سرشناسه : طباطبائی حکیم محمد سعید، 1935- م
عنوان و نام پديدآور : حواریات فقهیه وفق فتاوی محمدسعید الطباطبایی الحکیم [مصحح عبدالهادی محمدتقی حکیم
مشخصات نشر : [قم : عبدالهادی حکیم 1418ق = 1997م = 1376.
مشخصات ظاهری : 381 ص :نمونه
يادداشت : عربی
يادداشت : چاپ هفتم 1420ق = 1999م = 1378
يادداشت : چاپ نهم:1420ق.=[1378].
يادداشت : چاپ دهم 1382
موضوع : فتوا های شیعه -- قرن 14
موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه
شناسه افزوده : حکیم عبدالهادی محمدتقی مصحح
رده بندی کنگره : BP183/9 /ط15ح 9 1376
رده بندی دیویی : 297/3422
شماره کتابشناسی ملی : م 77-3743
بوله عاشق قديم لم يندمل بعد جرح عشقه، و بحرقة مولع متيم عاد لتوه من نعمى لقاء باذخ، راح ابي يقص عليّ ذكريات حجته الاولى، و في عينيه فتور مستثار، و على لسانه خدر ناعم، و فوق فمه ابتسامه مشربة بحب تحاول ان تفصح عن نفسها، فيمنعها- كما يبدو- حياء مهيب و وقار و جلال بهي.
قلت لأبي- و قد استثارتني حالته تلك-: أراك تتحدث عن حجتك الاولى كما يتحدث مغرم عن سعادة وصاله الأول.
قال- و قد تهدج صوته و تكسر و هو يخاطبني-: و انا استعيد معك الآن شريط ذكريات ذلك الشوط الممتع، استرجع بشوق رافق دف ء و عذوبة و نشوة، ذلك الهوى الممض المبرح المغروس في القلب. أ لم تقرأ قوله تعالى وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً، و قوله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السّلام رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ.
و ها هو ذا فؤادي يهفو ثانية الآن كما هفا أول مرة لذلك البيت
الطاهر في الوادي المقفر، المسكون بجلال الوحي، الخصيب بالنور
حواريات فقهية، ص: 171
و الطيب و العشق الخالص و الجمال و المحبة.
قال ابي ذلك، ثم أطرق اطراقة خفيفة و انشد بصوت خفيض مناجيا نفسه:
أيا مهجتي وادي الحبيب محمد خصيب الهوى و الزرع غير خصيب هنا الكعبة الزهراء و الوحي و الشذا هنا النور، فافني في هواه و ذوبي و يا مهجتي بين الحطيم و زمزم تركت دموعي شافعا لذنوبي لثمت الثرى سبعا و كحلت مقلتي بحسن كأسرار السماء مهيب و في الكعبة الزهراء زينت لوعتي و ذهّب أبواب السماء نحيبي ثم رفع رأسه و خاطبني قائلًا: هكذا تعلق قلبي بالحجة الاولى، و ما ان يحل موسم ذلك باللقاء السنوي حتى احن له، و قد كنت دعوت ربي هناك ان يرزقني سعادة الحج ثانية و ثالثة و رابعة.
و قاطعت ابي باستغراب.
- أو يجب ان يحج حجة أولى ثم ثانية، و ثالثة، و رابعة؟
- كلا، بل يجب عليك ان تحج مرة واحدة بعد استطاعتك، قال اللّه سبحانه و تعالى في كتابه المجيد وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.
حواريات فقهية، ص: 172
أما الحجة الثانية و الثالثة و الرابعة فهي من المستحبات.
- قصّ عليّ إذن قصة حجتك الاولى تلك التي ولعت بها.
- بعد ان وصلت (الجحفة) و هي مكان من عدة أماكن حددتها الشريعة الإسلامية للإحرام و أسمتها المواقيت، بعد ان وصلتها و نويت الإحرام للحج خلعت ملابسي و لبست ثوبي الإحرام، و هما قميص و إزار أبيضان، ثم لبيت فقلت بلغة عربية صحيحة: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك).
و ما ان قلت: (لبيك)
حتى ارتعدت مفاصلي، فقد تملكتني حالة من الرهبة و الخشوع لم اعهدهما في نفسي من قبل، فتذكرت حينها ما كان يعتري امامك عليه السّلام من رهبة و اصفرار لون و تعثر لسان و تلكؤ ساعة التلبية خشية من اللّه عزّ و جل و فرقا منه.
و مذ أحرمت فقد وجب عليّ أن اترك مجامعة النساء و تقبيلهن، و استعمال الطيب، و النظر في المرآة للزينة، و لبس المخيط (للرجال) و الجورب (للرجال) و ستر الرأس (للرجال)، و غيرها مما نصت عليه كتب الفقه.
- و بعد أن أحرمت؟
- بعد ان أحرمت توجهت إلى مكة المكرمة و انا متطهر، لأطوف حول البيت العتيق أشواطا سبعة مبتدئا بالحجر الاسود و مختتما به، مصليا بعد فراغي من الطواف ركعتين كصلاة الصبح خلف مقام إبراهيم عليه السّلام.
حواريات فقهية، ص: 173
بعد ذلك توجهت للسعي بين الصفا و المروة أشواطا سبعة كذلك مبتدئا بالصفا و مختتما بالمروة.
و لما أتممت شوطي السابع بالمروة قصّرت فقصصت شيئا من شعر رأسي و بالتقصير أتممت عمرة الحج، و تحللت من إحرامي منتظرا حلول اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) لأحرم من مكة نفسها مرة أخرى، و لكن الإحرام للحج هذه المرة لا للعمرة.
و ما ان حل اليوم الثامن حتى لبست مئزري و قميصي ثانية، و نويت لإحرام الحج، و لبيت، ثم توجهت ل (عرفات) بسيارة مكشوفة حيث يجب عليّ ان أقف و أكون هناك، بدءا من أول ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلى غروب الشمس.
و لما غربت شمس اليوم التاسع و انا بعرفات، توجهت إلى (المزدلفة) فبت فيها ليلة العاشر من ذي الحجة، إلى طلوع الفجر [حيث يجب عليّ أن أكون في المزدلفة من منتصف
ليلة العاشر إلى ما بعد الفجر بحيث يتضح الضياء حتى يرى الإنسان طريقه عند السير].
و حين طلعت شمس اليوم العاشر أفضت من المزدلفة إلى (منى) و معي حصيات التقطتها من المزدلفة، حيث تنتظرني ثلاثة واجبات يوم ذاك، عليّ ان أؤديها و هي:
1- رمي جمرة العقبة بسبع حصيات واحدة تلو الأخرى.
2- النحر أو ذبح الحيوان بمنى.
3- الحلق و يجب إلقاء الشّعر بمنى، و الأولى أن يكون الحلق بمنى أيضا.
حواريات فقهية، ص: 174
و حين أتممتها و حلقت تحللت من إحرامي، فتوجهت ثانية إلى مكة لأطوف طواف الحج، و أصلي صلاة الطواف، و أسعى بين الصفا و المروة، كما طفت و صليت و سعيت أول وصولي إلى مكة. و لما أتممتها طفت طواف النساء، و صليت صلاة الطواف، ثم عدت بعد ذلك كله إلى منى حيث يجب عليّ ان أبيت هناك ليلة الحادي عشر و ليلة الثاني عشر، و أبقى بمنى حتى ما بعد ظهر اليوم الثاني عشر. رميت خلال هذه الفترة الجمرات الثلاث- كل منها بسبع حصيات- الجمرة (الاولى) و (الوسطى) و (العقبة) بالترتيب في اليوم الحادي عشر، ثم عدت فرميتها ثانية في اليوم الثاني عشر كما رميتها سابقا.
و لما حل ظهر اليوم الثاني عشر و تجاوز و انا بمنى، غادرتها و قد انتهيت من كل واجبات الحج.
و رغم الزحام الشديد و الشمس اللاهبة و الرمل الحارق، و رغم اني أجهدت نفسي- كما هو المفروض- لأتاكد تماما من اني واقف بعرفات لا خارجها، و اني بالمزدلفة لا خارجها، و اني بمنى لا خارجها.
رغم ذلك كله فقد كان الحج موسما خصبا للتفرد باللّه عز و جل و التقرب اليه و التعلق به و الوقوف بين يديه و التلذذ
بمناجاته ليل نهار.
بعد ذلك غادرت مكة المكرمة و كلّي شوق لها، و أسف ممض على فراقها، مسافرا للمدينة المنورة حيث تشرفت بزيارة قبر النبي الكريم محمد صلّى اللّه عليه و آله، و قبر الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السّلام و قبور أئمة البقيع الإمام الحسن عليه السّلام و الإمام علي بن الحسين عليه السّلام و الإمام محمد الباقر عليه السّلام و الإمام جعفر الصادق عليه السّلام و كذلك زيارة المساجد
حواريات فقهية، ص: 175
و المشاهد المشرّفة، و منها مرقد حمزة بن عبد المطلب و شهداء أحد.
قفلت بعدها راجعا إلى بلدي.
هذه باختصار قصة حجتي الاولى أوجزتها لك الآن، و حين تملك مالا (تستطيع) به الحج و تطهره بإخراج زكاته و خمسه إذا كان قد تعلق به خمس أو زكاة، حينئذ سأشرح لك بالتفصيل كل خطوة تخطوها هناك.
وفّقك اللّه لزيارة بيته الحرام و نفع بك هناك انه قريب مجيب.
- قبل ان تنهى حواريتنا هذه يا أبتا أحب ان أسألك عن (تطهير الأموال) بإخراج زكاتها و خمسها تلك التي ذكرتها في حديثك.
- ليس الآن- فالحديث عن الزكاة و الخمس يطول، و سنفرد لكل منهما حوارية خاصة بها، ان شاء اللّه.
- ستحدثني عن الزكاة إذن في حواريتنا القادمة، و بعدها عن الخمس.
- ان شاء اللّه تعالى.
- ان شاء اللّه.