التعليقات على العروة الوثقى (الحج)

اشارة

نام كتاب:التعليقات على العروة الوثقى

نويسنده :محمد الفاضل اللنكراني

ناشر : محمد الفاضل اللنكراني

موضوع:الفقه الفتوائي

زبان:عربي

تعداد جلد:1

[كتاب الحجّ

اشارة

بسم اللَّه الرحمن الرحيم كتاب الحجّ فضله و ثوابه

[فصل في فضل الحجّ

[فصل في فضل الحجّ الذي هو أحد أركان الدين و من أوكد فرائض المسلمين، قال اللَّه تعالى وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 3/ 97]. غير خفيّ على الناقد البصير ما في الآية الشريفة من فنون التأكيد، و ضروب الحثّ و التشديد، و لا سيّما ما عرّض به تاركه؛ من لزوم كفره و إعراضه عنه بقوله عزّ شأنه وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [آل عمران: 3/ 97]. و عن الصادق (عليه السّلام) في قوله عزّ من قائل وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا [الإسراء: 17/ 72] قال: «ذلك الذي يسوّف نفسه الحجّ؛ يعني حجّة الإسلام حتّى يأتيه الموت، و عنه (عليه السّلام): «من مات و هو صحيح موسر لم يحجّ فهو ممّن قال اللَّه تعالى وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى [طه: 20/ 124]، و عنه (عليه السّلام): «من مات و لم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 206

يحجّ حجّة الإسلام؛ لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً». و في آخر: «من سوّف الحجّ حتّى يموت بعثه اللَّه يوم القيامة يهوديّاً أو نصرانيّاً». و في آخر: «ما تخلّف رجل عن الحجّ إلّا بذنب و ما يعفو اللَّه أكثر». و عنهم (عليهم السّلام) مستفيضاً: «بني الإسلام على خمس: الصلاة و الزكاة و الحجّ و الصوم و الولاية».

و الحجّ فرضه و نفله عظيم فضله، خطير أجره، جزيل ثوابه، جليل جزاؤه، و كفاه ما تضمّنه من وفود العبد على سيّده، و نزوله

في بيته و محلّ ضيافته و أمنه، و على الكريم إكرام ضيفه و إجارة الملتجئ إلى بيته، فعن الصادق (عليه السّلام): «الحاجّ و المعتمر وفد اللَّه، إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم، و إن شفّعوا شفّعهم، و إن سكتوا ابتدأهم، و يعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم». و عنه (عليه السّلام): «الحجّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، اللازم لهما في ضمان اللَّه، إن أبقاه أدّاه إلى عياله، و إن أماته أدخله الجنّة». و في آخر: «إن أدرك ما يأمل غفر اللَّه له، و إن قصر به أجله وقع أجره على اللَّه عزّ و جلّ». و في آخر: «فإن مات متوجّهاً غفر اللَّه له ذنوبه، و إن مات محرماً بعثه اللَّه ملبّياً، و إن مات بأحد الحرمين بعثه اللَّه من الآمنين، و إن مات منصرفاً غفر اللَّه له جميع ذنوبه».

و في الحديث: «إنّ من الذنوب ما لا يكفّره إلّا الوقوف بعرفة». و عنه (صلّى اللَّه عليه و آله) في مرضه الذي توفّي فيه في آخر ساعة من عمره الشريف: «يا أبا ذر اجلس بين يدي اعقد بيدك: من ختم له بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه دخل الجنّة إلى أن قال: و من ختم له بحجّة دخل الجنّة، و من ختم له بعمرة دخل الجنّة ..» الخبر. و عنه (صلّى اللَّه عليه و آله): «وفد اللَّه ثلاثة: الحاجّ و المعتمر و الغازي، دعاهم اللَّه فأجابوه، و سألوه فأعطاهم». و سأل الصادق (عليه السّلام) رجل في المسجد الحرام من أعظم الناس وزراً؟ فقال: «من يقف بهذين الموقفين: عرفة و المزدلفة، و سعى بين هذين الجبلين، ثمّ

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 207

طاف بهذا البيت، و صلّى

خلف مقام إبراهيم (عليه السّلام)، ثمّ قال في نفسه و ظنّ أنّ اللَّه لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزراً».

و عنهم (عليهم السّلام): «الحاجّ مغفور له و موجوب له الجنّة، و مستأنف له العمل، و محفوظ في أهله و ماله، و أنّ الحجّ المبرور لا يعدله شي ء و لا جزاء له إلّا الجنّة، و أنّ الحاجّ يكون كيوم ولدته امّه، و أنّه يمكث أربعة أشهر تكتب له الحسنات، و لا تكتب عليه السيّئات إلّا أن يأتي بموجبه، فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس، و أنّ الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امّه، و صنف يحفظ في أهله و ماله، فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ. و أنّ الحاجّ إذا دخل مكّة وكّل اللَّه به ملكين يحفظان عليه طوافه و صلاته و سعيه، فإذا وقف بعرفة ضربا على منكبه الأيمن ثمّ قالا: أمّا ما مضى فقد كفيته، فانظر كيف تكون فيما تستقبل». و في آخر: «و إذا قضوا مناسكهم قيل لهم: بنيتم بنياناً فلا تنقضوه، كفيتم ما مضى فأحسنوا فيما تستقبلون». و في آخر: «إذا صلّى ركعتي طواف الفريضة يأتيه ملك فيقف عن يساره، فإذا انصرف ضرب بيده على كتفه فيقول: يا هذا أمّا ما قد مضى فقد غفر لك، و أمّا ما يستقبل فجدّ». و في آخر: «إذا أخذ الناس منازلهم بمنى نادى منادٍ: لو تعلمون بفِناء مَن حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة». و في آخر: «إن أردتم أن أرضى فقد رضيت».

و عن الثمالي قال: قال رجل لعليّ بن الحسين (عليهما السّلام): تركت الجهاد و خشونته و لزمت الحجّ و لينه، قال: و

كان متّكئاً فجلس و قال: «و يحك أما بلغك ما قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) في حجّة الوداع؛ إنّه لمّا وقف بعرفة و همّت الشمس أن تغيب قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): يا بلال قل للناس: فلينصتوا، فلمّا أنصتوا قال: إنّ ربّكم تطوّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم، و شفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفوراً لكم». و قال النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) لرجل مميّل فاته الحجّ و التمس منه ما به ينال أجره: «انظر إلى

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 208

أبي قبيس، فلو أنّ أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقته في سبيل اللَّه تعالى ما بلغت ما يبلغ الحاجّ»، ثمّ قال: «إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئاً و لم يضعه إلّا كتب اللَّه له عشر حسنات، و محى عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفّاً و لم يضعه إلّا كتب اللَّه له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه». قال: فعدّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) كذا و كذا موقفاً إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه، ثمّ قال: «أنّى لك أن تبلغ ما يبلغ الحاجّ».

و قال الصادق (عليه السّلام): «إنّ الحجّ أفضل من عتق رقبة، بل سبعين رقبة». بل ورد أنّه «إذا طاف بالبيت و صلّى ركعتيه كتب اللَّه له سبعين ألف حسنة، و حطّ عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة،

و شفّعه في سبعين ألف حاجة، و حسب له عتق سبعين ألف رقبة، قيمة كلّ رقبة عشرة آلاف درهم، و أنّ الدرهم فيه أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل اللَّه تعالى، و أنّه أفضل من الصيام و الجهاد و الرباط، بل من كلّ شي ء ما عدا الصلاة». بل في خبر آخر «أنّه أفضل من الصلاة أيضاً» و لعلّه لاشتماله على فنون من الطاعات لم يشتمل عليها غيره حتّى الصلاة التي هي أجمع العبادات، أو لأنّ الحجّ فيه صلاة، و الصلاة ليس فيها حجّ، أو لكونه أشقّ من غيره و أفضل الأعمال أحمزها، و الأجر على قدر المشقّة.

و يستحبّ تكرار الحجّ و العمرة و إدمانهما بقدر القدرة، فعن الصادق (عليه السّلام): قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «تابعوا بين الحجّ و العمرة فإنّهما ينفيان الفقر و الذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد». و قال (عليه السّلام): «حجج تترى و عمر تسعى يدفعن عيلة الفقر و ميتة السوء». و قال عليّ بن الحسين (عليه السّلام): «حجّوا و اعتمروا تصحّ أبدانكم و تتّسع أرزاقكم، و تكفون مؤنات عيالكم».

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 209

و كما يستحبّ الحجّ بنفسه كذا يستحبّ الإحجاج بماله، فعن الصادق (عليه السّلام) أنّه كان إذا لم يحجّ أحجّ بعض أهله أو بعض مواليه، و يقول لنا: «يا بنيّ إن استطعتم فلا يقف الناس بعرفات إلّا و فيها من يدعو لكم، فإنّ الحاجّ ليشفّع في ولده و أهله و جيرانه». و قال الصادق (عليهما السّلام) لإسحاق بن عمّار لمّا أخبره أنّه موطّن على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسه أو برجل من أهله بماله: «فأيقن بكثرة المال و البنين، أو أبشر بكثرة

المال». و في كلّ ذلك روايات مستفيضة يضيق عن حصرها المقام، و يظهر من جملة منها أن تكرارها ثلاثاً أو سنة و سنة لا إدمان، و يكره تركه للموسر في كلّ خمس سنين، و في عدّة من الأخبار: «أنّ من أوسع اللَّه عليه و هو موسر و لم يحجّ في كلّ خمس و في رواية أربع سنين إنّه لمحروم»، و عن الصادق (عليه السّلام): «من حجّ أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبداً».

[مقدّمة في آداب السفر و مستحبّاته لحجّ أو غيره

اشارة

مقدّمة في آداب السفر و مستحبّاته لحجّ أو غيره و هي أُمور:

[جملة ما على المسافر من الآداب

[أوّلها و من أوكدها-: الاستخارة]

أوّلها و من أوكدها-: الاستخارة؛ بمنى طلب الخير من ربّه، و مسألة تقديره له عند التردّد في أصل السفر أو في طريقه أو مطلقاً، و الأمر بها للسفر و كلّ أمر خطير أو مورد خطر مستفيض، و لا سيّما عند الحيرة و الاختلاف في المشورة، و هي الدعاء لأن يكون خيره فيما يستقبل أمره، و هذا النوع من الاستخارة هو الأصل فيها، بل أنكر بعض العلماء ما عداها ممّا يشتمل على التفأل و المشاورة بالرقاع و الحَصَى و السبحة و البُندُقة و غيرها؛ لضعف غالب أخبارها؛ و إن كان العمل بها للتسامح في مثلها لا بأس به أيضاً، بخلاف هذا النوع؛ لورود أخبار كثيرة بها في

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 210

كتب أصحابنا، بل في روايات مخالفينا أيضاً عن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) الأمر بها و الحثّ عليها.

و عن الباقر و الصادق (عليهما السّلام): «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلّم السورة من القرآن». و عن الباقر (عليه السّلام): «أنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) كان يعمل به إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق». بل في كثير من رواياتنا النهي عن العمل بغير استخارة، و أنّه من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يؤجر. و في كثير منها: «ما استخار اللَّه عبد مؤمن إلّا خار له، و إن وقع ما يكره»، و في بعضها: «إلّا رماه اللَّه بخيرة الأمرين»، و في بعضها: «استخر اللَّه مائة مرّة و مرّة، ثمّ انظر أحزم الأمرين لك فافعله، فإنّ الخيرة فيه إن شاء اللَّه تعالى»، و في بعضها: «ثمّ

انظر أيّ شي ء يقع في قلبك فاعمل به»، و ليكن ذلك بعنوان المشورة من ربّه، و طلب الخير من عنده، و بناء منه أنّ خيره فيما يختاره اللَّه له من أمره.

و يستفاد من بعض الروايات أن يكون قبل مشورته؛ ليكون بدء مشورته منه سبحانه، و أن يقرنه بطلب العافية، فعن الصادق (عليه السّلام): «و لتكن استخارتك في عافية، فإنّه ربّما خير للرجل في قطع يده و موت ولده و ذهاب ماله»، و أخصر صورة فيها أن يقول: «أستخير اللَّه برحمته»، أو «أستخير اللَّه برحمته خيرة في عافية»، ثلاثاً أو سبعاً أو عشراً أو خمسين أو سبعين أو مائة مرّة و مرّة، و الكلّ مرويّ، و في بعضها في الامور العظام مائة، و في الامور اليسيرة بما دونه، و المأثور من أدعيته كثيرة جدّاً.

و الأحسن تقديم تحميد و تمجيد و ثناء و صلوات و توسّل و ما يحسن من الدعاء عليها، و أفضلها بعد ركعتين للاستخارة أو بعد صلوات فريضة أو في ركعات الزوال، أو في آخر سجدة من صلاة الفجر، أو في آخر سجدة من صلاة الليل، أو في سجدة بعد المكتوبة، أو عند رأس الحسين (عليه السّلام)، أو في مسجد النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و الكلّ مرويّ. و مثلها كلّ مكان شريف قريب من الإجابة، كالمشاهد المشرّفة، أو حال أو زمان كذلك، و من أراد تفصيل ذلك فليطلبه من مواضعه، ك «مفاتيح الغيب»

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 211

للمجلسي (قدّس سرّه)، و «الوسائل» و «مستدركة».

و بما ذكر من حقيقة هذا النوع من الاستخارة و أنّها محض الدعاء و التوسّل و طلب الخير و انقلاب أمره إليه، و بما عرفت من عمل السجاد (عليه

السّلام) في الحجّ و العمرة و نحوهما يعلم أنّها راجحة للعبادات أيضاً، خصوصاً عند إرادة الحجّ، و لا يتعيّن فيما يقبل التردّد و الحيرة، و لكن في رواية أُخرى: «ليس في ترك الحجّ خيرة». و لعلّ المراد بها الخيرة لأصل الحجّ أو للواجب منه.

[ثانيها: اختيار الأزمنة المختارة له من الأُسبوع و الشهر]

ثانيها: اختيار الأزمنة المختارة له من الأُسبوع و الشهر، فمن الأُسبوع يختار السبت، و بعده الثلاثاء و الخميس، و الكلّ مرويّ، و عن الصادق (عليه السّلام): «من كان مسافراً فليسافر يوم السبت، فلو أنّ حجراً زال عن جبل يوم السبت لردّه اللَّه إلى مكانه». و عنهم (عليهم السّلام): «السبت لنا و الأحد لبني أُميّة». و عن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «اللهمّ بارك لأُمّتي في بكورها يوم سبتها و خميسها».

و يتجنّب ما أمكنه صبيحة الجمعة قبل صلاتها، و الأحد، فقد روي: «أنّ له حدّا كحدّ السيف»، و الاثنين فهو لبني أُميّة، و الأربعاء فإنّه لبني العبّاس، خصوصاً آخر أربعاء من الشهر، فإنّه يوم نحس مستمرّ، و في رواية ترخيص السفر يوم الاثنين مع قراءة سورة «هل أتى» في أوّل ركعة من غداته، فإنّه يقيه اللَّه به من شرّ يوم الاثنين، و ورد أيضاً اختيار يوم الاثنين و حملت على التقيّة.

و ليتجنّب السفر من الشهر و القمر في المحاق، أو في برج العقرب أو صورته، فعن الصادق (عليه السّلام): «من سافر أو تزوّج و القمر في العقرب لم ير الحسنى». و قد عدّ أيّام من كلّ شهر و أيّام من الشهر منحوسة يتوقّى من السفر فيها، و من ابتداء كلّ عمل بها، و حيث لم نظفر بدليل صالح عليه لم يهمّنا التعرّض لها، و إن كان التجنّب منها و من كلّ

ما يتطيّر بها أولى، و لم يعلم أيضاً أنّ المراد بها شهور الفرس أو العربيّة، و قد يوجّه كلّ بوجه غير وجيه، و على كلّ حال فعلاجها لدى الحاجة

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 212

بالتوكّل و المضي، خلافاً على أهل الطيرة، فعن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «كفّارة الطيرة التوكّل». و عن أبي الحسن الثاني (عليه السّلام): «من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافاً على أهل الطيرة وقي من كلّ آفة، و عوفي من كلّ عاهة، و قضى اللَّه حاجته». و له أن يعالج نحوسة ما نحس من الأيّام بالصدقة، فعن الصادق (عليه السّلام): «تصدّق و اخرج أيّ يوم شئت». و كذا يفعل أيضاً لو عارضه في طريقه ما يتطيّر به الناس و وجد في نفسه من ذلك شيئاً، و ليقل حينئذٍ: «اعتصمت بك يا ربّ من شرّ ما أجد في نفسي فاعصمني». و ليتوكّل على اللَّه و ليمض خلافاً لأهل الطيرة.

و يستحبّ اختيار آخر الليل للسير، و يكره أوّله، ففي الخبر: «الأرض تطوى من آخر الليل». و في آخر: «إيّاك و السير في أوّل الليل، و سر في آخره».

[ثالثها و هو أهمّها-: التصدّق بشي ء عند افتتاح سفره

ثالثها و هو أهمّها-: التصدّق بشي ء عند افتتاح سفره، و يستحبّ كونها عند وضع الرجل في الركاب، خصوصاً إذا صادف المنحوسة أو المتطيّر بها من الأيّام و الأحوال، ففي المستفيضة رفع نحوستها بها، و ليشتري السلامة من اللَّه بما يتيسّر له، و يستحبّ أن يقول عند التصدّق: «اللهمّ إنّي اشتريت بهذه الصدقة سلامتي و سلامة سفري، اللهمّ احفظني و احفظ ما معي، و سلّمني و سلم ما معي، و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل».

[رابعها: الوصيّة عند الخروج

رابعها: الوصيّة عند الخروج، لا سيّما بالحقوق الواجبة.

[خامسها: توديع العيال

خامسها: توديع العيال؛ بأن يجعلهم وديعة عند ربّه و يجعله خليفةً عليهم، و ذلك بعد ركعتين أو أربع يركعها عند إرادة الخروج، و يقول: «اللهمّ إنّي أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذرّيتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي». فعن الصادق (عليه السّلام): «ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل منها، و لم يدع بذلك الدعاء إلّا أعطاه عزّ و جلّ ما سأل».

[سادسها: إعلام إخوانه بسفره

سادسها: إعلام إخوانه بسفره، فعن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «حقّ على المسلم إذا أراد

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 213

سفراً أن يعلم إخوانه، و حقّ على إخوانه إذا قدم أن يأتوه».

[سابعها: العمل بالمأثورات؛ من قراءة السور و الآيات و الأدعية عند باب داره

سابعها: العمل بالمأثورات؛ من قراءة السور و الآيات و الأدعية عند باب داره، و ذكر اللَّه و التسمية و التحميد و شكره عند الركوب، و الاستواء على الظهر، و الإشراف و النزول، و كلّ انتقال و تبدّل حال، فعن الصادق (عليه السّلام): «كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) في سفره إذا هبط سبّح، و إذا صعد كبّر». و عن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «من ركب و سمّى ردفه ملك يحفظه، و من ركب و لم يسمّ ردفه شيطان يمنّيه حتّى ينزل».

و منها: قراءة «القدر» للسلامة حين يسافر، أو يخرج من منزله، أو يركب دابّته، و «آية الكرسيّ» و «السخرة» و «المعوّذتين» و «التوحيد» و «الفاتحة» و التسمية و ذكر اللَّه في كلّ حال من الأحوال.

و منها: ما عن أبي الحسن (عليه السّلام) «أنّه يقوم على باب داره تلقاء ما يتوجّه له، و يقرأ «الحمد» و «المعوّذتين» و «التوحيد» و «آية الكرسي» أمامه، و عن يمينه و عن شماله، و يقول: «اللهمّ احفظني و احفظ ما معي، و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل» يحفظ و يبلغ و يسلم هو و ما معه.

و منها: ما عن الرضا (عليه السّلام): «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: بسم اللَّه و باللَّه توكّلت على اللَّه، ما شاء اللَّه لا حول و لا قوّة إلّا باللَّه، تضرب به الملائكة وجوه الشياطين، و تقول: ما سبيلكم عليه و قد سمّى

اللَّه و آمن به و توكّل عليه».

و منها: كان الصادق (عليه السّلام) إذا وضع رجله في الركاب يقول سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ [الزخرف: 43/ 13]، و يسبّح اللَّه سبعاً، و يحمد اللَّه سبعاً، و يهلّل اللَّه سبعاً». و عن زين العابدين (عليه السّلام): «أنّه لو حجّ رجل ماشياً و قرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر ما وجد ألم المشي». و قال: «ما قرأه أحد حين يركب دابّته إلّا نزل منها سالماً مغفوراً له، و لقارئها أثقل على الدوابّ من الحديد». و عن أبي جعفر (عليه السّلام): «لو كان شي ء يسبق القدر لقلت: قارئ إنّا أنزلناه في ليلة القدر حين يسافر أو يخرج

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 214

من منزله سيرجع». و المتكفّل لبقيّة المأثور منها على كثرتها الكتب المعدّة لها.

و في وصيّة النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «يا عليّ إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: اللهمّ إنّي أسألك خيرها، و أعوذ بك من شرّها، اللهمّ حبّبنا إلى أهلها، و حبّب صالحي أهلها إلينا». و عنه (صلّى اللَّه عليه و آله): «يا عليّ إذا نزلت منزلًا فقل: اللهمّ أنزلني منزلًا مباركاً و أنت خير المنزلين؛ ترزق خيره و يدفع عنك شرّه». و ينبغي له زيادة الاعتماد و الانقطاع إلى اللَّه سبحانه، و قراءة ما يتعلّق بالحفظ من الآيات و الدعوات، و قراءة ما يناسب ذلك كقوله تعالى كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 26/ 62]. و قوله تعالى إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا [التوبة: 9/ 40]. و دعاء التوجّه، و كلمات الفرج و نحو ذلك، و عن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «يسبّح

تسبيح الزهراء (سلام اللَّه عليها) و يقرأ آية الكرسي عند ما يأخذ مضجعه في السفر، يكون محفوظاً من كلّ شي ء حتّى يصبح».

[ثامنها: التحنّك بإدارة طرف العمامة تحت حنكه

ثامنها: التحنّك بإدارة طرف العمامة تحت حنكه، ففي المستفيضة عن الصادق و الكاظم (عليهما السّلام): «الضمان لمن خرج من بيته معتمّاً تحت حنكه أن يرجع إليه سالماً، و أن لا يصيبه السرق و لا الغرق و لا الحرق».

[تاسعها: استصحاب عصاً من اللوز المرّ]

تاسعها:استصحاب عصاً من اللوز المرّ، فعنه (عليه السّلام): «من أراد أن تطوى له الأرض فليتّخذ النقد من العصا»، و النقد: عصا لوز مرّ، و فيه نفي للفقر، و أمان من الوحشة و الضواري و ذوات الحمّة. و ليصحب شيئاً من طين الحسين (عليه السّلام) ليكون له شفاء من كلّ داء، و أماناً من كلّ خوف، و يستصحب خاتماً من عقيق أصفر مكتوب على أحد جانبيه: «ما شاءَ اللَّهُ، لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، أستغفر اللَّه». و على الجانب الآخر: «محمّد و عليّ». و خاتماً من فيروزج مكتوب على أحد جانبيه: «اللَّه الملك» و على الجانب الآخر: «الملك للَّه الواحد القهّار».

[عاشرها: اتّخاذ الرفقة في السفر]

عاشرها:اتّخاذ الرفقة في السفر، ففي المستفيضة الأمر بها و النهي الأكيد

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 215

عن الوحدة، ففي وصيّة النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) لعليّ (عليه السّلام): «لا تخرج في سفر وحدك، فإنّ الشيطان مع الواحد، و هو من الاثنين أبعد». و «لعن ثلاثة: الآكل زاده وحده، و النائم في بيت وحده، و الراكب في الفلاة وحده». و قال: «شرّ الناس من سافر وحده، و منع رفده، و ضرب عبده»، و «أحبّ الصحابة إلى اللَّه تعالى أربعة، و ما زاد على سبعة إلّا كثر لَغَطُهُم» أي تشاجرهم، و من اضطرّ إلى السفر وحده فليقل: «ما شاء اللَّه لا حول و لا قوّة إلّا باللَّه، اللهمّ آنس وحشتي، و أعنّي على وحدتي، و أدّ غيبتي». و ينبغي أن يرافق مثله في الإنفاق، و يكره مصاحبته دونه أو فوقه في ذلك، و أن يصحب من يتزيّن به، و لا يصحب من يكون زينته له، و يستحبّ معاونة أصحابه و خدمتهم، و عدم الاختلاف معهم، و ترك التقدّم

على رفيقه في الطريق.

[الحادي عشر: استصحاب السفرة و التنوّق فيها، و تطييب الزاد و التوسعة فيه، لا سيّما في سفر الحجّ

الحادي عشر: استصحاب السفرة و التنوّق فيها، و تطييب الزاد و التوسعة فيه، لا سيّما في سفر الحجّ، و عن الصادق (عليه السّلام): «إنّ من المروءة في السفر كثرة الزاد و طيبه، و بذله لمن كان معك». نعم، يكره التنوّق في سفر زيارة الحسين (عليه السّلام)، بل يقتصر فيه على الخبز و اللبن لمن قرب من مشهده، كأهل العراق لا مطلقاً في الأظهر، فعن الصادق (عليه السّلام): «بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين (عليه السّلام) حملوا معهم السفرة فيها الجداء و الأخبصة و أشباهه، لو زاروا قبور آبائهم ما حملوا معهم هذا»، و في آخر: «تاللَّه إنّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حزيناً و تأتونه أنتم بالسفر، كلّا حتّى تأتونه شعثاً غبراً».

[الثاني عشر: حسن التخلّق مع صحبه و رفقته

الثاني عشر: حسن التخلّق مع صحبه و رفقته، فعن الباقر (عليه السّلام): «ما يعبأ بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، أو حلم يملك به غضبه، أو ورع يحجزه عن معاصي اللَّه». و في المستفيضة: «المروءة في السفر ببذل الزاد، و حسن الخلق، و المزاح في غير المعاصي». و في بعضها: «قلّة

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 216

الخلاف على من صحبك، و ترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم». و عن الصادق (عليه السّلام): «ليس من المروءة أن يحدّث الرجل بما يتّفق في السفر من خير أو شرّ». و عنه (عليه السّلام): «وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك، و كفّ لسانك، و اكظم غيظك، و أقلّ لغوك، و تفرش عفوك، و تسخو نفسك».

[الثالث عشر: استصحاب جميع ما يحتاج إليه من السلاح و الآلات و الأدوية]

الثالث عشر: استصحاب جميع ما يحتاج إليه من السلاح و الآلات و الأدوية، كما في ذيل ما يأتي من وصايا لقمان لابنه، و ليعمل بجميع ما في تلك الوصيّة.

[الرابع عشر: إقامة رفقاء المريض لأجله ثلاثاً]

الرابع عشر: إقامة رفقاء المريض لأجله ثلاثاً، فعن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «إذا كنتم في سفر و مرض أحدكم فأقيموا عليه ثلاثة أيّام». و عن الصادق (عليه السّلام): «حقّ المسافر أن يقيم عليه أصحابه إذا مرض ثلاثاً».

[الخامس عشر: رعاية حقوق دابّته

الخامس عشر: رعاية حقوق دابّته، فعن الصادق (عليه السّلام): قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «للدابّة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مرّ به، و لا يضرب وجهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها، و لا يقف على ظهرها إلّا في سبيل اللَّه، و لا يحملها فوق طاقتها، و لا يكلّفها من المشي إلّا ما تطيق». و في آخر: «و لا تتورّكوا على الدوابّ، و لا تتّخذوا ظهورها مجالس». و في آخر: «و لا يضربها على النفار، و يضربها على العثار، فإنّها ترى ما لا ترون».

و يكره التعرّس على ظهر الطريق، و النزول في بطون الأودية، و الإسراع في السير، و جعل المنزلين منزلًا إلّا في أرض جدبة، و أن يطرق أهله ليلًا حتّى يعلمهم، و يستحبّ إسراع عوده إليهم، و أن يستصحب هديّة لهم إذا رجع إليهم، و عن الصادق (عليه السّلام): «إذا سافر أحدكم فقدم من سفره فليأت أهله بما تيسّر و لو بحجر ..» الخبر.

و يكره ركوب البحر في هيجانه، و عن أبي جعفر (عليه السّلام): «إذا اضطرب بك البحر

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 217

فاتّكئ على جانبك الأيمن و قل: بسم اللَّه اسكن بسكينة اللَّه، و قرّ بقرار اللَّه، و اهدأ بإذن اللَّه، و لا حول و لا قوّة إلّا باللَّه». و لينادي إذا ضلّ في طريق البرّ: «يا صالح أو يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق

رحمكم اللَّه». و في طريق البحر: «يا حمزة». و إذا بات في أرض قفر فليقل إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ إلى قوله: تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» [الأعراف: 7/ 54].

و ينبغي للماشي أن ينسل في مشيه؛ أي يسرع، فعن الصادق (عليه السّلام): «سيروا و انسلوا فإنّه أخفّ عنكم». و جاءت المشاة إلى النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) فشكوا إليه الإعياء، فقال: «عليكم بالنَّسَلان» ففعلوا فذهب عنهم الإعياء. و أن يقرأ سورة «القدر» لئلّا يجد ألم المشي كما مرّ عن السجّاد (عليه السّلام)، و عن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «زاد المسافر الحداء و الشعر ما كان منه ليس فيه خناء». و في نسخة: «جفاء» و في اخرى «حنان». و ليختر وقت النزول من بقاع الأرض أحسنها لوناً، و ألينها تربة، و أكثرها عشباً.

هذه جملة ما على المسافر.

[أمّا أهله و رفقته

و أمّا أهله و رفقته، فيستحبّ لهم تشييع المسافر و توديعه و إعانته و الدعاء له بالسهولة و السلامة، و قضاء المآرب عند وداعه، قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «من أعان مؤمناً مسافراً فرّج اللَّه عنه ثلاثاً و سبعين كربة، و أجاره في الدنيا و الآخرة من الغمّ و الهمّ، و نفّس كربه العظيم يوم يغصّ الناس بأنفاسهم»، و كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) إذا ودّع المؤمنين قال: «زوّدكم اللَّه التقوى، و وجّهكم إلى كلّ خير، و قضى لكم كلّ حاجة، و سلم لكم دينكم و دنياكم، و ردّكم سالمين إلى سالمين». و في آخر: «كان (صلّى اللَّه عليه و آله) إذا ودّع مسافراً أخذ بيده ثمّ قال: أحسن اللَّه لك الصحابة، و أكمل لك المعونة، و

سهّل لك الحزونة، و قرّب لك البعيد، و كفاك المهمّ، و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك، و وجّهك لكلّ خير، عليك بتقوى اللَّه، استودع اللَّه نفسك، سر على بركة اللَّه عزّ و جلّ».

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 218

و ينبغي أن يقرأ في اذنه إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص: 28/ 85] إن شاء اللَّه ثمّ يؤذّن خلفه و ليقم كما هو المشهور عملًا، و ينبغي رعاية حقّه في أهله و عياله و حسن الخلافة فيهم، لا سيّما مسافر الحجّ، فعن الباقر (عليه السّلام): «من خلف حاجّاً بخير كان له كأجره كأنّه يستلم الأحجار». و أن يوقّر القادم من الحجّ، فعن الباقر (عليه السّلام): «وقّروا الحاجّ و المعتمر، فإنّ ذلك واجب عليكم». و كان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) يقول: «يا معشر من لم يحجّ استبشروا بالحاجّ و صافحوهم و عظّموهم، فإنّ ذلك يجب عليكم، تشاركوهم في الأجر». و كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يقول للقادم من مكّة: «قبل اللَّه منك، و أخلف عليك نفقتك، و غفر ذنبك».

و لنتبرّك بختم المقام بخير خبر تكفّل مكارم أخلاق السفر بل و الحضر، فعن الصادق (عليه السّلام) قال: «قال لقمان لابنه: يا بنيّ إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و أُمورهم، و أكثر التبسّم في وجوههم، و كن كريماً على زادك، و إذا دعوك فأجبهم، و إذا استعانوا بك فأعنهم، و استعمل طول الصمت و كثرة الصلاة، و سخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد، و إذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم، و اجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثمّ لا تعزم حتّى تتثبّت و تنظر،

و لا تجب في مشورة حتّى تقوم فيها و تقعد و تنام و تأكل و تصلّي و أنت مستعمل فكرتك و حكمتك في مشورتك، فإنّ من لم يمحّض النصح لمن استشاره سلبه اللَّه رأيه، و نزع منه الأمانة.

و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، و إذا تصدّقوا و أعطوا قرضاً فأعط معهم، و اسمع لمن هو أكبر منك سنّاً، و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئاً فقل: نعم، و لا تقل: لا، فإنّ لا عيّ و لؤم، و إذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا، و إذا شككتم في القصد فقفوا و تؤامروا، و إذا رأيتم شخصاً واحداً

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 219

فلا تسألوه عن طريقكم و لا تسترشدوه، فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب، لعلّه يكون عين اللصوص، أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم؛ و احذروا الشخصين أيضاً، إلّا أن تروا ما لا أرى، فإنّ العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحقّ منه، و الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بنيّ إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشي ء، صلّها و استرح منها فإنّها دين، و صلّ في جماعة و لو على رأس زجّ، و لا تنامنّ على دابّتك، فإنّ ذلك سريع في دبرها، و ليس ذلك من فعل الحكماء، إلّا أن تكون في محمل يمكنك التمدّد لاسترخاء المفاصل، و إذا قربت من المنزل فانزل عن دابّتك و ابدأ بعلفها قبل نفسك، فإنّها نفسك، و إذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً، و ألينها تربة، و أكثرها عشباً، و إذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس، و إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض، و إذا ارتحلت فصلّ

ركعتين، ثمّ ودّع الأرض التي حللت بها، و سلم عليها و على أهلها، فإنّ لكلّ بقعة أهلًا من الملائكة، فإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتّى تبدأ فتصدّق منه فافعل، و عليك بقراءة كتاب اللَّه عزّ و جلّ ما دمت راكباً، و عليك بالتسبيح ما دمت عاملًا عملًا، و عليك بالدعاء ما دمت خالياً، و إيّاك و السير في أوّل الليل، و سر في آخره، و إيّاك و رفع الصوت في مسيرك، يا بنيّ سافر بسيفك و خفّك و عمامتك و حبالك و سقائك و خيوطك و مخرزك، و تزوّد معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك، و كن لأصحابك موافقاً إلّا في معصية اللَّه عزّ و جلّ».

هذا ما يتعلّق بكلّي السفر،

[يختصّ سفر الحجّ بأُمور أُخر]

و يختصّ سفر الحجّ بأُمور أُخر:

منها: اختيار المشي فيه على الركوب على الأرجح، بل الحَفاء على الانتعال، إلّا أن يضعّفه عن العبادة أو كان لمجرّد تقليل النفقة، و عليهما يحمل ما يستظهر منها أفضليّة الركوب، و روى: «ما تقرّب العبد إلى اللَّه عزّ و جلّ بشي ء أحبّ إليه

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 220

من المشي إلى بيته الحرام على القدمين، و أنّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجّة». و «ما عُبد اللَّه بشي ء مثل الصمت و المشي إلى بيته».

و منها: أن تكون نفقة الحجّ و العمرة حلالًا طيّباً، فعنهم (عليهم السّلام): «إنّا أهل بيت حجّ صرورتنا و مهور نسائنا و أكفاننا من طهور أموالنا». و عنهم (عليهم السّلام): «من حجّ بمال حرام نودي عند التلبية: لا لبّيك عبدي و لا سعديك». و عن الباقر (عليه السّلام): «من أصاب مالًا من أربع لم يقبل منه في أربع: من أصاب مالًا من غلول

أو ربا أو خيانة أو سرقة لم يقبل منه في زكاة و لا صدقة و لا حجّ و لا عمرة».

و منها: استحباب نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة، و كراهة نيّة عدم العود، فعن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «من رجع من مكّة و هو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره، و من خرج من مكّة و لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله و دنا عذابه». و عن الصادق (عليه السّلام) مثله مستفيضاً، و قال (عليه السّلام) لعيسى بن أبي منصور: «يا عيسى إنّي أُحبّ أن يراك اللَّه فيما بين الحجّ إلى الحجّ، و أنت تتهيّأ للحجّ».

و منها: أن لا يخرج من الحرمين الشريفين بعد ارتفاع النهار إلّا بعد أداء الفرضين بهما.

و منها: البدأة بزيارة النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) لمن حجّ على طريق العراق.

و منها: أن لا يحجّ و لا يعتمر على الإبل الجلّالة، و لكن لا يبعد اختصاص الكراهة بأداء المناسك عليها، و لا يسري إلى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق، و من أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النيّة، و إخلاص السريرة، و أداء حقيقة القربة، و التجنّب عن الرياء، و التجرّد عن حبّ المدح و الثناء، و أن لا يجعل سفره هذا على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة و الافتخار، بل و صلة إلى التجارة و الانتشار و مشاهدة البلدان و تصفّح الأمصار، و أن يراعي إسراره الخفيّة و دقائقه

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 221

الجليّة، كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام: إنّ اللَّه تعالى سنّ

الحجّ و وضعه على عباده إظهاراً لجلالة و كبريائه، و علوّ شأنه و عظم سلطانه، و إعلاناً لرقّ الناس و عبوديّتهم و ذلّهم و استكانتهم، و قد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم، و الملّاك لمماليكهم، يستذلّونهم بالوقوف على باب بعد باب، و اللبث في حجاب بعد حجاب.

و أنّ اللَّه تعالى قد شرّف البيت الحرام و أضافه إلى نفسه، و اصطفاه لقدسه، و جعله قياماً للعباد، و مقصداً يؤمّ من جميع البلاد، و جعل ما حوله حرماً، و جعل الحرم آمناً، و جعل فيه ميداناً و مجالًا، و جعل له في الحلّ شبيهاً و مثالًا، فوضعه على مثال حضرة الملوك و السلاطين، ثمّ أذّن في الناس بالحجّ ليأتوه رجالًا و ركباناً من كلّ فجّ، و أمرهم بالإحرام و تغيير الهيئة و اللباس شُعثاً غُبراً، متواضعين مستكينين، رافعين أصواتهم بالتلبية و إجابة الدعوة، حتّى إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول، و أوقفهم في حجبه يدعونه و يتضرّعون إليه، حتّى إذا طال تضرّعهم و استكانتهم و رجموا شياطينهم بجمارهم، و خلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، أذن لهم بتقريب قربانهم و قضاء تفثهم، ليطهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم و بينه، و ليزوروا البيت على طهارة منهم، ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرقّ و كنه العبوديّة، فجعلهم تارة يطوفون فيه، و يتعلّقون بأستاره، و يلوذون بأركانه، و أُخرى يسعون بين يديه مشياً و عدواً؛ ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة، و ذلّ العبوديّة، و ليعرفوا أنفسهم، و يضع الكبر من رؤوسهم، و يجعل نير الخضوع في أعناقهم، و يستشعروا شعار المذلّة، و ينزعوا ملابس الفخر و العزّة و هذا من أعظم فوائد الحجّ.

مضافاً إلى ما فيه

من التذكّر بالإحرام و الوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر، و أهوال يوم القيامة، إذ الحجّ هو الحشر الأصغر، و إحرام الناس و تلبيتهم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 222

و حشرهم إلى المواقف و وقوفهم بها، و الهين متضرّعين راجعين إلى الفَلاح أو الخَيبة و الشقاء، أشبه شي ء بخروج الناس من أجداثهم، و توشّحهم بأكفانهم، و استغاثتهم من ذنوبهم، و حشرهم إلى صعيد واحد إلى نعيم أو عذاب أليم، بل حركات الحاجّ في طوافهم و سعيهم و رجوعهم و عودهم يشبه أطوار الخائف الوَجِل، المضطرب المدهوش الطالب مَلجأً و مَفزعاً، نحو أهل المحشر في أحوالهم و أطوارهم، فبحلول هذه المشاعر و الجبال و الشعب و الطلال ولدي وقوفه بمواقفه العظام يهون ما بأمامه من أهوال يوم القيامة من عظائم يوم الحشر، و شدائد النشر، عصمنا اللَّه و جميع المؤمنين، و رزقنا فوزه يوم الدين، آمين ربّ العالمين (1). و صلّى اللَّه على محمّد و آله الطاهرين. (1) من أوّل كتاب الحجّ إلى هنا لنجله الأمجد الأوحد حضرة السيّد محمد، بأمر والده (قدّس سرّهما).

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 223

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

[فصل في وجوب الحجّ

اشارة

فصل [في وجوب الحجّ من أركان الدين الحجّ، و هو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية من الرجال و النساء و الخناثى بالكتاب و السنّة و الإجماع من جميع المسلمين، بل بالضرورة، و منكره في سلك الكافرين، و تاركه عمداً مستخفّاً به بمنزلتهم، و تركه من غير استخفاف من الكبائر، و لا يجب في أصل الشرع إلّا مرّة واحدة في تمام العمر، و هو المسمّى بحجّة الإسلام؛ أي الحجّ الذي بني عليه الإسلام، مثل الصلاة و الصوم و الخمس و الزكاة، و ما

نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدة كلّ عام على فرض ثبوته شاذّ مخالف للإجماع و الأخبار، و لا بدّ من حمله على بعض المحامل، كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكّد، أو الوجوب على البدل؛ بمعنى أنّه يجب عليه في عامه، و إذا تركه ففي العام الثاني و هكذا، و يمكن حملها على الوجوب الكفائي، فإنّه لا يبعد وجوب الحجّ كفاية

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 224

على كلّ أحد في كلّ عام إذا كان متمكّناً بحيث لا تبقى مكّة خالية عن الحجّاج، لجملة من الأخبار الدالّة على أنّه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحجّ، و الأخبار الدالّة على أنّ على الإمام كما في بعضها و على الوالي كما في آخر أن يجبر الناس على الحجّ و المقام في مكّة و زيارة الرسول (صلّى اللَّه عليه و آله)، و المقام عنده، و أنّه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال.

[مسألة 1: لا خلاف في أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوري

[2980] مسألة 1: لا خلاف في أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوري؛ بمعنى أنّه يجب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة، فلا يجوز تأخيره عنه، و إن تركه فيه ففي العام الثاني و هكذا، و يدلّ عليه جملة من الأخبار، فلو خالف و أخّر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصياً، بل لا يبعد كونه كبيرة، كما صرّح به جماعة، و يمكن استفادته من جملة من الأخبار.

[مسألة 2: لو توقّف إدراك الحجّ بعد حصول الاستطاعة على مقدّمات من السفر و تهيئة أسبابه

[2981]مسألة 2: لو توقّف إدراك الحجّ بعد حصول الاستطاعة على مقدّمات من السفر و تهيئة أسبابه وجبت المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحجّ في تلك السنة، و لو تعدّدت الرفقة و تمكّن من المسير مع كلّ منهم اختار أوثقهم سلامةً و إدراكاً، و لو وجدت واحدة و لم يعلم حصول أُخرى أو لم يعلم التمكّن من المسير و الإدراك للحجّ بالتأخير، فهل يجب الخروج مع الأُولى، أو يجوز التأخير إلى الأُخرى بمجرّد احتمال الإدراك، أو لا يجوز إلّا مع الوثوق؟ أقوال، أقواها الأخير، و على أيّ تقدير إذا لم يخرج مع الاولى و اتّفق عدم التمكّن من المسير، أو عدم إدراك الحجّ بسبب التأخير، استقرّ عليه الحجّ و إن لم يكن آثماً بالتأخير؛ لأنّه كان متمكّناً من الخروج مع الأُولى، إلّا إذا تبيّن عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً.

[فصل في شرائط وجوب حجّة الإسلام

اشارة

فصل في شرائط وجوب حجّة الإسلام و هي أُمور:

[أحدها: الكمال بالبلوغ و العقل

اشارة

أحدها:الكمال بالبلوغ و العقل، فلا يجب على الصبي و إن كان مراهقاً، و لا على المجنون و إن كان أدواريّاً؛ إذا لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال، و لو حجّ الصبي لم يجز عن حجّة الإسلام، و إن قلنا بصحّة عباداته و شرعيّتها كما هو الأقوى، و كان واجداً لجميع الشرائط سوى البلوغ، ففي خبر مسمع عن الصادق (عليه السّلام): «لو أنّ غلاماً حجّ عشر حجج ثمّ احتلم كان عليه فريضة الإسلام». و في خبر إسحاق ابن عمّار، عن أبي الحسن (عليه السّلام) عن ابن عشر سنين يحجّ؟ قال (عليه السّلام): «عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، و كذا الجارية عليها الحجّ إذا طمثت».

[مسألة 1: يستحب للصبيّ المميّز أن يحجّ و إن لم يكن مجزياً عن حجّة الإسلام

[2982] مسألة 1: يستحب للصبيّ المميّز أن يحجّ و إن لم يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، و لكن هل يتوقّف ذلك على إذن الوليّ أو لا؟ المشهور بل قيل: لا خلاف فيه-: أنّه مشروط بإذنه؛ لاستتباعه المال في بعض الأحوال للهدي و للكفّارة، و لأنّه عبادة متلقّاة من الشرع مخالف للأصل، فيجب الاقتصار فيه على المتيقّن، و فيه: أنّه ليس تصرّفاً ماليّاً، و إن كان ربما يستتبع المال، و أنّ العمومات كافية في صحّته و شرعيّته مطلقاً، فالأقوى عدم الاشتراط في صحّته و إن وجب الاستئذان في بعض الصور، و أمّا البالغ فلا يعتبر في حجّه المندوب إذن الأبوين إن لم يكن مستلزماً للسفر المشتمل على الخطر الموجب لأذيّتهما، و أمّا في حجّه الواجب فلا إشكال.

[مسألة 2: يستحبّ للولي أن يحرم بالصبي الغير المميّز بلا خلاف

[2983]مسألة 2: يستحبّ للولي أن يحرم بالصبي الغير المميّز بلا خلاف؛

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 226

لجملة من الأخبار، بل و كذا الصبيّة، و إن استشكل فيها صاحب «المستند». و كذا المجنون، و إن كان لا يخلو عن إشكال؛ لعدم نصّ فيه بالخصوص فيستحقّ الثواب عليه، و المراد بالإحرام به جعله محرماً، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي الإحرام و يقول: «اللهمّ إنّي أحرمت هذا الصبي» إلخ، و يأمره بالتلبية؛ بمعنى أن يلقّنه إيّاها، و إن لم يكن قابلًا يلبّي عنه، و يجنّبه عن كلّ ما يجب على المحرم الاجتناب عنه، و يأمره بكلّ من أفعال الحجّ يتمكّن منه، و ينوب عنه في كلّ ما لا يتمكّن، و يطوف به، و يسعى به بين الصفا و المروة، و يقف به في عرفات و منى، و يأمره بالرمي، و إن لم يقدر يرمي عنه، و هكذا يأمره بصلاة الطواف، و إن

لم يقدر يصلّي عنه، و لا بدّ من أن يكون طاهراً و متوضّئاً و لو بصورة الوضوء، و إن لم يمكن فيتوضّأ هو عنه، و يحلق رأسه، و هكذا جميع الأعمال.

[مسألة 3: لا يلزم كون الوليّ محرماً في الإحرام بالصبيّ

[2984] مسألة 3: لا يلزم كون الوليّ محرماً في الإحرام بالصبيّ، بل يجوز له ذلك و إن كان محلّا.

[مسألة 4: المشهور على أنّ المراد بالوليّ في الإحرام بالصبيّ الغير المميّز الوليّ الشرعي

[2985] مسألة 4: المشهور على أنّ المراد بالوليّ في الإحرام بالصبيّ الغير المميّز الوليّ الشرعي من الأب و الجدّ و الوصيّ لأحدهما، و الحاكم و أمينه أو وكيل أحد المذكورين، لا مثل العمّ و الخال و نحوهما و الأجنبيّ. نعم، ألحقوا بالمذكورين الامّ و إن لم تكن وليّاً شرعيّاً؛ للنصّ الخاصّ فيها، قالوا: لأنّ الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار على المذكورين، فلا يترتّب أحكام الإحرام إذا كان المتصدّي غيرهم، و لكن لا يبعد كون المراد الأعمّ منهم و ممّن يتولّى أمر الصبي و يتكفّله و إن لم يكن وليّاً شرعيّاً؛ لقوله (عليه السّلام): «قدّموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرّ» إلخ، فإنّه يشمل غير الوليّ الشرعي أيضاً، و أمّا في المميّز فاللازم إذن الوليّ الشرعي إن اعتبرنا في صحّة إحرامه الإذن.

[مسألة 5: النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الوليّ لا من مال الصبيّ

[2986] مسألة 5: النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الوليّ لا من مال الصبيّ،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 227

إلّا إذا كان حفظه موقوفاً على السفر به، أو يكون السفر مصلحة له.

[مسألة 6: الهدي على الوليّ، و كذا كفّارة الصيد إذا صاد الصبي

[2987] مسألة 6: الهدي على الوليّ، و كذا كفّارة الصيد إذا صاد الصبي، و أمّا الكفّارات الأُخر المختصّة بالعمد فهل هي أيضاً على الوليّ، أو في مال الصبي، أو لا يجب الكفّارة في غير الصيد؛ لأنّ عمد الصبي خطأ، و المفروض أنّ تلك الكفّارات لا تثبت في صورة الخطأ؟ وجوه، لا يبعد قوّة الأخير، إمّا لذلك، و إمّا لانصراف أدلّتها عن الصبي، لكن الأحوط تكفّل الولي، بل لا يترك هذا الاحتياط، بل هو الأقوى؛ لأنّ قوله (عليه السّلام): «عمد الصبي خطأ» مختصّ بالديات، و الانصراف ممنوع، و إلّا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضاً.

[مسألة 7: قد عرفت أنّه لو حجّ الصبي عشر مرّات لم يجزه عن حجّة الإسلام

[2988] مسألة 7: قد عرفت أنّه لو حجّ الصبي عشر مرّات لم يجزه عن حجّة الإسلام، بل يجب عليه بعد البلوغ و الاستطاعة، لكن استثنى المشهور من ذلك ما لو بلغ و أدرك المشعر، فإنّه حينئذٍ يجزئ عن حجّة الإسلام، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه، و كذا إذا حجّ المجنون ندباً ثمّ كمل قبل المشعر، و استدلّوا على ذلك بوجوه:

أحدها: النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي، بدعوى عدم خصوصيّة للعبد في ذلك، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال، ثمّ حصوله قبل المشعر، و فيه: أنّه قياس، مع أنّ لازمه الالتزام به فيمن حجّ متسكّعاً ثمّ حصل له الاستطاعة قبل المشعر، و لا يقولون به.

الثاني: ما ورد من الأخبار من أنّ من لم يحرم من مكّة أحرم من حيث أمكنه، فإنّه يستفاد منها أنّ الوقت صالح لإنشاء الإحرام، فيلزم أن يكون صالحاً للانقلاب أو القلب بالأولى، و فيه ما لا يخفى.

الثالث: الأخبار الدالّة على أنّ من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ، و فيه: أنّ موردها من لم يحرم، فلا

يشمل من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام، فالقول

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 228

بالإجزاء مشكل، و الأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعاً، بل لا يخلو عن قوّة، و على القول بالإجزاء يجري فيه الفروع الآتية في مسألة العبد؛ من أنّه هل يجب تجديد النيّة لحجّة الإسلام أو لا؟ و أنّه هل يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا؟ و أنّه هل يجري في حجّ التمتّع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلى غير ذلك.

[مسألة 8: إذا مشى الصبي إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعاً]

[2989] مسألة 8: إذا مشى الصبي إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعاً لا إشكال في أنّ حجّة حجّة الإسلام.

[مسألة 9: إذا حجّ باعتقاد أنّه غير بالغ ندباً]

[2990] مسألة 9: إذا حجّ باعتقاد أنّه غير بالغ ندباً، فبان بعد الحجّ أنّه كان بالغاً، فهل يجزئ عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان، أوجههما الأوّل، و كذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ.

[الثاني: من الشروط الحرّيّة]

اشارة

الثاني: من الشروط الحرّيّة، فلا يجب على المملوك و إن أذن له مولاه و كان مستطيعاً من حيث المال، بناءً على ما هو الأقوى من القول بملكه، أو بذل له مولاه الزاد و الراحلة. نعم، لو حجّ بإذن مولاه صحّ بلا إشكال، و لكن لا يجزئه عن حجّة الإسلام، فلو أُعتق بعد ذلك أعاد؛ للنصوص.

منها: خبر مسمع: «لو أنّ عبداً حجّ عشر حجج ثمّ أُعتق كانت عليه حجّة الإسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا».

و منها: «المملوك إذا حجّ و هو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، فإن أُعتق أعاد الحجّ».

و ما في خبر حكم بن حكيم: «أيّما عبد حجّ به مواليه فقد أدرك حجّة الإسلام»، محمول على إدراك ثواب الحجّ، أو على أنّه يجزئه عنها ما دام مملوكاً؛ لخبر أبان: «العبد إذا حجّ فقد قضى حجّة الإسلام حتّى يعتق»، فلا إشكال في المسألة. نعم، لو حجّ بإذن مولاه ثمّ انعتق قبل إدراك المشعر أجزأه عن حجّة

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 229

الإسلام بالإجماع و النصوص.

[يبقى الكلام في أُمور]
اشارة

و يبقى الكلام في أُمور:

[أحدها: هل يشترط في الإجزاء تجديد النيّة للإحرام بحجّة الإسلام بعد الانعتاق

أحدها: هل يشترط في الإجزاء تجديد النيّة للإحرام بحجّة الإسلام بعد الانعتاق، فهو من باب القلب أولا، بل هو انقلاب شرعيّ؟ قولان؛ مقتضى إطلاق النصوص الثاني و هو الأقوى، فلو فرض أنّه لم يعلم بانعتاقه حتّى فرغ أو علم و لم يعلم الإجزاء حتّى يجدّد النيّة كفاه و أجزأه.

[الثاني: هل يشترط في الإجزاء كونه مستطيعاً حين الدخول في الإحرام

الثاني: هل يشترط في الإجزاء كونه مستطيعاً حين الدخول في الإحرام، أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق، أو لا يشترط ذلك أصلًا؟ أقوال، أقواها الأخير؛ لإطلاق النصوص و انصراف ما دلّ على اعتبار الاستطاعة عن المقام.

[الثالث: هل الشرط في الإجزاء إدراك خصوص المشعر]

الثالث: هل الشرط في الإجزاء إدراك خصوص المشعر، سواء أدرك الوقوف بعرفات أيضاً أو لا، أو يكفي إدراك أحد الموقفين، فلو لم يدرك المشعر، لكن أدرك الوقوف بعرفات معتقاً كفى؟ قولان؛ الأحوط الأوّل، كما أنّ الأحوط اعتبار إدراك الاختياري من المشعر، فلا يكفي إدراك الاضطراري منه، بل الأحوط اعتبار إدراك كلا الموقفين، و إن كان يكفي الانعتاق قبل المشعر، لكن إذا كان مسبوقاً بإدراك عرفات أيضاً و لو مملوكاً.

[الرابع: هل الحكم مختصّ بحجّ الإفراد و القران

الرابع: هل الحكم مختصّ بحجّ الإفراد و القران، أو يجري في حجّ التمتّع أيضاً و إن كانت عمرته بتمامها حال المملوكيّة؟ الظاهر الثاني؛ لإطلاق النصوص، خلافاً لبعضهم فقال بالأوّل؛ لأنّ إدراك المشعر معتقاً إنّما ينفع للحجّ لا للعمرة الواقعة حال المملوكيّة، و فيه ما مرّ من الإطلاق، و لا يقدح ما ذكره ذلك البعض؛ لأنّهما عمل واحد، هذا إذا لم ينعتق إلّا في الحجّ، و أمّا إذا انعتق في عمرة التمتّع و أدرك بعضها معتقاً فلا يرد الإشكال.

[مسألة 1: إذا أذن المولى لمملوكه في الإحرام فتلبّس به

[2991] مسألة 1: إذا أذن المولى لمملوكه في الإحرام فتلبّس به ليس له أن

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 230

يرجع في إذنه؛ لوجوب الإتمام على المملوك، و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. نعم، لو أذن له ثمّ رجع قبل تلبّسه به لم يجز له أن يحرم إذا علم برجوعه، و إذا لم يعلم برجوعه فتلبّس به هل يصحّ إحرامه و يجب إتمامه، أو يصحّ و يكون للمولى حلّه، أو يبطل؟ وجوه، أوجهها الأخير؛ لأنّ الصحّة مشروطة بالإذن المفروض سقوطه بالرجوع. و دعوى أنّه دخل دخولًا مشروعاً فوجب إتمامه، فيكون رجوع المولى كرجوع الموكّل قبل التصرّف و لم يعلم الوكيل، مدفوعة بأنّه لا تكفي المشروعيّة الظاهريّة، و قد ثبت الحكم في الوكيل بالدليل، و لا يجوز القياس عليه.

[مسألة 2: يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه

[2992] مسألة 2: يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه، و ليس للمشتري حلّ إحرامه. نعم، مع جهله بأنّه محرم يجوز له الفسخ مع طول الزمان الموجب لفوات بعض منافعه.

[مسألة 3: إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه

[2993] مسألة 3: إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه، و إن لم يتمكّن فعليه أن يصوم، و إن لم ينعتق كان مولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم، للنصوص و الإجماعات.

[مسألة 4: إذا أتى المملوك المأذون في إحرامه بما يوجب الكفّارة]

[2994] مسألة 4: إذا أتى المملوك المأذون في إحرامه بما يوجب الكفّارة، فهل هي على مولاه، أو عليه و يتبع بها بعد العتق، أو تنتقل إلى الصوم فيما فيه الصوم مع العجز، أو في الصيد عليه و في غيره على مولاه؟ وجوه، أظهرها كونها على مولاه؛ لصحيحة حريز، خصوصاً إذا كان الإتيان بالموجب بأمره أو بإذنه. نعم، لو لم يكن مأذوناً في الإحرام بالخصوص، بل كان مأذوناً مطلقاً إحراماً كان أو غيره لم يبعد كونها عليه، حملًا لخبر عبد الرحمن بن أبي نجران النافي لكون الكفّارة في الصيد على مولاه على هذه الصورة.

[مسألة 5: إذا أفسد المملوك المأذون حجّه بالجماع قبل المشعر]

[2995] مسألة 5: إذا أفسد المملوك المأذون حجّه بالجماع قبل المشعر فكالحرّ في وجوب الإتمام و القضاء، و أمّا البدنة ففي كونها عليه أو على مولاه فالظاهر أنّ

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 231

حالها حال سائر الكفّارات على ما مرّ، و قد مرّ أنّ الأقوى كونها على المولى الآذن له في الإحرام، و هل يجب على المولى تمكينه من القضاء لأنّ الإذن في الشي ء إذن في لوازمه، أو لا لأنّه من سوء اختياره؟ قولان، أقواهما الأوّل، سواء قلنا: إنّ القضاء هو حجّه، أو أنّه عقوبة و أنّ حجّه هو الأوّل.

هذا إذا أفسد حجّه و لم ينعتق. و أمّا إن أفسده بما ذكر ثمّ انعتق، فإن انعتق قبل المشعر كان حاله حال الحرّ في وجوب الإتمام و القضاء و البدنة، و كونه مجزئاً عن حجّة الإسلام إذا أتى بالقضاء على القولين؛ من كون الإتمام عقوبة و أنّ حجّه هو القضاء، أو كون القضاء عقوبة، بل على هذا إن لم يأت بالقضاء أيضاً أتى بحجّة الإسلام، و إن كان عاصياً في ترك القضاء، و

إن انعتق بعد المشعر فكما ذكر، إلّا أنّه لا يجزئه عن حجّة الإسلام فيجب عليه بعد ذلك إن استطاع، و إن كان مستطيعاً فعلًا ففي وجوب تقديم حجّة الإسلام أو القضاء وجهان مبنيّان على أنّ القضاء فوريّ أولا، فعلى الأوّل يقدّم لسبق سببه، و على الثاني تقدّم حجّة الإسلام لفوريّتها دون القضاء.

[مسألة 6: لا فرق فيما ذكر من عدم وجوب الحجّ على المملوك

[2996] مسألة 6: لا فرق فيما ذكر من عدم وجوب الحجّ على المملوك، و عدم صحّته إلّا بإذن مولاه، و عدم إجزائه عن حجّة الإسلام إلّا إذا انعتق قبل المشعر بين القنّ و المدبّر و المكاتب و أُمّ الولد و المبعّض، إلّا إذا هاياه مولاه و كانت نوبته كافية مع عدم كون السفر خطريّاً، فإنّه يصحّ منه بلا إذن لكن لا يجب، و لا يجزئه حينئذٍ عن حجّة الإسلام و إن كان مستطيعاً؛ لأنّه لم يخرج عن كونه مملوكاً، و إن كان يمكن دعوى الانصراف عن هذه الصورة، فمن الغريب ما في «الجواهر» من قوله: «و من الغريب ما ظنّه بعض الناس من وجوب حجّة الإسلام عليه في هذا الحال، ضرورة منافاته للإجماع المحكيّ عن المسلمين، الذي يشهد له التتبع على اشتراط الحرّيّة، المعلوم عدمها في المبعّض» انتهى، إذ لا غرابة فيه بعد إمكان

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 232

دعوى الانصراف، مع أنّ في أوقات نوبته يجري عليه جميع آثار الحرّيّة.

[مسألة 7: إذا أمر المولى مملوكه بالحجّ وجب عليه طاعته

[2997] مسألة 7: إذا أمر المولى مملوكه بالحجّ وجب عليه طاعته و إن لم يكن مجزئاً عن حجّة الإسلام، كما إذا آجره للنيابة عن غيره، فإنّه لا فرق بين إجارته للخياطة أو الكتابة و بين إجارته للحجّ أو الصلاة أو الصوم.

[الثالث: الاستطاعة]

اشارة

الثالث: الاستطاعة من حيث المال و صحّة البدن و قوّته، و تخلية السرب و سلامته و سعة الوقت و كفايته بالإجماع و الكتاب و السنّة.

[مسألة 1: لا خلاف و لا إشكال في عدم كفاية القدرة العقليّة في وجوب الحجّ

[2998] مسألة 1: لا خلاف و لا إشكال في عدم كفاية القدرة العقليّة في وجوب الحجّ، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة، و هي كما في جملة من الأخبار الزاد و الراحلة، فمع عدمهما لا يجب و إن كان قادراً عليه عقلًا بالاكتساب و نحوه، و هل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصّاً بصورة الحاجة إليها؛ لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقّة عليه أو منافياً لشرفه، أو يشترط مطلقاً و لو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضى إطلاق الأخبار و الإجماعات المنقولة الثاني، و ذهب جماعة من المتأخّرين إلى الأوّل؛ لجملة من الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلّا، بدعوى أنّ مقتضى الجمع بينها و بين الأخبار الأُول حملها على صورة الحاجة، مع أنّها منزّلة على الغالب، بل انصرافها إليها، و الأقوى هو القول الثاني؛ لإعراض المشهور عن هذه الأخبار مع كونها بمرأى منهم و مسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل، كالحمل على الحجّ المندوب و إن كان بعيداً عن سياقها، مع أنّها مفسّرة للاستطاعة في الآية الشريفة، و حمل الآية على القدر المشترك بين الوجوب و الندب بعيد، أو حملها على من استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً، و هو أيضاً بعيد، أو نحو ذلك.

و كيف كان فالأقوى ما ذكرنا، و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي و الركوب، أو

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 233

يكون المشي أسهل؛ لانصراف الأخبار الأُول عن هذه الصورة، بل لولا الإجماعات

المنقولة و الشهرة لكان هذا القول في غاية القوّة.

[مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب و البعيد]

[2999] مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب و البعيد حتّى بالنسبة إلى أهل مكّة؛ لإطلاق الأدلّة، فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة إليهم لا وجه له.

[مسألة 3: لا يشترط وجودهما عيناً عنده

[3000] مسألة 3: لا يشترط وجودهما عيناً عنده، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما من المال، من غير فرق بين النقود و الأملاك من البساتين و الدكاكين و الخانات و نحوها، و لا يشترط إمكان حمل الزاد معه، بل يكفي إمكان تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، و مع عدمه فيها يجب حمله مع الإمكان، من غير فرق بين علف الدابّة و غيره، و مع عدمه يسقط الوجوب.

[مسألة 4: المراد بالزاد هنا المأكول و المشروب و سائر ما يحتاج إليه المسافر]

[3001] مسألة 4: المراد بالزاد هنا المأكول و المشروب و سائر ما يحتاج إليه المسافر من الأوعية التي يتوقّف عليها حمل المحتاج إليه، و جميع ضروريّات ذلك السفر بحسب حاله قوّة و ضعفاً، و زمانه حرّا و برداً، و شأنه شرفاً و ضعة، و المراد بالراحلة مطلق ما يركب و لو مثل السفينة في طريق البحر. و اللازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوّة و الضعف، بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة و الشرف كمّاً و كيفاً، فإذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة بحيث يعدّ ما دونهما نقصاً عليه يشترط في الوجوب القدرة عليه، و لا يكفي ما دونه، و إن كانت الآية و الأخبار مطلقة، و ذلك لحكومة قاعدة نفي العسر و الحرج على الإطلاقات. نعم، إذا لم يكن بحدّ الحرج وجب معه الحجّ، و عليه يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه و لو على حمار أجدع مقطوع الذنب.

[مسألة 5: إذا لم يكن عنده الزاد و لكن كان كسوباً يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق

[3002] مسألة 5: إذا لم يكن عنده الزاد و لكن كان كسوباً يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله و شربه و غيرهما من بعض حوائجه، هل يجب عليه أو لا؟

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 234

الأقوى عدمه و إن كان أحوط.

[مسألة 6: إنّما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده

[3003] مسألة 6: إنّما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فالعراقيّ إذا استطاع و هو في الشام وجب عليه، و إن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق، بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة أُخرى من تجارة أو غيرها، و كان له هناك ما يمكن أن يحجّ به وجب عليه، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع و كان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال بالوجوب عليه، و إن كان لا يخلو عن إشكال.

[مسألة 7: إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة و لم يوجد سقط الوجوب

[3004] مسألة 7: إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة و لم يوجد سقط الوجوب. و لو وجد و لم يوجد شريك للشقّ الآخر، فإن لم يتمكّن من اجرة الشقّين سقط أيضاً، و إن تمكّن فالظاهر الوجوب لصدق الاستطاعة، فلا وجه لما عن العلّامة من التوقّف فيه، لأنّ بذل المال له خسران لا مقابل له. نعم، لو كان بذله مجحفاً و مضرّاً بحاله لم يجب، كما هو الحال في شراء ماء الوضوء.

[مسألة 8: غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو اجرة المركوب في تلك السنة لا يوجب السقوط]

[3005] مسألة 8: غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو اجرة المركوب في تلك السنة لا يوجب السقوط، و لا يجوز التأخير عن تلك السنة مع تمكّنه من القيمة، بل و كذا لو توقّف على الشراء بأزيد من ثمن المثل و القيمة المتعارفة، بل و كذا لو توقّف على بيع أملاكه بأقلّ من ثمن المثل؛ لعدم وجود راغب في القيمة المتعارفة، فما عن الشيخ من سقوط الوجوب ضعيف. نعم، لو كان الضرر مجحفاً بماله مضرّاً بحاله لم يجب، و إلّا فمطلق الضرر لا يرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة و شمول الأدلّة، فالمناط هو الإجحاف و الوصول إلى حدّ الحرج الرافع للتكليف.

[مسألة 9: لا يكفي في وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط]

[3006] مسألة 9: لا يكفي في وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط، بل يشترط وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده، و إن لم يكن له فيه أهل و لا مسكن مملوك و لو بالإجارة؛ للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه المألوف له. نعم، إذا لم يرد العود أو كان وحيداً لا تعلّق له بوطن لم يعتبر وجود نفقة العود؛ لإطلاق الآية

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 235

و الأخبار في كفاية وجود نفقة الذهاب، و إذا أراد السكنى في بلد آخر غير وطنه لا بدّ من وجود النفقة إليه إذا لم يكن أبعد من وطنه، و إلّا فالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه.

[مسألة 10: لا يشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في نفقة الحجّ

[3007] مسألة 10: قد عرفت أنّه لا يشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في نفقة الحجّ من الزاد و الراحلة، و لا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال لشرائها، لكن يستثني من ذلك ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه، فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله، و لا خادمه المحتاج إليه، و لا ثياب تجمّله اللائقة بحاله فضلًا عن ثياب مهنته، و لا أثاث بيته؛ من الفراش و الأواني و غيرهما ممّا هو محلّ حاجته، بل و لا حليّ المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها و مكانها، و لا كتب العلم لأهله، التي لا بدّ له منها فيما يجب تحصيله؛ لأنّ الضرورة الدينيّة أعظم من الدنيويّة، و لا آلات الصنائع المحتاج إليها في معاشه، و لا فرس ركوبه مع الحاجة إليه، و لا سلاحه و لا سائر ما يحتاج إليه؛ لاستلزام التكليف بصرفها في الحجّ العسر و الحرج.

و لا يعتبر فيها الحاجة الفعليّة،

فلا وجه لما عن «كشف اللثام» من أنّ فرسه إن كان صالحاً لركوبه في طريق الحجّ فهو من الراحلة، و إلّا فهو في مسيره إلى الحجّ لا يفتقر إليه بل يفتقر إلى غيره، و لا دليل على عدم وجوب بيعه حينئذٍ، كما لا وجه لما عن «الدروس» من التوقّف في استثناء ما يضطرّ إليه من أمتعة المنزل و السلاح و آلات الصنائع، فالأقوى استثناء جميع ما يحتاج إليه في معاشه ممّا يكون إيجاب بيعه مستلزماً للعسر و الحرج. نعم، لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحجّ، و كذا لو استغنى عنها بعد الحاجة كما في حليّ المرأة إذا كبرت عنه و نحوه.

[مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه

[3008] مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه، و كان عنده دار

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 236

مملوكة فالظاهر وجوب بيع المملوكة إذا كانت وافية لمصارف الحجّ أو متمّمة لها، و كذا في الكتب المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته، فيجب بيع المملوكة منها، و كذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة؛ لصدق الاستطاعة حينئذٍ إذا لم يكن ذلك منافياً لشأنه و لم يكن عليه حرج في ذلك. نعم، لو لم تكن موجودة و أمكنه تحصيلها لم يجب عليه ذلك، فلا يجب بيع ما عنده و في ملكه، و الفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الأُولى، إلّا إذا حصلت بلا سعي منه أو حصّلها مع عدم وجوبه، فإنّه بعد التحصيل يكون كالحاصل أوّلًا.

[مسألة 12: لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها]

[3009] مسألة 12: لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها، لكن كانت زائدة بحسب القيمة و أمكن تبديلها بما يكون أقلّ قيمة مع كونه لائقاً بحاله أيضاً، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحجّ أو لتتميمها؟ قولان؛ من صدق الاستطاعة، و من عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة، و الأصل عدم وجوب التبديل، و الأقوى الأوّل إذا لم يكن فيه حرج أو نقص عليه و كانت الزيادة معتدّاً بها، كما إذا كانت له دار تسوى مائة و أمكن تبديلها بما يسوى خمسين مع كونه لائقاً بحاله من غير عسر، فإنّه يصدق الاستطاعة. نعم، لو كانت الزيادة قليلة جدّاً بحيث لا يعتنى بها أمكن دعوى عدم الوجوب، و إن كان الأحوط التبديل أيضاً.

[مسألة 13: إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات، لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به

[3010] مسألة 13: إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات، لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها، ففي جواز شرائها و ترك الحجّ إشكال، بل الأقوى عدم جوازه إلّا أن يكون عدمها موجباً للحرج عليه، فالمدار في ذلك هو الحرج و عدمه، و حينئذٍ فإن كانت موجودة عنده لا يجب بيعها إلّا مع عدم الحاجة، و إن لم تكن موجودة لا يجوز شراؤها إلّا مع لزوم الحرج في تركه، و لو

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 237

كانت موجودة و باعها بقصد التبديل بآخر لم يجب صرف ثمنها في الحجّ، فحكم ثمنها حكمها، و لو باعها لا بقصد التبديل وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحجّ إلّا مع الضرورة إليها على حدّ الحرج في عدمها.

[مسألة 14: إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ و نازعته نفسه إلى النكاح

[3011] مسألة 14: إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ و نازعته نفسه إلى النكاح صرّح جماعة بوجوب الحجّ و تقديمه على التزويج، بل قال بعضهم: و إن شقّ عليه ترك التزويج، و الأقوى وفاقاً لجماعة أُخرى عدم وجوبه مع كون ترك التزويج حرجاً عليه، أو موجباً لحدوث مرض، أو للوقوع في الزنا و نحوه. نعم، لو كانت عنده زوجة واجبة النفقة و لم يكن له حاجة فيها لا يجب أن يطلّقها و صرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف الحجّ؛ لعدم صدق الاستطاعة عرفاً.

[مسألة 15: إذا لم يكن عنده ما يحجّ به، و لكن كان له دين على شخص بمقدار مؤنته

[3012] مسألة 15: إذا لم يكن عنده ما يحجّ به، و لكن كان له دين على شخص بمقدار مؤنته أو بما تتمّ به مؤنته، فاللازم اقتضاؤه و صرفه في الحجّ إذا كان الدين حالّا و كان المديون باذلًا؛ لصدق الاستطاعة حينئذٍ، و كذا إذا كان مماطلًا و أمكن إجباره بإعانة متسلّط، أو كان منكراً و أمكن إثباته عند الحاكم الشرعي و أخذه بلا كلفة و حرج، بل و كذا إذا توقّف استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور، بناءً على ما هو الأقوى من جواز الرجوع إليه مع توقّف استيفاء الحقّ عليه؛ لأنّه حينئذٍ يكون واجباً بعد صدق الاستطاعة؛ لكونه مقدّمة للواجب المطلق، و كذا لو كان الدين مؤجّلًا و كان المديون باذلًا قبل الأجل لو طالبه، و منع صاحب «الجواهر» الوجوب حينئذٍ بدعوى عدم صدق الاستطاعة محلّ منع. و أمّا لو كان المديون معسراً أو مماطلًا لا يمكن إجباره، أو منكراً للدين و لم يمكن إثباته، أو كان الترافع مستلزماً للحرج، أو كان الدين مؤجّلًا مع عدم كون المديون باذلًا فلا يجب، بل الظاهر عدم الوجوب لو لم يكن واثقاً ببذله

مع المطالبة.

[مسألة 16: لا يجب الاقتراض للحجّ إذا لم يكن له مال

[3013] مسألة 16: لا يجب الاقتراض للحجّ إذا لم يكن له مال و إن كان قادراً على

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 238

وفائه بعد ذلك بسهولة؛ لأنّه تحصيل للاستطاعة و هو غير واجب. نعم، لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحجّ فعلًا، أو مال حاضر لا راغب في شرائه أو دين مؤجّل لا يكون المديون باذلًا له قبل الأجل، و أمكنه الاستقراض و الصرف في الحجّ ثمّ وفاؤه بعد ذلك فالظاهر وجوبه؛ لصدق الاستطاعة حينئذٍ عرفاً، إلّا إذا لم يكن واثقاً بوصول الغائب أو حصول الدين بعد ذلك، فحينئذٍ لا يجب الاستقراض؛ لعدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة.

[مسألة 17: إذا كان عنده ما يكفيه للحجّ و كان عليه دين

[3014] مسألة 17: إذا كان عنده ما يكفيه للحجّ و كان عليه دين، ففي كونه مانعاً عن وجوب الحجّ مطلقاً، سواء كان حالّا مطالباً به أولا، أو كونه مؤجّلًا، أو عدم كونه مانعاً إلّا مع الحلول و المطالبة، أو كونه مانعاً إلّا مع التأجيل أو الحلول مع عدم المطالبة، أو كونه مانعاً إلّا مع التأجيل و سعة الأجل للحجّ و العود أقوال، و الأقوى كونه مانعاً إلّا مع التأجيل و الوثوق بالتمكّن من أداء الدين إذا صرف ما عنده في الحجّ، و ذلك لعدم صدق الاستطاعة في غير هذه الصورة، و هي المناط في الوجوب، لا مجرّد كونه مالكاً للمال. و جواز التصرّف فيه بأيّ وجه أراد، و عدم المطالبة في صورة الحلول أو الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة.

نعم، لا يبعد الصدق إذا كان واثقاً بالتمكّن من الأداء مع فعليّة الرضا بالتأخير من الدائن، و الأخبار الدالّة على جواز الحجّ لمن عليه دين لا تنفع في الوجوب و في كونه حجّة الإسلام.

و أمّا صحيح معاوية بن عمّار، عن الصادق (عليه السّلام) عن رجل عليه دين أ عليه أن يحجّ؟ قال: «نعم، إنّ حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين». و خبر عبد الرحمن، عنه (عليه السّلام) أنّه قال: «الحجّ واجب على الرجل و إن كان عليه دين» فمحمولان على الصورة التي ذكرنا، أو على من استقرّ عليه الحجّ سابقاً، و إن كان لا يخلو عن إشكال كما سيظهر، فالأولى الحمل الأوّل.

و أمّا ما يظهر من صاحب «المستند» من أنّ كلّا من أداء الدين و الحجّ واجب،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 239

فاللازم بعد عدم الترجيح التخيير بينهما في صورة الحلول مع المطالبة، أو التأجيل مع عدم سعة الأجل للذهاب و العود، و تقديم الحجّ في صورة الحلول مع الرضا بالتأخير، أو التأجيل مع سعة الأجل للحجّ و العود، و لو مع عدم الوثوق بالتمكّن من أداء الدين بعد ذلك، حيث لا يجب المبادرة إلى الأداء فيهما، فيبقى وجوب الحجّ بلا مزاحم، ففيه: أنّه لا وجه للتخيير في الصورتين الأُوليين، و لا لتعيين تقديم الحجّ في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييراً أو تعييناً مشروطاً بالاستطاعة الغير الصادقة في المقام، خصوصاً مع المطالبة و عدم الرضا بالتأخير، مع أنّ التخيير فرع كون الواجبين مطلقين و في عرض واحد، و المفروض أنّ وجوب أداء الدين مطلق بخلاف وجوب الحجّ، فإنّه مشروط بالاستطاعة الشرعيّة.

نعم، لو استقرّ عليه وجوب الحجّ سابقاً فالظاهر التخيير؛ لأنّهما حينئذٍ في عرض واحد، و إن كان يحتمل تقديم الدين إذا كان حالّا مع المطالبة أو مع عدم الرضا بالتأخير؛ لأهمّيّة حقّ الناس من حقّ اللَّه، لكنّه ممنوع، و لذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت

يوزّع المال عليهما، و لا يقدّم دين الناس، و يحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب، لكنّه أيضاً لا وجه له كما لا يخفى.

[مسألة 18: لا فرق في كون الدين مانعاً من وجوب الحجّ بين أن يكون سابقاً على حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا]

[3015] مسألة 18: لا فرق في كون الدين مانعاً من وجوب الحجّ بين أن يكون سابقاً على حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا، كما إذا استطاع للحجّ ثمّ عرض عليه دين؛ بأن أتلف مال الغير مثلًا على وجه الضمان من دون تعمّد قبل خروج الرفقة، أو بعده قبل أن يخرج هو، أو بعد خروجه قبل الشروع في الأعمال، فحاله حال تلف المال من دون دين، فإنّه يكشف عن عدم كونه مستطيعاً.

[مسألة 19: إذا كان عليه خمس أو زكاة و كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ لولاهما]

[3016] مسألة 19: إذا كان عليه خمس أو زكاة و كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ لولاهما فحالهما حال الدين مع المطالبة؛ لأنّ المستحقّين لهما مطالبون، فيجب صرفه فيهما و لا يكون مستطيعاً، و إن كان الحجّ مستقرّاً عليه سابقاً تجي ء الوجوه

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 240

المذكورة من التخيير، أو تقديم حقّ الناس، أو تقديم الأسبق. هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمّته، و أمّا إذا كانا في عين ماله فلا إشكال في تقديمهما على الحجّ؛ سواء كان مستقراً عليه أو لا، كما أنّهما يقدّمان على ديون الناس أيضاً، و لو حصلت الاستطاعة و الدين و الخمس و الزكاة معاً فكما لو سبق الدين.

[مسألة 20: إذا كان عليه دين مؤجّل بأجل طويل جدّاً]

[3017] مسألة 20: إذا كان عليه دين مؤجّل بأجل طويل جدّاً، كما بعد خمسين سنة فالظاهر عدم منعه عن الاستطاعة، و كذا إذا كان الديّان مسامحاً في أصله، كما في مهور نساء أهل الهند، فإنّهم يجعلون المهر ما لا يقدر الزوج على أدائه كمائة ألف روبية، أو خمسين ألف لإظهار الجلالة و ليسوا مقيّدين بالإعطاء و الأخذ، فمثل ذلك لا يمنع من الاستطاعة و وجوب الحجّ، و كالدين ممّن بناؤه على الإبراء إذا لم يتمكّن المديون من الأداء، أو واعده بالإبراء بعد ذلك.

[مسألة 21: إذا شكّ في مقدار ماله و أنّه وصل إلى حدّ الاستطاعة أو لا]

[3018] مسألة 21: إذا شكّ في مقدار ماله و أنّه وصل إلى حدّ الاستطاعة أو لا، هل يجب عليه الفحص أم لا؟ وجهان؛ أحوطهما ذلك، و كذا إذا علم مقداره و شكّ في مقدار مصرف الحجّ و أنّه يكفيه أو لا.

[مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب و الإياب

[3019] مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب و الإياب، و كان له مال غائب لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود، لكن لا يعلم بقاءه أو عدم بقائه، فالظاهر وجوب الحجّ بهذا الذي بيده استصحاباً لبقاء الغائب، فهو كما لو شكّ في أنّ أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أو لا، فلا يعدّ من الأصل المثبت.

[مسألة 23: إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحجّ

[3020] مسألة 23: إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحجّ يجوز له قبل أن يتمكّن من المسير أن يتصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة، و أمّا بعد التمكّن منه فلا يجوز، و إن كان قبل خروج الرفقة، و لو تصرّف بما يخرجه عنها بقيت ذمّته مشغولة به، و الظاهر صحّة التصرّف مثل الهبة و العتق و إن كان فعل حراماً؛ لأنّ النهي متعلّق بأمر خارج. نعم، لو كان قصده في ذلك التصرّف الفرار من الحجّ

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 241

لا لغرض شرعي أمكن أن يقال بعدم الصحّة، و الظاهر أنّ المناط في عدم جواز التصرّف المخرج هو التمكّن في تلك السنة، فلو لم يتمكّن فيها و لكن يتمكّن في السنة الأُخرى لم يمنع عن جواز التصرّف، فلا يجب إبقاء المال إلى العام القابل إذا كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من يكون بلده بعيداً عن مكّة بمسافة سنتين.

[مسألة 24: إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو منضمّاً إلى ماله الحاضر]

[3021] مسألة 24: إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو منضمّاً إلى ماله الحاضر، و تمكّن من التصرّف في ذلك المال الغائب يكون مستطيعاً و يجب عليه الحجّ، و إن لم يكن متمكّناً من التصرّف فيه و لو بتوكيل من يبيعه هناك فلا يكون مستطيعاً إلّا بعد التمكّن منه أو الوصول في يده. و على هذا فلو تلف في الصورة الأُولى بقي وجوب الحجّ مستقرّاً عليه إن كان التمكّن في حال تحقّق سائر الشرائط، و لو تلف في الصورة الثانية لم يستقرّ، و كذا إذا مات مورّثه و هو في بلد آخر و تمكّن من التصرّف في حصّته أو لم يتمكّن، فإنّه على الأوّل يكون مستطيعاً بخلافه على الثاني.

[مسألة 25: إذا وصل ماله إلى حدّ الاستطاعة لكنّه كان جاهلًا به أو كان غافلًا عن وجوب الحجّ عليه

[3022] مسألة 25: إذا وصل ماله إلى حدّ الاستطاعة لكنّه كان جاهلًا به أو كان غافلًا عن وجوب الحجّ عليه، ثمّ تذكّر بعد أن تلف ذلك المال فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده، و الجهل و الغفلة لا يمنعان عن الاستطاعة. غاية الأمر أنّه معذور في ترك ما وجب عليه، و حينئذٍ فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستئجار عنه إن كانت له تركة بمقداره، و كذا إذا نقل ذلك المال إلى غيره بهبة أو صلح ثمّ علم بعد ذلك أنّه كان بقدر الاستطاعة. فلا وجه لما ذكره المحقّق القمّي في أجوبة مسائله من عدم الوجوب؛ لأنّه لجهله لم يصر مورداً، و بعد النقل و التذكّر ليس عنده ما يكفيه فلم يستقرّ عليه؛ لأنّ عدم التمكّن من جهة الجهل و الغفلة لا ينافي الوجوب الواقعي، و القدرة التي هي شرط في التكاليف القدرة من حيث هي، و

هي موجودة، و العلم شرط في التنجّز لا في

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 242

أصل التكليف.

[مسألة 26: إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً]

[3023] مسألة 26: إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلًا و تخيّل أنّه الأمر الندبي أجزأ عن حجّة الإسلام؛ لأنّه حينئذٍ من باب الاشتباه في التطبيق، و إن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجزئ عنها و إن كان حجّه صحيحاً، و كذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلك. و أمّا لو علم بذلك و تخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبيّ فلا يجزئ؛ لأنّه يرجع إلى التقييد.

[مسألة 27: هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد و الراحلة و غيرهما]

[3024] مسألة 27: هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد و الراحلة و غيرهما، كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحجّ بشرط الخيار له إلى مدّة معيّنة، أو باعه محاباة كذلك؟ وجهان، أقواهما العدم؛ لأنّها في معرض الزوال إلّا إذا كان واثقاً بأنّه لا يفسخ، و كذا لو وهبه و أقبضه إذا لم يكن رحماً، فإنّه ما دامت العين موجودة له الرجوع، و يمكن أن يقال بالوجوب هنا، حيث إنّ له التصرّف في الموهوب فتلزم الهبة.

[مسألة 28: يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد و الراحلة بقاء المال إلى تمام الأعمال

[3025] مسألة 28: يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد و الراحلة بقاء المال إلى تمام الأعمال، فلو تلف بعد ذلك و لو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة، و كذا لو حصل عليه دين قهراً عليه، كما إذا أتلف مال غيره خطأً. و أمّا لو أتلفه عمداً فالظاهر كونه كإتلاف الزاد و الراحلة عمداً في عدم زوال استقرار الحجّ.

[مسألة 29: إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه

[3026] مسألة 29: إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه بناءً على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة، فهل يكفيه عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان، لا يبعد الإجزاء، و يقرّبه ما ورد من أنّ من مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، بل يمكن أن يقال بذلك إذا تلف في أثناء الحجّ أيضاً.

[مسألة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد و الراحلة]

[3027] مسألة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد و الراحلة، فلو حصلا بالإباحة اللازمة كفى في الوجوب؛ لصدق الاستطاعة، و يؤيّده الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحد المتعاملين على الآخر في ضمن عقد لازم أن يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلًا وجب عليه الحجّ، و يكون كما لو كان مالكاً له.

[مسألة 31: لو أوصى له بما يكفيه للحجّ

[3028] مسألة 31: لو أوصى له بما يكفيه للحجّ فالظاهر وجوب الحجّ عليه بعد موت الموصي، خصوصاً إذا لم يعتبر القبول في ملكيّة الموصى له، و قلنا بملكيته ما لم يردّ، فإنّه ليس له الردّ حينئذٍ.

[مسألة 32: إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين عليه السّلام في كلّ عرفة]

[3029] مسألة 32: إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين (عليه السّلام) في كلّ عرفة ثمّ حصلت لم يجب عليه الحجّ، بل و كذا لو نذر إن جاء مسافرة أن يعطي الفقير كذا مقداراً، فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلّق عليه، بل و كذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف مقدار مائة ليرة مثلًا في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك، فإنّ هذا كلّه مانع عن تعلّق وجوب الحجّ به، و كذا إذا كان عليه واجب مطلق فوريّ قبل حصول الاستطاعة و لم يمكن الجمع بينه و بين الحجّ، ثمّ حصلت الاستطاعة، و إن لم يكن ذلك الواجب أهمّ من الحجّ؛ لأنّ العذر الشرعي كالعقلي في المنع من الوجوب. و أمّا لو حصلت الاستطاعة أوّلًا ثمّ حصل واجب فوريّ آخر لا يمكن الجمع بينه و بين الحجّ يكون من باب المزاحمة، فيقدّم الأهمّ منهما، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدّم على الحجّ، و حينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحجّ فيه، و إلّا فلا، إلّا أن يكون الحجّ قد استقرّ عليه سابقاً، فإنّه يجب عليه و لو متسكّعاً.

[مسألة 33: النذر المعلّق على أمر قسمان

[3030] مسألة 33: النذر المعلّق على أمر قسمان: تارة يكون التعليق على وجه الشرطيّة، كما إذا قال: إن جاء مسافري فللّه عليّ أن أزور الحسين (عليه السّلام) في عرفة،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 244

و تارة يكون على نحو الواجب المعلّق، كأن يقول: للَّه عليّ أن أزور الحسين (عليه السّلام) في عرفة عند مجي ء مسافري، فعلى الأوّل يجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجي ء مسافرة، و على الثاني لا يجب، فيكون حكمه حكم النذر المنجّز في أنّه لو حصلت الاستطاعة و كان

العمل بالنذر منافياً لها لم يجب الحجّ؛ سواء حصل المعلّق عليه قبلها أو بعدها. و كذا لو حصلا معاً لا يجب الحجّ، من دون فرق بين الصورتين، و السرّ في ذلك أنّ وجوب الحجّ مشروط و النذر مطلق، فوجوبه يمنع من تحقّق الاستطاعة.

[مسألة 34: إذا لم يكن له زاد و راحلة و لكن قيل له: حجّ و عليّ نفقتك و نفقة عيالك وجب عليه

[3031] مسألة 34: إذا لم يكن له زاد و راحلة و لكن قيل له: حجّ و عليّ نفقتك و نفقة عيالك وجب عليه، و كذا لو قال: حجّ بهذا المال و كان كافياً له ذهاباً و إياباً و لعياله، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة كما تحصل بملكها، من غير فرق بين أن يبيحها له أو يملّكها إيّاه، و لا بين أن يبذل عينها أو ثمنها، و لا بين أن يكون البذل واجباً عليه بنذر أو يمين أو نحوهما أو لا، و لا بين كون الباذل موثوقاً به أو لا على الأقوى، و القول بالاختصاص بصورة التمليك ضعيف، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه أو بأحد الأمرين؛ من التمليك أو الوجوب، و كذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقاً به؛ كلّ ذلك لصدق الاستطاعة و إطلاق المستفيضة من الأخبار، و لو كان له بعض النفقة فبذل له البقيّة وجب أيضاً، و لو بذل له نفقة الذهاب فقط و لم يكن عنده نفقة العود لم يجب، و كذا لو لم يبذل نفقة عياله إلّا إذا كان عنده ما يكفيهم إلى أن يعود، أو كان لا يتمكّن من نفقتهم مع ترك الحجّ أيضاً.

[مسألة 35: لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذليّة]

[3032] مسألة 35: لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذليّة. نعم، لو كان حالّا و كان الديّان مطالباً مع فرض تمكّنه من أدائه لو لم يحجّ و لو تدريجاً، ففي كونه مانعاً أو لا وجهان.

[مسألة 36: لا يشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذليّة]

[3033] مسألة 36: لا يشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذليّة.

[مسألة 37: إذا وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى

[3034] مسألة 37: إذا وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى، بل و كذا لو وهبه و خيّره بين أن يحجّ به أو لا. و أمّا لو وهبه و لم يذكر الحجّ لا تعييناً و لا تخييراً فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور.

[مسألة 38: لو وقف شخص لمن يحجّ أو أوصى أو نذر كذلك، فبذل المتولّي

[3035] مسألة 38: لو وقف شخص لمن يحجّ أو أوصى أو نذر كذلك، فبذل المتولّي أو الوصيّ أو الناذر له وجب عليه؛ لصدق الاستطاعة بل إطلاق الأخبار، و كذا لو أوصى له بما يكفيه للحجّ بشرط أن يحجّ، فإنّه يجب عليه بعد موت الموصي.

[مسألة 39: لو أعطاه ما يكفيه للحجّ خمساً أو زكاة و شرط عليه أن يحجّ به

[3036] مسألة 39: لو أعطاه ما يكفيه للحجّ خمساً أو زكاة و شرط عليه أن يحجّ به فالظاهر الصحّة و وجوب الحجّ عليه إذا كان فقيراً، أو كانت الزكاة من سهم سبيل اللَّه.

[مسألة 40: الحجّ البذلي مجزئ عن حجّة الإسلام

[3037] مسألة 40: الحجّ البذلي مجزئ عن حجّة الإسلام، فلا يجب عليه إذا استطاع مالًا بعد ذلك على الأقوى.

[مسألة 41: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام

[3038] مسألة 41: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، و في جواز رجوعه عنه بعده وجهان، و لو وهبه للحجّ فقبل فالظاهر جريان حكم الهبة عليه في جواز الرجوع قبل الإقباض و عدمه بعده إذا كانت لذي رحم أو بعد تصرّف الموهوب له.

[مسألة 42: إذا رجع الباذل في أثناء الطريق

[3039] مسألة 42: إذا رجع الباذل في أثناء الطريق ففي وجوب نفقة العود عليه أو لا وجهان.

[مسألة 43: إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة]

[3040] مسألة 43: إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة فالظاهر الوجوب عليهم كفاية، فلو ترك الجميع استقرّ عليهم الحجّ فيجب على الكلّ؛ لصدق الاستطاعة بالنسبة إلى الكلّ، نظير ما إذا وجد المتيمّمون ماءً يكفي لواحد منهم، فإنّ تيمّم الجميع يبطل.

[مسألة 44: الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل

[3041] مسألة 44: الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل. و أمّا الكفّارات، فإن أتى بموجبها عمداً اختياراً فعليه، و إن أتى به اضطراراً أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه بين العمد و غيره، ففي كونه عليه أو على الباذل وجهان.

[مسألة 45: إنّما يجب بالبذل الحجّ الذي هو وظيفته على تقدير الاستطاعة]

[3042] مسألة 45: إنّما يجب بالبذل الحجّ الذي هو وظيفته على تقدير الاستطاعة، فلو بذل للآفاقي بحجّ القرآن أو الإفراد أو لعمرة مفردة لا يجب عليه، و كذا لو بذل للمكّي لحجّ التمتّع لا يجب عليه، و لو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام لم يجب عليه ثانياً، و لو بذل لمن استقرّ عليه حجّة الإسلام و صار معسراً وجب عليه، و لو كان عليه حجّة النذر أو نحوه و لم يتمكّن فبذل له باذل وجب عليه، و إن قلنا بعدم الوجوب لو وهبه لا للحجّ؛ لشمول الأخبار من حيث التعليل فيها بأنّه بالبذل صار مستطيعاً، و لصدق الاستطاعة عرفاً.

[مسألة 46: إذا قال له: بذلت لك هذا المال مخيّراً بين أن تحجّ به أو تزور الحسين عليه السّلام

[3043] مسألة 46: إذا قال له: بذلت لك هذا المال مخيّراً بين أن تحجّ به أو تزور الحسين (عليه السّلام) وجب عليه الحجّ.

[مسألة 47: لو بذل له مالًا ليحجّ بقدر ما يكفيه فسرق في أثناء الطريق

[3044] مسألة 47: لو بذل له مالًا ليحجّ بقدر ما يكفيه فسرق في أثناء الطريق سقط الوجوب.

[مسألة 48: لو رجع عن بذله في الأثناء و كان في ذلك المكان يتمكّن من أن يأتي ببقيّة الأعمال من مال نفسه

[3045] مسألة 48: لو رجع عن بذله في الأثناء و كان في ذلك المكان يتمكّن من أن يأتي ببقيّة الأعمال من مال نفسه، أو حدث له مال بقدر كفايته وجب عليه الإتمام، و أجزأه عن حجّة الإسلام.

[مسألة 49: لا فرق في الباذل بين أن يكون واحداً أو متعدّداً]

[3046] مسألة 49: لا فرق في الباذل بين أن يكون واحداً أو متعدّداً، فلو قالا له: حجّ و علينا نفقتك وجب عليه.

[مسألة 50: لو عيّن له مقداراً ليحجّ به و اعتقد كفايته فبان عدمها]

[3047] مسألة 50: لو عيّن له مقداراً ليحجّ به و اعتقد كفايته فبان عدمها وجب عليه الإتمام في الصورة التي لا يجوز له الرجوع، إلّا إذا كان ذلك مقيّداً بتقدير كفايته.

[مسألة 51: إذا قال: اقترض و حجّ و عليّ دينك

[3048] مسألة 51: إذا قال: اقترض و حجّ و عليّ دينك، ففي وجوب ذلك عليه نظر؛ لعدم صدق الاستطاعة عرفاً. نعم، لو قال: اقترض لي و حجّ به وجب مع وجود المقرض كذلك.

[مسألة 52: لو بذل له مالًا ليحجّ به فتبيّن بعد الحجّ أنّه كان مغصوباً]

[3049] مسألة 52: لو بذل له مالًا ليحجّ به فتبيّن بعد الحجّ أنّه كان مغصوباً، ففي كفايته للمبذول له عن حجّة الإسلام و عدمها وجهان، أقواهما العدم، أمّا لو قال: حجّ و عليّ نفقتك، ثمّ بذل له مالًا فبان كونه مغصوباً فالظاهر صحّة الحجّ، و أجزأه عن حجّة الإسلام؛ لأنّه استطاع بالبذل و قرار الضمان على الباذل في الصورتين، عالماً كان بكونه مال الغير أو جاهلًا.

[مسألة 53: لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ بأُجرة يصير بها مستطيعاً]

[3050] مسألة 53: لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ بأُجرة يصير بها مستطيعاً وجب عليه الحجّ، و لا ينافيه وجوب قطع الطريق عليه للغير؛ لأنّ الواجب عليه في حجّ نفسه أفعال الحجّ، و قطع الطريق مقدّمة توصّلية بأيّ وجه أتى بها كفى و لو على وجه الحرام، أو لا بنيّة الحجّ، و لذا لو كان مستطيعاً قبل الإجارة جاز له إجارة نفسه للخدمة في الطريق، بل لو آجر نفسه لنفس المشي معه بحيث يكون العمل المستأجر عليه نفس المشي صحّ أيضاً، و لا يضرّ بحجّه. نعم، لو آجر نفسه لحجّ بلديّ لم يجز له أن يؤجر نفسه لنفس المشي، كإجارته لزيارة بلديّة أيضاً، أمّا لو آجر للخدمة في الطريق فلا بأس و إن كان مشيه للمستأجر الأوّل، فالممنوع وقوع الإجارة على نفس ما وجب عليه أصلًا أو بالإجارة.

[مسألة 54: إذا استؤجر؛ أي طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً]

[3051] مسألة 54: إذا استؤجر؛ أي طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً لا يجب عليه القبول، و لا يستقرّ الحجّ عليه، فالوجوب عليه مقيّد بالقبول و وقوع الإجارة، و قد يقال بوجوبه إذا لم يكن حرجاً عليه؛ لصدق الاستطاعة، و لأنّه مالك لمنافعه فيكون مستطيعاً قبل الإجارة، كما إذا كان مالكاً لمنفعة عبده أو دابّته و كانت كافية في استطاعته، و هو كما ترى؛ إذ نمنع صدق الاستطاعة بذلك،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 248

و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في بعض صوره، كما إذا كان من عادته إجارة نفسه للأسفار.

[مسألة 55: يجوز لغير المستطيع أن يؤجر نفسه للنيابة عن الغير]

[3052] مسألة 55: يجوز لغير المستطيع أن يؤجر نفسه للنيابة عن الغير، و إن حصلت الاستطاعة بمال الإجارة قدّم الحجّ النيابي، فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب عليه لنفسه، و إلّا فلا.

[مسألة 56: إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة مع عدم كونه مستطيعاً]

[3053] مسألة 56: إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة مع عدم كونه مستطيعاً لا يكفيه عن حجّة الإسلام، فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك، و ما في بعض الأخبار من إجزائه عنها محمول على الإجزاء ما دام فقيراً، كما صرّح به في بعضها الآخر، فالمستفاد منها أنّ حجّة الإسلام مستحبّة على غير المستطيع، و واجبة على المستطيع، و يتحقّق الأوّل بأيّ وجه أتى به، و لو عن الغير تبرّعاً أو بالإجارة، و لا يتحقّق الثاني إلّا مع حصول شرائط الوجوب.

[مسألة 57: يشترط في الاستطاعة مضافاً إلى مؤنة الذهاب و الإياب وجود ما يمون به عياله

[3054] مسألة 57: يشترط في الاستطاعة مضافاً إلى مؤنة الذهاب و الإياب وجود ما يمون به عياله حتّى يرجع، فمع عدمه لا يكون مستطيعاً، و المراد بهم من يلزمه نفقته لزوماً عرفيّاً، و إن لم يكن ممّن يجب عليه نفقته شرعاً على الأقوى، فإذا كان له أخ صغير أو كبير فقير لا يقدر على التكسّب و هو ملتزم بالإنفاق عليه، أو كان متكفّلًا لإنفاق يتيم في حجره و لو أجنبيّ يعدّ عيالًا له، فالمدار على العيال العرفي.

[مسألة 58: الأقوى وفاقاً لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلى كفاية]

[3055] مسألة 58: الأقوى وفاقاً لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلى كفاية؛ من تجارة أو زراعة أو صناعة أو منفعة ملك له؛ من بستان أو دكّان أو نحو ذلك، بحيث لا يحتاج إلى التكفّف، و لا يقع في الشدّة و الحرج، و يكفي كونه قادراً على التكسّب اللائق به أو التجارة باعتباره و وجاهته، و إن لم يكن له رأس مال يتّجر به. نعم، قد مرّ عدم اعتبار ذلك في الاستطاعة البذليّة، و لا يبعد عدم اعتباره أيضاً فيمن يمضي

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 249

أمره بالوجوه اللائقة به، كطلبة العلم من السادة و غيرهم، فإذا حصل لهم مقدار مؤنة الذهاب و الإياب و مؤنة عيالهم إلى حال الرجوع وجب عليهم، بل و كذا الفقير الذي عادته و شغله أخذ الوجوه و لا يقدر على التكسّب إذا حصل له مقدار مؤنة الذهاب و الإياب له و لعياله، و كذا كلّ من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ و بعده إذا صرف ما حصل له من مقدار مؤنة الذهاب و الإياب من دون حرج عليه.

[مسألة 59: لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده و يحجّ به

[3056] مسألة 59: لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده و يحجّ به، كما لا يجب على الوالد أن يبذل له، و كذا لا يجب على الولد بذل المال لوالده ليحجّ به، و كذا لا يجوز للوالد الأخذ من مال ولده للحجّ، و القول بجواز ذلك أو وجوبه كما عن الشيخ ضعيف، و إن كان يدلّ عليه صحيح سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السّلام): الرجل يحجّ من مال ابنه و هو صغير؟ قال: «نعم يحجّ منه حجّة الإسلام». قال: و ينفق منه؟ قال: «نعم». ثمّ قال: «إنّ مال

الولد لوالده، إنّ رجلًا اختصم هو و والده إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فقضى أنّ المال و الولد للوالد». و ذلك لإعراض الأصحاب عنه، مع إمكان حمله على الاقتراض من ماله مع استطاعته من مال نفسه، أو على ما إذا كان فقيراً و كانت نفقته على ولده و لم يكن نفقة السفر إلى الحجّ أزيد من نفقته في الحضر؛ إذ الظاهر الوجوب حينئذٍ.

[مسألة 60: إذا حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله

[3057] مسألة 60: إذا حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله، فلو حجّ في نفقة غيره لنفسه أجزأه، و كذا لو حجّ متسكّعاً، بل لو حجّ من مال الغير غصباً صحّ و أجزأه. نعم، إذا كان ثوب إحرامه و طوافه و سعيه من المغصوب لم يصحّ، و كذا إذا كان ثمن هديه غصباً.

[مسألة 61: يشترط في وجوب الحجّ الاستطاعة البدنيّة]

[3058] مسألة 61: يشترط في وجوب الحجّ الاستطاعة البدنيّة، فلو كان مريضاً لا يقدر على الركوب، أو كان حرجاً عليه و لو على المحمل أو الكنيسة لم يجب، و كذا لو تمكّن من الركوب على المحمل لكن لم يكن عنده مؤنته، و كذا لو احتاج إلى خادم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 250

و لم يكن عنده مؤنته.

[مسألة 62: و يشترط أيضاً الاستطاعة الزمانيّة]

[3059] مسألة 62: و يشترط أيضاً الاستطاعة الزمانيّة، فلو كان الوقت ضيّقاً لا يمكنه الوصول إلى الحجّ أو أمكن لكن بمشقّة شديدة لم يجب، و حينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب، و إلّا فلا.

[مسألة 63: و يشترط أيضاً الاستطاعة السربيّة]

[3060] مسألة 63: و يشترط أيضاً الاستطاعة السربيّة؛ بأن لا يكون في الطريق مانع لا يمكن معه الوصول إلى الميقات أو إلى تمام الأعمال، و إلّا لم يجب، و كذا لو كان غير مأمون؛ بأن يخاف على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله، و كان الطريق منحصراً فيه أو كان جميع الطرق كذلك، و لو كان هناك طريقان أحدهما أقرب لكنّه غير مأمون وجب الذهاب من الأبعد المأمون، و لو كان جميع الطرق مخوفاً إلّا أنّه يمكنه الوصول إلى الحجّ بالدوران في البلاد؛ مثل ما إذا كان من أهل العراق و لا يمكنه إلّا أن يمشي إلى كرمان، و منه إلى خراسان، و منه إلى بخارا، و منه إلى الهند، و منه إلى بوشهر، و منه إلى جدّة مثلًا، و منه إلى المدينة، و منها إلى مكّة، فهل يجب أو لا؟ وجهان، أقواهما عدم الوجوب؛ لأنّه يصدق عليه أنّه لا يكون مخلّى السرب.

[مسألة 64: إذا استلزم الذهاب إلى الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به لم يجب

[3061] مسألة 64: إذا استلزم الذهاب إلى الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به لم يجب، و كذا إذا كان هناك مانع شرعيّ من استلزامه ترك واجب فوريّ سابق على حصول الاستطاعة، أو لاحق مع كونه أهمّ من الحجّ كإنقاذ غريق أو حريق، و كذا إذا توقّف على ارتكاب محرّم، كما إذا توقّف على ركوب دابّة غصبيّة أو المشي في الأرض المغصوبة.

[مسألة 65: قد علم ممّا مرّ أنّه يشترط في وجوب الحجّ مضافاً إلى البلوغ

[3062] مسألة 65: قد علم ممّا مرّ أنّه يشترط في وجوب الحجّ مضافاً إلى البلوغ و العقل و الحرّيّة الاستطاعة الماليّة و البدنيّة و الزمانيّة و السربيّة، و عدم استلزامه الضرر، أو ترك واجب، أو فعل حرام و مع فقد أحد هذه لا يجب. فبقي

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 251

الكلام في أمرين:

أحدهما: إذا اعتقد تحقّق جميع هذه مع فقد بعضها واقعاً، أو اعتقد فقد بعضها و كان متحقّقاً، فنقول: إذا اعتقد كونه بالغاً أو حرّا مع تحقّق سائر الشرائط فحجّ ثمّ بان أنّه كان صغيراً أو عبداً، فالظاهر بل المقطوع عدم إجزائه عن حجّة الإسلام. و إن اعتقد كونه غير بالغ أو عبداً مع تحقّق سائر الشرائط و أتى به أجزأه عن حجّة الإسلام كما مرّ سابقاً، و إن تركه مع بقاء الشرائط إلى ذي الحجّة فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه، فإن فقد بعض الشرائط بعد ذلك، كما إذا تلف ماله وجب عليه الحجّ و لو متسكّعاً. و إن اعتقد كونه مستطيعاً مالًا و أنّ ما عنده يكفيه فبان الخلاف بعد الحجّ، ففي إجزائه عن حجّة الإسلام و عدمه وجهان؛ من فقد الشرط واقعاً، و من أنّ القدر المسلّم من عدم إجزاء حجّ غير المستطيع عن حجّة الإسلام غير هذه الصورة.

و

إن اعتقد عدم كفاية ما عنده من المال، و كان في الواقع كافياً و ترك الحجّ فالظاهر الاستقرار عليه. و إن اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحجّ فبان الخلاف فالظاهر كفايته. و إن اعتقد المانع من العدوّ أو الضرر أو الحرج فترك الحجّ فبان الخلاف، فهل يستقرّ عليه الحجّ أو لا؟ وجهان، و الأقوى عدمه؛ لأنّ المناط في الضرر الخوف و هو حاصل، إلّا إذا كان اعتقاده على خلاف رويّة العقلاء و بدون الفحص و التفتيش. و إن اعتقد عدم مانع شرعي فحجّ فالظاهر الإجزاء إذا بان الخلاف. و إن اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف فالظاهر الاستقرار.

ثانيهما: إذا ترك الحجّ مع تحقّق الشرائط متعمّداً، أو حجّ مع فقد بعضها كذلك، أمّا الأوّل فلا إشكال في استقرار الحجّ عليه مع بقائها إلى ذي الحجّة، و أمّا الثاني فإن حجّ مع عدم البلوغ أو عدم الحرّيّة فلا إشكال في عدم إجزائه، إلّا إذا بلغ أو انعتق قبل أحد الموقفين على إشكال في البلوغ قد مرّ. و إن حجّ مع عدم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 252

الاستطاعة الماليّة فظاهرهم مسلّمية عدم الإجزاء، و لا دليل عليه إلّا الإجماع، و إلّا فالظاهر أنّ حجّة الإسلام هو الحجّ الأوّل، و إذا أتى به كفى و لو كان ندباً، كما إذا أتى الصبي صلاة الظهر مستحبّاً بناءً على شرعيّة عباداته فبلغ في أثناء الوقت، فإنّ الأقوى عدم وجوب إعادتها، و دعوى أنّ المستحبّ لا يجزئ عن الواجب، ممنوعة بعد اتّحاد ماهيّة الواجب و المستحبّ. نعم، لو ثبت تعدّد ماهيّة حجّ المتسكّع و المستطيع تمّ ما ذكر، لا لعدم إجزاء المستحبّ عن الواجب، بل لتعدّد الماهيّة، و إن حجّ مع عدم

أمن الطريق أو مع عدم صحّة البدن مع كونه حرجاً عليه، أو مع ضيق الوقت كذلك، فالمشهور بينهم عدم إجزائه عن الواجب.

و عن «الدروس» الإجزاء إلّا إذا كان إلى حدّ الإضرار بالنفس و قارن بعض المناسك، فيحتمل عدم الإجزاء، ففرق بين حجّ المتسكّع و حجّ هؤلاء، و علّل الأجزاء بأنّ ذلك من باب تحصيل الشرط فإنّه لا يجب، لكن إذا حصّله وجب، و فيه: أنّ مجرّد البناء على ذلك لا يكفي في حصول الشرط، مع أنّ غاية الأمر حصول المقدّمة التي هو المشي إلى مكّة و منى و عرفات، و من المعلوم أنّ مجرّد هذا لا يوجب حصول الشرط الذي هو عدم الضرر، أو عدم الحرج. نعم، لو كان الحرج أو الضرر في المشي إلى الميقات فقط، و لم يكونا حين الشروع في الأعمال تمّ ما ذكره، و لا قائل بعدم الإجزاء في هذه الصورة.

هذا، و مع ذلك فالأقوى ما ذكره في «الدروس» لا لما ذكره، بل لأنّ الضرر و الحرج إذا لم يصلا إلى حدّ الحرمة إنّما يرفعان الوجوب و الإلزام لا أصل الطلب، فإذا تحمّلهما و أتى بالمأمور به كفى.

[مسألة 66: إذا حجّ مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرّم

[3063] مسألة 66: إذا حجّ مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرّم لم يجزه عن حجّة الإسلام، و إن اجتمع سائر الشرائط، لا لأنّ الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه؛ لمنعه أوّلًا، و منع بطلان العمل بهذا النهي ثانياً؛ لأنّ النهي متعلّق بأمر

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 253

خارج، بل لأنّ الأمر مشروط بعدم المانع، و وجوب ذلك الواجب مانع، و كذلك النهي المتعلّق بذلك المحرّم مانع و معه لا أمر بالحجّ. نعم، لو كان الحجّ مستقرّاً عليه و توقّف الإتيان به على ترك واجب

أو فعل حرام دخل في تلك المسألة، و أمكن أن يقال بالإجزاء؛ لما ذكر من منع اقتضاء الأمر بشي ء للنهي عن ضدّه، و منع كون النهي المتعلّق بأمر خارج موجباً للبطلان.

[مسألة 67: إذا كان في الطريق عدوّ لا يندفع إلّا بالمال

[3064] مسألة 67: إذا كان في الطريق عدوّ لا يندفع إلّا بالمال، فهل يجب بذله و يجب الحجّ أو لا؟ أقوال، ثالثها: الفرق بين المضرّ بحاله و عدمه، فيجب في الثاني دون الأوّل.

[مسألة 68: لو توقّف الحجّ على قتال العدوّ لم يجب

[3065] مسألة 68: لو توقّف الحجّ على قتال العدوّ لم يجب حتّى مع ظنّ الغلبة عليه و السلامة، و قد يقال بالوجوب في هذه الصورة.

[مسألة 69: لو انحصر الطريق في البحر وجب ركوبه

[3066] مسألة 69: لو انحصر الطريق في البحر وجب ركوبه إلّا مع خوف الغرق أو المرض خوفاً عقلائيّاً، أو استلزامه الإخلال بصلاته، أو إيجابه لأكل النجس أو شربه، و لو حجّ مع هذا صحّ حجّة؛ لأنّ ذلك في المقدّمة، و هي المشي إلى الميقات، كما إذا ركب دابّة غصبيّة إلى الميقات.

[مسألة 70: إذا استقرّ عليه الحجّ و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة]

[3067] مسألة 70: إذا استقرّ عليه الحجّ و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة وجب عليه أداؤها، و لا يجوز له المشي إلى الحجّ قبلها، و لو تركها عصى، و أمّا حجّه فصحيح إذا كانت الحقوق في ذمّته لا في عين ماله، و كذا إذا كانت في عين ماله و لكن كان ما يصرفه في مؤنته من المال الذي لا يكون فيه خمس أو زكاة أو غيرهما، أو كان ممّا تعلّق به الحقوق و لكن كان ثوب إحرامه و طوافه و سعيه و ثمن هديه من المال الذي ليس فيه حقّ، بل و كذا إذا كانا ممّا تعلّق به الحقّ من الخمس و الزكاة إلّا أنّه بقي عنده مقدار ما فيه منهما؛ بناءً على ما هو الأقوى من كونهما في العين على نحو الكلّي في المعيّن لا على وجه الإشاعة.

[مسألة 71: يجب على المستطيع الحجّ مباشرة]

[3068] مسألة 71: يجب على المستطيع الحجّ مباشرة، فلا يكفيه حجّ غيره عنه تبرّعاً أو بالإجارة إذا كان متمكّناً من المباشرة بنفسه.

[مسألة 72: إذا استقرّ الحجّ عليه و لم يتمكّن من المباشرة]

[3069] مسألة 72: إذا استقرّ الحجّ عليه و لم يتمكّن من المباشرة لمرض لم يرج زواله، أو حصر كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه، فالمشهور وجوب الاستنابة عليه، بل ربما يقال بعدم الخلاف فيه و هو الأقوى، و إن كان ربما يقال بعدم الوجوب، و ذلك لظهور جملة من الأخبار في الوجوب. و أمّا إن كان موسراً من حيث المال و لم يتمكّن من المباشرة مع عدم استقراره عليه ففي وجوب الاستنابة و عدمه قولان، لا يخلو أوّلهما عن قوّة؛ لإطلاق الأخبار المشار إليها، و هي و إن كانت مطلقة من حيث رجاء الزوال و عدمه لكن المنساق من بعضها ذلك، مضافاً إلى ظهور الإجماع على عدم الوجوب مع رجاء الزوال، و الظاهر فوريّة الوجوب كما في صورة المباشرة، و مع بقاء العذر إلى أن مات يجزئه حجّ النائب، فلا يجب القضاء عنه و إن كان مستقرّاً عليه.

و إن اتّفق ارتفاع العذر بعد ذلك فالمشهور أنّه يجب عليه مباشرة و إن كان بعد إتيان النائب، بل ربّما يدّعى عدم الخلاف فيه، لكن الأقوى عدم الوجوب؛ لأنّ ظاهر الأخبار أنّ حجّ النائب هو الذي كان واجباً على المنوب عنه، فإذا أتى به فقد حصل ما كان واجباً عليه، و لا دليل على وجوبه مرّة أُخرى، بل لو قلنا باستحباب الاستنابة فالظاهر كفاية فعل النائب بعد كون الظاهر الاستنابة فيما كان عليه، و معه لا وجه لدعوى أنّ المستحبّ لا يجزئ عن الواجب، إذ ذلك فيما إذا لم يكن المستحبّ نفس

ما كان واجباً، و المفروض في المقام أنّه هو، بل يمكن أن يقال: إذا ارتفع العذر في أثناء عمل النائب بأن كان الارتفاع بعد إحرام النائب إنّه يجب عليه الإتمام و يكفي عن المنوب عنه، بل يحتمل ذلك و إن كان في أثناء الطريق قبل الدخول في الإحرام.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 255

و دعوى أنّ جواز النيابة مادامي كما ترى، بعد كون الاستنابة بأمر الشارع، و كون الإجارة لازمة لا دليل على انفساخها، خصوصاً إذا لم يمكن إبلاغ النائب المؤجر ذلك، و لا فرق فيما ذكرنا من وجوب الاستنابة بين من عرضه العذر من المرض و غيره، و بين من كان معذوراً خلقة، و القول بعدم الوجوب في الثاني و إن قلنا بوجوبه في الأوّل ضعيف، و هل يختصّ الحكم بحجّة الإسلام، أو يجري في الحجّ النذري و الإفسادي أيضاً؟ قولان، و القدر المتيقّن هو الأوّل بعد كون الحكم على خلاف القاعدة. و إن لم يتمكّن المعذور من الاستنابة و لو لعدم وجود النائب، أو وجوده مع عدم رضاه إلّا بأزيد من اجرة المثل و لم يتمكّن من الزيادة، أو كانت مجحفة سقط الوجوب، و حينئذٍ فيجب القضاء عنه بعد موته إن كان مستقرّاً عليه، و لا يجب مع عدم الاستقرار، و لو ترك الاستنابة مع الإمكان عصى بناءً على الوجوب، و وجب القضاء عنه مع الاستقرار، و هل يجب مع عدم الاستقرار أيضاً أو لا؟ وجهان، أقواهما نعم، لأنّه استقرّ عليه بعد التمكّن من الاستنابة.

و لو استناب مع كون العذر مرجوّ الزوال لم يجز عن حجّة الإسلام، فيجب عليه بعد زوال العذر، و لو استناب مع رجاء الزوال و حصل اليأس بعد عمل النائب

فالظاهر الكفاية، و عن صاحب «المدارك» عدمها و وجوب الإعادة؛ لعدم الوجوب مع عدم اليأس، فلا يجزئ عن الواجب، و هو كما ترى، و الظاهر كفاية حجّ المتبرّع عنه في صورة وجوب الاستنابة، و هل يكفي الاستنابة من الميقات كما هو الأقوى في القضاء عنه بعد موته؟ وجهان، لا يبعد الجواز حتّى إذا أمكن ذلك في مكّة مع كون الواجب عليه هو التمتّع، و لكن الأحوط خلافه؛ لأنّ القدر المتيقّن من الأخبار الاستنابة من مكانه، كما أنّ الأحوط عدم كفاية التبرّع عنه لذلك أيضاً.

[مسألة 73: إذا مات من استقرّ عليه الحجّ في الطريق

[3070] مسألة 73: إذا مات من استقرّ عليه الحجّ في الطريق، فإن مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، فلا يجب القضاء عنه، و إن مات

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 256

قبل ذلك وجب القضاء عنه و إن كان موته بعد الإحرام على المشهور الأقوى، خلافاً لما عن الشيخ و ابن إدريس فقالا بالإجزاء حينئذٍ أيضاً، و لا دليل لهما على ذلك إلّا إشعار بعض الأخبار كصحيحة بريد العجلي، حيث قال فيها بعد الحكم بالإجزاء إذا مات في الحرم: «و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله و زاده و نفقته في حجّة الإسلام»، فإنّ مفهومه الإجزاء إذا كان بعد أن يحرم، لكنّه معارض بمفهوم صدرها، و بصحيح ضريس و صحيح زرارة و مرسل «المقنعة»، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من قوله: «قبل أن يحرم» قبل أن يدخل في الحرم، كما يقال: «أنجد» أي دخل في نجد، و «أيمن» أي دخل اليمن، فلا ينبغي الإشكال في عدم كفاية الدخول في الإحرام، كما لا يكفي الدخول في الحرم بدون الإحرام، كما إذا نسيه في

الميقات و دخل الحرم ثمّ مات؛ لأنّ المنساق من اعتبار الدخول في الحرم كونه بعد الإحرام، و لا يعتبر دخول مكّة و إن كان الظاهر من بعض الأخبار ذلك؛ لإطلاق البقيّة في كفاية دخول الحرم.

و الظاهر عدم الفرق بين كون الموت حال الإحرام أو بعد الإحلال، كما إذا مات بين الإحرامين، و قد يقال بعدم الفرق أيضاً بين كون الموت في الحلّ أو الحرم بعد كونه بعد الإحرام و دخول الحرم، و هو مشكل؛ لظهور الأخبار في الموت في الحرم، و الظاهر عدم الفرق بين حجّ التمتّع و القران و الإفراد، كما أنّ الظاهر أنّه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه عن حجّه أيضاً، بل لا يبعد الإجزاء إذا مات في أثناء حجّ القرآن أو الإفراد عن عمرتهما و بالعكس، لكنّه مشكل؛ لأنّ الحجّ و العمرة فيهما عملان مستقلّان بخلاف حجّ التمتّع، فإنّ العمرة فيه داخلة في الحجّ، فهما عمل واحد.

ثمّ الظاهر اختصاص حكم الإجزاء بحجّة الإسلام، فلا يجري الحكم في حجّ النذر و الإفساد إذا مات في الأثناء، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضاً، و إن احتمله بعضهم.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 257

و هل يجري الحكم المذكور فيمن مات مع عدم استقرار الحجّ عليه، فيجزئه عن حجّة الإسلام إذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم، و يجب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك؟ وجهان، بل قولان؛ من إطلاق الأخبار في التفصيل المذكور، و من أنّه لا وجه لوجوب القضاء عمّن لم يستقرّ عليه بعد كشف موته عن عدم الاستطاعة الزمانيّة، و لذا لا يجب إذا مات في البلد قبل الذهاب، أو إذا فقد بعض الشرائط الأُخر مع كونه موسراً، و من هنا

ربما يجعل الأمر بالقضاء فيها قرينة على اختصاصها بمن استقرّ عليه، و ربما يحتمل اختصاصها بمن لم يستقرّ عليه و حمل الأمر بالقضاء على الندب، و كلاهما منافٍ لإطلاقها، مع أنّه على الثاني يلزم بقاء الحكم فيمن استقرّ عليه بلا دليل، مع أنّه مسلّم بينهم.

و الأظهر الحكم بالإطلاق، إمّا بالتزام وجوب القضاء في خصوص هذا المورد من الموت في الطريق كما عليه جماعة و إن لم يجب إذا مات مع فقد سائر الشرائط، أو الموت و هو في البلد، و إمّا بحمل الأمر بالقضاء على القدر المشترك، و استفادة الوجوب فيمن استقرّ عليه من الخارج، و هذا هو الأظهر، فالأقوى جريان الحكم المذكور فيمن لم يستقرّ عليه أيضاً، فيحكم بالإجزاء إذا مات بعد الأمرين، و استحباب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك.

[مسألة 74: الكافر يجب عليه الحجّ إذا استطاع

[3071] مسألة 74: الكافر يجب عليه الحجّ إذا استطاع؛ لأنّه مكلّف بالفروع لشمول الخطابات له أيضاً، و لكن لا يصحّ منه ما دام كافراً كسائر العبادات، و إن كان معتقداً لوجوبه و آتياً به على وجهه مع قصد القربة؛ لأنّ الإسلام شرط في الصحّة، و لو مات لا يقضى عنه؛ لعدم كونه أهلًا للإكرام و الإبراء، و لو أسلم مع بقاء استطاعته وجب عليه، و كذا لو استطاع بعد إسلامه، و لو زالت استطاعته ثمّ أسلم لم يجب عليه على الأقوى؛ لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله، كقضاء الصلوات و الصيام، حيث إنّه واجب عليه حال كفره كالأداء، و إذا أسلم سقط عنه.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 258

و دعوى أنّه لا يعقل الوجوب عليه، إذ لا يصحّ منه إذا أتى به و هو كافر، و يسقط عنه إذا أسلم، مدفوعة بأنّه يمكن أن يكون

الأمر به حال كفره أمراً تهكّمياً ليعاقب لا حقيقيّا، لكنّه مشكل بعد عدم إمكان إتيانه به لا كافراً و لا مسلماً، و الأظهر أن يقال: إنّه حال استطاعته مأمور بالإتيان به مستطيعاً و إن تركه فمتسكّعاً و هو ممكن في حقّه؛ لإمكان إسلامه و إتيانه مع الاستطاعة و لا معها إن ترك، فحال الاستطاعة مأمور به في ذلك الحال، و مأمور على فرض تركه حالها بفعله بعدها.

و كذا يدفع الإشكال في قضاء الفوائت، فيقال: إنّه في الوقت مكلّف بالأداء، و مع تركه بالقضاء و هو مقدور له بأن يسلم فيأتي بها أداءً، و مع تركها قضاءً، فتوجّه الأمر بالقضاء إليه إنّما هو في حال الأداء على نحو الأمر المعلّق.

فحاصل الإشكال أنّه إذا لم يصحّ الإتيان به حال الكفر و لا يجب عليه إذا أسلم، فكيف يكون مكلّفاً بالقضاء و يعاقب على تركه؟ و حاصل الجواب أنّه يكون مكلّفاً بالقضاء في وقت الأداء على نحو الوجوب المعلّق. و مع تركه الإسلام في الوقت فوّت على نفسه الأداء و القضاء، فيستحقّ العقاب عليه، و بعبارة اخرى كان يمكنه الإتيان بالقضاء بالإسلام في الوقت إذا ترك الأداء، و حينئذٍ فإذا ترك الإسلام و مات كافراً يعاقب على مخالفة الأمر بالقضاء، و إذا أسلم يغفر له، و إن خالف أيضاً و استحقّ العقاب.

[مسألة 75: لو أحرم الكافر ثمّ أسلم في الأثناء لم يكفه

[3072] مسألة 75: لو أحرم الكافر ثمّ أسلم في الأثناء لم يكفه، و وجب عليه الإعادة من الميقات، و لو لم يتمكّن من العود إلى الميقات أحرم من موضعه، و لا يكفيه إدراك أحد الوقوفين مسلماً؛ لأنّ إحرامه باطل.

[مسألة 76: المرتدّ يجب عليه الحجّ

[3073] مسألة 76: المرتدّ يجب عليه الحجّ، سواء كانت استطاعته حال إسلامه السابق أو حال ارتداده، و لا يصحّ منه، فإن مات قبل أن يتوب يعاقب على تركه،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 259

و لا يقضى عنه على الأقوى؛ لعدم أهليّته للإكرام و تفريغ ذمّته، كالكافر الأصلي، و إن تاب وجب عليه و صحّ منه و إن كان فطريّاً على الأقوى من قبول توبته؛ سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل توبته، فلا تجري فيه قاعدة جبّ الإسلام؛ لأنّها مختصّة بالكافر الأصلي بحكم التبادر، و لو أحرم في حال ردّته ثمّ تاب وجب عليه الإعادة كالكافر الأصلي، و لو حجّ في حال إحرامه (إسلامه ظ) ثمّ ارتدّ لم يجب عليه الإعادة على الأقوى، ففي خبر زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): «من كان مؤمناً فحجّ ثمّ أصابته فتنة ثمّ تاب يحسب له كلّ عمل صالح عمله، و لا يبطل منه شي ء». و آية الحبط مختصّة بمن مات على كفره بقرينة الآية الأُخرى، و هي قوله تعالى وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ [البقرة: 2/ 217]. و هذه الآية دليل على قبول توبة المرتدّ الفطري، فما ذكره بعضهم من عدم قبولها منه لا وجه له.

[مسألة 77: لو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم يبطل إحرامه على الأصحّ

[3074] مسألة 77: لو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم يبطل إحرامه على الأصحّ، كما هو كذلك لو ارتدّ في أثناء الغسل ثمّ تاب، و كذا لو ارتدّ في أثناء الأذان أو الإقامة أو الوضوء ثمّ تاب قبل فوات الموالاة، بل و كذا لو ارتدّ في أثناء الصلاة ثمّ تاب قبل أن يأتي بشي ء أو يفوت الموالاة على الأقوى من عدم كون الهيئة الاتّصاليّة جزءاً

فيها. نعم، لو ارتدّ في أثناء الصوم بطل و إن تاب بلا فصل.

[مسألة 78: إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر لا يجب عليه الإعادة]

[3075] مسألة 78: إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر لا يجب عليه الإعادة؛ بشرط أن يكون صحيحاً في مذهبه، و إن لم يكن صحيحاً في مذهبنا؛ من غير فرق بين الفِرَق؛ لإطلاق الأخبار، و ما دلّ على الإعادة من الأخبار محمول على الاستحباب بقرينة بعضها الآخر من حيث التعبير بقوله (عليه السّلام): «يقضي أحبّ إليّ». و قوله (عليه السّلام): «و الحجّ أحبّ إليّ».

[مسألة 79: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة]

[3076] مسألة 79: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 260

و لا يجوز له منعها منه، و كذا في الحجّ الواجب بالنذر و نحوه إذا كان مضيّقاً، و أمّا في الحجّ المندوب فيشترط إذنه، و كذا في الواجب الموسّع قبل تضيّقه على الأقوى، بل في حجّة الإسلام يجوز له منعها من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود الرفقة الأُخرى قبل تضيّق الوقت، و المطلّقة الرجعيّة كالزوجة في اشتراط إذن الزوج ما دامت في العدّة، بخلاف البائنة لانقطاع عصمتها منه، و كذا المعتدّة للوفاة، فيجوز لها الحجّ واجباً كان أو مندوباً، و الظاهر أنّ المنقطعة كالدائمة في اشتراط الإذن، و لا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعاً من الاستمتاع بها لمرض أو سفر أو لا.

[مسألة 80: لا يشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إذا كانت مأمونة على نفسها و بضعها]

[3077] مسألة 80: لا يشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إذا كانت مأمونة على نفسها و بضعها، كما دلّت عليه جملة من الأخبار، و لا فرق بين كونها ذات بعل أو لا، و مع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم و لو بالأُجرة مع تمكّنها منها، و مع عدمه لا تكون مستطيعة، و هل يجب عليها التزويج تحصيلًا للمحرم؟ وجهان. و لو كانت ذات زوج و ادّعى عدم الأمن عليها و أنكرت قدّم قولها مع عدم البيّنة أو القرائن الشاهدة، و الظاهر عدم استحقاقه اليمين عليها إلّا أن ترجع الدعوى إلى ثبوت حقّ الاستمتاع له عليها، بدعوى أنّ حجّها حينئذٍ مفوّت لحقّه مع عدم وجوبه عليها، فحينئذٍ عليها اليمين على نفي الخوف، و هل للزوج مع هذه الحالة منعها عن الحجّ باطناً إذا أمكنه ذلك؟ وجهان في صورة عدم تحليفها، و أمّا

معه فالظاهر سقوط حقّه، و لو حجّت بلا محرم مع عدم الأمن صحّ حجّها إن حصل الأمن قبل الشروع في الإحرام، و إلّا ففي الصحّة إشكال، و إن كان الأقوى الصحّة.

[مسألة 81: إذا استقرّ عليه الحجّ

[3078] مسألة 81: إذا استقرّ عليه الحجّ؛ بأن استكملت الشرائط و أهمل حتّى زالت أو زال بعضها، صار ديناً عليه و وجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن، و إن مات فيجب أن يقضى عنه إن كانت له تركة، و يصحّ التبرّع عنه، و اختلفوا فيما به يتحقّق الاستقرار على أقوال؛ فالمشهور مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بجميع أفعاله

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 261

مستجمعاً للشرائط، و هو إلى اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة، و قيل باعتبار مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بالأركان جامعاً للشرائط، فيكفي بقاؤها إلى مضيّ جزء من يوم النحر يمكن فيه الطوافان و السعي، و ربما يقال باعتبار بقائها إلى عود الرفقة، و قد يحتمل كفاية بقائها إلى زمان يمكن فيه الإحرام و دخول الحرم، و قد يقال بكفاية وجودها حين خروج الرفقة، فلو أهمل استقرّ عليه و إن فقدت بعد ذلك؛ لأنّه كان مأموراً بالخروج معهم، و الأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة الماليّة و البدنيّة و السربيّة.

و أمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال، و ذلك لأنّ فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعاً، و أنّ وجوب الخروج مع الرفقة كان ظاهريّاً، و لذا لو علم من الأوّل أنّ الشرائط لا تبقى إلى الآخر لم يجب عليه.

نعم، لو فرض تحقّق الموت بعد تمام الأعمال كفى بقاء تلك الشرائط إلى آخر الأعمال؛ لعدم الحاجة حينئذٍ إلى

نفقة العود و الرجوع إلى كفاية و تخلية السرب و نحوها. و لو علم من الأوّل بأنّه يموت بعد ذلك، فإن كان قبل تمام الأعمال لم يجب عليه المشي، و إن كان بعده وجب عليه. هذا إذا لم يكن فقد الشرائط مستنداً إلى ترك المشي، و إلّا استقرّ عليه، كما إذا علم أنّه لو مشى إلى الحجّ لم يمت أو لم يقتل أو لم يسرق ماله مثلًا، فإنّه حينئذٍ يستقرّ عليه الوجوب؛ لأنّه بمنزلة تفويت الشرط على نفسه، و أمّا لو شكّ في أنّ الفقد مستند إلى ترك المشي أولا فالظاهر عدم الاستقرار؛ للشكّ في تحقّق الوجوب و عدمه واقعاً. هذا بالنسبة إلى استقرار الحجّ لو تركه، و أمّا لو كان واجداً للشرائط حين المسير فسار، ثمّ زال بعض الشرائط في الأثناء فأتمّ الحجّ على ذلك الحال كفى حجّه عن حجّة الإسلام إذا لم يكن المفقود مثل العقل، بل كان هو الاستطاعة البدنيّة أو الماليّة أو السربيّة و نحوها على

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 262

الأقوى.

[مسألة 82: إذا استقرّ عليه العمرة فقط أو الحجّ فقط]

[3079] مسألة 82: إذا استقرّ عليه العمرة فقط أو الحجّ فقط، كما فيمن وظيفته حجّ الإفراد و القران، ثمّ زالت استطاعته فكما مرّ يجب عليه أيضاً بأيّ وجه تمكّن، و إن مات يقضى عنه.

[مسألة 83: تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها]

[3080] مسألة 83: تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها، سواء كانت حجّ التمتّع أو القرآن أو الإفراد، و كذا إذا كان عليه عمرتهما، و إن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضاً، و أمّا إن أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه، و تقدّم على الوصايا المستحبّة و إن كانت متأخّرة عنها في الذكر، و إن لم يف الثلث بها أُخذت البقيّة من الأصل، و الأقوى أنّ حجّ النذر أيضاً كذلك؛ بمعنى أنّه يخرج من الأصل كما سيأتي الإشارة إليه. و لو كان عليه دين أو خمس أو زكاة و قصرت التركة، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو الزكاة موجوداً قدّم لتعلّقهما بالعين، فلا يجوز صرفه في غيرهما، و إن كانا في الذمّة فالأقوى أنّ التركة توزّع على الجميع بالنسبة، كما في غرماء المفلّس، و قد يقال بتقدّم الحجّ على غيره و إن كان دين الناس، لخبر معاوية بن عمّار الدالّ على تقديمه على الزكاة، و نحوه خبر آخر، لكنّهما موهونان بإعراض الأصحاب مع أنّهما في خصوص الزكاة، و ربما يحتمل تقديم دين الناس لأهمّيّته، و الأقوى ما ذكر من التخصيص.

و حينئذٍ فإن وفت حصّة الحجّ به فهو، و إلّا فإن لم تف إلّا ببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي فالظاهر سقوطه و صرف حصّته في الدين أو الخمس أو الزكاة، و مع وجود الجميع توزّع عليها، و إن

وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط ففي مثل حجّ القرآن و الإفراد تصرف فيهما مخيّراً بينهما، و الأحوط تقديم الحجّ، و في حجّ التمتّع الأقوى السقوط و صرفها في الدين و غيره، و ربما يحتمل فيه

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 263

أيضاً التخيير، أو ترجيح الحجّ لأهمّيّته أو العمرة لتقدّمها، لكن لا وجه لها بعد كونهما في التمتّع عملًا واحداً، و قاعدة الميسور لا جابر لها في المقام.

[مسألة 84: لا يجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استئجار الحجّ إذا كان مصرفه مستغرقاً لها]

[3081] مسألة 84: لا يجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استئجار الحجّ إذا كان مصرفه مستغرقاً لها، بل مطلقاً على الأحوط، إلّا إذا كانت واسعة جدّاً فلهم التصرّف في بعضها حينئذٍ مع البناء على إخراج الحجّ من بعضها الآخر كما في الدين، فحاله حال الدين.

[مسألة 85: إذا أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ على المورّث، و أنكره الآخرون لم يجب عليه

[3082] مسألة 85: إذا أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ على المورّث، و أنكره الآخرون لم يجب عليه إلّا دفع ما يخصّ حصّته بعد التوزيع، و إن لم يفِ ذلك بالحجّ لا يجب عليه تتميمه من حصّته، كما إذا أقرّ بدين و أنكره غيره من الورثة، فإنّه لا يجب عليه دفع الأزيد، فمسألة الإقرار بالحجّ أو الدين مع إنكار الآخرين نظير مسألة الإقرار بالنسب؛ حيث إنّه إذا أقرّ أحد الأخوين بأخ آخر و أنكره الآخر لا يجب عليه إلّا دفع الزائد عن حصّته، فيكفي دفع ثلث ما في يده، و لا ينزل إقراره على الإشاعة على خلاف القاعدة للنصّ.

[مسألة 86: إذا كان على الميّت الحجّ و لم تكن تركته وافية به و لم يكن دين

[3083] مسألة 86: إذا كان على الميّت الحجّ و لم تكن تركته وافية به و لم يكن دين فالظاهر كونها للورثة، و لا يجب صرفها في وجوه البرّ عن الميّت، لكن الأحوط التصدّق عنه؛ للخبر عن الصادق (عليه السّلام) عن رجل مات و أوصى بتركته أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدّق بها، فقال (عليه السّلام): «ما صنعت بها؟» فقال: تصدّقت بها، فقال (عليه السّلام): «ضمنت إلّا أن لا يكون يبلغ ما يحجّ به من مكّة، فإن كان لا يبلغ ما يحجّ به من مكّة فليس عليك ضمان». نعم، لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك أو وجود متبرّع بدفع التتمّة لمصرف الحجّ وجب إبقاؤها.

[مسألة 87: إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت

[3084] مسألة 87: إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت اجرة الاستئجار

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 264

إلى الورثة، سواء عيّنها الميّت أو لا، و الأحوط صرفها في وجوه البرّ أو التصدّق عنه، خصوصاً فيما إذا عيّنها الميّت؛ للخبر المتقدّم.

[مسألة 88: هل الواجب الاستئجار عن الميّت من الميقات أو البلد]

[3085] مسألة 88: هل الواجب الاستئجار عن الميّت من الميقات أو البلد؟ المشهور وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن، و إلّا فمن الأقرب إليه فالأقرب، و ذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال، و إلّا فمن الأقرب إليه فالأقرب، و ربما يحتمل قول ثالث؛ و هو الوجوب من البلد مع سعة المال و إلّا فمن الميقات، و إن أمكن من الأقرب إلى البلد فالأقرب، و الأقوى هو القول الأوّل، و إن كان الأحوط القول الثاني، لكن لا يحسب الزائد عن اجرة الميقاتيّة على الصغار من الورثة، و لو أوصى بالاستئجار من البلد وجب و يحسب الزائد عن اجرة الميقاتيّة من الثلث، و لو أوصى و لم يعيّن شيئاً كفت الميقاتيّة، إلّا إذا كان هناك انصراف إلى البلديّة أو كانت قرينة على إرادتها، كما إذا عيّن مقداراً يناسب البلديّة.

[مسألة 89: لو لم يمكن الاستئجار إلّا من البلد وجب

[3086] مسألة 89: لو لم يمكن الاستئجار إلّا من البلد وجب، و كان جميع المصرف من الأصل.

[مسألة 90: إذا أوصى بالبلديّة، أو قلنا بوجوبها مطلقاً]

[3087] مسألة 90: إذا أوصى بالبلديّة، أو قلنا بوجوبها مطلقاً، فخولف و استؤجر من الميقات، أو تبرّع عنه متبرّع منه، برئت ذمّته و سقط الوجوب من البلد، و كذا لو لم يسع المال إلّا من الميقات.

[مسألة 91: الظاهر أنّ المراد من البلد هو البلد الذي مات فيه

[3088] مسألة 91: الظاهر أنّ المراد من البلد هو البلد الذي مات فيه، كما يشعر به خبر زكريّا بن آدم (رحمهما اللَّه): سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن رجل مات و أوصى بحجّة، أ يجوز أن يحجّ عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ فقال (عليه السّلام): «ما كان دون الميقات فلا بأس». مع أنّه آخر مكان كان مكلّفاً فيه بالحجّ، و ربما يقال: إنّه بلد الاستيطان؛ لأنّه المنساق من النصّ و الفتوى، و هو كما ترى، و قد يحتمل البلد الذي صار مستطيعاً فيه، و يحتمل التخيير بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 265

و الأقوى ما ذكرنا وفاقاً لسيّد «المدارك» (قدّس سرّه)، و نسبه إلى ابن إدريس (رحمه اللَّه) أيضاً، و إن كان الاحتمال الأخير و هو التخيير قويّاً جدّاً.

[مسألة 92: لو عيّن بلدة غير بلده

[3089] مسألة 92: لو عيّن بلدة غير بلده كما لو قال: استأجروا من النجف، أو من كربلاء تعيّن.

[مسألة 93: على المختار من كفاية الميقاتيّة لا يلزم أن يكون من الميقات

[3090] مسألة 93: على المختار من كفاية الميقاتيّة لا يلزم أن يكون من الميقات أو الأقرب إليه فالأقرب، بل يكفي كلّ بلد دون الميقات، لكن الأُجرة الزائدة على الميقات مع إمكان الاستئجار منه لا يخرج من الأصل، و لا من الثلث إذا لم يوص بالاستئجار من ذلك البلد، إلّا إذا أوصى بإخراج الثلث من دون أن يعيّن مصرفه، و من دون أن يزاحم واجباً ماليّاً عليه.

[مسألة 94: إذا لم يمكن الاستئجار من الميقات و أمكن من البلد وجب

[3091] مسألة 94: إذا لم يمكن الاستئجار من الميقات و أمكن من البلد وجب، و إن كان عليه دين الناس أو الخمس أو الزكاة فيزاحم الدين إن لم تفِ التركة بهما، بمعنى أنّها توزّع عليهما بالنسبة.

[مسألة 95: إذا لم تفِ التركة بالاستئجار من الميقات

[3092] مسألة 95: إذا لم تفِ التركة بالاستئجار من الميقات، لكن أمكن الاستئجار من الميقات الاضطراريّ، كمكّة أو أدنى الحلّ وجب. نعم، لو دار الأمر بين الاستئجار من البلد أو الميقات الاضطراري قدّم الاستئجار من البلد، و يخرج من أصل التركة؛ لأنّه لا اضطرار للميّت مع سعة ماله.

[مسألة 96: بناءً على المختار من كفاية الميقاتيّة لا فرق بين الاستئجار عنه و هو حيّ أو ميّت

[3093] مسألة 96: بناءً على المختار من كفاية الميقاتيّة لا فرق بين الاستئجار عنه و هو حيّ أو ميّت، فيجوز لمن هو معذور بعذر لا يرجى زواله أن يجهّز رجلًا من الميقات كما ذكرنا سابقاً أيضاً، فلا يلزم أن يستأجر من بلده على الأقوى، و إن كان الأحوط ذلك.

[مسألة 97: الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستئجار في سنة الموت

[3094] مسألة 97: الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستئجار في سنة الموت، خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير من الميّت، و حينئذٍ فلو لم يمكن إلّا من البلد

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 266

وجب و خرج من الأصل، و لا يجوز التأخير إلى السنة الأُخرى و لو مع العلم بإمكان الاستئجار من الميقات توفيراً على الورثة، كما أنّه لو لم يمكن من الميقات إلّا بأزيد من الأُجرة المتعارفة في سنة الموت وجب، و لا يجوز التأخير إلى السنة الأُخرى توفيراً عليهم.

[مسألة 98: إذا أهمل الوصيّ أو الوارث الاستئجار فتلفت التركة]

[3095] مسألة 98: إذا أهمل الوصيّ أو الوارث الاستئجار فتلفت التركة أو نقصت قيمتها فلم تف بالاستئجار ضمن، كما أنّه لو كان على الميّت دين و كانت التركة وافية و تلفت بالإهمال ضمن.

[مسألة 99: على القول بوجوب البلديّة و كون المراد بالبلد الوطن إذا كان له وطنان

[3096] مسألة 99: على القول بوجوب البلديّة و كون المراد بالبلد الوطن إذا كان له وطنان الظاهر وجوب اختيار الأقرب إلى مكّة، إلّا مع رضا الورثة بالاستئجار من الأبعد. نعم، مع عدم تفاوت الأُجرة الحكم التخيير.

[مسألة 100: بناءً على البلديّة الظاهر عدم الفرق بين أقسام الحجّ الواجب

[3097] مسألة 100: بناءً على البلديّة الظاهر عدم الفرق بين أقسام الحجّ الواجب، فلا اختصاص بحجّة الإسلام، فلو كان عليه حجّ نذريّ لم يقيّد بالبلد و لا بالميقات يجب الاستئجار من البلد، بل و كذا لو أوصى بالحجّ ندباً، اللازم الاستئجار من البلد إذا خرج من الثلث.

[مسألة 101: إذا اختلف تقليد الميّت و الوارث في اعتبار البلديّة أو الميقاتيّة]

[3098] مسألة 101: إذا اختلف تقليد الميّت و الوارث في اعتبار البلديّة أو الميقاتيّة فالمدار على تقليد الميّت، و إذا علم أنّ الميّت لم يكن مقلّداً في هذه المسألة فهل المدار على تقليد الوارث، أو الوصيّ، أو العمل على طبق فتوى المجتهد الذي كان يجب عليه تقليده إن كان متعيّناً، و التخيير مع تعدّد المجتهدين و مساواتهم؟ وجوه. و على الأوّل، فمع اختلاف الورثة في التقليد يعمل كلّ على تقليده، فمن يعتقد البلديّة يؤخذ من حصتّه بمقدارها بالنسبة فيستأجر مع الوفاء بالبلديّة بالأقرب فالأقرب إلى البلد، و يحتمل الرجوع إلى الحاكم لرفع النزاع، فيحكم بمقتضى مذهبه، نظير ما إذا اختلف الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة، و إذا اختلف تقليد الميّت و الوارث في

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 267

أصل وجوب الحجّ عليه و عدمه؛ بأن يكون الميّت مقلّداً لمن يقول بعدم اشتراط الرجوع إلى كفاية فكان يجب عليه الحجّ، و الوارث مقلّداً لمن يشترط ذلك فلم يكن واجباً عليه، أو بالعكس، فالمدار على تقليد الميّت.

[مسألة 102: الأحوط في صورة تعدّد من يمكن استئجاره الاستئجار من أقلّهم اجرة]

[3099] مسألة 102: الأحوط في صورة تعدّد من يمكن استئجاره الاستئجار من أقلّهم اجرة مع إحراز صحّة عمله مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم، سواء قلنا بالبلديّة أو الميقاتيّة، و إن كان لا يبعد جواز استئجار المناسب لحال الميّت من حيث الفضل و الأوثقيّة مع عدم قبوله إلّا بالأزيد و خروجه من الأصل، كما لا يبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص عن أقلّهم اجرة و إن كانت أحوط.

[مسألة 103: قد عرفت أنّ الأقوى كفاية الميقاتيّة]

[3100] مسألة 103: قد عرفت أنّ الأقوى كفاية الميقاتيّة، لكن الأحوط الاستئجار من البلد بالنسبة إلى الكبار من الورثة؛ بمعنى عدم احتساب الزائد عن اجرة الميقاتيّة على القصّر إن كان فيهم قاصر.

[مسألة 104: إذا علم أنّه كان مقلّداً، و لكن لم يعلم فتوى مجتهده في هذه المسألة]

[3101] مسألة 104: إذا علم أنّه كان مقلّداً، و لكن لم يعلم فتوى مجتهده في هذه المسألة، فهل يجب الاحتياط، أو المدار على تقليد الوصيّ أو الوارث؟ وجهان أيضاً.

[مسألة 105: إذا علم استطاعة الميّت مالًا و لم يعلم تحقّق سائر الشرائط في حقّه

[3102] مسألة 105: إذا علم استطاعة الميّت مالًا و لم يعلم تحقّق سائر الشرائط في حقّه فلا يجب القضاء عنه؛ لعدم العلم بوجوب الحجّ عليه؛ لاحتمال فقد بعض الشرائط.

[مسألة 106: إذا علم استقرار الحجّ عليه و لم يعلم أنّه أتى به أم لا]

[3103] مسألة 106: إذا علم استقرار الحجّ عليه و لم يعلم أنّه أتى به أم لا، فالظاهر وجوب القضاء عنه لأصالة بقائه في ذمّته، و يحتمل عدم وجوبه عملًا بظاهر حال المسلم و أنّه لا يترك ما وجب عليه فوراً، و كذا الكلام إذا علم أنّه تعلّق به خمس، أو زكاة، أو قضاء صلوات، أو صيام و لم يعلم أنّه أدّاها أو لا.

[مسألة 107: لا يكفي الاستئجار في براءة ذمّة الميّت و الوارث

[3104] مسألة 107: لا يكفي الاستئجار في براءة ذمّة الميّت و الوارث، بل يتوقّف

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 268

على الأداء، و لو علم أنّ الأجير لم يؤدّ وجب الاستئجار ثانياً، و يخرج من الأصل إن لم يمكن استرداد الأُجرة من الأجير.

[مسألة 108: إذا استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية الميقاتيّة]

[3105] مسألة 108: إذا استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية الميقاتيّة ضمن ما زاد عن اجرة الميقاتيّة للورثة أو لبقيّتهم.

[مسألة 109: إذا لم يكن للميّت تركة و كان عليه الحجّ

[3106] مسألة 109: إذا لم يكن للميّت تركة و كان عليه الحجّ لم يجب على الورثة شي ء، و إن كان يستحبّ على وليّه، بل قد يقال بوجوبه؛ للأمر به في بعض الأخبار.

[مسألة 110: من استقرّ عليه الحجّ و تمكّن من أدائه

[3107] مسألة 110: من استقرّ عليه الحجّ و تمكّن من أدائه ليس له أن يحجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة، و كذا ليس له أن يحجّ تطوّعاً، و لو خالف فالمشهور البطلان، بل ادّعى بعضهم عدم الخلاف فيه و بعضهم الإجماع عليه، و لكن عن سيّد «المدارك» التردّد في البطلان، و مقتضى القاعدة الصحّة و إن كان عاصياً في ترك ما وجب عليه، كما في مسألة الصلاة مع فوريّة وجوب إزالة النجاسة عن المسجد، إذ لا وجه للبطلان إلّا دعوى أنّ الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه، و هي محلّ منع، و على تقديره لا يقتضي البطلان؛ لأنّه نهي تبعيّ، و دعوى أنّه يكفي في عدم الصحّة عدم الأمر، مدفوعة بكفاية المحبوبيّة في حدّ نفسه في الصحّة، كما في مسألة ترك الأهمّ و الإتيان بغير الأهمّ من الواجبين المتزاحمين، أو دعوى أنّ الزمان مختصّ بحجّته عن نفسه، فلا يقبل لغيره، و هي أيضاً مدفوعة بالمنع، إذ مجرّد الفوريّة لا يوجب الاختصاص، فليس المقام من قبيل شهر رمضان؛ حيث إنّه غير قابل لصوم آخر.

و ربما يتمسّك للبطلان في المقام بخبر سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السّلام): عن الرجل الصرورة يحجّ عن الميّت؟ قال (عليه السّلام): «نعم، إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه، فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزئ عنه

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 269

حتّى يحجّ من ماله، و هي تجزئ عن الميّت إن

كان للصرورة مال، و إن لم يكن له مال». و قريب منه صحيح سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام)، و هما كما ترى بالدلالة على الصحّة أولى، فإنّ غاية ما يدلّان عليه أنّه لا يجوز له ترك حجّ نفسه و إتيانه عن غيره، و أمّا عدم الصحّة فلا. نعم، يستفاد منهما عدم إجزائه عن نفسه، فتردّد صاحب «المدارك» في محلّه، بل لا يبعد الفتوى بالصحّة، لكن لا يترك الاحتياط.

هذا كلّه لو تمكّن من حجّ نفسه، و أمّا إذا لم يتمكّن فلا إشكال في الجواز و الصحّة عن غيره، بل لا ينبغي الإشكال في الصحّة إذا كان لا يعلم بوجوب الحجّ عليه؛ لعدم علمه باستطاعته مالًا، أو لا يعلم بفوريّة وجوب الحجّ عن نفسه، فحجّ عن غيره أو تطوّعاً، ثمّ على فرض صحّة الحجّ عن الغير و لو مع التمكّن و العلم بوجوب الفوريّة لو آجر نفسه لذلك، فهل الإجارة أيضاً صحيحة، أو باطلة مع كون حجّه صحيحاً عن الغير؟ الظاهر بطلانها، و ذلك لعدم قدرته شرعاً على العمل المستأجر عليه؛ لأنّ المفروض وجوبه عن نفسه فوراً، و كونه صحيحاً على تقدير المخالفة لا ينفع في صحّة الإجارة، خصوصاً على القول بأنّ الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه؛ لأنّ اللَّه إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه و إن كانت الحرمة تبعيّة.

فإن قلت: ما الفرق بين المقام و بين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحّة هناك؟ كما إذا باعه عبداً و شرط عليه أن يعتقه فباعه، حيث تقولون بصحّة البيع و يكون للبائع خيار تخلّف الشرط.

قلت: الفرق أنّ في ذلك المقام المعاملة على تقدير صحّتها مفوّتة لوجوب العمل بالشرط، فلا يكون العتق واجباً بعد البيع؛

لعدم كونه مملوكاً له بخلاف المقام، حيث إنّا لو قلنا بصحّة الإجارة لا يسقط وجوب الحجّ عن نفسه فوراً، فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلًا، فلا يمكن أن تكون الإجارة صحيحة، و إن قلنا: إنّ

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 270

النهي التبعي لا يوجب البطلان، فالبطلان من جهة عدم القدرة على العمل، لا لأجل النهي عن الإجارة. نعم، لو لم يكن متمكّناً من الحجّ عن نفسه يجوز له أن يؤجر نفسه للحجّ عن غيره، و إن تمكّن بعد الإجارة عن الحجّ عن نفسه لا تبطل إجارته، بل لا يبعد صحّتها لو لم يعلم باستطاعته، أو لم يعلم بفوريّة الحجّ عن نفسه فآجر نفسه للنيابة و لم يتذكّر إلى أن فات محلّ استدراك الحجّ عن نفسه، كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال.

ثمّ لا إشكال في أنّ حجّه عن الغير لا يكفيه عن نفسه، بل إمّا باطل كما عن المشهور، أو صحيح عمّن نوى عنه كما قوّيناه، و كذا لو حجّ تطوّعاً لا يجزئه عن حجّة الإسلام في الصورة المفروضة، بل إمّا باطل، أو صحيح و يبقى عليه حجّة الإسلام، فما عن الشيخ من أنّه يقع عن حجّة الإسلام لا وجه له، إذ الانقلاب القهريّ لا دليل عليه، و دعوى أنّ حقيقة الحجّ واحدة، و المفروض إتيانه بقصد القربة، فهو منطبق على ما عليه من حجّة الإسلام، مدفوعة بأنّ وحدة الحقيقة لا تجدي بعد كون المطلوب هو الإتيان بقصد ما عليه، و ليس المقام من باب التداخل بالإجماع، كيف و إلّا لزم كفاية الحجّ عن الغير أيضاً عن حجّة الإسلام، بل لا بدّ من تعدّد الامتثال مع تعدّد الأمر وجوباً و ندباً، أو مع تعدّد الواجبين، و

كذا ليس المراد من حجّة الإسلام الحجّ الأوّل بأيّ عنوان كان، كما في صلاة التحيّة و صوم الاعتكاف، فلا وجه لما قاله الشيخ أصلًا.

نعم، لو نوى الأمر المتوجّه إليه فعلًا و تخيّل أنّه أمر ندبيّ غفلة عن كونه مستطيعاً أمكن القول بكفايته عن حجّة الإسلام، لكنّه خارج عمّا قاله الشيخ، ثمّ إذا كان الواجب عليه حجّا نذريّاً أو غيره، و كان وجوبه فوريّاً فحاله ما ذكرنا في حجّة الإسلام؛ من عدم جواز حجّ غيره و أنّه لو حجّ صحّ أولا، و غير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب القاعدة.

[فصل في الحجّ الواجب بالنذر و العهد و اليمين

اشارة

فصل في الحجّ الواجب بالنذر و العهد و اليمين و يشترط في انعقادها: البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، فلا تنعقد من الصبي و إن بلغ عشراً و قلنا بصحّة عباداته و شرعيّتها؛ لرفع قلم الوجوب عنه، و كذا لا تصحّ من المجنون و الغافل و الساهي و السكران و المكره، و الأقوى صحّتها من الكافر، وفاقاً للمشهور في اليمين خلافاً لبعض، و خلافاً للمشهور في النذر وفاقاً لبعض، و ذكروا في وجه الفرق عدم اعتبار قصد القربة في اليمين و اعتباره في النذر، و لا تتحقّق القربة في الكافر.

و فيه: أوّلًا: أنّ القربة لا تعتبر في النذر بل هو مكروه، و إنّما تعتبر في متعلّقه، حيث إنّ اللازم كونه راجحاً شرعاً. و ثانياً: أنّ متعلّق اليمين أيضاً قد يكون من العبادات. و ثالثاً: أنّه يمكن قصد القربة من الكافر أيضاً. و دعوى عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام، مدفوعة بإمكان إسلامه ثمّ إتيانه، فهو مقدور لمقدوريّة مقدّمته، فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات، و يعاقب على مخالفته، و يترتّب عليها وجوب الكفّارة فيعاقب على تركها

أيضاً، و إن أسلم صحّ إن أتى به، و يجب عليه الكفّارة لو خالف، و لا يجري فيه قاعدة جبّ الإسلام لانصرافها عن المقام. نعم، لو خالف و هو كافر و تعلّق به الكفّارة فأسلم لا يبعد دعوى سقوطها عنه كما قيل.

[مسألة 1: ذهب جماعة إلى أنّه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك إذن المولى

[3108] مسألة 1: ذهب جماعة إلى أنّه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك إذن المولى، و في انعقاده من الزوجة إذن الزوج، و في انعقاده من الولد إذن الوالد، لقوله (عليه السّلام): «لا يمين لولد مع والده، و لا للزوجة مع زوجها، و لا للمملوك مع

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 272

مولاه». فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن لم ينعقد، و ظاهرهم اعتبار الإذن السابق، فلا تكفي الإجازة بعده مع أنّه من الإيقاعات، و ادّعي الاتّفاق على عدم جريان الفضوليّة فيها، و إن كان يمكن دعوى أنّ القدر المتيقّن من الاتّفاق ما إذا وقع الإيقاع على مال الغير، مثل الطلاق و العتق و نحوهما، لا مثل المقام ممّا كان في مال نفسه. غاية الأمر اعتبار رضا الغير فيه، و لا فرق فيه بين الرضا السابق و اللاحق، خصوصاً إذا قلنا: إنّ الفضولي على القاعدة.

و ذهب جماعة إلى أنّه لا يشترط الإذن في الانعقاد، لكن للمذكورين حلّ يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقاً بنهي أو إذن، بدعوى أنّ المنساق من الخبر المذكور و نحوه أنّه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولى أو الأب أو الزوج، و لازمه جواز حلّهم له، و عدم وجوب العمل به مع عدم رضاهم به. و على هذا فمع النهي السابق لا ينعقد، و مع الإذن يلزم، و مع عدمهما ينعقد و لهم حلّه، و لا يبعد قوّة هذا

القول، مع أنّ المقدّر كما يمكن أن يكون هو الوجود يمكن أن يكون هو المنع و المعارضة؛ أي لا يمين مع منع المولى مثلًا، فمع عدم الظهور في الثاني لا أقل من الإجمال، و القدر المتيقّن هو عدم الصحّة مع المعارضة و النهي، بعد كون مقتضى العمومات الصحّة و اللزوم.

ثمّ إنّ جواز الحلّ أو التوقف على الإذن ليس في اليمين بما هو يمين مطلقاً كما هو ظاهر كلماتهم، بل إنّما هو فيما كان المتعلّق منافياً لحق المولى أو الزوج، و كان ممّا يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهى، و أمّا ما لم يكن كذلك فلا، كما إذا حلف المملوك أن يحجّ إذا أعتقه المولى، أو حلفت الزوجة أن تحجّ إذا مات زوجها أو طلّقها، أو حلفا أن يصلّيا صلاة الليل، مع عدم كونها منافية لحقّ المولى، أو حقّ الاستمتاع من الزوجة، أو حلف الولد أن يقرأ كلّ يوم جزءاً من القرآن، أو نحو ذلك ممّا لا يجب طاعتهم فيها للمذكورين، فلا مانع من انعقاده، و هذا هو المنساق

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 273

من الأخبار، فلو حلف الولد أن يحجّ إذا استصحبه الوالد إلى مكة مثلًا لا مانع من انعقاده، و هكذا بالنسبة إلى المملوك و الزوجة، فالمراد من الأخبار أنّه ليس لهم أن يوجبوا على أنفسهم باليمين ما يكون منافياً لحقّ المذكورين، و لذا استثنى بعضهم الحلف على فعل الواجب أو ترك القبيح، و حكم بالانعقاد فيهما، و لو كان المراد اليمين بما هو يمين لم يكن وجه لهذا الاستثناء، هذا كله في اليمين.

و أمّا النذر، فالمشهور بينهم أنّه كاليمين في المملوك و الزوجة، و ألحق بعضهم بهما الولد أيضاً، و هو

مشكل لعدم الدليل عليه، خصوصاً في الولد إلّا القياس على اليمين، بدعوى تنقيح المناط و هو ممنوع، أو بدعوى أنّ المراد من اليمين في الأخبار ما يشمل النذر؛ لإطلاقه عليه في جملة من الأخبار، منها: خبران في كلام الإمام (عليه السّلام)، و منها: أخبار في كلام الراوي و تقرير الإمام (عليه السّلام) له، و هو أيضاً كما ترى، فالأقوى في الولد عدم الإلحاق. نعم، في الزوجة و المملوك لا يبعد الإلحاق باليمين؛ لخبر قرب الإسناد عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام): «أنّ عليّاً (عليه السّلام) كان يقول: ليس على المملوك نذر إلّا بإذن مولاه». و صحيح ابن سنان، عن الصادق (عليه السّلام): «ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق و لا صدقة و لا تدبير، و لا هبة و لا نذر في مالها إلّا بإذن زوجها إلّا في حجّ، أو زكاة، أو برّ والديها، أو صلة قرابتها». و ضعف الأوّل منجبر بالشهرة، و اشتمال الثاني على ما لا نقول به لا يضرّ.

ثمّ هل الزوجة تشمل المنقطعة أو لا؟ وجهان، و هل الولد يشمل ولد الولد أو لا؟ كذلك وجهان. و الأمة المزوّجة عليها الاستئذان من الزوج و المولى بناءً على اعتبار الإذن، و إذا أذن المولى للمملوك أن يحلف أو ينذر الحجّ لا يجب عليه إعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة عليه من مصارف الحجّ، و هل عليه تخلية سبيله لتحصيلها

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 274

أو لا؟ وجهان، ثمّ على القول بأنّ لهم الحلّ هل يجوز مع حلف الجماعة التماس المذكورين في حلّ حلفهم أم لا؟ وجهان.

[مسألة 2: إذا كان الوالد كافراً ففي شمول الحكم له وجهان

[3109] مسألة 2: إذا كان الوالد كافراً ففي شمول الحكم له وجهان، أوجههما العدم؛ للانصراف و نفي السبيل.

[مسألة 3: هل المملوك المبعّض حكمه حكم القنّ أو لا؟]

[3110] مسألة 3: هل المملوك المبعّض حكمه حكم القنّ أو لا؟ وجهان، لا يبعد الشمول، و يحتمل عدم توقّف حلفه على الإذن في نوبته في صورة المهاياة، خصوصاً إذا كان وقوع المتعلّق في نوبته.

[مسألة 4: الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر و الأُنثى

[3111] مسألة 4: الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر و الأُنثى، و كذا في المملوك و المالك، لكن لا تلحق الأُمّ بالأب.

[مسألة 5: إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك

[3112] مسألة 5: إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك، ثمّ انتقل إلى غيره بالإرث أو البيع أو نحوه بقي على لزومه.

[مسألة 6: لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجيّة ثمّ تزوّجت

[3113] مسألة 6: لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجيّة ثمّ تزوّجت وجب عليها العمل به، و إن كان منافياً للاستمتاع بها، و ليس للزوج منعها من ذلك الفعل كالحجّ و نحوه، بل و كذا لو نذرت أنّها لو تزوّجت بزيد مثلًا صامت كلّ خميس، و كان المفروض أنّ زيداً أيضاً حلف أن يواقعها كلّ خميس إذا تزوّجها، فإنّ حلفها أو نذرها مقدّم على حلفه و إن كان متأخّراً في الإيقاع؛ لأنّ حلفه لا يؤثّر شيئاً في تكليفها، بخلاف نذرها فإنّه يوجب الصوم عليها؛ لأنّه متعلّق بعمل نفسها، فوجوبه عليها يمنع من العمل بحلف الرجل.

[مسألة 7: إذا نذر الحجّ من مكان معيّن كبلدة أو بلد آخر معيّن، فحجّ من غير ذلك المكان

[3114] مسألة 7: إذا نذر الحجّ من مكان معيّن كبلدة أو بلد آخر معيّن، فحجّ من غير ذلك المكان لم تبرأ ذمّته و وجب عليه ثانياً. نعم، لو عيّنه في سنة فحجّ في تلك السنة من غير ذلك المكان وجب عليه الكفّارة؛ لعدم إمكان التدارك. و لو نذر أن يحجّ من غير تقييد بمكان، ثمّ نذر نذراً آخر أن يكون ذلك الحجّ من مكان كذا

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 275

و خالف فحجّ من غير ذلك المكان برأ من النذر الأوّل، و وجب عليه الكفّارة لخلف النذر الثاني، كما أنّه لو نذر أن يحجّ حجّة الإسلام من بلد كذا فخالف، فإنّه يجزئه عن حجّة الإسلام و وجب عليه الكفّارة لخلف النذر.

[مسألة 8: إذا نذر أن يحجّ و لم يقيّده بزمان

[3115] مسألة 8: إذا نذر أن يحجّ و لم يقيّده بزمان فالظاهر جواز التأخير إلى ظنّ الموت أو الفوت، فلا يجب عليه المبادرة إلّا إذا كان هناك انصراف، فلو مات قبل الإتيان به في صورة جواز التأخير لا يكون عاصياً، و القول بعصيانه مع تمكّنه في بعض تلك الأزمنة و إن جاز التأخير لا وجه له. و إذا قيّده بسنة معيّنة لم يجز التأخير مع فرض تمكّنه في تلك السنة، فلو أخّر عصى و عليه القضاء و الكفّارة، و إذا مات وجب قضاؤه عنه، كما أنّ في صورة الإطلاق إذا مات بعد تمكّنه منه قبل إتيانه وجب القضاء عنه، و القول بعدم وجوبه بدعوى أنّ القضاء بفرض جديد ضعيف لما يأتي.

و هل الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث؟ قولان، فذهب جماعة إلى القول بأنّه من الأصل؛ لأنّ الحجّ واجب ماليّ، و إجماعهم قائم على أنّ الواجبات الماليّة تخرج من الأصل، و ربما يورد

عليه بمنع كونه واجباً ماليّاً، و إنّما هو أفعال مخصوصة بدنيّة، و إن كان قد يحتاج إلى بذل المال في مقدّماته، كما أنّ الصلاة أيضاً قد تحتاج إلى بذل المال في تحصيل الماء و الساتر و المكان و نحو ذلك، و فيه: أنّ الحجّ في الغالب محتاج إلى بذل المال بخلاف الصلاة و سائر العبادات البدنيّة، فإن كان هناك إجماع أو غيره على أنّ الواجبات الماليّة تخرج من الأصل يشمل الحجّ قطعاً.

و أجاب صاحب «الجواهر» (رحمه اللَّه) بأنّ المناط في الخروج من الأصل كون الواجب ديناً، و الحجّ كذلك، فليس تكليفاً صرفاً كما في الصلاة و الصوم، بل للأمر به جهة وضعيّة، فوجوبه على نحو الدينيّة بخلاف سائر العبادات البدنيّة، فلذا

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 276

يخرج من الأصل، كما يشير إليه بعض الأخبار الناطقة بأنّه دين أو بمنزلة الدين.

قلت: التحقيق أنّ جميع الواجبات الإلهيّة ديون للَّه تعالى، سواء كانت مالًا أو عملًا ماليّاً أو عملًا غير ماليّ، فالصلاة و الصوم أيضاً ديون للَّه و لهما جهة وضع، فذمّة المكلّف مشغولة بهما و لذا يجب قضاؤهما، فإنّ القاضي يفرغ ذمّة نفسه أو ذمّة الميّت، و ليس القضاء من باب التوبة أو من باب الكفّارة، بل هو إتيان لما كانت الذمّة مشغولة به، و لا فرق بين كون الاشتغال بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله: «للَّه عليّ أن أعطي زيداً درهماً»، دين إلهي لا خلقي، فلا يكون الناذر مديوناً لزيد، بل هو مديون للَّه بدفع الدرهم لزيد، و لا فرق بينه و بين أن يقول: «للَّه عليّ أن أحجّ أو أن أُصلّي ركعتين» فالكلّ دين اللَّه، و دين اللَّه أحقّ أن يقضى كما في بعض الأخبار، و

لازم هذا كون الجميع من الأصل.

نعم، إذا كان الوجوب على وجه لا يقبل بقاء شغل الذمّة به بعد فوته لا يجب قضاؤه، لا بالنسبة إلى نفس من وجب عليه و لا بعد موته، سواء كان مالًا أو عملًا، مثل وجوب إعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة، فإنّه لو لم يعطه حتّى مات لا يجب عليه و لا على وارثه القضاء؛ لأنّ الواجب إنّما هو حفظ النفس المحترمة، و هذا لا يقبل البقاء بعد فوته، و كما في نفقة الأرحام، فإنّه لو ترك الإنفاق عليهم مع تمكّنه لا يصير ديناً عليه؛ لأنّ الواجب سدّ الخلّة، و إذا فات لا يتدارك. فتحصّل أنّ مقتضى القاعدة في الحجّ النذري إذا تمكّنه و ترك حتّى مات وجوب قضائه من الأصل؛ لأنّه دين إلهي، إلّا أن يقال بانصراف الدين عن مثل هذه الواجبات، و هو محلّ منع، بل دين اللَّه أحقّ أن يقضى.

و أمّا الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث، فاستدلّوا بصحيحة ضريس و صحيحة ابن أبي يعفور الدالّتين على أنّ من نذر الإحجاج و مات قبله يخرج من ثلثه، و إذا كان نذر الإحجاج كذلك مع كونه ماليّاً قطعاً فنذر الحجّ بنفسه أولى بعدم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 277

الخروج من الأصل، و فيه: أنّ الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين في موردهما، فكيف يعمل بهما في غيره؟ و أمّا الجواب عنهما بالحمل على صورة كون النذر في حال المرض بناءً على خروج المنجّزات من الثلث فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها من الأصل، و ربما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم إجراء الصيغة، أو على صورة عدم التمكّن من الوفاء حتّى مات، و فيهما ما لا

يخفى، خصوصاً الأوّل.

[مسألة 9: إذا نذر الحجّ مطلقاً أو مقيّداً بسنة معيّنة و لم يتمكّن من الإتيان به حتّى مات

[3116] مسألة 9: إذا نذر الحجّ مطلقاً أو مقيّداً بسنة معيّنة و لم يتمكّن من الإتيان به حتّى مات لم يجب القضاء عنه؛ لعدم وجوب الأداء عليه حتّى يجب القضاء عنه، فيكشف ذلك عن عدم انعقاد نذره.

[مسألة 10: إذا نذر الحجّ معلّقاً على أمر كشفاء مريضة]

[3117] مسألة 10: إذا نذر الحجّ معلّقاً على أمر كشفاء مريضة أو مجي ء مسافرة فمات قبل حصول المعلّق عليه، هل يجب القضاء عنه أم لا؟ المسألة مبنيّة على أنّ التعليق من باب الشرط أو من قبيل الوجوب المعلّق، فعلى الأوّل لا يجب؛ لعدم الوجوب عليه بعد فرض موته قبل حصول الشرط، و إن كان متمكّناً من حيث المال و سائر الشرائط، و على الثاني يمكن أن يقال بالوجوب؛ لكشف حصول الشرط عن كونه واجباً عليه من الأوّل، إلّا أن يكون نذره منصرفاً إلى بقاء حياته حين حصول الشرط.

[مسألة 11: إذا نذر الحجّ و هو متمكّن منه فاستقرّ عليه، ثمّ صار معضوباً]

[3118] مسألة 11: إذا نذر الحجّ و هو متمكّن منه فاستقرّ عليه، ثمّ صار معضوباً لمرض أو نحوه، أو مصدوداً بعدوّ أو نحوه، فالظاهر وجوب استنابته حال حياته؛ لما مرّ من الأخبار سابقاً في وجوبها، و دعوى اختصاصها بحجّة الإسلام ممنوعة كما مرّ سابقاً، و إذا مات وجب القضاء عنه، و إذا صار معضوباً أو مصدوداً قبل تمكّنه و استقرار الحجّ عليه، أو نذر و هو معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمكّنه من حيث المال، ففي وجوب الاستنابة و عدمه حال حياته و وجوب القضاء

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 278

عنه بعد موته قولان، أقواهما العدم، و إن قلنا بالوجوب بالنسبة إلى حجّة الإسلام، إلّا أن يكون قصده من قوله: «للَّه عليّ أن أحجّ» الاستنابة.

[مسألة 12: لو نذر أن يحجّ رجلًا في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه

[3119] مسألة 12: لو نذر أن يحجّ رجلًا في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء و الكفّارة، و إن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة؛ لأنّهما واجبان ماليّان بلا إشكال، و الصحيحتان المشار إليهما سابقاً الدالّتان على الخروج من الثلث معرض عنهما كما قيل، أو محمولتان على بعض المحامل، و كذا إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة معيّنة مطلقاً، أو معلّقاً على شرط و قد حصل و تمكّن منه و ترك حتّى مات، فإنّه يقضى عنه من أصل التركة، و أمّا لو نذر الإحجاج بأحد الوجوه و لم يتمكّن منه حتّى مات، ففي وجوب قضائه و عدمه وجهان، أوجههما ذلك؛ لأنّه واجب ماليّ أوجبه على نفسه فصار ديناً. غاية الأمر أنّه ما لم يتمكّن معذور، و الفرق بينه و بين نذر الحجّ بنفسه أنّه لا يعدّ ديناً مع عدم التمكّن منه و اعتبار المباشرة، بخلاف

الإحجاج فإنّه كنذر بذل المال، كما إذا قال: «للَّه عليّ أن اعطي الفقراء مائة درهم» و مات قبل تمكّنه، و دعوى كشف عدم التمكّن عن عدم الانعقاد ممنوعة، ففرق بين إيجاب مال على نفسه أو إيجاب عمل مباشري، و إن استلزم صرف المال، فإنّه لا يعدّ ديناً عليه بخلاف الأوّل.

[مسألة 13: لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط]

[3120] مسألة 13: لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط، كمجي ء المسافر أو شفاء المريض فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك و تمكّنه منه قبله، فالظاهر وجوب القضاء عنه إلّا أن يكون مراده التعليق على ذلك الشرط مع كونه حيّاً حينه، و يدلّ على ما ذكرنا خبر مسمع بن عبد الملك فيمن كان له جارية حبلى فنذر إن هي ولدت غلاماً أن يحجّه أو يحجّ عنه؛ حيث قال الصادق (عليه السّلام) بعد ما سئل عن هذا-: «إنّ رجلًا نذر للَّه عزّ و جلّ في ابن له إن هو أدرك أن يحجّ عنه أو يحجّه، فمات الأب و أدرك الغلام بعد، فأتى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 279

الغلام فسأله عن ذلك، فأمر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أن يحجّ عنه ممّا ترك أبوه». و قد عمل به جماعة، و على ما ذكرنا لا يكون مخالفاً للقاعدة كما تخيّله سيّد «الرياض» و قرّره عليه صاحب «الجواهر» و قال: إنّ الحكم فيه تعبّدي على خلاف القاعدة.

[مسألة 14: إذا كان مستطيعاً و نذر أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد على الأقوى

[3121] مسألة 14: إذا كان مستطيعاً و نذر أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد على الأقوى، و كفاه حجّ واحد، و إذا ترك حتّى مات وجب القضاء عنه و الكفّارة من تركته، و إذا قيّده بسنة معيّنة فأخّر عنها وجب عليه الكفّارة، و إذا نذره في حال عدم الاستطاعة انعقد أيضاً و وجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدّمة، إلّا أن يكون مراده الحجّ بعد الاستطاعة.

[] مسألة 15: لا يعتبر في الحجّ النذري الاستطاعة الشرعيّة]

[3122] مسألة 15: لا يعتبر في الحجّ النذري الاستطاعة الشرعيّة، بل يجب مع القدرة العقليّة، خلافاً للدروس، و لا وجه له؛ إذ حاله حال سائر الواجبات التي تكفيها القدرة عقلًا.

[مسألة 16: إذا نذر حجّا غير حجّة الإسلام في عامه و هو مستطيع لم ينعقد]

[3123] مسألة 16: إذا نذر حجّا غير حجّة الإسلام في عامه و هو مستطيع لم ينعقد إلّا إذا نوى ذلك على تقدير زوالها فزالت، و يحتمل الصحّة مع الإطلاق أيضاً إذا زالت، حملًا لنذره على الصحّة.

[مسألة 17: إذا نذر حجّا في حال عدم الاستطاعة الشرعيّة ثمّ حصلت له

[3124] مسألة 17: إذا نذر حجّا في حال عدم الاستطاعة الشرعيّة ثمّ حصلت له، فإن كان موسّعاً أو مقيّداً بسنة متأخّرة قدّم حجّة الإسلام لفوريّتها. و إن كان مضيّقاً؛ بأن قيّده بسنة معيّنة و حصل فيها الاستطاعة أو قيّده بالفوريّة قدّمه، و حينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجبت و إلّا فلا؛ لأنّ المانع الشرعي كالعقلي، و يحتمل وجوب تقديم النذر و لو مع كونه موسّعاً؛ لأنّه دين عليه، بناءً على أنّ الدين و لو كان موسّعاً يمنع عن تحقّق الاستطاعة، خصوصاً مع ظنّ عدم تمكّنه من الوفاء بالنذر إن صرف استطاعته في حجّة الإسلام.

[مسألة 18: إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريّاً]

[3125] مسألة 18: إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريّاً، ثمّ استطاع

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 280

و أهمل عن وفاء النذر في عامه وجب الإتيان به في العام القابل مقدّماً على حجّة الإسلام، و إن بقيت الاستطاعة إليه لوجوبه عليه فوراً ففوراً، فلا يجب عليه حجّة الإسلام إلّا بعد الفراغ عنه، لكن عن «الدروس» أنّه قال بعد الحكم بأنّ استطاعة النذر شرعيّة لا عقليّة-: «فلو نذر ثمّ استطاع صرف ذلك إلى النذر، فإن أهمل و استمرّت الاستطاعة إلى العام القابل وجب حجّة الإسلام أيضاً». و لا وجه له. نعم، لو قيّد نذره بسنة معيّنة و حصل فيها الاستطاعة فلم يف به و بقيت استطاعته إلى العام المتأخّر أمكن أن يقال بوجوب حجّة الإسلام أيضاً؛ لأنّ حجّه النذري صار قضاء موسّعاً، ففرق بين الإهمال مع الفوريّة و الإهمال مع التوقيت، بناءً على تقديم حجّة الإسلام مع كون النذري موسّعاً.

[مسألة 19: إذا نذر الحجّ و أطلق من غير تقييد بحجّة الإسلام و لا بغيره و كان مستطيعاً أو استطاع بعد ذلك

[3126] مسألة 19: إذا نذر الحجّ و أطلق من غير تقييد بحجّة الإسلام و لا بغيره و كان مستطيعاً أو استطاع بعد ذلك، فهل يتداخلان فيكفي حجّ واحد عنهما، أو يجب التعدّد، أو يكفي نيّة الحجّ النذري عن حجّة الإسلام دون العكس؟ أقوال، أقواها الثاني؛ لأصالة تعدّد المسبّب بتعدّد السبب، و القول بأنّ الأصل هو التداخل ضعيف، و استدلّ للثالث بصحيحتي رفاعة و محمّد بن مسلم عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه فمشى، هل يجزئه عن حجّة الإسلام؟ قال (عليه السّلام): نعم، و فيه: أنّ ظاهرهما كفاية الحجّ النذري عن حجّة الإسلام مع عدم الاستطاعة و هو غير معمول به، و يمكن حملهما على أنّه نذر المشي لا الحجّ ثمّ أراد أن يحجّ،

فسأل (عليه السّلام) عن أنّه هل يجزئه هذا الحجّ الذي أتى به عقيب هذا المشي أم لا؟ فأجاب (عليه السّلام) بالكفاية. نعم، لو نذر أن يحجّ مطلقاً أيّ حجّ كان كفاه عن نذره حجّة الإسلام، بل الحجّ النيابي و غيره أيضاً؛ لأنّ مقصوده حينئذٍ حصول الحجّ منه في الخارج بأيّ وجه كان.

[مسألة 20: إذا نذر الحجّ حال عدم استطاعته معلّقاً على شفاء ولده مثلًا]

[3127] مسألة 20: إذا نذر الحجّ حال عدم استطاعته معلّقاً على شفاء ولده مثلًا

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 281

فاستطاع قبل حصول المعلّق عليه فالظاهر تقديم حجّة الإسلام، و يحتمل تقديم المنذور إذا فرض حصول المعلّق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريّاً، بل هو المتعيّن إن كان نذره من قبيل الواجب المعلّق.

[مسألة 21: إذا كان عليه حجّة الإسلام و الحجّ النذري و لم يمكنه الإتيان بهما]

[3128] مسألة 21: إذا كان عليه حجّة الإسلام و الحجّ النذري و لم يمكنه الإتيان بهما؛ إمّا لظنّ الموت أو لعدم التمكّن إلّا من أحدهما، ففي وجوب تقديم الأسبق سبباً أو التخيير، أو تقديم حجّة الإسلام لأهمّيتها وجوه، أوجهها الوسط، و أحوطها الأخير، و كذا إذا مات و عليه حجّتان و لم تفِ تركته إلّا لإحداهما، و أمّا إن وفت التركة فاللازم استئجارهما و لو في عام واحد.

[مسألة 22: من عليه الحجّ الواجب بالنذر الموسّع

[3129] مسألة 22: من عليه الحجّ الواجب بالنذر الموسّع يجوز له الإتيان بالحجّ المندوب قبله.

[مسألة 23: إذا نذر أن يحجّ أو يُحجّ انعقد و وجب عليه أحدهما على وجه التخيير]

[3130] مسألة 23: إذا نذر أن يحجّ أو يُحجّ انعقد و وجب عليه أحدهما على وجه التخيير، و إذا تركهما حتّى مات يجب القضاء عنه مخيّراً.

و إذا طرأ العجز من أحدهما معيّناً تعيّن الآخر، و لو تركه أيضاً حتّى مات يجب القضاء عنه مخيّراً أيضاً؛ لأنّ الواجب كان على وجه التخيير، فالفائت هو الواجب المخيّر، و لا عبرة بالتعيين العرضي، فهو كما لو كان عليه كفّارة الإفطار في شهر رمضان و كان عاجزاً عن بعض الخصال ثمّ مات، فإنّه يجب الإخراج عن تركته مخيّراً، و إن تعيّن عليه في حال حياته في إحداها، فلا يتعيّن في ذلك المتعيّن. نعم، لو كان حال النذر غير متمكّن إلّا من أحدهما معيّناً و لم يتمكّن من الآخر إلى أن مات أمكن أن يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكّناً منه، بدعوى أنّ النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكّن منه، بناءً على أنّ عدم التمكّن يوجب عدم الانعقاد، لكن الظاهر أنّ مسألة الخصال ليست كذلك، فيكون الإخراج من تركته على وجه التخيير، و إن لم يكن في حياته متمكّناً إلّا من البعض أصلًا.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 282

و ربما يحتمل في الصورة المفروضة و نظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضاً، بدعوى أنّ متعلّق النذر هو أحد الأمرين على وجه التخيير، و مع تعذّر أحدهما لا يكون وجوب الآخر تخييريّاً، بل عن «الدروس» اختياره في مسألة ما لو نذر إن رزق ولداً أن يحجّه أو يحجّ عنه إذا مات الولد قبل تمكّن الأب من أحد الأمرين، و فيه: أنّ مقصود الناذر

إتيان أحد الأمرين من دون اشتراط كونه على وجه التخيير، فليس النذر مقيّداً بكونه واجباً تخييريّاً حتّى يشترط في انعقاده التمكّن منهما.

[مسألة 24: إذا نذر أن يحجّ أو يزور الحسين عليه السّلام من بلده ثمّ مات قبل الوفاء بنذره

[3131] مسألة 24: إذا نذر أن يحجّ أو يزور الحسين (عليه السّلام) من بلده ثمّ مات قبل الوفاء بنذره وجب القضاء من تركته، و لو اختلفت أُجرتهما يجب الاقتصار على أقلّهما اجرة إلّا إذا تبرّع الوارث بالزائد، فلا يجوز للوصيّ اختيار الأزيد اجرةً، و إن جعل الميّت أمر التعيين إليه، و لو أوصى باختيار الأزيد اجرة خرج الزائد من الثلث.

[مسألة 25: إذا علم أنّ على الميّت حجّا و لم يعلم أنّه حجّة الإسلام أو حجّ النذر]

[3132] مسألة 25: إذا علم أنّ على الميّت حجّا و لم يعلم أنّه حجّة الإسلام أو حجّ النذر وجب قضاؤه عنه من غير تعيين، و ليس عليه كفّارة، و لو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفّارة أيضاً، و حيث إنّها مردّدة بين كفّارة النذر و كفّارة اليمين فلا بدّ من الاحتياط، و يكفي حينئذٍ إطعام ستّين مسكيناً؛ لأنّ فيه إطعام عشرة أيضاً، الذي يكفي في كفّارة الحلف.

[مسألة 26: إذا نذر المشي في حجّه الواجب عليه أو المستحبّ انعقد مطلقاً]

[3133] مسألة 26: إذا نذر المشي في حجّه الواجب عليه أو المستحبّ انعقد مطلقاً حتّى في مورد يكون الركوب أفضل؛ لأنّ المشي في حدّ نفسه أفضل من الركوب بمقتضى جملة من الأخبار، و إن كان الركوب قد يكون أرجح لبعض الجهات، فإنّ أرجحيّته لا توجب زوال الرجحان عن المشي في حدّ نفسه، و كذا ينعقد لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً، و لو مع الإغماض عن رجحان المشي؛ لكفاية

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 283

رجحان أصل الحجّ في الانعقاد، إذ لا يلزم أن يكون المتعلّق راجحاً بجميع قيوده و أوصافه، فما عن بعضهم من عدم الانعقاد في مورد يكون الركوب أفضل لا وجه له، و أضعف منه دعوى الانعقاد في أصل الحجّ لا في صفة المشي، فيجب مطلقاً؛ لأنّ المفروض نذر المقيّد، فلا معنى لبقائه مع عدم صحّة قيده.

[مسألة 27: لو نذر الحجّ راكباً انعقد و وجب

[3134] مسألة 27: لو نذر الحجّ راكباً انعقد و وجب، و لا يجوز حينئذٍ المشي و إن كان أفضل؛ لما مرّ من كفاية رجحان المقيّد دون قيده. نعم، لو نذر الركوب في حجّه في مورد يكون المشي أفضل لم ينعقد؛ لأنّ المتعلّق حينئذٍ الركوب لا الحجّ راكباً، و كذا ينعقد لو نذر أن يمشي بعض الطريق من فرسخ في كلّ يوم أو فرسخين، و كذا ينعقد لو نذر الحجّ حافياً، و ما في صحيحة الحذّاء من أمر النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) بركوب أُخت عقبة بن عامر مع كونها ناذرة أن تمشي إلى بيت اللَّه حافية قضيّة في واقعة، يمكن أن يكون لمانع من صحّة نذرها؛ من إيجابه كشفها أو تضرّرها أو غير ذلك.

[مسألة 28: يشترط في انعقاد النذر ماشياً أو حافياً تمكّن الناذر و عدم تضرّره بهما]

[3135] مسألة 28: يشترط في انعقاد النذر ماشياً أو حافياً تمكّن الناذر و عدم تضرّره بهما، فلو كان عاجزاً أو كان مضرّاً ببدنه لم ينعقد. نعم، لا مانع منه إذا كان حرجاً لا يبلغ حدّ الضرر؛ لأنّ رفع الحرج من باب الرخصة لا العزيمة. هذا إذا كان حرجيّا حين النذر و كان عالماً به، و أمّا إذا عرض الحرج بعد ذلك فالظاهر كونه مسقطاً للوجوب.

[مسألة 29: في كون مبدأ وجوب المشي، أو الحفاء بلد النذر أو الناذر]

[3136] مسألة 29: في كون مبدأ وجوب المشي، أو الحفاء بلد النذر أو الناذر، أو أقرب البلدين إلى الميقات، أو مبدأ الشروع في السفر، أو أفعال الحجّ أقوال، و الأقوى أنّه تابع للتعيين أو الانصراف، و مع عدمهما فأوّل أفعال الحجّ إذا قال: «للَّه عليّ أن أحجّ ماشياً». و من حين الشروع في السفر إذا قال: «للَّه عليّ أن أمشي إلى بيت اللَّه» أو نحو ذلك، كما أنّ الأقوى أنّ منتهاه مع عدم التعيين رمي الجمار؛ لجملة من الأخبار لا طواف النساء كما عن المشهور، و لا الإفاضة من عرفات كما

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 284

في بعض الأخبار.

[مسألة 30: لا يجوز لمن نذر الحجّ ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر لمنافاته لنذره

[3137] مسألة 30: لا يجوز لمن نذر الحجّ ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر لمنافاته لنذره، و إن اضطرّ إليه لعروض المانع من سائر الطرق سقط نذره، كما أنّه لو كان منحصراً فيه من الأوّل لم ينعقد، و لو كان في طريقه نهر أو شطّ لا يمكن العبور إلّا بالمركب فالمشهور أنّه يقوم فيه لخبر السكوني، و الأقوى عدم وجوبه؛ لضعف الخبر عن إثبات الوجوب، و التمسّك بقاعدة الميسور لا وجه له، و على فرضه فالميسور هو التحرّك لا القيام.

[مسألة 31: إذا نذر المشي فخالف نذره فحجّ راكباً]

[3138] مسألة 31: إذا نذر المشي فخالف نذره فحجّ راكباً، فإن كان المنذور الحجّ ماشياً من غير تقييد بسنة معيّنة وجب عليه الإعادة و لا كفّارة إلّا إذا تركها أيضاً، و إن كان المنذور الحجّ ماشياً في سنة معيّنة فخالف و أتى به راكباً وجب عليه القضاء و الكفّارة، و إذا كان المنذور المشي في حجّ معيّن وجبت الكفّارة دون القضاء؛ لفوات محلّ النذر، و الحجّ صحيح في جميع الصور، خصوصاً الأخيرة؛ لأنّ النذر لا يوجب شرطيّة المشي في أصل الحجّ، و عدم الصحّة من حيث النذر لا يوجب عدمها من حيث الأصل، فيكفي في صحّته الإتيان به بقصد القربة، و قد يتخيّل البطلان؛ من حيث إنّ المنويّ و هو الحجّ النذري لم يقع و غيره لم يقصد.

و فيه: أنّ الحجّ في حدّ نفسه مطلوب، و قد قصده في ضمن قصد النذر و هو كاف، أ لا ترى أنّه لو صام أيّاماً بقصد الكفّارة ثمّ ترك التتابع لا يبطل الصيام في الأيّام السابقة أصلًا، و إنّما تبطل من حيث كونها صيام كفّارة، و كذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته و أذكاره التي

أتى بها من حيث كونها قرآناً أو ذكراً، و قد يستدلّ للبطلان إذا ركب في حال الإتيان بالأفعال بأنّ الأمر بإتيانها ماشياً موجب للنهي عن إتيانها راكباً، و فيه: منع كون الأمر بالشي ء نهياً عن ضدّه، و منع

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 285

استلزامه البطلان على القول به، مع أنّه لا يتمّ فيما لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً من غير تقييد بسنة معيّنة و لا بالفوريّة؛ لبقاء محلّ الإعادة.

[مسألة 32: لو ركب بعضاً و مشى بعضاً]

[3139] مسألة 32: لو ركب بعضاً و مشى بعضاً فهو كما لو ركب الكلّ؛ لعدم الإتيان بالمنذور، فيجب عليه القضاء أو الإعادة ماشياً، و القول بالإعادة و المشي في موضع الركوب ضعيف لا وجه له.

[مسألة 33: لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره لتمكّنه منه أو رجائه سقط]

[3140] مسألة 33: لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره لتمكّنه منه أو رجائه سقط، و هل يبقى حينئذٍ وجوب الحجّ راكباً، أو لا بل يسقط أيضاً؟ فيه أقوال:

أحدها: وجوبه راكباً مع سياق بدنة.

الثاني: وجوبه بلا سياق.

الثالث: سقوطه إذا كان الحجّ مقيّداً بسنة معيّنة، أو كان مطلقاً مع اليأس عن التمكّن بعد ذلك، و توقّع المكنة مع الإطلاق و عدم اليأس.

الرابع: وجوب الركوب مع تعيين السنة أو اليأس في صورة الإطلاق، و توقّع المكنة مع عدم اليأس.

الخامس: وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في الإحرام، و إذا كان قبله فالسقوط مع التعيين، و توقّع المكنة مع الإطلاق، و مقتضى القاعدة و إن كان هو القول الثالث، إلّا أنّ الأقوى بملاحظة جملة من الأخبار هو القول الثاني بعد حمل ما في بعضها من الأمر بسياق الهدي على الاستحباب، بقرينة السكوت عنه في بعضها الآخر مع كونه في مقام البيان.

مضافاً إلى خبر عنبسة الدالّ على عدم وجوبه صريحاً فيه؛ من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع في الذهاب أو بعده، و قبل الدخول في الإحرام أو بعده، و من غير فرق أيضاً بين كون النذر مطلقاً أو مقيّداً بسنة مع توقّع المكنة و عدمه، و إن كان الأحوط في صورة الإطلاق مع عدم اليأس من المكنة

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 286

و كونه قبل الشروع في الذهاب الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك؛ لاحتمال انصراف الأخبار عن هذه الصورة،

و الأحوط إعمال قاعدة الميسور أيضاً بالمشي بمقدار المكنة، بل لا يخلو عن قوّة للقاعدة. مضافاً إلى الخبر: عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه حافياً. قال (عليه السّلام): «فليمش، فإذا تعب فليركب». و يستفاد منه كفاية الحرج و التعب في جواز الركوب و إن لم يصل إلى حدّ العجز. و في مرسل حريز: «إذا حلف الرجل أن لا يركب أو نذر أن لا يركب فإذا بلغ مجهوده ركب».

[مسألة 34: إذا نذر الحجّ ماشياً فعرض مانع آخر غير العجز عن المشي

[3141] مسألة 34: إذا نذر الحجّ ماشياً فعرض مانع آخر غير العجز عن المشي؛ من مرض أو خوفه أو عدو أو نحو ذلك، فهل حكمه حكم العجز فيما ذكر أو لا، لكون الحكم على خلاف القاعدة؟ وجهان، و لا يبعد التفصيل بين المرض و مثل العدوّ باختيار الأوّل في الأوّل، و الثاني في الثاني، و إن كان الأحوط الإلحاق مطلقاً.

[فصل في النيابة]

اشارة

فصل في النيابة لا إشكال في صحّة النيابة عن الميّت في الحجّ الواجب و المندوب، و عن الحيّ في المندوب مطلقاً، و في الواجب في بعض الصور.

[مسألة 1: يشترط في النائب أُمور]

[3142] مسألة 1: يشترط في النائب أُمور:

أحدها: البلوغ على المشهور، فلا يصحّ نيابة الصبي عندهم و إن كان مميّزاً، و هو الأحوط، لا لما قيل من عدم صحّة عباداته لكونها تمرينيّة؛ لأنّ الأقوى كونها شرعيّة، و لا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه؛ لأنّه أخصّ من المدّعى، بل لأصالة عدم فراغ ذمّة المنوب عنه بعد دعوى انصراف الأدلّة،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 287

خصوصاً مع اشتمال جملة من الأخبار على لفظ الرجل، و لا فرق بين أن يكون حجّة بالإجارة أو بالتبرّع بإذن الوليّ أو عدمه، و إن كان لا يبعد دعوى صحّة نيابته في الحجّ المندوب بإذن الولي.

الثاني: العقل، فلا تصحّ نيابة المجنون الذي لا يتحقّق منه القصد؛ مطبقاً كان جنونه أو أدواريّاً في دور جنونه، و لا بأس بنيابة السفيه.

الثالث: الإيمان؛ لعدم صحّة عمل غير المؤمن و إن كان معتقداً بوجوبه و حصل منه نيّة القربة، و دعوى أنّ ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما ترى.

الرابع: العدالة أو الوثوق بصحّة عمله، و هذا الشرط إنّما يعتبر في جواز الاستنابة لا في صحّة عمله.

الخامس: معرفته بأفعال الحجّ و أحكامه، و إن كان بإرشاد معلّم حال كلّ عمل.

السادس: عدم اشتغال ذمّته بحجّ واجب عليه في ذلك العام، فلا تصحّ نيابة من وجب عليه حجّة الإسلام، أو النذر المضيّق مع تمكّنه من إتيانه، و أمّا مع عدم تمكّنه لعدم المال فلا بأس، فلو حجّ عن غيره مع تمكّنه من الحجّ لنفسه بطل على المشهور، لكن

الأقوى أنّ هذا الشرط إنّما هو لصحّة الاستنابة و الإجارة، و إلّا فالحجّ صحيح و إن لم يستحقّ الأُجرة، و تبرأ ذمّة المنوب عنه على ما هو الأقوى من عدم كون الأمر بالشي ء نهياً عن ضدّه، مع أنّ ذلك على القول به و إيجابه للبطلان إنّما يتمّ مع العلم و العمد، و أمّا مع الجهل أو الغفلة فلا، بل الظاهر صحّة الإجارة أيضاً على هذا التقدير؛ لأنّ البطلان إنّما هو من جهة عدم القدرة الشرعيّة على العمل المستأجر عليه، حيث إنّ المانع الشرعي كالمانع العقلي، و مع الجهل أو الغفلة لا مانع؛ لأنّه قادر شرعاً.

[مسألة 2: لا يشترط في النائب الحرّيّة]

[3143] مسألة 2: لا يشترط في النائب الحرّيّة، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 288

و لا تصحّ استنابته بدونه، و لو حجّ بدون إذنه بطل.

[مسألة 3: يشترط في المنوب عنه الإسلام

[3144] مسألة 3: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصحّ النيابة عن الكافر، لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه؛ لمنعه و إمكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه، بل لانصراف الأدلّة، فلو مات مستطيعاً و كان الوارث مسلماً لا يجب عليه استئجاره عنه، و يشترط فيه أيضاً كونه ميّتاً أو حيّاً عاجزاً في الحجّ الواجب، فلا تصحّ النيابة عن الحيّ في الحجّ الواجب إلّا إذا كان عاجزاً، و أمّا في الحجّ الندبي فيجوز عن الحيّ و الميّت تبرّعاً أو بالإجارة.

[مسألة 4: تجوز النيابة عن الصبي المميّز و المجنون

[3145] مسألة 4: تجوز النيابة عن الصبي المميّز و المجنون، بل يجب الاستئجار عن المجنون إذا استقرّ عليه حال إفاقته ثمّ مات مجنوناً.

[مسألة 5: لا تشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه

[3146] مسألة 5: لا تشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه في الذكورة و الأُنوثة، فتصحّ نيابة المرأة عن الرجل كالعكس. نعم، الأولى المماثلة.

[مسألة 6: لا بأس باستنابة الصرورة]

[3147] مسألة 6: لا بأس باستنابة الصرورة؛ رجلًا كان أو امرأة، عن رجل أو امرأة، و القول بعدم جواز استنابة المرأة الصرورة مطلقاً أو مع كون المنوب عنه رجلًا ضعيف. نعم، يكره ذلك، خصوصاً مع كون المنوب عنه رجلًا، بل لا يبعد كراهة استئجار الصرورة و لو كان رجلًا عن رجل.

[مسألة 7: يشترط في صحّة النيابة قصد النيابة و تعيين المنوب عنه في النيّة]

[3148] مسألة 7: يشترط في صحّة النيابة قصد النيابة و تعيين المنوب عنه في النيّة و لو بالإجمال، و لا يشترط ذكر اسمه، و إن كان يستحبّ ذلك في جميع المواطن و المواقف.

[مسألة 8: كما تصحّ النيابة بالتبرّع و بالإجارة كذا تصحّ بالجعالة]

[3149] مسألة 8: كما تصحّ النيابة بالتبرّع و بالإجارة كذا تصحّ بالجعالة، و لا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلّا بإتيان النائب صحيحاً، و لا تفرغ بمجرّد الإجارة، و ما دلّ من الأخبار على كون الأجير ضامناً و كفاية الإجارة في فراغها منزّلة على أنّ اللَّه تعالى يعطيه ثواب الحجّ إذا قصّر النائب في الإتيان، أو مطروحة؛ لعدم عمل العلماء

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 289

بها بظاهرها.

[مسألة 9: لا يجوز استئجار المعذور في ترك بعض الأعمال

[3150] مسألة 9: لا يجوز استئجار المعذور في ترك بعض الأعمال، بل لو تبرّع المعذور يشكل الاكتفاء به.

[مسألة 10: إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك

[3151] مسألة 10: إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك، فإن كان قبل الإحرام لم يجزئ عن المنوب عنه، لما مرّ من كون الأصل عدم فراغ ذمّته إلّا بالإتيان، بعد حمل الأخبار الدالّة على ضمان الأجير على ما أشرنا إليه. و إن مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ عنه، لا لكون الحكم كذلك في الحاجّ عن نفسه؛ لاختصاص ما دلّ عليه به، و كون فعل النائب فعل المنوب عنه لا يقتضي الإلحاق، بل لموثّقة إسحاق ابن عمّار المؤيّدة بمرسلتي حسين بن عثمان، و حسين بن يحيى الدالّة على أنّ النائب إذا مات في الطريق أجزأ عن المنوب عنه، المقيّدة بمرسلة «المقنعة»: «من خرج حاجّاً فمات في الطريق، فإنّه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجّة» الشاملة للحاجّ عن غيره أيضاً، و لا يعارضها موثّقة عمّار الدالّة على أنّ النائب إذا مات في الطريق عليه أن يوصي؛ لأنّها محمولة على ما إذا مات قبل الإحرام، أو على الاستحباب، مضافاً إلى الإجماع على عدم كفاية مطلق الموت في الطريق، و ضعفها سنداً بل و دلالة منجبر بالشهرة و الإجماعات المنقولة، فلا ينبغي الإشكال في الإجزاء في الصورة المزبورة.

و أمّا إذا مات بعد الإحرام و قبل دخول الحرم ففي الإجزاء قولان، و لا يبعد الإجزاء و إن لم نقل به في الحاجّ عن نفسه؛ لإطلاق الأخبار في المقام، و القدر المتيقّن من التقييد هو اعتبار كونه بعد الإحرام، لكن الأقوى عدمه، فحاله حال الحاجّ عن نفسه في اعتبار الأمرين في الإجزاء، و الظاهر عدم الفرق بين حجّة الإسلام

و غيرها من أقسام الحجّ، و كون النيابة بالأُجرة أو بالتبرّع.

[مسألة 11: إذا مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم

[3152] مسألة 11: إذا مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم يستحقّ تمام

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 290

الأُجرة إذا كان أجيراً على تفريغ الذمّة، و بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا كان أجيراً على الإتيان بالحجّ؛ بمعنى الأعمال المخصوصة، و إن مات قبل ذلك لا يستحقّ شيئاً، سواء مات قبل الشروع في المشي أو بعده، و قبل الإحرام أو بعده، و قبل الدخول في الحرم؛ لأنّه لم يأت بالعمل المستأجر عليه لا كلّا و لا بعضاً بعد فرض عدم إجزائه؛ من غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدّمات من المشي و نحوه.

نعم، لو كان المشي داخلًا في الإجارة على وجه الجزئيّة بأن يكون مطلوباً في الإجارة نفساً استحقّ مقدار ما يقابله من الأُجرة، بخلاف ما إذا لم يكن داخلًا أصلًا، أو كان داخلًا فيها لا نفساً بل بوصف المقدّميّة، فما ذهب إليه بعضهم من توزيع الأُجرة عليه أيضاً مطلقاً لا وجه له، كما أنّه لا وجه لما ذكره بعضهم من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام، إذ هو نظير ما إذا استؤجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثمّ أُبطلت صلاته، فإنّه لا إشكال في أنّه لا يستحقّ الأُجرة على ما أتى به.

و دعوى أنّه و إن كان لا يستحقّ من المسمّى بالنسبة لكن يستحقّ اجرة المثل لما أتى به، حيث إنّ عمله محترم، مدفوعة بأنّه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه، و المفروض أنّه لم يكن مغروراً من قبله، و حينئذٍ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحجّ في سنة معيّنة، و يجب

عليه الإتيان به إذا كانت مطلقة من غير استحقاق لشي ء على التقديرين.

[مسألة 12: يجب في الإجارة تعيين نوع الحجّ

[3153] مسألة 12: يجب في الإجارة تعيين نوع الحجّ؛ من تمتّع أو قران أو إفراد، و لا يجوز للمؤجر العدول عمّا عيّن له، و إن كان إلى الأفضل، كالعدول من أحد الأخيرين إلى الأوّل، إلّا إذا رضي المستأجر بذلك فيما إذا كان مخيّراً بين النوعين أو الأنواع، كما في الحجّ المستحبّي و المنذور المطلق، أو كان ذا منزلين متساويين في

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 291

مكّة و خارجها، و أمّا إذا كان ما عليه من نوع خاصّ فلا ينفع رضاه أيضاً بالعدول إلى غيره، و في صورة جواز الرضا يكون رضاه من باب إسقاط حقّ الشرط إن كان التعيين بعنوان الشرطيّة، و من باب الرضا بالوفاء بغير الجنس إن كان بعنوان القيديّة، و على أيّ تقدير يستحقّ الأُجرة المسمّاة و إن لم يأت بالعمل المستأجر عليه على التقدير الثاني؛ لأنّ المستأجر إذا رضي بغير النوع الذي عيّنه فقد وصل إليه ماله على المؤجر، كما في الوفاء بغير الجنس في سائر الديون، فكأنّه قد أتى بالعمل المستأجر عليه، و لا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول.

هذا، و يظهر من جماعة جواز العدول إلى الأفضل، كالعدول إلى التمتّع تعبّداً من الشارع، لخبر أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) في رجل أعطى رجلًا دراهم يحجّ بها عنه حجّة مفردة أ يجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال (عليه السّلام): «نعم، إنّما خالف إلى الفضل». و الأقوى ما ذكرنا، و الخبر منزّل على صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيّراً بين النوعين، جمعاً بينه و بين خبر آخر في رجل أعطى

رجلًا دراهم يحجّ بها حجّة مفردة، قال (عليه السّلام): «ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، لا يخالف صاحب الدراهم». و على ما ذكرنا من عدم جواز العدول إلّا مع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلك لا يستحقّ الأُجرة في صورة التعيين على وجه القيديّة، و إن كان حجّه صحيحاً عن المنوب عنه و مفرّغاً لذمّته، إذا لم يكن ما في ذمّته متعيّناً فيما عيّن. و أمّا إذا كان على وجه الشرطيّة فيستحقّ، إلّا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلّف الشرط، إذ حينئذٍ لا يستحقّ المسمّى بل اجرة المثل.

[مسألة 13: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحجّ البلدي

[3154] مسألة 13: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحجّ البلدي؛ لعدم تعلّق الغرض بالطريق نوعاً، و لكن لو عيّن تعيّن، و لا يجوز العدول عنه إلى غيره، إلّا إذا علم أنّه لا غرض للمستأجر في خصوصيّته و إنّما ذكره على المتعارف، فهو راض بأيّ طريق كان، فحينئذٍ لو عدل صحّ و استحقّ تمام الأُجرة،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 292

و كذا إذا أسقط بعد العقد حقّ تعيينه، فالقول بجواز العدول مطلقاً أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصيّة ضعيف، كالاستدلال له بصحيحة حريز، عن رجل أعطى رجلًا حجّة يحجّ عنه من الكوفة فحجّ عنه من البصرة، فقال: «لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّة»، إذ هي محمولة على صورة العلم بعدم الغرض كما هو الغالب، مع أنّها إنّما دلّت على صحّة الحجّ من حيث هو لا من حيث كونه عملًا مستأجراً عليه، كما هو المدّعى، و ربما تحمل على محامل أُخر.

و كيف كان، لا إشكال في صحّة حجّه و براءة ذمّة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيّداً

بخصوصيّة الطريق المعيّن، إنّما الكلام في استحقاقه الأُجرة المسمّاة على تقدير العدول و عدمه، و الأقوى أنّه يستحقّ من المسمّى بالنسبة، و يسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة على وجه الجزئيّة، و لا يستحقّ شيئاً على تقدير اعتباره على وجه القيديّة؛ لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذٍ، و إن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتى به؛ لأنّه حينئذٍ متبرّع بعمله، و دعوى أنّه يعدّ في العرف أنّه أتى ببعض ما استؤجر عليه فيستحقّ بالنسبة، و قصد التقييد بالخصوصيّة لا يخرجه عرفاً عن العمل ذي الأجزاء كما ذهب إليه في «الجواهر» لا وجه لها، و يستحقّ تمام الأُجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطيّة الفقهيّة؛ بمعنى الالتزام في الالتزام. نعم، للمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط، فيرجع إلى أُجرة المثل.

[مسألة 14: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرة في سنة معيّنة]

[3155] مسألة 14: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرة في سنة معيّنة، ثمّ آجر عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضاً بطلت الإجارة الثانية؛ لعدم القدرة على العمل بها بعد وجوب العمل بالأُولى، و مع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما صحّتا معاً، و دعوى بطلان الثانية و إن لم يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الأُولى؛ لأنّه يعتبر في صحّة الإجارة تمكّن الأجير من العمل بنفسه،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 293

فلا يجوز إجارة الأعمى على قراءة القرآن، و كذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد و إن لم يشترط المباشرة، ممنوعة، فالأقوى الصحّة. هذا إذا آجر نفسه ثانياً للحجّ بلا اشتراط المباشرة، و أمّا إذا آجر نفسه لتحصيله فلا إشكال فيه، و كذا تصحّ الثانية مع اختلاف السنتين، أو مع توسعة الإجارتين أو توسعة إحداهما، بل و كذا مع

إطلاقهما أو إطلاق إحداهما إذا لم يكن انصراف إلى التعجيل.

و لو اقترنت الإجارتان؛ كما إذا آجر نفسه من شخص و آجره وكيله من آخر في سنة واحدة، و كان وقوع الإجارتين في وقت واحد، بطلتا معاً مع اشتراط المباشرة فيهما، و لو آجره فضوليّان من شخصين مع اقتران الإجارتين يجوز له إجازة إحداهما كما في صورة عدم الاقتران، و لو آجر نفسه من شخص ثمّ علم أنّه آجره فضولي من شخص آخر سابقاً على عقد نفسه ليس له إجازة ذلك العقد، و إن قلنا بكون الإجازة كاشفة، بدعوى أنّها حينئذٍ تكشف عن بطلان إجارة نفسه؛ لكون إجارته نفسه مانعاً عن صحّة الإجازة حتّى تكون كاشفة، و انصراف أدلّة صحّة الفضولي عن مثل ذلك.

[مسألة 15: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لا يجوز له التأخير]

[3156] مسألة 15: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لا يجوز له التأخير، بل و لا التقديم إلّا مع رضا المستأجر، و لو أخّر لا لعذر أثم و تنفسخ الإجارة إن كان التعيين على وجه التقييد، و يكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان على وجه الشرطيّة، و إن أتى به مؤخّراً لا يستحقّ الأُجرة على الأوّل و إن برئت ذمّة المنوب عنه به، و يستحقّ المسمّاة على الثاني إلّا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أُجرة المثل، و إذا أطلق الإجارة و قلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الإهمال. و في ثبوت الخيار للمستأجر حينئذٍ و عدمه وجهان؛ من أنّ الفوريّة ليست توقيتاً، و من كونها بمنزلة الاشتراط.

[مسألة 16: قد عرفت عدم صحّة الإجارة الثانية]

[3157] مسألة 16: قد عرفت عدم صحّة الإجارة الثانية فيما إذا آجر نفسه من

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 294

شخص في سنة معيّنة ثمّ آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة المستأجر الأوّل أو لا؟ فيه تفصيل، و هو أنّه إن كانت الأُولى واقعة على العمل في الذمّة لا تصحّ الثانية بالإجازة؛ لأنّه لا دخل للمستأجر بها إذا لم تقع على ماله حتّى تصحّ له إجازتها. و إن كانت واقعة على منفعة الأجير في تلك السنة بأن تكون منفعته من حيث الحجّ أو جميع منافعه له جاز له إجازة الثانية؛ لوقوعها على ماله. و كذا الحال في نظائر المقام، فلو آجر نفسه ليخيط لزيد في يوم معيّن، ثمّ آجر نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم ليس لزيد إجازة العقد الثاني. و أمّا إذا ملّكه منفعته الخياطي، فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة لعمرو جاز له إجازة هذا العقد؛ لأنّه تصرّف في متعلّق

حقّه، و إذا أجاز يكون مال الإجارة له لا للمؤجر. نعم، لو ملك منفعة خاصّة، كخياطة ثوب معيّن، أو الحجّ عن ميّت معيّن على وجه التقييد يكون كالأوّل في عدم إمكان إجازته.

[مسألة 17: إذا صدّ الأجير أو أُحصر كان حكمه كالحاجّ عن نفسه فيما عليه من الأعمال

[3158] مسألة 17: إذا صدّ الأجير أو أُحصر كان حكمه كالحاجّ عن نفسه فيما عليه من الأعمال، و تنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة، و يبقى الحجّ في ذمّته مع الإطلاق، و للمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرط في ضمن العقد، و لا يجزئ عن المنوب عنه و إن كان بعد الإحرام و دخول الحرم؛ لأنّ ذلك كان في خصوص الموت من جهة الأخبار، و القياس عليه لا وجه له، و لو ضمن المؤجر الحجّ في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، و القول بوجوبه ضعيف، و ظاهرهم استحقاق الأُجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال، و هو مشكل؛ لأنّ المفروض عدم إتيانه للعمل المستأجر عليه و عدم فائدة فيما أتى به، فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصدّ و الحصر، و كالانفساخ في أثناء سائر الأعمال المرتبطة لعذر في إتمامها، و قاعدة احترام عمل المسلم لا تجري؛ لعدم الاستناد إلى المستأجر، فلا يستحقّ اجرة المثل أيضاً.

[مسألة 18: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة]

[3159] مسألة 18: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة فهو من ماله.

[مسألة 19: إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل

[3160] مسألة 19: إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل؛ بمعنى الحلول في مقابل الأجل لا بمعنى الفوريّة؛ إذ لا دليل عليها، و القول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف، فحالها حال البيع في أنّ إطلاقه يقتضي الحلول؛ بمعنى جواز المطالبة و وجوب المبادرة معها.

[مسألة 20: إذا قصرت الأُجرة لا يجب على المستأجر إتمامها]

[3161] مسألة 20: إذا قصرت الأُجرة لا يجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت ليس له استرداد الزائد. نعم، يستحبّ الإتمام كما قيل، بل قيل: يستحبّ على الأجير أيضاً ردّ الزائد، و لا دليل بالخصوص على شي ء من القولين. نعم، يستدلّ على الأوّل بأنّه معاونة على البرّ و التقوى، و على الثاني بكونه موجباً للإخلاص في العبادة.

[مسألة 21: لو أفسد الأجير حجّة بالجماع قبل المشعر]

[3162] مسألة 21: لو أفسد الأجير حجّة بالجماع قبل المشعر فكالحاجّ عن نفسه يجب عليه إتمامه و الحجّ من قابل و كفّارة بدنة، و هل يستحقّ الأُجرة على الأوّل أو لا؟ قولان؛ مبنيّان على أنّ الواجب هو الأوّل و أنّ الثاني عقوبة، أو هو الثاني و أنّ الأوّل عقوبة، قد يقال بالثاني؛ للتعبير في الأخبار بالفساد الظاهر في البطلان، و حمله على إرادة النقصان و عدم الكمال مجاز لا داعي إليه، و حينئذٍ فتنفسخ الإجارة إذا كانت معيّنة و لا يستحقّ الأُجرة، و يجب عليه الإتيان في القابل بلا اجرة، و مع إطلاق الإجارة تبقى ذمّته مشغولة، و يستحقّ الأُجرة على ما يأتي به في القابل.

و الأقوى صحّة الأوّل و كون الثاني عقوبة؛ لبعض الأخبار الصريحة في ذلك في الحاجّ عن نفسه، و لا فرق بينه و بين الأجير، و لخصوص خبرين في خصوص الأجير عن إسحاق بن عمّار، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: قلت: فإن ابتلي بشي ء يفسد عليه حجّه حتّى يصير عليه الحجّ من قابل، أ يجزئ عن الأوّل؟ قال: «نعم». قلت:

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 296

لأنّ الأجير ضامن للحجّ؟ قال: «نعم»، و في الثاني سأل الصادق (عليه السّلام) عن رجل حجّ عن رجل فاجترح في حجّه شيئاً يلزم فيه الحجّ من قابل و كفّارة؟

قال (عليه السّلام): «هي للأوّل تامّة، و على هذا ما اجترح». فالأقوى استحقاق الأُجرة على الأوّل و إن ترك الإتيان من قابل عصياناً أو لعذر، و لا فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معيّنة.

و هل الواجب إتيان الثاني بالعنوان الذي أتى به الأوّل، فيجب فيه قصد النيابة عن المنوب عنه و بذلك العنوان، أو هو واجب عليه تعبّداً و يكون لنفسه؟ وجهان، لا يبعد الظهور في الأوّل، و لا ينافي كونه عقوبة، فإنّه يكون الإعادة عقوبة، و لكن الأظهر الثاني، و الأحوط أن يأتي به بقصد ما في الذمّة. ثمّ لا يخفى عدم تماميّة ما ذكره ذلك القائل من عدم استحقاق الأُجرة في صورة كون الإجارة معيّنة و لو على ما يأتي به في القابل؛ لانفساخها و كون وجوب الثاني تعبّداً؛ لكونه خارجاً عن متعلّق الإجارة، و إن كان مبرئاً لذمّة المنوب عنه، و ذلك لأنّ الإجارة و إن كانت منفسخة بالنسبة إلى الأوّل لكنّها باقية بالنسبة إلى الثاني تعبّداً؛ لكونه عوضاً شرعيّاً تعبّديّاً عمّا وقع عليه العقد، فلا وجه لعدم استحقاق الأُجرة على الثاني.

و قد يقال بعدم كفاية الحجّ الثاني أيضاً في تفريغ ذمّة المنوب عنه، بل لا بدّ للمستأجر أن يستأجر مرّة أُخرى في صورة التعيين، و للأجير أن يحجّ ثالثاً في صورة الإطلاق؛ لأنّ الحجّ الأوّل فاسد، و الثاني إنّما وجب للإفساد عقوبة فيجب ثالث، إذ التداخل خلاف الأصل، و فيه: أنّ هذا إنّما يتمّ إذا لم يكن الحجّ في القابل بالعنوان الأوّل، و الظاهر من الأخبار على القول بعدم صحّة الأوّل وجوب إعادة الأوّل و بذلك العنوان، فيكفي في التفريغ و لا يكون من باب التداخل، فليس الإفساد عنواناً مستقلا. نعم،

إنّما يلزم ذلك إذا قلنا: إنّ الإفساد موجب لحجّ مستقلّ لا على نحو الأوّل، و هو خلاف ظاهر الأخبار.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 297

و قد يقال في صورة التعيين: إنّ الحجّ الأوّل إذا كان فاسداً و انفسخت الإجارة يكون لنفسه، فقضاؤه في العام القابل أيضاً يكون لنفسه، و لا يكون مبرئاً لذمّة المنوب عنه، فيجب على المستأجر استئجار حجّ آخر، و فيه أيضاً ما عرفت من أنّ الثاني واجب بعنوان إعادة الأوّل، و كون الأوّل بعد انفساخ الإجارة بالنسبة إليه لنفسه لا يقتضي كون الثاني له و إن كان بدلًا عنه؛ لأنّه بدل عنه بالعنوان المنوي لا بما صار إليه بعد الفسخ. هذا، و الظاهر عدم الفرق في الأحكام المذكورة بين كون الحجّ الأوّل المستأجر عليه واجباً أو مندوباً، بل الظاهر جريان حكم وجوب الإتمام و الإعادة في النيابة تبرّعاً أيضاً، و إن كان لا يستحقّ الأُجرة أصلًا.

[مسألة 22: يملك الأجير الأُجرة بمجرّد العقد]

[3163] مسألة 22: يملك الأجير الأُجرة بمجرّد العقد، لكن لا يجب تسليمها إلّا بعد العمل إذا لم يشترط التعجيل، و لم تكن قرينة على إرادته من انصراف أو غيره، و لا فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عيناً أو ديناً، لكن إذا كانت عيناً و نمت كان النماء للأجير، و على ما ذكر من عدم وجوب التسليم قبل العمل إذا كان المستأجر وصيّاً أو وكيلًا و سلّمها قبله كان ضامناً لها على تقدير عدم العمل من المؤجر، أو كون عمله باطلًا، و لا يجوز لهما اشتراط التعجيل من دون إذن الموكّل أو الوارث، و لو لم يقدر الأجير على العمل مع عدم تسليم الأُجرة كان له الفسخ و كذا للمستأجر، لكن لمّا كان المتعارف تسليمها

أو نصفها قبل المشي يستحقّ الأجير المطالبة في صورة الإطلاق، و يجوز للوكيل و الوصيّ دفعها من غير ضمان.

[مسألة 23: إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة]

[3164] مسألة 23: إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة، فلا يجوز للأجير أن يستأجر غيره إلّا مع الإذن صريحاً أو ظاهراً، و الرواية الدالّة على الجواز محمولة على صورة العلم بالرضا من المستأجر.

[مسألة 24: لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحجّ تمتّعاً]

[3165] مسألة 24: لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحجّ تمتّعاً و كانت

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 298

وظيفته العدول إلى حجّ الإفراد عمّن عليه حجّ التمتّع، و لو استأجره مع سعة الوقت فنوى التمتّع ثمّ اتّفق ضيق الوقت، فهل يجوز له العدول و يجزئ عن المنوب عنه أو لا؟ وجهان؛ من إطلاق أخبار العدول، و من انصرافها إلى الحاجّ عن نفسه، و الأقوى عدمه، و على تقديره فالأقوى عدم إجزائه عن الميّت و عدم استحقاق الأُجرة عليه، لأنّه غير ما على الميّت، و لأنّه غير العمل المستأجر عليه.

[مسألة 25: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب أيّ واجب كان و المندوب

[3166] مسألة 25: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب أيّ واجب كان و المندوب، بل يجوز التبرّع عنه بالمندوب و إن كانت ذمّته مشغولة بالواجب، و لو قبل الاستئجار عنه للواجب، و كذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب كذلك. و أمّا الحيّ فلا يجوز التبرّع عنه في الواجب إلّا إذا كان معذوراً في المباشرة لمرض أو هرم، فإنّه يجوز التبرّع عنه و يسقط عنه وجوب الاستنابة على الأقوى كما مرّ سابقاً. و أمّا الحجّ المندوب فيجوز التبرّع عنه، كما يجوز له أن يستأجر له حتّى إذا كان عليه حجّ واجب لا يتمكّن من أدائه فعلًا، و أمّا إن تمكّن منه فالاستئجار للمندوب قبل أدائه مشكل، بل التبرّع عنه حينئذٍ أيضاً لا يخلو عن إشكال في الحجّ الواجب.

[مسألة 26: لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد]

[3167] مسألة 26: لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد، و إن كان الأقوى فيه الصحّة، إلّا إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحجّ. و أمّا في الحجّ المندوب فيجوز حجّ واحد عن جماعة بعنوان النيابة، كما يجوز بعنوان إهداء الثواب؛ لجملة من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضاً، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب.

[مسألة 27: يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحجّ المندوب تبرّعاً أو بالإجارة]

[3168] مسألة 27: يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحجّ المندوب تبرّعاً أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الواجب أيضاً، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ الذي لا يتمكّن من المباشرة لعذر حجّان مختلفان نوعاً كحجّة

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 299

الإسلام و النذر، أو متّحدان من حيث النوع كحجّتين للنذر، فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد، و كذا يجوز إذا كان أحدهما واجباً و الآخر مستحبّاً، بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحجّ واجب واحد كحجّة الإسلام في عام واحد احتياطاً لاحتمال بطلان حجّ أحدهما، بل و كذا مع العلم بصحّة الحجّ من كلّ منهما و كلاهما آت بالحجّ الواجب، و إن كان إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر، فهو مثل ما إذا صلّى جماعة على الميّت في وقت واحد، و لا يضرّ سبق أحدهما بوجوب الآخر، فإنّ الذمّة مشغولة ما لم يتمّ العمل، فيصحّ قصد الوجوب من كلّ منهما و لو كان أحدهما أسبق شروعاً.

[فصل في الوصيّة بالحجّ

اشارة

فصل في الوصيّة بالحج

[مسألة 1: إذا أوصى بالحجّ

[3169] مسألة 1: إذا أوصى بالحجّ، فإن علم أنّه واجب أُخرج من أصل التركة و إن كان بعنوان الوصيّة، فلا يقال مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث. نعم، لو صرّح بإخراجه من الثلث أُخرج منه، فإن وفى به، و إلّا يكون الزائد من الأصل، و لا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام و الحجّ النذري و الإفسادي؛ لأنّه بأقسامه واجب ماليّ، و إجماعهم قائم على خروج كلّ واجب مالي من الأصل، مع أنّ في بعض الأخبار أنّ الحجّ بمنزلة الدين، و من المعلوم خروجه من الأصل، بل الأقوى خروج كلّ واجب من الأصل و إن كان بدنيّاً كما مرّ سابقاً، و إن علم أنّه ندبيّ فلا إشكال في خروجه من الثلث.

و إن لم يعلم أحد الأمرين ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان؛ يظهر من سيّد «الرياض» (قدّس سرّه) خروجه من الأصل؛ حيث إنّه وجّه كلام الصدوق (قدّس سرّه) الظاهر

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 300

في كون جميع الوصايا من الأصل بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجباً أو لا، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصيّة خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيّاً، و حمل الخبر الدالّ بظاهره على ما عن الصدوق أيضاً على ذلك، لكنّه مشكل، فإنّ العمومات مخصّصة بما دلّ على أنّ الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه، إلّا مع إجازة الورثة، هذا مع أنّ الشبهة مصداقيّة، و التمسّك بالعمومات فيها محلّ إشكال.

و أمّا الخبر المشار إليه و هو قوله (عليه السّلام): «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز» فهو موهون بإعراض العلماء عن العمل بظاهره، و

يمكن أن يكون المراد «بماله» هو الثلث الذي أمره بيده. نعم، يمكن أن يقال في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة الظاهر من قول الموصي: «حجّوا عنّي» هو حجّة الإسلام الواجبة؛ لعدم تعارف الحجّ المستحبّي في هذه الأزمنة و الأمكنة، فيحمل على أنّه واجب من جهة هذا الظهور و الانصراف، كما أنّه إذا قال: «أدّوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة» ينصرف إلى الواجب عليه.

فتحصّل أنّ في صورة الشكّ في كون الموصى به واجباً حتّى يخرج من أصل التركة، أو لا حتّى يكون من الثلث، مقتضى الأصل الخروج من الثلث؛ لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه واجباً و هو غير معلوم، بل الأصل عدمه إلّا إذا كان هناك انصراف، كما في مثل الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ و نحوها. نعم، لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب، كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً و لم يعلم أنّه أتى به أو لا، فالظاهر جريان الاستصحاب و الإخراج من الأصل.

و دعوى أنّ ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه و هو فرع شكّه لا شكّ الوصيّ أو الوارث، و لا يعلم أنّه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة بمنع اعتبار شكّه، بل يكفي شكّ الوصيّ أو الوارث أيضاً، و لا فرق في ذلك

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 301

بين ما إذا أوصى أو لم يوصِ، فإنّ مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمّته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث، و لكنّه يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد؛ لحصول العلم غالباً بأنّ الميّت كان مشغول الذمّة بدين أو خمس أو زكاة أو حجّ أو نحو ذلك،

إلّا أن يدفع بالحمل على الصحّة، فإنّ ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه، لكنّه مشكل في الواجبات الموسّعة، بل في غيرها أيضاً في غير الموقّتة، فالأحوط في هذه الصورة الإخراج من الأصل.

[مسألة 2: يكفي الميقاتيّة]

[3170] مسألة 2: يكفي الميقاتيّة، سواء كان الحجّ الموصى به واجباً أو مندوباً، و يخرج الأوّل من الأصل و الثاني من الثلث، إلّا إذا أوصى بالبلديّة، و حينئذٍ فالزائد عن اجرة الميقاتيّة في الأوّل من الثلث، كما أنّ تمام الأُجرة في الثاني منه.

[مسألة 3: إذا لم يعيّن الأُجرة فاللازم الاقتصار على اجرة المثل؛ للانصراف إليها]

[3171] مسألة 3: إذا لم يعيّن الأُجرة فاللازم الاقتصار على اجرة المثل؛ للانصراف إليها، و لكن إذا كان هناك من يرضى بالأقلّ منها وجب استئجاره، إذ الانصراف إلى أُجرة المثل إنّما هو نفي الأزيد فقط، و هل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك توفيراً على الورثة، خصوصاً مع الظنّ بوجوده، و إن كان في وجوبه إشكال، خصوصاً مع الظنّ بالعدم، و لو وجد من يريد أن يتبرّع فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار، بل هو المتعيّن توفيراً على الورثة، فإن أتى به صحيحاً كفى و إلّا وجب الاستئجار، و لو لم يوجد من يرضى بأُجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحجّ واجباً، بل و إن كان مندوباً أيضاً مع وفاء الثلث، و لا يجب الصبر إلى العام القابل و لو مع العلم بوجود من يرضى بأُجرة المثل أو أقلّ، بل لا يجوز؛ لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمّة الميّت في الواجب، و العمل بمقتضى الوصيّة في المندوب، و إن عيّن الموصي مقداراً للأُجرة تعيّن، و خرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على اجرة المثل، و إلّا فالزيادة من الثلث، كما أنّ في المندوب كلّه من الثلث.

[مسألة 4: هل اللازم في تعيين اجرة المثل الاقتصار على أقلّ الناس اجرة]

[3172] مسألة 4: هل اللازم في تعيين اجرة المثل الاقتصار على أقلّ الناس اجرة أو يلاحظ من يناسب شأن الميّت في شرفه وضعته؟ لا يبعد الثاني، و الأحوط الأظهر الأوّل، و مثل هذا الكلام يجري أيضاً في الكفن الخارج من الأصل أيضاً.

[مسألة 5: لو أوصى بالحجّ و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن

[3173] مسألة 5: لو أوصى بالحجّ و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، و إن لم يعيّن كفى حجّ واحد، إلّا أن يعلم أنّه أراد التكرار، و عليه يحمل ما ورد في الأخبار من أنّه يحجّ عنه ما دام له مال، كما في خبرين، أو ما بقي من ثلثه شي ء كما في ثالث بعد حمل الأوّلين على الأخير من إرادة الثلث من لفظ المال، فما عن الشيخ و جماعة من وجوب التكرار ما دام الثلث باقياً ضعيف، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من الأخبار أنّه يجب الحجّ ما دام يمكن الإتيان به ببقاء شي ء من الثلث بعد العمل بوصايا أُخر، و على فرض ظهورها في إرادة التكرار و لو مع عدم العلم بإرادته لا بدّ من طرحها لإعراض المشهور عنها، فلا ينبغي الإشكال في كفاية حجّ واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار. نعم، لو أوصى بإخراج الثلث و لم يذكر إلّا الحجّ يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في الحجّ، كما لو لم يذكر إلّا المظالم أو إلّا الزكاة أو إلّا الخمس، و لو أوصى أن يحجّ عنه مكرّراً كفى مرّتان؛ لصدق التكرار معه.

[مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة]

[3174] مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة، و عيّن لكلّ سنة مقداراً معيّناً، و اتّفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة، صرف نصيب سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلًا و هكذا، لا لقاعدة الميسور؛ لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع، بل لأنّ الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحجّ، و كون تعيين مقدار كلّ سنة بتخيّل كفايته. و يدلّ عليه أيضاً خبر عليّ بن محمّد الحضيني، و خبر

إبراهيم بن مهزيار، ففي الأوّل تجعل حجّتين في حجّة، و في الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين، و كلاهما من باب المثال كما لا يخفى.

هذا، و لو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة، فهل ترجع ميراثاً، أو في وجوه

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 303

البرّ، أو تزاد على اجرة بعض السنين؟ وجوه، و لو كان الموصى به الحجّ من البلد، و دار الأمر بين جعل اجرة سنتين مثلًا لسنة، و بين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكلّ سنة، ففي تعيين الأوّل أو الثاني وجهان، و لا يبعد التخيير بل أولويّة الثاني، إلّا أنّ مقتضى إطلاق الخبرين الأوّل. هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحجّ بذلك المقدار على وجه التقييد، و إلّا فتبطل الوصيّة إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير، أو كانت الوصيّة مقيّدة بسنين معيّنة.

[مسألة 7: إذا أوصى بالحجّ و عيّن الأُجرة في مقدار]

[3175] مسألة 7: إذا أوصى بالحجّ و عيّن الأُجرة في مقدار، فإن كان الحجّ واجباً و لم يزد ذلك المقدار عن اجرة المثل، أو زاد و خرجت الزيادة من الثلث تعيّن، و إن زاد و لم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصيّة و يرجع إلى أُجرة المثل، و إن كان الحجّ مندوباً فكذلك تعيّن أيضاً مع وفاء الثلث بذلك المقدار، و إلّا فبقدر وفاء الثلث مع عدم كون التعيين على وجه التقييد، و إن لم يفِ الثلث بالحجّ أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصيّة و سقط وجوب الحجّ.

[مسألة 8: إذا أوصى بالحجّ و عيّن أجيراً معيّناً تعيّن استئجاره بأُجرة المثل

[3176] مسألة 8: إذا أوصى بالحجّ و عيّن أجيراً معيّناً تعيّن استئجاره بأُجرة المثل. و إن لم يقبل إلّا بالأزيد، فإن خرجت الزيادة من الثلث تعيّن أيضاً، و إلّا بطلت الوصيّة و استؤجر غيره بأُجرة المثل في الواجب مطلقاً، و كذا في المندوب إذا وفى به الثلث و لم يكن على وجه التقييد، و كذا إذا لم يقبل أصلًا.

[مسألة 9: إذا عيّن للحجّ اجرة لا يرغب فيها أحد، و كان الحجّ مستحبّاً]

[3177] مسألة 9: إذا عيّن للحجّ اجرة لا يرغب فيها أحد، و كان الحجّ مستحبّاً بطلت الوصيّة إذا لم يرج وجود راغب فيها، و حينئذٍ فهل ترجع ميراثاً، أو تصرف في وجوه البرّ، أو يفصّل بين ما إذا كان كذلك من الأوّل فترجع ميراثاً، أو كان الراغب موجوداً ثمّ طرأ التعذّر؟ وجوه، و الأقوى هو الصرف في وجوه البرّ، لا لقاعدة الميسور، بدعوى أنّ الفصل إذا تعذّر يبقى الجنس؛ لأنّها قاعدة شرعيّة، و إنّما تجري في الأحكام الشرعيّة المجعولة للشارع، و لا مسرح لها في مجعولات

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 304

الناس، كما أشرنا إليه سابقاً، مع أنّ الجنس لا يعدّ ميسوراً للنوع، فمحلّها المركّبات الخارجيّة إذا تعذّر بعض أجزائها و لو كانت ارتباطيّة، بل لأنّ الظاهر من حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه، و إنّما عيّن عملًا خاصّاً لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحجّ على وجه تعدّد المطلوب، و إن لم يكن متذكّراً لذلك حين الوصيّة.

نعم، لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللبّ أيضاً يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، و لا فرق في الصورتين بين كون التعذّر طارئاً أو من الأوّل، و يؤيّد ما ذكرنا ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدلّ

عليه خبر عليّ بن سويد (مزيد ظ)، عن الصادق (عليه السّلام) قال: قلت: مات رجل فأوصى بتركته أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدّق بها، فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدّقت بها، فقال (عليه السّلام): ضمنت، إلّا أن لا يكون يبلغ أن يحجّ به من مكّة، فإن كان يبلغ أن يحجّ به من مكّة فأنت ضامن.

و يظهر ممّا ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصيّة لجهة من الجهات، هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث و عيّن له مصارف و تعذّر بعضها، و أمّا فيه فالأمر أوضح؛ لأنّه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك، فلا يعود إليه.

[مسألة 10: إذا صالحه [على داره مثلًا و شرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته صحّ

[3178] مسألة 10: إذا صالحه [على داره مثلًا و شرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته صحّ و لزم و خرج من أصل التركة و إن كان الحجّ ندبيّاً، و لا يلحقه حكم الوصيّة، و يظهر من المحقّق القمي (قدّس سرّه) في نظير المقام إجراء حكم الوصيّة عليه، بدعوى أنّه بهذا الشرط ملك عليه الحجّ، و هو عمل له اجرة، فيحسب مقدار اجرة المثل لهذا

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 305

العمل، فإن كانت زائدة عن الثلث توقّف على إمضاء الورثة، و فيه: أنّه لم يملك عليه الحجّ مطلقاً في ذمّته، ثمّ أوصى أن يجعله عنه، بل إنّما ملك بالشرط الحجّ عنه، و هذا ليس مالًا تملكه الورثة، فليس تمليكاً و وصيّة، و إنّما هو تمليك على نحو خاصّ لا ينتقل إلى الورثة، و كذا الحال إذا ملّكه داره بمائة تومان مثلًا بشرط أن يصرفها في الحجّ عنه أو عن غيره، أو ملّكه إيّاها بشرط أن يبيعها و يصرف

ثمنها في الحجّ أو نحوه، فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل، و إن كان العمل المشروط عليه ندبيّاً. نعم، له الخيار عند تخلّف الشرط، و هذا ينتقل إلى الوارث؛ بمعنى أنّ حقّ الشرط ينتقل إلى الوارث، فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة.

[مسألة 11: لو أوصى بأن يحجّ عنه ماشياً أو حافياً صحّ

[3179] مسألة 11: لو أوصى بأن يحجّ عنه ماشياً أو حافياً صحّ و اعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً، و خروج الزائد عن اجرة الميقاتيّة عنه إن كان واجباً. و لو نذر في حال حياته أن يحجّ ماشياً أو حافياً و لم يأت به حتّى مات، و أوصى به أو لم يوصِ وجب الاستئجار عنه من أصل التركة كذلك. نعم، لو كان نذره مقيّداً بالمشي ببدنه أمكن أن يقال بعدم وجوب الاستئجار عنه؛ لأنّ المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته؛ لأنّ مشي الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيداً في المأمور به أو مورداً.

[مسألة 12: إذا أوصى بحجّتين أو أزيد]

[3180] مسألة 12: إذا أوصى بحجّتين أو أزيد و قال: إنّها واجبة عليه صُدّق و تخرج من أصل التركة. نعم، لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت و كان متّهماً في إقراره فالظاهر أنّه كالإقرار بالدين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متّهماً على ما هو الأقوى.

[مسألة 13: لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة اجرة الاستئجار]

[3181] مسألة 13: لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة اجرة الاستئجار و شكّ في أنّه استأجر الحجّ قبل موته أو لا، فإن مضت مدّة يمكن الاستئجار فيها

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 306

فالظاهر حمل أمره على الصحّة مع كون الوجوب فوريّاً منه، و مع كونه موسّعاً إشكال. و إن لم تمضِ مدّة يمكن الاستئجار فيها وجب الاستئجار من بقيّة التركة إذا كان الحجّ واجباً، و من بقيّة الثلث إذا كان مندوباً، و في ضمانه لما قبض و عدمه لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان وجهان. نعم، لو كان المال المقبوض موجوداً أُخذ حتّى في الصورة الأُولى، و إن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان ممّا يحتاج إلى بيعه و صرفه في الأُجرة و تملّك ذلك المال بدلًا عمّا جعله اجرة؛ لأصالة بقاء ذلك المال على ملك الميّت.

[مسألة 14: إذا قبض الوصيّ الأُجرة و تلف في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً]

[3182] مسألة 14: إذا قبض الوصيّ الأُجرة و تلف في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً، و وجب الاستئجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث و إن اقتسمت على الورثة استرجع منهم. و إن شكّ في كون التلف عن تقصير أو لا فالظاهر عدم الضمان أيضاً، و كذا الحال إن استأجر و مات الأجير و لم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته.

[مسألة 15: إذا أوصى بما عنده من المال للحجّ ندباً]

[3183] مسألة 15: إذا أوصى بما عنده من المال للحجّ ندباً، و لم يعلم أنّه يخرج من الثلث أو لا لم يجز صرف جميعه. نعم، لو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا، أو أنّه أوصى سابقاً بذلك و الورثة أجازوا وصيّته، ففي سماع دعواه و عدمه وجهان.

[مسألة 16: من المعلوم أنّ الطواف مستحبّ مستقلا]

[3184] مسألة 16: من المعلوم أنّ الطواف مستحبّ مستقلا من غير أن يكون في ضمن الحجّ، و يجوز النيابة فيه عن الميّت، و كذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة، أو حاضراً و كان معذوراً في الطواف بنفسه، و أمّا مع كونه حاضراً و غير معذور فلا تصحّ النيابة عنه، و أمّا سائر أفعال الحجّ فاستحبابها مستقلا غير معلوم، حتّى مثل السعي بين الصفا و المروة.

[مسألة 17: لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها، و كان عليه حجّة الإسلام

[3185] مسألة 17: لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها، و كان عليه حجّة الإسلام، و علم أو ظنّ أنّ الورثة لا يؤدّون عنه إن ردّها إليهم جاز بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه، و إن زادت عن اجرة الحجّ ردّ الزيادة إليهم؛ لصحيحة بريد عن

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 307

رجل استودعني مالًا فهلك، و ليس لوارثه شي ء و لم يحجّ حجّة الإسلام، قال (عليه السّلام): «حجّ عنه و ما فضل فأعطهم» و هي و إن كانت مطلقة إلّا أنّ الأصحاب قيّدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأديتهم لو دفعها إليهم، و مقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستئذان من الحاكم الشرعي، و دعوى أنّ ذلك للإذن من الإمام (عليه السّلام) كما ترى؛ لأنّ الظاهر من كلام الإمام (عليه السّلام) بيان الحكم الشرعي، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الإذن من الحاكم، و الظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شي ء، و كذا عدم الاختصاص بحجّ الودعي بنفسه؛ لانفهام الأعمّ من ذلك منها.

و هل يلحق بحجّة الإسلام غيرها من أقسام الحجّ الواجب أو غير الحجّ من سائر ما يجب عليه مثل الخمس و الزكاة و المظالم و الكفّارات و الدين أو لا؟ و كذا

هل يلحق بالوديعة غيرها مثل العارية و العين المستأجرة و المغصوبة و الدين في ذمّته أو لا؟ وجهان، قد يقال بالثاني؛ لأنّ الحكم على خلاف القاعدة إذا قلنا: إنّ التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث، و إن كانوا مكلّفين بأداء الدين و محجورين عن التصرّف قبله، بل و كذا على القول ببقائها معه على حكم مال الميّت؛ لأنّ أمر الوفاء إليهم، فلعلّهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال، أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي على الميّت بأنفسهم.

و الأقوى مع العلم بأنّ الورثة لا يؤدّون بل مع الظنّ القوي أيضاً جواز الصرف فيما عليه، لا لما ذكره في «المستند» من أنّ وفاء ما على الميّت من الدين أو نحوه واجب كفائيّ على كلّ من قدر على ذلك، و أولويّة الورثة بالتركة إنّما هي ما دامت موجودة، و أمّا إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتّى تكون الورثة أولى به، إذ هذه الدعوى فاسدة جدّاً، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة، أو دعوى تنقيح المناط، أو أنّ المال إذا كان بحكم مال الميّت فيجب صرفه عليه، و لا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه، بل و كذا على القول بالانتقال إلى الورثة،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 308

حيث إنّه يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة يجب على من عنده صرفه عليه، و يضمن لو دفعه إلى الوارث لتفويته على الميّت.

نعم، يجب الاستئذان من الحاكم لأنّه وليّ من لا وليّ له، و يكفي الإذن الإجمالي، فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك الواجب عليه كما قد يتخيّل. نعم، لو لم يعلم و لم يظنّ عدم تأدية الوارث يجب الدفع إليه، بل لو كان

الوارث منكراً أو ممتنعاً و أمكن إثبات ذلك عند الحاكم، أو أمكن إجباره عليه لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه.

[مسألة 18: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه و عن غيره

[3186] مسألة 18: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه و عن غيره، و كذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه و عن غيره.

[مسألة 19: يجوز لمن أعطاه رجل مالًا لاستئجار الحجّ أن يحجّ بنفسه

[3187] مسألة 19: يجوز لمن أعطاه رجل مالًا لاستئجار الحجّ أن يحجّ بنفسه ما لم يعلم أنّه أراد الاستئجار من الغير، و الأحوط عدم مباشرته إلّا مع العلم بأنّ مراد المعطي حصول الحجّ في الخارج، و إذا عيّن شخصاً تعيّن، إلّا إذا علم عدم أهليّته، و أنّ المعطي مشتبه في تعيينه، أو أنّ ذكره من باب أحد الأفراد.

[فصل في الحجّ المندوب

اشارة

فصل في الحجّ المندوب

[مسألة 1: يستحبّ لفاقد الشرائط من البلوغ و الاستطاعة و غيرهما أن يحجّ مهما أمكن

[3188] مسألة 1: يستحبّ لفاقد الشرائط من البلوغ و الاستطاعة و غيرهما أن يحجّ مهما أمكن، بل و كذا من أتى بوظيفته من الحجّ الواجب، و يستحبّ تكرار الحجّ، بل يستحبّ تكراره في كلّ سنة، بل يكره تركه خمس سنين متوالية، و في بعض الأخبار: «من حجّ ثلاث حجّات لم يصبه فقر أبداً».

[مسألة 2: يستحبّ نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة]

[3189] مسألة 2: يستحبّ نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة، و في الخبر: إنّها توجب الزيادة في العمر، و يكره نيّة عدم العود، و فيه: أنّها توجب النقص في العمر.

[مسألة 3: يستحبّ التبرّع بالحجّ عن الأقارب و غيرهم أحياءً و أمواتاً]

[3190] مسألة 3: يستحبّ التبرّع بالحجّ عن الأقارب و غيرهم أحياءً و أمواتاً، و كذا عن المعصومين (عليهم السّلام) أحياءً و أمواتاً، و كذا يستحبّ الطواف عن الغير و عن المعصومين (عليهم السّلام) أمواتاً و أحياءً مع عدم حضورهم في مكّة، أو كونهم معذورين.

[مسألة 4: يستحبّ لمن ليس له زاد و راحلة أن يستقرض و يحجّ

[3191] مسألة 4: يستحبّ لمن ليس له زاد و راحلة أن يستقرض و يحجّ إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك.

[مسألة 5: يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له

[3192] مسألة 5: يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له.

[مسألة 6: يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحجّ

[3193] مسألة 6: يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحجّ ليحجّ بها.

[مسألة 7: الحجّ أفضل من الصدقة بنفقته

[3194] مسألة 7: الحجّ أفضل من الصدقة بنفقته.

[مسألة 8: يستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ

[3195] مسألة 8: يستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ، و في بعض الأخبار: «إنّ اللَّه يبغض الإسراف إلّا بالحجّ و العمرة».

[مسألة 9: يجوز الحجّ بالمال المشتبه

[3196] مسألة 9: يجوز الحجّ بالمال المشتبه، كجوائز الظلمة مع عدم العلم بحرمتها.

[مسألة 10: لا يجوز الحجّ بالمال الحرام

[3197] مسألة 10: لا يجوز الحجّ بالمال الحرام، لكن لا يبطل الحجّ إذا كان لباس إحرامه و طوافه و ثمن هديه من حلال.

[مسألة 11: يشترط في الحجّ الندبي إذن الزوج و المولى

[3198] مسألة 11: يشترط في الحجّ الندبي إذن الزوج و المولى، بل الأبوين في بعض الصور، و يشترط أيضاً أن لا يكون عليه حجّ واجب مضيّق، لكن لو عصى و حجّ صحّ.

[مسألة 12: يجوز إهداء ثواب الحجّ إلى الغير بعد الفراغ عنه

[3199] مسألة 12: يجوز إهداء ثواب الحجّ إلى الغير بعد الفراغ عنه، كما يجوز أن يكون ذلك من نيّته قبل الشروع فيه.

[مسألة 13: يستحبّ لمن لا مال له يحجّ به أن يأتي به و لو بإجارة نفسه عن غيره

[3200] مسألة 13: يستحبّ لمن لا مال له يحجّ به أن يأتي به و لو بإجارة نفسه عن غيره، و في بعض الأخبار: أنّ للأجير من الثواب تسعاً، و للمنوب عنه واحد.

[فصل في أقسام العمرة]

اشارة

فصل في أقسام العمرة

[مسألة 1: تنقسم العمرة كالحجّ إلى واجب أصلي و عرضي و مندوب

[3201] مسألة 1: تنقسم العمرة كالحجّ إلى واجب أصلي و عرضي و مندوب، فتجب بأصل الشرع على كلّ مكلّف بالشرائط المعتبرة في الحجّ في العمر مرّة بالكتاب و السنّة و الإجماع، ففي صحيحة زرارة: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ، فإنّ اللَّه تعالى يقول وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 2/ 196]. و في صحيحة الفضل في قول اللَّه تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ قال (عليه السّلام): «هما مفروضان»، و وجوبها بعد تحقّق الشرائط فوريّ كالحجّ، و لا يشترط في وجوبها استطاعة الحجّ، بل تكفي استطاعتها في وجوبها و إن لم تتحقّق استطاعة الحجّ، كما أنّ العكس كذلك، فلو استطاع للحجّ دونها وجب دونها، و القول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كلّ منهما و أنّهما مرتبطان ضعيف، كالقول باستقلال الحجّ في الوجوب دون العمرة.

[مسألة 2: تجزئ العمرة المتمتّع بها عن العمرة المفردة بالإجماع و الأخبار]

[3202] مسألة 2: تجزئ العمرة المتمتّع بها عن العمرة المفردة بالإجماع و الأخبار. و هل تجب على من وظيفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها و لم يكن مستطيعاً للحجّ؟ المشهور عدمه، بل أرسله بعضهم إرسال المسلّمات، و هو الأقوى، و على هذا فلا تجب على الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة و إن كان مستطيعاً لها و هو في مكّة، و كذا لا تجب على من تمكّن منها و لم يتمكّن من الحجّ لمانع، و لكن الأحوط الإتيان بها.

[مسألة 3: قد تجب العمرة بالنذر و الحلف و العهد و الشرط في ضمن العقد و الإجارة و الإفساد]

[3203] مسألة 3: قد تجب العمرة بالنذر و الحلف و العهد و الشرط في ضمن العقد و الإجارة و الإفساد، و تجب أيضاً لدخول مكّة؛ بمعنى حرمته بدونها، فإنّه لا يجوز دخولها إلّا محرماً إلّا بالنسبة إلى من يتكرّر دخوله و خروجه كالحطّاب و الحشّاش، و ما عدا ما ذكر مندوب، و يستحبّ تكرارها كالحجّ، و اختلفوا في مقدار الفصل بين العمرتين، فقيل: يعتبر شهر، و قيل: عشرة أيّام، و الأقوى عدم اعتبار فصل، فيجوز إتيانها كلّ يوم، و تفصيل المطلب موكول إلى محلّه.

[فصل في أقسام الحجّ

اشارة

فصل في أقسام الحجّ و هي ثلاثة بالإجماع و الأخبار: تمتّع و قران و إفراد، و الأوّل فرض من كان بعيداً عن مكّة، و الآخران فرض من كان حاضراً؛ أي غير بعيد، و حدّ البعد الموجب للأوّل ثمانية و أربعون ميلًا من كلّ جانب على المشهور الأقوى؛ لصحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): قلت له قول اللَّه عزّ و جلّ في كتابه ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة: 2/ 196]. قال: «يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة، كلّ من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلًا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكّة فهو ممّن دخل في هذه الآية، و كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة». و خبره عنه (عليه السّلام): سألته عن قول اللَّه عزّ و جلّ ذلِكَ .. قال: «ذلك أهل مكّة ليس لهم متعة و لا عليهم عمرة». قال: قلت: فما حدّ ذلك؟ قال: «ثمانية و أربعون ميلًا من جميع نواحي مكّة دون عسفان و دون ذات عرق». و يستفاد أيضاً من جملة من أخبار أُخر.

و القول بأنّ حدّه اثنا عشر

ميلًا من كلّ جانب كما عليه جماعة ضعيف لا دليل

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 312

عليه إلّا الأصل، فإنّ مقتضى جملة من الأخبار وجوب التمتّع على كلّ أحد، و القدر المتيقّن الخارج منها من كان دون الحدّ المذكور، و هو مقطوع بما مرّ، أو دعوى أنّ الحاضر مقابل للمسافر و السفر أربعة فراسخ، و هو كما ترى، أو دعوى أنّ الحاضر المعلّق عليه وجوب غير التمتّع أمر عرفيّ، و العرف لا يساعد على أزيد من اثني عشر ميلًا، و هذا أيضاً كما ترى، كما أنّ دعوى أنّ المراد من ثمانية و أربعين التوزيع على الجهات الأربع، فيكون من كلّ جهة اثنا عشر ميلًا منافية لظاهر تلك الأخبار. و أمّا صحيحة حريز الدالة على أنّ حدّ البعد ثمانية عشر ميلًا فلا عامل بها، كما لا عامل بصحيحتي حماد بن عثمان و الحلبي الدالّتين على أنّ الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكّة.

و هل يعتبر الحدّ المذكور من مكّة أو من المسجد؟ وجهان، أقربهما الأوّل، و من كان على نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظيفته التمتّع؛ لتعليق حكم الإفراد و القران على ما دون الحدّ، و لو شكّ في كون منزله في الحدّ أو خارجه وجب عليه الفحص، و مع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط، و إن كان لا يبعد القول بأنّه يجري عليه حكم الخارج فيجب عليه التمتّع؛ لأنّ غيره معلّق على عنوان الحاضر و هو مشكوك، فيكون كما لو شكّ في أنّ المسافة ثمانية فراسخ أو لا، فإنّه يصلّي تماماً؛ لأنّ القصر معلّق على السفر و هو مشكوك. ثمّ ما ذكر إنّما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام؛ حيث لا يجزئ للبعيد إلّا التمتّع، و لا للحاضر إلّا

الإفراد أو القرآن، و أمّا بالنسبة إلى الحجّ الندبي فيجوز لكلّ من البعيد و الحاضر كلّ من الأقسام الثلاثة بلا إشكال، و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و كذا بالنسبة إلى الواجب غير حجّة الإسلام، كالحجّ النذري و غيره.

[مسألة 1: من كان له وطنان: أحدهما في الحدّ، و الآخر في خارجه

[3204] مسألة 1: من كان له وطنان: أحدهما في الحدّ، و الآخر في خارجه لزمه فرض أغلبهما؛ لصحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): من أقام بمكّة سنتين فهو من

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 313

أهل مكّة لا متعة له، فقلت لأبي جعفر (عليه السّلام): أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكّة؟ قال (عليه السّلام): «فلينظر أيّهما الغالب». فإن تساويا، فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين، و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و إن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة.

[مسألة 2: من كان من أهل مكّة و خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها]

[3205] مسألة 2: من كان من أهل مكّة و خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها، فالمشهور جواز حجّ التمتّع له و كونه مخيّراً بين الوظيفتين، و استدلّوا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار ثمّ يرجع إلى مكّة فيمرّ ببعض المواقيت، إله أن يتمتّع؟ قال (عليه السّلام): «ما أزعم أنّ ذلك ليس له لو فعل، و كان الإهلال أحبّ إليّ». و نحوها صحيحة أُخرى عنه و عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي الحسن (عليه السّلام)، و عن ابن أبي عقيل عدم جواز ذلك، و أنّه يتعيّن عليه فرض المكّي إذا كان الحجّ واجباً عليه، و تبعه جماعة لما دلّ من الأخبار على أنّه لا متعة لأهل مكّة. و حملوا الخبرين على الحجّ الندبي بقرينة ذيل الخبر الثاني، و لا يبعد قوّة هذا القول مع أنّه أحوط؛ لأنّ الأمر دائر بين التخيير و التعيين، و مقتضى الاشتغال هو الثاني، خصوصاً إذا كان مستطيعاً حال كونه في مكّة فخرج قبل الإتيان بالحجّ،

بل يمكن أن يقال: إنّ محلّ كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها، و أمّا إذا كان مستطيعاً فيها قبل خروجه منها فيتعيّن عليه فرض أهلها.

[مسألة 3: الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة]

[3206] مسألة 3: الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة، فإن كان ذلك بعد استطاعته و وجوب التمتّع عليه فلا إشكال في بقاء حكمه، سواء كانت إقامته بقصد التوطّن أو المجاورة و لو بأزيد من سنتين، و أمّا إذا لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة، فلا إشكال في انقلاب فرضه إلى فرض المكّي في الجملة، كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرّد الإقامة، و إنّما الكلام في الحدّ الذي به يتحقّق الانقلاب،

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 314

فالأقوى ما هو المشهور من أنّه بعد الدخول في السنة الثالثة؛ لصحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة و لا متعة له» إلخ، و صحيحة عمر بن يزيد، عن الصادق (عليه السّلام): «المجاور بمكّة يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إلى سنتين، فإذا جاوز سنتين كان قاطناً، و ليس له أن يتمتّع». و قيل بأنّه بعد الدخول في الثانية؛ لجملة من الأخبار، و هو ضعيف لضعفها بإعراض المشهور عنها، مع أنّ القول الأوّل موافق للأصل.

و أمّا القول بأنّه بعد تمام ثلاث سنين فلا دليل عليه إلّا الأصل المقطوع بما ذكر، مع أنّ القول به غير محقّق؛ لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور بإرادة الدخول في السنة الثالثة، و أمّا الأخبار الدالّة على أنّه بعد ستّة أشهر أو بعد خمسة أشهر فلا عامل بها مع احتمال صدورها تقيّة، و إمكان حملها على محامل أُخر، و الظاهر من الصحيحين اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة، فلو

كانت بقصد التوطّن فينقلب بعد قصده من الأوّل، فما يظهر من بعضهم من كونها أعمّ لا وجه له. و من الغريب ما عن آخر من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطّن، ثمّ الظاهر أنّ في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكّي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً، فيكفي في وجوب الحجّ الاستطاعة من مكّة، و لا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده، فلا وجه لما يظهر من صاحب «الجواهر» من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه؛ لعموم أدلّتها، و أنّ الانقلاب إنّما أوجب تغيير نوع الحجّ، و أمّا الشرط فعلى ما عليه، فيعتبر بالنسبة إلى التمتّع.

هذا، و لو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكّة لكن قبل مضيّ السنتين، فالظاهر أنّه كما لو حصلت في بلده، فيجب عليه التمتّع، و لو بقيت إلى السنة الثالثة أو أزيد، فالمدار على حصولها بعد الانقلاب، و أمّا المكّي إذا خرج إلى سائر الأمصار مقيماً بها فلا يلحقه حكمها في تعيّن التمتّع عليه؛ لعدم الدليل و بطلان

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 315

القياس، إلّا إذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطّن و حصلت الاستطاعة بعده، فإنّه يتعيّن عليه التمتّع بمقتضى القاعدة و لو في السنة الأُولى، و أمّا إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت الاستطاعة حاصلة في مكّة فلا. نعم، الظاهر دخوله حينئذٍ في المسألة السابقة، فعلى القول بالتخيير فيها كما عن المشهور يتخيّر، و على قول ابن أبي عقيل يتعيّن عليه وظيفة المكّي.

[مسألة 4: المقيم في مكّة إذا وجب عليه التمتّع

[3207] مسألة 4: المقيم في مكّة إذا وجب عليه التمتّع كما إذا كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه فالواجب عليه الخروج إلى الميقات لإحرام عمرة التمتّع، و اختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال:

أحدها: أنّه مهلّ أرضه،

ذهب إليه جماعة، بل ربما يسند إلى المشهور كما في «الحدائق»؛ لخبر سماعة، عن أبي الحسن (عليه السّلام): سألته عن المجاور إله أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال (عليه السّلام): «نعم، يخرج إلى مهلّ أرضه فيلبّي إن شاء» المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل و الناسي الدالّة على ذلك، بدعوى عدم خصوصيّة للجهل و النسيان، و أنّ ذلك لكونه مقتضى حكم التمتّع، و بالأخبار الواردة في توقيت المواقيت و تخصيص كلّ قطر بواحد منها أو من مرّ عليها، بعد دعوى أنّ الرجوع إلى الميقات غير المرور عليه.

ثانيها: أنّه أحد المواقيت المخصوصة مخيّراً بينها، و إليه ذهب جماعة أُخرى، لجملة أُخرى من الأخبار مؤيّدة بأخبار المواقيت، بدعوى عدم استفادة خصوصيّة كلّ بقطر معيّن.

ثالثها: أنّه أدنى الحلّ، نقل عن الحلبي، و تبعه بعض متأخّري المتأخّرين لجملة ثالثة من الأخبار، و الأحوط الأوّل و إن كان الأقوى الثاني؛ لعدم فهم الخصوصيّة من خبر سماعة، و أخبار الجاهل و الناسي، و أنّ ذكر المهلّ من باب أحد الأفراد، و منع خصوصيّة للمرور في الأخبار العامّة الدالّة على المواقيت، و أمّا

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 316

أخبار القول الثالث فمع ندرة العامل بها مقيّدة بأخبار المواقيت، أو محمولة على صورة التعذّر. ثمّ الظاهر أنّ ما ذكرنا حكم كلّ من كان في مكّة و أراد الإتيان بالتمتّع و لو مستحبّاً. هذا كلّه مع إمكان الرجوع إلى المواقيت، و أمّا إذا تعذّر فيكفي الرجوع إلى أدنى الحلّ، بل الأحوط الرجوع إلى ما يتمكّن من خارج الحرم ممّا هو دون الميقات، و إن لم يتمكّن من الخروج إلى أدنى الحلّ أحرم من موضعه، و الأحوط الخروج إلى ما يتمكّن.

شرائط حجّ التمتّع و كيفيّته

[فصل في صورة حجّ التمتّع و شرائطه

اشارة

فصل [في صورة حجّ التمتّع و شرائطه صورة حجّ التمتّع على الإجمال أن يحرم في أشهر الحجّ من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف فيها بالبيت سبعاً، و يصلّي ركعتين في المقام، ثمّ يسعى لها بين الصفا و المروة سبعاً، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً و إن كان الأصحّ عدم وجوبه، و يقصّر، ثمّ ينشئ إحراماً للحجّ من مكّة في وقت يعلم أنّه يدرك الوقوف بعرفة، و الأفضل إيقاعه يوم التروية، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها من الزوال إلى الغروب، ثمّ يفيض و يمضي منها إلى المشعر فيبيت فيه، و يقف به بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ثمّ يمضي إلى منى فيرمي جمرة العقبة، ثمّ ينحر أو يذبح هديه و يأكل منه، ثمّ يحلق أو يقصّر فيحلّ من كلّ شي ء إلّا النساء و الطيب، و الأحوط اجتناب الصيد أيضاً، و إن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام.

ثمّ هو مخيّر بين أن يأتي إلى مكّة ليومه، فيطوف طواف الحجّ و يصلّي ركعتيه و يسعى سعيه فيحلّ له الطيب، ثمّ يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه فتحلّ له

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 317

النساء، ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق و هي الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر، و يرمي في أيّامها الجمار الثلاث، و أن لا يأتي إلى مكّة ليومه، بل يقيم بمنى حتّى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر و مثله يوم الثاني عشر، ثمّ ينفر بعد الزوال إذا كان قد اتّقى النساء و الصيد، و إن أقام إلى النفر الثاني و هو الثالث عشر و لو قبل الزوال لكن بعد الرمي

جاز أيضاً، ثمّ عاد إلى مكّة للطوافين و السعي و لا إثم عليه في شي ء من ذلك على الأصحّ، كما أنّ الأصحّ الاجتزاء بالطواف و السعي تمام ذي الحجّة، و الأفضل الأحوط هو اختيار الأوّل؛ بأن يمضي إلى مكّة يوم النحر، بل لا ينبغي التأخير لغده فضلًا عن أيّام التشريق إلّا لعذر.

[يشترط في حجّ التمتّع أُمور]

اشارة

و يشترط في حجّ التمتّع أُمور:

[أحدها: النيّة]

أحدها: النيّة؛ بمعنى قصد الإتيان بهذا النوع من الحجّ حين الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه و بين غيره لم يصحّ. نعم، في جملة من الأخبار: أنّه لو أتى بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز أن يتمتّع بها، بل يستحبّ ذلك إذا بقي في مكّة إلى هلال ذي الحجّة، و يتأكّد إذا بقي إلى يوم التروية، بل عن القاضي وجوبه حينئذٍ، و لكن الظاهر تحقّق الإجماع على خلافه، ففي موثّق سماعة، عن الصادق (عليه السّلام): «من حجّ معتمراً في شوّال و من نيّته أن يعتمر و رجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، و إن هو أقام إلى الحجّ فهو متمتّع؛ لأنّ أشهر الحجّ شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، فمن اعتمر فيهنّ و أقام إلى الحجّ فهي متعة، و من رجع إلى بلاده و لم يقم إلى الحجّ فهي عمرة، و إن اعتمر في شهر رمضان أو قبله و أقام إلى الحجّ فليس بمتمتّع، و إنّما هو مجاور أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحجّ بالعمرة إلى الحجّ فليخرج منها حتّى يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان، فيدخل متمتّعاً بعمرته إلى الحجّ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 318

فيلبّي منها».

و في صحيحة عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام): «من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله، إلّا أن يدركه خروج الناس يوم التروية». و في قويّة عنه (عليه السّلام): «من دخل مكّة معتمراً مفرداً للعمرة فقضى عمرته ثمّ خرج كان ذلك له، و إن أقام

إلى أن يدركه الحجّ كانت عمرته متعة». قال (عليه السّلام): «و ليس تكون متعة إلّا في أشهر الحجّ». و في صحيحة عنه (عليه السّلام): «من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس». و في مرسل موسى بن القاسم: «من اعتمر في أشهر الحجّ فليتمتّع». إلى غير ذلك من الأخبار، و قد عمل بها جماعة، بل في «الجواهر»: لا أجد فيه خلافاً، و مقتضاها صحّة التمتّع مع عدم قصده حين إتيان العمرة، بل الظاهر من بعضها أنّه يصير تمتّعاً قهراً من غير حاجة إلى نيّة التمتّع بها بعدها، بل يمكن أن يستفاد منها أنّ التمتّع هو الحجّ عقيب عمرة وقعت في أشهر الحجّ بأيّ نحو أتى بها، و لا بأس بالعمل بها، لكن القدر المتيقّن منها هو الحجّ الندبي، ففيما إذا وجب عليه التمتّع فأتى بعمرة مفردة ثمّ أراد أن يجعلها عمرة التمتّع يشكل الاجتزاء بذلك عمّا وجب عليه، سواء كان حجّة الإسلام أو غيرها ممّا وجب بالنذر أو الاستئجار.

[الثاني: أن يكون مجموع عمرته و حجّه في أشهر الحجّ
اشارة

الثاني: أن يكون مجموع عمرته و حجّه في أشهر الحجّ، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها، و أشهر الحجّ: شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة بتمامه على الأصحّ؛ لظاهر الآية و جملة من الأخبار، كصحيحة معاوية بن عمّار و موثّقة سماعة و خبر زرارة، فالقول بأنّها الشهران الأوّلان مع العشر الأوّل من ذي الحجّة كما عن بعض، أو مع ثمانية أيّام كما عن آخر، أو مع تسعة أيّام و ليلة يوم النحر إلى طلوع فجره كما عن ثالث، أو إلى طلوع شمسه كما عن رابع ضعيف، على أنّ الظاهر

أنّ النزاع لفظي، فإنّه لا إشكال في جواز إتيان بعض

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 319

الأعمال إلى آخر ذي الحجّة، فيمكن أن يكون مرادهم أنّ هذه الأوقات هي آخر الأوقات التي يمكن بها إدراك الحجّ.

[مسألة 1: إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحجّ قاصداً بها التمتّع

[3208] مسألة 1: إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحجّ قاصداً بها التمتّع فقد عرفت عدم صحّتها تمتّعاً، لكن هل تصحّ مفردة أو تبطل من الأصل؟ قولان، اختار الثاني في «المدارك»؛ لأنّ ما نواه لم يقع و المفردة لم ينوها، و بعض اختار الأوّل؛ لخبر الأحول، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ، قال: «يجعلها عمرة». و قد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعرج، قال أبو عبد اللَّه (عليه السّلام): «من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ من قابل فعليه شاة، و من تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور حتّى يحضر الحجّ فليس عليه دم، إنّما هي حجّة مفردة، و إنّما الأضحى على أهل الأمصار». و مقتضى القاعدة و إن كان هو ما ذكره صاحب «المدارك» لكن لا بأس بما ذكره ذلك البعض للخبرين.

[الثالث: أن يكون الحجّ و العمرة في سنة واحدة]

الثالث: أن يكون الحجّ و العمرة في سنة واحدة، كما هو المشهور المدّعى عليه الإجماع؛ لأنّه المتبادر من الأخبار المبيّنة لكيفيّة حجّ التمتّع، و لقاعدة توقيفيّة العبادات، و للأخبار الدالّة على دخول العمرة في الحجّ و ارتباطها به، و الدالّة على عدم جواز الخروج من مكّة بعد العمرة قبل الإتيان بالحجّ، بل و ما دلّ من الأخبار على ذهاب المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة و نحوها، و لا ينافيها خبر سعيد الأعرج المتقدّم، بدعوى أنّ المراد من القابل فيه العام القابل، فيدلّ على جواز إيقاع العمرة في سنة و الحجّ في أُخرى؛ لمنع ذلك، بل المراد منه الشهر القابل على أنّه لمعارضة الأدلّة السابقة غير قابل.

و على هذا فلو أتى بالعمرة في عام و أخّر الحجّ إلى العام

الآخر لم يصحّ تمتّعاً، سواء أقام في مكّة إلى العام القابل، أو رجع إلى أهله ثمّ عاد إليها، و سواء أحلّ من إحرام عمرته أو بقي عليه إلى السنة الأُخرى، و لا وجه لما عن «الدروس» من

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 320

احتمال الصحّة في هذه الصورة. ثمّ المراد من كونهما في سنة واحدة أن يكونا معاً في أشهر الحجّ من سنة واحدة، لا أن لا يكون بينهما أزيد من اثني عشر شهراً، و حينئذٍ فلا يصحّ أيضاً لو أتى بعمرة التمتّع في أواخر ذي الحجّة و أتى بالحجّ في ذي الحجّة من العام القابل.

[الرابع: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار]

الرابع: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار؛ للإجماع و الأخبار، و ما في خبر إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السّلام) من قوله: «كان أبي مجاوراً هاهنا فخرج يتلقّى بعض هؤلاء، فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحجّ و دخل و هو محرم بالحجّ»؛ حيث إنّه ربما يستفاد منه جواز الإحرام بالحجّ من غير مكّة، محمول على محامل أحسنها أنّ المراد بالحجّ عمرته، حيث إنّها أوّل أعماله. نعم، يكفي أيّ موضع منها كان و لو في سككها؛ للإجماع و خبر عمرو بن حريث عن الصادق (عليه السّلام): من أين أهلّ بالحجّ؟ فقال: «إن شئت من رحلك، و إن شئت من المسجد، و إن شئت من الطريق». و أفضل مواضعها المسجد، و أفضل مواضعه المقام أو الحجر، و قد يقال: أو تحت الميزاب، و لو تعذّر الإحرام من مكّة أحرم ممّا يتمكّن، و لو أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، و لو لم يتداركه بطل حجّه، و لا يكفيه العود إليها بدون التجديد، بل يجب

أن يجدّده؛ لأنّ إحرامه من غيرها كالعدم، و لو أحرم من غيرها جهلًا أو نسياناً وجب العود إليها و التجديد مع الإمكان، و مع عدمه جدّده في مكانه.

[الخامس: ربما يقال: إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته و حجّه من واحد و عن واحد]

الخامس: ربما يقال: إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته و حجّه من واحد و عن واحد، فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أحدهما لعمرته و الآخر لحجّة لم يجزئ عنه، و كذا لو حجّ شخص و جعل عمرته عن شخص و حجّه عن آخر لم يصحّ، و لكنّه محلّ تأمّل، بل ربما يظهر من خبر محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) صحّة الثاني، حيث قال: سألته عن رجل يحجّ عن أبيه أ يتمتّع؟ قال:

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 321

«نعم، المتعة له و الحجّ عن أبيه».

[مسائل

[مسألة 2: المشهور أنّه لا يجوز الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ

[3209] مسألة 2: المشهور أنّه لا يجوز الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ، و أنّه إذا أراد ذلك عليه أن يحرم بالحجّ فيخرج محرماً به، و إن خرج محلّا و رجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة، و ذلك لجملة من الأخبار الناهية للخروج، و الدالّة على أنّه مرتهن و محتبس بالحجّ، و الدالّة على أنّه لو أراد الخروج خرج ملبّياً بالحجّ، و الدالّة على أنّه لو خرج محلّا، فإن رجع في شهره دخل محلّا، و إن رجع في غير شهره دخل محرماً، و الأقوى عدم حرمة الخروج و جوازه محلّا، حملًا للأخبار على الكراهة كما عن ابن إدريس و جماعة أُخرى بقرينة التعبير ب «لا أُحبّ» في بعض تلك الأخبار، و قوله (عليه السّلام) في مرسلة الصدوق: «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك؛ لأنّه مرتبط بالحجّ حتّى يقضيه، إلّا أن يعلم أنّه لا يفوته الحجّ. و نحوه الرضوي، بل و قوله (عليه السّلام) في مرسل أبان: «و لا يجاوز إلّا على قدر ما

لا تفوته عرفة»؛ إذ هو و إن كان بعد قوله: «فيخرج محرماً» إلّا أنّه يمكن أن يستفاد منه أنّ المدار فوت الحجّ و عدمه، بل يمكن أن يقال: إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أنّ ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحجّ و فوته؛ لكون الخروج في معرض ذلك. و على هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحجّ منه. نعم، لا يجوز الخروج لا بنيّة العود، أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج.

ثمّ الظاهر أنّ الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكلّ شهر عمرة لا أن يكون ذلك تعبّداً، أو لفساد عمرته السابقة، أو لأجل وجوب الإحرام على من دخل مكّة، بل هو صريح خبر إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن المتمتّع يجي ء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل، قال (عليه السّلام): «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 322

الشهر الذي تمتّع فيه؛ لأنّ لكلّ شهر عمرة، و هو مرتهن بالحجّ» إلخ.

و حينئذٍ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر على وجه الاستحباب لا الوجوب؛ لأنّ العمرة التي هي وظيفة كلّ شهر ليست واجبة، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده، كصحيحتي حمّاد و حفص بن البختري و مرسلة الصدوق و الرضوي، و ظاهرها الوجوب، إلّا أن تحمل على الغالب؛ من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنّه بعيد، فلا يترك الاحتياط بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج، بل القدر المتيقّن من جواز الدخول محلّا صورة

كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال؛ أي الشروع في إحرام العمرة و الإحلال منها، و من حين الخروج؛ إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة: ثلاثون يوماً من حين الإهلال، و ثلاثون من حين الإحلال بمقتضى خبر إسحاق ابن عمّار، و ثلاثون من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار، بل من حيث احتمال كون المراد من الشهر في الأخبار هنا، و الأخبار الدالّة على أنّ لكلّ شهر عمرة الأشهر الاثني عشر المعروفة، لا بمعنى ثلاثين يوماً، و لازم ذلك أنّه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور، فخرج و دخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة، و الأولى مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضاً.

و ظهر ممّا ذكرنا أنّ الاحتمالات ستّة: كون المدار على الإهلال، أو الإحلال، أو الخروج، و على التقادير، فالشهر إمّا بمعنى ثلاثين يوماً، أو أحد الأشهر المعروفة، و على أيّ حال إذا ترك الإحرام مع الدخول في شهر آخر و لو قلنا بحرمته لا يكون موجباً لبطلان عمرته السابقة، فيصحّ حجّه بعدها. ثمّ إن عدم جواز الخروج على القول به إنّما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة، و أمّا مع الضرورة أو الحاجة مع كون الإحرام بالحجّ غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه، و أيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة، فلا

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 323

بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم، و إن كان الأحوط خلافه.

ثمّ الظاهر أنّه لا فرق في المسألة بين الحجّ الواجب و المستحبّ، فلو نوى التمتّع مستحبّاً ثمّ أتى بعمرته يكون مرتهناً بالحجّ، و يكون حاله في الخروج محرماً

أو محلّا و الدخول كذلك، كالحجّ الواجب.

ثمّ إن سقوط وجوب الإحرام عمّن خرج محلّا و دخل قبل شهر مختصّ بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتّع، و أمّا من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكّة في حرمة دخوله بغير الإحرام، إلّا مثل الحطّاب و الحشّاش و نحوهما، و أيضاً سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر إنّما هو على وجه الرخصة، بناءً على ما هو الأقوى من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضاً، ثمّ إذا دخل بإحرام فهل عمرة التمتّع هي العمرة الأُولى أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة حمّاد أنّها الأخيرة المتّصلة بالحجّ، و عليه لا يجب فيها طواف النساء، و هل يجب حينئذٍ في الأُولى أو لا؟ وجهان؛ أقواهما نعم، و الأحوط الإتيان بطواف مردّد بين كونه للأُولى أو الثانية، ثمّ الظاهر أنّه لا إشكال في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتّع قبل الإحلال منها.

[مسألة 3: لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً]

[3210] مسألة 3: لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً. نعم، إن ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ جاز له نقل النيّة إلى الإفراد، و أن يأتي بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف و لا إشكال، و إنّما الكلام في حدّ الضيق المسوّغ لذلك، و اختلفوا فيه على أقوال:

أحدها: خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة.

الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياري؛ و هو المسمّى منه.

الثالث: فوات الاضطراري منه.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 324

الرابع: زوال يوم التروية.

الخامس: غروبه.

السادس: زوال يوم عرفة.

السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول و الإتمام إذا لم يخف الفوت، و المنشأ اختلاف الأخبار، فإنّها مختلفة أشدّ الاختلاف، و الأقوى أحد القولين

الأوّلين؛ لجملة مستفيضة من تلك الأخبار، فإنّها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أنّ المناط في الإتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة. منها: قوله (عليه السّلام) في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي: «لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يخف فوات الموقفين». و في نسخة: «لا بأس للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة ..» إلخ.

و أمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلّا قبل هذه الأوقات، فإنّه مختلف باختلاف الأوقات و الأحوال و الأشخاص، و يمكن حملها على التقيّة إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، و يمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة كما في أخبار الأوقات للصلوات، و ربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحجّ المندوب، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة، ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها و تعارضها نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا؛ لأنّ المفروض أنّ الواجب عليه هو التمتّع، فما دام ممكناً لا يجوز العدول عنه، و القدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ، و اللازم إدراك الاختياري من الوقوف، فإنّ كفاية الاضطراري منه خلاف الأصل.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 325

يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأوّلين، و لا يبعد رجحان أوّلهما، بناءً على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال و الغروب بالوقوف، و إن كان الركن هو المسمّى، و لكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال، فإنّ من جملة الأخبار مرفوع سهل،

عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام): في متمتّع دخل يوم عرفة، قال: «متعته تامّة إلى أن يقطع التلبية»، حيث إنّ قطع التلبية بزوال يوم عرفة، و صحيحة جميل: «المتمتّع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، و له الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر». و مقتضاهما كفاية إدراك مسمّى الوقوف الاختياري، فإنّ من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة و إدراك الناس في أوّل الزوال بعرفات، و أيضاً يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلّا أن يمنع الصدق، فإنّ المنساق منه إدراك تمام الواجب، و يجاب عن المرفوعة و الصحيحة بالشذوذ كما ادّعي.

و قد يؤيّد القول الثالث و هو كفاية إدراك الاضطراري من عرفة بالأخبار الدالّة على أنّ من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات و أدركها ليلة النحر تمّ حجّه، و فيه: أنّ موردها غير ما نحن فيه؛ و هو عدم الإدراك من حيث هو، و فيما نحن فيه يمكن الإدراك، و المانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها. نعم، لو أتمّ عمرته في سعة الوقت ثمّ اتّفق أنّه لم يدرك الاختياري من الوقوف كفاه الاضطراري، و دخل في مورد تلك الأخبار، بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته ثمّ بان كون الوقت مضيّقاً في تلك الأخبار.

ثمّ إنّ الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحجّ المندوب و شمول الأخبار له، فلو نوى التمتّع ندباً و ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ جاز له العدول إلى الإفراد، و في وجوب العمرة بعده إشكال، و الأقوى عدم وجوبها. و لو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ قبل أن يدخل في

العمرة هل يجوز له العدول من الأوّل إلى الإفراد؟ فيه إشكال، و إن كان غير بعيد. و لو

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 326

دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت و أخّر الطواف و السعي متعمّداً إلى ضيق الوقت ففي جواز العدول و كفايته إشكال، و الأحوط العدول و عدم الاكتفاء إذا كان الحجّ واجباً عليه.

[مسألة 4: اختلفوا في الحائض و النفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر و إتمام العمرة و إدراك الحجّ على أقوال

[3211] مسألة 4: اختلفوا في الحائض و النفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر و إتمام العمرة و إدراك الحجّ على أقوال:

أحدها: أنّ عليهما العدول إلى الإفراد و الإتمام، ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ؛ لجملة من الأخبار.

الثاني: ما عن جماعة من أنّ عليهما ترك الطواف و الإتيان بالسعي، ثمّ الإحلال و إدراك الحجّ و قضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرّات: مرّة لقضاء طواف العمرة، و مرّة للحجّ، و مرّة للنساء، و يدلّ على ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار.

الثالث: ما عن الإسكافي و بعض متأخّري المتأخّرين من التخيير بين الأمرين؛ للجمع بين الطائفتين بذلك.

الرابع: التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل، أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف و تتمّ العمرة و تقضي بعد الحجّ، اختاره بعض، بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين؛ بشهادة خبر أبي بصير: سمعت أبا عبد اللَّه (عليه السّلام) يقول: في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها: «سعت و لم تطف حتّى تطهر ثمّ تقضي طوافها و قد قضت عمرتها، و إن هي أحرمت و هي حائض لم تسع و لم تطف حتّى تطهر». و في الرضوي (عليه السّلام): «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم إلى قوله

(عليه السّلام)-: و إن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجّة مفردة، و إن حاضت بعد ما

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 327

أحرمت سعت بين الصفا و المروة و فرغت من المناسك كلّها إلّا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت و هي متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ، و عليها طواف الحجّ و طواف العمرة و طواف النساء».

و قيل في توجيه الفرق بين الصورتين: إنّ في الصورة الأُولى لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً فعليها العدول إلى الإفراد، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها أدركت بعض أفعالها طاهراً، فتبني عليها و تقضي الطواف بعد الحجّ، و عن المجلسي في وجه الفرق ما محصّله: أنّ في الصورة الاولى لا تقدر على نيّة العمرة؛ لأنّها تعلم أنّها لا تطهر للطواف و إدراك الحجّ، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة و الدخول فيها.

الخامس: ما نقل عن بعض من أنّها تستنيب للطواف ثمّ تتمّ العمرة و تأتي بالحجّ، لكن لم يعرف قائله، و الأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل؛ للفرقة الاولى من الأخبار التي هي أرجح من الفرقة الثانية؛ لشهرة العمل بها دونها. و أمّا القول الثالث و هو التخيير فإن كان المراد منه الواقعي بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين، ففيه: أنّهما يعدّان من المتعارضين، و العرف لا يفهم التخيير منهما، و الجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك، و إن كان المراد التخيير الظاهري العملي، فهو فرع مكافئة الفرقتين، و المفروض أنّ الفرقة الأُولى أرجح من حيث شهرة العمل بها، و أمّا التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل، مع أنّ بعض أخبار القول الأوّل ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول

في الإحرام.

نعم، لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام و علمت بأنّها لا تطهر لإدراك الحجّ يمكن أن يقال: يتعيّن عليها العدول إلى الإفراد من الأوّل؛ لعدم فائدة في

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 328

الدخول في العمرة ثمّ العدول إلى الحجّ، و أمّا القول الخامس فلا وجه له و لا له قائل معلوم.

[مسألة 5: إذا حدث الحيض و هي في أثناء طواف عمرة التمتّع

[3212] مسألة 5: إذا حدث الحيض و هي في أثناء طواف عمرة التمتّع، فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها على الأقوى، و حينئذٍ فإن كان الوقت موسّعاً أتمّت عمرتها بعد الطهر، و إلّا فلتعدل إلى حجّ الإفراد و تأتي بعمرة مفردة بعده، و إن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف و بعد الطهر تأتي بالثلاثة الاخرى و تسعى و تقصّر مع سعة الوقت، و مع ضيقه تأتي بالسعي و تقصّر، ثمّ تحرم للحجّ و تأتي بأفعاله، ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده، ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحجّ، و حجّها صحيح تمتّعاً، و كذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف و قبل صلاته.

[فصل في المواقيت

اشارة

فصل في المواقيت و هي المواضع المعيّنة للإحرام، أُطلقت عليها مجازاً أو حقيقة متشرّعيّة، و المذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، و في بعضها ستّة، و لكن المستفاد من مجموع الأخبار

[أنّ المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة]

اشارة

أنّ المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة:

[أحدها: ذو الحليفة]
اشارة

أحدها: ذو الحليفة، و هي ميقات أهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و هل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد؟ قولان، و في جملة من الأخبار أنّه هو الشجرة، و في بعضها أنّه مسجد الشجرة، و على أيّ حال فالأحوط الاقتصار على المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح، و مع كونه مكاناً فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد، لكن مع ذلك الأقوى جواز الإحرام من

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 329

خارج المسجد و لو اختياراً، و إن قلنا: إنّ ذا الحليفة هو المسجد، و ذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه، هذا مع إمكان دعوى أنّ المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته، و إن شئت فقل: المحاذاة كافية و لو مع القرب من الميقات.

[مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة]

[3213] مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة و هي ميقات أهل الشام اختياراً. نعم، يجوز مع الضرورة؛ لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع، لكن خصّها بعضهم بخصوص المرض و الضعف لوجودهما في الأخبار، فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات، و الظاهر إرادة المثال، فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة.

[مسألة 2: يجوز لأهل المدينة و من أتاها العدول إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق

[3214] مسألة 2: يجوز لأهل المدينة و من أتاها العدول إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنّما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة، بل الظاهر أنّه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمّ أراد الرجوع منه و المشي من طريق آخر جاز، بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع، فإنّ الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلّا، و إذا عدل إلى طريق آخر لا يكون مجاوزاً و إن كان ذلك و هو في ذي الحليفة، و ما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد من المنع عن العدول إذا أتى المدينة مع ضعفه منزّل على الكراهة.

[مسألة 3: الحائض تحرم خارج المسجد على المختار]

[3215] مسألة 3: الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، و يدلّ عليه مضافاً إلى ما مرّ مرسلة يونس في كيفيّة إحرامها «و لا تدخل المسجد و تهلّ بالحجّ بغير صلاة» و أمّا على القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر تدخل المسجد و تحرم في حال الاجتياز إن أمكن، و إن لم يمكن

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 330

لزحم أو غيره أحرمت خارج المسجد، و جدّدت في الجحفة أو محاذاتها.

[مسألة 4: إذا كان جنباً و لم يكن عنده ماء]

[3216] مسألة 4: إذا كان جنباً و لم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد، و الأحوط أن يتيمّم للدخول و الإحرام، و يتعيّن ذلك على القول بتعيين المسجد، و كذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.

[الثاني: العقيق

الثاني: العقيق، و هو ميقات أهل نجد و العراق و من يمرّ عليه من غيرهم. و أوّله المسلخ، و أوسطه غمرة، و آخره ذات عرق. و المشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً، و أنّ الأفضل الإحرام من المسلخ ثمّ من غمرة، و الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق إلّا لمرض أو تقيّة، فإنّه ميقات العامّة، لكنّ الأقوى ما هو المشهور، و يجوز في حال التقيّة الإحرام من أوّله قبل ذات عرق سرّاً، من غير نزع ما عليه من الثياب إلى ذات عرق، ثمّ إظهاره و لبس ثوبي الإحرام هناك، بل هو الأحوط، و إن أمكن تجرّده و لبس الثوبين سرّاً ثمّ نزعهما و لبس ثيابه إلى ذات عرق ثمّ التجرّد و لبس الثوبين فهو أولى.

[الثالث: الجحفة]

الثالث: الجحفة، و هي لأهل الشام و مصر و مغرب و من يمرّ عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.

[الرابع: يلملم

الرابع: يلملم، و هو لأهل اليمن.

[الخامس: قرن المنازل

الخامس: قرن المنازل، و هو لأهل الطائف.

[السادس: مكّة]

السادس: مكّة، و هي لحجّ التمتّع.

[السابع: دويرة الأهل

السابع: دويرة الأهل أي المنزل و هي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة، بل لأهل مكّة أيضاً على المشهور الأقوى، و إن استشكل فيه بعضهم، فإنّهم يحرمون لحجّ القرآن و الإفراد من مكّة، بل و كذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة، و إن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة؛ و هي أحد مواضع أدنى الحلّ، للصحيحين الواردين فيه، المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 331

ينتقل، و إن كان القدر المتيقّن الثاني، فلا يشمل ما نحن فيه، لكن الأحوط ما ذكرنا عملًا بإطلاقهما، و الظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، و إلّا فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت، بل لعلّه أفضل؛ لبعد المسافة و طول زمان الإحرام.

[الثامن: فخّ

الثامن: فخّ، و هو ميقات الصبيان في غير حجّ التمتّع عند جماعة؛ بمعنى جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان لا أنّه يتعيّن ذلك، و لكن الأحوط ما عن آخرين من وجوب كون إحرامهم من الميقات، لكن لا يجرّدون إلّا في فخّ، ثمّ إنّ جواز التأخير على القول الأوّل إنّما هو إذا مرّوا على طريق المدينة، و أمّا إذا سلكوا طريقاً لا يصل إلى فخّ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين.

[التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة]

التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة، و هي ميقات من لم يمرّ على أحدها، و الدليل عليه صحيحتا ابن سنان، و لا يضرّ اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثاليّة منهما و عدم القول بالفصل، و مقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكّة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكّة. و تتحقّق المحاذاة بأن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون بينه و بين مكّة باب؛ و هي بين ذلك الميقات و مكّة بالخطّ المستقيم، و بوجه آخر أن يكون الخطّ من موقفه إلى الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق.

ثمّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفاً، فلا يكفي إذا كان بعيداً عنه، فيعتبر فيها المسامتة كما لا يخفى، و اللازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن، و إلّا فالظنّ الحاصل من قول أهل الخبرة، و مع عدمه أيضاً فاللازم الذهاب إلى الميقات أو الإحرام من أوّل موضع احتماله و استمرار النيّة و التلبية إلى آخر مواضعه، و لا يضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذٍ، مع أنّه لا يجوز؛ لأنّه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط، و لا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة، أو أصالة عدم وجوب

التعليقات على

العروة الوثقى، ص: 332

الإحرام؛ لأنّهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذاة، و المفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة، و يجوز لمثل هذا الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات، فيحرم في أوّل موضع الاحتمال أو قبله على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر، و الأحوط في صورة الظنّ أيضاً عدم الاكتفاء به و إعمال أحد هذه الأُمور، و إن كان الأقوى الاكتفاء، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات، لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقاً.

ثمّ إن أحرم في موضع الظنّ بالمحاذاة و لم يتبيّن الخلاف فلا إشكال، و إن تبيّن بعد ذلك كونه قبل المحاذاة و لم يتجاوزه أعاد الإحرام. و إن تبيّن كونه قبله و قد تجاوز أو تبيّن كونه بعده، فإن أمكن العود و التجديد تعيّن، و إلّا فيكفي في الصورة الثانية و يجدّد في الاولى في مكانه، و الأولى التجديد مطلقاً، و لا فرق في جواز الإحرام في المحاذاة بين البرّ و البحر.

ثمّ إنّ الظاهر أنّه لا يتصوّر طريق لا يمرّ على ميقات و لا يكون محاذياً لواحد منها؛ إذ المواقيت محيطة بالحرم من الجوانب، فلا بدّ من محاذاة واحد منها، و لو فرض إمكان ذلك فاللازم الإحرام من أدنى الحلّ. و عن بعضهم أنّه يحرم من موضع يكون بينه و بين مكّة بقدر ما بينها و بين أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان؛ لأنّه لا يجوز لأحد قطعه إلّا محرماً، و فيه: أنّه لا دليل عليه، لكن الأحوط الإحرام منه و تجديده في أدنى الحلّ.

[العاشر: أدنى الحلّ
اشارة

العاشر: أدنى الحلّ، و هو ميقات العمرة المفردة بعد حجّ القرآن أو الإفراد، بل لكلّ عمرة مفردة، و الأفضل أن

يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم، فإنّها منصوصة، و هي من حدود الحرم على اختلاف بينها في القرب و البعد، فإنّ الحديبية بالتخفيف أو التشديد: بئر بقرب مكّة على طريق جدّة دون مرحلة، ثمّ أُطلق على الموضع، و يقال: نصفه في الحلّ و نصفه في الحرم، و الجعرانة بكسر الجيم

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 333

و العين و تشديد الراء، أو بكسر الجيم و سكون العين و تخفيف الراء: موضع بين مكّة و الطائف على سبعة أميال، و التنعيم: موضع قريب من مكّة و هو أقرب أطراف الحلّ إلى مكّة، و يقال: بينه و بين مكّة أربعة أميال، و يعرف بمسجد عائشة، كذا في «مجمع البحرين».

و أمّا المواقيت الخمسة، فعن العلّامة في «المنتهي» أنّ أبعدها من مكّة ذو الحليفة، فإنّها على عشرة مراحل من مكّة، و يليه في البعد الجحفة، و المواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة، بينها و بين مكّة ليلتان قاصدتان، و قيل: إنّ الجحفة على ثلاث مراحل من مكّة.

[مسألة 5: كلّ من حجّ أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق

[3217] مسألة 5: كلّ من حجّ أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق، و إن كان مُهَلّ أرضه غيره، كما أشرنا إليه سابقاً، فلا يتعيّن أن يحرم من مهلّ أرضه بالإجماع و النصوص، منها صحيحة صفوان: «أنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) وقّت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها».

[مسألة 6: قد علم ممّا مرّ أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة]

[3218] مسألة 6: قد علم ممّا مرّ أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة، واجباً كان أو مستحبّاً، من الآفاقي أو من أهل مكّة، و ميقات عمرته أحد المواقيت الخمسة أو محاذاتها كذلك أيضاً، و ميقات حجّ القرآن و الإفراد أحد تلك المواقيت مطلقاً أيضاً، إلّا إذا كان منزله دون الميقات أو مكّة، فميقاته منزله، و يجوز من أحد تلك المواقيت أيضاً، بل هو الأفضل، و ميقات عمرتهما أدنى الحلّ إذا كان في مكّة، و يجوز من أحد المواقيت أيضاً، و إذا لم يكن في مكّة فيتعيّن أحدها، و كذا الحكم في العمرة المفردة؛ مستحبّة كانت أو واجبة، و إن نذر الإحرام من ميقات معيّن تعيّن، و المجاور بمكّة بعد السنتين حاله حال أهلها، و قبل ذلك حاله حال النائي، فإذا أراد حجّ الإفراد أو القرآن يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها، و إذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنى الحلّ.

[فصل في أحكام المواقيت

اشارة

فصل في أحكام المواقيت

[مسألة 1: لا يجوز الإحرام قبل المواقيت و لا ينعقد]
اشارة

[3219] مسألة 1: لا يجوز الإحرام قبل المواقيت و لا ينعقد، و لا يكفي المرور عليها محرماً، بل لا بدّ من إنشائه جديداً، ففي خبر ميسرة قال: دخلت على أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) و أنا متغيّر اللون، فقال (عليه السّلام) لي: «من أين أحرمت؟» فقلت: من موضع كذا و كذا، فقال (عليه السّلام): «ربّ طالب خير تزلّ قدمه». ثمّ قال: «يسرّك إن صلّيت الظهر في السفر أربعاً؟» قلت: لا، قال: «فهو و اللَّه ذاك».

[نعم يستثني من ذلك موضعان
اشارة

نعم يستثني من ذلك موضعان:

[أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات

أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يجوز و يصحّ للنصوص، منها: خبر أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام): «لو أنّ عبداً أنعم اللَّه تعالى عليه نعمة أو ابتلاه ببليّة فعافاه من تلك البليّة فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتمّ» و لا يضرّ عدم رجحان ذلك، بل مرجوحيّته قبل النذر، مع أنّ اللازم كون متعلّق النذر راجحاً، و ذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر من الأخبار، و اللازم رجحانه حين العمل و لو كان ذلك للنذر، و نظيره مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرّم من حيث هو مع صحّته و رجحانه بالنذر، و لا بدّ من دليل يدلّ على كونه راجحاً بشرط النذر، فلا يرد أنّ لازم ذلك صحّة نذر كلّ مكروه أو محرّم، و في المقامين المذكورين الكاشف هو الأخبار.

فالقول بعدم الانعقاد كما عن جماعة لما ذكر لا وجه له؛ لوجود النصوص و إمكان تطبيقها على القاعدة، و في إلحاق العهد و اليمين بالنذر و عدمه وجوه، ثالثها إلحاق العهد دون اليمين، و لا يبعد الأوّل؛ لإمكان الاستفادة من الأخبار، و الأحوط

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 335

الثاني؛ لكون الحكم على خلاف القاعدة. هذا، و لا يلزم التجديد في الميقات و لا المرور عليها، و إن كان الأحوط التجديد خروجاً عن شبهة الخلاف، و الظاهر اعتبار تعيين المكان، فلا يصحّ نذر الإحرام قبل الميقات مطلقاً، فيكون مخيّراً بين الأمكنة؛ لأنّه القدر المتيقّن بعد عدم الإطلاق في الأخبار.

نعم، لا يبعد الترديد بين المكانين؛ بأن يقول: «للَّه عليّ أن أحرم إمّا من الكوفة أو من البصرة» و إن كان الأحوط خلافه، و لا فرق بين كون

الإحرام للحجّ الواجب أو المندوب أو للعمرة المفردة. نعم، لو كان للحجّ أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون في أشهر الحجّ؛ لاعتبار كون الإحرام لهما فيها، و النصوص إنّما جوّزت قبل الوقت المكاني فقط، ثمّ لو نذر و خالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان نسياناً أو عمداً لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات. نعم، عليه الكفّارة إذا خالفه متعمّداً.

[ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي تقضّيه إن أخّر الإحرام إلى الميقات

ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي تقضّيه إن أخّر الإحرام إلى الميقات، فإنّه يجوز له الإحرام قبل الميقات، و تحسب له عمرة رجب، و إن أتى ببقيّة الأعمال في شعبان؛ لصحيحة إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) عن رجل يجي ء معتمراً ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق، أ يحرم قبل الوقت و يجعلها لرجب، أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق و يجعلها لشعبان؟ قال: «يحرم قبل الوقت لرجب، فإنّ لرجب فضلًا». و صحيحة معاوية بن عمّار: سمعت أبا عبد اللَّه (عليه السّلام) يقول: «ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي وقّت رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) إلّا أن يخاف فوت الشهر في العمرة»، و مقتضى إطلاق الثانية جواز ذلك لإدراك عمرة غير رجب أيضاً، حيث إن لكلّ شهر عمرة، لكن الأصحاب خصّصوا ذلك برجب فهو الأحوط، حيث إنّ الحكم على خلاف القاعدة، و الأولى و الأحوط مع ذلك التجديد في الميقات، كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر الوقت، و إن كان الظاهر جواز الإحرام قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلى الميقات، بل هو

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 336

الأولى، حيث إنّه يقع باقي أعمالها أيضاً في رجب، و الظاهر عدم الفرق بين

العمرة المندوبة و الواجبة بالأصل أو بالنذر و نحوه.

[مسألة 2: كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات، كذلك لا يجوز التأخير عنها]

[3220] مسألة 2: كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات، كذلك لا يجوز التأخير عنها، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً إلّا محرماً، بل الأحوط عدم المجاوزة عن محاذاة الميقات أيضاً إلّا محرماً، و إن كان أمامه ميقات آخر، فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الإمكان، إلّا إذا كان أمامه ميقات آخر، فإنّه يجزئه الإحرام منها، و إن أثم بترك الإحرام من الميقات الأوّل، و الأحوط العود إليها مع الإمكان مطلقاً، و إن كان أمامه ميقات آخر. و أمّا إذا لم يرد النسك و لا دخول مكّة؛ بأن كان له شغل خارج مكّة، و لو كان في الحرم فلا يجب الإحرام. نعم، في بعض الأخبار وجوب الإحرام من الميقات إذا أراد دخول الحرم و إن لم يرد دخول مكّة، لكن قد يدّعى الإجماع على عدم وجوبه، و إن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات.

[مسألة 3: لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً و لم يتمكّن من العود إليها]

[3221] مسألة 3: لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً و لم يتمكّن من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر، و لم يكن أمامه ميقات آخر بطل إحرامه و حجّه على المشهور الأقوى، و وجب عليه قضاؤه إذا كان مستطيعاً، و أمّا إذا لم يكن مستطيعاً فلا يجب، و إن أثم بترك الإحرام بالمرور على الميقات، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة، و القول بوجوبه عليه و لو لم يكن مستطيعاً، بدعوى وجوب ذلك عليه إذا قصد مكّة فمع تركه يجب قضاؤه لا دليل عليه، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة، و ذلك لأنّ الواجب عليه إنّما كان الإحرام لشرف البقعة، كصلاة التحيّة في دخول المسجد، فلا قضاء مع تركه، مع أنّ

وجوب الإحرام لذلك لا يوجب وجوب الحجّ عليه، و أيضاً إذا بدا له و لم يدخل مكّة كشف عن عدم الوجوب من الأوّل، و ذهب بعضهم إلى أنّه لو تعذّر عليه العود إلى الميقات أحرم من مكانه، كما في الناسي

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 337

و الجاهل نظير ما إذا ترك التوضّؤ إلى أن ضاق الوقت، فإنّه يتيمّم و تصحّ صلاته و إن أثم بترك الوضوء متعمّداً، و فيه: أنّ البدليّة في المقام لم تثبت، بخلاف مسألة التيمّم، و المفروض أنّه ترك ما وجب عليه متعمّداً.

[مسألة 4: لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة و ترك الإحرام لها متعمّداً]

[3222] مسألة 4: لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة و ترك الإحرام لها متعمّداً يجوز له أن يحرم من أدنى الحلّ، و إن كان متمكّناً من العود إلى الميقات فأدنى الحلّ له مثل كون الميقات أمامه، و إن كان الأحوط مع ذلك العود إلى الميقات. و لو لم يتمكّن من العود و لا الإحرام من أدنى الحلّ بطلت عمرته.

[مسألة 5: لو كان مريضاً لم يتمكّن من النزع و لبس الثوبين يجزئه النيّة و التلبية]

[3223] مسألة 5: لو كان مريضاً لم يتمكّن من النزع و لبس الثوبين يجزئه النيّة و التلبية، فإذا زال عذره نزع و لبسهما، و لا يجب حينئذٍ عليه العود إلى الميقات. نعم، لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض أو إغماء ثمّ زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكّن، و إلّا كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه إذا لم يتمكّن إلّا منه، و إن تمكّن العود في الجملة وجب، و ذهب بعضهم إلى أنّه إذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره؛ لمرسل جميل، عن أحدهما (عليهما السّلام) في مريض أُغمي عليه فلم يفق حتّى أتى الموقف، قال (عليه السّلام): «يحرم عنه رجل». و الظاهر أنّ المراد أنّه يحرمه رجل و يجنّبه عن محرّمات الإحرام، لا أنّه ينوب عنه في الإحرام، و مقتضى هذا القول عدم وجوب العود إلى الميقات بعد إفاقته و إن كان ممكناً، و لكن العمل به مشكل؛ لإرسال الخبر و عدم الجابر، فالأقوى العود مع الإمكان و عدم الاكتفاء به مع عدمه.

[مسألة 6: إذا ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلًا بالحكم أو الموضوع

[3224] مسألة 6: إذا ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلًا بالحكم أو الموضوع وجب العود إليها مع الإمكان، و مع عدمه فإلى ما أمكن، إلّا إذا كان أمامه ميقات آخر، و كذا إذا جاوزها محلّا؛ لعدم كونه قاصداً للنسك و لا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك، فإنّه يرجع إلى الميقات مع التمكّن، و إلى ما أمكن مع عدمه.

[مسألة 7: من كان مقيماً في مكّة و أراد حجّ التمتّع

[3225] مسألة 7: من كان مقيماً في مكّة و أراد حجّ التمتّع وجب عليه الإحرام لعمرته من الميقات إذا تمكّن، و إلّا فحاله حال الناسي.

[مسألة 8: لو نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة ثمّ ذكر]

[3226] مسألة 8: لو نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة ثمّ ذكر وجب عليه العود مع الإمكان، و إلّا ففي مكانه و لو كان في عرفات، بل المشعر و صحّ حجّه، و كذا لو كان جاهلًا بالحكم، و لو أحرم له من غير مكّة مع العلم و العمد لم يصحّ، و إن دخل مكّة بإحرامه، بل وجب عليه الاستئناف مع الإمكان، و إلّا بطل حجّه. نعم، لو أحرم من غيرها نسياناً و لم يتمكّن من العود إليها صحّ إحرامه من مكانه.

[مسألة 9: لو نسي الإحرام و لم يذكر حتّى أتى بجميع الأعمال من الحجّ أو العمرة]

[3227] مسألة 9: لو نسي الإحرام و لم يذكر حتّى أتى بجميع الأعمال من الحجّ أو العمرة فالأقوى صحّة عمله، و كذا لو تركه جهلًا حتّى أتى بالجميع.

[فصل في مقدّمات الإحرام

اشارة

فصل في مقدّمات الإحرام

[مسألة 1: يستحبّ قبل الشروع في الإحرام أُمور]

اشارة

[3228] مسألة 1: يستحبّ قبل الشروع في الإحرام أُمور:

[أحدها: توفير شعر الرأس، بل و اللحية لإحرام الحجّ مطلقاً]

أحدها: توفير شعر الرأس، بل و اللحية لإحرام الحجّ مطلقاً، لا خصوص التمتّع، كما يظهر من بعضهم لإطلاق الأخبار من أوّل ذي القعدة؛ بمعنى عدم إزالة شعرهما؛ لجملة من الأخبار، و هي و إن كانت ظاهرة في الوجوب إلّا أنّها محمولة على الاستحباب؛ لجملة أُخرى من الأخبار ظاهرة فيه، فالقول بالوجوب كما هو ظاهر جماعة ضعيف، و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط، كما لا ينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً؛ لخبر محمول على الاستحباب، أو على ما إذا كان في حال الإحرام. و يستحبّ التوفير للعمرة شهراً.

[الثاني: قصّ الأظفار، و الأخذ من الشارب و إزالة شعر الإبط و العانة بالطلي

الثاني: قصّ الأظفار، و الأخذ من الشارب و إزالة شعر الإبط و العانة بالطلي، أو الحلق، أو النتف. و الأفضل الأوّل ثمّ الثاني، و لو كان مطليّاً قبله يستحبّ له الإعادة و إن لم يمضِ خمسة عشر يوماً، و يستحبّ أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد؛ لفحوى ما دلّ على المذكورات. و كذا يستحبّ الاستياك.

[الثالث: الغسل للإحرام في الميقات

الثالث: الغسل للإحرام في الميقات، و مع العذر عنه التيمّم، و يجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضاً، و الأحوط الإعادة في الميقات، و يكفي الغسل من أوّل النهار إلى الليل و من أوّل الليل إلى النهار، بل الأقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل و بالعكس، و إذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحبّ إعادته خصوصاً في النوم، كما أنّ الأولى إعادته إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم، بل و كذا لو تطيّب، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام، فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام الأولى إعادته، و لو أحرم بغير غسل أتى به و أعاد صورة الإحرام، سواء تركه عالماً عامداً، أو جاهلًا، أو ناسياً، و لكن إحرامه الأوّل صحيح باق على حاله، فلو أتى بما يوجب الكفّارة بعده و قبل الإعادة وجبت عليه.

و يستحبّ أن يقول عند الغسل أو بعده: «بسم اللَّه و باللَّه، اللهمّ اجعَلْهُ لي نوراً و طهوراً و حرزاً و أمناً من كلّ خوف، و شفاءً من كلّ داءٍ و سقم، اللهمّ طهّرني و طهّر قلبي، و اشرح لي صدري، و أجر على لساني محبّتك و مدحتك و الثناء عليك، فإنّه لا قوّة لي إلّا بك، و قد علمت أنّ قوام

ديني التسليم لك، و الاتّباع لسنّة نبيّك صلواتك عليه و آله».

[الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة]

الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة، و قيل بوجوب ذلك لجملة من الأخبار الظاهرة فيه، المحمولة على الندب؛ للاختلاف الواقع بينها، و اشتمالها على خصوصيّات غير واجبة، و الأولى أن يكون بعد صلاة الظهر في غير

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 340

إحرام حجّ التمتّع، فإنّ الأفضل فيه أن يصلّي الظهر بمنى، و إن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أُخرى حاضرة، و إن لم يكن فمقضيّة، و إلّا فعقيب صلاة النافلة.

[الخامس: صلاة ستّ ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام

الخامس: صلاة ستّ ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام، و الأولى الإتيان بها مقدّماً على الفريضة، و يجوز إتيانها في أيّ وقت كان بلا كراهة، حتّى في الأوقات المكروهة، و في وقت الفريضة حتّى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة؛ لخصوص الأخبار الواردة في المقام، و الأولى أن يقرأ في الركعة الأُولى بعد الحمد التوحيد و في الثانية الجحد لا العكس، كما قيل.

[مسألة 2: يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء]

[3229] مسألة 2: يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده مع قصد الزينة، بل لا معه أيضاً إذا كان يحصل به الزينة و إن لم تقصدها، بل قيل بحرمته، فالأحوط تركه و إن كان الأقوى عدمها، و الرواية مختصّة بالمرأة، لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضاً؛ لقاعدة الاشتراك و لا بأس به، و أمّا استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به و إن بقي أثره، و لا بأس بعدم إزالته و إن كانت ممكنة.

[فصل في كيفيّة الإحرام و واجباته ثلاثة]

اشارة

فصل في كيفيّة الإحرام و واجباته ثلاثة:

[الأوّل: النيّة]

اشارة

الأوّل: النيّة؛ بمعنى القصد إليه، فلو أحرم من غير قصد أصلًا بطل، سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل، و يبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عمداً، و أمّا مع السهو و الجهل فلا يبطل، و يجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن، و إلّا فمن حيث أمكن على التفصيل الذي مرّ سابقاً في ترك أصل الإحرام.

[مسألة 1: يعتبر فيها القربة و الخلوص

[3230] مسألة 1: يعتبر فيها القربة و الخلوص كما في سائر العبادات، فمع فقدهما أو أحدهما يبطل إحرامه.

[مسألة 2: يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه، فلا يكفي حصولها في الأثناء]

[3231] مسألة 2: يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه، فلا يكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها وجب تجديده، و لا وجه لما قيل: من أنّ الإحرام تروك و هي لا تفتقر إلى النيّة، و القدر المسلّم من الإجماع على اعتبارها إنّما هو في الجملة و لو قبل التحلّل؛ إذ نمنع أوّلًا كونه تروكاً، فإنّ التلبية و لبس الثوبين من الأفعال، و ثانياً اعتبارها فيه على حدّ اعتبارها في سائر العبادات في كون اللازم تحقّقها حين الشروع فيها.

[مسألة 3: يعتبر في النيّة تعيين كون الإحرام لحجّ أو عمرة]

[3232] مسألة 3: يعتبر في النيّة تعيين كون الإحرام لحجّ أو عمرة، و أنّ الحجّ تمتّع أو قران أو إفراد، و أنّه لنفسه أو نيابة عن غيره، و أنّه حجّة الإسلام أو الحجّ النذري أو الندبي، فلو نوى الإحرام من غير تعيين و أوكله إلى ما بعد ذلك بطل، فما عن بعضهم من صحّته و أنّ له صرفه إلى أيّهما شاء من حجّ أو عمرة لا وجه له؛ إذ الظاهر أنّه جزء من النسك فتجب نيّته كما في أجزاء سائر العبادات، و ليس مثل الوضوء و الغسل بالنسبة إلى الصلاة. نعم، الأقوى كفاية التعيين الإجمالي حتّى بأن ينوي الإحرام لما سيعيّنه من حجّ أو عمرة، فإنّه نوع تعيين، و فرق بينه و بين ما لو نوى مردّداً مع إيكال التعيين إلى ما بعد.

[مسألة 4: لا تعتبر فيها نيّة الوجه من وجوب أو ندب

[3233] مسألة 4: لا تعتبر فيها نيّة الوجه من وجوب أو ندب، إلّا إذا توقّف التعيين عليها، و كذا لا يعتبر فيها التلفّظ، بل و لا الإخطار بالبال، فيكفي الداعي.

[مسألة 5: لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرّماته

[3234] مسألة 5: لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرّماته، بل المعتبر العزم على تركها مستمرّاً، فلو لم يعزم من الأوّل على استمرار الترك بطل. و أمّا لو عزم على ذلك و لم يستمرّ عزمه؛ بأن نوى بعد تحقّق الإحرام عدمه أو إتيان شي ء منها لم يبطل، فلا يعتبر فيه استدامة النيّة كما في الصوم، و الفرق أنّ التروك في الصوم معتبرة في صحّته بخلاف الإحرام، فإنّها فيه واجبات تكليفيّة.

[مسألة 6: لو نسي ما عيّنه من حجّ أو عمرة وجب عليه التجديد]

[3235] مسألة 6: لو نسي ما عيّنه من حجّ أو عمرة وجب عليه التجديد، سواء تعيّن عليه أحدهما أو لا، و قيل: إنّه للمتعيّن منهما، و مع عدم التعيين يكون لما يصحّ منهما، و مع صحّتهما كما في أشهر الحجّ الأولى جعله للعمرة المتمتّع بها، و هو مشكل؛ إذ لا وجه له.

[مسألة 7: لا تكفي نيّة واحدة للحج و العمرة]

[3236] مسألة 7: لا تكفي نيّة واحدة للحج و العمرة، بل لا بدّ لكلّ منهما من نيّته مستقلا؛ إذ كلّ منهما يحتاج إلى إحرام مستقلّ، فلو نوى كذلك وجب عليه تجديدها، و القول بصرفه إلى المتعيّن منهما إذا تعيّن عليه أحدهما، و التخيير بينهما إذا لم يتعيّن، و صحّ منه كلّ منهما كما في أشهر الحجّ لا وجه له، كالقول بأنّه لو كان في أشهر الحجّ بطل و لزم التجديد، و إن كان في غيرها صحّ عمرة مفردة.

[مسألة 8: لو نوى كإحرام فلان

[3237] مسألة 8: لو نوى كإحرام فلان، فإن علم أنّه لماذا أحرم صحّ، و إن لم يعلم فقيل بالبطلان لعدم التعيين، و قيل بالصحّة لما عن علي (عليه السّلام)، و الأقوى الصحّة؛ لأنّه نوع تعيين. نعم، لو لم يحرم فلان أو بقي على الاشتباه فالظاهر البطلان، و قد يقال: إنّه في صورة الاشتباه يتمتّع، و لا وجه له إلّا إذا كان في مقام صحّ له العدول إلى التمتّع.

[مسألة 9: لو وجب عليه نوع من الحجّ أو العمرة]

[3238] مسألة 9: لو وجب عليه نوع من الحجّ أو العمرة فنوى غيره بطل.

[مسألة 10: لو نوى نوعاً و نطق بغيره

[3239] مسألة 10: لو نوى نوعاً و نطق بغيره كان المدار على ما نوى دون ما نطق.

[مسألة 11: لو كان في أثناء نوع و شكّ في أنّه نواه أو نوى غيره

[3240] مسألة 11: لو كان في أثناء نوع و شكّ في أنّه نواه أو نوى غيره بنى على أنّه نواه.

[مسألة 12: يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفّظ بالنيّة]

[3241] مسألة 12: يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفّظ بالنيّة، و الظاهر تحقّقه بأيّ لفظ كان، و الأولى أن يكون بما في صحيحة ابن عمّار؛ و هو أن يقول: «اللهمّ إنّي أُريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك و سنّة نبيّك (صلّى اللَّه عليه و آله)، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 343

قدّرت عليّ، اللهم إن لم تكن حجّة فعمرة، أُحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب، أبتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة».

[مسألة 13: يستحبّ أن يشترط عند إحرامه على اللَّه أن يحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسكه من حجّ أو عمرة]

[3242] مسألة 13: يستحبّ أن يشترط عند إحرامه على اللَّه أن يحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسكه من حجّ أو عمرة، و أن يتمّ إحرامه عمرة إذا كان للحجّ و لم يمكنه الإتيان، كما يظهر من جملة من الأخبار، و اختلفوا في فائدة هذا الاشتراط، فقيل: إنّها سقوط الهدي، و قيل: إنّها تعجيل التحلّل و عدم انتظار بلوغ الهدي محلّه، و قيل: سقوط الحجّ من قابل، و قيل: أنّ فائدته إدراك الثواب فهو مستحبّ تعبّدي، و هذا هو الأظهر، و يدلّ عليه قوله (عليه السّلام) في بعض الأخبار: «هو حلّ حيث حبسه، اشترط أو لم يشترط». و الظاهر عدم كفاية النيّة في حصول الاشتراط، بل لا بدّ من التلفّظ، لكن يكفي كلّ ما أفاد هذا المعنى، فلا يعتبر فيه لفظ مخصوص، و إن كان الأولى التعيين ممّا في الأخبار.

[الثاني: من واجبات الإحرام التلبيات الأربع

اشارة

الثاني: من واجبات الإحرام التلبيات الأربع، و القول بوجوب الخمس أو الستّ ضعيف، بل ادّعى جماعة الإجماع على عدم وجوب الأزيد من الأربع، و اختلفوا في صورتها على أقوال:

أحدها: أن يقول: «لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك».

الثاني: أن يقول بعد العبارة المذكورة: «إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك».

الثالث: أن يقول: «لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبّيك».

الرابع: كالثالث، إلّا أنّه يقول: «إنّ الحمد و النعمة و الملك لك لا شريك لك لبّيك» بتقديم لفظ «و الملك» على لفظ «لك». و الأقوى هو القول الأوّل كما هو صريح صحيحة معاوية بن عمّار، و الزوائد مستحبّة، و الأولى التكرار بالإتيان بكلّ

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 344

من الصور المذكورة، بل يستحبّ أن يقول

كما في صحيحة معاوية بن عمّار: «لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبّيك، لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك داعياً إلى دار السلام لبّيك، لبّيك غفّار الذنوب لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال و الإكرام لبّيك، لبّيك مرهوباً و مرغوباً إليك لبّيك، لبّيك تبدأ و المعاد إليك لبّيك، لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك، لبّيك عبدك و ابن عبديك لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك».

[مسألة 14: اللازم الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على قواعد العربيّة]

[3243] مسألة 14: اللازم الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على قواعد العربيّة، فلا يجزئ الملحون مع التمكّن من الصحيح بالتلقين أو التصحيح، و مع عدم تمكّنه فالأحوط الجمع بينه و بين الاستنابة، و كذا لا تجزئ الترجمة مع التمكّن، و مع عدمه فالأحوط الجمع بينهما و بين الاستنابة، و الأخرس يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه، و الأولى أن يجمع بينهما و بين الاستنابة، و يلبّي عن الصبي الغير المميّز و عن المغمى عليه. و في قوله: «إنّ الحمد» إلخ، يصحّ أن يقرأ بكسر الهمزة و فتحها، و الأولى الأوّل.

و «لبّيك» مصدر منصوب بفعل مقدّر؛ أي ألبّ لك إلباباً بعد إلباب، أو لبّا بعد لبّ؛ أي إقامة بعد إقامة، من لبّ بالمكان أو ألبّ؛ أي أقام، و الأولى كونه من لبّ، و على هذا فأصله لبّين لك، فحذف اللام و أضيف إلى الكاف، فحذف النون، و حاصل معناه إجابتين لك، و ربما يحتمل أن يكون من لبّ بمعنى واجه، يقال: داري تلبّ دارك؛ أي تواجهها، فمعناه مواجهتي و قصدي لك، و أمّا احتمال كونه من لبّ الشي ء؛ أي خالصة، فيكون بمعنى إخلاصي لك فبعيد، كما أنّ

القول بأنّه كلمة مفردة نظير «على» و «لدى» فاضيفت إلى الكاف فقلبت ألفه ياء لا وجه له؛ لأنّ «على» و «لدى» إذا أُضيفا إلى الظاهر يقال فيهما بالألف كعلى زيد، و لدى زيد، و ليس لبّى كذلك فإنّه يقال فيه: لبّي زيد بالياء.

[مسألة 15: لا ينعقد إحرام حجّ التمتّع و إحرام عمرته

[3244] مسألة 15: لا ينعقد إحرام حجّ التمتّع و إحرام عمرته، و لا إحرام حجّ الإفراد و لا إحرام العمرة المفردة إلّا بالتلبية، و أمّا في حجّ القرآن فيتخيّر بين التلبية و بين الإشعار أو التقليد، و الإشعار مختصّ بالبدن، و التقليد مشترك بينها و بين غيرها من أنواع الهدي، و الأولى في البدن الجمع بين الإشعار و التقليد، فينعقد إحرام حجّ القرآن بأحد هذه الثلاثة، و لكن الأحوط مع اختيار الإشعار و التقليد ضمّ التلبية أيضاً. نعم، الظاهر وجوب التلبية على القارن و إن لم يتوقّف انعقاد إحرامه عليها، فهي واجبة عليه في نفسها، و يستحبّ الجمع بين التلبية و أحد الأمرين، و بأيّهما بدأ كان واجباً و كان الآخر مستحبّاً.

ثمّ إنّ الإشعار عبارة عن شقّ السنام الأيمن؛ بأن يقوم الرجل من الجانب الأيسر من الهدي و يشقّ سنامه من الجانب الأيمن، و يلطخ صفحته بدمه، و التقليد أن يعلّق في رقبة الهدي نعلًا خَلَقاً قد صلّى فيه.

[مسألة 16: لا تجب مقارنة التلبية لنيّة الإحرام

[3245] مسألة 16: لا تجب مقارنة التلبية لنيّة الإحرام، و إن كان أحوط، فيجوز أن يؤخّرها عن النيّة و لبس الثوبين على الأقوى.

[مسألة 17: لا تحرم عليه محرّمات الإحرام قبل التلبية و إن دخل فيه بالنيّة و لبس الثوبين

[3246] مسألة 17: لا تحرم عليه محرّمات الإحرام قبل التلبية و إن دخل فيه بالنيّة و لبس الثوبين، فلو فعل شيئاً من المحرّمات لا يكون آثماً، و ليس عليه كفّارة، و كذا في القارن إذا لم يأت بها و لا بالإشعار أو التقليد، بل يجوز له أن يبطل الإحرام ما لم يأت بها في غير القارن، أو لم يأت بها و لا بأحد الأمرين فيه. و الحاصل أنّ الشروع في الإحرام و إن كان يتحقّق بالنيّة و لبس الثوبين، إلّا أنّه لا تحرم عليه المحرّمات، و لا يلزم البقاء عليه إلّا بها أو بأحد الأمرين، فالتلبية و أخواها بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة.

[مسألة 18: إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها]

[3247] مسألة 18: إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها، و إن لم يتمكّن أتى بها في مكان التذكّر، و الظاهر عدم وجوب الكفّارة عليه إذا كان آتياً بما

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 346

يوجبها؛ لما عرفت من عدم انعقاد الإحرام إلّا بها.

[مسألة 19: الواجب من التلبية مرّة واحدة]

[3248] مسألة 19: الواجب من التلبية مرّة واحدة. نعم، يستحبّ الإكثار بها و تكريرها ما استطاع، خصوصاً في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة، و عند صعود شرف أو هبوط وادٍ، و عند المنام، و عند اليقظة، و عند الركوب، و عند النزول، و عند ملاقاة راكب، و في الأسحار، و في بعض الأخبار: «من لبّى في إحرامه سبعين مرّة إيماناً و احتساباً أشهد اللَّه له ألف ألف ملك براءة من النار، و براءة من النفاق». و يستحبّ الجهر بها خصوصاً في المواضع المذكورة للرجال دون النساء، ففي المرسل: «أنّ التلبية شعار المحرم، فارفع صوتك بالتلبية» و في المرفوعة: لمّا أحرم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أتاه جبرئيل (عليه السّلام) فقال: «مر أصحابك بالعجّ و الثجّ»، فالعجّ رفع الصوت بالتلبية، و الثجّ نحر البدن.

[مسألة 20: ذكر جماعة أنّ الأفضل لمن حجّ على طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقاً]

[3249] مسألة 20: ذكر جماعة أنّ الأفضل لمن حجّ على طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقاً كما قاله بعضهم، أو في خصوص الراكب كما قيل، و لمن حجّ على طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلًا، و لمن حجّ من مكّة تأخيرها إلى الرقطاء كما قيل، أو إلى أن يشرف على الأبطح، لكن الظاهر بعد عدم الإشكال في عدم وجوب مقارنتها للنيّة و لبس الثوبين استحباب التعجيل بها مطلقاً، و كون أفضليّة التأخير بالنسبة إلى الجهر بها، فالأفضل أن يأتي بها حين النيّة و لبس الثوبين سرّاً، و يؤخّر الجهر بها إلى المواضع المذكورة. و البيداء: أرض مخصوصة بين مكّة و المدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة. و الأبطح: مسيل وادي مكّة، و هو مسيل واسع فيه دقاق الحصى، أوّله عند منقطع الشعب بين وادي منى،

و آخره متّصل بالمقبرة التي تسمّى بالمعلّى عند أهل مكّة، و الرقطاء: موضع دون الردم يسمّى مَدعى، و مدعى الأقوام مجتمع قبائلهم، و الردم حاجز يمنع السيل عن البيت، و يعبّر عنه بالمدعى.

[مسألة 21: المعتمر عمرة التمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكّة في الزمن القديم

[3250] مسألة 21: المعتمر عمرة التمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكّة في الزمن القديم، و حدّها لمن جاء على طريق المدينة عقبة المدنيّين، و هو مكان معروف، و المعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، و عند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكّة لإحرامها، و الحاجّ بأيّ نوع من الحجّ يقطعها عند الزوال من يوم عرفة، و ظاهرهم أنّ القطع في الموارد المذكورة على سبيل الوجوب، و هو الأحوط، و قد يقال: بكونه مستحبّاً.

[مسألة 22: الظاهر أنّه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام

[3251] مسألة 22: الظاهر أنّه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام، بل و لا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار، بل يكفي أن يقول: «لبّيك اللهمّ لبّيك». بل لا يبعد كفاية تكرار لفظ «لبّيك».

[مسألة 23: إذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا]

[3252] مسألة 23: إذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحّة.

[مسألة 24: إذا أتى بالنيّة و لبس الثوبين و شكّ في أنّه أتى بالتلبية]

[3253] مسألة 24: إذا أتى بالنيّة و لبس الثوبين و شكّ في أنّه أتى بالتلبية أيضاً حتّى يجب عليه ترك المحرّمات أو لا، يبني على عدم الإتيان لها، فيجوز له فعلها و لا كفّارة عليه.

[مسألة 25: إذا أتى بما يوجب الكفّارة و شكّ في أنّه كان بعد التلبية حتّى تجب عليه أو قبلها]

[3254] مسألة 25: إذا أتى بما يوجب الكفّارة و شكّ في أنّه كان بعد التلبية حتّى تجب عليه أو قبلها، فإن كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية مجهولًا لم تجب عليه الكفّارة، و إن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولًا فيحتمل أن يقال بوجوبها؛ لأصالة التأخّر، لكن الأقوى عدمه؛ لأنّ الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية.

[الثالث: من واجبات الإحرام لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه

اشارة

الثالث: من واجبات الإحرام لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه، يتّزر بأحدهما و يرتدي بالآخر، و الأقوى عدم كون لبسهما شرطاً في تحقّق الإحرام، بل كونه واجباً تعبّديّاً، و الظاهر عدم اعتبار كيفيّة مخصوصة في لبسهما، فيجوز الاتّزار بأحدهما كيف شاء، و الارتداء بالآخر أو التوشّح به أو غير

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 348

ذلك من الهيئات، لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف، و كذا الأحوط عدم عقد الإزار في عنقه، بل عدم عقده مطلقاً و لو بعضه ببعض، و عدم غرزة بإبرة و نحوها، و كذا في الرداء الأحوط عدم عقده، لكن الأقوى جواز ذلك كلّه في كلّ منهما ما لم يخرج عن كونه رداءً أو إزاراً.

و يكفي فيهما المسمّى، و إن كان الأولى بل الأحوط أيضاً كون الإزار ممّا يستر السرّة و الركبة، و الرداء ممّا يستر المنكبين، و الأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتّزر ببعضه و يرتدي بالباقي إلّا في حال الضرورة، و الأحوط كون اللبس قبل النيّة و التلبية، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده، و الأحوط ملاحظة النيّة في اللبس، و أمّا التجرّد فلا يعتبر فيه النيّة، و إن كان الأحوط و الأولى اعتبارها فيه أيضاً.

[مسألة 26: لو أحرم في قميص عالماً عامداً أعاد، لا لشرطيّة لبس الثوبين؛ لمنعها]

[3255] مسألة 26: لو أحرم في قميص عالماً عامداً أعاد، لا لشرطيّة لبس الثوبين؛ لمنعها كما عرفت، بل لأنّه مناف للنيّة، حيث إنّه يعتبر فيها العزم على ترك المحرّمات التي منها لبس المخيط، و على هذا فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضاً؛ لأنّه مثله في المنافاة للنيّة، إلّا أن يمنع كون الإحرام هو العزم على ترك المحرّمات، بل هو البناء على تحريمها على نفسه، فلا تجب الإعادة حينئذٍ. هذا،

و لو أحرم في القميص جاهلًا، بل أو ناسياً أيضاً نزعه و صحّ إحرامه، أمّا إذا لبسه بعد الإحرام فاللازم شقّه و إخراجه من تحت، و الفرق بين الصورتين من حيث النزع و الشقّ تعبّد، لا لكون الإحرام باطلًا في الصورة الأُولى كما قد قيل.

[مسألة 27: لا يجب استدامة لبس الثوبين

[3256] مسألة 27: لا يجب استدامة لبس الثوبين، بل يجوز تبديلهما و نزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرّد منهما مع الأمن من الناظر، أو كون العورة مستورة بشي ء آخر.

[مسألة 28: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام و في الأثناء للاتّقاء عن البرد و الحرّ]

[3257] مسألة 28: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام و في الأثناء للاتّقاء عن البرد و الحرّ، بل و لو اختياراً.

[كتاب الحجّ من تحرير الوسيلة]

اشارة

كتاب الحجّ من تحرير الوسيلة لسماحة آية اللَّه العظمى الإمام الخميني قدّس سرّه الشريف مع تعليقات سماحة آية اللَّه العظمى الشيخ محمَّد الفاضل اللنكراني (مدّ ظلّه العالي)

[من أركان الدين، و تركه من الكبائر]

اشارة

و هو من أركان الدين، و تركه من الكبائر، و هو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية.

[مسألة 3258: لا يجب الحجّ طول العمر في أصل الشرع إلّا مرّة واحدة]

مسألة 3258: لا يجب الحجّ طول العمر في أصل الشرع إلّا مرّة واحدة، و وجوبه مع تحقّق شرائطه فوريّ، بمعنى وجوب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة، و لا يجوز تأخيره، و إن تركه فيه ففي الثاني و هكذا.

[مسألة 3259: لو توقّف إدراكه على مقدّمات بعد حصول الاستطاعة من السفر و تهيئة أسبابه

مسألة 3259: لو توقّف إدراكه على مقدّمات بعد حصول الاستطاعة من السفر و تهيئة أسبابه وجب تحصيلها على وجه يدركه في ذلك العام، و لو تعدّدت الرفقة و تمكّن من المسير بنحو يدركه مع كلّ منهم فهو بالتخيير، و الأولى اختيار أوثقهم سلامة و إدراكاً، و لو وجدت واحدة (1) و لم يكن له محذور في الخروج معها (1) أي بالفعل فلا ينافي التعدّد، كما يظهر من استثناء صورة الوثوق به.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 350

لا يجوز (1) التأخير إلّا مع الوثوق بحصول أُخرى.

[مسألة 3260: لو لم يخرج مع الأُولى مع تعدّد الرفقة في المسألة السابقة أو مع وحدتها]

مسألة 3260: لو لم يخرج مع الأُولى مع تعدّد الرفقة في المسألة السابقة أو مع وحدتها، و اتّفق عدم التمكّن من المسير أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير، استقرّ (2) عليه الحج و إن لم يكن آثماً. نعم، لو تبيّن عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً لم يستقر، بل و كذا لو لم يتبيّن إدراكه لم يحكم بالاستقرار.

[القول في شرائط وجوب حجّة الإسلام

اشارة

القول في شرائط وجوب حجّة الإسلام و هي أُمور:

[أحدها: الكمال بالبلوغ و العقل

اشارة

أحدها: الكمال بالبلوغ و العقل، فلا يجب على الصبي و إن كان مراهقاً، و لا على المجنون و إن كان أدواريّاً؛ إن لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال مع مقدّماتها الغير الحاصلة، و لو حجّ الصبي المميّز صحّ لكن لم يجزئ عن حجّة الإسلام، و إن كان واجداً لجميع الشرائط عدا البلوغ، و الأقوى عدم اشتراط صحّة حجّه بإذن الولي، و إن وجب الاستئذان في بعض الصور.

[مسألة 1: يستحبّ للولي أن يحرم بالصبي غير المميّز]

مسألة 1: يستحبّ للولي أن يحرم بالصبي غير المميّز، فيجعله محرماً و يلبسه ثوبي الإحرام، و ينوي عنه، و يلقّنه التلبية إن أمكن، و إلّا يلبّي عنه و يجنّبه عن محرّمات الإحرام، و يأمره بكلّ من أفعاله، و إن لم يتمكّن شيئاً منها ينوب عنه، و يطوف به (3)، و يسعى به، و يقف به في عرفات و مشعر و منى، و يأمره بالرمي، و لو لم يتمكّن يرمي عنه، و يأمره بالوضوء و صلاة الطواف، و إن لم يقدر يصلّي عنه، (1) لكن لا بنحو يترتّب عليه استحقاق العقوبة على نفس التأخير. (2) في الاستقرار إشكال، كما يأتي إن شاء اللَّه تعالى. (3) بعد أن يتوضّأ هو و الطفل، أو يوضّؤه احتياطاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 351

و إن كان الأحوط إتيان الطفل صورة الوضوء و الصلاة أيضاً، و أحوط منه توضّؤه لو لم يتمكّن من إتيان صورته.

[مسألة 2: لا يلزم أن يكون الولي محرماً في الإحرام بالصبي

مسألة 2: لا يلزم أن يكون الولي محرماً في الإحرام بالصبي، بل يجوز ذلك و إن كان مُحلّاً.

[مسألة 3: الأحوط أن يقتصر في الإحرام بغير المميّز على الولي الشرعي

مسألة 3: الأحوط أن يقتصر في الإحرام بغير المميّز على الولي الشرعي؛ من الأب و الجدّ و الوصي لأحدهما و الحاكم و أمينه أو الوكيل منهم و الأُمّ، و إن لم تكن ولياً، و الإسراء إلى غير الولي الشرعي ممّن يتولّى أمر الصبي و يتكفّله مشكل، و إن لا يخلو من قرب (1).

[مسألة 4: النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي لا من مال الصبي

مسألة 4: النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي لا من مال الصبي إلّا إذا كان حفظه موقوفاً على السفر به (2)، فمؤنة أصل السفر حينئذ على الطفل، لا مؤنة الحجّ به لو كانت زائدة.

[مسألة 5: الهدي على الولي، و كذا كفّارة الصيد]

مسألة 5: الهدي على الولي، و كذا كفّارة الصيد، و كذا سائر الكفّارات على الأحوط.

[مسألة 6: لو حجّ الصبي المميّز و أدرك المشعر بالغاً، و المجنون و عقل قبل المشعر]

مسألة 6: لو حجّ الصبي المميّز و أدرك المشعر بالغاً، و المجنون و عقل قبل المشعر، يُجزئهما عن حجّة الإسلام على الأقوى، و إن كان الأحوط الإعادة بعد ذلك مع الاستطاعة.

[مسألة 7: لو مشى الصبي إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعاً و لو من ذلك الموضع

مسألة 7: لو مشى الصبي إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعاً و لو من ذلك الموضع فحجّه حَجة الإسلام.

[مسألة 8: لو حجّ ندباً باعتقاد أنّه غير بالغ فبان بعد الحج خلافه

مسألة 8: لو حجّ ندباً باعتقاد أنّه غير بالغ فبان بعد الحج خلافه، أو (1) بل في غاية البعد. (2) أو كان السفر مصلحة له.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 352

باعتقاد عدم الاستطاعة فبان خلافه، لا يجزئ عن حجّة الإسلام على الأقوى، إلّا إذا أمكن الاشتباه في التطبيق.

[ثانيها: الحرّية]

ثانيها: الحرّية.

[ثالثها: الاستطاعة]

اشارة

ثالثها: الاستطاعة من حيث المال، و صحّة البدن و قوّته، و تخلية السرب و سلامته، و سعة الوقت و كفايته.

[مسألة 9: لا تكفي القدرة العقلية في وجوبه

مسألة 9: لا تكفي القدرة العقلية في وجوبه، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة؛ و هي الزاد و الراحلة و سائر ما يعتبر فيها، و مع فقدها لا يجب و لا يكفي عن حجّة الإسلام، من غير فرق بين القادر عليه بالمشي مع الاكتساب بين الطريق، و غيره، كان ذلك مخالفاً لزيّه و شرفه أم لا، و من غير فرق بين القريب (1) و البعيد.

[مسألة 10: لا يشترط وجود الزاد و الراحلة عنده عيناً]

مسألة 10: لا يشترط وجود الزاد و الراحلة عنده عيناً، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما من المال، نقداً كان أو غيره من العروض.

[مسألة 11: المراد من الزاد و الراحلة ما هو المحتاج إليه في السفر بحسب حاله

مسألة 11: المراد من الزاد و الراحلة ما هو المحتاج إليه في السفر بحسب حاله قوّةً و ضعفاً و شرفاً و ضعةً، و لا يكفي ما هو دون ذلك، و كلّ ذلك موكول إلى العرف، و لو تكلّف بالحج مع عدم ذلك لا يكفي عن حجّة الإسلام، كما أنّه لو كان كسوباً قادراً على تحصيلهما في الطريق لا يجب و لا يكفي عنها.

[مسألة 12: لا يعتبر الاستطاعة من بلده و وطنه

مسألة 12: لا يعتبر الاستطاعة من بلده و وطنه، فلو استطاع العراقيّ أو الإيراني و هو في الشام أو الحجاز وجب، و إن لم يستطع من وطنه، بل لو مشى إلى قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة، و كان هناك جامعاً لشرائط الحج وجب، و يكفي عن حجّة الإسلام، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع و كان أمامه ميقات آخر يمكن (1) اعتبار الراحلة في القريب محل إشكال، بل عدمه لا يخلو عن قوّة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 353

القول (1) بوجوبه، و إن لا يخلو من إشكال.

[مسألة 13: لو وجد مركب كسيّارة أو طائرة و لم يوجد شريك للركوب

مسألة 13: لو وجد مركب كسيّارة أو طائرة و لم يوجد شريك للركوب، فإن لم يتمكّن من أُجرته لم يجب عليه، و إلّا وجب، إلّا أن يكون حرجيّا عليه، و كذا الحال في غلاء الأسعار في تلك السّنة، أو عدم وجود الزاد و الراحلة إلّا بالزيادة عن ثمن المثل، أو توقّف السير على بيع أملاكه بأقلّ منه.

[مسألة 14: يعتبر في وجوب الحج وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده

مسألة 14: يعتبر في وجوب الحج وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده، أو إلى ما أراد التوقف فيه بشرط أن لا تكون نفقة العود إليه أزيد من العود إلى وطنه، إلّا إذا ألجأته الضرورة إلى السكنى فيه (2).

[مسألة 15: يعتبر في وجوبه وجدان نفقة الذهاب و الإياب زائداً عمّا يحتاج إليه في ضروريّات معاشه

مسألة 15: يعتبر في وجوبه وجدان نفقة الذهاب و الإياب زائداً عمّا يحتاج إليه في ضروريّات معاشه، فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله، و لا ثياب تجمّله، و لا أثاث بيته، و لا آلات صناعته، و لا فرس ركوبه، أو سيّارة ركوبه، و لا سائر ما يحتاج إليه بحسب حاله و زيّه و شرفه، بل و لا كتبه العلمية المحتاج إليها في تحصيل العلم (3)، سواء كانت من العلوم الدينية أو من العلوم المباحة المحتاج إليها في معاشه و غيره، و لا يعتبر في شي ء منها الحاجة الفعلية، و لو فرض وجود المذكورات أو شي ء منها بيده (4) من غير طريق الملك كالوقف و نحوه وجب (5) بيعها للحج بشرط كون ذلك غير منافٍ لشأنه، و لم تكن المذكورات في معرض الزوال. (1) و لكن هذا القول ضعيف، و على تقديره لا فرق بين ما إذا كان أمامه ميقات آخر و ما إذا لم يكن. (2) بل إلى العود إليه للسكنى، لا مجرّد السكنى فيه. (3) أو العمل. (4) أو أمكنه تحصيلها. (5) بمعنى صيرورته مستطيعاً، لا وجوب البيع بنفسه.

[مسألة 16: لو لم يكن المذكورات زائدة على شأنه عيناً لا قيمة]

مسألة 16: لو لم يكن المذكورات زائدة على شأنه عيناً لا قيمة يجب تبديلها و صرف قيمتها في مؤنة الحج أو تتميمها، بشرط عدم كونه حرجاً و نقصاً و مهانةً عليه، و كانت الزيادة بمقدار المؤنة أو متمّمة لها و لو كانت قليلة.

[مسألة 17: لو لم يكن عنده من أعيان ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه و تكسّبه

مسألة 17: لو لم يكن عنده من أعيان ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه و تكسّبه، و كان عنده من النقود و نحوها ما يمكن شراؤها يجوز صرفها في ذلك، من غير فرق بين كون النقد عنده ابتداءً أو بالبيع بقصد التبديل أو لا بقصده، بل لو صرفها في الحج ففي كفاية حجّه عن حجّة الإسلام إشكال، بل منع. و لو كان عنده ما يكفيه للحجّ و نازعته نفسه للنكاح جاز صرفه فيه، بشرط كونه ضروريّاً بالنسبة إليه، إمّا لكون تركه مشقّة عليه أو موجباً لضرر أو موجباً (1) للخوف في وقوع الحرام، أو كان تركه نقصاً و مهانة عليه. و لو كانت عنده زوجة و لا يحتاج إليها و أمكنه طلاقها و صرف نفقتها في الحج لا يجب و لا يستطيع.

[مسألة 18: لو لم يكن عنده ما يحجّ به، و لكن كان له دين على شخص بمقدار مؤنته أو تتميمها]

مسألة 18: لو لم يكن عنده ما يحجّ به، و لكن كان له دين على شخص بمقدار مؤنته أو تتميمها يجب اقتضاؤه إن كان حالّا، و لو بالرجوع إلى حاكم الجور مع فقد حاكم الشرع أو عدم بسط يده. نعم، لو كان الاقتضاء حرجيّا أو المديون معسراً لم يجب (2)، و كذا لو لم يمكن إثبات الدين. و لو كان مؤجّلًا و المديون باذلًا يجب أخذه و صرفه فيه، و لا يجب في هذه الصورة مطالبته، و إن علم (3) بأدائه لو طالبه. و لو كان غير مستطيع و أمكنه الاقتراض للحج و الأداء بعده بسهولة لم يجب و لا يكفي (4) عن حجّة الإسلام، و كذا لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج (1) جواز الصرف في النكاح في هذا الفرض محلّ إشكال. (2) إلّا إذا أمكن بيعه بأقلّ

نقداً و كان الأقلّ كافياً. (3) عدم الوجوب في صورة العلم محل إشكال بل منع. (4) يجري فيه التفصيل الآتي في الدين، فلا وجه للحكم بعدم الكفاية بنحو الإطلاق.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 355

فعلًا، أو مال حاضر كذلك، أو دين مؤجّل لا يبذله المديون قبل أجله، لا يجب الاستقراض و الصرف في الحج، بل كفايته على فرضه عن حجّة الإسلام مشكل، بل ممنوع (1).

[مسألة 19: لو كان عنده ما يكفيه للحج و كان عليه دين

مسألة 19: لو كان عنده ما يكفيه للحج و كان عليه دين، فإن كان مؤجّلًا و كان مطمئنّاً بتمكّنه من أدائه زمان حلوله مع صرف ما عنده وجب، بل لا يبعد وجوبه مع التعجيل و رضا دائنه بالتأخير مع الوثوق بإمكان الأداء عند المطالبة، و في غير هاتين الصورتين لا يجب (2). و لا فرق في الدين بين حصوله قبل الاستطاعة أو بعدها، بأن تلف مال الغير على وجه الضمان عنده بعدها. و إن كان عليه (3) خمس أو زكاة و كان عنده ما يكفيه للحج لولا هما فحالهما حال الدين مع المطالبة، فلا يكون (4) مستطيعاً، و الدين المؤجّل بأجل طويل جدّاً كخمسين سنة، و ما هو مبنيّ على المسامحة و عدم الأخذ رأساً، و ما هو مبنيّ على الإبراء مع الاطمئنان بذلك، لم يمنع (5) عن الاستطاعة.

[مسألة 20: لو شك في أنّ ماله وصل إلى حدّ الاستطاعة]

مسألة 20: لو شك في أنّ ماله وصل إلى حدّ الاستطاعة، أو علم مقداره و شك في مقدار مصرف الحج و أنّه يكفيه، يجب عليه الفحص على الأحوط.

[مسألة 21: لو كان ما بيده بمقدار الحج و له مال لو كان باقياً]

مسألة 21: لو كان ما بيده بمقدار الحج و له مال لو كان باقياً يكفيه في رواج (1) قد مرّ الإشكال في إطلاقه في الحاشية السابقة. (2) بل يجب تخييراً. (3) أي كان على ذمّته، و أمّا لو كان متعلّقاً بالعين فلا إشكال في تقدّمه على الحج، و كذا على سائر الديون، و هكذا في الزكاة. (4) بناءً على تقدّم الدّين، و كون الوجه فيه هو عدم الاستطاعة. (5) بل يمنع في بعض الصور، و على مبنى التزاحم كما هو الحقّ يقع التزاحم في ذلك البعض أيضاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 356

أمره بعد العود و شك في بقائه، فالظاهر وجوب الحج، كان المال حاضراً عنده أو غائباً.

[مسألة 22: لو كان عنده ما يكفيه للحجّ

مسألة 22: لو كان عنده ما يكفيه للحجّ، فإن لم يتمكّن من المسير لأجل عدم الصحّة في البدن، أو عدم تخلية السرب فالأقوى جواز التصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة، و إن كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرفقة فلا يجوز، مع احتمال الحصول فضلًا عن العلم به، و كذا (1) لا يجوز التصرّف قبل مجي ء وقت الحج، فلو تصرّف استقرّ عليه لو فرض رفع العذر فيما بعد في الفرض الأوّل، و بقاء الشرائط في الثاني، و الظاهر جواز التصرّف لو لم يتمكّن في هذا العام، و إن علم بتمكّنه في العام القابل فلا يجب إبقاء المال إلى السنين القابلة.

[مسألة 23: إن كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو مع غيره

مسألة 23: إن كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو مع غيره، و تمكّن من التصرّف فيه و لو بالتوكيل يكون مستطيعاً و إلّا فلا، فلو تلف في الصورة الأُولى بعد مضيّ الموسم، أو كان التلف بتقصير منه و لو قبل أوان خروج الرفقة استقرّ عليه الحج على الأقوى، و كذا الحال لو مات مورِّثه و هو في بلد آخر.

[مسألة 24: لو وصل ماله بقدر الاستطاعة و كان جاهلًا به

مسألة 24: لو وصل ماله بقدر الاستطاعة و كان جاهلًا به، أو غافلًا عن وجوب الحج عليه، ثمّ تذكّر بعد تلفه بتقصير منه و لو قبل أوان خروج الرفقة، أو تلف و لو بلا تقصير منه بعد مضيّ الموسم، استقرّ عليه مع حصول سائر الشرائط حال وجوده.

[مسألة 25: لو اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً]

مسألة 25: لو اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن أمكن فيه الاشتباه في التطبيق صحّ و أجزأ عن حجّة الإسلام، لكن حصوله مع العلم و الالتفات بالحكم و الموضوع مشكل، و إن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجزئ عنه، و في (1) لم يعلم المراد من هذا الفرض.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 357

صحّة حجّه تأمّل، و كذا لو علم باستطاعته ثمّ غفل عنها، و لو تخيّل عدم فوريّته فقصد الندب لا يجزئ، و في صحّته تأمّل.

[مسألة 26: لا يكفي في وجوب الحج الملك المتزلزل

مسألة 26: لا يكفي (1) في وجوب الحج الملك المتزلزل، كما لو صالحه شخص بشرط الخيار إلى مدّة معيّنة إلّا إذا كان واثقاً بعدم فسخه، لكن لو فرض فسخه يكشف عن عدم استطاعته.

[مسألة 27: لو تلفت بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه

مسألة 27: لو تلفت بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه، بناءً على اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة لا يجزئه (2) عن حجّة الإسلام، فضلًا عمّا لو تلف قبل تمامها، سيّما إذا لم يكن له مؤنة الإتمام.

[مسألة 28: لو حصلت الاستطاعة بالإباحة اللازمة وجب الحج

مسألة 28: لو حصلت الاستطاعة بالإباحة اللازمة وجب الحج، و لو أوصي له بما يكفيه له فلا يجب عليه بمجرّد موت الموصي، كما لا يجب عليه القبول.

[مسألة 29: لو نذر قبل حصول الاستطاعة زيارة أبي عبد اللَّه الحسين عليه السّلام مثلًا في كلّ عرفة، فاستطاع

مسألة 29: لو نذر قبل حصول الاستطاعة زيارة أبي عبد اللَّه الحسين (عليه السّلام) مثلًا في كلّ عرفة، فاستطاع يجب عليه الحج بلا إشكال، و كذا الحال لو نذر أو عاهد مثلًا بما يضادّ الحج، و لو زاحم الحج واجب، أو استلزمه فعل حرام يلاحظ الأهمّ عند الشارع الأقدس.

[مسألة 30: لو لم يكن له زاد و راحلة و لكن قيل له: حجّ و عليّ نفقتك و نفقة عيالك

مسألة 30: لو لم يكن له زاد و راحلة و لكن قيل له: حجّ و عليّ نفقتك و نفقة عيالك، أو قال: حجّ بهذا المال، و كان كافياً لذهابه و إيابه و لعياله (3) وجب عليه، من غير فرق بين تمليكه للحجّ أو إباحته له، و لا بين بذل العين أو الثمن، و لا بين (1) الظاهر هو الكفاية و لا يعتبر الوثوق. (2) محل إشكال. (3) اعتبار نفقة العيال محلّ إشكال.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 358

وجوب البذل و عدمه، و لا بين كون الباذل واحداً أو متعدّداً. نعم، يعتبر الوثوق (1) بعدم رجوع الباذل، و لو كان عنده بعض النفقة فبذل له البقية وجب أيضاً، و لو لم يبذل تمام النفقة أو نفقة عياله لم يجب، و لا يمنع الدين (2) من وجوبه، و لو كان حالّا و الدائن مطالباً و هو متمكّن من أدائه لو لم يحج ففي كونه مانعاً وجهان (3)، و لا يشترط الرجوع إلى الكفاية فيه. نعم، يعتبر أن لا يكون الحج موجباً لاختلال أُمور معاشه فيما يأتي لأجل غيبته.

[مسألة 31: لو وهبه ما يكفيه للحج لأن يحجّ وجب عليه القبول

مسألة 31: لو وهبه ما يكفيه للحج لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى، و كذا لو وهبه و خيّره بين أن يحجّ أو لا. و أمّا لو لم يذكر الحج بوجه فالظاهر عدم وجوبه. و لو وقف شخص لمن يحجّ، أو أوصى، أو نذر كذلك، فبذل المتصدّي الشرعي وجب. و كذا لو أوصى له بما يكفيه بشرط أن يحجّ فيجب بعد موته. و لو أعطاه خمساً أو زكاة و شرط عليه الحج لغى الشرط و لم يجب. نعم، لو أعطاه من سهم سبيل اللَّه ليحجّ لا يجوز (4) صرفه

في غيره، و لكن لا يجب عليه القبول، و لا يكون من الاستطاعة المالية و لا البذلية، و لو استطاع بعد ذلك وجب عليه الحج.

[مسألة 32: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام

مسألة 32: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، و كذا بعده (1) اعتبار الوثوق محلّ إشكال، سواء أُريد به الاعتبار بالإضافة إلى الحكم الواقعي، أو أُريد به الحكم الظاهري. (2) فيما إذا كان المبذول تمام النفقة، و أمّا إذا كان البعض فيجري في غير المبذول حكم الدين المذكور في الاستطاعة المالية. (3) و يجري ذلك فيما إذا كان الدين مؤجّلًا، و لكن كان البقاء في المحلّ موجباً للتمكّن من أدائه، و لو تدريجاً. (4) أي إذا قبل، و في ترتيب العبارة مسامحة واضحة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 359

على الأقوى، و لو وهبه للحج فقبل فالظاهر جريان حكم سائر الهبات عليه، و لو رجع عنه في أثناء الطريق فلا يبعد أن يجب عليه نفقة عوده، و لو رجع بعد الإحرام فلا يبعد (1) وجوب بذل نفقة (2) إتمام الحج عليه.

[مسألة 33: الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل

مسألة 33: الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل (3)، و أمّا الكفّارات فليست على الباذل، و إن أتى بموجبها اضطراراً أو جهلًا أو نسياناً، بل على نفسه.

[مسألة 34: الحج البذليّ مجزئ عن حجّة الإسلام

مسألة 34: الحج البذليّ مجزئ عن حجّة الإسلام، سواء بذل تمام النفقة أو متمّمها (4)، و لو رجع عن بذله في الأثناء و كان في ذلك المكان متمكِّناً من الحج من ماله وجب (5) عليه، و يجزئه عن حجّة الإسلام إن كان واجداً لسائر الشرائط قبل إحرامه، و إلّا فإجزاؤه محلّ إشكال.

[مسألة 35: لو عيّن مقداراً ليحجّ به و اعتقد كفايته فبان عدمها]

مسألة 35: لو عيّن مقداراً ليحجّ به و اعتقد كفايته فبان عدمها فالظاهر عدم وجوب الإتمام عليه، سواء جاز الرجوع له أم لا. و لو بذل مالًا ليحجّ به فبان بعد الحج أنّه كان مغصوباً فالأقوى عدم كفايته عن حجّة الإسلام. و كذا لو قال: «حَجِّ و عليّ نفقتك» فبذل مغصوباً.

[مسألة 36: لو قال: اقترض و حج و عليّ دينك

مسألة 36: لو قال: «اقترض و حج و عليّ دينك» ففي وجوبه عليه نظر. و لو (1) على تقدير وجوب الإتمام و هو محل تأمّل. (2) و كذا نفقة العود. (3) أي ضمانه عليه بناءً على وجوب الإتمام و كون نفقته على الباذل فيما إذا كان رجوعه بعد الإحرام، كما مرّ في المسألة السابقة، أو يجب عليه مطلقاً إذا كان البذل واجباً بالنذر أو شبهه، أو إذا قال في مقام البذل «حجِّ و عليّ نفقتك» لا ما إذا قال: «حجِّ بهذا المال». (4) بشرط أن يكون المتمم (بالفتح) واجداً لخصوصية الاستطاعة المالية؛ و هي أن يكون زائداً على ما يحتاج إليه في معاشه من الدار و الثياب و نحوهما. (5) و كذا إذا لم يكن متمكّناً من ماله. و لكن قيل بوجوب الإتمام عليه، و ثبوت نفقته على الباذل، و تحقّق الإنفاق خارجاً، و لا يعتبر في هذا الفرض وجود سائر الشرائط.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 360

قال: «اقترض لي و حَج به» وجب مع وجود المقرض كذلك.

[مسألة 37: لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأُجرة يصير بها مستطيعاً]

مسألة 37: لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأُجرة يصير بها مستطيعاً وجب عليه الحج. و لو طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير مستطيعاً لا يجب عليه القبول. و لو آجر نفسه للنيابة عن الغير فصار مستطيعاً بمال الإجارة قدّم الحجّ النيابي إن كان الاستئجار للسنة الأُولى، فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب عليه الحج لنفسه. و لو حجّ بالإجارة، أو عن نفسه أو غيره تبرّعاً مع عدم كونه مستطيعاً لا يكفيه عن حجّة الإسلام.

[مسألة 38: يشترط في الاستطاعة وجود ما يمون به عياله حتى يرجع

مسألة 38: يشترط في الاستطاعة وجود ما يمون به عياله حتى يرجع، و المراد بهم من يلزمه نفقته لزوماً عرفياً، و إن لم يكن واجب النفقة شرعاً على الأقوى.

[مسألة 39: الأقوى اعتبار الرجوع إلى الكفاية]

مسألة 39: الأقوى اعتبار الرجوع إلى الكفاية؛ من تجارة، أو زراعة، أو صنعة، أو منفعة ملك؛ كبستان و دكّان و نحوهما، بحيث لا يحتاج إلى التكفّف، و لا يقع في الشدّة و الحرج، و يكفي كونه قادراً على التكسّب اللائق بحاله أو التجارة باعتباره و وجاهته، و لا يكفي (1) أن يمضي أمره بمثل الزكاة و الخمس، و كذا من الاستعطاء، كالفقير الّذي من عادته ذلك و لم يقدر على التكسّب، و كذا من لا يتفاوت حاله قبل الحج و بعده على الأقوى، فإذا كان لهم مؤنة الذهاب و الإياب و مؤنة عيالهم لم يكونوا مستطيعين، و لم يجزئ حجّهم عن حجّة الإسلام.

[مسألة 40: لا يجوز لكلّ من الولد و الوالد أن يأخذ من مال الآخر و يحجّ به

مسألة 40: لا يجوز لكلّ من الولد و الوالد أن يأخذ من مال الآخر و يحجّ به، و لا يجب على واحد منهما البذل له، و لا يجب عليه الحج، و إن كان فقيراً و كانت نفقته على الآخر و لم يكن نفقة السفر أزيد من الحضر على الأقوى.

[مسألة 41: لو حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله

مسألة 41: لو حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله، فلو حجّ متسكّعاً (1) الظاهر هو الكفاية في الفروض الثلاثة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 361

أو من مال غيره و لو غصباً صحّ و أجزأه. نعم، الأحوط عدم صحّة صلاة الطواف مع غصبية ثوبه، و لو شراه بالذمّة أو شرى الهدي كذلك، فإن كان بناؤه الأداء من الغصب ففيه إشكال (1)، و إلّا فلا إشكال في الصحّة، و في بطلانه مع غصبية ثوب الإحرام و السعي إشكال، و الأحوط (2) الاجتناب.

[مسألة 42: يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية]

مسألة 42: يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلا يجب على مريض لا يقدر على الركوب، أو كان حرجاً عليه و لو على المحمل و السيّارة و الطائرة. و يشترط أيضاً الاستطاعة الزمانية، فلا يجب لو كان الوقت ضيّقاً لا يمكن الوصول إلى الحج، أو أمكن بمشقّة شديدة. و الاستطاعة السربية؛ بأن لا يكون في الطريق مانع لا يمكن معه الوصول إلى الميقات، أو إلى تمام الأعمال، و إلّا لم يجب. و كذا لو كان خائفاً (3) على نفسه، أو بدنه، أو عرضه، أو ماله، و كان الطريق منحصراً فيه، أو كان جميع الطرق كذلك، و لو كان طريق الأبعد مأموناً يجب الذهاب منه، و لو كان الجميع مخوفاً لكن يمكنه الوصول إليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لا تعدّ طريقاً إليه لا يجب على الأقوى.

[مسألة 43: لو استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتدّ به

مسألة 43: لو استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتدّ به، بحيث يكون تحمّله حرجاً عليه لم يجب، و لو استلزم ترك واجب أهمّ منه، أو فعل حرام كذلك يقدّم الأهم، لكن إذا خالف و حجَّ صحّ و أجزأه عن حجّة الإسلام. و لو كان في الطريق ظالم لا يندفع إلّا بالمال، فإن كان مانعاً عن العبور، و لم يكن السرب مخلّى عرفاً و لكن يمكن تخليته بالمال لا يجب، و إن لم يكن كذلك لكن يأخذ من كلّ (1) كما أنّه لو كان الثمن المعيّن مغصوباً لا إشكال في البطلان. (2) يجوز ترك هذا الاحتياط. (3) في ارتفاع الوجوب بمجرد الخوف إشكال، إلّا إذا كان حرجيّا، و بدونه يرتفع في خصوص صورة الخوف على النفس.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 362

عابر شيئاً يجب، إلّا إذا كان

دفعه حرجيّا

[مسألة 44: لو اعتقد كونه بالغاً فحجَّ، ثمّ بان خلافه

مسألة 44: لو اعتقد كونه بالغاً فحجَّ، ثمّ بان خلافه لم يجزئ عن حجّة الإسلام، و كذا لو اعتقد كونه مستطيعاً مالًا فبان الخلاف. و لو اعتقد عدم الضرر أو الحرج فبان الخلاف، فإن كان الضرر نفسياً (1) أو مالياً بلغ حدّ الحرج، أو كان الحجّ حرجيّا، ففي كفايته إشكال، بل عدمها لا يخلو من وجه، و أمّا الضرر المالي غير البالغ حدّ الحرج فغير مانع عن وجوب الحج. نعم، لو تحمّل الضرر و الحرج حتى بلغ الميقات فارتفع الضرر و الحرج و صار مستطيعاً فالأقوى كفايته. و لو اعتقد عدم المزاحم الشرعي الأهمّ فحجَّ فبان الخلاف صحّ. و لو اعتقد كونه غير بالغ فحج ندباً فبان خلافه، ففيه تفصيل مرّ نظيره. و لو تركه مع بقاء الشرائط إلى تمام الأعمال استقرّ عليه، و يحتمل اشتراط بقائها إلى زمان إمكان العود إلى محلّه على إشكال. و إن اعتقد عدم كفاية ماله عن حجّة الإسلام فتركها فبان الخلاف استقرّ عليه مع وجود سائر الشرائط. و إن اعتقد المانع، من العدوّ أو الحرج، أو الضرر المستلزم له فترك فبان الخلاف فالظاهر استقراره عليه، سيّما في الحرج. و إن اعتقد وجود مزاحم شرعيّ أهمّ فترك فبان الخلاف استقرّ عليه.

[مسألة 45: لو ترك الحج مع تحقّق الشرائط متعمّداً]

مسألة 45: لو ترك الحج مع تحقّق الشرائط متعمّداً استقر عليه مع بقائها إلى تمام الأعمال. و لو حجّ مع فقد بعضها، فإن كان البلوغ فلا يجزئه إلّا إذا بلغ قبل أحد الموقفين، فإنّه مجزئ على الأقوى، و كذا لو حج مع فقد الاستطاعة المالية. و إن حج مع عدم أمن الطريق، أو عدم صحة البدن و حصول الحرج (2)، فإن صار قبل (1) إن كان المراد بالضرر النفسي

ما يعمّ البدني، فاللازم التقييد بالحرج، و إن كان المراد خصوص تلف النفس، فمع أنّه لا يلائم مع فرض المسألة؛ لأنّ المفروض فيها أنّه بان الخلاف بعد الحجّ، يكون هذا من قبيل التزاحم الذي حكم فيه بالصحة و الإجزاء. (2) لا مجال لتقييد عدم صحّة البدن بحصول الحرج، لأنّها بنفسها معتبرة في وجوب الحجّ.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 363

الإحرام مستطيعاً، و ارتفع العذر صحّ و أجزأ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال الإحرام إلى تمام الأعمال، فلو كان نفس الحج، و لو ببعض أجزائه حرجيّا أو ضرريّاً على النفس (1) فالظاهر عدم الإجزاء.

[مسألة 46: لو توقّف تخلية السرب على قتال العدوّ لا يجب و لو مع العلم بالغلبة]

مسألة 46: لو توقّف تخلية السرب على قتال العدوّ لا يجب و لو مع العلم بالغلبة، و لو تخلّى لكن يمنعه عدوّ عن الخروج للحج فلا يبعد وجوب قتاله مع العلم بالسلامة و الغلبة، أو الاطمئنان و الوثوق بهما. و لا تخلو المسألة عن إشكال.

[مسألة 47: لو انحصر الطريق في البحر أو الجوّ وجب الذهاب

مسألة 47: لو انحصر الطريق في البحر أو الجوّ وجب الذهاب إلّا مع خوف الغرق أو السقوط أو المرض خوفاً عقلائياً، أو استلزم الإخلال بأصل صلاته لا بتبديل بعض حالاتها. و أمّا لو استلزم أكل النجس و شربه فلا يبعد وجوبه مع الاحتراز عن النجس حتى الإمكان، و الاقتصار على مقدار الضرورة. و لو لم يحترز كذلك صحّ حجّه و إن أثم، كما لو ركب المغصوب إلى الميقات، بل إلى مكّة و منى و عرفات، فإنّه آثم و صحّ حجّه. و كذا لو استقرّ عليه الحج و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة، فإنّه يجب أداؤها. فلو مشى إلى الحج مع ذلك أثم و صحّ حجّه. نعم، لو كانت الحقوق في عين ماله فحكمه حكم الغصب و قد مرّ.

[مسألة 48: يجب على المستطيع الحج مباشرة]

مسألة 48: يجب على المستطيع الحج مباشرة، فلا يكفيه حجّ غيره عنه تبرّعاً أو بالإجارة. نعم، لو استقرّ عليه و لم يتمكّن منها لمرض لم يرج زواله، أو حصر كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه وجبت الاستنابة عليه. و لو لم يستقرّ عليه لكن لا يمكنه المباشرة لشي ء من المذكورات، ففي وجوبها و عدمه قولان، لا يخلو الثاني من قوّة، و الأحوط فوريّة وجوبها. و يجزئه حجّ النائب مع (1) إن كان المراد بالضرر بالنفس ما لا يكون حرجيّا و لا يبلغ حدّ التلف كما هو المفروض في العبارة فعدم الإجزاء فيه محلّ إشكال، بل منع.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 364

بقاء العذر إلى أن مات، بل مع ارتفاعه بعد العمل بخلاف أثنائه، فضلًا عن قبله، و الظاهر بطلان الإجارة، و لو لم يتمكّن من الاستنابة سقط الوجوب و

قضي عنه. و لو استناب مع رجاء الزوال لم يجزئ (1) عنه، فيجب بعد زواله، و لو حصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية، و الظاهر عدم كفاية حج المتبرّع عنه في صورة وجوب الاستنابة، و في كفاية الاستنابة من الميقات إشكال، و إن كان الأقرب الكفاية.

[مسألة 49: لو مات من استقر عليه الحج في الطريق

مسألة 49: لو مات من استقر عليه الحج في الطريق، فإن مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، و إن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه، و إن كان موته بعد الإحرام على الأقوى، كما لا يكفي الدخول في الحرم قبل الإحرام، كما إذا نسيه و دخل الحرم فمات، و لا فرق في الإجزاء بين كون الموت حال الإحرام، أو بعد الحلّ، كما إذا مات بين الإحرامين. و لو مات في الحل بعد دخول الحرم محرماً ففي الإجزاء إشكال، و الظاهر أنّه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه عن حجّه، و الظاهر عدم جريان الحكم في حج النذر و العمرة المفردة لو مات في الأثناء، و في الإفسادي تفصيل. و لا يجري فيمن لم يستقرّ عليه الحجّ، فلا يجب و لا يستحب عنه القضاء لو مات قبلهما.

[مسألة 50: يجب الحج على الكافر و لا يصحّ منه

مسألة 50: يجب الحج على الكافر و لا يصحّ منه، و لو أسلم و قد زالت استطاعته قبله لم يجب عليه، و لو مات حال كفره لا يقضى عنه، و لو أحرم ثمّ أسلم لم يكفه، و وجب عليه الإعادة من الميقات إن أمكن، و إلّا فمن موضعه. نعم، لو كان داخلًا في الحرم فأسلم، فالأحوط مع الإمكان أن يخرج خارج الحرم و يُحرم. و المرتدّ يجب عليه الحجّ، سواء كانت استطاعته حال إسلامه أو بعد ارتداده، (1) محل إشكال، بل لا يخلو الإجزاء عن قوّة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 365

و لا يصحّ منه، فإن مات قبل أن يتوب يعاقب عليه، و لا يقضى عنه على الأقوى، و إن تاب وجب عليه و صحّ منه على الأقوى، سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل توبته.

و

لو أحرم حال ارتداده فكالكافر الأصلي. و لو حجّ في حال إسلامه ثمّ ارتدّ لم يجب عليه الإعادة على الأقوى. و لو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم يبطل إحرامه على الأصح.

[مسألة 51: لو حجّ المخالف ثمّ استبصر لا تجب عليه الإعادة]

مسألة 51: لو حجّ المخالف ثمّ استبصر لا تجب عليه الإعادة، بشرط أن يكون صحيحاً في مذهبه و إن لم يكن صحيحاً في مذهبنا، من غير فرق بين الفِرَق.

[مسألة 52: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إن كانت مستطيعة]

مسألة 52: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إن كانت مستطيعة، و لا يجوز له منعها منه، و كذا في الحج النذري و نحوه إذا كان مضيّقاً، و في المندوب يشترط إذنه. و كذا الموسّع قبل تضييقه على الأقوى، بل في حجّة الإسلام له منعها (1) من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود اخرى قبل تضييق الوقت. و المطلّقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدّة، بخلاف البائنة و المعتدّة للوفاة، فيجوز لهما في المندوب أيضاً. و المنقطعة كالدائمة على الظاهر، و لا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعاً من الاستمتاع لمرض و نحوه أو لا.

[مسألة 53: لا يشترط وجود المَحْرم في حجّ المرأة إن كانت مأمونة على نفسها و بضعها]

مسألة 53: لا يشترط وجود المَحْرم في حجّ المرأة إن كانت مأمونة على نفسها و بضعها، كانت ذات بعل أو لا، و مع عدم الأمن يجب عليها استصحاب مَحْرم أو من تثق به و لو بالأُجرة، و مع العدم لا تكون مستطيعة، و لو وجد و لم تتمكّن من أُجرته لم تكن مستطيعة. و لو كان لها زوج و ادّعى كونها في معرض (1) و لكن لا يكون حجّها باطلًا على تقدير المخالفة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 366

الخطر، و ادّعت هي الأمن، فالظاهر (1) هو التداعي، و للمسألة صور، و للزوج في الصورة المذكورة منعها، بل يجب عليه ذلك، و لو انفصلت المخاصمة بحلفها، أو أقامت البينة و حكم لها القاضي فالظاهر سقوط حقّه. و إن حجّت بلا مَحْرم مع عدم الأمن صحّ حجّها، سيّما مع حصول الأمن قبل الشروع في الإحرام.

[مسألة 54: لو استقرّ عليه الحجّ

مسألة 54: لو استقرّ عليه الحجّ؛ بأن استكملت الشرائط و أهمل حتى زالت أو زال بعضها وجب الإتيان به بأيّ وجه (2) تمكّن، و إن مات يجب أن يقضى عنه إن كانت له تركة، و يصحّ التبرّع عنه، و يتحقّق الاستقرار على الأقوى (3) ببقائها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة المالية و البدنية و السربية، و أمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال. و لو استقرّ عليه العمرة فقط، أو الحج فقط كما فيمن وظيفته حج الإفراد أو القرآن ثمّ زالت استطاعته فكما مرّ، يجب عليه بأيّ وجه تمكّن. و إن مات يقضى عنه.

[مسألة 55: تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إن لم يوص بها]

مسألة 55: تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إن لم يوص بها، سواء كانت (1) لا وجه للتداعي، لأنّه إن كان المراد ادّعاء الزوج كونها في معرض الخطر بحسب اعتقاد الزوج فهو، مع أنّه خارج عن مسألة التنازع؛ لإمكان الجمع بين الدعويين، لا يترتّب عليه أثر؛ لأنّه مترتّب في النصوص و الفتاوى على مأمونية الزوجة و عدمها، و إن كان المراد ادّعاء الزوج كونها في معرض الخطر بحسب اعتقاد الزوجة فهو من باب المدّعى و المنكر لا التداعي؛ لأنّ الزوج يدّعي كونها خائفة و هي تنكره، فلا بدّ من ترتيب أحكامهما لا أحكامه، و من جملة الأحكام الإحلاف للمنكر. نعم، يمكن فرض التداعي فيما إذا كان مدّعى الزوج ثبوت حقّ الاستمتاع له عليها، و مدّعى الزوجة ثبوت حقّ النفقة لها عليه. (2) إلّا مع الحرج، و فيه يكون الوجوب مقتضى الاحتياط. (3) بل الأقوى ما هو المشهور من أنّه يتحقّق بالتمكّن من الإتيان بالأعمال مستجمعاً للشرائط، من دون فرق بين العقل و الحياة

و غيرهما من الشرائط.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 367

حجّ التمتّع أو القرآن أو الإفراد أو عمرتهما. و إن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضاً. و لو أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه، و تقدّمت على الوصايا المستحبة، و إن كانت متأخّرة عنها في الذكر، و إن لم يف الثلث بها أُخذت البقية من الأصل، و الحج النذري كذلك يخرج من الأصل. و لو كان عليه دين أو خمس أو زكاة و قصرت التركة، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو الزكاة موجوداً قدّما، فلا يجوز صرفه في غيرهما، و إن كانا في الذمّة فالأقوى توزيعه على الجميع بالنسبة، فإن (1) وفت حصة الحج به فهو، و إلّا فالظاهر سقوطه و إن وفت ببعض أفعاله كالطواف فقط مثلًا، و صرف حصّته في غيره، و مع وجود الجميع توزّع عليها، و إن وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط، ففي مثل حجّ القرآن و الإفراد لا يبعد وجوب تقديم الحج، و في حجّ التمتّع فالأقوى السقوط و صرفها في الدين.

[مسألة 56: لا يجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استئجار الحج

مسألة 56: لا يجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استئجار الحج، أو تأدية مقدار المصرف إلى وليّ أمر الميّت لو كان مصرفه مستغرقاً لها، بل مطلقاً على الأحوط (2). و إن كانت واسعة جدّاً و كان بناء الورثة على الأداء من غير مورد التصرّف، و إن لا يخلو الجواز من قرب، لكن لا يترك الاحتياط.

[مسألة 57: لو أقرّ بعض الورثة بوجوب الحج على الميّت و أنكره الآخرون

مسألة 57: لو أقرّ بعض الورثة بوجوب الحج على الميّت و أنكره الآخرون لا يجب عليه إلّا دفع ما يخصّه من التركة بعد التوزيع لو أمكن (3) الحج بها و لو ميقاتاً، و إلّا لا يجب (4) دفعها، و الأحوط (5) حفظ مقدار حصته رجاءً لإقرار سائر (1) الجمع بين التوزيع بالنسبة، و بين وفاء حصّة الحج به لا يكاد يتحقّق أصلًا. (2) الأولى. (3) لا يجتمع إمكان الحجّ بها و لو ميقاتاً مع توزيع مصرف الحج على السهام، كما مرّ. (4) أي للحج، و إن كان اللازم صرفه في وجوه البرّ عنه. (5) الأولى.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 368

الورثة أو وجدان متبرّع للتتمة، بل مع كون ذلك مرجوّ الوجود يجب حفظه على الأقوى، و الأحوط ردّه إلى وليّ الميّت، و لو كان عليه حجّ فقط و لم يكف تركته به فالظاهر أنّها للورثة. نعم، لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك، أو وجود متبرّع يدفع التتمة وجب (1) إبقاؤها. و لو تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت اجرة الاستئجار إلى الورثة، سواء عيّنها الميّت أم لا، و الأحوط (2) صرف الكبار حصتهم في وجوه البرّ.

[مسألة 58: الأقوى وجوب الاستئجار عن الميّت من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن

مسألة 58: الأقوى وجوب الاستئجار عن الميّت من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن، و إلّا فمن الأقرب إليه فالأقرب، و الأحوط الاستئجار من البلد مع سعة المال، و إلّا فمن الأقرب إليه فالأقرب، لكن لا يحسب الزائد على أُجرة الميقاتية على صغار الورثة. و لو أوصى بالبلدي يجب، و يحسب الزائد على أُجرة الميقاتية من الثلث (3). و لو أوصى و لم يعيّن شيئاً كفت (4) الميقاتية، إلّا إذا كان هناك انصراف إلى البلدية، أو قامت قرينة على إرادتها،

فحينئذ تكون الزيادة على الميقاتية من الثلث (5)، و لو زاد على الميقاتية و نقص عن البلدية يستأجر من الأقرب إلى بلده فالأقرب على الأحوط (6). و لو لم يمكن الاستئجار إلّا من البلد وجب، و جميع مصرفه من الأصل.

[مسألة 59: لو أوصى بالبلدية، أو قلنا بوجوبها مطلقاً]

مسألة 59: لو أوصى بالبلدية، أو قلنا بوجوبها مطلقاً، فخولف و استوجر من (1) الأحوط الأولى الإبقاء، كما مرّ. (2) الأولى. (3) بل من أصل التركة. (4) بل يجب من البلد، و الأقرب إليه فالأقرب. (5) بل من الأصل كما تقدّم. (6) بل على الأقوى.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 369

الميقات و أتى به، أو تبرّع عنه متبرّع منه برأت ذمّته و سقط الوجوب من البلد. و كذا لو لم يسع المال إلّا من الميقات، و لو عيّن الاستئجار من محلّ غير بلده تعيّن، و الزيادة على الميقاتية من الثلث. و لو استأجر الوصي أو الوارث من البلد مع عدم الإيصاء (1) بتخيّل عدم كفاية الميقاتية، ضمن ما زاد على الميقاتية للورثة أو لبقيّتهم.

[مسألة 60: لو لم تف التركة بالاستئجار من الميقات إلّا الاضطراري منه

مسألة 60: لو لم تف التركة بالاستئجار من الميقات إلّا الاضطراري منه، كمكّة أو أدنى الحِلّ وجب (2). و لو دار الأمر بينه و بين الاستئجار من البلد قدّم الثاني و يخرج من أصل التركة، و لو لم يمكن إلّا من البلد وجب. و إن كان عليه دين أو خمس أو زكاة يوزّع بالنسبة لو لم يكف التركة.

[مسألة 61: يجب الاستئجار عن الميّت في سنة الفوت

مسألة 61: يجب الاستئجار عن الميّت في سنة الفوت و لا يجوز التأخير عنها، خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير. و لو لم يمكن إلّا من البلد وجب و خرج من الأصل، و إن أمكن من الميقات في السنين الأُخر. و كذا لو أمكن من الميقات بأزيد من الأُجرة المتعارفة في سنة الفوت وجب و لا يؤخّر، و لو أهمل الوصي أو الوارث فتلفت التركة ضمن، و لو لم يكن للميّت تركة لم يجب على الورثة حجّه، و إن استحب (3) على وليّه.

[مسألة 62: لو اختلف تقليد الميّت و من كان العمل وظيفته في اعتبار البلدي و الميقاتي

مسألة 62: لو اختلف تقليد الميّت و من (4) كان العمل وظيفته في اعتبار البلدي و الميقاتي، فالمدار تقليد الثاني، و مع التعدّد و الاختلاف يرجع إلى الحاكم. و كذا لو اختلفا في أصل وجوب الحج و عدمه، فالمدار هو الثاني، و مع التعدّد و الاختلاف (1) و لو بنحو الإطلاق. (2) محل إشكال. (3) في الاستحباب إشكال إلّا من جهة الإحسان، كما في المتبرّع. (4) أي سواء كان وارثاً أم وصيّاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 370

فالمرجع هو الحاكم. و كذا (1) لو لم يعلم فتوى مجتهده، أو لم يعلم مجتهده، أو لم يكن مقلِّداً، أو لم يعلم أنّه كان مقلّداً أم لا، أو كان مجتهداً و اختلف رأيه مع متصدّي العمل، أو لم يعلم رأيه.

[مسألة 63: لو علم استطاعته مالًا، و لم يعلم تحقّق سائر الشرائط]

مسألة 63: لو علم استطاعته مالًا، و لم يعلم تحقّق سائر الشرائط، و لم يكن أصل محرز لها لا يجب القضاء عنه. و لو علم استقراره عليه و شك في إتيانه يجب القضاء عنه. و كذا لو علم بإتيانه فاسداً. و لو شك في فساده يحمل على الصحّة.

[مسألة 64: يجب استئجار من كان أقلّ أُجرةً مع إحراز صحّة عمله و عدم رضا الورثة، أو وجود قاصر فيهم

مسألة 64: يجب استئجار من كان أقلّ أُجرةً مع إحراز صحّة عمله و عدم رضا الورثة، أو وجود قاصر فيهم. نعم، لا يبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص عنه، و إن كان أحوط.

[مسألة 65: من استقرّ عليه الحج و تمكّن من أدائه ليس له أن يحج عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة]

مسألة 65: من استقرّ عليه الحج و تمكّن من أدائه ليس له أن يحج عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة، و كذا ليس أن يتطوّع به، فلو خالف ففي صحته إشكال، بل لا يبعد (2) البطلان، من غير فرق بين علمه بوجوبه عليه و عدمه، و لو لم يتمكّن منه صحّ عن الغير، و لو آجر نفسه مع تمكّن حج نفسه بطلت (3) الإجارة، و إن كان جاهلًا بوجوبه عليه.

[القول في الحج بالنذر و العهد و اليمين

اشارة

القول في الحج بالنذر و العهد و اليمين

[مسألة 1: يشترط في انعقادها البلوغ و العقل و القصد و الاختيار]

مسألة 1: يشترط في انعقادها البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، فلا تنعقد من الصبي و إن بلغ عشراً، و إن صحّت العبادات منه، و لا من المجنون و الغافل (1) أي يكون المدار على تقليد متصدّي العمل. (2) و الظاهر الصحّة. (3) الظاهر هي الصحّة أيضاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 371

و الساهي و السكران و المُكْرَه، و الأقوى صحّتها من الكافر المقرّ باللَّه تعالى، بل و ممّن يحتمل وجوده تعالى و يقصد القربة (1) رجاءً فيما يعتبر قصدها.

[مسألة 2: يعتبر في انعقاد يمين الزوجة و الولد إذن الزوج و الوالد]

مسألة 2: يعتبر في انعقاد يمين الزوجة و الولد إذن الزوج و الوالد، و لا تكفي (2) الإجازة بعده، و لا يبعد عدم الفرق بين فعل واجب أو ترك حرام و غيرهما، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط فيهما، بل لا يترك، و يعتبر (3) إذن الزوج في انعقاد نذر الزوجة. و أمّا نذر الولد فالظاهر عدم اعتبار إذن والده فيه، كما أنّ انعقاد العهد لا يتوقف على إذن أحد على الأقوى، و الأقوى شمول الزوجة للمنقطعة، و عدم شمول الولد لولد الولد، و لا فرق في الولد بين الذكر و الأُنثى، و لا تلحق الأُمّ بالأب، و لا الكافر بالمسلم.

[مسألة 3: لو نذر الحج من مكان معيّن فحجّ من غيره لم تبرأ ذمّته

مسألة 3: لو نذر الحج من مكان معيّن فحجّ من غيره لم تبرأ ذمّته، و لو عيّنه في سنة فحجّ فيها من غير ما عيّنه وجبت عليه الكفّارة. و لو نذر أن يحجّ حجّة الإسلام من بلد كذا فحج من غيره صحّ و وجبت الكفّارة. و لو نذر أن يحجّ في سنة معيّنة لم يجز التأخير، فلو أخّر مع التمكّن عصى و عليه القضاء و الكفّارة. و لو لم يقيّده بزمان جاز التأخير إلى ظنّ (4) الفوت. و لو مات بعد تمكّنه يقضى عنه من أصل التركة على الأقوى. و لو نذر و لم يتمكّن من أدائه حتى مات لم يجب القضاء عنه. و لو نذر معلّقاً على أمر و لم يتحقّق المعلّق عليه حتى مات لم يجب القضاء عنه. (1) الظاهر ارتباطه بخصوص من يحتمل، و معنى قصد القربة رجاءً أنّه حيث يعتبر في صيغة النذر اشتمالها على الالتزام للَّه تعالى، و المفروض أنّه شاكّ في وجوده، ففي الحقيقة يرجع نذره إلى أنّه لو

كان اللَّه موجوداً فله عليّ كذا، و ليس المراد من قصد القربة رجاءً ما يكون جارياً في سائر العبادات، كمن يغتسل للجنابة باحتمالها رجاءً. (2) محل إشكال. (3) على الأحوط، سيّما في نذر المال. (4) بمعنى الاطمئنان، لا مطلق الظن.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 372

نعم، لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط فمات قبل حصوله، و حصل بعد موته مع تمكّنه قبله، فالظاهر وجوب القضاء عنه. كما أنّه لو نذر إحجاج شخص في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء و الكفّارة، و إن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة. و كذا لو نذر إحجاجه مطلقاً، أو معلّقاً على شرط و قد حصل و تمكّن (1) منه و ترك حتى مات.

[مسألة 4: لو نذر المستطيع أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد و يكفيه إتيانها]

مسألة 4: لو نذر المستطيع أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد و يكفيه إتيانها، و لو تركها حتى مات وجب القضاء عنه و الكفّارة من تركته. و لو نذرها غير المستطيع انعقد و يجب عليه تحصيل الاستطاعة، إلّا أن يكون نذره الحج بعد الاستطاعة.

[مسألة 5: لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية]

مسألة 5: لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية، بل يجب مع القدرة العقلية، إلّا إذا كان حرجيّا أو موجباً لضرر نفسي، أو عرضي، أو مالي إذا لزم منه الحرج.

[مسألة 6: لو نذر حجّا غير حجّة الإسلام في عامها و هو مستطيع انعقد]

مسألة 6: لو نذر حجّا غير حجّة الإسلام في عامها و هو مستطيع انعقد، لكن تقدّم حجّة الإسلام، و لو زالت الاستطاعة يجب عليه الحج النذري، و لو تركهما لا يبعد وجوب الكفّارة. و لو نذر حجاً في حال عدمها ثمّ استطاع يقدّم حجّة الإسلام، و لو كان نذره مضيّقاً، و كذا لو نذر إتيانه فوراً ففوراً تقدّم حجّة الإسلام و يأتي به في العام القابل. و لو نذر حجّا من غير تقييد و كان مستطيعاً، أو حصل الاستطاعة بعده و لم يكن انصراف، فالأقرب كفاية حج واحد عنهما مع قصدهما، لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط (2) في صورة عدم قصد التعميم لحجّة الإسلام، بإتيان كلّ واحد مستقلا مقدّماً لحجة الإسلام. (1) و مع عدم التمكّن في جميع فروض نذر الإحجاج لا يجب القضاء عليه، و لا عنه، كما في نذر الحج بنفسه. (2) لا بأس بتركه مطلقاً.

[مسألة 7: يجوز الإتيان بالحج المندوب قبل الحج النذري الموسّع

مسألة 7: يجوز الإتيان بالحج المندوب قبل الحج النذري الموسّع، و لو خالف في المضيّق و أتى بالمستحب صحّ و عليه الكفّارة.

[مسألة 8: لو علم أنّ على الميّت حجّا و لم يعلم أنّه حجّة الإسلام

مسألة 8: لو علم أنّ على الميّت حجّا و لم يعلم أنّه حجّة الإسلام أو حج النذر وجب قضاؤه عنه، من غير تعيين و لا كفّارة عليه. و لو تردّد ما عليه بين ما بالنذر أو الحلف مع الكفّارة وجبت الكفّارة أيضاً، و يكفي الاقتصار على إطعام عشرة مساكين، و الأحوط (1) الستين.

[مسألة 9: لو نذر المشي في الحج انعقد حتى في مورد أفضلية الركوب

مسألة 9: لو نذر المشي في الحج انعقد حتى في مورد أفضلية الركوب. و لو نذر الحج راكباً انعقد (2) و وجب، حتى لو نذر في مورد يكون المشي أفضل، و كذا لو نذر المشي في بعض الطريق، و كذا لو نذر الحج حافياً. و يشترط في انعقاده تمكّن الناذر و عدم تضرّره (3) بهما، و عدم كونهما حرجيين، فلا ينعقد مع أحدها لو كان في الابتداء، و يسقط الوجوب لو عرض في الأثناء. و مبدأ المشي أو الحفاء تابع للتعيين (4) و لو انصرافاً، و منتهاه رمي الجمار مع عدم التعيين.

[مسألة 10: لا يجوز لمن نذره ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر و نحوه

مسألة 10: لا يجوز لمن نذره ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر و نحوه، و لو اضطرّ إليه لمانع في سائر الطرق سقط، و لو كان كذلك من الأوّل لم ينعقد، و لو كان في طريقه نهر أو شط لا يمكن العبور إلّا بالمركب يجب أن يقوم فيه على الأقوى. (1) لا يترك. (2) و أمّا لو نذر الركوب في الحج فلا ينعقد إلّا في مورد رجحان الركوب، كما أنّ انعقاد نذر المشي حافياً في الحج محلّ إشكال؛ لوجود رواية صحيحة على خلافه، بخلاف نذر الحج حافياً. (3) لا يقدح التضرّر في انعقاد النذر. (4) و مع عدم التعيين و لو كذلك يكون المبدأُ أيّ مكان يريد منه السفر إلى الحج.

[مسألة 11: لو نذر الحج ماشياً فلا يكفي عنه الحج راكباً]

مسألة 11: لو نذر الحج ماشياً فلا يكفي عنه الحج راكباً، فمع كونه موسّعاً يأتي به، و مع كونه مضيّقاً يجب الكفّارة لو خالف دون القضاء (1). و لو نذر المشي في حجّ معيّن و أتى به راكباً صحّ (2) و عليه الكفّارة دون القضاء، و لو ركب بعضاً دون بعض فبحكم ركوب الكلّ.

[مسألة 12: لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره يجب عليه الحج راكباً مطلقاً]

مسألة 12: لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره يجب عليه الحج راكباً مطلقاً، سواء كان مقيّداً بسنة أم لا مع اليأس عن التمكّن بعدها أم لا. نعم، لا يترك الاحتياط (3) بالإعادة في صورة الإطلاق، مع عدم اليأس من المكنة و كون العجز قبل الشروع في الذهاب إذا حصلت المكنة بعد ذلك، و الأحوط المشي بالمقدار الميسور، بل لا يخلو من قوّة، و هل الموانع الأُخر؛ كالمرض، أو خوفه، أو عدوّ، أو نحو ذلك بحكم العجز أو لا؟ وجهان، و لا يبعد التفصيل بين المرض و نحو العدوّ، باختيار الأوّل في الأوّل و الثاني في الثاني.

[القول في النيابة]

اشارة

القول في النيابة و هي تصحّ عن الميّت مطلقاً، و عن الحيّ في المندوب و بعض صور الواجب.

[مسألة 1: يشترط في النائب أُمور]

(مسألة 1: يشترط في النائب أُمور:

الأوّل: البلوغ على الأحوط، من غير فرق بين الإجاري و التبرّعي بإذن الوليّ أو لا، و في صحّتها في المندوب تأمّل. (1) الظاهر لزوم القضاء أيضاً. (2) كما أنّه يصحّ في الأوّلين أيضاً. (3) أي فيما إذا حجّ راكباً، و إلّا فالظاهر جواز التأخير لا لزوم الإعادة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 375

الثاني: العقل، فلا تصحّ من المجنون و لو أدوارياً في دور جنونه. و لا بأس (1) بنيابة السفيه.

الثالث: الإيمان.

الرابع: الوثوق بإتيانه (2)، و أمّا بعد إحراز ذلك فلا يعتبر الوثوق بإتيانه صحيحاً، فلو علم بإتيانه و شك في أنّه يأتي به صحيحاً صحّت الاستنابة و لو قبل العمل على الظاهر، و الأحوط اعتبار الوثوق بالصحة في هذه الصورة.

الخامس: معرفته بأفعال الحج و أحكامه، و لو بإرشاد معلّم حال كلّ عمل.

السادس (3): عدم اشتغال ذمّته بحج واجب عليه في ذلك العام، كما مرّ.

السابع: أن لا يكون معذوراً في ترك بعض الأعمال، و الاكتفاء بتبرّعه أيضاً مشكل.

[مسألة 2: يشترط في المنوب عنه الإسلام

مسألة 2: يشترط في المنوب عنه الإسلام (4)، فلا يصحّ من الكافر. نعم، لو فرض انتفاعه به بنحو إهداء الثواب فلا يبعد جواز الاستئجار لذلك، و لو مات مستطيعاً لا يجب على وارثه المسلم الاستئجار عنه. و يشترط كونه ميتاً، أو حياً عاجزاً في الحج الواجب، و لا يشترط (5) فيه البلوغ و العقل، فلو استقر على المجنون حال إفاقته ثمّ مات مجنوناً يجب الاستئجار عنه، و لا المماثلة بين النائب و المنوب عنه في الذكورة و الأُنوثة. و تصحّ استنابة الصرورة رجلًا كان أو امرأةً، عن رجل أو امرأة. (1) لكن لا تصح استنابته. (2) هذا الشرط إنّما يعتبر في الاستنابة لا في

أصل النيابة. (3) قد مرّ أنّه لا يعتبر ذلك، لا في النيابة و لا في الاستنابة. (4) بل الإيمان، كما في النائب. (5) محلّ تأمل.

[مسألة 3: يشترط في صحّة حج النيابي قصد النيابة و تعيين المنوب عنه في النية]

مسألة 3: يشترط في صحّة حج النيابي قصد النيابة و تعيين المنوب عنه في النية و لو إجمالًا لا ذكر اسمه، و إن كان مستحباً في جميع المواطن و المواقف، و تصحّ النيابة بالجعالة، كما تصحّ بالإجارة و التبرّع.

[مسألة 4: لا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلّا بإتيان النائب صحيحاً]

مسألة 4: لا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلّا بإتيان النائب صحيحاً. نعم، لو مات النائب بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ عنه، و إلّا فلا، و إن مات بعد الإحرام، و في إجراء الحكم في الحج التبرعي إشكال، بل في غير حجّة الإسلام لا يخلو من إشكال.

[مسألة 5: لو مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم يستحق تمام الأُجرة]

مسألة 5: لو مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم يستحق تمام الأُجرة إن كان أجيراً على تفريغ الذمّة كيف كان، و بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا كان أجيراً على نفس الأعمال المخصوصة و لم تكن المقدّمات داخلة في الإجارة، و لم يستحق شيئاً حينئذ إذا مات قبل الإحرام. و أمّا الإحرام (1)، فمع عدم الاستثناء داخل في العمل المستأجر عليه، و الذهاب إلى مكّة بعد الإحرام و إلى منى و عرفات غير داخل فيه، و لا يستحق به شيئاً، و لو كان المشي و المقدّمات داخلًا في الإجارة فيستحق بالنسبة إليه مطلقاً، و لو كان مطلوباً (2) من باب المقدّمة. هذا مع التصريح بكيفية الإجارة، و مع الإطلاق كذلك أيضاً، كما أنّه معه يستحق تمام الأُجرة لو أتى (1) الظاهر أنّ مراده (قدّس سرّه) من هذه العبارة فرض موت النائب بعد الإحرام و قبل دخول الحرم، و أنّه يستحقّ من الأُجرة بنسبة الإحرام، و إن لم يتحقّق الإجزاء، مع أنّ وقوع شي ء منها في مقابل مجرّد الإحرام محلّ تأمل و إشكال. (2) أي مطلوباً في الإجارة كذلك، و الظاهر عدم ملائمة عنوان المطلوبية من باب المقدمة مع المعاملة و المعاوضة، و أنّ الدخول إذا لم يكن بنحو الجزئية فتارة يكون بنحو الشرطية، و أُخرى بنحو القيدية، و الحكم فيهما عدم استحقاق شي ء من الأُجرة،

بخلاف صورة الجزئية.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 377

بالمصداق الصحيح العرفي، و لو كان فيه نقص ممّا لا يضرّ بالاسم. نعم، لو كان النقص شيئاً يجب قضاؤه فالظاهر أنّه عليه لا على المستأجر.

[مسألة 6: لو مات قبل الإحرام تنفسخ الإجارة]

مسألة 6: لو مات قبل الإحرام تنفسخ الإجارة (1) إن كانت للحج في سنة معيّنة مباشرة أو الأعم، مع عدم إمكان إتيانه في هذه السنة. و لو كانت مطلقة (2) أو الأعم من المباشرة في هذه السنة، و يمكن الإحجاج فيها يجب الإحجاج من تركته، و ليس هو مستحقاً لشي ء على التقديرين لو كانت الإجارة على نفس الأعمال فيما فعل.

[مسألة 7: يجب في الإجارة تعيين نوع الحج فيما إذا كان التخيير بين الأنواع

مسألة 7: يجب في الإجارة تعيين نوع الحج فيما إذا كان (3) التخيير بين الأنواع؛ كالمستحبي و المنذور المطلق مثلًا، و لا يجوز على الأحوط (4) العدول إلى غيره و إن كان أفضل، إلّا إذا أذن المستأجر، و لو كان ما عليه نوع خاصّ لا ينفع (5) الإذن بالعدول، و لو عدل مع الإذن يستحق الأُجرة المسمّاة في الصورة الأُولى، و أُجرة مثل (6) عمله في الثانية إن كان العدول (7) بأمره، و لو عدل في الصورة (1) مطلقاً إن كانت على نفس الأعمال، و بالنسبة إليها فقط إن كانت عليها و على المقدّمات. (2) مع اعتبار قيد المباشرة تنفسخ الإجارة بالموت، و لو كانت مطلقة غير مقيّدة بهذه السنة. (3) في العبارة تشويش؛ لأنّها توهم اختصاص وجوب تعيين النوع بصورة التخيير، مع أنّ الظاهر العموم. (4) بل على الأقوى. (5) أي في براءة ذمّة المستأجر، و أمّا بالإضافة إلى الأجير و ما يتعلّق بعقد الإجارة فالإذن ينفع، و مقتضاه جواز العدول و استحقاق الأُجرة المسمّاة، كما في صورة التخيير. (6) مرّ استحقاق الأُجرة المسمّاة. (7) بعد كون المفروض هو العدول مع الإذن لا يبقى مجال للتكرار، لأنّ الظاهر عدم كون المراد بالأمر أمراً زائداً على الإذن.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 378

الاولى بدون الرضا صحّ

عن المنوب عنه، و الأحوط (1) التخلّص بالتصالح في وجه الإجارة إذا كان التعيين على وجه القيديّة، و لو كان على وجه الشرطية فيستحق، إلّا إذا فسخ المستأجر الإجارة فيستحق اجرة المثل لا المسمّاة.

[مسألة 8: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحجّ البلدي

مسألة 8: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحجّ البلدي، لكن لو عيّن لا يجوز العدول عنه إلّا مع إحراز أنّه لا غرض له في الخصوصية، و إنّما ذكرها على المتعارف و هو راض به، فحينئذ لو عدل يستحق تمام الأُجرة. و كذا لو أسقط حق التعيين (2) بعد العقد، و لو كان الطريق المعيّن معتبراً في الإجارة فعدل عنه صحّ الحجّ عن المنوب عنه، و برأت ذمته إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصية الطريق المعيّن، و لا يستحق الأجير شيئاً لو كان اعتباره على وجه القيدية؛ بمعنى أنّ الحج المتقيد بالطريق الخاص كان مورداً للإجارة، و يستحقّ من المسمّى بالنسبة، و يسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة على وجه الجزئية.

[مسألة 9: لو آجر نفسه للحج المباشري عن شخص في سنة معيّنة ثمّ آجر عن آخر فيها مباشرة]

مسألة 9: لو آجر نفسه للحج المباشري عن شخص في سنة معيّنة ثمّ آجر عن آخر فيها مباشرة بطلت الثانية (3)، و لو لم يشترط فيهما أو في إحداهما المباشرة صحّتا، و كذا مع توسعتهما أو توسعة إحداهما أو إطلاقهما أو إطلاق إحداهما لو لم يكن انصراف منهما إلى التعجيل، و لو اقترنت الإجارتان في وقت واحد بطلتا مع التقييد بزمان واحد و مع قيد المباشرة فيهما.

[مسألة 10: لو آجر نفسه للحج في سنة معيّنة]

مسألة 10: لو آجر نفسه للحج في سنة معيّنة لا يجوز له التأخير و التقديم إلّا برضا المستأجر، و لو أخّر فلا يبعد تخيّر المستأجر بين الفسخ و مطالبة الأُجرة المسمّاة، و بين عدمه و مطالبة اجرة المثل، من غير فرق بين كون التأخير لعذر أو (1) و الظاهر عدم استحقاقه شيئاً إذا كان على وجه القيدية. (2) الظاهر أنّ المراد به الحقّ الثابت بسبب الاشتراط. (3) محل إشكال، إلّا إذا كان البطلان بمعنى الفضولية.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 379

لا. هذا إذا كان على وجه التقييد، و إن كان على وجه الاشتراط فللمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى الأُجرة المسمّاة، و إلّا فعلى الموجر أن يأتي به في سنة أُخرى، و يستحق الأُجرة المسمّاة، و لو أتى به مؤخّراً لا يستحقّ الأُجرة على الأوّل، و إن برأت ذمّة المنوب عنه به، و يستحقّ المسمّاة على الثاني، إلّا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أُجرة المثل، و إن أطلق و قلنا بوجوب التعجيل لا يبطل مع الإهمال، و في ثبوت الخيار للمستأجر و عدمه تفصيل (1).

[مسألة 11: لو صدّ الأجير أو أُحصر كان حكمه كالحاج عن نفسه فيما عليه من الأعمال

مسألة 11: لو صدّ الأجير أو أُحصر كان حكمه كالحاج عن نفسه فيما عليه من الأعمال، و تنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة، و يبقى الحج على ذمّته مع الإطلاق، و للمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبارها على وجه الاشتراط في ضمن العقد، و لا يجزئ عن المنوب عنه، و لو كان ذلك بعد الإحرام و دخول الحرم. و لو ضمن الموجر الحج في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، و يستحقّ الأُجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال على التفصيل المتقدّم.

[مسألة 12: ثوبا الإحرام و ثمن الهدي على الأجير إلّا مع الشرط]

مسألة 12: ثوبا الإحرام و ثمن الهدي على الأجير إلّا مع الشرط، و كذا لو أتى بموجب كفّارة فهو من ماله.

[مسألة 13: إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل

مسألة 13: إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل؛ بمعنى الحلول في مقابل الأجل لا بمعنى الفورية بشرط عدم انصراف إليها، فحينئذ حالها حال البيع، فيجوز للمستأجر المطالبة و تجب المبادرة معها، كما أنّ إطلاقها يقتضي (2) المباشرة، (1) يرجع إلى أنّ التعجيل إذا كان بمعنى الفورية فمرجعه إلى ثبوتها على نحو القيدية أو الاشتراط، و التخلّف يوجب الخيار بالنحو المذكور، و إذا كان بمعنى الحلول فلا يترتّب على إهماله إلّا مجرّد مخالفة حكم تكليفي فقط. (2) هذا ينافي مع إطلاق ما تقدّم في المسألة التاسعة من أنّه مع عدم اشتراط المباشرة في الإجارتين أو في إحداهما صحّتا، فإنّ مقتضى ما هنا أنّه تبطل الثانية.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 380

فلا يجوز للأجير أن يستأجر غيره إلّا مع الإذن.

[مسألة 14: لو قصرت الأُجرة لا يجب على المستأجر إتمامها]

مسألة 14: لو قصرت الأُجرة لا يجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت ليس له الاسترداد.

[مسألة 15: يملك الأجير الأُجرة بالعقد]

مسألة 15: يملك الأجير الأُجرة بالعقد، لكن لا يجب تسليمها إلّا بعد العمل لو لم يشترط التعجيل، و لم تكن قرينة على إرادته من انصراف أو غيره، كشاهد حال و نحوه، و لا فرق في عدم وجوبه بين أن تكون عيناً أو ديناً، و لو كانت عيناً فنماؤها للأجير، و لا يجوز للوصيّ و الوكيل التسليم قبله إلّا بإذن من الموصي أو الموكِّل، و لو فعلا كانا ضامنين على تقدير (1) عدم العمل من المؤجر، أو كون عمله باطلًا، و لا يجوز للوكيل اشتراط (2) التعجيل بدون إذن الموكِّل، و للوصي اشتراطه إذا تعذّر بغير ذلك، و لا ضمان عليه مع التسليم إذا تعذّر، و لو لم يقدر الأجير على العمل كان للمستأجر خيار الفسخ، و لو بقي على هذا الحال حتى انقضى الوقت فالظاهر انفساخ العقد، و لو كان المتعارف تسليمها أو تسليم مقدار منها قبل الخروج يستحقّ الأجير مطالبتها على المتعارف في صورة الإطلاق، و يجوز للوكيل و الوصي دفع ذلك من غير ضمان.

[مسألة 16: لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج تمتّعاً]

مسألة 16: لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج (3) تمتّعاً و كانت وظيفته العدول إلى الإفراد عمّن عليه حجّ التمتّع، و لو استأجره في سعة الوقت ثمّ اتفق الضيق فالأقوى وجوب العدول، و الأحوط (4) عدم إجزائه عن المنوب عنه.

[مسألة 17: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب مطلقاً و المندوب

مسألة 17: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب مطلقاً و المندوب، بل (1) بل بمجرّد التسليم، غاية الأمر أنّ وقوع العمل الصحيح من الأجير يرفع الضمان. (2) أي قبول شرط التعجيل. (3) أي عن الإتيان به كذلك، لأنّه لا يعقل الاستئجار بعد الشروع. (4) لا بأس بتركه.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 381

يجوز التبرّع عنه بالمندوب، و إن كان عليه الواجب حتى قبل الاستئجار له. و كذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب مطلقاً، و قد مرّ حكم الحيّ في الواجب. و أمّا المندوب فيجوز التبرّع عنه كما يجوز الاستئجار له، حتى إذا كان عليه حجّ واجب لا يتمكّن من أدائه فعلًا، بل مع تمكّنه أيضاً، فجواز الاستئجار للمندوب قبل أداء الواجب إذا لم يخل (1) بالواجب لا يخلو من قوّة. كما أنّ الأقوى (2) صحة التبرّع عنه.

[مسألة 18: لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد في الحجّ الواجب

مسألة 18: لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد في الحجّ الواجب، إلّا إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر (3) كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحج، و يجوز في المندوب كما يجوز بعنوان إهداء الثواب.

[مسألة 19: يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحج المندوب تبرّعاً أو بالإجارة]

مسألة 19: يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحج المندوب تبرّعاً أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الحج الواجب أيضاً، كما إذا كان على الميّت حجّان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام و النذر، أو متّحدان نوعاً كحجّتين للنذر، و أمّا استنابة الحج النذري للحيّ المعذور فمحلّ إشكال كما مرّ (4). و كذا يجوز إن كان أحدهما واجباً و الآخر مستحباً، بل يجوز استئجار أجيرين لحج واجب واحد، كحجّة الإسلام في عام واحد، فيصح قصد الوجوب من كلّ منهما، و لو كان أحدهما أسبق شروعاً، لكنّهما يراعيان التقارن في الختم. (1) بل إذا أخلّ يكون الاستئجار صحيحاً من جهة الحكم الوضعي، كما أنّ عمل الأجير كذلك. (2) هو تكرار لقوله: «و أمّا المندوب فيجوز التبرّع عنه»، إلّا أن يكون المراد من الأوّل هو الجواز في الجملة، و من الثاني هي الصحة، و لو كان عليه حج واجب مطلقاً، و لا مجال هنا لصورة استثناء ما إذا أخلّ بالواجب. (3) صحة هذا النذر محل إشكال. (4) الظاهر أنّه لم يمرّ هذا الفرض، كما أنّ الظاهر لا إشكال في صحّتها.

[الوصية بالحجّ

اشارة

الوصية بالحج

[مسألة 1: لو أوصى بالحج أُخرج من الأصل لو كان واجباً]

مسألة 1: لو أوصى بالحج أُخرج من الأصل لو كان واجباً، إلّا أن يصرّح بخروجه من الثلث فاخرج منه، فإن لم يف أُخرج الزائد من الأصل. و لا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام و الحج النذري و الإفسادي (1). و أُخرج من الثلث لو كان ندبيّاً. و لو لم يعلم كونه واجباً أو مندوباً، فمع قيام قرينة أو تحقّق انصراف فهو، و إلّا فيخرج من الثلث، إلّا أن يعلم وجوبه عليه سابقاً و شك في أدائه فمن الأصل.

[مسألة 2: يكفي الميقاتي، سواء كان الموصى به واجباً أو مندوباً]

مسألة 2: يكفي الميقاتي، سواء كان الموصى به واجباً أو مندوباً، لكن الأوّل من الأصل، و الثاني من الثلث. و لو أوصى بالبلدية فالزائد على أُجرة الميقاتية من الثلث في الأوّل و تمامها منه في الثاني.

[مسألة 3: لو لم يعيّن الأُجرة فاللازم على الوصي مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم الاقتصار على اجرة المثل

مسألة 3: لو لم يعيّن الأُجرة فاللازم على الوصي مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم الاقتصار على اجرة المثل. نعم، لغير القاصر أن يؤدّي لها من سهمه بما شاء. و لو كان هناك من يرضى بالأقل منها وجب على الوصي استئجاره مع الشرط المذكور، و يجب الفحص عنه على الأحوط، مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لا يخلو من قوّة، خصوصاً مع الظن بوجوده. نعم، الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ. و لو وجد متبرّع عنه يجوز (2) الاكتفاء به؛ بمعنى (1) و كذا الحج الاستئجاري مع التصريح بعدم مدخلية قيد المباشرة، فإنّه يجب على الأجير، و مع عدم الإتيان به يوصي به. (2) فيما إذا كان الموصى به هو الحجّ الواجب، و أمّا في الحج المستحب فلا يجوز الاكتفاء به، بل يجب الاستئجار، و لو مع إتيان المتبرّع به خارجاً صحيحاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 383

عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار، بل هو الأحوط مع وجود قاصر في الورثة، فإن أتى به صحيحاً كفى، و إلّا وجب الاستئجار، و لو لم يوجد من يرضى بأُجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد لو كان الحج واجباً، و لا يجوز التأخير إلى العام القابل، و لو مع العلم بوجود من يرضى بأُجرة المثل أو الأقل، و كذا لو أوصى بالمبادرة في الحج المندوب. و لو عيّن الموصي مقداراً للأُجرة تعيّن و خرج من الأصل في الواجب إن

لم يزد على اجرة المثل، و إلّا فالزيادة من الثلث. و في المندوب كلّه من الثلث، فلو لم يكف ما عيّنه للحج فالواجب التتميم من الأصل في الحج الواجب، و في المندوب تفصيل (1).

[مسألة 4: يجب الاقتصار على استئجار أقلّ الناس اجرة]

مسألة 4: يجب الاقتصار على استئجار أقلّ الناس اجرة، مع عدم رضا الورثة أو وجود القاصر فيهم، و الأحوط لكبار الورثة أن يستأجروا ما يناسب حال الميّت شرفاً.

[مسألة 5: لو أوصى و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن

مسألة 5: لو أوصى و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، و لو لم يعيّن كفى حجّ واحد إلّا مع قيام قرينة على إرادته التكرار. و لو أوصى بالثلث و لم يعيّن إلّا الحج لا يبعد لزوم صرفه في الحج. و لو أوصى بتكرار الحج كفى مرّتان إلّا أن تقوم قرينة على الأزيد. و لو أوصى في الحج الواجب و عيّن أجيراً معيّناً تعيّن، فإن كان لا يقبل إلّا بأزيد من اجرة المثل خرجت الزيادة من الثلث إن أمكن، و إلّا بطلت الوصية و استوجر غيره بأُجرة المثل، إلّا أن يأذن الورثة، و كذا في نظائر المسألة. و لو أوصى في المستحب خرج من الثلث، فإن لم يقبل إلّا بالزيادة منه بطلت، فحينئذ إن كانت وصية بنحو تعدّد المطلوب يستأجر غيره منه و إلّا بطلت.

[مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحج سنين معيّنة]

مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحج سنين معيّنة، و عيّن لكلّ (1) يأتي في ذيل المسألة الخامسة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 384

سنة مقداراً معيّناً، و اتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة صرف نصيب سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلًا و هكذا، و لو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة و لو من الميقات فالأوجه صرفها في وجوه البرّ. و لو كان الموصى به الحج من البلد، و دار الأمر بين جعل اجرة سنتين مثلًا لسنة، و بين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكلّ سنة، يتعيّن الأوّل. هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج بذلك المقدار على وجه التقييد، و إلّا فتبطل الوصية، إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير، أو كانت مقيّدة بسنين معيّنة.

[مسألة 7: لو أوصى و عيّن الأُجرة في مقدار]

مسألة 7: لو أوصى و عيّن الأُجرة في مقدار، فإن كان واجباً و لم يزد على اجرة المثل، أو زاد و كفى ثلثه بالزيادة، أو أجاز الورثة تعيّن، و إلّا بطلت و يرجع إلى أُجرة المثل (1).

و إن كان مندوباً فكذلك مع وفاء الثلث به، و إلّا فبقدر وفائه إذا كان التعيين لا على وجه التقييد. و إن لم يف به حتى من الميقات و لم يأذن الورثة، أو كان على وجه التقييد بطلت.

[مسألة 8: لو عيّن للحج اجرة لا يرغب فيها أحد و لو للميقاتي

مسألة 8: لو عيّن للحج اجرة لا يرغب فيها أحد و لو للميقاتي، و كان الحج مستحباً بطلت الوصية إن لم يرج وجود راغب فيها، و تصرف في وجوه البرّ، إلّا إذا علم كونه على وجه التقييد، فترجع إلى الوارث، من غير فرق في الصورتين بين التعذّر الطارئ و غيره، و من غير فرق بين ما لو أوصى بالثلث و عيّن له مصارف و غيره.

[مسألة 9: لو أوصى بأن يحج عنه ماشياً أو حافياً أو مع مركوب خاصّ صحّ

مسألة 9: لو أوصى بأن يحج عنه ماشياً أو حافياً أو مع مركوب خاصّ صحّ، و اعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً، و خروج الزائد عن اجرة الحج الميقاتي، و كذا التفاوت بين المذكورات و الحج المتعارف إن كان واجباً. و لو كان (1) بل إلى مقدار الثلث، و إن كان زائداً على اجرة المثل.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 385

عليه حج نذري ماشياً و نحوه خرج من أصل التركة، أوصى به أم لا. و لو كان نذره مقيّداً بالمباشرة فالظاهر عدم وجوب الاستئجار، إلّا (1) إذا أحرز تعدّد المطلوب.

[مسألة 10: لو أوصى بحجتين أو أزيد و قال: إنّها واجبة عليه صُدِّق و تخرج من أصل التركة]

مسألة 10: لو أوصى بحجتين أو أزيد و قال: إنّها واجبة عليه صُدِّق و تخرج من أصل التركة، إلّا أن يكون إقراره في مرض الموت و كان متّهماً فيه فتخرج من الثلث.

[مسألة 11: لو أوصى بما عنده من المال للحج ندباً و لم يعلم أنّه يخرج من الثلث أم لا]

مسألة 11: لو أوصى بما عنده من المال للحج ندباً و لم يعلم أنّه يخرج من الثلث أم لا لم يجز صرف جميعه، و لو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا، أو أنّه أوصى بذلك و أجازوا الورثة يسمع دعواه بالمعنى المعهود (2) في باب الدعاوي، لا بمعنى إنفاذ قوله مطلقاً.

[مسألة 12: لو مات الوصي بعد قبض اجرة الاستئجار من التركة و شك في استئجاره له قبل موته

مسألة 12: لو مات الوصي بعد قبض اجرة الاستئجار من التركة و شك في استئجاره له قبل موته، فإن كان الحج موسّعاً يجب الاستئجار من بقيّة التركة إن كان واجباً، و كذا إن لم تمض مدّة يمكن الاستئجار فيها، بل الظاهر وجوبه لو كان الوجوب فوريّاً و مضت مدّة يمكن الاستئجار فيها، و من بقيّة ثلثها إن كان مندوباً، و الأقوى عدم ضمانه لما قبض، و لو كان المال المقبوض موجوداً عنده أُخذ منه. نعم، لو عامل معه معاملة الملكية في حال حياته، أو عامل ورثته كذلك لا يبعد عدم جواز أخذه على إشكال، خصوصاً في الأوّل.

[مسألة 13: لو قبض الوصيّ الأُجرة و تلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً]

مسألة 13: لو قبض الوصيّ الأُجرة و تلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً، و وجب الاستئجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث، و إن اقتسمت استرجعت، و لو شك في أنّ تلفها كان عن تقصير أو لا لم يضمن. و لو مات الأجير قبل العمل و لم (1) الاستثناء في غير محلّه. (2) تفسير السماع بما ذكر خلاف مقصودهم، و يؤيّده أنّه على هذا التقدير لا يبقى مجال لاحتمال الخلاف.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 386

يكن له تركة، أو لم يمكن أخذها من ورثته يستأجر (1) من البقيّة أو بقيّة الثلث.

[مسألة 14: يجوز النيابة عن الميّت في الطواف الاستحبابي

مسألة 14: يجوز النيابة عن الميّت في الطواف الاستحبابي، و كذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة، أو حاضراً (2) و معذوراً عنه، و أمّا مع حضوره و عدم عذره فلا تجوز. و أمّا سائر الأفعال فاستحبابها مستقلا و جواز النيابة فيها غير معلوم حتى السعي، و إن يظهر (3) من بعض الروايات استحبابه.

[مسألة 15: لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها و كان عليه حجّة الإسلام

مسألة 15: لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها و كان عليه حجّة الإسلام، و علم أو ظنّ أنّ الورثة لا يؤدّون عنه إن ردّها إليهم وجب عليه أن يحج بها عنه، و إن زادت عن اجرة الحج ردّ الزيادة إليهم، و الأحوط (4) الاستئذان من الحاكم مع الإمكان، و الظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شي ء، و كذا عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه. و في إلحاق غير حجّة الإسلام بها من أقسام الحج الواجب، أو سائر الواجبات مثل الزكاة و نحوها إشكال. و كذا (5) في إلحاق غير الوديعة، كالعين المستأجرة و العارية و نحوهما، فالأحوط (6) إرجاع الأمر إلى الحاكم و عدم استبداده به، و كذا (7) الحال لو كان الوارث منكراً أو ممتنعاً و أمكن إثباته عند الحاكم أو أمكن إجباره، فيرجع في الجميع إلى الحاكم و لا يستبدّ به. (1) إذا كان أجيراً بقيد المباشرة حتى يكون موته موجباً لبطلان الإجارة، و إلّا فعلى ورثة الأجير. (2) في جواز النيابة عن الحاضر في الطواف المستحب و لو كان معذوراً تأمل و إشكال. (3) بل لا يظهر منه ذلك. (4) الأولى. (5) الظاهر إلحاق غير الوديعة بها. (6) في بعض الفروض، و في بعضها يجب الردّ إلى الوارث. (7) و هو ناظر إلى أصل

المسألة، و الفرق إمكان الإثبات أو الإجبار هنا دونه، و عليه فالمراد بالإمكان هناك هو أصل وجود الحاكم و إمكان الرجوع إليه.

[مسألة 16: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه و عن غيره

مسألة 16: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه و عن غيره، و كذا يجوز أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه و عن غيره.

[مسألة 17: يجوز لمن أعطاه رجل مالًا لاستئجار الحج أن يحج بنفسه

مسألة 17: يجوز لمن أعطاه رجل مالًا لاستئجار الحج أن يحج بنفسه ما لم يعلم أنّه أراد الاستئجار من الغير، و لو بظهور لفظه في ذلك، و مع الظهور لا يجوز التخلّف إلّا مع الاطمئنان بالخلاف، بل الأحوط عدم مباشرته إلّا مع العلم (1) بأنّ مراد المعطي حصول الحج في الخارج. و إذا عيّن شخصاً تعيّن إلّا (2) إذا علم عدم أهليّته و أنّ المعطي مشتبه في ذلك، أو أنّ ذكره (3) من باب أحد الأفراد.

[القول في الحجّ المندوب

اشارة

القول في الحجّ المندوب

[مسألة 1: يستحب لفاقد الشرائط من البلوغ و الاستطاعة و غيرهما أن يحج مهما أمكن

مسألة 1: يستحب لفاقد الشرائط من البلوغ و الاستطاعة و غيرهما أن يحج مهما أمكن، و كذا من أتى بحجة الواجب، و يستحب تكراره بل في كلّ سنة، بل يكره تركه خمس سنين متوالية. و يستحب نية العود إليه عند الخروج من مكّة، و يكره نية عدمه.

[مسألة 2: يستحب التبرّع بالحج عن الأقارب و غيرهم

مسألة 2: يستحب التبرّع بالحج عن الأقارب و غيرهم، أحياءً و أمواتاً، و كذا عن المعصومين (عليهم السّلام) أحياءً و أمواتاً، و الطواف عنهم (عليهم السّلام) و عن غيرهم أمواتاً و أحياءً مع عدم حضورهم في مكّة أو كونهم معذورين (4). و يستحب إحجاج الغير (1) أو الاطمئنان مع عدم ظهور على خلافه. (2) ظاهره جواز التخلف هنا مع أنّه مشكل، و اللازم الرجوع إلى المعطي و إعلامه عدم أهليته، و مع فقدانه الرجوع إلى الحاكم. (3) هذا خارج عن صورة التعيين. (4) مرّ الإشكال في الحضور و لو كان مع العذر.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 388

استطاع أم لا، و يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.

[مسألة 3: يستحب لمن ليس له زاد و راحلة أن يستقرض و يحج

مسألة 3: يستحب لمن ليس له زاد و راحلة أن يستقرض و يحج إذا كان واثقاً بالوفاء.

[مسألة 4: يستحب كثرة الإنفاق في الحج

مسألة 4: يستحب كثرة الإنفاق في الحج، و الحج أفضل من الصدقة بنفقته.

[مسألة 5: لا يجوز الحج بالمال الحرام

مسألة 5: لا يجوز الحج بالمال الحرام، و يجوز بالمشتبه، كجوائز الظَّلمة مع عدم العلم بحرمتها.

[مسألة 6: يجوز إهداء ثواب الحج إلى الغير بعد الفراغ عنه

مسألة 6: يجوز إهداء ثواب الحج إلى الغير بعد الفراغ عنه، كما يجوز أن يكون ذلك من نيته قبل الشروع فيه.

[مسألة 7: يستحب لمن لا مال له يحجّ به أن يأتي به

مسألة 7: يستحب لمن لا مال له يحجّ به أن يأتي به و لو بإجارة نفسه عن غيره.

[القول في أقسام العمرة]

اشارة

القول في أقسام العمرة

[مسألة 1: تنقسم العمرة كالحج إلى واجب أصليّ و عرضي و مندوب

مسألة 1: تنقسم العمرة كالحج إلى واجب أصليّ و عرضي و مندوب، فتجب بأصل الشرع على كلّ مكلّف بالشرائط المعتبرة في الحج مرّة في العمر، و هي واجبة فوراً كالحج، و لا يشترط في وجوبها استطاعة الحج، بل تكفي استطاعتها فيه و إن لم يتحقق استطاعته، كما أنّ العكس كذلك، فلو استطاع للحج دونها وجب دونها.

[مسألة 2: تجزئ العمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة]

مسألة 2: تجزئ العمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة، و هل تجب على من وظيفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها، و لم يكن مستطيعاً للحج؟ المشهور عدمه، و هو الأقوى. و على هذا لا تجب على الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة، و إن كان مستطيعاً لها و هو في مكّة، و كذا لا تجب على من تمكّن منها و لم يتمكّن من الحج لمانع، لكن الأحوط الإتيان بها.

[مسألة 3: قد تجب العمرة بالنذر و الحلف و العهد، و الشرط في ضمن العقد، و الإجارة و الإفساد]

مسألة 3: قد تجب العمرة بالنذر و الحلف و العهد، و الشرط في ضمن العقد، و الإجارة و الإفساد، و إن كان إطلاق الوجوب عليها في غير الأخير مسامحة على ما هو التحقيق، و تجب أيضاً لدخول مكّة؛ بمعنى حرمته بدونها، فإنّه لا يجوز دخولها إلّا محرماً إلّا في بعض الموارد:

منها: من يكون مقتضى شغله الدخول و الخروج كراراً؛ كالحطّاب و الحشّاش، و أمّا استثناء مطلق من يتكرّر منه فمشكل.

و منها: غير ذلك؛ كالمريض و المبطون ممّا ذكر في محلّه، و ما عدا ذلك مندوب. و يستحب تكرارها كالحج، و اختلفوا (1) في مقدار الفصل بين العمرتين، و الأحوط (2) فيما دون الشهر الإتيان بها رجاءً.

أقسام العمرة و الحجّ

[القول في أقسام الحجّ

اشارة

القول في أقسام الحجّ و هي ثلاثة: تمتّع، و قران، و إفراد. و الأوّل فرض من كان بعيداً عن مكّة، و الآخران فرض من كان حاضراً؛ أي غير بعيد. و حدّ البعد ثمانية و أربعون ميلًا من كلّ جانب على الأقوى من مكّة، و من كان على نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظيفته التمتّع، و لو شك في أنّ منزله في الحدّ أو الخارج وجب (3) عليه الفحص، و مع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط. ثمّ إنّ ما مرّ إنّما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام، و أمّا الحج (1) و الظاهر هو اعتبار الفصل بعنوان الشهر، لا بمقداره و لا بعنوان آخر. (2) بل الأحوط الترك. (3) في وجوب الفحص مع الإمكان و رعاية الاحتياط مع عدمه إشكال، و لا يبعد القول بوجوب التمتّع مطلقاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 390

النذري و شبهه فله نذر (1) أيّ قسم شاء، و كذا حال شقيقيه. و أمّا الإفسادي فتابع لما أفسده.

[مسألة 1: مَن كان له وطنان أحدهما دون الحدّ و الآخر خارجه أو فيه

مسألة 1: مَن كان له وطنان أحدهما دون الحدّ و الآخر خارجه أو فيه لزمه فرض أغلبهما، لكن بشرط عدم إقامة سنتين بمكّة. فإن تساويا، فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين، و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و إن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة.

[مسألة 2: مَن كان من أهل مكّة و خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها]

مسألة 2: مَن كان من أهل مكّة و خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها فالأحوط (2) أن يأتي بفرض المكي، بل لا يخلو (3) من قوّة.

[مسألة 3: الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة]

مسألة 3: الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة، فإن كان ذلك بعد استطاعته و وجوب التمتّع عليه فلا إشكال (4) في بقاء حكمه، سواء كانت إقامته بقصد التوطن أو المجاورة و لو بأزيد من سنتين، و أمّا لو لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة فينقلب فرضه إلى فرض المكي بعد الدخول في السنة الثالثة، لكن بشرط أن تكون الإقامة بقصد المجاورة، و أمّا لو كان بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأوّل، و في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً، فتكفي في وجوبه استطاعته منها (5)، و لا يشترط فيه حصولها من بلده. و لو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكّة قبل مضي السنتين لكن بشرط وقوع (1) كما أنّه مع إطلاق النذر يتخيّر بين الأنواع الثلاثة. (2) الأولى. (3) بل التخيير بين الأنواع الثلاثة لا يخلو عن قوة. (4) في صورة التوطن و المجاورة بأزيد من سنتين يجري الإشكال. (5) الأولى أن يقال: إليها، كما أنّ الأولى أن يقال: إلى بلده، لأنّه لا فرق في المبدأ بين صورتي الانقلاب و عدمه.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 391

الحج على فرض المبادرة إليه قبل تجاوز السنتين فالظاهر أنّه كما لو حصلت في بلده، فيجب عليه التمتّع و لو بقيت إلى السنة الثالثة (1) أو أزيد. و أمّا المكّي إذا خرج إلى سائر الأمصار مجاوراً لها فلا يلحقه حكمها في تعيّن التمتّع (2) عليه، إلّا إذا توطّن و حصلت (3) الاستطاعة بعده، فيتعيّن عليه التمتّع

و لو في السنة الأُولى.

[مسألة 4: المقيم في مكّة لو وجب عليه التمتّع

مسألة 4: المقيم في مكّة لو وجب عليه التمتّع كما إذا كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه يجب عليه الخروج إلى الميقات لإحرام عمرة التمتّع، و الأحوط أن يخرج إلى مهلّ أرضه فيحرم منه، بل لا يخلو من قوّة (4)، و إن لم يتمكّن فيكفي الرجوع إلى أدنى الحلّ، و الأحوط الرجوع إلى ما يتمكّن من خارج الحرم ممّا هو دون الميقات، و إن لم يتمكّن من الخروج إلى أدنى الحلّ أحرم من موضعه، و الأحوط الخروج إلى ما يتمكّن.

[القول في صورة حجّ التمتّع إجمالًا]

اشارة

القول في صورة حجّ التمتّع إجمالًا و هي أن يحرم في أشهر الحج من إحدى المواقيت بالعمرة المتمتع بها إلى الحج، ثمّ يدخل مكّة المعظّمة فيطوف بالبيت سبعاً، و يصلّي عند مقام إبراهيم (عليه السّلام) ركعتين، ثمّ يسعى بين الصفا و المروة سبعاً، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً سبعاً ثمّ (1) محل تأمل، بل الظاهر الانقلاب في هذه الصورة أيضاً، لأنّ الملاك زمان العمل لا زمان الاستطاعة. (2) و إن كان يتخيّر بين الأنواع الثلاثة في بعض الفروض، كما مرّ في المسألة الثانية. (3) قد ظهر من الحاشية السابقة أنّ الملاك زمان العمل، و عليه فلا فرق في التوطّن بين حصول الاستطاعة بعدها أو قبلها. (4) في القوّة إشكال.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 392

ركعتين له، و إن كان الأقوى عدم وجوب طواف النساء و صلاته، ثمّ يقصّر فيحلّ عليه كلّ ما حرم عليه بالإحرام، و هذه صورة عمرة التمتّع التي هي أحد جزئي حجّه.

ثمّ ينشئ إحراماً للحج من مكّة المعظّمة في وقت يعلم أنّه يدرك الوقوف بعرفة، و الأفضل إيقاعه يوم التروية بعد صلاة الظهر، ثم يخرج إلى عرفات فيقف بها

من زوال يوم عرفة إلى غروبه، ثمّ يفيض منها و يمضي إلى المشعر فيبيت فيه، و يقف به بعد طلوع الفجر من يوم النحر إلى طلوع الشمس منه، ثمّ يمضي إلى منى لإعمال يوم النحر، فيرمي جمرة العقبة، ثمّ ينحر أو يذبح هديه، ثمّ يحلق إن كان صرورة على الأحوط، و يتخيّر غيره بينه و بين التقصير، و يتعيّن على النساء التقصير، فيحلّ بعد التقصير من كلّ شي ء إلّا النساء و الطيب، و الأحوط اجتناب الصيد أيضاً، و إن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام. نعم، يحرم عليه لحرمة الحرم، ثمّ يأتي إلى مكّة ليومه إن شاء، فيطوف طواف الحجّ و يصلّي ركعتيه و يسعى سعيه، فيحلّ له الطيب، ثمّ يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه فتحلّ له النساء، ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق؛ و هي الحادية عشرة و الثانية عشرة و الثالث عشرة.

و بيتوتة الثالث عشرة إنّما هي في بعض الصور كما يأتي، و يرمي في أيّامها الجمار الثلاث، و لو شاء لا يأتي إلى مكّة ليومه، بل يقيم بمنى حتى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر، و مثله يوم الثاني عشر، ثمّ ينفر بعد الزوال لو كان قد اتّقى النساء و الصيد، و إن أقام إلى النفر الثاني و هو الثالث عشر، و لو قبل الزوال لكن بعد الرمي جاز أيضاً، ثمّ عاد إلى مكّة للطوافين و السعي، و الأصحّ الاجتزاء بالطواف و السعي تمام ذي الحجة، و الأفضل الأحوط أن يمضي إلى مكّة يوم النحر، بل لا ينبغي التأخير لغده فضلًا عن أيّام التشريق إلّا لعذر.

[مسألة 1: يشترط في حج التمتّع أُمور]

اشارة

مسألة 1: يشترط في حج التمتّع أُمور:

[أحدها: النيّة]

أحدها: النيّة، أي قصد الإتيان بهذا النوع من الحج حين الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه و بين غيره لم يصحّ.

[ثانيها: أن يكون مجموع عمرته و حجّه في أشهر الحج

ثانيها: أن يكون مجموع عمرته و حجّه في أشهر الحج، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها. و أشهر الحج: شوّال، و ذو القعدة، و ذو الحجة بتمامه على الأصحّ.

[ثالثها: أن يكون الحج و العمرة في سنة واحدة]

ثالثها: أن يكون الحج و العمرة في سنة واحدة (1)، فلو أتى بالعمرة في سنة و بالحج في الأُخرى لم يصحّ و لم يُجزئ عن حج التمتّع، سواء أقام في مكّة إلى العام القابل أم لا، و سواء أحلّ من إحرام عمرته، أو بقي عليه إلى العام القابل.

[رابعها: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار]

رابعها: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار، و أمّا عمرته فمحل إحرامها المواقيت الآتية. و أفضل مواضعها المسجد، و أفضل مواضعه مقام إبراهيم (عليه السّلام) أو حجر إسماعيل (عليه السّلام). و لو تعذّر الإحرام من مكّة أحرم ممّا يتمكّن. و لو أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، و لو لم يتداركه بطل حجّه، و لا يكفيه العود إليها من غير تجديد، بل يجب أن يجدّده فيها؛ لأنّ إحرامه من غيرها كالعدم. و لو أحرم من غيرها جهلًا أو نسياناً وجب العود إليها و التجديد مع الإمكان، و مع عدمه جدّده في مكانه.

[خامسها: أن يكون مجموع العمرة و الحج من واحد و عن واحد]

خامسها: أن يكون مجموع العمرة و الحج من واحد و عن واحد، فلو استوجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أحدهما لعمرته و الآخر لحجّة لم يجزئ عنه، و كذا لو حجّ شخص و جعل عمرته عن شخص و حجّه عن آخر لم يصحّ.

[مسألة 2: الأحوط أن لا يخرج من مكّة بعد الإحلال عن عمرة التمتّع بلا حاجة]

مسألة 2: الأحوط أن لا يخرج من مكّة بعد الإحلال (2) عن عمرة التمتّع بلا حاجة، (1) أي في أشهر الحجّ من سنة واحدة. (2) بل في أثنائها أيضاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 394

و لو عرضته حاجة فالأحوط أن يحرم للحج من مكّة و يخرج لحاجته و يرجع مُحرماً لإعمال الحج، لكن لو خرج من غير حاجة و من غير إحرام، ثمّ رجع و أحرم و حجّ صحّ حجّه (1).

[مسألة 3: وقت الإحرام للحج موسّع

مسألة 3: وقت الإحرام للحج موسّع، فيجوز التأخير إلى وقت يدرك وقوف الاختياري من عرفة، و لا يجوز التأخير عنه، و يستحب الإحرام يوم التروية، بل هو أحوط.

[مسألة 4: لو نسي الإحرام و خرج إلى عرفات وجب الرجوع للإحرام من مكّة]

مسألة 4: لو نسي الإحرام و خرج إلى عرفات وجب الرجوع للإحرام من مكّة، و لو لم يتمكّن لضيق الوقت أو عذر أحرم من موضعه، و لو لم يتذكّر إلى تمام الأعمال صحّ حجّه. و الجاهل بالحكم في حكم الناسي. و لو تعمّد ترك الإحرام إلى زمان فوت الوقوف بعرفة و مشعر بطل حجّه.

[مسألة 5: لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً]

مسألة 5: لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً. نعم، لو ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحج جاز له نقل النية إلى الإفراد، و يأتي بالعمرة بعد الحجّ. و حدّ ضيق الوقت خوف فوات الاختياري (2) من وقوف عرفة على الأصحّ. و الظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى الحج المندوب، فلو نوى التمتّع ندباً و ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ جاز له العدول إلى الإفراد، و الأقوى عدم وجوب العمرة عليه.

[مسألة 6: لو علم مَن وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة]

مسألة 6: لو علم مَن وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، لا يبعد جواز (3) العدول من الأوّل إلى الإفراد، بل لو (1) إلّا إذا كان رجوعه في غير شهر خروجه، فيجب أن يحرم ثانياً لعمرة التمتّع، و إلّا فصحّة حجّة بعنوان التمتّع مشكلة، بل ممنوعة. (2) بل فوات الجزء الركني من الوقوف المذكور. (3) محل إشكال، بل عدم الجواز غير بعيد، و كذا فيما بعده.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 395

علم حال الإحرام بضيق الوقت جاز له الإحرام بحجّ الإفراد و إتيانه، ثمّ إتيان عمرة مفردة بعده، و تمّ حجّه و كفى عن حجّة الإسلام. و لو دخل في العمرة بنية التمتّع في سعة الوقت، و أخّر الطواف و السعي متعمّداً إلى أن ضاق الوقت، ففي جواز العدول و كفايته إشكال، و الأحوط العدول و عدم الاكتفاء لو كان الحج واجباً عليه.

[مسألة 7: الحائض أو النفساء إذا ضاق وقتها عن الطهر و إتمام العمرة]

مسألة 7: الحائض أو النفساء إذا ضاق وقتها عن الطهر و إتمام العمرة يجب عليها العدول إلى الإفراد و الإتمام، ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، و لو دخل مكّة من غير إحرام لعذر و ضاق الوقت أحرم لحج الإفراد و أتى بعد الحج بعمرة مفردة، و صحّ و كفى عن حجّة الإسلام.

[مسألة 8: صورة حج الإفراد كحج التمتّع إلّا في شي ء واحد]

مسألة 8: صورة حج الإفراد كحج التمتّع إلّا في شي ء واحد؛ و هو أنّ الهدي واجب في حج التمتّع و مستحب في الإفراد.

[مسألة 9: صورة العمرة المفردة كعمرة التمتّع إلّا في أُمور]

مسألة 9: صورة العمرة المفردة كعمرة التمتّع إلّا في أُمور: أحدها: أنّ في عمرة التمتّع يتعيّن التقصير و لا يجوز الحلق، و في العمرة المفردة تخيّر بينهما.

ثانيها: أنّه لا يكون في عمرة التمتّع طواف النساء و إن كان أحوط، و في العمرة المفردة يجب طواف النساء.

ثالثها: ميقات عمرة التمتّع أحد المواقيت الآتية، و ميقات العمرة المفردة أدنى الحلّ، و إن جاز فيها الإحرام من تلك المواقيت.

[القول في المواقيت

اشارة

القول في المواقيت و هي المواضع التي عيّنت للإحرام،

[هي خمسة لعمرة الحج

اشارة

و هي خمسة لعمرة الحج:

[الأوّل: ذو الحُلَيفة]
اشارة

الأوّل: ذو الحُلَيفة؛ و هو ميقات أهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و الأحوط

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 396

الاقتصار على نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج، بل لا يخلو من وجه.

[مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير اختياراً إلى الجحفة]

مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير اختياراً إلى الجحفة؛ و هي ميقات أهل الشام. نعم، يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الأعذار.

[مسألة 2: الجنب و الحائض و النفساء جاز لهم الإحرام حال العبور عن المسجد]

مسألة 2: الجنب و الحائض و النفساء جاز لهم الإحرام حال العبور عن المسجد إذا لم يستلزم الوقوف فيه، بل وجب عليهم حينئذ، و لو لم يمكن لهم بلا وقوف، فالجنب مع فقد الماء أو العذر عن استعماله يتيمّم للدخول و الإحرام في المسجد، و كذا الحائض و النفساء بعد نقائهما. و أمّا قبل نقائهما، فإن لم يمكن لهما الصبر إلى حال النقاء فالأحوط (1) لهما الإحرام خارج المسجد عنده و تجديده في الجحفة أو محاذاتها.

[الثاني: العقيق

الثاني: العقيق؛ و هو ميقات أهل نجد و العراق و مَن يمرّ عليه من غيرهم، و أوّله المسلخ، و وسطه غمرة، و آخره ذات عرق، و الأقوى جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً، و الأفضل من المسلخ ثمّ من غمرة. و لو اقتضت التقية عدم الإحرام من أوّله و التأخير إلى ذات العرق فالأحوط التأخير، بل عدم الجواز (2) لا يخلو من وجه.

[الثالث: الجُحفة]

الثالث: الجُحفة؛ و هي لأهل الشام و مصر و مغرب و من يمرّ عليها من غيرهم.

[الرابع: يَلَمْلَم

الرابع: يَلَمْلَم؛ و هو لأهل اليمن و مَن يمرّ عليه. (1) لا تجب رعاية هذا الاحتياط، بل الظاهر جواز الإحرام من خارج المسجد عنده و عدم لزوم التجديد. (2) بل الظاهر هو الجواز بمعنى الصحة.

[الخامس: قَرن المنازل

الخامس: قَرن المنازل؛ و هو لأهل الطائف و من يمرّ عليه.

[مسائل

[مسألة 3: تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبيّنة الشرعية أو الشياع الموجب للاطمئنان

مسألة 3: تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبيّنة الشرعية أو الشياع الموجب للاطمئنان، و مع فقدهما بقول أهل الاطّلاع مع حصول الظن (1) فضلًا عن الوثوق، فلو أراد الإحرام من المسلخ مثلًا و لم يثبت كون المحلّ الكذائي ذلك لا بدّ من التأخير حتّى يتيقّن الدخول في الميقات.

[مسألة 4: مَن لم يمرّ على أحد المواقيت جاز له الإحرام من محاذاة أحدها]

مسألة 4: مَن لم يمرّ على أحد المواقيت جاز له الإحرام من محاذاة أحدها، و لو كان في الطريق ميقاتان يجب الإحرام من محاذاة أبعدهما إلى مكّة على الأحوط (2)، و الأولى تجديد الإحرام في الآخر.

[مسألة 5: المراد من المحاذاة أن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون الميقات على يمينه أو يساره بخطّ مستقيم

مسألة 5: المراد من المحاذاة أن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون الميقات على يمينه أو يساره بخطّ مستقيم، بحيث لو جاوز منه يتمايل الميقات إلى الخلف. و الميزان هو المحاذاة العرفية لا العقلية الدقّيّة، و يشكل (3) الاكتفاء بالمحاذاة من فوق، كالحاصل لمن ركب الطائرة، لو فرض إمكان الإحرام مع حفظ المحاذاة فيها، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بها.

[مسألة 6: تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات

مسألة 6: تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات على ما مرّ، بل بقول أهل الخبرة و تعيينهم بالقواعد العلمية مع حصول الظن (4) منه.

[مواقيت أخر]

اشارة

مسألة 7: ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة الحجّ، و هنا مواقيت أُخر: (1) مشكل، و في العبارة تشويش. (2) بل على الأقوى. (3) لا يبعد الاكتفاء، و يمكن فرضه في الطائرة بالإضافة إلى وادي العقيق، الذي له مسافة كثيرة، و أمّا بالإضافة إلى مثل مسجد الشجرة فيمكن فرضه فيما يسمّى ب «هليكوبتر»؛ لإمكان وقوفها مختصراً. (4) قد عرفت الإشكال، بل هنا أقوى، خصوصاً مع التمكّن من الذهاب إلى الميقات.

[الأوّل: مكّة المعظّمة]

الأوّل: مكّة المعظّمة؛ و هي لحج التمتّع.

[الثاني: دويرة الأهل أي المنزل

الثاني: دويرة الأهل أي المنزل، و هي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة، بل لأهل مكّة. و كذا المجاور (1) الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة، و إن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة، فإنّهم يحرمون بحجّ الإفراد و القِران من مكّة. و الظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، و إلّا فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت.

[الثالث: أدنى الحلّ

الثالث: أدنى الحلّ، و هو لكلّ عمرة مفردة، سواء كانت بعد حج القران أو الإفراد أم لا، و الأفضل أن يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم، و هو أقرب من غيره إلى مكّة.

[القول في أحكام المواقيت

اشارة

القول في أحكام المواقيت

[مسألة 1: لا يجوز الإحرام قبل المواقيت و لا ينعقد]
اشارة

مسألة 1: لا يجوز الإحرام قبل المواقيت و لا ينعقد، و لا يكفي المرور عليها محرماً، بل لا بدّ من إنشائه في الميقات، و يستثنى من ذلك موضعان:

[أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات
اشارة

أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يجوز و يصحّ و يجب العمل به، و لا يجب تجديد الإحرام في الميقات و لا المرور عليها، و الأحوط اعتبار تعيين المكان، فلا يصحّ نذر الإحرام قبل الميقات بلا تعيين على الأحوط، و لا يبعد (2) الصحّة على نحو الترديد بين المكانين، بأن يقول: «للَّه عليّ أن أحرم إمّا من الكوفة أو البصرة» و إن كان الأحوط خلافه. و لا فرق بين كون الإحرام للحج الواجب أو (1) و أمّا المجاور الذي لم ينتقل فرضه و أراد حجّ القِران أو الإفراد فاللازم الخروج إلى الجعرانة. (2) و الظاهر عدمها.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 399

المندوب أو للعمرة المفردة. نعم، لو كان للحج أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون (1) في أشهر الحج.

[مسألة 2: لو نذر و خالف نذره عمداً أو نسياناً و لم يحرم من ذلك المكان

مسألة 2: لو نذر و خالف نذره عمداً أو نسياناً و لم يحرم من ذلك المكان لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات، و عليه الكفّارة إذا خالفه عمداً.

[ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي فوتها إن أخّر الإحرام إلى الميقات

ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي فوتها إن أخّر الإحرام إلى الميقات، فيجوز أن يحرم قبل الميقات، و تحسب له عمرة رجب، و إن أتى ببقية الأعمال في شعبان، و الأولى الأحوط تجديده في الميقات، كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر الوقت، و إن كان الظاهر جوازه قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلى الميقات، و الظاهر (2) عدم الفرق بين العمرة المندوبة و الواجبة و المنذور فيها و نحوه.

[مسألة 3: لا يجوز تأخير الإحرام عن الميقات

مسألة 3: لا يجوز تأخير الإحرام عن الميقات، فلا يجوز (3) لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً بلا إحرام، بل الأحوط (4) عدم التجاوز عن محاذاة الميقات أيضاً، و إن كان أمامه ميقات آخر، فلو لم يحرم منه وجب العود إليه، بل الأحوط (5) العود و إن كان أمامه ميقات آخر. و أمّا إذا لم يرد النسك و لا دخول مكّة بأن كان له شغل خارج مكّة و إن كان (6) في الحرم فلا (1) أي الإحرام المنذور. (2) فيه نظر بل منع. (3) في التفريع ما لا يخفى من المناقشة، فإنّ حرمة الإحرام بعد الميقات كحرمة الإحرام قبل الميقات حرمة تشريعية، و حرمة التجاوز عن الميقات من دون إحرام حرمة ذاتية، كحرمة الدخول في مكّة بغير إحرام. (4) الأولى. (5) هذا يرتبط بأصل المسألة؛ و هو التأخير عن الميقات. (6) الظاهر أنّ إرادة دخول الحرم كإرادة دخول مكّة، و يكون في البين حكمان لا حكم واحد.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 400

يجب الإحرام.

[مسألة 4: لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً]

مسألة 4: لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً، و لم يتمكّن من العود إليه لضيق الوقت أو لعذر آخر، و لم يكن أمامه ميقات آخر بطل إحرامه و حجّه، و وجب عليه الإتيان في السنة الآتية إذا كان مستطيعاً. و أمّا إذا لم يكن مستطيعاً فلا يجب، و إن أثم بترك الإحرام.

[مسألة 5: لو كان مريضاً و لم يتمكّن من نزع اللباس و لبس الثوبين يجزئه النية و التلبية]

مسألة 5: لو كان مريضاً و لم يتمكّن من نزع اللباس و لبس الثوبين يجزئه (1) النية و التلبية، فإذا زال العذر نزعه و لبسهما، و لا يجب عليه العود إلى الميقات.

[مسألة 6: لو كان له عذر عن إنشاء أصل الإحرام في الميقات

مسألة 6: لو كان له عذر عن إنشاء أصل الإحرام في الميقات لمرض أو إغماء و نحو ذلك فتجاوز عنه ثمّ زال وجب عليه العود إلى الميقات مع التمكّن منه، و إلّا أحرم (2) من مكانه، و الأحوط العود إلى نحو الميقات بمقدار الإمكان، و إن كان الأقوى عدم وجوبه. نعم، لو كان في الحرم خرج إلى خارجه مع الإمكان، و مع عدمه يحرم من مكانه، و الأولى الأحوط الرجوع إلى نحو خارج الحرم بمقدار الإمكان، و كذا الحال لو كان تركه لنسيان أو جهل بالحكم أو الموضوع، و كذا الحال لو كان غير قاصد (3) للنسك و لا لدخول مكّة فجاوز الميقات ثمّ بدا له ذلك، فإنّه يرجع إلى الميقات بالتفصيل المتقدّم. و لو نسي الإحرام و لم يتذكّر إلى آخر أعمال العمرة، و لم يتمكّن من الجبران فالأحوط بطلان عمرته، و إن كانت الصّحة غير بعيدة (4). و لو لم يتذكّر إلى آخر (5) أعمال الحج صحّت عمرته و حجّه. (1) و يجوز له تأخير الإحرام إلى زوال المرض، و لكنّه خلاف الاحتياط. (2) محلّ إشكال، و كذا ما بعده من الأحكام في الإغماء و نحوه. (3) محلّ إشكال جدّاً. (4) لم يقم دليل على الصحّة، بل الظاهر العدول إلى غير حجّ التمتّع. (5) كما أنّه لو لم يتذكّر في خصوص الحج إلى آخر أعماله صحّت بلا إشكال.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 401

كيفية الإحرام

[القول في كيفيّة الإحرام

اشارة

القول في كيفيّة الإحرام الواجبات وقت الإحرام ثلاثة:

[الأوّل: القصد]

اشارة

الأوّل: القصد، لا بمعنى قصد الإحرام، بل بمعنى قصد أحد النسك، فإذا قصد العمرة مثلًا و لبّى صار محرماً و يترتّب عليه أحكامه. و أمّا قصد الإحرام فلا يعقل (1) أن يكون محققاً لعنوانه، فلو لم يقصد أحد النسك لم يتحقّق إحرامه، سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل، و يبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عن عمد، و أمّا مع السهو و الجهل فلا يبطل، و يجب عليه تجديد الإحرام من الميقات إن أمكن، و إلّا فمن حيث أمكن على التفصيل المتقدّم.

[مسألة 1: يعتبر في النية القربة و الخلوص

مسألة 1: يعتبر في النية القربة و الخلوص كما في سائر العبادات، فمع فقدهما أو فقد أحدهما يبطل إحرامه، و يجب أن تكون مقارنة (2) للشروع فيه، فلا يكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها وجب تجديدها.

[مسألة 2: يعتبر في النية تعيين المنويّ من الحجّ و العمرة]

مسألة 2: يعتبر في النية تعيين المنويّ من الحجّ و العمرة، و أنّ الحجّ تمتّع أو قِران أو إفراد، و أنّه لنفسه أو غيره، و أنّه حجّة الإسلام أو الحج النذري أو الندبي، فلو نوى من غير تعيين و أوكله إلى ما بعد ذلك بطل. و أمّا نيّة الوجه فغير واجبة إلّا (1) عدم المعقولية غير ظاهر. نعم، لا دليل عليه في مقام الإثبات. (2) لا مجال لتصوير عدم المقارنة بعد كون النيّة دخيلة في الإحرام، سواء كانت دخالتها بنحو الجزئية أو الكلية، و سواء كانت مأخوذة في الماهية، أو محققة لها، نظراً إلى أنّه أمر اعتباري وضعي يعتبر بعد نيّة الحجّ أو العمرة فقط أو مع التلبية، و ليست النية نفسها كما هو المختار، و سواء كان المنويّ هو الحج أو العمرة، أو كان هو الإحرام، أو كان هو التروك المعهودة الثابتة على المحرم. نعم، يمكن التصوير، بناءً على القول: بأنّه عبارة عن نفس التروك من دون دخالة للنية فيه، كما اختاره كاشف اللثام.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 402

إذا توقّف التعيين عليها، و لا يعتبر التلفّظ بالنيّة و لا الإخطار بالبال.

[مسألة 3: لا يعتبر في الإحرام قصد ترك المحرّمات

مسألة 3: لا يعتبر في الإحرام قصد ترك المحرّمات، لا تفصيلًا و لا إجمالًا، بل لو عزم على ارتكاب بعض المحرّمات لم يضرّ بإحرامه. نعم، قصد ارتكاب ما يُبطل الحج من المحرّمات لا يجتمع مع قصد الحج.

[مسألة 4: لو نسي ما عيّنه من حجّ أو عمرة]

مسألة 4: لو نسي ما عيّنه من حجّ أو عمرة، فإن اختصّت الصّحة واقعاً بأحدهما تجدّد النية لما يصحّ فيقع صحيحاً، و لو جاز العدول (1) من أحدهما إلى الآخر يعدل فيصح، و لو صحّ كلاهما و لا يجوز العدول يعمل على قواعد العلم الإجمالي مع الإمكان و عدم الحرج، و إلّا فبحسب إمكانه بلا حرج.

[مسألة 5: لو نوى كحجّ فلان

مسألة 5: لو نوى كحجّ فلان (2)، فإن علم أنّ حجّه لماذا صحّ، و إلّا فالأوجه (3) البطلان.

[مسألة 6: لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة بالأصل فنوى غيره بطل

مسألة 6: لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة بالأصل فنوى غيره بطل (4)، و لو كان عليه ما وجب بالنذر و شبهه فلا يبطل لو نوى غيره، و لو نوى نوعاً و نطق بغيره كان المدار ما نوى، و لو كان في أثناء نوع و شك في أنّه نواه أو نوى غيره بنى على أنّه نواه.

[مسألة 7: لو نوى مكان عمرة التمتّع حجّه جهلًا]

مسألة 7: لو نوى مكان عمرة التمتّع حجّه جهلًا، فإن كان من قصده إتيان العمل الذي يأتي به غيره، و ظن أنّ ما يأتي به أوّلًا اسمه الحجّ، فالظاهر صحته (1) أي في صورة صحة كليهما. (2) أي كإحرامه. (3) بل الأوجه الصحّة، إلّا في صورة استمرار الاشتباه، و عدم الطريق إلى الامتثال العلمي و لو إجمالًا، كما في صورة الدوران بين حج الإفراد و عمرة التمتّع. (4) أي مطلقاً لا يقع للواجب و لا لما نوى، و لكن قد مرّ منّا صحته عمّا نوى مطلقاً، من دون فرق بين الفرضين.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 403

و يقع عمرة. و أمّا لو ظنّ أنّ حجّ التمتّع مقدّم على عمرته، فنوى الحجّ بدل العمرة ليذهب إلى عرفات و يعمل عمل الحج ثمّ يأتي بالعمرة، فإحرامه باطل يجب تجديده في الميقات إن أمكن، و إلّا فبالتفصيل الذي مرّ في ترك الإحرام.

[الثاني: من الواجبات التلبيات الأربع

اشارة

الثاني: من الواجبات التلبيات الأربع، و صورتها على الأصحّ أن يقول: «لَبَّيْكَ اللّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَريكَ لَكَ لَبَّيْكَ». فلو اكتفى بذلك كان مُحرماً و صحّ إحرامه، و الأحوط الأولى أن يقول عقيب ما تقدّم: «إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ، لا شَريكَ لَكَ لَبَّيْكَ». و أحوط (1) منه أن يقول بعد ذلك: «لَبَّيْكَ اللّهُمَّ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ، لا شَريكَ لَكَ لَبَّيْكَ».

[مسألة 8: يجب الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على القواعد العربية]

مسألة 8: يجب الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على القواعد العربية، فلا يجزئ الملحون مع التمكّن من الصحيح، و لو بالتلقين أو التصحيح، و مع عدم تمكّنه فالأحوط (2) الجمع بين إتيانها بأيّ نحو أمكنه و ترجمتها بلغته، و الأولى الاستنابة مع ذلك، و لا تصحّ الترجمة مع التمكّن من الأصل. و الأخرس يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه، و الأولى الاستنابة مع ذلك، و يلبّى عن الصبيّ غير المميّز (3).

[مسألة 9: لا ينعقد إحرام عمرة التمتّع و حجّه

مسألة 9: لا ينعقد إحرام عمرة التمتّع و حجّه، و لا إحرام حجّ الإفراد، و لا إحرام العمرة المفردة إلّا بالتلبية. و أمّا في حجّ القِران فيتخيّر بينها و بين الإشعار أو التقليد، و الإشعار مختصّ بالبدن، و التقليد مشترك بينها و بين غيرها من أنواع الهدي، و الأولى في البدن الجمع بين الإشعار و التقليد، فينعقد إحرام حجّ القِران بأحد هذه الأُمور الثلاثة، لكن الأحوط مع اختيار الإشعار و التقليد ضمّ (1) بل الأحوط أن يقوله مكان الصورة الأُولى فقط. (2) الأولى، و إلّا فالظاهر كفاية الملحون فقط. (3) و عن المغمى عليه أيضاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 404

التلبية أيضاً، و الأحوط (1) وجوب التلبية على القارن و إن لم يتوقّف انعقاد إحرامه عليها، فهي واجبة عليه في نفسها على الأحوط.

[مسألة 10: لو نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها]

مسألة 10: لو نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها، و إن لم يتمكّن يأتي فيه التفصيل المتقدّم في نسيان الإحرام على الأحوط لو لم يكن الأقوى. و لو أتى قبل التلبية بما يوجب الكفّارة للمحرم لم تجب عليه؛ لعدم انعقاده إلّا بها.

[مسألة 11: الواجب من التلبية مرّة واحدة]

مسألة 11: الواجب من التلبية مرّة واحدة. نعم، يستحب الإكثار بها و تكرارها ما استطاع، خصوصاً في دبر كلّ فريضة أو نافلة، و عند صعود شرف أو هبوط وادٍ، و في آخر (2) الليل، و عند اليقظة، و عند الركوب، و عند الزوال (3)، و عند ملاقاة راكب، و في الأسحار.

[مسألة 12: المعتمر عمرة التمتّع يقطع تلبيته عند مشاهدة بيوت مكّة]

مسألة 12: المعتمر عمرة التمتّع يقطع تلبيته عند مشاهدة بيوت مكّة، و الأحوط (4) قطعها عند مشاهدة بيوتها في الزمن الذي يعتمر فيه إن وسع البلد. و المعتمر عمرة مفردة يقطعها عند دخول الحرم لو جاء من خارجه، و عند مشاهدة الكعبة إن كان خرج (5) من مكّة لإحرامها، و الحاجّ بأيّ نوع من الحج يقطعها عند (1) بل الأحوط الأولى؛ لعدم الدليل على الوجوب النفسي بوجه. (2) لا خصوصية فيه بعد عدم كون المراد به هو السحر. (3) مراده هو زوال الشمس الذي هو وسط النهار، مع أنّ ظاهر دليله الزوال بمعنى الغروب. (4) الأولى. (5) أو أحرم من أدنى الحلّ، و لو لم يكن خارجاً من مكّة لإحرامها، سواء لم يكن خارجاً منها، كما قوّيناه في مثل الإيرانيين الذين يدخلون جدّة مع الطائرة، أو كان خروجه منها لغرض آخر، كما في إحرام الرسول (صلّى اللَّه عليه و آله) من الجعرانة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 405

زوال يوم عرفة، و الأحوط (1) أنّ القطع على سبيل الوجوب.

[مسألة 13: الظاهر أنّه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام

مسألة 13: الظاهر أنّه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام، بل يكفي أن يقول: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ»، بل لا يبعد كفاية لفظة «لَبَّيْكَ».

[مسألة 14: لو شك بعد التلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا]

مسألة 14: لو شك بعد التلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصّحة، و لو أتى بالنيّة و لبس الثوبين و شك في إتيان التلبية بنى على العدم ما دام في الميقات، و أمّا بعد الخروج فالظاهر هو البناء على الإتيان، خصوصاً إذا تلبّس ببعض الأعمال المتأخّرة.

[مسألة 15: إذا أتى بما يوجب الكفّارة و شك في أنّه كان بعد التلبية]

مسألة 15: إذا أتى بما يوجب الكفّارة و شك في أنّه كان بعد التلبية حتّى تجب عليه أو قبلها لم تجب عليه، من غير فرق بين مجهولي التاريخ أو كون تاريخ أحدهما مجهولًا.

[الثالث: من الواجبات لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يحرم على المحرم لبسه

اشارة

الثالث: من الواجبات لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يحرم على المحرم لبسه، يتّزر بأحدهما و يتردّى بالآخر، و الأقوى عدم كون لبسهما شرطاً في تحقّق الإحرام، بل واجباً تعبّدياً، و الظاهر عدم اعتبار كيفية خاصّة في لبسهما، فيجوز الاتّزار بأحدهما كيف شاء، و الارتداء بالآخر، أو التوشّح (2) به، أو غير ذلك من الهيئات، لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف، و كذا الأحوط عدم عقد الثوبين و لو بعضهما ببعض، و عدم غرزهما بإبرة و نحوها، لكن الأقوى جواز ذلك كلّه ما لم يخرج عن كونهما رداءً و إزاراً. نعم، لا يترك الاحتياط بعدم عقد الإزار على عنقه، و يكفي فيهما المسمّى، و إن كان الأولى بل الأحوط كون الإزار ممّا يستر (1) بل الظاهر أنّ حرمة التلبية تشريعيّة، و لا يكون في البين حكم تكليفيّ. (2) في غير الارتداء إشكال.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 406

السرّة و الركبة، و الرداء ممّا يستر المنكبين (1).

[مسألة 16: الأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتّزر ببعضه و يرتدي بالباقي

مسألة 16: الأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتّزر ببعضه و يرتدي بالباقي إلّا في حال الضرورة، و مع رفعها في أثناء العمل لبس الثوبين. و كذا الأحوط كون اللبس قبل النية و التلبية، فلو قدّمهما عليه أعادهما (2) بعده، و الأحوط النية و قصد التقرّب في اللبس. و أمّا التجرّد عن اللباس فلا يعتبر فيه النية، و إن كان الأحوط و الأولى الاعتبار.

[مسألة 17: لو أحرم في قميص عالماً عامداً فعل محرّماً و لا تجب الإعادة]

مسألة 17: لو أحرم في قميص عالماً عامداً فعل محرّماً و لا تجب الإعادة، و كذا لو لبسه فوق الثوبين أو تحتهما، و إن كان الأحوط الإعادة، و يجب نزعه فوراً. و لو أحرم في القميص جاهلًا أو ناسياً وجب نزعه و صحّ إحرامه، و لو لبسه بعد الإحرام فاللازم شقّه و إخراجه من تحت، بخلاف ما لو أحرم فيه فإنّه يجب نزعه لا شقه.

[مسألة 18: لا تجب استدامة لبس الثوبين

مسألة 18: لا تجب استدامة لبس الثوبين، بل يجوز تبديلهما و نزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرّد منهما في الجملة.

[مسألة 19: لا بأس بلبس الزيادة على الثوبين

مسألة 19: لا بأس بلبس الزيادة على الثوبين مع حفظ الشرائط و لو اختياراً.

[مسألة 20: يشترط في الثوبين أن يكونا ممّا تصحّ الصلاة فيهما]

مسألة 20: يشترط في الثوبين أن يكونا ممّا تصحّ الصلاة فيهما، فلا يجوز في الحرير و غير المأكول و المغصوب و المتنجّس بنجاسة غير معفوّة في الصلاة، بل الأحوط للنساء أيضاً أن لا يكون ثوب إحرامهنّ من حرير خالص، بل الأحوط لهنّ عدم لبسه إلى آخر الإحرام.

[مسألة 21: لا يجوز الإحرام في إزار رقيق

مسألة 21: لا يجوز الإحرام في إزار رقيق بحيث يرى الجسم من ورائه، (1) بل يستر زائداً عليهما، بحيث لا يكون خارجاً عن صدق الرداء. (2) استحباباً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 407

و الأولى (1) أن لا يكون الرداء أيضاً كذلك.

[مسألة 22: لا يجب على النساء لبس ثوبي الإحرام

مسألة 22: لا يجب (2) على النساء لبس ثوبي الإحرام، فيجوز لهنّ الإحرام في ثوبهنّ المخيط.

[مسألة 23: الأحوط تطهير ثوبي الإحرام أو تبديلهما إذا تنجّسا بنجاسة غير معفوّة]

مسألة 23: الأحوط تطهير ثوبي الإحرام أو تبديلهما إذا تنجّسا بنجاسة غير معفوّة، سواء كان في أثناء الأعمال أم لا، و الأحوط (3) المبادرة إلى تطهير البدن أيضاً حال الإحرام، و مع عدم التطهير لا يبطل إحرامه و لا تكون عليه كفّارة.

[مسألة 24: الأحوط أن لا يكون الثوب من الجلود]

مسألة 24: الأحوط أن لا يكون الثوب من الجلود، و إن لا يبعد جوازه إن صدق عليه الثوب، كما لا يجب أن يكون منسوجاً، فيصحّ في مثل اللبد مع صدق الثوب.

[مسألة 25: لو اضطرّ إلى لبس القباء أو القميص لبرد و نحوه

مسألة 25: لو اضطرّ إلى لبس القباء أو القميص لبرد و نحوه (4) جاز لبسهما، لكن يجب أن يقلب القباء ذيلًا و صدراً، و تردّى (5) به و لم يلبسه، بل الأحوط (6) أن يقلبه بطناً و ظهراً، و يجب أيضاً أن لا يلبس القميص و تردّى (7) به. نعم، لو لم يرفع الاضطرار إلّا بلبسهما جاز. (1) بل الأحوط. (2) بل الأحوط الأولى أن يلبس ثوبي الإحرام في حال النيّة و التلبية فقط. (3) و لازمه اعتبار الطهارة حال الإحرام أيضاً، مع أنّه لا دليل على شي ء من الأمرين سوى الأولويّة، و يمكن الخدشة فيها. (4) كعدم وجدانه للرداء فقط، أو مع الإزار. (5) كما أنّه مع عدم الإزار و عدم كفاية الرداء له يجوز لبس القباء من دون لزوم القلب، و كذا في القميص. (6) الأولى. (7) و يجب أن يقلبه أيضاً.

[مسألة 26: لو لم يلبس ثوبي الإحرام عالماً عامداً]

مسألة 26: لو لم يلبس ثوبي الإحرام عالماً عامداً، أو لبس المخيط حين إرادة الإحرام عصى لكن صحّ إحرامه، و لو كان ذلك عن عذر لم يكن عاصياً أيضاً.

[مسألة 27: لا يشترط في الإحرام الطهارة من الحدث الأصغر و لا الأكبر]

مسألة 27: لا يشترط في الإحرام الطهارة من الحدث الأصغر و لا الأكبر، فيجوز الإحرام حال الجنابة و الحيض و النفاس.

[القول في تروك الإحرام

اشارة

القول في تروك الإحرام و المحرّمات منه أُمور:

[الأوّل: صيد البرّ اصطياداً و أكلًا]

الأوّل: صيد البرّ اصطياداً و أكلًا و لو صاده مُحلّ و إشارةً و دلالةً و إغلاقاً و ذبحاً و فرخاً و بيضةً، فلو ذبحه كان ميتة (1) على المشهور، و هو أحوط (2). و الطيور حتى الجراد بحكم صيد البرّي، و الأحوط ترك قتل الزنبور و النحل إن لم يقصدا إيذاءه، و في الصيد أحكام كثيرة تركناها لعدم الابتلاء بها.

[الثاني: النساء]

اشارة

الثاني: النساء وطئاً و تقبيلًا و لمساً و نظراً (3) بشهوة، بل كلّ لذّة و تمتّع منها. (1) لا في جميع الآثار، بل في حرمة الأكل و ما يترتّب عليها، لأدلّة تقديم الصيد على الميتة في صورة الاضطرار. (2) بل أقوى فيما إذا تحقّق الذبح، أي فري الأوداج الأربعة بيد المحرم، سواء اصطاده بنفسه أو اصطاده غيره. نعم، فيما إذا كان زهاق روحه بسبب الرمي، أو إرسال الكلب المعلَّم يكون أحوط. (3) في اللمس و النظر يعتبر أن يكون الملموس و المنظور زوجة أو أمة للرجل المحرم، و في غيرهما تكون الحرمة الإحراميّة محلّ إشكال، كما أنّه في المرأة المحرمة إذا نظرت أو لمست زوجها أو مولاها و لو بشهوة محل إشكال.

[مسألة 1: لو جامع في إحرام عمرة التمتّع قبلًا أو دبراً]

مسألة 1: لو جامع في إحرام عمرة التمتّع قبلًا أو دبراً، بالأُنثى أو الذكر (1) عن علم و عمد فالظاهر عدم بطلان عمرته و عليه الكفّارة (2)، لكن الأحوط إتمام العمل و استئنافه لو وقع ذلك قبل السعي، و لو ضاق الوقت حجّ (3) إفراداً و أتى بعده بعمرة مفردة، و أحوط من ذلك إعادة الحج من قابل. و لو ارتكبه بعد السعي فعليه الكفّارة فقط، و هي على الأحوط بدنة (4)، من غير فرق بين الغني و الفقير.

[مسألة 2: لو ارتكب ذلك في إحرام الحج عالماً عامداً بطل حجّه

مسألة 2: لو ارتكب ذلك في إحرام الحج عالماً عامداً بطل حجّه إن كان قبل وقوف عرفات بلا إشكال، و إن كان بعده و قبل الوقوف بالمشعر فكذلك على الأقوى، فيجب (5) عليه في الصورتين إتمام العمل و الحجّ من قابل، و عليه الكفّارة، و هي بدنة (6). و لو كان ذلك بعد الوقوف بالمشعر، فإن كان قبل تجاوز النصف (7) من طواف النساء صحّ حجّه و عليه الكفّارة، و إن كان بعد تجاوزه عنه صحّ و لا كفّارة (1) محلّ إشكال. (2) على الأحوط. (3) لا يجتمع استظهار عدم البطلان مع جعل مقتضى الاحتياط حجّ الإفراد. (4) بل هي بدنة أو بقرة أو شاة، على سبيل التخيير مطلقاً، و الأحوط استحباباً اختيار البدنة و بعده البقرة. (5) في التفريع إشكال، فإنّ ترتّب الأحكام الثلاثة لا يتوقّف على القول ببطلان الحجّ، بل تجري على القول بصحة الحج الأوّل، و كون الثاني عقوبة، كما هو الظاهر، كما أنّ هنا حكماً رابعاً، و هو لزوم التفريق بينهما من محلّ الخطيئة، إذا كان بعد منى قبل الوقوفين إلى يوم النحر، و إذا كان قبله إلى قضاء المناسك و العود

إلى ذلك المحلّ، إذا كان رجوعه من ذلك الطريق. و كذا يجب في العام القابل ذلك، إذا كان حجّه من الطريق في العام الأوّل. (6) و مع عدم وجدانها بقرة. (7) بل فيما طاف ثلاثة أشواط فما دون، و كذا فيما لو جامع فيما دون الفرج في الصور الثلاثة المتقدّمة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 410

على الأصحّ.

[مسألة 3: لو قبّل امرأة بشهوة فكفّارته بدنة]

مسألة 3: لو قبّل امرأة بشهوة فكفّارته (1) بدنة، و إن كان بغير شهوة فشاة (2) و إن كان الأحوط بدنة. و لو نظر إلى أهله بشهوة فأمنى فكفّارته بدنة على المشهور (3)، و إن لم يكن (4) بشهوة فلا شي ء عليه. و لو نظر إلى غير أهله فأمنى فالأحوط (5) أن يكفّر ببدنة مع الإمكان، و إلّا فببقرة، و إلّا فبشاة. و لو لامسها بشهوة فأمنى فعليه الكفّارة، و الأحوط (6) بدنة، و كفاية الشاة لا تخلو من قوّة، و إن لم يمن فكفّارته شاة.

[مسألة 4: لو جامع امرأته المحرمة]

مسألة 4: لو جامع امرأته المحرمة، فإن أكرهها فلا شي ء عليها، و عليه كفّارتان، و إن طاوعته فعليها كفّارة و عليه كفّارة.

[مسألة 5: كلّ ما يوجب الكفّارة لو وقع عن جهل بالحكم أو غفلة أو نسيان

مسألة 5: كلّ ما يوجب الكفّارة لو وقع عن جهل بالحكم أو غفلة أو نسيان لا يبطل به حجّه و عمرته و لا شي ء عليه.

[الثالث: إيقاع العقد لنفسه أو لغيره و لو كان مُحلّا]

اشارة

الثالث: إيقاع العقد (7) لنفسه أو لغيره و لو كان مُحلّا، و شهادة العقد و إقامتها عليه على الأحوط و لو تحمّلها مُحلّا، و إن لا يبعد جوازها. و لو عقد لنفسه في حال (1) إن كان متعقّباً للإمناء، و إن لم يكن كذلك فكفّارته شاة. (2) ليس في التقبيل بغير شهوة كفّارة؛ لعدم حرمته. (3) و الأقوى. (4) مع عدم كونه بشهوة لا يكون محرّماً في حال الإحرام، و قد صرّح بتقييد النظر بالشهوة في عنوان الأمر الثاني من محرّمات الإحرام. (5) بل الأقوى أن يكفّر ببدنة إن كان موسراً، و ببقرة إن كان متوسّطاً، و بشاة إن كان فقيراً. (6) وجوبياً. (7) و المراد منه أعمّ من المباشرة و التوكيل، بل الإجازة في الفضولي على بعض الوجوه، كما أنّ المراد من الثاني أعمّ من المباشرة ولايةً، أو وكالةً، أو فضولياً، بل يمكن القول بشموله لإذن الأب المحرم في نكاح البالغة لو قلنا باعتباره فيه.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 411

الإحرام حرمت عليه دائماً مع علمه بالحكم، و لو جهله فالعقد باطل لكن لا تحرم عليه دائماً. و الأحوط ذلك سيّما مع المقاربة.

[مسألة 6: تجوز الخطبة في حال الإحرام

مسألة 6: تجوز الخطبة في حال الإحرام، و الأحوط (1) تركها. و يجوز الرجوع في الطلاق الرجعي (2).

[مسألة 7: لو عقد مُحلّاً على امرأة محرمة]

مسألة 7: لو عقد مُحلّاً على امرأة محرمة فالأحوط ترك الوقاع و نحوه و مفارقتها (3) بطلاق. و لو كان عالماً (4) بالحكم طلّقها (5) و لا ينكحها أبداً.

[مسألة 8: لو عقد لمحرم فدخل بها فمع علمهم بالحكم فعلى كلّ واحد منهم كفّارة و هي بدنة]

مسألة 8: لو عقد لمحرم فدخل بها فمع علمهم (6) بالحكم فعلى كلّ واحد منهم كفّارة و هي بدنة، و لو لم يدخل بها فلا كفّارة على واحد منهم. و لا فرق (7) فيما ذكر بين كون العاقد و المرأة مُحلّين أو محرمين، و لو علم بعضهم الحكم دون بعض يكفّر العالم عن نفسه دون الجاهل.

[مسألة 9: الظاهر عدم الفرق فيما ذكر من الأحكام

مسألة 9: الظاهر عدم الفرق فيما ذكر من الأحكام بين العقد الدائم و المنقطع.

[الرابع: الاستمناء بيده أو غيرها بأيّة وسيلة]

الرابع: الاستمناء (8) بيده أو غيرها بأيّة وسيلة، فإن أمنى فعليه بدنة، (1) لا يجوز ترك هذا الاحتياط. (2) و المراد به الأعم من الطلاق الرجعي و الطلاق الخلعي بعد رجوع المطلّقة في بذلها. (3) و الأقوى البطلان و عدم الحاجة إلى الطلاق. (4) الظاهر أنّه من سهو القلم، و الصحيح لو كانت عالمة بالحكم، كما عبّر به في كتاب النكاح. (5) بل الأقوى الحرمة الأبدية و عدم الحاجة إلى الطلاق. (6) زائداً على العلم بالموضوع؛ و هو كون الزوج محرماً. (7) نعم، يختصّ الحكم بصورة كون الزوج محرماً، و لا يشمل ما لو كانت الزوجة محرمة فقط و عقد لها. (8) لم يقم دليل على حرمة الاستمناء مطلقاً و لو مع عدم الإمناء، بل لم يقع هذا العنوان في الروايات أصلًا.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 412

و الأحوط (1) بطلان ما يوجب الجماع بطلانه على نحو ما مرّ.

[الخامس: الطيب

اشارة

الخامس: الطيب (2) بأنواعه حتى الكافور؛ صبغاً و إطلاءً و بخوراً على بدنه أو لباسه، و لا يجوز لبس ما فيه رائحته، و لا أكلُ ما فيه الطيب كالزعفران، و الأقوى عدم حرمة الزنجبيل و الدارصيني، و الأحوط الاجتناب.

[مسألة 10: يجب الاجتناب عن الرياحين

مسألة 10: يجب الاجتناب عن الرياحين؛ أي كلّ نبات فيه رائحة طيّبة إلّا بعض أقسامها البريّة، كالخزامى و هو نبت زهره من أطيب الأزهار على ما قيل و القيصوم و الشيح و الإذخر. و يستثنى من الطيب خلوق الكعبة، و هو مجهول (3) عندنا، فالأحوط (4) الاجتناب من الطيب المستعمل فيها.

[مسألة 11: لا يجب الاجتناب عن الفواكه الطيبة الريح

مسألة 11: لا يجب الاجتناب عن الفواكه الطيبة الريح كالتفاح و الأترج، أكلًا و استشماماً، و إن كان الأحوط (5) ترك استشمامه.

[مسألة 12: يستثني ما يستشمّ من العطر في سوق العطّارين بين الصفا و المروة]

مسألة 12: يستثني (6) ما يستشمّ من العطر في سوق العطّارين بين الصفا و المروة (1) بل الأقوى في خصوص اللعب بالذكر، و الأحوط في غيره. (2) على الأقوى في المسك و العنبر و الزعفران و العود و الورس، و على الأحوط في غيرها حتى الكافور. (3) بل الظاهر أنّه طيب خاص مركّب من أنواع خاصّة من الطيب، و الزعفران جزء ركنيّ له، كما أنّه مشتمل على الدهن الذي بمعونته يطلى به الكعبة، و الغرض من طليها به هي إزالة الأوساخ العرفية الملتصقة بها من استلامها و مسّها من الطوائف المختلفة من المسلمين، و حفظها عن عروضها في مدّة محدودة، و لأجله عبّر عنه في جملة من الروايات بالطهور. (4) ظاهره أنّ الاحتياط وجوبيّ و متفرّع على جهالة معنى الخلوق، مع أنّه على هذا التقدير يكون الجاري هو أصل البراءة، كما في نظائره، من دوران المقيّد المجمل مفهوماً بين المتباينين أو أكثر. (5) الاحتياط الاستحبابي لا يجتمع مع القول بحرمة الطيب مطلقاً. (6) و الأحوط الاقتصار على حال السعي، الشاملة للجلوس للاستراحة عند التعب أيضاً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 413

فيجوز ذلك.

[مسألة 13: لو اضطرّ إلى لبس ما فيه الطيب

مسألة 13: لو اضطرّ إلى لبس ما فيه الطيب أو أكله أو شربه يجب إمساك أنفه، و لا يجوز إمساك أنفه من الرائحة الخبيثة. نعم، يجوز الفرار منها و التنحّي عنها.

[مسألة 14: لا بأس ببيع الطيب و شرائه و النظر إليه

مسألة 14: لا بأس ببيع الطيب و شرائه و النظر إليه، لكن يجب الاحتراز عن استشمامه.

[مسألة 15: كفّارة استعمال الطيب شاة على الأحوط]

مسألة 15: كفّارة استعمال الطيب شاة على الأحوط (1). و لو تكرّر منه الاستعمال، فإن تخلّل بين الاستعمالين الكفّارة تكرّرت، و إلّا فإن تكرّر في أوقات مختلفة فالأحوط (2) الكفّارة، و إن تكرّر في وقت واحد لا يبعد كفاية الكفّارة الواحدة.

[السادس: لبس المخيط للرجال

اشارة

السادس: لبس المخيط للرجال، كالقميص و السراويل و القباء و أشباهها، بل لا يجوز لبس ما يشبه بالمخيط، كالقميص المنسوج و المصنوع من اللَّبد، و الأحوط (3) الاجتناب من المخيط و لو كان قليلًا كالقلنسوة و التكّة. نعم، يستثني من المخيط شدّ الهميان المخيط الذي فيه النقود.

[مسألة 16: لو احتاج إلى شدّ فتقه بالمخيط جاز]

مسألة 16: لو احتاج إلى شدّ فتقه بالمخيط جاز، لكن الأحوط (4) الكفّارة، و لو اضطرّ إلى لبس المخيط كالقباء و نحوه جاز و عليه الكفّارة.

[مسألة 17: يجوز للنساء لبس المخيط بأيّ نحو كان

مسألة 17: يجوز للنساء لبس المخيط بأيّ نحو كان. نعم، لا يجوز لهنّ لبس القفازين. (1) في غير الأكل، و على الأقوى فيه. (2) بل الأقوى التعدّد. (3) بل الأولى لو كان قليلًا بحيث لم يصدق عليه الثوب و اللّباس. (4) الأولى.

[مسألة 18: كفّارة لبس المخيط شاة]

مسألة 18: كفّارة لبس المخيط شاة، فلو لبس المتعدّد (1) ففي كلّ (2) واحد شاة. و لو جعل بعض الألبسة في بعض و لبس الجميع دفعة واحدة فالأحوط الكفّارة لكلّ واحد منها، و لو اضطرّ إلى لبس المتعدّد جاز و لم تسقط الكفّارة.

[مسألة 19: لو لبس المخيط كالقميص

مسألة 19: لو لبس المخيط كالقميص مثلًا و كفّر ثمّ تجرّد عنه و لبسه ثانياً، أو لبس قميصاً آخر، فعليه الكفّارة ثانياً. و لو لبس المتعدّد من نوع واحد، كالقميص أو القباء فالأحوط تعدّد الكفّارة، و إن كان ذلك في مجلس واحد.

[السابع: الاكتحال بالسواد إن كان فيه الزينة]

اشارة

السابع: الاكتحال بالسواد إن كان فيه الزينة و إن لم يقصدها، و لا يترك الاحتياط بالاجتناب عن مطلق الكحل الذي فيه الزينة، و لو كان فيه الطيب (3) فالأقوى حرمته.

[مسألة 20: لا تختصّ حرمة الاكتحال بالنساء]

مسألة 20: لا تختصّ حرمة الاكتحال بالنساء، فيحرم على الرجال أيضاً.

[مسألة 21: ليس في الاكتحال كفّارة]

مسألة 21: ليس في الاكتحال كفّارة، لكن لو كان فيه الطيب فالأحوط (4) التكفير.

[مسألة 22: لو اضطرّ إلى الاكتحال

مسألة 22: لو اضطرّ إلى الاكتحال جاز.

[الثامن: النظر في المرآة]

اشارة

الثامن: النظر في المرآة، من غير فرق بين الرجل و المرأة، و ليس فيه الكفّارة، لكن يستحب بعد النظر أن يُلبّي، و الأحوط الاجتناب عن النظر في المرآة و لو لم يكن للتزيين.

[مسألة 23: لا بأس بالنظر إلى الأجسام الصقيلة]

مسألة 23: لا بأس بالنظر إلى الأجسام الصقيلة و الماء الصافي ممّا يرى فيه (1) أي من أنواع متعدّدة. (2) قد مرّ الملاك في التعدّد. و ما أفاده في هذه المسألة و المسألة التالية ينافي بعضه ما أفاده في المسألة الخامسة عشرة. (3) مع وجدان ريحه لا مطلقاً. (4) بل الأقوى مع وجدان ريحه، و الأولى مع العدم.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 415

الأشياء، و لا بأس بالمنظرة إن لم تكن زينة (1)، و إلّا فلا تجوز.

[التاسع: لبس ما يستر جميع ظهر القدم

التاسع: لبس ما يستر جميع ظهر القدم، كالخفّ و الجورب و غيرهما، و يختصّ ذلك بالرجال، و لا يحرم على النساء، و ليس في لبس ما ذكر كفّارة (2). و لو احتاج إلى لبسه فالأحوط (3) شقّ ظهره.

[العاشر: الفسوق

العاشر: الفسوق، و لا يختصّ بالكذب، بل يشمل السباب و المفاخرة (4) أيضاً. و ليس في الفسوق كفّارة، بل يجب التوبة عنه، و يستحبّ الكفّارة بشي ء، و الأحسن ذبح بقرة.

[الحادي عشر: الجدال

اشارة

الحادي عشر: الجدال؛ و هو قول: «لا و اللَّه» و «بلى و اللَّه» و كلّ ما هو مرادف (5) لذلك في أيّ لغة كان، إذا كان في مقام إثبات أمر أو نفيه. و لو كان القسم (6) بلفظ الجلالة أو مرادفه فهو جدال (7)، و الأحوط (8) إلحاق سائر أسماء اللَّه تعالى ك «الرحمن» و «الرحيم» و «خالق السماوات» و نحوها بالجلالة. و أمّا القسم بغيره تعالى من المقدّسات فلا يلحق بالجدال.

[مسألة 24: لو كان في الجدال صادقاً فليس عليه كفّارة إذا كرّر مرّتين

مسألة 24: لو كان في الجدال صادقاً فليس عليه كفّارة إذا كرّر مرّتين، و في الثالث كفّارة و هي شاة، و لو كان كاذباً فالأحوط التكفير في المرّة بشاة، و في المرّتين (1) أي للزينة و بقصدها. (2) و الأحوط ثبوت الكفّارة، و هي شاة. (3) الأولى. (4) سواء كانت مستلزمة لتنقيص الغير حطّا لشأنه أم لم تكن. (5) في المرادف إشكال. (6) أي من دون الاشتمال على كلمة «لا» أو «بلى». (7) محل نظر، بل منع. (8) مع الاشتمال على إحدى الكلمتين لا بدونه، و مع ذلك يكون أولى.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 416

ببقرة، و في ثلاث مرات ببدنة، بل لا يخلو من قوّة (1).

[مسألة 25: لو جادل بكذب فكفّر ثمّ جادل ثانياً]

مسألة 25: لو جادل بكذب فكفّر ثمّ جادل ثانياً فلا يبعد (2) وجوب شاة، لا بقرة و لو جادل مرّتين فكفّر ببقرة ثمّ جادل مرة أُخرى فالظاهر أنّ كفّارته شاة (3). و لو جادل في الفرض مرتين، فالظاهر أنّها بقرة لا بدنة (4).

[مسألة 26: لو جادل صادقاً زائداً على ثلاث مرات فعليه شاة]

مسألة 26: لو جادل صادقاً زائداً على ثلاث مرات فعليه شاة. نعم، لو كفّر بعد الثلاث ثمّ جادل ثلاثاً فما فوقها يجب (5) عليه كفّارة أُخرى. و لو جادل كاذباً عشر مرّات أو أزيد فالكفّارة بدنة. نعم، لو كفّر بعد الثلاثة أو أزيد ثمّ جادل تكرّرت (6) على الترتيب المتقدّم.

[مسألة 27: يجوز في مقام الضرورة لإثبات حقّ أو إبطال باطل القسم بالجلالة]

مسألة 27: يجوز في مقام الضرورة لإثبات حقّ أو إبطال باطل القسم (7) بالجلالة و غيرها.

[الثاني عشر: قتل هوامّ الجسد من القملة و البرغوث و نحوهما]

الثاني عشر: قتل هوامّ الجسد من القملة و البرغوث و نحوهما. و كذا هوامّ جسد سائر الحيوانات، و لا يجوز (8) إلقاؤها من الجسد و لا نقلها من مكانها إلى محلّ تسقط منه، بل الأحوط عدم نقلها إلى محلّ يكون معرض السقوط، بل الأحوط الأولى أن لا ينقلها إلى مكان يكون الأوّل أحفظ منه، و لا يبعد عدم الكفّارة في (1) في المرّة الأُولى، و أمّا في الأخيرتين فمقتضى الاحتياط ما ذكر، و الاحتياط التام يحصل بالجمع بين الشاة و البقرة في المرّة الثانية، و بين البقرة و البدنة في الثالثة. (2) بل وجوب البقرة غير بعيد. (3) بل لا يبعد وجوب البدنة. (4) بل لا يبعد وجوب بدنتين. (5) محلّ إشكال. (6) محلّ إشكال، بل لا يبعد وجوب البدنة لكلّ زائد على الثلاث. (7) مرّ أنّ مجرّد القسم بالجلالة ليس من الجدال، إلّا إذا اشتمل على إحدى الكلمتين. (8) في القملة على الأقوى و في غيرها على الأحوط، و كذا في النقل.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 417

قتلها، لكن الأحوط (1) الصدقة بكفّ من الطعام.

[الثالث عشر: لبس الخاتم للزينة]

الثالث عشر: لبس الخاتم للزينة، فلو كان للاستحباب أو لخاصّية فيه لا للزينة لا إشكال فيه، و الأحوط ترك استعمال الحناء للزينة، بل لو كان فيه الزينة فالأحوط تركه و إن لم يقصدها، بل الحرمة في الصورتين لا تخلو من وجه (2)، و لو استعمله قبل الإحرام للزينة أو لغيرها لا إشكال فيه، و لو بقي أثره حال الإحرام، و ليس في لبس الخاتم و استعمال الحناء كفّارة و إن فعل حراماً.

[الرابع عشر: لبس المرأة الحليّ للزينة]

الرابع عشر: لبس المرأة الحليّ للزينة، فلو كان زينة فالأحوط (3) تركه و إن لم يقصدها، بل الحرمة لا تخلو عن قوّة. و لا بأس بما كانت معتادة به قبل الإحرام، و لا يجب (4) إخراجه، لكن يحرم عليها إظهاره للرجال حتّى زوجها، و ليس في لبس الحليّ كفّارة و إن فعلت حراماً.

[الخامس عشر: التدهين

الخامس عشر: التدهين و إن لم يكن فيه طيب، بل لا يجوز التدهين بالمطيّب قبل الإحرام لو بقي طيبه إلى حين الإحرام، و لا بأس بالتدهين مع الاضطرار، و لا بأكل الدهن إن لم يكن فيه طيب. و لو كان في الدهن طيب فكفّارته (5) شاة حتى للمضطرّ به (6)، و إلّا فلا شي ء عليه.

[السادس عشر: إزالة الشعر]

اشارة

السادس عشر: إزالة الشعر كثيره و قليله، حتّى شعرة واحدة عن الرأس و اللحية و سائر البدن، بحلق أو نتف أو غيرهما، بأيّ نحو كان و لو باستعمال النورة، (1) لا يترك في القملة قتلًا و إلقاءً. (2) محلّ نظر. (3) الأولى. (4) مع عدم قصد الزينة. (5) قد مرّ أنّه في الأكل على الأقوى، و في غيره على الأحوط. (6) لا دليل على ثبوت الكفّارة في حال الاضطرار.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 418

سواء كانت الإزالة عن نفسه أو غيره و لو كان محلّاً.

[مسألة 28: لا بأس بإزالة الشعر للضرورة]

مسألة 28: لا بأس بإزالة الشعر للضرورة كدفع القملة و إيذائه العين مثلًا. و لا بأس بسقوط الشعر حال الوضوء أو الغسل بلا قصد الإزالة.

[مسألة 29: كفّارة حلق الرأس إن كان لغير ضرورة شاة على الأحوط]

مسألة 29: كفّارة حلق الرأس إن كان لغير ضرورة شاة على الأحوط، بل لا يبعد ذلك، و لو كان للضرورة اثنى عشر (1) مُدّاً من الطعام لستة مساكين لكلّ منهم مدّان، أو دم شاة، أو صيام ثلاثة أيّام، و الأحوط في إزالة شعر الرأس بغير حلق كفّارة الحلق.

[مسألة 30: كفّارة نتف الإبطين شاة]

مسألة 30: كفّارة نتف الإبطين شاة، و الأحوط (2) ذلك في نتف إحداهما. و إذا مسّ (3) شعره فسقط شعرة أو أكثر فالأحوط كفّ طعام يتصدّق به.

[السابع عشر: تغطية الرجل رأسه بكلّ ما يغطّيه

اشارة

السابع عشر: تغطية الرجل رأسه بكلّ ما يغطّيه، حتّى الحشيش و الحنّاء و الطين و نحوها على الأحوط فيها، بل الأحوط أن لا يضع على رأسه شيئاً يغطّي به رأسه، و في حكم الرأس بعضه (4)، و الأُذن من الرأس (5) ظاهراً فلا يجوز تغطيته، و يستثنى (6) من الحكم عصام القربة و عصابة الرأس للصداع.

[مسألة 31: لا يجوز ارتماسه في الماء و لا غيره (7) من المائعات

مسألة 31: لا يجوز ارتماسه في الماء و لا غيره (7) من المائعات، بل لا يجوز ارتماس بعض رأسه حتّى اذنه فيما يغطّيه. و لا يجوز تغطية رأسه عند النوم، فلو فعل غفلة أو نسياناً أزاله فوراً، و يستحب التلبية حينئذ، بل هي الأحوط. نعم، لا (1) و الظاهر عدم تعيّنه، بل يتخيّر بينه و بين الصيام ثلاثة أيّام و بين دم شاة. (2) بل الأحوط فيه إطعام ثلاثة مساكين. (3) أي في غير حال الوضوء أو الغسل. (4) في التغطية على الأقوى، و في الحمل على الأحوط. (5) لا دلالة للنصّ الوارد في الاذن على أنّه جزء من الرأس، و عليه فالظاهر جواز تغطية بعضها. (6) كما أنّه يستثني منه عصابة الصداع للرواية. (7) على الأحوط فيه و في ارتماس بعض الرأس. نعم، حكم بعض الاذن ما مرّ.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 419

بأس بوضع الرأس عند النوم على المخدّة و نحوها. و لا بأس بتغطية وجهه مطلقاً.

[مسألة 32: كفّارة تغطية الرأس بأيّ نحو شاة]

مسألة 32: كفّارة تغطية الرأس بأيّ نحو شاة (1)، و الأحوط (2) ذلك في تغطية بعضه. و الأحوط تكرّرها في تكرّر التغطية، و إن لا يبعد عدم وجوبه حتّى إذا تخلّلت الكفّارة، و إن كان الاحتياط مطلوباً فيه جدّاً.

[مسألة 33: تجب الكفّارة إذا خالف عن علم و عمد]

مسألة 33: تجب الكفّارة إذا خالف عن علم و عمد، فلا تجب على الجاهل بالحكم و لا على الغافل و الساهي و الناسي.

[الثامن عشر: تغطية المرأة وجهها بنقاب و برقع و نحوهما حتى المروحة]

اشارة

الثامن عشر: تغطية المرأة وجهها بنقاب و برقع و نحوهما حتى المروحة، و الأحوط عدم التغطية بما لا يتعارف كالحشيش و الطين، و بعض الوجه في حكم تمامه (3).

نعم، يجوز وضع يديها على وجهها، و لا مانع من وضعه (4) على المخدّة و نحوها للنوم.

[مسألة 34: يجب ستر الرأس عليها للصلاة]

مسألة 34: يجب ستر الرأس عليها للصلاة، و وجب ستر مقدار من أطراف الوجه مقدّمة، لكن إذا فرغت من الصّلاة يجب رفعه عن وجهها فوراً.

[مسألة 35: يجوز إسدال الثوب و إرساله من رأسها إلى وجهها إلى أنفها]

مسألة 35: يجوز إسدال الثوب و إرساله من رأسها إلى وجهها إلى أنفها، بل إلى نحرها للستر عن الأجنبي، و الأولى الأحوط أن تُسدله بوجه لا يلصق بوجهها و لو بأخذه بيدها.

[مسألة 36: لا كفّارة على تغطية الوجه

مسألة 36: لا كفّارة على تغطية الوجه، و لا على عدم الفصل بين الثوب و الوجه، و إن كانت أحوط في الصورتين. (1) على الأحوط. (2) الأولى. (3) على الأقوى بالإضافة إلى الطرف الأسفل، أي مارن الأنف إلى الذقن، الذي يتحقّق تغطيته فقط بالنقاب، و على الأحوط بالإضافة إلى الطرف الأعلى. (4) بل لا يبعد الجواز بأيّ نحو في حال النوم.

[التاسع عشر: التظليل فوق الرأس للرجال دون النساء]

اشارة

التاسع عشر: التظليل فوق الرأس للرجال دون النساء، فيجوز لهنّ بأيّة كيفية، و كذا جاز للأطفال. و لا فرق في التظليل بين كونه في المحمل المغطّى فوقه بما يوجبه، أو في السيارة و القطار و الطائرة و السفينة و نحوها المسقفة بما يوجبه. و الأحوط عدم الاستظلال بما لا يكون فوق رأسه، كالسير على جنب المحمل أو الجلوس عند جدار السفينة و الاستظلال بهما، و إن كان الجواز لا يخلو من قوّة.

[مسألة 37: حرمة الاستظلال مخصوصة بحال السير و طيّ المنازل

مسألة 37: حرمة الاستظلال مخصوصة بحال السير و طيّ المنازل، من غير فرق بين الراكب و غيره (1). و أمّا لو نزل في منزل كمنى أو عرفات أو غيرهما، فيجوز الاستظلال تحت السقف و الخيمة و أخذ المظلّة حال المشي، فيجوز لمن كان في منى أن يذهب مع المظلّة إلى المذبح أو إلى محلّ رمي الجمرات، و إن كان الاحتياط في الترك.

[مسألة 38: جلوس المحرم حال طيّ المنزل في المحمل و غيره ممّا هو مسقّف

مسألة 38: جلوس المحرم حال طيّ المنزل في المحمل و غيره ممّا هو مسقّف إذا كان السير في الليل خلاف الاحتياط، و إن كان الجواز لا يخلو من قوّة، فيجوز السير محرماً مع الطائرة السائرة في الليل.

[مسألة 39: إذا اضطرّ إلى التظليل حال السير لبرد أو حرّ أو مطر أو غيرها من الأعذار جاز]

مسألة 39: إذا اضطرّ إلى التظليل حال السير لبرد أو حرّ أو مطر أو غيرها من الأعذار جاز، و عليه الكفّارة.

[مسألة 40: كفّارة الاستظلال شاة]

مسألة 40: كفّارة الاستظلال شاة، و إن كان عن عذر على الأحوط (2). و الأقوى كفاية شاة في إحرام العمرة و شاة في إحرام الحج، و إن تكرّر منه الاستظلال فيهما.

[العشرون: إخراج الدم من بدنه

العشرون: إخراج الدم من بدنه، و لو بنحو الخدش أو المسواك. و أمّا (1) و لكن لا ريب في جواز السير على جنب المحمل و الاستظلال به بالإضافة إلى الماشي؛ لورود النص الصحيح فيه. (2) بل على الأقوى.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 421

إخراجه من بدن غيره كقلع ضرسه أو حجامته فلا بأس به، كما لا بأس بإخراجه من بدنه عند الحاجة و الضرورة، و لا كفّارة في الإدماء و لو لغير ضرورة.

[الحادي و العشرون: قلم الأظفار و قصّها كلّاً أو بعضاً من اليد أو الرجل

اشارة

الحادي و العشرون: قلم الأظفار و قصّها كلّاً أو بعضاً من اليد أو الرجل، من غير فرق بين آلاته كالمقراضين و المدية و نحوهما، و الأحوط (1) عدم إزالته و لو بالضرس و نحوه، بل الأحوط عدم قصّ الظفر من اليد الزائدة أو الإصبع الزائدة، و إن لا يبعد (2) الجواز لو علم أنّهما زائدان.

[مسألة 41: الكفّارة في كلّ ظفر من اليد أو الرجل مدّ من الطعام

مسألة 41: الكفّارة في كلّ ظفر من اليد أو الرجل مدّ من الطعام ما لم يبلغ في كلّ منهما العشرة، فلو قصّ تسعة أظفار من كلّ منهما فعليه (3) لكلّ واحد مدّ.

[مسألة 42: الكفّارة لقصّ جميع أظفار اليد شاة، و لقصّ جميع أظفار الرجل شاة]

مسألة 42: الكفّارة لقصّ جميع أظفار اليد شاة، و لقصّ جميع أظفار الرجل شاة. نعم، لو قصّهما في مجلس واحد فللمجموع شاة، إلّا مع تخلّل الكفّارة بين قصّ الأوّل و الثاني فعليه شاتان، و لو قصّ جميع أظفار إحداهما و بعض الأُخرى فللجميع شاة، و للبعض (4) لكلّ ظفر مدّ، و لو قصّ جميع إحداهما في مجلس أو مجلسين، و جميع الأُخرى في مجلس آخر أو مجلسين آخرين فعليه شاتان، و لو قصّ جميع أظفار يده في مجالس عديدة فعليه شاة، و كذا في قصّ ظفر الرجل.

[مسألة 43: لو كان أظفار يده أو رجله أقلّ من عشرة فقصّ الجميع فلكلّ واحد مدّ]

مسألة 43: لو كان أظفار يده أو رجله أقلّ من عشرة فقصّ الجميع فلكلّ واحد مدّ، و الأحوط (5) دم شاة، و لو كانت أكثر فقص الجميع فعليه شاة، و كذا لو (1) بل الأقوى. (2) لا فرق بين صورة العلم و عدمه في أنّ مقتضى الاحتياط الوجوبي في كلتيهما هو عدم الجواز. (3) بل الظاهر ثبوت كفّارة الدم في هذه الصورة أيضاً، و أنّه لا يعتبر المماثلة في عشر الظفر. (4) لا كفّارة للبعض في هذه الصورة. (5) بل الأقوى ثبوت الشاة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 422

قص جميع أظفاره الأصلية على الأحوط، و لو قص بعض الأصلية و بعض الزائدة فلكلّ من الأصلية مدّ، و الأولى الأحوط تكفير مدّ لكلّ من الزائدة.

[مسألة 44: لو اضطرّ إلى قلم أظفاره أو بعضها جاز]

مسألة 44: لو اضطرّ إلى قلم أظفاره أو بعضها جاز، و الأحوط (1) الكفّارة بنحو ما ذكر.

[الثاني و العشرون: قلع الضرس و لو لم يدم على الأحوط]

الثاني و العشرون: قلع الضرس و لو لم يدم على الأحوط. و فيه شاة على الأحوط.

[الثالث و العشرون: قلع الشجر و الحشيش النابتين في الحرم و قطعهما]

اشارة

الثالث و العشرون: قلع الشجر و الحشيش النابتين في الحرم و قطعهما، و يستثنى منه موارد:

الأوّل: ما نبت (2) في داره و منزله بعد ما صارت داره و منزله، فإن غرسه و أنبته بنفسه جاز قلعهما و قطعهما، و إن لم يغرس الشجر بنفسه فالأحوط الترك، و إن كان الأقوى الجواز، و لا يترك الاحتياط في الحشيش (3) إن لم ينبته بنفسه. و لو اشترى داراً فيه شجر و حشيش فلا يجوز له قطعهما.

الثاني: شجر (4) الفواكه و النخيل، سواء أنبته اللَّه تعالى أو الآدمي.

الثالث: الإذخر، و هو حشيش (5).

[مسألة 45: لو قطع الشجرة التي لا يجوز قطعها أو قلعها]

مسألة 45: لو قطع الشجرة التي لا يجوز قطعها أو قلعها، فإن كانت كبيرة فعليه بقرة، و إن كانت صغيرة فعليه شاة على الأحوط. (1) الأولى، و يجوز الاكتفاء بقبضة من طعام مكان كلّ ظفر و إن بلغ عشرة. (2) الملاك في الاستثناء إمّا الإنبات الذي هو أعمّ من المباشرة أو التسبيب، سواء كان في ملكه أو لا، و إمّا النبات في ملكه بعد ما صار ملكه. (3) لا فرق بينه و بين الشجر في أنّ الاحتياط استحبابي. (4) الظاهر أنّه ليس مستثنى من حرمة القلع و القطع، بل من حرمة نزع ثمرتهما للأكل و الأغصان المؤثّرة في حصولها أو جودتها. (5) قد مرّ في باب الطيب أنّه من الرياحين البرّية التي لها رائحة طيّبة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 423

مسألة 46: لو قطع بعض الشجر فالأقوى لزوم الكفّارة بقيمته، و ليس في الحشيش كفّارة إلّا الاستغفار.

[مسألة 47: لو مشى على النحو المتعارف و قطع حشيشاً فلا بأس به

مسألة 47: لو مشى على النحو المتعارف و قطع حشيشاً فلا بأس به، كما جاز تعليف ناقته به، لكن لا يقطع (1) هو لها.

[مسألة 48: لا يجوز للمحل أيضاً قطع الشجر و الحشيش من الحرم

مسألة 48: لا يجوز (2) للمحل أيضاً قطع الشجر و الحشيش من الحرم فيما لا يجوز للمحرم.

[الرابع و العشرون: لبس السلاح

الرابع و العشرون: لبس السلاح على الأحوط، كالسيف و الخنجر و الطبنجة و نحوها ممّا هو آلات الحرب إلّا لضرورة، و يكره (3) حمل السلاح إذا لم يلبسه إن كان ظاهراً، و الأحوط الترك.

[القول في الطواف

اشارة

القول في الطواف الطواف أوّل (4) واجبات العمرة، و هو عبارة عن سبعة أشواط حول الكعبة المعظّمة بتفصيل و شرائط آتية، و هو ركن يبطل العمرة بتركه عمداً إلى وقت فوته، سواء كان عالماً بالحكم أو جاهلًا (5). و وقت فوته ما إذا ضاق الوقت عن إتيانه (1) محلّ إشكال، بل منع. (2) و عليه فلا يكون هذا الأمر من محرّمات الإحرام. (3) لا دليل على الكراهة في الحمل إذا لم يصدق معه عنوان كونه مسلّحاً، و مع الصدق يكون محرّماً، و لا فرق بين صورتي الظهور و عدمه. (4) بل ثانيها، و أوّلها الإحرام، و إن كان يمكن توجيه الأوّلية، نظراً إلى كون ماهية الإحرام متقوّمة بنية الحجّ أو العمرة، و الظاهر مغايرة النية مع المنوي. (5) بالحكم أو بالموضوع.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 424

و إتيان سائر أعمال العمرة و إدراك الوقوف (1) بعرفات.

[مسائل

[مسألة 1: الأحوط لمن أبطل عمرته عمداً الإتيان بحجّ الإفراد]

مسألة 1: الأحوط لمن أبطل عمرته عمداً الإتيان بحجّ الإفراد، و بعده بالعمرة و الحج من قابل.

[مسألة 2: لو ترك الطواف سهواً يجب (2) الإتيان به في أيّ وقت أمكنه

مسألة 2: لو ترك الطواف سهواً يجب (2) الإتيان به في أيّ وقت أمكنه. و إن رجع إلى محلّه و أمكنه الرجوع بلا مشقّة وجب (3)، و إلّا استناب لإتيانه.

[مسألة 3: لو لم يقدر على الطواف لمرض و نحوه

مسألة 3: لو لم يقدر على الطواف لمرض و نحوه، فإن أمكن أن يطاف به و لو بحمله على سرير وجب، و يجب مراعاة ما هو معتبر فيه بقدر الإمكان، و إلّا تجب الاستنابة عنه.

[مسألة 4: لو سعى قبل الطواف

مسألة 4: لو سعى قبل الطواف (4) فالأحوط (5) إعادته بعده، و لو قدّم الصلاة عليه يجب إعادتها بعده.

[القول في واجبات الطواف

اشارة

القول في واجبات الطواف و هي قسمان:

[الأوّل في شرائطه
اشارة

الأوّل: في شرائطه، و هي أُمور: (1) أي الجزء الركني من الوقوف الاختياري على ما مرّ. (2) و الأحوط إعادة السعي أيضاً، كما أنّ الظاهر ثبوت كفّارة الهدي لو رجع إلى أهله و واقعها، كما سيصرّح به في المسألة الثانية عشرة ممّا يجب بعد أعمال منى، و الأحوط استحباباً نحر البدنة. (3) و الواجب عند التجاوز عن الميقات في الرجوع إلى مكّة الإحرام و لو للعمرة المفردة. (4) أي نسياناً. (5) بل الأقوى.

[الأوّل: النية]

الأوّل: النية (1) بالشرائط المتقدّمة في الإحرام.

[الثاني: الطهارة من الأكبر و الأصغر]
اشارة

الثاني: الطهارة من الأكبر و الأصغر، فلا يصحّ من الجنب و الحائض و من كان محدثاً بالأصغر، من غير فرق بين العالم و الجاهل و الناسي.

[مسألة 1: لو عرضه (2) في أثنائه الحدث الأصغر]

مسألة 1: لو عرضه (2) في أثنائه الحدث الأصغر، فإن كان بعد إتمام الشوط الرابع توضّأ و أتى بالبقية و صحّ، و إن كان قبله فالأحوط (3) الإتمام مع الوضوء و الإعادة. و لو عرضه الأكبر وجب الخروج من المسجد فوراً، و أعاد الطواف بعد الغسل لو لم يتمّ أربعة أشواط، و إلّا أتمّه.

[مسألة 2: لو كان له عذر عن المائية يتيمّم بدلًا عن الوضوء أو الغسل

مسألة 2: لو كان له عذر عن المائية يتيمّم بدلًا عن الوضوء أو الغسل، و الأحوط مع رجاء ارتفاع العذر الصبر إلى ضيق الوقت.

[مسألة 3: لو شك في أثناء الطواف أنّه كان على وضوء]

مسألة 3: لو شك في أثناء الطواف أنّه كان (4) على وضوء، فإن كان بعد تمام الشوط الرابع توضّأ و أتمّ طوافه (5) و صحّ، و إلّا فالأحوط الإتمام ثمّ الإعادة. و لو شك في أثنائه في أنّه اغتسل من الأكبر يجب الخروج فوراً، فإن أتمّ الشوط الرابع (1) و المراد من النيّة هي نية طواف العمل الذي أحرم له من حجّ، أو عمرة تمتّع، أو عمرة مفردة، و لا يجري في نية الطواف الإشكال الذي أفاده الماتن (قدّس سرّه) في نيّة الإحرام، و إن أجبنا عن الإشكال. (2) أي من غير اختيار. (3) إن كان بعد تجاوز النصف و قبل تمامية الشوط الرابع، و إلّا فالأقوى هو البطلان، بل لا يخلو البطلان في الفرض الأوّل عن قوّة، و هكذا في الحدث الأكبر. (4) و لم تعلم الحالة السابقة على الشروع في الطواف، و إلّا فإن كانت تلك الحالة هي الطهارة، فالظاهر جواز الإتمام مطلقاً و عدم لزوم الوضوء للإتمام، و كذا عدم لزوم الإعادة، و إن كانت هي الحدث فالظاهر لزوم الإعادة مطلقاً. (5) مشكل، بل الأحوط الإتمام ثم الإعادة كما في الصورة الثانية.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 426

فشك أتمّ الطواف بعد الغسل و صحّ، و الأحوط (1) الإعادة، و إن عرضه الشك قبله أعاد الطواف بعد الغسل. و لو شك بعد الطواف لا يعتني به، و يأتي بالطهور للأعمال اللاحقة (2).

[الثالث: طهارة البدن و اللباس
اشارة

الثالث: طهارة البدن و اللباس، و الأحوط (3) الاجتناب عمّا هو المعفوّ عنه في الصلاة، كالدم الأقل من الدرهم، و ما لا تتمّ فيه الصلاة حتّى الخاتم (4). و أمّا دم القروح و الجروح، فإن كان في تطهيره حرج عليه لا يجب،

و الأحوط تأخير الطواف مع رجاء إمكان التطهير بلا حرج بشرط أن لا يضيق الوقت، كما أنّ الأحوط (5) تطهير اللباس أو تعويضه مع الإمكان.

[مسألة 4: لو علم بعد الطواف بنجاسة ثوبه أو بدنه حاله

مسألة 4: لو علم بعد الطواف بنجاسة ثوبه أو بدنه حاله فالأصح صحّة طوافه، و لو شك في طهارتهما قبل الطواف جاز الطواف بهما و صحّ، إلّا مع العلم بالنجاسة و الشك في التطهير.

[مسألة 5: لو عرضته نجاسة في أثناء الطواف أتمّه بعد التطهير]

مسألة 5: لو عرضته نجاسة في أثناء الطواف أتمّه بعد التطهير (6) و صحّ. و كذا لو رأى نجاسة و احتمل عروضها في الحال. و لو علم أنّها كانت من أوّل الطواف فالأحوط (7) الإتمام (8) بعد التطهير ثمّ الإعادة، سيّما إذا طال زمان التطهير، فالأحوط حينئذ الإتيان بصلاة الطواف بعد الإتمام ثمّ إعادة الطواف و الصلاة، (1) لا يترك. (2) حتى لصلاة الطواف. (3) بل الظاهر. (4) لا تعتبر طهارة مثله ممّا لا يعدّ ثوباً، و إن كان ملبوساً. (5) بل الظاهر. (6) أو التبديل. (7) و الظاهر هي الصحّة و كون الاحتياط استحبابياً. (8) أو الإعادة بقصد الأعم من الإتمام أو التمام.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 427

و لا فرق في ذلك الاحتياط بين إتمام الشوط الرابع و عدمه.

[مسألة 6: لو نسي الطهارة و تذكّر بعد الطواف أو في أثنائه

مسألة 6: لو نسي الطهارة و تذكّر بعد الطواف أو في أثنائه فالأحوط (1) الإعادة.

[الرابع: أن يكون مختوناً]

الرابع: أن يكون مختوناً. و هو شرط في الرجال لا النساء. و الأحوط مراعاته في الأطفال، فلو أحرم الطفل الأغلف بأمر وليّه أو أحرمه وليّه صحّ إحرامه و لم يصحّ طوافه على الأحوط (2)، فلو أحرم بإحرام الحج حرم عليه النساء على الأحوط، و تحلّ بطواف النساء مختوناً أو الاستنابة له للطواف، و لو تولّد الطفل مختوناً صحّ طوافه.

[الخامس: ستر العورة]

الخامس: ستر العورة (3) فلو طاف بلا ستر بطل طوافه. و تعتبر في الساتر الإباحة، فلا يصحّ (4) مع المغصوب، بل لا يصح على الأحوط (5) مع غصبية غيره من سائر لباسه.

[السادس: الموالاة بين الأشواط عرفاً على الأحوط]

السادس: الموالاة بين الأشواط عرفاً على الأحوط؛ بمعنى أن لا يفصل بين الأشواط بما يخرج عن صورة طواف واحد.

[القسم الثاني: ما عدّ جزءاً لحقيقته، و لكن بعضها من قبيل الشرط]
اشارة

القسم الثاني: ما عدّ جزءاً لحقيقته، و لكن بعضها من قبيل الشرط، و الأمر سهل.

و هي أُمور: (1) استحباباً. نعم، لو تذكّر بعد صلاة الطواف أعادها دونه. (2) بل على الأظهر في المميّز الذي يحرم لنفسه. (3) أي بالأعم من اللباس، فيجوز الستر باليد أو بالحشيش أو بالطين و نحوها. (4) على الأحوط. (5) لا تجب رعاية هذا الاحتياط.

[الأوّل: الابتداء بالحجر الأسود]

الأوّل: الابتداء بالحجر الأسود، و هو يحصل (1) بالشروع من الحجر الأسود من أوّله أو وسطه أو آخره.

[الثاني: الختم به
اشارة

الثاني: الختم به، و يجب الختم في كلّ شوط بما ابتدأ منه، و يتمّ الشوط به. و هذان الشرطان يحصلان بالشروع من جزء منه، و الدور سبعة أشواط، و الختم (2) بما بدأ منه، و لا يجب بل لا يجوز ما فعله بعض أهل الوسوسة و بعض الجهّال؛ ممّا يوجب الوهن على المذهب الحق، بل لو فعله ففي صحة طوافه إشكال.

[مسألة 7: لا يجب الوقوف في كلّ شوط]

مسألة 7: لا يجب الوقوف في كلّ شوط، و لا يجوز ما فعله الجهّال من الوقوف و التقدّم و التأخّر بما يوجب الوهن على المذهب.

[الثالث: الطواف على اليسار]
اشارة

الثالث: الطواف على اليسار؛ بأن تكون الكعبة المعظّمة حال الطواف على يساره، و لا يجب أن يكون البيت في تمام الحالات محاذياً حقيقة للكتف، فلو انحرف قليلًا حين الوصول إلى حجر إسماعيل (عليه السّلام) صحّ، و إن تمايل البيت إلى خلفه (3) و لكن كان الدور على المتعارف، و كذا لو كان ذلك عند العبور عن زوايا البيت، فإنّه لا إشكال فيه بعد (4) كون الدور على النحو المتعارف ممّا فعله سائر المسلمين.

[مسألة 8: الاحتياط بكون البيت في جميع الحالات على الكتف الأيسر]

مسألة 8: الاحتياط بكون البيت في جميع الحالات على الكتف الأيسر، و إن كان ضعيفاً جدّاً، و يجب على الجهّال و العوام الاحتراز عنه لو كان موجباً للشهرة (1) و الاحتياط التام المستحسن يحصل بأن ينوي دون الحجر بقليل، أن يبدأ بالطواف من محاذي الحجر، فيشرع فيه، و هكذا في ناحية الختم، فيمضي من مقابل الحجر بقليل ليتحقق الختم به يقيناً، مع كون المنوي هو الختم بالمحاذي. (2) هذه العبارة ربما تدلّ على أنّه إذا كان الابتداء من آخر الحجر يلزم أن يكون الختم بالجزء الآخر أيضاً، و كذلك بالإضافة إلى الجزء الوسط، مع أنّ الظاهر عدم لزومه، فإنّ اللازم هو الابتداء بالحجر عرفاً، و الختم به كذلك. (3) أو إلى مقابله عند الفتح الآخر من الحجر. (4) و بعد كون رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) طاف راكباً بالنحو المتعارف.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 429

و وهن المذهب، لكن لا مانع (1) منه لو فعله عالم عاقل بنحو لا يكون مخالفاً للتقيّة أو موجباً للشهرة.

[مسألة 9: لو طاف على خلاف المتعارف في بعض أجزاء شوطه مثلًا]

مسألة 9: لو طاف على خلاف المتعارف في بعض أجزاء شوطه مثلًا كما لو صار بواسطة المزاحمة وجهه إلى الكعبة أو خلفه إليها، أو طاف على خلفه، على عكس المتعارف يجب جبرانه، و لا يجوز الاكتفاء به.

[مسألة 10: لو سلب بواسطة الازدحام الاختيار منه في طوافه

مسألة 10: لو سلب بواسطة الازدحام الاختيار منه في طوافه، فطاف و لو على اليسار بلا اختيار وجب جبرانه و إتيانه باختيار، و لا يجوز الاكتفاء بما فعل.

مسألة 11: يصح الطواف بأيّ نحو من السرعة و البطء ماشياً و راكباً، لكن الأولى المشي اقتصاداً.

[الرابع: إدخال حجر إسماعيل (عليه السّلام) في الطواف

الرابع: إدخال حجر إسماعيل (عليه السّلام) في الطواف، فيطوف خارجه عند الطواف حول البيت، فلو طاف من داخله أو على جداره بطل طوافه و تجب الإعادة، و لو فعله عمداً فحكمه حكم من أبطل الطواف عمداً كما مرّ، و لو كان سهواً فحكمه حكم إبطال الطواف سهواً، و لو تخلّف في بعض الأشواط فالأحوط (2) إعادة الشوط، و الظاهر عدم لزوم إعادة الطواف، و إن كانت أحوط.

[الخامس: أن يكون الطواف بين البيت و مقام إبراهيم عليه السّلام
اشارة

الخامس: أن يكون الطواف بين البيت و مقام إبراهيم (عليه السّلام)، و مقدار الفصل بينهما في سائر الجوانب، فلا يزيد عنه. و قالوا: إنّ الفصل بينهما ستة و عشرين ذراعاً و نصف ذراع، فلا بدّ أن لا يكون الطواف في جميع الأطراف زائداً على هذا المقدار.

[مسألة 12: لا يجوز جعل مقام إبراهيم (عليه السّلام) داخلًا في طوافه

مسألة 12: لا يجوز جعل مقام إبراهيم (عليه السّلام) داخلًا في طوافه، فلو أدخله بطل، (1) يمكن أن يقال: بأنّ الاحتياط في تركه. (2) بل الأظهر.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 430

و لو أدخله في بعضه أعاد ذلك البعض، و الأحوط إعادة الطواف بعد إتمام دوره بإخراجه.

[مسألة 13: يضيق محلّ الطواف خلف حجر إسماعيل بمقداره

مسألة 13: يضيق (1) محلّ الطواف خلف حجر إسماعيل بمقداره، و قالوا: بقي هناك ستّة أذرع و نصف تقريباً، فيجب أن لا يتجاوز هذا الحدّ، و لو تخلّف أعاد هذا الجزء في الحد.

[السادس: الخروج عن حائط البيت و أساسه

السادس: الخروج عن حائط البيت و أساسه، فلو مشى عليهما لم يجزئ و يجب جبرانه، كما أنّه لو مشى على جدران الحجر وجب الجبران و إعادة ذاك الجزء، و لا بأس بوضع اليد على الجدار عند الشاذروان، و الأولى (2) تركه.

[السابع: أن يكون طوافه سبعة أشواط]
اشارة

السابع: أن يكون طوافه سبعة أشواط.

[مسألة 14: لو قصد الإتيان زائداً عليها أو ناقصاً عنها بطل طوافه

مسألة 14: لو قصد الإتيان زائداً عليها أو ناقصاً عنها بطل طوافه و لو أتمّه سبعاً. و الأحوط (3) إلحاق الجاهل بالحكم بل الساهي و الغافل بالعامد في وجوب الإعادة.

[مسألة 15: لو تخيّل استحباب شوط بعد السبعة الواجبة]

مسألة 15: لو تخيّل استحباب شوط بعد السبعة الواجبة، فقصد أن يأتي بالسبعة الواجبة و أتى بشوط آخر مستحبّ صحّ طوافه.

[مسألة 16: لو نقص من طوافه سهواً]

مسألة 16: لو نقص من طوافه سهواً، فإن جاوز النصف فالأقوى وجوب إتمامه (4) إلّا أن يتخلّل الفعل الكثير، فحينئذ الأحوط (5) الإتمام و الإعادة، و إن لم يجاوزه أعاد الطواف، لكن الأحوط الإتمام و الإعادة. (1) لا يبعد أن يقال بعدم الضيق، و إلّا لكان اللازم التعرّض له في الرواية. (2) بل الأحوط الذي لا يترك. (3) الأولى. (4) سواء كان شوطاً واحداً أو أكثر. (5) الأولى.

[مسألة 17: لو لم يتذكّر بالنقص إلّا بعد الرجوع إلى وطنه

مسألة 17: لو لم يتذكّر بالنقص إلّا بعد الرجوع إلى وطنه مثلًا يجب مع الإمكان الرجوع إلى مكّة لاستئنافه، و مع عدمه أو حرجيّته تجب الاستنابة، و الأحوط (1) الإتمام ثمّ الإعادة.

[مسألة 18: لو زاد على سبعة سهواً]

مسألة 18: لو زاد على سبعة سهواً، فإن كان الزائد أقل من شوط قطع و صحّ طوافه، و لو كان شوطاً أو أزيد فالأحوط إتمامه سبعة أشواط بقصد القُربة، من غير تعيين الاستحباب أو الوجوب، و صلّى ركعتين قبل السعي، و جعلهما للفريضة من غير تعيين للطواف الأوّل أو الثاني، و صلّى (2) ركعتين بعد السعي لغير الفريضة.

[مسألة 19: يجوز قطع الطواف المستحب بلا عذر]

مسألة 19: يجوز قطع الطواف المستحب بلا عذر، و كذا المفروض على الأقوى، و الأحوط (3) عدم قطعه؛ بمعنى قطعه بلا رجوع إلى فوت الموالاة العرفية.

[مسألة 20: لو قطع طوافه و لم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل أتمّه و صحّ طوافه

مسألة 20: لو قطع طوافه و لم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل أتمّه و صحّ طوافه (4). و لو أتى بالمنافي، فإن قطعه بعد تمام الشوط الرابع فالأحوط إتمامه و إعادته (5).

[مسألة 21: لو حدث عذر بين طوافه من مرض أو حدث بلا اختيار]

مسألة 21: لو حدث عذر بين طوافه من مرض أو حدث بلا اختيار، فإن كان بعد تمام الشوط الرابع أتمّه بعد رفع العذر و صحّ، و إلّا أعاده (6).

[مسألة 22: لو شك بعد الطواف و الانصراف في زيادة الأشواط]

مسألة 22: لو شك بعد الطواف و الانصراف في زيادة الأشواط لا يعتني به و بنى على الصحّة، و لو شك في النقيصة فكذلك على إشكال (7)، فلا يترك (1) يجري فيه التفصيل المتقدّم. (2) على الأحوط الأولى. (3) الأولى (4) و كذا لو قطع طوافه و استأنفه صحّ أيضاً مطلقاً و إن لم يأت بالمنافي. (5) الإعادة مستحبّة. (6) فيما إذا لم يتجاوز النصف، و مع التجاوز و عدم تماميّة الشوط الرابع الأحوط الإتمام و الإعادة. (7) فيما إذا لم يدخل في الغير، و مع الدخول فيه كصلاة الطواف لا يعتني به، بل و فيما إذا لم يدخل فيه الظاهر هي الصحّة مع الانصراف.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 432

الاحتياط. و لو شك بعده في صحته من جهة الشك في أنّه طاف مع فقد شرط، أو وجود مانع بنى على الصحّة حتّى إذا حدث قبل الانصراف بعد حفظ السبعة بلا نقيصة و زيادة.

[مسألة 23: لو شك بعد الوصول إلى الحجر الأسود في أنّه زاد على طوافه

مسألة 23: لو شك بعد الوصول إلى الحجر الأسود في أنّه زاد على طوافه بنى على الصحّة (1)، و لو شك قبل الوصول في أنّ ما بيده السابع أو الثامن مثلًا بطل (2). و لو شك في آخر الدور أو في الأثناء أنّه السابع أو السادس أو غيره من صور النقصان بطل طوافه.

[مسألة 24: كثير الشك في عدد الأشواط لا يعتني بشكّه

مسألة 24: كثير الشك في عدد الأشواط لا يعتني بشكّه، و الأحوط استنابة شخص وثيق لحفظ الأشواط، و الظنّ في عدد الأشواط في حكم الشك (3).

[مسألة 25: لو علم في حال السعي عدم الإتيان بالطواف قطع و أتى به ثمّ أعاد السعي

مسألة 25: لو علم في حال السعي عدم الإتيان بالطواف قطع و أتى به ثمّ أعاد السعي. و لو علم نقصان طوافه قطع و أتمّ ما نقص و رجع و أتمّ ما بقي من السعي و صحّ، لكن الأحوط فيها الإتمام و الإعادة لو طاف أقل من أربعة أشواط، و كذا لو سعى أقلّ منها فتذكّر.

[مسألة 26: التكلّم و الضحك و إنشاد الشعر لا تضرّ بطوافه لكنّها مكروهة]

مسألة 26: التكلّم و الضحك و إنشاد الشعر لا تضرّ بطوافه لكنّها مكروهة، و يستحب فيه القراءة و الدعاء و ذكر اللَّه تعالى.

[مسألة 27: لا يجب في حال الطواف كون صفحة الوجه إلى القدّام

مسألة 27: لا يجب في حال الطواف كون صفحة الوجه إلى القدّام، بل يجوز الميل إلى اليمين و اليسار و العقب بصفحة وجهه، و جاز قطع الطواف و تقبيل البيت و الرجوع لإتمامه، كما جاز الجلوس و الاستلقاء بينه بمقدار لا يضرّ بالموالاة العرفية، و إلّا فالأحوط الإتمام و الإعادة. (1) أي عدم الزيادة، فلا يجب عليه ترتيب أحكام زيادة الشوط و ما زاد سهواً المتقدّمة. (2) محلّ إشكال، بل منع. (3) و لو كان سببه هو إخبار الغير الحافظ لعدد أشواط طوافه.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 433

صلاة الطواف

[القول في صلاة الطواف

اشارة

القول في صلاة الطواف

[مسألة 1: يجب بعد الطواف صلاة ركعتين له

مسألة 1: يجب بعد الطواف صلاة ركعتين له، و تجب المبادرة إليها بعده على الأحوط (1)، و كيفيتها كصلاة الصبح، و يجوز فيهما الإتيان بكلّ سورة إلّا العزائم، و يستحب في الأُولى التوحيد و في الثانية الجحد، و جاز الإجهار بالقراءة و الإخفات.

[مسألة 2: الشك في عدد الركعات موجب للبطلان

مسألة 2: الشك في عدد الركعات موجب للبطلان، و لا يبعد (2) اعتبار الظن فيه، و هذه الصلاة كسائر الفرائض في الأحكام.

[مسألة 3: يجب أن تكون الصلاة عند مقام إبراهيم عليه السّلام

مسألة 3: يجب أن تكون الصلاة عند مقام إبراهيم (عليه السّلام)، و الأحوط (3) وجوباً كونها خلفه، و كلّما قرب إليه أفضل، لكن لا بحيث يزاحم الناس، و لو تعذّر الخلف للازدحام أتى عنده من اليمين أو اليسار، و لو لم يمكنه أن يصلّي عنده يختار (4) الأقرب من الجانبين و الخلف، و مع التساوي يختار الخلف، و لو كان الطرفان أقرب من الخلف لكن خرج الجميع عن صدق كونها عنده لا يبعد الاكتفاء بالخلف، لكن الأحوط إتيان صلاة أُخرى في أحد الجانبين مع رعاية الأقربيّة. و الأحوط (5) إعادة الصلاة مع الإمكان خلف المقام لو تمكّن بعدها إلى أن يضيق وقت السعي.

[مسألة 4: لو نسي الصلاة أتى بها أينما تذكّر عند المقام

مسألة 4: لو نسي الصلاة أتى بها أينما تذكّر عند المقام، و لو تذكّر بين السعي (1) بل على الأقوى. (2) كما في مثل صلاة الصبح. (3) بل الأظهر. (4) بل يختار الخلف على الأحوط. (5) الأولى.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 434

رجع و صلّى ثمّ أتمّ السعي من حيث قطعه و صحّ، و لو تذكّر بعد الأعمال المترتّبة عليها لا تجب إعادتها بعدها، و لو تذكّر في محلّ (1) يشقّ عليه الرجوع إلى المسجد الحرام صلّى في مكانه (2) و لو كان بلداً آخر، و لا يجب (3) الرجوع إلى الحرم و لو كان سهلًا، و الجاهل بالحكم بحكم الناسي في جميع الأحكام.

[مسألة 5: لو مات و كان عليه صلاة الطواف

مسألة 5: لو مات و كان عليه صلاة الطواف يجب على ولده الأكبر القضاء.

[مسألة 6: لو لم يتمكّن من القراءة الصحيحة، و لم يتمكّن من التعلّم صلّى بما أمكنه و صحّت

مسألة 6: لو لم يتمكّن من القراءة الصحيحة، و لم يتمكّن من التعلّم صلّى بما أمكنه و صحّت، و لو أمكن تلقينه فالأحوط ذلك، و الأحوط الاقتداء بشخص عادل، لكن لا يكتفي به كما لا يكتفي بالنائب. السعي

[القول في السعي

اشارة

القول في السعي

[مسألة 1: يجب بعد ركعتي الطواف السعي بين الصفا و المروة]

مسألة 1: يجب بعد ركعتي الطواف السعي بين الصفا و المروة، و يجب أن يكون سبعة أشواط؛ من الصفا إلى المروة شوط، و منها إليه شوط آخر، و يجب البدأة بالصفا و الختم بالمروة، و لو عكس بطل، و تجب الإعادة أينما تذكّر (4) و لو بين السعي.

[مسألة 2: يجب على الأحوط أن يكون الابتداء بالسعي من أوّل جزء من الصفا]

مسألة 2: يجب على الأحوط أن يكون الابتداء بالسعي من أوّل جزء من الصفا، فلو صعد (5) إلى بعض الدرج في الجبل و شرع كفى، و يجب الختم بأوّل (1) غير منى، و أمّا إذا كان تذكّره بمنى فيتخيّر بين أن يصلّي فيه و بين الاستنابة. (2) و لا يبعد جواز الاستنابة أيضاً. (3) نعم، هو أحوط. (4) و كذا في صورة ارتفاع الجهل. (5) و يكفي في هذا الزمان الذي لا تكون الدرج باقية الشروع من أوّل جزء مرتفع من الصفا، و الختم بأول جزء كذلك من المروة، و عليه فلا إشكال في السعي مع المراكب النقلية المتداولة في هذا الزمان.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 435

جزء من المروة، و كفى الصعود إلى بعض الدرج، و يجوز السعي ماشياً و راكباً، و الأفضل المشي.

[مسألة 3: لا يعتبر الطهارة من الحدث و لا الخبث و لا ستر العورة في السعي

مسألة 3: لا يعتبر الطهارة من الحدث و لا الخبث و لا ستر العورة في السعي، و إن كان الأحوط الطهارة من الحدث.

[مسألة 4: يجب أن يكون السعي بعد الطواف و صلاته

مسألة 4: يجب أن يكون السعي بعد الطواف و صلاته، فلو قدّمه على الطواف أعاده بعده و لو لم يكن عن عمد و علم.

[مسألة 5: يجب أن يكون السعي من الطريق المتعارف

مسألة 5: يجب أن يكون السعي من الطريق المتعارف، فلا يجوز الانحراف الفاحش. نعم، يجوز من الطبقة الفوقانية أو التحتانية لو فرض حدوثها بشرط أن تكون بين الجبلين، لا فوقهما أو تحتهما، و الأحوط اختيار الطريق المتعارف قبل إحداث الطبقتين.

[مسألة 6: يعتبر عند السعي إلى المروة أو إلى الصفا الاستقبال إليهما]

مسألة 6: يعتبر عند السعي إلى المروة أو إلى الصفا الاستقبال إليهما، فلا يجوز المشي على الخلف أو أحد الجانبين، لكن يجوز الميل بصفحة وجهه إلى أحد الجانبين أو إلى الخلف، كما يجوز (1) الجلوس و النوم على الصفا أو المروة أو بينهما قبل تمام السعي و لو بلا عذر.

[مسألة 7: يجوز تأخير السعي عن الطواف و صلاته للاستراحة]

مسألة 7: يجوز تأخير السعي عن الطواف و صلاته للاستراحة و تخفيف الحرّ بلا عذر حتى إلى الليل، و الأحوط عدم التأخير إلى الليل، و لا يجوز التأخير إلى الغد بلا عذر.

[مسألة 8: السعي عبادة تجب فيه ما يعتبر فيها من القصد و خلوصه

مسألة 8: السعي عبادة تجب فيه ما يعتبر فيها من القصد و خلوصه، و هو ركن، و حكم تركه عمداً أو سهواً حكم ترك الطواف كما مرّ.

[مسألة 9: لو زاد فيه سهواً شوطاً أو أزيد صحّ سعيه

مسألة 9: لو زاد فيه سهواً شوطاً أو أزيد صحّ سعيه، و الأولى قطعه من (1) الأحوط أن لا يكون بمقدار يقدح في الموالاة العرفيّة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 436

حيث تذكّر، و إن لا يبعد جواز (1) تتميمه سبعاً، و لو نقصه وجب (2) الإتمام أينما تذكّر، و لو رجع إلى بلده و أمكنه الرجوع بلا مشقّة وجب، و لو لم يمكنه أو كان شاقّاً استناب، و لو أتى ببعض الشوط الأوّل و سها و لم يأت بالسعي فالأحوط الاستئناف.

[مسألة 10: لو أحلّ في عمرة التمتّع قبل تمام السعي سهواً بتخيّل الإتمام

مسألة 10: لو أحلّ في عمرة التمتّع قبل تمام السعي سهواً بتخيّل الإتمام و جامع زوجته يجب عليه إتمام السعي، و الكفّارة بذبح بقرة على الأحوط (3)، بل لو قصّر (4) قبل تمام السعي سهواً و فعل ذلك فالأحوط الإتمام و الكفّارة، و الأحوط (5) إلحاق السعي في غير عمرة التمتّع به فيها في الصورتين.

[مسألة 11: لو شك في عدد الأشواط بعد التقصير]

مسألة 11: لو شك في عدد الأشواط بعد التقصير يمضي و يبني (6) على الصحّة، و كذا لو شك في الزيادة بعد الفراغ عن العمل. و لو شك في النقيصة بعد الفراغ و الانصراف ففي البناء على الصحّة إشكال (7)، فالأحوط إتمام ما احتمل من النقص. و لو شك بعد الفراغ أو بعد كلّ شوط في صحّة ما فعل بنى على الصحّة، و كذا لو شك في صحة جزء من الشوط بعد المضي.

[مسألة 12: لو شك و هو في المروة بين السبع و الزيادة كالتسع

مسألة 12: لو شك و هو في المروة بين السبع و الزيادة كالتسع مثلًا بنى على الصحّة، و لو شك في أثناء الشوط أنّه سبع أو الست مثلًا بطل سعيه، و كذا في أشباهه من احتمال النقيصة، و كذا لو شك في أنّ ما بيده سبع أو أكثر قبل تمام الدور. (1) بل استحبابه. (2) إذا أتمّ الشوط الرابع، و إلّا فالأحوط الاستئناف من رأس، كما إذا أتى ببعض الشوط الأوّل على ما ذكر في ذيل المسألة. (3) بل على الأقوى، من دون فرق بين ما إذا طاف ستّة أشواط أو أقل. (4) من دون فرق بين تقليم الظفر و قصّ الشعر. (5) الأولى. (6) سواء كان الشك في النقيصة أو في الزيادة. (7) حتى بناءً على اعتبار الموالاة، كما مرّ أنّه مقتضى الاحتياط اللزومي.

[مسألة 13: لو شك بعد التقصير في إتيان السعي بنى على الإتيان

مسألة 13: لو شك بعد التقصير في إتيان السعي بنى على الإتيان، و لو شك بعد اليوم الذي أتى بالطواف في إتيان السعي لا يبعد (1) البناء عليه أيضاً، لكن الأحوط الإتيان به إن شك قبل التقصير. التقصير

[القول في التقصير]

اشارة

القول في التقصير

[مسألة 1: يجب بعد السعي التقصير]

مسألة 1: يجب بعد السعي التقصير؛ أي قصّ مقدار من الظفر أو شعر الرأس أو الشارب أو اللحية، و الأولى الأحوط عدم الاكتفاء بقصّ الظفر، و لا يكفي (2) حلق الرأس فضلًا عن اللحية.

[مسألة 2: التقصير عبادة تجب فيه النية بشرائطها]

مسألة 2: التقصير عبادة تجب فيه النية بشرائطها، فلو أخلّ (3) بها بطل إحرامه إلّا مع الجبران.

[مسألة 3: لو ترك التقصير عمداً و أحرم بالحجّ بطلت عمرته

مسألة 3: لو ترك التقصير عمداً و أحرم بالحجّ بطلت عمرته، و الظاهر صيرورة حجّه إفراداً، و الأحوط بعد إتمام حجّه أن يأتي بعمرة مفردة و حجّ من قابل، و لو نسي التقصير إلى أن أحرم بالحج صحّت عمرته، و يستحب الفدية بشاة، بل هي أحوط. (1) إن كان المشكوك هو التأخير على فرض الترك لا لعذر، و أمّا إذا كان المشكوك هو التأخير على فرض الترك لعذر فلا مجال للبناء عليه. (2) كما أنّه لا يكفي نتف الشعر. (3) إن كان المراد هو الإخلال بالنية؛ بمعنى وقوع التقصير خارجاً لا عن نية معتبرة في العبادات، فالظاهر أنّه لا وجه حينئذ لبطلان الإحرام، كما أنّه على تقدير بطلانه لا يكون قابلًا للجبران، بل اللازم الإتيان به مع الشرائط المعتبرة فيه. و إن كان المراد هو الإخلال بالتقصير رأساً، فقد تعرّض له في المسألة الآتية لكلتا صورتيه العمد و السهو، و عليه فلم يعلم المراد من هذه العبارة.

[مسألة 4: يحلّ بعد التقصير كلّ ما حرم عليه بالإحرام

مسألة 4: يحلّ بعد التقصير كلّ ما حرم (1) عليه بالإحرام حتّى النساء (2).

[مسألة 5: ليس في عمرة التمتّع طواف النساء]

مسألة 5: ليس في عمرة التمتّع طواف النساء، و لو أتى به رجاءً و احتياطاً لا مانع منه.

[القول في الوقوف بعرفات

اشارة

القول في الوقوف بعرفات

[مسألة 1: يجب بعد العمرة الإحرام بالحجّ و الوقوف بعرفات بقصد القربة]

مسألة 1: يجب بعد العمرة الإحرام بالحجّ و الوقوف بعرفات بقصد القربة كسائر العبادات، و الأحوط كونه من زوال يوم عرفة إلى الغروب الشرعي، و لا يبعد جواز التأخير بعد الزوال بمقدار (3) صلاة الظهرين إذا جمع (4) بينهما، و الأحوط عدم التأخير، و لا يجوز التأخير إلى العصر.

[مسألة 2: المراد بالوقوف مطلق الكون في ذلك المكان الشريف

مسألة 2: المراد بالوقوف مطلق الكون في ذلك المكان الشريف، من غير فرق بين الركوب و غيره، و المشي و عدمه. نعم، لو كان في تمام الوقت نائماً أو مغمى عليه بطل وقوفه.

[مسألة 3: الوقوف المذكور واجب

مسألة 3: الوقوف المذكور واجب، لكن الركن منه مسمّى الوقوف و لو دقيقة أو دقيقتين، فلو ترك الوقوف حتّى مسمّاه عمداً بطل حجّه، و لكن لو وقف بقدر المسمّى و ترك الباقي عمداً صحّ حجّه و إن أثم.

[مسألة 4: لو نفر عمداً من عرفات قبل الغروب الشرعي

مسألة 4: لو نفر عمداً من عرفات قبل الغروب الشرعي، و خرج من (1) سوى الصيد الذي هو من محرّمات الحرم أيضاً. (2) و حتّى حلق جميع الرأس. (3) بل بمقدار الغسل قبلهما أيضاً. (4) بأذان و إقامتين.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 439

حدودها و لم يرجع فعليه الكفّارة ببدنة يذبحها للَّه في (1) أيّ مكان شاء، و الأحوط الأولى أن يكون في مكّة (2)، و لو لم يتمكّن من البدنة صام ثمانية عشر يوماً، و الأحوط الأولى أن يكون على ولاء، و لو نفر سهواً و تذكّر بعده يجب الرجوع، و لو لم يرجع أثم و لا كفّارة عليه و إن كان أحوط، و الجاهل بالحكم كالناسي، و لو لم يتذكّر حتّى خرج الوقت فلا شي ء عليه.

[مسألة 5: لو نفر قبل الغروب عمداً و ندم و رجع و وقف إلى الغروب أو رجع لحاجة]

مسألة 5: لو نفر قبل الغروب عمداً و ندم و رجع و وقف إلى الغروب أو رجع لحاجة لكن بعد الرجوع وقف بقصد القربة فلا كفّارة عليه.

[مسألة 6: لو ترك الوقوف بعرفات من الزوال إلى الغروب لعذر كالنسيان

مسألة 6: لو ترك الوقوف بعرفات من الزوال إلى الغروب لعذر كالنسيان و ضيق الوقت و نحوهما (3) كفى له إدراك مقدار من ليلة العيد و لو كان قليلًا، و هو الوقت الاضطراري للعرفات، و لو ترك الاضطراري عمداً و بلا عذر فالظاهر بطلان حجّه و إن أدرك المشعر، و لو ترك الاختياري و الاضطراري لعذر كفى في صحّة حجّه إدراك الوقوف الاختياري بالمشعر الحرام كما يأتي.

[مسألة 7: لو ثبت هلال ذي الحجّة عند القاضي من العامة و حكم به و لم يثبت عندنا]

مسألة 7: لو ثبت هلال ذي الحجّة عند القاضي من العامة و حكم به و لم يثبت عندنا، فإن أمكن العمل على طبق المذهب الحق بلا تقيّة و خوف وجب، و إلّا وجبت التبعية عنهم و صحّ الحجّ لو لم تتبيّن المخالفة للواقع، بل لا يبعد الصحّة مع العلم بالمخالفة و لا تجوز المخالفة. بل في صحّة الحجّ مع مخالفة التقيّة إشكال (4)، و لمّا كان أُفق الحجاز و نجد مخالفاً لآفاقنا سيّما أُفق إيران فلا يحصل العلم بالمخالفة إلّا نادراً. (1) و الأحوط أن يكون يوم النحر. (2) بل في منى. (3) كالجهل بالموضوع أو الحكم، و كالأعذار الخارجية؛ مثل المرض و شدّة الحرّ أو البرد. (4) بل منع.

[القول في الوقوف بالمشعر الحرام

اشارة

القول في الوقوف بالمشعر الحرام يجب الوقوف بالمشعر من طلوع الفجر من يوم العيد إلى طلوع الشمس، و هو عبادة يجب فيه النية بشرائطها، و الأحوط وجوب الوقوف فيه بالنية الخالصة ليلة العيد بعد الإفاضة من عرفات إلى طلوع الفجر، ثمّ ينوي الوقوف بين الطلوعين، و يستحبّ الإفاضة من المشعر قبل طلوع الشمس بنحو لا يتجاوز (1) عن وادي محسّر. و لو جاوزه عصى و لا كفّارة عليه، و الأحوط الإفاضة بنحو لا يصل قبل طلوع الشمس إلى وادي محسّر. و الركن هو الوقوف بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بمقدار صدق مسمّى الوقوف و لو دقيقة أو دقيقتين، فلو ترك الوقوف بين الطلوعين مطلقاً بطل حجّه بتفصيل يأتي.

[مسألة 1: يجوز الإفاضة من المشعر ليلة العيد بعد وقوف مقدار منها للضعفاء]

مسألة 1: يجوز الإفاضة من المشعر ليلة العيد بعد وقوف مقدار منها للضعفاء، كالنساء و الأطفال و الشيوخ، و من له عذر كالخوف و المرض، و لمن ينفر بهم و يراقبهم و يمرّضهم، و الأحوط الذي لا يترك أن لا ينفروا قبل نصف الليل، فلا يجب على هذه الطوائف الوقوف بين الطلوعين.

[مسألة 2: من خرج قبل طلوع الفجر بلا عذر و متعمّداً و لم يرجع إلى طلوع الشمس

مسألة 2: من خرج قبل طلوع الفجر بلا عذر و متعمّداً و لم يرجع إلى طلوع الشمس، فإن لم يفته الوقوف بعرفات و وقف بالمشعر ليلة العيد إلى طلوع الفجر صحّ حجّه على المشهور، و عليه شاة، لكن الأحوط خلافه، فوجب عليه بعد إتمامه الحجّ من قابل على الأحوط (2). (1) أي لا يدخل الوادي. (2) بل على الأقوى.

[مسألة 3: من لم يدرك الوقوف بين الطلوعين و الوقوف بالليل

مسألة 3: من لم يدرك الوقوف بين الطلوعين و الوقوف بالليل لعذر و أدرك الوقوف بعرفات، فإن أدرك مقداراً من طلوع الفجر من يوم العيد إلى الزوال و وقف بالمشعر و لو قليلًا صحّ حجّه.

[مسألة 4: قد ظهر ممّا مرّ أنّ لوقوف المشعر ثلاثة أوقات

مسألة 4: قد ظهر ممّا مرّ أنّ لوقوف المشعر ثلاثة أوقات: وقتاً اختيارياً و هو بين الطلوعين، و وقتين اضطراريين: أحدهما ليلة العيد لمن له عذر، و الثاني من طلوع الشمس من يوم العيد إلى الزوال كذلك. و أنّ لوقوف عرفات وقتاً اختيارياً هو من زوال يوم عرفة إلى الغروب الشرعي، و اضطراريّاً هو ليلة العيد للمعذور، فحينئذ بملاحظة إدراك أحد الموقفين أو كليهما اختيارياً أو اضطراريّاً، فرداً و تركيباً، عمداً أو جهلًا أو نسياناً أقسام كثيرة نذكر ما هو مورد الابتلاء:

الأوّل: إدراك اختياريهما، فلا إشكال في صحة حجّه من هذه الناحية.

الثاني: عدم إدراك الاختياري و الاضطراري منهما، فلا إشكال في بطلانه، عمداً كان أو جهلًا أو نسياناً، فيجب عليه الإتيان بعمرة مفردة مع إحرامه الذي للحجّ، و الأولى قصد العدول إليها، و الأحوط لمن كان معه الهدي أن يذبحه، و لو كان عدم الإدراك (1) من غير تقصير لا يجب عليه الحج إلّا مع حصول شرائط الاستطاعة في القابل، و إن كان عن تقصير يستقرّ عليه الحجّ و يجب من قابل و لو لم يحصل شرائطها.

الثالث: درك اختياري عرفة مع اضطراري المشعر النهاري، فإن ترك اختياري المشعر عمداً بطل، و إلّا صحّ.

الرابع: درك اختياري المشعر مع اضطراري عرفة، فإن ترك اختياري عرفة عمداً بطل، و إلّا صحّ. (1) لا وجه لهذا التفصيل مع ملاحظة النصوص، و الأحوط لو لم يكن أقوى لزوم الحجّ من قابل مطلقاً، و لو كان

الحجّ استحبابيّاً و كان الفوت لعذر.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 442

الخامس: درك اختياري عرفة مع اضطراري المشعر الليلي، فإن ترك اختياري المشعر بعذر صحّ، و إلّا بطل على الأحوط (1).

السادس: درك اضطراري عرفة و اضطراري المشعر الليلي، فإن كان صاحب عذر و ترك اختياري عرفة عن غير عمد صحّ على الأقوى. و غير المعذور إن ترك اختياري عرفة عمداً بطل حجّه، و إن ترك اختياري المشعر عمداً فكذلك على الأحوط (2)، كما أنّ الأحوط ذلك في غير العمد أيضاً.

السابع: درك اضطراري عرفة و اضطراري المشعر اليومي، فإن ترك أحد الاختياريين متعمّداً بطل، و إلّا فلا يبعد الصحّة، و إن كان الأحوط الحجّ من قابل لو استطاع فيه.

الثامن: درك اختياريّ عرفة فقط، فإن ترك المشعر متعمّداً بطل حجّه، و إلّا فكذلك على الأحوط.

التاسع: درك اضطراري عرفة فقط، فالحج باطل.

العاشر: درك اختياري المشعر فقط، فصحّ حجّه إن لم يترك اختياري عرفة متعمّداً، و إلّا بطل.

الحادي عشر: درك اضطراري المشعر النهاري فقط، فبطل (3) حجّه.

الثاني عشر: درك اضطراريّة الليلي فقط، فإن كان من اولي الأعذار و لم يترك وقوف عرفة متعمّداً صحّ على الأقوى، و إلّا بطل (4). (1) بل على الأقوى كما مرّ. (2) بل على الأقوى كما مرّ. (3) الظاهر هي الصحّة. (4) في صورة ترك وقوف عرفة متعمّداً، و مع عدمه فمشكل، و إن لم يكن من اولي الأعذار، و البطلان أحوط.

[القول في واجبات منى

اشارة

القول في واجبات منى و هي ثلاثة:

[الأوّل: رمي جمرة العقبة بالحصى

اشارة

الأوّل: رمي جمرة العقبة بالحصى، و المعتبر صدق عنوانها، فلا يصح بالرمل و لا بالحجارة و لا بالخزف و نحوها، و يشترط فيها أن تكون من الحرم (1) فلا تجزئ من خارجه، و أن تكون بكراً لم يرم بها و لو في السنين السابقة، و أن تكون مباحة فلا يجوز بالمغصوب، و لا بما حازها غيره بغير إذنه، و يستحب أن تكون من المشعر.

[مسألة 1: وقت الرمي من طلوع الشمس من يوم العيد إلى غروبه

مسألة 1: وقت الرمي من طلوع الشمس من يوم العيد (2) إلى غروبه، و لو نسي جاز (3) إلى يوم الثالث عشر، و لو لم يتذكّر إلى بعده (4) فالأحوط الرمي من قابل و لو بالاستنابة.

[مسألة 2: يجب في رمي الجمار أُمور]

مسألة 2: يجب في رمي الجمار أُمور:

الأوّل: النية الخالصة للَّه تعالى، كسائر العبادات.

الثاني: إلقاؤها بما يسمّى رمياً، فلو وضعها بيده على المرمى لم يجزئ.

الثالث: أن يكون الإلقاء بيده، فلا يجزئ لو كان برجله، و الأحوط (5) أن (1) إلّا من المسجدين: المسجد الحرام و مسجد الخيف. (2) إلّا للمعذورين، الذين رخّص لهم النفر من المشعر قبل طلوع الفجر، فيجوز لهم الرمي بعد الورود بمنى ليلة العيد، و إن لم يطلع الفجر فضلًا عن الشمس. (3) بل وجب القضاء مقدّماً له على الأداء في اليوم الحاضر. (4) سواء كان في مكّة أو كان قد خرج عنها. (5) لا يترك.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 444

لا يكون الرمي بآلة كالمقلاع، و إن لا يبعد الجواز.

الرابع: وصول الحصاة إلى المرمى، فلا يحسب ما لا تصل.

الخامس: أن يكون وصولها برميه، فلو رمى ناقصاً فأتمّه حركة غيره من حيوان أو إنسان لم يجزئ. نعم، لو رمى فأصابت حجراً أو نحوه و ارتفعت منه و وصلت المرمى صحّ (1).

السادس: أن يكون العدد سبعة.

السابع: أن يتلاحق الحصيات، فلو رمى دفعة لا يحسب إلّا واحدة و لو وصلت على المرمى متعاقبة، كما أنّه لو رماها متعاقبة صحّ و إن وصلت دفعة.

[مسألة 3: لو شك في أنّها مستعملة أم لا جاز الرمي بها]

مسألة 3: لو شك في أنّها مستعملة أم لا جاز الرمي بها، و لو احتمل أنّها من غير الحرم و حملت من خارجه لا يعتني (2) به، و لو شك في صدق الحصاة عليها لم يجزئ الاكتفاء بها. و لو شك في عدد الرمي يجب الرمي حتّى يتيقّن كونه سبعاً، و كذا لو شك في وصول الحصاة إلى المرمى يجب الرمي إلى أن يتيقّن به، و الظن فيما ذكر بحكم الشك. و لو

شك بعد الذبح أو الحلق في رمي الجمرة أو عدده لا يعتني به. و لو شك قبلهما بعد الانصراف في عدد الرمي، فإن كان في النقيصة فالأحوط الرجوع و الإتمام، و لا يعتني بالشك في الزيادة، و لو شك بعد الفراغ في الصحّة بنى عليها بعد حفظ العدد.

[مسألة 4: لا يعتبر في الحصى الطهارة، و لا في الرامي الطهارة]

مسألة 4: لا يعتبر في الحصى الطهارة، و لا في الرامي الطهارة من الحدث أو الخبث.

[مسألة 5: يستناب في الرمي عن غير المتمكّن كالأطفال و المرضى و المغمى عليهم

مسألة 5: يستناب في الرمي عن غير المتمكّن كالأطفال و المرضى و المغمى عليهم، و يستحب حمل المريض مع الإمكان عند المرمى و يُرمي عنده، بل هو (1) محل إشكال بل منع إذا كانت صلابة الحجر و نحوه مؤثّرة في الوصول. (2) و الأحوط الاعتناء.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 445

أحوط، و لو صحّ المريض أو أفاق المغمى عليه بعد تمامية الرمي من النائب لا تجب الإعادة، و لو كان ذلك في الأثناء استأنف من رأس، و كفاية ما رماه النائب محلّ إشكال.

[مسألة 6: من كان معذوراً في الرمي يوم العيد]

مسألة 6: من كان معذوراً في الرمي يوم العيد جاز له الرمي في الليل.

[مسألة 7: يجوز الرمي ماشياً و راكباً]

مسألة 7: يجوز الرمي ماشياً و راكباً، و الأوّل أفضل.

[الثاني: من الواجبات الهدي

اشارة

الثاني: من الواجبات (1) الهدي، و يجب أن يكون إحدى النعم الثلاث: الإبل و البقر و الغنم، و الجاموس بقر، و لا يجوز سائر الحيوانات، و الأفضل الإبل ثم البقر، و لا يجزئ واحد عن اثنين أو الزيادة بالاشتراك حال الاختيار، و في حال الاضطرار يشكل الاجتزاء (2)، فالأحوط الشركة و الصوم معاً.

[مسألة 8: يعتبر في الهدي أُمور]

مسألة 8: يعتبر في الهدي أُمور:

الأوّل: السنّ، فيعتبر في الإبل الدخول في السنة السادسة، و في البقر الدخول في الثالثة على الأحوط (3)، و المعز كالبقر، و في الضأن الدخول في الثانية على الأحوط (4).

الثاني: الصحّة و السلامة، فلا يجزئ المريض حتّى الأقرع على الأحوط (5).

الثالث: أن لا يكون (6) كبيراً جدّاً. (1) في خصوص حجّ التمتّع. (2) و إن كان لا يبعد الاجتزاء مع الضرورة، أو كون المشتركين أهل خوان واحد و عليه فالاحتياط يكون استحبابياً. (3) الأولى، و يكفي الدخول في السنة الثانية، و كذا المعز. (4) الأولى أيضاً، و يكفي الجذع فيه نصّاً و فتوى، و لا يلزم فيه الدخول فيها. (5) متعلّق بأصل اعتبار الصحّة و عدم إجزاء المريض. (6) على الأحوط.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 446

الرابع: أن يكون تامّ الأجزاء، فلا يكفي الناقص كالخصي و هو الذي أُخرجت خصيتاه، و لا مرضوض الخصية على الأحوط، و لا الخصي في أصل الخلقة، و لا مقطوع الذنب و لا الاذن، و لا يكون قرنه الداخل مكسوراً، و لا بأس بما كسر قرنه الخارج، و لا يبعد الاجتزاء بما لا يكون له اذن و لا قرن في أصل خلقته، و الأحوط خلافه، و لو كان عماه أو عرجه واضحاً لا يكفي على الأقوى، و كذا لو كان غير واضح على

الأحوط. و لا بأس بشقاق الاذن و ثقبه، و الأحوط عدم الاجتزاء به، كما أنّ الأحوط عدم الاجتزاء بما ابيضّت عينه.

الخامس: أن لا يكون مهزولًا، و يكفي وجود الشحم على ظهره، و الأحوط أن لا يكون مهزولًا عرفاً.

[مسألة 9: لو لم يوجد غير الخصيّ لا يبعد الاجتزاء به

مسألة 9: لو لم يوجد غير الخصيّ لا يبعد الاجتزاء به، و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين التامّ في ذي الحجة من هذا العام، و إن لم يتيسّر ففي العام القابل أو الجمع بين الناقص و الصوم. و لو وجد الناقص غير الخصي فالأحوط (1) الجمع بينه و بين التام في بقية ذي الحجة، و إن لم يمكن ففي العام القابل، و الاحتياط التام الجمع بينهما و بين الصوم.

[مسألة 10: لو ذبح فانكشف كونه ناقصاً أو مريضاً يجب آخر]

مسألة 10: لو ذبح فانكشف كونه ناقصاً أو مريضاً يجب آخر. نعم، لو تخيّل السمن ثمّ انكشف خلافه يكفي (2)، و لو تخيّل هزاله فذبح برجاء السمن بقصد القربة فتبين سمنه يكفي، و لو لم يحتمل السمن أو يحتمله لكن ذبح من غير مبالاة لا برجاء الإطاعة لا يكفي، و لو اعتقد الهزال و ذبح جهلًا بالحكم ثم انكشف الخلاف فالأحوط (3) الإعادة، و لو اعتقد النقص فذبح جهلًا بالحكم فانكشف الخلاف (1) و لا يبعد الاجتزاء بالناقص فيه بوجه، و إن كان الاحتياط ما هو المذكور في المتن. (2) سواء كان الانكشاف بعد الذبح أو قبله. (3) الأولى.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 447

فالظاهر الكفاية.

[مسألة 11: الأحوط أن يكون الذبح بعد رمي جمرة العقبة]

مسألة 11: الأحوط (1) أن يكون الذبح بعد رمي جمرة العقبة، و الأحوط عدم التأخير من يوم العيد، و لو أخّر لعذر أو لغيره فالأحوط الذبح أيّام التشريق (2)، و إلّا ففي بقية ذي الحجة، و هو من العبادات يعتبر فيه النية و نحوها، و يجوز فيه النيابة و ينوي النائب (3)، و الأحوط نية المنوب عنه أيضاً. و يعتبر كون النائب شيعيّاً على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة، و كذا في ذبح الكفّارات.

[مسألة 12: لو شك بعد الذبح في كونه جامعاً للشرائط أو لا لا يعتني به

مسألة 12: لو شك بعد الذبح في كونه جامعاً للشرائط أو لا لا يعتني به (4)، و لو شك في صحة عمل النائب لا يعتني به، و لو شك في أنّ النائب ذبح أو لا يجب العلم (5) بإتيانه، و لا يكفي الظن. و لو عمل النائب على خلاف ما عيّنه الشرع في الأوصاف أو الذبح، فإن كان عامداً عالماً ضمن و يجب الإعادة، فإن فعل جهلًا أو نسياناً و من غير عمد، فإن أخذ للعمل اجرة ضمن أيضاً، و إن تبرّع فالضمان غير معلوم، و في الفرضين تجب الإعادة.

[مسألة 13: يستحب أن يقسّم الهدي أثلاثاً]

مسألة 13: يستحب أن يقسّم الهدي أثلاثاً، يأكل ثلثه (6)، و يتصدّق بثلثه، و يهدي ثلثه، و الأحوط أكل شي ء منه و إن لا يجب.

[مسألة 14: لو لم يقدر على الهدي

مسألة 14: لو لم يقدر على الهدي بأن لا يكون هو و لا قيمته (7) عنده يجب (1) بل الأقوى. (2) أي في نهارها، و لا يجوز الذبح في الليل إلّا لخصوص الخائف. (3) فيما إذا كانت النيابة في الذبح بوصف كونه عبادة، و أمّا إذا كانت النيابة في أصل عمل الذبح فالنية من المنوب عنه. و يجري هذا التفصيل في اعتبار كون النائب شيعياً. (4) فيما لو احتمل كونه محرزاً لها حين الذبح. (5) أو الاطمئنان. (6) أي من ثلثه. (7) و لم يكن الاقتراض أو مثله المذكوران في المسألة الآتية مقدوراً له.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 448

بدله صوم ثلاثة أيّام في الحج و سبعة أيّام بعد الرجوع منه.

[مسألة 15: لو كان قادراً على الاقتراض بلا مشقّة و كلفة]

مسألة 15: لو كان قادراً على الاقتراض بلا مشقّة و كلفة، و كان له ما بإزاء القرض أي كان واجداً لما يؤدّي به وقت الأداء وجب الاقتراض و الهدي، و لو كان عنده من مؤن السفر زائداً على حاجته و يتمكّن من بيعه بلا مشقّة وجب بيعه لذلك، و لا يجب بيع لباسه كائناً ما كان، و لو باع لباسه الزائد وجب شراء الهدي، و الأحوط الصوم مع ذلك.

[مسألة 16: لا يجب عليه الكسب لثمن الهدي

مسألة 16: لا يجب عليه الكسب لثمن الهدي، و لو اكتسب و حصل له ثمنه يجب شراؤه.

[مسألة 17: يجب وقوع صوم ثلاثة أيّام في ذي الحجة]

مسألة 17: يجب وقوع صوم ثلاثة أيّام في ذي الحجة، و الأحوط وجوباً أن يصوم من السابع إلى التاسع و لا يتقدّم عليه، و يجب التوالي فيها، و يشترط أن يكون الصوم بعد الإحرام بالعمرة و لا يجوز قبله، و لو لم يتمكّن من صوم السابع صام الثامن و التاسع و أخّر اليوم الثالث إلى بعد رجوعه من منى، و الأحوط أن يكون بعد أيّام التشريق؛ أي الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر.

[مسألة 18: لا يجوز صيام الثلاثة في أيّام التشريق في منى

مسألة 18: لا يجوز صيام الثلاثة في أيّام التشريق في منى، بل لا يجوز الصوم في أيّام التشريق في منى مطلقاً، سواء في ذلك الآتي بالحج و غيره.

[مسألة 19: الأحوط الأولى لمن صام الثامن و التاسع صوم ثلاثة أيّام متوالية بعد الرجوع من منى

مسألة 19: الأحوط الأولى لمن صام الثامن و التاسع صوم ثلاثة أيّام متوالية بعد الرجوع من منى، و كان أوّلها يوم النفر؛ أي اليوم الثالث عشر (1)، و ينوي أن يكون ثلاثة من الخمسة للصوم الواجب.

[مسألة 20: لو لم يصم يوم الثامن أيضاً أخّر الصيام إلى بعد الرجوع من منى

مسألة 20: لو لم يصم يوم الثامن أيضاً أخّر الصيام إلى بعد الرجوع من منى، فصام ثلاثة متوالية، و يجوز لمن لم يصم الثامن الصوم في ذي الحجّة، و هو موسّع له (1) إذا لم يكن بمنى، و إلا فأوّلها اليوم الرابع عشر.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 449

إلى آخره، و إن كان الأحوط المبادرة إليه بعد أيّام التشريق.

[مسألة 21: يجوز صوم الثلاثة في السفر، و لا يجب قصد الإقامة في مكّة للصيام

مسألة 21: يجوز صوم الثلاثة في السفر، و لا يجب قصد الإقامة في مكّة للصيام، بل مع عدم المهلة للبقاء في مكّة جاز الصوم في الطريق، و لو لم يصم الثلاثة إلى تمام ذي الحجة يجب الهدي، يذبحه (1) بنفسه أو نائبه في منى، و لا يفيده الصوم.

[مسألة 22: لو صام الثلاثة ثمّ تمكّن من الهدي لا يجب عليه الهدي

مسألة 22: لو صام الثلاثة ثمّ تمكّن من الهدي لا يجب عليه الهدي، و لو تمكّن في أثنائها يجب.

[مسألة 23: يجب صوم سبعة أيّام بعد الرجوع من سفر الحج

مسألة 23: يجب صوم سبعة أيّام بعد الرجوع من سفر الحج، و الأحوط (2) كونها متوالية، و لا يجوز صيامها في مكّة و لا في الطريق. نعم، لو كان بناؤه الإقامة في مكّة جاز صيامها فيها بعد شهر من يوم قصد الإقامة، بل جاز صيامها إذا مضى من يوم القصد مدّة لو رجع وصل إلى وطنه، و لو أقام في غير مكّة من سائر البلاد أو في الطريق لا يجوز صيامها و لو مضى المقدار المتقدّم. نعم، لا يجب أن يكون الصيام في بلده، فلو رجع إلى بلده جاز له قصد الإقامة في مكان آخر لصيامها.

[مسألة 24: من قصد الإقامة في مكّة هذه الأيّام مع وسائل النقل الحديثة]

مسألة 24: من قصد الإقامة في مكّة هذه الأيّام مع وسائل النقل الحديثة فالظاهر جواز صيام السبعة بعد مضيّ مقدار الوصول معها إلى وطنه، و إن كان الأحوط خلافه، لكن لا يترك الاحتياط بعدم الجمع بين الثلاثة و السبعة.

[مسألة 25: لو لم يتمكّن من صوم ثلاثة أيّام في مكّة و رجع إلى محلّه

مسألة 25: لو لم يتمكّن من صوم ثلاثة أيّام في مكّة و رجع إلى محلّه، فإن بقي شهر ذي الحجّة صام فيه في محلّه، لكن يفصل بينها و بين السبعة، و لو مضى الشهر يجب الهدي يذبحه في منى و لو بالاستنابة.

[مسألة 26: لو تمكّن من الصوم و لم يصم حتى مات

مسألة 26: لو تمكّن من الصوم و لم يصم حتى مات يقضي عنه الثلاثة وليّه، (1) أي في العام القابل. (2) استحباباً.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 450

و الأحوط (1) قضاء السبعة أيضاً.

[الثالث: من واجبات منى التقصير]

اشارة

الثالث: من واجبات منى التقصير (2).

[مسألة 27: يجب بعد الذبح الحلق أو التقصير]

مسألة 27: يجب بعد الذبح الحلق أو التقصير، و يتخيّر بينهما إلّا طوائف:

الأُولى: النساء، فإنّ عليهنّ التقصير لا الحلق، فلو حلقن لا يجزئهنّ.

الثانية: الصرورة؛ أي الذي كان أوّل حجّه، فإنّ عليه الحلق على الأحوط (3).

الثالثة: الملبّد؛ و هو الذي ألزق شعره بشي ء لزج، كعسل أو صمغ لدفع القمل و نحوه، فعليه الحلق على الأحوط (4).

الرابعة: من عقص شعره؛ أي جمعه و لفّه و عقده، فعليه الحلق على الأحوط.

الخامسة: الخنثى المشكل، فإنّه إذا لم يكن من إحدى الثلاثة الأخيرة يجب عليه التقصير، و إلّا جمع بينه و بين الحلق على الأحوط.

[مسألة 28: يكفي في التقصير قصّ شي ء من الشعر أو الظفر بكلّ آلة شاء]

مسألة 28: يكفي في التقصير قصّ شي ء من الشعر أو الظفر بكلّ آلة شاء، و الأولى قصّ مقدار من الشعر و الظفر أيضاً، و الأحوط لمن عليه الحلق أن يحلق جميع رأسه، و يجوز فيهما المباشرة و الإيكال إلى الغير، و يجب فيهما النيّة بشرائطها ينوي بنفسه، و الأولى نيّة الغير أيضاً مع الإيكال إليه.

[مسألة 29: لو تعيّن عليه الحلق و لم يكن على رأسه شعر يكفي إمرار الموسى على رأسه

مسألة 29: لو تعيّن عليه الحلق و لم يكن على رأسه شعر يكفي إمرار الموسى على رأسه و يجزئ عن الحلق، و لو تخيّر من لا شعر له بينه و بين التقصير يتعيّن عليه التقصير. و لو لم يكن له شعر حتّى في الحاجب و لا ظفر يكفي له إمرار الموسى على رأسه. (1) استحباباً. (2) أو الحلق. (3) و إن كان التخيير لا يخلو عن قوّة. (4) بل على الأظهر، و كذا في المعقوص.

[مسألة 30: الاكتفاء بقصر شعر العانة أو الإبط مشكل

مسألة 30: الاكتفاء بقصر شعر العانة أو الإبط مشكل، و حلق اللحية لا يجزئ عن التقصير و لا الحلق.

[مسألة 31: الأحوط أن يكون الحلق و التقصير في يوم العيد]

مسألة 31: الأحوط أن يكون الحلق و التقصير في يوم العيد، و إن لا يبعد جواز التأخير إلى آخر أيّام التشريق، و محلّهما منى، و لا يجوز اختياراً في غيره، و لو ترك فيه و نفر يجب عليه الرجوع إليه، من غير فرق بين العالم و الجاهل و الناسي و غيره. و لو لم يمكنه الرجوع حلق أو قصّر في مكانه و أرسل بشعره إلى منى لو أمكن، و يستحبّ دفنه مكان خيمته.

[مسألة 32: الأحوط تأخير الحلق و التقصير عن الذبح

مسألة 32: الأحوط تأخير الحلق و التقصير عن الذبح (1)، و هو عن الرمي، فلو خالف الترتيب سهواً لا تجب الإعادة لتحصيله، و لا يبعد إلحاق الجاهل بالحكم بالساهي، و لو كان عن علم و عمد فالأحوط تحصيله مع الإمكان.

[مسألة 33: يجب أن يكون الطواف و السعي بعد التقصير أو الحلق

مسألة 33: يجب أن يكون الطواف و السعي بعد التقصير أو الحلق، فلو قدّمهما عمداً يجب أن يرجع و يقصّر أو يحلق ثمّ يعيد الطواف و الصلاة و السعي، و عليه شاة، و كذا لو قدّم الطواف عمداً، و لا كفّارة في تقديم السعي و إن وجبت الإعادة و تحصيل الترتيب، و لو قدّمهما جهلًا بالحكم أو نسياناً و سهواً فكذلك (2)، إلّا في الكفّارة فإنّها ليست عليه.

[مسألة 34: لو قصّر أو حلق بعد الطواف أو السعي

مسألة 34: لو قصّر أو حلق بعد الطواف أو السعي فالأحوط الإعادة لتحصيل الترتيب، و لو كان عليه الحلق عيناً يمرّ الموسى على رأسه احتياطاً.

[مسألة 35: يحلّ للمحرم بعد الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير]

مسألة 35: يحلّ للمحرم بعد الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير كلّ ما حرم عليه بالإحرام إلّا النساء و الطيب، و لا يبعد حلّيّة الصيد أيضاً. نعم، يحرم الصيد في الحرم للمحرم و غيره لاحترامه. (1) مع إمكان الذبح في يوم العيد، و أمّا في صورة عدم إمكانه و كون البقاء في الإحرام حرجيّا فله أن يحلق أو يقصّر، و حينئذٍ لا تجب رعاية الترتيب. نعم، لا بدّ أن يكون أعمال مكّة بعد الحلق أو التقصير و الذبح جميعاً. (2) أي في وجوب الإعادة.

[القول فيما يجب بعد أعمال منى

اشارة

القول فيما يجب بعد أعمال منى و هو خمسة: طواف الحج، و ركعتاه، و السعي بين الصفا و المروة، و طواف النساء، و ركعتاه.

[مسألة 1: كيفية الطواف و الصلاة و السعي كطواف العمرة و ركعتيه

مسألة 1: كيفية الطواف و الصلاة و السعي كطواف العمرة و ركعتيه و السعي فيها بعينها إلّا في النيّة، فتجب هاهنا نيّة ما يأتي به.

[مسألة 2: يجوز بل يستحب بعد الفراغ عن أعمال منى الرجوع يوم العيد إلى مكّة]

مسألة 2: يجوز بل يستحب بعد الفراغ عن أعمال منى الرجوع يوم العيد إلى مكّة للأعمال المذكورة، و يجوز التأخير إلى اليوم الحادي عشر، و لا يبعد جوازه إلى آخر الشهر، فيجوز الإتيان بها حتى آخر يوم منه.

[مسألة 3: لا يجوز تقديم المناسك الخمسة المتقدّمة على الوقوف بعرفات و المشعر]

مسألة 3: لا يجوز تقديم المناسك الخمسة المتقدّمة على الوقوف بعرفات و المشعر و مناسك منى اختياراً، و يجوز التقديم لطوائف:

الأُولى: النساء إذا خفن عروض الحيض أو النفاس عليهنّ بعد الرجوع و لم تتمكّن من البقاء إلى الطهر.

الثانية: الرجال و النساء إذا عجزوا عن الطواف بعد الرجوع لكثرة الزحام (1) أو عجزوا عن الرجوع إلى مكّة.

الثالثة: المرضي إذا عجزوا عن الطواف بعد الرجوع للازدحام أو خافوا منه.

الرابعة: من يعلم أنّه لا يتمكّن من الأعمال إلى آخر ذي الحجة. (1) مع عدم التمكّن من البقاء إلى رفع الزحام، و كذا في المرضى.

[مسألة 4: لو انكشف الخلاف فيما عدا الأخيرة من الطوائف

مسألة 4: لو انكشف الخلاف فيما عدا الأخيرة من الطوائف كما لو لم يتّفق الحيض و النفاس، أو سلم المريض، أو لم يكن الازدحام بما يخاف منه لا تجب عليهم إعادة مناسكهم و إن كان أحوط. و أمّا الطائفة الأخيرة، فإن كان منشأ اعتقادهم المرض (1) أو الكبر أو العلّة يجزئهم الأعمال المتقدّمة، و إلّا فلا يجزئهم، كمن اعتقد أنّ السيل يمنعه أو أنّه يحبس فانكشف خلافه.

[مسألة 5: مواطن التحلّل ثلاثة]

مسألة 5: مواطن التحلّل ثلاثة:

الأوّل: عقيب الحلق أو التقصير، فيحلّ من كلّ شي ء إلّا الطيب و النساء و الصيد ظاهراً، و إن حرم لاحترام الحرم.

الثاني: بعد طواف الزيارة و ركعتيه و السعي، فيحلّ له الطيب.

الثالث: بعد طواف النساء و ركعتيه، فيحلّ له النساء.

[مسألة 6: من قدّم طواف الزيارة و النساء لعذر]

مسألة 6: من قدّم طواف الزيارة و النساء لعذر كالطوائف المتقدّمة لا يحلّ له الطيب و النساء، و إنّما تحلّ المحرّمات جميعاً له بعد التقصير و الحلق.

[مسألة 7: لا يختصّ طواف النساء بالرجال، بل يعمّ النساء و الخنثى

مسألة 7: لا يختصّ طواف النساء بالرجال، بل يعمّ النساء و الخنثى و الخصيّ و الطفل المميّز، فلو تركه واحد منهم لم يحلّ له النساء و لا الرجال لو كان امرأة، بل لو أحرم الطفل غير المميِّز وليّه يجب على الأحوط أن يطوف به طواف النساء حتى يحلّ له النساء.

[مسألة 8: طواف النساء و ركعتاه واجبان و ليسا ركناً]

مسألة 8: طواف النساء و ركعتاه واجبان و ليسا ركناً (2)، فلو تركهما عمداً لم يبطل الحجّ به، و إن لا تحلّ له النساء، بل الأحوط عدم حلّ العقد و الخطبة (1) الظاهر أنّ المراد به حدوث المرض بعد الرجوع، كما تقتضيه المقابلة مع الطائفة الثالثة، و حينئذ بعد عدم الحدوث الظاهر عدم الإجزاء. (2) أي جزءاً، بل واجب مستقل بعد الحج يترتّب عليه حلّية النساء و ما يتعلّق بهنّ من العقد و مثله.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 454

و الشهادة على العقد له.

[مسألة 9: لا يجوز تقديم السعي على طواف الزيارة و لا على صلاته اختياراً]

مسألة 9: لا يجوز تقديم السعي على طواف الزيارة و لا على صلاته اختياراً، و لا تقديم طواف النساء عليهما و لا على السعي اختياراً، فلو خالف الترتيب أعاد بما يوجبه.

[مسألة 10: يجوز تقديم طواف النساء على السعي عند الضرورة]

مسألة 10: يجوز تقديم طواف النساء على السعي عند الضرورة، كالخوف عن الحيض و عدم التمكّن من البقاء إلى الطهر، لكن الأحوط الاستنابة (1) لإتيانه، و لو قدّمه عليه سهواً أو جهلًا بالحكم صحّ سعيه و طوافه (2)، و إن كان الأحوط إعادة الطواف.

[مسألة 11: لو ترك طواف النساء سهواً و رجع إلى بلده

مسألة 11: لو ترك طواف النساء سهواً (3) و رجع إلى بلده، فإن تمكّن من الرجوع بلا مشقّة يجب، و إلّا استناب فيحلّ له النساء بعد الإتيان.

[مسألة 12: لو نسي و ترك الطواف الواجب من عمرة أو حجّ

مسألة 12: لو نسي و ترك الطواف الواجب من عمرة أو حجّ أو طواف النساء و رجع و جامع النساء يجب عليه الهدي ينحره أو يذبحه في مكّة، و الأحوط (4) نحر الإبل، و مع تمكّنه بلا مشقّة يرجع و يأتي بالطواف، و الأحوط إعادة السعي في غير نسيان طواف النساء، و لو لم يتمكّن استناب.

[مسألة 13: لو ترك طواف العمرة أو الزيارة جهلًا بالحكم و رجع

مسألة 13: لو ترك طواف العمرة أو الزيارة جهلًا بالحكم و رجع يجب (5) عليه بدنة و إعادة الحج. (1) الظاهر أنّ المراد الجمع بين التقديم و بين الاستنابة. (2) و يترتّب عليه حلّيّة النساء و إن لم يتحقّق السعي بعده. (3) و كذا عمداً. (4) الأولى. (5) و إن لم تتحقّق المواقعة للرواية، بل و إن لم يتحقّق الرجوع إلى الأهل.

[القول في المبيت بمنى

اشارة

القول في المبيت بمنى

[مسألة 1: إذا قضى مناسكه بمكّة يجب عليه العود إلى منى

مسألة 1: إذا قضى مناسكه بمكّة يجب عليه العود (1) إلى منى للمبيت بها ليلتي الحادية عشرة و الثانية عشرة، و الواجب من الغروب إلى نصف الليل (2).

[مسألة 2: يجب المبيت ليلة الثالثة عشرة إلى نصفها]

مسألة 2: يجب المبيت ليلة الثالثة عشرة إلى نصفها على طوائف:

منهم: من لم يتّق الصيد في إحرامه للحجّ أو العمرة، و الأحوط لمن أخذ الصيد و لم يقتله المبيت. و لو لم يتّق غيرهما من محرّمات الصيد كأكل اللحم و الإراءة و الإشارة و غيرها لم يجب.

و منهم: من لم يتّق النساء في إحرامه للحجّ أو العمرة وطئاً، دبراً أو قبلًا، أهلًا له أو أجنبيةً، و لا يجب في غير الوطء كالتقبيل و اللمس و نحوهما.

و منهم: من لم يفض من منى يوم الثاني عشر و أدرك غروب الثالث عشر.

[مسألة 3: لا يجب المبيت في منى في الليالي المذكورة على أشخاص

مسألة 3: لا يجب المبيت في منى في الليالي المذكورة على أشخاص:

الأوّل: المرضى و الممرّضين لهم، بل كلّ من له عذر يشقّ معه البيتوتة.

الثاني: من خاف على ماله المعتدّ به من الضياع أو السرقة في مكّة.

الثالث: الرعاة إذا احتاجوا إلى رعي مواشيهم بالليل. (1) الواجب هو المبيت بمنى، سواء قضى مناسكه بمكّة، أم لم يذهب إليها لقضائها، بأن أخّرها عن اللّيلتين. (2) و لا يبعد الاكتفاء بالنصف الثاني.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 456

الرابع: أهل سقاية الحاجّ بمكّة.

الخامس: من اشتغل في مكّة بالعبادة إلى الفجر و لم يشتغل بغيرها إلّا الضروريات، كالأكل و الشرب بقدر الاحتياج، و تجديد الوضوء و غيرها، و لا يجوز ترك المبيت بمنى لمن اشتغل بالعبادة في غير مكّة حتى بين طريقها إلى منى على الأحوط.

[مسألة 4: من لم يكن في منى أوّل الليل بلا عذر]

مسألة 4: من لم يكن في منى أوّل الليل بلا عذر (1) يجب عليه الرجوع قبل نصفه و بات إلى الفجر على الأحوط (2).

[مسألة 5: البيتوتة من العبادات

مسألة 5: البيتوتة من العبادات تجب فيها النية بشرائطها.

[مسألة 6: من ترك المبيت الواجب بمنى يجب عليه لكلّ ليلة شاة]

مسألة 6: من ترك المبيت الواجب بمنى يجب عليه لكلّ ليلة شاة، متعمّداً كان أو جاهلًا (3) أو ناسياً، بل تجب الكفّارة على الأشخاص المعدودين في المسألة الثالثة إلّا الخامس منهم، و الحكم في الثالث و الرابع مبنيّ على الاحتياط.

[مسألة 7: لا يعتبر في الشاة في الكفّارة المذكورة شرائط الهدي

مسألة 7: لا يعتبر في الشاة في الكفّارة المذكورة شرائط الهدي، و ليس لذبحه محلّ خاصّ، فيجوز بعد الرجوع إلى محلّه.

[مسألة 8: من لم يكن تمام الليل في خارج منى

مسألة 8: من لم يكن تمام الليل في خارج منى، فإن كان مقداراً من أوّل الليل إلى نصفه في منى لا إشكال في عدم الكفّارة عليه، و إن خرج (4) قبل نصفه أو كان مقداراً من أوّل الليل خارجاً فالأحوط لزوم الكفّارة عليه.

[مسألة 9: من جاز له النفر يوم الثاني عشر يجب أن ينفر بعد الزوال

مسألة 9: من جاز له النفر يوم الثاني عشر يجب أن ينفر بعد الزوال و لا يجوز قبله، و من نفر يوم الثالث عشر جاز له ذلك في أيّ وقت منه شاء. (1) بل و مع العذر، لما مرّ من كون الحكم بنحو الواجب التخييري. (2) بل على الأقوى كما مرّ. (3) في الجاهل و الناسي يكون ثبوت الكفّارة مبنيّاً على الاحتياط. (4) و لم يرجع إليها لإدراك النصف الثاني، و كذا فيما بعده.

[القول في رمي الجمار الثلاث

اشارة

القول في رمي الجمار الثلاث

[مسألة 1: يجب رمي الجمار الثلاث

مسألة 1: يجب رمي الجمار الثلاث أي الجمرة الأُولى و الوسطى و العقبة في نهار الليالي التي يجب عليه المبيت فيها، حتّى الثالث عشر لمن يجب عليه مبيت ليله، فلو تركه صحّ حجّه و لو كان عن عمد، و إن أثم معه.

[مسألة 2: يجب في كلّ يوم رمي كلّ جمرة بسبع حصيات

مسألة 2: يجب في كلّ يوم رمي كلّ جمرة بسبع حصيات، و يعتبر فيها و في الرمي ما يعتبر في رمي الجمرة العقبة على ما تقدّم بلا افتراق.

[مسألة 3: وقت الرمي من طلوع الشمس إلى الغروب

مسألة 3: وقت الرمي من طلوع الشمس إلى الغروب، فلا يجوز في الليل اختياراً، و لو كان له عذر من خوف أو مرض أو علّة أو كان راعياً جاز في ليل يومه أو الليل الآتي.

[مسألة 4: يجب الترتيب

مسألة 4: يجب الترتيب؛ بأن يبتدئ بالجمرة الأُولى، ثمّ الوسطى، ثمّ العقبة، فإن خالف و لو عن غير عمد تجب الإعادة حتّى يحصل الترتيب.

[مسألة 5: لو رمى الجمرة الأُولى بأربع حصيات، ثمّ رمى الوسطى بأربع، ثم اشتغل بالعقبة صحّ

مسألة 5: لو رمى الجمرة الأُولى بأربع حصيات، ثمّ رمى الوسطى بأربع، ثم اشتغل بالعقبة صحّ، و عليه إتمام الجميع بأيّ نحو شاء، لكن الأحوط (1) لمن فعل ذلك عمداً الإعادة، و كذا (2) جاز رمي المتقدّمة بأربع ثمّ إتيان المتأخّرة، فلا يجب التقديم بجميع الحصيات.

[مسألة 6: لو نسي الرمي من يوم قضاه في اليوم الآخر]

مسألة 6: لو نسي الرمي من يوم قضاه في اليوم الآخر، و لو نسي من يومين (1) لا يترك. (2) ظاهره الجواز و لو عمداً، و هو مع أنّه مخالف لما ذكره من كون مقتضى الاحتياط الإعادة لا يساعده الدليل.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 458

قضاهما في اليوم الثالث، و كذا لو ترك عمداً. و يجب تقديم القضاء على الأداء، و تقديم الأقدم قضاءً، فلو ترك رمي يوم العيد و بعده أتى يوم الثاني عشر أوّلًا بوظيفة العيد، ثمّ بوظيفة الحادي عشر، ثمّ الثاني عشر.

و بالجملة: يعتبر الترتيب في القضاء كما في الأداء في تمام الجمار و في بعضها، فلو ترك بعضها كالجمرة الأُولى مثلًا و تذكّر في اليوم الآخر أتى بوظيفة اليوم السابق مرتّبة، ثمّ بوظيفة اليوم، بل الأحوط فيما إذا رمى الجمرات أو بعضها بأربع حصيات فتذكّر في اليوم الآخر أن يقدّم القضاء على الأداء، و أقدم قضاءً على غيره.

[مسألة 7: لو رمى على خلاف الترتيب و تذكّر في يوم آخر]

مسألة 7: لو رمى على خلاف الترتيب و تذكّر في يوم آخر أعاد حتّى يحصل الترتيب، ثمّ يأتي بوظيفة اليوم الحاضر.

[مسألة 8: لو نسي رمي الجمار الثلاث و دخل مكّة]

مسألة 8: لو نسي رمي الجمار الثلاث و دخل مكّة، فإن تذكّر في أيّام التشريق يجب الرجوع مع التمكّن و الاستنابة مع عدمه، و لو تذكّر بعدها أو أخّر عمداً إلى بعدها فالأحوط الجمع بين ما ذكر، و القضاء في العام القابل في الأيّام التي فات منه، إمّا بنفسه أو بنائبه، و لو نسي رمي الجمار الثلاث حتّى خرج من مكّة فالأحوط القضاء في العام القابل و لو بالاستنابة، و حكم نسيان البعض في جميع ما تقدّم كنسيان الكلّ، بل حكم من أتى بأقلّ من سبع حصيات في الجمرات الثلاث أو بعضها حكم نسيان الكلّ على الأحوط.

[مسألة 9: المعذور كالمريض و العليل و غير القادر على الرمي كالطفل يستنيب

مسألة 9: المعذور كالمريض و العليل و غير القادر على الرمي كالطفل يستنيب، و لو لم يقدر على ذلك كالمغمى عليه يأتي عنه الولي أو غيره، و الأحوط تأخير النائب إلى اليأس من تمكّن المنوب عنه، و الأولى مع الإمكان حمل المعذور و الرمي بمشهد منه، و مع الإمكان وضع الحصى على يده و الرمي بها، فلو أتى النائب بالوظيفة ثمّ

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 459

رفع العذر لم يجب عليه الإعادة لو استنابه (1) مع اليأس، و إلّا تجب على الأحوط.

[مسألة 10: لو يئس غير المعذور كوليّه مثلًا عن رفع عذره

مسألة 10: لو يئس غير المعذور كوليّه مثلًا عن رفع عذره لا يجب استئذانه في النيابة و إن كان أحوط، و لو لم يقدر على الإذن لا يعتبر ذلك.

[مسألة 11: لو شك بعد مضيّ اليوم في إتيان وظيفته لا يعتني به

مسألة 11: لو شك بعد مضيّ اليوم في إتيان وظيفته لا يعتني به، و لو شك بعد الدخول في رمي الجمرة المتأخّرة في إتيان المتقدّمة أو صحّتها لا يعتني به، كما لو شك بعد الفراغ أو التجاوز في صحة ما أتى بنى على الصحّة، و لو شك في العدد و احتمل النقصان قبل الدخول في رمي الجمرة المتأخّرة يجب الإتيان ليحرز السبع حتى مع الانصراف و الاشتغال بأمر آخر على الأحوط. و لو شك بعد الدخول في المتأخّرة في عدد المتقدّمة، فإن أحرز رمي أربع حصيات و شك في البقيّة يتمّها على الأحوط، بل و كذا لو شك في ذلك بعد إتيان وظيفة المتأخّرة، و لو شك في أنّه أتى بالأربع أو أقلّ بنى على إتيان الأربع و أتى بالبقيّة.

[مسألة 12: لو تيقّن بعد مضي اليوم بعدم إتيان واحد من الجمار الثلاث

مسألة 12: لو تيقّن بعد مضي اليوم بعدم إتيان واحد من الجمار الثلاث جاز الاكتفاء بقضاء الجمرة العقبة، و الأحوط قضاء الجميع. و لو تيقّن بعد رمي الجمار الثلاث بنقصان الثلاث فما دون عن أحدها يجب إتيان ما يحتمل النقصان و الرمي بكلّ واحد من الثلاث. و لو تيقّن في الفرض بنقصان أحدها عن أربع لا يبعد جواز الاكتفاء برمي الجمرة العقبة و تتميم ما نقص، و الأحوط الإتيان بتمام الوظيفة في الجمرة العقبة، و أحوط منه استئناف العمل في جميعها.

[مسألة 13: لو تيقّن بعد مضيّ الأيّام الثلاثة بعدم الرمي

مسألة 13: لو تيقّن بعد مضيّ الأيّام الثلاثة بعدم الرمي في يوم من غير العلم بعينه يجب قضاء رمي تمام الأيّام مع مراعاة الترتيب، و إن احتمل جواز الاكتفاء بقضاء وظيفة آخر الأيّام. (1) أو أخّر النائب إلى اليأس.

[القول في الصدّ و الحصر]

اشارة

القول في الصدّ و الحصر

[مسألة 1: المصدود من منعه العدوّ أو نحوه عن العمرة أو الحجّ

مسألة 1: المصدود من منعه العدوّ أو نحوه عن العمرة أو الحجّ، و المحصور من منعه المرض عن ذلك.

[مسألة 2: من أحرم للعمرة أو الحجّ يجب عليه الإتمام

مسألة 2: من أحرم للعمرة أو الحجّ يجب عليه الإتمام، و لو لم يتمّ بقي على إحرامه، فلو أحرم للعمرة فمنعه عدوّ أو نحوه كعمّال الدولة أو غيرهم عن الذهاب إلى مكّة و لم يكن له طريق غير ما صدّ عنه، أو كان و لم يكن له مؤنة الذهاب منه يجوز له التحلّل من كلّ ما حرم عليه؛ بأن يذبح في مكانه بقرة أو شاة أو ينحر إبلًا، و الأحوط (1) قصد التحلّل بذلك، و كذا الأحوط التقصير (2)، فيحلّ له كلّ شي ء حتّى النساء.

[مسألة 3: لو دخل بإحرام العمرة مكّة المعظّمة، و منعه العدوّ]

مسألة 3: لو دخل بإحرام العمرة مكّة المعظّمة، و منعه العدوّ أو غيره عن أعمال العمرة فحكمه ما مرّ، فيتحلّل بما ذكر، بل لا يبعد ذلك لو منعه من الطواف أو السعي، و لو حبسه ظالم أو حبس لأجل الدين الذي لم يتمكّن من أدائه كان حكمه كما تقدّم.

[مسألة 4: لو أحرم لدخول مكّة أو لإتيان النسك

مسألة 4: لو أحرم لدخول مكّة أو لإتيان النسك، و طالبه ظالم ما يتمكّن من أدائه يجب إلّا أن يكون حرجاً، و لو لم يتمكّن أو كان حرجاً عليه فالظاهر أنّه بحكم المصدود.

[مسألة 5: لو كان له طريق إلى مكّة غير ما صدّ عنه

مسألة 5: لو كان له طريق إلى مكّة غير ما صدّ عنه و كانت له مؤنة الذهاب منها (1) الأولى، و كذا ما بعده. (2) و يجوز الحلق مكان التقصير، خصوصاً لمن ساق الهدي.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 461

بقي على الإحرام و يجب الذهاب إلى الحجّ، فإن فات منه الحجّ يأتي بأعمال العمرة المفردة و يتحلّل، و لو خاف في المفروض عدم إدراك الحجّ لا يتحلّل بعمل المصدود، بل لا بدّ من الإدامة، و يتحلّل بعد حصول الفوت بعمل العمرة المفردة.

[مسألة 6: يتحقّق الصدّ عن الحجّ

مسألة 6: يتحقّق الصدّ عن الحجّ؛ بأن لا يدرك لأجله الوقوفين، لا اختياريّهما و لا اضطراريّهما، بل يتحقّق بعدم إدراك ما يفوت الحجّ بفوته و لو عن غير علم و عمد، بل الظاهر تحقّقه بعد الوقوفين بمنعه عن أعمال منى و مكّة أو أحدهما (1) و لم يتمكّن من الاستنابة. نعم، لو أتى بجميع الأعمال و منع عن الرجوع إلى منى للمبيت و أعمال أيّام التشريق لا يتحقّق به الصدّ و صحّ حجّه، و يجب عليه الاستنابة للأعمال من عامه، و لو لم يتمكّن ففي العام القابل.

[مسألة 7: المصدود عن العمرة أو الحج لو كان ممّن استقرّ عليه الحج

مسألة 7: المصدود عن العمرة أو الحج لو كان ممّن استقرّ عليه الحج، أو كان مستطيعاً في العام القابل يجب عليه الحج، و لا يكفي التحلّل المذكور عن حجّة الإسلام.

[مسألة 8: المصدود جاز له التحلّل بما ذكر]

مسألة 8: المصدود جاز له التحلّل بما ذكر و لو مع رجاء (2) رفع الصدّ.

[مسألة 9: من أحرم للعمرة و لم يتمكّن بواسطة المرض من الوصول إلى مكّة]

مسألة 9: من أحرم للعمرة و لم يتمكّن بواسطة المرض من الوصول إلى مكّة لو أراد التحلّل لا بدّ من الهدي، و الأحوط (3) إرسال الهدي أو ثمنه بوسيلة أمين إلى مكّة، و يواعده أن يذبحه أو ينحره في يوم معيّن و ساعة معيّنة، فمع بلوغ الميعاد يقصّر فيتحلّل من كلّ شي ء إلّا النساء، و الأحوط (4) أن يقصد النائب عند الذبح تحلّل المنوب عنه. (1) في جريان حكم المصدود في الممنوع عن أعمال منى فقط إشكال. (2) مشكل في بعض الفروض. (3) و إن كان الأظهر في خصوص العمرة المفردة جواز الذبح في مكانه أيضاً. (4) الأولى.

[مسألة 10: لو أحرم بالحجّ و لم يتمكّن بواسطة المرض عن الوصول إلى عرفات

مسألة 10: لو أحرم بالحجّ و لم يتمكّن بواسطة المرض عن الوصول إلى عرفات و المشعر و أراد التحلّل يجب عليه الهدي، و الأحوط (1) بعثه أو بعث ثمنه إلى منى للذبح و واعد أن يذبح يوم العيد بمنى، فإذا ذبح يتحلّل من كلّ شي ء إلّا النساء.

[مسألة 11: لو كان عليه حجّ واجب فحصر بمرض لم يتحلّل من النساء]

مسألة 11: لو كان عليه حجّ واجب فحصر بمرض لم يتحلّل من النساء إلّا أن يأتي بأعمال الحجّ و طواف النساء في القابل، و لو عجز عن ذلك لا يبعد كفاية الاستنابة، و يتحلّل بعد عمل النائب، و لو كان حجّه مستحبّاً لا يبعد كفاية الاستنابة لطواف النساء في التحلّل عنها، و الأحوط (2) إتيانه بنفسه.

[مسألة 12: لو تحلّل المصدود في العمرة و أتى النساء]

مسألة 12: لو تحلّل المصدود في العمرة و أتى النساء ثمّ بان عدم الذبح في اليوم الموعود لا إثم عليه و لا كفّارة، لكن يجب (3) إرسال الهدي أو ثمنه و يواعد ثانياً، و يجب عليه الاجتناب من النساء، و الأحوط لزوماً الاجتناب من حين كشف الواقع، و إن احتمل لزومه من حين البعث.

[مسألة 13: يتحقّق الحصر بما يتحقق به الصدّ]

مسألة 13: يتحقّق الحصر بما يتحقق به الصدّ.

[مسألة 14: لو برأ المريض و تمكّن من الوصول إلى مكّة]

مسألة 14: لو برأ المريض و تمكّن من الوصول إلى مكّة بعد إرسال الهدي أو ثمنه وجب عليه الحج، فإن كان محرماً بالتمتع و أدرك الأعمال فهو، و إن ضاق الوقت عن الوقوف بعرفات بعد العمرة يحج إفراداً، و الأحوط نيّة العدول إلى الإفراد، ثمّ بعد الحج يأتي بالعمرة المفردة و يجزئه عن حجّة الإسلام، و لو وصل إلى مكّة في وقت لم يدرك اختياريّ (4) المشعر تتبدّل عمرته بالمفردة، و الأحوط قصد العدول (1) بل الأقوى. (2) لا يترك. (3) مرّ جواز الذبح في مكانه في المصدود. (4) مرّ أنّ إدراك اضطراري المشعر النهاري وحده كاف في الصحّة.

التعليقات على العروة الوثقى، ص: 463

و يتحلّل، و يأتي بالحج الواجب في القابل مع (1) حصول الشرائط، و المصدود كالمحصور في ذلك.

[مسألة 15: لا يبعد إلحاق غير المتمكّن كالمعلول و الضعيف بالمريض

مسألة 15: لا يبعد (2) إلحاق غير المتمكّن كالمعلول و الضعيف بالمريض في الأحكام المتقدّمة، و لكن المسألة مشكلة، فالأحوط (3) بقاؤه على إحرامه إلى أن يفيق، فإن فات الحجّ منه يأتي بعمرة مفردة و يتحلّل، و يجب عليه الحجّ مع حصول الشرائط في القابل.

[مسألة 16: الأحوط أن يكون يوم الميعاد في إحرام عمرة التمتّع قبل خروج الحاجّ إلى عرفات

مسألة 16: الأحوط أن يكون يوم الميعاد في إحرام عمرة التمتّع قبل خروج الحاجّ إلى عرفات، و في إحرام الحج يوم العيد. (1) أو كون الحجّ مستقرّاً عليه في السابق. (2) و هو الظاهر. (3) الأولى.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.