الله يا حنفي لولا ما يثنيني [420] عليك من أوصال الرحم و يعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي، و لفرقت بين رأسك و جسدك و لو كان بمكانك محمد أبوك، قال : ثم التفت الي الفتح فقال : أما تري ما نلقاه من آل أبي طالب؟ اما حسني يجذب الي نفسه تاج عز نقله الله الينا قبله، أو حسيني يسعي في نقض ما أنزل الله الينا قبله، أو حنفي يدل [421] بجهله أسيافنا علي سفك دمه. فقال له الفتي : و أي حلم تركته لك الخمور و ادمانها؟ أم العيدان و فتيانها، و متي عطفك الرحم علي أهلي و قد ابتززتهم فدكا ارثهم من رسول الله صلي الله عليه و آله فورثها أبوحرملة، و أما ذكرك محمدا أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعه الله و رسوله، و تطاول [ صفحه 110] شرفا تقصر عنه و لا تطوله، فأنت كما قال الشاعر : فغض الطرف انك من نمير فلا كعبا بلغت و لا كلابا ثم ها أنت تشكولي علجك هذا ما تلقاه من الحسني و الحسيني و الحنفي فلبئس المولي و لبئس العشير. ثم مد رجليه ثم قال : هاتان رجلاي لقيدك، و هذه عنقي لسيفك، فبوء باثمي

و تحمل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت و سلفك بهم، يقول الله تعالي «قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي» [422] فو الله ما أجبت رسول الله صلي الله عليه و آله عن مسألته، و لقد عطفت بالمودة علي غير قرابته، فعما قليل ترد الحوض، فيذودك أبي و يمنعك جدي صلوات الله عليهما. قال : فبكي المتوكل ثم قام فدخل الي قصر جواريه، فلما كان من الغد أحضره و أحسن جائزته و خلي سبيله [423] .

بداية النهاية للمتوكل

لما كان في يوم الفطر من السنة التي قتل فيها المتوكل أمر بني هاشم بالترجل و المشي بين يديه، و انما أراد بذلك أن يترجل له أبوالحسن عليه السلام فترجل بنوهاشم و ترجل عليه السلام فاتكأ علي رجل من مواليه، فأقبل عليه الهاشميون فقالوا له يا سيدنا ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه فيكفينا الله، فقال لهم أبوالحسن عليه السلام : في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم علي الله من ناقة ثمود، لما عقرت ضج الفصيل الي الله، فقال الله «تمتعوا في داركم ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب» [424] فقتل المتوكل في اليوم الثالث. [ صفحه 111] و روي : أنه قال و قد أجهده المشي : أما انه قد قطع رحمي قطع الله أجله [425] . و حان حينه و ذلك في ليلة الأربعاء لثلاث ساعات خلت من الليل، و قد قعد للشراب مع وزيره الفتح بن خاقان، و سكر سكرا شديدا، فلما عمل فيه غني من حضره من المغنين صوتا استحسنه، ثم التفت الي الفتح فقال : يا فتح؟ ما بقي أحد سمع هذا الصوت من مخارق [426] غيري و غيرك. و كان

من عاداته أنه اذا تمايل عند سكره أن يقيمه الخدم الذين عند رأسه. قال البحتري : فبينما نحن كذلك و مضي نحو ثلاث ساعات من الليل اذ أقبل باغر و معه عشرة نفر من الأتراك و هم متلثمون و السيوف في أيديهم تبرق في ضوء تلك الشمع، فهجموا علينا، و أقبلوا نحو المتوكل حتي صعد باغر و آخر معه من الأتراك علي السرير فصاح بهم الفتح : ويلكم! مولاكم. فلما رآهم الغلمان و من كان حاضرا من الجلساء و الندماء تطايروا علي وجوههم، فلم يبق أحد في المجلس غير الفتح و هو يحاربهم و يمانعهم. قال البحتري : فسمعت صيحة المتوكل و قد ضربه باغر بالسيف الذي كان المتوكل دفعه اليه علي جانبه الأيمن فقده الي خاصرته، ثم ثناه علي جانبه الأيسر ففعل مثل ذلك. و أقبل الفتح يمانعهم عنه فبعجه واحد منهم بالسيف الذي كان معه في بطنه فأخرجه من متنه، ثم طرح بنفسه علي المتوكل، فماتا جميعا، فلفا في البساط الذي قتلا فيه، و طرحا ناحية، و كان ذلك لثلاث خلون من شوال سنة سبع و أربعين و مائتين، و قيل : لأربع خلون منه [427] . [ صفحه 112] و هكذا تطوي أيام مليئة بالمآسي و الجرائم من حياة طاغية من طواغيت التاريخ ألا و هو المتوكل العباسي عليه لعائن الله. و من ثم بويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر و ملك ستة أشهر و مات في ربيع الآخر لخمس خلون منه سنة ثمان و أربعين و مائتين، و بويع لأحمد بن محمد بن المعتصم المستعين بالله، و ملك قرابة أربع سنين و مات لثلاث خلون من شوال سنة اثنتين و خمسين

و مائتين، و قد خلع نفسه قبل موته بعشرة أشهر، ثم بويع للمعتز، و هو الزبير بن جعفر المتوكل في سنة اثنتين و خمسين و مائتين و ذلك في اثنتين و ثلاثين سنة من امامة أبي الحسن عليه السلام، و كانت خلافته أربع سنين و ستة أشهر، و قد خلع نفسه لثلاث بقين من رجب سنة خمس و خمسين و مائتين، و مات بعد أن خلع نفسه بستة أيام [428] . و رغم ابتعاده عليه السلام عن مدينة الرسول صلي الله عليه و آله و انسه بها الا أنه شغف بمدينة سر من رأي عند ما حل بها و كره مغادرتها كما ورد في الخبر : عن المنصوري عن عم أبيه قال : قال يوما الامام علي بن محمد عليهماالسلام : يا أباموسي أخرجت الي سر من رأي كرها و لو اخرجت عنها أخرجت كرها قال : قلت : و لم يا سيدي؟ قال : لطيب هوائها، و عذوبة مائها، و قلة دائها، و أورده في المناقب أيضا و زاد بعده شعرا : دخلنا كارهين لها فلما ألفناها خرجنا مكرهينا ثم قال : تخرب سر من رأي حتي يكون فيها خان و بقال للمارة، و علامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي [429] .

استشهاد الامام الهادي و كيفيته

و هكذا ظل الامام عليه السلام يعاني من ظلم خلفاء زمانه و جورهم حتي دس اليه [ صفحه 113] السم كعادة آبائه الطاهرين و كما قال الامام الحسن عليه السلام : ما منا الا مقتول أو مسموم [430] فقد قال الطبرسي في اعلام الوري و ابن صباغ في فصوله : و في آخر ملكه (اي المعتز) استشهد ولي الله علي بن محمد عليهماالسلام

[431] و قال ابن بابويه : و سمه المعتمد [432] ؛ و قال المسعودي : و قيل انه مات مسموما عليه السلام [433] ؛ و يؤيد ذلك الدعاء الوارد في شهر رمضان : و ضاعف العذاب علي من شرك في دمه، و هو المتوكل [434] . و يظهر أنه اعتل من أثر السم الذي سقي كما جاء في رواية محمد بن الفرج عن أبي دعامة، قال : أتيت علي بن محمد عليه السلام عائدا في علته التي كانت وفاته منها [435] ، فلما هممت بالانصراف قال لي : يا أبا دعامة قد وجب علي [436] حقك، ألا أحدثك بحديث تسربه؟ قال : فقلت له : ما أحوجني الي ذلك يا ابن رسول الله. قال حدثني أبي محمد بن علي، قال : حدثني أبي علي بن موسي، قال : حدثني أبي موسي بن جعفر، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد، قال : حدثني أبي محمد بن علي : قال : حدثني أبي علي بن الحسين، قال : حدثني أبي الحسين بن علي، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال : قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله : يا علي اكتب : فقلت : و ما أكتب [437] ؟ فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم الايمان ما وقرته القلوب [438] و صدقته الأعمال، و الاسلام ما جري علي [439] اللسان، و حلت [ صفحه 114] به المناكحة. قال أبو دعامة : فقلت : يا ابن رسول الله، و الله ما أدري أيهما أحسن؟ الحديث أم الاسناد، فقال : انها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب عليه السلام و املاء [440] رسول الله صلي الله عليه و آله نتوارثها صاغرا عن كابر

[441] . قال المسعودي : و اعتل أبوالحسن عليه السلام علته التي مضي فيها فأحضر أبامحمد ابنه عليه السلام فسلم اليه النور و الحكمة و مواريث الأنبياء و السلاح [442] . و نص عليه و أوصي اليه بمشهد من ثقات أصحابه و مضي عليه السلام و له أربعون سنة [443] .

تجهيزه و حضور الخاصة و العامة لتشييعه

و لما قضي نحبه تولي تغسيله و تكفينه و الصلاة عليه ولده الامام أبومحمد الحسن العسكري عليه السلام و ذلك لأن الامام لا يتولي أمره الا الامام، هذا و ما انتشر خبر رحيله الي الرفيق الأعلي حتي هرعت الجماهير من العامة و الخاصة الي دار الامام عليه السلام وخيم علي سامراء جو من الحزن و الحداد. قال المسعودي : و حدثنا جماعة كل واحد منهم يحكي أنه دخل الدار و قد اجتمع فيها جملة [444] بني هاشم من الطالبيين و العباسيين (و القواد و غيرهم) [445] ، و اجتمع خلق من الشيعة، و لم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمد عليه السلام و لا عرف خبرهم [446] الا [ صفحه 115] الشقاة الذين نص أبوالحسن عليه السلام (عندهم) [447] عليه، فحكوا أنهم كانوا في مصيبة و حيرة، فهم في ذلك اذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر يارياش [448] خذ هذه الرقعة وامض بها الي دار أميرالمؤمنين و ادفعها الي فلان، و قل له : هذه رقعة الحسن بن علي فاستشرف الناس لذلك. ثم فتح من صدر الرواق باب و خرج خادم أسود، ثم خرج بعده أبومحمد عليه السلام حاسرا مكشوف الرأس مشقوق الثياب و عليه مبطنة ملحمة [449] بيضاء. و كان عليه السلام وجهه وجه أبيه عليه السلام لا يخطي ء منه شيئا، و كان في الدار أولاد المتوكل و بعضهم ولاة العهود،

فلم يبق أحد الا قام علي رجله و وثب اليه أبوأحمد [450] الموفق، فقصده أبومحمد عليه السلام فعانقه، ثم قال له : مرحبا بابن العم [451] و جلس بين بابي الرواق، و الناس كلهم بين يديه، و كانت الدار كالسوق بالأحاديث، فلما خرج عليه السلام و جلس أمسك الناس فما كنا نسمع شيئا الا العطسة و السعلة، و خرجت جارية تندب أباالحسن عليه السلام، فقال أبومحمد : ما ها هنا من يكفينا مؤنة هذه الجاهلة، فبادر الشيعة اليها فدخلت الدار. ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد فنهض صلي الله عليه و اخرجت الجنازة، و خرج يمشي حتي اخرج بها الي الشارع الذي بازاء دار موسي بن بغا، و قد كان أبومحمد عليه السلام صلي عليه قبل أن يخرج الي الناس، و صلي عليه لما اخرج المعتمد [452] . قال المسعودي : و سمعت في جنازته جارية سوداء [453] و هي تقول : ماذا لقينا في يوم [ صفحه 116] الاثنين (قديما و حديثا) [454] . و دفن في داره بسر من رأي، و كان مقامه عليه السلام بسر من رأي الي أن توفي عشرين سنة و أشهرا [455] .

ازدحام الناس علي الامام العسكري في تشييع أبيه

قال المسعودي : و اشتد الحر علي أبي محمد عليه السلام و ضغطه الناس في طريقه و منصرفه من الشارع بعد الصلاة عليه، فسار في طريقة الي دكان لبقال رآه مرشوشا فسلم و استأذنه في الجلوس فأذن له، و جلس و وقف الناس حوله. فبينا نحن كذلك اذ أتاه شاب حسن الوجه نضيف الكسوة علي بغلة شهباء علي سرج ببرذون [456] أبيض قد نزل عنه، فسأله أن يركبه [457] فركب حتي أتي الدار و نزل، و خرج في تلك العشية الي الناس

ما كان يخرج [458] عن أبي الحسن عليه السلام حتي لم يفقدوا منه الا الشخص [459] .

تأثر الامام في استشهاد أبيه و الاعتراض عليه

و عن محمد بن الحسن بن شمون و غيره قال : خرج أبومحمد عليه السلام في جنازة أبي الحسن عليه السلام و قميصه مشقوق فكتب اليه أو عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة : من رأيت أو بلغك من الأئمة عليهم السلام شق ثوبه في مثل هذا؟. و في رواية اخري : ان الناس قد استوهنوا من شقك [ثوبك] [460] علي أبي الحسن [ صفحه 117] صلوات الله عليه، فقال : يا أحمق ما أنت و ذاك؟ قد شق موسي علي هارون عليهماالسلام، أن من الناس من يولد مؤمنا و يحيي مؤمنا و يموت مؤمنا، و منهم من يولد كافرا و يحيي كافرا و يموت كافرا، و منهم من يولد مؤمنا و يحيي مؤمنا و يموت، كافرا، و انك لا تموت حتي تكفر و تغير [461] عقلك. فما مات حتي حجبه ولده عن الناس، و حبسوه في منزله في ذهاب العقل و الوسوسة، و لكثرة [462] التخليط، و الرد [463] علي أهل الامامة، و انكشف عما كان عليه [464] .

السبب الذي من أجله دفن في بيته

لقد جرت العادة منذ الزمن الأول عند العامة و الخاصة أنه اذا توفي أحد أن يدفن في المكان المعد للموتي المسمي - بالمقبرة أو الجبانة - كما هو المتعارف في هذا العصر أيضا، و لا يختلف هذا الأمر بالنسبة لأي شخص مهما كان له من المكانة و المنزلة، فقد كان و لا يزال في المدينة المحل المعد للدفن - البقيع - حيث أنه مثوي لأئمة أهل البيت عليهم السلام، و زوجات النبي صلي الله عليه و آله، و أولاده، و كبار الصحابة و التابعين، و غيرهم، كما و أن مدفن الامامين الجوادين عليهماالسلام في مقابر قريش. و أما السبب في

دفن الامام الهادي عليه السلام داخل بيته، يعود الي حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده عليه السلام و ذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء و السخط علي أركان السلطة، الذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام الي الخليقة لتضلعه في قتله. و للشارع الذي اخرجت جنازة الامام عليه السلام اليه الأثر الكبير، حيث كان [ صفحه 118] محلا لتواجد معظم الموالين لآل البيت عليهم السلام اذ ورد في وصفه : الشارع الثاني يعرف بأبي أحمد... أول هذا الشارع من المشرق دار بختيشوع المتطبب التي بناها المتوكل، ثم قطائع قواد خراسان و أسبابهم من العرب، و من أهل قم، و اصبهان، و قزوين، و الجبل، و آذربيجان، يمنة في الجنوب مما يلي القبلة [465] ... و يشير الي تواجد أتباع مدرسة أهل البيت في سامراء المظفري في تاريخه اذ يقول : فكم كان بين الجند، و القواد، و الامراء، و الكتاب، من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت عليهم السلام [466] . كل هذا أدي الي اتخاذ السلطة القرار بدفنه عليه السلام في بيته، و ان لم تتجلي تلك الصورة في التاريخ بوضوح، الا أنه يفهم مما تطرق اليه اليعقوبي في تاريخة عند ذكره حوادث عام 254 ه و وفاة الامام الهادي عليه السلام حيث يقول : ... و بعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكل فصلي عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، فلما كثر الناس و اجتمعوا كثر بكاؤهم و ضجتهم، فرد النعش الي داره، فدفن فيها... [467] . و تمكنوا بذلك من اخماد لهيب الانتفاضة و القضاء علي نقمة الجماهير الغاضبة، و هذا ان دل علي شي ء فانما يدل علي وجود التحرك الشيعي رغم الظروف القاسية التي كانت تعاني منها

أئمة أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم من سلطة الخلافة الغاشمة.

انتشار خبر شهادة الامام الهادي في البلاد

روي الحسين بن حمدان الحضيني في كتاب الهداية في الفضائل : عن أحمد بن داود القمي، و محمد بن عبدالله الطلحي قالا : حملنا مالا اجتمع من خمس و نذور من بين [ صفحه 119] ورق و جوهر و حلي و ثياب من بلاد قم و ما يليها، و خرجنا نريد سيدنا أباالحسن علي بن محمد عليهماالسلام بها، فلما صرنا الي دسكرة الملك [468] تلقانا رجل راكب علي جمل، و نحن في قافلة عظيمة، فقصدنا و نحن سائرون في جملة الناس و هو يعارضنا بجمله حتي وصل الينا، فقال : يا أحمد بن داود و محمد بن عبدالله الطلحي معي رسالة اليكم، فأقبلت اليه فقلنا له : ممن يرحمك الله؟ فقال : من سيد كما أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام يقول لكما : أنا راحل الي الله في هذه الليلة، فأقيما مكانكما حتي يأتيكما أمر ابني أبي محمد الحسن، فخشعت قلوبنا و بكت عيوننا و أخفينا ذلك، و لم نظهره، و نزلنا بدسكرة الملك و استأجرنا منزلا و أحرزنا ما حملناه فيه، و أصبحنا و الخبر شائع في الدسكرة بوفاة مولانا أبي الحسن عليه السلام، فقلنا : لا اله الا الله أتري الرسول الذي جاء برسالته أشاع الخبر في الناس؟ فلما أن تعالي النهار رأينا قوما من الشيعة علي أشد قلق مما نحن فيه، فأخفينا أمر الرسالة و لم نظهره (الخبر) [469] .

تاريخ استشهاده

اختلف المؤرخون و أصحاب السير في يوم استشهاده عليه السلام، و الذي دس اليه السم، فقال ابن بابويه : و سمه المعتمد [470] ؛ و قال الزرندي عند ذكره تاريخ شهادته : و قيل سمه المستعين بالله و الله أعلم [471] . و أما الفاضل

الطبرسي فقال في شرحه علي الكافي : قال الصدوق : قتله المتوكل بالسم [472] . [ صفحه 120] و التحقيق : أنه عليه السلام استشهد في أواخر ملك المعتز كما نص عليه غير واحد من المؤرخين، و بما أن أمره كان يهم حاكم الوقت، و هو الذي يتولي تدبير هذه الامور كما هو الشأن، فان المعتز أمر بذلك، و يمكن أنه استعان بالمعتمد في دس السم اليه. أما نسبته الي المستعين فغير صحيح لأنه مات في حياة الامام عليه السلام، و أما المتوكل فان له سهما وافرا في استشهاده عليه السلام حيث أنه جلبه الي سامراء و حاول قتله لكن لم يوفق و سبب معاناته من حكام زمانه الي أن أدي الي استشهاده. و أما يوم شهادته عليه السلام فقد قال ابن طلحة في مطالب السؤول : أنه مات في جمادي الآخرة لخمس ليال بقين منه و وافقه ابن خشاب [473] ، و قال الكليني في الكافي : مضي صلوات الله عليه لأربع بقين من جمادي الآخرة [474] ؛ و وافقه المسعودي [475] . و أما المفيد في الارشاد، و الاربلي في كشف الغمة، و الطبرسي في اعلام الوري، فقالوا : قبض عليه السلام في رجب، و لم يحددوا يومه [476] . و قال أبوجعفر الطوسي في مصابيحه، و ابن عياش، و صاحب الدروس : انه قبض بسر من رأي يوم الأثنين ثالث رجب [477] ؛ و وافقهم الفتال النيسابوري في روضة الواعظين حيث قال : توفي عليه السلام بسر من رأي لثلاث ليال خلون نصف النهار من رجب [478] ؛ و للزرندي قول : بأنه توفي يوم الاثنين الثالث عشر من رجب [479] . ولكن الكل متفقون علي أنه استشهد

في سنة أربع و خمسين و مائتين للهجرة و علي هذا فما جاء في المناقب بأنه استشهد في آخر ملك المعتمد [480] ؛ غير معتمد، لأن المعتمد [ صفحه 121] ملك الأمر في سنة ست و خمسين و مائتين أي بعد شهادة الامام عليه السلام بسنتين و كان آخر ملكه سنة 279 للهجرة.

عمره و مدة امامته

كان عمره الشريف علي رواية أربعين سنة، و علي اخري اثنتين و أربعين سنة فأقام مع أبيه عليه السلام نحو سبع سنين و أقام منفردا بالامامة ثلاثا و ثلاثين سنة و شهورا [481] . و كانت في أيام امامته بقية ملك المعتصم ثم ملك الواثق خمس سنين و سبعة أشهر، ثم ملك المتوكل، ثم ملك ابنه المنتصر، ثم ملك المستعين و هو أحمد بن محمد بن المعتصم، ثم ملك المعتز و هو الزبير ابن المتوكل، و في آخر ملكه استشهد عليه السلام، و كان مقامه عليه السلام بسر من رأي الي أن توفي عشرين سنة و أشهرا [482] .

الامام الحسن العسكري و المعتز

و قال الحضيني في بعض مؤلفاته : حدثني أبوالحسن علي بن بلال و جماعة من اخواننا أنه لما كان في اليوم الرابع من وفاة سيدنا أبي الحسن عليه السلام أمر المعتز بأن ينفذ الي أبي محمد عليه السلام من يستركبه اليه ليعزيه و يسأله، فركب أبومحمد عليه السلام الي المعتز فلما دخل عليه رحب به و قر به و عزاه و أمر أن يثبت في مرتبة أبيه عليهماالسلام، و أثبت له رزقه و أن يدفعه فكان الذي يراه لا يشك أنه في صورة أبيه عليهماالسلام. و اجتمعت الشيعة كلها من المهتدين علي أبي محمد بعد أبيه الا أصحاب فارس بن حاتم بن ماهويه فانهم قالوا بامامة أبي جعفر محمد بن أبي الحسن صاحب العسكر [ صفحه 122] عليهماالسلام [483] . أقول : ان ما صدر من المعتز هذا كان من باب التمويه و الخداع لكي يغطي علي جريمته التي ارتكبها بحق أبيه، و هكذا كان ديدن من تقدمه من الطواغيت تجاه أئمة أهل البيت عليهم السلام.

اولاده

خلف أبوالحسن عليه السلام من الولد أبامحمد الحسن ابنه، و هو الامام بعده، و الحسين، فقد كان ممتازا في الديانة من سائر أقرانه و أمثاله، تابعا لأخيه الحسن، معتقدا بامامته، و دفن في حرم العسكريين عليهم السلام تحت قدميهما. و محمدا، حيث أن جلالته و عظم شأنه أكثر من أن يذكر، و قد ذكروا في باب النصوص علي امامة أبي محمد عليه السلام ما ينبي ء عن علو مقامه و ترشيحه لمقام الامامة، و قبره مزار معروف في بلد التي هي مدينة قديمة تقع علي يسار دجلة في طريق سامراء، و العامة و الخاصة يعظمون مشهده الشريف و يقطعون خصوماتهم التي تقع بينهم بالحلف به و الحضور في مشهده و يعبرون عنه

ب «سبع الدجيل»، كما و يقومون اليه بالنذورات الكثيرة عندما تقضي حوائجهم. و جعفرا، و هو المعروف بالكذاب لأنه ادعي الامامة بعد أخيه اجتراء علي الله و كذبا عليه. و ابنة تسمي علية [484] ، و بهذا يكون له عليه السلام من الأولاد خمسة : أربعة ذكور و واحدة انثي.

اصحابه

أما أصحابه الممدوحون ممن أوردهم في البحار فهم : سهل بن يعقوب بن اسحاق [ صفحه 123] الملقب بأبي نؤاس المؤدب في مسجد المعلق في صفة سبيق [485] بسر من رأي قال المنصوري : و كان يلقب بأبي نؤاس لأنه كان يتخالع و يتطيب مع الناس، و يظهر التشيع علي الطيبة فيأمن علي نفسه. فلما سمع الامام لقبه بأبي نؤاس و قال له : يا أبا السري أنت أبو نؤاس الحق و من تقدمك أبو نؤاس الباطل. قال : فقلت له ذات يوم : يا سيدي قد وقع لي اختيارات الأيام، عن سيدنا الصادق عليه السلام مما حدثني به الحسن بن عبدالله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن سيدنا الصادق عليه السلام في كل شهر فأعرضه عليك؟ فقال لي : افعل. فلما عرضته عليه و صححته قلت له : يا سيدي في أكثر هذه الأيام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من التحذير و المخاوف فتدلني علي الاحتزار من المخاوف فيها، فانما تدعوني الضرورة الي التوجه في الحوائج فيها، فقال لي : يا سهل ان لشيعتنا بولايتنا لعصمة، لو سلكوا بها في لجة البحار الغامرة، و سباسب [486] البيد الغائرة، بين سباع و ذئاب، و أعادي الجن و الانس، لأمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله عزوجل، و أخلص في الولاء لأئمتك الطاهرين

و توجه حيث شئت [487] . و منهم : داود بن زيد، و أبوسليمان زنكان، و الحسين بن محمد المدائني، و أحمد بن اسماعيل بن يقطين، و بشر بن بشار النيشابوري الشاذاني، و سليم بن جعفر المروزي، و الفتح بن يزيد الجرجاني، و محمد بن سعيد بن كلثوم، و كان متكلما، و معاوية بن حكيم الكوفي، و علي بن معد بن معبد البغدادي، و أبوالحسن ابن رجاء العبرتائي [488] . و من المحمودين : أيوب بن نوح بن دراج، ذكر عمرو بن سعيد المدائني و كان [ صفحه 124] فطحيا قال : كنت عند أبي الحسن العسكري عليه السلام بصريا، اذ دخل أيوب بن نوح و وقف قدامه فأمره بشي ء، ثم انصرف و التفت الي أبوالحسن عليه السلام و قال يا عمرو : ان أحببت أن تنظر الي رجل من أهل الجنة فانظر الي هذا [489] . و من ثقاته : أحمد بن حمزة بن اليسع، و صالح بن محمد الهمداني، و محمد بن جزك الجمال، و يعقوب بن يزيد الكاتب، و أبوالحسين بن هلال، و ابراهيم بن اسحاق، و خيران الخادم، و النضر بن محمد الهمداني [490] . و بابه : محمد بن عثمان العمري [491] .

و كلاوه

أما و كلاؤه فهم : جعفر بن سهيل الصيقل، و علي بن جعفر الهماني و كان فاضلا مرضيا، روي أحمد بن علي الرازي عن علي بن مخلد الأيادي قال : حدثني أبوجعفر العمري قال : حج أبوطاهر بن بلال فنظر الي علي بن جعفر و هو ينفق النفقات العظيمة، فلما انصرف كتب بذلك الي أبي محمد عليه السلام فوقع في رقعته قد كنا أمرنا له بمائة ألف دينار، ثم أمرنا له

بمثلها فأبي قبوله ابقاء علينا، ما للناس و الدخول من أمرنا فيما لم ندخلهم فيه، قال : و دخل علي أبي الحسن العسكري فأمر له بثلاثين ألف دينار [492] . و أبوعلي بن راشد، و قد ورد في حقه أنه : كتب أبوالحسن العسكري عليه السلام الي الموالي ببغداد و المدائن و السواد و ما يليها : قد أقمت أباعلي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربه، و من قبله من وكلائي، و قد أوجبت في طاعته طاعتي، و في عصيانه الخروج الي عصياني [493] . [ صفحه 125] و يظهر من هذا الكتاب و من كتب اخري أن علي بن الحسين بن عبد ربه كان أحد وكلائه، و كذلك أيوب بن نوح.

ما قيل في مديحه و مراثيه

لقد قام أصحاب القرائح الحرة و الضمائر الحية الذي نطق روح القدس علي ألسنتهم بسرد القصائد في مدح من مدحهم الله في كتابه العزيز، اولئك الذين استحقوا المدح و التمجيد لكونهم أصحاب النفوس السامية و الأرواح المطهرة و الصفات الحميدة، و من أولئك الشعراء هو أبو الغوث المنبجي، كما عن المقتضب لابن عياش عن العبادي قال : أنشدني الحسن بن مسلم أن أباالغوث المنبجي شاعر آل محمد صلوات الله عليهم أنشده بعسكر سر من رأي، قال الحسن : و اسم أبي الغوث أسلم بن محرز من أهل منبج، و كان البحتري يمدح الملوك و هذا يمدح آل محمد صلي الله عليهم، و كان البختري أبوعباد ينشد هذه القصيدة لأبي الغوث : ولهت الي رؤياكم و له الصادي يذاد عن الورد الروي بذواد محلي عن الورد اللذيذ مساغه اذا طاف وراد به بعد وراد فأعلمت فيكم كل هو جاء جسرة ذمول

[494] السري يقتاد في كل مقتاد أجوب بها بيد الفلا و تجوب بي اليك و مالي غير ذكرك من زاد فلما تراءت سر من را تجشمت اليك فعوم الماء في مفعم الوادي فآدت الي تشتكي ألم السري فقلت اقصري فالعزم ليس بمياد اذا ما بلغت الصادقين بني الرضا فحسبك من هاد يشير الي هاد مقاويل ان قالوا بها ليل ان دعوا وفاة بميعاد كفاة بمرتاد اذا أوعدوا أعفوا و ان وعدوا وفوا فهم أهل فضل عند وعد و ايعاد كرام اذا ما أنفقوا المال أنفدوا و ليس لعلم أنفقوه من انفاد [ صفحه 126] ينابيع علم الله أطواد دينه فهل من نفاد ان علمت لأطواد نجوم متي نجم خبا مثله بدا فصلي علي الخابي المهيمن و البادي عباد لمولاهم موالي عباده شهود عليهم يوم حشر و اشهاد هم حجج الله اثنتي عشرة متي عددت فثاني عشرهم خلف الهادي بميلاده الأنباء جاءت شهيرة فأعظم بمولود و أكرم بميلاد [495] . و من المراثي لمولانا الامام الهادي عليه السلام مارثاه الصيمري في قصيدة عزي فيها ابنه أبامحمد عليه السلام، و قد أوجزها المجلسي بايراد أبيات منها نقلا عن المقتضب لابن عياش رحمه الله أولها : الأرض خوفا زلزلت زلزالها و أخرجت من جزع أثقالها الي أن قال : عشر نجوم أفلت في فلكها و يطلع الله لنا أمثالها بالحسن الهادي أبي محمد تدرك أشياع الهدي آمالها و بعده من يرتجي طلوعه يظل جواب الفلا أجزالها ذو الغيبتين الطول الحق التي لا يقبل الله من استطالها يا حجج الرحمن احدي عشرة آلت بثاني عشرها مآلها [496] . و من القصائد الفريدة التي تناولت حياة الامام الهادي عليه السلام من حيث أبعادها و

آثارها هي : التي من رشحات أنفاس علم الأعلام و نابغة الدهر الآية العظمي الشيخ محمد حسين الاصفهاني قدس الله نفسه الزكية، أخذنا مختارا منها : لقد تجلي مبدأ الايجاد في غاية الوجود باسم الهادي أحسن خلق كل شي ء فهدي و باسمه الهادي اهتدي من اهتدي ميز بين الماء و السراب بالعلم الهادي الي الصواب [ صفحه 127] فبان وجه الحق ذاتا وصفه بنير العلم و نور المعرفه و انفجرت لكل قلب صادي عين الحياة من محيا الهادي به حياة عالم الامكان فانه كالنفس الرحماني معني الحقيقة المحمدية و صورة المشية الفعلية و وجهه في مصحف الامكان فاتحة الكتاب في القرآن طلعته مطلع نور النور و مشرق الشموس و البدور غرته في افق الامامة بارقة العزة و الكرامة نور الهدي و الرشد في جبينه بحر الندي و الجود في يمينه و عينه باصرة البصائر و نورها النافذ في الضمائر و قلبه في عالم الامكان كالروح في الأعيان و الأكوان و هو يمثل النبي الهادي في بث روح العلم و الارشاد فانه لكل قوم هاد كجده المنذر للعباد هو النقي لم يزل نقيا و كان عند ربه مرضيا فهو نقي السر و السريرة و سر جده بحكم السيرة و كيف لا و هو ابن من تدلي في قربه من العلي الأعلي و بابه باب رواق العظمة و مستجار الكعبة المعظمة و هو مطاف الملأ الأعلي كما تطوف بالضراح أملاك السما و الحرم الأمن حريم بابه و البيت منسوب الي جنابه ملاذ كل حاضر و باد و كيف لا و الباب باب الهادي بل هو باب الله من أتاه فقد أتي الله فما أعلاه و لست احصي

مكرمات الهادي فانها في العد كالأعداد [ صفحه 128] ويل لمن مشاه في ركابه اساءة منه الي جنابه و هو ابن من أسري به الجليل و كان في ركابه جبريل أفي ركاب العبد يمشي سيده لا و الذي ينصره يؤيده فانتصر الله له بالمنتصر و هكذا أخذ عزيز مقتدر و كم أساء المتوكل الأدب أحضره عند الشراب و الطرب أيطلب الشرب من الامام و هو ولي عصمة الأحكام أيطلب الغناء بالأشعار من معدن الحكمة و الأنوار أهذه القبائح الشنيعة بمحضر من صاحب الشريعة أنزله في أشنع المنازل و فخر كل منزل بالنازل من هو عند ربه مكين فلا عليه أينما يكون له رياض القدس مأوي و مقر خان الصعاليك غطاء للبصر شاهد منه في بني الرسول ما كاد أن يذهب بالعقول قاسي الامام من بني العباس ما ليس في الوهم و في القياس كم مرة من بعد مرة حبس و هو بما يراه منهم محتبس حتي قضي بالغم عمرا كاملا فسمه المعتز سما قاتلا قضي شهيدا في ديار الغربه في شدة و محنة و كربه بكته عين الرشد و الهدايه حيث هوي منها أجل رايه بكاه جده النبي المجتبي كأنه ضياء عينه خبا بكته أعين البدور النيره آباؤه الغر الكرام البرره [497] . و من القصائد الفريدة في مدح و رثاء مولانا الهادي عليه السلام ما أنشأه السيد [ صفحه 129] الهمام و السند القمقام الفائق في البلاغة، و المجدد للفصاحة السيد صالح القزويني النجفي طيب الله ثراه حيث يقول : لقد مني الهادي علي ظلم جعفر بمعتمد في ظلمه و الجرائم أتاحت له غدرا يدا متوكل و معتمد في الجور غاش و غاشم و ما كف

كف الظلم عنه بيثرب و مد له شانيه كف المسالم و اشخص رغما من مدينة جده الي الرجس اشخاص المعادي المخاصم و انزل في خان الصعاليك حطة لشامخ قدر منه سامي الدعائم و لاقي كما لاقي من القوم أهله جفاء و غدرا و انتهاك محارم بنفسي مقيما في أعاديه مكرها علي الضيم في سوق من الظلم قائم يبل الثري دمعا لأدمية له أطلت و ما ابتلت يداه بقائم و ينظر في ء الله في غير أهله و أيديهم بالرغم صفر البراجم و عاش بسامراء عشرين حجة يجرع من أعداه سم الأراقم يزيدهم في كل يوم معاجزا فتزداد أعداء له بالمهاضم مناقب أمثال المصائب عدها محال و ان تجهد جميعا العوالم أري صالحا ولدان عدن و حورها و أسمعه في الدرج سجع الحمائم و قد أرعب الست الضراغم فانثنت مطأطأة في مسحه بالجماجم و شافي كعيسي أبرصا قبل سؤله دعاه من الداء العضال الملازم و لما شكي العافي له ضيق حاله و ما مسه من ضره المتفاقم تناول رملا صار تبرا بكفه و قال به استغن و كن خيركاتم و لما به استهزي المشعبذ لم يكن لصورة ليث غير طعمة طاعم و تسكت اجلالا له عند جعفر سواجع طير فوق زهر الكمائم و داوي بماء الورد و الكسب قرحة له كل عن اصلاحها كل عالم و نادي سعيدا باسمه متسلقا علي الدار في جنح من الليل فاحم غداة سعي الواشي به عند جعفر بجمع سلاح و ادخار الدراهم [ صفحه 130] فلم ير الا بد ره أهديت له و قد كان مختوما عليها بخاتم فضم اليها مثلها حين ردها و قد قرع الواشي به سن نادم و

لما ابتغي فتكا به و هو محضر له الخزر خروا سجدا لليناسم و لو لم يروا الأملاك محدقة به لما ارتدعوا من فتكهم بالصوارم و مذ حشد الطاغي الجنود مكاثرا بتل مخالي مرهبا بالملاحم تلقاه بالأملاك ما بين شرقها الي الغرب أجنادا له لم تقادم و ابرز في وقت الظهيرة راجلا بأمر ظلوم رام اعزاز ظالم فقال دعاء ليس ناقة صالح بأعظم عندالله من ولد فاطم فلم يلبثا الا ثلاثا فأهلكا هلاك ثمود بارتكاب المآثم و أخبر بشرا عن امور تضمنت معاجز لا يحصي لها رقم راقم و قال لصقر لا عليك و قد بكي لما خط من قبر بكاء الأيائم بنفسي مسجونا غريبا مشاهدا ضريحا له شقته أيدي الغواشم بنفسي موتورا عن الوتر مغضبا يسالم أعداء له لم تسالم بنفسي مسموما قضي و هو نازح عن الأهل و الأوطان جم المهاضم بنفسي من تخفي علي القرب و النوي مواليه من ذكر اسمه في المواسم بنفسي من عم البرية طوله قصير يد عن ردع كل مخاصم بنفسي مصابا ليس ينفك عن حشي معني و عن طرف علي الخد ساجم فهل علم الهادي الي الدين و الهدي بما لقي الهادي ابنه من مظالم و هل علم المولي علي قضي ابنه علي بسم بعد هتك المحارم و هل علمت بنت النبي محمد رمتها الأعادي في ابنها بالقواصم ينام الليالي آمنا كل واتر لأحمد و الموتور ليس بنائم سقي أرض سامراء منهمر الحيا و حيا مغانيها هبوب النسائم معالم قد ضمن أعلام حكمة بنور هداها يهتدي كل عالم [498] . [ صفحه 131] و من قصيدة للعلامة الحجة الواعظ الشهير الحاج الشيخ ميرزا أحمد سيبويه دامت افاضاته عين

جودي علي النقي الهادي بضعة المصطفي سليل الجواد عاشر الأوصياء من بعد طه وارث الأنبياء و الأجداد حجة الله في جميع البرايا منبع الجود و العطا و الأيادي و به سر من رأي كل يوم في علو و رفعة و سداد قبره الزائرون يأتون شوقا حرم الله كعبة القصاد من دعا فيه لا يخيب حتما فاز من فيضه بنيل المراد كم له من معاجز و سجايا في الوري خارج عن التعداد بركة للسباع ادخل فيها و هم في تذلل و انقياد أخرجوه من المدينة كرها في صعاليك أنزلوه الأعادي حر قلبي بمجلس فيه خمر أدخلوه اللئام و فوق العناد لم يزل في السجون كان مغيبا عن أحبائه قريح الفؤاد رجب قد قضي بسم نقيع ثالث قد خلون بعد الجمادي بكت الأرض و السماء عليه أظلم الكون حين نادي المنادي مات ابن الرضا خزانة علم و وقار و هيبة و رشاد شيعت نعشه الشريف الوف بنحيب و صرخة و حداد حسن العسكري فيهم يعزي بأبيه و سائر الأولاد و ذيلته بهذه الأبيات : لهف نفسي علي الحسين صريعا قد بقي بين جندل و وهاد تركوه علي الصعيد ثلاثا عاريا رض جسمه بالعوادي و بنات الرسول أصبحن أسري فوق عجف المطي الي الأوغاد تم بحمد الله و المنه ما قمت بصدده من جمع ما تيسر لي جمعه من حياة الامام الهادي عليه السلام راجيا منه الهداية للسير قدما في ظلاله، و التنعم من فيوضاته و آملا منه [ صفحه 132] القبول، و كان الفراغ منه ليلة العشرين من جمادي الآخرة ليلة ولادة الزهراء البتول سلام الله عليها سنة 1409 ه بجوار الروضة الرضوية علي ساكنها الآف الثناء و

التحية.

پاورقي

[1] المناقب 4 : 401.

[2] المصباح : 523.

[3] البحار50 : 114 / 2.

[4] كشف الغمة 2 : 374.

[5] البحار50 : 116 / 5 و 6- الكافي 1 : 497.

[6] البحار 50 : 116 / 5 و 6- الكافي 1 : 497.

[7] مفاتيح الجنان : 135.

[8] المناقب 4 : 401.

[9] في رحاب ائمة أهل البيت 4 : 173- المناقب 4 : 382.

[10] كشف الغمة 2 : 374.

[11] المناقب 4 : 401.

[12] علل الشرائع 1 : 241.

[13] في رحاب ائمة أهل البيت 4 : 174.

[14] البحار50 : 113 / 2.

[15] في رحاب ائمة أهل البيت 4 : 174 - البحار 50 : 116 و 117.

[16] الفصول المهمة : 278.

[17] المناقب 4 : 401.

[18] شذرات الذهب 2 : 128.

[19] رجل جزل : ثقف عاقل اصيل الرأي و جيده (اللسان : جزل).

[20] في رحاب ائمة أهل البيت 4 : 175.

[21] البقرة : 134.

[22] مصباح الهداية في اثبات الولاية : 112 نقلا عن غاية المرام.

[23] البحار50 : 118 / 1 .

[24] أثبتناه من الكافي و اعلام الوري، و في البحار : الخيراني.

[25] الحجرات : 12.

[26] من هنا نعرف مدي الخوف الذي كان يسود ذلك الوقت شيعة أهل البيت بحيث لم يتمكنوا من افشاء أمرهم حتي فيما بينهم، و مع ذلك حافظوا علي كيانهم من خلال الحفاظ علي الأصول و العقائد و المقدسات و ادائها الي الأجيال المتعاقبة بكل أمانة و جهاد.

[27] هو من ثقاة رجال ابي الحسن الرضا و الجواد و الهادي (ع) و سيأتي الكلام عنه و عن أخيه في الفصل الآتي.

[28] ما بين المعقوفين أثبتناه من اعلام الوري و الكافي.

[29] ليس في الكافي.

[30] البحار50 : 119 /

2 - الكافي1 : 324 / 2 - اعلام الوري : 340.

[31] البحار50 : 123 / 5.

[32] البحار50 : 118 / 2.

[33] الرخجي، منسوب الي رخج : كورة من نواحي كابل، و كان هو و أبوه من أعيان الكتاب في أيام المأمون الي أيام المتوكل شبيها بالوزراء و ذوي الدواوين الجليلة (معجم البلدان 3 : 38).

[34] الادالة : الغلبة، يقال : اديل لنا علي أعدائنا أي نصرنا عليهم (اللسان : دول).

[35] الصفع : الضرب علي القفا بجمع الكف، و قيل : هو أن يبسط كفه فيضرب، و هذا من نهاية الذل و الهوان كما دعا عليه ابوجعفر الجواد (ع) - هامش البحار.

[36] عس يعس اذا طلب، و اعتس الشي ء : طلبه ليلا أو قصده (اللسان : عسس) و في نسخة : يمسونه.

[37] الظاهر أن يكون هكذا : ظاهر النصب.

[38] الهذو الهذذ : سرعة القطع و سرعة القراءة، و هذا القرآن يهذه هذا : يسرده (اللسان : هذذ).

[39] اثبات الوصية : 244.

[40] أوردناه في فصل ردود الفعل من الناس.

[41] المناقب 4 : 409.

[42] المناقب 4 : 411.

[43] في اعلام الوري و البحار : لم نترجل.

[44] في رحاب ائمة أهل البيت : و لا بأكبرنا سنا.

[45] في رحاب ائمة أهل البيت 4 : 176 - اعلام الوري : 343، و أورد مثله في البحار باختلاف يسير 50 : 137 / 20.

[46] كلمة الله للشيرازي : 140.

[47] الجلاب - بالفتح و التشديد - من يشتري الغنم و نحوها في موضع و يسوقها الي موضع آخر ليبيعها - القاموس.

[48] الاصطبل : موقف الدواب - القاموس.

[49] ابوجعفر ابنه الكبير، و اسمه محمد، مات قبل أبيه عليهماالسلام المدفون قرب الدجيل، و

يعرف عند العرب (بسبع الدجيل)، و قيل : ان المراد به محمد بن علي بن ابراهيم بن موسي بن جعفر.

[50] البحار 50 : 132 / 14 نقلا عن الكافي، و ذكر في بصائر الدرجات، و المناقب أيضا.

[51] الحق و الحقة : بالضم - الوعاء من خشب، و كأن المشعبذين كانوا يلعبون بالحقة نحوا من اللعب : يجعلون فيها شيئا بعيان الناس ثم يفتحونها و ليس فيها شيي ء، أو كان آلات لعبهم في حقة مخصوصة، فسموا بذلك، و لذلك يعرفون عند الاعاجم ب (حقه باز) أي اللاعب بالحقة. و أما اذا قري ء بالفتح فهو بمعني ضد الباطل كأنه يريد أنه كان يلعب و يكون لأفعاله حقيقة لا تخييلا - هامش البحار.

[52] المسورة كمكنسة، متكأمن جلد يتكئون عليه.

[53] البحار 50 : 146 / 30 نقلا عن مختار الخرائج : 210.

[54] البحار 50 : 149 / 35 نقلا عن مختار الخرائج : 210.

[55] التعريس : النزول في المعهد أي حين كان من ليل أو نهار (اللسان : عرس).

[56] أناخ الابل : أبركها (اللسان : نوخ).

[57] أرض براح : واسعة ظاهرة لا نبات فيها و لا عمران (اللسان : برح).

[58] البحار 50 : 156 / 45 - مختار الخرائج / 212.

[59] البحار 50 : 172 / 53 - المناقب 4 : 407.

[60] البحار 50 : 174 / 54 - المناقب 4 : 416.

[61] المنايح : جمع المنيحة، الهدايا و العطايا - هامش البحار.

[62] البحار 50 : 185 / 62 نقلا عن مشارق الانوار.

[63] المراد به الامام الهادي (ع).

[64] الأكمه : الذي يولد أعمي - اللسان.

[65] البحار50 : 185 / 63 نقلا عن عيون المعجزات.

[66] البحار50 : 176 / 4

-55 - المناقب 4 : 406، ما بين المعقوفتين أثبتناه من اثبات الوصية : 254.

[67] لفظة عامية و كأنه مخفف (أي شي ء).

[68] البحار 50 : 126 / 4 نقلا عن أمالي الطوسي 1 : 304 / 33 و مثله في المناقب 4 : 414 مرسلا.

[69] هو أحد عمال بني العباس و أحد قادة جيوشهم (مروج الذهب 4 : 208).

[70] البحار 50 : 125 / 2.

[71] المنطق و المنطقة : كل ما شد به وسطه - اللسان.

[72] البحار 50 : 128 / 6- نقلا عن أمالي الطوسي - و أخرجه المناقب ملخصا 4 : 406.

[73] القوابج : جمع القبج معرب - كبك - و هو الحجل أو الكروان - هامش البحار.

[74] البحار 50 : 148 / 34- مختار الخرائج : 210.

[75] البحار 50 : 155 / 41 و 42.

[76] البحار50 : 155 / 41 و 42.

[77] البحار 50 : 155 / 43.

[78] المخالي جمع المخلاة و هي ما يجعل فيه العلف و يعلق في عنق الدابة لتعتلفه - هامش البحار.

[79] التجافيف جمع تجفاف : و هو الذي يوضع علي الخيل، من حديد أو غيره في الحرب و آلة تقيه الجراح (اللسان).

[80] المدجج : الفارس الذي قد تدجج في شكته أي شاك السلاح، أي دخل في سلاحه كانه تغطي به (اللسان).

[81] البحار 50 : 155 / 44- نقلا عن مختار الخرائج.

[82] البحار 50 : 138 / 22 نقلا عن اعلام الوري : 343.

[83] البحار 50 : 129 / 7 - أمالي الصدوق : 412.

[84] أثبتناه من كشف الغمة، و في البحار : ابقائك.

[85] البحار 50 : 175 / 55 نقلا عن كشف الغمة.

[86] كشف الغمه 2 :

375، 374.

[87] البحار 50 : 173 / 52 - نقلا عن المناقب 4 : 407.

[88] الجن : 26 و 27.

[89] آل عمران : 179.

[90] البحار 26 : 99 نقلا عن أنوار التنزيل.

[91] مجمع البيان 5 : 374.

[92] لقمان : 34.

[93] البحار26 : 102 / 3 نقلا عن بصائر الدرجات : 31.

[94] البحار 26 : 103.

[95] البحار 26 : 104.

[96] الزنفيلجة - بكسر الزاي و فتح اللام - وعاء أدوات الراعي. فارسي معرب زنبيله - هامش البحار.

[97] المناقب 4 : 417 مثله.

[98] البحار 50 : 124 / 2 نقلا عن امالي الطوسي.

[99] البحار 50 : 130 / 9 - بصائر الدرجات : 249. [

[100] البحار50 : 135 / 16- بصائر الدرجات : 467.

[101] البحار 50 : 140 / 24 - المناقب 4 : 414.

[102] البحار 50 : 140 / 25 - نقلا عن الخرائج، و مثله ورد في اعلام الوري، الكافي، الارشاد.

[103] البحار 50 : 151 / 37 نقلا عن الخرائج : 211.

[104] النيف : من واحدة الي ثلاث (اللسان).

[105] البحار 50 : 141 / 26 - مختار الخرائج : 209.

[106] كفر توثا : قرية كبيرة من أعمال الجزيرة، بينها و بين دارا خمسة فراسخ، و قرية من قري فلسطين أيضا - هامش البحار.

[107] البحار 50 : 144 / 28 نقلا عن مختار الخرائج : 210.

[108] العريضي : نسبة الي عريض و هي قرية علي أربعة أميال من المدينة - هامش البحار.

[109] البحار 50 : 157 / 47 - المناقب 4 : 417.

[110] الفرق : بالتحريك الخوف و الجزع (اللسان).

[111] الأدهم : الأسود، يكون في الخيل و الابل و غيرهما (اللسان).

[112] البحار 50 : 161 /

50.

[113] البحار 50 : 176 / 55 / 4.

[114] البحار50 : 176 / 9 و 10 / 55.

[115] البحار50 : 176 / 9 و 10 / 55.

[116] البحار 50 : 177 / 11 و 12 و13 / 55 - نقلا عن كشف الغمة.

[117] البحار 50 : 177 / 11 و 12 و 13 / 55 - نقلا عن كشف الغمة.

[118] البحار 50 : 177 / 11 و 12 و13 / 55 - نقلا عن كشف الغمة.

[119] البحار 50 : 180 / 2 / 56 نقلا عن كشف الغمة.

[120] الوقف : يعني كان واقفيا نسبة الي مذهب الواقفية الذين توقفوا علي امامة الامام موسي بن جعفر (ع).

[121] اللغط و اللغط : الأصوات المبهمة المختلطة، و الجلبة لا تفهم، و الكلام الذي لا يبين (اللسان).

[122] البحار 50 : 181 / 57- نقلا عن اعلام الوري : 346.

[123] البحار 50 : 182 / 2 / 57 - اعلام الوري : 347.

[124] يوسف : 47 و 48 و 49.

[125] البحار 50 : 186 / 4 / 63 .

[126] هو أبومحمد الحسن بن محمد بن سماعة الكندي الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث... كان يعاند في الوقف و يتعصب، قال النجاشي بعد ذكر الحديث فأنكر الحسن بن سماعة ذلك لعناده - هامش البحار.

[127] الشاكرية : جمع شاكري معرب چاكر بالفارسية و معناه الاجير و المستخدم - هامش البحار.

[128] البحار 50 : 186 / 64 .

[129] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 129 و قد أورد الخبر بتمامه.

[130] البحار 50 : 150 / 36 نقلا عن الارشاد : 312.

[131] من هذا الخبر يظهر أنه (ع) كان محبوسا بحبس النظر برهة من

حياته.

[132] سكرجة : اناء صغير يؤكل فيه الشي ء القليل من الأدم (اللسان : سكرج).

[133] البحار 50 : 153 / 39نقلا عن الخرائج.

[134] البحار 50 : 175 / 2 / 55 نقلا عن الدلائل للحميري.

[135] القاطول : اسم نهر كأنه مقطوع من دجلة في موضع سامرا قبل أن تعمر (معجم البلدان).

[136] البحار 50 : 173 / 53 - المناقب 4 : 413.

[137] التجفاف : ما جلل به الفرس من سلاح و آلة تقيه الجراح، و قد يلبسه الانسان ايضا (اللسان : جفف).

[138] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 136، و في البحار : الفرسة.

[139] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 136، و في البحار : كان.

[140] البحار 50 : 173 / 2 / 53نقلا عن المعتمد في الاصول.

[141] المراوح : جمع مروح، آلة يحرك بها الريح ليتبرد به عند اشتداد الحر - هامش البحار.

[142] البرنس : قلنسوة طويلة، و كان النساك يلبسونها في صدر الاسلام (اللسان : برنس).

[143] هود : 81.

[144] عزاليها : أي كثر مطرها، و كذا يطلق علي السحابة اذا انهمرت بالمطر الجود (اللسان : عزل).

[145] كأنه يريد بالبرنس قلنسوته فقط، و كان قد نوي في ضميره أنه عليه السلام ان أخذ قلنسوة برنسه من رأسه، و جعله علي قربوس سرجه ثلاث مرات فهو الحجة - هامش البحار.

[146] البحار 50 : 187 / 65.

[147] النمل : 16.

[148] بغامن الأسماء التركية، كان اسم رجل من قواد المتوكل - هامش البحار.

[149] البحار 50 : 124 / 1 نقلا عن اعلام الوري : 343، و فيه : الي الساعة.

[150] البحار 50 : 130 / 10 نقلا عن بصائر الدرجات : 333.

[151] الصقلاب : الرجل الأحمر، و الصقالبة جيل

حمر الألوان صهب الشعور يتاخمون بلاد الخزر من أعالي الروم، و قيل : الصقالبة بلاد بين بلغار و قسطنطنية، واحدهم صقلبي (معجم البلدان 3 : 416)و ما جاء في المتن بالسين المهملة فهو تصحيف، حيث لم يرد في المعجم بهذا اللفظ.

[152] البحار 50 : 130 / 11 نقلا عن بصائر الدرجات : 333.

[153] الركوة : شبه تور من أدم، و اناء صغير من جلد يشرب فيه الماء (اللسان : ركا).

[154] البحار 50 : 136 / 17 نقلا عن المناقب 4 : 408 و مختار الخرائج.

[155] البحار 50 : 136 / 18.

[156] البحار 50 : 157 / 46.

[157] البحار 50 : 137 / 19.

[158] الفازة : بناء من خرق و غيرها، و قال الجوهري : مظلة تمد بعمود (اللسان : فوز).

[159] الدمعة الساكبة : القلق، و هو الانزعاج كما في اللسان - و الغلق : الضجر، و أيضا : ضيق الصدر و قلة الصبر (اللسان : غلق).

[160] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 152.

[161] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 152.

[162] البحار 50 : 153 / 40.

[163] البحار50 : 27 / 5 1.

[164] هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب (أبوهاشم الجعفري) كان عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام شريف القدر ثقة، من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي و العسكري و صاحب الأمر عليهم السلام و له أخبار و مسائل، و له شعر جيد فيهم، سكن بغداد و كان مقدما عند السلطان، و له كتاب روي عنه أحمد بن أبي عبدالله - هامش البحار.

[165] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 144.

[166] البحار 50 : 137 / 21.

[167] البحار 50 : 145 / 29.

[168]

البحار 50 : 147 / 31.

[169] هود : 65.

[170] أثبتناه من هامش البحار، و لم نعثر عليه في المصدر.

[171] نسخة بدل : جوده.

[172] عزه عزا : قهره و غلبه، و عازني : غالبني (اللسان : عزز) و المراد هنا : لا يغالبك.

[173] الحج : 60.

[174] غافر : 60.

[175] الفل : القوم المنهزمون و أصله من الكسر، و فللت الجيش : هزمته (اللسان : فلل).

[176] نسخة بدل : لباس.

[177] نسخة بدل : الطاغية.

[178] ابتزه : سلبه (اللسان : بزز).

[179] في المصدر ص 70 عند ذكره لقنوت الامام الكاظم (ع) : فيه : (و اهشم سوقه).

[180] جذ الشي ء الصلب : كسره أو قطعه مستأصلا، و في المصدر «وجب سنامه» و الجب أيضا القطع، يقال بعير أجب : أي : مقطوع السنام - هامش البحار.

[181] صاروا عباديد : أي : متفرقين (اللسان : عبد).

[182] أدل عليه : انبسط كما في اللسان : دلل، و أدل هنا بمعني أبسط.

[183] نسخة بدل : و التلاوات المغيرة.

[184] اللهاة : أقصي الفم، و هي اللحمة المشرفة علي الحلق، و الجمع لهوات. و اللغوب : التعب و الاعياء (اللسان : لها و لغب).

[185] نسخة بدل : نعيمه.

[186] البحار : خبب، و الخب الفساد : من قولهم : خبب فلان علي فلان صديقه : معناه أفسده عليه (اللسان : خبب).

[187] السفال : نقيض العلو (اللسان : سفل).

[188] اللمحة : النظرة بالعجلة، و قال الفراء في قوله تعالي «كلمح بالبصر» قال : كخطفة بالبصر (اللسان : لمح).

[189] البحار : 95 / 238 - مهج الدعوات : 267 طبع منشورات مكتبة سنائي.

[190] مروج الذهب 4 : 136.

[191] البحار 50 : 224 / 12.

[192] نسخة بدل :

في الملمات.

[193] البحار 95 : 229 - مهج الدعوات : 339.

[194] كتاب الدلائل لأبي العباس عبدالله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القمي شيخ القميين، و كان أكثر التوقيعات الخارجة من الناحية المقدسة بخطه، و له كتاب قرب الاسناد، و ينقل عن السيد ابن طاوس أنه أوصي ولده بمطالعة الدلائل، و قال صهر العلامة المجلسي في كتاب البياض الكمالي 3 : 170 : عليك بمطالعة كتاب الدلائل للحميري؛ فيظهر منه وجود نسخته عنده - الذريعة 8 : 237 - كما أن المسعودي أورد عنه في اثبات الوصية.

[195] التوبة : 74.

[196] الأحزاب : 66.

[197] النساء : 59.

[198] النساء : 83 - هكذا ورد في المصدر، و ما بين الهلالين ليس في القرآن.

[199] النساء : 58.

[200] الأنبياء : 7.

[201] الخلد - بالتحريك - البال و القلب و النفس، يقال : وقع ذلك في خلدي أي روعي و قلبي (اللسان : خلد).

[202] قليت اللحم علي المقلي : اذا شويته حتي تنضجه، و كذلك الحب يقلي علي المقلي (اللسان : قلا).

[203] البحار 78 : 366 - كشف الغمة2 : 386.

[204] البحار : ألقوا، و في نزهة الناظر : ألقوا العلوم.

[205] نزهة الناظر : منها.

[206] نزهة الناظر : لما سئلت.

[207] أثبتناه من نزهة الناظر.

[208] نزهة الناظر : تلذ بقديم.

[209] نزهة الناظر : أول علي ما في شفتك.

[210] نزهة الناظر : ما حق.

[211] أثبتناه من نزهة الناظر، و في البحار : و الدهر، الزهو : الكبر و التيه و الفخر و العظمة (اللسان : زها).

[212] الغمط : احتقار الناس - هامش البحار.

[213] نزهة الناظر : داع الي التخبط في الجهل.

[214] نجع في الدواء : اذا عمل، و نجع

فيه القول و الوعظ : عمل فيه و دخل و أثر (اللسان : نجع).

[215] فرس حرون : لا ينقاد، اذا اشتد به الجري وقف (اللسان : حرن).

[216] قليته قلي : أبغضته و كرهته، و تقلي الشي ء : تبغض (اللسان : قلا) و التقالي : التباغض.

[217] الشره : غلبة الحرص (اللسان : شره).

[218] القنوط : اليأس من الخير (اللسان : قنط).

[219] أثبتناه من نزهة الناظر.

[220] أثبتناه من نزهة الناظر.

[221] يعني ابن عبدالمطلب.

[222] نقلنا هذه الكلمة من نزهة الناظر و كان فيها جمل متكررة و مصحفة قد وردت في ضمن هذه المجموعة أعرضنا عنها بوضع نقاط مكانها.

[223] نزهة الناظر : هكذا جاء فيه : و أقل ما فيه أن تكون المغالطة أمتن أسباب القطيعة.

[224] نزهة الناظر : الهزؤه و كاهة.

[225] البحار78 : 369 و 370 - نزهة الناظر : 69.

[226] البراءة : 25.

[227] البحار : 50 / 162 / 41.

[228]، فقال له يوما : أيما أحب اليك؟ ابناي هذان أم الحسن و الحسين؟ فقال ابن السكيت : و الله ان قنبرا خادم علي بن أبي طالب خير منك و من ابنيك، فقال المتوكل للأتراك : سلوا لسانه من قفاه! ففعلوا فمات (رحمة الله عليه) - هامش البحار.

[229] المناقب : و قهر.

[230] ليس في المناقب.

[231] النمل : 40.

[232] المناقب : عرفه.

[233] يوسف : 101.

[234] يونس : 94.

[235] أي و الحال أنه (ص) لم يكن في شك - هامش البحار.

[236] آل عمران : 61.

[237] لقمان : 27.

[238] ما سبذان : - بفتح السين و الباء الموحدة و الذال - و هي احدي مدن بين جبال كثيرة - في أطراف همدان - كثيرة الحمات و الكباريت (معجم البلدان 5 : 41)، و

قد ورد في البحار : ما سيدان، و لعله مصحف.

[239] طه : 115.

[240] الشوري : 50.

[241] الفرقان : 68 و 69.

[242] الغلس : ظلمة آخر الليل اذا اختلطت بضوء الصباح (اللسان : غلس).

[243] هو الزبير بن العوام بن خويلد يكني أباعبدالله و كان امه صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله (ص) فهو ابن عمة النبي و ابن اخي خديجة زوجة الرسول (ص) من المحرضين علي حرب علي (ع) في واقعة الجمل المشهورة. شهد الجمل مقاتلا لعلي (ع) فناداه علي ودعاه فانفرد به و قال له : أتذكر اذ كنت أنا و أنت مع رسول الله (ص) فنظر الي وضحك وضحكت، فقلت أنت : لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال : ليس بمزه، و لتقاتلنه و أنت له ظالم؟. فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال فنزل بوادي السباع، و قام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله، و جاء بسيفه و رأسه الي علي (ع) فقال (ع) : ان هذا سيف طالما فرج الكرب عن رسول الله (ص). ثم قال : بشر قاتل ابن صفية بالنار، و كان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الأولي سنة 36 ه- هامش البحار.

[244] ص : 39.

[245] البحار 50 : 164 / 41 - هذا الكلام من ابن أكثم دليل علي التعصب الأعمي و الحسد لما ظهر منه عليه السلام من أجوبة مفحمة له و قد نسي هذا المغرور يوم أفحمه والده الامام الجواد عليه السلام و هو في التاسعة من عمره الشريف و ذلك في مجلس المأمون العباسي حتي ضل متحيرا، و هذا لو كان مؤمنا لما لدغ مرتين و هو دليل علي بلاهته و سفاهته حيث كان يروم المقابلة مع من

هم خزان علم الله و تراجم وحيه.

[246] غافر : 84.

[247] البحار50 : 172.

[248] البحار 50 : 171 - الهامش 2.

[249] البحار 50 : 176.

[250] البحار 50 : 172.

[251] الاحتجاج : الاجماع.

[252] البحار : لقول.

[253] اي : ما تأولوه من قولهم بالاجماع في اختيار الامام الذي لم يجعل لهم الله الخيرة فيه - هامش الاحتجاج.

[254] الاحتجاج : اتباع.

[255] الاحتجاج : ما ان تمسكتم.

[256] المائدة : 55.

[257] البحار : فيلزم.

[258] ليس في البحار.

[259] البحار : موافقة للقرآن.

[260] البحار : لكون.

[261] الاحتجاج : يقول.

[262] البحار : بين أمرين.

[263] البحار : من قبل.

[264] الخلة - بضم الخاء - الخصلة - هامش البحار.

[265] الكهف : 49.

[266] الحج : 10.

[267] البحار : باجتماع.

[268] ليس في الاحتجاج.

[269] ليس في الاحتجاج.

[270] الاحتجاج : حاجة.

[271] الاحتجاج : و هذا الكلام.

[272] أثبتناه من البحار.

[273] البحار : أحبه.

[274] ليس في الاحتجاج.

[275] ليس في الاحتجاج.

[276] أثبتناه من البحار.

[277] ليس في البحار.

[278] البحار : منهم.

[279] هو شاعر جاهلي من رؤساء ثقيف و فصحائهم (توفي نحو 630 م) قيل : انه كان من النساك قال بالتوحيد و نبذ الأوثان... الخ - أعلام المنجد : 680.

[280] هو عروة بن مسعود الثقفي كان عاقلا لبيبا يسكن الطائف، و أحد السادة الأربعة في الاسلام و قد بعثته قريش رسولا عنها الي النبي (ص) عام الحديبية و لما رجع الي أصحابه ذكر لهم مقام النبي و عظمته عند أصحابه، ثم قدم علي رسوله الله (ص) مسلما و استأذنه في الرجوع الي قومه، فلما أذن له و رجع الي الطائف دعاهم الي الاسلام فعصوه و قام يؤذن للفجر فرماه رجل بسهم فقتله، و لما بلغ النبي (ص) قتله قال : مثل عروة مثل صاحب

يس دعا قومه الي الله تعالي فقتلوه - سفينة البحار 2 : 183.

[281] الزخرف : 31.

[282] هو من أصحاب أميرالمؤمنين (ع)، كما وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الحسن (ع) أيضا - معجم رجال الحديث 9 : 253 - و قد جاء في الاحتجاج : عتابة، و هو تصحيف.

[283] الاحتجاج : من.

[284] محمد : 31.

[285] الأعراف : 182.

[286] العنكبوت : 2.

[287] ص : 34.

[288] الاحتجاج : و قوله.

[289] طه : 85.

[290] الأعراف : 155.

[291] المائدة : 48.

[292] آل عمران : 152.

[293] القلم : 17.

[294] هود : 7.

[295] البقرة : 124.

[296] محمد (ص) : 4.

[297] فاطر : 8 - و قد وردت في جميع المصادر هكذا (يهدي من يشاء و يضل من يشاء) و لم ترد هكذا في القرآن.

[298] أثبتناه من البحار.

[299] حم السجدة : 17.

[300] آل عمران : 7.

[301] الزمر : 17 و 18.

[302] أثبتناه من البحار.

[303] الاحتجاج : 450 - البحار20 / 30 ، و قد أورده المجلسي مفصلا في الباب 2 ص 68 أيضا نقلا عن تحف العقول.

[304] المراد : سنة ثمان و عشرون بعد المائتين.

[305] السيالة : - بفتح أوله و تخفيف ثانيه - هي أول مرحلة لأهل المدينة اذا أرادوا مكة (معجم البلدان 3 : 292).

[306] بار خدا : الله جل شأنه، الملك الكبير، صاحب، سيد - و چون : الكيف (المعجم الذهبي).

[307] نيك : حسن (المعجم الذهبي).

[308] أي أغلق الباب.

[309] البحار 50 : 131 / 13 - بصائر الدرجات : 337.

[310] البحار 50 : 209 / 23.

[311] أعيان الشيعة 38 : 2.

[312] العسكر : هو سامراء.

[313] البحار 50 : 200 / 11.

[314] البحار50 : 209 / 23 .

[315] البحار 50

: 201- الهامش 2.

[316] البحار 50 : 200 / 11.

[317] البحار 50 : 209 / 23.

[318] البحار 50 : 142 / 27.

[319] الشراة : هم الخوارج، واحده شار، سموا بذلك لقولهم : شرينا أنفسنا في طاعة الله - هامش البحار.

[320] الحشوية : لقب تحقير أطلق علي أولئك الفريق من أصحاب الحديث الذين اعتقدوا بصحة الأحاديث المسرفة في التجسيم... الخ (دائرة المعارف الاسلامية 439 : 7).

[321] أثبتناه من الخرائج، و في البحار : التربة.

[322] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[323] البحار 50 : 142 / 27.

[324] البحار 50 : 209 / 22 .

[325] البحار 50 : 202 - الهامش.

[326] الخفاتين جمع خفتان : و هو الدرع من اللبد - هامش البحار.

[327] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في البحار : في.

[328] البرنس : كل ثوب رأسه منه ملتزق به، دراعة كان أوجبة، و قيل : قلنسوة طويلة (اللسان : برنس).

[329] البحار 50 : 142 / 27.

[330] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[331] الدمعة الساكبة : و لأعورن.

[332] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[333] الدمعة الساكبة : لأعرضنك عليه و أشكوك.

[334] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في أعيان الشيعة : اليه.

[335] أعيان الشيعة 2 : 38 - الدمعة الساكبة 8 : 199.

[336] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في البحار : فعبرنا.

[337] البرد : - بالتحريك - حب الغمام فقد يكون كبيرا مثل الصخور - هامش البحار.

[338] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[339] البحار 50 : 144 / 27.

[340] الزهو : النبات الناضر و المنظر الحسن، نور النبت و زهره و اشراقه (اللسان : زها) و في الدمعة الساكبة : زهر.

[341] أثبتناه من اثبات الوصية.

[342] أغذ السير : اسرع (اللسان : غذذ).

[343] المناخ : الموضع الذي تناخ

فيه الابل، و أناخ الابل : أبركها (اللسان : نوخ).

[344] الدمعة الساكبة 203 : 8 نقلا عن اثبات الوصية : 248.

[345] الدمعة الساكبة 8 : 205 نقلا عن اثبات الوصية : 248.

[346] الدمعة الساكبة 8 : 206 نقلا عن اثبات الوصية و فيه : ما بها علة.

[347] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[348] البحار 50 : 202 / الهامش.

[349] الدمعة الساكبة : الجلبي.

[350] الدمعة الساكبة : ستورا.

[351] أثبتناه من اثبات الوصية.

[352] الشهرية : ضرب من البراذين، و هو بين البرذون و المقرف من الخيل (اللسان : شهر).

[353] الدمعة الساكبة8 : 206 - اثبات الوصية : 251.

[354] سامراء : بلدة علي نحو 120 كيلومترا من شمال بغداد، علي ضفة دجلة الشرقية، تقوم بلدة سامراء الحديثة فوق جزء ضئيل من أطلال عاصمة بني العباس القديمة الممتدة أطلالها مسافة طويلة الي شمالها و جنوبها و شرقها، و هي اليوم مركز قضاء واسع من أقضية لواء (محافظة) بغداد. اسست في زمن الخليفة المعتصم (227-218 ه) لجعلها عاصمة له ثم أوصلها الي أقصي اتساعها المتوكل (247-232 ه). و من أهم آثارها : بقايا دار الخليفة، و المنارة الملوية، التي انشئت مع المسجد الجامع الكبير علي عهد المتوكل. و في قلب المدينة : الروضة العسكرية حيث ضريح الامام علي الهادي و الحسن العسكري عليهماالسلام و عليه قبة طليت بالذهب سنة 1285 ه (موسوعة العتبات المقدسة قسم سامراء 12).

[355] الدمعة الساكبة 8 : 207.

[356] البحار 50 : 202 - الهامش.

[357] الصعلوك : الفقير - هامش البحار.

[358] البحار 50 : 132 / 202 - و للعلامة المجلسي (قده) حول هذه الرواية تعليق رصين فراجع البحار 50 : 133.

[359] البحار 50 : 202 - الهامش.

[360] اثبات الوصية

: 251.

[361] البحار 50 : 202 الهامش.

[362] الدمعة الساكبة 8 : 207.

[363] البحار 50 : 203 / 11.

[364] البحار 50 : 206 / 21.

[365] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في البحار : يشيل.

[366] ص : 36، و قد جاءت في الرواية هكذا : و سخرنا... الخ.

[367] البحار 50 : 203 / 12 - الدمعة الساكبة 8 : 208 .

[368] يتلظي علي فلان : اذا توقد عليه من شدة الغضب (اللسان : لظي).

[369] انما نقلنا كلامه (لعنه الله) هنا ليتبين خبث باطنه و سوء سريرته من جهة، و من جهة اخري مراعاة لأمانة النقل.

[370] الخزر - بالتحريك - : هي بلاد الترك، و اسم اقليم من قصبة تسمي اتل، و اتل اسم لنهر يجري الي الخزر من الروس و بلغار، و أيضا هو انقلاب في الحدقة نحو اللحاظ، و هو أقبح الحال (معجم البلدان2 : 367).

[371] البحار 50 : 196 / 8.

[372] تقدم معناه.

[373] البحار 50 : 211 / 24.

[374] الفرقان : 27.

[375] البحار 50 : 214 / 26.

[376] الحماني - بكسر الحاء و تشديد الميم، نسبة الي حمان بن عبد العزي بطن من تميم من العدنانية - أبوزكريا يحيي بن عبدالحميد... الكوفي، قدم بغداد و حدث بها عن جماعة كثيرة منهم سفيان بن عيينة... ذكره الخطيب في تاريخ بغداد. مات سنة 228 بسر من رأي في شهر رمضان، و كان أول من مات بسامراء من المحدثين الذين أقدموا، له كتاب في المناقب يروي عنه أحمد بن ميثم - هامش البحار.

[377] البحار 50 : 129 / 6 و190 / 2.

[378] الدمعة الساكبة 8 : 212 نقلا عن كتاب الهداية في الفضائل، قال في الذريعة : الهداية

في تاريخ النبي و الأئمة و معجزاتهم لأبي عبدالله الحسين بن حمدان الجنبلائي المعبر عنه (الهداية الكبري) و ينقل عنه المجلسي، و أورده في جملة مصادره للشيخ الحسين بن حمدان الحضيني، البحار 1 : 20، و عن الكشي الخضيني الجنبلائي - الذريعة 25 : 164 / رقم 73.

[379] الدمعة الساكبة 8 : 216.

[380] اثبات الوصية للمسعودي : 254.

[381] الخراج - كغراب - القروح و الدماميل العظيمة - هامش البحار.

[382] كان الفتح بن خاقان التركي مولاه أغلب الناس عليه، و أقربهم منه، و أكثرهم تقدما عنده... الخ (مروج الذهب 4 : 99).

[383] الكسب - وزان قفل - ثفل الدهن، و هو معرب و أصله الكشب (المصباح).

[384] استقل : نهض (اللسان : قلل).

[385] هو أبوعبدالله محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أميرالمؤمنين عليهماالسلام، و هو و أبوه و جده كانوا مظاهرين لبني العباس علي سائر أولاد أبي طالب. و قال في عمدة الطالب : انه يلقب بالبطحائي - منسوبا الي بطحاء أو الي بطحان.. واد بالمدينة - هامش البحار.

[386] هي ام ولد خوارزمية يقال لها شجاع توفيت في سنة 247 (مروج الذهب 4 : 98 و 136 ).

[387] البحار 50 : 198 / 10.

[388] البحار : ما يخامر.

[389] مروج الذهب : فما أغنتهم.

[390] البحار : و اسكنوا.

[391] مروج الذهب : من بعد ما قبروا.

[392] البحار : الأساور.

[393] البحار : و أصبحوا اليوم بعد الأكل.

[394] البحار 50 : 211 - مروج الذهب 4 : 107.

[395] اثبات الوصية : 254، و الفراغنة ينتمون الي فرغانة : و هي مدينة و كورة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان... بينها و بين سمرقند خمسون فرسخا (معجم البلدان

4 : 253).

[396] معجم البلدان 2 : 143.

[397] اثبات الوصية : 254.

[398] موسوعة العتبات المقدسة 12: 88.

[399] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في المصدر : وزيره علي، و علي يمينا.

[400] اثبات الوصية : 254 - الدمعة الساكبة 8 : 212.

[401] موسوعة العتبات المقدسة 12 : 91.

[402] كمال الدين و الدمعة الساكبة : الرزاقي، و في معاني الأخبار : الزراقي، و لعل ما اثبتناه هو الأصح، لان حاجب المتوكل كان زرافة كما في الخبر المتقدم.

[403] ذكر العلامة المجلسي (قده) بيانا قال فيه : أي صرت متفكرا فيما تقدم من الأمور و ما تأخر منها، فاهتممت لها جميعا، و الحاصل اني تفكرت فيما يترتب علي مجيئي من المفاسد، فندمت علي المجي ء. و يحتمل أن يكون فأخذ بي بالباء أي سأل عني سؤالات كثيرة عما تقدم و عما تأخر فظننت أنه تفطن بسبب مجيئي فندمت.

[404] معاني الأخبار : فاوجي ء، و في الدمعة الساكبة : فنحي، و (فوحي الناس) أي اشار اليهم أن يبعدوا عنه، و يمكن أن يقرأ الناس بالرفع أي أسرع الناس في الذهاب، فان الوحي يكون بمعني الاشارة و بمعني الاسراع - البحار.

[405] أثبتناه من كمال الدين و معاني الأخبار، و في البحار : لخير ما، و في الدمعة الساكبة : بخير.

[406] ليس في كمال الدين.

[407] ما بين المعقوفتين أثبتناه من كمال الدين.

[408] أثبتناه من كمال الدين و معاني الأخبار، و في البحار : تجمع.

[409] البحار 50 : 194 / 6 - كمال الدين 2 : 382 - معاني الأخبار : 123.

[410] البحار 50 : 195 / 7.

[411] البحار 50 : 204.

[412] هو أبومحمد الحسن بن محمد بن جمهور العمي بصري ثقة في نفسه، ينسب الي بني العم من تميم... ذكره

أصحابنا بذلك و قالوا : كان أوثق من أبيه و أصلح - هامش البحار.

[413] كان بغا من الأتراك من غلمان المعتصم، يشهد الحروب العظام، و يباشرها بنفسه، فيخرج منها سالما، و لم يكن يلبس علي بدنه شيئا من الحديد، فعذل في ذلك، فقال : رأيت في نومي النبي صلي الله عليه و آله و معه جماعة من أصحابه فقال : يا بغا أحسنت الي رجل من امتي فدعي لك بدعوات استجيبت له فيك.

[414] البحار : فشال.

[415] البحار : ما.

[416] أثبتناه من مروج الذهب، و في البحار و المصدر : يا غز و يغلون و تامش.

[417] البحار 50 : 189 / 1 - اعلام الوري : 346.

[418] البحار 50 : 148 / 33 .

[419] منبج : بالفتح ثم السكون و باء مكسورة : هو بلد قديم بينه و بين حلب عشرة فراسخ، منها البحتري (معجم البلدان : 5 / 205).

[420] يثنني من ثنيت الشي ء اذا حنيته و عطفته و طويته، و انثني : أي انعطف (اللسان : ثني).

[421] يدل : من دل علي قومي أي جرأهم (اللسان : دلل) و المراد هنا : يجري ء.

[422] الشوري : 23.

[423] البحار50 : 213 / 25.

[424] هود : 65.

[425] اثبات الوصية : 255.

[426] هو مخارق أبو المهنأ ابن يحيي الجزار، امام عصره في فن الغناء، و من اجمل الناس صوتا، كان الرشيد العباسي معجبا به حتي أنه أقعده معه علي السرير، أخباره كثيرة توفي بسر من رأي - هامش مروج الذهب.

[427] مروج الذهب 4 : 136 و 139.

[428] مروج الذهب 4 : 148 الي 190.

[429] البحار 50 : 129 / 8 - المناقب 4 : 417.

[430] البحار 27 : 216

/ 18.

[431] اعلام الوري : 339 - الفصول المهمة : 283.

[432] البحار 50 : 206 / 18 - المناقب 4 : 401.

[433] مروج الذهب 4 : 195.

[434] البحار 50 : 206 / 19.

[435] البحار : بها.

[436] ليس في مروج الذهب.

[437] البحار : ما أكتب.

[438] أي وعته و ثبت فيها (هامش مروج الذهب)، و في البحار : ما وقر في القلوب.

[439] مروج الذهب : به.

[440] مروج الذهب : باملاء.

[441] البحار 50 : 208 - مروج الذهب4 : 194.

[442] اثبات الوصية : 257.

[443] البحار50 : 210.

[444] الدمعة الساكبة : جلة.

[445] ليس في اثبات الوصية.

[446] هكذا ورد في المصدر أيضا، و الظاهر أن يكون : و لا عرف خبره.

[447] ليس في الدمعة الساكبة.

[448] الدمعة الساكبة : يارشاش.

[449] ليس في اثبات الوصية.

[450] اثبات الوصية : ابومحمد.

[451] الدمعة الساكبة : يا ابن العم.

[452] اثبات الوصية : 257 - الدمعة الساكبة 8 : 221.

[453] ليس في مروج الذهب.

[454] البحار 50 : 207 / 22 - مروج الذهب 4 : 193، و ما بين الهلالين ليس في البحار.

[455] اعلام الوري : 339.

[456] الدمعة الساكبة : علي سرج برذون.

[457] الدمعة الساكبة : أن يركبها.

[458] اثبات الوصية : يحزم.

[459] اثبات الوصية : 257 - الدمعة الساكبة 8 : 222.

[460] أثبتناه من رجال الكشي، و في الدمعة الساكبة : من شق ثوبك.

[461] البحار : و يتغير.

[462] الدمعة الساكبة : و كثرة.

[463] البحار و رجال الكشي : و يرد.

[464] البحار 50 : 191 / 3 - رجال الكشي 2 : 6 / 842 - الدمعة الساكبة 8 : 224.

[465] موسوعة العتبات المقدسة 12 : 81.

[466] تاريخ الشيعة : 101.

[467] تاريخ اليعقوبي 2 : 503.

[468] الدسكرة :

قرية في طريق خراسان قريبة من شهر ابان (و هي قرية كبيرة ذات نخل و بساتين من نواحي الخالص شرقي بغداد)، و هي دسكرة الملك (معجم البلدان 2 : 455 و 3 : 375).

[469] الدمعة الساكبة 8 : 223.

[470] البحار 50 : 206 / 18.

[471] الدمعة الساكبة 8 : 226.

[472] الدمعة الساكبة 8 : 227.

[473] الدمعة الساكبة 8 : 225 و 227.

[474] الكافي 1 : 497.

[475] مروج الذهب 4 : 193.

[476] الدمعة الساكبة 8 : 226و 227 - اعلام الوري : 339 - كشف الغمة 2 : 376.

[477] الدمعة الساكبة8 : 225 - البحار50 : 206 / 17.

[478] روضة الواعظين 1 : 246.

[479] الدمعة الساكبة 8 : 226.

[480] المناقب 4 : 401.

[481] اثبات الوصية : 257.

[482] البحار50 : 206 / 21.

[483] الدمعة الساكبة 8 : 225.

[484] البحار50 : 231 / 6 و 7.

[485] نسخة بدل : شبيب.

[486] السباسب : القفار و المفازة، و السبسب الأرض القفر البعيدة مستوية و غير مستوية (اللسان : سبسب).

[487] البحار 50 : 215 / 1 و 95 : 1 / 1 و فيه تتمة الخبر بالدعاء عنه (ع).

[488] البحار 50 : 216 / 2 - المناقب 4 : 402.

[489] البحار 50 : 220 / 7- غيبة الطوسي : 226.

[490] البحار 50 : 220 / 7 - غيبة الطوسي : 226.

[491] البحار 50 : 216 / 2.

[492] البحار 50 : 216 / 2.

[493] البحار 50 : 220 / 7.

[494] الذميل : كأمير السوق اللين، و منه الذمول يقال : ناقة ذمول - البحار.

[495] البحار 50 : 216 / 4.

[496] البحار 50 : 214.

[497] الأنوار القدسية : 96.

[498] الدمعة الساكبة 8 :

228.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.