قزوینی عبد الکریم 1317 ه_.ش.
نظرية الامام صاحب الزمان (عَجَّلَ اللّه تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) / تأليف عبدالكريم قزوینی (1317ه_ ش) قم برگزیده 1386.
80ص. – (برگزیده مقاله 1) چاپ اوّل
کتابنامه : ص. 80؛ همچنین بصورت زیرنویس
1. بحثی در مورد امام زمان (عَجَّلَ اللّه تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) 2. پاسخ به شبهاتی در مورد امام زمان (عَجَّلَ اللّه تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
الف) قزوینی، عبدالکریم، 1317. مؤلف.ب) نشر برگزیده
***
الإيمان بالإمام المهدي المنتظر (عَجَّلَ اللّه تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)
فريضة إسلامية بالنص القرآني والنبوي
عبدالكريم الحسيني القزويني
ناشر : برگزیده
چاپ دوم : 1389
شمارگان: 3000 نسخه
چاپ: ستاره
شابک : 0-55-7732- 964 - 978
کلیه حقوق چاپ و نشر محفوظ و مخصوص است
سایت مؤلف http://www.qazvini.org
قم - خیابان شهدا - کوی 23 - پلاک 1+25 - تلفن 7744125
ص: 1
كتاب الأسئلة والأجوبة الإسلامية 7
الإيمان
بالإمام المهدى المنتظر (عَجَّلَ اللّه تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)
فريضة إسلامية بالنصّ القرآني والنبوي
عبد الكريم الحسيني القزويني
ص: 2
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين
ص: 3
اللّهمَّ كُنْ لِوَلِيَّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَن صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَآئِهِ فى هَذِهِ السُّاعَةِ، وَفي كُلِّ ساعَةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً، وَقَائِداً وَنَاصِراً، وَدَليلاً وَعَيْناً حتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
ص: 4
هذا هو العدد السابع من سلسلة الأسئلة والأجوبة الإسلامية السلسلة التي أخذت على عاتقها إزالة الشبهات التي تختلج في أذهان وأفكار القرّاء والإجابة عليها بأسلوب سلس يفهمه عامّة الناس فبادر أيّها القارئ العزيز بإرسال أسئلتك على الفاكس (0098251772908) والموقع:
WWW.QAZVINI.org
فستجاب عليها من قبل سماحة السيّد عبد الكريم الحسيني القزويني ولا تجعل الشبهات تتراكم وتختلج في فكرك فإنّنا على أتمّ الاستعداد للإجابة عليها ونشرها على صفحات هذه السلسلة الهادفة بتركيز مفاهيم الإسلام وتعاليمه فى أفكار شبابنا وأبنائنا وبناتنا وإزالة الشبهات التي يثيرها الأعداء.
ص: 5
فكرة الإيمان بالإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي من الأفكار الإسلامية الأصيلة والتي قد اتّفق على الإيمان بها الفريقان السنّة والشيعة ولهذا قد وردت في معاجم أحاديث الطرفين ومن طرقهم، لأنّها من ضروريات المعتقد الإسلامي لأنّ الإيمان بها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتصحيح نشأة الخلقة الربانية أوّلاً وبتحقيق الوعد الإلهي ثانياً كما نص على ذلك القرآن الكريم، والإيمان بهذه الفكرة هي ضرورة عقائدية لأنّها ترتبط بالإيمان باللّه تعالى وبحكمة خلقته للكون والحياة وتحقيق وعده لنبيه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكلّ ذلك متوقّفة على خلقة الفرد الصالح المتمثل في الأنبياء والمرسلين والأئمّة المعصومين إلى الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
وهذه الفكرة بشكلها لم تبحث من قبل ولم تستوفي بحثها والإيمان بها من النص القرآني والنبوي.
وهذا البحث على صغر حجمه وسلاسة تعبيره هو ردّ على ما ادعاه الشيخ عدنان عرعور من على قناة تلفزيون المستقلة والشبهة
ص: 6
التي أثارها مما يدلّ على أنّ الرجل لم تأنس أُذنه بسماع القرآن الكريم ولم يرتّل لسانه آياته البينات في يوم من الأيام، وإلّا لما كان يثير هذه الشبه ولما كان يدّعي هذا الادعاء بقوله :
أين هو صاحب الزمان أروني شخصه حتّى أُؤمن به. وكيف يقول هذا ألم يؤمن هو ويعتقد بأنّ جلّ المعتقدات الإسلامية هي هي امو أمور غيبية وتتعلّق بما وراء الميتافيزيقية فكيف يثير هذه الشبهات حول المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري ألم يقرأ هذه الآية في أوّل سورة البقرة قوله تعالى :
«الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (1).
فالإيمان بالغيب هو أوّل صفة للمتّقين وأوّل علائم الإيمان ولكن الشيخ عدنان عرعور بإنكاره هذا يتنكّر لبديهيات الفكر الإسلامي الأصيل فهو ينكر :
أولاً : ينكر الإيمان الغيبي متحدّياً قول اللّه تعالى : «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ».
وثانياً : ينكر إجماع علماء الإسلام على ذلك من أهل السنّة
ص: 7
والشيعة وقد أكّد على ذلك كبير علماء أُخواننا أهل السنّة العلّامة المودودي في كتابه البيانات واعتبر أنّ الإيمان بالإمام المهدي المنتظر من بديهيات المعتقد الإسلامي التي يجب الاعتقاد بها وإليك نصّ قوله :
ولا يمكن لنا بتأويل مستبعد إنكار أنّ في الإسلام منصباً دينياً يعرف بالمهدوية فيجب على كل مسلم أن يؤمن به ويترتب على عدم عدم الإيمان به طائفة من النتائج الاعتقادية والاجتماعية في الدنيا والآخرة (1).
وأكّدت هذا المعنى الكتب العقائدية السلفية في أرجوزة الشيخ محمّد السفاريني المسمات «الدرّة المعنية في عقائد الفرقة المرضية بقوله في أُرجوزته :
وما أتى بالنصّ من اشراط***فكلّه حقّ بلا شطاط
منها الإمام الخاتم الفصيح***محمّد المهدي والمسيح (2)
وبالاضافة إلى هذه الأرجوزة فإنّه قال : فالإيمان بخروج المهدي
ص: 8
واجب كما هو مقرّر عند أهل العلم ومدوّن في عقائد أهل السنّة والجماعة (1).
النتيحة
مما قلناه وتوصلنا إليه فالذي ينكر فكرة الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو ينكر بديهيات المعتقد الإسلامي ويردّ على هذه الآية الكريمة المذكورة وينكر ما جاء به الكتب التي ألفت من قبل أخواننا أهل السنّة التى تؤمن بالإمام المهدي المنتظر ومن لا يؤمن بها فهو خارج عنها.
والكتاب هو هذا إجابة توضيحية مختصرة وبأسلوب سلس يفهمه عامّة الناس وأخيراً لا آخراً نسأل اللّه أن يجعلنا وإياكم أن نسير على وفق كتاب اللّه وسنّة نبيه الكريم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويهدينا جميعاً للإيمان وآخر دعوانا نقول :
ربّنا واجعلنا ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بنا غيرنا
عبدالكريم الحسيني القزويني
ص: 9
ص: 10
ص: 11
ص: 12
الحديث عن الإمام المصلح المنتظر يقتضي البحث فيه من نقاط متعدّدة.
أولاً : الإيمان بفكرة المصلح المنتظر هي فكرة إسلامية لا مذهبية وهناك فرق واضح بين الفكرة الإسلامية والفكرة المذهبية لأن الأولى : تستمد قوتها ووجوبها من النص القرآني والنبوي بينما الفكرة المذهبية تعتمد على نظرية وفكرة صاحب المذهب كما عليه كثير من أفكار أبي حنيفة والشافعي والمالكي والحنبلي أو ابن تيمية أو محمّد بن عبدالوهاب.
بينما الإيمان بفكرة صاحب الزمان (عجّل اللّه تعالى فرجه) - هي فكرة إسلامية تعتمد في نصها على الكتاب الكريم والسنة النبوية ذلك الشريفة ونستوحي من القرآن الكريم في آيات بينات من كتابه.
ثانياً : نظرية الإمام المصلح المنتظر هي تصحح للخلقة الربانية والإيمان بنظرية الفرد الصالح التي هي تصحيح نشوء الخلقة الربانية
ص: 13
للخلق وهي امتداد لخلقة الأنبياء والرسل من أبينا آدم إلى الإمام المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ولولا الإيمان بهذه الفكرة والقول بوجود الأفراد الصالحين لكانت الخلقة الالهيّة عبثاً وحاشا للّه أن يخلق العبث وذلك استناداً للآية القرآنيّة.
«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبْثَاً» (1).
وكلّ ما قلناه مستوحى من هذه الآيات الكريمة وهي قوله تعالى :
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا
ص: 14
تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ» (1).
الإيمان بفكرة الإمام المصلح المنتظر هي فكرة قرآنية وتعتمد عليها تصحيح نشأت الخلقة الالهيّة للعالم وهي عبارة عن الإيمان بوجود الفرد الصالح على امتداد التاريخ من أبينا آدم إلى بقية الأنبياء والمرسلين والخلفاء الصالحين إلى الإمام المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولولا الإيمان بفكرة وجود الفرد الصالح من أنبياء اللّه ورسله وخلفائه لكانت الخلقة الالهيّة عبثاً وحاشا للّه أن يخلق شيئاً عبثاً لقوله تعالى
«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً» (2).
وعلى هذا الأساس حينما قال تعالى للملائكة أنّي جاعل في الأرض خليفة كان الملائكة يتصوّرون أن الخليفة الذي سوف يرسله اللّه ويجعله خليفة له هو من جنسهم لأنهم المخلوق المدلل الذي لا يعصي اللّه طرفة عين أبداً وأنهم هم الذين يستحقون الخلافة في الأرض وغير جنسهم لا تنطبق عليه هذه الصفة صفة الاطاعة المطلقة اللّه تعالى واللّه هو حكيم عليم لا يخلق عبثاً فليس من المعقول أن يخلق اللّه الخلق ويسلّم مفاتيحه بيد من يفسد في الأرض والإنسان الذي هو مخلوق اللّه لا يسلّم مفاتيح داره إذا أراد السفر بيد
ص: 15
من يفسد في الدار ويعيث فيها دماراً وإنما يسلم مفاتيح الدار لمن يحافظ عليها ويصلح فيها، فكيف باللّه الحكيم العليم.
ومن هذا المنطلق حينما علم الملائكة بأنّ الخليفة الذي سوف يرسله اللّه إلى الأرض ليس من جنسهم فاستغربوا وسألوا من اللّه باستفهام استنكاري قائلين:
«أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ».
فأجابهم اللّه على سؤالهم واستفهامهم الاستنكاري هذا بقوله : «وإِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ» (1).
فاللّه تعالى حينما أجابهم على تسائلهم بقوله إنّي أعلم ما لا
ص: 16
تعلمون وبيّن لهم أنّ هناك مخلوقاً هو أفضل وأكمل منكم إذا أخلص وكمل إيمانه وهو من الموجودات الصالحة المتمثّل بالفرد الصالح من أنبياء اللّه ورسله وخلفائه من آدم إلى الإمام المهدي المنتظر من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و أفهم الملائكة بأسماء الفرد الصالح الذي يستحق تسليم مفاتيح الأرض له حينما قال لآدم :
«يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمِائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ».
فلمّا علم الملائكة بوجود الفرد الصالح الذي سوف يسلّمه اللّه مفاتيح أرضه ويكون خليفته فعندها خضعوا وأقروا للأمر الإلهي وقالوا:
«وسُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ».
ويؤيّد ما قلنا ما جاء في تفسير الميزان
و في المعاني عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ):
إِنَّ اللّه عَزَّوَجَلَّ عَلَّمَ آدَمَ أسماء حُجَجه كُلّها ثُمّ عَرَضَهُم وَهُم أرواح عَلَى الملائكة فقال: أنْبِئُونِي بِأسماء هؤلاءِ إِنْ كُنْتُم صَادِقِينَ بِأَنَّكُم أحَق بِالخلافة في الأرض لِتَسبيحِكُم وَتَقديسكُم مِن آدم فَقالُوا:
ص: 17
سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلّا ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أنْتَ العَليمُ الحكيم. قال اللّه تبارك وتعالى : يا آدم أنبئهم بأسمائِهِم فَلمّا أنبَأَهُم بِأسمائهم وقِفُوا عَلى عَظيم مَنْزِلَتِهِم عِنْدَ اللّه فَعَلِمُوا أَنَّهُم أَحَق بأنْ يَكُونوا خُلفاء اللّه في أرضِهِ وَحُجُجه على بَريَّته (1).
ثالثاً : الإيمان بالإمام المهدي المنتظر هو تحقيق للوعد الإلهي كما صرّح القرآن الكريم وبشّر به فيكون الإيمان به هو تطبيق للآيات القرآنيّة منها :
1 - قوله تعالى :
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» (2).
فهنا وعد إلهي واضح وصريح من قبل اللّه لنبيه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فهذه الآية الشريفة تصرّح بهذا الوعد الإلهي لنبيه ورسوله الكريم بأنّ الرسالة التي أرسله اللّه بها لابدّ لها أن تعمّ الكرة الأرضية بأسرها ويصبح الإنسان الساكن عليها يدين برسالته ودينه الذي ارتضاه اللّه الخلقه.
ص: 18
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» (1).
ونحن نتسائل متى تحقق هذا الوعد الإلهي ؟ هل تحقق في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد كانت الديانات تعيش على هذه الكرة من ديانات سماوية أو أرضية مثل اليهود والنصارى والمجوس وأتباع بوذا وهم بالملايين وكانوا ينتشرون على سطح هذه الكرة فلم يتحقق هذا الوعد الربّاني في ذلك الوقت أو هل تحقق هذا الوعد في عهد الخلفاء الراشدين بما فيهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فإنّه أيضاً لم يتحقق هذا الوعد الإلهى لأنّ الأديان الأخرى كانت موجودة في هذه الأرض.
وهكذا يبقى السؤال على حاله مستمراً متى يتحقّق هذا الوعد الإلهى ؟ أم هل تحقّق هذا الوعد في العهد الأموي ؟ أم العهد العبّاسي ؟ أم في العهد العثماني ؟ أم في يومنا وعصرنا الذي نعيشه وقد استفحلت أصحاب الديانات الأخرى في هذا العصر وأخذت تجول وتصول في بلاد المسلمين وتقتل وتعتدي و تغصب أراضيهم وليس لهم رادعاً كما هى عليه اسرائيل وغيرها فى وسط عالمنا الإسلامي في فلسطين ولبنان وفي كثير من بلاد الإسلام فإذا لم يتحقق الوعد الإلهي واللّه تعالى يقول :
ص: 19
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ».
وهل أنّ اللّه يخلف وعده وحاشا للّه ذلك
وقد يقول القائل : إنّ الإسلام في عهده الأوّل عمّ الكرة الأرضية وكان كلمته هي العليا وتحقق الوعد الإلهي في تلكم الفترة.
والجواب على ذلك.
إن الانتصار الوقتى مستمدّ من القوّة المادّية فإذا زالت القوّة المادّية ذهب ذلك الانتصار وسقط ذلك الاعتبار بينما الانتصار الإلهي الذي يستمدّ قوّته من اللّه العلي القدير لا نفاذ لقوّته وقدرته فيبقى النصر والفتح المبين إلى الأبد واللّه وعد نبيه بهذا النصر الباقي وهو المراد من قوله تعالى :
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».
وذلك لأنّ اللّه أراد لهذا الدين أن يكون الوصفة الالهيّة الأخيرة لعلاج البشرية وأن نبيه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو آخر أنبيائه وأصفيائه ورسله فدينه يكون هو دين البشرية الكامل ولهذا أعطاه هذا الوعد الإلهي ليظهره على الدين كلّه ليبق هذا الدين يعمّ الكرة الأرضية وإنسانها يؤمن بالإسلام العظيم لا غير فنصر اللّه هو النصر الباقي إلى الأبد لأنّ
ص: 20
اللّه وعد نبيه نصراً كاملاً لا نصراً ناقصاً يزول بسرعة والنصر الذي يأتي من اللّه يكون متكامل لأنه يستمد قوته من الذي لا نفاذ لقوّته. و
هذا الوعد لا يكون إلّا إذا ظهرت الصيحة الالهيّة بين الأرض والسماء ويسمعها كلّ من يسكن عليها وهي :
ألا يا أَهْلَ العالَم فَقَدْ ظَهَرَ مَهدي آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
فعندها يعمّ الإسلام الكرة الأرضية ويتحقّق الوعد الإلهي ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وقد عبر عن حتمية ولابدية الوعد الإلهى النبي الكريم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علي بقوله :
لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنيا إِلَّا يَوم واحِد لَطَوَّل اللّه ذلِكَ اليوم حتّى يَظْهَر القائم مِنْ آلِ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
كما جاء في صحيح أبي داود أنه أخرج بسنده عن أبي الطفيل عن علي (رضیَ اللّهُ عنهُ) عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال :
لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهرِ إِلَّا يَوْم لَبَعَثَ اللّه رَجُلاً مِن أَهْلِ بَيْتِي يَملأها عَدلاً كَما مُلِئَت جوراً (1).
ص: 21
أو في حديث مسند ابن حنبل ج 1 / 376:
عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبداللّه عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):
لا تقوم الساعة حتّى يَلي رَجُل مِنْ أَهْلِ بَيْتِي إِسْمُهُ يواطي إسمي (1).
وعندها يتم اللّه وعده ويتحقق قوله تعالى :
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ».
2 - قوله تعالى :
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ» (2).
إنّ هذه الآية الكريمة جاءت لتؤكّد آية ليظهره على الدين كلّه لأنّ فكرة تحقّق الارادة الالهيّة هى متسالم عليها وقد أكدها القرآن الكريم في بعض آياته من أجل استخلاف الإسلام من بعد ضعفه وإنهيار قوّته العسكرية نتيجة تلاعب بعض الحكام واستئثارهم على
ص: 22
السلطة وتشتيت ثروته وضياعها وعدم الاهتمام بقاعدة «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» ممّا أوجب استفحال الأعداء وأزالوا حكومته العادلة إلّا أنّ اللّه وعد نبيه بإعادة الإسلام إلى قواه الطبيعية واستخلافه في الأرض بقوله :
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ» (1).
3- قال اللّه تعالى :
«وَعَدَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَليمَكِنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ» (2).
هذه الآية الكريمة تدلّ بكل وضوح من لابدية تحقيق الوعد الإلهى واستخلاف المؤمنين للأرض كلّها ونستوحي ذلك من
مفردات هذه الآية وهي:
(أ) كلمة وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات فبموجب هذا
ص: 23
الوعد الإلهى لابد من أن تتحقق حاكمية الإسلام للأرض كلّها على يدي الإمام المهدي المنتظر وأنصاره المؤمنين.
ب) ليستخلفنّهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم.
وهنا معنى الاستخلاف هو التمكين لإقامة العدل الإلهي وتطبيقه على سطح الكرة الأرضية كلّها كما كان النصر المبين للمؤمنين قبل الإسلام وبعده والاستخلاف الكامل هو التمكين للحكومة الالهيّة التي وعد اللّه بها أنبيائه ورسله في المستقبل لأنّها سنّة اللّه في الأوّلين والآخرين وذلك لا يكون إلّا بظهور وريث الأنبياء والمرسلين الإمام المهدى المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ويستفاد ذلك من الألف واللام في كلمة الأرض التي هي للاستغراق والشمول الجميع أجزائها كما هو واضح من كلمة الأرض التي وردت في الآية الشريفة وهذا لم يتحقق حتّى الآن إلا بظهور الرجل الإلهي الموعود المتمثل بالإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ج) ولنمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى.
وهذا أيضاً وعد إلهي جاء تأكيداً لتمكين الإيمان والإسلام في جميع مشارق الأرض ومغاربها ليعم الكرة بأسرها دينه الذي ارتضاه لعباده.
«والْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
ص: 24
لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِيناً» (1).
فلابدّ من تحقيق هذا الوعد الربّاني حتّى يصبح الإنسان الكائن على سطح هذه الكرة يدين بالإسلام ويؤمن بقرآنه ونبيه الكريم.
وهذا التمكين الإلهي للإسلام يكون ثابتاً وغير متزلزل لأنّه تمكين من قبل ربّ العالمين الذي لا نفاذ لقوّته، بعكس التمكين البشرى لأنه بسيط وغير ثابت ويمكن إزالته.
والتمكين الإلهى الثابت لم يتحقق حتّى الآن ولابد من تحقيقه عند ظهور الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
د) ومفردة قوله :
«وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً» (2).
لها ارتباط بقوله وليمكنن لهم - وهي عطف على قوله - ليستخلفنّهم - وكلّ هذه المفردات القرآنيّة تكون سبباً لإيجاد الأمن والاستقرار الثابت للحكومة المتمثلة بظهور ووجود الإمام المنتظر حتّى يزول الخوف ويعود الأمن والاطمئنان الإلهى الثابت للمؤمنين الذين قاسوا مرارة الخوف والظلم والتعدّى من الظالمين من الكفّار والفسقة طوال السنين كما ذكر ذلك صاحب تفسير الميزان بقوله
ص: 25
والمراد بالخوف على أي حال ما كان يقاسيه المسلمون في صدر الإسلام من الكفّار والمنافقين (1).
و تحقيق كلّ ما ذكرناه لا يكون إلا بظهور الحجة المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى تتحقق وراثة الإسلام للأرض كلّها بدليل أن الألف واللام في كلمة الأرض هي للاستغراق وهنا تلازم وترابط بين الآيات القرآنيّة آية «ولِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ» وآية (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ) وآية «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم» فالإرادة الالهيّة وتحقّق الوعد الإلهي يكون بظهور الحجّة المنتظر وذلك عندما يسمع العالم بأسره بالنداء الإلهي بين السماء والأرض.
ألا يا أهل العالم فقد ظهر مهدي آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4 - قال اللّه تعالى :
«وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» (2).
فإن صيغة كتب - دالة على الفرضية الحتمية والالتزام الكامل بتحقيق الوعد الإلهي الذي وعد اللّه به عباده الصالحين «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» فهي الزام والالتزام وتحقيق لهذا الوعد
ص: 26
الإلهى فانه لابد للأرض ان تسلم للمؤمنين الصالحين حتّى يطهروها من الرجس والشرك وعبادة الأوثان وهذا الأمر لم يتحقق لا في عهد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا في العهود من بعده إلى يومنا هذا فيبقى هذا الوعد الرباني وتحقيقه لا يكون إلا بظهور الحجة القائم المنتظر المهدي الموعود (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعندها تتحقّق هذه الفرضية الالهيّة كما قال تعالى:
«وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» (1).
وإلى هذه الفرضية ذهب صاحب تفسير الميزان بقوله: والمتحصل من ذلك كله أن اللّه سبحانه يعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات أن سيجعل لهم مجتمعاً صالحاً خالصاً من وصمة الكفر والنفاق والفسق يرث الأرض لا يحكم في عقائد أفراده عامة ولا أعمالهم إلا الدين الحق يعيشون آمنين من غير خوف من عدو داخلي أو خارجي، أحراراً من كيد الكائدين وظلم الظالمين وتحكّم المتحكمين.
وهذا المجتمع الطيب الطاهر على ما له من صفات الفضيلة والقداسة لم يتحقق ولم ينعقد منذ بعث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى يومنا هذا، وإن انطبق فلينطبق على زمن ظهور المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما ورد من صفته في
ص: 27
الأخبار المتواترة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لكن على أن يكون الخطاب للمجتمع الصالح لا له (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحده (1).
وأكد هذا أيضاً الشيخ الطبرسي في تفسيره ما نصه:
وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
هُم أصحاب المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في آخر الزمان وَيَدُلُّ على ذلِكَ ما رَواهُ الخاص والعام عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انّه قال : لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنيا إِلَّا يَوم واحِد لَطَوَلَّ اللّه ذلِكَ اليوم حتّى يَبْعَثَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَهَلْ بَيْتِي يَملأ الأرض عدلاً وَقِسطاً كَما مُلِئَت ظلما وجورا (2).
وبهذه الآيات البينات يكتشف ان الإيمان بالإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر ضروري لأنه يرتبط بالعهود والوعود والارادة الالهيّة التي وعد اللّه بها عباده المؤمنين وذلك لم تتحقق على وجه الأرض إلى الآن وتحققها لا يكون إلا بالقول بالإمام المهدي المنتظر حتّى يتحقق ما وعد اللّه به عباده من العهود والوعود ولهذا صار الإيمان بالمهدي الموعود فريضة إسلامية لأنها ترتبط بالإيمان باللّه العلي العليم وكل ذلك لا يكون إلا إذا كانت الصيحة بين السماء والأرض: ألا يا أهل العالم فقد ظهر مهدي آل محمّد.
ص: 28
كما روى ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في كتابه العرف الوردي ما نصّه :
قال : أخرجه أبو نعيم والخطيب في تلخيص التشابه عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):
يَخرُج المهدي وَ على رَأْسِهِ مَلَكُ يُنادي إنَّ هذا المهدي فاتَّبِعُوه (1).
وذكر ابن حجر الهيثمي المكي في كتابه ما نصه :
لَوْ لَمْ يَبْقِ مِن الدُّنيا إِلَّا يَومُ َواحِدٌ لَطَوَّلَهُ اللّه حتّى يَملِك رَجُلٌ مِنْ أهلِ بَيتي تجري الملاحم على يديه ويظهر الإسلام، واللّه لا يُخلِف وَعدَهُ وَهُوَ سَرِيعُ الحِساب (2).
وبظهور المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعمّ الوئام ويسود الأمن والاستقرار والرفاه الإلهى في هذه الدنيا.
فهذه الآيات البينات تصرّح بالوعد الإلهي ولابد من تحققه ويؤيد هذا المعنى الحديث المروي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في كتاب عقد الدرر ما نصّه :
ص: 29
عن حذيفة (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال :
خطبنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فذكر لنا بما هو كائن إلى يوم القيامة ثمّ قال :
لَوْ لَمْ يُبق من الدنيا إلا يوم واحدٌ لَطَوَّل اللّه عَزَّوَجَلَّ ذلِكَ اليَوم حتّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنْ وُلدي.
قال : فقام سلمان الفارسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقال : يارسول اللّه من أي ولدك قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):
هُوَ مِنْ ولَدي هذا وَضَرَب بِيَدِهِ عَلَى الحُسَين بن عَلَي.
وأخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي (1).
وهذه الفكرة هي من مسلّمات المعتقد الإسلامى وبديهياته ولهذا جاء التأكيد عليها من قبل اللّه ورسوله حتّى يتبين لنا أهمية هذه الفكرة وارتباطها بالحكمة الالهيّة لنشأت الخلق الإلهي وتحقيق الوعد الربّاني الذي وعد اللّه نبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و لهذا جاءت هذه الآيات والروايات للتأكيد على ما نقوله ونؤمن به من الإيمان بفكرة الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ويظهر من هذا البحث بضرورية الإيمان بهذه الفكرة وإذا لم
ص: 30
نؤمن بها فتكون الخلقة والنشأة الالهيّة يشوبها العبث ومعاذ اللّه من العبث وحاشاه أن يخلق عبثاً ويبق أيضاً الوعد الإلهي ناقصاً وحاشا للّه أن يخلف وعده فلابد لنا من القول والإيمان بفكرة المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
هو محمّد المهدي بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما روي ذلك عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأكد عليه سبطه الإمام الصادق بقوله :
عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه ويعني به الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
إِنَّ سُنَن الأنبياء بِما وَقَعَ بِهِم مِن الغيبات حادثة فِي القَائِمِ مِنًا أهل البَيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
قال أبو بصير فقلت : يابن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومن القائم منكم أهل البيت ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
يا أبا بَصير هو الخامِسُ مِنْ وُلدِ ابني مُوسى، ذلِكَ ابن سَيِّدة الإماء، يغيب غَيبة يَرتابُ فيها المُبْطِلُون ثمّ يظهره اللّه عزّوجلّ فَيَفْتَح اللّه على يَدَهُ مَشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح اللّه عيسى بن
ص: 31
مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيُصَلّي خَلْفَهُ، تشرقُ الأرض بِنُور رَبِّها، ولا تَبقَى فِي الأَرْض بُقَعة يعبد فِيها غَيرَ اللّه عَزَّوَجَلَّ إِلَّا عَبد اللّه فِيها وَيَكُون الدينُ كُلَّه اللّه وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُون (1).
رابعاً : إنّي أتعجب من هؤلاء النفر الذين يتساءلون ويشككون في فكرة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويظهرون على شاشة التلفزة والتلفزيون المرئي وغيره فينكرون الإيمان بالإمام المهدي ويقول قائلهم من أمثال الشيخ عدنان عرعور السوري أين الإمام المهدي ؟ لماذا لا نراه حتّى نؤمن به؟ وقولهم هذا غريب ومستغرب كأنّهم في آذانهم وقراً ولم يسمعوا ويقرأوا قوله تعالى :
«الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (2).
ألم يعلموا ويفهموا أنّ أغلب العقائد الإسلامية هي أُمور غيبية وبموجب هذه الآية الكريمة أنّ الإيمان بالمغيبات من صفات المتقين
ص: 32
والإيمان بالغيب هو أوّل صفة للمتقين الذين عناهم بقوله ويؤمنون بالغيب.
والإشكال الذي يوردونه على وجود الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأين هو ولماذا لا نراه ؟ يورد على كثير من معتقداتنا الأساسية كالإيمان باللّه تعالى.
فنحن آمنا باللّه ولم نراه.
وآمنا بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأنبياء من قبلهم ولم نراهم.
و آمنا بالجنة والنار ولم نراهما.
و آمنا بالجن ولم نراهم.
وآمنا بالملائكة ولم نراهم.
وآمنا بالبعث والنشور ولم نراهما.
فإن قيل إنّ هذه المعتقدات وردت في القرآن والسنة فكذلك الإيمان بصاحب الزمان ورد في الكتاب والسنة وأولئك الذين ينكرون الإيمان بالإمام صاحب العصر والزمان هم ناقصي الإيمان وبمقتضى ادّعائهم هذا يوجب إنكار اللّه ورسوله والملائكة والجنّة والنار والبعث والنشور لأنّ هذه الاعتقادات كلّها لا ترى بالعيون فنقول للشيخ عدنان عرعور فهل أنت تنكر هذه الاعتقادات أم تؤمن بها لأنك لم تراها بعينك فكذلك الاعتقاد بالإمام المنتظر فإنّه
ص: 33
نظير هذه المعتقدات الغيبية المذكورة.
وأخيراً نقول للشيخ عرعور وغيره اتقوا اللّه ولا تخالفوا عقيدة الإسلام ومعتقداته الغيبية والإيمانية.
ص: 34
هنا عدة أسئلة نجيب عليها :
الجواب : غيبة الإمام المهدي المنتظر هو لطف من الألطاف الالهيّة ومنحة يمنحها اللّه تعالى للخواص من عباده المرسلين والأئمّة الصالحين ليكون دليل إعجاز لهم كما فتح اللّه لنبيه إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجعل له النار برداً وسلاماً وقد قال اللّه تعالى :
«قُلْنَا يَا نَارُ بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ» (1).
وكما جعل اللّه لنبيه عيسى إعجازاً فكان يبرأ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن اللّه كما قال تعالى :
«وَأُبْرِءُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّه» (2).
وكما أسرى اللّه بنبيه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من المسجد الحرام إلى المسجد
ص: 35
الأقصى ليلاً وقد قال تعالى :
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (1).
فكذلك جعل اللّه الغيبة وخصّ هذا الإعجاز الإلهي بالإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) المذخور لتحقيق الوعد الإلهى ولا يتحقق ذلك إلا بهذه الغيبة الالهيّة والمنحة الربانية لهذا الإمام الموعود (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يعين وقت ظهوره للناس وإن كان معلوماً عنده سبحانه وتعالى وقد وردت الروايات الكثيرة في النهي عن التوقيت ومن ادعى ذلك فكذبوه لأنه كذاب كما جاء في كتاب الكافي ما نصه :
عن الفضل بن يسار عن أبي جعفر قال قلت ألهذا الأمر وقت ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
كَذِبَ الوَقّاتُون كَذِبَ الوَقَّاتُون كَذِبَ الوَقَّاتُون... الخ (2) قَالَها ثَلاثَة.
وذكر الكليني في كتابه أيضاً ما يلي :
عن عبدالرحمن بن كثير قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)- إذ دخل عليه مهزم فقال له : جعلت فداك أخبرني
ص: 36
عن هذا الأمر الذي ننتظر متى هو ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
يا مهزم كَذِبَ الوَقَاتُون وَهَلَكَ المُسْتَعْجِلُون وَنجا المُسلِّمُون (1).
وأخرج الشيخ الصدوق عن محمّد بن عثمان العمري، قال: سمعت أبي يقول: سُئل أبو محمّد الحسن بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه : إنّ الأرض لا تخلو من حجة اللّه على خلقه إلى يوم القيامة، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ان هو الحق كما ان النهار حق، فقيل له : يا ابن رسول اللّه فمن الحجة والإمام بعدك ؟ فقال ابني محمّد هو الإمام الحجة بعدي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقاتون، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة (2).
وهناك عشرات من هذه الروايات التي تكذب من قال بالتوقيت لظهوره (عَلَيهِ السَّلَامُ).
الجواب على هذا السؤال هو ما يلي :
ص: 37
الرؤية على قسمين :
أولاً : الرؤية المباشرة : بمعنى أنّ الإنسان يرى الإمام القائم المنتظر وهو يعرفه ويتحدّث معه ويعلم مكانه ويجتمع به هذا غير صحيح ومكذوب عليه ومن ادعى رؤيته بهذا الشكل فهو كاذب حيث المروي عنهم من ادعى رؤيته فكذّبوه للأدلّة التالية :
1 - إنّ ادّعاء الرؤية المباشرة مخالفة لفلسفة غيبة الإمام وكان بإمكان الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يختفي في مكان خاص يذهب إليه خواص الشيعة.
2 - إن دعوى رؤية الإمام بالمباشرة توجب كثرة أدعياء الرؤية والكذب على الناس أو طلب منهم المال باسم الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) والإنسان المؤمن بالإمام لا يمكنه عدم تلبية اعطاء المال لأنه بطلب من الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا ممّا يوجب الارتباك والفوضى في حقوق المؤمنين ومنعاً وسدّاً لهذه التصرفات قالوا بتكذيب من ادّعى الرؤية المباشرة.
3 - في زمن الغيبة الصغرى
كان لا يمكن رؤية الإمام إلا لنفر قليل الذين يسمون بالنواب الأربعة وذلك بالتسلسل وهم :
1 - عثمان بن سعيد العمري.
2 - محمّد بن عثمان بن سعيد العمري.
ص: 38
3 - أبو و القاسم الحسين بن روح.
4 - أبو الحسن علي بن محمّد السمري.
فكيف في زمن غيبة الإمام الكبرى يحدث ذلك.
ثانياً : الرؤية غير المباشرة : بمعنى أنّ الإنسان يرى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو لا يعرفه ثمّ ينكشف له الأمر أنه كان الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذه الرؤية ممكنة وكلّ مؤمن يعمل عملاً خيراً وصالحاً لوجه اللّه تعالى يوفّق لرؤية الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإذا ظهر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال كثير من الناس هذا قد رأيناه وهناك أُلوف القصص التي تحكي عن أشخاص قديماً وحديثاً كانوا قد شاهدوا الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذا الشكل وهم لا يعرفونه وقد انكشف لهم بعد ذلك أنه هو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإليك ما يلي :
المسيحى الذي أسلم وسبب إسلامه أنه كان سائق سيارة تحمل البضائع من طهران إلى بغداد وتنقل الأجناس من بغداد إلى طهران يقول فى إحدى السفرات كنت حامل البضاعة من طهران إلى بغداد وفي الطريق شاهدت رجلاً كبير السن طريحاً على الأرض في الصحراء فنزلت إليه وإذا به رمق أعطيته قطرات من الماء فتح عينيه وأشار إليَّ أنه جائع فأعطيته مقداراً من الطعام فجلس وسألته عن
ص: 39
حاله فقال إنّه مشتاق لزيارة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم أتمكن مادياً فجمعت مقداراً من الخبز اليابس ومقداراً من الماء وذهبت ماشياً فنفذ الماء والخبز وحلّ بي ما شاهدته فأدركتني، فقلت له سوف أنقلك إلى بغداد ومن ثم إلى موقف السيارات گراج كربلاء فنقلته إلى هناك وأعطيته أجور سفره إلى كربلاء، ثم عدت راجعاً بالبضائع من بغداد إلى طهران ووصلت إليها بعد منتصف الليل وكانت ليلة شتاء تتساقط فيه الثلوج وأودعت السيارة في الكراج وبقيت أنتظر إلى الصباح حتّى أسلّم البضاعة لأهلها، وإذا بباب الكراج تطرق بعد منتصف الليل ورجل ينادي باسمي فقلت من أخبر أهلي وأصدقائي بوصولي في هذه الساعة المتأخّرة من الليل ولم يكن في ذلك الزمان تليفون ولم يشاهدني أحد فاستغربت من الطارق ؟ ففتحت الباب وإذا بفارس كأنه شعلة نور ونطق باسمي يا الياس إنك قد أحسنت إلى أحد شيعتنا ونريد أن نجازيك وأحسن جزاء نجازيك به أن نهديك إلى الإسلام قال فقلت يا مولاي ما أعرف شيئاً عن الإسلام فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا عليك الآن يأتي إليك شابان ويأخذانك إلى منطقة السيّد عبدالعظيم الحسني ثم غاب عني ذلك الشخص النوراني وبقيت مبهوتاً بذلك النور وإذا بشابين يقولان مرحباً بك يا الياس تفضّل معنا إلى منطقة السيّد عبد العظيم الحسني فقلت لها المسافة بعيدة
ص: 40
تحتاج أكثر من ساعة حتّى نصل إلى المنطقة وكيف نسير والثلوج تتساقط وكيف نذهب إلى هناك ؟
فقالا : لا عليك يقول خطوت معهما خطوات وإذا بنا جميعاً في منطقة السيّد عبد العظيم الحسني وإذا بالشيخ الكني أحد كبار علماء طهران ينتظرنا عند رأس الشارع قائلاً مرحباً بك يا الياس فمن الآن أنت اسمك عبد المهدي فكان هذا السبب لإعلان إسلامه.
حدّثني بها المرحوم حجة الإسلام الشيخ إسماعيل نمازي الخراساني المتوفى سنة 1426ه- ق فإنّه من أهالي خراسان وكان حمله دار ينقل الحجاج من خراسان إلى العتبات المقدّسة في العراق و من ثم ينقلهم إلى الحج عن طريق النجف الأشرف.
ففي إحدى السفرات يقول نقلت حملة الحجاج وعددهم ما يقارب أربعين نفر واستأجرت سيارتين من النجف إلى مكة والمدينة المنوّرة وأدينا فريضة الحج في مكّة ومن ثم ذهبنا لزيارة قبر الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فتهنا وضعنا في الطريق بين مكة والمدينة وضيّعنا الطريق الموصل إلى المدينة وأخذنا نذهب يميناً وشمالاً في الصحراء لأنه لم يكن في ذلك الوقت علامات والطريق غير مبلّط وغير معبد
ص: 41
حتى نفذ البانزين وقود السيارات فتوقفنا في ذلك الصحراء المجهول وبقينا أياماً نأكل ونشرب ما بقى لدينا ونفد الماء والأكل حتّى دبّ اليأس من البقاء والحياة في نفوسنا وعندها كلّ واحد منّا حفر حفيرة من الرمل أمامه فقبل أن يفاجأه الموت يرمى بنفسه في الحفيرة ولكنّي كنت أكثرهم اضطراباً لأنّي كنت أشعر بمسؤولية هؤلاء الحجاج فأخذت كتاب مفاتيح الجنان وكنت أدعو وأُناجي الإمام صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه) وأنا في استغراق من الدعاء والمناجاة مع الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإذا بي أسمع صوت رجل ينادي باسمي ياشيخ إسماعيل نمازي ماذا تريد منا ؟ فنظرت إليه وإذا برجل يلبس لباس العرب لم أعرفه ويقود ناقتين محمّلتين بالماء والطعام فلم التفت حينما ناداني باسمي وهو رجل عربي في الصحراء فقلت له : يا أخا العرب ضللنا الطريق ونفذت وقود السيارتين مع الماء والطعام فقال : أنا جئت بالماء والطعام لكم فأكلنا الطعام وشربنا من الماء الذي جاء به وزاد عندنا منه، فقلت له يا أخا العرب السيارتان نفذ وقودهما فقال : لسائقي السيارتين قوما وشغلا السيارتين فقاما بتشغيل السيارتين واشتغلت السيارتان وتحرّكنا فقلنا له جزاك اللّه خيراً الإكرام بالاتمام دلّنا على الطريق الذي يوصلنا للمدينة المنوّرة قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) سيروا خلف أدلّكم على طريق مستقيم يوصلكم إلى المدينة
ص: 42
المنوّرة وسار وسرنا خلفه ووصلنا إلى مفترق ثلاث طرق وقال سيروا مستقيماً على هذا الطريق فإنّكم تصلون إلى المدينة، فنزلت من السيارة أتشكّر منه وإذا به غاب عن أبصارنا فلم نره ولم نرى الناقتين اللتين كانتا معه فعندها علمنا أنه هو صاحب الأمر والزمان وأنه نطق باسمى ولم ألتفت فأخذنا نبكى بكاء شديداً وكان (رَحمهُ اللّه) يبكى وهو ينقل لنا هذه القصة (رَحمهُ اللّه).
المرحوم والدي سماحة السيّد محمّد رضا الحسيني القزويني (رَحمهُ اللّه) المتوفى سنة 1379 ه_ ق كان من العلماء الأتقياء وكان كثير العبادة والذكر إنّي سمعت منه مباشرة أنّه قال كنّا طلّاب ندرس في الحوزة العلمية في النجف الأشرف بمدرسة القوام.. وكانت ليالي الجمعة حرم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مغلق ولكن حرم الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء يفتح ليالي الجمعة إلى الصباح وكان المؤمنون يتعبدون فيه ويحز ذلك في نفوسنا إذ لم نتمكن من الذهاب إلى كربلاء في ليالي الجمعة حتّى نتعبّد في حرم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الصباح لأنّ أجور النقل من النجف إلى كربلاء مرتفعة جداً بحيث لم أتمكن من دفع أجورها، ففكّرنا أن نفاتح سادن حرم مرقد أمير المؤمنين المرحوم السيّد جواد
ص: 43
الكليدار فذهبنا إليه مع بعض المؤمنين وقلنا نرغب أن يفتح حرم أمير المؤمنين ليالي الجمع إلى الصباح حتّى نتعبد فيه، فقال لا مانع لدي إلّا أنّ هناك مشكلتين وعقبتين تمنعنا من ذلك أحدها مشكلة ماكنة كهرباء كانت ضعيفة لا تتحمّل إلى الصباح لأنها خاصة بالحرم وتفتح لمدة ساعتين فقط والثانية أنّ نوبة وشفت خدام الحرم تنتهي عند ساعتين بعد غروب الشمس فإنّهم لا يبقون إلى الصباح فقلنا له نحن مستعدين أن نوقد الشموع الكبيرة في شمعدان الحرم وكانت ذلك الوقت موجودة ومتوفّرة في الحرم فكلّما ينتهي وقود الشمعة نضع مكانها شمعة جديدة أخرى إلى الصباح ونلتزم بذلك وحلّ المشكلة الثانية أننا جميعاً نلتزم بحراسة الحرم من حين ذهاب خدمة الحرم إلى حين مجيئهم عند طلوع الفجر ونتحمّل كامل مسؤولية الحراسة فقبل الكليدار السادن للحرم بهذا الالتزام ففرحنا بذلك وكنا نتعبد في ليالي الجمعة إلى الصباح وقال المرحوم والدي كنت أُصلّي صلاة الليل في بعض ليالي الجمعة عند رأس مرقد الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإلى جنبي أحد أصدقائي من الطلاب وإذا بنا نشاهد ونرى نوراً غير طبيعي أضاء الحرم الشريف كله وإذا برجل عليه عمة خضراء جاء ووقف عند رأس الإمام وأخذ يزور جده أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بزيارة - أمين اللّه - مما جذب أنظارنا وأنظار الحاضرين
ص: 44
في المرقد الشريف الحسن قراءته ونور وجهه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأكملنا صلاتنا والتفت إلى من كان بجنبي جالساً قلت له إني أرى نور الحرم قد تغيّر نوره وزاد ضياءً وأكثر نوراً وأظنّ هذا السيّد هو الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال وأنا أرى ذلك فقمت مع صاحبي لنرى السيّد وإذا به قد غاب عنا فأخذنا نفتش يميناً وشمالاً علّنا نجد أثراً له وتكتحل أبصارنا بنوره و تزداد روحانيتنا لرؤيته.
الجواب:
الغريب من هؤلاء الذين ينكرون ولادة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حين أن أكثر الذين ألفوا فى الإمام المهدي المنتظر هم من علماء أهل السنّة وأنّ أكثر كتبهم ما يقارب 100/80 تصرّح وتذكر ولادته واسمه ورسمه وصفته ونلاحظ في هذه الكتب لاخواننا أهل السنّة ملاحظات عديدة :
أ - كلّ من ترجم الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الإمام الحسن العسكري هو أبو محمّد المهدي المنتظر الغائب بالسرداب كما يقوله المترجم
ب - وكلّ من ترجم الإمام المهدي المنتظر قال :
ص: 45
إنّه هو محمّد المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولد 15 شعبان سنة 255.
ج - قد وردت نصوص كثيرة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأئمّة من أهل البيت : تذكر ولادته واسمه واسم أبيه في كتب أهل السنّة والشيعة وذكر الإمام القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودّة ما نصّه :
صَلَّى عن عباية بن ربعي عن جابر قال قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):
أنا سَيِّدُ النَّبِيِّين، وَعَليَّ سَيِّدُ الوَصيِّين وإنَّ أوصيائي مِنْ بَعدي إثنا عشر أوَّلُهُم علي وآخِرُهم القائم المهدي (1).
وجاء في كتاب مقتضب الأثر بسنده عن جماعة كانوا عند علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكان إذا أقبل ابنه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
مرحباً يَابنَ رَسُول اللّه.
وإذا أقبل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
بأبي أنت وأُمّي يا أبا ابن خيرة الإماء.
فقيل له : يا أمير المؤمنين ما بالك تقول هذا للحسن وتقول هذا للحسين ؟ ومن هو ابن خيرة الإماء ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ):
ص: 46
ذاك الفقيدُ الطَّريد الشَّريد محمّد بن الحسن بن عَلي بنِ محمّد بن عَلي بن مُوسى بنِ جَعفَرِ بْنِ محمّد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَين هذا.
ووضع يده على رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذكر مثل ذلك صاحب كنز الفوائد ص 175 (1).
وجاء في كفاية الأثر عن حكيم بن جبير، عن علي بن زيد بن جذعان، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال :
يا عَلي أَنْتَ مِني بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَىٰ إِلَّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي تَقضي دَيني وَتُنْجِزُ عِداتي وَتُقاتل بعدي عَلَى التأويل كما قاتَلْت عَلَى التنزيل، يا عَلي حُبُّكَ إيمان وَبُغْضُك نِفاق، وَلَقَد نَبَّأني اللطيف الخبير أنَّهُ يخرج من صُلب الحُسين تِسْعَة مِنَ الأئمّة مَعصُومون مُطَهَّرُون، وَمِنْهُم مَهدي هذِهِ الأُمَّةِ الَّذِي يَقُوم بالدين في آخر الزمان كَما قُمْتُ في أَوَّلِه (2).
د - وإليك قائمة بأسماء بعض الكتب لعلماء أخواننا أهل السنّة والتي ذكرت اسم الإمام المهدي المنتظر واسم أبيه الحسن بن علي
ص: 47
العسكري واسم أمُّه نرجس وقصة زواجها من الإمام الحسن العسكري وتاريخ ولادته في 15 شعبان سنة 255ه والكتب التي أُلّفت وذكرت المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهي كما يلي :
1 - القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر المكي.
2 - فوائد الفكر فى ظهور المهدي المنتظر لمرعى بن يوسف الحنبلي.
3- لوامع الأنوار البهية للسفاريني.
4. التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح للقاضي محمّد بن علي الشوكاني.
5 - المسند للروياني.
6 - سرّ السلسلة العلوية لسهل بن عبداللّه البخاري.
7 - مفاتيح العلوم طبعة ليدن 1895م للخوارزمي.
8 - الأربعون حديثاً لأبي نعيم الأصفهاني
9 - تذكرة الخواص لابن الجوزي.
10 - الفتوحات المكية محي الدين بن عربي.
11 - أخبار البشر الملك المؤيّد أبي إسماعيل بن علي.
12 - الفصول المهمّة لابن الصباغ المالكي.
ص: 48
13 - الاتحاف بحبّ الأشراف للسبراوي الشافعي
14 - الأئمّة اثنى عشر لابن طولون الدمشقي.
15 - سبائك الذهب محمّد أمين السويدي.
16 - الأعلام للزركلى.
17 - الردّ على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي تأليف الشيخ عبد المحسن العباد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة.
إلى ما هنالك من الكتب الأخرى لأعلام أهل السنّة مما لا يسعنا ذكرها هنا مما يوجب الاطمئنان وإزالة الشبهات.
ه_ - بالاضافة إلى ما تقدّم هناك روايات كثيرة تعدّ بعشرات الروايات التي تصرّح بولادة المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابن الإمام الحسن العسكري ونحن هنا نقتصر على بعضها :
1- فقد جاء فى كتاب إثبات الهداة ما نصها :
حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال : حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري قال : حدثنا محمّد بن أحمد العلوي، عن أبي غانم الخادم قال : ولد لأبي محمّد ولد فسماه محمّداً وعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال : هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً
ص: 49
وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً (1).
2 - وجاء في كتاب كمال الدين ما نصه :
بسند صحيح : حدثنا المظفّر بن جعفر العلوي السمرقندي (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال : حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي، عن أبيه عن أحمد بن علي بن كلثوم، عن علي بن أحمد الرازي، عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال : سمعت أبا محمّد الحسن بن علي العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
الحَمْدُ للّه الَّذي لَم يَخرُجني منَ الدُّنيا حتّى أراني الخَلَف مِنْ بَعدي أَشْبَهُ الناس بِرَسُولِ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خَلقاً وخُلقاً، يَحْفَظُهُ اللّه تَبارَك وتَعالى في غَيْبَتِهِ، ثُمَّ يظهره اللّه فَيَملأ الأرضَ عَدْلاً وَقِسطاً كما مُلِئَت جُوراً وَظُلماً (2).
3 - وروى بسند صحيح أيضاً :
حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال : حدثنا محمّد بن يحيى العطّار قال : حدثنى جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري قال : حدّثني معاوية بن حكيم ومحمّد بن أيوب بن نوح ومحمّد بن عثمان
ص: 50
العمري (رضیَ اللّهُ عنهُ) قالوا : عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً فقال :
هذا إمامُكُم مِنْ بَعدي وخليفتي عَلَيكُم، أطيعوهُ وَلا تَتَفَرَّقُوا من بعدي في أديانِكُم فَتُهْلِكوا، أما إنَّكُم لا تَرَوْنَهُ بَعْدِ يَومِكُم هذا ! قالوا فَخَرَجْنا مِن عِنده فما مَضَت إلّا أيّام قلائل حتّى مَضى أبو محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1).
إلى ما هنالك عشرات الأحاديث الواردة في هذا الباب مما لا يسعنا ذكرها فى هذا الكرّاس.
والجواب على ذلك هناك فرضيات ثلاثة :
آ : الزواج أمر ممدوح ومندوب ومستحبّ والإمام المعصوم لا يمكنه أن يترك المندوب والمستحب.
ب : أن يتزوّج باسمه ورسمه ويعرف نفسه بأنه الإمام المهدي المنتظر من آل محمّد فإنّ هذه الفرضية مخالفة لفلسفة الغيبة وباعتباره الإمام الغائب المنتظر وعلى فرضية زواجه فإنّه لا يعرف نفسه.
ج : أن يتزوج ولا يعرف نفسه فهذا أمر لا يمكن لنا أن ننفيه أو
ص: 51
نثبته لأن الأخبار لم تذكر شيئاً عن ذلك لا نفياً ولا إثباتاً.
هناك بعض الناس من يشكّ فى بعض رواة الروايات الواردة والمتعلّق بالإمام المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أنّها ضعيفة كما يدعي ذلك أحمد الكاتب وعثمان خميس والشيخ عدنان عرعور السوري ؟
الجواب: العجيب من هؤلاء الذين يرون التشكيك في بعض الروايات فحين أنهم يأخذون بالمشكوك ويتركون اليقين ويأخذون بالنادر الضعيف ويتركون القوى المثبت ويرتبون الآثار عليها وينطلقون في ذلك من الحقد والكراهية لأنهم لا يحبّون أن تكون الروايات الكثيرة في حق أهل البيت فإنّهم يحاولون التشكيك فيها وذلك لهوى نفوسهم وعدم محبّتهم لأهل هذا البيت فلهذا يشككون بها وإن هؤلاء لا يمتون بصلة لأخواننا أهل السنّة لأنّ أهل السنّة يعترفون بهذه الروايات ويعتزون بمحبّتهم لأهل البيت : لأنه فرض من اللّه على المسلمين بقوله :
«وقُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (1).
وقد ألّفوا في ذلك كتباً كثيرة ولا سيما في الإمام المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري ولابد لنا من توضيح بعض النقاط حتّى
ص: 52
يتضح الأمر جليّاً وهي كما يلي :
1 - إنّ الإيمان بفكرة الإمام المهدي المنتظر هي من الوضوح والبداهة مما لا يشوبها التشكيك ولا غيرها من أنواع التضعيف لأنها من البديهيات المسلّم بها من قبيل أن يأتي رجل في وضوح النهار ويدعى أنه ليل فلا يؤخذ بقوله حتّى لو كان من الصادقين لأنه إنكار لبديهة من البديهيات.
2 - الأحاديث المروية عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على نوعين :
آ - النوع الأول : حديث مروي فقط عند أهل السنّة أو عند الشيعة فقط ولا يرويه غير طائفة معيّنة بذاتها
ب - النوع الثاني : حديث يرويه أهل السنّة والشيعة وهو متفق عليه عند الطرفين فيكون هذا الحديث أقوى وأوثق من الحديث الذي يرويه فريق واحد فيكون هذا المورد محل وثوق واطمئنان كالأحاديث المروية للإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3 - الأحاديث التي تروى للإمام المهدي المنتظر هي متواترة و مورد اتفاق ما بين المسلمين السنّة والشيعة بينما ادعاء أن بعض رواته غير ثقة فهذا القول بنفسه غير متواتر وهو ضعيف وشاد ونادر وهو لا يقوى أمام الحديث المتواتر فمثلاً حديث يرويه 100/80 وحدیث آخر يرويه 100/20 فهذا الثاني حديث ساقط عن
ص: 53
الاعتبار أمام الحديث الأوّل.
4 - العجيب من هؤلاء الأدعياء يدّعون وينحتون التشكيك في الروايات الواردة للإمام المهدي المنتظر في حين أنّهم يصدّقون الأحاديث الضعيفة والشادة وغير المتواترة.
ولكن هؤلاء مبناهم تضعيف الحديث القوي وتقوية الحديث الضعيف وذلك لهوى وحقد في نفوسهم وهذا هو بعيد عن البحث العلمي وأسلوبه.
5 - إنّ المشككين في الأحاديث الواردة في الإمام المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أمثال أحمد الكاتب وعثمان خميس والشيخ عرعور فإنّهم لا اطلاع لهم في علم الحديث وعلم الدراية والرواية ولو كان عندهم أقلّ اطلاع بعلم الدراية والرواية لما شدّوا فضعفوا الحديث القوي المتواتر وقوّوا الحديث الضعيف الشاذ النادر وعلى فرض أنّ أحد الرواة كما يقولون عنه أنه ضعيف في الرواية ولكن باعتبار أنّ الأُمّة اتفقت على صحة هذه الروايات المبشرة بالإمام المهدي المنتظر وعملت بها ففي علم الحديث والدراية والرواية يؤخذ بهذه الرواية ويعمل بها لأن اتفاق الأصحاب وإجماع الأُمّة على العمل بها يجبر ضعفها وكسرها - على فرض لو كان فيها ضعف ولكن المشكلة أنّ هؤلاء هم من الجهلة ولا علم لهم بمعرفة
ص: 54
قواعد علم الحديث والرواية القائل - إنّ الخبر الضعيف إذا عمل به الأصحاب أجبر ضعفه والتئم كسره - لأنّ الحديث المروي في الإمام المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من القضايا المسلم بها عند عامة المسلمين ولهذا عملوا به لأنه من البديهيات والخبر الذي يكون من البديهيات يؤخذ ويعمل به وذلك من قبيل لو أخبر رجل صادق مصدّق بأنّ فلان بن فلان قد مات ولكنّه هو حي يرزق يعيش ويعمل ليله ونهاره فلا يؤخذ بقوله ولا يصدّق لأنّه مخالف للأُمور البديهيات فكذلك القول بأنّ الإمام المهدي المنتظر هو ابن الإمام الحسن العسكري فإنّ الأحاديث المبشّر به من الأُمور البديهية المتواترة لا يمكن التشكيك بها لأنها من البديهيات التي اتفق عليها أهل السنّة والشيعة.
وقد ذكر علماء الشيعة وعلماء اخواننا أهل السنّة تواتر الأحاديث الواردة في الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأثبتوها في كتبهم وأقوالهم وهي من الكثرة بدرجة يصعب على هذه الوريقات جمعها واستيعابها لأنّ هناك العشرات بل المئات من العلماء والكتب التي
ص: 55
ذکرت تواترها من علماء الشيعة وأهل السنّة ونحن نذكر بعض علماء اخواننا أهل السنّة الذين أكدوا على تواتر الأحاديث الواردة في الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على سبيل المثال لا الحصر:
1 - الحافظ أبو الحسن محمّد بن الحسين الأبري السجزي المتوفى 363ھ صاحب كتاب مناقب الشافعي.
2 - محمّد البرزنجي المتوفّى 1103ه_ في كتابه الاشاعة لأشراط الساعة.
3 - الشيخ محمّد السفاريني المتوفّى 1188 ه_ في كتابه لوامع الأنوار البهية.
4 - القاضي محمّد بن علي الشوكاني المتوفى 1250ه_ في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح.
5 - الشيخ صديق حسن القنوجي المتوفى 1307ه_ في كتابه الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة.
6 - الشيخ محمّد جعفر الكتاني المتوفّى 1345 ه_ في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر.
7 - وذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب ما نصه: في سنة ستين ومائتين قبض أبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن
ص: 56
موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أي الإمام الحادي عشر - في خلافة المعتمد وهو ابن تسع وعشرين وهو أبو المهدي المنتظر والإمام الثاني عشر عند القطعية من الإمامية وهم جمهور الشيعة (1).
مع العلم ان المسعودي توفي في سنة 346 والغيبة الكبرى كانت فى سنة 329 وكان قد وقعت في حياته.
وروي الشيخ الصدوق بسنده عن شاعر أهل البيت السيّد الحميري قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد، يا بن رسول اللّه قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
إِنَّ الغيبةَ سَتَقَع بالسادِسِ مِنْ وُلدي وَهُوَ الثاني عَشَر مِنَ الأئمّة الهداة بَعْدَ رَسُول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخِرُهُم القائم بِالحَق بَقِيةَ اللّه فِي أَرْضِهِ، وَصاحِبُ الزمان واللّه لَوْ بَقِيَ فِي غَيْبَتِهِ مَا بَقِيَ نُوحٍ فِي قَوْمِهِ لَمْ يخرج مِنَ الدنيا حتّى يَظهَر فَيَملأ الأرضَ قِسطاً وَعَدلاً (2).
ص: 57
ومن أراد التوسعة في هذا الباب فليراجع (1).
ص: 58
في الآونة الأخيرة قام أعداء الإسلام في الخارج والداخل بتخطيط عميق وذكي من أجل شق الصف الإسلامي وذلك باختلاق فرق وعقائد لا ترتبط بالإسلام بأي صلة ومن قبل أناس جهلة لا علم لهم ولا دين وهذا العمل الخطير المخطط له من قبل الأعداء حصل بعد قيام الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) ونجاح ثورته، فهم أخذوا يخطّطون لتشتيت قوّة هذه المرجعية وقدسيتها في النفوس لأنّ الأعداء حصل لديهم القناعة بعد نجاح السيّد الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) بثورته بأنّ هذه المرجعية تستطيع أن تسقط دولة وتقيم دولة مكانها.
ففكّروا كيف أن يفتنوا ويمزقوا هذه المرجعية وقدسيتها في النفوس فأخذوا يخططون لذلك بعمليات متعدّدة وآليات وخطوات تالية :
أولاً : إيجاد أدعياء للمرجعية لا تتوفّر فيهم شرائطها من علم وعدالة وتقوى ولهذا نرى كثيراً من هؤلاء الأدعياء تصدّروا وادعوا أهليتهم لهذا المنصب وهم غير كفوئين لها حتّى يضعفوا قدسية
ص: 59
المرجعية ويقلّلوا من تأثيرها في النفوس.
ثانياً : تصفية رجال العلم والفضيلة ممن لهم أهلية المرجعية وأساتذة الحوزة ورموزها من أمثال :
المرجع الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سِرُّه).
الشهيد الشيخ محمّد تقی الجواهري (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد مرتضى الخلخالي (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد رضا الخلخالي (قدّس سِرُّه).
السادة آل بحر العلوم السيّد علاء والسيّد عزّ الدين وغيرهما.
المرجع الشهيد الشيخ علي الغروي (قدّس سِرُّه).
الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سِرُّه).
الشهيد الشيخ علي أصغر الأحمدي (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد محمّد الصدر (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم (قدّس سِرُّه)وبقية السادة العلماء من أسرته :
وغيرهم من رجال العلم والمعرفة وقد رأينا من قبل اضطهاد المراجع الكبار كالمرحوم السيّد محسن الحكيم (قدّس سِرُّه) والمرحوم السيّد أبو القاسم الخوئي (قدّس سِرُّه) وكلّ ذلك من أجل افراغ الحوزة من رجالاتها وأساتذتها حتّى يخلو الجو لأدعياء هذا المنصب ويمهدوا لهم الطريق.
ص: 60
ثالثاً : إيجاد الشرخ والاختلافات داخل الوسط الإسلامي والمذهبي بمسميات دينية مختلفة لتمزيق الأُمّة وتشتيتها من قبيل إيجاد التفرقة داخل المذهب الواحد وبذور روح الاختلاف والتفرقة بادعاءات واهية لا أساس لها من قبل أناس موهومين ومشبوهين ويدعون لأنفسهم مناصب دينية ومقامات روحانية تعادي المرجعية الواقعية وذلك من أجل تمزيق قدسيتها وتقليل تأثيرها في الوسط الديني والمذهبي لأنّ هدفهم الأساسي تمزيق قدسية هذه المرجعية في نفوس الناس نتيجة إدعاءاتهم الوهمية التي لا أساس لها من الواقعية ولا نصيب لها من الدين والمذهب، فدعواهم هذه واهية لأنها لم تلتجأ إلى ركن وثيق لأنهم أصحاب شبهات باطلة ورايات مضلّلة.
رابعاً : انتحال صفة المذهبية للتشويه كثر في هذه الأيام أدعياء بعض المعتقدات المذهبية واستعمال بعض المصطلحات الدينية والمسلميات الإسلامية وذلك من أجل التشويه والتشكيك بالإسلام ورموزه الدينية الثابتة وإظهار الإسلام وبعض معتقداته بشكل يشوه سمعته ويقلّل هيبته في النفوس حتّى يتسنّى لأعداء الإسلام فرض نظرياتهم على الأمّة.
وهذه الفترة التي نعيشها هي من أصعب الفترات الزمنية
ص: 61
الخطيرة وذلك لخطورة متبنياتها وأطروحاتها.
خامساً : إنّ أدعياء وأصحاب هذه الدعوات المضلة هم من أصحاب الأحزاب السياسية المعروفة بالساحة والفاشلة مثل حزب صدّام التكريتي المنهار وذلك حينما وقفوا في وجه الثورة التي قام بها الإمام الخميني وإقبال الناس عليها بشكل منقطع النظير، فخطّطوا لأعمال إرهابية وأفكار جهنّمية باسم الإسلام والمذهب حتّى يشوهوا سمعة الإسلام والمذهب أوّلاً وثانياً أن يمزّقوا وحدة وحدة الأُمة والمذهب وثالثاً أن يقللوا من شأن المرجعية الدينية وتأثيرها في الوسط الاجتماعي فأدعياء هذه المصطلحات ليسوا بإسلاميين ولا ارتباط لهم بالدين وإنما تلبسوا بهذه المصطلحات الدينية حتّى يشوهوا الوعي الإسلامي بارتكابهم الأعمال الإرهابية لتشويه المد الإسلامي والمذهبي حتّى يتسنّى لهم الاستمرار بالحكم واللعب بالسياسة.
فعلى المؤمنين الغيارى أن يتنتهوا إلى هذه المؤامرة وهذه اللعبة ويقفوا سداً منيعاً كالبنيان المرصوص أمام هذه الادعاءات
والمسمّيات المشبوهة ويرجعوا هذه المعتقدات إلى المراجع العظام
ص: 62
والعلماء الأعلام وعلى رأسهم الإمام السيّد السيستاني باعتبارهم النوّاب الحقيقيين للإمام المهدي المنتظر بالنيابة العامة حتّى ينجوا من هذه الانحرافات لأنّ المرجعية الدينية على مختلف القرون والعصور هي العاصم من الانحرافات الزمنية التي تحدث هنا وهناك.
وأخيراً إلى أنصح اخواني من رجال العلم والفضيلة بما يلي :
1 - أن لا يتسرعوا بترشيح أنفسهم لهذا المنصب حتّى لو كانوا يجدون في أنفسهم الأهلية له وبها يسدّوا الثغرة التي يدخل منها من ليس له أهلية ذلك.
2 - المرجعية هي منصب إلهي ووظيفة دينية واللّه سبحانه وتعالى يمنحه للخواص من عباده المجتهدين وهي تأتى لصاحبها ومرادها وتطرق عليه الباب فيكون ملزماً شرعياً لأداء وظيفتها والتصدّي لها كما حدث لسيدنا المرجع الديني الكبير السيّد السيستاني حفظه اللّه حينما توفي المرجع الأعلى المرحوم السيّد الخوئي (قدّس سِرُّه) فإنّه لم يكن لديه رسالة عملية ولم يهيئ نفسه لذلك حتّى اُلزم شرعياً بذلك فعندها تصدّى هذا المنصب وكذلك فعل كثير من المراجع العظام في النجف الأشرف ومدينة قم المقدّسة حفظهم اللّه جميعاً من أمثال المرجع الديني أستاذ الحوزة العلمية في قم آية اللّه الشيخ وحيد الخراساني حفظه اللّه.
ص: 63
كما أنّ المرجعية الدينية لا تخضع للظروف القومية والإقليمية لأنها تمثل الإسلام وهو لجميع البشر فلهذا المراجع في قديم الزمان وحاضره يمثّلون مختلف القوميات والجنسيات فالشيخ المفيد (قدّس سِرُّه) والسيد الحكيم (قدّس سِرُّه) فهما عربيان أو التركي كالسيد الخوئي (قدّس سِرُّه) وإن كان أصله عربي أو الايراني كالسيد السيستاني وإن كان أصله عربي لأنه من ذرية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو الشيخ الكركي (قدّس سِرُّه) فإنّه لبناني الجنسية لأنّ المرجعية لكلّ المسلمين وهم من مختلف البلدان والقوميات، وكلّ من توفّرت وانحصرت فيه شرائط المرجعية فإنّه مرشح لهذا المنصب وإن كان البعض يحاولون أن يوجدوا ويؤججوا النعرات القومية والإقليمية لهذا المنصب ولكن رأيهم هذا لا يمثل الإسلام وليس له أي صلة به وإنّما يمثل رأيه الشخصي الذي ينطلق من عنصريته وهو مخالف للإيمان والتقوى.
3 - إنّ هذا الموقف هو الموقف الإلهي المطلوب وعليه سيرة علمائنا الأعلام وسيرة كبار المجتهدين الذين لهم الأهلية الكاملة لهذا المنصب ومع هذا فهم يتحاشون من ذلك لأنّ ارتباطهم باللّه كان قوياً وهم يخشونه في السرّ والعلانية ويبتعدون من سلبيات هذا المنصب ولهذا فهم يبتعدون من تحمّل هذه المسؤولية لئلا يطول وقوفهم يوم القيامة وقد شاهدت وعاصرت نماذج كثيرة من هذه الذوات المؤمنة
ص: 64
الصالحة مع أنّهم كانوا من أساطين العلم والمعرفة وأذكر هنا نماذج منهم على سبيل المثال لا الحصر:
آ - ستاذنا المجتهد الكبير المرحوم الشيخ محمّد رضا المظفّر (قدّس سِرُّه) كان من أساطين العلم وكبار المجتهدين وتدلّ على ذلك مؤلّفاته القيمة فى الفقه والأصول والمنطق والفلسفة فهو أستاذ جيل من أهل العلم والمعرفة ولكنّى ما سمعت عنه في يوم من الأيام أنه ادعى هذا المنصب أو سعى إليه وهو أهل ومحل لذلك.
ب - أستاذنا الفقيه الكبير والمجتهد القدير المرحوم الشيخ محمّد تقي الايرواني (قدّس سِرُّه) كان من فحول العلماء الاجلاء وكان شعلة من التدقيق والتحقيق ومع كلّ هذا ما سمعته في يوم من الأيام أنه ادّعى أو يدّعي هذا المنصب أو يرغب في طبع رسالته العملية في انه حين أهل ومحلّ لهذا المنصب.
ج - أُستاذنا العظيم والمجتهد الكبير المحقق المبدع المرجع الشهيد المرحوم السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سِرُّه) فإنّه من أساطين العلم وأساتذته وكان على عظيم شأنه وعلو مكانته العلمية وإقبال الناس إليه فإنّه بعد وفاة المرحوم المرجع الأعلى السيّد محسن الحكيم (قدّس سِرُّه) وقد رجع إليه في التقليد كثير من البلدان وكان المرحوم الحجّة السيّد مير محمّد القزويني وهو من كبار علماء البصرة قد أرجع إليه في التقليد فبعث
ص: 65
المرجع الشهيد الصدر خلفي وطلب مني أن أسافر إلى البصرة وأجتمع بالسيّد مير محمّد القزويني وأقنعه بالرجوع عن تقليد السيّد الصدر وذلك لسببين كما وضحهما وبينهما الشهيد الصدر (قدّس سِرُّه):
1 - السبب الأول : إنه تلميذ للسيد الخوئي (قدّس سِرُّه) ولا يحب أن يكون في عرض مرجعيته وفاءً واحتراماً لأستاذيته
2 - السبب الثاني: أن لا تتمزّق الأُمة في تقليدها لأن الاختلاف فى التقليد يذهب بهيبة المرجعية وقدسيتها وكان الشهيد الصدر يصرّح بهذين السببين أمام تلاميذه ويطلب منهم عدم ترشيحه للتقليد.
ولكن المجرم صدام وحزبه اشتدّ في محاصرته للشهيد الصدر ومراقبته وأراد عدّة مرّات اعتقاله وسجنه مما دعى خاله الحجة المجتهد الكبير المرحوم الشيخ مرتضى آل ياسين (قدّس سِرُّه) أن يطلب من الشهيد الصدر أن يطبع رسالته العملية حتّى يكون في حصانة ومأمن وتصونه من الاعتقال أو القتل لأنه (قدّس سِرُّه) كان يتصوّر أن مرجع التقليد يكون في صيانة من القتل ولهذا ألزمه وحكم عليه بوجوب طبع رسالته.
وهناك العشرات من هذه النماذج الطيبة من أمثال المرحوم السيّد يوسف الحكيم (قدّس سِرُّه)وهو من كبار العلماء والمرحوم شيخ العلماء
ص: 66
الشيخ حسين الحلي (قدّس سِرُّه).
والمجتهد الورع التقى السيّد علي البهشتي (قدّس سِرُّه).
والمجتهد المقدس السيّد عبد الكريم على خان المدني (قدّس سِرُّه).
والشيخ المجتهد الورع أستاذ الحوزة المرحوم الشيخ مجتبى اللنكراني.
ونظائرهم من المجتهدين الكبار فإنّهم جميعاً أبوا أن يرشّحوا أنفسهم للتقليد مع أنّهم لا يشك في اجتهادهم و تقواهم إلا أنّهم فضلوا ورجّحوا المصلحة العليا للمرجعية على مصلحتهم وأهوائهم لأنّ حفظ المرجعية وإقبال الأُمّة عليها في التقليد يحفظ هيبتها ويصون حرمتها لأنّ هؤلاء :
«رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّه» (1).
فهذه سيرة علمائنا الأعلام الذين عاصرناهم وعشنا معهم فترة زمنية ما يقارب نصف قرن فلم أرى فيهم إلا التقوى صائنين لأنفسهم من الهوى وطائعين للأوامر الالهيّة كما جاء في الأثر عن الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما نصه :
مَنْ كانَ مِنَ الفُقهاء صائِناً لِنَفْسِه حافِظاً لدينِه مُخالِفاً لِهَواه مُطيعاً لأمْرِ مولاهُ فَعَلَى العوامِ أن يُقَلِّدُوه وَذَلِكَ لَا يَكونُ إِلَّا لِبَعْضٍ فُقَهَاء
ص: 67
الشيعة لا جَميعهم (1).
وأخيراً أطلب من أُخواني المؤمنين وأهل الفضل والكمال أن يرجعوا هذه الأمور الدينية إلى المراجع العظام المشهورين والمعروفين عند أهل الفضل والعلم، من قبيل ادعاء التقليد ورؤية الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى نوابه وهم الفقهاء الأتقياء وبذلك تدفع المفسدة وكما قيل دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، حتّى تكون كلمة اللّه هي العليا وكلمة الأعداء هي السفلى.
وبهذا نحفظ وحدة المرجعية ونصون هيبتها.
ص: 68
واستجابة اللّه ولرسوله نحن نعاهد هذا الإمام أن نسير على دربه ونهجه الإسلامي وتعاليمه وندعو له بهذا الدعاء والعهد :
اللّهمَّ بَلِّغْ مَوْلايَ صَاحِبَ الزَّمانِ صَلَوَاتُ اللّه عَلَيْهِ، عَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِها وَبَرَّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَيْهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَعَنْ وَالِدَيَّ وَوُلدي، وَعَنّي مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالتَّحِيَّاتِ زِنَةَ عَرْشِ اللّه وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَمُنْتَهى رِضَاهُ، وَعَدَدَ مَا أَحْصَاهُ كِتَابُهُ وَأَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ، اللّهمَّ إِنِّي أَجَدِّدُ لَهُ في هَذَا الْيَوْمِ وَفي كُلِّ يَوْمٍ، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً فِي رَقَبَتي، اللّهمَّ كَمَا شَرَّفْتَني بِهَذَا التَّشْرِيفِ، وَفَضَّلْتَني بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ، وَخَصَصْتَني بِهَذِهِ
ص: 69
النِّعْمَةِ، فَصَلِّ عَلَى مَوْلايَ وَسَيِّدِي صَاحِبِ الزَّمَانِ، وَاجْعَلْني مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَشْيَاعِهِ وَالذَّابَينَ عَنْهُ، وَاجْعَلْني مِنَ الْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهِ فِي الصَّفِّ الَّذي نَعَتَ أَهْلَهُ فِي كِتَابِكَ، فَقُلْتَ صَفَا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصوصٌ عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسولِكَ وَآلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، اللّهمَّ هَذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ فِي عُنُقِي إِلَى يَوْمِ القِيْامَةِ.
ص: 70
1 - القرآن الكريم
2 - نهج البلاغة
3 - تفسير الميزان
4 - كتاب الردّ على من كذب بالأحاديث الواردة في المهدي الشيخ عبد المحسن العبّاد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة.
5 - صحيح أبي داود، طبع المطبعة النازية
6 - مسند ابن حنبل
7 - المهدي الموعود عند أهل السنّة والإمامية، الشيخ نجم الدين العسكري
8 - العرف الوردي للسيوطي
9 - كتاب القول المختصر فى علامات المهدي المنتظر، أحمد بن حجر الهيثمي المكّي
10 - المعجم الموضوعي لأحاديث المهدي
ص: 71
11 -كمال الدين
12 - بحار الأنوار
13 - اصول الكافي
14 - ينابيع المودة، القندوزي الحنفى
15 - لوامع البهية السفاريني
16 - إثبات الهداة
17 - تبصرة الولي
18 - كفاية الأثر
19 مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمى (قدّس سِرُّه)
ص: 72
1 - الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
2 - الصوم بحث ودراسة
3 - على ومواقفه البطولية
4 - علي ومدرسته الحربية
5 - مدرسة علم الأخلاق النظري
6 - الشركة في الفقه الإسلامي
7- كتاب الأسئلة والأجوبة الإسلامية صدر منها حتّى الآن سبعة أعداد
8 - واقعة بدر الكبرى
9 - نظرية النبوة والإمامة والخلافة في الإسلام
10 - الصلاة واجباتها وأحكامها
11 - أحكام المسافر في الشريعة الإسلامية
12 - مفاهيمنا
13 - مفهوم الشعائر الحسينية
ص: 73
14 - تاريخ المدارس الأخلاقية قديماً وحديثاً
15 - التشيع هو النبع الصافي للإسلام
16 - التشريع الإسلامي وتطوّر الزمن 17 - أوهام أحمد الكاتب وأساطيره
18 - خرافات عثمان خميس وأوهامه
19 - ثلاث مناظرات فى مكة المكرمة والمدينة المنورة
20 - التشيّع هو المذهب الرسمي للإسلام بالنص القرآني والنبوي
21 - النصائح الوافية لأتباع الوهابية والسلفية
22 - الإيمان بالإمام المهدي فريضة إسلامية بالنص القرآني والنبوي
23 - لماذا الاختلاف بين المذاهب الاسلامية مع وضوح النص القرآني والنبوي
ص: 74
دعاء الفرج...4
بين يديك...5
تمهيد...6
فكرة الإيمان بالإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكرة إسلاميّة...6
شبهة الشيخ عدنان عرعور وجوابها...6
الايمان بالامام المهدي المنتظر عند علماء أهل السنّة...7
نظرية الامام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)...11
لماذا نؤمن بفكرة الإمام المهدي المنتظر ؟...13
الفرق بين الفكرة الاسلامية والفكرة المذهبية...13
ص: 75
الآيات القرآنيّة الدالّة على فكرة المصلح المنتظر....14
فكرة الامام المهدي هي تصحيح لنشأة الخلقة الالهيّة...16
فكرة الامام المهدي هي تحقيق للوعد الإلهي...18
الفرق بين النصر الدائم والنصر الموقت...20
النبي يؤكّد تحقيق الوعد الإلهي بظهور المهدي المنتظر...21
تحقق الارادة الالهيّة بظهور المهدي المنتظر...21
تعيين اسم المهدي المنتظر وابن من ؟...31
س 1 : هل يمكن تحديد وقت ظهور الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟...35
س :2 : هل يمكن رؤية الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟...37
الرؤية المباشرة لا يمكن رؤيته بهذا الشكل لأسباب...38
النواب الأربعة في زمن الغيبة الصغرى...38
1 - رؤية إلياس المسيحي وسبب إسلامه...39
2 - رؤية الشيخ إسماعيل نمازي في طريق مكة والمدينة...41
3 - رؤية المرحوم والدي في حرم الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...43
ص: 76
س :3 هل ولد الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) أم لا ؟...45
النصوص على ذلك على ذلك...46
كتب أهل السنّة في المهدي المنتظر...47
س 4 : هل إنّ الإمام متزوّج أم لا ؟...51
المشككون في الروايات مبناهم يضعفون القوي ويقوون الضعيف...54
علماء أهل السنّة يقولون بالتواتر...55
إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه...59
الأعداء يقومون بتمزيق المرجعية بالخطوات التالية...59
1 - ايجاد أدعياء للمرجعية لا تتوفّر فيهم شرائطها...59
2 - تصفية رجال العلم والفضيلة...60
3 - ايجاد الاختلافات داخل الوسط الاسلامي والمذهبي...61
4 - انتحال صفة المذهبية للتشويه....61
5 - أدعياء وأصحاب الدعوات المضلة هم ليسوا باسلاميين...62
نتائج هذا البحث...62
المرجعية والمراجع هم نواب الامام المهدي المنتظر...62
ص: 77
دعاء العهد...69
ثبت المصادر...71
كتب المؤلّف...73
محتويات الكتاب...75
ص: 78
يوزّع هذا الكتاب مجاناً وثوابه على روح المرحوم الحاج محمّد جواد طالب وزوجته المرحومة ورحم اللّه من قرأ لهما سورة الفاتحة
ص: 79