المشاكل الجنسية للشباب

اشارة

سرشناسه : مکارم شیرازی ناصر، - 1305 عنوان و نام پديدآور : المشاکل الجنسیه للشباب مکارم شیرازی مترجم عبدالرحیم الحمرانی مشخصات نشر : قم مدرسه الامام علی بن ابی طالب ع ، 1424ق = 1382. مشخصات ظاهری : 160 ص 12 x 16س م شابک : 964-6632-99-8 4000ریال ؛ 964-6632-99-8 4000ریال وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی يادداشت : عنوان اصلی مشکلات جنسی جوانان يادداشت : عربی عنوان دیگر : مدرسه الامام علی بن ابی طالب ع موضوع : اسلام ، مسائل جنسی موضوع : جوانان و اسلام شناسه افزوده : حمرانی عبدالرحیم مترجم رده بندی کنگره : BP230/165 /م 77م 5043 1382 رده بندی دیویی : 297/483 شماره کتابشناسی ملی : م 82-9996

المقدمة

(من أجل إيقاظ العوائل)

يغط الآباء والامّهات في سبات عميق، ولا يبالى الشباب بالحوادث ذات الصلة بمصيرهم، وربّما يفكّر الأعم الأغلب بالهروب من مشاكلهم العضال بنسيانها أو التعامل معها باسلوب التريّث والتأنّي على حد قول الساسة، ويذهب آلاف الشباب الأبرياء ضحية هذا الإهمال؛ الأمر الذي يقود إلى تلوّث المجتمع وفساده وما يُثير الدهشة والذهول هو هذا الكم الهائل من الإجتماعات والندوات والمؤتمرات التي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 8

يعقدها عُلماء العالم سنوياً بغية دراسة المعادن والفلزات في باطن الأرض وأعماق البحار، وطبيعة الحيوانات الكائنة في مختلف المحيطات وحركة الرياح والهواء في طبقات الأرض، دون أن يتعرّضوا لمشاكل الشباب الذين يمثّلون الشريحة الفاعلة في المجتمع، وان أسعدهم الحظ بالتحدّث عنها فإنّما يتناولونها بصورة سطحية مقتضبة.

فما العمل يا تُرى مع هذه الأزمة؟

يشهد عالمنا المعاصر غياب سيادة العقل والمنطق والحقائق والواقعيات، والدوافع الشخصية والعاطفية وسائر العناصر القشرية هي التي

تعين مسار الأحداث والقضايا المهمّة، وإلّا فليس من الصواب أن تهجر مثل هذه الأزمة الى هذه الدرجة. والجدير بالذكر هو أنّ الإهمال الذي مارسه العُلماء والمفكّرون حيال هذه الأزمة ليس من شأنه الحؤول دون نهوض الشباب والآباء والامهّات بمسؤوليتهم التأريخية المُلقاة على عاتقهم، فقد يعذر البعض في عدم التفاته الى هذه المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 9

القضية ولكن ما بال المعنيين؟ حقاً ليست هنالك مشكلة من بين هذا الكم الهائل من المشاكل التي يواجهها الشباب ترقى أهميتها لخطور المشكلة الجنسية، ومما يؤسف له أنّ هذه المشكلة آخذة في الازدياد والاضطراد تبعاً لتطوّر المكننة وآلات الحياة إلى جانب ازدياد مدّة الدراسة والدورات الفنية وتسلل وسائل التجمل والزينة إلى أوساط الاسر والعوائل، بحيث انفصمت عرى الثقة بين الفتيان والفتيات.

لقد تعرّضنا صراحة في أبحاث هذا الكتاب إلى هذه المشاكل، كما أوردنا الحلول الناجحة بهذا الخصوص، وقد أثبتنا سهولة القضية رغم تصور البعض بأنّ المرض قد استفحل وقد سبق السيف العذل، وقد بحثنا بصورة ضمنية الموضوع المتعلّق ب «الانحرافات الجنسية» والذي تمهّد مطالعته السبيل أمام الشباب من أجل التخلّص من هذا المرض العضال.

هذا وقد نشرت هذه الأبحاث سابقاً في مجلة «جيل المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 10

الشباب»، وقد قمنا باعادة النظر فيها واتقانها لتظهر بصورة كتاب اثر كثرة الرسائل والبرقيات التي وصلت مكتب المجلة.

وفي الختام نسأل الباري سبحانه وتعالى أن يوفّق الشباب لحل مشاكلهم من خِلال الإلتزام بالعمل بوصايا هذا الكتاب.

وما توفيقي إلّاباللَّه عليه توكلت وإليه انيب.

المؤلف المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 11

القسم الأول مشكلة الزواج

«1» مشاكل اختيار الزوج

المشاكل التي تواجه كل شاب

تُشير الإحصائيات- ولا سيما في السنوات الأخيرة- إلى انخفاض نسبة الزواج بما يلفت الانتباه، في حين ارتفعت هذه النسبة بين أوساط الشباب الذين تقدّمت بهم السن حتى فقدوا فيه

عنفوان الشباب وحيويته في المناطق الكبيرة التي تُعتبر أقرب من غيرها إلى المدنية والحضارة، وبالطبع فان هنالك بعض العناصر التي أدّت إلى هذا الوضع، يمكن ايجاز أهمها في ما يلي:

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 14

1- طول مدّة الدراسة

2- سهولة اقامة العلاقات اللامشروعة

3- عدم امكانية تلبية المتطلبات المعاشية- بالصورة المطلوبة- والتكاليف الباهضة للزواج 4- انعدام الثقة بين الفتيان والفتيات فقد اقترح بعض العاملين في الحقل الإجتماعي مشروع الزواج الإجباري دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء دراسة العوامل التي أدّت إلى هذه الظاهرة الخطيرة واسلوب مواجهتها والتغلّب عليها، كأن تفرض بعض الضرائب على الشباب الأعزب، بحيث يرى الشاب نفسه مضطراً لدخول الحياة المُشتركة، أو الحيلولة دون توظيفهم (لبعض الاعمار) في المؤسسات المختلفة، أو أن تفرض عليهم بعض العقوبات الصارمة، وهنا يسألنا بعض الفتيان: أترون مثل هذه المشاريع والاجراءات صائبة؟

وبدورنا نرى انه إذا كان الهدف من الزواج الإجباري هو

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 15

فقط انتخاب بعض الطرق من قبيل عدم توظيف العزّاب في المؤسسات المختلفة، فلعلّ هذه الطرق تؤثر بعض الشي ء على الوضع القائم، إلّاأنّها سوف لن تكون قط حلًا جذرياً لظاهرة انخفاض نسبة الزواج الخظيرة، ولعلّها تستتبع ردود فعل عكسية.

فالزواج والإجبار مفردتان متضادتان لا تتفقان أبداً، وعليه فالزواج الإجباري كالصداقة والمحبة الجبرية، أو يمكن إيجاد المحبة والمودّة بين فردين بالاكراه وقوّة القانون؟

فالزواج- بالمعنى الواقعي- وشيجة روحية وجسمية من أجل ممارسة حياة مُشتركة هادئة ممزوجة بالسعادة والحب، ولذلك ينبغي أن يتم في بيئة حرة بعيدة عن الضغط والإكراه، ومن هنا نرى الإسلام يحكم ببطلان الزواج الذي لا يتضمن رضى الطرفين، والزواج ليس كالخدمة العسكرية التي تعني حمل الشخص على ضوء القانون الى معسكر وتعليمه قسراً فنون الحرب والقتال والنظم العسكرية.

المشاكل الجنسية

للشباب 3، ص: 16

والعجيب في الأمر هو أن أصحاب هذه المشاريع يحاولون تجاهل الوضع القائم المعلول لسلسلة من الأزمات الإجتماعية بحيث لا يولوا العناصر التي أدت الى ظهوره أدنى عناية أو اهتمام. وبدورنا نرى لهذه المشاريع- ان كانت صالحة للتطبيق- بعض الأثر كمفعول الأدوية المسكّنة، وعليه لابدّ من الاتجاه صوب الجذور الأصلية لهذه الأزمة والعمل على إستئصالها حتى تزول هذه الظاهرة المستهجنة بالمرّة.

وبناءاً على ما تقدّم نرى من الضروري أن نسلّط الضوء على العناصر الأربعة كونها تمثّل العوامل التي تؤدي إلى انخفاض نسبة الزواج في وسطنا الإجتماعي.

طول مدّة الدراسة؛ العقبة الكؤود أمام الزواج

قد لا تكون هناك ضرورة للتذكير بأنّ أغلب الأفراد الذين يهربون من قضية الزواج الحيوية إنّما يتذروعون بالانهماك المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 17

بالدراسة، في حين نرى الكثير منهم لم يدخل العش الذهبي حتى بعد اكماله للدراسة، أو يبقى كذلك وقد هجر الدراسة، مع ذلك لا يمكن إنكار هذا الأمر وهو أنّ طول مد الدراسة إنّما يشكل عقبة كبرى في طريق الزواج بالنسبة الى قطاعات واسعة من شريحة الشباب، جديد بالذكر إنّ مدّة الدراسة لأغلب الفروع والتخصصات ربّما تمتد الى 18 سنة أو أقل من ذلك بقليل، فالشاب انما يبلغ سن الخامسة والعشرين من عمره ليكون قد أنهى دراسته وتفرّغ لحياته الإجتماعية، فهو يفتّش عن عمل في هذه المرحلة من شبابه (إن صحّ التعبير بنعته شاباً بالمعنى الواقعي للكلمة، ففي الواقع قد ولّى عنفوان شبابه ولم تبق منه إلّاحشاشة)، والذي يبدو أنّ هذه السن ربّما تمتد إلى الخامسة والثلاثين في عالم الغد؛ عالم العلم والاختصاص، وهنا يبرز هذا السؤال الذي يطرح نفسه وهو: هل يجب أن يتوقّف الزواج حقاً على انتهاء المدّة الدراسية مهما كان أمدها طويلًا؟ أم يجب العمل

على إزالة هذه العلاقة

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 18

التي يعتقد البعض بأنّها تأبى الإنقطاع، وتطييب خاطر الشباب من هذا الشرط المثقل للكاهل، ولكن من جانب آخر أنى لهذا الفتى التليمذ المُستهلك لا المنتج أن ينبس ببنت شفة عن الزواج بهذا الثقل الوبي الذي يكسر الظهر؟ وكيف يمكن التنكّر لربط الزواج بقضية انهاء الدراسة؟

نعتقد بأنّنا إذا فكّرنا بحرية أكثر واجتنبنا الآثار الخاطئة فإن حل هذه القضية لا يبدو معقّداً؛ ولدينا مشروع واضح بهذا الشأن.

ما المانع من أن يختار الشباب ابان دراستهم- حين يبلغون السن القانونية للزواج- شريكات حياتهم بعد إستشارة آبائهم وأُمهاتهم والمخلصين من زملائهم، ففي بادئ الأمر تتم بينهما الخطبة (اجراء عقد الزواج والقيام بالاجراءات الدينية والقانونية دون اقامة مراسم الزفاف) التي لا تتطلب أية تكاليف ونفقات، وليعلم كلّ من الفتى والفتاة بأنّ كلا منهما للآخر وسيعيشان معاً مستقبلًا حياة مشتركة،

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 19

وما أن تتوفّر الإمكانات حتى يستأنفان سائر المراسم بكلّ تواضع وبساطة، أمّا فائدة هذا المشروع، فهو أولًا يبعث الهدوء الروحي في نفوس الشباب، ويضيئ حياتهم بنور الأمل ويبعد عنهم شبح المستقبل الغامض الذي يقضّ مضاجع أغلب العزّاب.

وثانياً انه يمدّهم بأسباب الصمود والاستقرار تجاه الإنحرافات الأخلاقية، كما ينقذهم من قضية اهدار الوقت الذي يصرفونه في البحث عن شريكة الحياة، وأخيراً يجعلهم يعيشون الحياة الطبيعية الوادعة.

لا شك أنّ أغلب الشباب يمكنهم اعتماد هذا المشروع، إذا ما تعاون معهم الآباء والامهات في هذا الخصوص، وفكر الشباب بصورة منطقية صحيحة، ونرى أنّ أغلب المشاكل المرتبطة بهذه القضية ستحل في ظل هذا المشروع.

والخلاصة فان اجراء العقد الشرعي وحالة التعلّق والمودّة التي يعيشها الفتى والفتاة في هذه المدّة، من شأنها أن تلبّي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 20

الكثير من

حاجاتهم الجنسية، وذلك لأنّ فترة الخطوبة إنّما هي فترة تضم بين ثناياها كثيراً من خصائص الحياة الزوجية التي تتيح فرصة أكبر للجنسين للتخفيف من وطأة الحرمان الجنسي، وبهذا الاسلوب سنهيب بشبابنا بعيداً عن التلوّث بالفاحشة والإنحراف الجنسي دون أن تفرض بعض التكاليف على أُسرة الولد أو البنت، أو عملية الانجاب التي من شأنها عرقلة مسيرة الدراسة.

أمّا الحل الثاني فهو القيام بجميع مراحل الزواج حتى الزفاف، شريطة أن يلجأ الطرفان إلى إحدى الطرق الخاصة- والتي يفتى الشرع بجوازها- التي تحول دون الحمل، لأنّ المشكلة العويصة التي تهدد الزواج انما تتمثّل بالحمل والولادة، والتي يرى بعض الشباب أنّ أعبائها انّما تعيقه عن مواصلة الدراسة، والذي تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّ هذه المشاريع انّما تؤتي أُكلها إذا تمّ الزواج فيها بصورة بسيطة متواضعة بعيداً عن القيود الإجتماعية الزائفة والتكاليف المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 21

الباهضة، التي تفتقر إلى العقل والمنطق، نعم هذا هو السبيل القويم الذي يتكفّل بسعادة الشباب إن كانوا يسعون حقاً إلى نيلها، أمّا الجلوس في زاوية من البيت والتريّث والتأنّي حتى تنتهي مدّة الدراسات العُليا ومن ثمّ الحصول على وظيفة مناسبة وبدخل كبير وتجهيز البيت وشراء السيارة وانفاق المبالغ الطائلة في مراسم الزواج، فانّ النتيجة لن تكون سوى الإقدام على الزواج بعد ما يرحل الشباب ويحل المشيب حين يقارب الخامسة والثلاثين أو الأربعين من عمره، بعد أن يعيش الاف الانحرافات الجنسية، وناهيك عن كلّ ما تقدّم فانّ مثل هذا الزواج سيكون فاقداً لكلّ عناصر الحياة الزوجية ومقوماتها، وذلك لأنّه لا ينسجم وغرائز الإنسان الطبيعية المؤهلة للاشباع في أوقات معينة.

«2» انخفاض نسبة الزواج؛ مأساة اجتماعية كُبرى

يعتبر قلّة الإقبال على الزواج وعدم رغبة الشباب بالحياة الزوجية، والجنوح نحو حياة العزوبة- بل يتعذّر

حتى تسميتها بالحياة- مأساة حقيقية بالنسبة للبشرية، التي أخذت تهدد بجديّة حياة الإنسان في القرن الحديث، ولا تقتصر مأساة قلّة الزواج على كونها تدفع باتجاه انقراض الجيل، فالبشرية لا تواجه الآن مشكلة قلّة التعداد السكاني، بل بالعكس حيث أنّ ازدياد وتنامي عدد الأفراد يشكل قلقاً لأغلب البلدان (طبعاً نقصد البلدان غير الصناعية، لأنّ عملية

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 24

تحديد النسل في البلدان الصناعية قائمة على قدم و ساق).

والخطير في الأمر هو انّ الأفراد العزّاب متأخّرون عن الركب في شعورهم بالمسؤولية الإجتماعية، فهم لا يشعرون بأية رابطة بينهم وبين المجتمع، فهم يعيشون حياة هامشية لا وزن لها، وهم أشبه شي ء بكرات صغيرة تسبح في هذا الفضاء الواسع، أية هزّة بسيطة تعرض لهم قد تجعلهم يهجرون وطنهم ويحلّقوا الى وطن آخر، فليس لهم من حنين الى ماء أو تراب، بل قد يودعون حياتهم إلى غير رجعة في بعض الأحيان إذا شعروا بالتذمّر والامتعاظ.

وهذا ما يلمس بوضوح من خلال إحصاءات الإنتحار التي تُشير إلى وقوعها بين العزّاب أكثر مما عليه بين المتزوّجين، هروب الأدمغة في أوساط العزّاب هي الاخرى تشاهد بوضوح، إلى جانب كون أغلب المجرمين من العزّاب أو أولئك الذين يعيشون الحياة الشبيهة بالعزوبة. وفي الحقيقة أنّ الحياة الزوجية تخرج الانسان من دائرة أنانيته واتخاذه ما

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 25

يشاء من قرارات بشأن نفسه ومستقبله، كما أنّ شعوره بالمسؤولية تجاه مجتمعه الصغير «الاسرة» يحول دونه ودون ارتكاب أي خطأ أو جريمة، في حين ينطوي عدم الشعور بالمسؤولية وفقدان الارتباط الإجتماعي على عواقب وخيمة، يتمثّل أبرزها في عدم تجنيد الفرد لكافة طاقاته والاستفادة من جميع إمكاناته من أجل النهوض بحياته والعمل على تطويرها. ولا غرو فليس هنالك من حاجة

لمزيد من الإمكانات لادارة شؤون حياة فردية. ولذلك ترى حياة العزّاب تتصف بالجمود والكسل واللاابالية وعدم الاكتراث للحصول على مقومات العيش الى جانب عدم رعايتها والحفاظ عليها، ولهذا أيضاً تجد أغلب الأفراد العزّاب يعجزون عن ادارة شؤون حياتهم الشخصية، فيبدون طُفيليين يعيشون عالة على المجتمع، وما أن يبدأوا حياتهم الزوجية حتى يتحولوا الى أفراد ذوي عزم وارادة، جديّين ونشطين يفيضون ارادة وقوّة وحيوية وهذه هي معجزة الشعور

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 26

بالمسؤولية، ولعلّ الرواية التي ربطت الرزق بالزواج أرادت أن تُشير الى هذا المعنى، ومن هنا يمكن تشبيه العزّاب بالرحّالة من البدو الذين ينتقلون من مكان إلى آخر، بحثاً عن الماء والكلاء، دن أن يعيروا الأرض التي يحلون فيها أدنى اهتمام من بناء أو إعمار، وأما على الصعيد الأخلاقي فإنّ الفرد الأعزب لا يصبح إنساناً كاملًا قط، وذلك لأنّ أغلب المثل من قبيل الوفاء والعفو والسخاء والعاطفة والمحبة والفِداء ومعرفة الحق، إنّما هي مفاهيم أخلاقية اجتماعية لا يمكن تحققها إلّا في البيئة الاسريّة والحياة الزوجية المشتركة ووجود الأولاد، ولذلك فالفرد الأعزب بعيداً كلّ البعد عن معرفة هذه المفاهيم فضلًا عن التعامل بها.

صحيح ان مسؤولية الحياة الزوجية المشتركة تضع الانسان أمام سيل جارف من المشاكل، ولكن هل يتكامل الإنسان دون مواجهة مثل هذه المشاكل؟!

أمّا مسألة تلبية الإحتياجات الطبيعية الجسمية والروحية،

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 27

وردود الفعل النفسية غير المرضية الناشئة من عدم تلبية هذه الاحتياجات الواقعية والمسلمة، فهي قضية اخرى ينبغي بحثها بصورة مستقلّة.

وعلى ضوء هذه الحقائق التي تأبى الإنكار، لا نرى أنفسنا مغالين إذا نعتنا الجنوح نحو العزوبة وقلّة الإقبال على الزواج بالمأساة الإجتماعية الكبرى.

وهنا يبرز هذا السؤال: ما الذي ينبغي القيام به بالنسبة للشباب حيال هذه

الوظيفة الإجتماعية الطبيعية، مع وجود هذه المطبات والصعاب التي تستنزف طاقة الشباب؟ هل يستطيع الفرد أن يقوم بهذه الوظيفة الخطيرة والمقدسة بوقتها، رغم المشاكل التي أفرزتها حياة المكننة وهذا البون الفكري بين الآباء والامّهات والشباب، إلى جانب الوضع الراهن للدراسة وما يتمخّض عنه من صِعاب، وهذه المعضلة المتمثّلة باختيار العمل، وانعدام الثقة بين الأفراد؟ هذه هي المشاكل التي ينبغي الخوض فيها بغية حلها، والا بات من المستحيل المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 28

حل هذه المعضلة الإجتماعية.

أمّا المسألة التي يجب ألّا نغفلها ونهتم بها فهي مسألة الوضع المضطرب للزواج في عصرنا الراهن، الوضع الذي خلقه المجتمع وخلقناه نحن بأنفسنا، نحن أنفسنا الذين أسسّنا هذا البِناء الأجوف وأصبحنا أسرى العادات والتقاليد العمياء، وإلّا فلم يصدر إلينا هذا الأمر من الخارج، انه وليد مجتمعنا وبناءاً على هذا فإذا عقدنا العزم واتخذنا القرار الصحيح فإننا سنتمكّن من قلب هذا الوضع رأساً على عقب، علينا أن نطرح مشروعنا الجديد؛ المشروع القائم على أساس الحقائق والمفاهيم الواقعية للحياة، لا على أساس الحقائق والمفاهيم الواقعية، لا على أساس الأوهام والخيالات والتقاليد والعادات الفاسدة.

وليعلم الجميع أنّ هذا المشروع لا يتضمّن المحال، ولا يجعلنا نحتاج الى المعجزة.

«3» سهول اقامة العلاقات اللامشروعة عامل مهم في قلّة الإقبال على الزواج

لقد خرجت الحياة الإجتماعية المعاصرة في أغلب مواقعها عن هيئة الحياة الطبيعية السليمة، ويتمثّل أحد نماذج تلك المواقع بالانخفاض الكبير في نسبة الزواج واقبال الشباب على الحياة غير الطبيعية للعزوبة.

لقد ذكرنا سابقاً أن انخفاض نسبة الزواج واتساع رقعة العزوبة- بغض النظر عن الآثار السيئة التي يتركها على النسل- يعتبر مأساة كبرى بالنسبة للمجتمعات البشرية من حيث ايجاد نوع من الحياة التي تقوم على أساس عدم الشعور

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 30

بالمسؤولية وقطع الأواصر الإجتماعية وعدم الاكتراث للحوادث التي غالباً

ما تشكّل العناصر الطبيعية في حياة العزّاب.

وستتضح بشاعة هذه المأساة أكثر فأكثر إذا أضفنا إليها الإنحرافات الأخلاقية التي تلحق بهؤلاء الأفراد بفعل تلك الحياة، وسنتابع الآن- برفقة القرّاء الأعزاء- العوامل الرئيسية لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة. لا شك ان هذه الوضع القلق ليس معلولا لعلة أو علتين، لكن من المسلّم أن هناك بعض العوامل التي تلفت النظر أكثر من غيرها، ومنها قضية «اتساع دائرة العلاقات اللامشروعة»، وذلك لنّ سهولة اقامة مثل هذه العلاقة، فقد أصبحت المرأة كائناً مبتذلًا وضيعاً في نظر أغلب الشباب، بل قد يحصل عليها أحياناً بالمجان، وعليه فقد فقدت قيمتها وأهميتها وانسانيتها التي كانت تملكها سابقاً، والتي كانت تضطر المقابل للتضحية بالغالي والنفيس من اجل الوصول إليها، فلم تعد ذلك الموجود الغالي واللطيف الذي يستهوي الشباب ويشد أنظارهم إليه، وقد كان المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 31

للعري والخلاعة الدور الواضح في هذا الابتذال والحطّ من شأنها، ونتيجة لما تقدّم لم يعد هنالك من أثر في مجتمعاتنا الماضية، والذي كان يشكل لبنة الحياة الزوجية الوطيدة، ولا عجب فالانسان انما يعشق شيئاً إذا كان صعب المنال، وبخلافه فمن العبث أن يعشق شيئاً مبتذلًا تافهاً يمكنه الحصول عليه بالمجان.

من جانب آخر فان أغلب الأفراد الطائشيين يعتقدون بعدم جدوى الارتباط بالمرأة لأجل الزواج بعد تحمل ما لا يحصى من الشروط والمسؤوليات، في حين يستطيعون الحصول على المزيد من النساء دون تحمّل عناء أي من الشروط والمسؤوليات، ولذلك ترى أغلب هؤلاء الأفراد- الذين لا يدركون العواقب الوخيمة للتفسّخ الجنسي والتحلل الأخلاقي- وكونهم ينظرون الى الزواج والمرأة من خلال اشباع الغريزة الجنسية، لا يرون في الزواج وتحمّل هذه الشروط والمسؤوليات إلّاحماقة، وبالاستناد الى هذه الحقائق يتّضخ لدينا مدى تأثير (سهولة

اقامة العلاقات المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 32

اللامشروعة) على انخفاض نسبة الزواج، ولذلك نلاحظ انخفاض هذه النسبة يتضاعف أضعاف كثيرة في المجتمعات الغربية بفعل الحريات التي تدعو الى التحلل والتفسّخ والإنحراف الجنسي، فاذا ما وقع زواج فانه يقع في سن متقدمة، ناهيك عن كون هذا الزواج على درجة من الضعف والوهن بحيث أنّ بعض الذرائع التافهة والمضحكة أحياناً قد تستأصله من الجذور.

ضحايا هذه الروابط الفاسدة

إضافة الى ما تقدّم فاننا نرى على الدوام دور البغاء والدعارة في المجتمعات التي تفضّل حياة العزوبة على الزواج؛ وهذه المراكز تعتبر هي الاخرى من العوامل المهمة في الحدّ من نسبة الزواج وتصدع كيان الاسرة، ومما لاشكّ فيه أن وجود هذه المراكز الموبوءة في هذه المجتمعات انما تكشف بوضوح عن مرضها وعدم سلامتها.

جدير بالذكر أنّ قضية الفحشاء ومراكز الدعارة لا ينبغي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 33

أن تبحث من زاوية كونها مركز لمضاعفة حجم الفساد الأخلاقي ونشر أنواع الميكروبات الجسمية والروحية، إلى جانب كونها تساعد على انخفاض الإقبال على الزواج والاتجاه نحو حياة العزوبة- وان كانت هذه الامور جديرة بالبحث والتأمّل- فحسب، بل إضافة لذلك لابدّ من اخضاعها للدراسة من خلال زاوية النساء الفاحشات اللاتي يراودن تلك المراكز ويبعن فيها أنفسهن.

ويعترف الباحثون والمحققون المتخصصون في هذا الأمر بأن وضع هذه النسوة يمثل أبشع وأفجع أنواع الرقّ والعبودية التي شهدتها القرون الوسطى، نساء طريدات، بلا مأوى وضعيفات بمعنى الكلمة، وغارقات في مستنقع من الديون، يحترقن ليل نهار كالشمعة ليضيئن مجالس الهوى واللذة ويشبعن شهوة هذا المنحرف وذاك، وعاقبة أمرهن أنهن سيودعن هذه الحياة في تلك الدهاليز بأبشع وأتعس حال، حتى أنّهن قد لا يظفرن أحياناً بمن يحمل أجسادهن ليواريهن الثرى.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 34

فأي ضمير يسمح

بوجود مثل هؤلاء العبيد الضعاف في صفوف هذا المجتمع- وفي هذا العصر الذي يفتخر بأنّه عصر إلغاء الرقّ والعبوديّة- دون أن يتقدم أحد ليضع عنهم اصرهنّ والأغلال التي تطوقهنّ؟!

وهنا لا ينبغي أن ننسى بأنّ هذه العبودية المؤلمة التي أقرت رسمياً- للأسف- من قِبل أغلب المجتمعات المعاصرة إنّما هي الوليدة الطبيعية لتلك العلاقات اللامشروعة، فأغلب النساء اللواتي يسبحن في وحل هذا المستنقع العفن هنّ ضحايا تلك العلاقات اللامشروعة، وقد انجرفن تدريجياً إلى هذه المراكز الساقطة.

لا شك أن سيرة بعض هذه النساء التي تناولتها بعض الكتب، إنّما تعتبر وصمة عار في جبين المجتمعات التي يصطلح عليها بالمجتمعات المتحضرة، ومما يؤسف له أنّ مثل هذا الموضوع لم يمنح الأهمية المطلوبة، وبناءاً على ما تقدم ومن أجل عدم تصدّع الاسرة والحيلولة دون السقوط وانخفاض الزواج وبغية تحرير هؤلاء العبيد، لابدّ من وضع المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 35

حدٍ لهذه الحريات الجنسية الطائشة والعلاقات الشاذّة؛ وهو الأمر الذي يتطلّب خطة وبرنامجاً صحيحاً.

وهنا ينبغي للُاخوة الشباب وعلى ضوء الحقائق المذكورة أن يكونوا أكثر مراقبة لأنفسهم وزملائهم والّا يقيموا وزناً لأساليب الخداع والاغراء التي تهدف الى ايقاعهم في مصائد الفحشاء والمنكر، وليقف الأفراد الذين يحاولون التخفيف من قبح هذه المراكز وكونها ضرورة اجتماعية، بغية الحفاظ على سلامة الشباب انهم على خطأ كبير، وهل يمكن تصوّر نشر دور الدعارة والفساد من شأنه أن يسهم في الحدّ من الإنحراف والفساد، وهل للفساد أن يكون ضرورة اجتماعية؟! أم أنّ التردد على مراكز الفساد ضرورة صحية؟!

«4» الشروط التي تثقل كاهل الشباب

صحيح قد مضت مدّة طويلة على وقت زواجنا الطبيعي ولكن كيف نستطيع الزواج مع أننا ما زلنا لا نملك منزلًا، وليست لدينا سيارة، ولم نحصل على شغل ذي دخل، ولم ندخر

بعد النقود التي تفي بنفقات الزواج الباهضة وبهدايا العروس الثمينة.

لم نحصل بعد على مكان لائق ومناسب لإقامة احتفالات الزواج و ... و ....

«نحن كيف نوافق على زواج ابنتنا مع العلم أنه لم يأت المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 38

لحد الآن شاب، لائق، أنيق، ذو مرتب كافٍ وشغل محترم، صاحب منزل، ومن أُسرة معروفة ... و ... لطلب يدها، فكل من خطبها كان يفقد واحداً أو اثنين من هذه الشروط؟!

أضف إلى ذلك فإننا لم نعدّ جهاز العرس ولا زالت بعض الأدوات المنزلية مثل السجاد والأرائك، والثلاجة والغسّالة، وأواني الطعام المختلفة، وماكنة الخياطة وغيرها غير مُهيأة!

وطبيعي أن نتيجة الإقدام على زواج ابنتنا مع هذا الوضع سوف لا تكون سوى الفشل والندامة! ...

ماذا نعمل، فشروط المجتمع الصعبة لا تسمح لنا إلّابمثل هذا».

هذه هي مشاكل- أو بعبارة اصح أعذار بني إسرائيل- بعض من الشباب- الأولاد والبنات- والآباء والامّهات في موضوع عدم الإقدام على هذا الأمر الحيوي وهو الزواج.

يقول أحد العلماء: «الحياة قسمان لا أكثر، ينقضي القسم الأوّل بأمل القسم الثاني، وينقضي القسم الثاني حسرة على القسم الأوّل».

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 39

وإذا استعملنا كلمة «حلم» بدل كلمة «أمل» ربّما كانت العبارة أفضل، فنقول: ينقضي القسم الأوّل في حلم القسم الثاني وينقضي القسم الثاني في الحسرة على القسم الأوّل، والنموذج الواضح لهذا القول هو مسألة الزواج لكثير من شبابنا الحاضر، حيث يتلفون نصف عمرهم الأوّل في التفتيش والبحث عن زوجة أنيقة عصرية، ويتلفون النصف الثاني في الحسرة على عدم التصرّف الصحيح في النصف الأوّل.

وعلى كل حال يجب أن يُقال للآباء والامّهات والشباب بأنّكم أنتم قيّدتم أنفسكم بهذه القيود والشروط غير الصحيحة، أنتم أنفسكم صنعتم مفهوماً خيالياً أجوفاً لموضوع الزواج، وضيّعتم السعادة والرفاه

الحقيقي، لأجل الوصول إلى سعادة ورفاه خيالي.

ثقوا بأنّ هذه الحدود والخطوط التي رسمتموها لنيل السعادة سوف لا تنفعكم ولا تسعدكم أبداً، وكل التجارب والإمتحانات أثبتت هذه الحقيقة.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 40

الغيرة، التقاليد العمياء، الأحلام الكاذبة، التأكيد على الامور التافهة والسراب المزيّف، نعم هذه هي السلاسل التي قيدتكم ومنعتكم من إنجاز أهم عمل بالنسبة إلى الشباب.

أنتم مدعوون أيّها الشباب وأيها الآباء والامهات للتعبير عن عزمكم وإرادتكم في تحطيم هذه القيود والأغلال والأصنام التي تزينها لكم التقاليد البالية، لتروا مدى السعادة والرفاه الذي سينتظركم.

أي شخص توفّرت له وسائل الحياة كاملة أول شبابه حتى تتوقعون ذلك لأنفسكم، أليست غالبية الأفراد الذين ترونهم قد شرعوا من الصفر؟

نعم لعل الأمر كذلك بالنسبة لأولئك الذين يتوارثون الثراء أب عن جد ويحصلون مجاناً على الأموال، إلّاأنهم غالباً ما يفقدونها بالهيّن لأنّهم لم يتعبوا في الحصول عليها، يسرِّوا أعمالكم واغتنموا فرصة الزواج بمجرد توفر شروطه البسيطة المتواضعة.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 41

بعقيدتنا أنّ الزواج البسيط الخالي من الرسوم والتزيين يتلاءم مع مواصلة الدراسة إذا أدرك الطرفان معناه الصحيح إدراكاً واقعياً وأدركا أيضاً بأنّ وجود كلّ شي ء يكون تدريجياً وأن المعيشة تتحسّن تدريجياً، وأنّ متطلبات الإنسان يجب أن تكون في حدود الإمكان.

لعلّ الشباب الذين يفتشون في متاهات مضلّة عن هذه الأحلام والخيالات، نسوا ما في رابطة الزواج من أصالة وواقعية ألا وهي إدراك المفهوم الصحيح للمعيشة، ووجود إنسانين يعي أحدهما الآخر.

من المُسلّم أنه إذا توفّر مثل هذين الإنسانين فليس هناك أي تأثير للآخرين وإذا لم يتوفر مثلهما فالباقون لا يستطيعون أن يخلقوا السعادة أبداً ولهذا السبب نجد أنّ شرائع ديننا البنّاءة لا تشترط في الزواج الصحيح غير وجود إنسانين (زوجين) عاقلين يرغبان في الحياة الزوجية

المشتركة.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 42

ولكن انظروا كيف تعقدت هذه المسألة؟!

إنّ الحياة البسيطة لطلّاب العلوم الدينية مسألة جديرة بالملاحظة ومن الممكن أن تكون نموذجاً عملياً واضحاً لسائر الشباب.

انّ 99% من طلّاب العلوم الدينية يبدأون حياتهم الزوجية خلال مدّة الدراسة، وبواسطة المرتب البسيط الذي يتقاضون من بيت مال الحوزة العلمية يديرون شؤونهم المعاشية- مدّة دراستهم- مع كمال العفّة والبساطة متجنبين بذلك عواقب العزوبة الوخيمة.

«5» عقبات الحياة الزوجية السبع

إنّ كثيراً من القضايا التي نراها من الضرورات المؤلمة التي لا يمكن اجتنابها، إنّما هي إفرازات لأفعالنا التي تفتقر إلى المنطق، التي يمكن تفاديها واجتنابها.

وكثير من المصائد التي نظن بأنّ يد التقدير قد ألقتها في طريقنا، إنّما هي سلاسل صنعنا حلقاتها بأيدينا.

وأخيراً فإنّ أغلب مشاكل حياتنا إنّما هي حوادث خيالية ساذجة لا ترقى أبداً إلى مستوى المشاكل الواقعية.

يُقال انّ «رستم» بطل الاسطورة الإيرانية أراد أن يفتح المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 44

بعض المناطق الإيرانية التي لم يوفّق لفتحها غيره من الأبطال، فلما توجه إلى هذه المناطق واجه سبع عقبات خطيرة بحيث أن كل واحدة منها كانت أخطر من الاخرى، فكان يصادف شيطاناً أبيض مرة؛ وزماناً كان يلتقي بثعبان عظيم، وثالثة كان يواجه سحرة مخيفين ولكنه أخيراً فاز بمهارته وشجاعته وعبر هذه العقبات والموانع.

إنّ هذه الاسطورة الشعرية الجميلة التي نظّمها فردوسي- شاعر الحماسة الإيراني المعروف- تجسم كثيراً من مشاكل البشر وتوضّح الطرق الصحيحة والسليمة للتغلّب عليها.

إنّ مسألة الزواج وعبور عقباته ليست بأهون من عبور رستم من تلك العقبات، إلّاأنّ عدم استطاعة الشباب اجتياز عقبة الزواج، إما لأنّهم لا يملكون الشجاعة والقدرة التي كان يملكها رستم أو لأنّهم لم يصمموا على اجتيازها.

قد قلنا سابقاً ان هذه المسألة الإجتماعية قد خرجت من المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 45

صورتها

الأصلية الطبيعية المفيدة النافعة واتخذت لها شكلًا آخر قبيحاً، فأكثر شكوى الشباب والآباء والامهات من الزواج إنّما يرجع إلى هذه الصورة القبيحة القاتمة، وإلّا فإنّ أساس الزواج أسهل وأظهر وأقدس من أن تتقدمه هذه المشاكل أو تلتحق به.

إنّ حكم الزواج- بالنسبة إلى كثير من الشباب- مع الشروط الحالية كحكم الذهب المستخرج من المنجم المخلوط بمواد زائدة كثيرة بحيث ان استخراجه وتصفيته لا يكون مقروناً بالنفع والفائدة.

إنّ المواد الطارئة على الزواج هي الغيرة والقيم الزائفة والعادات الفاسدة والتقاليد البالية والحصول على الشخصية والشرف الخيالي.

لقد فقد الزواج في خضم هذه المشاكل صورته الحقيقية

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 46

الناصعة ليتحول الى عفريت يخيف شبحه كلّ شي ء والأسوء من ذلك هو ندرة الأشخاص الذين تتوفّر فيهم روح المقاومة ضد شروطه وهذه الندرة أقل بين المثقفين عنها بين الأميين، وأضعف بين المتمدنين عنها بين القدماء.

إنّ كثيراً من الأفراد الذين يقنعون أنفسهم بهذا الإستدلال وهو (أنه كم مرة يتزوج الإنسان في حياته حتى يتزوج بصورة بسيطة؟ دعنا نصل إلى آمالنا وامنياتنا وأهدافنا ...)، غفلوا عن أن هذا الإستدلال الفاسد يشكل أعظم سدٍ في طريق سعادتهم وسعادة كثير من أمثالهم.

يجب على الشباب أن يجتازوا هذه العقبات والموانع الموجودة في هذا الطريق الطويل بكل شجاعة وبطولة، وأن يفتحوا هذه الطلاسم التي تعترضهم، وليس من العجيب إذا قلنا إنّ مشاكل الزواج يمكن أن نجملها بهذه الامور السبعة:

1- المطالب (التوقعات) اللامحدودة التي تتوقعها البنات من الأولاد وبالعكس، والآباء من الامهات وبالعكس.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 47

2- التفتيش عن الإعتراضات الكثيرة المصطنعة من قِبل الآباء والامّهات والأقرباء والأصدقاء.

3- المهر الباهض.

4- تشريفات مراسم الزواج الزائدة.

5- الإعتراضات التافهة حول مستوى شأن العائلتين وتكافؤهما في هذه الناحية.

6- العشق الملتهب الفض الذي

لا يمكن السيطرة عليه.

7- الوساوس الكثيرة عند الطرفين وعدم إيمان كل منهما بالآخر في أنه سوف لا يخونه في المستقبل.

عندما نفكّر وندقق في هذه المشاكل السبع المتقدمة نجد أنها لا ترتبط بأصل مسألة الزواج وإنّما ترتبط بمواده الخارجية الزائدة.

فمثلًا لو نظرنا إلى العقبة الخامسة من هذه العقبات- وهو التكافئ- الذي يشكل مانعاً مهماً في طريق زواج الكثيرين فإننا سوف لا نجده سوى شي ء محرّف عن الحقيقة والواقع.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 48

إنّ الشاب الذي عرّف نفسه بأنه في سن الثلاثين وأنه مهندس في النفط وأن له مرتباً كافياً، كان يشكو من أنه لحد الآن لم يوفّق في أن يتزوج، كان يقول: أنا لا أستطيع أن انتخب زوجة من أي عائلة مهما كانت، يجب أن أنتخب من عائلة محترمة تتمتع بالمستوى الذي أتمتع به، وعندما كنت أتردّد إلى هذا النوع من العوائل فإنها كانت تشترط عليّ شروطاً باهضة، ومراسم خاصة للزواج بحيث لا يستطيع أن يحسب مخارج هذه الشروط سوى آلة حاسبة الكترونية.

قلت: ما هو هدفك من «الشخصية والإحترام»؟ هل أنّ القراءة والكتابة والثقافة كافية؟

أنا أرشدك إلى عوائل كثيرة تحتضن بنات دارسات مثقفاتٍ، لائقات ومستعدات بأن يتزوجن من أمثالك.

أم أن هدفك من الشخصية وجود الصفات الإنسانية العالية والقيم الأخلاقية السامية أو التمتع بالمميزات الجسمية والبدنية الجذّابة؟

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 49

ومع ذلك فإنّ في وسط العوائل غير الثرية النجيبة تتوفر مثل هذه البنات بكثرة.

غير أني لا أظن أن هدفك أي من هذه الامور المذكورة، بل إنّ هدفك من عائلة ذات شخصية ومحترمة هو أن يكون عم البنت رئيساً لدائرة وابن عمها مديراً لُاخرى وأبوها وأُمها من الأثرياء يملكان سيارة و ... أليس كذلك؟ لقد أدركت أنّ هذا هو

مراده.

فقلت له: أنتم الذين ارتكبتم مثل هذا الإشتباه الكبير في الحياة ووزنتم شخصيتكم بهذه الامور ولم تزنوها على صعيد الواقع الإنساني، يجب أن تتحملوا هذا الألم والزجر.

المسألة المهمة التي تجلب نظرنا في الروايات الإسلامية هي أنّ هذا المفهوم الخاطئ الذي كان رائجاً بين القبائل والطبقات الإجتماعية في العصر الجاهلي، قد عارضه الإسلام معارضة شديدة ووصف عموم النساء والرجال، البنات والأولاد بالسواسية حيث جاء في الروايات «المؤمن كفؤ

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 50

المؤمن» فكلّ فرد مؤمن مهما كانت قبيلته وعائلته كفؤ للمؤمن الآخر.

وعلى هذا الأساس فإنّه إذا ارتفعت قشور الزواج الخيالية المرتبطة بالمستويات العائلية والطبقات الإجتماعية فستحل عقدته مؤكداً.

«6» الآباء والامّهات المتزمّتون

إنّ هؤلاء الآباء والامهات إنّما يعرّضون مستقبل أولادهم إلى الخطر

يعيش أغلب الآباء والامّهات حالة من التعسّف أو البرود تجاه اضطراب الغرائز الجنسية لأبناهم- بنين أم بنات- رغم تجربتهم وتقدّم السن بهم، وقد يصل هذا التعسّف أو البرود أحياناً إلى أن يرى أولئك الآباء والامّهات أنّ تأخير الزواج لسنة أو خمس سنوات قد يبدو في نظرهم أمراً في غاية السهولة «حسنا لم يقع الزواج هذه السنة، سيقع في السنة

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 52

القادمة إن شاء اللَّه، فليقع بعد بضع سنوات، فما زال أمامنا متسّع من الوقت». وهم يغفلون أو يتغافلون أن تأخير الزواج لشهر بل لبضعة أيام- في بعض الحالات- قد يغيّر مسار مستقبل الشباب ومصيرهم، ولا أدري كيف لا يتذكّر هؤلاء الآباء والامّهات ماضيهم؟ أما السؤال الذي ما زال يبحث عن جواب: لماذا تناسوا بهذه السرعة عنفوان شبابهم ومراهقتهم قبل الزواج؟ لم لا يضعون أنفسهم مكان أبنائهم؟! والحال أن تصوّرهم بأن الشباب ينظرون إلى هذه القضية ببرود على غِرار أنفسهم انما تشكّل مسألة بالغة الخطورة قد تؤدي إلى

الجنون وإلى ما لا يحمد عقباه، لا شك إنّ أحد الأسباب المهمة التي تدعو الشباب إلى الهروب من البيئة العائلية والانتحار والإنحراف والأمراض الشاذّة إنما يعود إلى عدم الإهتمام بهذه الحقيقة، ولا سيما إذا كان موضوع البحث يتعلّق بالشاب الملتزم والمؤمن النزيه، وهم المعنيون أكثر من غيرهم بالكلام، فمن الظلم حقاً أن نرى الآباء والامهات يهملون مثل المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 53

هؤلاء الأفراد، رغم أن مشاكل الزواج وما يترتب عليه من مسؤوليات قد تجعل الآباء والامهات يفقدون تلقائياً أو يتناسون طغيان الغريزة الجنسية لدى أبنائهم، فيحاولون اقناع أنفسهم بأنّ الوقت ما زال لصالحهم، فتراهم يحدّثون أنفسهم:

ما الداعي لهذه السرعة والاستعجال؟! ...

ما زالت رائحة اللبن تفوح من أفواههم فهم صغار!

ما زالوا أطفالًا و ...!

ما زالوا و ما زالوا ...

غير أنّ هذه الكمية من العراقيل (ما زالوا) ربما ستجر الويلات على الآباء والامهات؛ الأمر الذي يجعلهم يهبون لمواجهتها في خاتمة المطاف ولات حين مناص.

إنّ القيود والشروط غير الصحيحة التي يتمسّك بها الآباء والامّهات في انتخاب الزوجة لأبنائهم ناشئة غالباً عن عدم الإحساس بالمسؤولية والضرورة الملحّة، وهذا شي ء طبيعي لأنّ الإنسان إذا أحس بضرورة شي ء ما، فإنّه يتساهل في المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 54

شروطه ويخففها وربّما يغض النظر عنها ويتسامح فيها بل ربما يساعد على إنجاز ذلك الشي ء وإتمامه، وبعكس ذلك فإنّ عدم الإحساس بالضرورة يصنع من الإنسان إنساناً شديداً غير مرن.

قرأت في مقالة إن بعض الأفراد المتزمتين والوسواسيين يشمّون السيارة عند شرائها! فكأنّهم يشترون لحماً، إنّ الذين يستمدون من حاسة شمهم قوّة تؤيد تفكيرهم عندما يريدون شراء سيارة فأعمالهم واضحة عندما يريدون أن ينتخبوا زوجاً لأبنهم أو ابنتهم.

والعجيب انّ مثل هؤلاء الآباء والامهات انما يشهدون في حياتهم

مطبّات لم يكونوا يتوقعونها أبدا.

من الطبيعي أنّه عند انتخاب الزوجة يجب أن يسأل عنها بصورة كافية، لأن اختيار شريك العمر ليس بشراء قميص أو ثوب، ولكن الدقّة والفحص تختلف كثيراً عن التزمّت والوسواس والتشدد في الامور.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 55

يجب التوكّل على اللَّه والإقدام على الزواج بمجرد أن تبدي الامور الظاهرية بأن الطرف المعين لائق للزوجية، وتؤيد ذلك التحقيقات التي يدلي بها الأفراد المطّلعون، ومن المؤكّد سوف لا تكون النتيجة سيئة.

وطبقاً للتعليمات الإسلامية في موضوع تعجيل زواج الأبناء وطبقاً لما يقرره العقل في هذا الباب يجب التأكيد على الآباء والامهات في هذا الموضوع، وتحذيرهم من الإهمال في زواج أبنائهم أو التشدد فيه، وأن لا يتسامحوا في النتائج الناشئة عنهما، فيقضوا بذلك على مستقبل أبنائهم الأعزاء.

يجب أن لا ننسى بأن غريزة الشاب الجنسية قوّية جداً بحيث أنّ إهمالها يمكن أن تعقبه أنواع مختلفة من المخاطر.

إنّ التاريخ البشري خير دليل على ذلك حيث أنّه يظهر لنا بوضوح بأنّ المخاطر التي نشأت وتنشأ بسبب هذه الغريزة لا يمكن تفاديها بأي شكل من الاشكال.

«7» لمن الاختيار: الابناء أم الاباء؟

هذا هو انتخابي وهذا انتخاب أبي وامّي!

ما أكثر نظائر هذه القصة التي قد نشرت في الصحف:

فتاة في سن الثامنة عشرة من عمرها، كانت ترتدي ثياب العرس، وقبل أن يتم عقدها بلحظات، خلعت ثياب عرسها وارتدت زي الرجال ثمّ ألقت بنفسها من نافذة الغرفة إلى فناء الدار وهربت من البيت من دون أن يشعر بها أحد وبعد ذلك أوصلت نفسها إلى أحد الحمامات وفي الحمام قطعّت شريان يدها مما سبّب لها نزيفاً دموياً شديداً كانت عاقبته أن اغمي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 57

عليها فاضطر عمّال الحمام إلى نقلها الى أحد المستشفيات ثم إنقاذها من مخالب الموت

المحتّم، وبعد أن استعادت حالتها الطبيعية سألها حاكم التحقيق عن سبب انتحارها فقالت:

كنت أدرس حتى العام الماضي في إحدى المدارس الثانوية، وكنت قد تعرّفت على شابٍ أنيق لائق ولشدّة أواصر العلاقة بيننا وازدياد ثقتي به أصبح خظيباً لي، وفي ذات يوم عندما كنت أُطالع الجريدة اليومية فوجئت بصورته كمجرم القي القبض عليه من قِبل المسؤولين نتيجة سرقة مجوهرات، فاتصلت بمنزله هاتفياً- مع أني لم أكن أُصدّق الخبر- ففهمت بعد التحقيق بأنّ القضية واقعة حقيقية وانه كان يمارس السرقة بمعية عصابة، وكل ما يملكه الآن هو ملك للآخرين!

مع هذا لم أكتف بهذا التحقيق بل اتصلت بالشركة التي كان يدّعي بأنه يشتغل فيها كمهندس ذي مسؤولية كبيرة فعلمت بأنّ كلامه كان كذباً وخداعاً وأنّ مسؤولي هذه الشركة لا يعرفون مثل هذا الشخص أبداً.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 58

وقبل شهر طلب يدي رجل في سن الأربعين ولم يمض زمن طويل على وفاة زوجته وهو من أصدقاء أبي الأثرياء، ولما لم أكن أرغب بمثل هذا الزواج فقد بيّنت رأيي مراراً وتكراراً ولكن «لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي» فقد أصرّ أبي على هذا الزواج، وعلى حين غفلة وجدت نفسي أمام أمرٍ واقعي، آنذاك لم يكن أمامي سوى الفرار ثم الإنتحار».

هناك نظريتان متضادتان في موضوع الزواج:

الأولى أنّ الزواج يجب أن يكون خاضع لرأي الآباء والامّهات واختيارهم.

الثانية: أن تفوّض هذه المسألة المهمة للشباب أنفسهم وليس لأي أحد شأن في ذلك.

ولكل من هاتين النظريتين أصحاب ومؤيدون، وقبل أن نجد الرأي والطريق الصحيح يجب أولًا أن نتعرّف على أدلّة أصحابهما.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 59

جماعة من الشباب يقولون:

«هل أن الآباء والامهات يريدون أن ينتخبوا زوجة لأنفسهم حتى أن رضاهم يكون شرطاً

أساسياً؟!

الشخص بنفسه يجب أن ينتخب شريكة حياته.

إنّ الفتاة التي قد تكون في نظر آبائنا وامهاتنا مَلَكاً من الملائكة، قد تبدو لنا أسوأ من الشيطان إذا لم تكن لدينا رغبة فيها.

تظهر تحقيقات علماء الإجتماع والقضاة، بأنّ أكثر وقائع الزواج التي تنتهي بالطلاق هي وقائع الزواج التي تقع في سن مبكّرة، والتي يكون ملاكها رضا الأب والام.

إنّ سبب فرر أو انتحار الكثير من البنات والأولاد- الذي نقرأه في الجرائد دائماً- هو اشتباه أوليائهم وإلّا فإنّ الإنسان العاقل لا يقدم على الفرار أو الإنتحار بدون سبب.

إذا فرضنا أنّ الشباب كانوا في وقت ما صمّاً عمياً غير قادرين على تشخيص مصالحهم، ففي عصرنا الحاضر ليسوا

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 60

كذلك فهم أصبحوا يعرفون كلّ شي ء قبل بلوغهم.

إنّ تفكير الآباء والامّهات- أساساً- لا يوافق روح العصر ولهذا لا يستطيعون فهم احتياجات الفتاة والولد العصريين.

والخلاصة أنّ الآباء والامّهات يجب أن لا يتدخلوا في هذه المسألة الحياتية ويجب أن يتركوا الميدان مفتوحاً لأبنائهم.

أمّا الآباء والامهات فيقولون:

الإنسان في بداية شبابه خال من التجربة حتى لو كان عالماً وفيلسوفاً مثل افلاطون أو ابن سينا، وبعبارة اخرى، إنّ الشاب باعتبار عدم تجربته للُامور يكون سليم القلب، وعلى هذا الأساس، فانه يأخذ الامور بظاهرها، ولهذا فانه ينخدع بسرعة بالمظاهر الخارجية الجذّابة بدون أن يعلم أن هناك شياطين تختفي خلف تلك المظاهر الخارجية الخلّابة.

نجد كثيراً من الأفراد لأجل أن يوقعوا الأولاد والبنات في مصيدة العشق يحفظون عبارات جميلة جذّابة وجملًا ساحرة

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 61

عذبة، وبالإستفادة من قوّتهم وفنونهم الشيطانية وباستعمال هذه العبارات يسرقون قلب الطرف المقابل ويوقعونه في حبال شراكهم، وبعد أن يتزوّج الطرفان ويتم كلّ شي ء يتبيّن خلاف ذلك.

مهما كان الشباب أذكياء ومجرّبين فانهم محتاجون إلى

مرشد ودليل في هذا الطريق الذي يقطعونه لأوّل مرّة، فيجب أن يسألوا عنه سالكيه، خوفاً من أن يضلّوا فيه.

هل أنّ الآباء والامّهات أعداء لأبنائهم حتى لا يريدون مصلحتهم، إنّ أبناءهم أعز عليهم من أنفسهم ويحبونهم أكثر مما يحبّون أنفسهم ولذلك فانهم يفدونهم بأرواحهم، ولو فرضنا أنّ الآباء لا يعرفون شيئاً وليس لديهم اطّلاع وثقافة أليس أنهم ذاقوا طعم الحياة وجرّبوها؟ ذاقوا مرّها وحلوها، فهم يعرفون خصوصيّات الحياة الزوجية ومزاياها ويستطيعون أن يميّزوا بين الواقعيات وبين الأوهام والخيالات.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 62

ومع غض النظر عن ذلك فإنّ عزل الإبن أبويه- اللذين لهما حق التربية عليه واللذين ضحّيا بتمام قدرتهما وقوّتهما في سبيل إسعاده- عن هذا الموضوع الحسّاس الذي يؤثر في حياتهما تأثيراً شديداً يُعتبر أمراً قبيحاً وبعيداً عن الأخلاق جداً.

إنّ انتخاب الإبن لشريك حياته بدون رضا أبويه وإن نسيانه لديونهما عليه لا يتّفق مع أي أصل إنساني أو قيمة حضارية.

نحن نعتقد بعدم صحة وواقعية أي من النظريتين السابقتين، فلا الآباء والامّهات لهم الحق في أن يحمّلوا أبناءهم عقيدتهم الخاصة في انتخاب الزوجة، ولا من صالح الشباب اختيار الزوجة بأنفسهم فقط.

بل الصحيح هو أن يتشاور الأبناء والآباء حول هذه المسألة الحياتية ويتبادلوا النظر فيها حتى يوصلوها إلى الهدف المطلوب.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 63

الآباء والامّهات يجب أن ينتبهوا إلى هذه الحقيقة وهي أنّ مسألة انتخاب الزوج أو الزوجة ليست كلها استدلالًا وجدالًا بل العنصر الرئيسي فيها هو الذوق، وأي ذوق؟ ذوق الأفراد أنفسهم، ومن الطبيعي أن الأفراد متفاوتون في هذه المسألة كثيراً حتى الأخوين.

من النادر جداً أن يدوم الزواج المفروض طويلًا، ومع بقائه مدّة طويلة فانه ينتهي بالفراق حتماً.

المسألة المهمة والخطرة جداً هو أن ينظر الآباء والامّهات إلى

مصالحهم الشخصية عند انتخاب زوجة لابنهم.

إنّ مثل هؤلاء الأفراد منحرفون عن الحقيقة وضالّون عن جادّة الصواب، ثمّ من جهة اخرى يجب أن لا ينسى الشباب بأنّ الحب والعشق في هذا الوقت- وقت الشباب- يسدل ستاراً أمام العين بحيث يجعلها تغفل عن مشاهدة العيوب ولا ترى إلّاالمحاسن.

يجب على الآباء والامّهات والأصدقاء المخلصين أن المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 64

يساعدوا الشباب في هذا الإنتخاب بأفكارهم القيّمة والصحيحة.

إضافة إلى ذلك فإنّ الشباب مهما كانوا أقوياء ومنعاء فانّهم لا يستغنون عن مساعدة الآباء والأصدقاء في طوفانات حوادث الحياة.

إنّ الشباب إذا عزلوا آبائهم وامّهاتهم عن هذا الأمر فإنّهم لا يستطيعون أن يعتمدوا عليهم في حلّ مشاكل حياتهم القادمة، ولا أن يركنوا اليهم مع العلم بأنّ الإعتماد عليهم ضروري بالنسبة لهم، وعلى هذا فيجب على الشباب أن يقنعوا آباءهم قدر المُستطاع.

إنّ الإسلام قد نظر في قوانينه إلى هذه المساعي المشتركة بين الطرفين وخاصة في موضوع البنت البكر حيث اشترط رضاها أولًا ثمّ موافقة وليّها.

أما موارد الزواج التي ينظر فيها إلى المصالح الشخصية للأب أو الإبن فهي خارجة عن روح القانون الإسلامي.

«8» العشق الملتهب طريق ملي ء بالمخاطر في حياة الشباب

اشارة

قالوا عن العشق كثيراً، وتحدثوا عن عظمته كما تحدثوا عن الأمراض والجنون الناتجة عنه، ولعلها الكلمة الأوفر حظاً في الاسهاب عنها بهذه التعابير المختلفة والمتناقضة. وصف أحد الكتّاب (كوته الألماني) العشق بأنّه عظيم إلى درجة بحيث انه قال: العشق دليل الحياة، وسعادة خالدة.

وقال «هزيه»: العشق معمار العالم.

أما «توماس مان» فقد تحدّث عن معجزات العشق،

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 66

فيعتقد بأنّ العشق «يجعل الروح أكثر قوّة والإنسان أكثر سعادة».

وقد ذهب بعض الفلاسفة الشرقيين إلى أكثر من هذا، فقد اعتقد بعضهم بأنّ: كل حركة في هذا العالم ناشئة عن نوع من العشق، حتى حركات

الأفلاك والمجرّات العلوية.

وبالطبع لو فسّرنا هذه المفردة بمعناها الواسع الشامل- أي كل نوع من أنواع الجذب والانفعال- كان لابدّ من تأييد هذه الأقوال، فليس هنالك ألهب من العشق.

وعلى العكس من ذلك فإننا نجد بعض الفلاسفة والكتّاب قد حملوا على العشق حملات شعواء ووصفوه بأوصاف قبيحة، حتى عدّوه مرضاً من الأمراض الخبيثة.

يقول أحد كتّاب الشرق المعروفين: «العشق مثل مرض السل والسرطان، مرض مزمن يجب أن يفر منه الإنسان العاقل»!

أمّا العالم الفلكي المعروف «كوبرنيك» الذي حاول أن المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 67

يبقي بعض الشي ء في ازدرائه للعشق فقال: «إذا لم نقل بأنّ العشق نوع من الجنون فهو عصارة العقول الضعيفة».

وقد اعتقد «كارلايل» بأنّ العشق «ليس نوعاً واحداً من الجنون بل هو خليط مركّب من أنواع الجنون».

إنّ هذه النظريات والاراء المتناقضة حول العشق- الكلمة المتداولة كثيراً وخاصة في الشعر والأدب- لا يجب حملها على التناقض في موضوع حقيقي واقعي، بل إنّ هذا الإختلاف ناشئ من اختلاف الجهة والزاوية التي ينظر منها الكتّاب والفلاسفة إلى هذه الحقيقة الواقعية.

وبعبارة أخرى إنّ كل واحد من هؤلاء الكتّاب والعلماء قد بحث صورة واحدة من صور العشق ربما كان قد واجهها كثيراً في حياته.

وعلى هذا يجب الإعتراف بأنّ:

إذا كان المقصود من العشق هو قوّة جاذبة قوية بين المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 68

انسانين أو بين موجودين- أعمُّ من الإنسان والحيوان والنبات والجماد، كما قال بعض الفلاسفة المتقدّم ذكرهم- تنحو نحو هدف سامٍ، فما أحسن هذا التصور؟ لأنّ هذه القدرة الخلّاقة عجيبة جداً حيث أنّها تزيل بسرعة كلّ الموانع التي تقف في مسيرة تكاملها.

ولعل الاشادة بالعشق قد استندت إلى هذه القدرة الخلّاقة والقوّة العظيمة الفريدة، حيث أننّا نعلم بأنّ كثيراً من الإبداعات الأدبية والفنية وليدة

هذه القوّة الجاذبة التي نسميها «العشق».

أمّا إذا كان المقصود من العشق بأنّه قوّة جاذبة قوية تجر إنسانين إلى الرذائل والجرائم ثمّ التلوّث والسقوط في الفحشاء والمنكر، فإنّ ما قيل في ذمه قليل لأنّ الوصمات القبيحة التي تلتصق به من القوّة والثبات بحيث لا يمكن أن تزول أبداً.

وإذا كان الهدف منه هو قوّة جاذبة تخرِّب العقل وتشلّه المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 69

بحيث يصبح صاحبه مجنوناً فإنّ كل ما قيل فيه من عبارات التحقير والترذيل فهو صحيح.

الكاتب الفرنسي «استاندال» يقول: «الفاصل بين العفّة والوقوع في الخطأ ثمّ السقوط في القضايا التي ترتبط بالعشق قبلة واحدة فقط».

والخلاصة فإنّ للعشق صوراً مختلفة كثيرة، وعلى هذا فيكون مدحه صحيحاً وذمه وتحقيره صحيحاً أيضاً.

تحت الأستار الشاعرية للعشق:

الموضوع المهم والضروري بالنسبة للشباب العفيفين هو وقوع مختلف الجنايات والجرائم تحت ستائر العشق الجميلة، وحدوث أنواع الفساد باسم العشق المقدّس.

إنّ كل المحتالين والمنافقين الذين ليس لهم هدف سوى الوصول إلى شهواتهم الحيوانية يصلون إلى هدفهم المشؤوم هذا تحت ستار العشق وما تحتويه هذه الكلمة من معان المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 70

شاعرية جذّابة جميلة، ولهذا فإنّه بعد تحقيق أهدافهم الحقيرة تظهر الصورة الواقعية لهذا العشق الكاذب وينسون كلّ العبارات والكلمات الشاعرية الجذّابة التي قالوها في هذا الصدد- بالضبط مثلما يقلب إناء مملوء بالماء فلا تبقى قطرة فيه- فينمحى ذلك الحب العذري والعشق الملتهب والقلب المملوء بالمحبة والعيون المريضة العاشقة والإدعاءات الكاذبة الاخرى وحينئذ يمسي المعشوق المخدوع نادماً مغموماً حيث لا ينفع الندم!

يجب على الشباب أن يُراقبوا بدقّة هؤلاء الأشخاص الذين يظهرون هذا العشق الكاذب.

ما أكثر ما يرهن هؤلاء العشّاق الكاذبون قلوبهم المملوءة بالعشق عند أشخاص متعددين في آن واحد، ويتوسّلون بألف حيلة ليظهروا أنفسهم عشّاقاً صادقين لكل

أولئك الأشخاص.

يجب الحذر من هؤلاء الأشخاص وما أكثرهم في عصرنا

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 71

الحاضر، إنّ هؤلاء هم الذين تصل وقاحتهم أحياناً إلى درجة، بحيث أنّهم يكتبون رسالة واحدة مملوءة بالكذب والخداع إلى عدّة فتيات في وقت واحد، وهم الذين يلبسون في كلّ مكان لباس العشق المقدّس ولكنهم يخفون تحته آلافاً من الجنايات الوحشية.

يجب على الأولاد أيضاً- فضلًا عن الفتيات- أن يكونوا على حذر من هذه الشراك المختلفة المسماة «بالعشق العفيف» التي توضع في طريقهم، هذه الشراك التي لا نجاة منها بعد الوقوع فيها أبداً، وربّما كان عمر الإنسان كلّه لا يعادل كفّارة التسليم لهذه الألفاظ البرّاقة الكاذبة.

إنّ الأسخاص الذين حرموا من المحبة يجب أن يكونوا على حذر أكثر من الآخرين لأنّهم يستسلمون لهذه المحبّة والعشق الكاذب وينخدعون بصورة أسرع بسبب حرمانهم السابق منها.

«9» أخطار العشق

اشارة

قلنا بأنّ العشق إذا كان بمعنى قوّة جاذبة بين موجودين في طريق الوصول إلى هدف سام فهو من أسمى الأهداف الإنسانية النبيلة.

إذا كان أساس الزواج مبنياً على مثل هذه العلاقة المتينة الأصيلة لا على الكذب والخداع فإنّ مثل هذا الزواج سوف يبقى متيناً ومحكماً وخالياً من كلّ عيب وخلل كما أنّ مثل هذه الإرتباطات الزوجية تكون مستمرة وباعثة للسعادة والإرتياح.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 74

إنّ هذه العلاقات الزوجية هي غير الحب الزائف الذي يبدو في الظاهر وكأنّه عشق صادق حقيقي ولكنه لا يلبث أن ينطفئ ويخبو بعد نيل المطلوب من المعشوق بصورة غير مشروعة.

هناك مخاطر عظيمة في العلاقات الواقعية العفيفة وفي العشق الواقعي يجب أن لا تنسى.

وأوّل هذه المخاطر:

الحب العادي وما له من أثر عظيم من حيث النظر إلى المعايب بمنظار حسن واعتبار الأُمور السيئة حسنة، إما الحب الجنوني فناهيك عنه، فمثلًا إذا كان الإنسان ينظر بعينين، عين (رضا وقبول) وعين (كراهية ونفرة)، ففي حالة الحب نجد أن العين الثانية تغض عن كل شي ء فترى الأشياء القبيحة حسنة والمعايب محاسن.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 75

عين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساوئا

وإذا أراد شخص أن ينصح مثل هؤلاء العشّاق المفتونين ويبين لهم خطأهم فإنّه يجابه بردود فعل قويّة منهم حيث يعتبرونه عدواً وحاسداً ليس غير.

من الطبيعي أنّ هؤلاء العشّاق المولهين يعتبرون أنفسهم أنّهم في ظلال هذا العشق يعيشون في حياة لذة وسعادة في حين أنّ سائر الناس محرومون منها وإذا وجّه لهم أحد نصيحة فإنّهم يعتبرون هذه النصائح نتيجة عدم الإطلاع والإدراك ونتيجة التقييم الخاطئ لواقعيات هذه الحياة.

وفي هذه الحالة تكون النصائح غير مؤثرة بالنسبة إلى هؤلاء وربما كانت مضرّة جداً.

ولكن عندما ينطفئ لهيب هذا العشق

الملتهب بالتقارب الجنسي يرتفع ذلك الستار المسدل على العيوب وحينئذ ينظر العاشق بعين الحقيقة لا بعين العشق فيشعر وكأنّه صحا من المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 76

نوم عميق ويحسّ وكأنّه انتقل من عالم خيالي إلى عالم واقعي.

وحينئذ ما أكثر ما تخيم على مثل هؤلاء العشاق الندامة والحزن وتلبس روحهم ثوب الغم والهم حيث يقبرون حياتهم ويقدمون على الإنتحار.

ولو أنّ الوقوف ضد هذه الحالة ليس بالأمر السهل حيث أنّ الدليل العقلي والمنطقي لا يؤثر في هؤلاء باعتبار أن منطق العشاق يختلف عن منطق الآخرين، والمسافة بين دنيا العشّاق ودنيا الآخرين طويلة جداً بحيث لا توجد لغة مشتركة بينهما يمكن التفاهم بواسطتها، العشاق يتكلمون بلغة العشق والناس يتكلمون بلغة العقل والمنطق والفجوة بين الإثنين كبيرة جداً.

إلّا أن أصدقاء مثل هؤلاء الأشخاص- العشاق- وأقربائهم الذين انتبهوا إلى اشتباهاتهم وأخطائهم يجب عليهم ان ينصحوهم بطرق نفسية صحيحة ويبينوا لهم أخطاءهم المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 77

بصورة غير مباشرة وينفذوا في نفوسهم من دون أن يجرحوا شعورهم وأحاسيسهم.

يجب أن يبينوا لهم أخطاءهم واشتباهاتهم بصورة أسئلة تطرح عليهم ويعطوهم فرصة كافية ليفكّروا بأنّهم هم أنفسهم أدركوا الحقيقة والواقع ووقفوا على أخطائهم من دون توضيح الآخرين لهم، وفي هذه الحالة سوف يرجعون بإرادتهم إلى الطريق الصواب، لا أنهم همّوا بالعودة تحت طائلة الآخرين يجب على الشباب أن يفهّموا أنفسهم ويلقنوها أسباب هذا العشق ونتائجه حتى يستطيعوا أن يقاوموه والا يستسلموا له عندما تكتسحهم أمواجه القوّية.

ويجب على الشباب أن يصغوا إلى أقوال ذوي الإطلاع والمجرّبين ويستفيدوا منها في هذا المضمار.

الموافقة الضمنية على عشق هؤلاء واحترام معشوقهم وتأييدهم في هذا العشق، والإعتراف لهم بأنهم على حق وصواب يؤثّر كثيراً في نفوسهم ويجعلهم يعتمدون علينا

المشاكل الجنسية للشباب 3،

ص: 78

كثيراً ويحترمون أفكارنا ونصائحنا.

يجب الإنتباه إلى أن انتقاد هؤلاء وتحقيرهم له نتائجه الوخيمة بالإضافة الى أنّه ليس من العدل والإنصاف أن نلوم وننتقد مثل هؤلاء الأشخاص الذين سقطوا في هذا التيار الجارف.

«10» العشق القاتل

إنّ طغيان العشق كان مشهوراً دائماً بين الكتّاب والشُعراء.

العشق- وخاصة إذا كان قوياً- لا يعرف حداً ولا فاصلًا، لا يبالي بالقيود الإجتماعية، يستهزئ بالأخلاق، لا يتفق مع التفكير بالمصالح وربما لهذا السبب قيل «عندما يدخل العشق من باب يفر العقل من باب آخر».

حديث «العشق» و «العقل» وما بينهما من تضاد ليس جديداً بل نجده في النتاجات الأدبية عامة.

فالفيلسوف الإنجليزي المعروف «كارلايل» يحمل بشدة

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 80

وبشجاعة على العشق ويصفه بأنّه جنون أو «مركّب من أنواع من الجنون» فهو إنّما نظر إليه من هذه الناحية، وإلّا فإنّ مهمة العشق باعتباره عاملًا خلاقاً قوياً إذا سلك مساره المشروع ليست قابلة للإنكار.

ومن هذه الناحية قرنوا قديماً العشق والعاشق بالخجل والافتضاح، والقصص حول افتضاح «العشاق المولّهين» متداولة كثيراً بين الناس قديماً وحديثاً.

من المناسب أن نبحث هنا عن العوامل النفسية لهذا الموضوع ونجد الأسباب لهذه الحالة النفسية التي تعتبر من لوازم العشق.

العشق مثل النار تحرق وجود العاشق وتبدّله إلى نارٍ أيضاً وربما تبدل كل قواه إلى قوى أُخرى وهي قوى العشق وفي الحقيقة أن قوّة العشق وقدرته ناتجة عن تجمّع كل القوى وتمركزها في نقطة واحدة، إنّ قوى الإنسان العقلية، العاطفية والغريزية المختلفة نظير الروافد تسير في بدن الإنسان وفق المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 81

احتياجاته، فإذا شكلنا منها نهراً عظيماً يسير في مجرى واحد بقيت أعضاء البدن مجدبة من جهة اخرى.

وعلى هذا الأساس نجد العاشق الولهان لا يحس ولا يفكّر بشي ء سوى حرارة والتهاب العشق.

حديثه حول

محبوبه دائماً.

يرغب أن يتحدّث عنه في كل مجلس ومحفل وبسبب تداعي المعاني يربط كل حادثة، مهما كانت، بمعشوقه.

زخرفة الريح هبوب النسيم جريان النهر

حركة أوراق الشجر

هديل الطيور وزعزدتها

وكذا تردد الناس هذه كلّها تذكر بمعشوقه وتتحدث عنه.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 82

ومن هنا تبدأ المرحلة الخطرة، لأنّ العشق في هذه المرحلة لا يخضع للسيطرة العقلية نهائياً، وحالة العاشق حينئذ تشبه حالة المدينة التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها فتستسلم بسرعة للجيش الغازي، فيسلم زمام أموره يد العشق فيقوده معشوقه حيثما شاء وأينما أراد.

وإذا لم يسرع المخلصون لانقاذه في هذا الوقت وإرشاده إلى الطريق الصحيح فإنّه يعمل المستحيل في سبيل الوصول إلى معشوقه، فكلّ شي ء- سوى وصال المعشوق- غير مهم بالنسبة إليه.

فالنبل والرذيلة والدنائة والعفّة و ... تكون في نظره شيئاً واحداً فلا يفكّر بمستقبله ولا يفكّر بشرفه وشرف أقربائه وأصدقائه ولا بالقيود والعادات والأعراف الأخلاقية والإجتماعية.

ومن الطبيعي نجد العشق ينجذب في هذه الحالة نحو

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 83

أشياء ويزج نفسه في أُمور من دون أن يكون له قصد سي ء في ذلك، وربما خسر ما مضى من عمره أو مستقبله في هذا المضمار! وعندما يصحو- وصحوه هذا يكون غالباً بعد الوصال من معشوقه من حيث الغريزة الجنسية- نجده يرتدي ثوباً من الغم والحزن أسفاً على ما فاته وندماً- حيث لا ينفع الندم- على الأعمال التي صدرت منه.

هذا الندم واليقظة ربما يحدثان في ظلمة السجن بعد ارتكاب جريمة أو بعد قطع الروابط الإجتماعية والهروب من البيت والإنزراء في مكان ما أو بعد الإنزلاق إلى مراكز الفساد واعتيادها و ... و ...

يجب على الشباب أن يكونوا حذرين عند مواجهة هذا الخطر الداهم الذي يمكن أن ينفذ إلى نفوسهم بسهولة إذ يمكن

أن يدخلها بنظرة واحدة! نعم بنظرة واحدة، فيجب السيطرة عليه في هذه المرحلة البسيطة وإبعاد أنفسهم عن الخطر الذي لا يمكن التغلّب عليه.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 84

وبانتخاب الهوايات المفيدة، ومل الوقت بالرياضة والدراسة والقراءة المتنوّعة سوف ينسون المعشوق، كما يجب عليهم أن يحذروا ويبتعدوا عن الأصدقاء المنحرفين الذين يلعبون بهذه النار، وأن يفكّروا بعواقب الأُمور ونتائجها يجب عليهم أن يحفظوا إخلاء العشق المقدّس الموجود في قلوبهم إلى زوجتهم المنتظرة ويجتنبوا هذا العشق المملوء بالهوس الذي يظهر بصورة عشق مقدّس عفيف.

إنّ أصدقاء هؤلاء العشّاق عليهم مسؤولية مهمة في هذا الوقت، هذه المسؤولية هي إيقاظ أصدقائهم بطريق المحبة والعاطفة قبل أن يفوت الأوان فتصبح النصيحة عديمة الفائدة.

«11» العشق وأحلامه

اشارة

كثير من حوادث الهروب، الإنفصال، الإنتحار ناشئة عن عدم إنطباق أحلام العشق السابقة على الحياة الواقعية اللاحقة

إنّ خطر الإنزلاق في تيار العشق غير المقدّس وغير المثمر يهدّد كل شاب، لذا يجب أن يحذّر الآباء والامّهات أبنائهم من خطر الوقوع فيه حتى يمكن دفعه ورفعه عند الوقوع فيه.

إنّ غرسة العشق تختلف عن بقية الأغراس اختلافاً كثيراً حيث أنها تنمو وتثمر بسرعة جداً، وكما قلنا: ربّما نظرة واحدة فقط- في الأفراد الذين فيهم استعداد خاص لهذا

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 86

النوع- تصبح بذرة لشجرة قويّة، نعم نظرة واحدة فقط.

فكيفية هذه الظاهرة تتطلب مزيداً من الدراسات والأبحاث، إلى جانب الإلتفات إلى أخطاءها، وسنواصل بحثنا السابق بالاستغراق في سائر الأخطار.

العشق والخيال!

لا يوجد شي ء ناسج للخيال مثل العشق.

العلاقة بين العشق والخيال معروفة منذ أقدم الأزمنة، إنّ الأشخاص الذين يقعون في شِراك هذه المصيدة يعيشون في عالم خيالي يختلف عن هذا العالم في جميع أشيائه، مقاييسه غير مقاييس هذا العالم وظواهره ليست مجرد قول- على حد قولهم- بل حقيقة قابلة للرؤية، وعلى كل حال فإنّ الألفاظ والعبارات التي خلقت للحياة العادية غير قادرة على وصف الحياة الغرامية وبحبوحة العشّاق!

إنّ الخيال الساحر لشُعراء الغزل وشعرهم اللذيذ نابع من أحلام وخيال الغرام والعشق الحقيقي أو المجازى.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 87

ولهذا السبب نجد أنّ العشّاق المولّهين يسألون أنفسهم- عندما تحلق أرواحهم في عالم العشق الخيالي- ماذا سيحصل عندما يرون محبوبهم؟ وما هي الامور التي ستحدث؟

لابدّ أن الأرض ستبدل بغيرها والسماء بسماء اخرى وتتخذ كل منهما شكلًا آخر!

وفجأة سوف يظهر عالم مملوء بالسرور واللذة والمتعة غير قابل للوصف والبيان، ولكن حينما يحظى هؤلاء بوصال محبوبهم ولا يرون شيئاً من تلك الأحلام الحلوة التي نسجوها في خيالهم

أو يرون شيئاً قليلًا منها يجابهون الواقع وجهاً لوجه ويجدون أنفسهم في مقابله صفراً، نعم يجدون أنفسهم صفراً لا أكثر! وفي هذا الوقت تغمرهم الوحشة القائلة ويخيّم عليهم الغمّ حيث يجدون أنفسهم قد خرجوا من هذه المعاملة التجارية خاسرين، وربّما فكّروا بأنّهم كانوا غافلين أو أنّ هناك أرواحاً خفيّة قد نصبت لهم العداوة والحقد.

لماذا؟

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 88

الشي ء الذي كان تصوّره بتلك الدرجة من المتعة واللذة لماذا يكون وجوده الحقيقي، هكذا، خالياً من كلّ لذّة ومتعة وحلاوة، لماذا يكون بلا حرارة وسعادة؟!

إنّ وضع هؤلاء- في هذا الوقت- يشبه تماماً وضع الشخص الذي يرى من بعيد لوحة جميلة جذّابة فيسعى وبمشقة تامّة حتى يصل إليها، ولكنه- عندما يصل إليها- لا يجد سوى بعض الخطوط التافهة والألوان العاديّة.

هنا- وفي هذا الوقت- تبرز فيهم ردود الفعل القوية، الهروب من هذه الحياة، البعد والإنزواء، الإنتحار ... أو ردود فعل حادّة أُخرى.

العشق والآمال

من الطبيعي أن العشّاق المولّهين يتجاوزون كل شي ء في سبيل معشوقهم وإذا لم نقل بهذا، فعلى الأقل: نجد فيهم استعداداً للتجاوز عن كلّ شي ء، ولكن عندما تهدأ فيهم نار الغرام نجدهم يتوقّعون أموراً عجيبة وينتظرون أشياء غريبة.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 89

ومن هنا اثر عدم تحقق ما ينتظرون ويتوقعون تبدأ حياتهم المملّة المضنية فيبدأون يئنون منها ويشكون ويتضجرون ولهذا السبب نجد أن الحياة المستقبلية لهؤلاء تبدو كأنّها جهنم مستعرة حتى ولو أنّهم حضوا بوصال بعضهم البعض.

العشق الثأر

هناك خطر مهم آخر من أخطار العشق، هو نشوء دافع الإنتقام الشديد عند اليأس من الوصال بالمحبوب وعدم الوصول إلى الهدف المقصود.

إنّ التأريخ المعاصر والماضي ملي ء بالحوادث المفجعة التي ارتكبها العشّاق المولّهون، والتي لم يذهب ضحيتها سوى المحبوب نفسه.

إنّ سبب هذه الحوادث المفجعة واضح وجليّ من وجهة نظر علم النفس.

إنّ هذا العشق الملتهب العظيم بهذا التيار العنيف يرغم المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 90

العاشق على احترام المعشوق وحبّه حتى العبادة طالما يحس بأنّ هناك بارقة أمل للوصول إليه ولكنه حينما يستولي اليأس عليه فإنّ هذا التيار القوي ينقلب فوراً إلى قوّة معادية قويّة- مثل الكرة التي تصطدم بشدّة بمانع فترجع إلى الخلف- لأنّه لا يمكن أن ينطفئ فجأة وبسرعة، فالعاشق يرى كل شي ء سهلًا وصغيراً وقابلًا للتحمّل مادام هناك أمل بالوصال، أما عندما ييأس فإنّه لا يهاب أي مانع يقف دونه وفي طريق الإنتقام، وغالباً ما نجد أنّ العاشق لا يهدأ ولا يستقر ما لم يثأر لنفسه ولحبّه الضائع، وهذا هو رد الفعل غير المطلوب فإذا لم يستطع أن يثأر لحبّه لسببٍ ما، فإنّه غالباً ما يقدم على الإنتحار، ونماذج هذا النوع كثيرة، ولذلك نجد العاشق ينتقم لحبّه الضائع إما من

محبوبه أو من نفسه.

هذا غيض من فيض أخطار العشق الناري الملوث الذي لا يؤول إلى مآل.

«12» الزواج التجاري

والآن نرجع إلى بحث مهم سابق.

لا تعجبوا إذا قلنا بأنّ للزواج أنواعاً وأقساماً مختلفة:

زواج تجاري زواج هوى وهوس زواج ورقي و ... و ...

إنّ لكل واحد من أنواع الزواج هذه مميزاته الخاصّة التي يمكن أن تفرق بينه وبين غيره بصورة واضحة.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 92

إنّ من مميزات الزواج التجاري هو المهر الغالي والكثير، والجهاز الضخم، الثروة والعقار والبيت والآثاث و ...!

تقع المبادلة في الزواج التجاري على نوعين من الثروة المالية:

1- الثروة المرئية

2- الثروة غير المرئية

المقصود من الثروة المرئية هو مقارنة ثروة الرجل مع ثروة المرأة بصورة دقيقة، فضلًا عن ثروة الأشخاص القريبين منهما مثل الأب والأُم والأخ، أو بالأحرى حساب ثروة كل الأشخاص الذين تصل ثرواتهم أو قسم منها إليهما بعد موتهم!

تحسب كلّ هذه الثروات بدقّة وتخضع لمقارنة تامّة فاذا تمّت هذه «الصفقة» نجد أنّ الرجل والمرأة يكمن كل منهما على حدٍ سواء لاقتناص أموال أقرباء قرينه بعد موتهم، ويبقى يعدّ الأيام والليالي لوصول اليوم المحتوم لهم.

أمّا الثروة غير المرئية فهي المستوى والمقام الإجتماعي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 93

لأقرباء الطرفين، حتى يستطيع كل منهما ارتقاء سلّم التقدم بواسطة أقرباء الآخر.

إنّ الثروة غير المرئية ربّما فضلت على الثروة المرئية كثيراً حيث تكون أحياناً بصورة تفويض وإعطاء بعض المناصب والوظائف للأقرباء والأصدقاء، ولهذا نجد أن الرجل والمرأة بعد إتمام الزواج يشرعون بالإبتهال الى اللَّه ليل نهار بأن يحفظ أقرباءهم من مكاره الدهر كي يستطيعوا بواسطتهم أن يصلوا إلى كلّ أمانيهم ويصعدوا سلم الإرتقاء حتى آخره.

من الطبيعي أن الصفات الإنسانية في مثل هذا الزواج لا تؤخذ بنظر الإعتبار، بل الأساس فيه والمحور

الذي يدور عليه هو ثروة الطرفين وخاصة (ثروة الزوجة).

إنّ شخصية المرأة في الزواج التجاري تعتبر بضاعة أو سلعة- ليس غير- تجرى عليها المعاملات. ومن المؤسف أن نرى مثل هذا الزواج أصبح متداولًا كثيراً في مجتمعنا المعاصر وأن كثيراً من الآباء والامّهات والشباب لا يرغبون المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 94

بالزواج إلّاإذا كان من هذا النوع.

عيوب هذا الزواج كثيرة جداً بل إنّه بذاته عيب إذ أنّ عامل دوامه وبقائه هو عامل حدوثه ليس إلّا، فاذا ما وجد أحد الطرفين نفسه بأنّه لا يحتاج إلى الآخر من الناحية المادية فالفراق واقع بينهما لا محالة.

من المسلّم أنّ مثل النساء بالنسبة للرجال- في هذا النوع من الزواج- مثل الفاكهة يمتصون عصارتها ويرمون قشورها.

لا يوجد بين الطرفين أي مفهوم لعلاقة الزواج المقدّسة التي تضمن بقاءه واستمراره، بل ينظر كلّ منهما لصاحبه كما ينظر إلى سيارة ثمينة أو عمارة جميلة.

أمّا النساء اللاتي يتزوجن بهذه الطريقة فهن يحملن أحلاماً صعبة المنال للغاية؛ الأمر الذي يشكّل أكبر خطر من شأنه أن يفصم عُرى الزواج.

إنّ شيوع هذا النوع من الزواج جعل الشباب يتظاهرون أمام الفتيات أو أهلهن بأنّهم أصحاب أموال طائلة وأصحاب المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 95

أملاك وعقار، ولكن بعد إتمام الزواج، تنكشف الحقيقة للبنت وأهلها، وحينئذٍ تبدأ المشاجرات بين الزوجين التي قد تؤدي إلى الإنتحار أو إلى أُمور اخرى غير مرضية.

إنّ القوانين الإسلامية قد أعطت هذه المسألة أهمية خاصة عندما منعت المسلمين عن هذه الأنواع من الزواج غير الصحيح، وقد ذم أئمتنا بشدّة الأشخاص الذين يتزوجون من أجل أموال الطرف المقابل.

كما ذمّوا عليهم السلام المهور الغالية، معتبرين ذلك من شؤم الزواج، كما كانت سيرتهم العملية تتصف بتزويج بناتهم بمهور قليلة من الأفراد المعروفين بغناهم

المعنوي وفقرهم المادّي لتحتذي الأُمّة بأفعالهم وطريقتهم «1».

وقد ورد في الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّه قال:

«من تزوج إمرأة لجمالها لم يدرك ما طلب، ومن تزوجها لمالها وكله اللَّه إلى نفسه، فاضطر بذات الدين تربت يداك»

«13» الزواج المهووس

اشارة

الهوس أحد أُسس الزواج الخطرة والخطيرة، ولا ينبغي خلط هذا الامر سهواً باللذة الجنسية المشروعة التي تنبعث عن الزواج بالفطرة.

ليس هناك من شك بأنّ أكثرية الشباب يهدفون إلى اللذة الجنسية من وراء الزواج، وهذا حق من حقوقهم حيث أنّ الفطرة قد أودعت هذه الغريزة الجنسية القويّة فيهم.

ولكن الهوس شي ء أبعد من هذا، الهوس سلسلة من الخيالات الساذجة والمحاسبات الخاطئة المختلطة،

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 98

بالشهوات الشيطانية والحيوانية. فالامتيازات الفارغة الطارئة والصبيانية الحمقى انما تشكّل العمود الفقري للهوس.

إنّ الزواج الذي يبتني على الهوس عادة ما يقود الى الانفصال، لأنّ المتكفل بدوامه أشياء جوفاء كزبد الماء أو بريق السماء!

هناك علامات كثيرة (لزواج الهوس)، فمجلات الهوس مملوءة بأنواعه، وتشكّل الأفلام السينمائية نماذج متعددة منه، وكذا فإنّ زواج وطلاق المغنين والممثلين يمثل صورة أُخرى له.

إنّ هؤلاء الممثلين والمغنين يتزوجون ويطلقون، والغرض من كلّ ذلك هو أن تتكلم عنهم الألسن وتتحدث عنهم النوادي وتنشر الصحف والمجلات عن زواجهم وطلاقهم وحتى يتخذ عملهم شكلًا جديداً نتيجة لهذه الشهرة.

نحن نعلم أنّ الأدوار المعروضة على شاشة السينما ليست إلّا حوادث مصطنعة وأن هناك صوراً وأشكالًا أُخرى غيرها،

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 99

أما ذوو الهوى والهوس فيعتبرون هذه الأدوار والامور- التي ليست سوى سراب وضباب- حقيقة واقعية دون تحقيق أو مطالعة ينشؤون عليها أُسس حياتهم ومستقبلهم ونتيجة لذلك نجدهم يجنون لهم ولغيرهم العذاب والتشرّد الذي يعتبر كفّارة لهوسم الخاطف.

النموذج الآخر لهذا النوع من الزواج الذي قوامه

الهوى والهوس هو الزواج الذي يحدث بسبب حركة خاصة على ساحل البحر أو في المصيف مثلًا أو بسبب إبراز عواطف خاصة عند مشاهدة بعض المسابقات الرياضية.

الزواج من كرة القدم

أخيراً طالعتنا الصحف بخبر يثير الأسى والسرور في نفس الوقت.

شكت امرأة زوجها إلى المحكمة فقالت: بأنّ زوجها مسحور بسباقات كرة القدم، فكل سباق يجري وفي أي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 100

مكان، فهو أوّل مشتر لتذكرته، وإذا لم يوفق لشراء تذكرته فمشاهدته على شاشة التلفزيون أو الإستماع له من المذياع لا تفوته أبداً، حيث يضحّي بكل غالٍ ونفيس من أجل ذلك.

وعند مشاهدته له على شاشة التلفزيون ينسى كلّ شي ء، ينسى عشاءه، نومه، وحتى زوجته وولده، أمّا في أوقاته الاخرى فيرغب أن يكون الحديث كلّه عن كرة القدم لا غير.

ومع أنّه لا يشترك شخصياً في هذه المسابقات إلّاأنّه يخسر من أمواله في الرهان عليها وربما يصبح مديناً من جرّائها.

ليت أن عاشق كرة القدم هذا تزوج «بكرة القدم» نفسها وليس بي، لقد أعيتني هذه الحياة وسئمت منها.

إلّا أنّ هذه البائسة التي تملك من زوجها ولداً واحداً لا تعلم بأنّه قد تزوّج بها بسبب كرة القدم!

فهي تعترف بأنّها قد ذهبت في يوم من الأيام لمشاهدة سباق لكرة القدم وعندما كانت تظهر إحساساتها ومشاعرها

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 101

للاعبي أحد الفريقين كان هو الآخر- الذي هو زوجها الآن- يظهر إحساساته ومشاعره للاعبي الفريق نفسه، ومن هنا تعارفا وصار هذا التعارف أساساً لزواجهما، وربّما كان القدر الروحي المشترك بينهما هو إظهار الإحساسات هذه للاعبي ذلك الفريق.

هل تعلم ماذا قال زوجها في مقابل هذه الشكوى

قال: أنا بهذا الشكل الذي ترينه، إذا كنت ترغبين بالبقاء فيجب أن تتحملي، وإذا لم ترغبي فالباب مفتوحة أمامك وأنت حرّة.

زواج الورق!

النموذج الآخر لزواج الهوى والهوس هو الزواج الذي ينشأ من صفحات جرائد ومجلات الهوى والهوس.

مثلًا قد نقرأ في الصحف الخاصة لإعلانات الزواج ما نصّه:

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص:

102

«أنا عذراء في سن التاسعة والعشرين! طولي كذا ...

سنتمتر، خاصرتي كذا ... سنتمتر، محيط صدري كذا ...

سنتمتر، مرتبي كذا ... ديناراً في الشهر، من هواة الموسيقى والرقص والنزهة! أروم الزواج بشاب اسمر اللون طول قامته كذا ... سنتمتر، وخصره كذا ... سنتمتر، جميل الصوت حلو الحديث، حسن المحيا، ودخله أو مرتبه ليس بذات أهمية وكلّ شي ء جاء به النصيب والحظ فهو حسن! ...».

إنّ هذا الإعلان الجذّاب يلفت إليه نظر هذا الشاب ولأنّه يجد نفسه وصاحبة الإعلان ممن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة، يتصل بصاحبته عن طريق المجلة- مع الإحتفاظ بحقّ الوساطة- وبعدها يتم زواجهما الميمون بواسطة نفس المجلة.

ولكن عندما تنقشع سحب نفسيهما وتصفو سماؤهما يرجعان إلى عقلهما وتفكيرهما فيحاسبا نفسيهما هذا الحساب: أكانا يريدان شراء أعمدة حديدية حتى يقتنعا

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 103

بطولها وقطرها ولونها و ... وينسيا الصفات الإنسانية التي تعتبر الضامن الأصيل والأساس للوفاء ودوام الزواج.

وبما أنّه لا يوجد شرط لأي صفة من الصفات الإنسانية في نصّ العقد ففقدانها لا يؤثر على صحّته، وبالنتيجة يكونان مجبورين بأن يتخذا من زيادة أو نقصان طول القامة أو محيط الخصر أو الصدر ولو بمقدار سنتمتر واحد أو سنتمترين سبباً للفراق أو الطلاق الذي تنتج عند الديون الطويلة الأمد والعذاب المستمر.

إنّ بعض الأنواع من الزواج يكون مخلوطاً من «الهوس» و «التجارة»، ومن الطبيعي أنّ مثل هذا النوع يجمع معايب الإثنين سوية، والأهم من ذلك هو الزواج السياسي، والأجدر بنا أن لا نتعب أنفسنا بالحديث عنه وعن معايبه.

إنّ أئمتنا وقادتنا قد أكّدوا على النواحي الروحية والفكرية والأخلاقية في الزوجين قبل كلّ شي ء، ولذلك اعتبروا التربية

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 104

العائلية، الأصالة، روح التفاني، المحبة والإخلاص والنجابة، الإيمان والتقوى، أوجب من كلّ

شي ء آخر.

قال النبي صلى الله عليه و آله لأصحابه ذات يوم «إياكم وخضراء الدمن»

فقالوا:

وما خضراء الدمن يا رسول اللَّه؟

قال: «المرأة الحسناء في منبت السوء».

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 105

القسم الثاني الإنحرافات الجنسية

«1» الشباب والإنحرافات الجنسية

اشارة

نعلم أنّ دور الشباب دور اضطراب الغرائز وهيجانها وخاصة الغريزة الجنسية، إنّ هذه الغريزة إذا لم توجه بصورة صحيحة فإنّها ستقضي على سعادة الشباب وستحوّل حياتهم الحلوة ومستقبلهم إلى بؤس وشقاء وستقضي على قوّتهم الخلّاقة. كما ستزول روح المبادرة والنبوغ التي يمكنها أن تكون مصدر فخر لأنفسهم ومجتمعاتهم.

إنّ ضحايا الشباب عن هذا الطريق كثيرة جداً، كما أنّ الأشخاص الذين شعروا بالندامة والأسف على أفعالهم بعد

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 108

استيقاضهم من نومهم العميق ليسوا بالنفر القليل، كما أنّ الذين تحمّلوا الآثار المشؤومة طيلة عمرهم من جرّاء عدم توجيه هذه الغريزة توجيهاً صحيحاً كثيرون أيضاً.

الرسائل الكثيرة التي وصلتنا من ضحايا عدم توجيه الغريزة الجنسية توجيهاً صحيحاً يمكنها أن تميط اللثام عن نبذة من أخطار هذا الموضوع الحسّاس.

إنّ هذه الرسائل تحتوي على أسرار لا يمكن البوح فيها، كما تشتمل على وقائع مؤلمة وعجيبة كما أنّ أصحابها أرادوا في كتابتها العون وطلبوا فيها حلًا لمشاكلهم.

والحقيقة اننا لم نكن مطّلعين على مدى اتساع هذا الخطر بالشكل الذي نراه الآن، إلّاأنّ الرسائل التي وصلتنا كشفت لنا كثيراً من الامور التي كانت خافية عنّا، ونحن الآن نواصل الجهد في سبيل إيقاظ الشباب وتنبيههم إلى النقاط الرئيسية لهذا الخطر الجسيم، ونرجو من اللَّه العظيم أن يساعدنا وإيّاهم في هذا الطريق.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 109

والآن، دعونا ننقل إليكم «نص» بعض الرسائل التي وردتنا.

الرسالة الأُولى

«أُبادر إلى إرسال هذه الرسالة معتمداً على أقوالكم في كتاباتكم: ليبين الشباب مشاكلهم في مختلف الموضوعات.

إنّ الهاجس الذي يؤلمني ويؤذيني ويقرّب بيني وبين الهلاك، يرجع إلى الأُمور الجنسية، وإليكم شرحه وتوضيحه:

أنا طالب في الثالثة والعشرين من عمري، وعندما وضعت أوّل قدم في دائرة البلوغ ابتليت بانحراف جنسي وذلك بسبب عدم تربيتي

الصحيحة وقلّة اطلاعي وقد مارست هذا الإنحراف مدّة سبع سنوات.

أنا الآن مبتل بهذا الداء العِضال، وكلما حاولت أن أتركه لم أفلح، فضلًا عن مطالعة أضراره في بعض الكتب فانني أحسّها في جسمي: ضعف العيون، ضعف الأعصاب، فقر الدم،

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 110

إرتعاش البدن، النحول والذبول. كلّ هذه العوارض قد أنهكتني! كنت أملك استعداداً كافياً للدراسة، أمّا الآن فقد قل استعدادي وضعف إدراكي واواصل الدراسة بصعوبة تامّة.

عندما أمسك القلم بيدي تخونني قدرتي على الكتابة فأرميه مدّة حتى أستعيدها فأبدأ الكتابة، أملك إيماناً ضعيفاً ووجداني المغيّب يؤنّبني، إنني مرغم على أن أجلس في زاوية وأبكي حتى تحمر عيناي.

والخلاصة: أنا بائس تعس لا أملك ناصراً ولا معيناً!! ...

وربّما ترغبون أن تعرفوا لماذا انني لا أترك هذا الداء مع مشاهدتي لأضراره؟ استطيع في الجواب أن أقول لكم بأنّ ترك هذا العمل بالنسبة لي مستحيل تقريباً، فعند النزوة تسلب ارادتي، وبعد الفراغ والصحوة لا أملك غير البُكاء! ...

أتوسّل إلى اللَّه تعالى، وإلى أوليائه أن يخلّصني من هذا البلاء ولكن ليست هناك ثمرة حتى أنني أُفكّر في نفسي أحياناً وأسالها، هل أنّ اللَّه تعالى، وأولياءه لا يتلطّفون المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 111

بالأشخاص الفاسقين مثلي؟

لقد صبرت حتى علم الصبر على أنني صبرت على شي ء أمرُّ من الصبر، وسئمت الحياة، إرحموني وخذوا بيدي إلى طريق النجاة، أرشدوني إلى علاج طبّي إذا كنتم تعرفون ذلك، واعلموا- وأنتم تعلمون- بأنّكم لا تحتاجون إلى احترامي وشكري وتقديري وتقدير أمثالي، بل يجب على المجتمع أن يشكر لكم مساعيكم ويحترمها وأجركم على اللَّه».

رسالة أُخرى

«... نشكركم على الجهاد المقدّس الذي تبذلونه في سبيل هداية الشباب ... لأنّه من الواضح لي بأن هدفكم- على خلاف كثير من الكتّاب إذا صح

أن نسميهم كتّاباً- هو سعادة الشباب.

أنا شاب في سن السابعة عشرة من العمر وفي الصف الرابع الإعدادي، كنت من الطلّاب الأوائل في جميع مراحل المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 112

الدراسة، ولكن لأسباب تعرفونها جيداً- وقعت في شراك فخ بمجرد أن دخلت سن البلوغ- ومن الطبيعي أن هذا لا ينحصر بي بل ان كثيراً من أترابي سقطوا في شراك هذا الفخ.

ابتليت بانحراف جنسي وأنا في الصف الأول الإعدادي ففقدت من جرائه كثيراً من قواي الجسمية خلال هذه السنوات الأربعة، وقد تبت عشرات المرّات ولكن نفسي تزداد ضعفاً يوماً بعد يوم، وأنا الآن أحسّ بأن الأعضاء المهمة في جسمي- قلبي وأعصابي- قد أصابها خلل، والأهم من الكلّ اني فقدت قسماً كبيراً من ارادتي- لا أتمكن من ممارسة الحركات الرياضية، لا أتكلّم إلّاقليلًا، حتى انني لا أُلبّي أي دعوة عائلية عندما توجّه لي! ... وواثق من نفسي أنني سوف لا أحظى بمستقبل زاهر، أصبحت ضعيف الإرادة إلى درجة بحيث أن ترك هذا «العمل الخطر» أصبح صعباً عليّ ... ما هي العلّة؟

السبب في ذلك هو وجود صور النساء العاريات في أيدي المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 113

الشباب من أترابي، الأفلام الخلاعية المضلّة التي تعرض على الشاشة أمامنا، الكتب المبتذلة التي توضع في متناول أيدينا ومطالعاتنا، أرشدوني كيف أستطيع ان أنقذ نفسي من هذا الداء (القائل)؟! ...».

الرسالة الثالثة

«هل تعلمون بوضع الشباب وجراحات القلوب؟ ...

هل تعلمون بأنّ كثيراً من الشباب أسرى انحرافات خطرة؟ ...

وهل تعلمون بأنّ كثيراً منهم يرتكبون جنايات عظيمة؟

قبل مدّة عندما كنت أسير في أحد الشوارع رأيت شاباً أعمى نحيف الجسم يبلغ الخامسة والعشرين من العمر تقريباً، كان يضع يده على كتف أخيه الأصغر وكان بذلك يريد عبور الشارع، وقفت ونزلت

عن دراجتي الهوائية وسألت أخاه- لأنني كنت أعرفه- من هذا؟

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 114

فأجابني: هذا أخي، فقلت له مذهولًا: لماذا أنزله الدهر إلى هذه الحالة؟ قال: حتى سن العشرين لم يكن ليصاب بمرض ولكنه فقد بصره على أثر الإعتياد للإنحراف الجنسي ارجو منكم أن توضّحوا لنا أضرار هذا الإنحراف وطريق علاجه والتخلّص منه، ماذا نعمل حتى لا نُصاب بهذه الأمراض ...».

كانت هذه بعضاً من الرسائل التي وصلتنا من مختلف المدن، وضعناها بين يدي القارئ بنص العبارة «مع حذف أسماء كتّابها وبعض العبارات التي لا يمكن نشرها».

إنّ هذه الرسائل وأمثالها «صفحة حيّة حاكية» عن وضع شبابنا ومستقبلهم و من المسلّم أنّه لا يمكن إنكار وجود كثير من الشباب المنزّهين عن كل إنحراف أخلاقي إلّاأن ضحايا هذا الإنحراف كثير جداً.

إذا وقفنا أمام هذه الحوادث مكتوفي الأيدي أو وقفنا موقف المتفرّج، فإنّ كثيراً من الأفراد الأبرياء سيكونون المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 115

عرضة للتلوث بهذا الخطر الداهم بالإضافة إلى فقدان كثير من الأفراد المصابين به.

نحن نأمل نجاة الأفراد المُصابين بهذا الخطر وبذلك باستعمال الطرق التي سنعرضها عليهم كما أننا نأمل أن يتجنب الأشخاص المنزّهون بسراية هذا الإنحراف إليهم بالنظر في هذه الطرق وتدقيقها.

إنّ تفرّغ هؤلاء الضحايا من أجل طلب المساعدة والنجاة يجرح أرواحنا وإنّ أنينهم يدمي قلوبنا.

من المؤسف جداً انّ مسألة الشباب الجنسية في هذا الزمان دخلت دوراً خطراً جداً نتيجة للتعليم والتوجيه الفاسد بواسطة الصحافة التجارية والأفلام الخلاعية ونشر الصور المُثيرة للغريزة الجنسية وغيرها بالإضافة إلى استغلال الحرية حيث زاد في الطين بلّة، وإذا لم نواصل السعي من أجل إنقاذ الشباب من هذا الخطر فالمستقبل المشؤوم في انتظارنا.

إنّ مشاهدة النماذج السابقة التي تبين ضحايا هذا

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص:

116

الإنحراف- ولو أننا لا نستطيع، لحد الآن، أن نسميهم ضحايا- والنماذج التي شاهدتها بنفسك أيّها القارئ العزيز تعتبر خير معلم يستطيع أن يعلم الجميع أُموراً كثيرة.

إلّا أن أهمية الموضوع تحتم علينا أن نقول ما يمكن قوله في هذا الصدد وان ننبّه الجميع إلى مواطن الإنزلاق والسقوط التي تكمن في طريقهم وأن نعبّد طريق النجاة لهم ليتمكن الساقطون من التخلّص بوسيلته.

نحن ندعوكم وجميع الأصدقاء إلى مطالعة هذه السلسلة من البحوث والمواضيع مطالعة دقيقة ونطمئنكم بالنجاة من كل خطر إذا ما أعرتمونا آذاناً صاغية والتزمتم حرفياً بتطبيق وامتثال ما نوصيكم به.

«2» العواقب الوخيمة للإنحرافات الجنسية

اشارة

من أهم المسائل التي يواجهها الشباب طريق الوقاية من تلوّث الأفراد السالمين علاج المصابين رأينا في البحث السابق- بذكر بعض النماذج الحيّة- كيف أنّ التعوّد على الشذوذ و الإنحراف الجنسي يجعل الإنسان موجوداً مريضاً عاجزاً، يائساً، متخلفاً ويقوده أخيراً نحو «الجنون» و «الموت».

يوجد- ومع الأسف الكثير- في عصرنا الذي سمّاه البعض «عصر الخلاعة» كثير من الكتّاب الذي يسعون إلى التقليل من أهميّة انحراف الشباب الجنسي وربّما عدّوه أحياناً

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 118

ضرورة حياتية لبعض المنحرفين حيث جعلوه من لوازم مراحل الشباب!!!

نحن نعلم وأنتم تعلمون أيضاً بأنّ هناك زمرة جعلت هذا الأمر وسيلة لكسبها غير المشروع، وقد سحقت جميع القيم الإجتماعية من أجل ضمان مصالحها الخاصّة، ففي الآونة الأخيرة مثلا نشر في إحدى المجلات التي تصدر باسم «النساء» خبر هزّ العالم الأوربي- على حد قول محرر المجلة- وربما انتشر إلى بقية أنحاء العالم، وهو أنّ امرأة قد نشرت في إحدى الصحف بأنّها تفتش عن معشوقة لزوجها!! ...

إنّ هؤلاء يتّخذون من أمثال هذه الأخبار- التي لا يبعد أن تكون من نسجهم وزيفهم، أو من أفكار مساعديهم- وسيلة مؤثرة

للدعاية لمجلّتهم.

هل يستطيع أن يؤثر نشر هذه الأنواع من الأخبار- وبهذه الصورة- في المجتمع شيئاً سوى الفساد.

إنّ البؤس والشقاء لا تنحصر هنا فقط بل إنّ البعض من المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 119

علماء الإجتماع والنفس والأطباء يصف هذا الإنحراف بأنّه طبيعي وغير مضر.

ولأجل الوقاية من هذا الإنحراف يقترح بعض المعتقدين بأضراره الوخيمة طرقاً لرفعه ودفعه، ولكنهم في بيانهم لهذه الطرق ليس فقط لا يساعدون الأشخاص المنحرفين على حل مشاكلهم فحسب بل يعلمونهم طرقاً جديدة للإنحراف وبهذا يضيفون انحرافاً آخر إلى انحرافاتهم!

إنّ مجموع هذه العوامل أظهرت مسألة انحراف الشباب الجنسي بشكل مسألة معقّدة لا يمكن قلع جذورها بسهولة بل يحتاج إلى وقت طويل وتخطيط دقيق لطرق كثيرة.

أضرار الإستمناء (العادة السريّة)

وعلى كل حال يجب على الشباب أن يمزّقوا بقوّة عقلهم وتفكيرهم ستائر الجهل التي أسدلت على أهم الحقائق المربوطة بهم، وأن ينظروا في الحقائق الواضحة بدلًا من أن يفرّوا منها ويلجأوا إلى امور ليس لها أثر سوى تخدير

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 120

أفكارهم وتضليلها.

نحن- هنا- سنشرع أولًا بنقل تقارير بعض الأطباء والمحققين الذين أمضوا سنوات طويلة من عمرهم في مطالعة هذا النوع من المسائل، ثمّ نتناول العناصر النفسية والإجتماعية لهذا الإنحراف الجنسي، ثمّ نوضّح طريق مكافحة هذه العادة المقيتة.

ينقل أحد الأطباء المعروفين في كتابه بشأن أضرار عادة «الإستمناء» عن مشاهدات الأطباء فيقول:

يقول «هوفمان»: رأيت شاباً ابتلي بهذه العادة المشؤومة وهو في سن الخامسة عشرة واستمر عليها حتى سن الثالثة والعشرين، فأصبح جسمه نحيفاً لا يقوى على شي ء بحيث أنه عندما كان يريد أن يقرأ كتاباً كانت تعتريه حالة خاصة من ألم شديد في العين والصداع الذي يسبب له هذيان السكارى أحياناً.

كما انّ مشاهدات الدكتور «هوجين سون») Huotchinson (تثبت بأنّ «عامّة الآلام

المرتبطة بالجهاز

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 121

التناسلي ناشئة من آثار (الإستمناء) كما أنّ آلام شبكية وقزحية العين من آثاره أيضاً».

ثم يضيف الكاتب المذكور قوله: «أوّل آثار الإعتياد على هذه العادة السيئة هو زوال قوّة وشفافية العين مع ذبولها وفقدان لونها الأصلي، عدم مشاهدة الذكاء والإدراك السابق في المبتلين به، ظهور الإنقباض في وجوههم، إحاطة عيونهم بحلقات زرقاء، مشاهدة الضعف والكسل في مختلف أعضائهم، قلّة الحافظة، عدم الرغبة في الأكل، عسر الهضم، ضيق النفس، تغيّر الأخلاق والمزاج بشكل عجيب، الحسد، الغم والحزن، اختلال العقل، التفكير بالوحدة والعزلة.

كلّ هذه الامور من نتائج الإبتلاء بهذا الإنحراف الجنسي».

يضيف هذا الطبيب في مكان آخر من كتابه فيقول: «إنّ هذا العمل يوجب فقر الدم، وضياع القوى الجسمية والروحية وكذا يسبب وجع الرأس ووجع الظهر وصعوبة التنفّس ونقصان الحافظة ونحافة الجسم والضعف والعجز، وبصورة

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 122

عامّة يسبب ضعف البدن الكلّي وفقدان قوّته كما أنّه يؤثّر على ارتباط الحواس الخمسة مع بعضها خاصّة العين والاذن».

إنّ الإعتياد على هذا الإنحراف الجنسي المشؤوم يقلل من مقاومة البدن ضد الأمراض بالشكل الذي يصفه الدكتور المذكور إذ يقول:

«إذا أُصيب الأشخاص المصابون بهذه العادة الذميمة بمرض شديد فإنّهم لا يستطيعون أن يتخلّصوا منه بسهولة»، ثمّ ينقل قول أحد الكتّاب فيقول:

«كنت أعرف شاباً كان أسير هذه العادة المشؤومة وقد ابتلي بأحد الأمراض المصحوبة بالحمى، وقد استولى عليه الضعف تماماً في اليوم السادس من مرضه، ولما لم يستطع أن يترك عادته لذا وقع في قبضة الموت بعد إجرائها».

ثمّ ينقل بعض الأقوال فيقول:

«كان أحد المُصابين بهذه العادة المشؤومة، يشعر بضعف شديد في بدنه ثم نحف جسمه وضعفت رجلاه إضافة إلى المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 123

وجع الظهر الذي كان يؤلمه، وكانت

من نتائج استمراره عليها أنّه أُصيب بالشلل الذي انتهى بموته بعد ستة أشهر من المعالجة»!

إنّ الإبتلاء بهذه العادة المشؤومة خطر جداً وخاصة بالنسبة إلى أولئك الذين أجريت لهم عملية جراحية.

والخلاصة- على حد قول هذا الطبيب نفسه- إنّ هذا الإنحراف الجنسي القبيح المقيت من الناجين الطبية والدينية يقضي على وجود الإنسان ويزلزل روحه!

الإستمناء الذي تصعب السيطرة عليه

وعلى كل حال فإنّ أضرار هذا النوع من الإنحراف أكثر من أن توضّح في هذا البحث المختصر.

إنّ أحد أخطار هذه العادة هو صعوبة السيطرة عليها من جهة وفي حالة ازديادها تضعف إرادة الإنسان وتأبى كل نوع من المحدودية من جهة ثانية.

صحيح أن أي إفراط جنسي حتى المشروع منه (عن المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 124

طريق الزواج مثلًا) من الممكن أن يسبب أخطاراً كثيرة، ولكن بغضّ النظر عو وجود التفاوت الكثير بين إشباع الغريزة الجنسية بالطرق الطبيعية وإشباعها بالطرق غير الطبيعية نجد أن إشباعها بالطرق الطبيعة لا يتوفر في كلّ آن بينما يمكن أن تجري هذه العادة في كل وقت وبدون شرط.

وبالنظر إلى الحقائق السابقة وإلى أهمية هذه المسألة في مستقبل الشباب من حيث الجسم، الفكر، الأخلاق، الإجتماع والذين يجب عليهم أن يجروا بصورة دقيقة هذه الامور التي سنوضّحها لهم لأجل الوقاية من هذه العادة المشؤومة.

ثمّ أنه يجب أن يعلم المبتلون بهذه العادة بأنّه لم تفتهم الفرصة لتركها وان أمامهم وقتاً كافياً لذلك التصميم قبل كلّ شي ء ثمّ إجراء الطرق التي سنوضّحها لهم في الصفحات القادمة بصورة دقيقة، وباتخاذ هذه البرامج والتوصيات سوف يسهل عليهم تركها.

«3» خطأ كبير في الإنحراف الجنسي

اشارة

أُريد أن أبكي دماً ولكن دموعي جفّت من كثرة البكاء وأهدابي قتلها الظمأ.

أُريد أن أصرخ ولكن الحسرات تكسّرت في صدري.

أُريد أن أُفكّر ولكن بأي شي ء؟ بأي عاقبة مرّة ومصير أسود؟

أيبقى عاقل قادر على التفكير في مقابل هذه الأزمات والإخفاقات؟!

مسكين، وحيد، تائه، حيران، خائف مما أنا فيه ومما

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 126

سألاقيه، متنفّر من كل شخص ومن هذا الوسط الملوّث بالفساد.

أنا في الحادية والعشرين من عمري، أمضيت عشرة سنوات من أحسن وأجمل أيام عمري وحيداً فريداً، مشاكل الحياة وصعوبتها، ألوان المجتمع الفاسدة

كلّ هذه تحزُّ في نفسي وتؤلمني كثيراً.

لا أعلم كيف حدث وماذا حدث، فقبل عدّة سنوات، وبدون إرادة مني تعرّفت على عادة خبيثة مشؤومة عندما كنت أُطالع كتاباً، وانتهى ذلك الوقت ولم ينبهني أحد إلى خطورة مرحلة الشباب وحساسيتها! كانت تهيّجني وتثير غرائزي قدود النساء والبنات العاريات اللاتي كن يحترقن بنار الشهوة والهوس.

نعم قد تعودّت، فجسمي الآن مريض وروحي مريضة أيضاً وأنا الآن أخطو نحو دائرة الجنون الخطوة تلو الاخرى وقد أخذ التذمّر واليأس مأخذه مني ...

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 127

اغفروا لي هذا الإسهاب في الرسالة، إنّ هذا الأنين والإستغاثة التي توجع أسماعكم ليست مني فقط، أنا أعلم أن كثيراً من الشباب مساكين مثلي.

لا أخفي عليكم فقد حاولت على الإنتحار في سن السابعة عشرة مرّتين ولكن دون جدوى فلم أسعد بالموت!

أنا الآن ضعيف جداً، وقبل مدّة قصيرة- مع كمال الإعتذار- أخذت تخرج منّي قطرات الدفع بدون إرادتي! ...

أنا الآن في خضم أمواج الموت تتلاعب بي وتتقاذفني، فترميني إلى هذا الطرف مرّة وإلى ذلك أُخرى وربّما قذفتني إلى طرف الفناء! ...

أرجو منكم أن تمدّوا إي يد العون وتنقذوني مما أنا فيه وأن تتلطّفوا علي بالجواب السريع سائلًا اللَّه لكم المزيد من التوفيق. (س- پ)

المسألة المهمة

وبهذا الترتيب ألقينا نظرة على مشهد آخر من المشاهد

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 128

المؤلمة لهذا المجتمع، حيث قرأنا رسالة مؤلمة أُخرى لشاب أسير إمتنعنا عن ذكر إسمه.

والآن دعونا نتابع الكلام عن هذه العادة المشؤومة (الإستمناء Masturdations) وكيفية مكافحتها، فربّما استطعنا أن نحول دون تدفق هذا السيل الجارف.

إنّ من الإشتباهات الكبيرة في هذه المسألة الحسّاسة هي أنّ بعض الأطباء- في مقابل العُلماء الذين طالعوا هذه العادة المشؤومة ووضّحوا آثارها في كتبهم حيث قرأنا بعض نماذجها في

البحوث الماضية- يدعون: لم نعثر في مصادرنا الطبيّة على ما يدعو للقلق من هذه الظاهرة، بينما لا تخلو اثارتها من خلق بعض المتاعب لدى الأفراد.

كما يزعمون أحياناً: إنّ هذا العمل لا يختلف كثيراً عن التقارب الجنسي.

ومما يؤسف له أنّ مثل هذه المزاعم الهوجاء- من دون مطالعة في كلّ جوانب المسألة- صار سبباً لسقوط كثير من المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 129

الشباب في شراك هذه العادة.

بينما رد الأطباء المطلعين على هذه التخرصات قائلين:

إنّ الأطباء الذين يقولون بعدم أضرار هذه العادة غفلوا عن نقطة أساسية في هذه المسألة: وهو أنّ هذا العمل ب «المشاهدات الكثيرة» و «باعتراف كثير من المصابين» يشجّع صاحبه على اعتياد هذه العادة الشاذّة بما يجعل من المتعذّر التخلّص منها حتى ينتهي الأمر إلى الموت.

من الممكن أن يكون استعمال مادة مخدّرة لمرة واحدة لا يؤدي إلى أي ضرر إلّاأنّ الضرركل الضرر والخطر كل الخطر هو الضرر الذي ينشأ من الإعتياد عليها، الاعتياد الذي يمكن أن تقبر فيه كلّ قابليات الإنسان ومزاياه.

وقد أكّد الأخصّائيون في هذا الفن- بنفس الشكل الذي بينّاه- في كتبهم حول هذا الموضوع على الإعتياد في هذا العمل وحذروا الشباب منه.

الملاحظة الاخرى التي يجب أن تُضاف إلى هذا الموضوع المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 130

هي سهولة وسائل التلوّث بهذا العمل. في الحقيقة أن هذا العمل لا يحتاج إلى وسائل فممارسته ممكنة في كلّ آن ومهما كانت الظروف، وباعتباره يغزو الشباب في دوران طغيان الغريزة الجنسية وخاصة ما بين السادسة عشرة والعشرين، فمن السهل جداً أن يصبح بشكل عادة مستأصلة، في حين أنّ الإختلاط أو التقارب الجنسي ليس بهذه السهولة، إذ أنّ الرجل وزوجته لا يتمكنان من القيام به إلّافي ظل الظروف الملائمة.

الأشخص الذين قللوا

من أضراره لم يلتفتوا حتماً إلى مسألة الإعتياد عليه وإلى سائر الأحوال والأوضاع الخاصة بهذا التعوّد، وإلّا فكيف يمكن إنكار هذه الحقيقة الحسيّة، وهي أنّ كثيراً من الشباب المصابين بهذا المرض، لا يتركونه حتى مع أشد حالات الضعف والشلل والجنون والمرض المنتهي بالموت.

هل يمكن إنكار هذه المشاهدات؟!

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 131

مع العلم ان كثيراً من الأشخاص المعتادين على هذا الإنحراف يقولون: بأنّنا لم نكن نعرف أضراره أو نطلع عليها وعلى هذا الأساس فتكون مسألة التلقين هنا منتفية أساساً.

الوقاية والعلاج

الآن وبعد وضوح هذه الحقائق، نلفت أنظار الشباب الأعزّاء إلى الأمور التالية لأجل الوقاية من بروز هذه العادة أو علاجها فيما إذا ابتلوا بها- لا سمح اللَّه-:

1- إنّ الموضوع الأوّل الذي يجب أن ينتبه إليه المصابون هو إمكان القضاء على هذه العادة ذات الآثار الوخيمة- شأنها شأن كل عادة فاسدة أُخرى- إذا عولجت بصورة صحيحة، ويشهد بذلك الأطباء وكثير من الأفراد الذين كانوا مصابين بها.

الجدير بالذكر هو أنّ أكثر الآثار الوخيمة التي نتجت عنها سترتفع بعد مدّة قصيرة من تركها، لأنّ نمو الشباب المتزايد يستطيع أن يعوّض أكثر ما فقده الجسم في الماضي (لا نقول المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 132

كلّ ما فقده الجسم بل نقول أكثره).

وكما أنّ جراحات الأطفال والشباب تلتئم بسرعة فإنّ آثار هذا العمل الوخيمة سترتفع بعد مدّة قصيرة من تركه.

والواقع يخطئ أولئك المصابون الذين يشعرون باليأس من تحسّن حالتهم وتماثلهم للشفاء، فإنّ اليأس والتردد يشكل أكبر عقبة في طريق بشفائهم.

وبناء على ما تقدّم فإنّ أهم وأول موضوع يجب أن يؤمن به هؤلاء هو إمكان ترك هذه العادة المشؤومة والتخلّص من عواقبها الوخيمة.

الآن وقد وضع القدم الأوّل في طريق علاج هؤلاء المبتلين يجب علينا أن

نعد أنفسنا لامتثال الوصية الأولى

2- يعتقد الأطباء عموماً بضرورة التحلي بالعزم والارادة لترك كل عادة، ربّما تعتقد- أيها القارى- بأنّ هذا الموضوع موضوع بسيط وطبيعي ولكننا نقول لك بأنّ هذا الموضوع مهم ومؤثر أكثر مما تتصوّر.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 133

وقبل أن تعقد العزم يجب أن تفكّر بأضرار مواصلة هذا العمل الخطر وتدقق في أضراره المذكورة في البحوث الماضية وتتمثل العواقب الوخيمة التي تنتظر الأشخاص المعتادين عليه، وبالنظر إلى القدرة العظيمة المودعة عند كل إنسان- وخاصة عند الشباب- يجب أن تتخذ القرار الحاسم الذي لا رجعة فيه.

أنا أعلم ان بعض الشباب المُصابين سيعترضون عليّ حتماً بقولهم «نحن لا نقدر على اتخاذ أي قرار لأنّ القدرة عليه قد سلبت منّا، فلقد عزمنا مراراً وفشلنا»!

نحن نعترف باعتراضكم هذا ونقرّه ولكنكم يجب أن تدققوا في أمرنا بصورة كاملة أنا أسأل هؤلاء الأفراد: «هل أجريتم هذا العمل أمام أبيكم أو أمكم أو أخيكم أو مدرّسكم أو أمام أي شخص محترم آخر؟

حتماً سيكون الجواب: كلا.

اسأل: لماذا؟

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 134

ستقولون: إنّ هذا العمل مخجل!

أقول: يعني تريدون أن تقولوا: باعتبار أن هذا العمل مخجل فقد صممنا على أن لا نمارسه أمام هؤلاء!

إنّ هذا الموضوع يثبت بصورة جليّة بأنّكم لا تندفعون أبداً نحو هذا العمل بدون اختيار وبدون إرادة (كما تتخيلون).

إذا كنتم تمارسون بدون احتيار منكم وبدون إرادتكم فإنّ حضور هؤلاء الأشخاص وعدم حضورهم لا يؤثر شيئاً!

يجب عليكم أن تقووا (ارادتكم القوية) التي تستعملونها في هذه الموارد إلى كل مكان، إنّ هذه القابلية موجودة فيكم فلماذا لا تستفيدون منها؟

لا تنسوا أيضاً بأنّ اللَّه حاضر في كل مكان، وأنتم في حضوره أينما كنتم، فهل من المناسب ممارسة هذا العمل الشنيع أمام مثل هذا

الخالق؟!

من الطريف جداً إننا نقرأ عن الإمام الصادق عليه السلام انّه إذ سأله رجل: «مسكين فلان فقد ابتلى (بانحراف جنسي)- نوع المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 135

آخر غير هذه العادة- ولا إرادة له».

فأجابه الإمام غاضباً: ماذا تقول؟! هل هو مستعد لممارسة هذا العمل أمام الناس؟!

فقال: كلا.

فقال الإمام: فقد علم بأنّ ممارسته باختياره وإرادته؟ ...

وأمّا البعض الذين يقولون بأننا «عزمنا مراراً وفشلنا» فنحن نقول لهم بصراحة: بأنّ فشل العزم ليس معناه إنعدام آثاره جميعاً في وجود الإنسان.

إنّ هذا التصميم الفاشل نفسه يخلف ترسّبات في أعماق روح الإنسان، يهيئ جواً لتصميم نهائي أقوى منه.

فمثلًا يحاول الإنسان في كثير من الأوقات أن يصعد جبلًا أو أن يعبر بسيارته طريقاً ضيقاً مرتفعاً، ومن الممكن أن يفشل في المرّة الأُولى والثانية وربّما في العاشرة أيضاً ولكنه سيوفّق في النهاية.

إنّ فشل الإنسان في المحاولات الأولى ليس معناه انه لم المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 136

ينجز أي عمل خلالها بل هو في كلّ واحدة من المحاولات الفاشلة قد تعلم شيئاً وادخر قوّة حتى فاز في النهاية.

يقول العُلماء: لأجل حفظ قطعة شعرية أو نثرية ربّما لزمت قراءتها خمس مرّات ولكن بعد أن تغيب عن ذهن الإنسان فحفظها لا يستلزم قراءتها وتكرارها خمس مرّات بل ربّما تكفي قراءتها ثلاث مرّات، يعني أن ترسّبات التصاميم والذكريات الماضية باقية في روح الإنسان دائماً، وكلّ المسائل المربوطة بروح الإنسان في هذا النمط.

على هذا الأساس، إذا كنت قد عزمت وفشلت حتى ولو لمرّات كثيرة هيئ نفسّك الآن لعزم قاطع من أجل ترك كل اعتياد فاسد وأعد كل قواك المعنوية وخاصة إيمانك باللَّه.

الآن وقد أخذت قرارك النهائي، هيّئ نفسك لإجراء الدساتير الآتية بصورة دقيقة.

«4» الوصايا العشرة

اشارة

قلنا أن خطر الإنحراف الجنسي وخاصة الاستمناء

Masturdation غير قابل للإنكار، لأنّه يأخذ شكل العادة بصورة سريعة، العادة المتأصّلة، حيث أن المُبتلين به تصل بم النوبة إلى ممارسته عدّة مرات في اليوم أحياناً، وطبق اعتراف بعض هؤلاء، أنّهم وصلوا إلى درجة بحيث أن «التصوّر والتفكير» فقط- من دون إجراء أي عمل- يكفي لدفع السائل المخصوص منهم، إلّاأن الخطر الأهم هو اليأس والعجز عن مكافحته، باعتبار أن اليأس يشكل سداً في المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 138

طريق نجاة المُصابين به ويوجد في نفوسهم ردود فعل غير مرضية.

ينبغي أن يوقف المصابون بهذه العادة بأنّهم يتمكّنون من التغلّب عليها إذا أرادوا، بل يتمكنون من استئصال جذورها من أنفسهم، طالت مدة ذلك أم قصرت، يجب على هؤلاء أن لا يتصوّروا بأنّ هذه العادة سوف لا تنفك عنهم إلى آخر عمرهم، أو أن آثارها ستبقى إلى آخر حياتهم، غاية الأمر يجب عليهم أن يكافحوها بصورة دائمية بالذكاء التام والتصميم القاطع، وامتثال الوصايا القادمة.

أمّا الأفراد الذين تخلّصوا من شبح هذه العادات الخبيثة يجب عليهم أن يقدروا نزاهتهم ويحافظوا عليها، ويتجنبوا كل وسوسة شيطانية تعبّد الطريق لهم إليها، كما يجب عليهم أن لا يضعوا مقدراتهم بأيدي المضلّين والمنحرفين.

وكما أشرنا سابقاً فان الشرط الأساسي للنجاح الحتمي في مكافحة كل عادة فاسدة- أعم من العادات الجنسية

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 139

وغيرها- هو اتخاذ القرار الحاسم، والعزم الراسخ الجدي المعتمد على الإيمان والوجدان، ولو حدث أن فشل هذا التصميم ولو لعدّة مرات فيجب عليهم أن يجددوا العزم على تصميم أرسخ منه لأنّ هذه القرارات ستؤثر في نفوسهم في النهاية وستظهر آثارها ونتائجها عندما تتراكم بعضها على بعض.

من المسلّم- وبدون شك- أنّه إذا لم يفشل التصميم الأوّل فإنّ جذور هذه العادات الخبيثة ستنقلع من جسم

هؤلاء وروحهم بصورة سريعة، من البديهي إذا نزّه هؤلاء الأفراد رابطتهم مع اللَّه جلّ اسمه وأخلصوا نيّاتهم له، وطلبوا العون والمساعدة منه، فإنّهم في وسط هذا النور من الإيمان سيحصلون على النتيجة بصورة أسرع، فإذا طويت هذه المراحل آنذاك يأتي دور الاستفادة من الوصايا العشر.

قد تبدو هذه الوصايا للوهلة الاولى ساذجة لدى البعض، إلّا أن مدى فاعليتها ستتضح حين التطبيق.

1- إجتناب أي تحريك جنسي غير طبيعي

التحفظ عن الميراث، إذا اعتقد الشباب بأنّهم لا يتلوثون بأي انحراف جنسي من جراء مشاهدتهم للأفلام الخلاعية في السينما والتلفزيون، ومن صرف أوقاتهم في مطالعة القصص الغرامية والنظر إلى الصور الخلاعية في المجلات الفاسدة المبتذلة، ومن متابعة النساء العاريات في الشوارع والأزقّة فهم على غير صواب. إنّ هذه الاثارات التي لا تنطوي على أية ضرورة انّما تحرف مسار أفكار الشباب عن مسائل الحياة الأصلية، وتجرهم إلى المسائل الشهوية الجنسية، وتجعلهم ليل نهار في حالة اضطراب عصبى دائم يسيطر على جميع كيانهم.

إنّ مواصلة هذه الاثارات تحطّم أعصاب الشباب وتقضي على أحسن فترة من فترات حياتهم ألا وهو ريعانة شبابهم.

يجب على كل الشباب الأعزّاء- وخاصة أولئك المُبتلين بعادات جنسية شاذة- أن يتجنّبوا الأمر السالف الذكر وذلك المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 141

بامتناعهم عن رؤية الأفلام الخلاعية ومطالعة القصص الغرامية التي من شأنها إضعاف أعصابهم وتعكير صفو فكرهم.

ولأجل النجاح في هذه المهمة يجب عليهم أن يمارسوا هوايات صحيحة وسالمة لمل أوقات فراغهم كما يجب عليهم- وبمساعدة أصدقائهم- أن ينظّموا برنامجاً صحيحاً لهذه الأوقات.

إنّ هذه الهوايات يمكن أن تكون:

الرياضة الفردية أو الجماعية

التجوّل في المتنزّهات مطالعة الكتب المفيدة والنافعة

تربية الورود في المنزل والأعمال الزراعية بصورة عامة

ممارسة الأعمال اليدوية

جمع الأشعار المفيدة

جمع الصور والطوابع وأمثالها

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 142

الإشتراك في الندوات المختلفة، العلمية

والأخلاقية وغيرها.

2- تهيئة برنامج لمل وقت الفراغ

يجب على الشباب أن ينظموا لكل أوقاتهم برنامجاً معيناً بحيث لا تكون لديهم أدنى فرصة دون برنامج، نحن لا نقول يجب عليهم أن يقرأوا أو يعملوا بصورة دائمية، فإذا كانوا في النزهة أو في حالة القيام برياضة معينة- مثلًا- فهم في حالة عملٍ ولديهم برنامج، ولكن لا ينبغي أن يكون لديهم بعض الوقت دون برنامج.

يجب أن يعلم الشباب- أجمع- بأن أسوأ شي ء بالنسبة إلى شاب ما هو أن يملك وقتاً خالياً من أي نوع من البرامج.

ربّما يكون الشاب عاطلًا عن العمل ويبحث عنه، غير أنّه في الوقت نفسه يمتلك برنامجاً يسع نهاره وليله، من قبيل المطالعة والتنزّه والاستجمام وما إلى ذلك.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 143

ومن الأفضل أن ينظّم الشباب برنامجهم اليومي بحيث يستوعب كل وقتهم ويزيد عليه بشكل، بحيث يصبح تفكيرهم مشغولًا دائماً، لأنّ الإنشغال الفكري الكثير له أثر عميق في صرف الفكر عن العادات الخبيثة.

وقد شوهد كثيراً بأن الأفراد المدمنين على التدخين يدخنون في أيام العِطل أضعاف ما يدخنون في أيام العمل، وهذا التفاوت الفاحش هو نتيجة انشغال الفكر بأعمال ايجابية وانصرافه عن الأعمال الخبيثة أو المضرّة في أيام العطل.

والخلاصة أن الأفراد المُصابين بعادة جنسية خبيثة إذا لم يملكوا برنامجاً أو هواية تملأ تمام أوقاتهم فإنّهم لا يستطيعون أن يتركوا هذه العادة سهولة لأنّ الهواية أو البرنامج من العوامل المؤثرة في تركها.

ومن المؤكّد أن تنظيم برنامج كهذا سيساعدهم على مراحل مهمة وعقبات صعبة في طريق تركها.

3- العناية بالرياضة

من المعروف أن ميل الرياضيين إلى المسائل الجنسية قليل نسبياً، لأنّ الرياضة تأخذ كثيراً من قواهم الجسمية والفكرية، ومن الطبيعي ستقل قواهم بالنسبة إلى المسائل الاخرى.

ولذلك كان على الشباب أن ينتخبوا لأنفسهم برامج رياضية واسعة ومتنوعة لأجل منع

الهيجانات الجنسية ودفعها أو نسيانها، المصابون بهذه العادة الخبيثة يكونون غالباً أفراداً إنطوائيين خاملين منعزلين، وهذا الإنعزال والانطواء يشدد من وضعهم ويقويه، أما إذا خرجوا من انعزالهم هذا بصورة كليّة وخلطوا حياتهم بنوع من الحركة والنشاط فإنّ وضعهم الجديد سيبعث على تحسين حالتهم وسيساعدهم على ترك عادتهم.

إنّ هؤلاء الأفراد يكونون ضُعفاء الجسم عادةً، والرياضة المتنوعة والمناسبة لها أثر مهم في تقوية أجسامهم.

يجب عليهم أن يصرفوا أوقاتهم الخالية في الألعاب المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 145

الرياضية المختلفة أو المشي والتنزّه في الهواء الطلق حتى يعيدوا صحّتهم وسلامتهم المفقودة من ناحية وحتى يصرفوا بعض قواهم الجسمية والفكرية في الرياضة من ناحية اخرى.

وبالقدر الذي تفيدهم الرياضة الفردية والجماعية يضرّهم الانطواء والإنعزال والتفكير لأنّه سمٌّ مهلك لهم يجب عليهم أن يبعدوه عنهم بكل ثمن، لا تنسوا هذه الوصية- وسترون في آثارها المعجزة-:

تريضوا في النهار كثيراً جداً حتى يأخذ منكم التعب مأخذه، وفي الليل عندما تضطجعون في فراشكم ستغرقون في نوم عميق، وحينئذ ستكونون في راحة وأمان من شر كثير من الخيالات والأفكار المضرة القاتلة التي تغزوا الشباب في هذا الوقت.

4- العادة لابد أن تخلفها عادة

يقول علماء النفس: لأجل ترك عادة سيئة يجب التعوّد على عادة حسنة واستبدالها بها.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 146

فمثلًا الأشخاص المقامرون مع أنهم يرون أضرار القِمار يحسون بها إلّاأنهم غير مستعدين لتركه، وعلى حد قولهم:

عندما يحين وقت اللعب، هناك قوّة غير مرئية تقودهم كالأسرى إلى اللعب الذي لا يستسيغه العقل ويرفضه الضمير والوجدان.

يجب على مثل هؤلاء الأشخاص أن يتغلّبوا على هذه العادة الفاسدة ويحلّوا العاباً سالمة- سباقات رياضية مثلًا- محل لعب القِمار عند حلول وقته حتى تذهب عنهم عادته السيئة.

وبعبارة أخرى: إنّ القوّة الخاصة التي تحفز بتأثير تلك العادة تتجه نحو

هذا الطرف- العادة الجديدة- وتصرف فيه بدون أي رد فعل غير مرض.

وفي موضوع العادات الجنسية يجب على المُصابين بها أن يشغلوا أنفسهم في الأوقات التي يتولّد فيهم الدافع نحوها بالبرامج التي وضعوها سابقاً لمثل هذه الأوقات.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 147

هذه البرامج هي السباقات العلمية، الرياضية، مطالعة كتاب مفيد، تسلّق الجبال، ركوب الخيل وغيرها، ثمّ يجب عليهم ان يستمرّوا عليها حتى تصبح عادة تخلّف العادة الخبيثة.

5- الإبتعاد التام عن الوحدة

يجب على هؤلاء الأفراد أن يتجنبوا الإنعزال والوحدة تماماً.

لا ينبغي لهم الإختلاء قط، لا يجب أن يبقوا في البيت لوحدهم أبداً، لا ينامون ليلًا بمفردهم وأخيراً لا تختلوا للقراءة والمطالعة.

بمجرد أن يجدوا أنفسهم في محيط خالٍ يجب عليهم أن يخرجوا منه، يجب أن يتذكّروا هذه المسألة وهي أنّه من اللازم عليهم أن يشغلوا أنفسهم بأعمال سالمة ومفيدة بمجرد أن يشعروا بدافع يحرّكهم نحو هذه العادة، الوحدة محيط

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 148

مساعد على تربية ميكروب هذه العادة في فكر الشاب، فالشباب الذين يريدون أن يكونوا سُعداء سالمين وفي أمان من أخطار الإستمناء يجب عليهم إجتناب الوحدة.

6- الزواج في أول فرصة

إنّ هؤلاء الأفراد يجب عليهم أن يتزوجوا متى سنحت لهم الفرصة، ولو سنحت لهم الفرصة بتعيين خطيبتهم فقط- خطيبة شرعية- يجب عليهم أن لا يضيعوها.

والخلاصة: أن الزواج له تأثير مهم في مكافحة هذا الإنحراف الجنسي، وفي الصورة التي تحذف فيها جميع رسومه وتشريعاته فإجراؤه بسيط جداً، ولكن من المؤسف أن هناك سلسلة من الأوهام والخيالات والخرافات والشروط الفاسدة تلزم كثيراً من الطبقات- سواء المثقفة أو غير المثقفة- وتجبرهم على تنفيذها.

بعض الشباب المصابين بهذه العادة يتخوفون من الزواج المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 149

ولكن تخوفهم هذا لا يركن إلى سبب، لأنّهم بالتزامهم بهذه الوصايا يستطيعون أن يتركوا عادتهم بسهولة ويسعدوا في تمام مراحل الزواج.

7- الايحاء الذاتي وتقوية الإرادة

الايحاء الذاتي يلعب دوراً هاماً في مكافحة هذه العادة.

الأفراد المعتادون يجب أن يلقّنوا أنفسهم باستمرار بأنّهم يستطيعون أن يتركوا هذه العادة القبيحة.

ولأجل أن ينتج التلقين أثره بصورة سريعة يجب أن يكون بالشكل الذي يصفه أحد أطباء علم النفس- الدكتور الفرنسي فيكتور بوشه- حيث يقول: يجب أن يستمروا على التقلين بالشكل التالي:

يجب أن يركزوا فكرهم ويرددوا الجملة التالية في كلّ يوم وفي كل محل هادئ وفي الوقت الذي لا يكون فيه فكرهم مشغولًا بشي ء:

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 150

«أنا أستطيع أن أترك هذه العادة بسهولة، أنا أستطيع»

تكرار التلقين وترديده له أثر عجيب في تقوية الروحية وترك هذه العادة وكل عادة سيئة أخرى، (تستطيع أن تجرّب).

بالإضافة الى ذلك يجب أن لا يغفل عن مطالعة الكتب النفسية التي تقوي الإرادة وتبعث على تنمية الشخصية لأنّ الإرادة- كما نعلم وكما يعترف به سائر المعتادين الذين وفقوا لترك عادتهم- أول خطوة في هذا الطريق.

8- القرار المطلق

وكما يجب الإبتعاد عن الأفراد المُصابين بالجدري كذلك يجب الإبتعاد عن المصابين بهذه العادة السيئة وعدم معاشرتهم دائماً ولاسيما أثناء مكافحتها.

كما لا ينبغي أن يبعدوا عن أذهانهم قط شبح العواقب المأساوية المميتة لهذه العادة المقيتة، وألّا يعيروا آذاناً صاغية لوساوس الخنّاسين.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 151

إنّ تأثير معاشرة هؤلاء شديد جداً، فلأجل أن يخففوا من شعورهم بالمعصية يسعون لإلقاء الآخرين في حبالها، لذا نجدهم يظهرون هذا العمل القبيح بمظهر حسن، ولكن الشباب الأذكياء لا يقعون في هذه المصيدة الشيطانية أبداً.

9- التقوية العامة والعناية بالغذاء

الغذاء الكامل والسالم يوجب تقوية جميع أعضاء البدن ويؤثر كثيراً في مكافحة هذه العادة التي تتغذى غالباً من ضعف البدن أو أنها تؤدي إلى ضعفه.

الإستحمام بالماء البارد- في الأوقات المناسبة- يساعد كثيراً على تركها، كما يجب على هؤلاء الأفراد أن لا يلبسوا الملابس الضيّقة واللاصقة التي تساعد على الاثارة الجنسية، إنّ هذا النوع من الألبسة يضر الشباب ويقلل من نمو جسمهم أيضاً.

10- الإستعانة بالإيمان والعقائد الدينية

يستطيع الإيمان والعقائد الدينية أن يقدّم مساعدة مهمة لهؤلاء المصابين ويخلّصهم من قبضتها بسرعة.

يجب أن لا ينظروا إلى أنفسهم نظرة المبعدين عن رحمة اللَّه، بل يجب أن يرجو لطفه ورحمته ويسألوه بخشوع وانقطاع في الصلاة وبعدها بأن يساعدهم على ترك هذه العادة القبيحة ويخلّصهم من قبضتها.

وبالتأكيد فسيساعدهم على ذلك متى سألوه بانقطاع وإخلاص وسينتصرون في هذه المعركة الحيوية أيضاً.

يجب أن يعلموا بأنّ اللَّه تعالى حاضر في كلّ مكان وزمان وأن لا يسمحوا لأنفسهم بمثل هذا العمل بمرأىً منه.

نحن على ثقة تامّة بأنّ المُصابين بهذه العادات المقيتة سيتماثلون للشفاء ويتخلّصوا من شر هذه الإنحرافات الخطيرة إذا ما التزموا لشهر بالعمل بهذه الوصايا.

الخاتمة نموذج من أحكام القرّاء

لقد وصلتنا عدّة رسائل بشأن هذا الكتاب، لا يسعنا هنا إلّا أن نعرض واحدة منها كما وردت بعيداً عن كلّ تغيير وتنقيح.

بسم اللَّه الرحمن الرحيم باسم اللَّه ربّ الشباب وبسم اللَّه الذي خلق جميع الناس أطهاراً.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 154

رجاءً دعوني أكتب لكم- كما وعدتكم- دون مقدمة ما جرى لي ليطلّع على ذلك سائر الشباب:

أنا فتى في التاسعة عشرة من العمر، كنت مولعاً وما زلت بالقرآن والإمام الخمينى رضى الله عنه، كنت أنفر (في مرحلة المراهقة)- من النظر إلى الأجنبية على أنّه يمثل خطيئة كبيرة. وقد حصل لي بعض التغيير حين دخلت مرحلة البلوغ والتحقت بالدراسة الإعدادية، فنفذ الشيطان شيئاً فشيئاً إلى قلبي ليحرفني عن طريقي الواضح حتى أصبح عليّ من الطبيعي النظر إلى الأجنبيات، وقد تعرّفت على بعض أصحاب السوء الذين أخذوا يزيّنون لي عادة سيئة فمارستها لأربع سنوات، لقد شهدت هبوطاً ملموساً في المستوى العلمي في الإعدادية طيلة هذه السنوات الأربع، كنت الأوّل على زملائي في المتوسطة، في حين أصبحت مكملًا في

الإعدادية، كنت بعيداً عن اللَّه لأربع سنوات، وضيعاً أربع سنوات، وغافلًا أربع سنوات.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 155

لقد فقدت كلّ شي ء بما في ذلك صحّتي خلال أربع سنوات، وقد بدت عوارض هذه العادة السيئة تظهر بوضوح، فالجسم ضعيف والوجه شاحب اللون والحافظة ضعيفة واليد مرتعشة والعين جاحظة و ...

وقد أفقت من غفلتي في السنة الأخيرة من الدراسة الإعدادية، فحاولت الاقلاع عن هذه العادة ولكن دون فائدة، كنت أستطيع التحمّل ليومين أو ثلاث ولم ألبث لأعود ثانية، ثمّ سعيت جاهداً خلال صيف عام 1991 م للتخلّص من تلك العادة المقيتة فلم يكتب لي النجاح، إستعذت باللَّه واستغثت بأئمة الهدى عليهم السلام وذريتهم، وكنت أصغي لتلاوة القرآن وأجهش بالبكاء، كنت أرغب آنذاك لأن أبكي بدل الدموع دماً، إلّاأنّ الدمع جفّ في عيني، كنت أُحاول أن أشكو همّي ولكن لمن؟

لقد ناجيت اللَّه حين كنت أستمع القرآن وسألته الأخذ بيدي فأقلعت عن ذلك العمل ثلاثة أيام ثمّ عدت ثانية لممارسته، ثمّ انفجرت بالبُكاء واتجهت صوب أحد الحمامات فاغتسلت المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 156

وقررت ألّا أعود لهذا العمل، وليتكم تشعرون بالحالة التي تنتابني حين أُقرر الإقلاع عن تلك العادة، أو أقلع عنها حقاً؟

فقد كنت أشعر بسرور مفرط وكأنّ اللَّه قد تجاوز عن جميع سيئاتي، ولكن لعنة اللَّه على الشيطان ...

والخلاصة كنت أصغي عند أصيل كلّ يوم إلى القرآن وأبكي متضرعاً إلى اللَّه في أن يساعدني، ثمّ أُصلّي وأطلب من اللَّه أن ينقذني وكلّ من أُبتلي بهذه العادة المقيتة.

طبعاً كنت آنذاك أنظر إلى زملائي ومدى التقدّم الذي يحرزوه بينما أتراجع القهقري، لم أُقبل في الإمتحانات الوزارية والسبب ما أشرت إليه، ولكن يبقى لطف اللَّه وأبوابه مشرعة للسائلين لا تُغلق، وأخيراً طالعني كتاب

في المكتبة وهو «مشاكل الشباب الجنسية» فاشتريته وكان انقاذي وانتشالي من ورطتي على يديه، لقد أنقذني هذا الكتاب من موت الوضاعة، لا شك في أنّ الشباب إذا التزموا بهذا الكتاب المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 157

سيجدون الخلاص من مشكلتهم، فلله الحمد الذي تلطّف عليّ وأنقذني من هذا الموت البطيئ، لقد قرأت الكتاب ونفّذت وصاياه بحذافيرها، كما كنت أدعو اللَّه بعد الصلاة لانقاذي وسائر الشباب من هذه العادة البغيضة، كما كنت أُكثر من تلاوة آية الكرسي، وكلّما عرض لي الذنب لجأت إليها، كما كنت أقرأ الايتين «والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللَّه فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلّااللَّه ولم يُصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون» و «إنّ الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فاذا هم مبصرون».

وهكذا كنت أقرأ الآيات حتى أطرد تلك الأفكار من ذهني، لقد اتخذت قراري في البداية على غض بصري عن النظر إلى النساء (مهم جداً) وأعددت برنامجاً ليومي بحيث لم يعد لديّ الوقت لذلك العمل ... والتزمت بوصايا الكتاب، فعملت على تقوية إيماني واستمدت العون من اللَّه، كنت المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 158

مؤمناً بالعبادة التي وردت في آخر الكتاب «نحن على ثقة تامّة بأنّ المصابين بهذه العادات السيئة سيتماثلون للشفاء إذا التزموا لشهر بالعمل بهذه الوصايا».

والخلاصة لقد وفقت بعد عدّة مرات من عقد العزم على الإقلاع من هذه العادة، ولي الآن شهران على تركها، لقد شعرت بسرور غامر بعد انتهاء الشهر الأوّل، فسجدت شكراً للَّه، وما زلت أشكر وادعُ اللَّه أن يمنّ بتوفيقه على جميع الشباب من اعتادوا هذه العادة البغيض (إن شاء اللَّه).

ليعلم جميع الاخوة بأنّ الإلتزام لشهر بوصايا هذا الكتاب وتطبيقها بحذافيرها انّما يعني الإقلاع عن

تلك العادة بالمرّة.

ولا يسعني هنا إلّاأن أوصف لكم مشاعري: أشعر بأني أُريد أن أصرخ بأعلى صوتي لقد نجوت من الموت، موت الوضاعة والضلال، أُريد أ أبكي دموع الفرح دماً، أُريد أن أتأمّل الطبيعة الجميلة، أُريد أن أتحدث إلى أُسرتي وأضحك المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 159

معهم، فقد نسيت هذا الضحك والكلام ولم أعد إليه إلّاقبل شهرين، اللهمّ لك الحمد والشكر فلا تهمل عبدك وان أمهلته، اللهم لك الحمد أن عرّفتني الحق والحقيقة.

أُيّها الشباب الأعزاء: إن كنتم لم تُلوثوا لحد الآن فاحفظوا طهركم وإلّا فطهّروا أنفسكم، طالعوا هذا الكتاب، واعملوا بوصاياه وأيقنوا بالعلاج.

أيُها الأُخوة: إذا عزمتم وفشلتم فلا تيأسوا وكرّوا العزم فانكم منتصرون، وهنا نوصي بمطالعة كتاب «أفضل السبل للتغلب على القلق والإضطراب».

وأما أنتم أيها الأُخوة الذين تجشمتم عناء طبع ونشر هذا الكتاب وأنقذتم آلاف الشباب من هذه المستنقعات الخطيرة، فلستم بحاجة إلى شكرنا فجزاكم اللَّه خير الجزاء.

اللهمّ خُذ بيدنا لطاعتك، واجتناب معصيتك، وصن عيوننا عن النظر إلى المحرمات، اللهم أعد عليّ ذاكرتي وحافظتى.

المشاكل الجنسية للشباب 3، ص: 160

اللهم وفّقنا لتلافي ما فرط من أمرنا في الماضي حين وقعنا في تلك العادة السيئة.

اللهمّ أعنا على عدم العود إليها.

اللهمّ وفّق كلّ من يسعى لمساعدة هؤلاء الشباب الحيارى

وأدخلهم فسيح جنّاتك، اللهم لك الحمد والشكر

في أمان اللَّه وأسألكم الدعاء

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.